الإعلام الجديد تكنولوجيا جديدة لعالم جديد

June 11, 2018 | Author: Sarah Vaiken | Category: Documents


Comments



Description

‫أبحاث المؤتمر الدولي‬ ‫اإلعالم الجديد ‪ :‬تكنولوجيا جديدة ‪ ..‬لعالم جديد‬ ‫جامعة البحرين ‪ 9-7‬ابريل ‪2009‬‬

‫أبحاث المؤتمر الدولي‬ ‫اإلعالم الجديد ‪ :‬تكنولوجيا جديدة ‪ ..‬لعالم جديد‬ ‫جامعة البحرين ‪ 9-7‬ابريل ‪2009‬‬ ‫منشورات جامعة البحرين‬ ‫طبعة ‪2009‬‬ ‫عدد الصفحات ‪600 :‬‬ ‫تصميم‬ ‫إيمان علي عون‬ ‫تنفيذ‬ ‫روال عبد الرحمن الجمل‬ ‫طبع بمطبعة جامعة البحرين ‪084183-2009‬‬ ‫قسم اإلعالم و السياحة و الفنون‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫ص‪.‬ب‪32038 .‬‬ ‫مملكة البحرين‬ ‫ت ‪)973( 17438404 / )973( 17438365 :‬‬ ‫فاكس ‪)973( 17449103 :‬‬ ‫‪www.nmconf.uob.edu.bh‬‬ ‫‪[email protected]‬‬

‫‪2‬‬

‫جاللة امللك‬ ‫محد بن عيسى آل خليفة‬ ‫ملك مملكة البحرين‬

‫صاحب السمو‬ ‫الشيخ سلمان بن محد آل خليفة‬ ‫ولي العهد األمني‬ ‫نائب القائد األعلى‬

‫صاحب السمو‬ ‫الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة‬ ‫رئيس الوزراء املوقر‬

‫‪3‬‬

4

‫فهرس المحتويات‬ ‫تقديم ‪7 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫الرهانات االبستمولوجية والفلسفية للمنهج الكيفي‪9 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - :‬‬ ‫حنو أفاق جديدة لبحوث اإلعالم واالتصال يف املنطقة العربية‬ ‫د‪ .‬نصر الدين لعياضي‬ ‫مصادر التنظري وبناء املفاهيم حول اإلعالم اجلديد ‪27 - - - - -- - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫من فـانفـر بـوش إىل نيكـوالس نيغـروبونيت‬ ‫د‪.‬عباس مصطفى صادق‬ ‫االعالم اجلديد و الفجوة الرقمية العاملية‪:‬جنيالوجيا اهلوة ومساءلة اخلطاب ‪39 - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬ميمون الطاهري‬ ‫العرب وثورة االتصال املعاصرة‪:‬االعالم العربي على مفرتق طريق ‪65 - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عصام سليمان املوسى‬ ‫مشكالت اإلعالم اجلديد ‪83 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬عبداحملسن بدوي حممد أمحد‬ ‫الصحف االلكرتونية البحرينية ‪101 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫دراسة يف تقييم واجهة االستخدام والوصول إىل املعلومات‬ ‫د‪.‬حامت الصريدي‬ ‫اإلعالم اجلديد النظام والفوضى ‪125 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬عبداهلل الزين احليدري‬ ‫التعرض لإلنرتنت وعالقته ببعض اآلثار النفسية ‪165 - - - - - - - - - - - - - - - - - -- - - -‬‬ ‫واالجتماعية لدى شباب الريف‬ ‫د‪.‬عبد اجلواد سعيد حممد ربيع‬ ‫دور القائم باالتصال يف ضوء نظرية تأثر الشخص الثالث ‪199 - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫عبدالرمحن بن نامي املطريي‬ ‫قراءة يف حمتوى بعض املدوّنات العربية من منظور ‪219 - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪.‬آمال قرامي‬ ‫اإلعالن الدوىل و االعالن العربى ‪249 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫بني الفجوة التقنية و الضوابط اإلجتماعية‬ ‫د‪.‬عمرو حممد سامى عبد الكريم‬

‫‪5‬‬

‫استخدام االنرتنت وعالقته بالوحدة النفسية ‪267 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫وبعض العوامل الشخصية لدى عينة من اجلمهور بدولة قطر‬ ‫د‪ .‬عزة مصطفى الكحكي‬ ‫«االتصال اجلديد» والديناميات الثقافية يف اجملتمعات املعاصرة‪317 - - - - - -- - - - - - - - -‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬يوسف بن رمضان‬ ‫اآلثار االجتماعية والنفسية لالنرتنت على الشباب يف دولة اإلمارات‪333 - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫(دراسة ميدانيه على طلبه جامعة الشارقة ) ‪2009 -‬‬ ‫د‪ .‬فوزية عبد اهلل آل علي‬ ‫اهلوية الثقافية العربية فى ظل ثورة االتصال واإلعالم اجلديد ‪369 - - - - - -- - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬فؤاده البكرى‬ ‫الصحافة االليكرتونية العربية‪ ،‬املعايري الفنية واملهنية ‪391 - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫« دراسة حتليلية لعينة من الصحف االليكرتونية العربية»‬ ‫د‪.‬جاسم حممد الشيخ جابر‬ ‫فرص جتسيد جمتمع املعلومات داخل املؤسسة ‪413 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫مشس ضيات خـلـفـالوي‬ ‫استخدام االنرتنت كوسيلة اتصال يف محالت التسويق السياسي ‪423 - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫دراسة علي محلة انتخابات الرئاسة األمريكية ‪2008‬‬ ‫د‪ .‬خريت معوض حممد عياد‬ ‫الثقافة كمتغري يف اإلتصال التفاعلي عرب وسائل اإلعالم اجلديد ‪449 - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪.‬حممد أمحد القضاة‬ ‫ظهور»االقتصاد الالمادي» و ازدهار «صناعات اإلدمان»! ‑ ‪473 - - - - - - - - -- - - - - - - - -‬‬ ‫د‪.‬املعز بن مسعود‬ ‫تكنولوجيا االتصال ‪ ..‬املفهوم و التطور ‪493 - - - -- - - - - - - - -- - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫أ‪.‬د‪.‬حسن رضا النجار‬ ‫استخدامات الشباب اجلامعي ملوقع يوتيوب على شبكة اإلنرتنت ‪511 - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪.‬رضا عبد الواجد أمني‬ ‫املدوّنات والوسائط اإلعالمية‪ :‬حبث يف حدود الوصل والفصل ‪537 - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬الصادق رابح‬ ‫التفاعلية فى الصحف العربية على اإلنرتنت ‑ ‪559 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د‪ .‬سعيد حممد الغريب النجار‬ ‫التحكم الصوتي غري اللغوي بأجهزة الوسائط املتعددة ‪585 - - - - - - - - - - - - - - - - - - -‬‬ ‫د ‪ .‬مساء علوي اهلامشي‬ ‫‪6‬‬

‫تقديم‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫مثل حتول كل اجملتمعات املعاصرة إىل جمتمع املعلوماتية وإىل اقتصاديات املعلومات‬ ‫واخلدمات شكال من أشكال احلتمية التارخيية‪.‬ذلك أن ثورة املعلومات اليت يعيشها العامل‬ ‫اليوم متثل أحد أهم مراحل التطور التارخيي اهلامة مثلها يف ذلك مثل الثورتني الصناعيتني‬ ‫األوىل والثانية‪ .‬وإذا فاتت بعض اجملتمعات املشاركة يف الثورتني السابقتني وختلفت قرونا من‬ ‫الزمن فإن الفرص متاحة أمامها اليوم للمشاركة واالستفادة القصوى من ثورة املعلومات‪.‬‬ ‫على أنه ليس مثة طريق واحدة متر عربها الدول إىل جمتمع املعلومات واملعرفة بل إن لكل‬ ‫دولة جتربتها اخلاصة يف ضوء خصوصياتها السياسية واالقتصادية والثقافية ويف ضوء بناها‬ ‫الدميغرافية واالجتماعية والتحديات اليت تواجهها‪.‬‬ ‫وبقدر ما محلت هذه الثورة املعلوماتية من تغريات يف الصناعات اإلعالمية وأمناط استهالك‬ ‫املعلومات يف سياق عوملة االقتصاد واملعرفة واإلعالم‪ ،‬فقد طرحت من جديد العديد من‬ ‫اإلشكاليات سواء على مستوى إنتاج التقنية واملضمون أو على مستوى استخدامات التقنيات‬ ‫احلديثة‪ .‬كما أثارت الكثري من اإلشكاليات املتجددة لعل أهمها ظهور مضامني إعالمية‬ ‫وثقافية جديدة وتطور أساليب النشر والتشارك يف املضامني وحتوالت الفضاء العام اجلديد يف‬ ‫عالقته باحلريات اإلعالمية واتساع الفجوة بني بلدان الشمال واجلنوب خصوصا فيما يتعلق‬ ‫بإنتاج احملتوى والتقنية وتقارب الشركات الكربى ومتعددة اجلنسيات يف جماالت خمتلفة‬ ‫(اتصاالت‪ ،‬مسعي بصري‪ ،‬شبكات‪ )...‬ولقد تراوح التفكري العلمي يف هذه التغريات واإلشكاليات‬ ‫بني املقاربة التقنوية وخطاب االنبهار والتعظيم حياهلا والرتويج لسيادتها كمحدد رئيس‬ ‫للمقاربة االتصالية والتغريات اجملتمعية واتساع اهلوة بني بلدان الشمال واجلنوب وخطاب‬ ‫االستخدامات االجتماعية واإلشباعات املنتظرة‪.‬‬ ‫ولئن تعددت الندوات واملؤمترات والبحوث يف هذا الشأن وحاولت وضع أسس وأطر نظرية‬ ‫جديدة للمسالة االتصالية على ضوء التطور املطرد للتقنية‪ ،‬فإن تطور التقنية وشيوع‬ ‫استخدامها واختالف جماالت عملها يبدو على قدر كبري من التعقيد؛ مبا يتطلب مراجعة‬ ‫بعض املقاربات على مستويات عدة‪ ،‬منها االجتماعي والثقايف واالقتصادي والسياسي والدولي‪.‬‬ ‫وملا كانت جتارب الدول تتميز بالتفرد واخلصوصية الختالف سياساتها واسرتاتيجياتها يف‬ ‫جمال االتصال الرقمي فقد بات من الضروري االطالع على هذه التجارب لتحقيق االستفادة‬ ‫القصوى مما توصلت إليه البحوث العلمية (يف العاملني العربي والغربي) وما تراكم من معارف‬ ‫وخربات تطبيقية وجتارب يف هذا اجملـــال‪.‬‬

‫‪7‬‬

8

:‫الرهانات االبستمولوجية والفلسفية للمنهج الكيفي‬

-----------------------------------------

‫نحو أفاق جديدة لبحوث اإلعالم واالتصال في المنطقة العربية‬

‫ نصر الدين لعياضي‬.‫د‬ ‫جامعة الشارقة‬ .‫االمارات العربية املتحدة‬

ABSTRACT The Epistemological and Philosophical Aspects of the Qualitative Method: towards a new Perspectives in Media and Communication Research in the Arab World. We deal with certain problematic of communication using a specific met odology. This study suggests to reconsider the different approaches related to this methodology. In order to reach a global methodology, the philosophical and epistem logical foundations of the use of both quantitative and qualitative methods, must be explained and assessed. Furthermore, the study will help us to be ter understand the ambitions and the limitations of the current quantit tive methods in media and communication research. The paper proposes some analytical approaches to the qualitative method used in conducting media and communication research. It also highlights the drawbacks of representation, appropriation, and the use of new media in the Arab World.

Keywords: Quantitative method, qualitative method, constructivism, positivism, Re resentation, appropriation, usage

9

‫مقدمـــة‪:‬‬ ‫حتاول هذه املداخلة أن توجه التفكري يف املنهج وليس باملنهج‪ ( .‬الطيب بوعزة‪ .)2008 :‬فاملنهج‬ ‫يقولب الفكر‪ ،‬ويوجه التفكري‪ ،‬ويلجم مجوحه جبملة من اإلجراءات اليت تتحكم يف النظر‬ ‫ملوضوع البحث‪.‬‬ ‫وقد تبدو هذه احملاولة عسرية ليس ألننا تعودنا على جتنب ُمساءلة الرتسانة املنهجية اليت‬ ‫نستخدمها يف البحث ‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل ألنه من الصعب أن نشكك يف التيارات الفلسفية واملعرفية‬ ‫اليت أنبنت على أساسها هذه الرتسانة‪ ،‬واليت أطرت تفكرينا‪ ،‬وحددت أطر مداركنا‪ .‬هذا التعود‪،‬‬ ‫الذي يؤدي‪ ،‬بفعل املمارسة‪ ،‬إىل ترسيخ املعتقدات وليس تقديم معرفة علمية مضافة‪ ،‬يتحول‬ ‫إىل ما أمساه الفيلسوف الفرنسي غستون بشالر ‪ Gaston Bachelard‬بالعائق االبستمولوجي‬ ‫( بشالر‪ ،)1999 :‬الذي يكمن يف فعل املعرفة العلمية ذاته‪.‬‬ ‫قد حاول العديد من الباحثني تشخيص وهن البحث العلمي يف العلوم االجتماعية يف املنطقة‬ ‫العربية يف مجلة من املظاهر منها‪ ،‬على سبيل املثال وليس احلصر‪ :‬سطحيته وانطباعيته‪،‬‬ ‫واعتماده على النظريات الغربية اجلاهزة و تبعيته الفكرية‪ ،‬وانفصامه عن الواقع املعيش أو‬ ‫عدم متكنه من اإلملام العلمي بالظواهر االجتماعية املعقدة يف بلدننا‪ .‬وقد ذهب بعضهم إىل‬ ‫املناداة بضرورة قيام مدرسة عربية يف العلوم االجتماعية‪ .‬لكن القليل منهم رأى أن علة الوهن‬ ‫املذكور تكمن يف املنهج املنتج للمعرفة‪ ( .‬حصة لوتاه‪ )1985 :‬وهذا ما نالحظه يف التخبط‬ ‫الذي تعاني منه بعض البحوث اإلعالمية‪ .‬ويف استثمار عدّة منهجية ثقيلة للوصول إىل نتائج‬ ‫متواضعة تكاد أن تقرتب من األفكار الشائعة ‪Common sense‬‬ ‫إذا‪ ،‬حتاول هذه املداخلة أن تطرح مجلة من األفكار والفرضيات املرتبطة باملنهج يف حبوث‬ ‫علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬و ُتسائل الرهانات املعرفية اليت يطرحها املنهج الكيفي يف علوم اإلعالم‬ ‫واالتصال يف املنطقة العربية‪ ،‬وبالتالي استجالء احلدود املعرفية للمنهج الكمي املستخدم يف‬ ‫حبوث اإلعالم واالتصال‪.‬‬ ‫إن هذه املداخلة ال تروم جلد الذات و استئناف البكائيات عن حال البحث العلمي يف علوم اإلعالم‬ ‫واالتصال يف املنطقة العربية‪ ،‬بل تسعى إىل تقديم أرضية للنقاش العلمي حول أهمية املنهج‬ ‫الكيفي يف استجالء الظواهر املرتبطة بوسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬خاصة اجلديدة منها‪ ،‬أو ما‬ ‫درج على تسميته باإلعالم اجلديد يف املنطقة العربية‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫إن هذا النقاش حول العلوم االجتماعية الذي انطلق يف الدول الغربة‪ ،‬والواليات املتحدة حتديدا‪،‬‬ ‫يف الثالثينيات من القرن املاضي‪ ،‬و جتاذبته رؤيتان‪ :‬الرؤية اليت تنطلق من أن املنهج الكمي‬ ‫ميلك ما يؤهله علميا وجيعله حياكي العلوم الطبيعية‪ ،‬ويستطيع‪ ،‬بالتالي‪ ،‬أن يقدم حقائق‬ ‫علمية مستقاة من صلب الواقع والظواهر االجتماعية‪ ،‬والرؤية اليت تؤمن بأن املنهج الكيفي‬ ‫يغوص يف دراسة الواقع ليقدم املعطيات الفريدة و املتميزة‪ .‬هذا النقاش مل يربز‪ ،‬مع األسف‪ ،‬يف‬ ‫املنطقة العربية‪ ،‬وذلك جلملة من األسباب‪ ،‬نذكر منها مايلي‪:‬‬ ‫‪1 .1‬أكتفى جل الباحثني العرب بدارسة املنهج الكمي ومارسوه‪ ،‬والقليل منهم مارس البحث‬ ‫التجرييب يف علوم اإلعالم و االتصال‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الزال تدريس مناهج البحث يف اجلامعات العربية يستبعد‪ ،‬مع األسف‪ ،‬املنهج الكيفي‪،‬‬ ‫وكذلك كتب املنهجية اخلاصة بعلوم اإلعالم واالتصال‪.‬‬ ‫‪3 .3‬لقد وجد املنهج الوضعي املهيمن يف البحوث العلمية اإلعالمية يف املنطقة العربية شرعيته‬ ‫يف ظل استشراء “ براديغم” ‪ Paradigm‬احلتميات‪ :‬احلتمية التنكولوجية أو احلتمية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬اليت تنطلق من حقائق وتفسريات جاهزة ال حتتاج سوى إىل البحوث الكمية‬ ‫لقياس وجودها أو متظهرها يف احلياة االجتماعية‪.‬‬ ‫ليس غريبا أن يكون املنهج الكيفي قد سجل حضوره يف بعض حبوث االتصال‪ ،‬خاصة تلك‬ ‫املرتبطة بوسائل االتصال اجلديدة‪ :‬االنرتنت‪ ،‬واهلاتف اخللوي‪ ،‬و‪ ،Ipod‬و ‪ DVD‬يف هذه‬ ‫الدولة العربية أو تلك ‪ .‬لكنه حضور حمتشم‪ ،‬ألن هذا املنهج ظل متأرجحا يف املنطقة‬ ‫العربية بني التجاهل‪ ،‬واالستصغار الذي جيرده من كل صفة علمية أو يضعه يف االجتاه‬ ‫املعارض أو املناهض للمنهج الكيفي‪.‬‬ ‫حقيقة‪ ،‬إن هذه النظرة مل ختتف نهائيا يف العديد من الدول الغربية‪ ،‬مبا فيها تلك اليت تعيش‬ ‫عنفوان العودة الستخدام املنهج الكيفي يف العلوم االجتماعية‪ ،‬مثل كندا ‪ ،‬حيث مازال النقاش‬ ‫حمتدا حول العديد من احملاور املرتبطة به‪ ،‬مثل‪ :‬موضوعيته‪Jean pierre deslauriers: ( :‬‬ ‫‪ ،1999‬ص ‪ ،) 7‬و املفاضلة بينه و بني املنهج الكمي‪ ،Alvoros Pires : 1987 ( :‬ص ‪)87‬‬ ‫‪ ، A. P. Pires: 1982( ،‬ص ‪ ،)19‬وهشاشة أدوات قياسه‪ ،‬إال أن حمتوى النقاش وأهدافه‬ ‫قد تغريت‪ ،‬خاصة بعد أن أنتهت الدراسات النظرية إىل التأكيد على أن البحوث الكمية مل‬ ‫تعد تكتفي مبا متلكه من معطيات إحصائية‪ ،‬و ذلك ألن املعاجلة املعمقة للمعطيات الكمية ال‬ ‫تتيحها العمليات الرياضية وحدها‪ .‬وأن هناك وعيا بأن طبيعة البحث وإشكالياته حتدد نوع‬ ‫املقاربة املنهجية وأدوات البحث‪ .‬ففي هذا املقام ميكن اإلشارة إىل أن بعض الباحثني أصبحوا‬ ‫يستعينون‪ ،‬باملقابلة املباشرة‪ ،‬واجملموعة البؤرية‪ ، Focus Group‬اليت تقدم معلومات نوعية‬ ‫‪11‬‬

‫عن األشخاص ودوافع سلوكهم وأرائهم ومواقفهم لصياغة صحيفة االستبيان حتى تغطي‬ ‫مجيع جوانب البحث‪ ،‬أو يستخدومنها بعد أن يقوموا بتفريغ استمارات االستبيان لتعميق‬ ‫دراسة وحتليل ما توصل إليه البحث الكمي‪ .‬هذا ما تؤكده البحوث املعاصرة املتعلقة باإلعالن‬ ‫والتسويق‪ ،‬على سبيل املثال‪.‬‬ ‫إذا‪ ،‬حتاول هذه املداخلة أن جتيب على التساؤل املركزي التالي‪ :‬بعيدا عن اجلدل العقيم حول‬ ‫التعارض بني املنهج الكمي أو الكيفي‪ ،‬ما هي األهمية الفكرية‪ ،‬والقيمة املعرفية اليت ميكن‬ ‫أن يقدمها املنهج الكيفي لعلوم اإلعالم واالتصال يف املنطقة العربية؟ و ما هي األفق املعرفية‬ ‫اجلديدة اليت يتيحها هذا املنهج لبحوث اإلعالم واالتصال يف البيئة الثقافية العربية؟‬

‫األسس االبستمولوجية والفكرية للمنهج الكيفي‪.‬‬ ‫إن االختالف بني املنهجني‪ :‬الكمي والكيفي ال يكمن يف اجلانب اإلجرائي فقط‪ ،‬الذي جعل‬ ‫املنهج األول يسعى إىل تكميم معطيات البحث وبياناته والتعبري عنها إحصائيا‪ ،‬و دفع املذهب‬ ‫الثاني إىل حماولة استجالء املعاني عرب تأويل املعطيات النوعية‪ ،‬بل يستند إىل أسس فكرية‬ ‫وفلسفية‪.‬‬ ‫إن القول بأن البحث الكيفي يسمح باالحاطة الشاملة بالظواهر ويغوص يف عمق حتليل‬ ‫املعطيات االجتماعية‪ ،‬و البحث الكمي يعد كشكل من التدقيق يف سطح احلقائق االجتماعية‪.‬‬ ‫(‪ ، A. P. Pires: 1982‬ص ‪ )19‬يبدو غري كاف‪ ،‬وذلك ألن إدراك ماهية املنهج الكمي‪ ،‬الذي‬ ‫يُطلق عليه تسمية البحث الصلب أو الثقيل ‪ ،hard methodology‬واملنهج النوعي الذي‬ ‫يسمى باملنهج اخلفيف ‪ Soft methodology‬يقتضي االقرتاب من اإلطار الفلسفي الذي‬ ‫تشكل فيه هذان املنهجان‪.‬‬ ‫َتنطلق البحوث الكمية من النموذج التفسريي ‪ Paradigm‬الوضعي الذي يرى أن احلقيقة‬ ‫االجتماعية ال توجد سوى يف حالتها امللموسة و املستقلة عن كل رأي أو موقف‪ ،‬تنتظر أن‬ ‫ُتستطلع و ُتكتشف‪ .‬و يُنظر إليها على أساس إنها ذات بُنية مغلقة تتشكل من عناصر قابلة‬ ‫للقياس(‪ )Alex Mucchielli: 2004‬بينما تنطلق البحوث الكيفية من منوذج تفسريي‬ ‫‪ Paradigm‬مغاير جتسده البنائية االجتماعية‪.‬‬ ‫لقد اكتسب هذا الرباديغم هذا املسمى ألنه يسمح ببناء سياقات لوصف الظواهر وفهمها‪.‬‬ ‫فالبنائية االجتماعية ال ترى الظواهر االجتماعية و الثقافية يف حالتها املنجزة؛ أي اجلاهزة‬ ‫ويف صيغتها النهائية‪ ،‬بل تراها يف طور البناء وال ُتشكل‪ .‬فالناس يصنعون واقعهم االجتماعي‬ ‫‪12‬‬

‫انطالقا من تفاعلهم بني بعضهم البعض‪ ،‬ومعه‪ .‬فإدراك هذا الواقع ال يتم بدون وجهات نظر‬ ‫األشخاص الفاعلني‪ ،‬لذا ال بد من استجالء تأويلهم ألوضاعهم والظواهر االجتماعية‪.‬‬ ‫إن احلقيقة العلمية اليت تؤمن بها البحوث الكمية‪ ،‬ال وجود هلا‪ ،‬يف نظر البنائية االجتماعية‪،‬‬ ‫حيث تعتربها ضربا من الوهم (‪ ،C.berner: 1997‬ص ‪ )89‬ألن هذه األخرية ال تسلم‬ ‫باحلقيقة اجلاهزة‪ ،‬بل تؤمن بالتأويل كمفتاح للفهم‪ .‬فالتأويل ُي ّعد‪ ،‬يف أخر مطاف‪ ،‬نتيجة‬ ‫للتوافق بني التجربة املاضية وبنية التفكري‪ ،‬أي التجربة احلاضرة (‪Martine Arino:‬‬ ‫‪)2000‬‬ ‫وتعتقد أن املعرفة ليست فعال صرفا يشرتط التأمل يف موضوع البحث‪ ،‬بل تعتربها مثرة‬ ‫التفاعل بني موضوع املعرفة‪ ،‬والذات العارفة‪)Alex Mucchielli: 2004( .‬‬ ‫إذا‪ ،‬التباين يف النظرة إىل الظواهر االجتماعية ال يلخص الفروق القائمة بني البحوث الكمية‬ ‫و النوعية‪ ،‬إذ أنها متتد إىل مت ّثل املعرفة وأدوات جتسيدها‪ ،‬واليت مت تلخيصها يف العناصر‬ ‫التالية‪ :‬املوضوعية‪ ،‬وأدوات القياس‪ ،‬وغائية البحث‪ ،‬و العالقة بني القيم واألحداث‪Pierrette ).‬‬ ‫‪ Massé : 1992‬ص ‪) 38 37-‬‬ ‫تعترب البحوث الكمية أن غايتها هي شرح الظواهر وتفسريها واستجالء القوانني اليت تسمح‬ ‫بتوقعها أوالتنبؤ بوقوعها‪ .‬وهذه القوانني تصبح كونية‪ ،‬بصرف النظر عن املكان والزمان الذي‬ ‫تطبق فيه‪ .‬بينما البحوث الكيفية تسعى إىل فهم الظواهر و استعراض أشكال استيعابها عرب‬ ‫عملية التأويل اليت حتدثنا عنها أعاله‪.‬‬ ‫لقد استطاع النموذج الوضعي يف العلوم االجتماعية أن يرسخ تصورا ملوضوعية املعرفة يستند‬ ‫إىل املعطيات اإلحصائية‪ ،‬وجعلها حكرا على البحوث الكمية‪ ،‬ألن صرامة املعاجلة الكمية‬ ‫للبيانات واملعطيات متنحها طابعا موضوعيا‪ ،‬وجتعلها يف منأى عن التالعب بالبيانات وبعيدة‬ ‫عن ذاتية الباحث‪.‬‬ ‫لقد أنبنى هذا التصور على فكرة أن الباحث يف العلوم االجتماعية جيب أن حيافظ على هامش‬ ‫جتاه موضوع حبثه‪ ،‬وال ينغمس يف األوضاع املالحظة اليت ال متثل له أية أهمية‪ .‬فموضوع‬ ‫البحث‪ ،‬من هذا املنظور ليس مسرحا ألنشطته‪ ،‬بل يظل جماال ملالحظته فقط‪.‬‬ ‫إذا مسألة املوضوعية تتوقف على مكانة الباحث و موقعه بالنسبة ملوضوع البحث‪ ،‬أو نظرته له‪.‬‬ ‫فإذا كانت النظرة من الداخل‪ ،‬كما تفعل بعض البحوث الكيفية جنمت عنها أحكام ذاتية‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت من خارج موضوع البحث‪ ،‬كما تفعل البحوث الكمية‪ ،‬فإنها تؤدي إىل نتائج موضوعية‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫وميكن أن نقرتب من جتسيد هذه الفكرة يف الصيغة اللغوية اليت تستخدمها البحوث‬ ‫االجتماعية‪ .‬فاملوضوعية تقتضي من الباحث عدم استخدام ضمري املخاطب يف حبثه‪ ،‬بل جيب‬ ‫أن خيتبئ وراء مسمى الباحث ‪،‬كالقول أن الباحث سعى إىل كذا أو قام بكذا أو يهدف إىل‪...‬‬ ‫ألنه يُعتقد أن ضمري املخاطب يوحي بالذاتية‪ .‬أال يعد استخدام الضمري املتكلم يف البحوث‬ ‫الكيفية برهانا على شفافية البحث ونوعا من مصارحة القارئ؟ أال يوحي استخدام هذا الضمري‬ ‫بأن النتائج اليت توصل إليها البحث هي عملية تأويلية ملعطيات قام بها الباحث الفالني يف‬ ‫السياق الفالني‪ ،‬وأنها ال تدعي امتالك احلقيقة العلمية املطلقة؛ أي أنها ال تضلل القارئ من‬ ‫خالل صيغ تعبريية توحي باملوضوعية اليت هي موضوع جدل ونقاش يف البحوث االجتماعية‪.‬‬ ‫رغم أن الكثري من الباحثني اقتنعوا بأن املوضوعية ليست مرادفا للحياد (‪Alvaro Pires:‬‬ ‫‪ ،1997‬ص ‪ )23‬ألن املعرفة العلمية توجهها املصلحة يف املعرفة الذي يعرب عنها الشخص الذي‬ ‫ينتجها أو تنشدها املؤسسة املكلفة بالبحث‪ .‬فهل ميكن‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬اجلزم بأن الدراسات‬ ‫اليت متوهلا هيئات أجنبية حول دور اإلعالم الغربي يف جتسيد الدبلوماسية الشعبية خالية من‬ ‫منفعة أو مصلحة ميكن أن جينيها مموهلا؟‬ ‫وحتى أن البعض ال يرى للحياد موقعا يف إعراب البحوث االجتماعية‪ ،‬وفق ما ذهب إليه أمساه‬ ‫الفيلسوف األملاني كادامر الذي يرى أن اإلقرار باحلياد هو إغفال لألفق التارخيي للباحث‪،‬‬ ‫والذي تلخصه فكرة أن للباحث أفقا تارخييا يتواجد فيه ومن خالله‪ ،‬ميلي عليه قراءة املعارف‬ ‫اليت يتعامل معها‪.‬‬ ‫كما تدل املوضوعية يف املنهج الكمي على إمكانية الوصول إىل النتائج ذاتها إذ أعيد استخدام‬ ‫أدوات القياس ذاتها يف البحث و بالطريقة ذاتها‪ .‬فاملوضوعية يف هذه احلالة تكون وليدة أداة‬ ‫القياس‪ .‬فهذه األخرية هي احلكم الفيصل بني موضوعية البحث وذاتيته‪.‬‬ ‫ال حيصر املنهج الكيفي املوضوعية يف الناحية اإلجرائية‪ ،‬بل يدركها ضمن رؤية فكرية أعمق‪،‬‬ ‫ترى أن املوضوعية كمفهوم ليست سوى تعبريا عن توافق اجتماعي‪ ،‬أي أن ما هو موضوعي‬ ‫يتناسب مع ما نتفق على اعتباره أنه كذلك يف سياق معني‪ Pierrette Massé : 1992( .‬ص‬ ‫‪ ،)37‬أي إمكانية أن يتغري هذا االتفاق بتغيري السياقات‪.‬‬ ‫لقد رسخت البحوث االجتماعية‪ ،‬خاصة يف علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬فهما حمددا ألدوات‬ ‫القياس يؤكد استقالليتها عما جيب أن تقيسه‪ ،‬مما مينحها الدقة والعلمية‪.‬‬ ‫لقد أنتقد العديد من الباحثني هذا الفهم معتربين أن أدوات القياس ليست حمايدة ‪ ،‬حيث‬ ‫‪14‬‬

‫أكد بعض علماء االجتماع أن حيادها غري حقيقي‪Pierre Bourdieu, Jean-:1983 ، ( :‬‬ ‫‪ ،Claude Chamboredon, Jean-Claude (Passeron‬ص ‪) 53‬‬ ‫فأدوات القياس قد ال تعرب عن الواقع أو الظواهر االجتماعية‪ ،‬بل ميكن أن تقوم بإنتاجها‪.‬‬ ‫فإذا كان البعض يعد صحيفة االستبيان‪ ،‬أو عملية سرب اآلراء‪ ،‬تقنية حمايدة‪ ،‬ال تقوم سوى‬ ‫بالتعبري عن أراء املبحوثني ومواقفهم‪ ،‬فإن البعض يرى عكس ذلك‪ ،‬إذ يعترب أنهما ينتجان أفكارا‬ ‫قد تكون غري موجودة يف الواقع اليومي‪)Bourdieu Pierre: 1973( .‬‬ ‫لن نكتفي بالتأكيد على ما ذهب إليه املتشيعون للمذهب الكيفي‪ ،‬والذين يرون أن احلياة‬ ‫االجتماعية املعاصرة تزداد تعقدا‪ ،‬وال ميكن فهمها وإدراكها مبجرد تكميمها‪ .‬ويعتقدون أن‬ ‫الشخص هو معطى شديد التعقد‪ ،‬وبعض اجلوانب يف سلوكه وتصرفاته ال تقبل القياس‪ .‬و‬ ‫أن الرغبة امللحة يف قياس كل شيء وتكميمه قد تؤدي إىل نتائج متواضعة جدة‪ ،‬فالتفاصيل‬ ‫املنفردة واجلزئيات الدالة قد تنفلت من قبضة التكميم دون أن تستثري الباحث‪.‬‬ ‫لو حاولنا أن نتخلص من فهم القياس الذي رسخته البحوث الكمية ميكن أن نتسأل‪ .‬هل‬ ‫القياس يؤدي إىل نتائج كمية فقط؟ مبعنى أال ختضع البحوث الكيفية ألي شكل من اشكال‬ ‫القياس؟ أال يستند القياس يف البحوث الكمية إىل األرقام و اإلحصائيات‪ ،‬بينما يتوسل القياس‬ ‫النوعي األلفاظ‪ ،HOULE, G: 1982( .‬ص ‪)4‬‬ ‫يعتقد البعض أن القياس الكمي أو النوعي ليس معطى منفصال بذاته ويوجد يف فراغ‪ ،‬بل أنه‬ ‫جزء من البحث والتحليل‪ ،‬بصرف النظر عن كونه نوعيا أو كميا‪ .‬فكل قياس يُبنى على‬ ‫تفكري؛ أي جيب أن نفكر قبل أن نقيس ال أن نقيس قبل أن نفكر‪G. Bachelard) : 1975 .‬‬ ‫ص‪ .) 214‬إن الكثري من البحوث الكمية اليت أضحت تعتمد اعتمادا شبه كلي على برامج‬ ‫الكمبيوتر جعلت العديد من العالقات الرتابطية بني العديد من املتغريات تتناسل‪ ،‬إىل حد أن‬ ‫بعضها مل خيطر على بال الباحث‪ ،‬مما رشح القياس ليتوىل التفكري يف بعض جوانب البحث‬ ‫وليس العكس‪.‬‬ ‫يعتقد أتباع املذهب الكيفي أن الواقع يرتبط‪ ،‬بهذا القدر أو ذاك‪ ،‬بفكرنا‪ ،‬ويرون أنه ال ميكن أن‬ ‫ننفصل عن ذاتنا ونقود حبثا منفصال عن موقعنا يف العامل‪ .‬فقيمنا ومصاحلنا تلون الطريقة‬ ‫اليت ندرس بها الواقع ونناقشه ) (‪ ،Pierrette Massé : 1992‬ص ‪ .)38‬من هذا املنطلق تبدو‬ ‫عملية حتييد القيم يف رؤية األحداث أو احلكم عليها عملية صعبة إن مل تكن مستحيلة‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫إن متابعة ما ينشر من حبوث علمية يف املنطقة العربية حول علوم اإلعالم واالتصال تؤكد‬ ‫شبه غياب املنهج الكيفي‪.‬‬ ‫إن التطور الرهيب يف وسائل االتصال اجلديدة شرع استخدام مصطلح‪ :‬وسائل‬ ‫ ‬ ‫االتصال اجلماعية الفردية ‪ ، Self Mass Media‬وأفرز انشغاالت حبثية جديدة‪ ،‬وطرح‬ ‫مواضيع حبثية مستجدة تتمحور حول متثل هذه الوسائل‪ ،‬و استمالكها‪ ،‬واستخدامها‪ ،‬مما‬ ‫عزز مكانة البحوث النوعية يف حقل علوم االتصال واإلعالم يف الدول الغربية‪ .‬وامللتقيات‬ ‫العلمية حول قضايا اإلعالم واالتصال‪ ،‬اليت تعد حقال لعرض للتجارب يف املقاربات املنهجية‪،‬‬ ‫ومنربا للممارسة حرية التفكري والنقد يف الدول الغربية‪ ،‬مازالت منغلقة‪ ،‬يف املنطقة العربية‪،‬‬ ‫على مقاربات املنهج الكمي‪ ،‬و اجرتار أطروحات املدرسة النقدية‪ ،‬ومكتفية بهما‪ ،‬رغم تناوهلا‬ ‫ملواضيع جديدة من املفروض أن تعاجل إشكاليات جديدة‪.‬‬ ‫حتى ال تبدو هذه املداخلة مرافعة سطحية‪ ،‬إن مل تكن ساذجة‪ ،‬لصاحل تكثيف استخدام‬ ‫املنهج الكيفي يف حبوث اإلعالم واالتصال يف املنطقة العربية اليت بدأت تكنولوجية االتصال‬ ‫احلديثة تتغلغل يف نسيجها االجتماعي والثقايف فإننا نستحضر بعض الفرضيات اليت تصب يف‬ ‫اجتاهني‪ ،‬االجتاه األول حياول أن يشخص احلدود املعرفية للمنهج الكمي‪ ،‬يف املنطقة العربية‪،‬‬ ‫ويستجلى رهانات تعميم نتائجه دون اإلملام بالظواهر اإلعالمية واالتصالية اليت يصر الكثري‬ ‫من الباحثني أنها تتسم باخلصوصية‪ ،‬وتنفلت عن النمطية املعممة يف الفضاءات االجتماعية‬ ‫والثقافية املختلفة‪ .‬أما االجتاه الثاني فإنه يصب يف املسعى الرامي إىل الكشف عن األهمية‬ ‫املعرفية للبحوث الكيفية يف سعيها لفهم الفعل اإلعالمي واالتصالي يف املنطقة العربية ليس‬ ‫إنطالقا من التصورات اجلاهزة و املبنية لظاهرة االتصالية واإلعالمية اليت ال تتطلب سوى‬ ‫تزكية علمية هلا يف الواقع‪ ،‬بل انطالقا من البحث عن الدالالت اليت مينحها األشخاص هلذه‬ ‫األفعال و الظواهر االتصالية عرب تأويل أفعاهلم‪ ،‬ولغتهم‪ ،‬وإشاراتهم‪.‬‬

‫‪1 .1‬حدود النجاعة العلمية ألدوات القياس الكمي‪:‬‬

‫إن نقد البحوث امليدانية يف جمال العلوم االجتماعية و اإلنسانية‪ ،‬يف الدول الغربية‪ ،‬اليت تعتمد‬ ‫على صحيفة االستبيان كأداة حبث‪ ،‬يرتكز على حمورين أساسني‪ ،‬وهما‪ :‬االعتماد على عينة‬ ‫ال متثل جمتمع البحث وال تعرب عن عدم جتانسه‪ ،‬وطبيعة االستبيان‪ .‬فاالستبيان ال يُنقد‬ ‫لألسئلة اليت يتضمنها‪ ،‬واليت قد تكون موجهة أو مضللة فحسب‪ ،‬بل ينتقد‪ ،‬أيضا‪ ،‬الستبعاده‬ ‫بعض األسئلة اليت من الصعب إدراجها كلها يف خانة السهو أو النسيان‪ ،‬ألن بعضها ينتمي‬ ‫إىل خانة املسكوت عنه أو غري املفكر فيه الذي حييد عن األمناط االجتماعية املعيارية واليت‬ ‫اكتسبت قوة املرجعية االجتماعية والسياسية والثقافية واألخالقية‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫ويوجه النقد لصحيفة االستبيان يف اجملتمعات العربية لعدم مقدرتها على النفاذ إىل ما يفكر‬ ‫املستجوبون أو ما يشعرون به‪ .‬فأمام ضيق هامش حرية التعبري والتفكري‬ ‫فيه املبحوثون أو‬ ‫َ‬ ‫يصعب على صحيفة االستبيان أن تنتزع معلومات صادقة وكاملة ودقيقة من املبحوثني‪.‬‬ ‫فإجابتهم على بعض األسئلة اليت يتضمنها االستبيان تكون حمددة مسبقا حبالة الريبة‬ ‫أو اخلوف من سيف احلجاج أو طمعا يف ذهب املعتز كما يُقال‪ .‬و املبحوثون الذين جييبون‬ ‫على بعض أسئلة االستبيان دون خوف من أن تصل أرائهم ومواقفهم إىل السلطات العمومية‬ ‫أو اجلماعات الضاغطة‪ ،‬فإنهم ميارسون الرقابة الذاتية على ما يدلون به من إجابة نتيجة‬ ‫اإلكراه الذي متارسه الثقافة السائدة‪ .‬فيتهربون من اإلجابة الدقيقة بتقديم عبارات عامة‬ ‫تتماشى مع اآلراء السائدة واملهيمنة ) عبد الوهاب بوخنوفة‪)2004 :‬‬ ‫لذا نعتقد أن النظرية األكثر مقدرة على استجالء “ ظاهرة الرأي العام” يف املنطقة العربية‬ ‫هي تلك املرتبطة‪ ،‬أكثر‪ ،‬بنظرية لولب الصمت ) ‪ ( die schweigespirale‬اليت صاغتها‬ ‫عاملة االجتماع األملانية ‪ ،Elizabeth Noëlle-Neumann‬يف السنة ‪ ،1974‬واليت بفضلها‬ ‫قدمت توصيفا جديدا لظاهرة تشكيل الرأي العام‪ .‬إذ ترى أن الفرد يف اجملتمعات الغربية‬ ‫خيشى العزلة‪ ،‬فيحاول أن يتبنى األراء السائدة أو الرائجة اليت يتقامسها مع الغري‪ .‬إن تبين‬ ‫األراء يف العديد من اجملتمعات العربية ال ينبع من اخلشية من العزلة فقط‪ ،‬بل ينجم‪ ،‬أيضا‪ ،‬عن‬ ‫اخلوف من العقاب‪ .‬فالفرد الذي يعاني من ضيق هامش حرية التعبري والتفكري يف اجملتمعات‬ ‫العربية ليس أمامه سوى أن يتظاهر بتنب األفكار السائدة أو االلتزام بالصمت الذي يقرب رأيه‬ ‫احلقيقي‪ .‬فليس أمام الرأي غري اجملامل واخلارج عن اإلمجاع املصطنع يف اجملتمع الذي يقدس‬ ‫أحادية الرأي‪ ،‬وجيرم االختالف يف الفكر‪ ،‬سوى االختفاء‪ .‬لكن نظرية ‪Agenda Setting‬‬ ‫حظيت باهتمام أكرب يف املنطقة العربية‪ ،‬وشكلت موضوع حبوث كمية‪.‬‬ ‫ويف اإلطار ذاته ميكن اإلشارة إىل أننا حاولنا مع طلبة املاجستري يف اإلعالم يف كلية االتصال‬ ‫جبامعة الشارقة أن ندرس مشاهدة املسلسالت الرتكية يف منطقة اخلليج عرب مقاربتني‬ ‫خمتلفتني‪ :‬املقاربة األوىل تتمثل يف البحث عن هذه الظاهرة من خارجها وذلك بتوظيف‬ ‫املنهج الكمي‪ ،‬أي االستعانة بصحيفة االستبيان‪ ،‬واملقاربة الثانية تتمثل يف البحث عنها من‬ ‫داخلها من خالل استخدام املالحظة باملشاركة‪ ،‬وقد كانت نتائج البحثني خمتلفتني إىل‬ ‫درجة يعتقد البعض أننا قمنا بالبحث عن عينتني خمتلفتني‪ ،‬ومن بيئات ثقافية خمتلفة‪.‬‬ ‫اعتمدت غالبية حبوث اإلعالم واالتصال يف املنطقة العربية على حتليل املضمون ‪ ،‬ورسخته‬ ‫كأداة كمية لدراسة اخلطاب اإلعالمي‪ .‬وحاولت أن تثبت أهميته انطالقا من تكميم العناصر‬ ‫اليت تشكله‪ .‬وأن حاولت أن تبني نقائصه فإنها ال تنسبها إىل املنطق الذي خيضع له‪ ،‬بل للوسيلة‬ ‫اليت تبثه‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫حقيقة‪ ،‬لقد حاولت بعض البحوث العلمية أن تدرس اخلطاب اإلعالمي يف املنطقة العربية‪،‬‬ ‫خاصة يف دول املغرب العربي‪ ،‬من خالل االستعانة باملستوى النوعي لتحليل املضمون‪ ،‬لكنها‬ ‫اصطدمت‪ ،‬مع األسف‪ ،‬حبدود التحليل البنيوي الذي يتعاطى مع اخلطاب اإلعالمي كنص‬ ‫منغلق على ذاته ومكتفيا مبا يتضمنه من دالالت‪ ،‬مبنأى عن املتلقي‪ ،‬الذي أصبح شريكا نشيطا‬ ‫يف عملية إنتاج املعنى من نص االتصال‪.‬‬

‫‪2 .2‬التوفري الكمي للمعلومات بأيسر السبل التقنية؟‬

‫لقد استخدمت البحوث الكمية الستكشاف الظواهر املتعلقة باالتصال واإلعالم من خالل إبراز‬ ‫بعض املؤشرات الكمية‪ :‬التكرار‪ ،‬املدة‪ ،‬املنطقة اجلغرافية‪ ،‬وغريها‪ .‬إن هذه املعطيات الكمية‬ ‫االستكشافية أصبحت يف متناول أي مستخدم لشبكة االنرتنت‪ .‬فالعديد من املواقع و البوابات‬ ‫االلكرتونية أصبحت بفضل حمركات البحث‪ ،‬وبرامج التجسس تبوح بعدد زوارها مع فرزهم‪:‬‬ ‫األوفياء‪ ،‬ومن يزرونها ألول مرة‪ ،‬واملدة الزمنية اليت استغرقها كل فرد يف زيارتها‪ ،‬و املنطقة‬ ‫اجلغرافية اليت يتصل منها‪ ،‬أداة اإلحبار يف شبكة االنرتنت اليت يستخدمها‪ .‬هذا ما ميكن أن‬ ‫ينجزه‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬أصحاب البوابة العربية لعلوم اإلعالم يف رمشة عني‪ .‬هكذا إذا‪ ،‬أضخت‬ ‫املواقع االلكرتونية‪ ،‬والصحف اإللكرتونية‪ ،‬وحمطات اإلذاعة‪ ،‬والقنوات التلفزيونية اليت تبث‬ ‫عرب شبكة االنرتنت متلك نظرة عامة عن مجهورها ‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للمدونات‬ ‫اإللكرتونية‪ .‬ويف بعض األحيان تنتفي حاجة هذه الوسائل اإلعالمية ملعرفة عدد مجهورها‬ ‫طاملا أنها تتحاور مع بعضهم وتتفاعل معهم‪ .‬لذا ميكن القول أن املعرفة العمودية جلمهور‬ ‫وسائل االتصال احلديثة يتطلب جهدا نوعيا لفهمه أكثر‪ .‬و ال ميكن هلذا اجلهد أن حيقق‬ ‫وعوده دون استخدام أدوات منهجية أكثر قربا من مكونات هذا اجلمهور‪.‬‬

‫‪3 .3‬البحوث النوعية كمخرج علمي للحتميات‬

‫لقد ارتكزت البحوث العلمية حول وسائل االتصال احلديثة على منوذجني تفسريي ني ‪aPar‬‬ ‫‪ ،digms‬النموذج األول‪ ،‬ويتمثل يف احلتمية التكنولوجية‪ ،‬والذي ينطلق من قناعة بأن قوة‬ ‫الرتسانة التكنولوجية املتجددة واملتطورة هي وحدها املالكة لقوة التغيري يف الواقع االجتماعي‪.‬‬ ‫هذا بصرف النظر عن هذا التغيري أو باألحرى النظرة له‪ ،‬فالنظرة التفاؤلية للتكنولوجيا‬ ‫تهلل هلذا التغيري‪ ،‬وتراه رمزا لتقدم البشرية املزدهر‪ ،‬وعامال لتجاوز عثراتها وإخفاقها يف‬ ‫جمال االتصال الدميقراطي والشامل الذي تتقامسه البشرية‪ .‬و النظرة التشاؤمية اليت ترى‬ ‫التكنولوجية مطية للهيمنة على الدول والشعوب املستضعفة‪ ،‬والسيطرة على الفرد‪ ،‬عرب‬ ‫وسائل املراقبة والتحكم‪ ،‬فتقتحم حياته الشخصية وتفكك عالقاته االجتماعية‪.‬‬ ‫أما النموذج الثاني‪ ،‬ويتمثل يف احلتمية االجتماعية اليت ترى أن ال ُبنى االجتماعية هي اليت‬ ‫‪18‬‬

‫تتحكم يف حمتويات التكنولوجيا وأشكاهلا‪ ،‬أي أن القوى االجتماعية املالكة لوسائل االعالم هي‬ ‫اليت حتدد حمتواها‪.‬‬ ‫إن البحوث النوعية اليت تتعمق يف دراسة االستخدام االجتماعي لتكنولوجية االتصال احلديثة‬ ‫ال تنطلق من النموذجني‪ ،‬ألنها ال تؤمن بأن ما هو تقين ويتمتع بديناميكية قوية‪ ،‬يوجد يف حالته‬ ‫الكاملة و النهائية‪ ،‬كما أن ال ُبنى االجتماعية ليست منتهية البناء‪ .‬لعل هذه احلقيقة تنطبق‬ ‫أكثر على العديد من اجملتمعات العربية اليت تعرف حركية اجتماعية متواصلة مل تفض‬ ‫إىل صقل و ترصيف اجتماعي تتمايز فيه البنى االجتماعية والسياسية‪ ،‬فالقوى االجتماعية‬ ‫املتدافعة يف احلياة اليومية‪ ،‬يف املنطقة العربية‪ ،‬مازالت قيد الصياغة ُّ‬ ‫والتشكل‪.‬‬ ‫كما أن املنطلقات الفلسفية للبحوث الكمية ال تسمح باالعتقاد بوجود خط فاصل بني ما هو‬ ‫تقين وما هو اجتماعي‪ ،‬ألنهما يتفاعالن‪ ،‬باستمرار‪ ،‬يف احلياة اليومية‪ .‬مبعنى أن البعد الفكري‬ ‫للمنهج النوعي يسمح باملالحظة الدقيقة لكيفية ولوج ما هو تقين يف احلياة االجتماعية‪ ،‬و ال‬ ‫يعطي الفرصة لألشخاص الذين يتعاملون مع وسائل االتصال احلديثة بتشخيص ما هو تقين‬ ‫أو اجتماعي فقط‪ ،‬بل يسمح بإبراز متثلهم ملا هو تقين‪ ،‬و الذي على أساسه يتضح استخدامهم له‪.‬‬

‫‪4 .4‬البحوث النوعية و تطور الفكر اإلعالمي‪:‬‬

‫إن أدوات القياس تتطور وتتبدل وفق فهمنا للظاهرة اليت ميكن قياسها‪ .‬فمسألة مستمعي‬ ‫اإلذاعة ومشاهدي التلفزيون‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬كانت تفهم يف النصف الثاني من القرن ‪20‬‬ ‫على أساس أنهم جمموعة كربى من األفراد املتجانسني‪ ،‬ميكن التالعب بهم والتأثري فيهم‬ ‫وفق ما تنص عليه نظرية احلقنة حتت اجللد‪ ،‬لذا اجته البحث إىل قياس هذه الكتلة البشرية‬ ‫بشكل كمي‪ ،‬وفق منطق احلشد ‪ . mass‬اليوم تغري الفهم ملستمعي اإلذاعة‪ ،‬وأضحي فعل‬ ‫االستماع اإلذاعي ومشاهدة التلفزيون فعال فرديا يقوم به أفراد غري متجانسني‪ ،‬يتمتعون‬ ‫بعدة خصائص اجتماعية ودميوغرافية‪ ،‬واقتصادية‪ .‬وتدخلت الكثري من العوامل االقتصادية‬ ‫والتكنولوجية واالجتماعية والثقافية لتعيد النظر يف مفهوم جتانس مشاهدي التلفزيون يف‬ ‫اجملتمع الواحد والشرحية االجتماعية الواحدة‪ ،‬و حتى األسرة الواحدة‪ .‬وبهذا تبدلت أدوات‬ ‫القياس اليت تعاجل هذه الظاهرة‪ ،‬و ارتبطت بتلك اليت تعتمد عليها البحوث النوعية‪.‬‬

‫‪5 .5‬البحوث النوعية وفهم تغلغل وسائل االتصال اجلديدة يف النسيج االجتماعي‪.‬‬

‫نظرا للطابع الفرداني لوسائل اإلعالم اجلديد اليت مازالت حتتفظ بصفة اجلماهريية‪،‬‬ ‫أصبحت املقاربات املنهجية الكمية لدراستها تعجز عن القبض على خط التقاطع بني ما هو‬ ‫فردي و ما هو اجتماعي‪ .‬كما أن التكميم مييل‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬إىل تفضيل ما هو مجاعي على‬ ‫‪19‬‬

‫حساب الفردي‪.‬‬ ‫لقد ابتعدت الدراسات والبحوث عن وسائل االتصال احلديثة‪ ،‬تدرجييا عن التأثري‪ ،‬يف اجملتمعات‬ ‫الغربية‪ ،‬لتتجه حنو االستخدام الذي حييلنا إىل نوع من متثل اجلمهور‪ -‬املستعمل‪ -‬لوسائل‬ ‫اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫يتضمن مفهوم االستخدام‪ ،‬على الصعيد االصطالحي‪ ،‬معنني أساسيني) ‪Serge Proulx‬‬ ‫‪ ،: 2005‬ص ‪ ،)8‬وهما‪ :‬املعنى األول حييل إىل املمارسة االجتماعية اليت جتعلها األقدمية‬ ‫والتكرار شيئا مألوفا وعاديا يف ثقافة ما‪.‬‬ ‫وبهذا فإنها تقرتب من العادات والطقوس‪ .‬أما املعنى الثاني فإنه حييلنا إىل استعمال شيء ما‬ ‫سواء كان ماديا أو رمزيا لغايات خاصة‪ .‬وهذا ما يدفع إىل التفكري يف االستخدام االجتماعي‬ ‫للعدة التكنولوجية الذي حيفز على التفكري يف دالالته الثقافية املعقدة يف احلياة اليومية‪.‬‬ ‫حتى نقرتب من فهم تطور املقاربات النظرية املرتبطة بوسائل اإلعالم واستخداماتها‪ ،‬ميكن‬ ‫التأكيد على ما ذهب إليه الباحث سارج برولكس يف تأكيده على أن علم االجتماع اإلعالمي‬ ‫رحل أسئلته املعرفية‪ ،‬يف الستينيات و السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬من مركزية الوسيلة‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالمية؛ أي تأثريها املركزي ذو االجتاه الرأسي إىل مركزية املتلقي؛ أي ماذا يفعل املتلقي‬ ‫بوسائل اإلعالم‪ .‬هذا السؤال الذي نشط الكثري من البحوث الكمية اليت تعددت يف توحيد قائمة‬ ‫احلاجيات النفسية والنفسو‪ -‬اجتماعية اليت يسعى اجلمهور إىل تلبيتها باستخدامه لوسائل‬ ‫اإلعالم‪.‬‬ ‫لعل النقد الذي يوجه إىل هذه الرؤية ال يكمن يف تنميط احلاجيات وتوحيدها وتعميمها على‬ ‫كل السياقات االجتماعية والثقافية‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل يف تناسل عدد احلاجيات اليت حتتاجها مثل‬ ‫هذه البحوث الكمية لإلجابة على السؤال األساسي املذكور أعاله‪.‬‬ ‫رغم الثقل اإليديولوجي والتارخيي ملفهوم امتالك تكنولوجية االتصال احلديثة فإن البحوث‬ ‫النوعية بينت كيف أن هذا املفهوم ميكن أن يقدم قراءة ثالثة هلذه التكنولوجية بعيدة عن‬ ‫كونها ظاهرة تقنية اجتماعية‪ ،‬أو كداللة مليزان قوى سياسي أو لتوظيف سياسي‪ .‬قراءة‬ ‫تستند إىل استجالء دالالت تكنولوجية االتصال اليت تتدخل يف بناء الذات ( ‪Jouët: 2000‬‬ ‫‪ ،‬ص ‪)500‬‬

‫‪20‬‬

‫‪6 .6‬البحوث النوعية والصياغة املستأنفة إلشكاليات البحث وفرضياته‪.‬‬

‫إن اخلطاب عن تكنولوجيات االتصال يف املنطقة العربية يتغذى من الكتابات النظرية اليت‬ ‫أنضجتها السياقات االجتماعية والثقافية املختلفة عن السياقات اليت متيز املنطقة العربية‪.‬‬ ‫فرغم أن االحصائيات الرمسية تؤكد تواضع البنى القاعدية إلستخدام تكنولوجية االتصال‬ ‫احلديثة‪ ،‬ورغم ضيق االستخدام االجتماعي لبعض الوسائط التقنية احلديثة‪ ،‬مثل االنرتنت‪،‬‬ ‫رحل ما توصل إليه الفكر اإلعالمي عن ممارسات ‪ Web2‬يف‬ ‫بتطبيقاتها املختلفة‪ ،‬فإننا ُن ّ‬ ‫الفضاءات الثقافية املختلفة و نتعاطى معه كإفراز جمتمعاتنا‪.‬‬ ‫إن البحوث النوعية تستطيع أن تقتفي اثر العالقات الديناميكية بني احمليط التقين والوسط‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وتستجلي أثر ُّ‬ ‫متثالتها لدى املستخدمني‪.‬‬ ‫إن البحوث حول تكنولوجية االتصال احلديثة يف البيئة العربية أستطاعت أن تقدم بعض‬ ‫احلقائق العلمية املرتبطة بالغاية املرجوة من استخدام االنرتنت‪ ،‬كالقول مثال أن القسم‬ ‫األكرب من مستخدمي االنرتنت يف املنطقة العربية يستخدم االنرتنت بغرض الرتفية‪ .‬لعل‬ ‫هذه احلقيقة تبدو مهمة للكثري من الباحثني والسلطات العمومية املسؤولة عن قطاع االعالم‬ ‫والثقافة وللمستمثرين يف جمال اإلعالم اجلديد‪ ،‬لكنها غري كافية من ناحية معرفية‪ ،‬خاصة‬ ‫و أن الرتفيه يظل مفهوما إشكاليا‪ ،‬كما تؤكد ذلك بعض البحوث العلمية ) جون ماري بيام‪:‬‬ ‫‪ ،1993‬ص ‪ .)48‬فما املقصود بالرتفيه بالضبط؟ هل حيتفظ بنفس الدالالت لدى خمتلف‬ ‫الفئات االجتماعية ويف خمتلف املستويات الثقافية‪ ،‬ويف خمتلف األزمنة؟‬ ‫هل أن االستخدام املتكرر لالنرتنت بغية الرتفيه أفضت إىل اتاحة الفعل الذي يؤدي إىل جتديد‬ ‫املمارسة االجتماعية؟ وهل أن ُّ‬ ‫متثل االنرتنت هو الذي أدى إىل استغالل هذه الشبكة للرتفيه أم‬ ‫أن الرتفيه هو الذي أدى إىل متثل شبكة االنرتنت وحتكم يف استخدامها احلالي واملستقبلي؟‬ ‫يصعب الوصول إىل أجابة كافية على هذه األسئلة يف غياب البحوث النوعية‪ .‬فهذه األخرية ال‬ ‫تفرض على الباحث صياغة إشكاليته وفرضياته والنزول إىل امليدان للتحرى حول ملفوظاتها‪.‬‬ ‫إنها متلك بعض املرونة حيث تسمح للباحث بتعديل إشكاليتها وإعادة صياغة فرضياته وفق‬ ‫تطور مالحظاته ومعاينته جملتمع البحث أثناء تفاعله مع الظاهرة املدروسة‪.‬‬ ‫‪ 7 .7‬البحوث النوعية ومساءلة املعرفة املكتسبة عن وسائل اإلعالم واالتصال يف املنطقة العربية‪.‬‬ ‫إن مقاربة املشاهدة التلفزيونية ‪ Audience‬اليت اقرتحها دفيد مورلي ) ‪D.Morley :‬‬ ‫‪(19922‬قد نقلت دراسة فعل املشاهدة كحالة فردية إىل حالة مجاعية‪ ،‬أي إىل األسرة ‪Hous e‬‬ ‫‪ hold‬باعتبارها وسطا نشيطا للممارسات االجتماعية يشكل إطارا يتدخل يف تأويل رسائل‬ ‫‪21‬‬

‫التلفزيون‪ ،‬و يقدم حمموعة من العناصر للتفكري يف العالقات االجتماعية‪ ،‬وطبعت الكثري من‬ ‫الدراسات حول املشاهدة التلفزيونية‪ ،‬لكن تأثريها مازال حمدودا يف املنطقة العربية‪.‬‬ ‫إن اخلطاب عن أثر املسلسالت الرتكية يف بعض القنوات التلفزيونية‪ ،‬الذي رغم أنه ينطلق من‬ ‫تأثريه السليب احملتمل على األسرة العربية واالسالمية‪ ،‬إال أنه يتجنب مالحظة فعل مشاهدة‬ ‫عمليا داخل األسرة لوصفه‪ ،‬وبالتالي تأويله‪ ،‬رمبا ألن هذه األخرية مازالت تشكل قلعة منيعة‬ ‫حلماية احلياة اخلاصة وغري منفتحة على الدراسة والبحث‪ ،‬ورصد التفاعالت داخل نشاطها‬ ‫اليومي‪.‬‬ ‫لقد انطلق هذا اخلطاب من أن املشاهد سليب وال ميلك سوى التأثر مبا يعرض له يف الشاشة‬ ‫الصغرية‪ ،‬أو أنه حمدد باحلتمية االجتماعية والثقافية اليت تتحكم فيما يُشاهد‪ .‬إن احلالتني‬ ‫تقدمان إجابات جاهزة‪ ،‬وكاملة لفعل املشاهدة التلفزيونية‪ .‬وال مينح االستبيان املوجه إىل‬ ‫األشخاص كمشاهدين منفردين‪ ،‬يف كثري من احلاالت‪ ،‬سوى مشروعية هلذه اإلجابات‪.‬‬ ‫قد يتبادر إىل ذهن البعض أن فلسفة املذهب الكيفي تقوم على الفعل‪ ،‬سواء املوجه بوعي‬ ‫وبعفوية‪ ،‬ويستبعد إكراهات البين االجتماعية وهيمنتها على األفعال وتصرفات األفراد‪.‬‬ ‫لكن أليس استبعاد األسرة يف دراسة املشاهدة التلفزيونية يف البحوث الكمية‪ ،‬واالحتكام إىل ما‬ ‫يصرح به الفرد‪ ،‬وليس إىل ما يفعله يف أثناء املشاهدة هو شكل من استبعاد البنى االجتماعية‬ ‫وتأثريها العملي أثناء فعل املشاهدة‪.‬‬ ‫يذكر أحد األساتذة التونسيني‪ ،‬الشاذلي الفتوري‪ ،‬أنه كان يتجول بسيارته يف منطقة جربة‪،‬‬ ‫فرأى راعيا للغنم وبيده مذياع‪ ،‬فرتجل ليسأله‪ ،‬ويف ذهنه الصورة اجلاهزة عن تعميم التلفزيون‬ ‫يف املناطق الريفية وعلى الفالحيني وما تناسل منها من أفكار عن دور اإلذاعة يف التنمية‬ ‫الوطنية‪ ،‬فقال له‪ :‬ماذا تستمتع يف هذا اجلهاز‪ ،‬فرد الراعي قائال‪ :‬األغاني البدوية‪ .‬ثم سأله مرة‬ ‫ثانية‪ :‬أتعرف من حيكم تونس؟ فرد الراعي على الفور‪ :‬إنه الباي! ثم قال له هل تسمع باحلبيب‬ ‫بورقيبة؟ فرد الراعي قائال‪ :‬بلى إنه زعيم سياسي! ( نصر الدين لعياضي‪ ،1991 :‬ص ‪.)163‬‬ ‫لقد وجه السؤال للراعي يف سنة ‪ ،1963‬والباي قد أزيح من العرش يف ‪ .1956‬وال أحد يعتقد‬ ‫أن اإلذاعة التونسية كانت شحيحة يف ذكر اسم أول رئيس للجمهورية التونسية‪ :‬احلبيب‬ ‫بورقيبة‪ .‬فهل كان باستطاعة التحليل الكمي ملضمون برامج اإلذاعة التونسية يف ذلك الوقت‬ ‫أن مييط اللثام عن هذه احلقيقة؟‬ ‫إن البحوث الكمية القليلة اليت أجريت حول دور التلفزيون يف حتديد النسل يف املناطق‬ ‫‪22‬‬

‫الصحراوية باجلزائر‪ ،‬توصلت إىل بعض النتائج اجلزئية اليت تبني أن تأثريه كان متواضعا‬ ‫جدا‪ ،‬رغم تزايد إقبال النساء على مشاهدة خمتلف براجمه‪ .‬لقد حصرت سبب ذلك يف يف‬ ‫لغة اخلطاب التلفزيوني ذات الطابع النخبوي الذي ليس يف متناول املرأة الصحراوية‪ .‬فلو أن‬ ‫البحث حول هذا املوضوع ختلى عن هاجس التكميم‪ ،‬ووظف جمموعة من األدوات اليت يستعني‬ ‫بها البحث الكيفي‪ ،‬مثل‪ :‬املقابلة املباشرة‪ ،‬اجملموعة البؤرية‪ ،‬واملالحظة باملشاركة‪ ،‬والبورتري‬ ‫اإلثنوغرايف‪ ،‬وحكاية حياة أو سرد ممارسة‪ ،‬وغريها من األدوات‪ .‬فكيف تكون النتائج؟ وما‬ ‫عالقتها باملعتقدات الدينية واالجتماعية؟ وما هي درجة الثقة يف برامج التلفزيون اجلزائري‬ ‫لدى املشاهدات؟ وما هي املؤثرات على فعل املشاهدة داخل األسرة اجلزائرية؟ وما هو متثل املرأة‬ ‫الصحراوية للتلفزيون؟‬ ‫أخريا‪ ،‬إن اإلضافات النوعية اليت تقدمها البحوث العلمية اإلعالمية يف املنطقة العربية ال‬ ‫تتحقق بدون أن نغري طموحنا العلمي‪ ،‬ونسعى إىل تطوير قدراتنا يف جمال تأويل الظواهر‬ ‫والسلوك بدل الزعم بأننا نصل إىل احلقيقة العلمية املطلقة من خالل دراسة الظواهر‬ ‫االجتماعية‪ .‬إن التأويل ينبع من اإلعرتاف بأنه من الصعوبة مبكان فهم موضوع ثقايف بدون‬ ‫الرجوع إىل النشاط اإلنساني الذي كان وراء ميالده‪ .‬فاالعالم اجلديد ليس ُعدّة تقنية فحسب‪.‬‬ ‫إنه ممارسة اجتماعية وثقافية ال تبوح بكل دالالتها من خالل تصور الباحث هلا بعيد عن رؤية‬ ‫مستخدميها اليت يصعب القول أنها منطية وعامة وتتجاوز سياقات االستخدام املتغرية‪ .‬ومن‬ ‫الصعوبة مبكان أن نستخلص بعض املعارف العلمية عنها بدون إدراك املعنى الذي يعطيه هلا‬ ‫ممارسوها‪.‬‬ ‫يبدو أن هذا املنطلق لدراسة الظواهر اإلعالمية واالتصالية يف املنطقة العربية يظل صاحلا‬ ‫حتى وأن تزايد اتباع ما بعد احلداثة الذين ينعنون موت املعنى‪.‬‬

‫المراجع واالحاالت‪:‬‬ ‫‪ 1 .1‬للتأكيد على هذا التخبط نورد ما ذكرته ااباحثة‪ :‬نهنود القادري عيسى يف حتليلها‬ ‫لعينة من البحوث عن املرأة واإلعالم‪ ،‬بأن بعضها يعاني من خلل وعدم اتساق بني بدايته‬ ‫ونهايته!أنظر‪:‬‬ ‫نهوند القادري عيسى ( إعداد) ( ‪ :)2008‬قراءة حتليلية يف عينة من حبوث املرأة واإلعالم‪،‬‬ ‫برنامج متكني املرأة‪ ،‬مؤسسة احلريري‪ ،‬البنك الدولي‪ ،‬ص ‪90‬‬ ‫‪2 .2‬ميكن اإلشارة إىل أنه من ضمن ‪ 20‬حبث قدم إىل الندوة العلمية حول ثقافة االنرتنت‬ ‫وأثرها على الشباب‪ ،‬اليت نظمتها جامعة الشارقة بالتعاون مع املنتدى االسالمي‪ ،‬ودائرة الثقافة‬ ‫‪23‬‬

‫واإلعالم‪ ،‬واليت عقدت بالشارقة يف أبريل ‪ 2006‬يوجد حبث واحد استخدم املنهج اإلثنوغرايف‬ ‫يف دراسة لغة حجرات الدردشة‪.‬‬ ‫‪3 .3‬للداللة على هذه العودة ميكن اإلشارة إىل تأسيس مجعية الدراسات النوعية من قبل‬ ‫األساتذة و الباحثني الكنديني يف السنة ‪1995‬‬ ‫‪(4 .4‬نقال عن حصة لوتاه ( ‪ :)2005‬إشكاليات مناهج البحوث العربية‪ ،‬صحيفة البيان‪ ،‬االمارات‬ ‫الصادرة يوم ‪ 04‬سبتمرب‬ ‫‪5 .5‬أكدت الباحثة ‪ :‬نهنود القادري عيسى يف حتليلها لعينة من البحوث عن املرأة واإلعالم‪ ،‬أن‬ ‫حبوث حتليل احملتوى قد جتاوزت ‪ 43%‬من جممل البحوث املدروسة‪ :‬أنظر‪:‬‬ ‫نهوند القادري عيسى ( إعداد) ( ‪ :)2008‬قراءة حتليلية يف عينة من حبوث املرأة واإلعالم‪،‬‬ ‫برنامج متكني املرأة‪ ،‬مؤسسة احلريري‪ ،‬البنك الدولي‪ ،‬ص ‪90‬‬ ‫‪( 6 .6‬بفضل أداة ( ‪ )Google Trends‬اليت أخرتعها موقع غوغل ملساهدة أصحاب املواقع‬ ‫يف معرفة مستخدمي مواقعهم وحتسني أدائه‪ ،‬أستطاعت صحيفة إيالف اإللكرتونية على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬من االطالع بنوع من التفاصيل عن مستخدميها‪ .‬بلدانهم وقت االطالع على املوقع‪،‬‬ ‫أنظر‪:‬‬ ‫خلفعليخلف‪:‬صيغخمتلفةللبحثعنإيالفغطتالدولالعربية‪،‬صحيفةإيالفااللكرتونية‬ ‫على موقع‪http://www.elaph.com/Web/AkhbarKhasa/2008/12/391307. :‬‬ ‫‪htm‬‬ ‫تاريخ اإلطالع ‪ 16‬ديسمرب ‪2008‬‬ ‫‪7 .7‬حول هذه النقطة ميكن أن نشري إىل بعض الدراسات القليلة اليت انطلقت من هذه الرؤية‪،‬‬ ‫نذكر منها‪:‬‬ ‫‪ :‬رضوان بومجعة‪ :‬أشكال االتصال التقليدية يف منطقة القبائل‪ :‬حماولة لتحليل أنرتوبولوجي‪،‬‬‫أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬قسم علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬كلية العلوم السياسية‬ ‫واإلعالم‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬السنة اجلامعية ‪2007 2006-‬‬ ‫ ‪Abderrahmane Ezzari ( 1998) : Approche ethnographique de la r‬‬‫‪ception directe par satellite des télévisions transnationales en milieu‬‬ ‫‪familial marocain, PHD en communication, Faculté des arts et des‬‬ ‫‪sciences, Université Laval, Canada, décembre‬‬ ‫ ‪Asma Ellefi ) 2005,) : Télé-réalité et modes de réception, Etude ethn‬‬‫‪graphique de la réception de l’émission Star Academy dans la région‬‬ ‫ ‪de Gafsa, Master en Sciences de l’Information et de la Communic‬‬‫‪tion, Institut de Presse et des Sciences de l’information, Tunisie, juin‬‬ ‫‪24‬‬

‫البيبليوغرافيا‬ ‫) باللغة العربية‬1 ،‫ صحيفة اخلليج‬،‫ امللحق الثقايف‬،‫ رؤية نقدية‬،‫ املنهج و أوهام العقل‬:)2008 ( ‫الطيب بوعزة‬ ‫ مايو‬10 ‫ أبريل‬9 ،‫ صحيفة البيان اإلماراتية‬،‫ إشكاليات مناهج البحوث العربية‬:)2005 ( ‫حصة لوتاه‬ ‫ دار عيون‬،‫ ترمجة نصر الدين لعياضي‬،‫ التلفزيون كما نتحدث عنه‬:) 1993 ( ‫جون ماري بيام‬ )‫ ص‬104( ، ‫ اململكة املغربية‬،‫املقاالت‬ ‫ مشكلة تقنيات أم مسألة حريات‬:‫ استطالعات الرأي يف اجلزائر‬:)2004 ( ‫عبد الوهاب بوخنوفة‬ ( 22-37 )‫ جوان‬-‫ جانفي‬،18 ‫ عدد‬،‫ اجمللة اجلزائرية االتصال‬،‫وذهنيات‬ 223( ،‫ اجلزائر‬،‫ املؤسسة اجلزائرية للطباعة‬،‫ مساءلة اإلعالم‬: )1991 ( ‫نصر الدين لعياضي‬ )‫ص‬ Alex Mucchielli ( 2004 ( : Le développement des méthodes qualit tives et l’approche constructiviste des phénomènes humaines. in http://www.recherche-qualitative.qc.ca/Actes%20ARQ/texte%20 Muchielli%20actes.pdf. Consulté le 10-11-2008 Alvaro Pires (1997): De quelques enjeux épistémologiques d'une méthodologie générale pour les sciences sociales”, in hhttp://classiques.uqac.ca/contemporains/pires_alvaro/quelques_ enjeux_epistem_sc_soc/enjeux_episte_sc_soc.pdf. Consulté le 10-11-2008 Alvoros Pires ) 1987 ( : deux thèses erronées sur les lettres et les chi fres, Cahiers de recherche sociologique, vol. 5, no 2, automne (147 pages) Alvoros Pires ) 1982 ( : “La méthode qualitative en Amérique du Nord : un débat manqué (1918-1960)”, Sociologie et Sociétés, vol. 14, no 1- (245 pages) 25

Berner, C (1997): L'herméneutique et le problème de la vérité. Dans R. Quilliot (Dir.). La Vérité ,Paris : Ellipses ( 365 pages) Bourdieu Pierre, Jean-Claude Chamboredon, Jean-Claude Passeron, le métier de sociologue, paris, mouton, 1983 (357 pages) Bourdieu Pierre ( 1973) : L’opinion publique n’existe pas, Les temps modernes, N 318, janvier – ( Page 292-309) Gaston Bachelard ) 1975 (.La formation de l'esprit scientifique. Co tribution à une psychanalyse de la connaissance objective, Paris, L brairie philosophique Vrin, ( 257 pages) Houle G. (1982): La sociologie : une question de méthode, Sociologie et sociétés, vol. 14, no 1 (40-52) Jean pierre des lauriers) 1999 (: La recherche qualitative, le cadavre est il sorti du placard ? in http://www.recherche-qualitative.qc.ca/Textes_PDF/20Deslaurier. pdf consulté le 10-11-2008 Jouet Jarsiane (2000) : retour critique sur la sociologie des usages, Revue Réseaux, Volume 18/ 1000 ( Page.487-521) Martine Arino ) 2004 ( : Analyse qualitative, Analyse comprehensive et analyse sémiotique, quel lien? In http://www.analisiqualitativa. com/magma/0000/article_04.htm, consulté le 10-11-2008 Pierrette Massé, Bernard Vallé (1992): Méthodes de collecte et d’analyse de données en communication, Canada, ed Presse de l’université de Québec ( 253 pages) Serge Proulx (2005) : Penser les usages des technologies de l’information et de la communication, aujourd’hui : enjeux – modèles – tendances in Lise Vieira et Nathalie Pinède : Enjeux et usages des TIC : aspects sociaux et culturels, Tome 1, Presses universitaires de Bordeaux, 353 Pages 26

‫مصادر التنظير وبناء المفاهيم حول اإلعالم الجديد‬

-----------------------------------------

‫من فـانفـر بـوش إلى نيكـوالس نيغـروبونتي‬

‫عباس مصطفى صادق‬.‫د‬ ‫تلفزيون أبوظيب‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬

Abstract This paper is trying to trace the theoretical approaches of the New Media by those who participated in its technological and conceptual foundations. It also looks to combine multiple entry points to understand the co cept of New Media manifestations and applications, as a reflection of the huge change, not only in communication systems, but in the way in which we live , through: 11. 22. 33.

27

Establishing the concepts of the interaction between human and automated communication. Establishing new media concepts. Establishing the concepts of new media applications.

‫مدخل‬ ‫بينما كان خرباء اإلعالم ومسئوليه منشغلون طوال سنوات النصف الثاني من القرن العشرين‬ ‫بقضية التوازن اإلعالمي بني الشمال واجلنوب أو باألحرى بني املعسكرين الرأمسالي‬ ‫واالشرتاكي كان خطا آخر من التطور الفكري فيما خيص تفاعل العقل البشري والكومبيوتر‬ ‫‪ Man –Computer Interaction‬ميضي قدما يف أماكن أخرى ‪.‬‬ ‫لقد نشأ معظم التنظري حول اإلعالم اجلديد يف املراحل األوىل يف جمال ال ينتمي إىل الوسط‬ ‫اإلعالمي ‪ ,‬وكان الكثريون ممن بادروا بوضع أسسه الفكرية والتكنولوجية متخصصون يف‬ ‫جماالت بعيدة كل البعد عن اإلعالم منذ أن نشر فانفر بوش ‪ Vannevar Bush‬مقالته‬ ‫الشهرية يف عام ‪1945‬م بعنوان ‪:‬كما جيب أن نفكر واليت جسد فيها أفكاره األوىل حول عالقة‬ ‫عقولنا باآللة اهلندسية ‪ ,‬وهي األفكار اليت مهدت لظهور شبكة الوب فيما بعد ‪ ,‬مرورا بالدور‬ ‫الذي لعبته رؤى جي سي أر ليكليد ر ‪ J. C. R. Lilclder‬اليت أطلق عليها ‪uMan-Comp‬‬ ‫‪ ter Symbiosis‬يف عام ‪ 1960‬واليت قادت إىل تطوير أسس فكرة التفاعلية بني اإلنسان‬ ‫والكومبيوتر ‪ ,‬وهو التفاعل الذي أنتج حالة اإلعالم اجلديد اليت نعيشها اآلن ‪.‬‬ ‫تتبع الورقة إذا مسرية التنظري لإلعالم اجلديد من خالل الذين مهدوا له والذين فسروا‬ ‫ظاهرته وتسعى الورقة إىل اجلمع بني أفاق خمتلفة ومداخل متعددة لفهم مفهوم اإلعالم‬ ‫اجلديد ومظاهره وتطبيقاته املختلفة باعتباره انعكاس حلالة االنقالب اهلائل ‪ ,‬ليس يف نظم‬ ‫االتصال وحدها ولكن يف الطريقة اليت يعيش بها اإلنسان املعاصر وتركز الدراسة على فهم‬ ‫أسس اإلعالم اجلديد وليس على آثاره ‪ ,‬وذلك مرورا بالتقسيمات الثالثة التالية ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬بناء املفاهيم حول تفاعل النظام االتصالي البشري واآللي ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬بناء املفاهيم حول اإلعالم اجلديد ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬بناء املفاهيم حول التطبيقات اإلعالمية اجلديدة ‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫أوال ‪ :‬بناء المفاهيم حول تفاعل النظام االتصالي البشري واآللي‬ ‫يطرح هذا اجلزء جمموعة مداخل أساسية لتطور التنظري وبناء األفكار واملبتكرات حول عالقة‬ ‫العقل البشري واآللة من خالل األدبيات واألفكار اليت قدمها كل من فانفر بوش وجي سي ار‬ ‫ليكليدر وتيد نيلسون ‪ Ted Nelson‬وتيموثي برينزر لي ‪.Timothy Berenrs - Lee‬‬ ‫أفكار فانفر بوش ‪ :‬نظر بوش إىل هذه العالقة من خالل نظم بناء وتنظيم واسرتجاع املعلومات‬ ‫اليت كانت متبعة يف األربعينات من القرن املاضي ‪ ,‬ونشر هذه األفكار يف مقالته الشهرية اليت‬ ‫نشرها يف يوليو عام ‪1945‬م بعنوان ‪ :‬كما جيب أن نفكر ‪ As we may think‬وهي منشورة‬ ‫حاليا يف موقع جملة اتالنتك األمريكية ‪ . Atlantic The‬ويرى خرباء املكتبات أن مفهوم‬ ‫املكتبة االلكرتونية والرقمية جاء من هذه املقالة ‪ ,‬كما يرى فيها خرباء شبكة الوب أنها هي‬ ‫اليت أسست ملبادئ عمل الشبكة ‪.‬‬ ‫طرح بوش فكرة نظام امليكمس ‪ The Memex‬وهو نظام ميكروفيلم ميكن املختصني من‬ ‫ختزين كتبهم وسجالتهم واتصاالتهم ويقوم على مبدأي السرعة واملرونة يف التخزين‬ ‫واالسرتجاع ‪ ,‬أشار بوش إىل انه مع خروج اجملتمع من احلرب العاملية الثانية ينبغي على جهودنا‬ ‫العلمية أن ترتكز حول احلفاظ على كل املعرفة اإلنسانية السابقة‪ ،‬ومجعها‪ .‬ويري روبرت‬ ‫كايلو ‪ Robert Cailliau‬الذي عمل مساعداً لتيم برينزلي يف التجارب األوىل اليت أفضت‬ ‫لتأسيس الوب يف ورقة خالل افتتاح الفرع األوروبي الحتاد الوب ‪ W 3 Consortium‬يف‬ ‫باريس يوم ‪ 25‬نوفمرب ‪1995‬م ‪ ”:‬إن تاريخ الوب يبدأ حوالي عام ‪1945‬م عندما كتب املستشار‬ ‫العلمي للرئيس األمريكي السابق فرانكلني روزفلت ‪ ،‬فانفر بوش مذكرات حول نظام امساه‬ ‫امليمكس ‪ Memex‬وهو جهاز قائم علي نظام امليكروفيلم بإمكانه حفظ كمية ضخمة من‬ ‫الوثائق يف مكتب واحد “‪.‬‬ ‫وقد قرأ تيد نيلسون أفكار بوش فأهلمته إىل فكرة النص التشعيب ( القاطر ) ‪ .‬ويف عام ‪1960‬‬ ‫قدم نيلسون مشروع زاندو ‪ Project Xanadu‬ثم قام بنشر الفكرة يف كتاب ألفه يف عام‬ ‫‪ 1974‬بعنوان ‪ Computer Lib/Dream Machines‬ويف كتاب آخر صدر يف ‪1981‬‬ ‫بعنوان ‪. Literary Machines‬‬ ‫أفكار برينرز لي وبدايات الوب ‪ :‬يف عام ‪ 1980‬قام الفيزيائي الربيطاني تيموثي ( تيم ) برينرز‬ ‫لي بتصميم نظام انكواير ‪ Enquire‬كقاعدة بيانات لألشخاص والربامج يف املركز األوربي‬ ‫لفيزياء اجلزئيات ‪ ,‬سرين ‪ . CERN‬وكان نظام انكواير يعتمد أيضا على النص التشعيب وقد‬ ‫كتب لي مقرتحه يف ‪ 12‬نوفمرب من عام ‪ 1990‬وطلب متويال من سرين وبنهاية ‪ 1990‬كان‬ ‫لي قد أكمل كتابة أوىل األدوات املطلوبة ألول مستعرض لالنرتنت ‪ ,‬ويوضح لي جتربته‬ ‫‪29‬‬

‫واألفكار اليت أدت إىل ابتكاره الوب ‪ ,‬يقول ‪ “ :‬هنالك دائما أشياء يديرها البشر بامتياز ‪ ,‬وهنالك‬ ‫أشياء يديرها الكومبيوتر ‪ ,‬إذ ميتلك البشر البصري ة ‪ Intuition‬والفهم ‪dUnderstan‬‬ ‫‪ ing‬وهما من خواص اإلنسان ‪ .‬بينما يعمل الكومبيوتر آليا من خالل أوامر وجداول وهياكل‬ ‫‪ ,‬والشئ الذي ال يستطيع الكومبيوتر عمله هو أن يكون قادرا علي الربط العشوائي بني األشياء‬ ‫املتباينة اليت ال تنتمي إلي جمال واحد ‪ .‬وهذا األمر يفعله املخ البشري جيدا “ ‪.‬‬ ‫أفكار جي سي ليكليدر ‪ :‬ترتبط أفكار ليكليدر بشبكة االنرتنت وليس الوب مثلما هو احلال‬ ‫بالنسبة لبوش ولي ونيلسون وقد ارتبطت نشأة االنرتنت بعدة مؤسسات على رأسها وزارة الدفاع‬ ‫األمريكية اليت أسست اربا ‪ Arpa‬لالضطالع بالدراسات العلمية يف جماالت علوم الكومبيوتر ‪.‬‬ ‫وقد اختري الدكتور جي سي أر ليكليدر لرتؤس املهمة وهو عامل نفس من معهد ماساشوسيتس‬ ‫للتكنولوجيا وكان ذلك يف عام ‪1962‬م “ ‪ .‬وقد استفادت وزارة الدفاع األمريكية من جمموعة‬ ‫أفكار كان قد أطلقها جي سي ار ليكليدر ومثلت املبادئ األولي للبناء الفكري للشبكة ‪.‬‬ ‫“ كان ليكليدر نشر يف نفس العام جمموعة مذكرات وضع فيها أفكاره وكتب مقاال نشره‬ ‫يف عام ‪1960‬م بعنوان التعايش بني اإلنسان والكومبيوتر‪Man Computer Symbiosis‬‬ ‫طرح فيه فكرته حول ما امساه الشبكة اجملرية ‪ Galactic Network‬وشرح اهتماماته حول‬ ‫تطور املعرفة البشرية ومنوها بواسطة الكومبيوتر اليت يري من خالهلا انه يف سنوات قليلة‬ ‫سيحدث تزاوج ما بني العقول البشرية وأجهزة الكومبيوتر وسينتج من هذا التزاوج طريقة غري‬ ‫مسبوقة للتفكري ‪ .‬وإلجناز هذا اهلدف اقرتح ليكليدر عدة تكنولوجيات جديدة ميكن أن تساهم‬ ‫يف هذا النوع من عالقات التعايش اجلديدة ‪ .‬ومشلت مقرتحاته الكومبيوترية نظام اسرتجاع‬ ‫املعلومات وبرامج للتصميم ونظام فهرسة املكتبات “ ‪ .‬ثم أصبحت أفكار ليكليدر حجر الزاوية‬ ‫األولي الذي خرجت منه منابت التفكري يف الشبكة وتطبيقاتها ‪ .‬وقد نوقشت هذه األفكار فيما‬ ‫بعد أن خرجت يف شكل مشروع متكامل قدمه ليكليدر ‪“ .‬ويف أغسطس ‪1962‬م ناقش ليكليدر‬ ‫أفكاره اليت ضمنها شبكته اجملرية ووضع فيها رؤية تضمن ألي شخص احلصول بسرعة علي‬ ‫املعلومات والربامج الكومبيوترية من أي موقع ‪ .‬وقد أصبح ليكليدر رئيسا ألول جمموعة من‬ ‫الباحثني يف برنامج علوم الكومبيوتر يف أربا وقام بنقل قناعاته إىل خلفائه يف الوكالة بأهمية‬ ‫بناء هذه الشبكة “ ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬بناء المفاهيم حول اإلعالم الجديد‬ ‫يف هذا اجلزء بدأت مالمح اإلعالم اجلديد يف الظهور وبدأ التنظري لفهم النموذج االتصالي غري‬ ‫املسبوق وأوجه استخدامات الكومبيوتر يف هذا النظام ‪ .‬وترتكز معظم املداخل على فهم اإلعالم‬ ‫اجلديد بناء على النماذج االتصالية السابقة له ‪ .‬وشارك يف وضع التصورات أساتذة إعالم‬ ‫‪30‬‬

‫وغريهم من الذين يعملون يف جمالت ذات صلة بالتطبيقات التكنولوجية ومنهم نيكوالس‬ ‫نيغروبونيت وفني كروسيب وجون بافلك ‪ ,‬ثم تواىل غريهم ‪.‬‬ ‫أفكار نيكوالس نيغروبونيت ‪ :‬طور نيكوالس نيغروبونيت ‪Nicholas Negroponte‬‬ ‫أفكاره حول اإلعالم اجلديد من خالل عمله يف خمترب اإلعالم اجلديد مبعهد ماسشوستيس‬ ‫‪ New Media Lb MIT‬وهو يطرح امليزات اليت يتحلى بها اإلعالم اجلديد مقارنة مبا سبقه‬ ‫يف ‪ “ :‬استبداله الوحدات املادية بالرقمية ‪ ,‬أو البتات بدل الذرات ‪ Bits not Atoms‬كأدوات‬ ‫رئيسية يف محل املعلومات اليت يتم توصيلها يف شكل الكرتوني وليس يف شكل فيزيائي ‪ ,‬أما‬ ‫امليزة األكثر أهمية ‪ ,‬هي أن هذا اإلعالم خرج من أسر السلطة اليت كانت تتمثل يف قادة‬ ‫اجملتمع والقبيلة ‪ ,‬الكنيسة والدولة إىل أيدي الناس مجيعا ‪ ,‬وقد حتقق هذا جزئيا عند ظهور‬ ‫مطبعة غوتنربغ وحتقق أيضا عند ظهور التلغراف ‪ ,‬واخذ مسته الكاملة بظهور االنرتنت اليت‬ ‫جاءت بتطبيق غري مسبوق وحققت منوذج االتصال اجلمعي بني كل الناس “ ‪.‬‬ ‫النموذج االتصالي اجلديد لدى كروسيب ‪ :‬يشرتك فني كروسيب ‪ Vin Crosbie‬مع‬ ‫نيغروبونيت يف نفس األفكار ويعقد مقارنة ثالثية متسلسلة بني اإلعالم اجلديد والقديم‬ ‫من خالل النماذج االتصالية الكالسيكية ليصل للقول بأن اإلعالم اجلديد يتميز مبا يأتي بأن‬ ‫الرسائل الفردية ميكن أن تصل يف وقت واحد إىل عدد غري حمدود من البشر‪ .‬وأن كل واحد‬ ‫من هؤالء البشر له نفس درجة السيطرة ونفس درجة اإلسهام املتبادل يف هذه الرسالة‪. “ .‬‬ ‫مدخل التصنيفات الثالثة لإلعالم اجلديد‪ :‬يضع ريتشارد ديفيز ‪ Richard Davis‬وديانا‬ ‫أوين ‪ Diana Owen‬اإلعالم اجلديد وفق ثالثة أنواع هي ‪ ,‬اإلعالم اجلديد بتكنولوجيا‬ ‫قدمية ‪ .‬واإلعالم اجلديد بتكنولوجيا جديدة ‪.‬اإلعالم اجلديد بتكنولوجيا خمتلطة ‪ .‬النوع األول‬ ‫يعود إىل جمموعة من األشكال الصحفية يف اإلذاعة والتلفزيون والصحف ‪ ,‬ويشريان إىل راديو‬ ‫وتلفزيون ‪ Talk Show‬واجملالت اإلخبارية مثل ‪ Minutes 60‬وبرامج األخبار احلية‬ ‫‪ Live Shows‬والربامج املسائية ‪ ,‬مثل ‪ Night Line‬وبرامج الصباح املعروفة ‪ ,‬مثل صباح‬ ‫اخلري أمريكا ‪ Good Morning America‬وبرامج التابلويد ‪ ,‬مثل ‪Inside Edition‬‬ ‫الشبيهة بصحافة التابلويد الورقية ‪ .‬ويشمل التجديد ‪ ,‬يف حاالت أخرى ‪ ,‬منوذج برنامج أوبرا‬ ‫‪ Oprah Winfrey‬وقنوات مثل ام تي يف ‪ MTV‬املتخصصة يف املوسيقى ‪ .‬النوع الثاني ‪:‬‬ ‫إعالم جديد بتكنولوجيا جديدة ‪ :‬متثله مجيع الوسائل اليت نعايشها اآلن اليت تعمل على منصة‬ ‫الكومبيوتر ‪ ,‬وهي الوسائل اليت مكنت من إنفاذ حالة التبادل احلي والسريع للمعلومات ‪ .‬أما‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬إعالم جديد بتكنولوجيا خمتلطة ‪ :‬فيه تزول الفوارق بني القديم واجلديد ‪ ,‬فقد‬ ‫أصبحت احلدود الفاصلة بني أنواع الوسائل املختلفة حدودا اصطناعية ‪ , Artificial‬وحدثت‬ ‫حالة متاهي وتبادل للمنافع بني اإلعالم القديم واجلديد ‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫مدخل بافلك لإلعالم اجلديد ‪ :‬بالنسبة جلون بافلك ‪ ”: Pavlik‬إن املشهد اخلاص بتكنولوجيات‬ ‫اإلعالم اجلديدة يتغري مبثل سرعة تطور هذه التكنولوجيات ‪ ,‬وهي حتدث تغيريا راديكاليا يف‬ ‫كل ما يتعلق بالطريقة اليت نتواصل بها واألشخاص الذين نتواصل معهم ‪ ,‬كما أنها تغري‬ ‫كافة أوجه احلياة اليت نعيشها من بناء العالقات الشخصية إىل خلق املصادر املالية والرعاية‬ ‫الصحية وغريها ‪ .‬ويف كل عام فإن خطوات التطور التكنولوجي تتسارع ويف كل صباح يعلن‬ ‫عن مبتكر جديد‪ .‬وهو يرى “ ضرورة توفر خارطة طريق ‪ Road map‬وإطار مفاهيمي لفهم‬ ‫أبعاد وآثار تكنولوجيات اإلعالم اجلديد ‪ ,‬وواحدة من أدوات رسم هذه اخلريطة تكمن يف فهم‬ ‫وظائفها األساسية وهي اإلنتا ج ‪ , Production‬والتوزيع ‪ Distribution‬والعرض ‪sDi‬‬ ‫‪ play‬والتخزين ‪ . Storage‬وبالرغم من أن هذا املدخل يبدو حمدودا بسبب حاالت التالقي‬ ‫‪ Convergence‬والتماهي ‪ Blurring‬بني خطوط وسائل االتصال لكن من املفيد متييز‬ ‫اخلطوط املوضحة لتكنولوجيات اإلعالم اجلديد “ ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬بناء المفاهيم حول التطبيقات اإلعالمية الجديدة‬ ‫يف سياق مرحلة التنظري يف التطبيقات اإلعالمية اجلديدة برزت معظم األمساء من الوسط‬ ‫اإلعالمي نفسه ابتداء من ميلندا ماك ادمز اليت ساهمت يف تأسيس موقع واشنطن بوست ‪,‬‬ ‫ومارك ديوز أستاذ الصحافة يف جامعة أمسرتدام الذي أسس للمفاهيم األوىل حول صحافة‬ ‫االنرتنت دوغ ميلسون ‪ Douge Millson‬فني كروسيب‪ Vin Crosbie‬ونورا باول وهم‬ ‫حددوا األسس األوىل اليت قامت عليها الصحافة االلكرتونية يف مرحلة النشأة ثم جاء الذين‬ ‫نظروا للتطبيقات املستحدثة لصحافة اجلمهور وهم دان غليمور ‪ Dan Gillmor‬وجي‬ ‫السيكا ‪ .Lasica, J. D‬وكريس ويليس ‪ Chris Willis‬وشني بومان ‪Shayne Bowman‬‬ ‫ويف هذه املرحلة أسهمت نورا باول ‪ Nora Paul‬مبستويات خمتلفة يف الكتابة عن أمتتة‬ ‫الصحافة خاصة يف ما يتعلق باألطر الرئيسية للصحافة مبساعدة الكومبيوتر ‪uComp‬‬ ‫‪ ter Assisted Journalism – CAJ‬وقد طور معها نفس املفاهيم فيليب ماير ‪Philip‬‬ ‫‪. Meyer‬‬ ‫معايري ماك أدمز للصحافة االلكرتوني ة ‪ :‬تتحدث مليندا ماك أدمز ‪dMilinda MC A‬‬ ‫‪ amss‬اليت كانت مسئولة عن تطوير احملتوى يف الواشنطن بوست يف االنرتنت ‪washin g‬‬ ‫‪ tonpost.com‬منذ إنشائها يف ‪ 1993‬عن جتربتها يف الصحيفة خالل فرتة إنشائها على‬ ‫مدى ‪ 16‬شهراً ‪ ,‬تقول ‪ “ :‬كان أهم األسئلة اليت تدور يف ذهننا هي كيفية حتويل الصحيفة‬ ‫األم إلي صحيفة الكرتونية يف وسيلة جديدة هي االنرتنت واضـعني اعتبارات هامة هي ‪/1 :‬‬ ‫ان صحيفة اإلنرتنت جيب أن تكون خمتلفة عن الصحيفة املطبوعة ‪ /2 .‬أن يكون حمتوى‬ ‫صحيفة اإلنرتنت له قيمة ‪ /3.‬أن يكون جزء من جمموعة كبرية من املعلومات اليت توفرها‬ ‫‪32‬‬

‫الوسيلة اإللكرتونية ‪ /4 .‬أن يكون مقروءاً علي شاشة الكمبيوتر ‪.‬‬ ‫مدخل ديوز لفهم الصحافة االلكرتونية ‪ :‬ساهم مارك ديوز ‪ Mark Deuze :‬يف أوىل اجلهود‬ ‫اليت حاولت تعريف صحافة االنرتنت هكذا ‪ “ :‬إن صحايف اإلنرتنت هو يف املقام األول صحايف ‪،‬‬ ‫وهذا يعين أن أي تعريف هلذا القائم باالتصال جيب أن يتبع املوجهات اليت مت قبوهلا للمهنة‬ ‫ككل اليت تنظر إىل الصحايف كمحرتف لعمله وحيصل على األقل على نصف دخله من‬ ‫الصحافة ‪ ،‬ويعمل يف وسط صحايف أو قاعة صحافية أو جملس حترير يف مؤسسة صحافية‬ ‫ويؤدي عمله الصحايف عرب أو على األقل يف واحدة من األنشطة الصحافية الرئيسية وهي‬ ‫مجع األخبار واختيارها والكتابة وحترير النصوص ‪ .‬إذا فإن صحايف اإلنرتنت بهذه االعتبارات‬ ‫هو صحايف حمرتف يعمل لدى جهة تعمل يف الصحافة االلكرتونية يف الشبكة “ ‪.‬‬ ‫كما قسم ديوز صحافة اإلنرتنت املوجودة حاليا إىل ‪ /1 :‬صحافة األخبار السائدة ‪nMai‬‬ ‫‪ stream‬أكثر األنواع انتشارا ‪ ,‬وهى توفر خيارات واسعة من املواد الصحافية أكانت منتجة‬ ‫بواسطة حمرري املوقع أو مأخوذة من مواقع أخرى ‪ /2.‬مواقع الفهارس واألدلة ‪ :‬وهي ترتبط‬ ‫مواقع الفهارس واألدلة ‪ Index and Category Sites‬خبدمات آالت البحث مثل ياهو‬ ‫وغوغل ‪ ,‬أو بوكاالت خدمات األخبار التى تعمل على االنرتنت مثل نيوزانديك س ‪nNewsi‬‬ ‫‪ dex‬أو باملشاريع الفردية مثل ‪ /Paperboy .3‬صحافة املصادر املفتوحة ‪:‬كل صحافة‬ ‫االنرتنت تقريبا هي صحافة مصادر مفتوحة ‪ Open Source Journalism‬بل يطلق على‬ ‫اإلعالم اجلديد إعالم املصادر املفتوحة بسبب مزايا شبكة االنرتنت التى تعتمد أساسا على البناء‬ ‫احلر املفتو ح ‪ /Open Architecture .4‬مواقع النقاش واملشاركة ‪sShare and Discu‬‬ ‫‪ . sion Sites‬إذ تسهل صحافة االنرتنت جماال للناس لتبادل األفكار والقصص وما إىل ذلك ‪.‬‬ ‫وجتد موضوعات يكتبها رافضو العوملة ‪ ,‬مثال ‪ ,‬رواجا يدفع بعض املواقع التجارية الستخدامها‬ ‫لضمان ربط الناس بها ‪ /5.‬مواقع التعليق تدور مواقع التعليق ‪Meta and Comment‬‬ ‫‪ Sites‬حول وسائل اإلعالم والقضايا اإلعالمية بشكل عام ‪.‬‬ ‫فكرة املوجات الثالث عند كروسيب ‪ :‬طرح فني كروسيب‪ Vin Crosbie‬فكرة املوجات الثالث‬ ‫اخلاصة مبراحل تطور الصحافة االلكرتونية الشبكية يف املؤمتر الثالث لصحافة االنرتنت‬ ‫لعام ‪ 2001‬م جبامعة تكساس بأوسنت أطلق عليها املوجة الثالثة للصحافة االلكرتونية‬ ‫الشبكية هكذا ‪ /1 :‬يف املوجة األوىل ( ‪ ) 1982-1992‬سادت يف البداية عدة جتارب للنشر‬ ‫االلكرتوني الشبكي من نوع الفيديو تكس ‪ ,‬ثم آلت األمور يف النهاية إىل شبكات ضخمة مثل‬ ‫كمبيوسريف ‪ /2 .‬املوجة الثانية ابتدءا من ‪1993‬م أخذت املؤسسات اإلعالمية علما باالنرتنت‬ ‫فبدأت بالتواجد فيها ‪ /3 .‬املوجة الثالثة اليت بدأت قريبا جدا هي مرحلة البث املكثف اليت تشي‬ ‫بالقوة يف التطبيقات اإلعالمية كما تنبئ بالرحبية أكثر من املرحلتني السابقتني “ ‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫مداخل فهم صحافة املواطن ‪ :‬حبسب شاين برومان وكريس ويليس فإن صحافة املواطن هي ‪:‬‬ ‫“ نشاط للمواطنني يلعبون خالله دورا حيا يف عملية مجع وحترير وحتليل األخبار‪ ,‬وهذه‬ ‫املشاركة تتم بنية مد الوسائل اإلعالمية مبعلومات دقيقة وموثوق بها ومستقلة تستجيب‬ ‫ملتطلبات الدميقراطية “ ويقدم الباحثان ديباجة يف موقع حنن اإلعال م ‪eWe The M‬‬ ‫‪ dia‬على‪ ,http://www.hypergene.net :‬هكذا‪“ :‬حنن يف بداية احلقبة الذهبية‬ ‫للصحافة‪ ,‬هي صحافة مل نعهدها من قبل وقد تنبأ الكثري من اخلرباء يف جمال املستقبليات‬ ‫أن مخسني باملائة من اإلنتاج الصحفي سيتم بواسطة املواطنني حبلول عام ‪. ”2021‬‬ ‫ويقارن دان غيلمور بني ثالثة أحداث هامة مرت على األمريكيني وكانت صلتهم بها احلميمة‬ ‫من خالل اإلعالم بتطورات خمتلفة “ ففي عام ‪ 1945‬مات الرئيس فرانكلني روزفلت وكان‬ ‫الراديو سيد الوقت حينها‪ .‬ويف عام ‪ 1963‬مات الرئيس جون كيندي مقتوال يف داالس وكان‬ ‫التلفزيون حاضرا مع الراديو ويف ‪ 11‬سبتمرب انهار الربجني يف نيويورك ومل يكن التلفزيون‬ ‫وحده‪ ,‬فقد كانت االنرتنت معه‪ ,‬ومل يكن الصحفيون احملرتفون يف سوق التغطيات لوحدهم ‪,‬‬ ‫بل كان املوطنون ‪ ,‬أيضا يغطون األحداث بكامرياتهم ورسائلهم يف الربيد االلكرتوني وتعليقاتهم‬ ‫يف املنتديات وكتاباتهم املختلفة يف املدونات “ ‪.‬‬

‫تقسيمات السيكا لصحافة املواطن يوضح السيكا صحافة املواطن من خالل مناذج ‪ /1 :‬أدوات‬ ‫مشاركة اجلمهور‪ :‬وتتمثل أطر مشاركة اجلمهور ‪ Audience Participation‬يف‬ ‫تعليقات القراء املرتبطة باألخبار‪ ،‬واملدونات الشخصية‪ ،‬والصور أو لقطات الفيديو املصورة‬ ‫بالكامريات الشخصية ‪ /2.‬مواقع األخبار املستقلة ‪ :‬وهي تتمثل يف مواقع االنرتنت اإلخبارية‬ ‫املستقلة مثل ‪ Consumer Reports‬على ‪ :‬و موقع ‪ /Drudge Report .3‬مواقع‬ ‫التامة‪ Full-fledged Participatory News Sites :‬ومنوذج هلا‬ ‫األخبار التشاركية ّ‬ ‫املوقع الكوري اجلنوبي أوه ماي نيو ز ‪ /OhMyNews .4‬مواقع املساهمة العامة ‪lCo :‬‬ ‫‪ laborative and Contributory Sites‬مثل موقع سالشدوت ‪ /Slashdot. 5‬مواقع‬ ‫البث الشخصية‪ Personal Broadcasting Sites :‬مثل ‪. KenRadio‬‬

‫‪34‬‬

‫المالحظات والنتائج الرئيسية‬ ‫‪1 .1‬إن عملية بناء املفاهيم حول اإلعالم اجلديد بدأت من خالل جمتمع مهندسي الشبكات‬ ‫والكومبيوتر ما عدا ليكليدر ‪ ,‬وهؤالء طوروا شبكة االنرتنت كآلة هندسية إلدارة نظام معلومات‬ ‫ظهرت الحقا باسم شبكة الوب وهذه أيضا سبقها أفكار تنظريية من قبل جمتمع‬ ‫متخصص يف نظم املعلومات ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬إن بعض من بنوا األفكار األوىل لالنرتنت والوب إىل منظرين يف جمال االتصال ‪ :‬يقول‬ ‫فينتون سريف يف رسالة إىل مؤمتر االنرتنيت لعام ‪1999‬م بعنوان ‪ :‬اإلنرتنت ألي شخص‬ ‫‪ “ The Internet is for any one‬إن اإلنرتنت هي لكل الناس ولكن ميكن أال تكن كذلك‬ ‫إذا ما كانت هنالك جهات حكومية متنع الوصول إليها ‪ .‬ولذلك جيب أن نكرس أنفسنا يف أن‬ ‫تستمر الشبكة متاحة بال قيود وبدون حتكم وان اإلنرتنت لكل الناس ‪ .‬ولكنها لن تكون كذلك‬ ‫حتى تصبح يف كل البيوت وكل األعمال وكل املدارس وكل املدن والبالد يف العامل وان ميكن‬ ‫الدخول إليها بال حدود ويف أي وقت وبأية لغة “ ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬نفس هذا الوضع تكرر فيما بعد بظهور األفكار املختلفة لإلعالم اجلديد فقد كتب فيه‬ ‫كثريون من غري جمتمع االتصاليني وأساتذة اإلعالم مثلما هو احلال بالنسبة لنيكوالس‬ ‫نيغروبونيت وفني كروسيب وجون بافلك ‪ ,‬ثم تواىل غريهم ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬حدث أمر مماثل بالنسبة للشركات واجلهات اليت تعمل يف جمل شبكات وتطبيقات‬ ‫الكومبيوتر واإلنرتنت اليت حتولت إىل مظالت إعالمية واتصالية ضخمة ‪ ,‬مثلما هو احلال‬ ‫بالنسبة لغوغل وياهو ومايكروسوفت وصن مايكروسيستمز وغريهم ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬اقتضى دخول اجلمهور كطرف رئيسي يف صناعة النظام اإلعالمي واالتصالي الدولي‬ ‫إىل إجياد مداخل نظرية لفهمه وتأطري نظام اإلعالم اجلديد املتصل باجلمهور وحده صناعة‬ ‫واستهالكا وبعيدا عن سلطة نظم االتصال التقليدية ‪.‬‬ ‫‪6 .6‬إن اجلهات اليت تقوم بتدريس اإلعالم مثل كليات اإلعالم يف اجلامعات ومؤسسات اإلعالم‬ ‫التقليدية ظلت متارس حالة من اإلنكار واإلصرار على تتبع أفكار وتطبيقات اإلعالم اجلديدة‬ ‫كأن األمر ال يعنيها ‪ ,‬ولكنها تنبهت مؤخرا بسبب اكتساح املوجة القوية للنظام اإلعالمي‬ ‫اجلديد ملعظم ما هو قديم ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬على ذلك فإن أهم ما نالحظه هو أن املظلة اإلعالمية اجلديدة مل تعد هي املؤسسات‬ ‫اإلعالمية التقليدية ‪ ,‬بل أن حتوال كبريا قد حدث يف عمل كبري شركات االتصاالت إىل‬ ‫‪35‬‬

‫ميدان اإلعالم الرقمي على سبيل املثال حتولت شركة االتصاالت اهلاتفية دويتش تيليكوم‬ ‫إىل شركة برامج شبيهة بالتلفزيون‪ .‬كذلك استيقظت شركة تيليكوم إيتاليا ذات يوم‬ ‫فوجدت نفسها قد حتولت إىل شركة إعالم‪ .‬كذلك هو احلال مع شركات اهلاتف يف مجيع‬ ‫أحناء العامل اليت أصبحت تقدم خدمات تلفزيونية‪.‬‬ ‫‪8 .8‬املالحظة األخرية هي أن معظم املفاهيم اخلاصة باإلعالم اجلديد آلة وتطبيقا اكتملت‬ ‫يف مؤسسات عملت يف جمال استحداث وتطوير التطبيقات وتطورت مجاعيا قبل أن تنتقل إىل‬ ‫املساهمة الفردية ‪ ,‬فبرينزر لي مل يعمل لوحده يف تطوير مفهوم وتطبيقات الوب ‪.‬‬ ‫‪9 .9‬أما االنرتنت نفسها فقد نشأت معظم تطبيقاتها يف وسط علمي وتطورت من خالل دراسات‬ ‫علمية ومؤمترات وأوراق عمل ونظم مستحدثة للتواصل بني الباحثني يف جمال تطوير‬ ‫الشبكات أبرزها طلب للتعليق ‪ Request for Comment RFC‬وهو نظام للرتاسل‬ ‫الربيدي بني جمموعة الباحثني الذين عملوا على تطوير شبكة اربا ‪ Arpanet‬يف وكالة‬ ‫مشاريع البحوث املتقدمة التابعة لوزارة الدفاع األمريكية ‪ ,‬كانوا يطرحون فيه ما وصلوا إليه‬ ‫وما أشكل عليهم ويطلبون تعليقات علمية من بعضهم البعض ‪.‬‬

‫‪36‬‬

References 11. Berners Lee ,Timothy.(1999) The World Wide Web. A Very Short Personal History Accessed 15/10/1999. 22. Bush ,Vannevar, (1945) As We May Think . Atlantic . July 1945 Accessed Dec. 2008. 33. Cailliau, Robert. (1995) A Short History of the Web 2001. Accessed Jan. 2002. 88. Gillmor , Dan (2004 ) We the Media, Grassroots Journalism, by the People for the People. OReily Media Books USA. 99. Hauban , Michael. (1998) History of Arpanet < http://www.dei.isep. ipp.pt/docs/arpa.html. > Accessed 15/11/1999. 1010 Hardy , Ian R. (1998) Electronic Mail History. History , Thesis Paper.

37

University of California at Berkely < http://www.ifla.org/document/hair1.text> . Accessed 15/11/1999 1111 Larry Pryor . (2002) The Third Wave of Online Journalism. OJR Accessed June 2005. 1212 Lasica, J. D (2003) “What is Participatory Journalism?” August 7, 2003, Online Journalism Review, August 7,. Accessed Dec. 2008. 1313 Kahn , Bob And Cerf ,Vinton. (1998) A Brief History of the Inte net. . Accessed 16/11/1999. 1414 MC Adams , Milinda. (.3/7/1995) Inventing Online Newspaper . Interpersonal Computing and Technology Magazine . Georgetown University Accessed Dec. 2002. 1515 Negroponte , Nicholas,( 1996) Being Digital. Publisher Vintage USA. 1616 Nora Paul (2002 ) The Four Rs of CAJ . Accessed July. 2005. 1717 Pavlik, John (1998) New Media Technology: Cultural and Co mercial Perspectives, Needham Heights, MA: Allyn & Bacon, Second Edition. 1818 Willis , Chris and Bowman Shayne, ( Sep. 2003) . We Media, How audiences are shaping the future of news and information , Online ve sion < http://www.hypergene.net/wemedia/weblog.php >. Accessed Dec. 2008.

38

‫االعالم الجديد و الفجوة‬

-----------------------------------------

.‫جنيالوجيا الهوة ومساءلة الخطاب‬:‫الرقمية العالمية‬

‫ ميمون الطاهري‬.‫د‬ ‫ اململكة املغربية‬،‫ الناظور‬،‫الكلية املتعددة التخصصات‬ .‫ الدمنارك‬،‫ كوبنهاجن‬،‫األكادميية العربية املفتوحة‬

ِAbstract In recent decades, the use of the term digital divide has become common to show the differences existing between the northern and southern hem spheres with respect to taking advantage of the achievements of the info mation/media revolution in general and the digital boom in particular. International institutions including the U.N(United Nations) are engaged in the ongoing efforts to try and reduce the imbalance in the media field at the international level as well as at the regional one. In fact, tackling this issue began in the early seventies of the last century when the third world countries raised the draft of the international media s new order. After the failure of this attempt, the general assembly of U.N adopted the call for organizing the world summit of information in two phases: Geneva 2003 and Tunis 2005. The Research tries to expose these various events in the first section, fo lowed by a second part which seeks to assess what has been done already and to analyse the discourse bridging the digital divide.

Keywords Unesco - The new international information order- Third World cou tries- The not-Alligned countries-The world summit on the information society- Geneva conference- Tunis conference- Digital divide- Digital sol darity fund- The failure of efforts to bridge the digital divide-The reform lation of the speech on the global digital divide.

39

‫مقدمة‬ ‫شاع يف العقود االخرية استخدام مصطلح «الفجوة الرقمية»‪ ,‬سواء يف وسائل االعالم مبختلف‬ ‫أنواعها(مسموعة‪ ,‬مصورة أو مكتوبة)‪ ,‬يف املؤمترات الدولية‪ ,‬وكذا يف جزء غري يسري من‬ ‫الكتابات العاملة‪.‬و تستعمل هذه الصياغة للداللة على الفوارق املوجودة بني مشال الكرة االرضية‬ ‫و جنوبها فيما خيص امتالك واستعمال ما وفرته الثورة االعالمية اليت شهدها اجملتمع الدولي‬ ‫يف النصف الثاني من القرن امليالدي املنصرم من منجزات‪ .‬وإذا كانت اهلوة االعالمية ليست‬ ‫وليدة اليوم ‪ ,‬فإن املالحظ أن وتريتها إزدادت يف السنوات االخرية ليس فقط على مستوى احملور‬ ‫الذي يقسم الكرة االرضية نصفني ‪:‬الشمال و اجلنوب‪ ,‬وإمنا حتى داخل احملورين(اهلوة الرقمية‬ ‫على املستوى االقليمي)‪..‬إن هذه اهلوة اجلديدة ستنضاف يف حقيقة االمر إىل سلسلة الفجوات‬ ‫اليت تفصل شطري الكرة االرضية‪ ,‬بعبارة أخرى أصبح اجملتمع الدولي ينقسم باالضافة إىل‬ ‫االنقسامات التقليدية املعروفة(على املستويات االقتصادية‪ ,‬الثقافية‪,‬العلمية‪).....‬أقول أصبح‬ ‫منقسما على صعيد مكتسبات الثورة االعالمية بصفة عامة‪ ,‬والطفرة الرقمية على وجه‬ ‫اخلصوص‪ .‬وسواء تعلق االمر باالختالالت الكالسيكية على املستوى الدولي‪ ,‬أو باالختالل الذي‬ ‫يهمنا هنا يف اجملال الرقمي‪ ,‬فإن االسباب القريبة و البعيدة اليت تقدم لتفسري الوضع حتيل على‬ ‫االدبيات اليت تتحدث عن إنقسام العامل إىل قسمني‪:‬الشمال(املركز) الغين الذي ميتلك أسباب‬ ‫الرفاهية و القوة‪ ,‬واجلنوب (احمليط) الذي يعاني من التخلف والفقر‪.‬و فيما خيص الفجوة‬ ‫الرقمية و كما حصل مع املستويات االخرى سيبدأ احلديث يف إطار املنظمات الدولية و كذا‬ ‫من خالل وسائل االعالم وكتابات املفكرين و الباحثني عن ضرورة ردم اهلوة بني الشمال و‬ ‫اجلنوب يف ميدان االعالم بصفة عامة‪ ,‬و يف اجملال الرقمي بصفة خاصة‪.‬و هكذا ستكون البداية‬ ‫يف سبعينيات القرن العشرين حني ستالحظ دول العامل الثالث سيطرة الدول الغربية على‬ ‫املشهد االعالمي الدولي‪ ,‬فتطالب يف إطار منظمة االمم املتحدة بنظام دولي إعالمي جديد‪,‬‬ ‫وهي احملاولة اليت سيكون مصريها الفشل‪.‬‬ ‫ومع دخول اجملتمع الدولي يف زمن العوملة و القرية الكونية‪ ,‬ومع ظهور تقانات االعالم اجلديد‪,‬‬ ‫وهو ما سيؤدي إىل بروز جمتمع املعلومات ‪ ,‬مع كل هذه التطورات ستتكرس اهلوة اكثر و‬ ‫أكثر ‪ ,‬و سيتجدد احلديث حول ضرورة جتسري الفجوة الرقمية‪.‬و يف سبيل حتقيق هذا اهلدف‬ ‫ستعقد يف إطار منظمة االمم املتحدة لقاءات و مؤمترات عدة على أعلى املستويات‪.‬ولعل لقاءى‬ ‫جنيف يف عام ‪ 2003‬و تونس يف ‪ 2005‬هما التعبريان االكثر وضوحا عن اجملهودات الرمسية‬ ‫و غري الرمسية لتدارس واقع االختالل الرقمي و سبل تداركه‪ .‬كما أن اجملموعة الدولية‬ ‫وضعت إستحقاقات زمنية(‪ ) 2015‬لتحقيق بعض النتائج‪.‬‬ ‫إىل هذه اجلهود الرمسية ميكن إضافة تلك اليت يطلقها –يف شكل صيحات إستغاثة‪ -‬املفكرون و‬ ‫‪40‬‬

‫املهتمون مبيدان االعالم‪ ,‬دون أن ننسى املعارك اليت ختوضها كثري من املنظمات غري احلكومية‬ ‫لتحسيس االنسانية بضخامة اهلوة الرقمية‪.‬‬ ‫هذه هي – ملخصة تلخيصا فيه كثري من التعسف‪ -‬العناوين الكربى للمشهد االعالمي‬ ‫الدولي الذي تعترب الفجوة الرقمية عنصرا بارزا من عناصره‪ .‬و الورقة‪-‬الدراسة اليت نقرتحها‬ ‫ستحاول التعرض لكل هذه النقاط و غريها لتسليط الضوء على خمتلف جوانب املوضوع‬ ‫(تقانات االعالم اجلديد ومشكلة الفجوة الرقمية على املستويني الدولي و االقليمي) ضمن‬ ‫حمور االبعاد الدولية‪.‬‬ ‫وينقسم البحث إاىل قسمني‪:‬قسم أول سيحاول تعقب خمتلف احملطات اليت مرت منها ‪ -‬من‬ ‫الناحية التارخيية‪-‬املعضلة االعالمية على املستوى الدولي من خالل احلديث عن جمهودات‬ ‫دول العامل الثالث لفرض نظام دولي إعالمي جديد‪ .‬بعد ذلك سنفصل القول –مع إنفجار‬ ‫الثورة االعالمية‪ -‬يف احملاوالت الدولية للحد من ضخامة الفجوة الرقمية بتنظيم لقاءين‬ ‫عامليني يف عامي ‪ 2003‬و ‪.2005‬و يف هذه الفقرة اخلاصة بالقمتيني الرقميتني سنستعرض‬ ‫خمتلف الوثائق اليت صدرت عن امللتقيني ‪.‬أما يف القسم الثاني فستحاول الورقة مساءلة‬ ‫اخلطاب العاملي حول جتسري اهلوة الرقمية من خالل استعراض ما مت فعال على ارض الواقع‬ ‫وخاصة يف اجلزء االول و الثاني من القمة العاملية حول جمتمع املعلومات وأيضا بالتوقف‬ ‫أمام املنطلقات الفكرية و الفلسفية هلذا اخلطاب‪ .‬أما يف االخري‪-‬اخلامتة‪ -‬فسنحاول إستشراف‬ ‫مستقبل اهلوة الرقمية‪.‬‬

‫القسم االول‪ :‬محطات الهوة الرقمية من النظام الدولي االعالمي الجديد إلى‬ ‫مؤتمر تونس‪.‬‬ ‫بدأت دول العامل الثالث –سنوات قليلة بعد حصوهلا على االستقالل ابتداء من العقد السادس‬ ‫من القرن العشرين‪ -‬تالحظ كيف تبسط الدول الغربية املتقدمة سيطرتها و هيمنتها على‬ ‫املشهد االعالمي الدولي من خالل وكاالت االنباء ‪ ,‬الصحف الكربى‪ ,‬قنوات الراديو و التلفزيون‪,‬‬ ‫ويف وقت الحق االقمار االصطناعية‪ .‬إن املشهد االعالمي الدولي غداة حصول أغلبية الوحدات‬ ‫السياسية يف العامل الثالث على استقالهلا كان يتميز بال توازن ظاهر يف حركة تبادل املعلومات‬ ‫بني شقي الكرة االرضية‪.‬و هكذا ستتهم دول اجلنوب الدول املصنعة يف أوروبا و أمريكا الشمالية‬ ‫باحتكار السوق االعالمي معتمدة على تفوقها االقتصادي و التكنولوجي الواضح لتكريس‬ ‫هيمنتها االيديولوجية و الثقافية على الدول الفقرية‪ .‬و يف هذه الفرتة و يف هذه الظروف‬ ‫ستظهر املطالبة بنظام دولي إعالمي جديد‪ ,‬وسيكون االطار املؤسساتي الذي سيحتضن هذه‬ ‫‪41‬‬

‫املعركة هيأة تابعة لالمم املتحدة‪ ,‬ويتعلق االمر مبنظمة اليونسكو‪ .‬ما هي يا ترى (خمتصرة)‬ ‫تفاصيل هذه املواجهة بني الشمال و اجلنوب؟ و ما هي حصيلتها؟‬

‫النظام الدولي االعالمي اجلديد‪ :‬تفاصيل املعركة و حصيلتها‬

‫مباشرة بعد نهاية االمرباطوريات االستعمارية يف النصف الثاني من القرن العشرين‬ ‫ ‬ ‫‪ ,‬ستعي دول العامل الثالث أن استقالهلا السياسي لن يكون له من معنى يف ظل االختالالت‬ ‫الكبرية اليت تعرفها خمتلف مستويات العالقات الدولية وعلى رأسها املبادالت االقتصادية الغري‬ ‫املتكافئة‪ .1‬وهكذا ستحاول هذه الدول يف إطار جمموعة عدم االحنياز التحرك سعيا وراء‬ ‫عالقات إقتصادية أكثر عدال‪ .‬و ستتوج هذه اجملهودات يف شهر ماي من عام ‪ 1974‬باالعالن‬ ‫املشهورإلنشاء نظام إقتصادي دولي جديد مبين على قدر أكرب من التوازن و العدل‪ .‬باملوازات‬ ‫مع هذه الدعوة‪ ,‬ستبلور الدول اليت اصبح يقال عنها بأنها سائرة يف طريق النمو نداء آخر قصد‬ ‫خلق نظام دولي جديد‪ ,‬يف امليدان االعالمي هذه املرة‪.‬و منذ البداية ستأخذ منظمة اليونسكو‬ ‫التابعة لالمم املتحدة على عاتقها مهمة الدفاع عن هذه القضية احليوية‪ .‬وهكذا ستشهد سنة‬ ‫‪ 1976‬لقاءات و ندوات عديدة لتحسيس اجملتمع الدولي بأهمية النقاش حول املشهد االعالمي‪,‬‬ ‫وستعرض خمتلف جوانب االشكالية يف املؤمتر العام التاسع عشر ملنظمة اليونسكو الذي عقد‬ ‫يف نريوبي العاصمة الكينية يف شهر نوفمرب من عام ‪ .21976‬إن مؤاخذات دول العامل الثالث‬ ‫على النظام االعالمي القائم – كما طرحها مؤمتر نريوبي‪ -‬ميكن تلخيصها يف أن الدول‬ ‫الفقرية « تستهلك» مادة إعالمية تتم بلورتها و «صناعتها» يف بيئة ثقافية غري حملية (باملعنى‬ ‫االنرتبولوجي)‪ ,‬أي يف بيئة خارجية(البيئة الغربية)‪ .‬بعبارة أخرى سيتحكم االنسان الغربي‬ ‫يف حمتوى و طبيعة السلع الرمزية اليت سيصدرها مع السلع املادية اىل جمتمعات اجلنوب‪.‬‬ ‫وغين عن القول بأن اهليمنة الغربية جتد أسبابها و علة وجودها يف التفوق املادي و التكنولوجي‬ ‫للمنظومة الغربية‪ .‬لقد فهمت الدول النامية أن اخلروج من االستعمار السياسي و االقتصادي‬ ‫لن يكون ممكنا بدون التخلص من «االستعمار االعالمي»‪ .‬لقد كانت حقبة السبعينات املتميزة‬ ‫من جهة بأجواء احلرب الباردة‪ ,‬و حبصول عدد كبري من الدول يف اجلنوب على استقالهلا‬ ‫السياسي من جهة اخرى‪ ,‬أقول لقد كانت هذه الفرتة مناسبة لالخنراط يف هذه املعركة‪ .‬و‬ ‫بعد سنوات من النقاش و اجلدل ستوضع اللبنات االوىل ملفهوم « النظام الدولي االعالمي‬ ‫‪1‬لالطالع على أدبيات العالقات الغري املتكافئة يف امليدان االقتصادي بني الشمال و اجلنوب ‪ ,‬يرجى العودة‬ ‫إىل خمتلف كتابات الباحث املصرى املبدع مسري أمني‪.‬‬ ‫‪ 2‬عديدة هي الكتب و املؤلفات اليت تعرضت ملوضوع النظام الدولي االعالمي اجلديد‪ ,‬لرؤية شاملة‬ ‫ننصح بالرجوع إىل تقرير ‪Mac Bride, Voix multiples, un seul monde ; UNESCO,‬‬ ‫‪.Paris, 1980‬‬

‫‪42‬‬

‫اجلديد» يف العاصمة اليوغسالفية بلغراد يف أكتوبر ‪ 1980‬أثناء إنعقاد املؤمتر ال ‪ 21‬ملنظمة‬ ‫اليونسكو‪ .‬و يف هذا اللقاء سيتم إختاذ قرار‪ -‬تقريبا باالمجاع – يتضمن جمموعة من املبادئ و‬ ‫التوصيات ملواجهة الواقع االعالمي الدولي الغري املتوازن‪ .‬و دون الدخول يف التفاصيل ‪ ,‬ميكن‬ ‫االشارة إىل أهم ما متخض عن هذا اللقاء كما يلي‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫ ‬

‫•القضاء على االختالالت و الفوارق اليت متيز املشهد االعالمي الدولي‪.‬‬ ‫•حمو اآلثار السلبية لبعض االحتكارات (عمومية و خاصة) و كذا التجمعات املفرطة يف ‬ ‫ميدان االعالم‪.‬‬ ‫•إلغاء احلواجز الداخلية و اخلارجية اليت تقف حائال أمام حرية تدفق املعلومات بطريقة ‬ ‫عادلة و أكثر موضوعية‪.‬‬ ‫•املطالبة مبساعدة الدول السائرة يف طريق النمو لتقوية إمكانياتها الذاتية عن طريق ‬ ‫تدريب كوادرها و أطرها التقنية و كذا حتسني حالة بنيتها التحتية االعالمية‪.‬‬ ‫•االرادة الصادقة للدول املتقدمة لتقديم الدعم املادي لبلوغ هذه االهداف يف اجملتمعات ‬ ‫النامية‪.‬‬ ‫ ‬ ‫•إحرتام اهلوية الثقافية وحق كل االمم باالخبار و االعالم مبصاحلها‪ ,‬بتطلعاتها و‬ ‫بقيمها الثقافية و االجتماعية‪.‬‬ ‫•إحرتام حق كل شعوب االرض يف املساهمة يف عمليات تبادل املعلومات ‪ ,‬وفق إعتبارات ‬ ‫االنصاف‪ ,‬العدالة و االحرتام املتبادل‪.3‬‬

‫بعد لقاء بلغراد ستستمر املشاورات يف إطار منظمة اليونسكو قصد تفعيل هذه املقررات‪ ,‬غري‬ ‫أن االمور لن تعرف إخرتاقا حقيقيا إلعتبارات عديدة بعضها يتعلق مبوقف الدول الغربية ‪ ,‬و‬ ‫البعض اآلخر بدول العامل الثالث‪ .‬ففيما خيص الدول املتقدمة‪ ,‬ستعترب الواليات النمتحدة‬ ‫االمريكية يف بداية عقد الثمانينات أن الظروف العامة يف منظمة اليونسكو مل تعد يف‬ ‫صاحلها‪,‬‬ ‫و ستتهم رئاستها باالحنياز ضد مصاحل الدول الغربية لصاحل اطروحات دول العامل الثالث‪.‬‬ ‫ولن تكتفي و‪.‬أ‪.‬م بهذا ‪ ,‬بل ستهدد باالنسحاب من املنظمة و هو ما ستقدم عليه فعال يف عام‬ ‫‪1984‬و ستتبعها بعد ذلك بريطانيا و سنغفورة‪ .‬أما دول العامل الثالث فستتمسك مبطالبها اليت‬ ‫عربت عنها يف خمتلف اللقاءات اليت شهدتها املنظمة االممية‪ .‬وبني هذين املوقفني املتعارضني‬ ‫ستسعى بعض الدول الغربية لدفع منظمة اليونسكو للرتاجع عن بعض مقرراتها السابقة‪,‬‬ ‫‪3‬ملزيد من التفاصيل حول لقاء بلغراد ‪ ,‬يرجى العودة إىل تقرير ‪ Mac Bride‬السالف الذكر‬

‫‪43‬‬

‫و خاصة فيما يتعلق مبفهوم «النظام الدولي االعالمي اجلديد»وجذفه من الوثائق الدولية‬ ‫السابقة‪ .‬وقد كان هذا املطلب الغربي من بني النقاط املهمة اليت كانت متضمنة يف جدول‬ ‫أعمال الدورة اخلامسة و العشرون (‪ )25‬للجمعية العامة لليونسكو املنعقدة بباريس يف نوفمرب‬ ‫‪ .1989‬لقد كانت نقطة اخلالف الرئيسية بني املعسكرين هي تلك اليت تهم مسألة حرية‬ ‫تدفق املعلومات على املستوى الدولي و هو املطلب الذي متسك به اجلانب الغربي‪ .‬أما الدول‬ ‫النامية اليت كانت تعارض هذا االمر يف البداية‪ ,‬فقد أعلنت عن إستعدادها للقبول به و كذا‬ ‫تبين سياسة أكثر ليربالية يف ميدان حقوق االنسان‪ ,‬شريطة أن تلتزم الدول املتقدمة بإفساح‬ ‫اجملال أمام عملية إنتقال للمعلومات أكثر عدال و أكثر إنصافا‪.‬‬ ‫بعد مغادرة ال و‪.‬أ‪.‬م لليونسكو‪ ,‬ستبدأ دول العامل الثالث يف تبين سياسة أكثر واقعية وأقل‬ ‫دغمائية‪ .‬ولعل أول إشارة بهذا املعنى هي تلك املتعلقة بقبول انتخاب مدير جديد لليونسكو‬ ‫ينتمي جغرافيا و ثقافيا إىل القارة االوروبية‪ . 4‬و بعد هذه الرسالة املوجهة إىل الدول الغربية‪,‬‬ ‫ستتواىل خطوات تصاحلية من جانب دول اجلنوب‪ .‬وهكذا ستمتنع جمموعة دول عدم االحنياز‬ ‫اجملتمعة يف لقاء القمة يف بلغراد يف عام ‪ , 1989‬ستمتنع يف البيان اخلتامي للتجمع عن اإلشارة‬ ‫إىل املسائل املرتبطة باإلعالم وبالتحديد إىل قضية النظام الدولي اإلعالمي اجلديد‪.‬‬ ‫لقد عرب البيان عن رغبة الدول غري املنحازة يف أخذ مزيد من الوقت للتفكري خاصة على ضوء‬ ‫التغريات الكربى و الدرماتيكية اليت بدأت تعرفها املنظومة اإلشرتاكية يف وسط وشرق القارة‬ ‫االوروبية‪ .5‬ونفس النربة املعتدلة ستطبع لقاء وزراء الشؤون اخلارجية جملموعة دول عدم‬ ‫اإلحنياز اجملتمعني يف العاصمة الغانية ‪ Accra‬يف سبتمرب ‪ .1991‬لقد كان واضحا ان العامل‬ ‫الثالث أراد جتنب املواجهة االيديولوجية و الصدام مع الدول الغربية‪ .‬ولعل اكثر ما أثار‬ ‫املالحظني عدم ورود أي إشارة إىل قرار االمم املتحدة الصادر يف عام ‪ 1990‬حتت عنوان»اإلعالم‬ ‫يف خدمة اإلنسانية»‪ .‬فهل هو جمرد سهو؟‬ ‫أيا كانت اإلجابة‪ ,‬فإن الشيئ األكيد هو أن املناخ الدولي الذي كان سائدا يف بداية عقد‬ ‫التسعينات من القرن املاضي كان خمتلفا إختالفا جذريا عن سابقه يف السبعينات و الثمانينات‪.‬‬ ‫لقد إنتهت احلرب الباردة بني الشرق و الغرب و هو ما سيعين‬ ‫‪ 4‬يتعلق االمر باالسباني ‪ Frederico MAYOR‬الذي سيشغل املنصب بني ‪ 1987‬و ‪ ,1999‬خلفا‬ ‫للسنغالي ‪ Amadou-Mahtar MBOW‬الذي كان املدير العام لليونسكو يف الفرتة املمتدة بني‬ ‫‪ 1974‬و ‪.1987‬‬ ‫‪ 5‬إشارة إىل أحداث نهاية القرن العشرين اليت ستنهيه (من الناحية السياسية) عشر سنوات قبل األوان‪,‬‬ ‫واملتعلقة بسقوط الدول االشرتاكية الستة و اليت كانت جزءا من اإلمرباطورية السوفياتية‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫تغريات جذرية على مستوى العالقات الدولية وعلى مستوى التحالفات اجلديدة‪ .‬إن إنهيار‬ ‫االحتاد السوفياتي واملنظومة االشرتاكية سيفقد العامل الثالث حلفاء تقليديني يف معاركه‬ ‫على املسرح الدولي‪ .‬إن املراقبني يعرتفون بأن مناداة دول العامل الثالث بنظام دولي إعالمي‬ ‫جديد كان مطلبا مشروعا بالنظر إىل حالة عدم التوازن اليت كانت – وال زالت‪ -‬متيز املشهد‬ ‫االعالمي العاملي‪ .‬ولكن هؤالء املراقبني أنفسهم يعرتفون بأن الوضعية الدولية بعد نهاية‬ ‫الشيوعية قد تغريت‪ ,‬وبالتالي فقد تضاءلت حدة التنافر العقائدي اليت كانت تطبع املواجهة‬ ‫بني الشمال و اجلنوب ‪ .6‬ومل يعد ملطالبة هذا االخري حبقه من مكتسبات الثورة االعالمية نفس‬ ‫القوة و التأثري‪ .‬لقد خسرت دول اجلنوب معركة النظام الدولي االعالمي اجلديد يف صيغته‬ ‫االوىل( صيغة املواجهة التقليدية بني الشرق و الغرب)‪ ,‬ولكن بالنسبة للدول السائرة يف طريق‬ ‫النمو ولدول عدم االحنياز فهذا االخفاق ال يعين نهاية املطاف‪ ,‬وإمنا فرصة لتصحيح األخطاء‬ ‫و املنطلقات واألخذ بعني االعتبار التغريات اجلوهرية اليت يعرفها العامل يف السنوات االخرية‬ ‫من القرن العشرين الذي كان يشرف على نهايته‪ .‬إن إخفاق مفهوم و مشروع النظام الدولي‬ ‫االعالمي اجلديد ستكون له تداعيات عديدة على مستوى تصور دول العامل الثالث‪ ,‬ومن خالهلا‬ ‫منظمة اليونسكو‪ ,‬للمسألة االعالمية على النطاق العاملي يف وقت كانت الدول الغنية يف مشال‬ ‫الكرة االرضية تستعد للدخول مبجتمعاتها يف منط جمتمعي جديد‪ :‬إنه جمتمع املعلومات‪.‬‬

‫من االختالل اإلعالمي اىل الفجوة الرقمية‬

‫سترتك معركة املطالبة بنظام دولي إعالمي جديد آثارا واضحة على دول العامل الثالث و‬ ‫على منظمة اليونسكو على وجه التحديد‪ .‬ذلك أن منتقدي املنظمة االممية سيعيبون عليها‬ ‫تسييسها لقضية االعالم من خالل املطالبة بتغيري قواعد اللعبة على املستوى الدولي‪ ,‬ليس‬ ‫فقط على املستوى االعالمي وإمنا حتى فيما يتعلق باجلانب االقتصادي من خالل الدعوة إىل‬ ‫إقامة نظام إقتصادي دولي جديد‪ . 7‬و يف االجواء الدولية اجلديدة ستستخلص الدول النامية‬ ‫العرب و النتائج من املواجهة السابقة‪ ,‬وستعمل على نهج طريقة مغايرة يف التعامل مع الواقع‬ ‫اجلديد‪ .‬و أول ما ستقوم به اليونسكو هو إلغاء و حذف شعار النظام الدولي االعالمي اجلديد‬ ‫‪ 6‬البعض ال يرتدد يف القول بأن ثنائية املواجهة مشال‪/‬جنوب قد تفتتت واصبح الشمال ينقسم إىل مشال‬ ‫و جنوب‪ ,‬ونفس الشئء بالنسبة للجنوب‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪MASMOUDI, Mustapha,1986,Voie libre pour monde multiple,Paris,‬‬ ‫‪Economica,294p.‬‬ ‫‪8‬يتعلق االمر ب ‪ Armand Mattelart‬يف إستجواب له مع الدورية ‪ ,Cultures et Conflits‬عدد‬ ‫‪ ,64‬سنة ‪.2006‬‬

‫‪45‬‬

‫من ادبياتها السياسية لكي تتكيف مع املعطيات السياسية و االيديولوجية اجلديدة‪ .‬و يف هذا‬ ‫االطار يالحظ أحد املختصني االعالميني ‪ 8‬بأنه على مستوى السياسة الدولية‪ ,‬فإن النقاشات‬ ‫حول مستقبل االعالم قد تغريت طبيعتها لتصبح ذات جوهر إقتصادي و تقين ‪ ,‬مضيفا بأنها‪-‬‬ ‫النقاشات‪ -‬أصبحت جترى ‪ ,‬ليس يف حضن اليونسكو كما كان الوضع إىل غاية منتصف‬ ‫عقد الثمانينيات‪ ,‬وإمنا يف مننتديات مثل منظمة التجارة العاملية‪ ,‬منظمة التعاون و التنمية‬ ‫االقتصادية‪ ,‬االحتاد الدولي لالتصاالت‪ ,‬وغريها من التجمعات الدولية اليت تتميز خباصية‬ ‫أساسية تتجسد يف أن دول العامل الثالث ممثلة متثيال هامشيا يف أجهزتها و هياكلها من جهة‪,‬‬ ‫وخاضعة لضغوطات قوية من طرف الدول الغنية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫هذه هي الظروف التارخيية و املوضوعية وكذا املتغريات اليت ستؤطر املناقشات حول إستمرار‬ ‫احلديث حول االختالالت بني الشمال و اجلنوب يف ميدان االعالم يف بداية القرن الواحد و‬ ‫العشرين‪ .‬وإذا كان النقاش سريث معطيات املاضي‪-‬ختلف و فقر دول العامل الثالث‪ -‬فإن‬ ‫معطيات أخرى ستنضاف بفعل القفزات اجلديدة اليت ستحققها الثورة االعالمية وانتقاهلا‬ ‫النوعي إىل مرحلة جديدة‪ :‬العصر الرقمي الذي سيكون السمة البارزة جملتمع جديد هو‬ ‫جمتمع املعلومات‪ .‬فكيف ستتعامل دول اجلنوب مع هذه التطورات اجلديدة ‪ ,‬وكيف سريد‬ ‫اجملتمع الدولي على هذه التحديات سنني قليلة بعد إعالن موت مشروع إقامة نظام دولي‬ ‫إعالمي جديد؟ حماولة اإلجابة على هذه التساؤالت ستشكل حمور الفقرات التالية‪.‬‬

‫جمتمع املعلومات ‪ :‬ميالد واقع الفجوة الرقمية‬

‫ظهر أول إستعمال رمسي لتعبري جمتمع املعلومات يف عام ‪ 1998‬أثناء إجتماع االحتاد الدولي‬ ‫لإلتصاالت‪ .‬و يف هذه السنة بالذات ستوافق منظمة االمم املتحدة من الناحية املبدئية على‬ ‫تنظيم مؤمتر قمة دولي حول جمتمع املعلومات يكون اهلدف منه املساهمة الفعلية يف تطوير‬ ‫جمتمع املعلومات و احلد من الفجوة الرقمية‪ .9‬وهكذا ستربز هذه الصياغة اجلديدة (الفجوة‬ ‫الرقمية) يف األدبيات اإلعالمية و السياسية لتشري إىل الفوارق املوجودة بني الدول الفقرية‬ ‫و الدول الغنية يف ميدان التكنولوجيا الرقمية‪.‬وإذا أردنا أن نعرب بطريقة أخرى‪ ,‬سنقول بأن‬ ‫الفجوة الرقمية هي الصيغة اجلديدة و املعاصرة لواقع االختالل يف ميدان االعالم على املستوى‬ ‫الدولي‪ .‬وبذلك سننتقل من املطالبة بإقامة نظام دولي إعالمي جديد إىل الدعوة للحد من‬ ‫الفجوة الرقمية ‪ .‬ويف حقيقة االمر ‪ ,‬وقبل الوصول إىل املؤمتر‪ ,‬ستكون هناك حمطات متهيدية‬ ‫تبدأ بلقاء املنتدى اإلقتصادي الدولي يف ‪ Davos‬عام ‪ 2000‬الذي سيطلق ‪Global Digital‬‬ ‫‪ , Divide Initiative‬وهي مبادرة مجعت بني فاعلني متعددين‪ :‬احلكومات‪ ,‬املنظمات غري‬ ‫‪9‬الحظ الفرق يف الصياغتني يف القسم الثاني من هذه الدراسة والذي سنخصصه ملساءلة اخلطاب‬ ‫العاملي حول الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫احلكومية و كذا الشركات الكربى مثل ‪ AOL Time Warner‬و شركة ‪Microsoft‬‬ ‫قصد مواجهة حتديات اهلوة الرقمية‪ .‬بعد ذلك ستتدخل جمموعة ال‪ G8‬اليت تضم الدول‬ ‫األكثر تصنيعا إىل املسرح من خالل طرح ميثاق ‪ Okinawa‬حول جمتمع املعلومات ‪ 10‬وكذا‬ ‫وضع مبادرة ‪ Digital Opportunity Task Force (Dot Force) . 11‬ولن يبقى االحتاد‬ ‫االوروبي مبعزل عن هذه اجلهود‪ ,‬ويف هذا االطار ستتبنى اللجنة االوروبية(اليت تعترب من أهم‬ ‫مؤسسات االحتاد االوروبي) مشروعا يهدف إىل وضع تكنولوجيا االعالم و التواصل(‪)T.I.C‬‬ ‫يف خدمة فقراء الكرة األرضية ‪ .12‬ومن جانبها ستعلق منظمة االمم املتحدة آماال عريضة‬ ‫على املؤمتر العاملي حول جمتمع املعلومات‪ ,‬ويف هذا السياق يصرح ‪ Koffi Anan‬األمني العام‬ ‫السابق للمنظمة الدولية بأن هذا املؤمتر الكوني يشكل فرصة فريدة لتطوير رؤية مشرتكة‬ ‫بني أعضاء اجملتمع الدولي ملواجهة الفجوة الرقمية املتعاظمة‪ . 13‬و سيعرب ‪Yoshio Utsumi‬‬ ‫مدير االحتاد الدولي لإلتصاالت عن نفس اآلمال يف أن خيرج لقاء القمة بنتائج إجيابية على‬ ‫طريق إدخال تكنولوجيا االعالم يف عملية التنمية املستدامة‪.‬أما التحضري للمؤمتر يف حد ذاته‪,‬‬ ‫فقد تطلب عقد ما ال يقل عن ثالث مؤمترات حكومية ‪ ,‬وكذا أربع لقاءات جهوية(أفريقيا‪,‬‬ ‫أوروبا‪ ,‬الواليات املتحدة و كندا‪ ,‬ثم آسيا و أمريكا الالتينية)‪ .‬وإىل كل هذه اللقاءات الرمسية‪,‬‬ ‫جيب إضافة الئحة طويلة من التجمعات واملنتديات اليت نظمتها منظمات أخرى و على رأسها‬ ‫اليونسكو اليت –رغم فشل مشروع النظام الدولي االعالمي اجلديد‪ -‬لعبت دورا حيويا يف سبيل‬ ‫تدفق إعالمي أكثر عدال‪ .‬ولعل هذا اهلدف كان أكثر ما حرك املشرتكني يف املرحلة االوىل‬ ‫من القمة العاملية حول جمتمع املعلومات يف جنيف‪.‬‬

‫مؤمتر جنيف‪ 10-12 :‬دجنرب ‪ :2003‬أو اجملتمع الدولي حياول جتسري اهلوة‬ ‫الرقمية(‪)1‬‬ ‫طبقا للقرار ‪ 183/56‬للجمعية العامة لألمم املتحدة ‪ , 14‬مت تنظيم املرحلة االوىل من القمة‬ ‫العاملية جملتمع املعلومات يف مدينة جنيف بسويسرا يف الفرتة املمتدة بني ‪ 10‬و ‪ 12‬دجنرب‬ ‫‪ .2003‬وقد حضر املؤمتر وفود رفيعة املستوى متثل ما ال يقل عن ‪ 175‬بلد‪ ,‬تشمل رئيس‬ ‫ونائب رئيس ‪ 50‬دولة‪ .‬هذا و قد شارك أكثر من ‪ 11000‬شخص من خمتلف أحناء العامل‬ ‫سواء يف أعمال‬ ‫‪10‬امليثاق سيطرح يف لقاء ‪ Okinawa‬يف اليابان يف يوليوز ‪.2000‬‬ ‫‪ 11‬يف سبتمرب ‪.2001‬‬ ‫‪ 12‬املشروع مت تبنيه يف دجنرب ‪ , 2001‬والكالم ملفوض التنمية يف اللجنة االوروبية يف ذلك احلني ‪Poul‬‬ ‫‪.Nielson‬‬ ‫‪ 13‬كراس إعالمي أعدته السكرتارية التنفيذية للمؤمتر‪ ,‬يونيو ‪ ,2002‬جنيف‪.‬‬ ‫‪ 14‬القرار مت إختاذه بتاريخ ‪ 21‬دجنرب ‪.2001‬‬

‫‪47‬‬

‫القمة أو يف األنشطة املتصلة بها‪ .‬وطوال األيام الثالثة اليت استغرقها املؤمتر تبنى زعماء العامل‬ ‫اجملتمعني إعالن مبادئ القمة و عنوانه « بناء جمتمع املعلومات‪ :‬حتد عاملي يف األلفية اجلديدة»‪.‬‬ ‫كما وضعت القمة خطة عمل حتدد أهدافا زمنية إلتزمت اجملموعة الدولية بتحقيقها لنقل‬ ‫جمتمع املعلومات من الرؤية النظرية إىل الواقع العملي‪ .15‬وحنن يف هذه الفقرة لن نعود إىل‬ ‫كل ما تضمنته وثائق اللقاء ‪ ,‬وإمنا سنكتفي بالتعرض لبعض املبادئ قبل العودة يف القسم‬ ‫الثاني إىل دراسة نقدية لنتائج القمة يف مرحلتها االوىل كما الثانية(تونس ‪.16)2005‬‬ ‫« حنن ممثلي شعوب العامل (‪)...‬نعلن رغبتنا املشرتكة و التزامنا املشرتك لبناء جمتمع معلومات‬ ‫جامع هدفه االنسان و يتجه حنو التنمية‪ ,‬جمتمع يستطيع كل فرد فيه إستحداث املعلومات‬ ‫و املعارف و النفاذ إليها واستخدامها وتقامسها‪ ,‬ويتمكن فيه األفراد و اجملتمعات و الشعوب‬ ‫من تسخري كامل إمكاناتهم للنهوض بتنميتهم املستدامة و لتحسني نوعية حياتهم‪ ,‬وذلك‬ ‫إنطالقا من مقاصد و مبادئ ميثاق األمم املتحدة والتمسك باإلحرتام الكامل لإلعالن العاملي‬ ‫حلقوق اإلنسان» (م‪.)1.‬‬ ‫«لقد عزمنا العزم على السعي من أجل ضمان إستفادة اجلميع من الفرص اليت تتيحها‬ ‫تكنولوجيا املعلومات و اإلتصاالت‪ .‬وحنن متفقون على أنه ينبغي ملواجهة هذه التحديات أن‬ ‫يعمل مجيع أصحاب املصلحة معا لتحسني سبل النفاذ إىل البنية التحتية للمعلومات و‬ ‫اإلتصاالت وإىل نكنولوجيا املعلومات و اإلتصاالت وإىل املعلومات و املعارف‪ ,‬ولبناء القدرات ‪,‬‬ ‫ولزيادة الثقة و األمن يف استعمال تكنولوجيا املعلومات و اإلتصاالت ‪ ,‬وإلنشاء بيئة متكينية‬ ‫على مجيع املستويات ‪ ,‬ولتطوير و توسيع تطبيقات نكنولوجيا املعلومات و اإلتصاالت ‪ ,‬ولتعزيز‬ ‫التنوع الثقايف واحرتامه ‪ ,‬ولإلعرتاف بدور وسائط اإلعالم ‪ ,‬وللتصدي لألبعاد األخالقية جملتمع‬ ‫املعلومات ‪ ,‬ولتشجيع التعاون الدولي و اإلقليمي «(م‪.)19.‬‬ ‫«إننا نلتزم بتعزيز التعاون لتحري مواقف مشرتكة حيال التحديات اليت نواجهها و من أجل‬ ‫تنفيذ خطة العمل اليت ستحقق رؤيتنا جملتمع معلومات جامع يرتكز على املبادئ الرئيسية‬ ‫الواردة يف هذا االعالن»(م‪.)65.‬‬ ‫‪ 15‬لإلطالع على خمتلف الوثائق اليت صدرت عن مؤمتر جنيف ميكن العودة إىل موقع ‪http://www.‬‬ ‫‪ .itu.int/wsis/index-fr.html‬آخر زيارة يوم ‪ 25‬يناير ‪.2009‬‬ ‫‪ 16‬إخرتنا مخس فقرات من إعالن املبادئ وهي على التوالي املواد ‪/1/19/65/66‬و ‪ .67‬لإلطالع على‬ ‫النص الكامل إلعالن املبادئ هذا يرجى العودة إىل املوقع السالف الذكر يف اهلامش رقم ‪.15‬‬

‫«ونلتزم كذلك بتقييم و متابعة التقدم احملرز يف عبور الفجوة الرقمية ‪ ,‬مع مراعاة مستويات‬ ‫‪48‬‬

‫التنمية املختلفة‪ ,‬وذلك لتحقيقت األهداف اإلمنائية املتفق عليها دوليا ‪ ,‬مبا يف ذلك األهداف‬ ‫املبينة يف إعالن األلفية‪ ,‬ولتقييم فعالية االستثمار و جهود التعاون الدولي يف بناء جمتمع‬ ‫املعلومات»(م‪.)66.‬‬ ‫«وحيدونا اإلعتقاد الراسخ بأننا جمتمعني ندخل عهدا جديدا ينطوي على إمكانات هائلة ‪ ,‬هو‬ ‫عهد جمتمع املعلومات واتساع أفق اإلتصال بني الناس ‪ .‬و يف هذا اجملتمع الناشئ ميكن إنشاء‬ ‫املعلومات و املعارف وتبادهلا و تقامسها و بثها عرب مجيع شبكات العامل‪ .‬وإذا اختذنا التدابري‬ ‫الالزمة فسيستطيع اجلميع يف القريب العمل معا لبناء جمتمع معلومات جديد يقوم على‬ ‫تقاسم املعرفة و يرتكز على التضامن العاملي و على حتقيق فهم أفضل بني الشعوب و االمم‬ ‫‪ .‬وحنن على ثقة من أن هذه التدابري متهد الطريق لتنمية جمتمع معرفة حقيقي يف‬ ‫املستقبل»(‪.)67‬‬ ‫هذه بعض من مواد إعالن املبادئ الذي توج أعمال املرحلة االوىل من القمة العاملية جملتمع‬ ‫املعلومات الذي استضافته مدينة جنيف يف دجنرب ‪ .2003‬و كما يبدو من أول وهلة‪ ,‬فطموحات‬ ‫املؤمترين كانت عالية جدا فيما خيص العمل من أجل جتسري اهلوة الرقمية بني الفقراء و‬ ‫االغنياء‪ .‬وألن االمم املتحدة كانت قد قررت سلفا تنظيم املرحلة الثانية بعد سنتني ‪ ,‬فقد‬ ‫تواعد املشاركون على اللقاء‪ ,‬هذه املرة يف القارة اإلفريقية ‪ ,‬وبالتحديد يف العاصمة التونسية‬ ‫يف خريف ‪.2005‬‬

‫مؤمتر تونس ‪ 16-18‬نوفمرب ‪ :2005‬أو اجملتمع الدولي حياول جتسري اهلوة‬ ‫الرقمية(‪)2‬‬ ‫إنعقدت مرحلة تونس من القمة العاملية جملتمع املعلومات من ‪ 16-18‬نوفمرب ‪ 2005‬يف قصر‬ ‫املعارض بالكرم بالعاصمة التونسية‪ .‬وقد سبق املؤمتر ثالث إجتماعات حتضريية كان الغرض‬ ‫منها اإلعداد للمرحلة الثانية من قمة جمتمع املعلومات‪ .17‬ومن املعلوم أن تونس كانت قد‬ ‫تقدمت يف عام ‪ 1998‬بطلب أمام اجلمعية العامة لألمم املتحدة لتنظيم الشطر الثاني من‬ ‫القمة العاملية‪ .‬وقد شارك يف لقاء تونس ما يزيد على ‪ 25‬ألف مشارك من ممثلي احلكومات و‬ ‫الشركات واملنظمات من خمتلف أحناء العامل‪ .‬وكما حصل مع اجلزء األول من املؤمتر‪,‬‬ ‫‪17‬عقدت اإلجتماعات التحضريية على التوالي يف تونس يف الفرتة ‪ 24-26‬يونيو ‪ ,2004‬يف جنيف من‬ ‫‪ 17-25‬فرباير ‪ 2005‬و مرة أخرى يف جنيف من ‪ 19-30‬سبتمرب ‪.2005‬‬

‫فقد متخضت أشغال اجلزء الثاني عن عدة وثائق ‪ , 18‬منها وثيقتان رئيسيتان‪ .‬االوىل باسم‬ ‫‪49‬‬

‫«إلتزامات تونس»‪ ,‬والثانية «برنامج عمل تونس بشأن جمتمع املعلومات»‪ .‬وهكذا تضمنت وثيقة‬ ‫إلتزامات تونس أربعون(‪ )40‬مادة أو نقطة ذات طابع عام تتحدث عن مبادئ عامة و ما ينبغي‬ ‫على الدول و األطراف املختلفة االلتزام به جتاه قضايا جمتمع املعلومات العاملي‪ .‬أما الوثيقة‬ ‫الثانية اخلاصة بربنامج عمل تونس فتكونت من ‪ 122‬بندا منها ‪ 26‬بندا كانت عن اآلليات‬ ‫املالية ملواجهة حتديات تسخري تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت الغراض التنمية‪ ،‬واليت كان‬ ‫من بينها مقرتح انشاء صندوق تضامن رقمي يتم متويله بالتربعات كما مت اقرتاحه يف قمة‬ ‫جنيف ‪ ،‬باالضافة اىل إقرار وجود الفجوه الرقمية‪ ،‬وحجم املشكلة اليت ينطوي عليها سد‬ ‫الفجوه الرقمية والذي يتطلب استثمارات كافية ومستدامة يف البنية التحتية لتكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت وخدماتها ‪ ،‬ويف بناء القدرات ونقل التكنولوجيا على مدار سنوات طويلة‬ ‫قادمة ‪ ،‬واالعرتاف بان جذب االستثمارات يف تكنولوجيا املعلومات يتطلب وجود بيئه متكنية‬ ‫مالئمة كاألدارة السليمة ووجود سياسة عامة واطار تنظيمي قوي ‪ ،‬وتشجيع احلكومات على‬ ‫اعطاء اولوية يف اسرتاجتياتها االمنائية الوطنية لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ويف كافة‬ ‫اجملاالت ‪ ،‬واوصت الوثيقة اىل ادخال حتسينات يف اليات التمويل القائمة‪.‬‬ ‫إن املشاركني يف لقاء تونس سريبطون املناقشات وكذا اإللتزامات واملقررات بالقسم االول من‬ ‫القمة اليت كانت قد عقدت جبنيف قبل ذلك بسنتني‪ ,‬ويتضح ذلك من خالل املواد التالية من‬ ‫« إلتزام تونس» الذي صدر عقب القمة ‪:‬‬ ‫« نؤكد من جديد رغبتنا والتزامنا ببناء جمتمع معلومات جامع وذي توجه تنموي ويضع‬ ‫البشر يف صميم اهتمامه‪ ،‬يقوم على أساس أغراض ومبادئ ميثاق األمم املتحدة والقانون‬ ‫الدولي والتعددية واالحرتام الكامل وااللتزام باإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ،‬حتى يتسنى‬ ‫للناس يف كل مكان إنشاء املعلومات واملعارف والنفاذ إليها واستعماهلا واملشاركة بها وتبادهلا‪،‬‬ ‫كي حيققوا إمكاناتهم بالكامل ويبلغوا األهداف واملقاصد اإلمنائية املتفق عليها دولياً‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك األهداف اإلمنائية لأللفية‪(».‬م‪)2‬‬ ‫«ونؤكد من جديد االلتزامات اليت تعهدنا بها يف جنيف واالنطالق منها إىل مرحلة تونس‬ ‫بالرتكيز على اآلليات املالية الالزمة لسد الفجوة الرقمية‪ ،‬وعلى إدارة اإلنرتنت واملسائل‬ ‫املتصلة بها‪ ،‬وكذلك على متابعة وتنفيذ مقررات جنيف وتونس‪ ،‬وفقاً ملا يشري إليه برنامج‬ ‫عمل تونس بشأن جمتمع املعلومات‪(».‬م‪.)7‬‬ ‫‪ 18‬لإلطالع على كل وثائق مرحلة تونس من القمة العاملية جملتمع املعلومات الرجاء العودة إىل املصدر‬ ‫السالف الذكر ‪ .http://www.itu.int/wsis/index-fr.html‬آخر زيارة يوم ‪ 25‬يناير ‪.2009‬‬

‫« ونؤكد من جديد تصميمنا على السعي لكفالة متكن كل شخص من االستفادة من الفرص‬

‫‪50‬‬

‫اليت ميكن أن تنشأ عن تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ ،‬ونذكر بأن احلكومات‪ ،‬وكذلك‬ ‫القطاع اخلاص واجملتمع املدني واألمم املتحدة واملنظمات الدولية األخرى ينبغي أن تعمل‬ ‫يداً بيد من أجل‪ :‬حتسني النفاذ إىل البنية التحتية للمعلومات واالتصاالت وتكنولوجياتها‬ ‫وكذلك إىل املعلومات واملعارف‪ ،‬وبناء الطاقات وزيادة الثقة واألمن يف استعمال تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وتهيئة بيئة متكينية على مجيع املستويات‪ ،‬وتطوير تطبيقات تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت والتوسع فيها‪ ،‬ورعاية التنوع الثقايف واحرتامه‪ ،‬واالعرتاف بدور وسائط‬ ‫اإلعالم‪ ،‬ومعاجلة األبعاد األخالقية يف جمتمع املعلومات‪ ،‬وتشجيع التعاون الدولي واإلقليمي‪.‬‬ ‫ونؤكد أن هذه املبادئ أساسية لبناء جمتمع معلومات جامع تستند صياغته إىل إعالن مبادئ‬ ‫جنيف»(م‪.)9‬‬ ‫هكذا أنتهى إذن اجلزء الثاني من القمة العاملية جملتمع املعلومات يف تونس بالتأكيد من‬ ‫جديد على جمموعة من املبادئ وااللتزامات الدولية للعمل على توسيع دائرة املستفيدين من‬ ‫إجنازات الثورة االعالمية بصفة عامة وربيبتها الطفرة الرقمية على وجه اخلصوص‪ .‬وقد مت‬ ‫الرتكيز باخلصوص على اآلليات املالية الضرورية لسد الفجوة الرقمية‪ .‬وإذا كان جمرد‬ ‫عقد القمة العاملية –على مرحلتني‪ -‬يعترب إجنازا حيسب لألمم املتحدة و للمجتمع الدولي‪,‬‬ ‫فإن هذا ال يعفينا من مقاربة هذه التطورات ‪ -‬و ما يرنبط بها من إشكاليات فكرية ‪ -‬مقاربة‬ ‫نقدية لتفكيك خطاب ردم اهلوة الرقمية العاملية ‪ ,‬وهذا ما سيشكل مادة القسم الثاني من هذه‬ ‫الدراسة‪.‬‬

‫القسم الثاني ‪ :‬المجتمع الدولي و ردم الهوة الرقمية عماذا يتحدثون؟‬ ‫مل متر على القمة العاملية جملتمع املعلومات مبرحلتيها إال سنوات قليلة(على التوالي مخس‬ ‫وثالث سنوات) ‪ ,‬وهي مدة قصرية نسبيا إذا أردنا جرد ما مت حتقيقه على أرض الواقع فيما‬ ‫خيص ردم اهلوة الرقمية‪ . 19‬ولعل املشاركني يف أعمال القمة كانوا واعني بأهمية عامل الوقت‬ ‫لتحقيق نتائج ملموسة حني التمسوا من اجلمعية العامة لألمم املتحدة دراسة ما مت إجنازه يف‬ ‫أفق ‪ 2015‬أي عشر سنوات كاملة بعد قمة تونس‪ .20‬غري أن هذا لن مينعنا حنن من القيام‬ ‫‪19‬الحظ مثال أن عشر سنوات فصلت مؤمتر التنمية املستدامة الذي عقد يف ‪ Rio‬يف عام ‪ 1992‬واملؤمتر‬ ‫الذي عقد يف ‪ Johannesburg‬يف ‪ ,2002‬مما يعين اليوم أن ما يقرب من عشرين سنة مرت على‬ ‫اللقاء األول دون أن يكون هناك نتائج تذكر ‪.‬‬ ‫‪ “ 20‬ونطلب إىل اجلمعية العامة لألمم املتحدة أن تقوم باستعراض شامل لتنفيذ نواتج القمة العاملية‬ ‫جملتمع املعلومات حبلول عام ‪ ”2015‬املادة ‪ 111‬من برنامج عمل تونس بشأن جمتمع املعلومات‪.‬‬

‫بدراسة نقدية ليس بالضرورة للنتائج اليت حتققت منذ اختتام أشغال امللتقى يف حمطيت‬ ‫‪51‬‬

‫جنيف وتونس‪ ,‬وإمنا جلوانب أخرى مرتبطة مبوضوع ردم الفجوة الرقمية‪ .‬بعبارة أخرى‬ ‫سنقوم مبحاولة تقييم ملا مت التوصل إليه من خالل دراسة خمتلف» اإللتزامات» والوعود اليت‬ ‫مت التعبري عنها يف أعمال القمة لنرى مدى جديتها ومصداقيتها‪ ,‬كما سنحاول الوقوف عند‬ ‫املنطلقات الفكرية أو الفلسفية اليت تقف وراء خطاب ردم الفجوة الرقمية لنتبني اإلمكانيات‬ ‫احلقيقية لتحويل طروحات هذا اخلطاب إىل واقع جمسد على أرض الواقع ‪ ,‬قبل أن نستشرف‬ ‫مستقبل و آفاق الفجوة الرقمية يف السنوات والعقود القادمة(يف خامتة البحث)‪.‬‬

‫القمة العاملية جملتمع املعلومات‪ :‬حصيلة نقدية‪.‬‬ ‫الميكن ألي أحد أن جيادل يف أن قدرة منظمة األمم املتحدة على عقد لقاء يف مستوى‬ ‫إجتماعي جنيف وتونس ‪ ,‬يعترب يف حد ذاته إجنازا إجيابيا خاصة على املستوى الكمي‪.‬‬ ‫وللربهنة على ما نقول يكفي أن نذكر أن لقاء جنيف حضره أكثر من ‪ 11000‬مشارك‪,‬‬ ‫‪ 175‬دولة‪ 50 ,‬رئيس دولة أو حكومة‪ ,‬أكثر من ‪ 3300‬ممثل للمجتمع املدني‪ 514 ,‬عضو‬ ‫ميثلون القطاع اخلاص ‪ 87 ,‬منظمة دولية وأكثر من ‪1000‬صحفي‪ .‬كما جتدر اإلشارة إىل‬ ‫تنظيم أكثر من ‪300‬نشاط على هامش اللقاء ‪.‬أما لقاء تونس يف ‪ 2005‬فقد مجع ‪19401‬‬ ‫مشارك‪60 ,‬رئيس دولة أو حكومة‪ 6241 ,‬عضو من اجملتمع املدني‪ 5857 ,‬من القطاع اخلاص‬ ‫و‪ 979‬صحايف‪ .‬كما أن املعرض الذي مت تنظيمه مبوازات مع امللتقى شهد مشاركة ‪328‬‬ ‫شريك ميثلون ‪ 64‬دولة و ‪ 35‬شركة متعددة اجلنسيات من الدرجة االوىل‪ .‬دون أن ننسى ما ال‬ ‫يقل عن ‪309‬نشاط موازي‪ .‬إن هذه املعطيات الرقمية تؤكد مبا ال يدع جما ً‬ ‫ال للشك أن القمة‬ ‫العاملية جملتمع املعلومات مثلت حلظة تارخيية مهمة للمجتمع الدولي‪ .‬كما أن تنظيم القمة‪,‬‬ ‫وباخلصوص اجلزء الثاني منها يف تونس‪ ,‬ميثل جناحا كبرياً‪ . .‬فهل كانت النتائج يف مستوى‬ ‫هذا احلضور املكثف وهذا النجاح يف التنظيم؟‬ ‫ً‬ ‫من الناحية املنهجية‪ ,‬ولتقييم نقدي ملا حتقق سنلجأ ( أوال) إىل إستقراء خمتلف الوثائق‬ ‫اليت صدرت عن القمة‪ ,‬وهو ما سيتيح لنا الوقوف عند الوعود اليت مت إعطاؤها من طرف‬ ‫الدول الغنية لتمويل جمهودات ردم الفجوة الرقمية ومدى مصداقيتها‪ ,‬بعد ذلك ويف فقرة‬ ‫أخرى(ثانيا) سنسائل املسلمات الفكرية اليت يستبطنها اخلطاب العاملي حول جتسري الفجوة‬ ‫الرقمية‪.‬‬

‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬قراءة يف وثائق القمة العاملية جملتمع املعلومات‪ :‬الفجوة الرقمية بني الطموحات‬ ‫وإكراهات الواقع‬ ‫تبنى املشاركون يف القمة العاملية جملتمع املعلومات (يف جنيف وتونس) جمموعة من األوراق‬ ‫‪52‬‬

‫و الوثائق الرمسية اليت تتضمن جمموعة من املبادئ اليت تشكل يف نفس الوقت إلتزامات‬ ‫قطعها اجملتمع الدولي على نفسه لنقلها من الرؤية النظرية إىل الواقع العملي يف موضوع‬ ‫جمتمع املعلومات عموما والفجوة الرقمية على وجه التجديد‪ .21‬وحنن يف قراءتنا يف الوثائق‬ ‫‪ ,‬سنقتصر على تلك اليت صدرت عن لقاء تونس على اعتبار أنها تشكل اإلطار النهائي ملا مت‬ ‫اإلتفاق عليه يف هذا الصدد‪.22‬‬ ‫تبنى املشاركون يف مرحلة تونس من قمة جمتمع املعلومات وثيقتني منفصلتني‪ ,‬االوىل‬ ‫ذات طابع سياسي وقد مسيت «إلتزام تونس»‪ ,‬والثانية عملية وهي» برنامج عمل تونس بشأن‬ ‫جمتمع املعلومات»‪.‬‬

‫«إاتزام تونس»‬ ‫تضمنت هذه الوثيقة املبادئ اليت سبق ملرحلة جنيف أن كرستها مع إضافة مبادئ أخرى‪,‬‬ ‫كتلك املتعلقة باستعمال تقنيات اإلعالم والتواصل لتحقيق السالم على املسرح الدولي‪,‬وتلك‬ ‫املرتبطة بضرورة مساعدة الفئات اإلجتماعية األكثر إحتياجا ‪,‬وتلك اليت هلا عالقة مبد يد‬ ‫العون للدول الفقرية ‪ ,‬واملناطق احملتلة أو اليت تواجه كوارث طبيعية‪.‬‬ ‫إن « إلتزام تونس» ميكن وصفه باسرتاتيجية اجملتمع الدولي لتطوير تكنولوجيا املعلومات‬ ‫والتواصل يف دول اجلنوب ملساعدتها على حتقيق التنمية‪.‬غري أن املالحظ أن الوثيقة ال‬ ‫تتحدث من قريب أو بعيد عن مسألة مهمة أال وهي قضية متويل هذه االسرتاتيجية‪ .‬لقد خال‬ ‫«إلتزام تونس» من أي إشارة إىل مساهمة إلزامية من جانب الدول الغنية لتمويل الربنامج‬ ‫‪ , 23‬واكتفى بد ً‬ ‫ال من ذلك باإلعالن عن تأسيس «صندوق للتضامن الرقمي» ‪ 24‬مفتوح أمام‬ ‫مساهمات اجلماعات احمللية والقطاع اخلاص على أساس تطوعي خالص‪.‬‬ ‫‪ 21‬لإلطالع على وثائق املؤمتر ميكن العودة إىل املصدر املذكور يف اهلامشني رقم ‪ 15‬و‪.18‬‬ ‫‪ 22‬لقراءة نقدية لوثائق ونتائج لقاء جنيف أنظر‪,‬‬ ‫ ‪FULLSACK, Jean-Louis,KIYINDOU,Alain(2005),Bilan mitige et perspe‬‬‫‪tives, in La societe de l information : entre mythes et realites, pp 321-336,‬‬ ‫‪.Bruxelles,Bruylant‬‬ ‫‪23‬كان الفتا لألنظار أن الرئس األمريكي (‪ )G.W.BUSH‬والفرنسي (‪ )Jacques CHIRAC‬و‬ ‫رئس الوزراء الربيطاني (‪ )Tony BLAIR‬غابوا عن حضور القمة العاملية جملتمع املعلومات بقسميها‬ ‫( جنيف و تونس)‪.‬‬ ‫‪ 24‬سنعود إىل مسألة الصندوق الحقا‪ً.‬‬

‫‪53‬‬

‫«برنامج عمل تونس بشأن جمتمع املعلومات»‬ ‫تتميز هذه الوثيقة الثانية بطابعها العملي أو اإلجرائي‪ ,‬ذلك أنها تطلب من مجيع الدول‬ ‫املشاركة يف أعمال القمة تنفيذ وعودها يف موضوع وضع اآلليات الضرورية واملناسبة لتمويل‬ ‫مشاريع وبرامج احلد من الفجوة الرقمية ‪ .‬وباإلطالع على بعض مواد اخلطة نكتشف األهمية‬ ‫اليت إحتلتها مسالة الفجوة الرقمية يف قمة تونس‪.‬‬ ‫«ونعرتف بوجود الفجوة الرقمية وبالتحديات اليت تثريها أمام بلدان كثرية تضطر إىل االختيار‬ ‫بني الكثري من األهداف اإلمنائية املتنافسة يف ختطيطها للتنمية ويف املتطلبات املتنافسة على‬ ‫أموال التنمية يف مواجهة شح املوارد»(املادة ‪« ».)7‬ونعرتف حبجم املشكلة اليت ينطوي عليها سد‬ ‫الفجوة الرقمية‪ ،‬وهو ما يتطلب استثمارات كافية ومستدامة يف البنية التحتية لتكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت وخدماتها‪ ،‬ويف بناء القدرات ونقل التكنولوجيا على مدى سنوات كثرية‬ ‫قادمة « (املادة ‪« .)8‬‬ ‫«ونهيب باجملتمع الدولي أن يعزز نقل التكنولوجيا بشروط يُتفق عليها‪ ،‬مبا يف ذلك تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وأن يعتمد سياسات وبرامج تهدف إىل مساعدة البلدان النامية يف‬ ‫االنتفاع بالتكنولوجيا يف سعيها لتحقيق التنمية عن طريق االستعانة بوسائل عدة من بينها‬ ‫التعاون التقين وبناء القدرة العلمية والتكنولوجية‪ ،‬وذلك يف إطار جهودنا املبذولة من أجل سد‬ ‫الفجوة الرقمية والفجوة اإلمنائية»‪.‬‬

‫يف حمدودية مقررات القمة العاملية جملتمع املعلومات‬ ‫علق اجملتمع الدولي يف بداية االلفية اجلديدة آما ً‬ ‫ال عريضة على اجملهودات اليت بذلتها األمم‬ ‫املتحدة وعدد من املنظمات الدولية األخرى لتصحيح اإلختالالت الكربى اليت كان يعاني منها‬ ‫جنوب الكرة األرضية يف جمال تقنيات اإلعالم‪ .‬وقد إستبشر الناس خرياً خاصة بعد إشراك‬ ‫منظمات اجملتمع املدني بقوة يف مرحلة تونس ‪ ,‬وهو ما مل حيدث يف لقاء جنيف‪ .25‬لقد كانت‬ ‫اإلنتظارات من القمة كبرية وحقيقية‪ ,‬ويف مستوى اإلختالالت القائمة‪.‬غري أن املراقبني‬ ‫والدارسني ‪-‬حينما يتعلق األمر باحلديث عن النتائج الفعلية اليت مت حتقيقها‪ -‬يبدون أكثر‬ ‫‪25‬كانت مساهمة اجملتمع املدني مادة لعدد كبري من الدراسات‪ ,‬ننصح باإلطالع على تقرير‬ ‫‪http://www.lrpc.umontreal.ca/smsirapport.pdf Mark Raboy et Normand‬‬ ‫‪ .Landry , Mai 2004‬آخر زيارة يوم ‪ 26‬يناير ‪..2009‬‬

‫‪54‬‬

‫حتفظاً‪ .‬والسؤال الذي يطرح قبل اإلنتقال إىل ذكر بعض مواطن الضعف واإلخفاق –وليس‬ ‫كلها‪ -‬هو ما سبب هذه التحفظات اليت قوبلت بها نتائج القمة‪ ,‬هل كانت النتائج خميبة‬ ‫لآلمال إىل هذه الدرجة ‪ ,‬أم أن إنتظارات املشاركني‪-‬وخاصة يف دول اجلنوب‪ -‬كانت مرتفعة‬ ‫أكثر من الالزم؟‬ ‫تضمنت خمتلف الوثائق اليت متخضت عن القمة العاملية جملتمع املعلومات ‪ 26‬جمموعة من‬ ‫مواطن الضعف أو القصور‪ .‬وهكذا‪ -‬وبالعودة إىل‪« -‬إلتزام تونس» و «برنامج عمل تونس بشأن‬ ‫جمتمع املعلومات» نلحظ غياباً تاما ألية أهداف حمددة حتديداً دقيقاً يراد إجنازها‪ .‬وحتى‬ ‫ضمن دائرة األهداف واملشاريع املسطرة ليس هناك أي سلم لألولويات فيما خيص مراحل‬ ‫إمجاع‬ ‫اإلجناز‪ .‬ويف نظر املراقبني فهذا مرجعه إىل أن الوثائق اليت مت إعتمادها كانت نتيجة‬ ‫ٍ‬ ‫شاق ومضين بني املشاركني‪ ,‬حبيث مت إفراغ هذه املقررات من حمتواها وجوهرها‪ .27‬وعلى‬ ‫ٍ‬ ‫سبيل املثال ال احلصر ميكن ذكر املسألة اليت أثارها ممثل الببنغالدش أثناء ‪Prepcom‬‬ ‫‪ 3‬ملرحلة تونس واملتعلقة بوضع آليات أو ميكانيزمات لنقل أو حتويل التكنولوجيا إىل دول‬ ‫العامل الثالث‪ .‬نفس الشيء ميكن قوله فيما يتعلق» حبكامة األنرتنت» و كذا موضوع «التضامن‬ ‫الرقمي»‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق مبوضوع الفجوة الرقمية ‪,‬فاملالحظ أنها حتولت شيئاً فشيئاً إىل النقطة‬ ‫املركزية واحملورية يف أشغال القمة‪ .‬إال أن الدارسني يالحظون أن الصفة الغالبة على‬ ‫املقرتحات اليت قدمت يف هذا اإلطار ال تتعدى تطبيقات األنرتنت‪ 28‬وال تأخذ بعني اإلعتبار‬ ‫إال اجلانب التقين يف مسألة اهلوة الرقمية‪ 29 .‬إن الرتكيز يف موضوع اهلوة الرقمية على ما‬ ‫هو تقين فقط‪ ,‬رغم أهميته البالغة واحليوية‪ ,‬ليس هو احلل األمثل بالنسبة لدول اجلنوب ألن‬ ‫املشاكل املتعددة اليت تواجهها ليست ذات طبيعة مادية فقط‪ .‬إن الذين يعولون على اآللة فقط‬ ‫لردم الفجوة الرقمية ال يدركون أن املكون املادي يف عملية التطور ما هو إال بعد من أبعاد‬

‫‪ 26‬حنن سنركز كما أشرنا إىل ذلك أعاله يف هذا التقييم النقدي على وثيقيت تونس‪.‬‬ ‫‪ 27‬أنظر‬ ‫‪FULLSACK, Jean-Louis,KIYINDOU,Alain(2006), Le sommet mondial de‬‬ ‫ ‪linformation, Un bilan critique, Annuaire francais des Relations intern‬‬‫‪..tionales (A. F. R. I), volume 7, 2006, pp1029-1042‬‬ ‫‪ 28‬نفس املصدر‪ ,‬ص‪.40‬‬ ‫‪ 29‬قدمت أثناء القمة عدة مشاريع يف إطار حماولة القضاء على اإلقصاء الرقمي‪ ,‬منها مشروع الشركة‬ ‫األمريكية ‪ Solar PC‬اليت كانت تعتزم تسويق حاسوب ‪ Solar Lite‬ب ‪ 100‬يورو‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫كثرية تتكامل فيما بينها ‪ .30‬وقد ذهبت منظمات دولية عديدة يف هذا اإلجتاه التقين ‪ ,‬حيث‬ ‫جند أن برنامج األمم املتحدة للتنمية املعروف ب «‪ »PNUD‬يف تقريره لعام ‪ 1991‬يؤكد هذا‬ ‫التوجه من خالل حتمسه ملا يسمى ب ‪ leapfrogging‬أي إعطاء تقنيات اإلعالم والتواصل‬ ‫وزنا حمورياً يف عملية التطور عن طريق حرق املراحل واحملطات التارخيية‪ .‬وعلى كل سنعود‬ ‫إىل هذه النقطة حينما سنضع اخلطاب العاملي حول الفجوة الرقمية حمل املساءلة‪ .‬بارتباط‬ ‫مع موضوع اهلوة‪ ,‬أثريت يف تونس مسألة «صندوق التضامن الرقمي» لردم الفجوة الرقمية‬ ‫العاملية‪ 31.‬وقد سبق للدول الغربية أن رفضت أثناء املرحلة االوىل لقمة جمتمع املعلومات‬ ‫إنشاء هذا الصندوق حبجة وجود» صناديق» ميكن أن تقوم بهذا الدور وأنه يكفي دعمها‬ ‫وتوجيهها صوب املهمة(ردم الفجوة الرقمية)‪ .‬أما يف تونس فستقتنع الدول الغنية بالفكرة‬ ‫وبالتالي سريى «صندوق التضامن الرقمي» النور‪.‬فما هي حقيقة هذا الصندوق وما مدى وفاء‬ ‫الدول املختلفة بالتزاماتها يف هذا اجملال؟‬ ‫يف تونس إذن وبعد أن مت رفضه يف جنيف أنشئ صندوق التضامن الرقمي ملساعدة الدول‬ ‫الفقرية على تنفيذ مشاريع تسمح هلا بالدخول إىل جمتمع املعلومات والقيام بدورها يف إطار‬ ‫الثورة الرقمية اليت يعرفها اجملتمع الدولي‪ .‬وقد فتح باب املساهمة فيه أمام كل من القطاعني‬ ‫العام واخلاص‪ :‬الدول‪ ,‬املنظمات غري احلكومية‪ ,‬الشركات ‪ ..... .....‬ويقضي مبدأ جنيف بفرض‬ ‫ضريبة بنسبة ‪ %1‬على العقود العامة لشراء تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ ،‬يدفعها املورد‬ ‫الذي يفوز بالعطاء مباشرة من هامش الربح‪ .‬وهكذا أثناء وبعد اجللسة اإلفتتاحية ملؤمتر تونس‬ ‫أعربت دول عديدة وشركات عاملية عن إستعدادها للمساهمة يف الصندوق‪. 32‬فماذا كانت‬ ‫النتيجة يف ختام أعمال القمة؟‬ ‫كانت احلصيلة عبارة عن وعود باملساهمة «‪ »Promesses de dons‬ال تتجاوز مثانية (‪)8‬‬ ‫ماليني يورو يف الوقت الذي كان منتظرا احلصول على عشرات املاليني كل سنة‪ .‬إن ضبابية‬ ‫‪30‬كتابات كثرية تنتقد الرتكيز على التقين أو” التقنوي “ يف موضوع التنمية بصفة عامة‪ ,‬أنظر‬ ‫ ‪LAFARGUES , Yves(2003), Halte aux absurdites technologiques,Paris, Ed‬‬‫‪.tions de l organisation,236p‬‬ ‫‪31‬كان الرئيس السنغالي عبد اهلل واد هو الذي اقرتح إقامة صندوق تضامن دولي لردم اهلوة الرقمية‬ ‫بني الشمال واجلنوب‪ ،‬والذي متسك بالفكرة رغم التشكيك الذي قوبلت به أثناء انعقاد املرحلة األوىل‬ ‫من قمة جمتمع املعلومات يف جنيف يف ‪.2003‬‬ ‫‪32‬من بني الدول العديدة ميكن أن نذكر نيجريا‪ ,‬اجلزائر‪ ,‬املغرب‪ ,‬فرنسا وغريها‪ .‬من القطاع اخلاص‬ ‫الشركة العمالقة ‪ .Microsoft‬من بعض اجلهات واملدن‪ :‬الوكالة احلكومية للفرنكفونية‪ ,‬مدينة‬ ‫باريس‪ ,‬دكار‪ ,‬جنيف‪ ,‬الوكالة احلضرية ملدينة‪........ , Lille‬‬

‫‪56‬‬

‫الوعود الدولية فيما خيص مسألة متويل صندوق التضامن الرقمي وتهرب الدول الغنية من‬ ‫إلتزام حقيقي وليس إختياري‪ ,‬ح ّول مقررات قمة تونس بشأن الصندوق إىل ما يشبه إلتزاما‬ ‫معنويا أو أدبيا ‪.‬وأمام هزالة املبالغ اليت إستقبلها الصندوق‪ ,‬تقدمت منظمات غري حكومية‬ ‫باقرتاحات بديلة لتمويل معركة اجملتمع الدولي ضد التفاوت الرقمي‪ . 33‬ورغم هذه النتائج‬ ‫املخيبة لآلمال‪ ,‬فإن دول العامل الثالث ستظل مصرة على مطالبة املنظمات الدولية وعلى رأسها‬ ‫منظمة االمم املتحدة مبواصلة مساعيها لتفعيل موضوع التضامن الرقمي‪ .‬ويف هذا اإلطار‬ ‫ستعقد القمة العاملية االوىل للتضامن الرقمي و اليت إستضافتها مدينة ‪ Lyon‬الفرنسية‬ ‫يف أواخر عام ‪ 34 2008‬بدعوة رمسية من الرئيس الفرنسي‪ Nicolas Sarkozy 35‬وباقرتاح‬ ‫من الرئيس السنغالي‪ ,Abdoulaye Wade 36‬ومبشاركة ما يقرب من ‪300‬مشارك من‬ ‫بينهم رؤساء دول وحكومات‪ ,‬مسؤولي منظمات غري حكومية وشخصيات عدة‪ .‬وقد ساهم يف‬ ‫تنظيم اللقاء إىل جانب جهات فرنسية‪ ,‬صندوق التضامن الرقمي‪ .‬وقد خرج الرئيس السنغاىل‬ ‫‪ Abdoulaye Wade‬من القمة باستنتاجات قاسية فيما خيص النتائج اليت متخض‬ ‫عنها جتمع ‪ .Lyon‬ففي تصرحيات له غداة هذا األخري ‪ 37‬عرب املسؤول األفريقي عن خيبة‬ ‫أمله الكبرية يف نتائج املؤمتر على اخلصوص و يف «صندوق التضامن الرقمي» بصفة عامة ‪,‬‬ ‫مضيفاً أن أموا ً‬ ‫ال طائلة تهدر يف األسفار والندوات ‪ ,‬يف حني أن املساهمات اليت يتلقاها الصندوق‬ ‫باهتة‪.38‬‬ ‫هكذا‪ ,‬إذن‪ ,‬جرت أشغال القمة العاملية جملتمع املعلومات عرب مرحلتني‪ :‬جنيف وتونس‪ .‬وكما‬ ‫رأينا كانت اإلنتظارات كبري ًة حبيث إنها فاقت النتائج الفعلية واحلقيقية اليت توصل إليها‬ ‫املشاركون لردم اهلوة الرقمية املتعاظمة بني الشمال واجلنوب‪ .‬وإذا كان البعض قد فاجأته‬

‫‪ 33‬أنظر على سبيل املثال مقرتحات اجلمعية الفرنسية ‪ CSDPTT‬يف املصدر املذكور يف اهلامش رقم‬ ‫‪ , 27‬ص ‪.-,1035-1036‬‬ ‫‪ 34‬عقد اللقاء يوم ‪24‬نوفمرب‪.‬‬ ‫‪ 35‬إستضافت فرنسا لقاء ليون بوصفها رئيسة اإلحتاد االوروبي يف الفرتة املمتدة من‪ 1‬يوليوز ‪2008‬‬ ‫إىل ‪31‬دجنرب ‪.2008‬‬ ‫‪ 36‬كان الرئيس السنغالي هو رئيس الدولة الوحيد من دول اجلنوب الذي حضر اللقاء‪.‬‬ ‫‪ 37‬أنظر جريدة ‪ Liberation‬الفرنسية بتاريخ ‪ 25‬نوفمرب ‪.2008‬‬ ‫‪38‬ذكر ‪ Abdoulaye Wade‬أن فرنسا هي الدولة الوحيدة من دول اإلحتاد األوروبي اليت ساهمت‬ ‫يف صندوق التضامن الرقمي‪ .‬وعموما فإن الصندوق الذي مت إنشاؤه يف عام ‪ 2005‬ويرتأسه الوزير‬ ‫الفرنسي السابق ‪ Alain Madelin‬مل” جيمع” إىل حدود كتابة هذه األسطر (يناير ‪ )2009‬إال‬ ‫مخسة (‪ )5‬ماليني يورو وهو ما يفسر الغضب الكبري الذي عرب عنه ‪ Abdoulaye Wade‬يف تصرحيه‬ ‫لليومية الفرنسية‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫النتائج‪ ,‬فإن كثرياً من الدارسني والباحثني كانوا يتوقعون هذا املآل بالنظر إىل جمموعة‬ ‫من املنطلقات الفكرية و اإلعتبارات الواقعية اليت ميزت ومتيز اخلطاب العاملي حول اهلوة‬ ‫الرقمية‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬اخلطاب العاملي حول اهلوة الرقمية‪ :‬مساءلة األسس الواقعية واملنطلقات‬ ‫الفكرية‬ ‫يعتقد كثري من الدارسني أن أسباب فشل حماوالت ردم اهلوة الرقمية على املستوى الدولي ال‬ ‫تعود فقط إىل عدم حتمس الدول الغربية للمساهمة بسخاء يف عمليات التمويل الضرورية‪,‬‬ ‫وإمنا مرده إىل أشياء أعمق من ذلك بكثري‪ .‬لذلك نالحظ أن هؤالء(الباحثني) مل يكونوا‬ ‫ال آما ً‬ ‫يعلقون أص ً‬ ‫ال عريضة على القمة العاملية جملتمع املعلومات ‪ .39‬ويف حقيقة األمر ميكن‬ ‫إنتقاد خطاب جتسري اهلوة الرقمية إنطالقاً من إعتبارين خمتلفني ولكن متكاملني‪.‬أما النوع‬ ‫األول من اإلعتبارات فذو طابع سياسي‪-‬إقتصادي‪-‬إجتماعي‪ .‬يف حني أن القسم اآلخر له عالقة‬ ‫باملنطلقات الفلسفية أو الفكرية‪.‬‬

‫فجوة واحدة أم فجوات متعددة؟‬ ‫فيما خيص اإلعتبارات السياسية والسوسيو –إقتصادية لنقد خطاب اهلوة الرقمية ‪ ,‬تحُ يل‬ ‫أألدبيات يف هذا اجملال إىل اإلختالالت املتعددة األبعاد اليت تعرفها الساحة الدولية منذ‬ ‫زمن طويل‪ .‬فتكون اهلوة الرقمية هي واحدة من اهلوات العديدة اليت متيز اجملتمع الدولي‬ ‫الذي ظهر إىل الوجود بعد نهاية احلرب العاملية الثانية وبعد موجة اإلستقالالت السياسية‬ ‫ملختلف الوحدات السياسية يف العامل الثالث‪ .‬وما دام األمر كذلك ‪,‬فاالفضل التحدث عن‬ ‫فجوات متعددة وليس فجوة واحدة‪ 40.‬بل األكثر من هذا يعتقد أصحاب هذا النقد أن اهلوة‬ ‫الرقمية هي نتيجة طبيعية لتلك الالئحة الطويلة من الفجوات اإلقتصادية‪ ,‬العلمية‪ ,‬التقنية‪,‬‬ ‫العسكرية‪ ,‬الثقافية وغريها‪ .‬ولكي تردم اهلوة الرقمية البد أو ً‬ ‫ال من معاجلة الفجوات األخرى‬ ‫بسبب الرتابط العضوي ملختلف احللقات أو اجملاالت‪ .‬كيف ميكن التحدث – واحلالة هذه‪-‬‬ ‫‪39‬أنظر على سبيل املثال املؤ َلف اجلماعي املمتاز الذي أشرف على كتابته ; ‪MATHIEN, 2007‬‬ ‫‪Michel‬‬ ‫ ‪; Perspe‬؟ ”‪Le Sommet mondial sur la Societe de l information et” apres‬‬‫‪tives sur la societe globale;Editions Bruylant,439p.‬‬ ‫‪40‬‬ ‫ ‪SOUPIZET,Jean-Francois(2005), La fracture numerique ; Nord-Sud ;Pa‬‬‫‪is, Economica,243p.‬‬

‫‪58‬‬

‫عن ردم اهلوة الرقمية يف الوقت الذي توجد فيه مناطق كاملة يف القارات الثالث اليت‬ ‫تعاني أكثر من غريها من التخلف اإلقتصادي حمرومة من الطاقة الكهربائية؟‪. . 41‬هذا‬ ‫الوضع(احلرمان من الطاقة الكهربائية) دفع بالبعض إىل التساؤل عن الفجوة احلقيقية اليت‬ ‫جيب التصدي هلا‪ ,‬هل هي الفجوة الرقمية أم الفجوة الطاقية؟‪. 42‬وللربهنة على مشروعية هذا‬ ‫التساؤل يذكر الكاتب أنه يف عام ‪ 2002‬عاشت مدينة ‪ Malabo‬عاصمة غينيا اإلستوائية(‬ ‫الدولة البرتولية ) يف الظالم الدامس طيلة مايزيد على شهر كامل‪ ,‬وأن ‪ 25‬يف املائة فقط‬ ‫من سكان جنوب الصحراء مزودين بالطاقة الكهربائية‪ .‬كيف ميكن يف هذه الظروف احلديث‬ ‫عن الفجوة الرقمية وضرورة جتسريها؟‪.‬‬ ‫إننا لن نستطيع فهم خطاب و إشكاالت الفجوة الرقمية إذا مل نستحضر طبيعة اجملتمع الدولي‬ ‫يف أبعاده املختلفة وبالتحديد يف بعديه السياسي واإلقتصادي‪ .‬إنه ليس من الصدفة أن الدول‬ ‫اليت تعاني أكثر من غريها من» التخلف الرقمي» هي تلك اليت تواجه خمتلف مظاهر الفقر‬ ‫واحلاجة‪ .‬بعبارة أخرى‪ ,‬إن اجملتمعات اليت تعرف مستويات متدنية من إستهالك املنتجات‬ ‫الرقمية توجد يف القسم اجلنوبي من الكرة األرضية‪ .43‬فالعالقات الدولية اإلقتصادية الغري‬ ‫املتوازنة تقدم لنا إطاراً تفسرييا ملشكلة الفجوة الرقمية العاملية ولغريها من اإلختالالت اليت‬ ‫سبق احلديث عنها‪ .‬لذلك نعتقد أن خطاب الفجوة الرقمية عليه أن يُدمج يف إشكالياته هذه‬ ‫اجلوانب النقدية املتصلة باإلعتبارات السياسية‪-‬اإلقتصادية واإلجتماعية ‪.45‬‬ ‫باإلضافة إىل هذه املآخذ املرتبطة بالشروط املادية أو املوضوعية اليت نشأت واتسعت يف إطارها‬ ‫يواجه بها مفهوم اهلوة الرقمية ‪ ,‬ويتعلق‬ ‫الفجوة الرقمية‪ ,‬هناك مالحظات من طينة أخرى َ‬ ‫األمر باملنطلقات الفكرية والفلسفية‪.‬‬ ‫‪ 41‬أفريقيا‪,‬آسيا وأمريكا الألتينية‪.‬‬ ‫‪http://web2solidarite.ning.com (2008).la fracture numérique n’est-elle pas‬‬ ‫? ‪d’abord une fracture énergétique‬‬ ‫‪43‬هذا احلكم اإلطالقي جيب أن ال ينسينا أن دول العامل الثالث ال تشكل كتلة واحدة متجانسة من‬ ‫الناحية اإلقتصادية والتكنولوجية‪ ,‬فدولة مثل الكويت أو ليبيا ال ميكن تشبيههما مبجموعة الدول‬ ‫العشر األكثر فقراً‪ .‬ومن ناحية أخرى – ويف القسم الشمالي‪ -‬ال ميكن أن نتحدث عن جتانس مثالي‬ ‫بني الدول الغنية أو املتقدمة‪ .‬ففي اإلحتاد األوروبي على سبيل املثال تتخلف دولة مثل اليونان عن باقي‬ ‫دول اجملموعة يف كل مؤشرات النمو والتطور‪.‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪TCHEHOUALI, Destiny, Du NOMIC au Sommet Mondial de la Société‬‬ ‫‪de l'Information : Le rôle de l'UNESCO dans la réduction de la fracture‬‬ ‫‪numérique,‬‬ ‫‪www.memoireonline.com/.../m_nomic-sommet-mondial‬‬‫‪societe-de-l-information-unesco-reduction-fracture‬‬ ‫‪ 45‬توخيا لإلختصار إرتأينا اإلقتصار على هذه اجلوانب النقدية‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪59‬‬

‫الفجوة الرقمية‪ :‬مساءلة املفهوم‬ ‫كغريه من املفاهيم الفكرية والفلسفية‪ ,‬إكتسى مفهوم اهلوة الرقمية سلطة كبرية أضحى‬ ‫معها واقعاً ال ميكن جمادلته أو مناقشته‪ .46‬ولعل إخفاقات اجملتمع الدولي حلل املعضلة‬ ‫الرقمية كانت السبب وراء تسرب القلق إىل اليقينيات املرتبطة باملفهوم من الناحية الفكرية‪.‬‬ ‫لقد تعاملت أطراف اجملتمع الدولي يف الشمال كما يف اجلنوب وكذا يف املنظمات الدولية‬ ‫‪47‬مع املفهوم كما هو دون ادنى مساءلة ملرتكزاته الفكرية‪ ,‬وهذا األمر يذكرنا مبا كان حيدث‬ ‫إبتداء من ستينيات القرن امليالدي املنصرم فيما خيص مفهوم التنمية واخلروج من التخلف‬ ‫اإلقتصادي‪ ,‬لقد رمست الدول املتقدمة الطريق ‪ ,‬فما على بقية الدول إال املتابعة‪.‬‬ ‫وإذا عدنا إىل اهلوة الرقمية واملؤاخذات النقدية على خطابها ‪ ,48‬فسنجد بادئ ذي بدء أن أول ما‬ ‫يسرتعي اإلنتباه هو الربط الذي يقيمه اخلطاب بطريقة واعية ال لبس فيها بني ردم الفجوة‬ ‫الرقمية وبني التخفيف من الفقر وحتقيق التنمية أو التقدم‪. 49‬وستشارك املنظمات الدولية‬ ‫املهتمة بالتنمية ‪ 50‬يف إقامة العالقة املباشرة بني حتقيق إخرتاقات يف امليدان التكنولوجيي‬ ‫واخلروج من التخلف‪ .‬ويف امليدان الرقمي‪ ,‬اخلروج من دائرة التخلف يساوي احلصول على‬ ‫تكنولوجيا اإلتصاالت ‪ ,« The future is telecommunications»:‬املستقبل إذن مير عرب‬ ‫تقانات اإلتصاالت‪ .‬وأيضا ‪Communications is the life support of the next‬‬ ‫‪ .»”millenium‬ويتعدى تأثري الثورة التقنية اجملال املادي ليطال الدائرة اخلاصة بطبيعة‬ ‫اإلنسان‪aThe emergent information society is helping to define the n « :‬‬ ‫‪ . ”ture of modern human existence”51‬إن هذه النظرة التقديسية للتكنولوجيا‬

‫‪ 46‬قارن سلطة مفهوم اهلوة الرقمية مع كثري من املفاهيم اليت تقدمها احلضارة املعاصرة باعتبارها‬ ‫مسلمات أو بديهيات ال ميكن مساءلتها‪ :‬العلم‪ ,‬التقدم‪ ,‬احلداثة‪......‬‬ ‫‪ 47‬على رأس هذه املنظمات اليونسكو اليت ستتبنى مفهوم ردم اهلوة الرقمية بدون أدنى حتفظ‪.‬‬ ‫‪ 48‬هنا أيضاً‪ ,‬وتوخيا لإلختصار سنستعرض أهم اإلنتقادات‪.‬‬ ‫‪49‬‬ ‫ ‪Chéneau-Loquay , Annie(2003),Fracture numerique: un concept a so‬‬‫‪mettre a la question,les cahiers de NETSUDS,no 1,p1-5.‬‬ ‫‪50‬‬ ‫……‪BIT, UNESCO, PNUD,‬‬ ‫‪51‬تصريح للرئيس اجلنوب أفريقي السابق ‪ Thabo Mkebi‬يوم ‪ 4‬ماي ‪.1998‬‬

‫‪60‬‬

‫ستنتقل عرب عملية احملاكات الثقافية‪ 52‬إىل النخب السياسية والثقافية يف العامل الثالث‪.53‬‬ ‫وبالتالي سيتنتقل مفردات اخلطاب إىل جمتمعات اجلنوب عرب وسائل اإلتصاالت املتعددة‪ .‬إننا‬ ‫ال نقصد أن التكنولوجيا املعاصرة ضارة أو غري ذات فائدة‪ ,‬وإمنا نريد أن نصف إىل أي مستوى‬ ‫مت رفعها يف اخلطابات السياسية واإلقتصادية‪ .‬إن فهماً حقيقيا ملا تطرحه الفجوة الرقمية‬ ‫من حتديات على الدول الفقرية يتطلب اإلحاطة بفجوات أخرى ذات عالقة وطيدة‪ ,‬وعلى‬ ‫رأس هذه جند الفجوة اإلجتماعية والثقافية اليت تسبق اهلوة الرقمية‪ .54‬إن تركيز اخلطاب‬ ‫على اجلانب التقين الصرف سيؤدي بالضرورة إىل تبين احملتوى الثقايف الغربي حبذافريه دون‬ ‫االخذ بعني اإلعتبار اخلصوصيات احمللية‪ 55‬للشعوب األخرىودون أن يعين ذلك أن عملية نقل‬ ‫وحتويل تقانات اإلعالم والتواصل أصبحت مضمونة‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل هذا‪ ,‬يوجه النقد إىل اجلانب الفكري خلطاب الفجوة الرقمية فيما خيص طابعه‬ ‫احلتمي الظاهر‪ .‬وفق هذا التصور فإن جمتمعات اجلنوب ستبلغ حتما نفس املراحل ونفس‬ ‫األهداف اليت حققتها اجملتمعات الغربية املتقدمة‪ .‬وهذه احلتمية تقودنا إىل احلديث عن‬ ‫مثلب آخر يف هذا اخلطاب‪ :‬إنه الطابع اخلطي للتاريخ بصفة عامة‪ ,‬ولتاريخ التطور الرقمي‬ ‫على وجه اخلصوص‪ .‬مبعنى أن النشاط اإلنساني له نقطة بداية‪ ,‬خطة سري ونقطة وصول ال‬ ‫تتغري وال تتبدل لكل اجملتمعات اإلنسانية‪ .‬إن اخلطاب ينطلق من اخلصوصية الغربية ليعمم‬ ‫الدروس والعرب على الفضاءات الثقافية األخرى ‪.‬وسواء تعلق األمر بالفجوة الرقمية أو بغريها‬ ‫من إشكاليات التنمية األخرى‪ ,‬فاملطلوب هو إتباع نفس الطريق‪,‬نفس األساليب‪,‬نفس املنطق أو‬ ‫الفلسفة‪ .‬وإذا كان هذا الطرح مستساغاً يف منتصف القرن العشرين‪,‬فإنه اليوم وبعد املآالت‬

‫‪52‬الثقافة هنا باملعنى األنرتبولوجي أو اإلناسي‪.‬‬ ‫‪ 53‬أنظر دراسة ‪ Nicolas PEJOUT‬املخصصة حلالة دولة يف العامل الثالث(أفريقيا اجلنوبية)‬ ‫وهي” تصطدم” بالتكنولوجيا الرقمية‪.‬‬ ‫‪« Les Nouvelles Techno- logies de l'Information et de la Communication en‬‬ ‫‪Afrique du Sud : les mots de la fracture ou la rhétorique du numérique », in‬‬ ‫‪Netsuds , n°1, Août, 2003 ; L'Harmattan, Paris, p.7-24‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪HOSS , Jean-Pierre(2007),Reduire la fracture numerique Nord-Sud,‬‬ ‫‪http://www.betapolitique.fr/Reduire-la-fracture-numerique-Nord-00179.‬‬ ‫‪htm. 26/01/2009..‬‬ ‫‪55‬الفجوة تتجسد أيضاً من خالل احملتويات القيمية للمنتجات الرقمية‪ ,‬وهكذا و حسب دراسة لربنامج‬ ‫األمم املتحدة للتنمية(‪ , )PNUD‬فإن بروفايل الشخص الذي يتعامل مع اإلنرتنت هو‪ :‬رجل يقل عمره‬ ‫عن ‪ 35‬سنة‪ ,‬حاصل على شهادة جامعية عليا‪ ,‬له مداخيل عالية‪ ,‬يسكن املدينة ويتحدث اإلجنليزية‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫لكي ال نقول املآزق‪ -‬اليت وصل إليها مفهوم التنمية يف العامل املعاصر‪ ,‬أصبح حمل شك حتى‬‫يف اجملتمعات الغربية نفسها‪ .‬لذلك مل يعد اليوم مستغربا أن تكون هناك كتابات ودعوات إىل‬ ‫ترك احلرية للمجتمعات اإلنسانية لتختار أنسب طريق لتحقيق التنمية‪ .‬وإذا قلنا أنسب‬ ‫طريق‪ ,‬فهذا يعين أن الطريق الغربي ليست حتمية وال قدرأً ال مفر منه‪ ,‬خاصة وأننا واثقون‬ ‫اليوم بأنه من املستحيل‪ -‬يف ظل ندرة املوارد فوق كوكب األرض‪ -‬على الدول الفقرية بلوغ‬ ‫نفس درجة التطور اليت وصلتها الدول الغنية‪.‬‬ ‫يف حقيقة األمر هناك إنتقادات كثرية أخرى توجه خلطاب الفجوة الرقمية‪ ,‬سواء فيما يتعلق‬ ‫باإلعتبارات السياسية‪-‬اإلجتماعية – اإلقتصادية أو الفكرية‪ .‬وهذه اإلنتقادات تأتي من اجلنوب‬ ‫كما من الشمال‪ ,‬وهو ما يؤكد مبا ال يدع جما ً‬ ‫ال للشك أن هناك إمجاعا على فشل معركة‬ ‫اهلوة الرقمية‪ ,‬على األقل بصيغتها احلالية‪ .‬فهل هناك إمكانية ما إلجياد بديل نظري وعملي‬ ‫أكثر واقعية؟‬

‫خاتمة‬ ‫مرت أكثر من ثالثني سنة على نقاشات مشروع النظام الدولي اإلعالمي اجلديد الذي كان‬ ‫مصريه الفشل‪ ,‬ومرت سنوات عدة منذ إنعقاد اجلزء الثاني من القمة العاملية حول جمتمع‬ ‫املعلومات اليت عقدت يف تونس‪ ,‬مرت كل هذه السنوات وال زالت نفس اإلشكاليات مطروحة‬ ‫يف الساحة الدولية‪ .‬وإذا أردنا أن نكون أكثر أمانة وأكثر حتديداً فسنقول بأن اإلشكاليات‬ ‫«تعصرنت»‪ .‬فإذا كانت دول العامل الثالث تطالب يف النصف الثاني‬ ‫املطروحة مل تتغري وإمنا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫من القرن العشرين حبصتها يف السوق اإلعالمي الدولي الذي كان قائما آنذاك مبنتجاته‬ ‫التناظرية ‪ ,‬فإنها بعد الثورة اإلعالمية العمالقة حتولت مطالبها إىل السلع الرقمية‪ .‬وسواء‬ ‫يف القرن املاضي أو يف بداية األلفية اجلديدة فإن اإلجابات مل تتغري كثرياً وإن لبست أشكا ً‬ ‫ال‬ ‫وصيغا خمتلفة‪ ,‬وإن عقدت هلا مؤمترات وندوات عاملية‪.‬‬ ‫إن السبب الرئيسي يف فشل كل املشاريع الدولية املرتبطة بامليدان اإلعالمي ‪-‬قدميه وجديده‬ ‫–تعود بالدرجة االوىل إىل غياب اإلرادة السياسية لدى الدول الكربى املتحكمة يف مصري‬ ‫اجملتمع الدولي يف أبعاده املختلفة‪ .‬وإذ تتصرف الدول الغنية بهذه الطريقة فإنها تطيل أمد‬ ‫الفجوات العديدة اليت يعرفها العامل املعاصر ومن بينها الفجوة الرقمية‪ .‬أما املنظمات الدولية‬ ‫فهي عاجزة يف ظل موازين القوى القائمة عن فعل أي شيء‪.‬‬ ‫إن اهلوة الرقمية احلالية تشبه سابقاتها يف املرحلة الصناعية‪ ,‬ولكنها ختتلف عنها بسبب‬ ‫تأثرياتها اإلقتصادية‪ ,‬اإلجتماعية والثقافية‪ .‬وما مل تكن هناك خطوات حقيقية ‪ ,‬ليس لردم‬ ‫‪62‬‬

‫ مامل تكن‬,‫وإمنا للتخفيف منها وفق منظور فكري أكثر واقعية‬,ً‫ألن هذا لن يتم أبدا‬,‫اهلوة‬ ‫هناك هذه اخلطوات فإن اهلوة الرقمية ستخلق جمتمعا إنسانيا يشبه ذلك الذي كان قائما يف‬ ‫ وهذا الكالم‬.>apartheid< ‫ إنه جمتمع ال‬,‫يوم من األيام يف بعض مناطق القارة اإلفريقية‬ ‫ الرقمي من توقيع السكرتري التنفيذي لصندوق التضامن الرقمي السيد‬apartheid ‫عن ال‬ .Alain CLERC

‫الئحة المراجع‬ ‫ لذلك‬,‫ رجعنا إىل مصادر أخرى كثرية إلعداد الدراسة‬,‫باإلضافة إىل املراجع املذكورة يف هوامش البحث‬ .‫ اليت مل تذكر‬.‫ستتضمن الالئحة أهم هذه املراجع‬

‫الكتب‬

BOURGES, Hervé(1978) Décoloniser l>information, Paris, Editions CANA, 168p. CASTELLS, Manuel(2002) La galaxie Internet, Paris, Fayard, 368p. CHENEAU-LOQUAY, Annie (Coord.)(2000) Enjeux des technologies de la communication en Afrique : du téléphone à Internet. Avec le cédérom Internet au Sud, Paris, Karthala, 402 p. LAFARGUES , Yves(2003), Halte aux absurdites technologiques,Paris, Editions de l organisation,236p. MASMOUDI, Mustapha(1986) Voie libre pour monde multiple, Paris, Ec nomica, 294p. MATHIEN, Michel (coord) (2005) La société de l>information : Entre mythes et réalités, Bruxelles, Bruylant, 432 p. Mathien, Michel(coord) (2008) Le sommet mondial sur la société de l’information et après ? perspectives sur la cité globale, Bruxelles, Bruylant, 439p. MATTELART, Armand(1996) La mondialisation de la communication, Que sais-je ?, Paris, PUF,127p. Mc BRIDE, Sean (sous la direction de)(1980) Voix multiples, un seul monde, Paris, UNESCO, NOORDENSTRENG, Kaarle; SCHILLER, Herbert(1993) Beyond National

63

Sovereignty and International communication in the 1990s, Norwood, Ablex, 483p. RAMONET, Ignacio(1997) Géopolitique du chaos, Paris, Galilée, 160p. SOUPIZET, Jean-François(2005) La fracture numérique Nord-Sud, Paris, Ec nomica, 248p.

‫رسالة جامعية‬

TCHEHOUALI , Destiny(2006) Du NOMIC au Sommet Mondial de la S ciété del>Information: Le rôle de l>UNESCO dans la réduction de la fracture numérique en Afrique , Université Stendhal - Grenoble 3, , www.memoir online.com/.../m_nomic-sommet-mondial-societe-de-l-information-unescoreduction-fracture.

‫املقاالت‬

FULLSACK, Jean-Louis,KIYINDOU,Alain(2005),Bilan mitige et perspe tives, in La societe de l information : entre mythes et realites, pp 321-336, Bruxelles,Bruylant. FULLSACK, Jean-Louis,KIYINDOU,Alain(2006), Le sommet mondial de li formation, Un bilan critique, Annuaire francais des Relations internationales (A. F. R. I), volume 7, 2006, pp1029-1042. Chéneau-Loquay , Annie(2003),Fracture numerique: un concept a soumettre a la question,les cahiers de NETSUDS,no 1,p1-5. Cultures et Conflits, no 64,2006 . Liberation 25/11/2008.

‫إستجوابات‬

‫املصادر على األنرتنت‬

http://www.itu.int/wsis/index-fr.html(25/01/2009). Mark Raboy et Normand Landry , Mai 2004, http://www.lrpc.umontreal.ca/ smsirapport.pdf (26/01/2009). .la fracture numérique n’est-elle pas d’abord une fracture énergétique ?( 2008) ; http://web2solidarite.ning.com (26/01/2009). HOSS , Jean-Pierre(2007),Reduire la fracture numerique Nord-Sud, http:// www.betapolitique.fr/Reduire-la-fracture-numerique-Nord-00179.htm. 26/01/2009..

64

:‫العرب وثورة االتصال المعاصرة‬

-----------------------------------------

‫االعالم العربي على مفترق طريق‬

‫ عصام سليمان املوسى‬.‫د‬.‫أ‬ ‫جامعة الشرق األوسط للدراسات العليا‬ ‫األردن‬

Abstract The present paper is concerned with the following question: How far the new Arab media can succeed in breaking authoritarian Arab governments’ monopoly over the Arab communication system? The paper suggests that the changes brought about by the new Arab Media—in the present communication revolution-- should r flect on the dominant communication system and lead to long-term future liberalizing changes in the whole social and political stru tures in the Arab society.

65

‫ملخص ومقدمة‬ ‫الطروحات الشائعة هي أن اإلعالم العربي إعالم حكومات يف الدرجة األوىل ‪ ،‬وأن براجمه‬ ‫مستوردة يف األغلب ‪ ،‬ومعظم ما يقدم عربه سطحي‪ ،‬وأن الشعب العربي سليب يقف متفرجا‬ ‫على األحداث ال مشاركا يف صنعها‪ ،‬وأغلبه غري متعلم يفضل االعتماد على اإلعالم اإللكرتوني‬ ‫( اإلذاعة والتلفاز) كمصادر رئيسة للحصول على املعلومات مبا يعمق األمية والشفاهية‬ ‫والغزو الثقايف(‪.)1‬‬ ‫هذه الطروحات قد تكون صحيحة إىل حد بعيد‪ ،‬لكنها يف الواقع ال تعكس كل احلقيقة‪.‬‬ ‫ملاذا؟ ألن إعالمنا يف مرحلته احلالية‪ -‬وكما يصفه البعض باإلعالم العربي اجلديد‪ -‬حيقق‬ ‫تأثريات‪ ،‬مع جمموعة أمور أخرى‪ ،‬ستقود مجيعها إىل حتولني رئيسني‪ :‬التحول األول‪ :‬يف‬ ‫نظام االتصال الذي يشهد االنتقال من سلطوي إىل شبه ليربالي؛ والتحول الثاني‪ ،‬فين وتقين‪،‬‬ ‫ويتمثل باالنتقال من (إعالم) إىل (اتصال مجاهريي)‪ .‬وستنعكس آثار هذين التغريين على‬ ‫املدى الطويل إجيابا على تفكري اجملتمع العربي‪ ،‬وسيقودان لتغيريات مستقبلية يف بناه‬ ‫االجتماعية والسياسية‪.‬‬ ‫من املؤكد أن هناك عوامل أخرى تعزز دور اإلعالم وتسانده يف إحداث التغيري املرجو‪ ،‬من‬ ‫أهمها‪ :‬التعليم‪ ،‬والضغوط الداخلية واخلارجية حنو حتقيق اإلصالح الذي صار مسة من‬ ‫مسات املرحلة السياسية احلالية‪ .‬غري أن اإلعالم العربي اجلديد يتفوق عليها مجيعا‪ ،‬ألسباب‬ ‫منها‪ ،‬مشولية تغطيته‪ ،‬وألنه الرافعة ألفكار اإلصالح‪ ،‬ولذا سينظر اليه يف هذه الدراسة على‬ ‫أنه احملرك الرئيس إلحداث التغيري يف احمليط العربي‪.‬‬

‫تمهيد‬ ‫سيستخدم بتحفظ مصطلح االعالم اجلديد يف هذه الدراسة لالشارة اىل االعالم الذي دخل‬ ‫البالد العربية منذ تسعينيات القرن املاضي ‪ ،‬وحتديدا االعالم العابر للحدود ( كالفضائيات‬ ‫واالذاعات والصحافة الدولية الناطقة بالعربية واالنرتنت) ‪ .‬والسبب يف التحفظ على مصطلح‬ ‫االعالم اجلديد‪ ،‬ألن االنسان خملوق اتصالي سعى منذ فجر التاريخ لتطوير ادواته االتصالية‪-‬‬ ‫االعالمية‪ .‬وكان من نتيجة ذلك ان طور الورق‪ ،‬فحل حمل اجللود يف الكتابة‪ ،‬وطور احلاسوب‬ ‫مؤخرا فحل حمل املطبعة وأدوات اتصال أخرى‪ .‬لذا‪ ،‬فان اخلروج من مأزق التسميات يأتي عن‬ ‫طريق اعتماد تاريخ االتصال وعصوره (األربعة) وثوراته (األربعة) مدخال سأعمل على تطبيقه‬ ‫يف هذه الدراسة للوصول اىل نتائج مرتبطة بتاريخ االنسان االتصاىل‪-‬االعالمي‪ ،‬وما له عالقه‬ ‫باالتصال العربي‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫إعالم الرأي الواحد‬

‫كان (وليم روو) ‪ ،‬يف كتابه املشهور الصحافة العربية الصادر عام ‪ ،1979‬قد صنف اإلعالم‬ ‫العربي ضمن النظرية السلطوية‪ ،‬وهي تلك اليت ترى أن اإلعالم خاضع للسلطة وينطق‬ ‫بامسها ويعمل بتوجيهاتها ‪ -‬عكس اإلعالم الليربالي‪ ،‬أو إعالم احلرية الذي يقوم على أساس‬ ‫أن اإلعالم سلطة رابعة رقابية‪ ،‬يقدم الرأي والرأي اآلخر ويوجه النقد للحكومات‪ .‬لكن (روو)‬ ‫هذا وجد فروقا طفيفة بني إعالم الدول العربية‪ ،‬كانت يف الدرجة ال يف النوع‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد‬ ‫صنف اإلعالم العربي يف ثالث درجات‪ :‬املوالي (كما يف األنظمة امللكية) والتعبوي (كما يف‬ ‫األنظمة اجلمهورية) واملتنوع‪ .‬ورأى أن النوع الثالث هو األفضل ألنه يقدم احلد األدنى من‬ ‫تعددية الرأي كما يف صحافة لبنان واملغرب – والكويت آنئذ((‪ .Rugh, 1979: 28-29‬غري‬ ‫ان (روو) يف كتابه اجلديد عن االعالم العربي الذي صدر عام ‪ 2004‬اعاد النظر يف تصنيفاته‬ ‫وجاء بنوع رابع لالعالم العربي‪ ،‬اضافة لألنواع الثالثه السالفة‪ ،‬هو االنتقالي‪ ،‬ومن خصائصه‬ ‫«أنه يسمح بسيطرة حكومية يف ذات الوقت الذي تظهر فيه درجة من حرية التعبري والتنوع» (‬ ‫ص ‪.)121‬‬

‫املؤسسة اإلعالمية مرآة تعكس وتؤثر!‬

‫والواقع‪ ،‬أن املؤسسة اإلعالمية ليست أكثر من نسيق(‪ )sub-system‬يف مصفوفة‬ ‫ ‬ ‫داخل نسق(‪ )system‬أكرب‪ ،‬تعكس خصائص ذلك النسق األم ‪ -‬الذي هو الدولة ‪ -‬تتأثر وتؤثر‬ ‫فيه‪ ،‬خاصة وان العالقة بني االثنني « متداخلة « ‪ .) )Littlejohn: 3‬من هنا فان مقولة البعض‬ ‫أن اإلعالم مرآة تعكس اجملتمع ال تصبح صحيحة يف املسار العربي متاما‪ ،‬ذلك أن اإلعالم العربي‬ ‫عمليا هو إعالم رمسي أو شبه رمسي ال ميثل كل شرائح اجملتمع متثيال عادال‪ .‬بل أن (روو)‬ ‫يرى أن هناك « عالقة عضوية بني مؤسسات اإلعالم العربي واجملتمع من جهة والدولة يف‬ ‫األنظمة العربية من جهة أخرى»‪ .))xvi :1979‬وعليه‪ ،‬وبسبب الرتابط العضوي بني االثنني‪:‬‬ ‫النسق األم والنسيق اإلعالمي نفسه‪ ،‬فان أي تغيري على أوضاع أحدهما يؤدي إىل إحداث تغيري‬ ‫يف اآلخر‪.‬‬

‫التعليم والضغوط حنو اإلصالح‬

‫من بني العوامل األخرى الفاعلة يف إحداث التغيري حنو اإلصالح‪ ،‬الذي أصبح اآلن أمرا‬ ‫مقبوال من مجيع األنظمة السياسية العربية‪ ،‬هناك غوامل التنشئة االجتماعية املختلفة‪ ،‬ومنها‬ ‫التعليم‪ -‬كما أشرنا يف املقدمة‪ .‬غري أن نسبة األمية اإلمجالية يف الوطن العربي قد تصل إىل‬ ‫‪ ، 40-45%‬وهي أعلى بني اإلناث منها عند الذكور‪ .‬وعلى الرغم من انتشار اجلامعات العربية‬ ‫الرمسية واخلاصة مؤخرا على نطاق واسع ‪ ،‬قان عدم وجود جامعات عربية متميزة‪ِ ،‬يؤدي إىل‬ ‫زيادة نسبة املتعلمني تعليما وسطا إىل أعداد هائلة ‪ ،‬مما يؤكد أهمية دور االتصال اإللكرتوني‬ ‫‪67‬‬

‫يف حياتهم وبالتالي استمرارية شفاهية احلياة العربية الثقافية‪.‬‬ ‫يضاف إىل اإلعالم والتعليم‪ ،‬هناك أيضا الضغوط الداخلية واخلارجية اليت تدفع حنو إصالح‬ ‫أوضاع األنظمة العربية‪ .‬يقول مراقب أكادميي يف مقالة له يف صحيفة يومية‪ ،‬يف معرض‬ ‫تعليقه على عمليات اإلصالح اليت بدأت تأخذ جمراها يف العديد من األنظمة العربية‪« :‬ال ميكننا‬ ‫املكابرة وجتاهل ما حدث مؤخرا يف أكثر من بلد عربي‪ ،‬واعتباره حاالت طبيعية كان ميكن أن‬ ‫حتدث دون ضغوط خارجية» (البدور‪ ،‬الرأي‪ .)15/6/2005 ،‬ومن أهم االصالحات البارزة اليت‬ ‫ميكن اإلشارة إليها وحتققت مؤخرا يف هذا املضمار‪ :‬االنتخابات النيابية يف العديد من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬ومنح احلكم الذاتي ألقليات‪ ،‬واالنتخابات البلدية (كما يف السعوديه) وتصويت املرأة‬ ‫(كما يف الكويت) ‪ ،‬اضافة اىل قياسات الرأي العام‪ ،‬وانتشار االذاعات والصحف اخلاصة وتقنيات‬ ‫االتصال احلديثة (كاالنرتنت والصخافة االلكرتونية واملدونات الفردية ‪ -‬مما كان قبال غري‬ ‫معمول به‪ -‬ومجيعها تؤشر حلدوث تطور يف احلياة العامة والسياسية واالجتماعية‪.‬‬ ‫اإلعالم نسق مؤثر‬ ‫ومن هذا األساس‪ ،‬وعلى اعتبار أن التغيري باجتاه اإلصالح اصبح أمرا مقبوال يف األنظمة العربية‪،‬‬ ‫فان الفرضية الرئيسة يف الدراسة احلالية تقوم على أن وسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬كنسيق‬ ‫(‪ )sub-system‬رئيسي‪ ،‬قامت منذ زمن ليس بالبعيد‪ ،‬وحتديدا منذ انتشار الفضائيات العربية‬ ‫مع مطلع الثمانينات‪ ،‬بإحداث تغيري تدرجيي يف بنية اجملتمع العربي االتصالية‪ .‬بعبارة ثانية‪،‬‬ ‫فان التغيري الذي سيطرأ على النسيق األصغر ( ويف هذه احلالة ‪ :‬نظام االتصال اجلماهريي‬ ‫العربي) سيلعب دورا مؤثرا يف إصالح النسق األم‪ ،‬نسق االتصال عامة‪ -‬رغم أن هذا التغيري‬ ‫سيكون بطبيعة احلال تدرجييا وبطيئا)‪ .‬وبسبب الضغوط اخلارجية اليت يتعرض هلا النسق‬ ‫اإلعالمي العربي‪ ،‬بسبب املنافسة مع قنوات أخرى عربية ودولية‪ ،‬فأن «النسق املتقدمة جيب‬ ‫أن تكون قادرة على إعادة ترتيب مضمونها حبسب الضغوط احمليطة» (‪، )Littlejohn: 31‬‬ ‫وهذا يعين أن اإلعالم العربي قد يكون له أثر ظاهري أسرع من غريه يف إحداث التغيري املرجو‬ ‫على العقلية العربية وخارج دائرة النفوذ السياسي للدولة مبا يقود اىل إرساء نظام اتصالي شبه‬ ‫ليربالي يعزز تقاليد العصر الشفاهي‪.‬‬

‫حتمية تكنولوجيا االتصال‬

‫ويف هذا استجابة ملنطق التاريخ‪ :‬فقد أوضحت الدراسات املتعلقة بتاريخ االتصال واملعلوماتية‬ ‫أن التغيري يف اجملتمع حنو مزيد من الدميقراطية سيحدث استجابة حلتمية تكنولوجيا‬ ‫االتصال‪ .‬ويف هذا اجملال أوضح باخثان عنيا بدراسة أثر االتصال من زاوية تارخيية هما هارولد‬ ‫انيس وتلميذه مارشال مكلوهان‪ ،‬أن التحول حنو مزيد من الليربالية وحرية التعبري يف هذه‬ ‫احلالة أمر مفروغ منه‪ .‬فمكلوهان يتحدث عن األثر الذي خلفه اخرتاع األجبدية يف الثورة‬

‫‪68‬‬

‫األوىل لالتصال معتربا أن اخرتاع األجبدية الصوتية ليس إال «تكنولوجيا فريدة من نوعها»‪،‬‬ ‫ويضيف أن استعماهلا كان يعين « القوة والسلطة والسيطرة على املواقع العسكرية من بعيد»؛‬ ‫لكن استخدام األجبدية مع ورق الربدي (وهما أداتان اتصاليتان مهمتان) أدى «إىل إنهاء سيطرة‬ ‫كهنة املعبد وك ٌتابه واحتكاراتهم للمعرفة والسلطة» (ص ص ‪ .)85-86‬أما هارولد انيس‪،‬‬ ‫أستاذ ماكلوهان الروحي‪ ،‬فريى أن «تأثري املطبعة كان واضحا ال يف الفلسفة اليت ظهرت يف‬ ‫القرن السابع عشر للميالد فحسب وإمنا أيضا يف ظهور الربملان»‪ ،‬وكان من نتيجة هذا «أن‬ ‫مبدأ القوة مت استبداله مببدأ القانون» (ص ‪ .)125‬هذه األقوال تبني انه حيثما مت استخدام‬ ‫تكنولوجيا االتصال اجلديدة فان ذلك يقود لتحوالت اجتماعية تعزز الدميقراطية وتركزها‬ ‫يف اجملتمع‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك من كسر احتكار الفئة املتحكمة باملعلومات مقابل أن تصبح‬ ‫املعرفة شائعة ميلكها أكرب عدد من أفراد اجملتمع‪ .‬ويتميز عصرنا احلالي على عصور االتصال‬ ‫السابقة بتطوير تقانة اتصال متفردة‪ :‬فهي رقمية (‪ )Digital‬و تبادلية(‪، )Interactive‬‬ ‫ومرتبطة ببعضها (كربط الكامريا بالقمر الصناعي باحلاسوب‪ ،‬مما ميكن من عقد مؤمتر‬ ‫عن بعد(‪ .Video-conferencing‬ومن هنا فإن تأثريها على اجملتمعات العربية سيكون‬ ‫أقوى‪.‬‬

‫وسائل اإلعالم واالتصال مل تأت من فراغ‬

‫لو نظرنا لألمر من زاوية تارخيية‪ ،‬فماذا نرى؟ من املؤكد أننا ال نستطيع اخلوض يف‬ ‫اإلعالم العربي دون الغوص يف تاريخ تطوره لتوفري نظرة مشولية‪ .‬فوسائل اإلعالم واالتصال‪،‬‬ ‫منذ القدم‪ ،‬مل تأت من فراغ‪ ،‬وإمنا نتيجة تطور مهارات االتصال عند اإلنسان منذ اخلليقة‪ .‬وهلذا‬ ‫فهناك تاريخ اتصالي لإلنسانية‪ .‬وقد قسم علماء االتصال تاريخ اإلنسان االتصالي‪ -‬املعلوماتي‬ ‫إىل أربعة عصور انتهى كل واحد منها بثورة افتتحت العصر الذي يليه‪ ،‬وأغدقت على القائمني‬ ‫بتلك الثورة قوة مضافة مكنتهم من السيطرة السياسية إىل حني ظهور قوة اتصالية منافسة‪.‬‬ ‫األجبدية وفضلنا على العامل‬ ‫هناك أوال عصر االتصال الشفوي‪ :‬الذي انتهى بثورة األجبدية‪ ،‬أو ثورة االتصال األوىل‪،‬‬ ‫اليت أوجدها أجدادنا الكنعانيون حني طوروا احلروف اليت نستعملها حاليا يف البالد العربية‬ ‫واألوروبية ‪ ،‬وكان ذلك حوالي‪ 1500‬ق‪.‬م؛ وثانيا عصر الكتابة الذي انتهى بالثورة الثانية‬ ‫لالتصال ومتثلت بتطوير املطبعة يف أملانيا على يد جوتنربج (‪1453‬م)؛ وثالثا عصر االتصال‬ ‫اجلماهريي الذي بزغ بتطوير الكهرباء (وبالتحديد مع ظهور التلغراف عام ‪ )1835‬فقاد إىل‬ ‫الثورة الثالثة‪ ،‬ثورة االتصال اإللكرتوني يف عصرنا احلالي‪ .‬وهناك الثورة الرابعة الرقمية اليت‬ ‫حدثت منذ سنوات قليلة (واليت يشري اليها البعض باالعالم اجلديد) ومكنت من ربط أجهزة‬ ‫وأدوات االتصال ببعضها (‪ Stephens‬واملوسى‪.)1999 ،‬‬ ‫‪69‬‬

‫احتكار املعرفة‬

‫لقد متيز عصرا االتصال األول والثاني بسيادة النظام السلطوي القائم على اقتصار املعرفة‬ ‫على الصفوة (بتحالف من القوى الدينية والسياسية والعسكرية) اليت احتكرت السلطة‪ .‬وهكذا‬ ‫تصبح نظرية السلطة مرتبطة مبفهوم احتكار الرأي الواحد (أي رأي السلطة ومن لف معها)‪.‬‬ ‫واستمر االحتكار حتى اخرتاع املطبعة اليت أدت إىل انتشار الكتب على نطاق واسع‪ ،‬فاتسعت‬ ‫املعرفة‪ .‬وقاد التنوير املعريف إىل معارك إصالحية ضارية شهدتها أوروبا بني السلطة من جهة‪،‬‬ ‫وبني الداعني حلرية التعبري من جهة ثانية‪ .‬وانتهت بظهور الليربالية الغربية اليت تتلخص‬ ‫مبفاهيم‪ :‬قبول الرأي والرأي اآلخر والسلطة الرابعة والرقابية‪ ،‬وحرية التعبري‪ ،‬وحق اإلنسان‬ ‫يف االتصال‪ ،‬والتمثيل الشعيب النيابي‪ ،‬اخل‪.‬‬

‫حركات إصالحية‬

‫ورغم أنه يبدو «مستحيال» حتديد اآلثار اليت جنمت عن اخرتاع املطبعة على يد جوتنربج ألنها‬ ‫«أحدثت تغيريات أساسية يف النماذج الفكرية السائدة» (‪Eisenstein:703- 705‬؛ (‪Mody:‬‬ ‫‪ 40‬إال أن النتائج النامجة عن انتشار املعرفة اليت ظهرت على شكل حركات إصالحية يف‬ ‫أوروبا ميكن إمجال أهمها على النحو التالي‪:‬‬ ‫• دينية (أدت إىل فصل الدين عن الدولة وظهور العلمانية)‬ ‫• وجتارية (أنهت احتكار التجارة العربية البحرية ومكنت أوروبا من السيطرة على طرق ‬ ‫التجارة الدولية البحرية)‪.‬‬ ‫• وعلمية ( وفرت املدارس واجلامعات‪ّ ،‬‬ ‫وخطت النهج العلمي القائم على الشك الديكارتي ‬ ‫(أنا أفكر…أنا أشك)‪ ،‬وقادت إىل االخرتاعات واملكتشفات اجلغرافية)‬ ‫• واجتماعية (أسقطت النظام القبلي ونظام الطبقات وعززت الفردية واالعتماد على ‬ ‫الذات)‬ ‫• وسياسية (توجت بالثورة الفرنسية اليت قادت إىل حكم الشعب من الشعب وظهور الرأي ‬ ‫العام )‪.‬‬ ‫• وصناعية‪ -‬إلكرتونية (إذ قادت الثورة الصناعية إىل استخدام اآللة وظهور الكهرباء مما‬ ‫أوصلنا إىل ظهور عصر اتصالي جديد هو عصر االتصال اإللكرتوني الذي جاء بالتلغراف‬ ‫وأعقبه ظهور املذياع والتلفاز والقمر الصناعي والكمبيوتر واإلنرتنت واهلاتف اخللوي اخل‪.).‬‬ ‫بل ان التلغراف الكهربائي الذي آذن بقدوم الثورة الثالثة لالتصال‪ ،‬االلكرتونية‪ ،‬كان «عامال‬ ‫أساسيا يف بناء الدولة القومية يف اوروبا» ويف «تفاعالتها»واتصاالتها مع اخلارج (اجلمال‪.)33 :‬‬ ‫احلضارة الغربية وسريان املعلومات‬ ‫‪70‬‬

‫عززت احلضارة الغربية من مكانتها بعد اخرتاع املطبعة وأجهزة االتصال االلكرتوني بتحقيق‬ ‫تفوق يف سريان املعلومات استمر حتى يومنا هذا ومرشح لالستمراريف املستقبل املنظور اال‬ ‫اذا متت مواجهته بشكل فاعل‪ .‬وحنو هذا يالحظ الباحثون الغربيون «ان اهلدف املركزي‬ ‫للسياسة اخلارجية األمريكية يف عصر املعلومات جيب أن يكون كسب معركة التدفق‬ ‫العاملي للمعلومات والسيطرة على املوجات اهلوائية مثلما كانت بريطانيا العظمى تسيطر‬ ‫على البحار يف السابق» (ماكفيل‪.)167 :‬‬ ‫كان من نتيجة تفوق اوروبا بعد الثورةالثانية لالتصال ان استعمرت العامل القديم واكتشفت‬ ‫العامل اجلديد ‪ .‬لكن املرحلة االستعمارية األوروبية توجت بقيام حربني عامليتني‪ ،‬بني القوى‬ ‫املتصارعة فيها‪ ،‬فدفعت شعوبها مثنا غاليا ألطماع حكوماتها‪ .‬وأوشكت املرحلة على االنتهاء‬ ‫بظهور األمم املتحدة اليت أقرت مبادئ تقرير املصري والعدالة وحقوق اإلنسان‪ .‬لكن سقوط‬ ‫االحتاد السوفياتي (عام ‪ )1990‬جاء مواكبا لظهور الثورة الرابعة يف االتصال‪ ،‬الرقمية‪،‬‬ ‫فقاد ذلك اىل ظهور عامل أحادي القطبية أوصلت اىل عوملته تقانة االتصال احلديثة‪ ،‬جالبة‬ ‫معها نوعا جديدا من االستعمار‪ ،‬هو االستعمار االلكرتوني الذي «حل حمل أشكال االستعمار‬ ‫القدمية‪ :‬العسكري والديين والتجاري»‪ ،‬والذي يقوم على «استرياد برامج وأدوات االتصال‬ ‫جنبا اىل جنب مع استقدام املهنسني والفنيني والقواعد الالزمة» مبا يؤديه ذلك االسترياد «اىل‬ ‫ظهور قيم وعادات وثقافات وتوقعات جديدة تتعارض بدرجة كبرية مع قيم الثقافات احمللية‬ ‫وعاداتها» (ماكفيل‪.)40-41 :‬‬

‫ووجه تقين مهم‬

‫تشهد بقية أقطار العامل‪ ،‬وخاصة النامية‪ ،‬اليت يعشش فيها النظام اإلعالمي السلطوي‪ ،‬خطرا‬ ‫موجها من االستعمار االلكرتوني ومنتظما يهدد قيمها‪ .‬هذا من الناحية السلبية‪ .‬اما من الناحية‬ ‫األخرى‪ ،‬فانها كنظم اجتماعية تشهد حتركا نوعيا ونقلة جديدة باجتاه ولوج نظام اتصالي‬ ‫جديد ذا مالمح شبه ليرباليه قائم على قبول وجهة النظر األخرى‪ ،‬واكبها ظهور أشكال أولية‬ ‫من التمثيل الدميقراطي النيابي‪ -‬كما أشرنا أعاله ‪ .‬وقد حتقق جزء كبري من هذا التحول‬ ‫بفضل جمموعة عوامل‪ ،‬من أبرزها تطور تكنولوجيا االتصال واملعلوماتية اجلديدة‪ ،‬اليت توفر‬ ‫املعرفة بأشكاهلا املختلفة للمتلقي أينما كان‪ .‬لذا فان السؤال الذي يتبع هو‪ :‬هل سيواكب‬ ‫هذا التحول بدء عملية تطوير (اإلعالم) العربي إىل (اتصال مجاهريي)‪ ،‬واالنتقال من نظام‬ ‫سلطوي يف االعالم اىل نظام ليربالي أو شبه ليربالي؟؟‬

‫‪71‬‬

‫هل إعالمنا سلطوي حقا؟؟‬

‫إن مراجعة تارخينا العربي يف االتصال اجلماهريي (وما يسمى اجتزاء باإلعالم) منذ ظهوره يف‬ ‫منتصف القرن الثامن عشر يبني لنا أنه قد مر مبراحل أربع (املوسى‪ )2( )1996 ،‬وهو اآلن على‬ ‫مشارف مرحلة خامسة هي مدار هذه الدراسة‪:‬‬ ‫‪1 .1‬السيطرة‪ :‬تأخر دخول املطبعة يف الدولة العثمانية ومعها األقطار العربية‪ ،‬بفعل فتوى‬ ‫من شيخ اإلسالم بأنها «رجس من عمل الشيطان» (مروة‪ ،‬ص ‪ )139‬حتى نهاية القرن الثامن‬ ‫عشر‪ .‬وال بد أن الصفوة احلاكمة يف الدولة قد رأت يف املطبعة ‪ -‬وما يعنيه استخدامها من‬ ‫انتشار واسع للمعرفة ‪« -‬منافسا خطرا لسلطانها على العلم واملعرفة» واحتكارها هلا(املوسى‪،‬‬ ‫‪ ،1998‬ص‪ .)23‬وكانت الصحف األوىل اليت ظهرت اعتبارا من مطلع القرن التاسع عشر‬ ‫رمسية ( مثل ‪ :‬جورنال العراق عام ‪ 1916‬وطبعت يف بغداد باللغتني العربية والرتكية‪ ،‬أو‬ ‫جورنال اخلديوي يف مصر عام ‪ 1827‬وطبعت أول األمر بالرتكية‪ ،‬وأصدر الفرنسيون يف‬ ‫اجلزائر جريدة املبشر عام ‪ 1847‬بعد احتالهلم تلك البالد عام ‪ .) 1932‬مثل هذه الصحف‬ ‫صدرت يف عواصم الواليات اخلاضعة للدولة العثمانية أو احلكومات املستعمرة (بكسر الراء)‪.‬‬ ‫وكانت مجيعا تنطق بلسان حال احلكومة وتقدم وجهة نظرها وتنشر التعليمات والبيانات‬ ‫الرمسية وحتول دون نشر وجهة نظر ناقدة‪ .‬وجاء قانون املطبوعات العثماني الصادر أوال عام‬ ‫‪ 1857‬واملعدل عام ‪1865‬سلطويا مطلقا حمددا للحرية‪ .‬وهكذا كان هدف السلطات‪ ،‬سواء‬ ‫أكانت عثمانية أم أوروبية استعمارية‪ ،‬أم حملية منشقة (مثل حممد علي يف مصر)‪ ،‬من وراء‬ ‫استخدام وسائل االتصال اجلماهريي ‪ ،‬حتقيق السيطرة على فكر اإلنسان العربي وإخضاعه‬ ‫لرؤية السلطة وتوجيهه للقبول بأفكارها‪.‬‬ ‫‪2 .2‬النهوض‪ :‬وذلك حني حتدى الصحفيون العرب السلطة العثمانية فدعوا لتحرر األمة‬ ‫واستقالهلا خاصة بعد صدور قانون عام ‪ 1909‬العثماني الذي مسح حبرية تعبري حمدودة‪.‬‬ ‫وقبله لعبت الصحافة اليت صدرت يف لبنان ومصر يف النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫خاصة على أيدي صحافيني من أمثال أديب إسحاق وعبد الرمحن الكواكيب‪ ،‬دورا يف الدعوة‬ ‫للتحرر من اخلضوع للقوى احملتلة الفاسدة واملناداة بالعلمانية‪ ،‬وان كانت هذه الدعوات أكثر‬ ‫بروزا عند الصحفيني املسيحيني من اخوتهم املسلمني يف تلك الفرتة (‪.)Ayalon, p. 130‬‬ ‫وكان أن دفع الصحفيون السوريون الثمن بالدم لقاء دعواتهم لتحرير أمتهم‪ ،‬إذ عّلق مجال‬ ‫باشا السفاح ستة عشر صحفيا مع أحرار آخرين على أعواد املشانق يف ساحيت الشهداء يف دمشق‬ ‫وبريوت عشية قيام الثورة العربية الكربى عام ‪( 1916‬مروة)‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫‪3 .3‬االحتواء‪ :‬بعد احلربني العامليتني األوىل والثانية حصلت البالد العربية على استقالهلا‬ ‫تباعا‪ .‬ومل يكن هذا االستقالل كامال بل فيه خضوع للسلطات االستعمارية‪ ،‬متثل بتوقيف‬ ‫الصحف املنادية بالقومية والوحدة وسجن للصحفيني ومعاقبتهم‪ .‬وصاحب ذلك دخول املذياع‬ ‫ثم التلفاز‪ .‬وكان من الطبيعي يف ظل هذا الوضع أن تعمل السلطة‪ ،‬اخلاضعة لوصاية الدولة‬ ‫املنتدبه‪ ،‬على (احتواء) الدعوات املنادية حبرية التعبري فتمنع وجهة النظر الثانية‪ ،‬خاصة‬ ‫املناوئة‪ .‬ورغم مساح السلطات للصحافة أن تظل بيد القطاع اخلاص يف بعض األقطار‪ ،‬لكنها‬ ‫حددت عملها بقوانني املطبوعات والنشر‪ .‬ويف دول أخرى أممت الصحافة وخضعت لتوجيه‬ ‫السلطة وظهرت وزارات اإلعالم أو اإلرشاد والتوجيه القومي أو الوطين وصار تعيني رئيس‬ ‫التحرير من صالحية الوزير‪ .‬لكن وسائل االتصال االلكرتونية (املذياع والتلفاز) يف مجيع‬ ‫الدول العربية بقيت من البداية وحتى مطلع القرن احلالي خاضعة امجاال وبتفاوت (حبسب‬ ‫تقسيمات روو) للحكومات اليت اعتربتها وسائل توجيه وإعالم تنطق باسم السلطة‪ .‬ومل تكتف‬ ‫السلطة بذلك بل عززت أبواق الدعاية هلا بإنشاء وكاالت أنباء غذتها بسيل من أخبار الرمسيني‪.‬‬ ‫وأثبتت هذه الوسائل فعاليتها يف اجملتمعات بسبب ارتفاع األمية‪ ،‬فصارت وسائل اتصال شعبية‬ ‫تقدم ‪ -‬اإلعالم‪ -‬أي تقدم املعلومات الرمسية والتوجيه ‪ -‬وبرز يف هذه املرحلة االعالم املصري‬ ‫حتى عام ‪ .1967‬يف هذه املرحلة إذن مت احتواء اإلعالم وتوظيف صوته وإمكاناته بالكامل‬ ‫خلدمة السلطة وترويج سياساتها ومنع انتقادها‪ ،‬إال من جيوب معدودة هنا وهناك ‪ :‬كما‬ ‫يف لبنان والكويت واملغرب‪ ،‬ظهر بها اعالم متعدد‪ ،‬حبسب (روو)‪ ،‬مسح بتقديم تنوع يف وجهات‬ ‫النظر املطروحة يف الصحف ((‪.Rugh, 1979: 29‬‬ ‫‪4 .4‬اإلغراق والذهول‪ :‬مع قدوم االعالم اجلديد منذ منتصق الثمانينات باستخدام األقمار‬ ‫الصناعية وبدء انتشار الفضائيات‪ ،‬وظهور اإلنرتنت ظهر االعالم اخلاص اىل جانب االعالم‬ ‫الرمسي‪ .‬يف هذه املرحلة توارى مقص الرقيب والتوجيه املباشر خالهلا‪ ،‬اذ شهدت انفتاح السماء‬ ‫على فضائيات ال عد هلا وال حصر‪،‬وبعضها مسح له بانتقاد األنظمة األخرى (متجاهلة املثل‬ ‫القائل‪ :‬إذا كان بيتك من زجاج فال ترمي بيوت اآلخرين باحلجارة)‪ .‬وقد صف باحث أمريكي‬ ‫اثر تقانه االعالم اجلديد بقوله أنها «ثورة من نوع جديد يف العامل العربي ‪ ...‬أدت بدورها إىل‬ ‫تأسيس وسائل اتصال إقليمية حديثة يف املنطقة العربية تتفوق على السيطرة املباشرة‬ ‫حلكومات املنطقة واألنظمة السياسية فيها» (الرتمان‪ )21 :‬وكان من نتيجة هذا ان صارت‬ ‫عملية السيطرة على وسائل اإلعالم غري مباشرة (من خالل االعالنات واالشرتاكات)‪ .‬يف هذه‬ ‫املرحلة حل االعالم اخلليجي حمل املصري –الذي ضعف دوره الدعائي بعد حرب ‪،1967‬‬ ‫فزيدت اجلرعة الرتفيهية اليت قدمتها معظم الوسائل اإللكرتونية (اإلذاعة والتلفاز والسينما)‪،‬‬ ‫وذلك يف حماولة ختدير املواطن وإهلائه‪ ،‬وإفساد ذائقته‪ ،‬مبا قدمته من ألوان اإلغراء والغناء‬ ‫‪73‬‬

‫والربامج اهلابطة وبرامج املسابقات املالية (الضخمة أحيانا)‪ ،‬مع توظيف شركات االتصاالت‬ ‫اهلاتفية جلين األرباح الطائلة‪ .‬كان اهلدف أشغال املواطن وإضاعة وقته لكي ال يفكر حبقوقه‪.‬‬ ‫وكانت نتيجة هذا أن أصيب املتلقي العربي بالذهول واحلرية والضياع‪.‬‬ ‫نتائج جانبية لإلعالم اجلديد‬ ‫لكن قنوات اإلعالم اجلديد‪ ،‬وبالتأكيد دون ختطيط واع من اجلهات اليت ملكتها‪ ،‬ظهرت‬ ‫هلا نتائج جانبية مل حيسب هلا حساب‪ ،‬لعبت دورا ثورويا ما يزال يكتب يف تاريخ األمة احلديث‬ ‫ جنمله يف النقطة التالية‪:‬‬‫‪5 .5‬إرساء نظام اتصالي شبه ليربالي يعزز تقاليد العصر الشفاهي‪ :‬رغم إغراق املواطن العربي‬ ‫بفيض من الفضائيات‪ ،‬إال أن معضمها أسهم‪ ،‬ورغم أنف احلكومات ‪ ،‬بتوفري قاعدة لنظام‬ ‫اتصالي جديد يقرع أبواب األمة العربية‪ ،‬وهو نظام اتصال شبه ليربالي يقدم وجهات النظر‬ ‫املتباينة واملتناقضة‪ .‬وازداد الوضع وضوحا بظهور صحافة املهجر والصحافة األسبوعية‬ ‫واحلزبية اليت كانت أقواهلا ترددها اإلذاعات الدولية متضمنة وجهة نظر ناقدة يف األغلب‪.‬‬ ‫لقد قام النظام االتصالي‪/‬اإلعالمي العربي‪ ،‬حتى العقد األخري من القرن املاضي‪ ،‬على تقديم‬ ‫الرأي الواحد ووجهة نظر السلطة (حيثما وجدت‪ :‬يف املنزل ويف املدرسة ويف العمل)‪ .‬ومع قدوم‬ ‫اإلعالم اجلديد‪ ،‬بدأت الصورة تتغري‪ :‬اذ اضطر اإلعالم احلكومي إىل إلقاء مقص الرقيب جانبا‬ ‫حني اكتشف أن ما يقتطعه من معلومات أو مناظر حلجب رؤيته عن اجلمهور ميكن ان يصل‬ ‫اىل ذلك اجلمهور بأدوات اتصال اخرى مثل الفاكس‪ ،‬أو اإلنرتنت‪ ،‬أو عرب اإلذاعات والتلفزات‬ ‫الفضائية‪.‬‬ ‫أما اآلن‪ ،‬ومع قدوم اإلعالم اجلديد‪ ،‬فقد بدأت الصورة تتغري‪ .‬صار هناك جمال للرأي والرأي‬ ‫اآلخر‪ .‬صار اإلنسان العربي يسأل نفسه بعد التعرض هلذه القنوات‪ :‬ماذا يقول الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫ومتتد يده حبثا عن القناة اليت متثل وجهة النظر األخرى‪ ،‬فيتعرض هلا‪ ،‬ويناقش مع زمالئه‬ ‫وجهات النظر املتباينة‪ .‬وصارت هذه احملطات تعاجل «القضايا السياسية والثقافية اليت تهم‬ ‫الرأي العربي» بكثرة (زلطة‪ .)171 ،‬وساهمت الصحافة األسبوعية بدور كبري يف تفكيك‬ ‫هيمنة السلطة على العقل العربي‪ .‬وصارت عملية التحول من (إعالم) إىل (اتصال مجاهريي)‬ ‫حقيقة واقعة‪ .‬صار املواطن يسمع مصطلحات مل تكن واردة من قبل (مثل حقوق االنسان‬ ‫وحقوق املرأة)‪ .‬وصار يرى بأم عينيه‪ ،‬ويفكر‪ ،‬بأشياء تهدم ما نشأ عليه طيلة حياته‪ .‬ومثل ذلك‬ ‫صار فعل الربامج اإلعالمية املستوردة من الغرب أو املذاعة على قنواته‪ :‬فهي تعلم مشاهديها ‪-‬‬ ‫خاصة فئة الشباب‪ -‬مفاهيم جديدة بأهداف االستعمار االلكرتوني دون أن يشعروا‪ .‬ونتيجة هذا‬ ‫اضطر االعالم الرمسي لسلوك طرق أكثر دهاء (‪، )3‬كمحاولة توظيف النقابات واملؤسسات‬ ‫الصحفية غري الرمسية حملاسبة االعالمي ومراقبة ادائه (املوسى‪ .)197 :1998 ،‬وبلغت املرحلة‬ ‫‪74‬‬

‫قمتها بضيق احلكومات من تفاقم «الثورة»‪ -‬حبسب تعبري الرتمان‪ -‬باستصدار (وثيقة مبادئ‬ ‫تنظيم البث واالستقبال الفضائي االذاعي والتلفزيوني يف املنطقة العربية) يف اجتماع وزراء‬ ‫االعالم العرب يف رحاب اجلامعة العربية عام ‪.)4(2008‬‬ ‫من اإلعالم إىل االتصال اجلماهريي‬ ‫كانت جلنة ماكربايد‪ ،‬اليت وضعت تقريرها الصادر عن اليونسكو عام ‪ ،1980‬قد حددت‬ ‫مثاني وظائف لالتصال اجلماهريي‪ ،‬هي‪ :‬اإلعالم‪ ،‬التنشئة االجتماعية‪ ،‬احلفز‪ ،‬املناقشة‬ ‫واحلوار‪ ،‬التعليم‪ ،‬التثقيف‪ ،‬الرتفيه‪ ،‬التقارب االجتماعي(‪. )MacBride, Sean, et al .p.14‬‬ ‫وكان املصمودي قد الحظ قبل ذلك أن اإلعالم العربي يركز على الربامج الرتفيهية بنسبة‬ ‫عالية جدا ثم الربامج اإلخبارية والرتبوية والدينية بنسب أقل بكثري من األوىل (املصمودي‪،‬‬ ‫‪ .)293‬يأتي هذا التوجه مضادا مثال لفلسفة االذاعة الربيطانية (وتلفازها) – أل ‪ -BBC‬كما‬ ‫خلصها اللورد جون ريث أحد القائمني االوائل عليها الذي قال ان استخدام التسلية والرتفيه‬ ‫بشكل كبري «لن يكون ختليا منها عن مسؤولياتها واساءة الستخدام قوتها‪ ،‬ولكن أيضا اهانة‬ ‫للجماهري اليت ختدمها» (ماكفيل‪.)219 :‬‬ ‫يف املرحلة اليت شعرت فيها وزارات االعالم ان األرض بدأت متيد حتت أقدامها – حبسب تعبري‬ ‫ألرتمان‪ -‬جلأت اىل اعتماد عدة أساليب للسيطرة لتبقي اإلعالم إعالما ال اتصاال مجاهرييا‪.‬‬ ‫من هذه األساليب‪ :‬إقامة جمالس إعالم شكلية برئاسة احلرس القديم تعلي حرية التعبري‬ ‫ظاهريا‪ ،‬وواجبها يف الواقع تقييده‪ ،‬وقيام احلكومات خبطوات تقارب حمسوبة مع النقابات‬ ‫الصحفية ترتك هلا حتديد هامش احلرية الضيق املقيد بالقوانني (كقوانني املطبوعات والنشر)‬ ‫وإلزامها بوضع مواثيق شرف تزيد من تكبيل الصحفيني‪ ،‬أو إجراء دراسات أكادمية الطابع‬ ‫شكلية احملتوى عن حرية الصحافة(‪ ، )5‬وشراء ذمم اإلعالميني بطرق غري مباشرة يف األغلب‬ ‫(كتوزيع قطع األراضي عليهم‪ ،‬أو مشلهم باملكرمات‪ ،‬أو باملياومات مع السفرات للخارج‪ ،‬أو‬ ‫زيادة الرواتب‪ ..‬اخل)‪ ،‬وتعيني رجاالتها وغري املختصني إلدارة املؤسسات اإلعالمية‪ .‬واألخطر من‬ ‫هذا تعيني رؤساء حترير (موالون –حبسب تعبري روو)ينتمون للمدارس التقليدية يف اإلعالم‪،‬‬ ‫اضافة لتنظيم معاهد تدريبية تقدم دورات مفصلة خصيصا تناسب الوضع القائم‪.‬‬ ‫مع اإلعالم اجلديد‪ ،‬صار املواطن العادي املربمج على قبول وجهة نظر السلطة فقط‪ ،‬على‬ ‫استعداد لتقبل وجهة نظر الطرف اآلخر‪ ،‬سواء يف فضائية عربية أو غري عربية‪ ،‬ومناقشتها‬ ‫ورمبا حتديها‪ .‬وهذا ميثل بالتأكيد ثورة انقالبية يف تفكري اإلنسان العربي‪ ،‬يرجع فيها‬ ‫الفضل بالدرجة األوىل لقيام وسائل االتصال اجلماهريي العربية اجلديدة بتقديم وظائف‬ ‫مل يكن االعالم القديم ‪-‬اعالم السلطة‪ -‬يوليها العناية الالزمة على املستوى القومي‪ ،‬من مثل‬ ‫احلوار واملناقشة والتثقيف‪ ،‬والتقارب االجتماعي (القومي)‪ .‬وبهذا يكون اإلعالم العربي عمليا‬ ‫‪75‬‬

‫قد أحدث ثورة يف العامل العربي‪ ،‬وبدأ يعمل يف حتطيم النظام االتصالي السلطوي القائم على‬ ‫وجهة النظر الواحدة‪ ،‬وجهة نظر السلطة املقدسة مما حدا باحلكومات لتدارك اخلطر باصدار‬ ‫وثائق تنظم البث الفضائي‪.‬‬

‫اخلطورة باقية‬

‫لكن اخلطورة تظل ماثلة بنوعية هذه الربامج وباملضامني اليت حتملها والقيم اليت‬ ‫تبشر بها‪ .‬وباب اخلطوره الرئيس يأتي باعتبار ان وسائل االتصال االلكرتونية تعزز التقاليد‬ ‫الشفاهية‪ ،‬القائمة على القيل والقال والرواية الشفوية‪ ،‬وليس القراءة املتأنية العميقة‬ ‫والتحليلية‪،‬اليت ميزت عصر املطبعة يف الثورة الثانية لالتصال‪ .‬وعليه فان التأكيد على‬ ‫أهمية تطوير صناعة إعالمية ذات مستوى الئق ترقى بالثقافة اجلماهريية العربية وتواجه‬ ‫حتديات الغزو الثقايف (املوسى‪ )2002 ،‬واالستعمار االلكرتوني تكون خطوة مهمة‪ ،‬لكنها حباجة‬ ‫جلهود اخرى تدعمها‪.‬‬

‫اإلنسان العربي شفاهي الثقافة؟‬

‫يف بداية الدراسة أشرنا إىل التعرض العالي لوسائل اإلعالم اإللكرتونية بسب ارتفاع األمية‪.‬‬ ‫أما السبب احلقيقي الثاني فهو أن اإلنسان العربي شفاهي الثقافة‪ .‬وقد بينا أن املطبعة تأخر‬ ‫دخوهلا بسبب السياسة الدينية العثمانية أربعة قرون متكنت أوروبا خالهلا من االنتقال من‬ ‫جمتمع سلطوي اتصاليا يعتمد وجهة نظر السلطة الواحدة املقدسة‪ ،‬إلي جمتمع ليربالي‬ ‫يعتمد الرأي والرأي اآلخر(املعارض)‪ .‬إذن‪ ،‬مل يستطع اإلنسان العربي أن يعيش جتربة التحول‬ ‫كما عاشها األوروبي‪ .‬وبعد دخول املطبعة‪ ،‬قيدت حرية التعبري‪ ،‬واستخدم االتصال ال لبناء‬ ‫اإلنسان العربي بناء صحيا‪ ،‬بل إلخضاعه لسيطرة السلطة‪ ،‬وبقي أسريها حتى فرضت حتمية‬ ‫تكنولوجية االعالم اجلديد‪ ،‬كسر احتكار املعرفة السلطوية‪.‬‬ ‫بعبارة ثانية‪ ،‬بقي اإلنسان العربي عمليا خاضعا ملواصفات عصر االتصال الشفوي‪ ،‬الذي يقوم‬ ‫على الرواية‪ ،‬وتناقل احلديث‪ ،‬والدردشة املسلية‪ .‬يف الرتاث الشعيب تسمع مثال من يدعو صديقه‬ ‫أو زميله‪« :‬تعال لنهرج معا» أو لكي «نسولف معا»‪ ،‬وهي دعوة لكي جيلسا ويتحدثا معا بأقاويل‬ ‫منها الصحيح ومنها املختلق وميررا الوقت على هذه الصورة ويغادرا بعدها وهما يشعران‬ ‫بالرضى والسعادة مبا أجنزا ‪ .‬وقد ينشدان الشعر ويستشهدان به‪ ،‬مع ما يف معانيه من خياالت‬ ‫بعيدة عن الواقع‪ .‬هذا الواقع يقدمه التلفاز للمتلقي العربي‪ .‬ال غرابة يف أن ماكلوهان اعترب‬ ‫أن التلفاز يعود بنا إلي العصر الشفوي‪.‬‬ ‫على ضؤ هذه اخللفية الرتاثية نفرتض أن تأثري التلفاز‪ ،‬لقربه من حالة االتصال الشفوية‬ ‫التارخيية العربية كما وصفناها‪ ،‬يصبح أكثر تأثريا من غريه على اإلنسان العربي املعاصر‪.‬‬ ‫كانت هناك إذاعات دولية تقوم بأدوار مشابهة (مثل صوت العرب وإذاعة لندن وصوت‬ ‫‪76‬‬

‫أمريكا)‪ .‬لكن تأثريها بقي آنيا‪ :‬حتطمت أسطورة صوت العرب بعد هزمية حزيران عام ‪.1967‬‬ ‫أما اإلذاعات األجنبية فكانت دائما مصدر شك من املتلقي العربي ينظر إليها بأنها أدوات لسياسة‬ ‫إمربيالية استعمارية غربية ال ميكن أن تعلي الصاحل العربي على الغربي‪ ،‬عكس الفضائيات‪.‬‬ ‫ماذا يف الفضائيات؟‬ ‫ماذا تقدم الفضائيات مما جيعلها ذات تأثري أقوى على املتلقي العربي؟ يتماهى اإلنسان العربي‪،‬‬ ‫اخلفيف الثقافة‪ ،‬مع برامج التلفاز‪ ،‬وختلق له أجواء موازية للثقافة الشفوية اليت يعايشها يف‬ ‫كل حلظة‪ .‬وألنه ولد وترعرع يف ثقافة سلطوية‪ ،‬فهو جييد اإلصغاء‪ .‬والتلفاز ميثل السلطة‪،‬‬ ‫وقدميا اعتمد اإلهلاء والرتفيه‪ ،‬أما اآلن فهو ايضا يعتمد احلوار‪ ،‬والرأي املعارض‪ ،‬واألفكار اليت‬ ‫كانت حمرمة‪ .‬ويسمع املتلقي يف برامج البث املباشر املداخالت اليت تكون حادة ومتطرفة‪.‬‬ ‫يف هذه األجواء فان املتلقي العربي ال يستمع فقط بل يشارك ويستمتع‪ ،‬ويستيقظ وجدانه‬ ‫وتتشكل اجتاهات جديدة لديه فيها مترد على كل ما عرف‪ ،‬ويسعد أكثر بتلك الربامج‬ ‫اليت فيها تهكم على السياسة العربية‪ .‬أما نصف اجملتمع‪ :‬املرأة‪ ،‬فبعض ما يقدم من برامج‬ ‫(وكلبات) عرى املرأة وبينها جسدا مجيال مثريا شهيا دافقا بالرغبة‪ ،‬يف حني أن برامج أخرى‬ ‫تقدمها عقال ناضجا حماربا داعيا لرفع شأنها واملطالبة حبقوقها مبا يعنيه ذلك من إزاحة‬ ‫للرجل الذي كان سيد املوقف بال منازع حتى وقت قريب‪ .‬فوق هذا‪ ،‬فتحت الفضائيات مغاليق‬ ‫املعرفة اليت كانت حمتكرة على العلماء والدارسني الباحثني‪ ،‬فصارت الندوات ساحة تناقش‬ ‫فيها الدميقراطية‪ ،‬والتمثيل النيابي‪ ،‬واالشرتاكية‪ ،‬واإلرهاب‪ ،‬واحلجاب‪ ،‬اخل ‪ .‬ووفر البث‬ ‫املباشر لقطات حية تنقل املشاهد إىل موقع احلدث‪ ،‬فيتفاعل مع حدث قصف غزة الباسلة ‪ ،‬او‬ ‫انتخاب اوباما‪ ،‬ويذرف دمع احلزن أو الفرح يف حلظة انفعاله‪ .‬وجنحت التلفزات العربية‪-‬ال‬ ‫األجنبية الناطقة بالعربية‪ -‬اليت مزجت بني املهنية العالية ومتابعة القضايا كما يفكر بها‬ ‫املواطن العربي يف اجتذاب قاعدة عريضة تتابع براجمها‪.‬‬ ‫صحيح أن بعض القنوات العربية قد حازت على قصب السبق‪ ،‬لكن عددا ال يستهان به كان‬ ‫هلا فضل‪ ،‬صغر أو كرب‪ ،‬يف حتطيم النظام السلطوي االتصالي‪ ،‬وإدخال اإلنسان العربي‬ ‫مرحلة جديدة أقرب اىل املعاصرة مما فعلت مجيع احلكومات العربية قبال‪ -‬رغم ما يف ذلك‬ ‫من حماذير‪.‬‬

‫كسر احتكار اإلعالم الدولي‬

‫كان من النتائج األوىل املهمة للنظام االتصالي‪-‬اإلعالمي العربي اجلديد الذي بدأ يتشكل‪،‬‬ ‫إضافة إىل ما ذكرنا‪ ،‬متكنه من كسر احتكار اإلعالم الدولي واخرتاق اسلوب سريان املعلومات‬ ‫الذي ظل سائدا حتى ذلك الوقت‪ .‬مت ذلك حني متكنت بعض القنوات العربية مبمارسة العمل‬ ‫التلفازي مبهنية عالية أثناء حروب أفغانستان واخلليج الثالثة ‪ ،‬مما اضطر العديد من احملطات‬ ‫‪77‬‬

‫العاملية للنقل عنها ‪ .‬وبعد سقوط العراق عام ‪ 2003‬يف أيدي القوات األمريكية‪ ،‬اتهمتها هذه‬ ‫القوات بأنها حترض على العنف‪ ،‬ومورست ضغوط جعلتها تلتزم بأقوال الناطق الرمسي ‪.‬‬ ‫دور اليونسكو‬ ‫لعبت اليونسكو دورا هي األخرى يف حترير االعالم مبوقف قريل من الغرب حني أوصى مديرها‬ ‫فدريكو مايور منذ نهاية القرن املاضي بتأسيس «وسائل اعالم مستقلة ومتعدده –خاصة أو‬ ‫عامة‪ -‬تتخلص من احتكار وسيطرة الدول سواء كانت وكاالت انباء أو صحف او اذاعات‬ ‫او شبكات للتلفزيون» و»تغيري التشريعات االعالمية غري املناسبة للمطالب الدميقراطية»‬ ‫(ماكفيل‪ )301-302 :‬ومهدت دعوته هذه حلكوميت بريطانيا والوالليات املتحدة العودة لتلك‬ ‫املنظمة بعد خروجهما قبال احتجاجا على دعوة اليونسكو الجياد نظام متوازن للمعلومات يتيح‬ ‫اجملال لسيطرة احلكومات‪ .‬وهكذا فان التوجه حنو اللربلة االعالمية كان بتوجيه خارجي بعد‬ ‫ولوج العامل مرحلة القطبية الواحدة‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫أن ما يبعث األمل يف النفوس لولوج عصر اتصالي شبه ليربالي هو أن ثورة اإلعالم العربي‬ ‫اجلديد هذه قد اندلعت آثارها يف أعماق املواطن نفسه‪ ،‬املتلقي مباشرة لرسائل االعالم اجلديد‬ ‫املتنوع دون رقيب أو حسيب‪ .‬وقد آذن هذا ببزوغ فجر نظام اتصالي جديد يف الوطن العربي‪،‬‬ ‫فرضته ظروف احلتمية التكنولوجية‪ ،‬والضغوط حنو اإلصالح‪ ،‬مبا يقود لتحويل اإلعالم إىل‬ ‫اتصال مجاهريي‪ .‬كل هذا ال بد من أن يؤثر يف تغيري البنية الفكرية لإلنسان العربي ونقله من‬ ‫نظام اتصالي سلطوي إىل ليربالي شفوي التوجه يعرتف بالرأي املعارض‪.‬‬ ‫ورغم حماوالت السلطة لإلبقاء على الوضع كما هو‪ ،‬واستصدار وثائق تقيد العمل االعالمي‪،‬‬ ‫فان قدرة اإلعالم على التغيري‪ ،‬لتوافقها مع مطالب الشعب باإلصالح‪ ،‬ستنعكس على الدور‬ ‫املطلوب من الصحافة واإلعالم‪ ،‬فيدفعان به ملساءلة السلطة وحماسبة اإلعالميني املقصرين‪-‬‬ ‫اإلعالميني الذين جيب أن يكونوا وكالء الشعب وعيونه‪ ،‬ليكونوا جديرين بالسلطة الرابعة‬ ‫اليت يعتلون قممها‪ ،‬وستكون التحوالت‪ ،‬كما أظهر تاريخ االتصال‪ ،‬اجتماعية وثقافية فكرية‬ ‫واقتصادية سياسية تطول اجملتمع برمته‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫الهامش‬ ‫(‪ )1‬أنظر مثال ما يقوله‪:‬‬ ‫د‪ .‬عاهد مسلم املشاقبة‪ :‬يف مقال له يف جريدة يومية‪...« :‬أن معظم احلكومات يف الوطن‬ ‫العربي‪...‬تنظر إىل وسائل اإلعالم كأدوات لتثبيت شرعيتها وبسط نفوذها ومترير خطابها‬ ‫السياسي بغض النظر عن طموحات وهموم اجلماهري‪...‬ومن هنا فقد فشلت السلطة يف‪...‬إدماج‬ ‫خمتلف الشرائح االجتماعية يف العملية السياسية االقتصادية والثقافية»‪ .‬وبني مميزات هذا‬ ‫النوع من اإلعالم قيامه بأمور منها‪« :‬الرقابة واحلذف الذاتي‪...‬مما قتل روح اإلبداع واالبتكار‬ ‫عند القائم باالتصال» وأدى إىل «ضعف األداء وتبين الشعارات والكلمات الرنانة على حساب‬ ‫احلقائق والواقع»؛ و»سيطرة األداء اإلعالمي الروتيين حيث نالحظ تكرار تغطية نفس املناسبات‬ ‫والقطاعات‪...‬باإلضافة إىل ضعف االحرتافية أو املهنية يف معظم الوسائل خاصة املرئية منها»؛‬ ‫و»سيطرة الطابع الرمسي على الرسالة اإلعالمية حيث نالحظ التغطيات املكثفة لكل ما هو‬ ‫حكومي وقطاع عام ورمسي»‪ .‬وخيتتم بالقول «‪...‬أن مشروع إلغاء وزارات اإلعالم دخل مرحلة‬ ‫التنفيذ يف بعض البالد العربية‪ ،‬فألغيت الوزارات وبقية مهماتها» (الرأي‪.)9/7/2005 ،‬‬ ‫ود‪ .‬سليمان البدور‪ :‬الذي يقول»بفضل ثورة االتصاالت اليت فتحت العيون‬ ‫وأحدثت هزة عنيفة يف وعي الناس‪ ،‬بدأت تتضح حقائق مذهلة من خالل تقارير اليونسكو‬ ‫ومنظمات حقوق اإلنسان وبرامج الفضائيات التلفزيونية‪ ،‬اكتشف املواطن العربي بأنه‬ ‫مغيب كليا عما جيري داخل حدود بالده وخارجها‪ ،‬وانه مضلل باإلعالم الرمسي الذي يردد‬ ‫يوميا كلمات اإلشادة بعظمة الزعامات وإجنازاتها التارخيية وقدراتها اخلارقة يف الدفاع‬ ‫عن األوطان ومحاية حدودها» ويتحدث عن «التشوهات يف الشخصية العربية» اليت جنمت‬ ‫عن جتريد اإلنسان العربي «من قيم احلرية واحرتام الذات» وذلك بسبب «املفاهيم البالية»‬ ‫و»ثقافة التبعية واالنصياع التلقائي ملن ميسكون بزمام السلطة» و «ظروف الكبت واإلحباط‬ ‫والعوز وفقدان األمل باملستقبل» مما أدى «إىل االحتقانات االجتماعية اليت أصبح التعبري عنها‬ ‫بالتطرف والعنف إىل درجة االنتحار االنتقامي الذي يتبنى شعار (علي وعلى أعدائي يا رب)‬ ‫ظاهرة تدمريية يف العاملني العربي واإلسالمي» (الرأي‪15/6/2005 ،‬‬ ‫(‪ )2‬قدم الباحث هذه النقاط قبال يف‪« :‬ثورة وسائل االتصال وانعكاساتها على مراحل تطور‬ ‫اإلعالم العربي القومي»‪ .‬املستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،205‬آذار‪ .1996 ،‬وقد مت تطويرها هنا‬ ‫لتشمل مخس مراحل‪.‬‬ ‫(‪ )3‬يقول ابراهيم غرايبة يف مقال له‪ :‬صحيح أن احلكومات العربية ما زالت تسيطر «على‬ ‫‪79‬‬

‫الفضائيات حتى التجارية منها أو اليت تبدو مستقلة»‪ ،‬وكما تبدو للوهلة األوىل‪ ،‬فإنها «أتاحت‬ ‫للحكومات وسائل جديدة للهيمنة واالحتكار يف جمال الصورة اكثر دهاء‪ ...‬ومل يكن رجال‬ ‫األعمال واملستثمرون واإلعالميون سوى واجهات للسياسات الرمسية‪ ،‬ومل يكونوا سوى وكالء‬ ‫للحكومات أكثر التزاما بالتعليمات والسياسات الرمسية» (الرأي ‪.)17/9/2003‬‬ ‫(‪ )4‬ومن أهم املبادئ اليت تضمنتها الوثيقة‪ ،‬تنظيم البث واعادته واستقباله يف املنطقة العربية‪،‬‬ ‫وكفالة احرتام احلق يف التعبري عن الرأي‪ ،‬وانتشار الثقافة وتفعيل احلوار الثقايف من خالل‬ ‫البث الفضائي وان تلتزم هيئات البث ومقدمو خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيق‬ ‫املعايري والضوابط املتعلقة باحلفاظ على اهلوية العربية‪ ،‬يف شأن كل املصنفات اليت يتم بثها‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك رسائل «اس ام اس»‪ .‬وحتظر الوثيقة على أي شخص ان ميارس اي عمل من اعمال‬ ‫البث او اعادة البث او تقدم اي خدمة من خدماته‪ ،‬ما مل يكن حاص ً‬ ‫ال على رخصة بث او إعادة‬ ‫بث صادرة من السلطة املختصة بإصدارها يف أي دولة من الدول االعضاء حتى مت استيفاء‬ ‫الشروط والضوابط واملعايري اليت حتتويها الوثيقة والشروط اليت تضعها الدول على أراضيها‬ ‫واملناطق املفتوحة‪ ،‬اضافة اىل التزام صون اهلوية العربية من التأثري السليب للعوملة‪ ،‬واالمتناع‬ ‫عن بث كل ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي‪( .‬االربعاء‪/13/‬شباط‪ 2008/‬النداء‬ ‫‪.)www.damdec.org‬‬ ‫(‪ )5‬أجري اجمللس األعلى لالعالم يف األردن عددا من الدراسات العلمية قام بها أكادمييون‬ ‫وتوصلوا اىل ان احلرية الصحفية يف األردن «نسبية»‪ .‬وتضمنت الدراسة عددا من نقاط‬ ‫الضعف اليت تبني كيف ميكن توظيف البحث العلمي يف خدمة اغراض املؤسسة‪ .‬وكان هذا‬ ‫داعيا للباحث كي يرد على ذلك التوظيف ‪ .‬ويف النهاية‪ ،‬مل تر احلكومة بدا من الغاء اجمللس‬ ‫األعلى لالعالم أواخر عام ‪ 2008‬وتعود للوضعية السابقة بأن يكون هناك وزير العالم كما‬ ‫كان الوضع قبل اجياد هذا اجمللس‪ .‬انظر‪ :‬عصام سليمان املوسى‪« .‬مقياس احلريات الصحفية‪:‬‬ ‫وأزمة اإلعالم األردني» (العرب اليوم ‪ ،2005 /21/6،‬ص ‪)7‬؛ وعصام سليمان املوسى‪« .‬مقياس‬ ‫احلريات الصحفية‪ :‬هل كان مقياسا دقيقا؟» (الرأي‪ ،22/6/2005 ،‬ص ‪،)65‬وال بد من‬ ‫قراءة املقالني للخروج بالصورة كاملة‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫المراجع‬ ‫حبوث وكتب‪:‬‬ ‫الرتمان‪ ،‬جون‪ .‬اعالم جديد‪ :‬سياسة جديدة‪ .‬غزة‪ :‬دار الكتاب اجلامعي‪.2003 ،‬‬ ‫اجلمال‪ ،‬راسم‪ .‬نظام االتصال واالعالم الدولي‪ :‬الضبط والسيطرة‪ .‬القاهره‪ :‬الدار املصرية‬ ‫اللبنانية‪.2005 ،‬‬ ‫الصادق احلمامي « جمال االعالم العربي اجلديد» ‪.‬املستقبل العربي‪ .‬جملد ‪ ،1‬عدد ‪،335‬‬ ‫ص ص ‪.47-66‬‬ ‫املصمودي‪ ،‬مصطفى‪ .‬النظام اإلعالمي اجلديد‪ .‬الكويت‪ :‬سلسلة عامل املعرفة‪.1985 ،‬‬ ‫املوسى‪ ،‬عصام‪« .‬ثورة وسائل االتصال وانعكاساتها على مراحل تطور اإلعالم العربي القومي»‪.‬‬ ‫املستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ ،205‬آذار‪.1996 ،‬‬ ‫املوسى‪ ،‬عصام ‪ .‬تطور الصحافة األردنية‪ .1920-1997 :‬عمان‪ :‬منشورات جلنة تاريخ األردن‪،‬‬ ‫‪. 1998‬‬ ‫املوسى‪ ،‬عصام‪ .‬العرب وثورة االتصال األوىل‪ .‬اربد‪ :‬مكتبة الكتاني‪.1999 ،‬‬ ‫املوسى‪ ،‬عصام‪ .‬تطوير الثقافة اجلناهريية العربي‪ .‬أبو ظيب‪ :‬مركز االمارات للدراسات والبحوث‬ ‫االسرتاتيجية‪.2002 ،‬‬ ‫زلطة‪ ،‬عبد اهلل‪ .‬اإلعالم الدولي يف العصر احلديث‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.2001 ،‬‬ ‫ماكفيل‪ ،‬توماس‪ .‬االعالم الدولي‪ :‬النظريات‪-‬االجتاهات‪-‬امللكية‪ .‬العني‪ :‬دار الكتاب اجلامعي‪،‬‬ ‫‪.2005‬‬ ‫مروة‪ ،‬أديب‪ .‬الصحافة العربية‪ :‬نشأتها وتطورها‪ .‬بريوت‪ :‬دار مكتبة احلياة‪.1961 ،‬‬ ‫‪Ami, Ayalon. The Press in the Arab Middle East: A History. New‬‬ ‫‪.York: Oxford University Press, 1995‬‬ ‫‪Eisenstein, Elizabeth. The Printing Press as an Agent of Change.‬‬ ‫‪.New York: Cambridge University Press, 1980‬‬ ‫ ‪iInnis, Harold, A. Empire and Communications. Toronto: Un‬‬ ‫‪.versity of Toronto Press, 1971‬‬ ‫ ‪oLittlejohn, Stephen W. Theories of Human Communication. C‬‬ ‫‪.lumbus, Ohio: Charles E. Merrill Publishing Company, 1978‬‬ ‫‪MacBride, Sean, et al. Many Voices: One World. Paris: UNESCO,‬‬ ‫‪.1980‬‬ ‫‪81‬‬

Mcluhan, Marshall. Understanding Media: The E tensions of Man. A Mentor Book: New York, 1964. Mody, Bella. “First World Communication Technologies in Third World Contexts”, in : Everett M. Rogers and Francis Balle, eds., The Media Revolution in America and Western Europe. Paris-Stanford Series, Vol. ll, Norwood, NJ: Ablex Publishing Corporation, 1985. Rugh, William A. The Arab Press. London: Groom Helm, 1979. Rugh, William A. Arab Mass Media: Newspapers, Radio and Te evision in Arab Politics. Westport, Connecticut: Prager, 2004. Stephens, Mitchell. “Which Communication Rev lution Is It, Anyway”. Journalism and Mass Co munication Quarterly. Spring, 75, 1, 1998: 9-13

: ‫مقاالت صحفية‬ .15/6/2005 ،‫ «هل من فرق بني اإلصالح (البلدي) واملستورد؟!» الرأي‬.‫ سليمان‬،‫البدور‬ .17/9/2003 ،‫ «هل غريت الفضائيات العربية من الواقع شيئا؟» الرأي‬.‫ إبراهيم‬،‫غرايبة‬ .9/7/2005 ،‫ الرأي‬.»‫»السياسات اإلعالمية يف الوطن العربي‬.‫ عاهد مسلم‬،‫املشاقبة‬

82

‫مشكالت اإلعالم الجديد‬

-----------------------------------------

‫ عبداحملسن بدوي حممد أمحد‬.‫د‬ ‫جامعة الرباط الوطين‬ ‫السودان‬

Abstract: This paper, presented to the International Conference on New Media, deals with the problems that new media face in the areas of modern legislations pertaining to communication. Likewise, the papers di cuss internet-related crimes by addressing the types of informationtechnology crimes (cyber crimes) as well as the development thereof. The papers also address the concept of intellectual property rights as it relates to information technology, in addition to the indispensable issues of privacy and trust, not to mention information security. In summary, the papers forward the following recommendations: •• •• •• ••

It’s critically important to encourage scientific research in the area of legislations related to internet crimes, and improving awareness of such crimes. We need to pay more attention to the provision of training in the area of new media. It’s necessary to introduce new media as a subject to be taught at colleges of communication, as part of the curriculum. Provision of specialized training in the area of information secu rity is extremely important.

‫من خالل إستقراء تارخيي ملعامل التطور يف البنية األساسية لإلعالم جند أن هنالك العديد‬ ‫من املفاهيم والتطبيقات اليت إرتبطت باملستحدثات التكنولوجية والرقمية يف جمال اإلتصال‬ 83

‫مقدمة‪:‬‬

‫واإلعالم مما أسهم يف دعم إستخدام تلك الوسائل ودعم أدائها وتطويرها بشكل يفوق الوسائل‬ ‫التقليدية ‪ ،‬ولعل تأثري التقنيات احلديثة هو الذي فرض التقسيم إلي مستويات اإلتصال‬ ‫املواجهي واإلتصال اجلماهريي ‪ ،‬بل إن تأثري هذه التقنيات أدي إلي تصنيف أشكال اإلتصال‬ ‫بناءاً علي الفروق بني الرسائل اإلتصالية وقد أثرت هذه التقنيات بالطبع علي بناء الرسالة‬ ‫اإلعالمية ومدي عمق التفاعل بني املرسل واملستقبل ويف إطار تناول وطرح موضوع ( اإلعالم‬ ‫اجلديد ) عربهذا امللتقي العلمي ( اإلعالم اجلديد تكنولوجيا جديدة لعامل جديد ) ‪ ،‬تأتي هذه‬ ‫الورقة بعنوان ( مشكالت اإلعالم اجلديد ) لتتكامل مع احملاور األخري املطروحة وتسهم يف شرح‬ ‫وتوضيح أبعاد هذا املصطلح اجلديد وتعكس بعض املسائل اليت تشكل خارطة اإلعالم اجلديد‬ ‫وتدعم بنياته حيث تتضمن حماورالورقة تشريعاته وأخالقياته اليت تعد املرتكز الرئيس له‬ ‫والقالب الذي يضم تنظيمه املهين وإطاره القانوني ومن ثم نشري إلي ما أفرزته تقنياته وألياته‬ ‫املتعددة ‪ ،‬ثم نتناول موضوع اخلصوصية من خالل جوانبها وتأثرياتها األخالقية اليت تعكس‬ ‫مدي خرق اإلعالم اجلديد حلرمة احلياة اخلاصة اليت اضحت متاحة للجميع دومنا حواجز‬ ‫وحمددات ‪.‬‬ ‫ويف احملور األخري تتناول الورقة أمن املعلومات وهي مسألة مهمة التنفك عن سابقاتها عنيت‬ ‫بها الدول وحاولت وضع نظم ولوائح لتنظيم تداوهلا حفاظاً علي أمنها القومي ‪.‬‬ ‫اهليكل العام للورقة ‪:‬‬

‫مقدمة تعريفية ‪.‬‬ ‫‪1 .1‬حمور تشريعات اإلعالم اجلديد وجرائم واإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬أالتعريف جبرائم املعلوماتية واإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بصور وأشكال جرائم املعلوماتية واإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬تخصائص جرائم املعلوماتية و اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬ثجرائم الكمبيوتر واإلنرتنت يف القوانني ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬جحقوق امللكية الفكرية وتكنولوجيا املعلومات ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬حمور اخلصوصية والثقة وإظهار املعلومات‬ ‫ ‪ .‬أمفهوم اخلصوصية ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بخصوصية املعلومات ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬تمرتكزات محاية خصوصية املعلومات ‪.‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪3 .3‬حمور مشكلة أمن املعلومات‬ ‫ ‪ .‬أمدلول وتعريف أمن املعلومات ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بالعمليات املتصلة بأمن املعلومات ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬تأمناط ومستويات أمن املعلوم ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬ثمقرتحات لتطويرآلية التعامل مع النظم املعلوماتية ‪.‬‬ ‫احملور األول ‪ -‬تشريعات اإلعالم اجلديد وجرائم اإلنرتنت‬ ‫هنالك قوانني حتكم التعامل باالنرتنت واجلرائم املتعلقة به وبتقنيات اإلعالم اجلديد األخري‬ ‫‪ ،‬ونشري هنا إلي أن مفهوم (اإلعالم اجلديد) إقرتن بإستخدام احلواسيب والوسائط الرقمية‬ ‫املتعددة يف اإلتصال مما يؤكد ضرورة اإلهتمام باملستحدثات الرقمية وخصائصها وتأثرياتها‬ ‫بإعتبارها التطور املعاصر واحلديث لتكنولوجيا اإلتصال ومن هنا ميكن تعريف اإلتصال الرقمي‬ ‫بأنه ( تلك العملية اليت يتم فيها اإلتصال من بعد بني أطراف يتبادلون األدوار يف بث الرسائل‬ ‫اإلتصالية وإستقباهلا من خالل النظم الرقمية ووسائلها لتحقيق أهداف معينة ) ‪ ،‬وتعد‬ ‫الشبكة العاملية للمعلومات ( اإلنرتنت) من أبرز النماذج املتطورة لإلتصال ذو التأثري القوى‬ ‫واألبعاد املمتدة فهي تتجاوز احلدود اجلغرافية وتتسم بالعاملية أو الكونية وسقوط احلواجز‬ ‫الثقافية بني أطراف عملية اإلتصال وإذا كانت مفاهيم السينما العاملية والصحف الدولية‬ ‫والبث الفضائي عرب األقمار الصناعية قد سادت لفرتات طويلة فإن شبكة اإلنرتنت تعمل اآلن‬ ‫كوسيط بني هذه الوسائل وتسهم يف جتاوز احلدود واحلواجز الثقافية بني هذه الشعوب ‪.‬‬ ‫ولعل حرص الشعوب والثقافات علي إنشاء طرق املعلومات السريعة ( ‪Information Super‬‬ ‫‪ ) Highway‬يعرب عن إدراكها ألهمية اإلتصال الثقايف من خالل الشبكات وتدعيم الوظائف‬ ‫العديدة اليت تؤديها علي املستوي العاملي و من أهمها وظيفة التسويق حيث أصبحت مفاهيم‬ ‫اإلقتصاد اإللكرتوني والتجارة اإللكرتونية من أهم املفاهيم يف عامل اإلتصال الثقايف ‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن تقنية املعلومات أصبحت من أساسيات احلياة ومسة بارزة يف هذا العصر‬ ‫‪ ،‬إال أن اإلنسان إستغلها يف جماالت غري مشروعة طبقاً ملصاحله اخلاصة ومآربه الشخصية‬ ‫فبد ً‬ ‫ال من أن تكون تلك اآلليات نعمة تسخر خلدمة البشرية واحلفاظ علي أمنها وإستقرارها‬ ‫أضحت أدوات إلرتكاب اجلرمية ولعلنا نقرأ ونشاهد يومياً جرائم احلاسب اآللي واإلنرتنت اليت‬ ‫أصبحت من أهم فعاليات اجلرمية احلديثة ‪.‬‬ ‫وتعد اجلرائم املعلوماتية من األمناط اإلجرامية احلديثة اليت ظهرت يف عصرنا احلالي وهي‬ ‫أحد أهم مثار التقدم السريع يف اجملاالت العلمية سواء إقتصرت كما سبق علي احلاسوب‬ ‫أو تعدته إلي اإلنرتنت وهي بالجدال جرائم تطورت وتنامت بسرعة يف ظل اإلنفتاح العاملي‬ ‫‪85‬‬

‫وإرتباط األسواق الدولية بعضها ببعض حيث أضحت جتارة األسلحة والدعارة وغريها تتم من‬ ‫خالل شبكة اإلنرتنت واحلاسوب وألياته اإللكرتونية فأصبحت اجلرمية تتم وتنظم إلكرتونياً‬ ‫مما أضفي علي هذا النمط من اجلرائم مسة التعقيد وصعوبة السيطرة واملالحقة القانونية‬ ‫واإلجرائية ‪.‬‬ ‫وتعد جرائم املعلوماتية واإلنرتنت من الظواهر اليت بدأت تنمو تدرجيياً بنمو وتطور عصابات‬ ‫اإلنرتنت واجلرمية املنظمة ‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن أن التقدم أتاح املعلومات واملعرفة للجميع من خالل‬ ‫الشبكة ‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باإلطار القانوني جبرائم اإلنرتنت أو تشريعات اإلعالم اجلديد جند أنه من‬ ‫الصعوبة مبكان مراعاة التشريعات اإلعالمية يف اإلتصال عرب اإلنرتنت الذي خيرتق كل‬ ‫األبعاد التشريعية ويتجاوز اخلصوصية وميكن هنا رسم مالمح ومسات عامة توضح اإلطار‬ ‫القانوني جلرائم املعلوماتية واإلنرتنت وذلك من خالل التعريف بهذه اجلرائم ثم اإلشارة إلي‬ ‫أبعادها األخري ‪.‬‬

‫التعريف بجرائم المعلوماتية واإلنترنت ‪:‬‬ ‫جرائم املعلوماتية واإلنرتنت [ هي تلك اجلرائم الناجتة عن إستخدام املعلوماتية والتقنية‬ ‫احلديثة ( كمبيوتر و إنرتنت) يف أعمال وأنشطة إجرامية عاد ًة ما ترتكب بهدف حتقيق‬ ‫فوائد مالية عرب أعمال غري شرعية تستخدم عرب شبكة اإلنرتنت ] واجلرمية املعلوماتية كما‬ ‫مناف لألخالق أو غري‬ ‫ذكر خرباء املنظمة األوربية والتعاون هي ( كل سلوك غري مشروع أو ٍ‬ ‫مسموح به يرتبط باملعاجلة اآللية للبيانات أو بنقلها ) ‪ ،‬ومن املمكن أال تكون هذه اجلرائم‬ ‫بهدف احلصول علي منافع مادية بقدر ما يكون هدفها التخريب واإلضرار بالسمعة ‪.‬‬ ‫ومن خالل اإلنرتنت ترتكب كثري من اجلرائم مثل السحب اإللكرتوني ‪ ،‬التجسس ‪ ،‬سرقة‬ ‫بيانات ومعلومات تتعلق باألمن القومي ‪ ،‬املساس حبياة األفراد اخلاصة وغريها من اجلرائم و‬ ‫تشمل جرائم املعلومات سرقة أو تغيري أو حذف املعلومات مثال إخرتاق بريد إلكرتوني والعبث‬ ‫موقع ما وهذا حيمل يف طياته إنتهاكاً للخصوصية‬ ‫مبحتوياته أو سرقة معلومات خمزنة يف ٍ‬ ‫وحقوق امللكية الفكرية وأمناطاً إجرامية أخري ‪.‬‬ ‫جرائم املعلوماتية واإلنرتنت تستهدف أحد أو كل العناصر التالية ‪:‬‬

‫‪86‬‬

‫ ‪ .‬أجرائم املعلوماتية ‪:‬‬ ‫وهناك أساليب كثرية ومتنوعة تستخدم يف سرقة املعلومات بواسطة أشخاص خمولني أو غري‬ ‫خمولني باستخدام نظام املعلومات وأهم هذه الطرق‪: 1‬‬ ‫‪1 .1‬استخدام احملطات الطرفية أو استخدام كلمة املرور للوصول للمعلومات والبيانات ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬استخدام أجهزة التنصت ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬احلصول على خمرجات النظام بشكل غري قانوني ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬الدخول غري الشرعي إىل املكتبة اإللكرتونية ‪.‬‬ ‫وعند تصميم نظام آمن للمعلومات ينبغي النظر بعني اإلعتبار إىل نوعية اإلجراءات األمنية‬ ‫املستخدمة حلماية النظام من اجلرائم واإلخرتاقات باإلضافة إىل اهمية ونوعية املعلومات‬ ‫ودرجة سريتها ونوعية وعدد املستفيدين من نظام املعلومات وعند النظر إىل تكلفة النظام‬ ‫املالية ميكننا تصميم تكاليف تصميم النظام على النحو التالي ‪:‬‬

‫التكاليف األولية ‪ :‬وحتتوي على ‪:‬‬

‫‪1 .1‬تكاليف دراسة وحتليل احتياجات التصميم ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬التكاليف األمنية الفيزيائية ( معدات تعريف الشخصية املستخدمة للنظام وإثبات‬ ‫ الشخصية ) ‪.‬‬

‫ ‬

‫كيف يمكننا بناء نظام ألمن المعلومات ‪:‬‬ ‫هناك عدة مؤشرات ينبغي دراستها تتمثل يف ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬

‫‪1‬حتديد درجة األمان املطلوبة للمعلومات وتصنيف املعلومات حسب أهميتها ‪.‬‬ ‫‪2‬تقدير كفاءة األشخاص احملتمل إخرتاقهم للنظام ‪.‬‬ ‫‪3‬حتديد وتقدير األضرار املمكن حدوثها ‪.‬‬ ‫‪4‬تصميم النظام على أساس تعدد املستويات حسب املستويات اإلدارية ‪.‬‬ ‫‪5‬وضع ميزانية شاملة لتأمني املعلومات ‪.‬‬ ‫‪6‬تكليف أشخاص معينني ملتابعة تطبيق إجراءات السيطرة مع املراجعة واملعاجلة الفورية ‪.‬‬

‫‪1‬سرحان سليمان ‪ ،‬أمن احلاسوب واملعلومات ( ‪2001‬م ) دار وائل للطباعة والنشر ص‪71‬‬ ‫‪87‬‬

‫عناصر تأمني املعلومات ‪:‬‬ ‫أهم هذه العناصر ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬إثبات اهلوية ‪:‬‬ ‫وهنا يتم وضع جمموعة من األسس لتنظيم تعريف مستخدمي النظام املعلوماتي خاصة‬ ‫احملطات الطرفية ملنظومة املعلومات ويقوم مستخدمي النظام من خالله بتعريف أنفسهم‬ ‫وإثبات هوياتهم ليتعرف النظام عليهم ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬التحويل‬ ‫وهنا يتم تنظيم وإقرار نوعية التحويل املمنوح لكل مستفيد باإلضافة إىل التحويل اخلاص‬ ‫بالبيانات ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬التنبيه‬ ‫عندما يكون هنالك خمالفات إلجراءات أمنية تالحظ الربجميات ذلك مباشرة وتنبه املستعملني‬ ‫للنظام بأن هناك من يراقبهم يف الشبكة ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬اإلشراف والسيطرة‬ ‫يتم تسجيل مجيع تفاصيل حماوالت إنتهاك اإلجراءات األمنية مع اإلحتفاظ باإلحصاءات‬ ‫والرسوم البيانية اليت توضح هذه احملاوالت وذلك الختاذ اإلجراءات املناسبة ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬تكامل النظام‬ ‫يصمم نظام التشغيل والربامج األمنية بأسلوب جيد وبشكل مرتابط ومتكامل لذا اليستطيع‬ ‫األشخاص الدخول للنظام دون تعريف أنفسهم وإثبات هوياتهم ‪.‬‬ ‫وميكننا هنا ذكر بعض الصفات الشخصية لعملية تعريف املستفيد لنفسه ومنها ‪:‬‬ ‫‪ 1 .1‬طبع أصابع يد املستفيد ‪.‬‬ ‫‪ 2 .2‬طبع إبهام اليد ‪.‬‬ ‫‪ 3 .3‬متييز الصوت ‪.‬‬ ‫‪ 4 .4‬فحص التوقيع ‪.‬‬ ‫‪ 5 .5‬بصمة العني ‪.‬‬ ‫وغريها من األساليب املستحدثة‬ ‫‪88‬‬

‫أمن الحواسيب ‪:‬‬ ‫عند احلديث عن أمن احلواسيب نقصد تأمني احلواسيب الكبرية واملتوسطة والشخصية ‪ ،‬وال بد‬ ‫من الرتكيز على تأمني احلواسيب الشخصية ‪ ،‬وذلك لألسباب األتية ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬معظم املؤسسات ال تعتمد مسؤول أمين للحواسيب الشخصية خاصة أجهزة ( الالب توب ) ‬ ‫ مما يوقع هذه املؤسسات يف مشاكل أمنية معقدة ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬عدم إدراك أهمية منظومة املعلومات وطريقة محاية أجهزة التخزين املتداولة بني مجيع ‬ ‫ أفراد املؤسسة (ذاكرات خارجية ) ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪3 .3‬أغلب أصحاب احلواسيب الشخصية هم من الباحثني والعلماء حيث خيزن الباحث‬ ‫ كافة حبوثه والنتائج اليت توصل اليها مما جيعل احلاسوب أكثر إستهدافاً ‬ ‫ لعمليات السرقة والقرصنة ‪.‬‬

‫مشاكل تأمني احلواسيب الشخصية ‪:‬‬

‫‪1 .1‬عدم وجود كادر مسؤول عن تأمني وحفظ الربجميات على عكس ما هو موجود يف مراكز‬ ‫احلواسيب الكبرية ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬عدم حتديد أهمية وخطورة بعض الربجميات ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬ضعف الثقافة والتوعية اخلاصة بأمن احلواسيب ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬ضعف الضوابط واإلجراءات األمنية خاصة يف جمال الشبكات ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬عدم االهتمام بفهرسة الربجميات ‪.‬‬

‫تأمني احلواسيب ضد اجلرائم‬ ‫ ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫أتأمنب احلواسيب الكبرية‬ ‫‪1‬ا بد من االهتمام بأجهزة التهوية والتربيد ‪.‬‬ ‫‪2‬جتهيز منظومة متكاملة من أجهزة املطايفء التلقائية ‪.‬‬ ‫‪3‬تأمني أجهزة جتهيز الطاقة ‪.‬‬ ‫‪4‬اعتماد جتهيزات ملواجهة احلاالت األمنية الطارئة ‪.‬‬ ‫‪5‬إعتماد منظومة للسيطرة على األبواب واحلماية ضد املتسللني ‪.‬‬

‫ ‪ .‬بتأمني أجهزة الكمبيوتر املتوسطة‬ ‫تتمثل جرائم املعلوماتية يف هذه احلالة يف تعطيل أجهزة الكمبيوتر أو ختريبها عرب إرسال‬ ‫‪89‬‬

‫الفريوسات أو الربامج اليت حتوي أنظمة هجومية مما يسبب تلفاً يف أنظمة الكمبيوتر‬ ‫واألنشطة املرتبطة به لذا البد من اخذ التحوطات التأمينية الالزمة‪.‬‬ ‫ ‪ .‬جتأمني األشخاص أو اجلهات ‪:‬‬ ‫تستهدف فئة كبرية من اجلرائم علي شبكة اإلنرتنت أشخاص أو جهات بشكل غري مباشر‬ ‫من خالل التهديد أو اإلبتزاز أو السرقة أو ممارسة الفاحشة ومرتكيب هذا النوع من اجلرائم‬ ‫إما أن يكونوا هواة أو جمرمني حمرتفني ‪ ،‬وغالباً ما يكونون هواة من الشباب الذين ميلكون‬ ‫معلومات ال بأس بها عن أنظمة تشغيل الكمبيوتر و يرتكبوا هذا النوع من اجلرائم عن طريق‬ ‫الصدفة أي أن الدافع اإلجرامي مل يكن متوفراً عند إتصاهلم جبهاز الكمبيوتر ‪ ،‬أما اجملرمني‬ ‫احملرتفني فهم األكثر خطورة وحيدثون أضرار خطرية يف الربامج واملعلومات ‪.‬‬

‫األسباب الدافعة الرتكاب الجرائم المستحدثة ‪:‬‬

‫أهم هذه األسباب‪: 2‬‬ ‫‪1 .1‬الولع يف مجع املعلومات‬ ‫هناك من يرتكب هذا النوع بغرض احلصول على اجلديد من املعلومات ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬حتقيق مكاسب مادية‬ ‫ ‬ ‫ويتمثل ذلك يف احلصول على كسب مادي عن طريق املساومة على الربامج أو‬ ‫ ‬ ‫املعلومات املتحصلة بطريق غري مشروع ‪ ،‬أو عن طريق استعمال بطاقات الكرتونية‬ ‫مزورة ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الدوافع الشخصية‬ ‫وهنا ترتكب اجلرمية نتيجة اإلحساس بالقوة وبالقدرة الفائقة على اخرتاق أنظمة الكمبيوتر‬ ‫والشبكات ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬حب املغامرة واإلثارة ‪:‬‬ ‫الكثري من األشخاص يرتكبون هذا النوع من اجلرائم بدافع املغامرة فقط واكتشاف مهارات ‬ ‫جديدة يف جمال اجلرمية اإللكرتونية ‪.‬‬

‫صور وأشكال جرائم المعلوماتية واإلنترنت‬

‫كما سبق أن أشرنا إن إساءاة إستخدام التقنية ومعطياتها من قبل بعض األفراد أفرز الكثري‬ ‫من اجلوانب السالبة فإذا كانت التقنية وشبكات املعلومات ساعدت اجملتمعات علي التواصل‬ ‫احلضاري والثقايف إال أنها أسهمت بشكل ملحوظ يف ماميكن تسميته ( بعوملة اجلرمية )‬ ‫‪2‬حممد أمني الرومي ‪ ،‬جرائم الكمبيوتر واإلنرتنت ‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية ص ‪23‬‬

‫‪90‬‬

‫وذلك مبا قدمته من تسهيالت لألنشطة اإلجرامية ‪ ،‬ونشري هنا إلي أن النمو املتسارع لشبكة‬ ‫اإلنرتنت أتاح إنتشار وتنوع اجلرمية اإللكرتونية ً‬ ‫بداية من سرقة بيانات احلسابات املصرفية‬ ‫حيت بيع صور األطفال علي املواقع اإلباحية وجرائم غسيل األموال وميكن عرض أهم صور‬ ‫األنشطة اإلجرامية املتعلقة جبرائم املعلومات واإلنرتنت فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬صناعة ونشر الفريوسات واإلخرتاقات وتعطيل األجهزة ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬إنتحال الشخصية ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الذم والتحقري واإلهانة عرب الشبكة ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬النصب واإلحتيال يف املعلوماتية ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬جرائم إنتهاك البيانات الشخصية اإللكرتونية ‪.‬‬ ‫‪6 .6‬جرائم اإلعتداء علي االموال اإللكرتونية وتزوير التوقيع االإلكرتوني ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬التحرش واملضايقة عرب برامج احملادثات ‪.‬‬ ‫‪8 .8‬أنشطة اإلعتداء علي اخلصوصية وهي تتعلق جبرائم اإلخرتاق ‪.‬‬ ‫‪9 .9‬جرائم املغامرة واجلرائم األخالقية األخري ‪.‬‬ ‫‪1010‬جرائم تعطيل األعمال احلكومية واإلرهاب اإللكرتوني ‪.‬‬ ‫‪1111‬جرائم سرقة املعلومات والربامج ‪.‬‬ ‫‪1212‬جرائم إتالف الربامج واملعلومات ‪.‬‬

‫خصائص جرائم املعلوماتية واإلنرتنت ‪:‬‬ ‫وفقاً لتعريف العلماء للجرائم املعلوماتية ( بأنها عمل أو إمتناع عن عمل يأتيه اإلنسان حيدث‬ ‫إضراراً مبكونات احلاسب اآللي أو شبكات اإلتصال املرتبطة به واحملمية قانوناً ويعاقب علي هذا‬ ‫الفعل مبوجب القانون ) ‪ ،‬فأن مسات جرائم اإلنرتنت تتمثل يف األتي ‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أسهولة إرتكاب هذه اجلرمية نظراً إلستخدام الوسائل ذات الطابع التقين ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بسهولة إخفاء معامل اجلرمية وصعوبة تتبع مرتكبيها ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬جسرعة إرتكاب هذا النوع من اجلرائم العتمادها علي وسائل اإلتصال احلديثة ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬دجرائم تتسم بالغموض حيث يصعب إثباتها والتحقيق فيها ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ ‪ .‬هيتسم مرتكبو هذه اجلرائم بالثقافة والعلم التكنلوجي‪ ،‬فاجملرم هنا ليس عاديا فهو‬ ‫ يرتكب جرمية متخصصة ‪.‬‬ ‫ ‪ .‬وجرمية إلكرتونية غري مادية‪.‬‬ ‫ ‪ .‬زجرمية متتد إىل خارج احلدود احمللية ‪.‬‬

‫ ‬

‫‪91‬‬

‫جرائم الكمبيوتر واإلنترنت في القوانين‬ ‫عنيت القوانني على املستوى العاملي واحمللى بهذا النمط احلديث من اجلرائم فجاءت العديد‬ ‫منها وهي حتمل نصوص حول جرائم اإلنرتنت واحلاسوب نذكر منها قانون (براءة اإلخرتاع‬ ‫والرسوم‪ ،‬وقانون محاية حق املؤلف)‪.‬‬

‫قوانيــــن اإلنتـــرنت‬ ‫فيما يلي ميكن احلديث عن اإلطار القانوني لإلنرتنت من خالل ما يعرف بالقانون (السابريي)‬ ‫أو قانون اإلنرتنت الذي ميثل جمموعة القواعد القانونية ذات العالقة بنظم تكنولوجيا املعلومات‬ ‫واإلنرتنت ويطلق عليه باإلجنليزية مصطلح (‪ )Cyber Law‬الذي شاع يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية من خالل معهد الفضاء السابريي الذي يعين بهذا اجملال ويهتم بتحديد كيفية‬ ‫التعامل مع مشكالت الفضاء اإللكرتوني ‪ ،‬وقد بدأ عقد اإلتفاقات الدولية خبصوص الفضاء‬ ‫السابريي عام ‪1998‬م ‪.‬‬ ‫ويشمل قانون اإلنرتنت العديد من فروع املعرفة القانونية كالقانون املدني والقانون التجاري‬ ‫والقانون اجلنائي وتشريعات ‪ 3‬البنوك والقانون الدولي وغريها من التشريعات‬ ‫ ‪«Internet Law encompasses all cases , statutes and constitutional pr‬‬‫ ‪visions that impact persons and institutions when they go online I‬‬‫‪sues include Free speech intellectual property privacy , safety , equity‬‬ ‫« ‪, jurisdiction and e- commerce‬‬ ‫وفقاً لذلك نشأت مفاهيم ونظريات قانونية جديدة للمعامالت ذات الصلة باإلنرتنت منها على‬ ‫سبيل املثال‪:‬‬ ‫‪1 .1‬تشريعات امللكية الفكرية اليت تضم العالمات التجارية وأمساء النطاقات وامللكية الفنية ‬ ‫ واألدبية للمصنفات الرقمية ومحاية براءات اإلخرتاع على املنتجات الرقمية وغريها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Naavi-vijay Ashankar- Cyber Law For every citizen in India- Version‬‬ ‫‪.2004. P 155‬‬ ‫يونس عرب – قانون الكمبيوتر موسوعة القانون وتقنية املعلومات – اجلزء األول – إحتاد املصارف‬ ‫العربية‪- 2001‬‬

‫‪92‬‬

‫ ‬

‫‪2 .2‬تشريعات جرائم الكمبيوتر ومن ثم تطورها لتشمل جرائم اإلنرتنت وجرائم االتصال‬ ‫ ضمن مفهوم أمشل (أمن املعلومات) ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪3 .3‬تشريعات اخلصوصية أو قواعد محاية جتميع ومعاجلة وختزين وتبادل البيانات‬ ‫ الشخصية ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬تشريعات التجارة اإللكرتونية ( التواقيع اإللكرتونية والتعاقد اإللكرتوني والتسوق‬ ‫اإللكرتوني ) ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬تشريعات اإلستثمار والتجارة والضرائب واجلمارك واإلتصاالت واألنظمة احلكومية ذات‬ ‫الصلة باملشورعات التقنية ‪.‬‬ ‫‪6 .6‬التشريعات املالية واملصرفية فيما يتصل باملال اإللكرتوني وتقنيات اخلدمات املصرفية يف‬ ‫بيئة اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬تشريعات احملتوي الضار (محاية الشبكة من الدخول غري املشروع والفريوسات واإلقتحام ) ‪.‬‬ ‫وميكن القول يف هذا اإلطار أن الفقه والتشريع والقضاء يف حماولة مستمرة لتنظيم تلك‬ ‫املسائل ملواكبة التطور غري املسبوق يف جمال اإلتصاالت واإلنرتنت ‪.‬‬

‫حقوق الملكية الفكرية وتكنولوجيا المعلومات‬ ‫حقوق امللكية الفكرية هي القواعد القانوينة املقررة حلماية اإلبداع الفكري املصنف ( امللكية‬ ‫الفنية واألدبية ) أو محاية العناصر املعنوية للمشاريع الصناعية والتجارية ( امللكية الصناعية ) ‪.‬‬ ‫ومبا أن الغاية اجلوهرية لشبكة اإلنرتنت هي تداول املعلومات حيث يتم إرسال ونقل املعلومات‬ ‫من مكان آلخر وإدخال وختزين البيانات اخلاصة باملعلومات لذاكرة احلاسب ومن ثم‬ ‫إستدعائها عند احلاجة إليها مما يقتضي أن يكون اإلرسال والنقل مناسباً ومتدفقاً من خالل‬ ‫الدوائر التلفزيونية أو اهلاتفية اليت ترتبط باحلاسبات من خالل وحدات طرفية مركبة‬ ‫مبواقع متعددة ‪ ،‬فجهاز احلاسب هو األداة احلديثة للنقل عرب الشبكة الدولية ‪.‬‬ ‫وإذاء هذا التزايد السريع لشبكات املعلومات وتوزيعها كان من الضروري إجياد قواعد لتنظيم‬ ‫بث املعلومات والتنسيق بني حرية التعبري وإنسياب املعلومة من جهة واحملافظة على حقوق‬ ‫اآلخرين من جهة أخرى ‪ ،‬مع اإللتزام بأال متس املعلومات حقوق األفراد وأن تكون هناك قيود‬ ‫تتعلق مبضمون وطبيعة املعلومة‪.‬‬ ‫ومبا أن شبكة اإلنرتنت مفتوحة ومرتامية األطراف وتتمتع حبرية إنسياب املعلومات دون‬ ‫حتكم أو سيطرة مركزية فبالتالي ال توجد جهة حمددة لتقصي التقليد أو النسخ الذي يشكل‬ ‫مساساً حبق املؤلف ‪.‬‬ ‫‪93‬‬

‫المحور الثاني مشكالت الخصوصية والثقة وإظهار المعلومات ‪:‬‬ ‫يف ظل العوملة وتكنولوجيا اإلتصالت واملعلومات أصبحت اجملتمعات اإلنسانية احلديثة تعيش‬ ‫بدون حواجز مانعة للخصوصية وأصبح من الصعب جداً إخفاء املعلومات أو التعتيم عليها ومت‬ ‫إلغاء قيود الزمان واملكان مما أثر علي مفهوم اخلصوصية ‪ ،‬واخلصوصية كمصطلح أو احلق‬ ‫يف اخلصوصية تع ّرف بانها( صيانة احلياة الشخصية والعائلية لإلنسان بعيداً عن اإلنكشاف‬ ‫(خص) فيقال خصه بالشئ‬ ‫أو املفاجأة بغري الرضا)‪ .‬واخلصوصية يف اللغة العربية من الفعل ّ‬ ‫خيصه خصوصاً واخلصوصية مبعين اإلنفراد بالشئ دون غريه واخلاصه خالف العامه ‪،‬‬ ‫واخلصوص خالف العموم ويف اللغة اإلجنليزية (‪ )Privacy‬ويرادفها يف القاموس كلمة‬ ‫(‪ ... ) Singularity‬واحلق يف احلياة اخلاصة ( ‪The quality OF being apart from‬‬ ‫‪ (، )others‬حالة كونه بعيداً عن اآلخرين )‪ ،‬ومن املالحظ أن يف اجملتمعات الصغرية‬ ‫يضعف اإلهتمام باخلصوصية حيث يتعرف كل فرد علي نشاط غريه ‪.‬‬ ‫وحديثاً إرتبط مفهوم اخلصوصية مبفهوم محاية املعلومات مما يضع اخلصوصية يف إطار‬ ‫احلق يف محاية البيانات اخلاصة‪ ،‬ووضع علماء آخرون اخلصوصية كحد فاصل بني حق الفرد‬ ‫املطلق وبني حق اجملتمع ‪ ..‬و يف عام ‪1980‬م ذهب القاضي االمريكي ( ‪)Brandeis Louis‬‬ ‫قاضي احملكمة العليا إلي أن اخلصوصية هي ( حق الفرد أن يرتك ليكون وحيداً ) لذا وضعت‬ ‫اخلصوصية كواحدة من مسات اجملتمع الدميقراطي ‪.‬‬ ‫يف عام ‪1967‬م عرف ( ‪ )Alan Westin‬اخلصوصية بأنها (رغبة األفراد يف اإلختيار احلر‬ ‫لآلليات اليت يعريون بها عن أنفسهم ورغباتهم ) وميكننا هنا التعرف علي عدة أنواع للخصوصية‬ ‫هي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬خصوصية املعلومات ( ‪: ) Information privacy‬‬ ‫وتتضمن خصوصية املعلومات القواعد اليت حتكم مجع وإدارة البيانات اخلاصة ( معلومات‬ ‫طبية معلومات مالية ‪ ،‬بطاقات هوية )‪.‬‬ ‫‪2 .2‬اخلصوصية اجلسدية أو املادية (‪: )Body privacy‬‬ ‫وتتعلق باحلماية ضد أي إعتداءات متس النواحي اجلسدية مثال فحوصات اجلينات وفحص‬ ‫املخدرات واملؤثرات العقلية ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬خصوصية اإلتصاالت (‪: ) communication privacy‬‬ ‫وتعين بسرية وخصوصية اإلتصاالت واملراسالت اهلاتفيه والربيد اإللكرتوني وغريها من‬ ‫اإلتصاالت ‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫والناظر إلي البيئة اإلتصالية واملعلوماتية يالحظ بوضوح تزايد خماطر التقنيات احلديثة‬ ‫علي محاية اخلصوصية ومثال لذلك تقنيات مراقبة الكامريات ‪ ،‬ووسائل إعرتاض ورقابة‬ ‫الربيد واإلتصاالت باإلضافة إلي مراقبة بيئة العمل ‪ ،‬وقد تدخلت الدولة يف شؤون األفراد‬ ‫وذلك باإلحتفاظ بسجالت الوالدات والزواج والوفيات ويف الكثري من األحيان تستخدم هذه‬ ‫املعلومات الشخصية يف غري موقعها مما ميثل خرق خلصوصية الفرد ‪.‬‬ ‫وهناك جهود إدارية وتنظيمية وتشريعية تبذل سعياً إلي إقامة التوازن بني حق الفرد وحق‬ ‫اجملتمع ولكن إستخدام التقنية يف ميدان مجع ومعاجلة البيانات الشخصية خلق واقعاً يصعب‬ ‫فيه إقامة هذا التوازن ‪ ،‬وبفعل الكفاءه العالية للوسائل احلديثة يف جمال حتليل وإسرتجاع‬ ‫املعلومات إجتهت الدول حديثاً إلي إنشاء قواعد بيانات لتنظيم أعماهلا وإستخدام احلواسيب‬ ‫يف مجع وحتليل املعلومات ‪.‬‬ ‫مما زاد الشعور مبخاطر التقنية احلديثة فيما يتعلق باخلصوصية و الكثري من املؤسسات‬ ‫والشركات الكربي العاملية جتمع بيانات عن العاملني تتعلق بأوضاعهم املالية والصحية‬ ‫والتعليمية واإلجتماعية مما جيعل فرص الوصول إلي هذه البيانات علي حنو غري مأذون به‬ ‫أو عن طريق التحايل أكثر من ذي قبل وهناك جمال واسع إلساءة إستخدام هذه البيانات‬ ‫وعلي سبيل املثال متتلك مصلحة الضرائب األمريكية حسب دراسة أجريت يف أوائل التسعينات‬ ‫بيانات أكثر من مائة مليون أمريكي علي حواسيبها مما جعل هذه البيانات متاحة للتصرف‬ ‫فيها بطرق خمتلفة ومن الواضح أن شيوع النقل الرقمي للمعلومات والبيانات أوجد مشاكل‬ ‫أمنية خطرية وذلك بعدم توفر األمانة ّ‬ ‫املطلقه وبالرغم من التطور اخلطري يف هذا اجملال إال أن‬ ‫أحدث تقارير اخلصوصية تشري إلي أنه ما تزال أسرار األفراد وخصوصياتهم يف خطر ‪.‬‬ ‫وتعترب عملية محاية اخلصوصية يف البيئة الرقمية من أهم الوسائل واإلجراءات التقنية‬ ‫بوصفها عملية تكامليه حمكومة بإسرتاتيجية حمددة العناصر ومن اخلطأ جمرد اإلعتقاد بإن‬ ‫إستخدام بعض التقنيات حيمي البيانات الشخصية محاية كاملة وباإلضافة إلي ذلك جيب‬ ‫عدم إغفال أهمية احلماية القانونية والتشريعية وتكاملها مع احلماية التقنية والتنظيميه‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫مرتكزات حماية خصوصية المعلومات ‪:‬‬ ‫التوازن بني احلماية واحلرية ‪:‬‬ ‫مبا أن األنرتنت مفتوحاً وذو طبيعة تفاعلية فقد أصبح ملتقي للعامل اإلفرتاضي وأتاح التفاعل‬ ‫وجهاً لوجه يف عامل بال حدود‪ ,‬لذا فاحلكومات اليت تشجع إنتشار اإلنرتنت لديها حسابات يف‬ ‫الوقت نفسه من خماطره وتهديده لسلطاتها التقليديه وتظل خماطر القطاع اخلارجي‬ ‫يف تعامله االقتصادي مع االنرتنت وتكنلوجيا املعلومات قائمة أكثر من املخاطر التقليديه‬ ‫‪ ...‬ويتساءل مستعملي شبكة االنرتنت عن القوانني اليت جيب تشريعها للحفاظ علي حقوق‬ ‫مستعملي الشبكه ‪ ,‬لذا فحماية اخلصوصيه يف بيئة اإلنرتنت تعترب من املسائل اجلوهريه‬ ‫واليت جيب األهتمام بها وهناك مبادئ أساسية حتكم اخلصوصيه يف جمال املعلومات والبيانات‬ ‫الشخصيه هي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬اعالن مستعمل الشبكه‬ ‫ويراد بهذا املبدا إخطار مستخدمي املواقع من قبل مزود اخلدمه يف حالة مجع بيانات شخصية‬ ‫عن املستخدم مع تعريفه مبدي إستخدام هذه املعلومات يف برامج أخري ‪.‬‬ ‫‪ 2 .2‬توفري خيارات للمستخدم‬ ‫تلتزم الشركات صاحبة املواقع بتوفري خيارات للمستخدم خبصوص إستخدام بياناته فيما‬ ‫يتجاوز الغرض من مجعها ‪.‬‬ ‫‪ 3 .3‬لدخول للبيانات ‪:‬‬ ‫يوجب هذا املبدأ قدرة املستخدمني علي الوصول إلي بياناتهم والتأكد من صحتها وحتديثها ‪.‬‬ ‫‪ 4 .4‬األمـن‬ ‫ويتعلق هذا املبدأ مبسؤلية جهات مجع املعلومات بشأن معايري األمن لضمان سرية البيانات‬ ‫وسالمة اإلستخدام وحظر الوصول غري املصرح به ‪ ،‬وتتضمن هذه الوسائل كلمة السر‬ ‫والشفرات وغريها ‪.‬‬ ‫‪ 5 .5‬تطبيق القانون‬ ‫ويشمل هذا املبدأ اآلليات املناسبة لفرض اجلزاءات علي اجلهات املخالفة ‪ ،‬ووجود هذه املبادي‬ ‫املذكوره جيب أ ّ‬ ‫ال ينتقص من احلرية يف التعامل مع شبكة اإلنرتنت والتوازن بني احلرية‬ ‫ومحاية اخلصوصية ميكن حتقيقه عن طريق املعايري املنضبطه واملرنه يف نفس الوقت ‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫ولكي نستطيع محاية املعلومات والبيانات يف البيئة الرقمية البد من ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬توفري أدوات محاية تقنيه تتيح للمستخدم التعامل مع البيئه الرقمية بقدر من اخلصوصية ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬إقرار التشريعات املالئمة حلماية اخلصوصية واليت تشمل تشريعات محاية البيانات ‪ ،‬‬ ‫ وسائل احلماية التعاقدية ‪ ،‬وعقود تبادل املعلومات ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬توفري إسرتاتيجيات تعامل إدارية وتنظيميه مالئمة لتحقيق احلماية التعاملية واخلاصة ‬ ‫ باجلونب التوعوية للحماية ‪.‬‬ ‫المحور الثالث‪ :‬مشكلة أمن المعلومات‬ ‫حسب املرجعيات األكادميية فإن أمن املعلومات هو ذلك العلم الذي يبحث يف نظريات‬ ‫وإسرتاتيجيات توفري احلماية للمعلومات من خماطر التهديد واإلعتداء ووفقاً للنظرية التقنية‬ ‫هو( الوسائل واألدوات واإلجراءات الالزمة لضمان محاية املعلومات من األخطار الداخلية‬ ‫واخلارجية ) ‪ ،‬ومن الزاوية القانونية فإن أمن املعلومات هو ( التدابري اخلاصة حبماية سرية‬ ‫وسالمة حمتوي املعلومات ومكافحة اإلعتداء عليها أو إستغالل نظمها بإرتكاب اجلرمية ) ‪.‬‬ ‫عناصر أمن املعلومات‪:‬‬ ‫يتبغي ضمان توفري العناصر التالية بالنسبة ألمن املعلومات ‪-:‬‬ ‫‪ .1‬سرية املعلومات وموثوقيتها ونعين بالسرية التأكد من أن املعلومات ال تكشف وال يطلع‬ ‫عليها أشخاص غري خمول هلم باإلطالع ‪.‬‬ ‫‪ .2‬التكاملية وسالمة احملتوي وذلك عرب التأكد من أن حمتوي املعلومات صحيح ومل يتم‬ ‫تعديله ‪.‬‬ ‫‪ .3‬إستمرارية توفر املعلومات وذلك من خالل التأكد من إستمرار عمل النظام املعلوماتي‬ ‫وقدرته على التفاعل مع املعلومات وتقديم اخلدمة ملواقع املعلوماتية ‪.‬‬ ‫‪ .4‬عدم إنكار التصرف املرتبط باملعلومات ممن قام به ونعين به ضمان عدم إنكار الشخص‬ ‫الذي قام بتصرف ما متصل باملعلومات أو مواقعها لفعله ‪.‬‬ ‫‪ .5‬آليه توفري احلماية من املخاطر لكل منشأة أو هيئة ووسيلتها اخلاصة يف توفري األمن من‬ ‫املخاطر وذلك يكون يف حدود متطلبات محاية املعلومات اليت مت حتديدها وحبدود إمكاناتها‬ ‫املادية وامليزانية املخصصة للحماية‪.‬‬ ‫وإذاء ذلك تكون هناك خطط ملواجهة اإلخطار تتضمن مراحل متتالية إبتدا ًء من مرحلة‬ ‫اإلجراءات التقنية واإلدارية واإلعالمية والقانونية ثم إجراءات التحليل بطبيعة املخاطر‬ ‫‪97‬‬

‫وسبب حصوهلا وأخرياً مرحلة إجراءات التعايف والعودة إىل الوضع الطبيعي ‪.‬‬ ‫مواطن أخطار وإعتداءات بيئة املعلومات ‪:‬‬ ‫تكمن املخاطر واإلعتداءات يف بيئة املعلومات يف مواطن أساسية هي مكونات تقنية املعلومات‬ ‫وتتمثل يف ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬األجهزة ‪ ,‬وهي األدوات واملعدات املادية اليت تتكون منها النظم كالشاشات والطابعات‬ ‫ومكونات ووسائط التخزين املادية ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الربامج ‪ ،‬وهي األوامر املرتبة يف نسق معني إلجناز األعمال ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬املعطيات ‪ ،‬وتشمل كافة البيانات املدخلة واملعلومات املستخرجة بعد معاجلتها وهي ‬ ‫ تشمل أيضاً الربجميات املخزنة داخل النظم ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬اإلتصاالت ‪ ،‬وتتمثل يف شبكات اإلتصال اليت تربط األجهزة التقنية بعضها ببعض ‪.‬‬ ‫العمليات الرئيسة املتصلة بأمن املعلومات ‪:‬‬ ‫يتم التعامل مع املعلومات يف بيئة النظم وتقنيات املعاجلة واإلتصال وتبادل البيانات وفقاً‬ ‫للعمليات التالية ‪:‬‬ ‫‪ .1‬تصنيف املعلومات ‪ :‬وهي أساس بناء أي نظام يتعلق باملعلومات وختتلف التصنيفات حسب‬ ‫املنشأة وقد تصنف املعلومات إىل معلومات متاحة موثوقة سرية ‪ ،‬سرية للغاية أو قد تكون‬ ‫معلومات متاحة وأخرى حمظورة‪.‬‬ ‫‪ .2‬التوثيق ‪ :‬البد من إتباع نظام توثيق خطي لتوثيق بناء النظام ووسائل املعاجلة فالتوثيق‬ ‫ضروري لنظام التعريف ويف إطار األمن فإن التوثيق يتطلب أن تكون إسرتاتيجية أو سياسة‬ ‫األمن موثقة ومكتوبة ‪.‬‬

‫جوانب القصور يف اجملال التشريعي ألمن املعلومات ‪:‬‬ ‫من املالحظ أن هنالك قصور تشريعي وتنظيمي من قبل السلطات األمنية وهو موجود يف‬ ‫مجيع أحناء العامل على الرغم من أن بعض الدول سنت قوانني تشريعية يف التعامل مع اجلرائم‬ ‫املعلوماتية مثال الواليات املتحدة األمريكية اليت تعد من أكرب الدول اليت توجد فيها تشريعات‬ ‫صارمة يف جمال أمن املعلومات ‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫أمناط ومستويات أمن املعلومات وتشمل ‪:‬‬

‫‪ .1‬احلماية املادية عرب الوسائل اليت حتول دون الوصول إلي نظم املعلومات وقواعدها‬ ‫كاحلواجر والغرف احملصنة وغريها من وسائل احلماية املادية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬احلماية الشخصية وهي تتعلق بالعاملني على النظام املعين ‪.‬‬ ‫‪ .3‬احلماية اإلدارية ويراد بها حتكم جهد اإلدارة على إدارة نظم املعلومات وقواعدها ‪.‬‬ ‫‪ .4‬احلماية اإلعالمية املعرفية وهي تتمثل يف السيطرة على إعادة إنتاج املعلومات‬ ‫ومصادرها‬

‫مقرتحات لتطوير آليه التعامل مع النظم املعلوماتية ‪:‬‬

‫مما ال شك فيه أهمية وخصوصية جمال أمن املعلومات ودورها البارز يف أوجه احلياة املختلفة‬ ‫يف ظل التقدم التقين الذي نعيشه وهنا نؤكد على ضرورة احلفاظ على هذا اجملال وتطويره‬ ‫من خالل تقديم التوعية العلمية والتدريب املستمر للقطاعات ذات الصلة يف هذا اجملال‬ ‫وتشجيع البحث العلمي من خالل اجلامعات‪ .‬كما ينبغي اإلهتمام بإدارج برامج متخصصة يف‬ ‫أمن املعلومات ضمن الربامج الدراسية بكليات احلاسوب والكليات األخرى ذات الصلة ‪ ،‬كذلك‬ ‫نشري إىل ضرورة املؤمترات والندوات العلمية بذات الصدد ‪.‬‬

‫النتائج ‪:‬‬

‫إن ما مت طرحه عرب هذه الورقة قصدنا من خالله تسليط الضوء على مشكالت اإلعالم اجلديد‬ ‫وقد توصلت الورقة إىل النتائج ‪:‬‬ ‫‪ .1‬يعد مصطلح اإلعالم اجلديد تطوراً وإمتداداً ملفهوم اإلعالم التقليدي وهو نتاج مادي‬ ‫للتقدم املذهل والسريع يف جمال الوسائط املتعددة وتقنية املعلومات ‪.‬‬ ‫‪ .2‬أفرزت التكنولوجيا احلديثة يف جمال اإلعالم واإلتصال مردودات سالبة ّ‬ ‫أضرت بالقيم‬ ‫األخالقية باجملتمعات ‪.‬‬ ‫‪ .3‬أسهمت عوملة اإلتصال واإلعالم اجلديد واإلنفتاح الذي نعيشه يف إخرتاق احلواجز بني‬ ‫الشعوب وشكلت عائقا أمام مبدأ اخلصوصية ‪.‬‬ ‫‪ .4‬من التأثريات واألبعاد السالبة أيضاً لتقنيات اإلعالم اجلديد ( بث فضائي – ملتميديا) ‪،‬‬ ‫ظهور بعض السلوكيات اخلاطئة واجلرائم اليت تهدد أمن اجملتمعات ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نتيجة للتعدي‬ ‫‪ .5‬تعيش الدول واجملتمعات مشاكل وصراعات فكرية وسياسية وإجتماعية‬ ‫على مبدأ اخلصوصية وإخرتاق املعلومات عرب امليديا احلديثة ‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫التوصـيات‪:‬‬ ‫‪ .1‬تشجيع البحث العلمي والدراسات اخلاصة بتشريعات اإلنرتنت وأمن املعلومات وضرورة‬ ‫تنسيق اجلهات املعنية يف جمال اإلعالم اجلديد ‪.‬‬ ‫‪ .2‬اهتمام اإلعالم اجلديد بالتوعية بأخطار اجلرائم اإللكرتونية ‪.‬‬ ‫‪ .3‬تكثيف اجلهود التوعوية ملستخدمي اإلنرتنت حول مسألة األمن واخلصوصية عند التعامل‬ ‫مع مواقع األنرتنت عرب املنابر اإلعالمية والندوات واملؤمترات العلمية ‪.‬‬ ‫‪ .4‬تدريب الكوادر العاملة يف جمال احلواسب واألنرتنت على آليات وأساليب مكافحة اجلرائم‬ ‫اإللكرتونية ‪.‬‬ ‫‪ .5‬إدخال مادة اإلعالم اجلديد يف مناهج كليات اإلتصال واإلعالم ‪.‬‬ ‫‪ .6‬إدخال برامج دراسية خاصة بأمن املعلومات وتشريعات وقوانني األنرتنت ضمن مقررات‬ ‫كليات احلاسوب والقانون والكليات الشرطية واألمنية ‪.‬‬ ‫‪ .7‬تدريب الكوادر اإلعالمية يف جمال تقنية املعلومات وأمن املعلومات واحلواسيب ‪.‬‬ ‫المراجـع ‪:‬‬ ‫‪ .1‬حسني اجلندي ‪ ،‬ضمانات حرمة احلياة اخلاصة يف اإلسالم ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار النهضة العربية ‪.‬‬ ‫‪ .2‬حشمت حممد على القاسم ‪1993‬م ‪ ،‬تقنيات اإلتصاالت وتدفق املعلومات ‪ ،‬القاهرة إدارة‬ ‫النشر والثقافة باجلامعة‪.‬‬ ‫‪ .3‬عبد اهلل عبد الكريم عبد اهلل ‪2007,‬م ‪ ، ،‬جرائم املعلوماتية واألنرتنت ‪ ،‬بريوت لبنان ‪،‬‬ ‫احلليب احلقوقي ‪ ،‬ط‪. 1‬‬ ‫‪ .4‬عبد الرمحن مجال الدين محزة ‪ ،‬اخلصوصية وحرية اإلعالم ‪ ،‬القاهرة اهليئة املصرية‬ ‫للكتاب ‪.‬‬ ‫‪ .5‬عبد احلميد بسيوني ‪2004،‬م ‪ ,‬طرق وبرامج اهلاكرز وقرصنت املعلومات ‪ ،‬القاهرة دار‬ ‫الكتب العلمية للنشر والتوزيع‬ ‫‪ .6‬حممد أمني الرومي ‪2004‬م ‪ .‬جرائم الكمبيوتر واألنرتنت ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار املطبوعات‬ ‫اجلامعية ‪.‬‬ ‫‪ .7‬حممد األمني البشرى ‪2004،‬م التحقيق يف اجلارئم املستحدثة ‪ ،‬ط‪. 1‬‬ ‫‪ .8‬حممد عبد احلميد ‪2007,‬م ‪ ،‬اإلتصال واإلعالم على شبكة األنرتنت ‪ ،‬ط‪ ، 1‬القاهرة عامل‬ ‫الكتب ‪.‬‬ ‫‪ .9‬إحتاد املصارف العربية ‪2001 ،‬م ‪ ،‬قانون الكمبيوتر موسوعة القانون وتقنية املعلومات ‪،‬‬ ‫ج‪، 1‬‬

‫املراجع األجنبية ‪:‬‬

‫‪1/ Naavi – Vijay Ashankar – Cyber law For every citizen in India‬‬ ‫‪version 2004.‬‬

‫‪100‬‬

‫الصحف االلكترونية البحرينية‬

-----------------------------------------

‫دراسة في تقييم واجهة االستخدام والوصول إلى المعلومات‬

‫حامت الصريدي‬.‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract In these last years, the internet presented a big challenge to traditional

media and especially to printed newspapers which was deeply affected by the gradual shift of its readers to the internet. It was then a necessity for news companies to think about new strategies and to adopt new modern economic models in relation to the use and the accessibility of information. Its major goal is to reinforce its position and its relations with readers and users in front of the tough competition and the spread of news websites and citizen journalism. Like other Arabic and international news companies, Bahraini newspapers adopted almost the same strategy by creating their own web sites which came as a support to the printed newspaper. Even though, these web sites were created at different periods of time, they almost all have adopted the same method in term of interface design of pages and the publication of news contents and its updating. In this paper, we will try to present the most important results of a descriptive and evaluative study of five websites representing the major online Bahraini newspapers. The focus of the study will be on two major levels: Interface and Accessibility. This study was realized during the first week of June 2008. Interface design was evaluated by measuring selected areas from web pages screenshots. As for the Accessibility; automatic testing tools were used in the evaluation and analysis. Finally, contributions include a state of the art of news websites.

Keywords

Online Journalism, New Media, Web Interfaces, Web Accessibility, Web Design 101

‫تقديم‬ ‫مثلت شبكة اإلنرتنت يف السنوات األخرية حتدّيا كبريا لوسائل اإلعالم التقليدية ومنها‬ ‫باخلصوص الصحافة املطبوعة اليت تأثرت تأثرا بالغا من حت ّول عدد كبري من ق ّرائها تدرجييا‬ ‫إىل الشبكة‪ .‬وكان لزاما على هذه املؤسسات اإلعالمية التفكري يف اسرتاتيجيات جديدة وتبين‬ ‫مناذج اقتصادية حديثة‪ ،‬ترتبط باالستخدامات والوصول إىل املعلومات‪ ،‬من شأنها أن تع ّزز‬ ‫مكانتها وتق ّوي الروابط اليت جتمعها مع قرائها ومستخدميها أمام املنافسة الشديدة واالنتشار‬ ‫الواسع لألخبار واملعلومات سواء كان يف شكله املؤسساتي (‪ )News Websites‬أو الفردي يف‬ ‫إطار ما أصبح يعرف بصحافة املواطن (‪.)Citizen Journalism‬‬ ‫وقد كان اعتماد اإلنرتنت كوسيلة إعالم جديدة ّ‬ ‫حمل نقاشات وآراء متعددة من قبل الدارسني‬ ‫والباحثني يف علوم اإلعالم واالتصال وكذلك من قبل ممثلي الصناعات اإلعالمية والثقافية‪.‬‬ ‫ومن بني أهم املسائل اليت طرحت مسألة الرتاجع التدرجيي ملكانة الصحيفة املطبوعة أمام‬ ‫النمو السريع ملكانة الصحيفة االلكرتونية وانعكاساتها على املؤسسات اإلعالمية‪ .‬كما طرحت‬ ‫مسألة ثانية موازية تتمثل يف كيفية وصول األخبار واملعلومات إىل املستخدمني عرب املوقع‬ ‫االلكرتوني وطرق قراءتها وتأثري عناصر التصميم على استخداماتها‪.‬‬ ‫ومثلها مثل باقي الصحف العربية والدولية‪ ،‬تب ّنت الصحف البحرينية هذا البعد االسرتاتيجي‬ ‫ضمن تطور مناخ الصحافة املطبوعة وأنشأت مواقع الكرتونية على الشبكة‪ ،‬جاءت يف جمملها‬ ‫داعمة للمؤسسة اإلعالمية األم‪ .‬ولئن ظهرت هذه املواقع االلكرتونية يف فرتات زمنية خمتلفة‪،‬‬ ‫إّ‬ ‫ال أنها اعتمدت تقريبا نفس األسلوب يف مستوى تصميم الصفحات ونشر املضامني اإلعالمية‬ ‫وحتديثها‪.‬‬ ‫وتنقسم هذه الورقة إىل أربعة عناصر أساسية‪ّ :‬‬ ‫يركز العنصر األول على إبراز الدراسات‬ ‫السابقة يف جمال البحث باإلضافة إىل تقديم للمنهجية املتبعة يف اختيار املواقع االلكرتونية‬ ‫املم ّثلة لعينة البحث‪ ،‬وأساليب التحليل والدراسة اليت مشلتها‪ .‬أما العنصر الثاني فهو يهتم‬ ‫أساسا بتقييم تصميم واجهة االستخدام‪ ،‬يف حني يتمحور العنصر الثالث حول دراسة وحتليل‬ ‫خصص عنصرا رابعا للحديث عن أهم النتائج اليت‬ ‫مسألة الوصول إىل املعلومات‪ .‬وأخريا ّ‬ ‫خرجت بها الدراسة‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫‪I .I‬األبحاث السابقة‬ ‫قبل الشروع يف هذه الدراسة واختيار ع ّينة الصحف االلكرتونية البحرينية‪ ،‬قمنا بعملية حبث‬ ‫عن دراسات وحبوث سابقة يف نفس اجملال‪ .‬وباستثناء بعض املقاالت اخلاصة باجتاهات الصحافة‬ ‫االلكرتونية يف بعض البلدان العربية اليت ال متثل فعال دراسات علمية‪ ،‬مل نتمكن من احلصول‬ ‫على حاالت حبث وقع تطبيقها على الصحف االلكرتونية العربية‪ .‬وقد متكنا يف اجلهة املقابلة‬ ‫من احلصول على عدد هام من الدراسات اليت أجريت على مناذج ملواقع إخبارية غربية كان هلا‬ ‫األثر البالغ يف تغذية هذه الدراسة من ناحية األدبيات العلمية واملنهجية املعتمدة‪ ،‬سوف حناول‬ ‫إجياز ما جاء فيها‪.‬‬ ‫يعترب ‪ Jacob Nielsen‬املرجع العاملي يف القضايا املرتبطة بتصميم واجهة االستخدام‬ ‫وعالقة املوقع االلكرتوني مبستخدميه على مجيع املستويات‪ .‬وأهم ما جاء به ‪ Nielsen‬يف‬ ‫كتابه ‪ ،Designing Web Usability‬أن مستخدمي اإلنرتنت الذين يعلمون ما يبحثون‬ ‫عنه‪ ،‬يريدون احلصول على املعلومة يف أسرع وقت‪ .‬أما الذين ال يعلمون بالتحديد ما يبحثون‬ ‫عنه‪ ،‬فيتصفحون املواقع كذلك بصورة سريعة ويتوقفون عند املعلومات بصورة منطقية‪.‬‬ ‫وقد وضع ‪ Nielsen‬كذلك منهجية مرجعية يف حتليل تصميم الصفحة الرئيسية من‬ ‫خالل كتابه ( ‪ .)Homepage Usability: 50 Websites Deconstructed‬وتعتمد‬ ‫هذه املنهجية على جمموعة من القواعد يف دراسة املساحات املستخدمة ضمن تصميم الصحف‬ ‫االلكرتونية‪ .‬ونشري يف هذا اإلطار إىل أن دراستنا قد تغذت من نفس املنهجية اليت وقع تطبيقها‬ ‫على عينة الصحف االلكرتونية البحرينية‪.‬‬ ‫وب ّينت دراستان خمتلفتان أجراهما كل من الباحثني السويديني ‪ Erikson‬و ‪Akesson‬‬ ‫يف جامعة ‪ Goteborg‬أن هنالك حتديات كبرية يف تصميم الصحف االلكرتونية مرتبطة‬ ‫باإلمكانيات والوظائف غري متوفرة ضمن الصحف املطبوعة‪.‬‬ ‫وقام ‪ Ivory‬ببحوث متقدمة سنوات ‪ 2001‬و‪ 2002‬و‪ 2005‬حول موضوع حتليل املواقع‬ ‫االلكرتونية بطريقة التقييم اآللي وامليداني لالستخدامات‪ .‬وقد استخدم منهجيات حبث‬ ‫متعددة من بينها التقييم اآللي والتقاط صور الشاشة واملالحظة امليدانية أو االمربيقية‪.‬‬ ‫بنية الصحف االلكرتونية على اإلنرتنت كان املوضوع الرئيسي لكتاب ‪ Xigen Li‬صدر سنة‬ ‫‪ 2006‬حتت عنوان ( ‪Internet Newspapers: The Making of a Mainstream‬‬ ‫‪ .)Medium‬كما ّ‬ ‫ركز الكاتب على مسألة وسيلة اإلعالم كعملية تفاعلية والطرق اليت‬ ‫من خالهلا يتم التفاعل بني اجلمهور والصحف االلكرتونية‪.‬‬ ‫كما أن التجارب والدراسات والبحوث مازالت متواصلة يف هذا الشأن للتعرف أكثر على أدق‬ ‫اخلبايا يف استخدام الصحف االلكرتونية ومواقع اإلنرتنت بصفة عامة من قبل املتصفحني‪.‬‬ ‫‪103‬‬

‫آخر هذه الدراسات املتقدمة اهتمت أساسا حبركة العني لدى استخدامها لصفحات املوقع‪.‬‬

‫منهجية البحث‬ ‫‪ .1‬اختيار ع ّينة املواقع‬ ‫يع ّرف الباحثون يف علوم اإلعالم واالتصال املوقع اإلخباري على أنه املوقع االلكرتوني اململوك‬ ‫إلحدى الشركات أو املؤسسات اإلعالمية والذي حيتوي على مضامني إعالمية يقع حتديثها‬ ‫بصورة مستمرة‪ .‬وعلى هذا األساس تكو ّنت ع ّينة البحث من مخسة مواقع الكرتونية ّ‬ ‫موضحة‬ ‫حسب اجلدول التالي‪:‬‬ ‫ومتثل هذه الصحف اخلمسة أهم الصحف البحرينية اليت هلا مواقع الكرتونية على الشبكة‪ .‬كما‬ ‫أنها متثل تقريبا مجيع االجتاهات السياسية واالجتماعية يف اململكة‪ .‬كما وقع اختيار املواقع‬ ‫االلكرتونية املذكورة عن طريق استخدام طريقة تقييم درجة املوقع (‪ )PageRank‬وذلك‬ ‫باستعمال أدوات الكرتونية مت ّكن من احلصول على درجة املوقع‪ .‬وقد استخدمنا لتحقيق هذا‬ ‫الغرض ثالثة مواقع هي (‪ ) gopagerank.com‬و (‪ ) seochat.com‬و (‪.) top25web.com‬‬

‫جدول ‪ .1‬املواقع االلكرتونية املختارة‬ ‫التسلسل‬ ‫‪1‬‬

‫عنوان املوقع االلكرتوني‬ ‫‪www.alayam.com‬‬

‫‪2‬‬

‫‪www.alwasatnews.com‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪104‬‬

‫‪www.akhbar-alkhaleej.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫‪www.alwaqt.com‬‬ ‫‪www.alwatannews.‬‬ ‫‪com‬‬

‫املؤسسة التابع هلا‬ ‫مؤسسة األيام للنشر‬ ‫شركة دار الوسط للنشر‬ ‫والتوزيع‬ ‫دار أخبار اخلليج للصحافة‬ ‫والنشر‬ ‫دار الوقت لإلعالم‬ ‫شركة الوطن للصحافة‬ ‫والنشر‬

‫شكل رقم ‪1‬‬ ‫تقييم درجة املواقع االلكرتونية املختارة عن طريق ‪Google pagerank‬‬

‫شكل رقم ‪2‬‬ ‫تقييم درجة املواقع االلكرتونية املختارة عن طريق ‪Gopagerank.com‬‬

‫‪105‬‬

‫شكل رقم ‪3‬‬ ‫تقييم درجة املواقع االلكرتونية املختارة عن طريق ‪Ceochat.com‬‬

‫‪ .2‬اختيار الصفحات‬ ‫باالعتماد على ع ّينة املواقع االلكرتونية اليت وقع اختيارها‪ ،‬قمنا كذلك باختيار صفحتني‬ ‫لكل موقع مت ّثل الصفحة األوىل الصفحة الرئيسية (‪ )Homepage‬ومت ّثل الصفحة الثانية‬ ‫صفحة املقال اإلخباري (‪.)News article page‬‬

‫‪ .3‬اختيار عدد ومقاسات الصفحات‬ ‫قمنا باستخدام طريقة التقاط صور الشاشة (‪ )Screenshots‬بالنسبة لصفحات الويب املعنية‬ ‫بالدراسة وذلك ضمن مقاسني خمتلفني (‪ 800X600‬بكسل) و (‪ 1024X768‬بكسل)‪ .‬وتشري‬ ‫اإلحصائيات يف هذا اإلطار إىل أن أكرب عدد من متص ّفحي اإلنرتنت يف العامل يستخدمون‬ ‫شاشات كمبيوتر مقاس (‪ 1024X768‬بكسل) وذلك بنسبة تقدّر ب ‪ .48%‬وعلى هذا‬ ‫األساس وقع التقاط لعدد مجلي من صور الشاشة ل‪ 20‬صفحة ويب ضمن مقاسي الشاشة‬ ‫املذكورين‪ .‬كما قمنا يف نفس الوقت حبذف عناصر املتصفح (‪ )Browser‬لنحصل على‬ ‫مقاس أقل بقليل من مقاس الشاشة األصلي‪ .‬وقد استخدمنا يف عملية التقاط الصور الربنامج‬ ‫اجملاني ( ‪.)Screen Hunter‬‬

‫‪106‬‬

‫شكل رقم ‪4‬‬ ‫صورة ملتقطة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪ alwatannews.net‬ضمن مقاس ‪ 800X600‬بكسل‬

‫شكل رقم ‪5‬‬ ‫صورة ملتقطة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪ alwatannews.net‬ضمن مقاس ‪ 1024X768‬بكسل‬

‫‪107‬‬

‫‪ .4‬فرتة إجناز الدراسة‬ ‫بهدف تسجيل الدراسة يف نفس السياق وللحفاظ تقريبا على نفس أجندة األخبار جلميع‬ ‫املواقع االلكرتونية املمثلة لع ّينة البحث‪ ،‬قمنا بالتقاط صور شاشة صفحات الويب ضمن‬ ‫املقاسني (‪ 800X600‬بكسل) و (‪ 1024X768‬بكسل) يف نفس اليوم بتاريخ الثالثاء ‪ 29‬يوليو‬ ‫‪.2008‬‬

‫‪IIII‬تقييم واجهة االستخدام (‪)Interface‬‬ ‫باالعتماد على األحباث اليت قام بها ‪ Nielsen‬سنة ‪ 2001‬حول استخدامات الصفحة‬ ‫الرئيسية للموقع االلكرتوني من قبل املتصفحني‪ّ ،‬‬ ‫ركزنا على نفس املنهجية امل ّتبعة وقمنا‬ ‫بالتقاط صور شاشة للعشرين صفحة ويب اليت وقع اختيارها ضمن الدراسة‪ ،‬ثم قمنا بإجناز‬ ‫كمية (‪ )Quantitative evaluation‬لكل صفحة ويب عن طريق حتليل‬ ‫دراسة تقييمية ّ‬ ‫عناصر الصفحة اليت قمنا بتقسيمها حسب مساحات معينة وقع تعريفها مسبقا‪.‬‬ ‫وتنقسم عناصر مساحات الصفحة إىل اآلتي‪:‬‬ ‫• •اإلحبار (‪ )Navigation‬املساحة اليت تستخدم لدعم إحبار املتصفح عرب مضامني املوقع ‬ ‫ االلكرتوني‪.‬‬ ‫• •املضمون (‪ )Content‬املساحة املخصصة لعرض مضامني املوقع االلكرتوني سواء كانت يف ‬ ‫ شكل نصوص أو صور‪.‬‬ ‫• •اإلعالن (‪ )Advertisement‬املساحة اليت تستخدم لعرض اإلعالنات‪.‬‬ ‫• •العرض اخلاص (‪ )Auto-Promotion‬املساحة اليت تستخدم لعرض العروض اخلاصة ‬ ‫ باملوقع نفسه أو املنتجات والربامج اليت يرعاها املوقع نفسه‪.‬‬ ‫ ‬ ‫• •اهلوية (‪ )Identity‬املساحة اليت تستخدم لعرض العناصر املرتبطة بهوية املوقع أو‬ ‫ الشركة التابع هلا‪.‬‬ ‫• •البحث (‪ )Search‬املساحة اليت تستخدم يف عرض أدوات البحث سواء كانت أدوات حبث ‬ ‫ داخلي أو شامل‪.‬‬ ‫• •عناصر إبراز (‪ )Features‬املساحة اليت تستخدم لعرض عناصر إبراز للمتصفح مثل ‬ ‫ إدخال التعليقات أو الوصول إىل نسخة سهلة الطبع للمضامني‪.‬‬ ‫• •غري مستخدم (‪ )Unused‬املساحة اليت ال تدخل ضمن أي تقسيم وقع ذكره سابقا وليس ‬ ‫ بالضرورة أن يكون بياضا‪.‬‬ ‫اعتمادا على هذه التقسيمات داخل الصفحة‪ ،‬قمنا باستخدام برنامج معاجلة الصورة الرقمية‬ ‫‪108‬‬

‫(‪ )Adobe Photoshop‬واخرتنا لون مميز لكل صنف من أصناف املساحات املذكورة يف‬ ‫أعلى وقمنا بتحديد هذه العناصر يف مجيع صفحات الويب امللتقطة ضمن عينة البحث‪.‬‬ ‫شكل رقم ‪6‬‬ ‫صورة ملتقطة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪ alwasatnews.net‬ضمن مقاس ‪ 800X600‬بكسل‬

‫شكل رقم ‪7‬‬ ‫صورة ملتقطة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪ alwasatnews.net‬ضمن مقاس ‪ 800X600‬بكسل‬ ‫مع ألوان مميزة ألصناف تقسيم املساحات‬

‫‪109‬‬

‫ونشري يف نفس السياق إىل أننا قمنا بقياس صفحة الويب الواحدة مرتني ضمن قياسني‬ ‫خمتلفني وبالتالي فقد متكنا من القيام بعملية حتليل دقيق لعناصر التصميم واخليارات‬ ‫املرتبطة به‪ .‬فعلى سبيل املثال مكنتنا هذه العملية من حتديد وفهم أنواع املساحات داخل أو‬ ‫خارج مقاس شاشة (‪.)800X600‬‬ ‫‪ .1‬ضعف نسبة المساحة المخصصة لإلبحار‬ ‫وتفيد التحاليل اليت قمنا بها أن عنصر اإلحبار (‪ )Navigation‬يوجد يف شكل قائمة عمودية‬ ‫إىل أقصى ميني الشاشة بالنسبة جلميع املواقع االلكرتونية باستثناء صحيفة الوسط اليت‬ ‫تعتمد على عنصر إحبار مغاير يوجد يف شكل قائمة أفقية يف أعلى الشاشة‪.‬‬ ‫كما نشري إىل أن عنصر اإلحبار ال يظهر كليا بالنسبة لصحف األيام والوسط والوطن ضمن‬ ‫مقاس شاشة (‪ ،)800X600‬مما ميثل عنصرا سلبيا يف تصميم الصفحة الرئيسية للموقع‬ ‫حبيث أنها ال تسهّل عملية التصفح بالنسبة ملستخدمي شاشة (‪ .)800X600‬أما بالنسبة‬ ‫لصحيفيت أخبار اخلليج والوقت فعنصر اإلحبار واضح متاما ضمن املقاسني‪.‬‬ ‫شكل رقم ‪8‬‬

‫غياب عنصر اإلحبار بالنسبة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪ alayam.com‬ضمن مقاس ‪ 800X600‬بكسل‬

‫‪110‬‬

‫شكل رقم ‪9‬‬

‫ظهور واضح لعنصر اإلحبار بالنسبة للصفحة الرئيسية ملوقع ‪alwaqt.com‬‬ ‫ضمن مقاسي ‪ 800X600‬و ‪ 1024X768‬بكسل‬

‫كما نالحظ أيضا أن نسبة املساحة املخصصة لعنصر اإلحبار ضمن قياس ‪800X600‬‬ ‫بكسل تبدو هامة بالنسبة لصحيفيت الوقت وأخبار اخلليج (‪ 11‬و ‪ % 12‬من املساحة اجلملية‬ ‫للصفحة) وأقل أهمية بالنسبة لصحيفيت الوسط والوطن (‪ 6‬و‪ ،)5%‬يف حني تطرح املساحة‬ ‫املخصصة لعنصر اإلحبار بالنسبة لصحيفة األيام (‪ )1%‬أكثر من سؤال يف مستوى خيارات‬ ‫التصميم‪.‬‬ ‫وضمن مقاس شاشة ‪ 1024X786‬تبقى صحيفيت الوقت وأخبار اخلليج حمرتمتني لنفس‬ ‫املساحة املخصصة لعنصر اإلحبار (‪ 11‬و ‪ ،)12%‬يف حني تبدو صحيفة الوطن أكثر تناغما‬ ‫مع هذا املقاس بفضل ختصيص ‪ 14%‬من املساحة اجلملية للصفحة‪ .‬وتبقى صحيفيت األيام‬ ‫والوسط بنسبة مساحات مشابهة ملقاس الشاشة السابق (‪ 7‬و‪.)5%‬‬ ‫‪ .2‬غياب واضح لإلعالنات‬ ‫إذا ما متعنا يف املساحات املخصصة لإلعالنات بالنسبة جلميع الصحف وبالنسبة ملقاسي الشاشة‬ ‫اليت مشلتها الدراسة (‪ 800X600‬و‪ 1024X786‬بكسل) فال ميكن أن نغفل عن الغياب الواضح‬ ‫لإلعالنات‪ ،‬إذ افتقرت صحف أخبار اخلليج والوسط والوقت هلذا العنصر‪ ،‬يف حني مل ميثل‬ ‫سوى حوالي ‪ 7%‬بالنسبة لصحيفة األيام و‪ 10%‬بالنسبة لصحيفة الوطن‪.‬‬ ‫‪111‬‬

‫أما خبصوص اإلعالنات القليلة اليت حتصلنا عليها فقد جاءت ضمن شكلني خمتلفني من‬ ‫حيث املوقع‪ :‬إعالنات أفقية يف أقصى أعلى الشاشة وإعالنات عمودية يف أقصى يسار الشاشة‪.‬‬ ‫‪ .3‬مساحات هامة مخصصة للمضامين اإلخبارية‬ ‫يبدو أن املساحات املخصصة للمضامني اإلخبارية تسجل يف جمملها حيزا هاما من املساحة‬ ‫الكلية للصفحة بالنسبة جلميع الصحف وخاصة ضمن مقاس شاشة ‪ 1024X786‬بكسل‪.‬‬ ‫إذ م ّثلت مساحة املضامني اإلخبارية أكرب نسبة جتاوزت يف بعض احلاالت ‪ 70%‬من املساحة‬ ‫اجلملية للصفحة (‪ 27%‬بالنسبة لصحيفة الوقت و‪ 61%‬بالنسبة لصحيفة أخبار اخلليج)‪.‬‬ ‫إال أننا نالحظ يف نفس الوقت أن املساحة املخصصة للمضامني اإلخبارية بالنسبة لصحيفيت‬ ‫األيام والوسط جاءت متواضعة (‪ 21‬و ‪ )22%‬ضمن مقاس شاشة ‪ 800X600‬بكسل‪ .‬وهذا‬ ‫يدعم مرة أخرى ما توصلنا إليه سابقا من وجود بعض التساؤالت حول التصميم العام‬ ‫ّ‬ ‫للصحيفتني من حيث ف ّعالية االستخدام ووضوح عناصر التصفح داخل املوقع‪.‬‬ ‫‪ .4‬نسبة معقولة من المساحات المخصصة للهوية والبحث‬ ‫ال شك أن عنصر اهلوية (‪ )Identity‬ميثل العنصر األساسي يف تعريف املوقع وجعله مصدرا‬ ‫لزيادة املصداقية وجلب أكرب عدد من مستخدمي الشبكة‪ .‬وجاءت املساحات املخصصة هلذا‬ ‫العنصر متقاربة بالنسبة جلميع الصحف ضمن مقاسات الشاشة املختلفة‪ .‬وتراوحت هذه‬ ‫النسبة بني ‪ 4‬و‪ 6%‬من املساحة اجلملية للصفحة‪ ،‬وهي نسبة تعترب إىل حد ما مقبولة‪.‬‬ ‫من جهة ثانية ال ميكن احلديث عن موقع إخباري بدون توفر عنصر البحث (‪ )Search‬ضمن‬ ‫الصفحة الرئيسية للموقع‪ .‬املساحة املخصصة هلذا العنصر جاءت هي األخرى متقاربة بني‬ ‫مجيع الصحف وتراوحت نسبتها بني ‪ 2‬و ‪ % 4‬من املساحة اجلملية للصفحة‪ ،‬وهي أيضا‬ ‫مساحة معقولة‪.‬‬ ‫‪ .5‬مساحات غير مستخدمة تجلب االنتباه‬ ‫هنالك نقطة رئيسة جلبت انتباهنا خالل هذه الدراسة وهي أهمية نسبة املساحات غري‬ ‫املستخدمة ضمن املساحة اجلملية للصفحة وضمن خمتلف مقاسات الشاشة‪ .‬وكما ذكرنا‬ ‫يف تعريف املساحات يف البداية‪ ،‬فإن املساحات غري املستخدمة ال نعين بها فقط املساحات البيضاء‪.‬‬ ‫وفعال فإن نسبة هذه املساحات كانت مرتفعة بالنسبة لصحف األيام (‪ ،)64%‬الوسط (‪)38%‬‬ ‫والوطن (‪.)35%‬‬ ‫ولئن شهدت هذه النسب اخنفاضا ضمن مقاس شاشة ‪ 1024X768‬بكسل‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أنها تبقى‬ ‫يف اعتقادنا مرتفعة مقارنة مع املساحة اجلملية للصفحة (‪ 36%‬بالنسبة لصحيفة األيام‬ ‫و‪ 26%‬بالنسبة لصحيفة الوسط)‪ .‬وميكن أن نقول أن األمر يصبح غري معقول إذا ما الحظنا‬ ‫‪112‬‬

‫أن نسبة املساحات غري املستخدمة بالنسبة لصحيفة األيام مت ّثل نفس نسبة املساحة املخصصة‬ ‫للمضامني اإلخبارية (‪ .)36%‬ويعين ذلك صراحة وجود خلل ما يف مستوى توزيع عناصر‬ ‫تصميم الصفحة‪.‬‬ ‫أما صحيفيت الوقت وأخبار اخلليج فكانتا الصحيفتان األكثر انسجاما يف مستوى التوزيع‬ ‫العام للمساحات‪ ،‬بل أن نسبة املساحات غري املستخدمة ضمن صحيفة الوقت تعترب مثالية‪ ،‬إذ‬ ‫ال تتجاوز ‪ 5%‬من املساحة اجلملية للصفحة‪.‬‬ ‫شكل رقم ‪10‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة أخبار اخلليج ضمن مقاس ‪800X600‬‬

‫‪113‬‬

‫شكل رقم ‪11‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة أخبار اخلليج ضمن مقاس ‪1024X768‬‬

‫شكل رقم ‪12‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة األيام ضمن مقاس ‪800X600‬‬

‫‪114‬‬

‫شكل رقم ‪13‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة األيام ضمن مقاس ‪1024X768‬‬

‫شكل رقم ‪14‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوقت ضمن مقاس ‪800X600‬‬

‫‪115‬‬

‫شكل رقم ‪15‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوقت ضمن مقاس ‪1024X768‬‬

‫شكل رقم ‪16‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوسط ضمن مقاس ‪800X600‬‬

‫‪116‬‬

‫شكل رقم ‪17‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوسط ضمن مقاس ‪1024X768‬‬

‫شكل رقم ‪18‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوطن ضمن مقاس ‪800X600‬‬

‫‪117‬‬

‫شكل رقم ‪19‬‬ ‫توزيع مساحات صفحة الوطن ضمن مقاس ‪1024X768‬‬

‫‪ IIIII‬تقييم الوصول إلى المعلومات (‪)Accessibility‬‬ ‫تتمثل عملية تقييم الوصول إىل املعلومات (‪ )Accessibility‬يف اختبار مستوى استجابة‬ ‫صفحات املوقع االلكرتوني خلطوط اإلرشاد (‪ )Guidelines‬املرتبطة بقواعد تطبيق لغات‬ ‫برجمة الويب الصادرة عن اهليئة الدولية لإلنرتنت ‪ W3C‬اليت تتكفل بعملية نشرها‬ ‫وحتديثها بصورة مستمرة‪ .‬وتتمحور خطوط اإلرشاد حول جمموعة من املبادئ والقواعد‬ ‫العامة اليت تسمح بالوصول إىل املعلومات‪ .‬وحيتوي كل مبدأ من هذه املبادئ على واحد أو‬ ‫تفسر كيف وقع تطبيق ّ‬ ‫خط اإلرشاد‬ ‫جمموعة من نقاط التدقيق (‪ )Checkpoints‬اليت ّ‬ ‫ضمن وضعية مع ّينة‪.‬‬ ‫وإلجناز هذا العمل قمنا باستخدام أدوات تقييم الكرتونية ميكن استعماهلا بصورة جمانية على‬ ‫شبكة اإلنرتنت وهي ‪ Cynthia‬و ‪ Etre‬و ‪ .WebXACT‬وقد وقع استخدام هذه األدوات‬ ‫بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪.2008‬‬

‫‪118‬‬

‫شكل رقم ‪20‬‬ ‫تقييم عنصر الوصول إىل املعلومات عن طريق ‪Cynthia‬‬

‫شكل رقم ‪21‬‬ ‫تقييم عنصر الوصول إىل املعلومات عن طريق ‪Etre‬‬

‫شكل رقم ‪22‬‬ ‫تقييم عنصر الوصول إىل املعلومات عن طريق ‪WebXACT‬‬

‫‪119‬‬

‫على إثر حتليل البيانات ميكن القول بأن صفحات املواقع اخلمس تتضمن أخطاء خاصة‬ ‫بالوصول إىل املعلومات (‪ .)Accessibility errors‬عدد هذه األخطاء خيتلف من صحيفة‬ ‫إىل أخرى ليصل العدد األعلى من األخطاء (‪ )572‬والذي وقع تسجيله ضمن الصفحة‬ ‫سجلت الصفحة الرئيسية لصحيفة األيام العدد‬ ‫الرئيسية لصحيفة أخبار اخلليج‪ ،‬يف حني ّ‬ ‫األقل من األخطاء (‪.)272‬‬ ‫أما أهم نوع من األخطاء فهو مرتبط خبط اإلرشاد ‪ )Guideline 1.1( 1.1‬الذي جيب من‬ ‫خالله توفري نص تعويض أو تفسري للعناصر املرئية‪ .‬كمثال على ذلك ضرورة توفري نص‬ ‫يفسر حمتوى الصورة يف حالة اعتذار حتميلها مع الصفحة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪IVIV‬النتائج‬ ‫من خالل هذه الدراسة املتواضعة اليت ّ‬ ‫وضحنا أبعادها فيما سبق‪ ،‬ميكن أن خنلص إىل النتائج التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬يبدو أن بعض الصحف االلكرتونية مل تأخذ بعني االعتبار ضرورة أهمية أن يتوافق‬ ‫تصميم واجهة االستخدام على األقل مع مقاسني (‪ 800X600‬و ‪ )1024X768‬وذلك ح ّتى‬ ‫تتم تسهيل عملية استخدام املوقع من قبل عدد كبري من املستخدمني‪ .‬ما لوحظ هو جناح فقط‬ ‫صحيفيت الوقت وأخبار اخلليج يف هذا املستوى‪ ،‬يف حني شهدت بقية الصحف عدم انسجام‬ ‫تسبب يف خلل ضمن توزيع مساحات العناصر املكونة للصفحة‪ ،‬جعل على سبيل املثال عنصر‬ ‫اإلحبار أو اهلوية غائبا ضمن أكثر من صحيفة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬احتوت صفحات الويب املكونة للصحف االلكرتونية عددا عاليا من األخطاء يف مستوى‬ ‫الوصول إىل املعلومات وخاصة بالنسبة خلط اإلرشاد ‪ 1.1‬املرتبط بتعريف العناصر املرئية‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬بديهي أن نف ّكر يف أن أهم عنصر مكون للصفحة هو املضمون اإلخباري أو اإلعالمي‪ ،‬إال‬ ‫أن توصلنا إليه هو ضعف املساحة املخصصة هلذا العنصر باستثناء صحيفيت الوقت وأخبار‬ ‫اخلليج‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬ش ّد انتباهنا ارتفاع نسبة املساحات غري املستخدمة ضمن الصفحة‪ .‬ولئن اختلفت نسبة هذه‬ ‫املساحة من صحيفة إىل أخرى‪ ،‬إال أنها يف تقديرنا تعبرّ عن غياب إسرتاتيجية تصميم واضحة‬ ‫متكن من تغطية هذه املساحات عند املرور من مقاس ‪ 800X600‬إىل مقاس ‪ 1024X768‬أو‬ ‫العكس‪.‬‬ ‫سجلنا غياب واضح للمساحات املخصصة‬ ‫خامسا‪ :‬باستثناء بعض احلاالت القليلة‪ ،‬فإننا ّ‬ ‫‪120‬‬

‫لإلعالنات وعروض الرتويج بصورة عامة‪ .‬ويف اعتقادنا أن هذه املسألة مرتبطة مبشكل عام‬ ‫ضمن مواقع اإلنرتنت العربية وهو ضعف سوق اإلعالنات على الشبكة مقارنة بتواجدها‬ ‫الضخم عرب وسائل اإلعالم واإلعالن األخرى‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬تعترب صحيفة الوقت الصحيفة األكثر جناحا يف مستوى تصميم واجهة االستخدام‬ ‫من خالل التوزيع املوفق للمساحات املكونة للصفحة الرئيسية وبقية الصفحات الداخلية‪.‬‬ ‫كما أن عدد األخطاء املرتبط بالوصول إىل املعلومات جاء بنسبة متواضعة‪ ،‬مما يعزز موقع‬ ‫هذه الصحيفة مقارنة بالصحف األخرى اليت أخذناها كعينة للبحث‪.‬‬ ‫ملحة إىل إعادة‬ ‫هذه النتائج تدفعنا إىل القول بأن الصحف االلكرتونية البحرينية يف حاجة ّ‬ ‫نظر وبناء إسرتاتيجية تصميم جديدة تأخذ بعني االعتبار املالحظات والنتائج اليت وردت‬ ‫ضمن الدراسة‪ .‬كما أن مسألة الوعي بأن املوقع اإلخباري هو عبارة عن وسيلة إعالم جديدة‬ ‫تدخل ضمن ما أصبح يعرف باإلعالم اجلديد وختتلف عن وسائل اإلعالم التقليدية يف شكلها‬ ‫والعناصر املكونة هلا وطريقة عملها وعالقاتها مع مستخدميها‪ ،‬أصبحت مسألة ملحة ألن ما‬ ‫نالحظه على صعيد الواقع ويف أغلب احلاالت هو استنساخ ملضامني إعالمية صادرة عن وسائل‬ ‫إعالم تقليدية ورفعها على املوقع االلكرتوني بدون اعتبار خلصائص هذا األخري‪ .‬وهذا جيعلنا‬ ‫مستخدمني لوعاء الكرتوني جديد بدون االستفادة من إمكانياته الصحيحة كوسيلة إعالم‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫يف نهاية املطاف ميكن القول بأن هذه الدراسة ليست إال إضافة متواضعة يف جمال حتليل‬ ‫تكمل هذه الدراسة هي‬ ‫وتقييم املواقع اإلخبارية العربية‪ .‬كما أن املرحلة القادمة اليت ميكن أن ّ‬ ‫مرحلة تقييم االستخدام (‪ )Usability evaluation‬اليت ميكن من خالهلا تقديم حتليل‬ ‫مفصل لعالقة املوقع االلكرتوني مبستخدميه يف مستوى احلصول على املضامني اإلخبارية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتفاعل مع املساحات املكونة للصفحة‪ .‬وحتى حيصل تراكم يف هذا اجملال جيب أن تتعدّد‬ ‫هذه األنواع من الدراسات عل املستوى العربي‪.‬‬

‫‪121‬‬

‫ الهوامش‬V .V 16 ،‫ جملة حقائق‬،‫ اجتاهات الصحافة االلكرتونية يف العامل ويف تونس‬،‫ الصادق احلمامي‬-1 .2007 ‫أكتوبر‬ 2- Nielsen, J., 2000. Designing Web Usability: The Practice of Sim plicity. New Riders Publishing, CA, USA. 3- Nielsen, J., 2001. Homepage Usability: 50 Websites Decon structed. New Riders Publishing, CA, USA. 4- Eriksen, L., 2000. Evolution of the web news genre- the slow move beyond the print metaphor. In HICSS 00: Proceedings of the 33rd Hawaii International Conference ob System Sciences (HICSS 03). IEEE Computer Society. 5- Akesson, M., 2003> Design patterns for online newspaper genrea genre analysis of 85 Swedish daily online newspapers. Master’s thesis, Department of Informatics, Goteborg University. 6- Ivory, M.Y., 2001. The state of the art in automating usability evaluation of user interfaces. ACM Computing surveys (CSUR). Vol. 33. No. 4.



7- Ivory, M.Y., 2002. Statistical profiles of highly-rated web sites. In Proceedings of the SIGCHI’02 confrence on Human factors in computing systems. ACM Press. 8- Ivory, M.Y.2005., Evolution of web site design patterns. ACM Transactions on Information Systems (TOIS). Vol. 23No. 4. 9- Xigen, L., 2006. Internet Newspapers: The Making of Mainstream Medium. Rutledge publishing, USA. 10- http://www.gopagerank.com/ 122

11- http://www.seochat.com/seo-tools/pagerank-lookup/ 12- http://www.top25web.com/pagerank ‫ أن توزيع استخدام‬3wschools.com ‫ تفيد اإلحصائيات الصادرة عن موقع‬-13 ‫ ملقاس‬48% ‫ هي‬2008 ‫متصفحي اإلنرتنت حسب قياس شاشة الكمبيوتر بالنسبة ليناير‬ ‫ ملقاسات‬6%‫ ملقاسات أعلى و‬38%‫ بكسل) و‬800X600( ‫ ملقاس‬8%‫ بكسل) و‬1024X768( .‫غري معروفة‬ ‫ ميكن احلصول على هذا الربنامج جمانا عرب املوقع االلكرتوني‬-14 .http://wisdom-soft.com 15- Nielsen, J., 2001. Op. Cit.com ‫ ميكن احلصول على قائمة القواعد وخطوط اإلرشاد عرب موقع اهليئة الدولية لإلنرتنت‬-15 http://www.w3.org/WAI http://www.cynthiasays.com http://www.etre.com/tools/accessibilitycheck http://www.w3c.hu/talks/2006/wai_de/mate/watchfire.html

‫لمراجع‬I VIVI 1. Akesson, M., 2003> Design patterns for online newspaper genrea genre analysis of 85 Swedish daily online newspapers. Master’s thesis, Department of Informatics, Goteborg University. 2. Courage, C., and K. Baxter. 2005. Understanding Your Users: A Practical Guide to User Requirements, Methods, Tools, and Tec niques. New York: Morgan Kaufmann. 3. Garrett, J. 2003. The Elements of the User Experience: User-Ce tered Design for the Web. Berkeley, CA: New Riders. 4. Craig, R., 2005. Online Journalism- Reporting, Writing and Edit ing for New Media. Wadsworth Publishing, Canada. 5. Eriksen, L., 2000. Evolution of the web news genre- the slow move beyond the print metaphor. In HICSS 00: Proceedings of the 33rd Hawaii International Conference ob System Sciences 123

(HICSS 03). IEEE Computer Society. 6. Ivory, M.Y., 2001. The state of the art in automating usability evaluation of user interfaces. ACM Computing surveys (CSUR). Vol. 33. No. 4. 7. Ivory, M.Y., 2002. Statistical profiles of highly-rated web sites. In Proceedings of the SIGCHI’02 confrence on Human factors in computing systems. ACM Press.



8. Ivory, M.Y.2005., Evolution of web site design patterns. ACM Transactions on Information Systems (TOIS). Vol. 23No. 4. 9. Koyani, S., R. Bailey, and J. Nall. 2006. Research-based Web Design and Usability Guidelines. Washington, DC: Department of Health and Human Services, General Services Administration. 10. Krug, S. 2006. Don’t Make Me Think: A Common Sense Ap proach to Web Usability. 2nd ed. Berkeley, CA: New Riders. 11. Lazar, J. 2006. Web Usability: A User-Centered Design Ap proach. Boston: Addison-Wesley. 12. Nielsen, J., 2000. Designing Web Usability: The Practice of Simplicity. New Riders Publishing, CA, USA. 13. Nielsen, J., 2001. Homepage Usability: 50 Websites Decon structed. New Riders Publishing, CA, USA. 14. W3C, 1999. Web Content Accessibility Guidelines 1.0. [Ac cessed 29th July 2008]. Available from World wide Web: http:// www.w3c. org/TR/WCAG10. 15. Xigen, L., 2006. Internet Newspapers: The Making of Main

stream Medium. Rutledge publishing, USA.

124

‫اإلعالم الجديد‬

-----------------------------------------

‫النظام والفوضى‬

‫ عبداهلل الزين احليدري‬.‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract This study presents a sociological interpretation of the features of the new media, and shows the extent of its roots in the different social communities as well as the scope of its impact on group and institutional social communication circles. No single domain of social life nowadays is free from a prominent presence of new mass communication media. Perhaps the most distinct in this new media is the fast, flexible, open and interactive communication activity taking place in the blog- and social websites. This new role of the blog- and social sites has started changing the behavior of the individual and the community. It has become very difficult to monitor the communication system in society to a degree of a present chaos. The study presents the subject of chaos as a prominent feature of new media. The chaos in this context is being included in its physical dimension as initially presented by physicists and meteorologists. Where is the course of the new media? Is it possible to predict its future features?

125

‫المقدمة‬ ‫ازدان اخلطاب العلمي اليوم يف جمال اإلعالم واالتصال‪ ،‬وكذلك يف شتى فروع العلوم اإلنسان ّية‬ ‫واالجتماع ّية‪ ،‬باحلديث الشاسع حول املرحلة اجلديدة اليت يعيشها العامل‪ ،‬والتح ّوالت الكربى‬ ‫اليت أطلقتها العوملة‪ ،‬واملنعطف اجلديد جملتمع القرن احلادي والعشرين والعامل اجلديد‬ ‫املتش ّعب األبعاد‪ ،‬املتن ّوع الذي ضاعف فرص التقارب والتواصل بني البشر‪ ،‬واستعر اجلدل حول‬ ‫عوملة الثقافة وعوملة السياسة وعوملة االقتصاد‪ ،‬وعوملة التاريخ‪ ،‬وعوملة السلوك‪ ..‬والح يف أفق‬ ‫املعرفة خطاب ّ‬ ‫يبشر بعامل جديد وباقتصاد جديد وبإعالم جديد‪ ،‬وبإنسان جديد وبنمط جديد‬ ‫يف التفكري والعمل واإلنتاج‪ ،‬بل من اخلطابات من أعلن نهاية التاريخ (فرانسيس فوكوياما‬ ‫‪ )1992‬ونهاية األيديولوجيا‪( ،‬دانيال بيل ‪ )1961‬ونهاية اجلغرافيا (بيار ليفي ‪ )1994‬ونهاية‬ ‫األواصر العقديّة (ميشال مافيزولي ‪ ،)1991‬ونهاية اإلنسان (ميشال فوكو) ونهاية املؤ ّلف‪،‬‬ ‫(جاك دريدا) ونهاية الفلسفة (هيدغر ‪ ،)1964‬ونهاية امليتافيزيقيا (يورغن هابرماس) ونهاية‬ ‫العلم (جون هورغان)‪ ،‬ونهاية املث ّقف ( فرونسوا ليوتار‪ ،‬راسل جاكوبي)‪ ،‬ونهاية اإلميان (سام‬ ‫والصناعة (فرانسوا‬ ‫هاريس) هذا “ باإلضافة إىل الكالم املتكاثر على البعديات ‪ :‬ما بعد احلداثة ّ‬ ‫ليوتار‪ )1979‬أو ما بعد العلم والفلسفة‪ ،‬أو ما بعد الدولة والدميوقراط ّية” (‪ .)1‬وال خيلو هذا‬ ‫الكالم من روح التثوير‪ ،‬تثوير ما ح ّققه العلم من تط ّور تقاني‪ ،‬وجند يف أدبيات االتصال احلديثة‪،‬‬ ‫كما يف غريذلك من األدبيات األخرى‪ ،‬السياس ّية منها واالقتصادية باخلصوص‪ ،‬توصيفات‬ ‫مغالية ملا شاع من مفاهيم ومصطلحات اقرتنت معانيها بثورة املعلومات‪ ،‬وثورة األنفوميديا‪،‬‬ ‫وثورة االندماج‪ ،‬والثورة ال ّرقم ّية‪ ،‬وثورة االتصاالت‪ ،‬وبدا ّ‬ ‫كل إجناز علمي ثورة حب ّد ذاته (‪.)2‬‬ ‫إ ّنه ملشهد متغيرّ ‪ ،‬مزدحم بالثورات والنهايات‪ ،‬والبعديات‪ ،‬مشهد خيرتق أكثر من قا ّرة معرف ّية‪،‬‬ ‫ويسكن أكثر من جمال حيوي ّ‬ ‫مبشرا حبلول عامل تفاعلي متح ّرر من قيود املكان‪ .‬ففي اجملال‬ ‫السياسي ظهرت صيغة احلكومة اإللكرتون ّية كأسلوب متط ّور مرن يسعى إىل حتق ّيق درجات‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات اجملتمع املدني واألفراد االجتماعيني‪ ،‬وكذلك إىل ضبط‬ ‫التواصل املفتوح بني ّ‬ ‫حل االقتصاد ال ّ‬ ‫السلوك‪ .‬ويف اجملال االقتصادي‪ّ ،‬‬ ‫المادي‪ ،‬معلنا حترير الفعل االقتصادي من‬ ‫ّ‬ ‫ضوابط الزمان واملكان‪ ،‬ومنحه فرص االزدهار بال حدود‪ .‬ويف اجملال الثقايف بدأت ترتسم عرب‬ ‫قنوات االتصال مالمح ثقافة كون ّية جت ّر وراءها حزمة من القيم املنمذجة اجلاهزة‪.‬‬ ‫السئائدة يف ما جيري من حت ّول على أكثر من صعيد‪ .‬ويتجّلى‬ ‫هي احلالة ّ‬ ‫تبدو حالة النظام‪ّ ،‬‬ ‫ذلك بوضوح يف اعتماد العامل على الطاقة اجلديدة املتم ّثلة يف نظام املعلومة‪ .‬هذا النظام‪ ،‬ه ّو‬ ‫الذي مي ّثل اليوم حجر الزاوية ّ‬ ‫والسلوك وهو الذي‬ ‫لكل ما يرتاكم من تغيرّ وتبدّل يف القيم ّ‬ ‫الصناعي واالجتماعي والفكري‪ ،‬ونتحدّث يف حدوده‪ ،‬وأحيانا بشيء من‬ ‫حيكم قوانني التط ّور ّ‬ ‫املغاالة‪ ،‬عن جمتمع دمقرطة املعلومات وجمتمع املعرفة وجمتمع التحدّي (‪ .)3‬فاملعلومة‬ ‫‪126‬‬

‫اليت كانت معانيها‪ ،‬قبل عقود مضت‪ ،‬متصلة بصريورة األحداث واملستجدّات‪ ،‬وقرينة‬ ‫للفعل اإلعالمي اخلالص‪(،‬فرانسيس بال‪ ،)1979‬أصبحت اليوم احمل ّرك الدينامي للتنمية‪،‬‬ ‫للسيطرة وامتداد النفوذ‪ .‬لقد بدا العامل يستقر يف بيئة جديدة من املفاهيم‬ ‫واحملدّد ال ّرئيس ّ‬ ‫واالستخدامات ضمن هذاالنظام‪ .‬بيئة مت ّيزها خصائص عديدة أبرزها القدرة الفائقة على‬ ‫بالسرعة اليت حت ّقق انتشارها على نطاق واسع مل يشهده التاريخ‪.‬‬ ‫إنتاج املعرفة ومرونة تبادهلا ّ‬ ‫فحالة ال ّنظام تبدو مستق ّرة إىل ح ّد كبري‪ّ ،‬‬ ‫ومثة ّ‬ ‫مؤشرات عدّة تفيد ّ‬ ‫أن االستثمار يف جمال‬ ‫املعلومات يع ّد من أبرز أوجه استثمار رأس املال اإلنساني واالجتماعي يف ّ‬ ‫كل من الواليات‬ ‫املتحدة األمريك ّية وأوروبا واليابان‪ .‬ومت ّثل تكنولوجيا املعلومات يف هذه األوساط باخلصوص‪،‬‬ ‫املؤسسات‪ ،‬مبختلف أصنافها أهم ّية الدور الذي تؤديه‬ ‫احمل ّرك األساسي للنم ّو‪ .‬ولقد أدركت ّ‬ ‫املعلومات يف حتقيق النجاح والتقدّم‪ ،‬وبدأت يف االخنراط يف بناء أنظمة وصل واتصال‪ ،‬مت ّثل‬ ‫فيها اإلنرتنت البنية التحت ّية للتط ّور‪“ .‬أمازون” (‪ )Amazon‬هي اليوم أكرب مكتبة لتجارة‬ ‫الكتب يف العامل بعرضها ألكثر من ثالثة ماليني عنوان على الشبكة للجمهور العريض‪.‬‬ ‫شركة “ دال “‪ ،)DELL(،‬حت ّولت‪ ،‬خالل سنوات قليلة إىل أكرب مص ّنع للحواسب الشخص ّية‬ ‫يف العامل‪ ،‬باخنراطها يف منظومة التجارة اإللكرتون ّية‪ .‬على صعيد آخر‪ ،‬جند ّ‬ ‫السوقي‬ ‫أن التقويم ّ‬ ‫حمل ّركي البحث “ غوغل “ (‪ )Google‬و” ياهو” (‪ )Yahoo‬يتجاوز ‪ 177‬مليار دوالر وهو ما‬ ‫السوقي ّ‬ ‫لـكل من ‪ “ :‬بوينغ “ (‪ )Boeing‬و “ فورد “ (‪ )Ford‬و جنرال موتور”‬ ‫يعادل التقويم ّ‬ ‫(‪ )General Motor‬و كولغايت “ (‪ )Colgate‬و” مريك “ (‪ )Merck‬جمتمعني (‪.)3‬‬ ‫والسياسة‪ ،‬وكذلك يف جماالت أخرى‬ ‫لقد أفرز هذا النظام ظهور فاعلني جدد يف االقتصاد ّ‬ ‫السمعي املرئي‪ ،‬واملعلومات ّية‪ ،‬ولكنها مندجمة بفعل النظام‬ ‫خمتلفة كاالتصاالت والقطاع ّ‬ ‫ال ّرقمي‪ ،‬وحبكم الفضاء السيربني الذي أتاحته اإلنرتنت ومن خصائصه ‪ :‬االنفتاح‪ ،‬وحتقيق‬ ‫النجاعة للمبادالت املالية والتجاريّة بحِ ريّة وسرعة ومرونة فائقة‪ .‬كما أفرز النظام ذاته‬ ‫ظهور خدمات جديدة‪ ،‬التحم واقعها بالواقع اليومي لألفراد االجتماعيني‪ ،‬ودخلت مفردات مثل‬ ‫الـ ‪ “ :‬يو تيوب “‪ )You Tube( ،‬و “ سكايب “ (‪ )Skype‬وفايس بوك (‪ )facebook‬معجم‬ ‫املاليني من الناس يف العامل‪.‬‬ ‫اخلطاب املغالي للفتوحات الواسعة لتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ ،‬أفصح عن جتّليات حالة‬ ‫النظام فيما يشهده العامل من تط ّور وتغيرّ سريعني‪ ،‬وذلك بتم ّثل ما يتح ّقق يف مستوى البنية‬ ‫املتخصصني يف‬ ‫اإلعالم ّية واالتصال ّية على أ ّنه استجابة طبيع ّية حللم قديم راود الكثري من‬ ‫ّ‬ ‫سوسيولوجيا اإلعالم‪ ،‬األمريكيني باخلصوص‪ ،‬كأن يشهدوا يف يوم من األيّام عاملا‪ ،‬تكون فيه‬ ‫والسمع ّية املرئ ّية متاحة ّ‬ ‫لكل الفئات االجتماع ّية‪ ،‬عامل تفاعلي‪ ،‬ينتهي يف‬ ‫املضامني املكتوبة ّ‬ ‫السليب (آالن سيبان ‪.)2004‬‬ ‫حدوده دور اجلمهور ّ‬ ‫‪127‬‬

‫ولكن هذا العامل اجلديد‪ ،‬على مافيه من حفريات تكنولوج ّية عميقة بدأت تغيرّ من القيم‬ ‫جيسدها احلضور‬ ‫والسلوك‪ ،‬ال خيلو من وجود حالة فوضى مزدوجة ‪ :‬فوضى يف السماء ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتنامي ألقمار االتصاالت‪ ،‬واألقمار املتح ّركة وأقمار املراقبة وال ّرصد‪ ،‬وفوضى على األرض‬ ‫تتلوها الفضائيات ويغ ّذي أطوارها الفضاء الالمتناهي لشبكة اإلنرتنت‪ .‬واألخطر من ذلك كّله‪،‬‬ ‫فوضى املفاهيم واملصطلحات املتزامحة مع فيضان من التدني الّلغوي أدّى إىل تراجع مقاييس‬ ‫اجلودة واإلبداع‪.‬‬ ‫ماالذي حيدث وراء هذا التضاد الذي تعيشه اإلنسان ّية اليوم‪ ،‬عامل ّ‬ ‫يبشر بإنسان جديد‪ ،‬ونظام‬ ‫جديد‪ ،‬وثقافة جديدة‪ ،‬وإعالم جديد‪ ،‬واقتصاد جديد‪ ،‬و يقدّم مدخال ليوتوبيا جديدة‪ ،‬وآخر‬ ‫تسوده فوضى على املستويني التقين واملعريف‪ ،‬فضائيات بال حدود‪ ،‬وإنتاج بال حدود‪ ،‬و توزيع بال‬ ‫حدود‪ ،‬واقتصاد بال حدود‪ ،‬وفضاء ثقايف بال حدود‪ ،‬وح ّريات بال حدود‪ ،‬وثراء بال حدود‪ ،‬وفقر‬ ‫بال حدود‪ ...‬عامل خال من احلدود‪.‬‬ ‫التامة مع عامل أصابه التقادم يف ّ‬ ‫ظل احلداثة‪ ،‬أم ّ‬ ‫أن الذي حيدث ه ّو ارتباط‬ ‫أهي القطيعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعاقيب تواصلي ومنط من أمناط التعايش اجلدلي مع القديم‪ ،‬حتى ولو بدا هذا التعايش‬ ‫ّ‬ ‫فكرية وسلوك ّية من املاضي‪ .‬وعندما نتحدّث عن‬ ‫ومدمرا أحيانا لنماذج‬ ‫متضمنا لتناقضاته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالم اجلديد‪ ،‬كحقل معريف خيتزل كل األنواع الفكريّة والثقاف ّية اليت اتسمت بها ملحمة‬ ‫ما بعد احلداثة‪ ،‬هل جيوز وصفه باجملال الذي هدّم أسس اإلعالم القديم وح ّقق انقالبا حقيقيا‬ ‫يف نظم التكوين وقواعد اإلنتاج والبث والتوزيع والتخزين والتبادل‪ ،‬أم ّ‬ ‫أن أمر اإلعالم اجلديد‬ ‫ال يعدو أن يكون ظاهرة قدمية مث ّقلة بتوترات حديثة هي من إفرازات التط ّور التكنولوجي‬ ‫املتسارع‪ .‬هل يقف التط ّور التكنولوجي عند ح ّد التقنية كمجال للتطبيق‪ ،‬أم أ ّنه ّ‬ ‫منبث يف جمال‬ ‫الفكر والعلم‪ .‬أيّة حالة تسود اليوم هذا اجملال‪ ،‬حالة الفوضى أم حالة النظام‪.‬‬

‫‪1 .1‬اإلعالم جديد في ّ‬ ‫كل طور من أطواره‬ ‫ّ‬ ‫إن التح ّول والتغيرّ عرب التط ّور التكنولوجي ه ّو جوهر حياة اإلعالم واالتصال‪ .‬فاإلعالم جديد‬ ‫يف ّ‬ ‫كل طور من أطواره‪ .‬أمل يكن اإلعالم جديدا مع ظهور الطباعة‪ ،‬وجديدا مع تط ّور الصحافة‬ ‫املكتوبة‪ ،‬وجديدا مع ظهور الفوتوغرافيا‪ ،‬وجديدا مع ظهور اإلذاعة‪ ،‬وجديدا مع ظهور التلفزيون‪.‬‬ ‫أمل يتساءل اخلرباء والباحثون يف هذا احلقل عن مصري املكتوب أمام الدور اإلعالمي واالتصالي‬ ‫الذي بدأت تؤدّيه اإلذاعة بداية القرن العشرين‪ ،‬وعن مصري اإلذاعة أمام االستقطاب اإلعالمي‬ ‫الذي ح ّققه التلفزيون أواخر النصف األوّل من القرن ذاته‪ّ .‬‬ ‫كل ذلك ألن طبيعة التح ّول اليت‬ ‫يسميه ماك لوهان‬ ‫تقود إليها التقنية‪ ،‬يف بعدها العلمي واإليديولوجي‪ ،‬تقتضي ال ّنظريف أمر ما ّ‬ ‫باحلتم ّية التكنولوج ّية‪.‬‬ ‫‪128‬‬

‫ولكن ما حيدث اليوم من غليان واضطراب وتبدّل سريع يف املشهد‪ ،‬يتجلى بوجه مغاير ملا حدث‬ ‫يف تاريخ اإلعالم واالتصال‪ .‬فتط ّور التقنية الوسائط ّية يف هذا جمال‪ ،‬يطرح اليوم قضايا معرف ّية‬ ‫السوسيولوجي ّ‬ ‫املركب الذي أفرزه ظهور‬ ‫حادّة تدور كّلها حول فهم اآلفاق احلقيق ّية للواقع ّ‬ ‫بيئة عامل ّية جديدة تتم ّتع بق ّوة تدفق فائقة للمعلومات‪ .‬و لقد أصبح من البديهي احلديث عن‬ ‫ظهور هذه البيئة خصوصا ملّا ندرك تنامي احلضور املضاعف لتكنولوجيا االتصال يف املواقع اليت‬ ‫مت ّثل حمور أنشطة اجملتمع الدّينام ّية ‪ ،‬و نتبينّ مدى اعتماد األفراد االجتماعيني‪ ،‬يف إنتاجهم و‬ ‫مبادالتهم‪ ،‬على الوسائط اجلديدة لإلعالم و االتصال إذ ال خيلو نظام عالئقي اليوم من وجود‬ ‫مما أدّى إىل حصر التفكري يف تنمية‬ ‫أثر يعكس ثقافة االستخدام املرن لتكنولوجيا املعلومات ّ‬ ‫أساليب التعامل و التعايش مع األنساق احلديثة جملتمع املعلومات‪ .‬و األصل يف تش ّكل جمتمع‬ ‫املعلومات إنمّ ا يعود إىل بداية التسعينات من القرن املاضي ملّا الحت الوظائف االجتماع ّية األوىل‬ ‫لشبكة األنرتنت حم ّققة لنجاح واسع النطاق يف مستوى تبادل ال ّرسائل اإللكرتون ّية و معربة يف‬ ‫الوقت ذاته عن تأسيس عالقة جديدة باملعرفة و بالعامل دفعت باإلنسان إىل مراجعة منعكساته‬ ‫االجتماعية يف التواصل بل و استبدال جزء منها مبا جيعله مسيطرا على مجيع االجتاهات‬ ‫ّ‬ ‫مستقل‬ ‫اليت حيكمها ال ّنظام ال ّرقمي العاملي‪ .‬فالتط ّور التقين ال حيدث و ال يستم ّر وفق نظام‬ ‫بذاته‪ ،‬حت ّركه الوسائل و األدوات‪ ،‬إنمّ ا يرافقه تط ّور لسلوك إنساني ه ّو مبثابة األمر الواقع‬ ‫الذي ّ‬ ‫ينظم ويراقب وسطا ثقاف ّيا بعينه لذالك فإ ّنه من ّ‬ ‫الضروري‪ ،‬عند دراسة مظاهر التط ّور‬ ‫التقاني احلديث‪ ،‬ال ّنظر إىل جمتمع املعلومات على حنو ال يق ّوم التقنية املتط ّورة أكثر من‬ ‫ألن ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫الزم ّ‬ ‫كل أشكاهلا مرتبطة ببنية فوق ّية من املفاهيم تقود الفرد إىل تعديل مناهج تفكريه‬ ‫و عمله و تعاونه مع نظرائه‪ .‬و ال ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫أن ظهور “ الواب “ (‪ ،)Web‬كفضاء للفكر اجلماعي أتاح‬ ‫مرونة ال مثيل هلا يف تبادل املعلومات و إنتاج املعرفة‪ ،‬قد رافقته قراءة جديدة لل ّزمان و املكان‬ ‫تنشطه املعلومة يف ّ‬ ‫حت ّول مبقتضاها العامل إىل نظام مفتوح ّ‬ ‫كل حاالته و أطواره‪ ،‬و إذا أخذنا‬ ‫يف االعتبار امتالكه لل ّرمز و ال ّذاكرة‪ ،‬كما يقول رجييس دوبري يف حديثه عن التخزين‬ ‫اإللكرتوني‪ ،‬وطواعيته يف أداء وظائف اجتماعية و اقتصاديّة و معرف ّية‪ ،‬ندرك حقيقة وصفه‬ ‫بالعصب املركزي جملتمع املعلومات‪.‬‬ ‫مل يعد بإمكان العامل اليوم‪ ،‬وقد سعى منذ عقود إىل مضاعفة سرعة تد ّفق ال ّرسائل و املضامني‬ ‫اليت مت ّثل حمور ق ّوته اإلنتاج ّية‪،‬مل يعد بإمكانه االنفصال عن الشروط اإللكرتون ّية لنظام‬ ‫املعلومات ّ‬ ‫ألن قض ّية بناء املعرفة اليت تشغل بال املفكرين و الباحثني من خمتلف االختصاصات‬ ‫بالصيغة اليت‬ ‫العلم ّية ليست مرتبطة باملعلومة يف بعديها املعريف و االسرتاتيجي‪ ،‬إنمّ ا هي‪ّ ّ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يطرحها نظام دمج الوسائط ‪ ،‬قض ّية تك ّيف مع الوسائط يف ح ّد ذاتها ذلك ّ‬ ‫أن كل مـجال‬ ‫إن ّ‬ ‫وسائطي جــديد “ يعيد تشكيل العقد االجتماعي “ (دوبري ‪ّ ...)1991‬‬ ‫الطريق املوصلة‬ ‫إىل املعلومات غمرتها اليوم مسالك تقان ّية على غاية من التعقيد و اتباعها يستوجب معرفة‬ ‫تطبيق ّية دقيقة للتح ّكم يف وظائف الوسيط اإللكرتوني بشكل عام ولتحقيق الفعل االتصالي‬ ‫على حنو تفاعلي ضمن ما يرتاكم من دمج للوسائط و من أنظمة حاسوب ّية ال تروم االستقرار‬ ‫‪129‬‬

‫و الثبات‪.‬و تقتضي طبيعة العمل والنشاط حتم ّية التكوين املستمر يف جمال وسائطي متغيرّ ‪،‬‬ ‫نرصد تغيرّ ه من اخللف‪.‬‬

‫‪2 .2‬تقنية االندماج والتواصل المندمج‬ ‫املسميات اجلديدة كّلها وأبرزها اإلعالم‬ ‫من الواضح هنا وجود حقل للجاذب ّية تدور حوله ّ‬ ‫ويتضمن األشكال املاديّة إلنتاج املعلومات و معاجلتها و نقلها و ختزينها وهي أشكال‬ ‫اجلديد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتمدّد وتتزايد خمّلفة عرب مراحلها أجياال من املهن بعضعا يقاوم ال ّزمن والبعض اآلخر‬ ‫ّ‬ ‫سرعان ما ّ‬ ‫ليحل حمّله جيل جديد و لنالحظ مرحلة دمج الوسائط املوصوفة بـ ‪ :‬ثورة‬ ‫يتبخر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االندماج‪ ،‬وعلى ال ّرغم من أنها أتت متأخرة بأكثر من عقد من ظهور ما اصطلح على تسميته‬ ‫باإلعالم اجلديد‪ ،‬فإ ّنها تع ّد املرحلة البارزة يف تاريخ اإلعالم واالتصال‪ ،‬اليت أربكت قواعد الفعل‬ ‫اإلعالمي واالتصالي وكذلك املهن اإلعالم ّية و االتصال ّية‪ ،‬وجعلتها مه ّيأة للتبدّل يف كل‬ ‫حني‪ ،‬على ّ‬ ‫أن هذه املهن مل تشهد االستقرار على امتداد تارخيها التقين و االجتماعي‪ ،‬و لكن‬ ‫حمدد‬ ‫هي املطروحة اليوم كعامل ّ‬ ‫السرعة اليت يتق ّرر بها تطور النظام ال ّرقمي الوسائطي ّ‬ ‫للتفكري يف السيطرة على املرتكزات ال ّرقم ّية املندجمة و حميطها املهين (‪.)5‬‬ ‫ولكن الثورة احلقيق ّية يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل ما حيدث من تبدّل تقاني وعالئقي‪ ،‬ال تتم ّثل يف االندماج‪ ،‬وال‬ ‫يف ظهور وسائط االتصال اجلديدة كما يشار إىل ذلك بشيء من املغاالة يف العديد من أدب ّيات‬ ‫االتصال (‪ ،)6‬إ ّنها كامنة يف احتالل املعلومات لصدارة القوانني والقيم ّ‬ ‫املنظمة حلياة الفرد‬ ‫واجملتمع‪ .‬فالتط ّور التقين إنمّ ا جيري على حنو مينح املعلومات مركزيّة إنتاج النفوذ وإدارة‬ ‫العامل‪ ،‬واالندماج ليس إ ّ‬ ‫ال نتيجة هلذا املنطق (‪.)7‬‬ ‫ومن الطبيعي وسط هذا املشهد الذي مت ّيزه أساليب العمل ال ّ‬ ‫الماديّة‪ ،‬احلديث عن جمتمع‬ ‫املعلومات‪ ،‬على ال ّرغم من وجود فجوات عميقة يف مستوى تد ّفق املعلومات واستثمارها ‪ :‬الفجوة‬ ‫بني الشمال واجلنوب‪ ،‬والفجوة بني بلدان الشمال يف ح ّد ذاتها‪ .‬فاجملتمعات يف العامل ال تعيش‬ ‫عصر املعلومات بوترية واحدة وأمناط متجانسة‪ّ .‬‬ ‫إن دخوهلا احللبة املعلومات ّية يشهد مستويات‬ ‫متفاوته والفتة لالنتباه يف العديد من احلاالت‪ ،‬وتفيدنا الدّراسات ّ‬ ‫أن ‪ 45%‬من املستخدمني‬ ‫لإلنرتنت يف العامل ينتمون إىل بلدان أمريكا الشمال ّية يف حني جند ‪ 0،8%‬من املستخدمني‬ ‫ينتمون إىل البلدان اإلفريق ّية (‪.)8‬‬ ‫مل متنع هذه الفجوة ال ّرقم ّية انتشار ثقافة جديدة بدأت مالحمها تتس ّرب حتى إىل داخل‬ ‫اجملتمعات اليت ال يزال اخنراطها ضمن النظام ال ّرقمي بطيئا وأحيانا ال داللة له‪ ،‬ذلك‬ ‫أن تكنولوجيا املعلومات ليست جم ّرد وسائط ّ‬ ‫ّ‬ ‫يسخرها اإلنسان لتطوير بيئته الثقاف ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السائد قد يعتربها أدوات حياديّة غارقة‬ ‫واالقتصاديّة‪ ،‬وحتقيق متطلبات عصره‪ ،‬ولعل ال ّرأي ّ‬ ‫‪130‬‬

‫برمتها يف حميط املك ّونات املاديّة‪ّ .‬‬ ‫إن تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬كغريها من االبتكارات التقن ّية‬ ‫ّ‬ ‫والسلوك‪ ،‬كما يشري إىل ذلك برينو التور ‪ ،‬بل‬ ‫السابقة‪ّ ،‬‬ ‫مدججة بالقيم اليت تغيرّ من التفكري ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مما يصنعها‪.‬‬ ‫أكثر‬ ‫الفرد‬ ‫تصنع‬ ‫فهي‬ ‫لوك‪،‬‬ ‫والس‬ ‫للتفكري‬ ‫احلقيقي‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫املو‬ ‫ها‬ ‫إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإن من أبرز مالمح هذه الثقافة ه ّو ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن ال ّرقم ّية قد شرعت بعد يف إعادة تشكيل العالقات‬ ‫ّ‬ ‫السارية يف‬ ‫االجتماع ّية على حنو ظل فيه التفاعل االجتماعي مبن ّيا على اخلطابات املتبادلة ّ‬ ‫كيان اجملتمع‪ ،‬معنى ذلك ّ‬ ‫أن التفاعل االجتماعي‪ ،‬ال يتح ّقق إال باستخدام الوسيط التقين‬ ‫بوصفه‪ ،‬أوّال‪ ،‬أداة إلنتاج املضامني ونقلها‪ ،‬وهذه حقيقة صرفت النظر يف جمال اإلعالم‬ ‫باخلصوص إىل االهتمام بكيف ّية السيطرة على الوسيط املادي أكثر من االهتمام بإنتاج‬ ‫واملؤسسات‬ ‫املؤسسات األكادمي ّية ّ‬ ‫السيطرة هذه يف سعي ّ‬ ‫املضمون الذي سينقله‪ ،‬وتتجّلى مظاهر ّ‬ ‫ومؤسسات اخلدمات‪ ،‬سعيها إىل وضع خطط للتدريب العملي والتكوين يف جمال‬ ‫التعليم ّية‬ ‫ّ‬ ‫استخدام الوسائط التقن ّية‪ ،‬والربامج واألنظمة احلاسوب ّية‪ ،‬والعتباره ثانيا أداة التفاعل الفعلي‬ ‫بني املرسل واملتلقي وبني املستخدم واملضمون‪ّ ،‬‬ ‫ألن التفاعل ّية يف اجلغرافيا اجلديدة لإلعالم‬ ‫واالتصال ال تتح ّقق بني مرسل ومتلقي كما وصفها فينري يف اخلمسينات من القرن املاضي‬ ‫ضمن دراسات رجع الصدى يف بعده الفيزيائي واهلندسي‪ ،‬أو كما أوضحها روبار أسكربيت‬ ‫يف نقده للنماذج اخلط ّية لالتصال‪ّ ،‬‬ ‫إن التفاعل ّية اليوم تتم ّثل يف الدّور الذي حت ّول املتلقي‬ ‫مبقتضاه إىل فاعل يف “ وضع األجندة “ (‪.)9‬‬ ‫لقد أدّى هذا التح ّول يف املفهوم إىل تد ّفق سيل من املهن اجلديدة يف جمال اإلعالم واالتصال‪،‬‬ ‫تدور كّلها حول قاعدة مركزيّة‪ ،‬أشرنا إىل أهم ّيتها يف حديثنا عن االندماج (عبداهلل احليدري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لنستدل على ّ‬ ‫أن فهم أبعادها ال خيتصره‬ ‫ال ّرمز واألداة‪ .)2007 ،‬وندرج يف مايلي البعض منها‬ ‫ّ‬ ‫ويظل متع ّذرا ما مل ندرك حقيقة التأثري الذي يسعى القائمون‬ ‫التط ّور التقين حب ّد ذاته‪،‬‬ ‫باالتصال إىل حتقيقه عرب ألوان خمتلفة من ّ‬ ‫الشد املستوحى من ال ّرموز الّلغويّة واهلندس ّية‬ ‫وال ّرياض ّية والفيزيائ ّية‪..‬‬ ‫‪ Webmaster‬‬ ‫ ‬ ‫مصمم مواقع الواب‬ ‫• • ّ‬ ‫ ‬ ‫ي ‪Graphic designer‬‬ ‫متخصص يف التصميم اجلرافيك ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫‪Web writer‬‬ ‫ ‬ ‫• • مح ّرر للواب ‬ ‫‪ Network architect‬‬ ‫ ‬ ‫ مهندس شبكة‬ ‫(‪) HTML Integrator‬‬ ‫ ‬ ‫متخصص لغة‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ّ‬ ‫‪Web designer‬‬ ‫متخصص يف التصميم للواب ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ّ‬ ‫• • مدير شؤون التجارة اإللكرتون ّي ة ‪E-commerce director‬‬ ‫• • مسئول التطوير التجاري للمواقع ‪Advertising-Marketing Developer‬‬ ‫‪Editorial responsible‬‬ ‫ ‬ ‫• • رئيس حترير موقع‬ ‫‪131‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫‪ Multimedia Designer‬‬ ‫ ‬ ‫مصمم مواد ملتيميديا‬ ‫• ّ‬ ‫‪Advertising Web Designer‬‬ ‫ ‬ ‫مصمم اإلعالن على الواب‬ ‫• ّ‬ ‫• منتج برامج التلفزيون على الواب ‪Web-TV Producer‬‬ ‫‪Web-Radio‬‬ ‫ ‬ ‫‪Producer‬‬ ‫• منتج برامج اإلذاعة على الواب ‬ ‫‪Video editing‬‬ ‫ ‬ ‫• حترير ومونتاج الفيديو‬ ‫‪video graphics‬‬ ‫ ‬ ‫• تصميم الفيديو ال ّرقمي‬ ‫ ‬ ‫اخلاصة‪Tricks visual and special effects .‬‬ ‫رات‬ ‫• اخلدع البصريّة واملؤ ّث‬ ‫ّ‬

‫• • تصميم اخلطوط وال ّرسوم اإللكرتون ّية‪Graphic Design Typography Type face .‬‬ ‫الصورة ال ّرقم ّية‪.Photo retouching composing and color correction .‬‬ ‫• • معاجلة ّ‬

‫ ‬ ‫‪Electronic Archives‬‬ ‫ ‬ ‫• • األرشفة اإللكرتون ّية‪.‬‬ ‫متخصص يف متابعة البث املباشر‪Follow direct broadcast .‬‬ ‫• •‬ ‫ّ‬

‫يتضح ّ‬ ‫أن الواب ه ّو املدار الذي تتح ّرك فيه حزمة املهن املذكورة‪ ،‬واملك ّونة جملال يتش ّكل‬ ‫ّ‬ ‫باستمرار‪ ،‬ولعل أبرز ما خيتزله اإلعالم اجلديد من معنى‪ ،‬يكمن يف هذا املدار الذي أسهم‪ ،‬يف‬ ‫تقديرنا‪ ،‬يف بروز ظواهر من الفوضى بدأت تسود األوساط املهن ّية واألكادم ّية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪3 .3‬النظام والفوضى في المشهد اإلعالمي الجديد‬ ‫إن الفوضى املقصودة يف هذا املضمار ال تعين جم ّرد االظطراب الطارىء على ّ‬ ‫ّ‬ ‫الظاهرة اإلعالم ّية‬ ‫واالتصال ّية‪ ،‬أو التشويش العارض الذي يرتتب عنه إرباك لبعض الوظائف يف ديناميك ّية النظام‪،‬‬ ‫إذ حيدث أن ّ‬ ‫يعتل النظام اإلعالمي واالتصالي بسبب من األسباب‪ ،‬أو تصيبه ضوضاء مع ّينة‬ ‫تربك انتظامه‪ .‬هذه حاالت غري مو ّلدة للفوضى باملعنى ال ّرياضي والفيزيائي للكلمة العتبارها‬ ‫حاالت قابلة للقياس‪ ،‬ويتم احتواءها بتعديل النظام لذاته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هي اليت تع ّرض إىل مالحظتها ال ّرياضي إدوارد لورانز (لورانز‬ ‫إن الفوضى املقصودة يف سياقنا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ )1961‬عندما كان جيري سلسلة من العمليات احلساب ّية املع ّقدة قصد التكهّن بالتقلبات‬ ‫املناخ ّية وكان أن اكتشف سلوكا فوضويّا لنظام ال ّ‬ ‫خطي‪ ،‬حيول دون حصر دقيق للتن ّبؤات‬ ‫اجلويّة‪.‬‬ ‫من هذا اجملال‪ ،‬الفيزيائي‪ -‬ال ّرياضي‪ ،‬نستعري املفهوم ّ‬ ‫لنوظفه يف جمال العلوم اإلنسان ّية توظيفا‬ ‫يبينّ إىل ح ّد ّما‪ّ ،‬‬ ‫أن ما حيدث من تفاعالت متقّلبة يف جمال اإلعالم واالتصال احلديث‪ ،‬ال‬ ‫عما حيدث يف جماالت أخرى كمجال ال ّرصد اجلوي مثال‪ ،‬العتبار اجملالني‬ ‫خيتلف كثريا ّ‬ ‫نظامني ديناميني يسكنهما االظطراب والفوضى‪ .‬واالستعارة من هذا القبيل تقليد قديم يف‬ ‫ختصصنا ‪ :‬أمل تكن قياسات اخلرب وقيمه االنرتوب ّية (‪ )Valeur entropique‬مستعارة من‬ ‫ّ‬ ‫الديناميك ّية احلراريّة‪ .)Thermodynamique( ،‬أمل يكن التشويش الذي نقصد به‪ ،‬يف‬ ‫التواصل‪ ،‬الضوضاء اليت تصيب املعاني يف ال ّرسائل اإلعالم ّية‪ ،‬مستعارا من النظريّة ال ّرياض ّية‬ ‫‪132‬‬

‫للمعلومات (‪ .)theorie mathematique de l information‬فالفوضى يف مضمارنا‬ ‫هي تلك السلوكيات العشوائ ّية غري القابلة للقياس الدقيق‪ ،‬واليت ال ميكن احتواؤها بفعل‬ ‫املسماة اليوم باإلعالم اجلديد‪ ،‬مه ّيأة حلدوث‬ ‫تعديل حيدث داخل ال ّنظام‪ ،‬فالبيئة اجلديدة ّ‬ ‫الفوضى العتبارها نظاما دينام ّيا مع ّقدا حتدث داخلها سلوكيات غري منتظمة وغري مستق ّرة‪،‬‬ ‫إن عناصرها املاديّة وال ّرمزيّة مو ّلدة ملثل هذه السلوكيات‪ .‬فالفوضى حينئذ ّ‬ ‫بل ّ‬ ‫تظل خاص ّية‬ ‫من خصائص هذه البيئة احلتم ّية ال ّ‬ ‫الخط ّية‪ ،‬اليت أصبح من العسري التح ّكم يف ديناميكيتها‬ ‫ولنتبصر أبرز مك ّونات هذه البيئة لنفهم االحنرافات الكبرية اليت‬ ‫والتن ّبؤ حباالتها املستقبل ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خترتقها‪.‬‬ ‫ ‪ .‬أنظام الفضائيات‬ ‫تشهد الفضاءات االجتماع ّية اليوم‪ ،‬بش ّقيها‪ ،‬الفيزيائي والثقايف‪ ،‬ازدحاما حادّا يف جمال‬ ‫الصناعات اإلعالم ّية‪ ،‬صناعات ذات جتّليات استهالك ّية تراوح بني السياسي والديين والثقايف‪،‬‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬والعلمي‪ ،‬والدعائي والرتفيهي‪ ...‬وجندها يف موضع آخر مثرية عندما نلمح يف‬ ‫الفضاءات ذاتها وجود قنوات تنتج اجلنس والدعارة‪ ،‬وتروّج لالحنراف الفكري واألخالقي يف‬ ‫غياب تام لسلطة الضبط وال ّرقابة‪.‬‬ ‫واملتخصصة‪ ،‬مبا‬ ‫لقد تنامى خالل العقدين األخريين عدد القنوات التلفزيون ّية اجلامعة‬ ‫ّ‬ ‫ال يثري جماال للشك بتبدّل مالمح املشهد اإلعالمي الذي بدأ يتح ّرر من احتكار إعالم السلطة‬ ‫السمعي املرئي‪ ،‬وبروز مجاهري مستهلكة‪ ،‬صعبة‬ ‫ضمن سياق اتسم بظهور أمناط جديدة لإلنتاج ّ‬ ‫املراس‪ ،‬ال يتح ّقق استقطابها بسهولة إ ّ‬ ‫املتخصصة‪،‬‬ ‫ال من خالل أصناف مدروسة من الربامج‬ ‫ّ‬ ‫اإلخباريّة واخلدمات ّية والرتفيه ّية باخلصوص‪ .‬ولقد لقيت أصناف هذه الربامج التلفزيون ّية‪،‬‬ ‫وغريها من الفئات األخرى اليت يتم إنتاجها وفق رغبات اجلمهور املتزايدة‪ ،‬لقيت جناحا واسعا‪،‬‬ ‫أهم العوامل الكامنة وراء إقبال أرباب األعمال على االستثمار يف‬ ‫(‪ )10‬ويعترب هذا العامل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينّ‬ ‫جمال الصناعات اإلعالم ّية والثقاف ّية‪ .‬وتب الدّراسات أن عدد الفضائيات يف العامل خالل العام‬ ‫‪ ، 2007/2008‬قد جتاوز مخسة آالف قناة‪ ،‬منها ‪ 3212‬قناة غري مش ّفرة‪ ،‬وجند يف العامل‬ ‫العربي‪ّ ،‬‬ ‫أن نسق التزايد لعدد القنوات الفضائ ّية العرب ّية قد فاق الوترية اجلارية يف خمتلف‬ ‫بلدان العامل‪ ،‬إذ ظهرت يف ما بني ‪ 2004‬و ‪ 263 ،2006‬قناة جمان ّية على عربسات ونايلسات‪،‬‬ ‫وتتصدّر بلدان اخلليج العربي طليعة البلدان احلاضنة ألعلى نسبة من هذه الفضائيات‪)11( .‬‬ ‫نتوصل إىل طرحه فيما عرضنا ه ّو ّ‬ ‫الصعب‬ ‫أن مالمح املشهد اإلعالمي اجلديد جتعل من ّ‬ ‫وأوّل ما ّ‬ ‫الوصول إىل استقطاب اهتمام القارىء واملستمع واملشاهد أمام إناتج إعالمي يتد ّرج ويتظافر يف‬ ‫حركة تصاعديّة‪ ،‬ويف حضور مجاهري تتجاذبها ألوان من اإلنتاج يراوح بني الرتفيهي والديين‬ ‫مدجج بالقيم الثقاف ّية لذلك جند‬ ‫وال ّرياضي والسياسي واإليديولوجي والثقايف‪ ،‬ومجيعها ّ‬ ‫وسائل اإلعالم اليوم تعمل على أن يرتصف التع ّرض إىل رسائلها أفق ّيا وعموديّا‪ ،‬بغاية حتقيق‬ ‫‪133‬‬

‫أقصى درجات التكرار والتع ّرض‪ ،‬ولنا يف ذلك مثل القنوات التلفزيون ّية اليت تسعى إىل اخرتاق‬ ‫جمال املتلقني بانفتاحها املتعدّد التالي ‪:‬‬ ‫• االنفتاح األوّل أحادي االجتاه‪ ،‬ويك ّرس منط االتصال اجلماهريي املتمثل يف البث التقليدي‬ ‫املوجه إىل مجاهري كثرية يف أماكن خمتلفة‪ ،‬وامللتقط عرب اهلوائيات وأجهزة االستقبال‬ ‫ّ‬ ‫موجه للمشرتكني‬ ‫التلفزيون ّية‪ ،‬وكذلك البث عرب شبكة اإلنرتنت‪ ،‬وهو صنف من اخلدمات ّ‬ ‫الذين يستقبلون أيضا الربامج اإلذاع ّية وحمتوى الوسائط املتعدّدة والفيديو‪.‬‬ ‫وجيسمه‪ ،‬حضور املواقع اإللكرتون ّية املصاحب هلذه الفضائيات ‪ ،‬وجند‬ ‫• االنفتاح الثاني تفاعلي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫لكل قناة موقعا إلكرتونيا حيقق منطا من التواصل التفاعلي مع اجلمهور‪ ،‬كإبداء اآلراء‬ ‫وتبادل األفكار وتقديم االقرتاحات خبصوص املضامني اإلعالم ّية اليت يقع بثها‪ ،‬واالخنراط يف‬ ‫سرب اآلراء واملسابقات‪.‬‬ ‫• االنفتاح الثالث تفاعلي أيضا وينبين على وجود حزمة من اخلدمات التفاعل ّية يف مستوى‬ ‫ما يعرف بالتلفزيون ال ّرقمي األرضي‪ ،‬وتتمثل هذه اخلدمات يف إمكان ّية القيام باحلجوزات‬ ‫املؤسسات‬ ‫املختلفة‪ ،‬واحلصول على أخبار البورصة والطقس واألخبار املتعّلقة بأنشطة ّ‬ ‫اخلدمات ّية والرتفيه ّية‪ .‬وهناك أيضا التلفزيون التفاعلي الذي ح ّقق حدّا بارزا من التفاعل ّية‬ ‫النشطة بني الباث واملتلقي إذ أتاح للمتلقي إمكان ّية حتديد الربنامج الذي يرغب يف متابعته‪،‬‬ ‫وإمكان ّية التحاور مع املنشط أو املشرف على اإلنتاج‪ ،‬وكذلك إمكان ّية القيام بعمليات جتاريّة‬ ‫مثل البيع والشراء‪ ،‬وإمكان ّية التصويت وإبداء ال ّرأي (‪.)12‬‬ ‫• االنفتاح ال ّرابع وهو الصنف احلديث املعروف بالتلفزيون الشخصي احملمول ويتمثل يف تقنية‬ ‫مت ّكن املشاهد من متابعة برامج التلفزيون أينما كان باستخدام اهلاتف اجلوال أو باستخدام‬ ‫أي تقنية طرف ّية أخرى حممولة‪ .‬ولقد شهد التلفزيون الشخصي احملمول بدايته يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل من‬ ‫اليابان و كوريا وأملانيا وفلندا وينتظر أن حي ّقق رواجه يف أوروبا سوقا مزدهرة اقتصاديّا‪.‬‬ ‫والسبب يف هذا االزدحام املبين على تن ّوع اخلدمات اإلعالم ّية واتساع دوائرها يف املكان وال ّزمان‪ ،‬ال‬ ‫ميكن تعيينه يف جم ّرد تطو ّر تقين عابر‪ ،‬إنمّ ا العامل اجلوهري لوجود هذه التضاريس اجلديدة‬ ‫مرتاصة‬ ‫يعود إىل اإلندماج ال ّرقمي‪ ،‬مثلما أشرنا إىل ذلك سابقا‪ ،‬بوصفه حقيقة جامعة لسلسلة‬ ‫ّ‬ ‫من العمليات الدموج ّية‪ ،‬مشلت الشبكات واملضامني واملهن وتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ّ .‬‬ ‫وإن‬ ‫ما يرتاكم اليوم من إنتاج يف الصناعات الثقاف ّية واإلعالم ّية ومن تعدّد يف املرتكزات والقنوات‬ ‫السمع ّية واملرئ ّية‪ ،‬يستم ّد عّلة وجوده من حقيقة االندماج ال ّرقمي مبفهومها‬ ‫الناقلة للربامج ّ‬ ‫األعم‪ ،‬التكنولوجي‪ ،‬واالقتصادي‪ ،‬والثقايف أيضا العتبار الفرد االجتماعي اليوم كائنا مندجما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إذ يسعى إىل استقبال املضامني اإلعالم ّية املفرده أو ّ‬ ‫املركبه واكتسابها عرب بنية من األفعال‬ ‫‪134‬‬

‫االتصال ّية املتصلة‪ ،‬تقوده إىل استخدام أكثر من وسيط تقين يف الوقت ذاته‪ ،‬فإذا بالتلقي‬ ‫حصيلة أفعال مدجمة يف املكان والزمان‪.‬‬ ‫تبصر مدى التشابك‪ ،‬ال يف مستوى مك ّونات ال ّرسالة اإلعالم ّية حب ّد ذاتها‪،‬‬ ‫يقودنا هذا الواقع إىل ّ‬ ‫مما جيعل فيضها أمرا‬ ‫بل يف تن ّوعها ويف طرائق تد ّفقها املرن عرب أكثر من قناة يف وقت واحد‪ّ ،‬‬ ‫يصعب حصره إذا ما استحضرنا إمكانات املتلقي الواحد الستقبال ال ّرسائل واستيعابها‪.‬‬ ‫الصورة من البنية اإلعالم ّية نظاما يعمل يف ّ‬ ‫كل االجتاهات‪ ،‬نظام حياصر املتلقني‬ ‫جتعل هذه ّ‬ ‫أيّا كان موقعهم‪ ،‬وأجهزة االستقبال تسمح بذلك‪ .‬فكم من مضمون إعالمي حيتمل أن يتع ّرض‬ ‫له املتلقي يوم ّيا عرب خمتلف أنظمة البث املتاحة‪ ،‬وكم من ومضة إعالن ّية معّبأة داخل ّ‬ ‫كل‬ ‫مضمون ؟ ال ّ‬ ‫شك أن ال ّر قم يتجاوز عشرات املئات يوم ّيا‪ .‬ويورد الباحثون يف هذا التحديد أمثلة‬ ‫مثرية بعض الشيء‪ ،‬من ذلك ّ‬ ‫أن املواطن الكندي العادي‪ ،‬يتع ّرض‪ ،‬يوم ّيا ‪ ،‬إىل معدل ‪4000‬‬ ‫رسالة إعالن ّية (‪ ،)14‬ومن املفيد يف هذا املقام التساؤل عن ال ّرسالة أو جمموعة ال ّرسائل اليت‬ ‫يتو ّقع أن تصل املتابعني للمواد اإلعالم ّية و تستقطب اهتمامهم بعيدا عن التشويش احملتمل‬ ‫حدوثه أثناء بث ال ّرسالة ونقلها‪ ،‬وما الذي ميكنهم االحتفاظ به وتدوينه ذهن ّيا‪ ،‬وما ه ّو اخلطاب‬ ‫األكثر تأثريا يف تفكريهم وسلوكهم‪ ،‬وما هو األسلوب الذي جيعل ال ّرسالة اإلعالم ّية تظفر‬ ‫باملسلك الذي جي ّنبها الضوضاء باملعنى السيميائي للكلمة‪ ،‬وجي ّنبها كذلك سلوك اجلمهور‬ ‫الغافل أو املتغافل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املتفحص يف أمر الفضائيات ومدى اخرتاقها لواقع اجملتمعات وتأثريها يف املتلقني‪ ،‬إذ ه ّو أخذ‬ ‫إن‬ ‫ّ‬ ‫يف االعتبار خصائص املشهد اإلعالمي اجلديد‪ ،‬استطاع أن حيدّد أهم ّية املوضوع من وجهة نظر‬ ‫ثقاف ّية‪ ،‬فيتسنى إذن إدراك أهم ّية البعد القيمي واألخالقي يف هذا املناخ املتالطم بال ّرسائل‬ ‫خمتلفة األلوان‪.‬‬ ‫السوسيولوج ّية أ ّنه اهتمام ّ‬ ‫مركز‪ ،‬ببناء‬ ‫وأوّل مراتب البعد القيمي واألخالقي‪ ،‬من الوجهة ّ‬ ‫اإلنسان وهذا معطى غائب يف منظومة الصناعات اإلعالم ّية عموما القائمة على منطق الكسب‬ ‫وال ّربح الالحمدود‪.‬‬ ‫نكاد جنزم أ ّنه ال وجود اليوم ملشروع إعالمي تلفزيوني مشرتك تدفع به إرادة مجاع ّية حنو بناء‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وإن وجدت بعض املشاريع اجلادة يف العمل على حتقيق الغرض املذكور‪ ،‬فإ ّنها تعمل‬ ‫خارج اإلرادة اجلماع ّية‪ .‬هنا تكمن مظاهر الفوضى‪ ،‬وتتضح مالحمها‪ .‬ففي حني أتاح البث عرب‬ ‫األقمار الصناع ّية إمكانات هائلة لل ّنقل والتبادل والتثاقف‪ ،‬وأرسى منطا من دمقرطة اإلعالم‬ ‫واالتصال‪ ،‬وفتح جماالت وسيعة لتقديم اخلدمات العلم ّية والرتبويّة والثقاف ّية وغريها من‬ ‫اخلدمات األخرى املفيدة للمجتمع‪ ،‬نكتشف يف املخرجات نتائج غري اليت كان ينبغي أن تتح ّقق‬ ‫‪135‬‬

‫الصغرية‪ .‬وتفيدنا بعض الدّراسات‬ ‫بوجود تقنية متط ّورة فرضت على العامل مفهوم القرية ّ‬ ‫احلديثة‪ّ ،‬‬ ‫أن ‪ 74%‬من املشاهد اليت يتابعها األطفال يف الربامج الكرتون ّية تؤدّي إىل ظهور‬ ‫سلوك إجرامي لديهم (‪ ،)14‬يف الوقت الذي جيب أن تكون فيه الربامج الكرتون ّية‪ ،‬وغريها‬ ‫من برامج األطفال‪ ،‬برامج تنشئة حقيق ّية‪ ،‬موصلة إىل إرساء ثقافة التكوين والبناء السليم‬ ‫للذات وللمجتمع‪ .‬وتبينّ بعض الدّراسات األخرى(‪ )15‬ظهور مرض يعرف بـ “ دش سيندروم‬ ‫“ يصيب املدمنني على متابعة القنوات الفضائ ّية واستمرار تعرضهم لفئات الربامج التجاريّة‬ ‫املثرية للمشاعر‪ .‬ومن خماطره زعزعة األخالق‪ .‬وورد يف دراسة سوسيولوج ّية أجريت على‬ ‫ع ّينة تتأ ّلف من ‪ 500‬طالبة‪ّ ،‬‬ ‫أن هؤالء الفتيات أصنب بأمراض يف اجلهاز التناسلي واجملرى‬ ‫البولي‪( ..‬وطرأت) تغيريات كبرية على سلوكهن‪ ،‬حيث احنصر تفكريهن غالب ّية الوقت يف‬ ‫اجلنس “‪ .)16( ..‬وتوجد اليوم ‪ 112‬قناة جنس ّية ناطقة باللغة العرب ّية(‪ )17‬تستخدم يف‬ ‫حدودها هلجات خمتلفة بغاية حتقيق التع ّرض الشامل ّ‬ ‫لكل الفئات االجتماعية يف البلدان‬ ‫العرب ّية‪.‬‬ ‫كان ال ب ّد ان يقود التطور التقين إىل بناء مشروع حضاري معقلن‪ ،‬بعيد عن الفوضى‪ّ ،‬‬ ‫ألن‬ ‫فعل التط ّور حب ّد ذاته فعل مرتبط بالعقلنة باملعنى الذي قصده ماكس فيرب يف حديثه عن‬ ‫العقالن ّية القاضية بــ ‪“ :‬إدخال التقنية إىل التبادل والتواصل”‪ )18(،‬ولكن الذي حيدث اليوم يف‬ ‫خضم التطورات التكنولوجية املتسارعة يناقض مشاريع التنشئة احلاملة بتقنية تدفع بها إىل‬ ‫ّ‬ ‫يسمى عند هابرماس باألخالق التواصل ّية(‪.)19‬‬ ‫األمام‪ ،‬وحيتاج يف الوقت ذاته إىل ما ّ‬ ‫ ‪.‬بنظام التدوين‬ ‫تتعايش مع فوضى الفضائ ّيات‪ ،‬فوضى من صنف آخر وهي اليت جتري يف جمال بعيد عن قطاع‬ ‫املال واألعمال‪ ،‬جمال تستثمر فيه ال ّرموز والدالالت‪ ،‬أال وهو جمال التدوين‪ .‬ولعّله اجملال الذي‬ ‫عامة الناس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫قصة‬ ‫أكد للكثري من الباحثني واخلرباء يف اإلعالم واالتصال‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫أكد هلم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن اإلعالم اليوم‪ ،‬ه ّو إعالم جديد بال منازع‪ ،‬بل إ ّنه النشاط األبرز الذي يتجّلى يف أطواره معنى‬ ‫اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫كل اجملتمعات البشريّة‪ّ ،‬‬ ‫فعل التدوين عرفته ّ‬ ‫ولكل جمتمع أساليبه وأدواته يف التدوين‪ .‬ولقد‬ ‫جرى التدوين‬ ‫أذكر عندما ك ّنا أطفاال باملدارس‪ ،‬أذكر كيف ك ّنا نقتين أصناف الك ّراسات اجلميلة اليت‬ ‫ّ‬ ‫نسخرها لتدوين ما تتم ّيز به حياتنا الدراس ّية واالجتماع ّية من جتارب خمتلفة‪ ،‬ك ّنا ندوّن‬ ‫جناحنا وفشلنا وحم ّبتنا وأحالمنا على صفحات بيضاء‪ ،‬نعيد إخراجها بزينة جديدة ك ّنا‬ ‫جنتهد يف ابتداعها واقتباسها من خيالنا الذي ال يعرف قاعدة يف ال ّرسم أو يف اإلخراج‪ .‬ك ّنا‬ ‫‪136‬‬

‫ندوّن ذلك من دون معرفة ما إذا كان الك ّراس بوصفه مرتكزا “ ورق ّيا “ سيقاوم الزمن على‬ ‫ألن القصد من التدوين كفعل إنساني ه ّو يف أذهاننا ّ‬ ‫مدى طويل‪ّ ،‬‬ ‫يتلخص يف بناء تراث فردي‬ ‫نأمل أن ّ‬ ‫يطلع عليه اآلخرون يف يوم ما‪ ،‬تراث ك ّنا نتبادل بعضه عرب حلقات االتصال الوجاهي‬ ‫يف حدود فضاءات االتصال التقليدي‪ ،‬وكذلك عربالربيد من خالل إنشاء ال ّرسائل اليت نتبادهلا‬ ‫و اليت ينقلها لنا ساعي الربيد‪.‬‬ ‫فمسألة التدوين هي حينئذ مسألة قائمة يف ذاتنا‪ ،‬بل هي جزء من ذاتنا‪ ،‬العتبار فعل التدوين‬ ‫ضربا من ضروب حتقيق الذات‪ .‬ولقد ّ‬ ‫مجع لتجارب‬ ‫اطرد يف العرف البشري تعريفه على أ ّنه ٌ‬ ‫مجع يعكس حرص اإلنسان على مشاركة‬ ‫اإلنسان ومواقفه وآراءه وأطروحاته العلم ّية‪ُ ،‬‬ ‫اآلخرين خرباتهم وأحاسيسهم وانتظاراتهم‪ ،‬وكذلك حرصه على ضغط الزمن و “ حتنيطه “‬ ‫الستحضاره متى وجب ذلك‪.‬‬ ‫خيتص به فرد دون آخر وال جمتمع دون آخر‪ ،‬وال عصر دون آخر‪ ،‬إنمّ ا هو‬ ‫والتدوين فعل ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حقيقة إنسان ّية عرفتها كل اجملتمعات ولكن بأساليب ختتلف باختالف أدوات التواصل املتصلة‬ ‫ّ‬ ‫بكل عصر‪ .‬فمن التدوين على األحجار والكهوف‪ ،‬إىل التدوين عرب املخطوطات‪ ،‬فالتدوين‬ ‫ثم اإللكرتوني‪.‬‬ ‫املطبعي‪ّ ،‬‬ ‫إن املتغيرّ يف فعل التدوين ه ّو األداة‪ .‬ولكن هذا أمر ظاهري ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن األداة عندما تتغيرّ ‪ ،‬جت ّر إىل‬ ‫دائرتها منظومة التفكري كاملة‪ ،‬فهي ال تشتغل مبعزل عن العمل ّيات الفكريّة ّ‬ ‫املركبة‪ ،‬بل إن‬ ‫اجملسمة والناقلة لألفكار‪.‬‬ ‫العمل ّيات الفكريّة ّ‬ ‫برمتها ال تدور بعيدا عن األداة ّ‬ ‫وإذا اعتربنا بضرب من التسليم أن التدوين حقيقة قا ّرة‪ ،‬جنده يف املاضي البعيد‪ ،‬فعال اجتماع ّيا‬ ‫خيرتق ال ّزمان‪ ،‬وغايته بقاء األثر املدوّن بصرف النظر عن أهم ّية نقله وتداوله كشكل من‬ ‫أشكال التواصل ولو ّ‬ ‫أن القصد من بقاء األثر هنا ه ّو التداول‪ ,‬بينما نراه اليوم سلوكا خيرتق‬ ‫املكان العتبار الغاية املركزيّة يف فعل التدوين هي النقل والتداول واملشاركة على نطاق واسع‬ ‫جدّا‪.‬‬ ‫والتدوين لغة من ِدوًان يعين الدفرت الذي يكتب فيه أمساء اجليش وأهل العطاء (لسان العرب)‪،‬‬ ‫والداللة الواضحة من االصطالح الّلغوي‪ ،‬ه ّو ّ‬ ‫أن التدوين شكل من أشكال حفظ األثر مهما‬ ‫كان جنسه وبأيّة وسيلة جرى فعله‪ .‬ولقد كان القرآن يف عهد ال ّرسول صّلى اللهّ عليه وسّلم‬ ‫والسالم ‪“ :‬‬ ‫والسعف‪ ،‬جبهود فرديّة‪ ،‬ليكون حمفوظا‪ .‬وقد قال عليه ّ‬ ‫الصالة ّ‬ ‫يدوّن على ال ّرقاع ّ‬ ‫ال تكتبوا عنيّ غري القرآن “‪ .‬واحلفظ (حفظ القرآن) يف سياق احلال هو املراد من التدوين عرب‬ ‫الكتابة‪.‬‬ ‫‪137‬‬

‫مع تط ّور الفكر وتراكم املعرفة‪ ،‬اتسع املعنى ليشمل التجميع والبناء‪ .‬ولقد شهد عهد أبو جعفر‬ ‫ومسي ذلك العصر بعصر التدوين لشروع‬ ‫املنصور‪ ،‬اخلليفة الع ّباسي‪ ،‬هذا ّ‬ ‫الصنف من التدوين‪ّ ،‬‬ ‫الفقهاء يف تدوين العلوم من حديث وفقه ولغة وتفسري وتاريخ‪ ..‬بإرادة ممأسسة‪ ،‬أي بإشراف‬ ‫الدولة مثلما أوضح ذلك حممد عابد اجلابري يف “ تكوين العقل العربي “( اجلابري ‪.)1984‬‬ ‫ومل يقتصر التدوين على التجميع والتصنيف والبناء‪ ،‬إنمّ ا تعدّى ذلك إىل ّ‬ ‫الشرح والبيان‪ .‬ولذلك‬ ‫والسبب راجع إىل تقاطع فعل التجميع‬ ‫تتعدّد القراءات لرتاث فكري وعلمي واحد‪ ،‬وختتلف‪ّ ،‬‬ ‫والتصنيف مع الشرح وإبداء ال ّرأي يف ما يتم مجعه وتصنيفه‪.‬‬ ‫سنوضح‪ ،‬جيمع ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل األصناف اليت سبق ذكرها‪ ،‬من حفظ وجتميع‬ ‫التدوين احلديث‪ ،‬مثلما‬ ‫وبناء وتصنيف‪ ،‬وشرح‪ ،‬بل ّ‬ ‫ظل أيضا‪ ،‬مصدرا ثريّا للتعبئة والدعاية واإلعالن‪ ،‬وهي جماالت‬ ‫وبالصيغة اليت جيري على حنوها التدوين‬ ‫مل خيل منها التدوين التقليدي‪ ،‬ولك ّنها اليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإللكرتوني‪ ،‬ازدادت نتوء يف حضور تقنية متط ّورة مندجمة تتيح التقاء عناصر خمتلفة على‬ ‫قاعدة مشرتكة‪.‬‬ ‫أشكال التدوين األوىل ظهرت يف فرنسا مع مطلع ‪ 1989‬يف حدود شبكة اتصال ّية داخلية عرفت‬ ‫باسم ‪ :‬املينيتال (‪ ،)Minitel‬وهي تقنية اتصالية موصولة باملعلومات ّية تتيح ملستخدميها‬ ‫احملّليني خدمات بريدية واقتصادية وثقاف ّية حمّل ّية‪ ،‬حمدودة إذا ما ّ‬ ‫مت قياسها باخلدمات اليت‬ ‫يتم فيه حتميل النصوص‬ ‫تو ّفرها اإلنرتنت اليوم‪ .‬ولكن التدوين على نطاق أوسع‪ ،‬وعلى حنو ّ‬ ‫والصور وصور الفيديو‪ ،‬ظهر يف الواليات املتحدة األمريك ّية أواخر التسعينات من القرن املاضي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتط ّور جماله باتساع دائرة استخدام شبكة اإلنرتنت ومنو الشركات الناشرة للمدوّنات‬ ‫اإللكرتون ّية مثل بلوغر (‪ ،)Blogger‬وسكايبلوغ (‪ ) Sky Blogger‬وأوفربلوغ (‪)Overblog‬‬ ‫وسيكس أبارت (‪ )Sixapart‬واليت أتاحت توفري قوالب جاهزة الحتضان املدوّنات‪ ،‬قوالب ذات‬ ‫تصاميم متن ّوعة‪ ،‬مرنة االستخدام مرفوقة حبزمة من األدوات تساعد املستخدم على التح ّكم‬ ‫كيفما يشاء يف شكل مدونته ومضمونها‪ ،‬ومت ّكن‪ ،‬يف املقابل‪ ،‬املتص ّفحني للمدوّنة من التفاعل‬ ‫الفوري مع املضامني‪.‬‬ ‫لقد لقيت اخلدمات اليت تو ّفرها هذه الشركات وغريها من الشركات األخرى يف اجملال ذاته‪،‬‬ ‫مما أدى إىل طرح تصاميم جديدة مصحوبة خبصائص متط ّورة‪،‬‬ ‫إقباال كبريا للمدوّنني ّ‬ ‫ومم ّيزات ف ّعالة ضاعفت من أهم ّية التدوين‪ ،‬مثل إمكان ّية األرشفة‪ ،‬وإمكان ّية التصنيف‪،‬‬ ‫وتعديل املوضوعات‪ ،‬وإدراج التعليقات‪ ،‬وإدراج ال ّروابط اإللكرتون ّية املباشرة‪ ،‬وإحصاء ال ّزوار‪،‬‬ ‫وإمكان ّية حجب النصوص أو إتاحة قراءتها للجميع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن جمان ّية اخلدمات يف هذا النطاق‪ ،‬وسهولة استخدام الربامج املعدّة إلحداث املدوّنات‪ ،‬تنّبهنا‬ ‫إىل ظاهرة تنامي ارتفاع عدد املدوّنني ارتفاعا ملحوظا يف حدود زمن ّية وجيزة‪ .‬وتشري بعض‬ ‫‪138‬‬

‫السوق إىل وجود ما يقارب ‪ 27‬مليون مدوّنة شخص ّية يف العامل إىل ح ّد عام ‪2006‬‬ ‫دراسات ّ‬ ‫(‪ .)20‬وهذا عدد كبري العتباره ال جيمع ّ‬ ‫املؤسس ّية اليت‬ ‫كل أصناف املدوّنني‪ ،‬إذ جند املدوّنات ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫تعنى بتطوير مستوى العالقات مع احمليط املباشر واحمليط القريب‪ ،‬وصيانة صورة ّ‬ ‫على املستويني الداخلي واخلارجي‪ ،‬وكذلك املدوّنات التعليم ّية ذات الطابع البيداغوجي‪،‬‬ ‫واملدوّنات اجلمعيات ّية اهلادفة إىل التعريف الفوري واملباشر بأنشطة اجلمعيات وحتقيق تفاعل‬ ‫منتج مع احمليط‪ .‬وهكذا يظل التدوين نشاطا فكريّا اتصال ّيا خيرتق ّ‬ ‫كل اجملتمعات جبميع‬ ‫أطيافها‪ ،‬ولو ّ‬ ‫األهم يف التدوين الشخصي جندها عند فئات الشباب‪ ،‬وقد بلغ عدد‬ ‫أن النسبة‬ ‫ّ‬ ‫املدوّنني الشبان يف فرنسا سنة ‪ 2007‬سبعة ماليني مدوّن (‪.)21‬‬ ‫ول ّكن التدوين‪ ،‬فضال عن ّ‬ ‫كل ذلك‪ ،‬حقيقة اجتماع ّية اتسع حجمها وتزايدت أهم ّيتها لكونها‬ ‫متح ّررة من الضبط واملراقبة إىل ح ّد كبري‪ ،‬وهذا معطى هام يسهم يف الكشف عن واقع‬ ‫الفوضى داخل هذا النظام‪ .‬وإذا سعينا إىل تعريف هذه احلقيقة‪ ،‬حقيقة التدوين‪ ،‬بغاية رصد‬ ‫ألن فعلها ّ‬ ‫أن التعريف ال يستوعبه قول واحد يكشف عن شأنها ّ‬ ‫مستويات الفوضى‪ ،‬جند ّ‬ ‫مركب‬ ‫للغاية‪ّ .‬‬ ‫إن تعريفها أمر مزعج كماه ّو احلال يف تعريف الثقافة أو يف تعريف االتصال‪ .‬وحتى‬ ‫ّ‬ ‫الصعوبة يف تقديم تعريف دقيق للتدوين‪ ،‬نقول إنه جزء من العمل ّيات الفكريّة‪،‬‬ ‫نتجاوز هذه ّ‬ ‫السارية يف احمليط‬ ‫املع ّقدة‪ ،‬املرتاصة لدى اإلنسان‪ ،‬وجزء من ردود فعله‪ ،‬وانفعاالته إزاء األحداث ّ‬ ‫مما جيري يف حلقات التواصل بني األفراد واجلماعات‪،‬‬ ‫اإلجتماعي والطبيعي‪ ،‬وهو كذلك جزء ّ‬ ‫يتم تبادله من أفكار وآراء عرب وسائل االتصال التقليدي‪ ،‬وجزء من الضوضاء‬ ‫وجزء ّ‬ ‫مما ّ‬ ‫الثقاف ّية اليت تصيب احلقائق يف اجملتمع‪ ،‬ه ّو جزء من احلقيقة وجزء من الكذب‪ .‬هو أيضا جزء‬ ‫من اخلطاب الذي يدور حول عمل وسائل اإلعالم وتأثريها يف اجملتمع‪ ..‬فالتدوين يف نهاية‬ ‫املطاف ه ّو ّ‬ ‫كل هذه األجزاء جمتمعة بعضها مع بعض‪ ،‬تغذيها أحيانا رغبة شديدة يف احلديث‬ ‫عن الذات وأخرى يف احلديث عن اآلخرين‪ ،‬رغبة متح ّررة من ّ‬ ‫كل أشكال ال ّرقابة‪ ،‬وقد يكون‬ ‫التدوين بالنسبة إىل الكثري من األفراد شكال من أشكال حتقيق الذات‪ ،‬ونشاطا فكريّا حي ّقق‬ ‫انتصار الفرد على النماذج اخلط ّية لالتصال‪.‬‬ ‫ماذا يعين التقاء ّ‬ ‫كل هذه العناصر بعضها ببعض على الشبكة ؟ ال ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫أن يف ذلك ثراء‬ ‫كبريا للمعلومات وتراكما متزايدا للمعرفة‪ ،‬وقد ارتبطت‪ ،‬يف عصرنا العمليات االقتصاديّة‬ ‫والسياس ّية‪ ،‬وإدارة النشاط والعمل‪ ،‬ارتبطت ارتباطا ال فكاك منه باملعلومة بوصفها‬ ‫والعلم ّية ّ‬ ‫املتخصصة‪،‬‬ ‫الطاقة اجلديدة احمل ّركة للتنمية‪ .‬ولقد بدأت تزدهر على الشبكة املدوّنات‬ ‫ّ‬ ‫مثل املدوّنات الطب ّية واهلندس ّية وال ّرياض ّية واالقتصاديّة‪ ،‬والبيئ ّية‪ ،‬واإلعالم ّية‪ ،‬والدين ّية‪،‬‬ ‫واللسان ّية‪ ،‬والقضائ ّية‪ ،‬والقائمة تطول لتشمل شتى فروع املعرفة‪ ،‬وهي مدوّنات حمصورة‬ ‫ختصصات أصحابها‪ ،‬ومواكبة لنسق تط ّور البحث العلمي(‪ ،)22‬وش ّكلت بذلك نظاما‬ ‫كّليا يف ّ‬ ‫عشائريا مندجما‪ ،‬بات مي ّثل إطارا مرجع ّيا للدارسني والباحثني‪ ،‬وكذلك للطالب يف املدارس‬ ‫واجلامعات‪.‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪4 .4‬من الواب السيميائي إلى الواب االجتماعي‬ ‫لئن اتسم فلك التدوين بظهور العشائر العلم ّية الفاعلة اليوم يف املنظومة التعليم ّية‪ّ ،‬‬ ‫فإن لذلك‬ ‫أسبابا موضوع ّية تقتضي النظر العميق مبا أن العالقة مع املعرفة قد تغيرّ ت‪ .‬وأبرزهذه األسباب‬ ‫يتم ّثل يف سعي العلماء والباحثني واملفكرين والدّارسني إىل حتقيق ما نسم ّيه باحلضور ال ّرقمي‬ ‫الذي ّ‬ ‫“يؤكد” الوجود الفعلي ألرباب العلم ومنتجي املعرفة‪ ،‬فالوجود ه ّو وجود رقمي‪ ّ،‬ومن ال‬ ‫حضور له اليوم على الشبكة‪ ،‬ال وجود له رمزيّا‪ ..‬وينقسم البشر يف معجم النظام ال ّرقمي اجلديد‬ ‫إىل قسمني‪ :‬قسم الفئات التناظريّة (‪ ،)Les etres analogiques‬وقسم الفئات ال ّرقم ّية(‪Les‬‬ ‫‪.)etres numeriques‬فأماّ الفئات التناظريّة فهي اليت ال متلك حضورا ّما على الشبكة‪،‬‬ ‫وأما الفئات ال ّرقم ّية‪ ،‬فهي اليت عبرّ نا عنها يف غري‬ ‫وتستم ّر يف تكريس أمناط التواصل التقليدي‪ّ .‬‬ ‫هذا السياق بالفئات املندجمة اليت حت ّقق حضورها الفعلي من حضورها االفرتاضي يف وجودها‬ ‫على الشبكة‪ .‬ويفيد هذا التقسيم اخنراط العامل يف منظومة جديدة للتفكري واإلنتاج والتواصل‬ ‫جتعل من الوجود ال ّرقمي اخلاص ّية األوىل للوجود بشكل عامّ‪.‬‬ ‫السياسي واالقتصادي‪ ،‬وهي مساحات ال‬ ‫إىل جانب املدوّنات العلم ّية‪ ،‬توجد مدوّنات التسويق ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقل أهم ّية عن سابقتها‪ ،‬بل جندها أكثر تغلغال وتأثريا يف توجيه ال ّرأي وصناعة القرار‪ .‬وقد‬ ‫كشفت االنتخابات ال ّرئاس ّية األمريك ّية األخرية (نوفمرب ‪ )2008‬فعال ّية الشبكات االجتماع ّية‬ ‫على اإلنرتنت واملدوّنات يف امل ّد من شعب ّية باراك أوباما‪ ،‬وب ّينت أن شبكات البث الكربى يف العامل‪،‬‬ ‫واليت ال تزال حتظى باهتمام اجلماهري ( ‪ )23‬مثل تايم وارنر‪ )Time Warner( ،‬أو سي آن آن‪،‬‬ ‫(‪ )CNN‬أو أي بي سي‪ )ABC( ،‬مل متنع فعل التدوين من اختاذ منحى تعبويّا مجاهرييّا على‬ ‫مستوى استقطاب اهتمام خمتلف الفئات االجتماع ّية‪ ،‬بل ّ‬ ‫إن باراك أوباما اختذ من الشبكات‬ ‫االجتماع ّية مثل فايس بوك‪ )Facebook( ،‬و ماي سبايس (‪ )myspace‬ومن املدوّنات‪ ،‬اختذ‬ ‫“السالح اخلفي” إلجناح محلته االنتخاب ّية‪ ،‬والفوز بال ّرئاسة‪ ،‬إميانا منه ّ‬ ‫بأن التأثري يف‬ ‫منها ّ‬ ‫اجلماهري‪ ،‬إنمّ ا يتح ّقق عرب شبكة اإلنرتنت خصوصا يف جمتمع مثل اجملتمع األمريكي حيث‬ ‫ارتفاع نسب املستخدمني لإلنرتنت‪ ،‬وقد ّ‬ ‫مت يف ‪ ،2007‬إحصاء ‪ 22،7‬مليون مستخدم لـ ‪ :‬فايس‬ ‫بوك (‪ ، )Facebook‬وهذا رقم يعرب عن تزايد أهم ّية اإلنرتنت يف حياة الناس بشكل عام‪،‬‬ ‫وتفيد بعض الدراسات أ ّنه يتم إنشاء ‪ 120.000‬ألف مدوّنة يف العامل يوم ّيا(‪ .)24‬وأمام هذه‬ ‫واملؤسسات‬ ‫األهم ّية البالغة للمدوّنات‪ ،‬شرعت بعض قوى الظغط‪ ،‬واجلمعيات واألحزاب‬ ‫ّ‬ ‫مبختلف فئاتها‪ ،‬يف العديد من اجملتمعات‪ ،‬شرعت يف جتربة املدوّنات‪ ،‬لتحقيق مستويات من‬ ‫التفاعل مع احمليط‪ ،‬مستويات مشحونة بروح تواصل ّية اجتماع ّية أكثر أنسنة‪ ،‬على غرار ما‬ ‫حيدث يف مستوى املدوّنات الشخص ّية‪ ،‬وكذلك لضمان حسن سري العمل داخل ّيا وخارج ّيا‪،‬‬ ‫املؤسسة بالقدر الذي يضمن تط ّورها‪ .‬وجند ّ‬ ‫مؤسسات كربى مثل إي بي‬ ‫أن ّ‬ ‫وصيانة صورة ّ‬ ‫آم (‪ )IBM‬و غوغل (‪ )Google‬وبوينغ (‪ )Boeing‬و جنرال موتورز (‪، )General Motors‬‬ ‫قد بدأت جتربة التدوين ملا يف ذلك من فعال ّية يف التواصل وجدوى يف حتقيق احلضور املتم ّيز‬ ‫‪140‬‬

‫لدى العمالء‪.‬‬ ‫يبدو جل ّيا‪ ،‬يف ضوء ما تقدّم‪ّ ،‬‬ ‫السائد الذي يعترب املدوّنات‬ ‫أن فعل التدوين‪ ،‬قد ختّلص من الفكر ّ‬ ‫املهمشني يف اجملتمع واملظطهدين سياس ّيا‪ ،‬ليتجلى كأداة هلا القدرة على التعبئة‬ ‫ركيزة ّ‬ ‫والتأثري(‪ ،)25‬على ّ‬ ‫السائد‪ ،‬من وجهة نظر سوسيولوج ّية‪ ،‬ه ّو األصل يف منح‬ ‫أن هذا الفكر ّ‬ ‫التدوين األهمية اليت حيظى بها اليوم‪ .‬ونصل عند هذا احل ّد إىل موطن النتوء يف النشاط‬ ‫التدويين واملتم ّثل يف املدوّنات الشخص ّية‪.‬‬ ‫تتم ّثل منطلقات التدوين ّ‬ ‫الشخصي يف ّ‬ ‫أن غاية املدوّن أن ينخرط يف جمتمع افرتاضي‪ ،‬وأن يعبرّ‬ ‫عن أفكار أو أحاسيس أو مواقف وآراء‪ ،‬ما كان له أن يعبرّ عنها‪ ،‬بالنفاذ الذي حت ّققه اليوم‪ ،‬لوال‬ ‫اهلندسة اجلديدة لـ ‪ :‬الواب (‪ )Web‬الواردة حتت اسم ‪( :‬واب ‪ .)Web 2.0( )2.0‬وهي اهلندسة‬ ‫السيميائي الغارق يف املضامني إىل مداره االجتماعي العالئقي‪،‬‬ ‫اليت ح ّولت الواب من مداره ّ‬ ‫املزدهر بالتفاعالت واالنفعاالت مع ما يتم استثماره من مضامني وخدمات ال حصر هلا‪ ،‬وهي‬ ‫كذلك اهلندسة اليت منحت الفرد ق ّوة التح ّكم يف املضمون الذي يب ّثه واملضمون الذي يستقبله‪،‬‬ ‫واملهم يف هذه‬ ‫الصاحلة للتواصل واالندماج عرب زراعة األفكار واألحاسيس‪،‬‬ ‫وه ّيأت له الرتبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزراعة‪ ،‬وكما أسلفنا تبيانه‪ ،‬حت ّررها من ال ّرقابة‪ ،‬وخل ّوها من القواعد والقيود‪ ،‬ألن املدوّن‪،‬‬ ‫وبأي أسلوب‪ ،‬إنمّ ا يصرف نظره عن ّ‬ ‫يف مباشرته للتدوين‪ ،‬ال يبحث كيف يدوّن‪ّ ،‬‬ ‫كل إجراء‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫لغويّا كان‪ ،‬أو منهج ّيا‪ ،‬أو فن ّيا‪ ،‬وبذلك ترد املدوّنات يف أنسجة متكاثرة إىل ح ّد اعتبار ّ‬ ‫كل‬ ‫ما خيطر ببال الفرد ه ّو مادة “صاحلة “ للتدوين‪ ،‬وبالتلي للتواصل والتبادل‪ .‬فالتدوين على‬ ‫النطاق الشخصي باخلصوص‪ ،‬ال يستق ّر على جنس معني من واألفكار واألطروحات‪ ،‬فنجد‬ ‫ممن‬ ‫املدوّنات‬ ‫السياسة والدين واالقتصاد ّ‬ ‫ّ‬ ‫املهتمة بألوان األدب‪ ،‬واملدوّنات الغارقة يف شؤون ّ‬ ‫وممن ال جييدون‪ ،‬واملدوّنات اإلخباريّة‪ ،‬الواصفة‪ ،‬الناقدة ألحوال‬ ‫جييدون التحليل والتحرير ّ‬ ‫ّ‬ ‫وممن ال يدركون ‪ ،‬واملدوّنات الناقلة للتجارب‬ ‫ممن يدركون ماهية اإلخبار ّ‬ ‫الناس واجملتمع ّ‬ ‫واحلسية‪،‬‬ ‫حمصلة التجارب املاديّة‪،‬‬ ‫الشخص ّية‪ ...‬واألصناف كثرية وهي‪ ،‬كما ذكرنا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والثقاف ّية للفرد‪.‬‬ ‫هكذا غدا مشهد التدوين فضاء للتعبري والتفاعل املتزايد وسط جغرافيا اجتماع ّية متعدّدة‬ ‫املواقع والثقافات‪ ،‬وجماال نشطا لتحقيق األرباح وبسط النفوذ(‪ )26‬يلتقي يف حدوده العامل‬ ‫وعامة الناس مبختلف مراتبهم التعليم ّية‬ ‫والسياسي وطالب العلم‪ّ ...‬‬ ‫واملفكر والباحث واخلبري ّ‬ ‫والتكوين ّية‪ .‬وأبرز املستخلصات يف هذا املضمار‪ّ ،،‬‬ ‫أن التدوين‪ ،‬كسائر األنشطة ال ّرقم ّية األخرى‬ ‫بالصحة‪،‬‬ ‫اجلارية على شبكة اإلنرتنت‪ ،‬هو أيضا فضاء املفارقات املثرية‪ ،‬ميتزج فيه الكذب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكأن مبا حيدث من مفارقات‪،‬‬ ‫والغش بالنصيحة‪..‬‬ ‫بالصواب‪،‬‬ ‫بالصدق‪ ،‬والتحريف ّ‬ ‫واالفرتاء ّ‬ ‫نسق مفروض على الشبكة (‪.)27‬‬ ‫‪141‬‬

‫‪5 .5‬الزّمن الميدياتيكي‬ ‫إن التقاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل هذه األجناس على الشبكة‪ ،‬جبميع مفارقاتها‪ ،‬يعين كذلك اختاذها سرعة‬ ‫التح ّول ذاتها املعتمدة يف االتصال اجلماهريي لنقل ال ّرسائل واملضامني‪ ،‬وقد حدّدنا ماهيتها‬ ‫السياق(‪ )28‬وب ّينا ّ‬ ‫أن ملضامني اإلعالم‪ ،‬كما لألجسام‪ ،‬سرعة حت ّول ميكن‬ ‫وأصنافها يف غري هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫السرعة اللحظ ّية( ( ‪nvitesse insta‬‬ ‫قياسها باملعنى ال ّرياضي للكلمة‪ ،‬وهي سرعة تراوح بني ّ‬ ‫‪ )tanee‬وسرعة ّ‬ ‫الطواف (‪ .)vitesse de croisiere‬ومراتب التأثري إنمّ ا تتح ّقق وفقا لطبيعة‬ ‫السرعة اليت يتخذها املضمون اإلعالمي وهي اليت حيدّدها القائمون باالتصال‪ .‬ونرى اليوم ّ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من اخلصائص البارزة لإلنرتنت‪ ،‬خصائص مل تستوعبها حبوث اإلعالم العرب ّية‪ ،‬تتجلى يف قيام‬ ‫السرعة الّلحظ ّية‪ ،‬وسرعة ّ‬ ‫الطواف‪،‬‬ ‫نظام اإلنرتنت‪ ،‬على معادلة زمن ّية جتمع يف الوقت ذاته‪ّ ،‬‬ ‫وهذا ما عبرّ عنه البعض بال ّزمن العاملي الذي ه ّو مبثابة ال ّزمن العابر “ للحدود بني القا ّرات‬ ‫الصور‬ ‫واجملتمعات والّلغات عرب طرقات اإلعالم املتعدّد وشبكات االتصال الفوري اليت تنقل ّ‬ ‫أي نقطة يف األرض إىل ّ‬ ‫بالسرعة القصوى من ّ‬ ‫أي نقطة أخرى‪.)29( ”..‬‬ ‫وال ّرسائل والعالمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويقابل هذا الزمن‪ ،‬يف منظرورنا‪ ،‬ما أمسيناه بالزمن امليدياتيكي (‪،)temps mediatique‬‬ ‫املتش ّكل يف عصرنا من تقاطع ال ّزمن الّلحظي وزمن ّ‬ ‫الطواف‪ .‬وصورة ذلك ه ّو ّ‬ ‫أن حياة الفرد‬ ‫اليوم ظّلت متصلة اتصاال ال فكاك منه بوسائل اإلعالم واالتصال اإللكرتون ّية إىل ح ّد تف ّكك‬ ‫ال ّروابط احلميم ّية األسريّة واالجتماع ّية األخرى اليت‪ ،‬ساد االعتقاد‪ ،‬مع ظهور التلفزيون‪،‬‬ ‫أ ّنها بالفعل قد بدأت يف التالشي‪ .‬فوسائط اإلعالم واالتصال املوغلة ّ يف التط ّور والتغيرّ ‪ ،‬بدأت‬ ‫تغمر ّ‬ ‫كل حياتنا من دون استثناء‪ ،‬وباتت متثل اجملال النشط الذي تتش ّكل منه حياة الفرد‬ ‫واجملتمع‪ .‬لقد اتاحت تقنيات االتصال احلديثة لإلنسان جماال أرحب للتفكري‪ ،‬ولإلنتاج‪،‬‬ ‫بالصورة اليت‬ ‫وللتبادل‪ ،‬ولإلبداع‪ ،‬وللتواصل‪ ...‬ومل يكن هذا متاحا يف حضور الوسائل التقليديّة ّ‬ ‫نشهدها اليوم‪ .‬إ ّننا نعيش منظومة جديدة نصنع من خالهلا زمنا جديدا‪ ،‬ه ّو زمن الوسائط‬ ‫اإلعالم ّية واالتصال ّية‪ .‬فالزمن امليدياتيكي ه ّو الزمن الذي حن ّققه يف صالتنا املستم ّرة مع‬ ‫وسائل اإلعالم واالتصال بوصفنا أفرادا اجتماعييني وال يعدو أن يكون زمنا وسائط ّيا العتمادنا‪،‬‬ ‫يف اإلنتاج والتفكري والتواصل والتفاعل‪ ،‬على تقنيات اإلعالم واالتصال‪ .‬ال ّزمن امليدياتيكي ه ّو‬ ‫كذلك ال ّزمن الذي حيتضن ميول األفراد واجتاهاتهم بوصفهم متابعني‪ ،‬مستهلكني ومنتجني‬ ‫للصناعات اإلعالم ّية املتد ّفقة بأقدار مل يشهدها تاريخ صناعة املضامني‪ّ .‬‬ ‫كل جمتمع ينتج‬ ‫ّ‬ ‫مت ّثله للزمن من خالل خمتلف األنشطة اليت يقوم بها‪ .‬يف املقابل كل جمتمع تقوده منظومة‬ ‫القيم امليدياتيك ّية إىل بناء مت ّثله لل ّزمن‪ .‬وإذا أردنا أن نفهم طبائع جمتمع ّما‪ ،‬ينبغي أن ندرس‬ ‫أنشطته يف الزمن الذي يعيشه‪ .‬جمتمعنا اليوم جيوز أن نفهمه أكثر عندما حن ّقق يف األنشطة‬ ‫السياق‪ ،‬هو صلة‬ ‫اليت تؤ ّثث أوقاته وندرس الفعل الذي حي ّققه‪ .‬والفعل يف تقديرنا‪ ،‬ضمن هذا ّ‬ ‫اجملتمع بوسائط عصره‪.‬‬ ‫أن تسلك املدوّنات واملواقع اإللكرتون ّية جبميع أنواعها وخصائصها املسالك املعتمدة يف االتصال‬ ‫‪142‬‬

‫بالسرعة املشار إليها‪ّ ،‬‬ ‫تظل ضربا من ضروب االتصال اجلماهريي‪ ،‬بصرف‬ ‫اجلماهريي‪ ،‬وتتح ّول ّ‬ ‫متخصصني وف ّنيني ومبدعني لبناء‬ ‫الصنف من االتصال يستدعي وجود‬ ‫ّ‬ ‫النظر عن كون هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّرسائل اإلعالم ّية وصناعات املضمون‪ .‬فاإلعالم اجلديد الذي احتل مراتب بارزة يف التفكري‪،‬‬ ‫يف العديد من فروع املعرفة‪ ،‬ميكن عدّه نظاما اتصال ّيا ّ‬ ‫مركبا‪ ،‬مؤ ّلفا من إمكانات فائقة على‬ ‫التأثري مل يشهدها النظام القديم لالتصال اجلماهريي‪ ،‬وهو حممول على أ ّنه البديل للنظام‬ ‫السابق‪ ،‬بل ّ‬ ‫إن النظام السابق مل يعد ميلك أدوات احلسم يف القضايا املصرييّة الكربى‪ ،‬خصوصا‬ ‫ّ‬ ‫يف الدميقراطيات الليبريال ّية‪ ،‬وقد أثبتت االنتخابات ال ّرئاس ّية األمريك ّية األخرية (انتخابات‬ ‫أكتوبر‪ )2008‬جناعة املدوّنات والشبكات االجتماع ّية يف تغيري الفكر االنتخابي‪ ،‬وتغيري املشهد‬ ‫السياسي يف الواليات املتحدة األمريك ّية‪ّ ،‬‬ ‫السياس ّية‬ ‫السؤال الذي يطرح اليوم يف األوساط ّ‬ ‫ألن ّ‬ ‫ّ‬ ‫واالقتصاديّة‪ ،‬يف العامل‪ ،‬ال يتم ّثل يف كيف ّية بناء ال ّرسالة اإلعالم ّية لبلوغ األهداف‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يتعّلق باختيار التكنولوجيا اليت حت ّقق الفوز واالنتصار‪ .‬ولقد راهن ّ‬ ‫املرشح الدميوقراطي باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬يف محلته االنتخاب ّية‪ ،‬على تكنولوجيا غيرّ ت من هندسة الواب ومن تضاريس اإلنرتنت‪،‬‬ ‫ما ح ّوهلا إىل ظاهرة اجتماع ّية بارتفاع عدد مستخدميها‪ ..‬ومت ّكن من رفع حتدّي مثري مت ّثل يف‬ ‫مجع أكثر من مليون دوالر يف دقيقة واحدة عرب الشبكات االجتماع ّية (‪ ،)30‬فضال عن كونه‬ ‫فاز يف االنتخابات‪ .‬والدّاللة البارزة يف مثال احلال‪ ،‬ه ّو ّ‬ ‫أن اإلنرتنت مبختلف أنسجتها ال تعمل‬ ‫السرعة اخلط ّية‪ ،‬إنمّ ا األصل يف التش ّكل اجلديد الذي حتدثه يعود لكونها فضاء تواصل ّيا‬ ‫بفعل ّ‬ ‫تفاعل ّيا تسيرّ ه سرعتان متالزمتان ‪ :‬سرعة طواف يعمل بها نظام اإلحبار يف الشبكة‪ ،‬وسرعة‬ ‫حلظ ّية تعمل بها وترية اإلحبار‪ ،‬واإلنرتنت إنمّ ا تستم ّد سلطانها الذي جعل منها ثورة حقيق ّية‬ ‫من تقاطع ال ّزمنني املشار إليهما‪.‬‬ ‫تأسست حقيقة ما يعرف بصحافة الفرد أو صحافة‬ ‫يف ضوء هذه املعادلة ال ّزمن ّية املزدوجة ّ‬ ‫املواطن‪ ،‬وهو ّ‬ ‫الشكل اإلعالمي واالتصالي املنبثق عن التدوين‪ ،‬لتنفرد إىل ح ّد بعيد بأسلوب‬ ‫جديد يف إنتاج ال ّرسائل واملضامني‪ ،‬ذلك ّ‬ ‫أن األفراد االجتماعيني أصبح بإمكانهم حتميل‬ ‫ّ‬ ‫بالسرعة‬ ‫تفاعالتهم‪ ،‬وإنتاجهم الفكري‪ ،‬وإبداعهم‪ ،‬وخرباتهم‪ ،‬املعادلة الزمن ّية اليت عبرّ نا عنها ّ‬ ‫الّلحظ ّية وسرعة ّ‬ ‫الطواف يف حدود شبكة األنرتنت‪ ،‬ومتى تو ّفر للمضامني هذا املعطى يف سرعة‬ ‫االنتشار والتغلغل‪ ،‬كانت نافذة وحمدثة للتأثري‪ .‬فكّلما ازدات سرعة االنتشار والتغلغل كانت‬ ‫مهمة‪.‬‬ ‫دوائر التأثري ّ‬ ‫لقد كانت هذه املعادلة ال ّزمن ّية اليت فرضتها تكنولوجيا رقم ّية متط ّورة‪ ،‬أساس ظهور صحافة‬ ‫للصورة‪،)blogtrotters( ،‬‬ ‫املواطن‪ ،‬ومنحت املدوّن صفة الصحفي‪ ،‬والصحفي املخرب الناقل ّ‬ ‫وظّلت مبقتضى ذلك املدوّنات ومواقع الواب ومنتديات احلوار‪ ..‬الوسط اجلديد لصناعات‬ ‫املضمون‪ ،‬الذي وضع حدّا لنماذج اإلعالم واالتصال اخلط ّية‪ ،‬وج ّرد املضامني من مناهج البناء‬ ‫فالصحفي‪ ،‬ضمن هذا الوسط الذي حي ّرك العامل‪ ،‬ال يلتزم بقواعد‬ ‫(بناء املعنى) وقواعده‪ّ .‬‬ ‫صحف ّية يف نقل األخبار وحتليلها‪ ،‬وال يتق ّيد بالقوانني اليت تسيرّ الّلغة‪ ،‬بقدر ما يلتحم بالوجه‬ ‫‪143‬‬

‫الوظيفي هلذه الّلغة ليبلغ مراتب يف التعبري والكشف عن مادة الفكر‪ ،‬فضال عن كونه متح ّررا‬ ‫الصحف ّية‪ ،‬والضغوط‬ ‫من متطّلبات الضغوط اليت يفرضها عنصرا ال ّزمن واملساحة يف األعمال ّ‬ ‫املهن ّية األخرى مبا يف ذلك أخالقيات املهنة وال ّرقابة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن من عوامل جتذير هذا املفهوم‪ ،‬مفهوم صحافة املواطن‪ ،‬يف األوساط االجتماع ّية باخلصوص‪،‬‬ ‫تتجسد فيه احلقائق اليت ال جيرأ‬ ‫ه ّو اعتبارها انتصارا على مأسسة اإلعالم واالتصال‪ ،‬وجماال‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالم التقليدي على عرضها وطرحها‪ ،‬وشكال من أشكال االهتمام باحمليط القريب املباشر‬ ‫املعروف يف أدبيات اإلعالم بإعالم القرب‪ .‬ولقد أربك هذا االعتبار سياسات التحرير والربامج‪،‬‬ ‫خاص‪ ،‬إذ برز اهتمام‬ ‫وترتيب األولويّات‪ ،‬يف مستوى اإلعالم التقليدي‪ ،‬التلفزيوني على وجه ّ‬ ‫ملحوظ خالل السنوات األخرية مبشاغل اجملتمع وانتظارات األفراد االجتماعيني‪ ،‬اهتمام‬ ‫جتسد بوضوح يف الرتكيز على اكتساب‬ ‫يرتمجه ّ‬ ‫توجه جديد يف عقلنة العمل اإلعالمي‪ّ ،‬‬ ‫أسس الربجمة اإلذاع ّية والتلفزيون ّية وأساليبها العلم ّية‪ ،‬والعمل بقوانني إعالم القرب كما‬ ‫وصفتها أدب ّيات اإلعالم واالتصال‪ .‬وإذا نظرنا لطبيعة اإلرباك كما حتدث اليوم يف العديد‬ ‫من اجملتمعات اللبريال ّية واحملافظة‪ )31(،‬ندرك مدى عمق النشاط التواصلي لصحافة املواطن‬ ‫السلطة‬ ‫وأثره يف توجيه ال ّرأي وبنائه على حنو جيعل من هذه “ الصحافة” سلطة تهدّد ّ‬ ‫الصنفني‪ ،‬فإ ّننا‬ ‫التقليديّة لإلعالم ال ّرمسي واملمأسس‪ّ .‬‬ ‫أما إذا نظرنا إىل طبيعة التعايش بني ّ‬ ‫جندها ختتلف باختالف األنظمة السياس ّية والثقاف ّية‪ .‬ففي الدمقراطيات الليربال ّية‪ ،‬تعمل‬ ‫صحافة املواطن عادة على إعادة ترتيب األولويّات‪ ،‬إذ حتدّد يف صدارة االهتمامات ّ‬ ‫كل القضايا‬ ‫تأجلت معاجلتها من قبل وسائل اإلعالم ال ّرمسي أو املمأسس‪ ،‬فصحافة املواطن‪،‬‬ ‫اليت تأخرت أو ّ‬ ‫يف هذه احلالة تعيد إنتاج ما يعرف يف نظريات اإلعالم بـ “ وضع األجندة “ (ماكسوال ‪،)1972‬‬ ‫السائرة يف طريق النم ّو تعمل على طرح القضايا اليت أقصيت من‬ ‫يف حني جندها يف البلدان ّ‬ ‫املؤسسة اإلعالم ّية أو‬ ‫دوائر اهتمام اإلعالم ال ّرمسي العتبارها قضايا ال تنسجم مع سياسة ّ‬ ‫فيتم إدراجها‪ ،‬واالعتناء مبعاجلتها‪ ،‬يف مستوى التدوين‪ ،‬على أساس‬ ‫مؤسسة الدولة ّ‬ ‫وتوجهاتها‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يسمى يف نظريات‬ ‫أ ّنها قضايا اجملتمع احلقيق ّية‪ ،‬وصحافة املواطن يف هذه احلالة‪ّ ،‬‬ ‫تفجر ما ّ‬ ‫الصمت “ (أليزابيث نيومان ‪ )32( ،)1974‬فيطفو على السطح رصيد‬ ‫اإلعالم بـ ‪ “ :‬دوّامة ّ‬ ‫السياسة اإلعالم ّية‪ .‬وهكذا يتخذ مفهوم صحافة املواطن مدلوالت خمتلفة‬ ‫املسكوت عنه يف ّ‬ ‫والسياسي‪.‬‬ ‫الثقايف‬ ‫السياق‬ ‫ّ‬ ‫باختالف ّ‬

‫‪144‬‬

‫‪6 .6‬اإلعالم الجديد‪ ،‬من تأثير الضبط إلى تأثير االستقطاب‬ ‫إ ّننا بالذي عرضناه يف أمر التدوين وصحافة املواطن نتساءل اآلن هل من اجلائز اعتبار‬ ‫الصحف ّية واخلالية من‬ ‫هذه األجناس االتصال ّية املتطهّرة من الضوابط الّلغويّة والقواعد ّ‬ ‫اسرتاتيجيات مبن ّية‪ ،‬هل جيوز اعتبارها إعالما باملعنى الذي تشرتطه االفرتاضات النظريّة‬ ‫ملفهوم لإلعالم‪ .‬وهل ّ‬ ‫كل من يكتب اليوم على صفحات الواب يع ّد صحف ّيا باملفهومني‪،‬‬ ‫واملؤسسي للعبارة‪ّ .‬‬ ‫الصحفي احلقيقي إذا سّلمنا‬ ‫األكادميي‬ ‫أي مفهوم لإلعالم اليوم‪ ،‬ومن ه ّو ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحفي‪.‬‬ ‫بوجود حقيقة ثابتة‪ -‬متح ّولة ملفهوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن املفهوم املتداول لإلعالم‪ ،‬يف األوساط األكادمي ّية‪ ،‬والذي ساد طيلة عقود‪ ،‬ملّا ظهرت أوىل‬ ‫املقاربات اإلعالم ّية واالتصال ّية خالل النصف األوّل من القرن العشرين (‪ ،)33‬ه ّو الذي أبرزه‬ ‫بيار ألبار (‪ّ ،)34‬‬ ‫وخلصه يف حدود األبعاد املمكنة لتحقيق االتصال اجلماهريي‪ .‬فاإلعالم قد‬ ‫والسمع ّية املرئ ّية‪ ،‬اليت تنتجها وكاالت‬ ‫يعين‪ ،‬يف الوقت ذاته‪ ،‬املضامني ّ‬ ‫الصحف ّية املكتوبة منها ّ‬ ‫األنباء‪ٍّ ،‬‬ ‫ومؤسسات اإلذاعة والتلفزيون‪ ،‬ويعين كذلك البنية التحت ّية‬ ‫واملؤسسات الصحف ّية‬ ‫ّ‬ ‫املؤ ّلفة من املعدّات التقن ّية والتجهيزات األساس ّية املعتمدة يف صناعة املضامني وب ّثها‪ .‬فالفعل‬ ‫اإلعالمي من هذا املنظور‪ ،‬ه ّو الفعل الذي يتح ّقق يف وجود بنية حتت ّية أساس ّية‪ ،‬واسرتاتيج ّية‬ ‫مبن ّية وسياسة حترير واضحة اخلطوط‪ .‬والفاعل‪ ،‬يف هذا املضمار‪ ،‬ه ّو نظام (‪)system‬‬ ‫والصحفي‪ ،‬يف أدائه لوظيفته‪ ،‬إنمّ ا مي ّثل عنصرا من عناصر‬ ‫املؤسسة اإلعالم ّية‪ّ .‬‬ ‫متكامل‪ ،‬امسه ّ‬ ‫النظام‪ ،‬حيمل هويّة ال ّنظام ويلتزم بسياسته‪ ،‬فضال عن كون عمله حمكوما حبزمة من القواعد‬ ‫املتخصصني يف اإلعالم‪.‬‬ ‫والضوابط‪ ،‬يكتسبها اإلعالميون عادة عرب مراحل التكوين والتدريب‬ ‫ّ‬ ‫يتكشف إالّ‬ ‫الصحافة أو اإلعالم على ح ّد سواء‪ ،‬ال ّ‬ ‫السياق ّ‬ ‫أن ما حيدّد مفهوم ّ‬ ‫واحلاصل يف هذا ّ‬ ‫واملتخصصني يف‬ ‫والسياسة اإلعالم ّية املعتمدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بوجود جذع كّلي جيمع القاعدة التكنولوج ّية‪ّ ،‬‬ ‫اجملال من ف ّنيني وتقنيني وحم ّررين وإداريني‪ .‬وانطالقا من هذا االعتبار‪ ،‬ال يكتمل تش ّكل البيئة‬ ‫الصحف ّية إ ّ‬ ‫ال عند تقاطع العناصر املذكورة‪.‬‬ ‫اإلعالم ّية أو ّ‬ ‫كما ّ‬ ‫أن املفهوم املتداول أكادمي ّيا ومهن ّيا لل ّرسالة اإلعالم ّية يستدعي التقاء خصائص معرف ّية‬ ‫وأخرى أخالق ّية متنح صناعة ال ّرسائل واملضامني بعدها اإلعالمي احلقيقي‪.‬‬ ‫يف أمر اخلصائص املعرف ّية تتفق أدبيات اإلعالم واالتصال( (‪ )35‬على ّ‬ ‫أن اآلن ّية‪aInstant ( ،‬‬ ‫‪ )neite‬واستبعاد احلدوث أو ال احتمال ّية (‪ ،)Improbabilite‬وال ّرهان (‪ ،)Enjeu‬واملالءمة‬ ‫عامة‪.‬‬ ‫(‪ ،)Pertinence‬عناصر مك ّونة لقاعدة مركزيّة يقوم عليها البناء اإلعالمي بصورة ّ‬ ‫فال ّرسالة اإلعالمية‪ ،‬مهما كان جنسها‪ ،‬ال خيلو تش ّكلها من هذه العناصر األساس ّية يف تغذية‬ ‫ثم ّ‬ ‫إن هذه ال ّرسائل ختضع إىل قوالب أو ما يعرف يف بعض األوساط‬ ‫جدل ّية التأثري والتأ ّثر‪ّ .‬‬ ‫أن ّ‬ ‫الصحف ّية‪ .‬وصورة ذلك ه ّو ّ‬ ‫كل صنف من أصناف التحرير‬ ‫األكادمي ّية باألجناس ّ‬ ‫‪145‬‬

‫الصحفي أو التحرير اإلذاعي والتلفزيوني إنمّ ا يتق ّيد بضوابط يف الكتابة ت ّتخذ منحى حتليلي‬ ‫ّ‬ ‫وتفسريي أو حتقيقي‪ ،‬أو سردي أو نقدي‪ ،‬أو تقريري‪ ،‬تؤول يف النهاية إىل إبراز جنس إعالمي‬ ‫الصحف ّية أو اإلذاع ّية‪ ،‬أو التحقيق أو التقرير اإلخباري‪ ،‬أو التعليق أو مقال‬ ‫بعينه مثل املقابلة ّ‬ ‫ال ّرأي‪ ...‬وحيدث أن تتشابك هذه القوالب يف املوضوع الواحد إذ تنربي ال ّرسالة اإلعالم ّية مزجيا‬ ‫من النقل والتقرير واملقابلة‪ ،‬مثال‪ ،‬حبكم طبيعة املادة اإلخباريّة ووفق طبيعة التأثري املرج ّو‬ ‫ثم ّ‬ ‫إن بعض القوالب تسمح بهذا التشابك مثل التحقيق‬ ‫حتقيقه من اخلطاب اإلعالمي‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫الصحفي أو اإلذاعي الذي يستوعب أسلوب التقرير وأسلوب النقل‪ ،‬واملقابلة‪ ،‬ولكنه تشابك‬ ‫مب ّ‬ ‫السياق (‪.)36‬‬ ‫ين‪ ،‬حيكمه نظام إخباري متكامل ب ّينا مك ّوناته‪ ،‬وشرحنا مستوياتها يف غري هذا ّ‬ ‫مهمة‬ ‫أماّ اخلصائص األخالق ّية‪ ،‬فهي عبارة عن مواثيق وقوانني وواجبات مهن ّية تنظم ّ‬ ‫اخلاصة والقيم‬ ‫الصحفي (‪ )37‬وحمورها‪ :‬املصداق ّية‪ ،‬واملوضوع ّية‪ ،‬واملسؤول ّية‪ ،‬واحرتام احلياة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملؤسسات اإلعالم ّية‪.‬‬ ‫االجتماع ّية‪ .‬إنها جمموعة الضوابط اليت تدير الضمري املهين لإلعالمي‬ ‫ّ‬ ‫وتعمل العديد من املنظمات الدول ّية واجلمعيات األهل ّية على حتسيس األوساط اإلعالم ّية‬ ‫واالتصالية بضرورة احرتام هذه املواثيق ّ‬ ‫املنظمة ألخالقيات املهنة اليت يقع جتاوزها من حني‬ ‫السيادة الوطن ّية واألمن القومي‪.‬‬ ‫إىل آخر باسم ح ّرية التعبري أو باسم ّ‬ ‫اإلعالم اجلديد ميكن عدّه اليوم نظاما عكس ّيا لنظام إعالمي يستند إىل جانب وفري من‬ ‫القواعد والضوابط والقوانني اليت حتكم جماله وتراقب توازنه‪ ،‬ملا ينطوي عليه من نقض‬ ‫للتقاليد املعرف ّية واملهن ّية املك ّونة للبيئة اإلعالمية التقليديّة‪ .‬فاإلعالم املمأسس ّ‬ ‫ظل يقابله‬ ‫اإلعالم بصيغة الفرد‪ ،‬وال ّرسائل املبن ّية بدأ يغمرها تد ّفق فائق لرسائل متح ّررة من ظوابط‬ ‫التحرير والكتابة‪ ،‬واحل ّرية النسب ّية تقابلها اليوم ح ّرية مطلقة تسري وسط فضاء سيربني‪،‬‬ ‫اخلاصة احتّلت صدارة‬ ‫واملوضوع ّية تراجعت أمام استفحال مظاهر الذات ّية املفرطة‪ ،‬واحلياة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عرض األحداث يف اإلخبار وغري اإلخبار‪ ،‬واجلمهور املتجانس بدأ يتشظى تدرجي ّيا إىل طوائف‬ ‫وعشائر بال حدود‪ ،‬والقائمة طويلة‪ ،‬متواصلة مع تط ّور تقاني‪ ،‬كّلما ازداد‪ ،‬اضطربت بازدياده‬ ‫األهداف وأصابتها الفوضى‪ .‬فالفوضى‪ ،‬مثلما أشرنا يف ما سبق‪ ،‬ليست من طبيعة افتقار‬ ‫هي متصلة بتشابك الواقعي واالفرتاضي يف هندسة النظام‬ ‫النظام لقوانني العمل والنشاط‪ ،‬وال ّ‬ ‫هي وليدة ظاهرة كم ّية‪ ،‬األوىل من نوعها يف تاريخ التواصل البشري‪،‬‬ ‫ال ّرقمي اجلديد‪ ،‬إنمّ ا ّ‬ ‫نفسرها بالعدد اهلائل للمستخدمني لوسائط اإلعالم واالتصال‪ ،‬استخدام يعرب ّ‬ ‫كل االجتاهات‬ ‫ّ‬ ‫‪ :‬أكثر من مليار مستخدم لإلنرتنت وما يزيد عن مليارين مشرتك يف خدمات اهلاتف اجل ّوال‬ ‫(‪ ،)Manuel castells 2006‬ينتجون ويتبادلون املعلومات مبختلف أصنافها‪ ،‬ويسهمون يف‬ ‫التأثري يف البناء االجتماعي‪ .‬فإذا أصبح بإمكان ّ‬ ‫كل العامل أن يبث ويستقبل على حنو‬ ‫مجاهريي‪ ،‬أي على حنو تكون فيه وسائل االتصال اجلماهريي‪ ،‬وسائل اتصال مجاهريي‬ ‫فرديّة‪ّ )medias de masse individuels( ،‬‬ ‫يظل اجتاه نسق التغيرّ االجتماعي غري واضح‪،‬‬ ‫عما كان سائدا‬ ‫عما ه ّو متو ّقع مسبقا‪ ،‬أو ّ‬ ‫ويصعب حتديد مالحمه‪ ،‬بل حيدث أن ينحرف ّ‬ ‫‪146‬‬

‫يف وضع منتظم‪ ،‬لتنامي شبكات العناصر احملدثة لذلك وتداخلها‪ ،‬وصعوبة اإلملام بطبيعتها‬ ‫هي طبيعة األنظمة الدينام ّية ّ‬ ‫يسمى عند‬ ‫ّ‬ ‫املركبة القابلة للفوضى‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫وخاصياتها‪ ،‬وتلك ّ‬ ‫الفيزيائني وال ّرياضيني بـ “ تأثري الفراشة “ (‪.)effet papillon( )38‬‬ ‫وتفسر فكرة “ تأثري الفراشة “ نذكر منها الفيزياء الكم ّية والفيزياء‬ ‫هنالك مداخل عديدة تقدّم ّ‬ ‫الفلك ّية وال ّرياضات‪ .‬وتتفق كّلها على ّ‬ ‫أن التغيريات اليت حتدث على نطاق صغري جدّا‪ ،‬يف حدود‬ ‫ّ‬ ‫األنظمة الدينامية ّ‬ ‫املركبة‪ ،‬ميكن هلا أن تؤثريف التغيريات اليت حتدث على نطاق كبري جدّا‪،‬‬ ‫فالتغيريات الصغرى البسيطة‪ ،‬يف حال اجلمل الدينامية‪ ،‬قد تؤدي إىل حدوث تغيريات كبرية‬ ‫هامة يصعب التن ّبؤ بوقوعها لصعوبة يف اإلملام باملعطيات البدئ ّية املتكاثرة‪ .‬وإدوارد لورنتز (‪)39‬‬ ‫ّ‬ ‫ه ّو أوّل من أتى باستعارة “ تأثري الفراشة “ حني كان يعمل على مشكلة التكهن بالطقس‬ ‫ويدرس حاالت التن ّبؤ بتح ّول الكتل اهلوائ ّية الكربى‪ .‬والحظ يف إحدى امل ّرات ّ‬ ‫أن املعطيات‬ ‫مما‬ ‫البدئ ّية‪ ،‬املتقاربة إىل أبعد احلدود‪ ،‬قد أفضت معاجلتها إىل ظهور نتائج متباعدة متاما ّ‬ ‫جعله يستنتج ّ‬ ‫الصغرية‪ ،‬قد تؤ ّثر على تغيرّ ات املقاييس‬ ‫أن التغيرّ ات الضئيلة يف مستوى املقاييس ّ‬ ‫الكبرية‪ ،‬وهنا ف ّكر لورنتز يف لو ّ‬ ‫أن خفقان جناح فراشة حيدث يف الربازيل‪ ،‬هل يرتتب عليه‬ ‫إعصار يف التكساس ؟‬ ‫لقد كان هلذه االستعارة األثر الكبري يف أساليب التعامل ال ّرياض ّية مع املسائل التابعة إىل اجلمل‬ ‫أن هذه اجلمل أو النظم‪ ،‬بطبيعتها ّ‬ ‫الدينامية املع ّقدة‪ ،‬إذ ّ‬ ‫أكدت ّ‬ ‫املركبة واملع ّقدة‪ ،‬قد تبدي‬ ‫ّ‬ ‫الصعب الوصول إىل حتديدها بإجراء معادالت رياض ّية‬ ‫سلوكيات غري منتظرة‪ ،‬ويظل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫مركبة أو خمتصرة‪ ،‬كما ب ّينت ّ‬ ‫أن املستقبل بعيد من أن تكشف عنه املعادالت ال ّرياض ّية‬ ‫هي أن الظواهر الفيزيائ ّية‬ ‫الدقيقة‪ .‬إ ّنه بعد ال حيتمل التو ّقع املطلق‪ .‬وكانت خالصة لورنتز ّ‬ ‫بشكل عام يبقى أفق التكهن مبالحمها املستقبل ّية حمدودا جدّا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن ما ينسحب على الظواهر الفيزيائ ّية من قوانني يف فهم جغرافيتها ورصد تغيرّ اتها‬ ‫وسلوكياتها‪ ،‬نراه ينسحب كذلك على الظواهر االجتماعية يف بعدها اإلعالمي واالتصالي‪.‬‬ ‫فالظواهر االجتماع ّية‪ ،‬تكتسي‪ ،‬وباخلصوص اليوم يف حضور تقنية اتصال ّية الخط ّية متط ّورة‪،‬‬ ‫هي املبادىء‬ ‫تكتسي من الرتكيب والتعقيد ما‬ ‫ّ‬ ‫ختتص به النظم الفيزيائ ّية الكربى‪ .‬وعديدة ّ‬ ‫والنماذج اليت ّ‬ ‫مت إفراغها من خاصياتها ال ّرياض ّية والفيزيائ ّية‪ ،‬ووقع توظيفها يف جمال العلوم‬ ‫االجتماع ّية (‪ .)40‬فاملشكل ال ّرئيس يف سائر النظم اليت ذكرنا‪ ،‬كامن يف وجدود معرفة غري‬ ‫مكتملة باملعطيات البدئ ّية‪.‬‬ ‫السؤال املطروح اآلن‪ ،‬فيم تتم ّثل املعطيات البدئ ّية يف نظام اإلعالم اجلديد ؟ ويف ّ‬ ‫أي مستوى‬ ‫ّ‬ ‫الصغرى املنتجة للتغيرّ ات الكربى اليت حتدثنا عنها يف ما سبق ؟ بعبارة أدق‪،‬‬ ‫حتدث التغيريات ّ‬ ‫كيف نفهم استعارة لورنتز بعيدا عن علم اإلرصاد واجل ّويات ؟‬ ‫‪147‬‬

‫لقد أسلفنا أن من أبرز خصائص اإلعالم اجلديد‪ ،‬قدرة األفراد االجتماعيني على القيام باألدوار‬ ‫مؤسسات اإلعالم واالتصال‪ّ .‬‬ ‫وإن هذه األدوار‪ ،‬ملّا‬ ‫اليت ظلت على امتداد عقود مضت‪ ،‬حكرا على ّ‬ ‫كان التح ّرر من قيود ال ّرقابة‪ ،‬والتح ّرر كذلك من ضوابط اإلنتاج والنقل والتبادل من مساتها‬ ‫السوسيولوج ّية مت ّثل الدّائرة اجلديدة لتوجيه القرار‪ ،‬والتأثري فيه‬ ‫املم ّيزة‪ ،‬فإ ّنها‪ ،‬من الناحية ّ‬ ‫املؤسسة‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫واختاذه يف أحيان مع ّينة‪ ،‬وهي بذلك تقابل دائرة تقليديّة متمركزة يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتل بديال عنها الستمرار صيغة اإلعالم املمأسس وتعايشها مع الصيغة اجلديدة‪.‬‬ ‫املؤسسة‪ ،‬بأسلوب معقلن يسعى بانتظام‬ ‫يتش ّكل القرار يف مستوى الدائرة التقليدية‪ ،‬ونعين بها ّ‬ ‫املؤسسة وحتقيق التوافق واالنسجام بني عناصرها ويف حدود البيئة‬ ‫إىل احلفاظ على توازن ّ‬ ‫اليت حتتضنها‪ .‬ومن الوسائل املعتمدة لتحقيق التوافق واالنسجام وتأمني حسن سري النظام‪،‬‬ ‫جند أوّال الطبيعة اخلط ّية للعمل املمأسس يف ح ّد ذاتها واليت تنزع حنو الضبط والسيطرة‪،‬‬ ‫على ال ّرغم من وجود مستويات متفاوتة من التفاعل ّية أحدثتها الثورة ال ّرقم ّية متم ّثلة يف‬ ‫ظهور التلفزيون التفاعلي كأبرز وسيط تفاعلي‪ ،‬ولكنها تفاعل ّية نسب ّية‪ ،‬تدور حتت السقف‬ ‫الرباجمي الذي حيدّده القائم باالتصال‪ .‬ثانيا‪ ،‬هنالك ال ّرقابة الذات ّية‪ ،‬بوصفها منعكسا مهن ّيا‬ ‫ينبغي أن يكتسبه ّ‬ ‫للمؤسسة‪ ،‬والذي من خالله يتم جتاوز املواقف واآلراء الفردية‬ ‫كل من ينتمي‬ ‫ّ‬ ‫بالصاحل العام‪ .‬هكذا جيري العمل يف‬ ‫السائد‪ ،‬واملعروف لدى ّ‬ ‫عامة ال ّناس ّ‬ ‫يف سبيل ّ‬ ‫التوجه العام ّ‬ ‫يسمى عند علماء النفس االجتماعيني‬ ‫مستوى الدوائر اإلعالمية واالتصالية التقليديّة بفكر ّ‬ ‫(‪ )41‬بالفكر الضابط‪ ،‬املعروف بـ ‪ :‬تأثري الضبط (‪.)effet de normalisation‬‬ ‫الساحة دور الفرد بوصفه با ّثا‪-‬متلق ّيا يف آن واحد‪،‬‬ ‫املؤسسة ويطفو على ّ‬ ‫لكن عندما يرتاجع دور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ليحل‬ ‫وهذا حال اإلعالم اجلديد املتجّلي يف ما يعبرّ عنه بصحافة املواطن‪ ،‬يغيب تأثري الضبط‬ ‫حمّله تأثري االستقطاب (‪ )effet de polarisation‬ويتم ّثل يف ميل األفراد إىل جلب االهتمام‬ ‫ومما يع ّزز تأثري‬ ‫إىل أفكاراهم وأرائهم‪ ،‬ونزعتهم إىل نشرها والدفاع عنها وفرضها كذلك‪ّ .‬‬ ‫االستقطاب‪ ،‬شعور الفرد بأ ّنه املعين بدرجة أوىل يف العمل ّية االتصال ّية‪ ،‬بل ه ّو قطب العمل ّية‬ ‫برمتها‪ ،‬ويبينّ علماء النفس االجتماعي (‪ ،)Moscovici, Savalloni 1969‬أ ّنه كّلما اتسعت‬ ‫ّ‬ ‫حلقات النقاش وامتدت سلسلة التفاعالت بني األفراد‪ ،‬تنامى تأثري االستقطاب‪ ،‬وهذه حقيقة ما‬ ‫حيدث يف شبكة اإلنرتنت من تواصل وتفاعالت بني األفراد واجملموعات ال حصر هلا‪ .‬يف املقابل‪،‬‬ ‫كّلما تقّلصت دائرة النقاش واخنفضت حدّة التفاعالت‪ ،‬وشعر الفرد بأ ّنه غري معين‪ ،‬بدرجة‬ ‫أوىل‪ ،‬بعمل ّية االتصال‪ّ ،‬‬ ‫حل تأثري الضبط‪.‬‬ ‫تأثري االستقطاب يكشف تف ّرد ّ‬ ‫كل فرد بنمطه اإلبالغي وهو ما مل يكن ليتسنى لوال ّ‬ ‫أن شبكة‬ ‫اإلنرتنت فيها من ّ‬ ‫الطواع ّية التقن ّية والفن ّية ما جيعلها أداة التواصل واحلسم بال منازع‪ ،‬أداة‬ ‫أسست لثقافة اتصال ّية اخرتقت ّ‬ ‫كل اجملاالت الفكريّة واملاديّة‪ .‬كما يكشف التأثري ذاته صعوبة‬ ‫ّ‬ ‫اإلملام بأثر ّ‬ ‫كل فرد ومدى تأثريه يف نظرائه‪ ،‬فليس يف نظام الشبكة ما جيعل املستخدمني‬ ‫‪148‬‬

‫حمكومني بسياسة إعالمية ومنهج اتصالي حمدّد ميكن حصره بوضوح ومعرفة اجتاهه‪ ،‬بل‬ ‫إن يف نظامها ما يدعو إىل ّ‬ ‫كل ضابط للتفكري واالنتاج‪ّ .‬‬ ‫ختطي ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل ذلك جيعل التح ّكم يف‬ ‫املرتاصة‪ ،‬أمرا مستحيال‪،‬‬ ‫املعطيات البدئ ّية للتكهن مبا ستفضي إليه عمل ّيات االتصال املتنامية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن عمليات االتصال اجلارية‪ ،‬إن تس ّنى حصرها يف املكان‪ ،‬فال ميكن حصرها زمن ّيا‪ ،‬إنها‬ ‫مسرتسلة اسرتساال متناميا‪ ،‬متصال وغري متصل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن مثل هذه البيئة ه ّو الذي أوحى إىل لورنتز استعارة الفراشة لتكاثر عناصرها وخصوبة‬ ‫احلركة املستم ّرة داخلها‪ .‬فال جمال فيها للضبط والسيطرة‪ ،‬وال جمال كذلك لليقني (‪La‬‬ ‫‪ )certitude‬باملعنى ال ّرياضي للكلمة طاملا ّ‬ ‫أن القيمة األنرتوب ّية (‪)Valeur Entropique‬‬ ‫للمعلوات على مستوى الشبكة ّ‬ ‫تظل مرتفعة‪ .‬فكّلما ارتفعت هذه القيمة‪ ،‬اخنفضت درجة اليقني‪،‬‬ ‫والعكس صحيح ٍ(‪ .)Shannon, Weaver 1949‬فاإلعالم اجلديد بتضاريسه احلال ّية‪ ،‬يظلّ‬ ‫الصعب التن ّبؤ بتغيرّ اته واجتاهاته‪ ،‬وال ميكن إال أن يش ّكل نظاما‬ ‫بعيدا عن السيطرة‪ ،‬ويبقى من ّ‬ ‫دينام ّيا ّ‬ ‫مركبا تسكنه الفوضى (‪.)systeme chaotique‬‬

‫الهوامش‬ ‫‪ 1 .1‬علي حرب‪ ،‬حديث النهايات‪ ،‬فتوحات العوملة ومآزق اهلويّة‪ ،‬املركز الثقايف العربي‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‪ ،‬لبنان‪.2000 ،‬‬ ‫‪22. VOLTON Dominique, Internet et après, une théorie critique des‬‬ ‫‪nouveaux médias, Flammarion, 2000‬‬ ‫ ‪33. DE ROSNEY Joël, La société de l information au XXI siècle, E‬‬‫‪jeux promesses et défies, Ramsès 2000, Institut francais des relations‬‬ ‫‪internationales.‬‬ ‫‪ 4 .4‬ببب‬ ‫‪ 5 .5‬عبداهلل الزين احليدري‪ ،‬ال ّرمز واألداة يف جمتمع املعلومات‪،‬‬ ‫‪ 6 .6‬لقد أطنبت الكثري من أدبيات االتصال اليت درست حقيقة االندماج التقاني‪ ،‬إذ اعتربت‬ ‫االندماج ثورة حقيق ّية واحلال ّ‬ ‫أن ما حدث من اندماج يف مستوى الوسائط واخلدمات‬ ‫باخلصوص‪ ،‬هوذ نتيجة ثورة رقم ّية‪.‬‬ ‫‪ 7 .7‬عبداللهّ الزين احليدري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫متخصصة يف تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ ،‬عدد جوان‪.2000 ،‬‬ ‫‪ ، S.V.M 8 .8‬جمّلة‬ ‫ّ‬ ‫‪9 .9‬عبداللهّ الزين احليدري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ 1010‬فرانك مرمييه‪( ،‬إشراف)‪ ،‬الفضاء العربي‪ ،‬الفضائيات واإلنرتنت واإلعالن والنذشر‪،‬‬ ‫جمموعة من املؤ ّلفني‪ ،‬ترمجة فريديريك معتوق‪ ،‬قدمس للنشر والتوزيع‪2003 ،‬‬ ‫‪149‬‬

‫‪ 1111‬الدكتور عاطف العبد خبري إعالمي مصري أعد دراسة حديثة حول القنوات الفضائية‬ ‫اليت يشاهدها املصريون‪ .‬وكشف ‪ ،‬أن عدد القنوات الفضائية يف العامل جتاوز اخلمسة آالف‬ ‫قناة وأن ‪ 3212‬قناة منها غري مشفرة وتوجد ‪ 520‬قناة من إمجالي هذه القنوات عربية‪ .‬وقال‬ ‫العبد‪ :‬الدراسة كشفت عن أن هناك ‪ 112‬قناة جنسية باللغة العربية سواء باللهجات املصرية‬ ‫أو اخلليجية أو املغربية بهدف استقطاب املراهقني والشباب لالتصال بهم وهم حيققون أرباحاً‬ ‫خيالية‪ ،‬حسب ما نشرت جريدة الوفد‪ .‬وأكد أن هذه القنوات تشكل خطورة مزدوجة علي‬ ‫الشعب العربي ألنها تدمر القيم واألخالقيات الدينية من ناحية وتستهدف دخل املراهقني‬ ‫والشباب من ناحية أخري‪ .‬وأعلن أن ‪ 70%‬من الشعب املصري يشاهد الفضائيات وأن ‪46%‬‬ ‫منهم يشاهدونها عرب الوصالت اليت تلغي بطبيعتها التليفزيون املصري من املنازل مما يهدد‬ ‫األمن القومي املصري ألن املصريني أصبحوا حيصلون علي معلوماتهم وأخبارهم وسلبياتهم‬ ‫من القنوات األجنبية‪WWW. Daoo.org .‬‬ ‫‪ 1212‬انظر‪ ،‬ملزيد من االطالع ومعرفة البيئة التقن ّية للتلفزيون اجلديد ‪:‬‬ ‫‪BENOIT Herve, La télévision numérique, Satellite, Câble, TNT, ADSL,‬‬ ‫‪DUNOD 2006 WWW. Arabadvisors.com13‬‬ ‫‪ 1313‬أثبتت الدراسات احلديثة على األطفال مكوثهم أمام شاشات التلفاز إىل مدة تصل إىل‬ ‫عشرات الساعات حبيث يقضي األطفال يف العامل العربي ودول اخلليج ما يزيد عن ‪ 33‬ساعة‬ ‫أسبوعياً يف فصل الصيف و‪ 24‬ساعة يف فصل الشتاء وأن هنالك آثار نفسية واجتماعية‬ ‫وسلبية من ذلك‪ .‬أوضح ذلك اختصاصيون يف الصحة النفسية واألعصاب واإلعالم وعدد‬ ‫من األكادمييني‪ ...‬الدكتور إيهاب رمضان‪ ،‬استشاري املخ واألعصاب والصحة النفسية يف‬ ‫املستشفى السعودي األملاني يشري إىل أن األطفال يقضون حوالي ‪ 7‬ساعات يومياً أمام الربامج‬ ‫ّ‬ ‫ويؤكد أن تعرض الطفل للتلفاز يؤدي إىل آثار نفسية‬ ‫الكرتونية اليت ختاطبهم بشكل سنوي‬ ‫سيئة و أن التعرض ملوجاته الكهرومغناطيسية تسبب لألطفال القلق واالكتئاب والشيخوخة‬ ‫املبكرة ‪ .‬وأوضح أن احلل ال ميكن أن يكون يف البعد عن التلفاز نهائيا ولكن ال بد أن يكون وفق‬ ‫نظام حمدد وال بد من تشجيع التواصل العاطفي والنفسي بني األسرة الواحدة والرتكيز على‬ ‫إعطاء الطفل القيم االجتماعية وتعريفه الصواب واخلطأ وأشار الدكتور إيهاب إىل أن هنالك‬ ‫حبوثا أجريت على األطفال أكدت أن ‪ 74%‬من إمجالي املشاهد اليت يراها األطفال يف الربامج‬ ‫الكرتونية تؤدي إىل سلوك إجرامي حيث إن ‪ 43%‬من هذه القصص مستقاة من اخليال‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬جريدة الوطن العدد (‪ )669‬السنة الثانية ـ الثالثاء ‪. WWW. Said.net 2002‬‬ ‫‪ ، WWW. Said.net1414‬مصدر سابق‪.‬‬ ‫‪ ، WWW. Said.net1515‬ممصدر سابق‪.‬‬ ‫‪ ، WWW. Daoo.org1616‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪150‬‬

،‫ الطبعة األوىل‬،‫ ترمجة حسن صقر‬،”‫ العلم والتقنية كـ “إيديولوجيا‬،‫يورغن هابرماس‬1717 .2003 ‫ أملانيا‬،‫كولونيا‬ ،‫ منوذج هابرماس‬،‫ احلداثة والتواصل يف الفلسفة النقدية املعاصرة‬،‫حممد نور الدين أفاية‬1818 .1998.‫أفريقيا الشرق‬ WWW.aitnews.com .‫البوابة العرب ّية لألخبار التقنية‬1919 .‫ مرجع سابق‬،‫ البوابة العرب ّية لألخبار التقن ّية‬2020 ّ ‫ ندرج النماذج التالية وجيدر أن نشري إللى‬،‫املتخصصة‬ ‫أن اختيارها كان‬ ‫من املدوّنات‬2121 ّ ‫عشوائ ّيا اقتصر على بعض‬ . : ‫التخصصات البارزة يف األوساط األكادمي ّية‬ ّ http://www.toubibgeneraliste.over-blog.com ce blog entend présenter mon point de vue sur la médecine générale si vous avez une question concernant votre santé :consultez votre médecin traitant http://nucleaire.bloguez.com Avec ce blog, le nucléaire n'aura plus de secret pour vous ! Science / Physique / Chimie http://www.1000schemas.com/ Blog proposant régulièrement des schémas électronique et parlant de tout ce qui tourne autour de l'électronique et du hardware info matique. http://www.philolog.fr/ je suis un professeur ayant décidé de mettre son cours en ligne, pour ses élèves d abord mais aussi pour tous ceux qui y trouveraient un intérêt. Car c est un bonheur de philosopher . http://linguistesblogueurs.blogspot.com/ Blogue de sciences du Langage. Voici une réflexion et une mise en abyme de type Matriochkas, qui s'emboîtent les unes dans les autres, sur l'usage des artefacts liés à la technologie Internet et mobile (le courriel, les SMS - minimessages, le chat, le blogue, la liste de diff sion, le forum, le wiki, la plate-forme collaborative). A l'origine d'un travail collectif d'étudiants linguistes en faculté de Sciences humaines et sociales, ces observations sont aujourd'hui poursuivies dans les deux domaines de la linguistique et de la sociologie des technol 151

gies de l'information et de la communication. Un blogue parce que les connaissances universitaires sont dynamiques et en perpétuelles interactions avec le contexte humain et sociétal. http://www.coteblog.com/blog/le-blog-mathematique-du-profe seur-rometus_6119.html blog mathématique du professeur ROMETUS Les anecdotes et act alités mathématiques, les productions du professeur ROMETUS et les contenus du site Maths-Rometus. http://kallirrhoe.canalblog.com/archives/sciences_de_l_inform tion/index.html veille documentaire sur les sciences de l information et de l éduc tion http://josich.over-blog.com/article-19604177.html Ce blog est destiné aux professionnels de l'information et de la co munication. Il traite des archives, de l'informatique, et de tout autre domaine susceptible d'intéresser l'informatiste. http://semantique-generale.over-blog.com/ La sémantique générale ou logique non aristotélicienne d Alfred K rzybski. http://www.netguide.fr/Blogs_A_Propos_Du_Droit/Le_Blog_ Droit_Administratif.htm Consacré au droit administratif, ce blog s'adresse néanmoins à tout internaute désireux de mieux en maîtriser le sujet et ses implications concrètes. http://www.juliendurand.com/semio/ sémiologie de l'image, généralités, données physiologiques , les co posantes de l'image publicitaire, et notamment la composante pla tique (avec bien sûr les composantes iconographique et linguistique) , vous avez lu “Rhétorique de l'image”, le célèbre article de Roland 152

Barthes, paru dans la revue Communication , les notions d'ancrage et de relais (pour décrire la relation texte / image), et celles de dénot tion et de connotation (avec Barthes et Odin) sont connues de vous (je n'irais pas jusqu'à dire qu'elles n'ont plus de secret pour vous). http://fikrwatawasol.ahlablog.com/CaYaOYE-b1.htm ‫) فضاء الفلسفة والفكر‬www.fikrwatawsol.com( ‫موقع األستاذ احلسني حريش‬ ‫ التشريع‬// ‫ أخبار‬// ‫ دراسات وأحباث‬//‫ دروس الفلسفة وفق املقررات اجلديدة‬//. ‫والتواصل‬ .... ‫ فضاء املدرس والتلميذ‬// ‫املدرسي واملستجدات‬ http://kadri68.maktoobblog.com/ ,‫ دروس‬:‫مدونة تعنى مبادة الفيزياء والكيمياء الطور الثانوي باجلزائر حسب الربنامج اجلديد‬ .‫ متفرقات‬,‫ جتارب علمية افرتاضية‬,‫ حلول متارين‬,‫ واجبات منزلية‬, ‫اختبارات‬, ‫فروض‬ /http://chemistry-hh.blogspot.com .‫مدوّنة الكيمياء والعلوم‬ /http://civengine.blogspot.com ‫مدونة خاصة باهلندسة املدنية وكل ما خيصها من كتب ومدونات وبرامج ونقاشات وهي‬ .‫متاحة للجميع‬ /http://dahimohamed.unblog.fr Semiotique et critique .‫السيميائيات والنقد‬ /http://mouradaldjazairi.maktoobblog.com ‫ تهتم بكل ما يتعلق بتدريس مادة علوم الطبيعة و احلياة ملستوى‬،‫مدوّنة علوم الطبيعة واحلياة‬ .‫املتوسط‬ ّ ‫التعليم‬ La question n’est plus de savoir si les médias font l’élection mais quelles sont les (23)technologies qui favorisent la victoire d’un cand dat à l’investiture démocrate aux Etats-Unis. Si l’on suit la trajectoire de M. Barack Obama depuis le début de l’année, la réponse tombe d’elle-même : ce ne serait plus les grosses machineries médiatiques, CNN, Time Warner ou ABC qui apporteraient un avantage décisif dans la course à la présidentielle démocrate, mais les réseaux sociaux sur Internet : Facebook, Myspace (Murdoch) ainsi que tous les sites ou blogs participatifs. Certes, les grands « networks » traditionnels de médias présentent encore l’avantage de s’adresser à l’ensemble de la population, puisque la télévision est encore la principale source 153

d’information politique pour 90% des personnes interrogées, selon une étude récente de l’Université de Pennsylvanie [1]. Mais 42% — et 55% des jeunes de moins de 30 ans — sont déjà informés pol tiquement par Internet. Et surtout, les médias audiovisuels sont aujourd’hui très largement concurrencés dans un domaine haut ment sensible : le financement de la campagne électorale.. Source : http://blog.mondediplo.net/Information-2.0 En mai 2005, on estimait le nombre de blogs à près 71 millions alors qu’aujourd’hui, ce (24) nombre serait plus proche des 120 millions. Quelques 120 000 blogs seraient ainsi créés chaque jour. Source : http://www.my.epokhe.com/2007/07/17/repartition-blogs-monde/ Ce 21 avril à 13 heures M. Barack Obama lance ainsi une initiative hors du commun à(25) l’adresse des internautes : il s’agit de recuei lir 1 million de dollars en 1 minute. Impossible ? En janvier dernier, l’homme a réussi l’exploit de réunir 32 millions de dollars versés à 90 % par des dons de 100 dollars via Internet. En mars, il collecte encore 40 millions de dollars. Source : http://blog.mondediplo.net/2008-0421-Barack-Obama-candidat-des-reseaux-sociaux-sur ‫تبسطها بعض املواقع على شبكة‬ ّ ‫) هنالك طرق عديدة لتحقيق األرباح عرب املدوّنات‬26( : ‫اإلنرتنت وندرج منها ما يلي‬ Vous pouvez faire de l'argent en mettant des publicités sur votre blog ou en l'utilisant comme média promotionnel. Même les hyperliens peuvent être source de revenus. Adsense : Blogger supporte l'Adsense de Google pour faire de l'argent par les publicités tandis que d'autres hébergeurs de blog mettent une bannière sur vos pages et gardent les revenus pour eux... Adsense peut être utilisé aussi sur votre propre site. Utiliser Adsense est très simple puisque il suffit de sélectionner un format et placer le code JavaScript correspondant sur vos pages HTML mais plusieurs étapes devront être accomplies avant que vous ne puissiez recevoir le premier paiement. Amazon affiliate : Aidez à vendre les produits des autres. Le principe 154

ici est de faire des critiques de livres ou juste mentionner un livre sur votre blog, une fois que vous êtes enregistré au programme. Un lien est fourni aux visiteurs du blog pour cliquer vers Amazon qui fournit alors plus d'information sur le livre. Visitez Amazon et cliquez sur le lien Join Associates en bas de page. Il y a de nombreuses étapes à accomplir pour créer un compte. Vos revenus dépendent à la fois des clics sur le produit à partir de votre blog et du pourcentage accordé à ce produit. Blogads : Avec ce service (anglais) pour pouvez choisir le prix des publicités. Vous enregistrez votre blog dans une base de données qui est visitée par de grandes compagnies qui choisissent les blogs pour une durée définie. Vous ne dépendez pas des clics: vous donnez 20% de vos revenus (vous avez fixé le montant) à Blogads. Vous êtes libre d'approuver ou décliner les publicités qui sont proposées sur votre blog. Commission Junction : Programme d'affiliation pour e-Bay entre autres. Linkshare : C'est un autre programme d'affiliation où vous gagnez de l'argent quand les internautes achètent des produits à partir de votre blog. Source : http://www.xul.fr/blog-adsense.html ‫سجل مركز مكافحة اجلرائم املتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال يف فرنسا‬ ّ )27( ‫ختص تزييف واستعمال‬ ‫ منها‬83،24% ،‫ خمالفة‬60000 2004 ‫ سنة‬O.C.L.C.T.I.C ّ ‫ والنسب‬،‫ تتعّلق بالغش يف استعمال أرقام بطاقات بنك ّية‬14،13% ،‫بطاقات إئتمان مزيّفة‬ ‫ وترويج األفالم‬،‫ وترويج برامج معلومات ّية لصناعة بطاقات بنك ّية مزيّفة‬،‫تهم الثلب‬ ّ ‫الباقية‬ ّ ‫ واجلذع املشرتك لكل هذه اجلرائم‬،‫اإلباح ّية‬ .‫ والكذب والتزييف‬،‫يتلخص يف الغش‬ ّ ‫) انظر حبثنا يف‬28( Information et Espaces : 13‫اجملل التونس ّية لعلوم االتصال عدد‬ d Information .97 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ حديث النهايات‬،‫) علي حرب‬29( http://blog.mondediplo.net/2008-04-21-Barack- : ‫) مرجع سابق‬30( Obama-candidat-des-reseaux-sociaux-sur ‫السائرة‬ ّ ‫ وكذلك يف البلدان‬،‫السياس ّية يف البلدان األوروب ّية‬ ّ ‫) تعمد العديد من األنظمة‬31( “ ‫ هي يف نظر أصحاب القرار قد تكون‬،‫يف طريق النم ّو باخلصوص إىل غلق مواقع ومدوّنات‬ 155

‫مزعجة” للنظام السياسي القائم‪ ،‬أو “ مهدّدة “ للسّلم االجتماعي والقيم االجتماعية‪ ،‬ونسوق‬ ‫على سبيل املثال البعض من آالف املواقع اليت ّ‬ ‫مت حجبها خالل السنوات اخلمسة املاضية يف‬ ‫خمتلف بلدان العامل ‪:‬‬ ‫ سبتمرب ‪ ،2004‬السلطات املصريّة حتجب املوقع اإلخباري إخوان أون الين عن البث داخل‬‫مصر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السويديّة تغلق ثالث مواقع على اإلنتلرنت‪ ،‬تقول إنها مرتبطة‬ ‫السلطات ّ‬ ‫ نوفمري ‪ّ 2004‬‬‫بشبكة القاعدة‪.‬‬ ‫ ديسمرب ‪ ،2005‬السلطات السعوديّة تغلق موقع دار الندوة احلواري الذي يع ّد من أكرب‬‫املواقع احلواريّة (الليبريال ّية) باململكة‪.‬‬ ‫ جوان ‪ ،2006‬السلطات الليب ّية حتجب موقع دنيا الوطن اإلخباري‪.‬‬‫الصين ّية حتجب اليوتيوب و ياهو اإلخباري على خلف ّية أحداث‬ ‫ مارس ‪ ،2008‬السلطات ّ‬‫التيبت‪.‬‬ ‫السوريّة تقدم على إغالق املوقع اإلخباري النزاهة نيوز‪.‬‬ ‫ أوت ‪ ،2008‬السلطات ّ‬‫ أوت ‪ ،2008‬السلطات التونس ّية حتجب املوقع االجتماعي العاملي فايس بوك‪.‬‬‫ أكتوبر ‪ ،2008‬إغالق موقع “ األقصى تيوب “ الذي يع ّد املنافس البارز لـ “ اليوتيوب “ حتت‬‫ضغوط أمريك ّية إسرائيل ّية‪.‬‬ ‫ ديسمرب ‪ 2008‬احلكومة التايلنديّة حتجب ‪ 2300‬موقع بتهمة العيب يف الذات امللك ّية‪.‬‬‫ جانف ي ‪ ،2009‬السلطات املغرب ّية حتجب املواقع اإللكرتون ّية للعدل واإلحسان وهي ‪la ( :‬‬‫‪.)jamaa.co)، (yassine.net)، (nadiyassine.net)، (mouminate.net‬‬ ‫الصمت‪ ،‬ورائدتها عاملة االجتماع األملان ّية ‪ :‬أليزبيت ن ّوال نيومان ‪Elisabeth‬‬ ‫(‪ )32‬نظريّة دوّامة ّ‬ ‫السياس ّية وجمال علوم اإلعالم االتصال‬ ‫العلوم‬ ‫جمال‬ ‫يف‬ ‫استخدمت‬ ‫‪Noelle-Neumann‬‬ ‫ّ‬ ‫تأسست يف السبعينات من القرن املاضي على‬ ‫لشرح كيف ّية تش ّكل ال ّرأي العام‪ ،‬وهي نظريّة ّ‬ ‫فرض ّية تفيد ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬وطبيعة اجتماع ّية‪.‬‬ ‫أن الفرد االجتماعي ه ّو ذو طبيعة مزدوجة ‪ :‬طبيعة ّ‬ ‫الطبيعة االجتماعية لإلنسان بشكل عام‪ ،‬حتتاج دائما أن يكون هلا شكل من أشكال القبول لدى‬ ‫اآلخرين سواء يف احمليط املباشر أو يف احمليط الكبري‪ ،‬فالفرد يسعى إىل معرفة طبيعة السلوك‬ ‫الذي من خالله يقبله اآلخرون أو يرفضونه‪ .‬فإذا بدا له ّ‬ ‫أن آراءه وأفكاره مقبولة لدى اآلخرين‪،‬‬ ‫جنده جيهر بها عاليا‪ ،‬وإذا حدث العكس فإ ّنه جينح إىل إخفائها ‪ .‬ومبا أ ّنه يوجد يف اجملتمع‬ ‫من جيهر عاليا بآرائه وأفكاره‪ ،‬ويبدو ذلك شرع ّيا يف نظر من يوالونه‪ ،‬يوجد يف املقابل من ال‬ ‫يتفقون مع ذلك ولكنهم يكتمون مواقفهم‪ .‬يستمر امل ّد بني التيارين يف دوران لوليب إىل أن‬ ‫يسيطر التيار األوّل على قاعدة ال ّرأي‪.‬‬ ‫هي مناذج خط ّية م ّيزت ق ّوة وسائل اإلعالم يف إحداث التأثري‪،‬‬ ‫(‪ )33‬النماذج األوىل لالتصال‪ّ ،‬‬ ‫‪156‬‬

‫وأبرزها منوذج علماء االجتماع (‪ ،)Harold Lasswel‬ومنوذج املهندسني (‪Shannon et‬‬ ‫‪ ،)Weaver‬انظر ‪:‬‬ ‫‪Escarpit Robert, Théorie de l Information et pratique politique ; Seuil‬‬ ‫‪1981‬‬ ‫(‪.Pierre Albert et autres, l Information, librairie Larousse, 1977 )34‬‬ ‫(‪ )35‬مرجع سابق ‪Escarpit Robert, Théorie de l Information et pratique ،‬‬ ‫‪politique‬‬ ‫(‪ )36‬عبداهلل الزين احليدري‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫الصحفي ميكن مراجعة ‪eClaude-Jean Bertrand, La d :‬‬ ‫(‪ )37‬حول أخالقيات العمل ّ‬ ‫‪.ontologie des medias, PUF, 1998‬‬ ‫(‪ )38‬أثر الفراشة نظرية فزيائية و فلسفية‪ ،‬ابتكرها إدوارد لورنتز عام ‪ ،1963‬لتفسري ظواهر‬ ‫الرتابطات والتأثريات املتبادلة واملتواترة التى تنجم عن حدث أول‪ ،‬قد يكون بسيطا يف حد ذاته‪،‬‬ ‫لكنه يولد سلسلة متتابعة من النتائج والتطورات املتتالية والتى يفوق حجمها مبراحل حدث‬ ‫البداية ‪ ،‬وبشكل قد ال يتوقعه أحد‪ ،‬وفى أماكن أبعد ما يكون عن التوقع ‪ ،‬وهو ما عرب عنه‬ ‫مفسرو هذه النظرية بشكل متثيلى يقول ما معناه ‪ ،‬أن رفـّة جناحى فراشة يف الصني قد يتسبب‬ ‫عنه فيضانات وأعاصري ورياح هادرة يف أبعد األماكن يف أمريكا أو أوروبا أو افرقيا‪( .‬موسوعة‬ ‫ويكيبيديا)‪.‬‬ ‫(‪ )39‬إدوارد لورنتز رياضياتي أمريكي وعامل أرصاد جويّة ‪ ،‬من روّاد نظريّة ّ‬ ‫الشواش اليت صاغ‬ ‫هلا مصطلح تأثري الفراشة‪ .‬انظر كتاب ‪:‬‬ ‫ ‪Gleick James, La théorie du chaos : vers une nouvelle science, Fla‬‬‫‪.marion, 1999‬‬ ‫(‪ )40‬من ااالنماذج واملفاهيم اليت ّ‬ ‫مت توظيفها يف جمال العلوم االجتماع ّية بعد إفراغها من‬ ‫خصائصها الفيزيائ ّية وال ّرياض ّية نذكر منوذج املنّبه‪-‬االستجابة‪ ،‬منوذج شانون وويفر ال ّراضي‪،‬‬ ‫تضمنت هذه النماذج مصطلحات وقع استخدامها يف جمال علوم اإلعالم‬ ‫منوذج فيينري ‪ .‬ولقد ّ‬ ‫الصدى (‪ ،)feedback‬ومصطلح‬ ‫واالتصال مثل مصطلح التشويش (‪ )noise‬ومصطلح رجع ّ‬ ‫األنرتوبيا (‪.،)entropie‬‬ ‫ ‪(41) Willem Doise, Serge Moscovoci, Les décisions en groupe, in Ps‬‬‫‪chologie sociale, sous la Direction de serge Moscovici, PUF1984.‬‬

‫‪157‬‬

‫بيبليوغرافيا‬ ‫• كتب‬ ‫ أمني سعيد عبدالغين‪ ،‬وسائل اإلعالم اجلديدة واملوجة ال ّرقم ّية الثانية‪ ،‬إيرتاك للنشر‬‫والتوزيع‪.2008 ،‬‬ ‫ حممد نورالدين أفاية‪ ،‬احلداثة والتواصل يف الفلسفة النقديّة املعاصرة‪ ،‬منوذج هابرماس‪،‬‬‫إفريقيا ّ‬ ‫الشرق‪.1998 ،‬‬ ‫ مايكل ديرتوزوس‪ ،‬ثورة مل تنته‪ ،‬حواسيب حمورها اإلنسان وما ميكن أن تؤدّيه لنا‪ ،‬ترمجة‬‫مصطفى‪ ،‬إبراهيم فهمي‪ّ ،‬‬ ‫املنظمة العرب ّية للرتمجة‪.2007 ،‬‬ ‫ جمموعة من املؤ ّلفني‪ ،‬اإلعالم الفضائي العربي‪ ،‬املركز العربي للمعلومات‪.2007 ،‬‬‫ يورغن هابرماس‪ ،‬العلم والتقنية كـ “ إيديولوجيا “‪ ،‬ترمجة حسن صقر‪ ،‬منشورات اجلمل‪،‬‬‫‪.2003‬‬ ‫ جمموعة من املؤ ّلفني‪ ،‬فرانك مرمييه (إشراف) الفضاء العربي‪ ،‬ترمجة فريدريك معتوق‪،‬‬‫قدمس للنشر والتوزيع‪.2003 ،‬‬ ‫الصحافة املطبوعة يف طريقها‬ ‫ سعد صاحل كاتب‪ ،‬اإلعالم القديم واإلعالم اجلديد‪ ،‬هل ّ‬‫لإلنقراض‪ ،‬شركة املدينة املن ّورة للطباعة والنشر‪.2002 ،‬‬ ‫ عمر عبيد حسنه‪ ،‬لعوملة فرص وحتدّيات‪،‬سلسلة حنو فهم متجدّد‪.2004 ،‬‬‫ علي حرب‪ ،‬حديث النهايات‪ ،‬فتوحات العوملة ومآزق اهلويّة‪ ،‬املركز الثقايف العربي‪.2000 ،‬‬‫ احليدري عبداللهّ ‪ ،‬ال ّرمز واألداة يف جمتمع املعلومات‪ ،‬جمّلة العلوم اإلنسان ّية عدد ‪( 17‬حتت‬‫النشر) ‪.2009‬‬ ‫حممد حمفوظ‪ ،‬العوملة وحت ّوالت العامل‪ ،‬املركز الثقايف العربي‪.2005 ،‬‬ ‫ ّ‬‫ ع ّباس صادق مصطفى‪ ،‬اإلعالم اجلديد‪ ،‬املفاهيم والوسائل والتطبيقات‪ ،‬الشروق للنشر‬‫والتوزيع‪.2008 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫كحق من حقوق‬ ‫السياس ّية وح ّرية التعبري‬ ‫ّنات‬ ‫و‬ ‫املد‬ ‫كدواني‪،‬‬ ‫شريين‬ ‫توفيق‪،‬‬ ‫ شريهان‬‫ّ‬ ‫املواطنة‪ ،‬الب ّوابة العرب ّية لعلوم اإلعالم‪.2008 ،‬‬ ‫ حسن مظفرالرزو‪ ،‬الفضاء املعلوماتي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العرب ّية‪.2007 ،‬‬‫الساقي‬ ‫ جاميس غليك‪ ،‬نظريّة الفوضى‪ ،‬علم الالمتو ّقع‪ ،‬ترمجة‪ ،‬حتقيق أمحد مغربي‪ ،‬دار ّ‬‫للطباعة والنشر ‪.2008‬‬ ‫• دراسات‬ ‫ أمحد فالح العموش‪ ،‬الوجود االجتماعي يف اجملتمع االفرتاضي‪ ،‬مؤمتر تقنيات االتصال‬‫والتغيرّ االجتماعي‪ ،‬جامعة امللك سعود‪2009 .‬‬ ‫ احلمامي صادق‪ ،‬اإلعالم اجلديد‪ ،‬مقاربة تواصل ّية‪ ،‬اإلذاعات العرب ّية عدد‪.2006 4‬‬‫ عصام نصر سليم‪ ،‬حدود حريّة ال ّرأي يف ساحات احلوار العربي عرب اإلنرتنت‪ ،‬الب ّوابة العرب ّية‬‫‪158‬‬

‫لعلوم اإلعالم‪.2008 ،‬‬ ‫ زهري اخلويلدي‪ ،‬وول سرتيت الثانية ‪ :‬نهاية إيديولوجيا العوملة‪ ،‬التجديد العربي‪Arab( ،‬‬‫‪.renewal.org)، 2008. 2008‬‬ ‫ ‬ ‫ زهري اخلويلدي‪ ،‬الكوني والعاملي والعوملي‪ ،‬التجديد العربي‪،)Arab renewal.org( ،‬‬‫‪.2008‬‬ ‫ عيسى عبدالباقي موسى‪ ،‬انعكاسات االتصال التفاعلي عرب وسائل اإلعالم اجلديد على تنمية‬‫وعي الشباب اجلامعي‪ ،‬مؤمتر تقنيات االتصال والتغيرّ االجتماعي‪ ،‬جامعة امللك سعود‪2009.‬‬ ‫• تقارير‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪ ،‬التقرير العربي األوّل للتنمية الثقاف ّية‪ّ ،‬‬ ‫ ّ‬‫‪.2008‬‬ ‫ ستايت أوف نيوز ميديا ريبورت (‪ )state of news media report‬اإلعالم اجلديد‪،‬‬‫‪.2008‬‬ ‫ تقرير األمم املتحدة للتنمية البشريّة‪ ،‬توظيف التكنولوجيا احلديثة خلدمة التنمية البشريّة‪،‬‬‫‪.2001‬‬ ‫• مواقع‬ ‫• البوابة العرب ّية لعلوم اإلعالم واالتصال‪.‬‬ ‫• ‪http://arabmediastudies.net‬‬ ‫• البوابة العرب ّية لألخبار التقن ّية‪.‬‬ ‫• ‪http://www.aitnews.com/news/8599.html‬‬ ‫• املوقع العربي األوّل لإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫‪http://www.ekateb.net‬‬ ‫• الكتاب العربي اإللكرتوني‪.‬‬ ‫‪http://www.arabicebook.com‬‬ ‫• املواقع “االجتماعية” بني متعة التعارف وخطورة نشر املعلومات الشخصية‪.‬‬ ‫‪/http://www.dw-world.de/dw/article‬‬ ‫• املواقع االجتماعية واجملتمع‪.‬‬ ‫ ‪http://stylish-solutions.net/2008/05-social-networks-society-pol‬‬‫‪ticsl‬‬ ‫• املواقع االجتماعية حت ّول الغرباء إىل أصدقاء ‪ ...‬السعادة على الشبكة العنكبوتية‪.‬‬ ‫‪/http://www.alhayat.com/science_tech‬‬ ‫• الفايس بوك يتصدّر املواقع االجتماع ّية عامل ّيا‪.‬‬ ‫‪http://www.almotamar.net/news/61304.htm‬‬ ‫‪159‬‬

.‫ بعيون الشباب‬Facebook ‫• املواقع االجتماعية والــ‬ http://www.youtube.com/watch .‫• موسوعة املواقع االجتماع ّية‬ http://www.akteb.com/social.html .‫• املواقع اإلخباريّة االجتماع ّية‬ /http://cashflowec.maktoobblog.com .‫• جممع املدوّنات املصريّة‬ http://www.omraneya.net .‫الصحافة ال ّرمس ّية يف تونس‬ ّ ‫• املدوّنات تزاحم‬ /http://mytunisie.rsfblog.org/archive .‫السوريّة‬ ّ ‫• جمتمع املدوّنات‬ http://www.almudawen.net/ar .‫• مدوّنات إيالف‬ http://www.elaphblog.com .‫الصوت ّية‬ ّ ‫• املدوّنات‬ http://www.unicef.org/arabic/videoaudio/24330_39588.html .‫• دليل املدوّنات العرب ّية‬ http://www.3rblogs.com .‫• لغة املدوّنات اإللكرتون ّية‬ http://www.america.gov/st/diversity-arabic .‫ املدوّنات واالجتاه يف طريق املنتديات‬ http://www.tech-wd.com/wd/?p=2927

.‫• مرصد املد ّونني‬

http://www.bloggers-observatory.org/archives/ Ascher François, La Société hypermonde, Aube, 2005. Anh Tuan, Web Sémantique et réseaux sociaux : construction d une Mémoire Collective par Recommandations mutuelles et représent tions, ENST, 2005. Balles Francis. Les médias, PUF, 2009. Berry Gérard, Pourquoi et comment le monde devient numérique, Fayard, 2008. Barbet Philippe, Liotard Isabelle, Société de l Information, Enjeux économiques et juridiques, Harmattan, 2006. 160

Boni Alexandre, Stemart Nicolas, Facebook et les autres réseaux s ciaux, Micro Application, 2008. Confino Frank, Le blog Territorial, Nouvel enjeu de la communic tion Locale, Territorial Editions, 2007. Cristofol et autres, nouveaux médias, nouveaux langages, nouvelles écritures, L entretemps, 2005. Desavoye Benoît, Les Blogs, M21 Editions, 2005. Doueihi Miled, La grande conversion numérique, Seuil, 2008. Escarpit Robert, Théorie de l Information et pratique politique; Seuil 1981. Escarpit Robert, Théorie générale de l Information et de la comm nication, Hachette, 1984. Elisabeth Noelle-Neumann The spiral of silence : public opinion our social skin, University of Chicago press, 1993. Fievet Cyril, Turrettini Emily, Blog Story, Editions d Organisation, 2004. Gervais Jean-François, Web 2.0, Les Internautes au pouvoir : Blogs, Réseaux sociaux, Partage de vidéo, Mashups…, Dunod, 2006. Gleick James, La théorie du chaos, Champsm Flammarion, 2000. Goudet Jean-Luc, Internet : Passer a la vitesse supérieure, Dunod, 2003. Haski Pierre, Internet et la Chine, Seuil, 2008 Klein Annabelle, Objectifs Blogs ; Exploration dynamique de la blo sphere. Harmattan, 2007. Latour Bruno, Changer de société, Refaire de la sociologie, La Déco verte, 2006. Le Glatin Marc, Internet, Un Séisme dans la Culture ? L Attribut, 2007. Le Page Agathe, Pigeat Henri, L opinion Numérique, Dalloz, 2006. Limore Yagil, Internet et les droits de la personne ; nouveaux enjeux Ethiques a l age de la mondialisation, Cerf, 2006. Lazeqa Emmanuel, Réseaux sociaux et structures relationnelles, PUF, 2eme éd. 2007. Luigi Lancieri, Interactions humaines dans les Réseaux, Hermes Sc 161

ence Publication, 2005. Machado Da Silva. Juremir, Les technologies de l Imaginaire ; Médias et Culture à l ère de la Communication totale, Table ronde 2008. Mathias Paul, Des Libertés numériques, PUF, 2008. Mace Sandrine, Wright Jeremy (adaptation), Blog Marketing : In taurez le dialogue avec vos clients, Village Mondial 2006. Mercklé Pierre, Sociologie des réseaux sociaux, La découverte, 2004. Morin Edgar, Introduction a la pensée complexe, ESF, 1990. Missika Jean-Louis, La fin de la télévision, Seuil,2006. Moscovici Serge, (sous la direction), Psychologie Sociale, PUF, 1984. Pascal Josèphe, La société immédiate. Essai. Calmann-Levy, 2008. Papilloud Christian, La société collaborative,Technologies Digitales et lien Social. Harmattan, 2007. Philippe Gil et autres, Les nouveaux métiers de la Formation ; Déve opper de Nouvelles compétences pour une Formation Réinventée, Dunod,2004. Stiegler-B, Des Réseaux sociaux, 1001 Nuits, 2009. ‫تش ّكل ال ّرسلة ال‘المية خيضع لسياسة حترير‬ ...‫جملموعات ضغط لتحقيقرهانات‬ ‫لضوابط اجتماعبة‬ ّ ‫(النقد ا‬ )‫جمله لصحافة املواطن‬ )‫(كيف نسمي هذا إعالم ؟‬ )‫(الفوضى‬ ‫واملرتبة الثانية يف مسألة اإلعالن تتحدّد يف قيمة املضمون اإلعالني املدرجة ضمن بيئة‬ ‫ فجماهري الصناعة الثقاف ّية واإلعالم ّية‬.‫إعالم ّية اتصال ّية عامل ّية تسودها منافسة شرسة‬ ‫باخلصوص يكرتثون باخلطاب احمل ّرك للعاطفة أكثر من أكرتاثهم باخلطاب الذي خياطب‬ ‫ ولقد ب ّينت البحوث احلديثة يف العلوم املعرف ّية دور املشاعر يف التأثري على الوظائف‬.‫العقل‬ ّ ‫ فقد‬، ‫أن العقل والعاطفة متضادان‬ ّ ‫ من‬،‫ منذ ديكارت‬،‫ وخالفا ملا كان يعتقد‬،‫الدماغ ّية‬ ‫مت إثبات‬ ّ ‫أ ّنهما متحدان بل‬ .)2( ‫توجهه العاطفة‬ ّ ‫إن السلوك البشري‬ ّ ‫لقد‬ ّ ‫ظل من الواضح أن املشكلة اليوم يف جمال الصناعة اإلعالم ّية تدور حول االستفهام‬ ‫املركب‬ 162

‫التالي ‪:‬‬ ‫• كيف ميكن الوصول إىل أكرب عدد ممكن من اجلماهري‪.‬‬ ‫كيف ميكن االستجابة إىل حاجياتهم اإلعالمية من إخبار وترفيه وعلوم وخدمات‪.‬‬ ‫• كيف يتم احلفاظ على جودة اإلنتاج اإلعالمي ومصداقيته عرب خمتلف القنوات‬ ‫واملرتكزات‪.‬‬ ‫يتم إنتاجه وب ّثه من‬ ‫ما‬ ‫يف‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫القصد‬ ‫وغري‬ ‫ّة‬ ‫ي‬ ‫القصد‬ ‫التشويش‬ ‫عوامل‬ ‫احتواء‬ ‫ميكن‬ ‫• كيف‬ ‫ّ‬ ‫مضامني إعالم ّية‪.‬‬ ‫ال ّرسائل اإلعالم ّية‪ ،‬مبختلف أجناسها‪ ،‬مهدّدة باالضمحالل والتالشي ما مل يتخّللها عمل‬ ‫إبداعي‬ ‫الصناعة اإلعالم ّية اليوم ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إما أن تبدع أوأن متوت‬ ‫ّ‬ ‫اإلبداع مبفرده غري كاف ‪ ،‬ينبغي أن نس ّوق إلبداع‬ ‫ّ‬ ‫السمع ّية املرئ ّية والتفاعل ّية‪.‬‬ ‫• اإلخبارشأن‬ ‫مركزي يف عامل الوسائط اإلعالم ّية‪ّ ،‬‬ ‫• اإلخبار جمال حيوي من جماالت التأثري وصناعة ال ّرأي‪.‬‬ ‫• ظهور القنوات اإلخباريّة ‪ :‬رهان اقتصادي سياسي‪ ،‬ثقايف‪.‬‬ ‫• ظهور اإلعالم اإلخباري متعدّد الشاشات‪.‬‬ ‫• ما هي الفئات االجتماع ّية األكثر استهالكا للمادة اإلخباريّة‪.‬‬ ‫• ماهي القنوات اإلخباريّة اليت يتابعونها‪.‬‬ ‫• ّ‬ ‫أي دور للقنوات اإلخباريّة يف صناعة ال ّرأي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلخبارية التأقلم مع املستويات التفاعل ّية لدى املستهلكني للمواد‬ ‫• كيف ميكن للقنوات‬ ‫اإلخباريّة كاملدوّنات وال ّرسائل ال ّن ّصية‪.‬‬ ‫للصناعة اإلخباريّة ‪:‬‬ ‫• ما هي األجناس اإلخباريّة األكثر سيولة يف أوساط املستهلكني ّ‬ ‫ الربامج اإلخباريّة احلواريّة‪.‬‬‫ الومضات اإلخباريّة‪.‬‬‫ اجمل ّ‬‫الت اإلخباريّة‪.‬‬ ‫‪ -‬التحقيقات والتقارير‪.‬‬

‫‪163‬‬

164

‫التعرض لإلنترنت وعالقته ببعض اآلثار النفسية‬ ‫واالجتماعية لدى شباب الريف‬

-----------------------------------------

‫عبد اجلواد سعيد حممد ربيع‬.‫د‬ ‫جامعة املنوفية‬ ‫مجهورية مصر العربية‬

Abstract

The Present study investisates the relationship between exposure of rural Egyption Youth to the Internet, regording rate of use consequent Psych logical and Social Influences, and the available applications of such exposure through the Internet as well of the extent of those Psycholosical and Social consequences. This comes in light of the demogvaphic characteristics of subjects and the extent of their impact some propositions have been used in this regerd, from the uses and satisfaction as well as some propositions on Psychological and Social Variables such as Social unrest, selfevaluation, Complexity , and alienation. This aims at : 11. Recognizing the extent of the spread of the Internet in the Egyp tian Countryside and the rates of its us age by rural community youth. 22. Recognizing the most Prominent Psychological and Social con seahences related to the use of the internet and the extent to which the rural community youth get inxluenced by it. 33. Recognizing the relationship between the demographic features of Intcrnet users and the extent of exposure to psychological and Social consequences the thing that helps us decide the ideal mamner of using this techmology positively. 4- Comparing the findings of the present study to those of previous litera ture in the same field the thing that helps us grasp the ruture of us ing the internet techmology by rural community menbers. This, in its turn, may influence the cultural legacy. Customs, and rural traditions that differ from their urban counterparts. This helps us autline the suit able policy in the rural community for the spread of that tech mology in accordance with its customs and traditions.

165

‫ ‪5- Recognizing the namner rural people hamdle the Internet, along‬‬ ‫‪with their preferences and the impact of this on their life activities.‬‬ ‫‪The present study has reacred some findings that, in their totality,‬‬ ‫‪reveal the real ways in which rural Egyptian Youth, in general,‬‬ ‫‪deal with the internet, a long with the psychological and Social‬‬ ‫‪Consavences resulting from this . the relationship between this‬‬ ‫‪treatment and the demogrephic featrucs of the sample of subjects‬‬ ‫‪in the field study is also investigated.‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬ ‫أحدثت ثورة تكنولوجيا االتصال واملعلومات يف السنوات القليلة املاضية تغيريات نوعية يف‬ ‫العديد من أوجه احلياة للدرجة حيث مهدت الطريق لالنتقال من اجملتمع الصناعي إىل‬ ‫جمتمع املعلومات‪ ،‬وقد أخذت هذه الثورة ترتك آثارها االقتصادية واالجتماعية والثقافية على‬ ‫(‪) 1‬‬ ‫ونوعا ‪.‬‬ ‫اجملتمع املعاصر بشكل غري مسبوق كما ً‬ ‫ومتثل شبكة املعلومات أحد مظاهر ثورة املعلومات فهي تؤدي دو ًرا أساس ًيا يف صياغة األنشطة‬ ‫(‪) 2‬‬ ‫الرئيسية لإلنسان يف شتى نواحي احلياة‪ ،‬فأصبح من خالهلا إزالة حواجز الزمان واملكان ‪.‬‬ ‫ومع نهاية القرن العشرين وبداية األلفية اجلديدة أصبحت شبكة اإلنرتنت بصفة خاصة‬ ‫همزة الوصل بني دول العامل واحملرك الفعال ملختلف األنشطة واجملاالت جلميع فئات اجملتمع‬ ‫على املستوى العاملي وقد شهد العامل زيادة مطردة يف أعداد مستخدمي اإلنرتنت وخاصة الشباب‬ ‫( ‪)3‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وتشري البيانات االحصائية إىل تضاعف املستخدمني يف القرن احلادي والعشرين لشبكة‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬حيث بلغ يف يناير ‪ 2007‬ما يقرب من (‪ )1.093‬بليون مستخدم على مستوى العامل‪،‬‬ ‫وذلك مبعدل منو ‪ )202.9%‬مقارنة بعام ‪ ، 2000‬وقد تقدمت الدول اآلسيوية من حيث عدد‬ ‫املستخدمني بنسبة (‪ ، )35.6%‬يليها الدول األوروبية بنسبة (‪ ، )28.6%‬وأمريكا الشمالية‬ ‫بنسبة (‪ ، )21.2%‬ثم أمريكا الالتينية بنسبة (‪ ، )8.1%‬والدول األفريقية بنسبة (‪)3.5%‬‬ ‫وتأتي يف نهاية الرتتيب منطقيت الشرق األوسط ‪ ،‬وأسرتاليا بنسبة (‪ ، )1.8%‬و(‪ )1.7%‬لكل‬ ‫( ‪)4‬‬ ‫منهما على التوالي ‪.‬‬ ‫كما بلغ عدد مشرتكي اإلنرتنت يف مصر ‪9‬ماليني مشرتك ‪ ،‬كما يبلغ إمجالي الدقائق اليت‬ ‫يقضيها املستخدمون على شاشات اإلنرتنت خالل الشهر ‪ 600‬مليون دقيقة مبا يعادل ‪10‬‬ ‫‪166‬‬

‫مليون ساعة‪ ،‬كما يوجد مبصر ‪ 1071‬ناديا لتكنولوجيا املعلومات‪.‬‬ ‫هذا التزايد املطرد يف انتشار اإلنرتنت هو تأكيد حلقيقة معروفة‪ ،‬وهي أن مصر مصنفة ضمن‬ ‫الدول اليت ستنتشر فيها ثقافة احلاسوب بوجه عام‪.‬‬ ‫( ‪)5‬‬

‫واإلنرتنت كوسيلة اتصالية هلا العديد اآلثار من املرغوبة‪ ،‬وغري املرغوبة يف خمتلف النواحي‬ ‫‪،‬والسيما املخاطر النفسية واالجتماعية واليت تنعكس بالطبع على مستخدميها وقد انشغل‬ ‫الباحثني يف جمالي علم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع بهذا النوع من املخاطر خاصة بعد أن أصبح‬ ‫اإلنرتنت مألو ًفا بدرجة كبرية لدى األفراد‪ ،‬مما أدى إىل زيادة إقباهلم عليه‪ ،‬وأصبح لدى‬ ‫بعضهم جز ًءا أساس ًيا من خرباتهم احلياتية‪ ،‬مما يثري اجلدل حول اآلثار النفسية واالجتماعية‬ ‫الناجتة عن هذا التعامل مع اإلنرتنت‪ ،‬وهو ما سيحاول الباحث دراسته من حيث الرتكيز على‬ ‫دراسة بعض املتغريات النفسية واالجتماعية‪ ،‬القلق االجتماعي‪ ،‬التعقيد‪ ،‬تقدير الذات‪ ،‬االغرتاب‬ ‫النفسي املرتبطة باستخدام اإلنرتنت بصفتها وسيلة تكنولوجية واتصالية ‪.‬‬

‫الدراسات السابقة في مجال البحث ‪:‬‬ ‫تعددت وتنوعت الدراسات حول اإلنرتنت‪ ،‬واختلفت أهدافها يف ضوء اإلطار العام لكل دراسة‪،‬‬ ‫وسوف يستعرض الباحث الدراسات السابقة املرتبطة مبجال البحث‪ ،‬على حمورين أساسني‪:‬‬ ‫احملور األول ‪ :‬دراسات خاصة بشبكة اإلنرتنت‪:‬‬ ‫حيث يهدف هذا احملور إىل التعرف على التطبيقات املختلفة اليت تقدمها الشبكة ويتعامل معها‬ ‫املستخدمون‪.‬‬ ‫احملور الثاني ‪ :‬دراسات خاصة باآلثار النفسية واالجتماعية الناجتة عن التعامل مع شبكة‬ ‫اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫حيث يهدف هذا احملور إىل التعرف على النتائج اخلاصة باآلثار النفسية واالجتماعية‬ ‫الستخدام اإلنرتنت كوسيلة اتصالية وتكنولوجية‪.‬‬ ‫المحور األول ‪ :‬الدراسات التي تناولت استخدام اإلنترنت ‪:‬‬ ‫توصلت جنوى عبد السالم (‪ ) 6( )1996‬إىل تنوع دوافع استخدام الشباب لإلنرتنت حيث جاء دافع‬ ‫احلصول على معلومات يف الرتتيب األول يليه دافع التسلية والرتفيه‪ ،‬ثم دافع – إقامة صداقات‬ ‫‪167‬‬

‫ريا شغل الفراغ‪ ،‬كما توصل‬ ‫‪ ،‬ثم دافع الفضول وحب اإلطالع على املستجدات العاملية ‪ ،‬وأخ ً‬ ‫سامي طابع (‪ )7( )2000‬إىل أن أهم فوائد اإلنرتنت متثلت يف احلصول على األخبار واملعلومات ‪،‬‬ ‫كما أثبت السيد خبيت (‪ )8( )2000‬أن شبكة اإلنرتنت أدت إىل تغيري عادات استخدام اجلمهور‬ ‫لوسائل اإلعالم األخرى بنسبة ‪ ، 79%‬وتوصل حييى جاد (‪ ) 9( )2001‬إىل وجود غياب لإلعالم‬ ‫الواعي اهلادف الذي يعرف شبكة اإلنرتنت وخدماتها ومقوماتها وأشكاهلا وكيفية االستفادة‬ ‫منها بالصورة املفيدة ‪ ،‬كما توصل شريف درويش (‪ )10 ( )2002‬إىل أن التشريعات اخلاصة‬ ‫باستخدام اإلنرتنت قد اتسمت بالندرة الشديدة يف املنطقة العربية‪ ،‬حيث اقتصرت على تشريع‬ ‫واحد هو «مرسوم اإلنرتنت»‪ ،‬الصادر يف تونس ‪ ،‬وتعترب مصر والكويت دول أكثر ليربالية يف‬ ‫التعامل مع شبكة اإلنرتنت حيث يتمتع اجلمهور خبدمات اإلنرتنت نفسها اليت توجد يف الدول‬ ‫الغربية دون رقابة أو قيود ‪.‬‬ ‫وأثبتت نريمني حنفي (‪ )11( )2003‬أن تكنولوجيا االتصال احلديثة تقلل اخلربات املشرتكة‬ ‫بني أفراد األسرة ‪ ،‬ومن ثم يصعب التفاهم واالشرتاك يف القيم داخل نطاق األسرة‪ ،‬كما أن‬ ‫االستخدام الكثيف لإلنرتنت قد ارتبط مبجاالت من الشعور بالعزلة االجتماعية والوحدة‪،‬‬ ‫كما أنه يؤثر يف مهارات الفرد يف إقامة العالقات االجتماعية وإدارتها ويقل الوقت واجلهد‬ ‫املتاح ملمارسة األنشطة االجتماعية األخرى‪.‬‬ ‫اقتناعا بالقيم واألفكار الغربية‪،‬‬ ‫أما ريم عبود (‪ )12( )2004‬فقد توصلت إىل أن اإلنرتنت يولد‬ ‫ً‬ ‫باإلضافة إىل أنه يؤثر سلب ًيا على العالقات االجتماعية يف أفراد األسرة‪ ،‬وكذلك على‬ ‫املعتقدات الدينية‪ ،‬وحول دور قادة الرأي يف توعية الشباب مبخاطر اإلنرتنت توصلت نانسي‬ ‫عثمان (‪ )13( )2006‬إىل أن اهلروب من الواقع من أوائل أهداف اتصال أفراد العينة من الشباب‬ ‫باإلنرتنت يليه تقليد األصدقاء ومسايرتهم‪ ،‬باإلضافة إىل أن الشعور باالغرتاب والسخط عاني‬ ‫منهما أفراد العينة بعد مشاهدتهم العامل املتقدم على اإلنرتنت‪ ،‬وعن مدى إدراك مصداقية‬ ‫املعلومات اليت تقدمها اإلنرتنت لدى مستخدميها توصل (‪Andrew J- Flanagin )2000‬‬ ‫‪ (14‬إىل أنه قلي ً‬ ‫ال ما يقوم املسئولون بعمل فحوصات للمعلومات اليت حيصلون عليها يف اإلنرتنت‪،‬‬ ‫وأن مستخدمي اإلنرتنت ذوي اخلربة األقل يف التعامل مع اإلنرتنت قلي ً‬ ‫ال ما يقومون بعرض‬ ‫اإلنرتنت كمصدر صادق للمعلومات‪ ،‬وحول اآلثار النفسية واالجتماعية لتعرض اجلمهور‬ ‫املصري لشبكة اإلنرتنت توصلت هناء أبو اليزيد (‪ )15 ()2008‬إىل أن استخدام اإلنرتنت يؤدي‬ ‫إىل شعور بالقلق العام بسبب تأثر هؤالء األفراد بإدمان اإلنرتنت‪ ،‬وخيتفي هذا الشعور عندما ال‬ ‫يعانون من اإلدمان للشبكة‪ ،‬كما أن استخدام اإلنرتنت‪ ،‬أي أن إدمان الشبكة حال دون شعورهم‬ ‫باالكتئاب عندما يزداد استخدامهم هلا‪ ،‬كما أن استخدام اإلنرتنت ال يؤثر على تفاعل األفراد‬ ‫مع أسرهم‪ ،‬إذا مل يكن لديهم إدمان للشبكة‪ ،‬أما عن الدوافع وراء استخدام األفراد لإلنرتنت‬ ‫توصلت كال من (‪ ،Alan & Zizi (16 )2000‬إىل أن الدوافع الشخصية اليت يسعى األفراد‬ ‫‪168‬‬

‫لتحقيقها من خالل اإلنرتنت قد يقابلها اخنفاض يف تفاعالتهم االجتماعية األولية جتاه‬ ‫األسرة واألصدقاء ‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫وحول االستخدام اليومي لإلنرتنت يف حياة األفراد توصلت (‪ Caroline )2001‬إىل أن‬ ‫الرجال يستخدمون اإلنرتنت أكثر من النساء يف جمال البحث واألخبار واألنشطة وأخبار‬ ‫البنوك والبورصة‪ ،‬بينما تتجه السيدات للربيد اإللكرتوني‪ ،‬وبرامج احملادثة‪ ،‬أما عن دور‬ ‫اإلنرتنت يف الرتويج واإلعالن فقد توصل كال من (‪ ،Kwak & Fox 18 )2003‬إىل أن هناك‬ ‫أربعة أبعاد تؤثر على شراء املستهلك عرب اإلنرتنت‪ ،‬وهي احلالة املادية للمستهلك‪ ،‬وخربته‬ ‫باستخدام اإلنرتنت‪ ،‬ومساته الدميوجرافية‪ ،‬واحلالة املزاجية للشراء‪.‬‬

‫المحور الثاني ‪ :‬الدراسات التي تناولت اآلثار النفسية واالجتماعية الناجمة عن التعامل‬ ‫مع اإلنترنت ‪:‬‬ ‫يف إطار العالقة بني العزلة االجتماعية واستخدام شبكة اإلنرتنت توصل كال من يعقوب‬ ‫الكندري ومحود القشعان (‪ )19( )2001‬إىل أن كلما زادت عدد ساعات استخدام اإلنرتنت‪ ،‬كلما‬ ‫قل الوقت الذي يقضيه املستخدم مع أشخاص حقيقيني وتكوين عالقات اجتماعية مباشرة‬ ‫معهم‪ ،‬وبالنسبة لآلثار اإلجيابية والسلبية لشبكة اإلنرتنت على العالقات االجتماعية للشباب‪،‬‬ ‫توصل كال من حممد سعيد‪ ،‬ووجدي شفيق (‪ )20( )2003‬إىل أن املواقع العربية على اإلنرتنت‬ ‫ال تليب احتياجات املستخدمني للشبكة مما يدفعهم إىل الدخول إىل املواقع األجنبية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يعزز من الغزو الثقايف ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة جلرائم اإلنرتنت يف اجملتمع السعودي‪ ،‬توصل حممد املنشاوي (‪ ) 21()2003‬إىل أن‬ ‫‪ 4.2%‬من أفراد العينة ارتادوا مواقع جنسية‪ 19.2% ،‬طلبوا مواد إباحية منها‪ ،‬و ‪ 24%‬أنشئوا‬ ‫مواقع جنسية‪ ،‬و ‪ 2.9%‬قاموا بالتشهري باآلخرين‪ ،‬و ‪ 4.2%‬أنشئوا قوائم بريدية جنسية‪ ،‬وحول‬ ‫إدمان شبكة املعلومات واالتصاالت الدولية (اإلنرتنت) يف ضوء بعض املتغريات‪ ،‬توصلت هبة‬ ‫ربيع (‪ )22( )2003‬إىل أن أهم أسباب استخدام اإلنرتنت من قبل األفراد الذين يعانون من إدمان‬ ‫اإلنرتنت بالرتتيب مسايرة األصدقاء – حرية التعبري – احلصول على معلومات عامة ‪ ،‬ومن‬ ‫االستخدامات السيئة لإلنرتنت توصل (‪ Greenfield 23 )2005‬إىل أن أكثر املواقع تعرضا‬ ‫من قبل العاملني يف اإلنرتنت خالل ساعات العمل هي املواقع اليت حتوي مضامني إباحية ‪ .‬وعن‬ ‫عالقة اخلصائص املميزة لشبكة اإلنرتنت بإدمان اإلنرتنت توصل (‪ Leung 24 )2004‬إىل أن‬ ‫أهم خاصية لإلنرتنت من وجهة نظر مدمين اإلنرتنت هي شعورهم بالسيطرة والتحكم من‬ ‫خالل ممارسة األلعاب ‪.‬‬ ‫‪169‬‬

‫أما عن مدى وجود أعراض الستخدام اإلنرتنت اإلشكالي لدى مستخدمي اإلنرتنت يف جنوب‬ ‫أفريقيا توصل (‪ Thatcher 25 )2005‬إىل أنه هناك عالقة بني مدة اجللسة الواحدة أمام‬ ‫اإلنرتنت وبني حدوث االستخدام اإلشكالي لإلنرتنت‪ ،‬فكلما ازدادت مدة اجللسة الواحدة ازداد‬ ‫استخداما لدى األفراد الذين لديهم‬ ‫التعرض لالستخدام اإلشكالي‪ ،‬كما أن أكثر التطبيقات‬ ‫ً‬ ‫استخدام إشكالي لإلنرتنت على الرتتيب‪ :‬الدردشة – ممارسة األلعاب – الرسائل الفورية ‪ ،‬وعن‬ ‫أثر إدمان اإلنرتنت وعالقته مبركز التحكم والشعور باخلجل‪ ،‬فقد توصل (‪Chark )2004‬‬ ‫‪ 26‬إىل أنه كلما زاد إحساس الفرد باخلجل ازدادت إمكانية تعرضه إلدمان اإلنرتنت‪ ،‬وحول‬ ‫االستخدام املرضي لإلنرتنت لدى طالب اجلامعة توصل (‪ Nimez 27 )2005‬إىل أن هناك‬ ‫ارتباط بني إدمان اإلنرتنت املرتفع وبني الشعور بالتحرر االجتماعي بدرجة كبرية‪ ،‬والشعور‬ ‫بتقدير الذات بدرجة منخفضة‪ ،‬وعن أثر العزلة االجتماعية لدى األطفال مستخدمي‬ ‫الكمبيوتر من سن (‪8-13‬سنة) توصلت نبيلة صاحل (‪ )28( )2005‬إىل أن هناك عالقة بني‬ ‫الفرتة الزمنية الستخدام األطفال للكمبيوتر ‪،‬وبني شعورهم بالعزلة‪ ،‬فكلما ازدادت الفرتة‬ ‫الزمنية ازداد الشعور بالعزلة االجتماعية ‪ ،‬وحول العالقة بني الشعور بالوحدة واستخدام‬ ‫اإلنرتنت توصل (‪) (Moody )2003‬إىل أنه كلما ازداد استخدام اإلنرتنت قل شعور الفرد‬ ‫بالوحدة االجتماعية ‪ ،‬وازداد شعوره بالوحدة العاطفية‪ ،‬أما بالنسبة للعالقة بني خربة استخدام‬ ‫اإلنرتنت وقلق اإلنرتنت توصل (‪ Will fong 29 )2006‬إىل وجود عالقة سلبية بني كثافة‬ ‫استخدام اإلنرتنت واخلربة بالكمبيوتر ومستوى كفاءة الفرد يف استخدامه ‪ ،‬وبني الشعور‬ ‫بقلق اإلنرتنت‪ ،‬وكلما ازداد معدل استخدام الفرد ‪ ،‬وازدادت كفاءته الذاتية يف االستخدام قل‬ ‫شعوره من قلق اإلنرتنت ‪.‬‬

‫التعقيب على الدراسات السابقة‪:‬‬

‫‪1 .1‬تشري غالبية الدراسات العربية واألجنبية إىل كثرة استخدام اإلنرتنت مما يزيد من أهمية‬ ‫دراسة اآلثار الناجتة عن هذا االستخدام سواء باإلجياب أو بالسلب ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬هناك ندرة يف الدراسات العربية إذا ما قورنت مبثيالتها األجنبية اليت تتناول اآلثار النفسية‬ ‫واالجتماعية املرتبطة بالتعامل مع اإلنرتنت ‪ ،‬بإستنثاء دراسة هناء أبو اليزيد ‪ ،‬األمر الذي دفع‬ ‫الباحث بدراسة ما يرتبط باإلنرتنت من آثار كمجال للدراسة ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬مالحظة استخدام مدخل االستخدامات واإلشباعات لدراسة اجلوانب املختلفة املرتبطة‬ ‫بالتعامل مع اإلنرتنت ‪ ،‬ومن بيبنها اآلثار النفسية واالجتماعية اليت تسببها الوسائل‬ ‫التكنولوجية مثل اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫قلة الدراسات اليت تتناول قلق اإلنرتنت ‪ ،‬ولذا اهتم الباحث بدراسة هذا اجلانب إىل جانب‬ ‫املتغريات النفسية واالجتماعية األخرى يف اجملتمع املصري والذي خيتلف عن اجملتمعات‬ ‫‪170‬‬

‫الغربية من حيث كيفية تعامل أفراده مع الوسائل التكنولوجية ‪،‬وبصفة خاصة جمتمع‬ ‫الريف املصري‪ ،‬والذي ميثل جمتمع هذا البحث‪.‬‬ ‫االستفادة من الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫‪1 .1‬التعرف على أهم نتائج الدراسات األجنبية وخاصة فيما يتعلق باآلثار املرتبطة باإلنرتنت‪،‬‬ ‫مما ساعد الباحث يف حتديد مشكلة حبثه‪ ،‬وحتديد الفروض‪ ،‬وتطويرها من خالل افرتاض‬ ‫للعالقات بني عدة متغريات خمتلفة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬اإلطالع على املقاييس النفسية واالجتماعية يف الدراسات املختلفة‪ ،‬وحماولة اختيار‬ ‫بعضها مبا يتالئم مع موضوع الدراسة مثل مقاييس القلق االجتماعي – التعقيد – تقدير‬ ‫الذات ‪ -‬اإلغرتاب ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬مقارنة نتائج الدراسة احلالية بنتائج الدراسات السابقة‪ ،‬مما ساهم يف الكشف عن أوجه‬ ‫التشابه واالختالف بني طبيعة اجملتمعات املختلفة يف الغرب والشرق‪ ،‬واليت انعكست على‬ ‫أسلوب تعامل األفراد مع اإلنرتنت كوسيلة اتصالية ‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة وأهميتها ‪:‬‬

‫تعددت العوامل اليت ساهمت يف التوصل إىل فكرة البحث‪ ،‬منها املالحظة الشخصية للباحث‪،‬‬ ‫ثم الكشف عن املعلومات اخلاصة بالتعامل مع شبكة اإلنرتنت‪ ،‬ثم نتائج الدراسات السابقة‬ ‫املرتبطة مبجال البحث‪ ،‬ويتجلى ذلك يف اآلتي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬االنتشار املتزايد وامللحوظ الستخدام اإلنرتنت يف اجملتمع املصري سواء من خالل أجهزة‬ ‫الكمبيوتر الشخصي يف املنازل‪ ،‬أو مقاهي اإلنرتنت أو نوادي التكنولوجيا‪ ،‬ومما يدل على ذلك‬ ‫ما وصل إليه حجم املستخدمني خالل عام ‪ 2008‬والذي يقدر حبوالي ‪ 9‬مليون مستخدم مما‬ ‫(‪)31‬‬ ‫يضع مصر يف مقدمة الدول العربية من حيث استخدام اإلنرتنت‪.‬‬ ‫‪2 .2‬أدى ازدياد انتشار اإلنرتنت مبعدالت سريعة إىل لفت انتباه الباحثني يف جمال االتصال‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬وأجريت الدراسات العديدة حول هذه التكنولوجيا اجلديدة‪ ،‬ومن ثم كأية‬ ‫ظاهرة اتصالية تتطور فقد الحقتها الدراسات األكادميية – اخلاصة بها – بتطوير أهدافها‬ ‫‪ ،‬ومل يعد موضوع استخدامات اإلنرتنت هو الذي يشغل الباحثني يف هذا اجملال‪ ،‬بل امتد إىل‬ ‫دراسة ما ينتج عن هذه االستخدامات من تأثريات ‪ ،‬يف النواحي االجتماعية والثقافية والنفسية‪،‬‬ ‫والناجتة عن استخدام اإلنرتنت‪ ،‬وتهتم هذه الدراسات بتأثري هذا االستخدام على سلوكيات‬ ‫األفراد‪ ،‬وهو ما يدخل يف اجملال املويف اجلديد‪،‬والذي عرف بـ ‪ ،Social Information‬أو‬ ‫املعلوماتية االجتماعية‪ ،‬وهي الدراسات اليت تتناول تأثري تطبيق واستخدام تكنولوجيا املعلومات‬ ‫(‪)32‬‬ ‫واالتصاالت على األفراد اجتماع ًيا ‪.‬‬ ‫‪171‬‬

‫يف ضوء ما سبق‪ ،‬حدد الباحث مشكلة حبثه فيما يلي‪:‬‬ ‫«دراسة العالقة بني التعرض لإلنرتنت من قبل شباب الريف املصري من حيث معدالت‬ ‫االستخدام والدوافع وبعض اآلثار النفسية واالجتماعية املرتتبة على هذا االستخدام ‪ ،‬وكذلك‬ ‫العالقة بني التعرض للتطبيقات املتاحة عرب اإلنرتنت ‪ ،‬ومدى تأثرهم بهذه اآلثار ‪ ،‬وذلك يف‬ ‫ضوء بعض اخلصائص الدميوجرافية للمبحوثني»‪.‬‬

‫أهمية الدراسة ‪:‬‬

‫‪1 .1‬هتمت بعض األحباث اإلعالمية بدراسة أمناط واستخدامات وإشباعات الوسيلة‬ ‫التكنولوجية احلديثة دون الرتكيز على خماطر هذه الوسيلة‪ ،‬األمر الذي يعطي لدراستنا‬ ‫خصوصية وأهمية‪.‬‬ ‫‪2 .2‬ركزت معظم الدراسات اليت تناولت تكنولوجيا االتصال احلديثة على اجلانب الوصفي‪،‬‬ ‫وإهمال طبيعة العالقة بني االستخدام والتأثريات الناجتة عن هذا االستخدام وخاصة السلبية‬ ‫منها‪ ،‬وهو ما حياول الباحث دراسته‪.‬‬ ‫‪ 3 .3‬اهتمت الدراسة احلالية بتناول مفاهيم نفسية واجتماعية قد ترتبط باستخدام اإلنرتنت‬ ‫مما يساعد يف التوصل ملقرتحات لالستفادة من تكنولوجيا اإلنرتنت وجتنب آثارها السلبية‬ ‫خاصة لدى بعض الفئات اليت قد ال تلتفت إىل أضرارها‪.‬‬ ‫‪4 .4‬استندت الدراسة احلالية يف إطارها النظري على مدخل االستخدامات واإلشباعات إىل‬ ‫جانب بعض املفاهيم اخلاصة باآلثار النفسية واالجتماعية يف دراسة استخدامات اإلنرتنت‪،‬‬ ‫وما يرتبط بها من آثار نفسية واجتماعية األمر الذي يسهم يف توظيف هذا اإلطار لتحليل‬ ‫ظاهرة اتصالية وتكنولوجية حديثة مما قد يساهم يف تطويرها‪.‬‬ ‫‪5 .5‬أن مجهور املستخدمني لإلنرتنت أغلبة من الشباب من اجلنسني‪،‬ومتثل تلك الشرحية أكثر‬ ‫فئات اجملتمع أهمية حيث أنه سيقوم عليهم عبء التنمية واإلنتاج يف اجملتمع‪ ،‬وبالنسبة هلذه‬ ‫الدراسة فسوف يتم الرتكيز على شباب اجملتمع الريفي – وهو جمتمع على الرغم من كون‬ ‫العامل أصبح قرية صغرية منفتحة على بعضها بفضل تكنولوجيا االتصال إال أنه مازال يوصف‬ ‫بأنه من اجملتمعات املنغلقة أو احملافظة إىل حد ما على العادات والتقاليد واملورثات الثقافية‪،‬‬ ‫مما يساعد يف التعرف على مدى استجابة هذه الشرحية من اجملتمع لإلنرتنت واآلثار املرتتبة‬ ‫على هذا االستخدام واليت قد تنعكس على اجملتمع فيما بعد‪.‬‬

‫‪172‬‬

‫أهداف الدراسة ‪:‬‬

‫تتمثل أهداف هذه الدراسة‪ ،‬فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ 1 .1‬التعرف على مدى انتشار تكنولوجيا اإلنرتنت يف الريف املصري‪ ،‬ومعدالت استخدامها ‬ ‫ بني شباب اجملتمع الريفي ‪.‬‬ ‫‪ 2 .2‬التعرف على أهم اآلثار النفسية واالجتماعية املرتبطة باستخدام اإلنرتنت ومدى تأثر‬ ‫شباب اجملتمع الريفي بها‪.‬‬ ‫‪ 3 .3‬التعرف على العالقة بني اخلصائص الدميوجرافية ملستخدمي اإلنرتنت‪ ،‬ومدى التعرض‬ ‫لآلثار النفسية واالجتماعية مما يساهم يف حتديد الكيفية اليت جيب اتباعها الستخدام هذه‬ ‫الوسيلة احلديثة بصورة إجيابية ‪.‬‬ ‫‪ 4 .4‬مقارنة نتائج هذه الدراسة مبا توصلت إليه الدراسات السابقة يف جمال البحث مما‬ ‫يساعد على فهم طبيعة استخدام أفراد اجملتمع الريفي لتكنولوجيا اإلنرتنت ‪،‬والذي قد تؤثر‬ ‫فيها املوروثات الثقافية والعادات والتقاليد الريفية ختتلف عن املوروثات والعادات والتقاليد‬ ‫احلضرية مما يساهم يف وضع سياسة مالئمة داخل اجملتمع الريفي لنشر هذه التكنولوجيا مبا‬ ‫يتوافق مع عاداته وتقاليده‪.‬‬

‫مفاهيم الدراسة ‪:‬‬

‫مشلت الدراسة بعض املفاهيم النفسية واالجتماعية اليت استهدف الباحث دراستها‪ ،‬وقياسها‪،‬‬ ‫وسوف نورد تعريفاتها اإلجرائية يف هذه الدراسة كما يلي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬التأثريات النفسية واالجتماعية لإلنرتنت ‪:‬‬ ‫كل تأثري على احلياة االجتماعية أو احلالة النفسية للشباب بسبب استخدام اإلنرتنت مثل‬ ‫القلق االجتماعي‪ ،‬التعقيد‪ ،‬االغرتاب‪.‬‬ ‫‪2 .2‬مرحلة الشباب ‪:‬‬ ‫هي املرحلة العمرية من سن ‪ 15‬إىل سن ‪ ،30‬اجلدير بالذكر أنه ال يوجد مفهوم واحد حمدد‪،‬‬ ‫وعرفت مرحلة الشباب بأنها املرحلة من سن اخلامسة وحتى سن اخلامسة والعشرين‪،‬وهناك‬ ‫(‪)33‬‬ ‫البعض اآلخر الذي حيدد هذه املرحلة من سن الثالثة عشر ويصل حتى سن الثالثني‪.‬‬

‫اإلطار النظري للدراسة ‪:‬‬

‫تستند الدراسة إىل بعض األسس النظرية من مدخل االستخدامات واإلشباعات الذي يقوم‬ ‫على مبدأ أساس هو أن األفراد يستخدمون وسائل اإلعالم حلل مشاكلهم وإلشباع حاجاتهم‬ ‫مثل البحث عن املعلومات واالتصال االجتماعي والتعلم والتنمية‪ ،‬ومن هنا خيتار األفراد من‬ ‫‪173‬‬

‫مضامني وسائل اإلعالم ما يتناسب مع رغباتهم وما يشبع حاجاتهم إىل اإلعالم والتسلية‬ ‫(‪)34‬‬ ‫والتعلم االجتماعي‪.‬‬ ‫وحيقق مدخل االستخدامات واإلشباعات ثالثة أهداف رئيسية هي ‪:‬‬ ‫‪ 1 .1‬السعي إىل اكتساب كيف يستخدم األفراد وسائل االتصال وذلك بالنظر إىل اجلمهور ‬ ‫ النشط الذي يستطيع أن خيتار ويستخدم الوسائل اليت تشبع حاجاته وتوقعاته‪.‬‬ ‫‪ 2 .2‬شرح دوافع التعرض لوسيلة معينة من وسائل االتصال والتفاعل الذي حيدث نتيجة ‬ ‫ هذا التعرض‪.‬‬ ‫(‪)35‬‬ ‫‪ 3 .3‬التأكيد على نتائج استخدام وسائل االتصال بهدف فهم عملية االتصال اجلماهريي‪.‬‬ ‫فإذا كانت خمتلف الدراسات تؤكد على دور وسائل اإلعالم يف إمداد الفرد باملعلومات(‪ )36‬وإن‬ ‫التعرض لتلك الوسائل خاصة املرئية يزيد من معلومات الفرد بوجه عام‪ ،‬وأن التليفزيون يتفوق‬ ‫على وسائل اإلعالم األخرى كمصدر من مصادر املعرفة واحلصول على األخبار واملعلومات‬ ‫فإن دخول تكنولوجيا احلاسبات الشخصية إىل اجملال االتصالي ميثل أحد نقاط التحول املهمة‬ ‫يف مراحل تطور عملية االتصال اجلماهريي وزيادة وعي وثقافة األفراد وتزويدهم باملعلومات‬ ‫واملعرفة وذلك من حيث قدرته على تذويب احلدود الفاصلة بني وسائل االتصال اجلماهريي‬ ‫بشكلها التقليدي وذلك من خالل أنظمة الوسائل االصتالية املتعددة ‪ Multi-Media‬حيث‬ ‫مت دمج كافة معطيات الوسائل االتصالية (الصحافة اإللكرتونية – الكتاب اإللكرتوني –‬ ‫اإلذاعة – الكاسيت – التليفزيون – الفيديو – الربيد اإللكرتوني)‪ .‬يف إطار جهاز اتصالي واحد‬ ‫(‪)37‬‬ ‫هو احلاسب اآللي ‪.‬‬ ‫واحلاسب اآللي باعتباره جوهر الثورة التكنولوجية املعاصرة يتكامل اآلن مع كل وسائل‬ ‫االتصال املطبوعة واملسموعة واملرئية ‪ ،‬ويلعب دو ًرا أساس ًيا يف تطوير العملية االتصالية‬ ‫واملعرفية وحتسينها وتسريعها‪ ،‬فلم يعد أداة خلزن املعلومات واسرتجاعها بل أصبح وسيلة‬ ‫اتصال رئيسية‪ )38( .‬ومصدر أساس من مصادر املعرفة والثقافة لألفراد وذلك يف ضوء ما متثله‬ ‫شبكة اإلنرتنت من حيث كونها مصدر فائق األهمية للمعلومات‪ ،‬بل هي بالنسبة ملن جييد‬ ‫استخدامها تتفوق على وسائل أخرى مثل الكتب والتليفزيون‪،‬والراديو‪ ،‬والصحف كمصدر‬ ‫للمعلومات ‪ ،‬إال أن معلومات اإلنرتنت جيب التعامل معها بشيء من احلذر حيث ال يوجد من‬ ‫ميلك هذه الشبكة‪ ،‬إذ أنها مكونة من العديد من شبكات الكمبيوتر الشخصية ولذلك يعود‬ ‫كل جزء منها‪ ،‬شخص أو إىل أشخاص حمددين (حكومة أو جامعات أو شركات أو أفرادًا)‪،‬‬ ‫فاإلنرتنت شبكة شاملة عابرة للقارات من الصعب أو املستحيل تقنيا على أية دولة التحكم مبا‬ ‫يسري فيها حيث تفيد اإلحصاءات أن أكثر من ‪ 70%‬من الشباب ما بني اخلامسة اإلنرتنت‬ ‫‪174‬‬

‫والتواصل بالرسائل اإللكرتونية ‪ ،‬هذا إىل جانب مواقع العنف واجلنس اليت تفرض وجودها‬ ‫على أبناءنا أثناء تعرضهم لإلنرتنت وتعمل على نشر العدوانية واإلباحية بشكل يثري القلق بل‬ ‫وتقدم هلم كل اإلغراءات املمكنة للدخول إىل تلك املواقع ( ) ومن هنا سوف حياول هذا البحث‬ ‫الرتكيز على دراسة اآلثار اخلاصة باملتغريات النفسية واالجتماعية املرتبطة باستخدام‬ ‫اإلنرتنت باعتبارها وسيلة تكنولوجية واتصالية‪.‬‬

‫املتغريات النفسية واالجتماعية‪:‬‬

‫‪ 1 .1‬الريف ‪:‬‬ ‫يقصد باجملتمع الريفي ذلك اجملتمع الذي يعيش يف مستوى تنظيمي منخفض وجنده عند‬ ‫فالحي األرض والرعاة وصيادي احليوانات واألمساك ‪ ،‬ويتميز بسيطرة نسبية للحرف‬ ‫الزراعية‪ ،‬وبالعالقة الوثيقة بني الناس ويصغر حجم جتمعاته االجتماعية وبالتخلخل‬ ‫السكاني‪ ،‬وبدرجة عالية من التجانس االجتماعي وضآلة احلراك االجتماعي الرأسي والوظيفي‬ ‫(‪)40‬‬ ‫عند السكان ‪.‬‬ ‫‪1 .1‬القلق االجتماعي ‪:‬‬ ‫يقصد بالقلق االجتماعي االستجابة االنفعالية الصادرة عن الفرد جتاه بعض املتغريات سواء‬ ‫(‪)41‬‬ ‫النفسية أو االجتماعية ويرتبط باالستثارة االنفعالية للشخص ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬تقدير الذات ‪:‬‬ ‫يقصد به تقدير الفرد لذاته وف ًقا ملعتقداته وأفكاره عن ذاته ‪ ،‬ويتشكل من خالل تنشئه الفرد‬ ‫منذ الصغر‪ ،‬وبالتالي تعكس منط من التعامل مع البيئة احمليطة أما إجيابيا أو سلب ًيا‪.‬‬ ‫‪3 .3‬التعقيد ‪:‬‬ ‫يعرف بأنه أحد أبعاد الشخصية ‪ ،‬وهو بعد معريف ذو خاصية أو طبيعة خاصة ‪ ،‬حيث يعكس‬ ‫ميل الفرد إىل ممارسة األعمال أو املهام الصعبة خاصة يف جمال احلصول على املعلومات أو‬ ‫البيانات‪.‬‬ ‫‪4 .4‬االغرتاب ‪:‬‬ ‫يعرف بأنه سلوك يعرب به األفراد عن اجتاهات ومشاعر باالنفعال القائم على التناقض‪ ،‬وهو‬ ‫(‪)43‬‬ ‫موجود طاملا هناك فجوة بني الفرد واجملتمع‪.‬‬

‫‪175‬‬

‫نوع الدراسة ‪:‬‬

‫تنتمي هذه الدراسة إىل نوع الدراسات الوصفية اليت تستهدف حبث احلقائق الراهنة املتعلقة‬ ‫بطبيعة ظاهرة ‪ ،‬بهدف احلصول على معلومات كافية ودقيقة دون الدخول يف أسبابها (‪، )43‬‬ ‫وذلك من خالل ‪:‬‬ ‫‪ 1 .1‬استخدامات مجهور شباب الريف املصري لإلنرتنت وتشمل كثافة االستخدام وعادات‪،‬‬ ‫وأسلوب هذا االستخدام‪ ،‬ونوعية التطبيقات املفضل التعامل معها‪ ،‬واملتاحة عرب الشبكة‪،‬‬ ‫وعالقاتهم بالعامل االفرتاضي داخلها‪ ،‬ومدى تفضيلهم هلا وللعالقات املكونة من خالهلا‪ً ،‬‬ ‫وأيضا‬ ‫اجتاهاتهم حنو اإلنرتنت كوسيلة تكنولوجية اتصالية ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬اآلثار النفسية واالجتماعية املرتبطة باستخدام هؤالء األفراد لإلنرتنت‪ ،‬وتتمثل يف ‪ :‬القلق‬ ‫االجتماعي ‪ & Social Anxiety‬التعقيد ‪ Complixity‬تقدير الذات ‪& Self-esteem‬‬ ‫االغرتاب ‪. Alliention‬‬

‫منهج الدراسة ‪:‬‬

‫اعتمد الباحث على منهج املسح‪،‬واستخدم يف إطاره منهج مسح اجلمهور‪ ،‬وذلك بهدف التعرف‬ ‫على خصائص مستخدمي شبكة اإلنرتنت من شباب الريف املصري‪ ،‬وعادات هذا االستخدام‪،‬‬ ‫ومدى ارتباطه ببعض املتغريات النفسية االجتماعية‪.‬‬

‫جمتمع الدراسة ‪:‬‬

‫مت حتديد جمتمع الدراسة يف حمافظة املنوفية لالعتبارات اآلتية ‪:‬‬

‫‪ 1 .1‬تعترب حمافظة املنوفية من حمافظات الوجه البحري والرائدة يف جمال التعليم نظ ًرا ‬ ‫(‪)44‬‬ ‫الرتفاع نسبة املتعلمني بها ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬وجود جامعة ختدم حمافظة املنوفية كأحد العوامل الرئيسية يف ارتفاع املستوى التعليمي‬ ‫بها‪ ،‬والذي اعتربته عدد من الدراسات العلمية يف جمال اإلنرتنت أحد العوامل الرئيسية يف‬ ‫(‪)45‬‬ ‫استخدام وزيادة االستخدام للوسيلة احلديثة ‪.‬‬ ‫‪ 3 .3‬تضم حمافظة املنوفية أربعة شركات لتقديم خدمات اإلنرتنت وكثرة مراكز اإلنرتنت‬ ‫بها‪ ،‬يشكل شبه ظاهرة ‪ ،‬حيث حيتوي مركز شبني الكوم وحدة على أكثر من ‪ 300‬مرك ًزا‬ ‫(‪)46‬‬ ‫طب ًقا لتقرير شركة ‪ EgyNet‬وهي من أكرب شركات خدمات اإلنرتنت يف مصر ‪.‬‬

‫حجم العينة ‪:‬‬

‫مت حتديد حجم العينة من ‪( 120‬مائة وعشرين) مفردة من شباب الريف من طالب جامعة‬

‫‪176‬‬

‫املنوفية ممن ترتاوح أعمارهم بني ‪، 19‬و‪21‬عام‪ ،‬وقد مت سحب العينة بطريقة العينة العمدية‬ ‫وممن يستخدمون شبكة اإلنرتنت بالفعل وقد مت تقسيم جمتمع الدراسة إىل فئات وف ًقا‬ ‫للمتغريات الدميوجرافية مثل املستوى االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬واجلنس‪ ،‬والعمر‪ ،‬والكلية اليت‬ ‫ينتمي إليها املبحوث‪ .‬وقد مت االعتماد على أسلوب التوزيع املتساوي يف عينة الدراسة‪ ،‬حيث بلغ‬ ‫عدد الذكور ‪ 60‬مفردة‪ ،‬وعدد اإلناث ‪ 60‬مفردة ‪.‬‬

‫أداة مجع البيانات‬

‫اعتمد الباحث على صحيفة «االستقصاء» كأداة جلمع البيانات املطلوبة عن طريق املقابلة‬ ‫الشخصية مع املبحوثني‪ ،‬وف ًقا لألسلوب املقنن‪ ،‬وقد ساعد الباحث يف تطبيق الصحيفة فريق‬ ‫(‪)47‬‬ ‫من الباحثني املدربني ‪.‬‬ ‫وقد تعددت أشكال األسئلة يف الصحيفة‪ ،‬حيث تضمنت أسئلة مغلقة‪ ،‬وأخرى مفتوحة‪ ،‬إىل‬ ‫جانب األسئلة الكاشفة اليت تستخدم يف احلاالت اليت حيتمل فيها وجود تباين يف االستجابات‪،‬‬ ‫ومن حيث املضمون تنوعت األسئلة ً‬ ‫أيضا بهدف التعرف على اآلراء واالجتاهات واملعتقدات‬ ‫ملستخدمي اإلنرتنت عن طريق استخدام املقاييس التجميعية املختلفة واخلاصة باختبار بعض‬ ‫املتغريات النفسية واالجتماعية حمل الدراسة مثل مقياس القلق االجتماعي‪ ،‬مقياس التعقيد‪،‬‬ ‫مقياس تقدير الذات‪ ،‬مقياس االغرتاب ‪.‬‬

‫فروض الدراسة ‪:‬‬

‫من خالل اإلطالع على األدبيات املتوفرة عرب ًيا وأجنب ًيا ‪،‬واملرتبطة مبجال البحث‪ ،‬وكذلك‬ ‫املفاهيم األساسية للمداخل النظرية اليت اعتمد عليها البحث‪ ،‬ويف ضوء ارتباطها بدراسة‬ ‫وسائل اإلعالم ‪ ،‬مت حتديد فروض الدراسة‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫• •الفرض األول ‪:‬‬ ‫توجد عالقة ذات دالة إحصائ ًيا بني النوع واستخدام تطبيقات اإلنرتنت‪.‬‬ ‫• •الفرض الثاني ‪:‬‬ ‫توجد عالقة ذات دالة إحصائية بني النوع ودوافع استخدام اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫• •الفرض الثالث ‪:‬‬ ‫توجد عالقة ذات داللة إحصائية بني استخدام اإلنرتنت وبعض املتغريات النفسية واالجتماعية‬ ‫املرتبطة به على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪177‬‬

‫أ‪ -‬هناك عالقة ذات دالة إحصائية بني استخدام اإلنرتنت والقلق االجتماعي ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬هناك عالقة ذات دالة إحصائية بني استخدام اإلنرتنت والتعقيد‪.‬‬ ‫جـ‪ -‬هناك عالقة ذات دالة إحصائية بني استخدام اإلنرتنت وتقدير الذات‪.‬‬ ‫د‪ -‬هناك عالقة ذات دالة إحصائية بني استخدام اإلنرتنت واالغرتاب‪.‬‬

‫اختبار الصدق والثبات ‪:‬‬

‫(أ) اختبار الصدق‬ ‫مت عرض الصحيفة على جمموعة من احملكمني ( ) يف جماالت اإلعالم وعلم النفس وعلم‬ ‫االجتماع‪ ،‬ومناهج البحث‪ ،‬وحبوث اإلنرتنت وبناء على ما أبداه احملكمون من آراء مت إجراء‬ ‫التعديالت املطلوبة‪ ،‬فيما يتعلق حبذف األسئلة ‪،‬وإضافة بعض البدائل ‪ ،‬أو دمج بعض البدائل‪،‬‬ ‫أو دمج بضعها‪ ،‬إلعداد صحيفة االستقصاء يف شكلها النهائي لتكون أداة صاحلة جلميع البيانات‬ ‫يف الدراسة احلالية‪.‬‬ ‫(ب) اختبار الثبات ‪:‬‬ ‫استخدم الباحث أسلوب ‪ Test-Retest‬حيث أعاد تطبيق أداة البحث على نفس املبحوثني بعد‬ ‫فرتة زمنية من إجراء التطبيق األول‪ ،‬وقد أعيد االختبار على جمموعة مكونة من ‪ 12‬مبحوث‬ ‫يوما من إجراء االختبار‬ ‫بنسبة ‪ 10%‬من حجم العينة األصلية ومت إعادة االختبار بعد ‪ً 15‬‬ ‫األول حتى ميكن جتنب عوامل التغيري بصورة تسمح بعدم تذكر املبحوث إلجابته األوىل‪،‬‬ ‫للتأكد من قدرة األداء على القياس ‪ ،‬ومجع نفس املعلومات مهما تعددت الفرتات الزمنية اليت‬ ‫تستخدم فيها‪ ،‬وقد مت حساب نسبة االتفاق بني اإلجابات يف كل من املقابلتني‪ ،‬وبلغ معامل‬ ‫الثبات ‪ ،89.8%‬مما اعتربه الباحث مستوى مناسب من الثبات ‪.‬‬ ‫كما مت استخدام معامل ألفا كرونياخ ‪ Alpha-Cronbach‬لتحليل ثبات‬ ‫ ‬ ‫املقاييس اليت تضمنتها صحيفة االستقصاء ‪ ،‬وكانت النتيجة على النحو التالي ‪:‬‬

‫جدول رقم (‪)1‬‬

‫يوضح حتليل ثبات املقاييس باستخدام معامل ألفا كرونباخ‬

‫‪178‬‬

‫اسم املقياس‬

‫قيم معامل ألفا كرونباخ‬

‫مقياس القلق االجتماعي‬

‫‪0.61‬‬

‫مقياس التعقيد املعرفي‬

‫‪0.66‬‬

‫مقياس االغتراب‬

‫‪0.77‬‬

‫مقياس تقدير الذات‬

‫‪0.78‬‬

‫باستقراء بيانات اجلدول السابق جند أن معامل ثبات مقياس القلق االجتماعي بلغ ‪ 0.61‬وهي‬ ‫قيمة تؤكد ثبات االختبار ‪ ،‬كما بلغت قيمة مقياس ثبات التعقيد املعريف ‪ 0.66‬وهي ً‬ ‫أيضا‬ ‫قيمة تؤكد كفاءة املقياس‪ ،‬أما بالنسبة ملعامل ثبات االغرتاب فقد بلغت قيمة ‪ ،0.77‬ومقياس‬ ‫تقدير الذات بلغت قيمته ‪ ،0.78‬مما يؤكد الثقة يف األدوات املستخدمة للدراسة ‪.‬‬

‫نتائج الدراسة ‪:‬‬

‫‪1 .1‬خصائص عينة الدراسة ‪:‬‬ ‫أجريت الدراسة امليدانية حول بعض اآلثار النفسية واالجتماعية املرتتبة على استخدام شباب‬ ‫الريف لشبكة اإلنرتنت‪ ،‬وقد اعتمد الباحث على أسلوب العينة العمدية من مستخدمي الشبكة‬ ‫يف حمافظة املنوفية‪ ،‬وقد بلغت ‪ 120‬مفردة من الشباب اجلامعي ويوضح اجلدول التالي مسات‬ ‫العينة‪:‬‬

‫جدول رقم (‪)2‬‬

‫النوع‬ ‫ذكور‬ ‫إناث‬ ‫اإلمجالي‬ ‫الكلية‬ ‫آداب‬ ‫حقوق‬ ‫هندسة‬ ‫علوم‬ ‫اإلمجالي‬ ‫الفئة العمرية‬ ‫‪20 – 18‬‬ ‫‪22 – 20‬‬ ‫اإلمجالي‬

‫يوضح خصائص عينة الدراسة‬ ‫التكرار‬ ‫‪60‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪120‬‬ ‫التكرار‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪120‬‬ ‫التكرار‬ ‫‪75‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪120‬‬

‫النسبة املئوية‬ ‫‪50‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪100‬‬ ‫النسبة املئوية‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪100‬‬ ‫النسبة املئوية‬ ‫‪62.5‬‬ ‫‪37.5‬‬ ‫‪100‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق جند أن عينة الدراسة من املبحوثني من شباب الريف الذين‬ ‫يستخدمون اإلنرتنت يف حمافظة املنوفية وف ًقا للنوع بلغت ‪ 50%‬من الذكور ‪ ،‬و‪ 50%‬من‬ ‫‪179‬‬

‫اإلناث‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للكلية اليت ينتمي إليها املبحوثني فقد بلغت النسبة ممن يدرسون يف كلية اآلداب‬ ‫‪ ، 25%‬ويف احلقوق ‪ ، 25%‬ويف اهلندسة ‪ ،25%‬ويف العلوم ‪. 25%‬‬ ‫وبالتالي تكون نسبة املبحوثني املنتمني للكليات النظرية ‪ ، 50%‬واملنتمني للكليات العملية‬ ‫‪.50%‬‬ ‫أما بالنسبة للفئات العمرية للمبحوثني فقد توزعت عينة الدراسة على فئتني هما من ‪– 18‬‬ ‫إىل ‪ 20‬عام ‪ ،‬ومن ‪ 20‬إىل ‪ 22‬عام‪ ،‬وقد بلغت نسبة املبحوثني الذين ينتمون إىل الفئة العمرية‬ ‫من ‪ 18‬إىل ‪ 20‬عام ‪ ،62.5%‬ونسبة املبحوثني الذين ينتمون إىل الفئة العمرية من ‪ 20‬إىل ‪22‬‬ ‫عام ‪. 37.5%‬‬ ‫‪ 2 .2‬مدى االنتظام يف استخدام شبكة اإلنرتنت‬

‫جدول رقم (‪)3‬‬

‫يوضح مدى انتظام أفراد العينة يف استخدام شبكة اإلنرتنت‬ ‫الذكور‬

‫النوع‬ ‫مدى‬ ‫ك‬ ‫االستخدام‬ ‫‪34‬‬ ‫دائما‬ ‫ً‬ ‫‪14‬‬ ‫أحيا ًنا‬ ‫‪12‬‬ ‫ناد ًرا‬ ‫‪60‬‬ ‫اإلمجالي‬

‫‪%‬‬

‫اإلناث‬ ‫ك‬

‫‪40‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪8 20‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪20‬‬

‫اإلمجالي‬ ‫ك‬ ‫‪74‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪%‬‬

‫كا‪2‬‬

‫‪0.37‬‬

‫درجة‬ ‫احلرية‬

‫‪1‬‬

‫مستوى‬ ‫املعنوية‬

‫‪0.201‬‬

‫توضح بيانات اجلدول السابق أن ‪ 61.6%‬من أفراد العينة يستخدمون شبكة اإلنرتنت بشكل‬ ‫(دائما) ‪،‬وأن ‪ 21.6%‬منهم يستخدمون الشبكة بشكل غري منتظم (أحيا ًنا)‪ ،‬و ‪ 16.8%‬من أفراد‬ ‫ً‬ ‫العينة يستخدمون الشبكة بشكل نادر ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬استخدام املبحوثني لتطبيقات شبكة اإلنرتنت ‪:‬‬ ‫يوضح اجلدول التالي الفروق بني الذكور واإلناث الذين يستخدمون شبكة اإلنرتنت طب ًقا‬ ‫لنوعية التطبيقات املستخدمة‪:‬‬

‫‪180‬‬

‫جدول رقم (‪)4‬‬

‫يوضح الفروق بني الذكور واإلناث وف ًقا لنوعية التطبيقات املستخدمة‬ ‫اإلناث [ن=‪]60‬‬ ‫الذكور [ن=‪]60‬‬ ‫املتوسط االحنراف املتوسط االحنراف‬ ‫احلسابي املعياري احلسابي املعياري‬ ‫‪2.141‬‬ ‫‪3.14‬‬ ‫‪2.751‬‬ ‫‪21.1‬‬ ‫‪2.871‬‬ ‫‪2.42‬‬ ‫‪2.132‬‬ ‫‪4.51‬‬

‫النوع‬ ‫نوع‬ ‫التطبيقات‬ ‫تفاعلية‬ ‫غري تفاعلية‬

‫قيمة‬ ‫(ت)‬

‫درجة‬ ‫احلرية‬

‫مستوى‬ ‫املعنوية‬

‫‪1.02‬‬ ‫‪1.63‬‬

‫‪99‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪0.002‬‬ ‫‪0.001‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق ‪ ،‬يتبني ما يلي ‪:‬‬ ‫ أظهر اختبار ‪ T. Test‬وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من حيث نوعية‬‫التطبيقات املستخدمة من خالل شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬كما يلي ‪- :‬‬ ‫أ‪ -‬يزداد استخدام اإلناث للتطبيقات التفاعلية عن الذكور بالنسبة لشبكة اإلنرتنت ‪ ،‬حيث‬ ‫بلغت قيمة املتوسط احلسابي لإلناث ‪ ،3.14‬وللذكور= ‪ ،2.21‬وبلغ مستوى املعنوية = ‪0.002‬‬ ‫ب‪ -‬يزداد استخدام الذكور للتطبيقات غري التفاعلية عن اإلناث حيث بلغ املتوسط احلسابي‬ ‫للذكور= ‪ ،4.51‬ولإلناث = ‪ 2.42‬وبلغ مستوى املعنوية = ‪0.001‬‬ ‫‪4 .4‬املواقع املفضلة اليت يرتدد عليها املبحوثني من خالل شبكة اإلنرتنت‬

‫جدول رقم (‪)5‬‬

‫يوضح املواقع املفضلة اليت يرتدد عليها املبحوثني من خالل اإلنرتنت‬

‫مستويات‬ ‫التفضيل‬ ‫املواقع‬

‫املواقع الرتفيهية‬ ‫املواقع‬ ‫االجتماعية‬ ‫املواقع الثقافية‬ ‫املواقع الدينية‬ ‫املواقع السياسية‬ ‫اإلمجالي‬

‫ريا‬ ‫أفضلها كث ً‬

‫ال أفضلها‬

‫أفضلها‬

‫اإلمجالي‬

‫ك‬

‫‪%‬‬

‫ك‬

‫‪%‬‬

‫ك‬

‫‪%‬‬

‫ك‬

‫‪%‬‬

‫‪23‬‬

‫‪28.7‬‬

‫‪7‬‬

‫‪28‬‬

‫‪3‬‬

‫‪20.2‬‬

‫‪33‬‬

‫‪27.5‬‬

‫‪16‬‬

‫‪20.2‬‬

‫‪5‬‬

‫‪20‬‬

‫‪2‬‬

‫‪13.3‬‬

‫‪23‬‬

‫‪19.2‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪16.2‬‬ ‫‪23.7‬‬ ‫‪18.2‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪16‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪26.6‬‬ ‫‪6.6‬‬ ‫‪33.3‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪17.5‬‬ ‫‪21.6‬‬ ‫‪14.2‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪181‬‬

‫تشري بيانات اجلدول السابق إىل أهم املواقع املفضلة للمبحوثني ‪ ،‬حيث جاءت املواقع الرتفيهية‬ ‫ريا ‪ ،‬وأفضلها ‪، 56.7%‬‬ ‫يف الرتتيب األول من حيث التفضيل حيث بلغت نسبة فئيت أفضلها كث ً‬ ‫ريا‪ ،‬وأفضلها ‪40.2%‬‬ ‫يليها يف الرتتيب الثاني املواقع الدينية حيث بلغت نسبة فئيت أفضلها كث ً‬ ‫ريا ‪ ،‬وأفضلها ‪،32.2%‬‬ ‫‪ ،‬ثم يف الرتتيب الرابع املواقع الثقافية حيث بلغت نسبة فئيت أفضلها كث ً‬ ‫ريا‪ ،‬وأفضلها‬ ‫ويف الرتتيب اخلامس واألخري املواقع السياسية حيث بلغت نسبة فئيت أفضلها كث ً‬ ‫‪. 23.2%‬‬ ‫نستنتج من ذلك أن معظم الشباب الريفي من عينة املبحوثني يستخدمون اإلنرتنت يف أغراض‬ ‫بعيدة عن املنفعة الشخصية أو اجملتمعية األمر الذي جيعلهم يدخلون يف دائرة إدمان الكمبيوتر‬ ‫واإلنرتنت‪ ،‬وهذا ينعكس عليهم فيما بعد بكثري من األمراض النفسية‪ ،‬وعزوفهم عن التفاعل‬ ‫مع اجملتمع‪ .‬وذلك يتضح من نسبة استخدام املواقع الرتفيهية‪ ،‬أما بالنسبة للمواقع الدينية‬ ‫واليت جاءت يف املرتبة الثانية فذلك يوضح أن اجملتمع الذي أجرى فيه البحث هو جمتمع ريفي‬ ‫يتمسك بالعادات والتقاليد واملوروثات اليت يتعاقب عليها األجيال وأن كان ذلك يظهر حالة‬ ‫من التناقض وهذا ما سوف يتناوله مقياس «اإلغرتاب» لدى عينة املبحوثني‪.‬‬ ‫‪5 .5‬دوافع استخدام شبكة اإلنرتنت لدى املبحوثني‬ ‫جدول رقم (‪)6‬‬ ‫يوضح دوافع استخدام شبكة اإلنرتنت لدى املبحوثني‬

‫مجلة من سئلوا = ‪ 120‬مفردة‬ ‫توضح بيانات اجلدول السابق أن الدوافع الطقوسية الستخدام شباب الريف من املبحوثني‬ ‫لإلنرتنت قد فاقت الدوافع النفعية‪ ،‬حيث جاءت التسلية وقضاء أوقات الفراغ يف الرتتيب األول‬ ‫‪182‬‬

‫بنسبة ‪ ،55.1%‬يليها يف الرتتيب الثاني اهلروب من املشاكل بنسبة ‪ ،40%‬ثم يف الرتتيب الثالث‬ ‫اكتشاف عامل اإلنرتنت بنسبة ‪ ، 38.3%‬ويف الرتتيب الرابع التعرف على األصدقاء بنسبة‬ ‫ريا يف الرتتيب اخلامس واألخري التسوق من خالل اإلنرتنت بنسبة ‪ ، 26.6%‬أما‬ ‫‪ ،30.8%‬وأخ ً‬ ‫بالنسبة للدوافع النفعية ‪ ،‬فقد جاء يف الرتتيب األول احلصول على معلومات بنسبة ‪،21.6%‬‬ ‫ثم يف الرتتيب الثاني معرفة آخر التطورات واألحداث بنسبة ‪ 14.1%‬ثم يف الرتتيب الثالث‬ ‫واألخري تبادل املعلومات مع آخرين بنسبة ‪. 8.3%‬‬ ‫‪6 .6‬العالقة بني النوع ودوافع استخدام شبكة اإلنرتنت ‪:‬‬ ‫جدول رقم (‪)7‬‬ ‫يوضح العالقة بني النوع ودوافع استخدام شبكة اإلنرتنت‬

‫توضح بيانات اجلدول السابق أن دوافع استخدام الذكور لإلنرتنت [النفعية والطقوسية] تتفوق‬ ‫على دوافع واستخدام اإلناث هلا‪ ،‬وذلك بفروق قليلة ‪ ،‬حيث بلغ إمجالي املتوسطات للذكور =‬ ‫‪ ،11.32‬واإلناث = ‪ 11.28‬وحبساب الفروق بينهما تبني أن قيمة ف = ‪ ،2.215‬وهي قيمة دالة‬ ‫عند مستوى معنوية = ‪ 0.001‬مما يؤكد وجود فروق بني دوافع كل من الذكور واإلناث‬ ‫من شباب الريف حيث يتفوق الذكور يف الدوافع الطقوسية بينما يتفوق اإلناث يف الدوافع‬ ‫النفعية األمر الذي يشري إىل التزام اإلناث يف الريف بالعادات والتقاليد املتوارثة وتوظيفها عند‬ ‫استخدام اإلنرتنت يف احلصول على معلومات أو تبادهلا مع طرف آخر‪.‬‬ ‫نتائج املقاييس التجميعية لبعض اآلثار النفسية واالجتماعية املرتبطة باستخدام شبكة‬ ‫اإلنرتنت ‪:‬‬

‫‪183‬‬

‫• •مقياس القلق االجتماعي‬ ‫يعترب القلق االجتماعي أحد املتغريات النفسية واالجتماعية اليت استهدفت البحث اختبارها‪،‬‬ ‫وهو مشتق من قائمة دوجالس جاكسون (‪ )49‬للشخصية ‪ ،‬وحاول الباحث من خالله اجلمع‬ ‫بني أهم املعايري اليت وردت فيه مع مراعاة طبيعة وعادات اجملتمع الريفي املصري‪ ،‬وقد تكون‬ ‫املقياس من جمموعة عبارات غطت احملاور ذات الصلة بالدراسة مثل مدى ثقة الفرد يف إجناز‬ ‫ما يريده باستخدام اإلنرتنت‪ ،‬مدى قدرة الفرد على استخدام تطبيقات اإلنرتنت‪ ،‬مدى تعامل‬ ‫الفرد مع املصطلحات اخلاصة باإلنرتنت‪ ،‬وقد تضمن العبارات التالية‪:‬‬ ‫ أشعر بقلق شديد عندما أتعامل لفرتة طويلة مع اإلنرتنت‪.‬‬‫ أشعر بقلق عندما أقوم بتحميل أشياء من اإلنرتنت نظ ًرا لالنتظار‪.‬‬‫ أحيا ًنا أشعر بالعصبية الشديدة عند التفكري يف احتمال فقد معلومات حصلت عليها من‬‫اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ أشعر بارتباك واضطراب عند التفكري يف احتمال دخول فريوسات عند حتميل بعض الربامج‬‫اهلامة‪.‬‬ ‫ أشعر برتدد أحيا ًنا خشية من عدم إجناز ما أريده من اإلنرتنت‪.‬‬‫ ينتابين شعور بعدم الراحة إذا وجدت شخص أفضل مهارة مين يف التعامل مع اإلنرتنت‪.‬‬‫ريا من قدراتي على تعلم مهارة استخدام اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ ال أقلق كث ً‬‫ أسعى الستخدام اإلنرتنت يف إجناز كل أعمالي‪.‬‬‫ أحيا ًنا أقلق يف قدرتي على استخدام مصطلحات اإلنرتنت‪.‬‬‫ أشعر بصعوبة يف فهم بعض التقنيات اخلاصة باإلنرتنت‪.‬‬‫ أنا شديد احلساسية للنقد من احمليطني بي يف حالة عدم معرفيت بتقنيات اإلنرتنت‪.‬‬‫وتوزعت درجات املقياس على ثالث فئات ‪ :‬منخفض ‪ 20‬درجة متوسط ‪ 40‬درجة‪ ،‬مرتفع ‪60‬‬ ‫درجة ‪ ،‬ويضيف املبحوث يف درجته بأي من مستويات التالية ‪:‬‬ ‫(من ‪ 29 – 20‬منخفض)‪( ،‬من ‪ 39 – 20‬متوسط)‪( ،‬من ‪ 40-60‬مرتفع) وذلك على النحو‬ ‫التالي ‪:‬‬

‫‪184‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق يتضح لنا‪ ،‬أن مستويات الشعور بالقلق االجتماعي لدى أفراد‬ ‫العينة املستخدمني لإلنرتنت‪ ،‬جاء التأثر املتوسط يف الرتتيب األول بنسبة ‪ ، 60.8%‬ويف الرتتيب‬ ‫الثاني التأثر املنخفض بنسبة ‪ ، 24.2%‬ويف الرتتيب الثالث التأثر املرتفع بنسبة ‪ 15%‬كما‬ ‫يتضح من بيانات اجلدول وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من حيث تأثرهم‬ ‫بالقلق االجتماعي من خالل التأثر املتوسط ‪ ،‬حيث يزداد تأثر اإلناث عن الذكور بهذا املستوى‬ ‫بنسبة ‪ 68.3%‬لإلناث ‪ 53.3% ،‬للذكور‪ ،‬والفروق دالة إحصائ ًيا حيث بلغت قيمة كا‪= 2‬‬ ‫‪ ، 7.705‬عند درجة حرية = ‪،1‬ومستوى معنوية = ‪0.022‬‬ ‫• •مقياس التعقيد ‪:‬‬ ‫يعترب التعقيد ‪ ]Complexiety [cpx‬أحد أبعاد الشخصية‪ ،‬وهو بعد معريف ذو خاصية أو‬ ‫طبيعية خاصة‪ ،‬حيث يعكس ميل الفرد إىل ممارسة األعمال أو املهام الصعبة خاصة يف جمال‬ ‫احلصول على املعلومات أو البيانات ويتكون اختبار التعقيد من عدة بنود تعكس يف جمملها‬ ‫اهلدف من تطبيقه وقد جاءت عبارات االختبار على النحو التالي ‪:‬‬ ‫ريا ‪.‬‬ ‫ إذا واجهتين مشكلة صغرية خالل تعاملي مع اإلنرتنت أنزعج كث ً‬‫ على الفرد املستخدم لإلنرتنت أن يبذل قصارى جهده للحصول على ما يريد ‪.‬‬‫ أستمتع باالستغراق يف املنتديات أو املناقشات من خالل اإلنرتنت حتى ولو امتدت إىل ساعات‬‫طويلة ‪.‬‬ ‫ أفضل التعامل مع األفراد الذين جييدون استخدام اإلنرتنت‪.‬‬‫ أحب تبسيط وتسهيل األمور عند تعاملي مع اإلنرتنت على قدر استطاعيت ‪.‬‬‫ أفضل التعامل مع املشكالت ذات احللول القاطعة‪.‬‬‫ عادة ما يكون وراء سلوك األفراد أسباب معقدة‪.‬‬‫دائما ما أشعر برغبة شديدة يف حماولة النظر إىل كافة جوانب املشكلة املطروحة واملتصلة‬ ‫ ً‬‫بتقنيات اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫ أعجب باألفراد الذين يبسطون التقنيات اخلاصة باإلنرتنت‪.‬‬‫ ال أضيع وقيت يف التفكري يف املشاكل اليت ال أستطيع حلها يف جمال الكمبيوتر ‪.‬‬‫ أعتقد أنين شخص مباشر وغري معقد‪.‬‬‫وقد توزعت درجات املقياس على ثالث فئات هي ‪ :‬منخفض ‪ 20‬درجة ‪ ،‬متوسط ‪ 40‬درجة‪،‬‬ ‫مرتفع ‪ 60‬درجة ‪ ،‬ويصنف املبحوث يف ضوء درجته بأي من املستويات التالية‪:‬‬ ‫‪185‬‬

‫ من ‪ 29 – 20‬منخفض ‪.‬‬‫ من ‪ 39 – 30‬متوسط ‪.‬‬‫ من ‪ 60 – 40‬مرتفع ‪.‬‬‫ويكون الفرد ذو الدرجة املرتفعة لديه ميل إىل ممارسة األشياء الصعبة ذات القدرة العالية من‬ ‫اإلتقان ‪ ،‬بينما ذوي الدرجة املنخفضة يشري إىل العكس من ذلك‪.‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق جند أن مستويات الشعور بالتعقيد من جانب املبحوثني‬ ‫املستخدمني لإلنرتنت كانت على النحو التالي ‪ :‬املستوى املرتفع يف الرتتيب األول بنسبة‬ ‫‪ ، 63.4%‬يليه يف الرتتيب الثاني املستوى املتوسط بنسبة ‪ ،20.8%‬ثم يف الرتتيب الثالث‬ ‫املستوى املنخفض بنسبة ‪ 15.8%‬األمر الذي يشري إىل أن أفراد العينة املستخدمني لإلنرتنت‬ ‫ريا يف تصفح املواقع املختلفة واحلصول على املعلومات والبيانات يف خمتلف‬ ‫يبذلون جهدًا كب ً‬ ‫اجملاالت اليت مييلون إليها بصرف النظر عن طبيعة هذه البيانات ‪ ،‬وذلك بالنسبة للذكور‬ ‫واإلناث على السواء‪.‬‬ ‫كما يتضح من بيانات اجلدول وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من حيث‬ ‫ميل كل منهم لبذل اجلهد أو حتمل الصعاب يف سبيل احلصول على املعلومات وهذه الفروق‬ ‫كانت لصاحل الذكور أكثر من اإلناث حيث بلغت نسبة الذكور ‪ ، 65%‬واإلناث ‪، 61.4%‬‬ ‫وهذا الفرق دال إحصائ ًيا حيث بلغت قيمة كا‪ ، 9.145 =2‬عند درجة حرية = ‪ ، 1‬ومستوى‬ ‫معنوية = ‪0.003‬‬ ‫• •مقياس االغرتاب ‪:‬‬ ‫يشري مفهوم االغرتاب يف الدراسات اخلاصة بعلم النفس إىل أنه شعور باالنفصال النسيب‬ ‫عن الذات أو اجملتمع أو كليهما ويتمثل هذا الشعور يف جمموعة من األعراض اليت تتمثل‬ ‫‪186‬‬

‫يف الغربة عن الذات ‪ ،‬والعزلة االجتماعية ‪ ،‬وانعدام املعنى‪ ،‬والشعور بالعجز ‪ ،‬وانعدام املعايري‬ ‫وذلك بتأثري العمليات الثقافية واالجتماعية اليت تتم داخل اجملتمع ‪ ،‬ويتكون مقياس االغرتاب‬ ‫من عدة عبارات تقريرية ‪ ،‬يف قائمة يستجيب املبحوث لكل منها باختيار إحدى إجابات ثالث‪:‬‬ ‫أوافق‪ ،‬حمايد‪ ،‬أرفض‪ ،‬ولالختبار درجة كلية أدناها ‪ 30‬درجة وأقصاها ‪ 90‬درجة (‪ ،)50‬ويضيف‬ ‫املبحوث يف ضوء درجته بأي من مستويات االغرتاب على النحو التالي‪:‬‬ ‫ مغرتب جدًا من ‪ 90 – 70‬درجة ‪.‬‬‫ مغرتب من ‪ 69 – 40‬درجة ‪.‬‬‫ غري مغرتب من ‪ 39 – 30‬درجة ‪.‬‬‫وتضمن املقياس العبارات التالية ‪:‬‬ ‫ بدون تعاملي مع اإلنرتنت ال أستطيع أن أفهم الطريقة اليت يتعرف بها األفراد ‪.‬‬‫ ال أمل يف مستقبل البشرية بدون التعامل مع اإلنرتنت ‪.‬‬‫ يشعر الكثري من الناس بأن احلياة بدون اإلنرتنت ال ود فيها‪.‬‬‫ قيمي بعد التعامل مع اإلنرتنت ختتلف عن قيم اجملتمع‪.‬‬‫ بدون اإلنرتنت ال توجد أي قواعد حمددة للمعيشة يف هذه األيام ‪.‬‬‫ أمتنى لو كنت أكثر إنهماكا يف اإلملام بتقنيات اإلنرتنت‪.‬‬‫ أشعر باحلرية واالرتباط بسبب عدم إملامي ببعض تقنيات اإلنرتنت ‪.‬‬‫ريا عن أولوياتي ‪.‬‬ ‫ أولويات الناس ختتلف كث ً‬‫ ميكنين أن أكون ماه ًرا يف التعامل مع اإلنرتنت إذا كنت حمظوظا ‪.‬‬‫ أشعر أحيانا وأنا بعيد عن اإلنرتنت كأنين إنسان آلي ‪.‬‬‫ أشعر أحيانا عند استخدامي اإلنرتنت بأني وحيد يف العامل ‪.‬‬‫ بسبب إنشغالي باإلنرتنت ال أجد أن للحياة معنى‪.‬‬‫مبدعا‪.‬‬ ‫‪ -‬بدون اإلنرتنت ال أستطيع أن أكون ً‬

‫‪187‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق‪ ،‬تبني أن فئة مغرتب جدا جاءت يف الرتتيب األول بنسبة ‪43.4%‬‬ ‫‪ ،‬يليها يف الرتتيب الثاني فئة مغرتب ‪ ،38.3%‬ثم يف الرتتيب الثالث فئة غري مغرتب بنسبة‬ ‫‪.18.3%‬‬ ‫كما تبني وجود فروق بني الذكور واإلناث يف فئيت مغرتب‪ ،‬ومغرتب جدا لصاحل اإلناث‪،‬‬ ‫فبالنسبة لفئة مغرتب كانت نسبة اإلناث ‪ ،41.6%‬والذكور ‪ ،35%‬والفارق دال إحصائ ًيا‬ ‫حيث بلغت قيمة كا‪ ،9.403 2‬وبالنسبة لفئة مغرتب جدًا كانت نسبة اإلناث ‪،46.8%‬‬ ‫ونسبة الذكور ‪ ،40%‬وهذا الفارق دال إحصائ ًيا حيث بلغت قيمة كا‪ 11.151 =2‬عند درجة‬ ‫حرية ‪ ،1‬ومستوى معنوية = ‪ ، 0.001‬ويرجع ذلك إىل أن الفتاة الريفية مازالت مقيدة ببعض‬ ‫العادات والتقاليد مثل قلة االختالط ‪ ،‬وحتديد األصدقاء والزمالء واملعارف وكذلك اخلروج‬ ‫من املنزل يعكس الشاب فهو غري مقيد مثلها ويستطيع اخلروج والسفر واالختالط والتحدث‬ ‫مع اآلخرين حبرية أما بالنسبة الرتفاع نسبة االغرتاب بني أفراد العينة فيأتي يف إطار اختالف‬ ‫مظاهر احلياة يف الريف عن احلضر ومظاهر املدينة والعاصمة مما يؤثر يف مزيد من العزلة‬ ‫االجتماعية والغربة عن الذات ‪.‬‬ ‫• •مقياس تقدير الذات‬ ‫يشري تقدير الذات إىل تقدير الفرد لذاته وف ًقا ملعتقداته وأفكاره عن ذاته‪ ،‬ويتشكل من خالل‬ ‫تنشئه الفرد منذ الصغر ‪ ،‬وبالتالي يعكس منط تعامل الفرد مع البيئة احمليطة به إما إجيابًا‬ ‫أو سل ًبا وقد مت اختيار مقياس تقدير الذات الذي قام بإعداده هليمرريتش وستاب وايرافني‬ ‫‪ ، Helmreich Stapp& Ervin‬جبامعة كولومبيا بالواليات املتحدة األمريكية ‪ ،‬وترمجة‬ ‫دكتور عادل عبد اهلل جبامعة الزقازيق‪ ،‬وهو مكون من جمموعة عبارات ‪ ،‬حيث يقوم املبحوث‬ ‫باختيار إحدى اإلجابات على النحو التالي ‪:‬‬ ‫متاما درجة واحدة ‪.‬‬ ‫ تنطبق ً‬‫ تنطبق إىل درجة كبرية درجتان‪.‬‬‫ تنطبق إىل حد ما ثالث درجات ‪.‬‬‫ريا أربعة درجات‪.‬‬ ‫ ال تنطبق كث ً‬‫ ال تنطبق إطال ًقا مخسة درجات ‪.‬‬‫وتشري ارتفاع الدرجة إىل قدرة الفرد على مواجهة األحداث بصورة إجيابية وفعالة مما يساعد‬ ‫على التنبؤ بقدرته على جناحه يف حياته اخلاصة والعلمية‪ ،‬ويشار إىل العكس من ذلك اخنفاض‬ ‫الدرجة‪.‬‬ ‫‪188‬‬

‫وقد تضمنت عبارات املقياس‪.‬‬ ‫• من غري احملتمل أن أكون صداقة مع أحد عرب النت قبل أن يبادر هو بذلك‪.‬‬ ‫• أتصف بأنين غري بارع يف مواصلة عملية التعرف عرب النت‪.‬‬ ‫• من الصعب على أن أدافع عن وجهة نظري حينما أواجه بآراء اآلخرين ‪.‬‬ ‫• أنا ذو شخصية قوية‪.‬‬ ‫• عندما أشارك يف حوارات الدردشة أرغب يف أن أحتمل مسئولية بعض اآلراء‪.‬‬ ‫• أنا أحب االختالط مع اآلخرين عرب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫• أشعر بالراحة كلما تعرفت من خالل اإلنرتنت على شخص ذو ونفوذ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مشوشا‪.‬‬ ‫• حينما أكون يف منتدى أو دردشة مع آخرين يصبح تفكريي‬ ‫• أشعر بالثقة يف قدرتي على أن أتعرف على أي شخص عرب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫• من الصعب على أن أبدأ حمادثة مع الغرباء عرب اإلنرتنت‪.‬‬

‫بفحص بيانات اجلدول السابق فئة «منطبق» من مقياس تقدير الذات لدى مستخدمي‬ ‫اإلنرتنت من أفراد العينة جاءت يف الرتتيب األول بنسبة ‪ ،59.2%‬يليها يف الرتتيب الثاني فئة‬ ‫ريا « بنسبة ‪.15.8%‬‬ ‫«غري منطبق» بنسبة ‪ ، 25%‬ثم يف الرتتيب الثالث فئة «منطبق كث ً‬ ‫ويتضح من ذلك أن معظم أفراد العينة من مستخدمي اإلنرتنت يقعون يف فئة «منطبق»‬ ‫وبالتالي فإنهم لديهم القدرة على استخدام اإلنرتنت يف كافة جماالت احلياة ويستطيعون‬ ‫توظيف هذا االستخدام يف إشباع رغباتهم سواء الرتفيهية أو العملية‪ ،‬وهذا يف حد ذاته مؤشر‬ ‫يدل على أن مستخدمي اإلنرتنت من شباب الريف لديهم القدرة على التميز بني اإلجيابي‬ ‫والسليب يف جمال اإلنرتنت سواء من الذكور واإلناث وأن كان اإلناث أكثر قدرة على ذلك‬ ‫من الذكور حيث بلغت نسبة «منطبق» بالنسبة لإلناث ‪ ،61.6%‬وللذكور ‪ ، 56.8%‬كما‬ ‫ثبت عدم وجود فروق دال إحصائية بينهم نظ ًرا لتجانس أفراد العينة من حيث الفئات العمرية‬ ‫واملستوى التعليمي ‪.‬‬ ‫‪189‬‬

‫نتائج حتليل الفروق بني الذكور واإلناث يف متغريات الدراسة ‪:‬‬

‫تتضح من نتائج اجلدول السابق واخلاص بتحليل التباين أحادي االجتاه ‪ ANOVA‬وجود‬ ‫فروق ذات دالة إحصائية بالنسبة ملتغري القلق االجتماعي ‪ ،‬ومتغري التعقيد ‪ ،‬ومتغري االغرتاب‬ ‫النفسي ‪ ،‬بينما مل تتضح أية داللة للفروق بالنسبة ملتغري تقدير الذات ‪ ،‬ويوضح اجلدول التالي‬ ‫داللة الفروق بني الذكور واإلناث يف متغريات الدراسة ‪:‬‬

‫توضح بيانات اجلدول السابق واخلاصة باستخدام اختبار «‪ T» test‬عدم وجود فروق دالة‬ ‫إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث على متغري تقدير الذات‪ ،‬بينما تبني وجود فروق دالة إحصائ ًيا‬ ‫على متغري القلق االجتماعي لصاحل اإلناث عن الذكور حيث بلغت قيمة املتوسط احلسابي‬ ‫لإلناث = ‪ ،11.32‬وللذكور = ‪ً ،10.16‬‬ ‫أيضا وجود فروق دالة إحصائ ًيا على متغري االغرتاب‬ ‫النفسي لصاحل اإلناث عن الذكور ‪ ،‬حيث بلغت قيمة املتوسط احلسابي لإلناث = ‪،62.89‬‬ ‫‪190‬‬

‫وللذكور = ‪.58.14‬‬ ‫أما بالنسبة ملتغري التعقيد فقد تبني وجود فروق دالة إحصائ ًيا لصاحل الذكور عن اإلناث حيث‬ ‫بلغت قيمة املتوسط احلسابي للذكور = ‪ ، 7.43‬ولإلناث = ‪. 6.97‬‬ ‫خاتمة الدراسة ومناقشة النتائج‪:‬‬ ‫مما ال شك أن شبكة االتصاالت العاملية املعروفة باسم اإلنرتنت تعترب من أفضل طرق تداول‬ ‫املعلومات يف العامل حال ًيا‪ ،‬وهي من أهم األسباب اليت أدت إىل الوصول إىل ما يعرف اليوم باسم‬ ‫طريق املعلومات السريع ‪ Super In formation Highway‬وهي ثورة حقيقية يف جمال‬ ‫تبادل املعلومات ‪ ،‬حيث تضم اإلنرتنت اآلالف من الشبكات اليت يعمل عليها ويتصل بها العديد‬ ‫من احلاسبات اإللكرتونية ويتعامل الشبكات اليت يعمل عليها ويتصل بها العديد من احلاسبات‬ ‫اإللكرتونية ويتعامل معها ماليني املستخدمني الذين يتزايدون يوم ًيا‪ ،‬وكما كان هلذه‬ ‫التطورات يف تكنولوجيا االتصال أثارها على وسائل االتصال اجلماهريي واالتصال اجلماهريي‬ ‫نفسه كعملية مستمرة متصلة ذات أطراف متعددة‪ ،‬فقد كان هلا ً‬ ‫أيضا كغريها من األدوات‬ ‫التكنولوجية احلديثة أثارها على العنصر البشري املستخدم هلذه التكنولوجيا ‪ ،‬وهذا ما حاول‬ ‫هذا البحث دراسته من خالل تطبيقه يف إطار الدراسة امليدانية على عينة عمدية مقدارها ‪120‬‬ ‫مفردة ممن يستخدمون بالفعل هذه التكنولوجية احلديثة وهي اإلنرتنت يف حماولة لرصد‬ ‫بعض اآلثار النفسية واالجتماعية ملستخدميها من الشباب الريفي‪ ،‬وقد اعتمد الباحث على‬ ‫صحيفة االستقصاء باملقابلة الشخصية جلمع البيانات املطلوبة من املبحوثني وف ًقا لألهداف‬ ‫احملددة مسب ًقا للبحث‪ ،‬والفروض اليت مت إعدادها ‪ ،‬بعد مراجعة الدراسات السابقة‪ ،‬واإلطالع‬ ‫على مدخل االستخدامات واإلشباعات كإطار نظري ملوضوع البحث‪ ،‬باإلضافة إىل بعض‬ ‫املفاهيم اخلاصة باآلثار النفسية واالجتماعية ممثلة يف القلق االجتماعي‪ ،‬والتعقيد ‪ ،‬وتقدير‬ ‫الذات واالغرتاب‪.‬‬ ‫وسوف نتناول فيما يلي أهم نتائج الدراسة على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬بلغت نسبة استخدام أفراد عينة الدراسة من شباب الريف املصري الذين أجريت عليهم‬ ‫الدراسة ‪ ،83.2%‬أما نسبة من يستخدمون اإلنرتنت ناد ًرا فقد بلغت ‪ ،16.8%‬وكانت‬ ‫حرصا على استخدام اإلنرتنت من الذكور حيث بلغت نسبة فئة االستخدام‬ ‫اإلناث أكثر‬ ‫ً‬ ‫دائما لإلناث ‪ ،66.6%‬وللذكور ‪ً ،56.6%‬‬ ‫استخداما للتطبيقات‬ ‫أيضا كانت اإلناث أكثر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التفاعلية لإلنرتنت من الذكور‪ ،‬أما بالنسبة للتطبيقات غري التفاعلية فقد كان الذكور‬ ‫استخداما من اإلناث وبالتالي ثبتت صحة الفرض القائل بوجود فروق دالة إحصائ ًيا‬ ‫أكثر‬ ‫ً‬ ‫‪191‬‬

‫بني الذكور واإلناث حيث بلغت قيمة ‪ ، T test 1.02، 1.63‬عند درجة حرية = ‪ ،99‬ومستوى‬ ‫معنوية= ‪0.002‬بالنسبة للفروق يف التطبيقات التفاعلية‪ ،‬ومستوى معنوية = ‪ 0.001‬بالنسبة‬ ‫للفروق يف التطبيقات غري التفاعلية ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬جاءت املواقع الرتفيهية يف الرتتيب األول من حيث تفضيل أفراد العينة هلا بينما جاءت‬ ‫املواقع الثقافية والسياسية يف الرتتيب الرابع واخلامس ‪ ،‬وهذا يعين أن أكثرية الشباب ترتدد‬ ‫على مواقع اإلنرتنت ألغراض غري مفيدة‪ ،‬واخلطورة هنا أن هؤالء الشباب نقل أعمارهم عن‬ ‫عاما األمر الذي يؤدي إىل اإلدمان السليب لإلنرتنت ‪ ، Negative Addiction‬حيث‬ ‫ثالثني ً‬ ‫يرتبط هذا النوع من اإلدمان‪ ،‬باخنفاض التفاعل االجتماعي يف املنزل وكذلك نقصان الوجود‬ ‫السيكولوجي األفضل وهذا يزيد من االكتئاب والعزلة والعصبية‪ ،‬ومن خالل إدمان اإلنرتنت‬ ‫ينفصل الفرد عن ذاته وعن الواقع احلقيقي‪.‬‬ ‫‪3 .3‬تتفوق دوافع استخدام املبحوثني الذكور لإلنرتنت [النفعية والطقوسية] على دوافع‬ ‫استخدام اإلناث هلا حيث بلغت قيمة اختبار «‪ F» 2.215‬عند درجة حرية ‪ ،98‬ومستوى معنوية‬ ‫‪ ، 0.001‬كما ثبت وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني دوافع الطقوسية لكل من الذكور واإلناث‬ ‫لصاحل الذكور‪ ،‬بينما يتفوق اإلناث بالنسبة للدوافع النفعية وبالنسبة هلذه اجلزئية ‪ ،‬يرى‬ ‫الباحث إن استخدام أفراد العينة من شباب الريف املصري لإلنرتنت وكما وضحته نتائج‬ ‫الدراسة جاء يف املرتبة األوىل إلشباع احتياجات طقوسية أي للتسلية والرتفيه ‪ ،‬وتنحصر‬ ‫استخداماتهم املنفعية يف البحث عن املعلومات ‪ ،‬واليت هي بالدرجة األوىل كما تبني من خالل‬ ‫املقابلة امليدانية معلومات رياضية وفنية ال ثقافية أو تعليمية واليت مازالت على نطاق ضيق‪،‬‬ ‫وهو ما يعكس ضعف ميل املستخدمني للشبكة يف ربط التكنولوجيا بالبحث العلمي والتحصيل‬ ‫الدراسي ‪ ،‬واليت ظهر من أفراد العينة أنهم سوف حيتاجون ذلك يف املستقبل‪.‬‬ ‫‪4 .4‬تبني من الدراسة أن استخدام شباب الريف لإلنرتنت كوسيلة اتصالية [مثل التحاور عرب‬ ‫اإلنرتنت – الربيد اإللكرتوني] مقصو ًرا على إقامة عالقات اجتماعية مع الزمالء واألصدقاء ‪،‬‬ ‫كما يستخدمونها دون إرشاد أو توجيه وأوقات طويلة مما يوقعهم يف دائرة اإلدمان‪ .‬وبالتالي‬ ‫ثبتت صحة الفرض القائل بوجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث بالنسبة لدوافع‬ ‫استخدام اإلنرتنت‪.‬‬ ‫‪5 .5‬أظهر «متغري القلق االجتماعي» وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من‬ ‫مستخدمي اإلنرتنت بالنسبة للمستوى املتوسط وذلك لصاحل اإلناث ‪ ،‬حيث بلغت النسبة‬ ‫للذكور = ‪ ، 53.3%‬ولإلناث = ‪ 68.3%‬لكل منهما على التوالي ‪ ،‬كما بلغت قيمة كا‪= 2‬‬ ‫‪ 7.705‬إحصائية بالنسبة للمستوى «املنخفض» ‪ ،‬واملستوى «املرتفع»‪.‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪6 .6‬أظهر «متغري التعقيد» وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من مستخدمي‬ ‫اإلنرتنت بالنسبة للمستوى «املرتفع» من متغري التعقيد وذلك لصاحل الذكور ‪ ،‬حيث بلغت‬ ‫النسبة للذكور = ‪ ، 65%‬ولإلناث = ‪ ، 61.4%‬كما بلغت قيمة كا‪ 9.145 = 2‬عند درجة‬ ‫حرية = ‪ ، 1‬ومستوى معنوية = ‪ ، 0.003‬ومل تظهر أي فروق إحصائية بالنسبة للمستوى‬ ‫«املنخفض» ‪ ،‬واملستوى «املتوسط» ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬أظهر «متغري االغرتاب» وجود فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث بالنسبة للمستوى‬ ‫«مغرتب» لصاحل اإلناث ‪ ،‬حيث بلغت النسبة لإلناث (‪ )41.63%‬وللذكور ‪ 35%‬كما بلغت‬ ‫قيمة كا‪ 9.403 = 2‬عند درجة حرية = ‪ ، 1‬ومستوى معنوية = ‪ 0.002‬كذلك تبني وجود‬ ‫فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث بالنسبة للمستوى «مغرتب جدًا» لصاحل اإلناث ً‬ ‫أيضا‬ ‫‪ ،‬حيث بلغت النسبة لإلناث = ‪ ،46.8%‬وللذكور= ‪ ، 40%‬كما بلغت قيمة كا‪، 11.151 = 2‬‬ ‫عند درجة حرية = ‪ ، 1‬ومستوى معنوية = ‪. 0.001‬‬ ‫‪8 .8‬مل يظهر متغري «تقدير الذات» وجود أي فروق دالة إحصائ ًيا بني الذكور واإلناث من‬ ‫مستخدمي اإلنرتنت بالنسبة هلذا املتغري‪.‬وبالتالي ثبتت صحة الفرض القائل بوجود عالقة‬ ‫إحصائية بني الذكور واإلناث من مستخدمي اإلنرتنت بالنسبة ملتغري القلق االجتماعي‬ ‫والتعقيد واالغرتاب النفسي‪ ،‬حيث تبني وجود فروق ذات داللة إحصائية بينما مل توجد فروق‬ ‫ذات داللة إحصائية بالنسبة ملتغري تقدير الذات‪.‬‬ ‫‪9 .9‬أكدت الدراسة ً‬ ‫أيضا وجود قصور يف دور وسائل اإلعالم اجلماهريية بتوعية األفراد‬ ‫كيفية استخدام اإلنرتنت على الرغم من وجود األبواب واملضامني اإلعالمية املتخصصة يف‬ ‫تعليم الكمبيوتر واإلنرتنت حيث مل يتأثر أفراد العينة بها وذلك يرجع إىل صعوبة يف فهم‬ ‫وإدراك ما تنشره هذه الوسائل عن تكنولوجيا الكمبيوتر واإلنرتنت وعدم تبسيطها يف كثري‬ ‫من األحيان لبعض املصطلحات واملفاهيم اخلاصة هلذه التكنولوجية وذلك كما أشار أفراد‬ ‫العينة خالل الدراسة امليدانية ‪.‬‬ ‫‪1010‬أشار أفراد العينة إىل أن جلوئهم لإلنرتنت يأتي يف كثري من األحيان بسبب إحساسهم‬ ‫بعدم األمان يف املستقبل كأن مل جيدوا عمل بعد التخرج‪ ،‬وتأخر سن الزواج بالنسبة للفتيات‬ ‫فيبحثون عن مهرب من ذلك باجللوس أمام الكمبيوتر واستخدام اإلنرتنت وظهر ذلك بوضوح‬ ‫بالنسبة ملتغري «االغرتاب» وخاصة بالنسبة للريفيني على السواء للذكور واإلناث على السواء‬ ‫حيث الالهداف والالمعنى والعجز بالنسبة لإلناث عن الذكور وشعور الشباب أنه ال حول له‬ ‫‪193‬‬

‫وال قوة وأنه غري فعال وليس له قيمة يف ظل التغريات االجتماعية واالقتصادية والنفسية اليت‬ ‫يواجهها الفرد بوجه عام‪ ،‬والشباب بوجه خاص‪.‬‬ ‫مراجع البحث‬ ‫(‪ )1‬حنفي ‪ ،‬نرمني سيد (‪ ، )2003‬أثر تكنولوجيا االتصال احلديثة على أمناط االتصال األسري‬ ‫يف مصر‪ :‬رسالة ماجستري غري منشورة – كلية اإلعالم – جامعة القاهرة ‪ ،‬ص ‪. 1‬‬ ‫(‪ )2‬اخلواجة عال (‪ ، )2005‬تأثري اإلنرتنت على الشباب يف مصر والعامل العربي‪ -‬القاهرة –‬ ‫جملس الوزراء – مركز املعلومات ودعم اختاذ القرار ‪www.idec-gov.eg On line at‬‬ ‫(‪ )3‬جنيد ‪ ،‬حنان (‪ ، )2003‬تكنولوجيا االتصال التفاعلي واإلنرتنت وعالقته بدرجة الوعي‬ ‫السياسي لدى طالب اجلامعات املصرية ‪ -‬دراسة ميدانية على طالب اجلامعات املصرية –‬ ‫اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم – العدد الثامن عشر يناير – مارس ‪ – 2003‬ص ‪. 1‬‬ ‫‪(4) Internet Usage Statistics” . In : Http://www.Internetworldstats.‬‬ ‫آخر زيارة ‪ 15‬فرباير ‪com/stats.Htm.,Accessedon : 2007‬‬ ‫(‪ )5‬عبد العزيز ‪ ،‬بركات ‪ ،‬الشباب وإدمان اإلنرتنت‪ -‬جريدة األهرام ‪ 18‬ديسمرب ‪. 2008‬‬ ‫(‪ )6‬عبد السالم ‪ ،‬جنوى (‪ ، )1998‬أمناط ودوافع استخدام الشباب املصري لشبكة اإلنرتنت –‬ ‫دراسة استطالعية – املؤمتر الرابع – لكلية اإلعالم – جامعة القاهرة – ‪ – 1998‬ص ‪ : 85‬ص‬ ‫‪. 113‬‬ ‫(‪ )7‬طايع ‪ ،‬سامي (‪ ، )2000‬استخدامات اإلنرتنت يف العامل العربي – دراسة على عينة من‬ ‫الشباب العربي – اجمللة املصرية لبحوث الرأي العام – العدد الرابع – ‪ – 2000‬ص ‪ : 35‬ص‬ ‫‪. 67‬‬ ‫(‪ )8‬خبيت‪ ،‬السيد (‪ ، )2000‬االستخدامات املتخصصة لإلنرتنت لدى أساتذة االتصال اجلماهريي‬ ‫– دراسة مقارنة بني األساتذة العرب واألمريكيني – اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم – العدد‬ ‫التاسع – ‪ – 2000‬ص ‪ : 107‬ص ‪.171‬‬ ‫(‪ )9‬جاد ‪ ،‬حييى (‪ ، )2001‬اإلفادة من اإلنرتنت يف مصر – دراسة حتليلية الستنباط أسس‬ ‫اسرتاتيجية وطنية – رسالة دكتوراه غري منشورة – كلية اآلداب – جامعة القاهرة – ‪2001‬‬ ‫(‪ )10‬درويش ‪ ،‬شريف (‪ ، )2002‬حرية التعبري والرقابة يف الوسائل اإلعالمية اجلديدة –‬ ‫دراسة حتليلية مقارنة للتشريعات املنظمة لإلنرتنت يف الواليات املتحدة األمريكية والدول‬ ‫العربية – اجمللة املصرية لبحوث الرأي العام – العدد األول ‪ – 2002‬ص ‪ : 121‬ص ‪. 229‬‬ ‫(‪ )11‬حنفي ‪ ،‬نرمني سيد ‪ ، )2003( ،‬أثر استخدام تكنولوجيا االتصال احلديثة – مرجع‬ ‫سابق‬ ‫(‪ )12‬عبود ‪ ،‬ريم إمساعيل (‪ ، )2004‬استخدامات طالبات اجلامعة يف مصر وسوريا لشبكة‬ ‫‪194‬‬

‫اإلنرتنت واإلشباعات املتحققة منها – دراسة مقارنة – رسالة ماجستري غري منشورة – كلية‬ ‫اإلعالم – جامعة القاهرة – ‪. 2004‬‬ ‫(‪ )13‬عثمان ‪ ،‬نانسي محدي (‪ ، )2006‬دور قادة الرأي يف توعية الشباب مبخاطر اإلنرتنت –‬ ‫دراسة ميدانية – رسالة ماجستري غري منشورة – كلية اآلداب – جامعة املنوفية ‪. 2006‬‬ ‫ ‪(14 ) Andrew J. Flanagin and Miriam J . Metzger : Perceptions of inte‬‬‫ ‪net Information Grdibility Jurnalism & Mass Communication Qua‬‬‫‪terly, Vol. 77, No.3 – 2000-P. 515 – P.540.‬‬ ‫(‪ )15‬أبو اليزيد ‪ ،‬هناء (‪ ، )2008‬اآلثار النفسية واالجتماعية لتعرض اجلمهور املصري لشبكة‬ ‫اإلنرتنت – رسالة دكتوراه غري منشورة‪ -‬كلية اإلعالم – جامعة القاهرة – ‪. 2008‬‬ ‫‪(16) Papacharissi, Zizi & Alan Rubin, Predictors of Internet Use: In‬‬ ‫‪Journal of Broad Casting & Electronic, Media., Vol. 44, No.2, 2000,‬‬ ‫‪pp.175-196.‬‬ ‫ ‪(17) Coroline Haythornth waite : The Internet In every day life, Amer‬‬‫‪can Behavioral Scientist, Vol. 45, No.3, 2001, P.363.‬‬ ‫ ‪(18) Kwak, Hyokjin & Fox, Richard J, Zink han, george. M, “what pro‬‬‫ ‪ucts Canbe Success fully, Promoted and Sold Via The Internets”? Jou‬‬‫‪nal of Aolvertising research, vol. 42, Jun- deb. 20, pp.23-37.‬‬ ‫(‪ )19‬الكندري ‪ ،‬يعقوب & القشعان محود ‪ ،‬عالقة استخدام شبكة اإلنرتنت بالعزلة االجتماعية‬ ‫لدى طالب جامعة الكويت – جملة العلوم اإلنسانية واالجتماعية – جامعة اإلمارات العربية‬ ‫املتحدة‪ -‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية – العدد األول – إبريل ‪ – 2001‬ص ‪ / 1‬ص‬ ‫(‪ )20‬سعيد ‪ ،‬حممد & شفيق ‪ ،‬وجدي (‪ ، )2003‬اآلثار االجتماعية لإلنرتنت على الشباب‬ ‫دراسة ميدانية على عينة يف مقاهي اإلنرتنت – القاهرة – دار املصطفى للنشر والتوزيع –‬ ‫‪. 2003‬‬ ‫(‪ )21‬املنشاوي ‪ ،‬حممد (‪ ، )2003‬جرائم اإلنرتنت يف اجملتمع السعودي – رسالة ماجستري غري‬ ‫منشورة – أكادميية نايف للعلوم األمنية – كلية الدراسات العليا – ‪– 2003‬‬ ‫‪www.minshawi.com/gainternet/aabtsract.htm Onlineat‬‬ ‫(‪ )22‬ربيع ‪ ،‬هبة ‪ ، )2003( ،‬إدمان شبكة املعلومات واالتصاالت الدولية (اإلنرتنت) يف ضوء‬ ‫بعض املتغريات – دراسة نفسية – ‪ – 2003‬جملد ‪ – 13‬عدد ‪ – 4‬ص ‪ : 555‬ص ‪)23(. 579‬‬ ‫ ‪Green Field, D “ Internet Abuse in the Work Place” – In:www.alme‬‬‫‪perts.com/expertwitness/adr/1194395.html.Accessedon:12/10/2005‬‬ ‫‪(24) Leung, L. “Net- Generation Attributes And Seductive Properites‬‬ ‫‪of the Internt As Predictor of on line Actives and Internet Addiction‬‬ ‫‪195‬‬

“In: Cyber Psychology & Beharior, 2005, vol, 7. No.3, pp.333-346. (25) Thatcher, A. “Defining the South African Internet Addict: Prev lence And Biographical Profiling of Problemartic Internet Users In South A frico – In: South African Journal of Psychology- 2006, Vol.5, No.1, pp.43-64. (26 ) Chark, Katherine & leung, Louis-” Shyness And Locus of Co trol As Predictors of Internet Aoloiction And. Internet Use” In: Cyber Psyology & Behavior, 2004, vol. 7, No.5Pp. 559-569. (27) Nimez K. Et Al “ Preralence of Pothological Internet Use Among University Students And Correlation with Self – Esteem, The General Heath Questionnaire And Disinhibition” In : Cyberpsy chology & Behavior, 2005, Vol-8,No.6, pp.532-569. ‫ العزلة االجتماعية لدى عينة من أطفال الكمبيوتر من سن‬، )2005( ‫ نبيلة‬، ‫) صاحل‬28( ‫ – اجمللد رقم‬48 ‫ العدد رقم‬- 2005 – ‫ سنة) – اجمللة املصرية للدراسات النفسية‬8-13( . 403 ‫ ص‬: 349 ‫ – ص‬15 (29) Moody E. “ Internet Use Andits Relation Ship to Lonelines” In : Cyberpsy Chology & Behavior 2003, Vol.4, No.3, pp.393-401. (30) Wilfong, J. “Computer Anxiety And Anger : The Impact of Co puter use ., Computer, Experience, And Self. Efficacy Belibs” In: Co puters In Human Behavior, 2006, Vol.22, PP.1001-1011. .‫ الشباب وإدمان اإلنرتنت – مرجع سابق‬، ‫ بركات‬، ‫) عبد العزيز‬31( ‫) أساسيات تكنولوجيا املعلومات واالتصال‬2003( ‫ حممود‬، ‫ حممود & تيمور‬، ‫) علم الدين‬32( . 380 ‫ – ص‬2003 – ‫والتوثيق اإلعالمي – مطابع األهرام‬ (33) Candline Centreon minority Affairs Inc (CCMA) “Youth deve opment Policy “ on line at “ www.Canadian-orgcama/hardc/Reports/ youth/policy/p.df.p.1. ‫ دراسة ميدانية على عينة من الشباب‬، ‫ استخدام اإلنرتنت يف العامل العربي‬، ‫ سامي‬، ‫) طايع‬34( ‫العربي – القاهرة – اجمللة املصرية لبحوث الرأي العام – العدد الرابع – أكتوبر – ديسمرب‬ . 55 ‫ – ص‬2000 ‫ القاهرة – الدار‬1-‫ االتصال ونظرياته املعاصرة – ط‬، ‫ ليلى‬، ‫ حسن & حسني‬، ‫) مكاوي‬35( 196

‫املصرية اللبنانية – ‪ – 1998‬ص ‪. 241‬‬ ‫(‪ )36‬العبد ‪ ،‬عاطف ‪ ،‬نظريات اإلعالم والرأي العام ‪ ،‬األسس العلمية والتطبيقات العربية ‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي – ‪ – 2004‬ص ‪ : 227‬ص ‪. 240‬‬ ‫(‪ )37‬بسيوني ‪ ،‬شاهيناز ‪ ،‬عالقة اجلمهور املصري باحلاسب الشخصية كوسائل اتصال منافسة‬ ‫لوسائل االتصال اجلماهريي – جملة كلية اآلداب – جامعة الزقازيق – عدد ‪– 1997 ، 16‬‬ ‫ص ‪29‬‬ ‫(‪ )38‬علم الدين ‪ ،‬حممود ‪ ،‬تكنولوجيا االتصال يف الوطن العربي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬جملة عامل الفكر‬ ‫– جملد ‪ – 3‬العدد ‪ ،2‬ديسمرب ‪ – 1994‬ص ص ‪. 140 – 94‬‬ ‫(‪ )39‬السمري ‪ ،‬هبة ‪ ،‬استخدام األطفال لإلنرتنت – العالقة التفاعلية بني اآلباء واألبناء –‬ ‫اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم – جامعة القاهرة – العدد الثامن عشر – يناير – مارس ‪2003‬‬ ‫– ص ‪ – 237‬ص ‪. 298‬‬ ‫ ‪(40) Bernard, Tessle – The Sociology of Community – illionism fore‬‬‫‪mand & Company – 2002-p.90.‬‬ ‫(‪ )41‬خليفة ‪ ،‬عبد اللطيف (‪ ، )1992‬ارتقاء القيم ‪ :‬دراسة نفسية – الكويت – اجمللس الوطين‬ ‫للثقافة والفنون واآلداب – سلسلة عامل املعرفة – العدد (‪ – )160‬ص ‪ ، 51‬ص ‪. 52‬‬ ‫(‪ )42‬النكالوي‪ ،‬أمحد (‪ ، )1989‬االغرتاب يف اجملتمع املصري املعاصر‪ :‬دراسة حتليلية ميدانية‬ ‫الفتقاد القدرة يف ضوء االجتاه املاكروبنيوي يف علم االجتماع – القاهرة – دار الثقافة العربية‬ ‫– ص ‪. 135‬‬ ‫(‪ )43‬حسني ‪ ،‬مسري ‪ ،‬حبوث اإلعالم – دراسة يف مناهج البحث العلمي – ط‪ – 3‬القاهرة – عامل‬ ‫الكتب – ‪ – 1999‬ص ‪. 131‬‬ ‫(‪ )44‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي “تقرير التنمية البشرية “‬ ‫‪www.un.Org/arabic/esa/hdr/20007 On line at‬‬ ‫(‪ )45‬عثمان ‪ ،‬نانسي محدي ‪ ،‬دور قادة الرأي يف توعية الشباب مبخاطر اإلنرتنت – مرجع‬ ‫سابق‪ ،‬ص ‪. 43‬‬ ‫‪(46) The Egyptain Company for Network On line at www.egynet.com.‬‬ ‫‪eg.‬‬ ‫(‪ )47‬فريق الباحثني املدربني ‪:‬‬ ‫ أمرية كمال عبد الرحيم سالمة ‪ -‬ماجستري علم النفس – كلية اآلداب – جامعة املنوفية‬‫ أمل حممد عبد احلميد سعيد‪ -‬ماجستري علم النفس – كلية اآلداب – جامعة املنوفية‬‫ سالي عاطف منصور علي يوسف ‪ -‬ماجستري إعالم – كلية اآلداب – جامعة املنوفية‬‫ هند علي علي ليلة ‪ -‬ماجستري إعالم – كلية اآلداب – جامعة املنوفية‬‫(‪ )48‬األساتذة احملكمني ‪:‬‬ ‫‪197‬‬

‫ أد‪ /‬عدلي رضا ‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم اإلذاعة والتليفزيون – كلية اإلعالم – جامعة القاهرة‬‫ أد‪ /‬عاطف العبد‪ ،‬أستاذ ووكيل كلية اإلعالم – جامعة القاهرة‬‫ أد‪ /‬شريف درويش ‪،‬أستاذ الصحافة – كلية اإلعالم – جامعة القاهرة ‪.‬‬‫ أد‪ /‬عبد املنعم شحاته ‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم علم النفس – كلية اآلداب – جامعة املنوفية ‪.‬‬‫ أد‪ /‬علي مراد ‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم االجتماع – كلية اآلداب – جامعة املنوفية ‪.‬‬‫(‪ )49‬جاكسون ‪ ،‬دوجالس ‪ ،‬قائمة العالقة بني الشخصية واملتغريات النفسية واالجتماعية –‬ ‫ترمجة ‪ :‬عبد الفتاح درويش – كندا – جامعة أونتاريو ‪. 1999‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )50‬بويري ‪ ،‬جري ‪ ، )2005( ،‬مقياس االغرتاب – جامعة أوهايو – الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية – ترمجة ‪ :‬عادل هريدي ‪ 2007‬كلية اآلداب – جامعة املنوفية ‪.‬‬

‫‪198‬‬

‫دور القائم باالتصال في ضوء نظرية تأثر الشخص الثالث‬

-----------------------------------------

‫عبدالرمحن بن نامي املطريي‬ ‫كلية الدعوة واإلعالم‬ ‫اململكة العربية السعودية‬

Abstract The researcher tackled the scientific basis of third person effect the ries with focusing on the gatekeeper theory and the third person e fect theory. Although this theory is not an effective theory, even if the researcher sees that it has an effect on the media content , the communication representative effects on the media content through controlling the media content. Also, the study focused on understan ing the third person effect theory and the role of the communication representative in it as the main objective of the study. The study also aimed to understand the role of the communication representative in light of the gatekeeper theory. The study concentrated on reali ing the similarities and differences between the gatekeeper theory and the third person effect theory as well as the role of the communication representative in it. The study has utilized the qualitative approach as a way to reach results and analyze such results. The study found some of the significant results ; in the third person effect theory, the communication representative’s role consists in realizing the media effect associated with the communication representative’s behaviors. Also, the journalists feel with the media effects of the Press career and this feeling motivates them to present good media works, but, regarding the communication representative’ role in light of the Gatekeeper theory , his role is limited to realizing the media effect of the media values of the media institutions then the personal , the emergence of the media institutions and the size of the public as factors affecting the communication representative , and sticking to the professional media values . The study also revealed some of the 199

philosophical discrepancies for the journalists inside the news room and the field editors or the correspondents. The study noticed the di ference of criteria and values of journalists inside the news room and field editors when judging the media materials and judging the effect on self and public , the emergence of the role of the media institutions in influencing the journalists inside the news room , while the effect of the media institution is less on the field journalists or correspon ents. Concepts of the study 1 – Gatekeeper theory 2 – Third person effect theory 3 – Cognitive side 4 – Behavioral side 5 – Difference and conformity between theories



200

‫مقدمة‬ ‫عندما تتناول صمود النظريات اإلعالمية أمام موجة اإلعالم االلكرتوني أو ما يعرف باإلعالم‬ ‫اجلديد‪ ،‬جيب أن نعيد النظر باألسس النظرية اليت بنية عليها النظريات اإلعالمية‪ ،‬اليت‬ ‫تعرف بالنظريات التأثريية واليت تتناول عناصر العملية االتصالية‪ ،‬فالدراسات العلمية تؤكد‬ ‫بأن مجيع نظريات اإلعالم ذات صلة ببعضها‪ ،‬وأن هناك العديد من التداخل بني النظريات‬ ‫التأثريية‪ ،‬فالنظريات اإلعالمية ظهرت نتيجة دراسة ظواهر اجتماعية ثقافية‪ ،‬معتمدة‬ ‫باألساس على العملية االتصالية‪.‬‬ ‫إن صالحية النظرية اإلعالمية يعتمد على العديد من الفرضيات ذات األهمية‪ ،‬فلعل صالحية‬ ‫النظرية اإلعالمية تعتمد على مقدار الفائدة من العملية التنظريية واالرتباط املباشر بني‬ ‫التنظري والواقع املعاش لإلعالم‪ ،‬فالواقع يشري إىل أن النظرية اإلعالمية تعتمد صالحيتها‬ ‫على قدرتها على املساهمة بتغذية البحث العلمي يف جمال اإلعالم‪ ،‬كما أن من أهمية النظرية‬ ‫اإلعالمية قدرتها أيضا على توفري املفاهيم واملصطلحات اليت تساعد على وصف الواقع مبا فيه‬ ‫من ظواهر اجتماعية اتصالية‪.‬‬ ‫فالنظرية اإلعالمية حسب رأي (ماكويل) تعين (إدراك كامل وفهم مستنري حلقيقة ما‬ ‫حيدث يف اجملتمع بسبب عمليات وسائل اإلعالم‪ ،‬وأنشطتها والتطورات والتغريات اليت تطرأ‬ ‫عليها‪ ،‬وبالعكس من ذلك فهم حقيقة ما حيدث يف وسائل اإلعالم بسبب أنشطة املؤسسات‬ ‫االجتماعية وتغرياتها وتطوراتها)‪.‬‬ ‫كما أن نظريات التأثري اإلعالمي بالرغم من كونها تراثاً علمياً وفكرياً إال أنه خرج من نطاق‬ ‫سياقاته األصلية ليتحول إىل مرجعيات موضوعية شاملة‪ ،‬يستعني بها باحثو اإلعالم يف مجيع‬ ‫مواقع العلم يف العامل‪ ،‬ومن املفرتض أن يتم االستفادة من النتائج العامة اليت أسفرت عنها‬ ‫مئات األحباث والدراسات اليت تراكمت عرب القرن املاضي‪ ،‬وذلك من اجل أن يتم تأسيس علوم‬ ‫إعالمية حول التأثري‪ ،‬تواكب احلقبة الراهنة اليت شهدت ثورة تقنية اتصالية هائلة‪ ،‬دون‬ ‫املرور مبراحل طوتها الدراسات احلقلية‪ ،‬ألن اسرتجاع ذات املسارات يعين اإلخفاق يف حتقيق‬ ‫تواصل مفقود مع مستجدات عصر املعلوماتية‪.‬‬ ‫يشري العديد من الباحثني إىل أن مفهوم النظرية العلمية يف جمال اإلعالم ترتكز على بعض‬ ‫املفاهيم األساسية اليت تبنى عليها النظرية‪ ،‬فالنظرية باملفهوم العام كما تشري إىل ذلك‬ ‫الدكتور‪ /‬مي العبد اهلل ( املفاهيم اليت يتوصل إليها الباحث بناء على مالحظته لتجربة أو‬ ‫‪201‬‬

‫جمموعة جتارب‪ ،‬أو حدث أو جمموعة أحداث)‪.‬‬ ‫كما يشري الدكتور بسيوني محادة إىل أن مفهوم النظرية اإلعالمية يتجلى بوضوح ودقة‬ ‫يف العلوم التطبيقية البحتة‪ ،‬ويشوبه نوع من الغموض والتداخل املعريف يف العلوم اإلنسانية‬ ‫عموماً‪ ،‬وعلم اإلعالم على وجه اخلصوص‪ ،‬وذلك ألن علم اإلعالم واالتصال ما هو إال جزء‬ ‫من العلوم اإلنسانية كاملة‪ ،‬فتتداخل أطره النظرية مع علم النفس واالجتماع على وجه‬ ‫التحديد‪ ،‬ومن ثم فإن نظرياته اليت تأسس عليها ليست باحلدة والصرامة املوجودة يف نظريات‬ ‫العلوم البحتة‪ ،‬أو الطبيعية مثله يف ذلك مثل العلوم اإلنسانية بوجه عام‪.‬‬ ‫إن العديد من باحثي اإلعالم ال يزالون يؤيدون وجهة النظر اليت تقول أن علم اإلعالم مل ينبع‬ ‫من نظرية رئيسة قابلة للتطور يف املستقبل‪ ،‬وقد يكون لدى هؤالء بعض احلق فيما ذهبوا‬ ‫إليه؛ وذلك بسبب إن علم اإلعالم من العلوم اإلنسانية احلديثة‪ ،‬عندما يتم مقارنتها مع غريها‬ ‫من العلوم اإلنسانية األخرى‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك فإن حداثة الدراسات األكادميية يف جمال‬ ‫اإلعالم من أسباب نقص النظريات اإلعالمية‪ ،‬هذا ال يعين أن النظريات اإلعالمية املوجودة ال‬ ‫تستطيع أن تطور يف ظل الثورة االتصالية اجلديدة‪ ،‬بل على العكس من ذلك فإن العديد من‬ ‫النظريات قد بدأت بالتطور والتكيف مع ظهور اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫ومير العامل اليوم بتحوالت كبرية مل تقتصر تأثرياتها على ما أصاب انساق العالقات السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬بل جتاوزت ذلك اىل أمناط التفكري والنسق االجتماعي للمجتمعات‪ ،‬أن وسائل‬ ‫اإلعالم اجلماهريية تقوم بدور رئيس يف إمداد اإلنسان بكثري من التصورات واملعلومات واملواقف‬ ‫واالجتاهات اليت يف الغالب تعمل على تشكيل وعيه بالقضايا واملوضوعات اليت تهمه وتؤثر يف‬ ‫حياته الفردية واالجتماعية(طاش‪)2001:‬‬ ‫ووسائل اإلعالم اجلماهريية ترتبط بالعديد من االجتاهات ونظريات التأثري اإلعالمي‬ ‫اليت تؤكد على أهمية وسائل اإلعالم ال حبصر تأثريها الفوري كما كان سائد يف‬ ‫األدبيات األولية من الدراسات اإلعالمية‪ ،‬على مجهور معني‪ ،‬بل أنها تكمن يف التأثريات غري‬ ‫املباشرة اليت تقع على املدى الطويل بالنسبة للفرد‪ ،‬بل أنها تؤثر يف عملية تنظيم احلياة‬ ‫االجتماعية(‪.)Defoweer:1993‬‬ ‫ونشري اىل أهم تلك النظريات اليت تبلورة على أيدي العديد من الباحثني يف الدراسات‬ ‫اإلعالمية وخاصة يف جمال تأثري وسائل اإلعالم‪ ،‬ومن هذه النظريات ذات التأثري اإلعالمي‬ ‫نظرية متثيل املعلومات واليت تقوم على أن اللغة بناء اجتماعي قائم على مصطلحات الكلمات‬ ‫‪202‬‬

‫واملعاني‪ ،‬أن فكرة اجملتمع كجملة من املعارف املؤسسة على التبادل الرمزي‪ ،‬جيمع مبدأ‬ ‫املعرفة القدمية كمفاهيم مع اللغة كبناء اجتماعي‪ ،‬ومع فكرة أن االتصال يشكل قاعدة‬ ‫النظام االجتماعي(مهنا‪ .)2002:‬ونظرية تكوين املعنى الذي يشري وترملبان إليها أن الوصف‬ ‫الذي تقدمه الصحافة(وسائل اإلعالم) يف الغالب ما كان مزيفاً مبعنى أنه كان حمرفاً‬ ‫وخيلق يف أذهان الناس صوراً للعامل اخلارجي مشوهة أو حتى مزيفة متاماً‪ .‬ومنها أيضا نظرية‬ ‫االستخدامات واالشباعات واليت يرى كثري من الباحثني يف الدراسات اإلعالمية بأنها ال تزال‬ ‫منوذج لنظرية وليس نظرية وذلك بسبب العديد من االنتقادات اليت وجهة هلا‪ ،‬وتقوم نظرية‬ ‫االستخدامات واألشباعات على افرتاضات أن اجلمهور يستخدم مضامني وسائل اإلعالم من‬ ‫أجل إشباع رغباتهم وحاجاتهم ودوافعهم املعرفية واملعلوماتية‪ ،‬وكذلك تأكيدها على أن ما‬ ‫يدركه الفرد من وسائل اإلعالم قد يكون أكثر أهمية من املضمون الذي يتم تقدميه يف هذه‬ ‫الوسائل اإلعالمية‪.‬‬ ‫ومنها أيضا النظريات اليت اهتمت بدراسة الرأي العام مثل نظرية التجاهل اجلمعي ونظرية‬ ‫دوامة الصمت اليت أعادة األنظار إىل قوة تأثري وسائل اإلعالم‪ ،‬من حيث كونها نظريات تعتمد‬ ‫على أن مدركات األفراد ومفاهيمهم عن األحداث اليت هلا دور يف تكوين الرأي العام‪.‬‬ ‫ومنها أيضا نظرية تأثري الشخص الثالث الذي تعود جذورها إىل عامل االجتماع األملاني فيليبس‬ ‫دافسون ‪ Philips Davison‬الذي توصل إىل نظريته من خالل العديد من املالحظات‬ ‫والتجارب اليت ساعدته يف تطوير النظرية من كونها مالحظة إىل جمال خصب يف الدراسات‬ ‫اإلعالمية‪.‬‬ ‫وينظر بعض الباحثني يف جمال الدراسات اإلعالمية اىل نظرية الشخص الثالث على اعتبارها‬ ‫منظور مبتكر وجديد يف دراسة الرأي العام‪ ،‬حيث يشري البعض اىل كون فروضها جذابة‬ ‫جداً(‪ ):Richard‬باإلضافة إىل كونها مدخ ً‬ ‫ال رئيساً لقياس تأثريات وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ويرى كثري من دارسي نظريات تأثري وسائل اإلعالم أن الرتاث البحثي املتاح حتى اآلن ال يعرب‬ ‫إال عن جزء بسيط جداً من عملية معقدة للغاية‪ ،‬وأن الدراسات االمبرييقية النوعية هي يف‬ ‫أمس احلاجة إىل عملييت تقويم واستكمال بواسطة االستعانة بإطار مرجعي أكثر اتساقاً‬ ‫يضع يف اعتباره الطبيعة األساسية للبناء االجتماعي والقيم االجتماعية السائدة يف اجملتمع‪،‬‬ ‫فوسائل اإلعالم اجلماهريية تعكس طبيعة اجملتمع‪.‬‬ ‫فنظرية حارس البوابة‪ ،‬ونظرية تأثر الشخص الثالث من النظريات القدمية واحلديثة اليت‬ ‫بدأت تتطور يف ظل الثورات اإلعالمية اجلديدة‪ ،‬وسوف تعتمد هذه الدراسة على فهم دور‬ ‫القائم باالتصال يف ضوء نظرية تأثري الشخص الثالث‪.‬‬ ‫‪203‬‬

‫نظرية حارس البوابة ‪Gatekeeper theory‬‬ ‫تبدل دور حارس البوابة اإلعالمية يف ظل التغريات اإلعالمية اجلديدة‪ ،‬وفق العديد من‬ ‫االعتبارات‪ ،‬فالقائم باالتصال مل يعد ذلك الصحايف الذي يؤثر باملادة اإلعالمية أكثر من‬ ‫تأثريها به‪ ،‬فبعد أن كان دوره رقيب على املادة اإلعالمية‪ ،‬حيذف ويضيف‪ ،‬يغري ويبدل‪،‬‬ ‫احنصر دوره يف محاية املادة اإلعالمية حتى وصوهلا إىل اجلمهور‪ ،‬حراستها من التغريات اليت‬ ‫رمبا تطاهلا من خالل سياسة املؤسسة اإلعالمية‪.‬‬ ‫فحارس البوابة اإلعالمية يسعى إىل مواكبة التغريات اإلعالمية احلديثة‪ ،‬يف تبين بعض‬ ‫املصطلحات اليت يربطها بالتطورات التكنولوجية‪ ،‬واالنفتاح اإلعالمي‪ ،‬وحرية اإلعالم‪ ،‬بل‬ ‫أن حياول تربير عدم قدرته على التحكم باملادة اإلعالمية بان العامل أصبح قرية كونية‬ ‫ميكن للجمهور املشاركة بصناعة املادة اإلعالمية‪ ،‬واملشاركة الفاعلة برسم خريطة املشهد‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬ولكن عدم الرتكيز على صناعة الرسالة اإلعالمية بالشكل اهلادف افقد القائم‬ ‫باالتصال دوره بالتحكم باملادة اإلعالمية‪ ،‬وأفسح اجملال لنظرية حارس البوابة باالنهيار‬ ‫السريع يف اإلعالم العربي كما يراه البعض والسبب يف ذلك يعود إىل آراء بعض الباحثني‬ ‫األكادمييني بان تأثري القائم باالتصال ال يتعدى املادة اإلعالمية‪ ،‬وهذا الرأي يالزمه الصواب‬ ‫إذا حنن نظرنا إىل النظرية على أن دورها يتعلق بالقائم باالتصال من خالل السمات والصفات‬ ‫اليت يتمتع بها القائم باالتصال من خالل دينه‪ ،‬وجنسه‪ ،‬وعرقه‪ ،‬وعوامل مؤثرة بصناعة املواد‬ ‫اإلعالمية ال ميكن إغفال هذا الدور‪ ،‬فنظرية حارس البوابة منذ أن خرجت اهتمت بدراسة‬ ‫القائم باالتصال يف ظل املتغريات الدميوغرافية‪ ،‬وأصبح الرتكيز هلذه النظرية على تأثري‬ ‫القائم باالتصال على املادة اإلعالمية‪ ،‬وان كان هناك العديد من الباحثني ينظرون إىل نظرية‬ ‫حارس البوابة على أنها نظرية تأثريية‪ ،‬هذا الكالم يعد حقيقة إذا درست من خالل نظرتها‬ ‫للجمهور‪ ،‬فالنظرية ليست نظرية تهتم باجلمهور بالدرجة األوىل ولكنها نظرية تركز‬ ‫على القائم باالتصال من خالل حتكمه وتأثريه على املادة اإلعالمية‪ ،‬يقول الدكتور أمحد‬ ‫املنزالوي أن نظرية حارس البوابة( نظرية يف علوم اإلعالم تعنى أن العاملني به يقفون حراسا‬ ‫على قيم اجملتمع وتقاليده) رمبا يكون رأي الدكتور منزالوي صحيح ولكن الدور الرئيس‬ ‫للقائم باالتصال وفق معايري هذه النظرية أن حيافظ على كيانه املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬قبل أن‬ ‫ينظر إىل قيم اجملتمع‪ ،‬فالقائم باالتصال حياول قدر اإلمكان السيطرة على املادة اإلعالمية‬ ‫املخالفة لسياسة املؤسسة اإلعالمية بالدرجة األوىل‪ ،‬وبذلك فهو حيمي املؤسسة اإلعالمية‬ ‫من االنتقادات‪ ،‬قبل محاية قيم اجملتمع‪.‬‬ ‫فالقائم باالتصال ليس لديه إدراك حقيقي لطبيعة مجهوره‪ ،‬وهلذا فهو ال يتصل بذلك‬ ‫‪204‬‬

‫اجلمهور يف واقع األمر‪ ،‬فاملؤسسة اإلعالمية مل تعد تدرك أن هدفها هو خدمة مجهور معني أو‬ ‫اجلمهور بشكل عام‪ ،‬وذلك ألن العاملني يف املؤسسة اإلعالمية من القائمني باالتصال وغريهم‬ ‫من املوظفني باملؤسسة اإلعالمية يهدفون إىل محاية املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬فالقائمون باالتصال‬ ‫يعملون وفق نظام معني كثريا ما حتدد هلم األهداف‪ ،‬ويرى (جبري) أنه بدون دراسة القوى‬ ‫االجتماعية اليت تؤثر على عملية مجع املادة اإلعالمية ال تستطيع أن تفهم حقيقة تلك املواد‬ ‫اإلعالمية‪.‬‬ ‫وتوضح الدراسات العديدة اليت اهتمت بدراسة األدوار اليت يقوم بها حارس البوابة‪ ،‬أن عملية‬ ‫انتقاء املعلومات ترتبط بقواعد العمل واملهنة والقواعد التنظيمية أكثر من ارتباطها بتفضيالت‬ ‫شخصية‪ ،‬فاألدوار اليت يقوم بها حارس البوابة إمنا تركز على التأثري على املادة اإلعالمية‬ ‫بالدرجة األوىل‪ ،‬كذلك اكتساب التشجيع من الزمالء والرؤساء داخل املؤسسة اإلعالمية‪.‬‬ ‫فاالهتمام باألحباث والدراسات اليت ركزت على ادوار القائم باالتصال اليت ميارسها داخل‬ ‫املؤسسة اإلعالمية أطرت عمل الصحفي داخل املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬حيث متكنت تلك الدراسات‬ ‫واألحباث من التعرف على دور املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬كمؤسسة اجتماعية‪ ،‬األمر الذي يسمح‬ ‫يتجاوز الشكل الفردي لنشاط القائم باالتصال‪ ،‬والرتكيز على فكرة االنتقاء كصريورة‬ ‫منتظمة ترتيبيا وذات ارتباط بشبكة معقدة من العالقات الرقابية(منها‪.)2003:‬‬ ‫وعند فحص بعض األدوار اليت يقوم بها حارس البوابة‪ ،‬يتضح أن هذه األدوار اليت يتخذ فيها‬ ‫العديد من القرارات‪ ،‬مل تكن نامجة عن تقديرات شخصية بتهديد الثقافة االجتماعية أو‬ ‫النظام االجتماعي السائد يف اجملتمع‪ ،‬وإمنا نامجة عن اقرتان مجلة من القيم اليت تتضمن‬ ‫معايري مهنية وتنظيمية‪ ،‬كالثقافة وعمليات إنتاج األخبار والسرعة‪.‬‬ ‫وتكشف الدراسات اليت اهتمت بعمليات االنتقاء يف نظرية حارس البوابة تقلب املرجعيات‬ ‫املوجودة داخل جمموعة الزمالة‪ ،‬ونظام املصادر‪ ،‬على املرجعيات املتعلقة باجلمهور‪ ،‬الذي ال‬ ‫يعرفه القائم باالتصال‪ ،‬وال يعلم كيف يتفاعل مع الرسائل اإلعالمية‪ ،‬إال من خالل املرجعيات‬ ‫احمليطة بالقائم باالتصال‪ ،‬ومعنى ذلك فإن تأثري القائم باالتصال على املادة اإلعالمية يأتي من‬ ‫السياقات املهنية والتنظيمية‪ ،‬والبريوقراطية داخل املؤسسة اإلعالمية واليت بدورها متارس‬ ‫التأثري على اختاذ حارس البوابة خلياراته اليت تتعلق باملادة اإلعالمية‪.‬‬ ‫إما فيما يتعلق بدور حارس البوابة بالرقابة االجتماعية يف جمموعة حترير األخبار‪ ،‬فان‬ ‫اخلط السياسي للوسيلة اإلعالمية‪ ،‬يفرض اختاذ آليات حتليل معني‪ ،‬وذلك من أجل احلفاظ‬ ‫على اخلط السياسي للوسيلة اإلعالمية‪ ،‬وهذه اآلليات ال تظهر بشكل واضح أو تكون خاضعة‬ ‫‪205‬‬

‫للنقاش‪ ،‬حيث يتم تعلمها وفق معطيات إعالمية متثل األسس اليت يتعامل معها القائمون‬ ‫باالتصال ورمبا يف كثري من األحيان يتم فرض هذه اآلليات خاصة بواسطة صريورة تكيف‬ ‫الصحفيني داخل غرف حترير األخبار‪ ،‬من اجل احملافظة على املعايري املهنية والتنظيمية‬ ‫للمؤسسة اإلعالمية‪.‬‬ ‫هذه األطروحات من الدراسات واألحباث تعنى أن املصدر الرئيس للتوقعات والتوجهات والقيم‬ ‫املهنية ليس اجلمهور‪ ،‬ولكن هناك العديد من االرتكازات املؤلفة من الزمالء والرؤساء‪ ،‬وهي من‬ ‫يؤثر على حارس البوابة بالشكل الكبري‪.‬‬ ‫لقد أدت نظرية حارس البوابة إىل خلق صناع مادة إعالمية جدد حياولون قدر املستطاع جتاوز‬ ‫القيم التنظيمية للمؤسسة اإلعالمية من أجل إيصال صناعتهم إىل اجلمهور املتلقي من‬ ‫دون تدخل حراس البوابة يف هذه املادة‪ ،‬هؤالء الصناع للمادة اإلخبارية اليت خلفتهم نظرية‬ ‫حارس البوابة من خالل التطورات اإلعالمية اجلديدة واإلعالم اجلديد الذي يتمثل يف صناعة‬ ‫املدونات االلكرتونية‪ ،‬القائمون على املدونات االلكرتونية ليسوا حراس بوابة‪ ،‬وإمنا هم فئة‬ ‫جديدة من صناع املواد اإلعالمية خارج دائرة حراسة البوابة‪ ،‬هذا التطور يف اإلعالم ليس دليل‬ ‫على ضعف هذه النظرية اليت تتناول القائم باالتصال من خالل تأثريه على املادة اإلعالمية‬ ‫اليت يتم صناعتها عن طريق صناع املادة اإلخبارية من ارض احلدث كما يقال‪.‬‬ ‫فهذه النظرية بالرغم من االنتقادات اليت وجهت إليها كونها تقوم على التحكم باملادة اإلعالمية‪،‬‬ ‫فإن ذلك يعد من األمور الصعبة‪ ،‬فالنظرية بالرغم من كونها تركز على فهم دوره حارس‬ ‫البوابة داخل املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬إال إن هلا من املوروث ما يكفي خللق قائم باالتصال يتوافق مع‬ ‫تطورات اإلعالم اجلديد‪ ،‬فنظرية حارس البوابة ال تركز على قضية التحكم باملادة الصحفية‪،‬‬ ‫ونقاط مرورها فقط‪ ،‬ولكن تركز على دراسة القائم باالتصال من خالل فهم ثقافته وجنسه‬ ‫ودينه وحميطه االجتماعي‪.‬‬ ‫وجد (بريد ‪ )Bred‬عندما قام بالتحليل الوظيفي لدور حارس البوابة بالتحكم باملادة اإلعالمية‪،‬‬ ‫حيث وجد إن بعض الصحف حتذف األخبار اليت تهدد النظام االجتماعي والثقايف‪ ،‬أو تنتقده‬ ‫بشكل مبالغ فيه‪ ،‬أوتهدد إميان القائم باالتصال بذلك النظام االجتماعي والثقايف‪ ،‬ويذكر‬ ‫(بريد) أن سياسة الناشر أو املؤسسة اإلعالمية هي اليت تطبق يف العادة يف أي وسيلة إعالمية‪.‬‬ ‫ويف حقيقة األمر أن حارس البوابة ميارس هذا الدور من خالل شعوره بتأثر اآلخرين( أفراد‬ ‫اجملتمع) بالرسائل السلبية‪ ،‬ولذلك فإنه ال يقوم بهذا الدور من اجل محاية اجلمهور من‬ ‫التأثريات اإلعالمية هلذه الرسائل‪ ،‬وإمنا يقوم بهذا الدور محاية للمؤسسة اإلعالمية من‬ ‫‪206‬‬

‫غضب اجلمهور على املؤسسة ورسائلها اإلعالمية‪ .‬ويف هذه الزاوية جند أن نظريات اإلعالم‬ ‫اجلديدة قد طورت أوجه النظريات التقليدية‪ ،‬حيث إن نظرية حارس البوابة ونظرية تأثر‬ ‫الشخص الثالث تلتقي يف هذه الزاوية بشكل كبري‪ ،‬وواضح مع اختالف األهداف والغايات من‬ ‫الرقابة على املضمون اإلعالمي‪ ،‬فنظرية تأثر الشخص الثالث‪ ،‬وحارس البوابة يقومان على‬ ‫أن اجلمهور يقع حتت تأثري وسائل اإلعالم‪ ،‬وهذا منطلق فلسفي نظري هلاتني النظريتني‪،‬‬ ‫إال أن االختالف بني النظريتني ياضح من خالل األهداف اليت تسعى لكل نظرية إىل حتقيقها‬ ‫فنظرية حارس البوابة تسعى إىل محاية املؤسسة اإلعالمية بالدرجة األوىل‪ ،‬وليس من أهم‬ ‫أهدافها محاية اجلمهور‪ ،‬وإمنا تقدم مظهر من مظاهر املوضوعية يف اختيار األخبار‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل ذلك فاجلزاء الذي يناله اإلعالمي يف الوسيلة مصدره ليس اجلمهور الذي يعدون عمالءه‪،‬‬ ‫وإمنا مصدره زمالءه من العاملني معه ورؤساءه‪ ،‬ولذلك يعيد القائم باالتصال يف الوسيلة‬ ‫اإلعالمية حتديد وتشكيل قيمه حبيث حتقق له اكرب منفعة‪ .‬بينما نظرية تأثري الشخص‬ ‫الثالث تهدف إىل محاية اجلمهور من التأثري السليب لوسائل اإلعالم على اجلمهور‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن اجلمهور بالرغم من قدرته على االختيار للمضامني اإلعالمية إال أنه من السهل التأثري‬ ‫عليه باملضامني السلبية‪.‬‬ ‫ويف مقاربة بني نظرية حارس البوابة ونظرية تأثري الشخص الثالث‪ ،‬بالرغم من أن نظرية‬ ‫حارس البوابة ال ميكن أن ينظر إليها على أنها نظرية تأثريية على أفراد اجملتمع‪ ،‬تربز نقطة‬ ‫توافق بني النظريتني إذا مت النظر إىل املادة اإلعالمية على أساس أنها تهدد كيان القيم‬ ‫االجتماعية‪ ،‬من قبل القائم باالتصال‪ ،‬وان حجب هذه املادة سوف مينع انهيار القيم االجتماعية‪،‬‬ ‫فإنها يف هذه احلالة تصبح نظرية تأثريية على أفراد اجملتمع‪ ،‬وتتفق مع نظرية حارس البوابة‬ ‫بان السماح هلذه املادة بالظهور سوف يؤثر على أفراد اجملتمع بشكل كبري‪ ،‬ولكن تنفرد نظرية‬ ‫الشخص الثالث‪ ،‬بان التأثري ال ميكن أن يقر به القائم باالتصال على نفسه‪ ،‬معتربا أن هذه‬ ‫التأثري سوف يقع على اجلمهور بالشكل القوي‪ ،‬ومصنف نفسه على أنه احلارس هلذه القيم‬ ‫االجتماعية‪ ،‬فالقائم باالتصال يعتقد أنه يقوم بالدور االجتماعي‪ ،‬ويف حقيقة األمر القائم‬ ‫باالتصال يف هذه احلالة هو يطبق سياسة املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬بالرغم من االتصاف باملوضوعية‬ ‫يف اختيار املواد اإلعالمية‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك فالتقدير الذي يناله القائم باالتصال يف املؤسسة‬ ‫اإلعالمية مصدره ليس اجلمهور الذي يعدون عمالء ومستهلكني للمواد اإلعالمية‪ ،‬وإمنا‬ ‫مصدره العاملني يف املؤسسة اإلعالمية من الزمالء والرؤساء فالقائم باالتصال وفق هذه‬ ‫املعايري يعد حتدد تشكيل قيمة حبيث حتقق له اكرب منفعة‪.‬‬ ‫ويف نظرية حارس البوابة تركز اهتمام الباحثني على معرفة وتفسري‪ ،‬طبيعة وكيفية تدفق‬ ‫الرسائل اإلعالمية‪ ،‬واألساليب اليت يلجأ إليها حارس البوابة بالسيطرة أو التحطم التنظيمي‬ ‫‪207‬‬

‫يف قسم األخبار‪ ،‬والعوامل اليت تلعب دوراً بارزاً يف التأثري على اختيار املادة اإلعالمية من قبل‬ ‫حراس البوابة وعرضهم لتلك املواد اإلعالمية‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك فإن سيطرة رئيس التحرير‬ ‫وصاحب العمل والعقوبات اليت يوقعها على حراس البوابة الذين خيرجون على سياسة املؤسسة‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬وقواعد وأخالقيات املهنية والتأثري غري املباشر لزمالء املهنة‪ ،‬والضغوط اليت‬ ‫يتعرضون هلا من خارج املؤسسة اإلعالمية والبناء االجتماعي‪ ،‬والعالقة مع القوى األخرى اليت‬ ‫تعد حمكاً له أهميته كبرية يف تقرير تشكل ونوع وحجم املادة اإلعالمية ودالالتها‪ ،‬وهذا يعين‬ ‫أن تأثري حراس البوابة على املضمون اإلعالمي للرسالة اإلعالمية يتأثر بفعل القوى احمليطة‬ ‫بالبوابة‪ ،‬وليس بذاتية أو اخلوف من التأثري للمادة اإلعالمية على اجلمهور العام‪.‬‬ ‫وقد أشارت بعض الدراسات إىل أن حارس البوابة ال تشغله كثريا املعاني االجتماعية والرؤية‬ ‫النقدية لوقع تأثري املادة اإلعالمية‪ ،‬وليس لديه إدراك حقيقي لطبيعة مجهوره‪ ،‬وأنه قد‬ ‫ختتلف دوافعه عن القائم باالتصال الذي ينتقل من مكان إىل مكان أخر‪ ،‬من أجل أن جيمع‬ ‫املادة اإلعالمية‪ ،‬وهو ما يؤثر بالتالي على ما خيتاره من املواد اإلعالمية‪ ،‬فالقائم باالتصال‬ ‫ويكون على دراية حقيقة بطبيعة اجلمهور الذي يتعامل معه‪ ،‬ويعرف قدرة املادة اإلعالمية‬ ‫على التأثري على اجلمهور‪.‬‬ ‫ومن العوامل اليت البد وأن تؤخذ بعني االعتبار خاصة مع ظهور موجه من اإلعالم االلكرتوني‬ ‫الذي يراه الكثري من الباحثني اإلعالميني‪ ،‬بأنه اإلعالم اجلديد الذي رمبا حيجم دور حارس‬ ‫البوابة‪ ،‬فهم صنع املادة اإلعالمية يف بيئة املؤسسة اإلعالمية اليت تشدد على احملافظة على‬ ‫سياساتها‪ ،‬تلك السياسات اليت تؤثر فيها نوعية امللكية بشكل كبري‪ ،‬واليت بدورها حتدد‬ ‫املضمون اإلعالمي‪ ،‬وتربز فيه توجهات مالك املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬كما أن املعايري اليت تبدو‬ ‫مستقلة يف اختيار املادة اإلعالمية‪ ،‬تعد إىل حد كبري تربيرات منطقية‪ ،‬لضغوط تنظيمية‪،‬‬ ‫مهنية وثقافية‪.‬‬ ‫إن نظرية حارس البوابة تأخذ العديد من اإلبعاد خاصة يف ظل التطورات التقنية اجلديدة‬ ‫اليت مسحت للعديد من األفراد بان يكونوا حراس بوابات إعالمية‪ ،‬وذلك من خالل قدرتهم‬ ‫على التأثري على املضمون اإلعالمي‪ ،‬هذا األمر اضعف الدور الذي يقوم به حراس البوابة‬ ‫يف املؤسسات اإلعالمية‪ ،‬ولكنه مل يلغيه بالشكل التام‪ ،‬ومع ذلك يبقى تأثري حراس البوابة‬ ‫اإلعالمية واضحا بشكل كبري باملضمون اإلعالمي‪ ،‬فالقائمون باالتصال ونقصد بهم هنا‪،‬‬ ‫احملررون والصحفيون امليدانيون الذين يعتمدون بشكل كبري على املصادر يف احلصول على‬ ‫املادة اإلعالمية‪ ،‬يقعون ضحية حراس البوابة الذين ختتلف مسمياتهم وأماكنهم‪ ،‬فاملعلومات‬ ‫اليت تأتي للمؤسسة الصحفية من القائم باالتصال أو من أي مصدر أخر ختضع لتأثري حراس‬ ‫‪208‬‬

‫البوابة الذين جيمعون على دور الصحفي الفرد‪ ،‬وألن عدداً كبرياً من املصادر مثل املسئولني‬ ‫احلكوميني ورجال العالقات العامة‪ ،‬يصنعون رسائلهم بالشكل الذي يتوافق مع سياسات‬ ‫املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬وجيتهدون يف ذلك من خالل التأثري على املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫اضعف دور حارس البوابة اإلعالمية بالتأثري على مثل تلك املضامني اإلعالمية؛ بسبب توافقها‬ ‫مع مصلحة املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬وليس كونها مادة جذابة وتتفق قيم حراس البوابة مع قيم‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وإمنا املصلحة تربز هنا بشكل كبري‪.‬‬

‫نظرية تأثر الشخص الثالث ‪Third person effect theory‬‬ ‫أشار دافسون (‪ )Davson‬إىل أن األفراد يعتقدون بان التأثري األكرب لوسائل اإلعالم ال يكون‬ ‫(علي أو عليك) ولكنه يكون على اآلخرين‪ ،‬مبعنى على الطرف الثالث‪ ،‬وقد عرف الشخص‬ ‫ّ‬ ‫الثالث بأنه ( الفجوة اإلدراكية‪ ،‬بني االعتقادات عن التأثري اإلعالمي على الذات واآلخرين)‪.‬‬ ‫وأجريت العديد من الدراسات اليت تناولت إدراك تأثري الشخص الثالث الذي يعكس ميول‬ ‫بشري إلدراك الذات بطريقة جتعل نظرتنا إىل أنفسنا بأنها األفضل من النظرة إىل اآلخرين‪.‬‬ ‫وجند أن الفرض األول واألساس الذي صاغه مؤسس هذه النظرية يقوم على أن ( األفراد‬ ‫مييلون اىل املبالغة يف تقييم تأثري وسائل اإلعالم على اجتاهات وسلوك األفراد اآلخرين‪ ،‬حبيث‬ ‫يعتقدون أن التأثريات األكرب لوسائل اإلعالم لن يكون على الشخص الثاني الذي هو (أنت)‬ ‫‪ You: The second Person‬وإمنا عليهم( األشخاص اآلخرين)‪On them: The third .‬‬ ‫‪ Person‬يف حني أن الفرض األساس الثاني حسب هذه النظرية فإنه يشري إىل أن األفراد‪،‬‬ ‫نتيجة هلذه املوقف اإلدراكي سوف يتخذون موقفاً ويقومون بفعل من شأنه محاية اآلخرين‬ ‫من التأثريات النامجة عن التعرض لوسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫وتعتمد نظرية الشخص الثالث [‪]Davison:1983‬على جانبني‪:‬‬ ‫‪1 .1‬اجلانب اإلدراكي ‪ :Cognitive side‬وهذا اجلانب من النظرية نال اهتمام وتأييد عدد‬ ‫كبري من الباحثني‪ ،‬وهو قائم على افرتاض تقديرات األفراد لتأثري املواد اإلعالمية على أنفسهم‬ ‫سيكون أقل من تأثريها على اآلخرين‪ ،‬وعلى هذا االعتبار فإن الفرد يؤمن بأنه قادر على محاية‬ ‫نفسه من تأثري املواد اإلعالمية الضارة‪ ،‬بينما اآلخرين ال ميلكون القدرة على محاية أنفسهم‪.‬‬ ‫ويفسردافسون وكوهني وشو[‪ )Davison:1983Cohn:2001&Choo:2001‬تأثري‬ ‫نظرية الشخص الثالث يف جانبها اإلدراكي بأنه ينتج عن التقدير املبالغ فيه لتأثري رسائل‬ ‫اإلعالم على اآلخرين بينما يأتي تقدير التأثري على الذات دقيقاً وموضوعياً‪ ،‬واجلانب اإلدراكي‬ ‫عندهم قائم على إدراك الناس لآلخرين بأنهم أكثر تأثرا باملضامني اإلعالمية من أنفسهم‬ ‫‪209‬‬

‫وخاصة املضامني السلبية‪ ،‬هذا اإلدراك سوف يؤدي إىل إتباع أعمال سلوكية معينة اهلدف‬ ‫منها محاية اآلخرين الذين تعرضوا لتأثري وسائل اإلعالم السلبية بشكل كبري‪.‬‬ ‫تعترب نظرية تأثري الشخص الثالث نظرية لفتت نظر الكثري من الباحثني اىل زيادة الدراسات‬ ‫اليت عملت بشكل كبري على دعم اجلانب اإلدراكي هلذه النظرية اليت أصبحت فيما بعد تعد‬ ‫من أهم النظريات اإلعالمية اليت ظهرت يف أوائل الثمانينات امليالدية من القرن املاضي‪ ،‬ومع‬ ‫بداية األلفية الثالثة بدأ الباحثون يف الوطن العربي االهتمام بنظرية تأثري الشخص الثالث‪.‬‬ ‫فقد تشتت تركيز الباحثون العرب يف دراساتهم لنظرية تأثري الشخص الثالث بني اختبار‬ ‫فروضها على العنف التليفزيوني‪ ،‬وبني التطورات االتصالية احلديثة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬اجلانب السلوكي ‪ :Behavioral side‬وهذا اجلانب من نظرية تأثري الشخص الثالث مل‬ ‫جيد االهتمام الكبري من قبل الباحثني حيث يؤكد ماتز [‪ ]Mutz:1994‬على أن األفراد سيقرون‬ ‫اختاذ إجراء أو سلوك معني رغبة يف محاية اآلخرين غري القادرين على محاية أنفسهم‪ ،‬ويشري‬ ‫دافسون [‪ ]Davison:1983‬إىل أن إدراك الفرد لتأثريات الشخص الثالث قد يؤدي به إىل القيام‬ ‫بأفعال يرى أن من شانها التقليل من حدة التأثريات السلبية على اآلخرين‪ ،‬مثل فرض رقابة‬ ‫على املواد الضارة أو املطالبة بفرض الرقابة أو تأييد إجراء تغيريات يف السياسة العامة‪ .‬إذن‬ ‫الشخص الثالث (هو الذي ينظر إليه باعتباره الشخص (األخر)املتأثر برسائل وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫ولذا فهو يتصرف ويتفاعل مع اآلخرين بناء على هذا األساس)[‪]Glasser&Salman:1995‬‬ ‫ومن املالحظ أن فرضية نظرية الشخص الثالث يقوم األفراد بتحليل ما يعرض يف وسائل‬ ‫اإلعالم ويستخلصون منه إدراك أن اآلخرين متأثرين أكثر مبا يعرض يف وسائل اإلعالم‬ ‫أكثر من تأثرهم أنفسهم‪.‬‬ ‫ويربط فرجينمري[‪ ]frognmayer:1994‬بني تأييد فرض الرقابة وإميان الفرد بقدراته‬ ‫املثالية وتفوقه األخالقي خاصة أوقات التعرض لضغوط اجتماعية‪ ،‬وقد أيد هذا الرأي‬ ‫العديد من الباحثني[‪Davison:1983.David: 2003.Katsuya, Kim, Michael.‬‬ ‫‪ ]Miller:1999‬حيث يرون إنه من الصعب أن جتد رقيباً يعتقد أنه من املمكن أن تؤثر فيه‬ ‫املضامني السلبية لوسائل اإلعالم‪ ،‬بينما يرى انه البد من محاية العامة من تلك املضامني‪،‬‬ ‫فالرقيب يؤمن بعدم قدرة اآلخرين على التحكم يف الذات وأنهم ال يتمتعون باملعرفة والذكاء‬ ‫الكافيني الذي ميكن أن حيميهم من تلك املضامني‪.‬‬ ‫ووجد بعض الباحثني يف جمال اإلعالن املتلفز أن اإلعالن السليب يؤدي إىل إقبال ضعيف من‬ ‫قبل الناخبني يف جماالت السياسة وخاصة إذا فسر اإلعالن السياسي على أنه إعالناً سلبياً‪،‬‬ ‫‪210‬‬

‫وأن تأثري الشخص الثالث على وسائل اإلعالم يظهر بشكل كبري وواضح إذا متادت وسائل‬ ‫اإلعالم بعرض اإلعالنات السلبية‪ .‬وقد توصلت الدراسات السابقة إىل نتيجة هامة تعتمد على‬ ‫مطالبة األفراد بفرض نوع من الرقابة على مضامني وسائل اإلعالم‪ ،‬وهم من خالل مطالبتهم‬ ‫ال حياولون دعم السياسات الرقابية فقط‪ ،‬وإمنا حياولون محاية أفراد اجملتمع من التأثريات‬ ‫السلبية اليت حتدثها مضامني وسائل اإلعالم‪ ،‬ونظرية تأثري الشخص الثالث تنطلق من الشعور‬ ‫باملسؤولية اليت تفرض على القائم باالتصال محاية اجلمهور من التأثريات السلبية للمضامني‬ ‫اإلعالمية اليت تبثها وسائل اإلعالم‪ ،‬وحتمل يف طياتها العديد من األفكار السلبية‪.‬‬ ‫ومن الناحية السلوكية جند أن تأثري نظرية الشخص الثالث يرتبط باالستعداد لفرض قيود‬ ‫على وسائل اإلعالم‪ ،‬حيث تقدم وسائل اإلعالم بعض املضامني الضارة‪ .‬ولذلك فإنه من الواجب‬ ‫االجتماعي دعم الرقابة على محاية اجملتمع من األذى(‪ )Salwen,1998‬ويعتقد الكثري من‬ ‫األفراد أنه يف وقت األزمات فإن هناك طوفان من األخبار واملعلومات املخيفة اليت تشكل خطراً‬ ‫على اآلخرين من أفراد اجملتمع‪ ،‬وتؤدي إىل عملية الذعر واهللع الذي ينتج عنه اختاذ إجراءات‬ ‫غري ضرورية مثل اكتناز السلع وجتنب األماكن املزدمحة‪ ،‬ومن اجل محاية اآلخرين من هذا‬ ‫السلوك الذي ينتج عن اإلدراك السليب ملضامني وسائل اإلعالم‪ ،‬فإنه ال بد من محاية اآلخرين‬ ‫من تأثري وسائل اإلعالم السلبية‪ ،‬وذلك من خالل تأييد فرض الرقابة على مصادر املعلومات‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬أو حتى املطالبة بتغيري السياسات العامة اإلعالمية‪ ،‬أو حجب القنوات واملواقع اليت‬ ‫تنشر تلك املضامني‪.‬‬ ‫نظرية تأثري الشخص الثالث تنبين على تراكمات ثقافية اجتماعية لدى أفراد اجملتمع وتشتد‬ ‫قوة تلك الرتاكمات الثقافية االجتماعية لدى األفراد الذين يعيشون يف جمتمعات تقليدية‪،‬‬ ‫واليت تربز فيها سلطة األبوة بشكل كبري‪ ،‬فاألبوة تقرتح بان الناس حيتاجون إىل محاية‬ ‫من اآلخرين‪ ،‬ألنهم غري مدركني لألخطار والتأثريات اليت يتعرضون هلا‪ ،‬بسبب التعرض‬ ‫للمضامني اإلعالمية السلبية‪.‬‬ ‫يظهر تأثري نظرية الشخص الثالث يف اجلانب العاطفي الناتج عن مضامني وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫حيث إن تصور الفرد عن اآلخرين بأن لديهم قابلية لتأثر‪ ،‬فتأثري نظرية الشخص الثالث ليس‬ ‫جتسيداً لنزعة نفسية فردية‪ ،‬ولكنها رد فعل معقد يتغري مع نوع االتصال‪ ،‬وصفات وخصائص‬ ‫األفراد‪ ،‬والوضع االجتماعي‪ ،‬فهو مصطلح يشري إىل أن نظرية تأثري الشخص الثالث يعرب عن‬ ‫اعتقاد الفرد بأنه وأمثاله يف نفس الفئة االجتماعية أو الثقافية أو املهنية ال يتأثرون بتأثريات‬ ‫مضامني وسائل اإلعالم‪ ،‬يف حني أن تلك التأثريات تصل بفاعلية اىل اآلخرين من أفراد‬ ‫اجلمهور‪.‬‬ ‫‪211‬‬

‫‪1 .1‬إذا نظرية تأثري الشخص الثالث مفهوم له مدى يتدرج من خالل املراحل التالية‪:‬‬ ‫‪2 .2‬وسائل اإلعالم هلا تأثريات قوية على األفراد والثقافة‪.‬‬ ‫‪3 .3‬أحقية بعض األفراد أو الفئات االجتماعية يف التصدي ملضمون وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫‪4 .4‬املناعة الذاتية هي املساحة الفاصلة بني الذات واآلخرين‪ ،‬مبعنى أن وسائل اإلعالم تؤثر‬ ‫على اآلخرين وال تؤثر على الفرد‪.‬‬ ‫‪5 .5‬الفعل االجتماعي حيث يرى بعض األفراد أو الفئات االجتماعية أن لديهم مسؤولية‬ ‫اجتماعية كبرية عن اآلخرين وهذه املسؤولية تفرض عليه الدفاع عنهم‪.‬‬ ‫‪6 .6‬التقويم املستمر ملضمون وسائل اإلعالم ومدى وجود مضامني سلبية‪ ،‬يعتقد بتأثريها على‬ ‫اآلخرين يف املدى األول ويف نهاية املدى سوف تؤثر عليهم‪ ،‬فيقومون بعملية استباقية هلذا‬ ‫التأثري‪.‬‬ ‫ويوجه تأثري الشخص الثالث االنتباه ليس فقط إلدراك رجال اإلعالم لتأثري الشخص الثالث‬ ‫على أنفسهم عندما يتم مقارنتهم باجلمهور العام‪ ،‬عند النظر إىل اجلدلية األتي طرحت من‬ ‫قبل أندسكري وورايت (‪ )Andsaqer & White‬أن الفرد الذي يشمل للذات جزء حيوي يبحث‬ ‫إدراك الشخص الثالث‪ ،‬فان النقيض مبفهوم اإلعالم احملرتف عن تأثري اإلعالم على اجلمهور‬ ‫العام‪.‬‬ ‫فالقائم باالتصال من خالل تعرضه لوسائل اإلعالم ينفي التأثري اإلعالمي على اإلعالميني‬ ‫كأفراد‪ ،‬وطبقا لدراسات تأثري الشخص الثالث‪ ،‬فان إدراك اإلعالميني لعملية التأثري تربز من‬ ‫خالل العديد من العوامل اليت رمبا تكون متناقضة‪.‬‬ ‫فمن ناحيته كمستهلك لألخبار‪ ،‬يدرك اإلعالميون تأثري متزايد على أنفسهم‪ ،‬إذا كان القصد‬ ‫التعرض لوسائل اإلعالم كمؤشر هلذا التأثري املدرك‪ ،‬ومن ناحيته كمنتج للمادة اإلعالمية‬ ‫فان اإلعالميني يعتقدون بالتأثري األقوى على اآلخرين‪ ،‬ورمبا يفسر ذلك إدراك اإلعالميون‬ ‫ألنفسهم بأنهم أصحاب خربة يف إنتاج املادة اإلعالمية اليت جيب أن تكون حاجز لعملية التأثري‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫فاإلعالميون ال يعتقدون فقط أن تأثري اإلعالم يقع بشكل أكرب على اآلخرين عند مقارنتهم‬ ‫باجلمهور‪ ،‬بل أن املقارنة بني اإلعالميني واجلمهور العام‪ ،‬يرونه غري صائب فيما يتعلق‬ ‫بالتأثري اإلعالمي‪ ،‬ويف الغالب ما يتلقى اإلعالميون الردود عن أعماهلم من البيئة االجتماعية‪،‬‬ ‫والعديد من االنتقادات من قبل اآلخرين عن مواضيع متت تغطيتها بطريقة سلبية كما يراها‬ ‫اآلخرون‪.‬‬ ‫‪212‬‬

‫البيئة االجتماعية اليت يتلقى اإلعالميون الردود منها عن أعماهلم‪ ،‬حسب نظرية حارس‬ ‫البوابة تنقسم إىل قسمني‪ :‬يتعلق القسم األول بالقائم باالتصال وهو ما يعرف باملصدر‪ ،‬وهذا‬ ‫الطرف الذي يرى اجلمهور نشط ولديه القدرة على النقد‪ ،‬واالعرتاض على املواد اليت تعرض‬ ‫يف الوسيلة اإلعالمية‪ ،‬وله تأثري رمبا يكون قوي على القائم باالتصال‪ ،‬وهو اجلمهور الذي‬ ‫تراه نظرية تأثري الشخص الثالث لديه الرغبة بفرض قيود على املادة اإلعالمية ولديه الرغبة‬ ‫باملطالبة بفرض نوع من الرقابة الصارمة على مضامني وسائل اإلعالم‪ .‬إما القسم الثاني والذي‬ ‫يتعلق حبراس البوابة اإلعالمية والذين يستخدمون قوتهم بالسيطرة على املادة اإلعالمية من‬ ‫خالل رضا البيئة االجتماعية داخل املؤسسة اإلعالمية يف حميط الزمالء والرؤساء‪ ،‬ألن مهنتهم‬ ‫تنحصر باحلفاظ على سياسة املؤسسة اإلعالمية بالدرجة األوىل‪ ،‬والتأثري الذي ميارسوه تأثرياً‬ ‫يقع على املادة اإلعالمية‪ ،‬مبعنى تأثري على املضمون اإلعالمي‪ ،‬الذي يقومون بصناعته داخل‬ ‫املؤسسة اإلعالمية‪ ،‬وهم ينظرون إىل اجلمهور بأنه مجهور سليب غري فاعل يسهل التأثري عليه‪،‬‬ ‫وأن تأثريهم على املادة اإلعالمية جينب املؤسسة اإلعالمية الوقوع باألخطاء‪.‬‬ ‫هذا الرأي الذي كان سائد عن نظرية حارس البوابة وحتى اآلن‪ ،‬ولكن نظرية حارس البوابة‬ ‫دفعت القائم باالتصال من اخلروج عليها خاصة يف ظل التطورات التقنية‪ ،‬فلم يهتم بعملية‬ ‫حراسة البوابة يف الكثري من املؤسسات اإلعالمية‪ ،‬واستفاد من التطورات التقنية خاصة يف جمال‬ ‫االنرتنت‪ ،‬ومواقع املدونات‪ ،‬حيث مت خلق فضاء جديد من اإلعالم االلكرتوني‪ ،‬ولكن هذا الفضاء‬ ‫مل يستطيع أن خيرج من دوامة حراسة البوابة‪ ،‬بل أنه أسري لتلك النظرية‪ ،‬حتى على مستويات‬ ‫اإلعالم االلكرتوني اجلديد‪ ،‬يبقى التأثري املصلحي هو احملرك األساس حلراسة البوابة‪ ،‬وان‬ ‫حماوالت القائمني باالتصال اليت تسعى إىل هدم نظرية حراسة البوابة بآت بالفشل الذريع يف‬ ‫موجة اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫التوافق واالختالف بني النظريا ت ‪oDifference and conformity between the‬‬ ‫‪ries‬‬ ‫وتتشابه نظرية الشخص الثالث ((‪ The Third Person Effect‬مع نظرية دوامة الصمت‬ ‫يف الرتكيز على أن اإلدراك والفهم هي املرتكزات الرئيسة لتكوين الرأي العام‪ ،‬فعملية تكوين‬ ‫الرأي ليست عملية فردية‪ ،‬ولكنها عملية مجاعية‪ ،‬وقد الحظ الباحثون املعنيون بدراسة تدفق‬ ‫املعلومات على مرحلتني أن الشرائح االجتماعية كانت تشارك اجلماعات اليت ينتمون إليها‬ ‫يف املناقشات واحلوارات‪ ،‬وأن العامل املؤثر يف تكوين رأي الناخبني كان االتصال الشخصي‪،‬‬ ‫وليس وسائل اإلعالم كما كان معتقداً(السيد وآخرون‪ :2004 ،‬عبداحلميد‪ )1997،‬وأن‬ ‫‪213‬‬

‫بدور يف بناء وتوجيه الرأي العام جبانب وسائل اإلعالم‪ ،‬ويقوم قادة‬ ‫االتصال الشخصي يقوم ٍ‬ ‫الرأي بدور مهم عرب دور الوسيط بني وسائل اإلعالم واجلمهور سواء كانوا مؤيدين ملضامني‬ ‫وسائل اإلعالم أو معارضني هلا‪ ،‬ويف كال احلالتني يتمتعون بقبول اجتماعي يساعدهم على‬ ‫شرح أراهم ووجهات نظرهم حول القضايا اليت تثريها وسائل اإلعالم‪ ،‬ولديهم القدرة على‬ ‫التحاور مع القائمني على وسائل اإلعالم وشرح اآلراء وتبادل األفكار حول العديد من القضايا‬ ‫االجتماعية اليت تثريها وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫بالرغم من تشابه نظرية الشخص الثالث مع نظرية تدفق املعلومات على مرحلتني إال أنها‬ ‫ختتلف معها يف بعض النقاط املهمة‪ ،‬فنظرية تدفق املعلومات على مرحلتني تعتمد على (الثقة‬ ‫والقبول االجتماعي) لقادة الرأي ويعتربها (البشر‪ )2007:‬مسة رئيسة من مسات قادة الرأي‬ ‫واليت تعتمد عليها نظرية تدفق املعلومات على مرحلتني‪ ،‬يف حني أن نظرية تأثري الشخص‬ ‫الثالث ال تعتمد على القبول االجتماعي‪ ،‬وإمنا تعتمد على سرعة السلوك الذي يقوم به الفرد‬ ‫من أجل الوقاية من تأثري املضامني اإلعالمية‪ ،‬فالشخص الثالث هو أحد أفراد اجملتمع ومجهور‬ ‫وسائل اإلعالم ولديه حساسية شديدة حنو املضامني اإلعالمية وخاصة تلك اليت يراها سلبية‬ ‫متتلك وسائل اإلعالم قوة مؤثرة على اجملتمع‪ ،‬ونتيجة لذلك سوف وتقوم نظرية تأثري‬ ‫الشخص الثالث على افرتاض أن األفراد يقومون بكل ما من شأنه محاية اجملتمع من التأثريات‬ ‫اإلعالمية السلبية كما يراها‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬ ‫ويف ختام هذه الدراسة سوف يستعرض الباحث أهم ما توصل إليه من خالل املراجعة العلمية‬ ‫الكيفية لنظرية تأثري الشخص الثالث‪ ،‬ودور القائم باالتصال يف ظل هذه النظرية ومن خالل‬ ‫التطورات االتصالية اجلديدة فاإلعالميون لديهم إدراك أكثر لتأثري وسائل اإلعالم على‬ ‫اجلمهور العام عند مقارنته بذواتهم‪.‬‬ ‫فاإلعالميون ومن خالل اجلهد الذي يبذلونه سوف يدركون أن التأثري لوسائل اإلعالم‬ ‫سيكون أكثر اجيابية‪ ،‬وذلك لشعورهم بان الوضع املهين امتداد للذات‪ ،‬وهذا يتطابق مع الطرق‬ ‫اليت يضعها املهنيون اإلعالميون إطاراً لعملهم يف العمل اإلعالمي‪ .‬كما يرى الصحفيون أن‬ ‫أعماهلم الصحفية ذات تأثري يف إجياد املعلومات احليوية اليت جتعل اجلمهور يطلعون على‬ ‫مواكبة األحداث اجلارية‪ ،‬كما أن األعمال الصحفية متكنهم من طرح اخليارات األساسية‬ ‫واملنطقية يف عملية التغطية اإلعالمية وفيمايلي ابرز النتائج‪:‬‬ ‫‪214‬‬

‫• •إن إدراك الصحفيون للتأثري اإلعالمي يكون متصال بسلوكياتهم‪ ،‬وإدراكهم جلوانب‬ ‫املهنة الصحفية‪ ،‬فهم يتوقعون بان األعمال اإلعالمية اليت يقومون بها هلا تأثريات اجتماعية‬ ‫مهمة‪ ،‬هذا الشعور املتوقع لتأثريهم على اجلمهور يدفعهم لتقديم أعمال إعالمية أكثر جدية‪،‬‬ ‫مع االحتفاظ بالقيم املهنية اإلعالمية ( الواقعية‪ ،‬املوضوعية‪ ،‬التوازن) وبالعكس من ذلك فان‬ ‫الصحفيني عندما ال يشعرون بالتأثري اإلعالمي على اجملتمع حبده األدنى‪ ،‬فعند ذلك ال يكون‬ ‫مهما مراعاة القيم املهنية مثل احليادية‪.‬‬ ‫• •يشعر الصحفيون بان التأثري اإلعالمي مرتبطا بالقيم املهنية الصحفية‪ ،‬وهذا ما برز من‬ ‫خالل الدراسات اليت اظهر‪ ،‬أن بروز املنظمة اإلعالمية‪ ،‬وحجم اجلمهور املتابع هلا تعد مؤثرات‬ ‫قوية على االلتزام بالقيم املهنية اإلعالمية‪ .‬رمبا كانت هذه املؤثرات ذات عالقة بالتأثري‬ ‫الفرضي لوسائل اإلعالم‪ ،‬ورمبا تفسر العالقة بني هذه املؤثرات والتعريف املهين لإلعالم‪،‬‬ ‫وآلية تفسري العالقة رمبا تشري إىل نتائج البحوث التنظيمية اليت تنظم العملية بني احملفزات‬ ‫اجلوهرية والتعريف املهين لإلعالم‪ ،‬حبيث أن الشعور بالتأثري يكون جزءاً من الدوافع األساسية‬ ‫للعاملني يف اجملال اإلعالمي‪.‬‬ ‫• •الصحفيون ينظمون األعمال اليت يقومون بها على اعتبار أنها جزء من النظام االجتماعي‬ ‫واملسؤولية االجتماعية‪.‬‬ ‫• •يرى اإلعالميون بان دورهم اإلعالمي واالجتماعي ذو تأثري على اآلخرين أكثر من تأثريه‬ ‫على الزمالء يف العمل الصحفي‪ .‬ولكن هذا يربز بشكل عكسي عندما يتم املقارنة بني الصحفيني‬ ‫املهنيني لتعرضهم لوسائل اإلعالم‪ ،‬وتقيدهم باملعايري املهنية‪ ،‬فإنهم يرون أن االلتزام باملعايري‬ ‫املهنية يتقيدون بها أكثر من زمالئهم‪ ،‬كما أنهم يرون أن دورهم حيتم عليهم التعرض‬ ‫لوسائل اإلعالم اإلخبارية أكثر من غريهم حتى من زمالئهم‪.‬‬ ‫• •الصحفيون يشعرون بان دورهم اإلعالمي يؤثر على النخب االجتماعية‪ ،‬وخاصة يف جمال‬ ‫السياسة‪ ،‬أكثر من تأثريه على اجلمهور العام‪ ،‬ويفسرون ذلك بتفاعل النخب االجتماعية مع‬ ‫ما تطرحه وسائل اإلعالم‪ ،‬ورمبا يبدو شعور الصحفيني منطقياً بتأثري وسائل اإلعالم على‬ ‫األنظمة االجتماعية عند مقارنتها مع اجلمهور العام‪.‬‬ ‫• •يرى الصحفيون ان دورهم اإلعالمي جيعلهم يتأثرون مبضامني وسائل اإلعالم االجيابية‪،‬‬ ‫بعكس اجلمهور والنخب االجتماعية الذين تقع عليهم تأثريات مضامني وسائل اإلعالم‬ ‫السلبية‪.‬‬ ‫• •الدراسة ومن خالل التحليل الكيفي لبعض الدراسات اليت تناولت تأثري الشخص الثالث‬ ‫على الصحفيني واجلمهور العام‪ ،‬توصلت على أن احتمالية إدراك الصحفيني للتأثري اإلعالمي‬ ‫متعلق بااللتزام املهين‪ ،‬وبأداء دور املهنة اإلعالمية‪ ،‬وهذا الرأي مت دعمه بالعديد من النتائج‬ ‫البحثية اليت أشارت إىل أن االتفاق على موضوع القيم املهنية موضوعاً ال ميكن التغاضي عنه‬ ‫‪215‬‬

‫بدعوى املعايري املهنية‪ .‬ويف حقيقة األمر فإن هناك العديد من املعايري البارزة واليت حتكم املهنة‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬تشري إىل أن البحث املستقبلي يف اإلعالم اجلديد ومعايريه‪ ،‬فان اإلعالميني رمبا‬ ‫حياولون احلفاظ على املعايري املهنية الفلسفية اليت تتشكل من خالل إدراكهم للقوة اإلعالمية‬ ‫اجلديدة‪ ،‬ووسائل اإلعالم وتأثرياتها يف ظل التطورات التقنية اجلديدة‪.‬‬ ‫• •كشفت املراجعات العلمية لبعض النظريات اليت تعتمد على دراسة مضامني وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬خاصة نظرية تأثري الشخص الثالث‪ ،‬بان العالقة بني التأثري املدرك وااللتزام بقيم‬ ‫وأعراف اإلعالم ليست جانباً سلبياً على اإلطالق‪ ،‬فرمبا أن اإلعالميني األكثر التزاما بقيم‬ ‫اإلعالم مثل احليادية يدركون بان أعماهلم اليت يقومون بها ذات تأثري‪ ،‬وسببا لتأثري االلتزام‬ ‫الكبري باألعراف والقيم املهنية‪ ،‬وهذا الرأي إذا صح فإنه يتناقض مع نتائج الدراسات اإلعالمية‬ ‫اليت تشري إىل أن تأثري الشخص الثالث يربز يف املضامني السلبية لإلعالم‪.‬‬

‫المراجع‬ ‫‪1 .1‬البشر‪،‬حممد سعود‪ (،‬صيف ‪ )2003‬قصور النظرية يف الدراسات اإلعالمية‪،‬اجمللة العربية‬ ‫للعلوم اإلنسانية‪ ،‬السنة الواحدة والعشرون‪ ،‬العدد الثالث والثمانون‪ ،‬جملس النشر العلمي‬ ‫جامعة الكويت‪.‬‬ ‫‪2 .2‬البشر‪ ،‬حممد سعود‪( ،‬حمرم ‪1428‬هـ‪2007،‬م) قادة الرأي يف اجملتمع السعودي‪ ،‬جملة‬ ‫جامعة اإلمام حممد بن سعود البشر‪ ،‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬العدد الثاني‪.‬‬ ‫‪3 .3‬ندا‪ ،‬أمين منصور‪ (،‬ابريل‪/‬يونيو ‪2002‬م) نظريات تأثر يف دراسات الرأي العام أسسها‬ ‫النظرية وبعض تطبيقاتها يف اجملتمع املصري‪ ،‬اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‪ ،‬العدد اخلامس‬ ‫عشر‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،‬وكلية اإلعالم‪.‬‬ ‫‪4 .4‬مهنا‪ ،‬فريال‪ (،‬يناير‪/‬ابريل ‪1999‬م) اإلعالن التلفزي والتشريعات يف اجملتمعات الراهنة‪،‬‬ ‫اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‪ ،‬العدد اخلامس‪ ، ،‬كلية اإلعالم‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬ص‪43-‬‬ ‫ص‪.83‬‬ ‫‪5 .5‬مهنا‪ ،‬فريال‪2002(،‬م ) علوم االتصال واجملتمعات الرقمية‪،‬دار الفكر املعاصر‪،‬الطبعة‬ ‫األوىل‪،‬بريوت‪ ،‬ص‪ .116‬عبد احلميد‪،‬حممد‪1997(،‬م) نظريات اإلعالم واجتاهات التأثري‪،‬عامل‬ ‫الكتب‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪6 .6‬العربي ‪ ،‬عثمان حممد‪ ) 1996( ،‬النظريات اإلعالمية املعيارية ماذا بعد نظريات الصحافة‬ ‫األربع‪ ،‬حوليات كلية اآلداب‪ ،‬احلولية ‪ ،16‬الرسالة‪ ،112‬الكويت جملس النشر العلمي جبامعة‬ ‫الكويت‪.‬‬ ‫‪7 .7‬فلحي‪ ،‬حممد (‪ )2002‬صناعة العقل يف عصر الشاشة‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.‬‬ ‫‪8 .8‬السيد‪ ،‬ليلى حسني‪ ،‬ومكاوي‪ ،‬حسن عماد‪2004( ،‬م ) الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪216‬‬

.‫ القاهرة‬،‫اخلامسة‬ ‫ الطبعة‬،‫ عامل الكتب‬،‫م ) نظريات اإلعالم واجتاهات التأثري‬1997( ،‫ حممد‬،‫عبد احلميد‬9 .9 .‫ القاهرة‬،‫األوىل‬ :‫ املؤمتر الثالث عشر‬،‫) اإلعالم اإلسالمي يف عامل متغري‬2001 ‫( مايو‬،‫ عبدالقادر‬،‫طاش‬1010 .‫ حبث غري منشور‬،‫التجديد يف الفكر اإلسالمي‬ ،‫ كمال عبدالرؤوف) القاهرة‬:‫م) نظريات وسائل اإلعالم(ترمجة‬1993( ،‫ وآخرون‬،‫دفلور‬1111 .،‫الدار الدولية للنشر والتوزيع‬ 1- David.(2003) the role of self in third-person effects about. body image. Journal of communication.48. 2- Wei ,Wu.(2005) The third-person effect and Internet Censorship. A comparative Study in Singapore and the United states. this paper was presented at the Association for Education in Journalism and mass communication in san Antonio Texas August 2005. 3- Julie ,M. Duck, Michael A. Hogg, Deborah ,J.Terry.(1995)the pe ceived influence of Aids Advertising: third-person Effects in the context of positive media content Journal article ,Basic and applied Social psychology,17,. 4- prabu David, Melissa A. Johnson,(1998) the role of Self in thirdperson Effects A bout Body Image Journal article; Journal of co munication, Vol.48. 5- Davison, W.p (1983) he third person effect in communication, public opinion Quarterly, 48, 1-15. 6- Mutz,D(1994) third- Person effects on publication of a Holocaustdenial advetisement.Journal of communication,48,3-26. 7- Dupagne, M. salwen, M.B. & paulm B.(2000) Impact of order on the third person effect ( California: Santa Barbara). 8- Eveland, W.P & McLeod, D M.(1999) the effect of social Desirabi ity on perception, international Journal of public opinion Research, Vol. 11, no.4. 9- Gunther, A. C. & Mundym p.(1993)Biased optimism and the third person Effect, Journalism Quarterly 70. 10- Richard M. Perloff(1999) The Third-Person Effect: a Critical R 217

view and Synthesis Journal article; Media Psychology, Vol. 1, 11- Wolfram Peiser, Jochen Peter(2000) Third-Person Perception of Television-Viewing Behavior Journal article. Journal of Commun cation.Vol. 50, 12- Ven-Hwei Lo, Ran Wei(2002)Third-Person Effect, Gender and Pornography on the Internet Journal article; Journal of Broadcasting & Electronic Media.Vol.46, 13- Gordon C. Bruner Ii, Anand Kumar(2000) Web Commercials and Advertising Hierarchy-of-Effects Journal article; Journal of A vertising Research. 14- Cohen, J., & Davis, R. G. ( 1991 ). “Third-person effects and the di ferential impact in negative political advertising”. Journalism Qua terly, 68. 15- Gunther, A. C., & Thorson, E. ( 1992 ). “Perceived persuasive e fects of product commercials and public service announcements: Third-person effect in new domains”. Communication Research, 19. 16- Berkoff, R.(1981)can you separate the sizzle from the steak? Jou nal of popular culture 15.P191 17- Davison, W.P. (1996). The third-person effect revisited. Intern tional Journal of Public Opinion Research, 8. 18- Davison, W.P. (1983). The third-person effect in communication. Public Opinion Quarterly, 47. 19- Gunther, A. (1991). What we think others think: Cause and co sequence in the third-person effect. Communication Research, 18. 20- Brosius, H., & Engle, D. (1996). The causes of third-person effects Unrealistic optimism, impersonal impact, or generalized negative a titudes towards media influence? International Journal of Public Opinion Research,8. 21- Defleur and Dennis (1996) Understanding mass communication, Houghton Mifflin company. 218

‫قراءة في محتوى بعض المدوّنات العربية‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫من منظور ‬

‫د‪.‬آمال قرامي‬ ‫كلية اآلداب والفنون واإلنسانيات مبنوبة‬ ‫تونس‬ ‫عرف املشهد املعلوماتي العربي‪ ،‬يف السنوات األخرية‪ ،‬بروز أشكال تواصلية جديدة خت ّول للفرد‬ ‫التعبري عن ذاته والتواصل مع اآلخرين وتشكيل اجتماعيته‪ ))sociabilité‬على حنو جديد‪.‬‬ ‫يكفي أن جيلس املرء أمام احلاسوب وأن يبحر عرب الشبكة العنكبوتية لتفتح أمامه عوامل‬ ‫عجيبة وليلتقي باآلخر من خالل منتديات‪ ،‬ومواقع‪ ،‬وجمموعات تواصلية خمتلفة ‪Face‬‬ ‫‪ Book‬و ‪ My space‬ومدوّنات إىل غري ذلك‪ . 1‬ويرت ّتب عن تفاعل الفرد مع هذه القنوات‬ ‫التواصلية اجلديدة تعدّد أدواره‪ّ .‬‬ ‫فكل من له إمكانية الدخول على الشبكة هو ‪ ،‬يف نفس الوقت‪،‬‬ ‫مرسل ومتل ّقي وقارئ ومنتج ومشارك يف النقاشات املفتوحة بقطع النظر عن جنسه وس ّنه‬ ‫ودينه وعرقه‪.‬‬ ‫ويعزى الفضل يف االلتفات إىل هذا النوع من التواصل إىل الثورة املعلوماتية املعاصرة اليت و ّفرت‬ ‫ّ‬ ‫لكل متم ّكن من أجبديات البحث يف الشبكة العنكبوتية فرصة اخلروج من الوضع السكوني‬ ‫واملشاركة يف الفضاء العمومي‪ ،‬والتفاعل مع اآلخرين من خالل إنشاء املدوّنات اليت تع ّد فضاء‬ ‫لتبادل األفكار واملعلومات واألخبار واخلدمات‪.‬‬ ‫‪1‬ظهرت املدونات يف بادئ أمرها‪ ،‬يف الواليات املتحدة األمريكية عام ‪1994‬م‪ ،‬وكانت حينها على نطاق‬ ‫ض ّيق‪ ،‬على شكل صفحات شخص ّية مفتوحة‪ ،‬حتوي معلومات شخصية وأخرى عامة متنوعة‪ ،‬بعض‬ ‫ما يكتب على تقارير حول أمور خمتلفة‪ ،‬وبهيئة تشبه إىل حد ما الصحف اإللكرتونية املتعارف عليه‬ ‫اليوم‪ ،‬مع تطور يف أدوات اإلدراج وطريقة العرض‪.‬وساهم هذا التطور يف زيادة عدد املدونيني‪ ،‬وسعة‬ ‫انتشار التدوين ‪.‬واملدونات يف األصل هي صفحات خاصة على شبكة االنرتنت تو ّفرها مواقع جمانية‬ ‫كموقع (‪ )Blogger‬و‪ ،‬يتو ّزع هؤالء املدوّنون على عدّة مواقع كبرية منها “جوردان بلوغ” و”بلوغرز”‬ ‫و”غوغول” و”جريان” و”البوابة” و”أي توت” و”مكتوب” و”وورد برس”‪ .‬هذا إضافة إىل الصفحات‬ ‫الشخصية لبعض املدوّنني املعروفني من أدباء وشعراء وف ّنانني ومسرحيني وغريهم‪ .‬وتستمد املدوّنة‬ ‫العامة من شخص ّية صاحبها واألهداف اليت ضبطها من التدوين‪ .‬انظر يف هذا الصدد‪:‬‬ ‫مساتها ّ‬ ‫‪Benoit Desavoye et Alii; Les Blogs:Nouveaux media pour tous ;M2‬‬ ‫‪éditions;Paris, 2001;Francis Pisani,Internet saisi par la folie des weblogs; Le‬‬ ‫‪Monde Diplomatique; aout 2003,pp8-9.‬‬

‫‪219‬‬

‫ّ‬ ‫الشك فيه ّ‬ ‫أن عوامل سياسية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬واقتصادية‪،‬وعلمية وتقنية أدّت إىل‬ ‫ومما‬ ‫ّ‬ ‫ظهور املدوّنات يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬ومصر ‪،‬واألردن‪ ،‬وسوريا‪ ،‬واملغرب‪ ....،‬فشيوع القمع‬ ‫العامة بسبب القرارات االعتباطية واملتناقضة‪ ،‬والردود االنفعالية‪،‬‬ ‫وضياع املصاحل ّ‬ ‫وأهمها حرية التعبري وحرية التفكري واستشراء ظاهرة‬ ‫واالستبدادية يف احلكم‪ ،‬وخنق احلريات ّ‬ ‫التكفري‪ ،‬أفضى إىل البحث عن قنوات جديدة للتعبري عن الذات وإبداء الرأي‪ .‬فاملدوّنات تعطي‬ ‫سلطة جديدة للمواطنني و تساهم يف توسيع قدرات األفراد واجلماعات على النقد االجتماعي‬ ‫‪2‬‬ ‫وعلى إمكانات مشاركة املواطنني يف النقاش العام‪.‬‬ ‫اخلاصة بتحليل انعكاسات األنرتنت أو الفضائيات على‬ ‫ولئن تعدّدت البحوث والدراسات‬ ‫ّ‬ ‫فإن موضوع املدوّنات ظلّ‬ ‫اجملتمعات املعاصرة وغريها من املسائل النامجة عن ثورة املعلومات ّ‬ ‫موضوعا بكرا يف ‪ ،‬مل ينل بعد ّ‬ ‫حظه من الدرس‪ .‬وهذه الظاهرة‪ ،‬يف اعتقادنا‪،‬‬ ‫ملفتة للنظر تستدعي من الباحثني استقراء املدوّنات والتمحيص يف شكلها وحمتواها‪ ،‬لبيان‬ ‫خصوصياتها وحتديد خمتلف الوظائف اليت تنهض بها يف اجملاالت االتصالية واالجتماعية‬ ‫والسياسية والدينية والثقافية ‪.‬‬ ‫ولئن كان الرجال س ّباقني إىل إنشاء املدوّنات ّ‬ ‫فإن النساء استهواهن هذا الفضاء التواصلي فلم‬ ‫ّ‬ ‫عامة‪ .‬ونظرا إىل‬ ‫يتوانني عن اإلدالء‬ ‫خاصة أو ّ‬ ‫بدلوهن‪ ،‬واملشاركة بالرأي والفعل يف قضايا ّ‬ ‫تزايد عدد املدوّنات النسائية يف السنوات األخرية‪ ،‬وظهور مقاالت تستنقص صاحباتها ‪ ،‬وأخرى‬ ‫تن ّوه جبهود عدد من الكاتبات فقد ارتأينا االنكباب على دراسة التدوين النسائي وما‬ ‫يثريه حضور النساء يف هذا الفضاء التواصلي اجلديد من ردود فعل تسمه حينا باجلرأة على‬ ‫اخرتاق اجملال التواصلي والتط ّفل على عامل األنرتنت‪ ،‬وأخرى بالقدرة الفائقة على كسر‬ ‫حواجز الصمت واإلقدام على ممارسة ّ‬ ‫حق التعبري وتسجيل من شأنه أن يغيرّ النظرة‬ ‫إىل موقع املرأة يف اجملتمعات املعاصرة‪.‬‬ ‫وقد اخرتنا إجراء دراسة حتليلية حملتوى عدد من املدوّنات باللغة العربية‪ ،‬وإخضاعها‬ ‫للمساءلة‬ ‫‪2‬الصادق احلمامي‪ ،‬االتصال العمومي منظورا إليه يف سياقاته‪ ،‬يف ' االتصال العمومي املقاربات والتحوالت‬ ‫والرهانات أشغال ملتقى ‪ 2007‬تونس‪ ،‬ص‪. 22‬‬ ‫‪3‬من بني البحوث اليت اعتمدت مقاربة اجلندر نذكر حممد شليب‪ ،‬النوع االجتماعي واإلعالم أي‬ ‫اشكاليات؟ ‪ ،‬يف اجمللة التونسية لعلوم االتصال ‪،‬العدد ‪، 54‬جانفي‪ -‬جوان ‪، 2005‬معهد الصحافة وعلوم‬ ‫األخبار ‪،‬تونس ‪ ،.2005‬حممد عبد العزيز احليزان‪ ،‬الفروق بني الرجال والنساء يف استخدام وسائل‬ ‫االتصال يف اجملتمع السعودي‪ ،‬اجمللة العربية للعلوم اإلنسانية ‪،‬عدد ‪.2002، 78‬‬

‫‪220‬‬

‫ّ‬ ‫موظفني يف ذلك املقاربة اجلندرية ملا هلا من أهم ّية يف بيان الفروق بني اجلنسني‪ ،‬إن كان ذلك‬ ‫على مستوى تص ّور املدوّنة وحتديد شكلها واألهداف اليت يروم ّ‬ ‫كل شخص حتقيقها من وراء‬ ‫هذه األداة التواصلية التفاعلية‪ .‬كما ّ‬ ‫وخاصة يف (‪ ) Media Studies‬باإلفادة من دراسات اجلندر دفعتنا إىل تطبيق هذا املنهج‪.‬‬ ‫نعمد يف هذه الدراسة إىل الرتكيز على احملاور التالية‪:‬‬ ‫ التعريف باملدوّنات املنتقاة اليت مت ّثل ع ّينة البحث‪.‬‬‫الوقوف عند النقاط املشرتكة بني املدوّنني بقطع النظر عن اجلنس‪.‬‬‫رصد مظاهر االختالف بني املدوّنات النسائية واملدوّنات الذكورية على مستوى الشكل‬‫واملضمون واملقاصد والتص ّور واالستخدام‪.‬‬ ‫توضيح طريقة تل ّقي اجلمهور العربي الرسالة اليت يب ّثها املدوّن حسب اجلنس والدور الذي‬‫يضطلع به وما يرت ّتب عن التمييز بني اجلنسني يف الفضاء التواصلي من نتائج ‪ ،‬وبيان أثر‬ ‫املدوّنات يف جمتمع املعرفة ويف الواقع املعيش‪.‬‬

‫‪1‬ـ التعريف بالمدوّنات‪ :‬عيّنة البحث‬ ‫حي ّثنا الدرس السيميولوجي على ضرورة االنتباه إىل العالمات ّ‬ ‫وخاصة‬ ‫املوظفة يف اخلطاب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتضمن املدوّنات عالمات متعدّدة تستدعي من الدارس‬ ‫منها تلك اليت تكون ذات فاعل ّية كربى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البحث والتحليل من ذلك األلوان واألشكال والصور والرموز واأليقونات وغريها‪.‬‬ ‫ونلمس من خالل استقراء قائمة أمساء املدوّنات وجود فئتني ‪ :‬فئة آثرت اإلعالن عن هويتها‬ ‫األصلية فجاء التعريف باإلسم واللقب كمدوّنة عبد اهلل العتييب‪ ،‬ومدوّنة ياسر الغفيلي‪،‬‬ ‫ومدوّنة حممود حشمة‪ ،‬ومدوّنة ليلى شيبوب‪ )...‬كما ّ‬ ‫أن بعض املدوّنات محلت أمساء حمدّدة‬ ‫قد ال تكون بالضرورة أمساء أصحابها كمدوّنة نبيل‪ ،‬ومدوّنة سلمى‪ ،‬ومدوّنة عزيز‪ ،‬ومدوّنة‬ ‫أشرف‪ ،‬ومدوّنة عبد اهلل‪ .‬وإىل جانب إيراد األمساء جلأ بعضهم إىل اشتقاق اسم املدوّنة من اسم‬ ‫صاحبها أو صاحبتها كمدوّنة رزان غزاوي اليت محلت إسم < رزانيات < ‪.‬‬ ‫ولئن طغت األمساء العربية على أغلب املدوّنات ّ‬ ‫فإن بعض املدوّنني آثر اختيار اسم أعجمي‪،‬‬ ‫‪221‬‬

‫حتى وإن كانت الكتابة باللغة العربية أو باللهجة العامية مثل مدوّنة نوستاجلي ا < ‪lNosta‬‬ ‫‪ ،gia‬ومدوّنة جدّد حياتي ‪ Refresh my life‬ومدوّنة القناع ‪.The Shadow‬وال خيفى ّ‬ ‫أن‬ ‫اختيار اسم املدوّنة ليس بريئا أو اعتباطيا ذلك ّ‬ ‫أن االسم يكشف عن الرسالة اليت نو ّد توجيهها‬ ‫ّ‬ ‫إىل الق ّراء‪ .‬كما ّ‬ ‫أن للتسمية صلة بالسلطة ‪.4‬‬ ‫أما الفئة الثانية من املدوّنني فإ ّنها ح ّبذت التخ ّفي حتت أمساء مستعارة أو كنى أو تسميات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توجه أيديولوجي أو ديين أو ثقايف ولعل تعكس أيضا آمال أصحابها وأشواقهم‬ ‫تنم عن ّ‬ ‫أخرى ّ‬ ‫وهواماتهم ‪ .‬نذكر يف هذا الصدد مدوّنة اململكة الساحرة‪ ،‬ومدوّنة األفوكاتو املصري‪ ،‬ومدوّنة‬ ‫صح‪ ،‬ومدوّنة مالمح مص ّور‪ ،‬وتدوينة نسوية‪ ،‬ومدوّنة بنت اليمن‪ ،‬ومدوّنة النهار‪،‬‬ ‫ماشي ّ‬ ‫ومدوّنة حلوة‪ ،‬ومدوّنة فتاة األمل‪ ،‬ومدوّنة أرابكا وغريها‪.‬‬ ‫وعالوة على ذاك حوت املدوّنات بعض املعلومات اليت تع ّرف باملدوّن(ة) كتحديد املستوى‬ ‫التعليمي‪ ،‬واملهنة‪ ،‬واهلوايات‪ ،‬واالهتمامات اليت م ّيزت مدوّنته عن بقية املدوّنات نذكر من بني‬ ‫تلك املشاغل‪ :‬السياسة والفنون واألدب وقضايا املرأة والعلوم وغريها‪ .5‬والواقع ّ‬ ‫أن االطالع على‬ ‫ما أورده املدوّن(ة) من بيانات يف خانة جيعلنا ندرك مدى حرص الفرد على حنت‬ ‫معامل الصورة اليت يريد من اآلخرين أن يروه عليها‪.‬فقد ع ّرفت رزان الغ ّزاوي نفسها كاآلتي‪:‬‬ ‫تهتم بالقضايا اجلندريّة‪ ,‬العنصريات وشتى‬ ‫< مدوّنة ومص ّورة ومرتمجة مقيمة يف بريوت ّ‬ ‫أنواع االحتالل وتقوم حاليا بكتابة أطروحتها املاجستري حول يهود العراق‪6.‬‬ ‫وباإلضافة إىل اختيار اسم املدوّنة يؤثر أغلب املدوّنني وضع صور تع ّرف مبدو ّناتهم‪ .‬فنجد صور‬ ‫بعض احليوانات كاحلمامة‪ ،‬أو الفرس أو صور نساء أو مناظر طبيع ّية إىل غري ذلك‪ .‬ولئن‬ ‫‪P.Bourdieu; Language and Symbolic Power,(trans G. Raymond and M.‬‬ ‫‪Adamson )Cambridge ; Polity Press; 1991,p105.‬‬ ‫‪5‬يع ّرف أحدهم مدونته على هذا النحو‪:‬‬ ‫االسم‪ :‬حممود حشمة‬ ‫البلد‪ :‬األردن الفئات‪ :‬خاصة‪ ,‬سياسة و أخبار‪ ,‬ثقافة و فن‪ ,‬ديانات‪ ,‬املرأة‪.‬‬ ‫ويع ّرف آخر مدونته كاآلتي‪ :‬االسم‪ :‬الصديق سليم شتوح ‪ Salim Chettouh /‬بوسعادة‬ ‫البلد‪ :‬اجلزائر الفئات‪ :‬سياسة و أخبار‪ ,‬ثقافة و فن‪ ,‬أدب و كتب‪ ,‬ديانات‪ ,‬األسرة و األصدقاء‪ ,‬انرتنت و‬ ‫برجميات‪ ,‬صور و تصاميم‪ ,‬علوم و تكنولوجيا‪ ,‬عام‪ ,‬املرأة‪.‬‬ ‫‪http://mahmoud-hishmah.maktoobblog.com/185102/‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪http://ar.globalvoicesonline.org/index.php?author=7&m=200709‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪222‬‬

‫كان العزوف عن وضع الصور الشخص ّية ألصحاب املدوّنات أمرا مفهوما يف ّ‬ ‫ظل جمتمعات‬ ‫الضبط واملراقبة ّ‬ ‫فإن اختيار عرض مشاهد من الطبيعة وغريها جيعل ه ّوية صاحب(ة) املدوّنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والظن واحلدس والرتجيح عله‬ ‫ضبابية‪ .‬وال ميلك الدارس‪ ،‬يف مثل هذه احلالة‪ ،‬إال التخمني‬ ‫يظفر ببعض املعطيات اليت تهديه إىل حتديد انتماء املدوّن األيديولوجي أو العقدي ومعرفة‬ ‫جنسه كأسلوب الكتابة واالختيارات الفن ّية‪.‬‬ ‫وعادة ما يلجأ املدوّنون إىل استخدام صور بعض الف ّنانات والف ّنانني أو الزعماء كجمال عبد‬ ‫الناصر‪ ،‬أو املبدعني كنزار قباني أو صور املساجد كاملسجد األقصى إىل غري ذلك‪ .‬وهي صور‬ ‫تضفي معنى على اخلطاب وتساهم يف التعريف بشخص ّية املدوّن(ة) واأليديولوجيا اليت‬ ‫يتب ّناها‪.‬‬ ‫التوجه خيتار عدد من املدوّنني ّ‬ ‫اخلاصة‬ ‫بث الصور اليت جيمعونها بوسائلهم‬ ‫ّ‬ ‫وعلى خالف هذا ّ‬ ‫لإلعالن عن بعض املنتجات أو املعارض أو لإلخبار عن االنتهاكات اليت حتدث ّ‬ ‫حبق األفراد‪.‬‬ ‫فقد قامت مدوّنة مصرية بنشر صور املتح ّرشني جنس ّيا بالفتيات يف الفضاء العا ّم مف ّندة بذلك‬ ‫مزاعم احلكومة املصرية اليت ك ّذبت وجود مثل هذه الظاهرة يف البالد‪ .‬وهكذا أصبحت املدوّنة‪،‬‬ ‫يف نظر صاحبتها فضاء لفضح أشكال خرق حقوق اإلنسان باالعتماد على الصور‪ ،‬وهي كما‬ ‫هامة على إحداث األثر يف الرأي العا ّم مبا تتسم به من صدق‪.7‬‬ ‫نعلم متلك قدرة ّ‬ ‫أما الشكل الف ّ‬ ‫ين الذي تظهر عليه املدوّنة فإ ّنه خمرب عن شخصية صاحبها‪.‬فعرب األلوان يرغب‬ ‫ّ‬ ‫الفرد يف أن مي ّرر معاني ودالالت خمتلفة تتصل بالقيم والرموز وامليوالت وغريها‪< .‬فما يأتي‬ ‫‪8‬‬ ‫جتسده ألوان تتم ّتع ّ‬ ‫بكل هاالت التقديس والرهبة‪.‬‬ ‫من العرف والدين والسياسة واألخالق ّ‬ ‫وحييل تداخل األلوان ومتازجها‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬على التعدّد واالختالف كما ّ‬ ‫أن تعدّد األشكال‬ ‫وتقاطع اخلطوط يشري إىل تعدّد املعاني‪.‬‬ ‫وكثريا ما يستخدم املدوّنون أيقونات الوجوه املبتسمة أو احلزينة إلضفاء داللة على الرسالة‬ ‫التواصلية‪ .‬كما ّ‬ ‫أن عددا منهم ي ّوفر خدمة حتميل االختيارات املوسيقية (كأغاني فريوز‬ ‫أو األناشيد الدينية‪)...‬اليت تعكس رغبات الفرد واختياراته الفن ّية‪ ،‬وحرصه على أن يشاركه‬ ‫اآلخرون نفس هذه امليوالت واملشاعر وغريها‪.‬‬ ‫هاما للمعلومات‪ ،‬سواء املعلومات التقنية أو املعلومات اإلخبارية‪.‬‬ ‫‪7‬وقد أضحت بعض املدونات مصدرا ّ‬ ‫كمدونة “ايالف”ومدونة هديل” اليت أشارت إليها “‪.BBC‬‬ ‫‪8‬سعيد بنكراد‪ ،‬عن السلطة وتعدّد املعاني‪ ،‬جملة عالمات ‪،‬عدد ‪ ،2005/ 24‬ص ‪.76‬‬

‫‪223‬‬

‫ومييل أصحاب املدوّنات إىل انتقاء تصاميم مع ّينة تربهن على مدى مت ّكنهم من األدوات التقنية‬ ‫مبا يف ذلك استعمال املوسيقى واعتماد ديناميكية الصورة وتنويع اخلطابات وتداخلها واالعتماد‬ ‫على آخر املستجدات يف التصوير الفوتوغرايف والفيلمي ‪ .‬واملالحظ أيضا حرص املدوّنني على‬ ‫وضع شعارات حتيل على الرسالة اليت يروم هؤالء تبليغها إىل املتل ّقي‪ .‬فمدوّنة اململكة الساحرة‪،‬‬ ‫رفعت شعار يف إشارة إىل أهم ّية العلم ودوره يف حياة اإلنسان‪.‬‬ ‫أما مدو ّنة نبيل فإ ّنها نادت باملساواة فكان شعارها‪< :‬إنسان واحد‪ :‬حقوق متساوية وقوانني‬ ‫ّ‬ ‫للجميع> وقد سعى صاحبها إىل توضيح ما يوليه من أهم ّية ملبدأ املساواة الكاملة يف نضاله‬ ‫عرب الكلمة‪.‬‬ ‫ويف السياق نفسه ألحّ ت تدوينة نسائية على مقاومة التمييز بني اجلنسني ف>شطبت‬ ‫قطيب األنثوي والذكوري> وجعلت البعد اإلنساني ّ‬ ‫حيل حمّلهما‪ .‬وغري خاف ّ‬ ‫أن النزعة‬ ‫ تربز بوضوح من خالل هذا الشعار‪.‬فليست النسويّة اليت تتب ّناها صاحبة‬ ‫املدوّنة نسويّة راديكالية تقوم على مبدأ الصراع بني اجلنسني بل هي نسويّة تدعو إىل التكامل‬ ‫بني اجلنسني واالنسجام باعتبار ّ‬ ‫أن الكائن اإلنساني حيوي البعد األنثوي والذكوري يف نفس‬ ‫ّ‬ ‫الوقت‪ّ .‬‬ ‫ولكن التنشئة االجتماعية هي اليت جتعل كل جنس ال يعرتف بوجود هذه األبعاد فيه‬ ‫ويص ّر على إبراز الذكورة اخلالصة أو األنوثة اخلالصة‪.‬‬

‫وإذا كانت اللغة العربية أداة تفاهم وتواصل وتفاعل بني أغلب املدوّنني فإ ّنها أيضا وسيلة‬ ‫للتعبري عن االنتماء إىل هوية عربية إسالمية حيرص عدد من املدوّنني على إبرازها‪ .9‬بيد‬ ‫ّ‬ ‫املتأمل يف اللغة العربية املستعملة ينتبه إىل أ ّنها تستجيب حلركة التح ّوالت اليت تشهدها‬ ‫أن ّ‬ ‫‪10‬‬ ‫اجملتمعات العربية وخلصوصيات الثقافة الرقمية ‪ .‬فال جند يف الغالب‪ ،‬سبكا للعبارات وال‬ ‫‪ 9‬انظر مثال مدونة مغربي' خاطبين بلغة بلدي' قاوم فيها االزدواج اللغوي‪.‬‬ ‫‪http://www.blafrancia.com/taxonomy/term/46‬‬ ‫‪ 10‬علي حممد رحومة‪ ،‬االنرتنت واملنظومة التكنو اجتماعية‪ :‬حبث حتليلي يف اآللية التقنية لالنرتنت‬ ‫ومنذجة منظومتها االجتماعية‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت ‪، 2005‬ص‪.381‬‬

‫‪224‬‬

‫حرصا على جتويد اخلطاب‪ ،‬وال مراعاة لقواعد النظم بل ميال إىل استعمال لغة بسيطة‬ ‫واملتضمنة للمصطلحات الدخيلة‬ ‫للتخاطب اإلعالمي‪ ،‬وهي الفصحى السهلة واملرنة واملباغتة‬ ‫ّ‬ ‫والعبارات اليت تعكس ذوق أصحابها وميوالتهم أو مستواهم التعليمي‪.‬‬ ‫بيد ّ‬ ‫املبسطة ال يتفق حوله مجيع املدوّنني‬ ‫أن هذا التوجه حنو استعمال اللغة العربية الفصحى ّ‬ ‫إذ ارتأى بعضهم أن تكون العامية وحدها وسيلة للتواصل معبرّ ين بذلك عن موقفهم من‬ ‫الثقافة املركزيّة اليت أقصت ثقافة اهلامش‪ ،‬وازدرت مجيع مك ّوناتها مبا يف ذلك اللهجة‬ ‫العامية‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك عمد بعض أصحاب املدوّنات إىل نسج خطاب متتزج فيه الفصحى‬ ‫بالعامية وباللغة األعجمية مشريين بذلك إىل عزوفهم عن تنميق الكالم والعناية بالفصاحة‬ ‫متم ّردين على أسس ‪.‬‬ ‫أما أسباب إنشاء املدوّنة فإ ّنها تعود يف الغالب‪ ،‬إىل الرغبة يف التواصل مع اآلخرين أو تشكيل‬ ‫ّ‬ ‫جمموعة انتماء أو النقاش وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا أو النضال من أجل‬ ‫اإلصالح السياسي االجتماعي‪ .‬تص ّرح إحداهن بغايتها من إنشاء املدوّنة قائلة‪>:‬تدوينيت‬ ‫تدوينة نسوية اقصد منها مناقشة الدراسات النسوية ودراسات النوع االجتماعي وقضايا‬ ‫ختص اجملتمع ‪ ،‬وهى تعبري عن وجهة نظري واجتهادي ‪ ،‬باإلضافة‬ ‫ثم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ختص النساء ومن ّ‬ ‫‪11‬‬ ‫إىل موضوعات أجدها مناسبة وأذكر مصدرها ‪ .‬ولئن اقتصرت بعض املدوّنات على مناقشة‬ ‫قضايا حمدّدة كالقضية الفلسطينية أو قضايا اإلبداع أو العنف ض ّد املرأة ّ‬ ‫فإن البعض اآلخر‬ ‫جت ّرأ على ‪ .‬يقول املدوّن التونسي سامي بن غربية ‪ >:‬ملاذا ندوّن و ملاذا ندافع‬ ‫عن هذا الفضاء الذي أعطانا ما مل تعطه لنا أوطاننا و أهدانا ما يعمل والة أمرنا‪ ،‬جبربوتهم و‬ ‫عساكرهم و وشاتهم و خزينة دولة كان أوىل بها أن ختدمنا‪ ،‬على مصادرته؟ أل ّننا كما كتب‬ ‫فؤاد و عدّد “نرفض عقلية القطيع‪ .12‬وفق هذا الرأي الذي عبرّ عنه أكثر من مدوّن ندرك ّ‬ ‫أن‬ ‫التدوين يسمح لألفراد باخلروج من حالة التهميش‪ .‬فاملدوّنون هم يف الغالب‪،‬شّبان وشابّات ال‬ ‫صوت هلم يف جمتمعاتهم‪ ،‬آثروا التعبري عن آرائهم الشخصية ورفضوا ذوبان الذات يف اجلماعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل أفضل مثال معبرّ عن اإلصرار على مقاومة اهليمنة والوصاية اليت تفرضها اجلماعة‬ ‫على الفرد مدوّنة اليت سعى فيها صاحبها إىل نشر آراء ختالف أيديولوجيا اإلخوان‬ ‫املسلمني يف مصر ّ‬ ‫يتمسك حب ّقه يف التفكري فال‬ ‫موضحا أ ّنه ينتمي إىل هذه اجلماعة ولك ّنه ّ‬ ‫ي ّتفق معها يف ّ‬ ‫كل التص ّورات والقرارات‪.‬‬

‫‪http://www.nwrcegypt.org/‬‬ ‫‪http;//www.kitab.nl/2007/12/25/why-bloging/‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪225‬‬

‫أن ّ‬ ‫االفرتاضي ّ‬ ‫توخي احلذر باعتبار ّ‬ ‫كل ما يو ّفره صاحب‬ ‫ويقتضي التمحيص يف الفضاء‬ ‫ّ‬ ‫املدوّنة من بيانات ال يكفي لتحديد هويّته احلقيقية ‪ ،‬غاية ما يت ّوصل له الدارس هو مت ّثل عن‬ ‫صاحب(ة) املدوّنة‪ .‬ونظرا إىل ّ‬ ‫أن الكيان املادي للشخص (كطول القامة ولون العينني ولون‬ ‫تيسر عملية اإلدراك والتواصل)‪ ،‬ال يعاين بصفة مباشرة ّ‬ ‫فإن‬ ‫الشعر وغريها من املعلومات اليت ّ‬ ‫التفاعل ال يكون بني األشخاص وجها لوجه بل هو تواصل مع شخص افرتاض ي ‪nvirtual i‬‬ ‫‪))dividual‬‬ ‫وإذا نظرنا إىل أنواع املدوّنات تبينّ لنا أ ّنها ميكن أن تص ّنف على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ـ مدوّنات سياسية اجتماعية‪ ،‬تنهض بوظيفة النقد وفضح االنتهاكات والفساد والتضليل‬ ‫وغريها من املفاسد السائدة يف البلدان العربية‪ .‬فتصبح املدوّنة منربا نذكر يف‬ ‫هذا السياق من السعودية مدوّنة حلوة‪ ،‬ومن مصر مدوّنة الوعي املصري‪ ،‬و مدوّنة التعذيب يف‬ ‫مصر‪ ،‬ومدوّنة العدالة للجميع‪ ،‬ومدوّنة احنا بنعيش‪ ،‬ومدوّنة بنت مصرية‪ ،‬ومدوّنة مواطن‬ ‫مصري‪ ،‬ومدوّنة حزب العواطليه‪ ،‬ومدوّنة ابن مصر‪ ،‬ومن تونس مدوّنة يزي ّ‬ ‫فك‪ ،‬و مدوّنة‬ ‫‪ Extravaganza‬و مدوّنة أونورمال‪ ،‬و مدوّنة املشاغب ‪ ، Clandestino‬ومدوّنة «الناقد»‬ ‫‪،‬ومن الكويت مدوّنة ساحة صفا وغريها‪.‬‬ ‫متخصصة‪ ،‬تعرض مقاالت نقدية ونصوصا أدبية وترمجات وغريها كمدوّنة‬ ‫ـ مدوّنات علم ّية‬ ‫ّ‬ ‫مجال الزرن اليت تهتم بقضايا اإلعالم العربي والدولي والصورة يف زمن العوملة‪ ،‬ومدوّنة كرمة‬ ‫اليت تنشر جمموعة من املقاالت والنصوص ذات صلة باألدب والرتمجة‪ ،‬ومدوّنة بناتنا‪ ،‬ومدوّنة‬ ‫اخلزانة وغريها‪.‬‬ ‫ختص حرمان الفرد من‬ ‫ـ مدوّنات حقوقية‪ ،‬تنشر ثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬وتدافع عن قضايا‬ ‫ّ‬ ‫وحق العمل‪ّ ،‬‬ ‫وحق احلياة‪ّ ،‬‬ ‫حقوقه األساسية كالكرامة‪ّ ،‬‬ ‫وحق التعليم‪ ،‬واحلريات كحرية‬ ‫التعبري أو التفكري‪ ،13‬نذكر يف هذا الصدد مدوّنة شا ّم احل ّرة‪ ،‬ومدوّنة اليت‬ ‫تعنى برصد ‏انتهاكات حقوق اإلنسان يف مصر من خالل نشر مقاطع مرئية ملشاهد عمليات‬ ‫حممد عثمان من البحرين وغريها‪.‬‬ ‫‏التعذيب‪ ،‬ومدوّنة ّ‬

‫‪http://droithumain.maktoobblog.com/‬‬

‫‪226‬‬

‫‪13‬‬

‫ـ مدوّنات دين ّية ودعوية‪ ،‬وهي مندرجة يف إطار أسلمة اجملتمع ونشر املعرفة الدينية والتوعية‪،‬‬ ‫لعلي ابن أبي‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن نصوصا تراثية البن قيم اجلوزية وابن تيمية وغريهما‪ ،‬وأقواال مأثورة ّ‬ ‫طالب‪,‬واحلسني وغريهما‪ ،‬ودعاء ووصايا لإلمام ابن بّاز السعودي‪ ،‬وغريه‪ .‬وال غرابة أن يرتفع‬ ‫عدد هذه املدوّنات يف السنوات األخرية ذلك ّ‬ ‫أن شيوخ اإلفتاء ينصحون من كانت له موهبة‬ ‫الكتابة أن يستغّلها يف العمل الدعوي‪ ،‬وأن ميارس عرب فعل الكتابة ‪ ،‬واجب األمر باملعروف‬ ‫والنهي عن املنكر‪ .14‬نذكر يف هذا الصدد مدوّنة جزائر إسالمية‪ ،‬ومدوّنة اسرتاحة جماهد‪،‬‬ ‫ومدونة م ّيت‪ ،‬ومدوّنة راصد التنصري‪ ،‬ومدوّنة ض ّد التنصري‪ ،‬ومدوّنة ومدوّنة‬ ‫اإلسالم فوق كل شيء وغريها‪.‬‬ ‫ـ مدوّنات نسائية غايتها ّ‬ ‫بث الوعي النسوي والدفاع عن قضايا املرأة مثل مناهضة التمييز على‬ ‫أساس اجلنس ‪ ،‬وجرائم الشرف ‪ ،‬واخلفاض والتح ّرش اجلنسي نذكر على سبيل املثال مدوّنة‬ ‫احتاد املدوّنات النسائية‪ ،‬ومدوّنة ح ّواء‪ ،‬ومدوّنة ايوه خدامة ومدوّنة متر حنة ‪،‬ومدوّنة كالم‬ ‫ألهم املواقع النسائية‬ ‫تضمنت روابط ّ‬ ‫بنات‪ ،‬ومدوّنة مع النفس‪ ،‬و تدوينة نسوية ‪ ،‬وهي مدوّنة ّ‬ ‫واملدوّنات النسائية املصرية‪ ،‬ومقاالت متعدّدة وصورا وأخبارا متف ّرقة وغريها‪.‬‬ ‫ـ مدوّنات جنسية‪ ،‬تتفاوت أهم ّيتها حبسب غايات أصحابها إن كانت الرتويج للمتعة من خالل‬ ‫عرض صور نساء عاريات كاملدوّنة اللبنانية ‪ ،)sexywoman(2007‬أو ّ‬ ‫بث الوعي من خالل‬ ‫نشر الثقافة اجلنس ّية‪ ،‬وحتذير الش ّبان من خماطر السيدا ( ‪ )Sida‬وضرورة الوقاية من‬ ‫األمراض اجلنسية نذكر على سبيل املثال مدوّنة «طلبة اإلمارات العربية املتحدّة»‪.‬‬ ‫ـ مدوّنات املثليني واملتح ّولني جنسانيا ‪ Queer‬وغريهم‪ .‬وهي أصوات مل تظهر إ ّ‬ ‫ال‬ ‫يف السنوات األخرية لتعبرّ عن ميوالتها اجلنسية‪ ،‬ولتعرض نصوصا تراثية وإبداعات معاصرة‬ ‫ولتعرتف مبا تكابده هذه الفئات من إقصاء وتهميش‪ .‬نذكر على سبيل املثال مدوّنة األحباب‪،‬‬ ‫ومدوّنة مثلية فقط‪ ،‬ومدوّنة مثلي نت ‪ ،‬ومدوّنة الكووير العرب‪، Queerarab،‬ومدوّنة‬ ‫‪. Arch Memory‬‬ ‫تتضمن مقاالت حول الشعر واخلواطر والسري اليوم ّية وغريها‪ ،‬وهي أقرب‬ ‫عامة‬ ‫ مدوّنات ّ‬‫ّ‬ ‫احلب‪ ،‬ومدوّنة شقاوة بنت ‪،‬ومدوّنة وثائق زمن العجائب‪ ،‬ومدوّنة‬ ‫إىل احلكي كمدوّنة صوت ّ‬ ‫فراولة ‪ ،‬ومدوّنة نون النساء وغريها‪.‬‬ ‫‪14‬انظر موقع‬ ‫‪http://www.islam-qa.com/ar/ref/126262h‬‬

‫‪227‬‬

‫ويلمس القارئ من خالل هذا التصنيف ّ‬ ‫أن التدوين قد يكون وسيلة فردية للرتويح عن‬ ‫النفس‪ ،‬والبوح واحلكي‪ ،‬ونقل خواطر وسرد وقائع من احلياة اليوم ّية وأحداث قد تكون تافهة‬ ‫هامة كالوالدة والنجاح واألعياد وغريها‪ .‬كما أ ّنه ميكن أن يكون خطاب ج ّد غري ممزوج‬ ‫أو ّ‬ ‫نصا بركان ّيا> م ّتسما بالثورة ومسكونا بالتم ّرد‪ .‬وبذلك يشري اخلطاب إىل مدى‬ ‫باهلزل‪ّ >,‬‬ ‫التزام منتجيه بالدفاع عن القيم اإلنسانية والقضايا الكربى‪ ،‬وإميان هؤالء ّ‬ ‫بأن التدوين ليس‬ ‫فعال تواصليا ينتج يف حلظات الفراغ واخلواء فيكون أقرب إىل الرتف الفكري بل هو اخنراط‬ ‫ّ‬ ‫والذل واملهانة‬ ‫يف قضايا إنسانية ووسيلة للصمود واالحتجاج واملقاومة‪ ،‬وكسر طوق القهر‬ ‫واالستالب ‪ .‬إ ّنه جتاوز حلدود الذات املنطوية على عاملها إىل عامل اجملتمع ّية حيث اللقاء باآلخر‬ ‫عرب رسائل ذات أثر بالغ‪ .‬وهكذا تتدّخل هذه النصوص املنتمية إىل الواقعية الرقمية يف تشكيل‬ ‫الواقع االجتماعي والوعي اإلنساني ويف حتقيق التفاعل‪.‬‬ ‫ولئن اختلفت النظرة إىل هذه النصوص واحلكم عليها سلبا أو إجيابا ّ‬ ‫فإن هذا اجلنس من الكتابة‬ ‫تضم خمتلف النصوص‬ ‫يص ّنف ضمن اإلنتاجات الثقافية( ‪ )Cultural production‬اليت ّ‬ ‫ّ‬ ‫وميكن أن تقرأ بوصفها أدبا‪ .‬فحسب غريتس(‪ )Geertz‬حتوي الثقافة كل النصوص‬ ‫بال استثناء‪ .15‬وهو أمر ّ‬ ‫أحلت عليه دراسات النقد الثقايف والتارخيانية اجلديدة‪ ،‬ونظريات‬ ‫الدراسات الثقافية‪ ،‬ودراسات ما بعد االستعمارية‪ ،‬والدراسات النسوية‪ ،‬والدراسات اجلندرية‪،‬‬ ‫و دراسات النقد ما بعد البنيوي وغريها من دراسات ما بعد احلداثة اليت سعت إىل توسيع دائرة‬ ‫النص األدبي‬ ‫تفكيك النصوص األدبية وما وراء األدبية‪ ،‬وإىل جتاوز الفصل الكالسيكي بني ّ‬ ‫مجالي‪.‬‬ ‫والنص الثقايف فضال عن جتاوز احلدود الصارمة بني ما يعترب مجال ّيا وما يع ّد غري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص ليشمل عدّة إنتاجات ينظر إليها على أ ّنها شفرات خطاب‬ ‫وبناء على ذلك اتسع مفهوم ّ‬ ‫يتوسل بالقناة اإلعالمية للتعبري عن وجوده‪.‬‬ ‫اجتماعي ثقايف جديد ّ‬ ‫النص الذي ينتجه أصحاب املدوّنات ال يتم ّتع بسلطة معرف ّية قصوى إالّ‬ ‫ ‬ ‫ولئن كان ّ‬ ‫نص متسم بالفاعل ّية والقدرة على التأثري‪ ،‬وليس معيار النظر إليه قواعد الكتابة اإلبداعية‪،‬‬ ‫أ ّنه ّ‬ ‫وأسس الكتابة التخييلية بل النجاعة‪ .‬فنجاح املدوّنات يقاس مبقدار الفاعل ّية اليت حتدثها يف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬واليت تتجاوز ختوم الزمان واملكان‪ ،‬فهي شكل من أشكال التعبري يتم ّيز بق ّوة الفعل يف‬ ‫الواقع والتأثري يف املتق ّبلني‪.‬‬ ‫ونظرا إىل ّ‬ ‫النص يكون ‪،‬يف الغالب‪،‬مصحوبا بصور ورسومات تصله بالنسق الرمزي فإ ّنه ال‬ ‫أن ّ‬ ‫يع ّد نقال آليا للواقع‪ ،‬بل هو تعبري عنه يصنع عاملا أو حقيقة من نوع مغاير‪ ،‬إ ّنه بناء إعالمي‬ ‫‪C.Geertz ;The Interpretation of Cultures ;New York; Basic Books; 1973;p 45‬‬

‫‪228‬‬

‫‪15‬‬

‫على حنو خمصوص‪ .‬فاملدوّنات الدين ّية على سبيل املثال يرتكز فيها التفاعل على النصح‬ ‫والعظة والدعوة‪ ،‬ويكون اخلطاب مزجيا من هوامات وأيديولوجيا وأحالم وشوق‪،‬وهذا يعين أ ّننا‬ ‫نص> باعتبار ّ‬ ‫النص الذي ينتجه املدوّن يأخذ مرجعيته من نصوص تراثية‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫التجييش> واملقاومة‬ ‫ّ‬ ‫والذل والقهر والدون ّية وغريها‪ .‬وهو ما يساهم يف‬ ‫واإلصالح‪ 19‬والتنفيس عن مشاعر الكبت‬ ‫خاصة تؤلف بني املدوّنني فيما بينهم من جهة‪ ،‬وبينهم وبني اجملتمع‬ ‫استثارة حالة شعورية ّ‬ ‫املدني‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬وغري خاف ّ‬ ‫أن الرغبة يف االنتماء والشعور بالق ّوة واالحتواء يف مقابل‬ ‫ّ‬ ‫مشاعر العزلة والفراغ والقلق‪ ،‬تدفع املرء إىل ممارسة فعل الكتابة باعتبار ّ‬ ‫أن وضع ّية ‬ ‫مت ّكن املدوّن (ة) من جتاوز الغربة وحت ّقق له الذوبان يف النحن‪ ،‬وتو ّفر له قدرا من الشعور‬ ‫باحلماية واألمن‪ .‬كما ّ‬ ‫أن فعل الكتابة آلية من آليات البحث عن السلطة يف عامل افرتاضي‪.‬‬

‫النص‬ ‫‪ http://blog.ahmedsays.com/2007_03_01_archive.html 17‬لقد حافظنا على ّ‬ ‫مثلما ورد دون إصالح األخطاء اللغوية باعتبار ّ‬ ‫أن لغة التدوين ال تراعي القواعد اللغوية‪.‬‬ ‫‪ 18‬نذكر مثال إطالق مبادرة 'يوم التدوين من أجل األقصى' باملغرب‬ ‫‪ 19‬من أشهر املدوّنني الذين ساهموا يف مقاومة الفساد يف املغرب نذكر الصحايف رشيد جنكاري الذي‬ ‫كانت مدوّنته وراء إقالة مسؤول متو ّرط يف فساد مالي‪.‬‬

‫‪230‬‬

‫وينجم عن اضطالع عدد من املدوّنني الناشطني بدور ها ّم يف اجملتمع حجب مدوّناتهم‬ ‫ّ‬ ‫وتعرضهم للمراقبة‪ ،‬واحلجز‪ ،‬والعنف‪ ،‬وتتّبعهم قضائيا مثلما حصل لعميد املدوّنني السعوديني‬ ‫فؤاد‬ ‫الفرحان‪ ,‬واملصريني أمحد حمسن وحممد عادل وعبد العزيز جماهد‪ ،‬والسوري طارق بياسي‬ ‫أما اختيارعرض الصور‪ ،‬وتبادل األخبار وأفالم الفيديو‪ ،‬وتوظيف التدوين للمعارضة‬ ‫وغريهم‪ّ .‬‬ ‫واإلصالح االجتماعي‪ ،‬واملقاومة فإ ّنه يضفي مصداقية على هذا الشكل من التواصل اإللكرتوني‬ ‫الرمسي من أخبار‪.‬‬ ‫يف جمتمعات مل تعد تثق مبا يعرضه اإلعالم‬ ‫ّ‬ ‫‪20‬‬

‫لقد أفضى واقع التدوين يف العامل العربي امل ّتسم بكثرة االكراهات والقيود‪ ،‬إىل حت ّول املدوّنني‬ ‫الناشطني إىل ضحايا احملاصرة والتسّلط ‪ ،‬وهو ما جعل هؤالء يسعون إىل إنشاء :‬التدوين ليس له جنس حمدّد ( أرجو أن ال‬ ‫‪20‬نذكر من بني املدونات احملجوبة يف السعودية مدونة أمحد العمران ‪ Saudi Jeans‬ويف تونس على‬ ‫سبيل املثال‪:‬‬ ‫‪http://journaliste-tunisien.blogspot.com‬‬ ‫‪http://debatunisie.canalblog.‬‬ ‫‪com/‬‬ ‫‪http://www.redeyef.blogspot.com‬‬ ‫‪http://radyoun.mypodcast.com/‬‬ ‫‪http://larepubliquedekacem.blogspot.com‬‬ ‫‪ 21‬من هذه احملاوالت ظهور جمتمع املدوّنني بسوريا‪.‬‬

‫‪231‬‬

‫يكون يف هذه العبارة أي إهانة لفكرة التدوين ) فهو خيتلف باختالف طرقه وطبيعة املوضوعات‬ ‫اليت يطرحها وأفكار املدوّنني أنفسهم ‪ .‬كما أن ّالتدوين ساحة مفتوحة للجميع إمكانية‬ ‫الدخول له ميسرة ‪ ،‬وسهلة وبالتالي ومن الصعب السيطرة عليه أو حصره ضمن نطاق ف ّ‬ ‫ين‬ ‫‪22‬‬ ‫حمدّد… هذه هي طبيعته ‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل ما سبق يشرتك عدد من املدوّنني الش ّبان يف اجلرأة على ّ‬ ‫ختطي املوروث الثقايف‪،‬‬ ‫والتط ّرق إىل مواضيع كانت تع ّد حمظورة من ذلك االعرتاف باملثلية أو اخلروج من اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫الشك فيه ّ‬ ‫أن اختيار‬ ‫ومما‬ ‫والتنصر أو اإلقدام على فضح انتهاك السلطة حقوق املواطنني‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫أمساء مستعارة مينح الفرد حرية جتعله قادرا على عرض أفكاره والتعبري عن غضبه وانفعاله‬ ‫وسخطه ّ‬ ‫بكل جرأة‪ .‬يقول أحدهم بلهجة ال ختلو من احلدّة‪ « :‬أين انتم يا دعاة احلرية واجملتمع‬ ‫املدني وحقوق اإلنسان ؟! أين أنتم يا إسالميني ‪ ..‬يا ليرباليني ‪ ..‬يا ماركسيني ‪ ..‬؟؟! ألستم‬ ‫تطلبون احلرية وحق التعبري وفتح احلريات يف الوطن ؟! ملاذا اختفيتم اآلن ؟!‬ ‫كيف نتخلى وخنذل أبناء شعبنا يف مثل هذه احملن ؟! كيف نتهاون يف نصرتهم لو‬ ‫حــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرف!‬ ‫أو‬ ‫بكلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫كم نكتب من احلروف والكلمات يف غري فائدة وال قيمة ‪ ..‬أعجزنا عن حرف أو كلمة نصرة‬ ‫‪23‬‬ ‫هلؤالء األحرار !؟‬ ‫ويلتقي الرجل مع املرأة أيضا يف رفض أشكال الكتابة النخبوية للثقافة العاملة‪ ،‬ويف اإلحلاح‬ ‫على ّ‬ ‫أن الكتابة وسيلة للتعبري وللحضور‪ ،‬أي للوجود‪.‬‬ ‫املتأمل يف ظاهرة التدوين إىل ّ‬ ‫أن تغيري وسيلة التعبري قد أفضى إىل تغيري بالعمق يف‬ ‫وينتبه ّ‬ ‫بنية اخلطاب ومرتكزاته وقوانني التعامل معه ‪ .‬فهو خطاب ّ‬ ‫مركب ومع ّقد وحدوده مطاطية‬ ‫كما أ ّنه خطاب يروم االنفالت من قوانني الضبط والتصنيف‪.‬‬

‫‪ 22‬حممد حسن علوان‪ ” ،‬تدوين‪ ..‬ومآرب أخرى'‪ ،‬نشر يف صحيفة الوطن‪ ،‬ورد يف مدونة حممد‬ ‫عبد اهلل الشهري‬ ‫‪ ،http://www.almarfaa.net/?p=182 23‬مدونة املرفأ‬ ‫‪232‬‬

‫‪3‬ـ في رصد مظاهر االختالف بين المدوّنات النسائية والمدوّنات الذكورية‬ ‫المدوّنات الرجالية‬ ‫فإن املدوّن ّ‬ ‫لئن كان الفرد االفرتاضي ح ّرا يف اختيار متظهره وفق التقنيات املت ّوفرة ّ‬ ‫ظل وفيا‪،‬‬ ‫يف الغالب‪ ،‬ملوروثه الثقايف فيما يتعّلق برسم مالمح صورته‪ ،‬وهويته ولذلك مل ير عدد من‬ ‫الرجال حرجا يف عرض صورهم الشخصية والتصريح بأسنانهم على عكس املرأة اليت ال تؤثر‬ ‫يف الغالب‪ ،‬اإلعالن عن عمرها‪ ،‬خاصة إذا جتاوزت سن الشباب‪ .‬فالتصريح بالسن ينبئ خبروج‬ ‫املرأة من األنوثة املنمذجة‪ :‬أمنوذج املرأة الكاملة الذي رمسته الثقافة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل القراءة التفكيكية للصور املنشورة يف الصفحة الرئيس ّية لعدد من املدوّنات تسمح لنا‬ ‫بتبينّ مدى رغبة الرجل يف التعريف بذاته بإيراد التفاصيل اليت مت ّيزه عن اآلخرين‪ ،‬واليت قد‬ ‫تكون عالمة دالة على حجم النرجس ّية اليت تهيمن على بعضهم ‪ .‬فبعض الصور حتتل مساحة‬ ‫من الصفحة ويظهر فيها الرجل أمام احلاسوب أو املكتب ‪،‬أو الس ّيارة ‪...‬أو يف موقع احلركة ‪:‬‬ ‫فوق حصان‪ ،‬وهو يقيد أحد املراكب إىل غري ذلك ‪ ،‬وهي أوضاع تعبرّ ّ‬ ‫بكل وضوح عن ذكورية‬ ‫النظام التمثيلي والتص ّورات إذ يظهر اإلنتاج التقين منسجما مع الرجل املعاصر‪ .‬وليس غريبا‬ ‫أن للرجولة وجاهة ّ‬ ‫أن يظهر الرجل على هذه اهليئة مادامت الثقافة قد عّلمت الرجل ّ‬ ‫وأن‬ ‫الذكورة تتطّلب عرضا على الركح االجتماعي‪ ،‬وتقتضي وجود طقوس وممارسات اجتماعية‬ ‫لالحتفاء بها‪.‬‬ ‫ال جيد الرجال ‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬حرجا يف الكشف عن صورهم الشخصية والتصريح بأمسائهم‬ ‫فنجد ذكرا لإلسم واللقب‪ ،‬وأحيانا ّ‬ ‫اخلاصة‪ .‬وفضال عن ذلك‬ ‫السن واملهنة وغريها من البيانات‬ ‫ّ‬ ‫تبدو ألوان املدوّنات الذكورية‪ ،‬يف الغالب ‪ ،‬داكنة ت ّنم عن التقسيمات املألوفة لأللوان حسب‬ ‫ين‪...‬وهي ألوان قامتة ّ‬ ‫اجلنس‪ .‬فللرجال اللون األزرق‪ 24‬أو األسود أو الب ّ‬ ‫تدل‪ ،‬يف نظر أصحابها‪،‬‬ ‫ترسخ يف أذهانهم‪.‬‬ ‫على الرصانة واجلديّة حسب نظام التمثالت الذي ّ‬ ‫أما على مستوى املضمون ّ‬ ‫فإن اختيارات املدوّنني تبينّ مدى حرص أغلب الرجال على إبراز‬ ‫ّ‬ ‫اخلاص الذي خيرب عن‬ ‫الفروق بني اجلنسني على مستوى االهتمامات‪ .‬فللرجال عاملهم‬ ‫ّ‬ ‫عقالنية وجديّة يف الطرح واخنراط يف القضايا الكربى أو اهتمام مبا يساهم يف إبراز وجاهتهم‬ ‫الذكورية كالرياضة والتجارة والعلوم والتقنية‪ .‬فنجد يف خانة ؟ اهتمام أغلب‬ ‫‪ 24‬نذكر على سبيل املثال اختيار اللون األزرق ملدونة 'أبو راشد'‬ ‫‪www.aborashed.com‬‬

‫‪233‬‬

‫املدوّنني بالسياسة والنضال احلقوقي‪ ،‬والتقنية واالقتصاد ‪،‬والعلوم ‪ ،‬واألدب ‪ ،‬والرياضة‬ ‫‪،‬والثقافة الرقمية وغريها‪.‬‬ ‫اهلامة ودفاعهم عن‬ ‫وليس من املستغرب أن حيافظ املدوّنون على إبراز التزامهم بالقضايا ّ‬ ‫العدالة االجتماعية‪ ،‬واحلرية‪ ،‬وحق التعبري‪ ،‬والتفكري‪ .‬فبالرجوع إىل املنظومة الثقافية نتفطن‬ ‫إىل ّ‬ ‫العامة والتنافس من أجل االرتقاء املهين‪ ،‬والطموح إىل بلوغ أعلى‬ ‫أن االنشغال بالقضايا ّ‬ ‫مناصب صنع القرار يش ّكل ثقافيا جوهر بناء اهلوية الرجولية‪.‬‬ ‫وانطالقا من هذا التص ّور ملفهوم الرجولة يُعرض املدوّن‪ ،‬يف الغالب‪ ،‬عن قصد ووعي‪ ،‬عن البوح‬ ‫مبا يعتوره من إحساس باهلشاشة والتأزم ‪ ،‬ويعزف عن احلديث عن األنشطة اليت ميارسها يف‬ ‫حياته اليوم ّية حمافظا بذلك على ومتماهيا مع صورة الرجل املتماسك والرصني‬ ‫القادر على الضبط‪ :‬ضبط أحاسيسه وإخفاء مشاعر الضعف أو اخلوف وغريها‪.‬‬ ‫ويبدي عدد من أصحاب املدوّنات رغبة صرحية يف توظيف هذه الوسيلة اإلعالمية يف تشكيل‬ ‫ينم عن اعتقاد مفاده ّ‬ ‫أن‬ ‫احمللي‬ ‫الوعي اجلماعي ويف التأثري يف الرأي العا ّم‬ ‫والعاملي‪ .‬وهو حرص ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تيسر عمله‬ ‫الرجل هو الذي يصنع املعنى يف فضاء التدوين‪ .‬والواقع أن منزلة الرجل املتميزة ّ‬ ‫فيكون باستطاعته تصوير األحداث والوقائع واملشاركة يف املظاهرات وتكوين الشبكات‪ ،‬وتنظيم‬ ‫محالت املؤازرة إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫يتضح ّ‬ ‫وهكذا ّ‬ ‫الرمسي مل يعد مم ّثل الثقافة املركزية إذ صار املدوّن ينافسه‬ ‫أن العامل ‪ /‬املث ّقف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ريادي يتسم باجلدّة والفاعلية القصوى‪ .‬فهو ميتلك‬ ‫يف املوقع وحيرص على القيام بعمل‬ ‫مهارات تكنولوجية خت ّول له تبليغ رسالته بيسر وبسرعة‪ ،‬وهو أيضا قادر على توظيف خطابه‬ ‫وتغيري األفكار‪ .‬ويرت ّتب عن ذلك حت ّول املدوّنة إىل أداة من أدوات التنشئة االجتماعية‪ ،‬ووسيلة‬ ‫لتوعية األجيال اجلديدة يتماهي صاحبها مع شخصية الزعيم‪ ،‬أو القائد الذي يروم اإلصالح‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع هذا الدور التوعوي اإلصالحي عرف جمال التدوين الرجالي انتشار ظاهرة‬ ‫ الذي استطاع استقطاب أنظار مجهور األنرتنت مبا لديه من قدرة على مجع‬ ‫األخبار‪ ،‬وجرأة يف الطرح ورفض ّ‬ ‫لكل املساومات أو الضغوط أو التهديد فضال عن استعداده‬ ‫جتمعت لدى النساء املدوّنات إذ نادرا ما‬ ‫ملواجهة السلطة القهرية‪ ،‬وهي صفات ّ‬ ‫نرجح أ ّنها قّلما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ارتقت املرأة إىل دور واملضحية بكل شيء يف سبيل النضال‪.‬‬ ‫وإذا كانت هذه جممل خصائص مدوّنات الرجال اليت حافظت على بنية النظام اجلندري فما‬ ‫هي مم ّيزات مدوّنات النساء؟ وهل ميكن احلديث عن تدوين نسائي يتماثل مع مقاييس األدب‬ ‫النسائي وخصائص الكتابة النسائية( ‪ )L>écriture féminine‬؟‬ ‫‪234‬‬

‫المدوّنات النسائية‬ ‫لقد مسح التأريخ حلركة التدوين واستقصاء مالمح املدوّنات العربية بتجاوز هنة كانت‬ ‫مهمشا إسهامات النساء‪ .‬فكان بذلك‬ ‫موجودة يف التاريخ القديم ‪،‬وهي أ ّنه كان تاريخ الرجال ّ‬ ‫أحادي اجلنس ‪ ))uni-sexué‬ال يهتم إ ّ‬ ‫أما التاريخ املعاصر فإ ّنه تالفى حالة‬ ‫ال بإنتاج الرجال‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫واملتأمل يف عدد من املدوّنات اليت أنشأتها النساء يتبينّ حراكا‬ ‫العمى فأبرز دور املرأة يف الثقافة‪.‬‬ ‫وحت ّوال على مستوى اإلدراك واملعرفة‪.‬‬ ‫فلقد ش ّذت بعض النساء عن القاعدة فآثرن عرض أمسائهن احلقيقية وصورهن الشخصية‬ ‫واإلعالن عن أسنانهن‪ ،‬نذكر على سبيل املثال مدوّنة نهى أبو كريشة‪ ،‬ومدوّنة هبة رؤوف‬ ‫ع ّزة‪ ،‬ومدوّنة ناهد إمام‪ ...‬و يبدو ّ‬ ‫أن األمر يرجع إىل موقع املرأة الفكري واالجتماعي‪ .‬فهي يف‬ ‫العادة كاتبة أو ناشطة حقوقية معروفة فرضت ذاتها يف الفضاء املعر ّ‬ ‫يف فلم تعد تتق ّيد مببدأ‬ ‫احلجب الذي اقتضي ربط الرجال بالكشف والنساء بالسرت‪ .‬كما ّ‬ ‫أن صاحبة املدوّنة صارت‬ ‫تتحدّى املواقف األصولية املتشدّدة اليت حت ّرم نشر الصور الشخصية‪ ،‬فال جتد غضاضة يف نشر‬ ‫صورها املختلفة‪.‬‬ ‫ويشري استقراء أمساء املدوّنات إىل ّ‬ ‫وخاصة اخلليجية متيل يف الغالب‪ ،‬إىل استعمال‬ ‫أن املرأة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االسم دون اللقب‪(،‬كمدوّنة جنالء‪ ) ...،‬أو اللجوء إىل أمساء مستعارة كمدوّنة باب اجل ّنة‪،‬‬ ‫وسع صدرهن‪ ،‬ومدوّنة ندى الفجر‪ ،‬ومدوّنة امرأة صغرية ‪ ،‬ومدوّنة ‪ .Pastel‬وهو‬ ‫ومدوّنة َم َ‬ ‫أمر م ّوضح ملدى قدرة املرأة على ّ‬ ‫حتملها‬ ‫ختطي املمنوعات والضغوط االجتماعية‪ ،‬ومدى ّ‬ ‫لتبعات أفعاهلا وقراراتها‪.‬‬ ‫وإذا كانت الثقافة البطريكية حريصة على تثبيت جمموعة من الصور النمطية وعلى رأسها‬ ‫إن املرأة عاطفية ب>طبعها> ّ‬ ‫القول ّ‬ ‫فإن أمساء بعض املدوّنات النسائية تثّبت ‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬هذا‬ ‫احلكم‪ .‬فنجد مدوّنة روح جمروحة‪ ،‬و مدوّنة رحلة أمل‪ ،‬ومدوّنة سجينة األحزان‪ ،‬و مدوّنة‬ ‫نظرة عيون‪....‬كما أ ّننا نلمس ميال إىل إبراز اخلصائص األنثوية املنمذجة من خالل اختيار‬ ‫أمساء أخرى كمدوّنة فضفضة‪ ،‬ومدوّنة مسنة اليت تشري إىل حرص املرأة املفرط على تعهّد‬ ‫جسدها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتأكد هذه النزعة التمييزية اليت تفصل بني عامل الرجال وعامل النساء من خالل الشعارات‬ ‫توجهاتها‪ >:‬من‬ ‫اليت ترفعها أصحاب املدوّنات‪ .‬فمدوّنة جعلت هذا الشعار علما على ّ‬ ‫عذاباتي أضاء وأصبح له نور إ ّنه قلمي ‪..‬نور القلم> ّ‬ ‫ّ‬ ‫صدرهن> صفحتها‬ ‫ووشت مدوّنة موسع‬ ‫‪235‬‬

‫أما مدوّنة األخيل ّية فقد ّ‬ ‫فضلت‬ ‫الرئيسية بشعار ّ‬ ‫مسا وإحساسي طري> واختارت مدوّنة محامة بيضاء هذا الشعار ‪>:‬محامة‬ ‫شعار ‪ّ .‬‬ ‫أما «إميان» صاحبة مدوّنة ما هو‬ ‫النوع االجتماعي أو اجلندر؟>(بتاريخ ‪ّ )2007‬‬ ‫وضح فيه ّ‬ ‫أن اجلندر ال يهتم باملرأة وحدها بل‬ ‫خيص الرجال باعتبار أ ّنه يرصد األدوار واحلقوق وبنية العالقات بني اجلنسني وغريها من‬ ‫ّ‬ ‫‪36‬‬ ‫القضايا‪.‬‬ ‫ونلمس من خالل جمموعة من النصوص مدى حت ّرر عدد من الرجال من أسر‬ ‫ ‬ ‫املوروث الثقايف الذي فرض على الذكور جمموعة من القيود منها حتقيق الضبط الذاتي‬ ‫وتنم بعض نصوص الرجال عن التغيري احلاصل يف‬ ‫وعدم البوح بعواطفهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وخاصة أمام املأل‪ّ .‬‬ ‫اخلاص واحلميمي‬ ‫منظومة التمثالت إذ انساق بعضهم وراء عواطفه فنقل ما جيري يف فضائه‬ ‫ّ‬ ‫إىل الفضاء املشرتك‪ ،‬ومل جيد حرجا يف التعبري عن حلظات انكساره وضعفه واهتزاز ثقته‬ ‫برجولته وغريها من املشاعر اإلنسانية‪ .‬نذكر على سبيل املثال مدوّنة إحسان منري‪ ،‬ومدوّنة‬ ‫يوميات محوي‪ ،‬ومدوّنة كريم الذي عبرّ عن معاناته من اإلقصاء قائال‪ »:‬أن تكون مثليا يعين‪...‬‬ ‫أن تعيش حياة تعيسة‪...‬أن تعتاد تلك النظرات املشمئزة‪ ...‬أن تسمع كالما جارحا ومستهزئا‪...‬‬ ‫دون أن تستطيع الدفاع عن نفسك‪...‬‬ ‫أن تكون مثليا يعين‪...‬أن تعيش يف األغلب وحيدا تصارع اآلالم واألحزان ‪ ...‬باحثا عن عالقة‬ ‫حتلم بها يف جمتمع ال يعرتف بك وبكينونتك وال يعرتف مبثل هذه العالقات مهما كانت‬ ‫نبيلة وصادقة‪...‬‬ ‫أن تكون مثليا يعين‪...‬أن تعيش بألف وجه ووجه‪...‬أن تظهر ما ال حتس وختفي ما حتس‪...‬أن‬ ‫تكتم مشاعرك وأحاسيسك وتقفل عليها برتباس‪...‬‬ ‫أن تكون مثليا يعين‪...‬أن تعيش يف توتر وقلق وخوف إن كتب لك ووجدت شطرك الثاني ورفيق‬ ‫دربك الذي ستمضي معه الباقي من أيام احلياة‪...‬‬ ‫أن تكون مثليا يعين‪...‬أن تتوخى احلذر الدائم يف إظهار عواطفك ومشاعرك وردود أفعالك‬ ‫أمام املأل‪...‬وأن تعتاد على األماكن اخلالية واملظلمة‪...‬أن تكون مثليا يعين‪...‬أن تعتاد ارتداء‬ ‫نظارات سوداء خمافة أن تفضحك عيونك ذات يوم‪...‬وأن تعتاد النوم وحدك خمافة أن تفضحك‬ ‫‪37‬‬ ‫أحالمك‪...‬‬

‫‪http://mahmoud-hishmah.maktoobblog.com/185102‬‬ ‫‪http://karimblog-karim.blogspot.com‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪241‬‬

‫وسواء حتدثنا عن املدوّنات اليت ك ّرست التمييز بني اجلنسني أو املدوّنات اليت فارقت هذا‬ ‫النسق واختارت أن يكون اجملال االفرتاضي وسيلة للتفاعل ّ‬ ‫فإن النتيجة اليت خيلص إليها‬ ‫الدارس هو ّ‬ ‫أن املدوّنات و ّفرت للرجل واملرأة على ح ّد السواء فرصة حتى ينطقا ويعبرّ ا عن‬ ‫ّ‬ ‫مشاكلهما وينخرطا يف قضايا خمتلفة ومن مثة تساوت الفرص يف استخدام اإلنرتنت‪ .‬فكانت‬ ‫املرأة الناشطة سياسيا أو حقوقيا املتم ّكنة معرفيا ومعلوماتيا والواعية ندّا للرجل‪ ،‬كما ّ‬ ‫أن من‬ ‫هم هلا سوى‬ ‫الرجال فئة متاهت مع صورة كانت لصيقة باملرأة ‪ ،‬وهي أ ّنها ال ّ‬ ‫االهتمام بهيئتها‪ .‬فكان التدوين بالنسبة إىل هؤالء وسيلة للرتويح عن النفس وأداة للتواصل مع‬ ‫ختص الفنانني والنكت واألفالم واألغاني‪ .‬وتومئ هذه النماذج‬ ‫اآلخرين وتبادل املعلومات اليت ّ‬ ‫ّ‬ ‫اخلاصة بكل جنس‪ .‬وسواء‬ ‫إىل التح ّوالت الطارئة على منظومة التمثالت والصور النمط ّية‬ ‫ّ‬ ‫حتدّثنا عن املدوّنات اجلادة أو اهلزلية‪ ،‬النضالية أو> التافهة> ّ‬ ‫فإن هذا الفضاء االفرتاضي‬ ‫ح ّقق املساواة بني الصوتني ‪:‬صوت املرأة وصوت الرجل‪.‬‬ ‫وال ميكن حبال احلديث عن خطاب واحد سائد يف ّ‬ ‫كل املدوّنات بل حنن إزاء خطابات مت ّنوعة‬ ‫على قدر تعدّد أصحابها‪ ،‬واختالف مواقعهم وانتماءاتهم األيديولوجية واالجتماعية والدينية‬ ‫وغريها‪ .‬وهو أمر جعل موقف اجلمهور املتق ّبل خلطاب التدوين ينوس بني الرفض القطعي‬ ‫هلذا النمط من الكتابة والشكل التواصلي‪ ،‬أو الرتحيب بهذا التح ّول يف منط العيش والسلوك‬ ‫والرتاسل والتفاعل‪ ،‬واإلشادة بهذه الوسائل اجلديدة احمل ّققة للمجتمع ّية‪ .‬ولكن ما هي اخللفيات‬ ‫الكامنة وراء هذين املوقفني؟‬

‫‪4‬ـ ّ‬ ‫تلقي الجمهور العربي للمدوّنات‬ ‫لقد أدّى ظهور املدوّنات وخطاب التدوين إىل بروز أصوات منتقدة تنّبه إىل ما ستفضي إليه‬ ‫ظاهرة التدوين من نتائج على مستوى السلوك واملعرفة وبنية العالقات االجتماعية‪ ،‬وغريها‬ ‫من النظم‪ .‬فالتدوين أضحى» أفيون الشعوب» إذ الفرد ينكمش يف حدود ‬ ‫ويعيش عامل ما بعد الواقع‪ ،‬عامل الواقع االفرتاضي‪ .‬وليست املعرفة املتاحة يف عامل اإلنرتنت‬ ‫سوى معرفة حمدودة تقوم على ختزين املعلومات اليت سرعان ما تتح ّول إىل سلعة لالستهالك‬ ‫فال يبقى أمام املرء متسع من الوقت ليحّلل ويستوعب وينتقد وسرعان ما يتح ّول إىل كائن‬ ‫استهالكي فحسب‪.‬‬ ‫تهتم إ ّ‬ ‫ثم ّ‬ ‫ال بعرض» التافه» و»الزائف «واألشياء اليت تؤثث احلياة اليومية‪.‬‬ ‫إن أغلب املدوّنات ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتأصل بعد يف املشهد الثقايف السعودي‪ّ ،‬‬ ‫ألن غالبية‬ ‫يقول أحد الن ّقاد يف هذا الشأن‪« :‬املدوّنات مل ّ‬ ‫املدوّنني من اهلواة‪ ،‬بينما ظاهرة التدوين يف العامل احرتافية يف املقام األول‪ ،‬يف حني تقوم هذه‬ ‫‪242‬‬

‫الظاهرة يف جمتمعنا السعودي على ذوات بسيطة حتاول احلضور ال أكثر و ال أقل… و ما‬ ‫تقوم به املدوّنات ضجيج أكثر من كونه مطالب حقيقة… و هذه الثقافة (يقصد إشاعة‬ ‫الثقافة احلقوقية) حتتاج إىل عقول و إىل مؤسسات جمتمع مدني‪ ،‬كما حتتاج إىل خنب إىل‬ ‫حتريكها و دفعها إىل الواجهة حبيث تتحقق كتشريعات‪ ،‬لكن املدوّنات يف الغالب‪ ،‬ال تؤتي‬ ‫مثارها… غالبية املنساقني وراء ظاهرة التدوين هم من القادمني من خارج املشهد‪ ،‬سواء كان‬ ‫املشهد ثقافيا أو سياسيا أو اجتماعيا‪ ،‬بينما الطاقات الفاعلة يف هذه املشاهد ما زالت جتد مكانها‬ ‫يف املطبوعات و املنابر املعرتف بها‪ ،‬و توجد يف املواجهة املباشرة‪. 38‬‬ ‫والواقع ّ‬ ‫أن عددا من املدوّنني أولوا موقف الن ّقاد منهم اهتماما فأرادوا توضيح تص ّورهم‬ ‫ ‬ ‫لفعل التدوين‪ .‬يقول أحدهم يف هذا الصدد‪« :‬وربمّ ا تعودت أن أكتب يف املدونة بشكل عفوي‬ ‫يفتقر إىل التنظيم وإىل الرتتيب يف الغالب‪ ..‬وبشكل يعتمد على العاطفة واالنفعال أكثر منه‬ ‫العقل كما يقال أكتب على سجييت‪ ..‬ولكن لفت انتباهي يف عدة مرات أن هناك رؤية سلبية‬ ‫متاما للمدونات من طرف العديد من الباحثني واملثقفني العرب ‪ -‬هذا املوضوع من مدونة» ما بدا‬ ‫ً‬ ‫لي» على سبيل املثال‪ .. -‬حيث أنها يف نظرهم تزيد من طغيان ما يعرف بـ “ثقافة السوق” واليت‬ ‫ختلط بني املعرفة والعلم والثقافة الشعبية وتدعو إىل مزيد من التبسيط وتسطيح اجملتمعات‬ ‫وإبعادها عن مقاصد العلوم ومعارف‪ ..‬وهي مشكلة ليست فقط حمصورة يف اجملتمعات العربية‬ ‫بل يف العامل ككل وكذلك مل حتدث اآلن فقط بل هي قدمية‪ ....‬أما املدونات (باإلضافة إىل‬ ‫املنتديات) كنتاج أفرزته التكنولوجيا اجلديدة وفلسفتها فهي ال تعتمد على هذا كله‪ ..‬إنها‬ ‫تكتب يف أي شيء وكما تريد ومتى حتب‪ ..‬مبصدر وبدون مصدر مبرجع وبدون مرجع مبنهج‬ ‫وبدون منهج‪ ..‬بقصد أو بدون قصد‪ ..‬وزيادة على هذا فهي يف ازدياد مستمر ويف طغيان أكرب‪..‬‬ ‫املدونات اآلن بدأت حتل حمل اهتمام مجع غفري من اجملتمع العربي واالهم منه فئة الشباب‬ ‫واليت ستكون يف خالل سنوات قليلة عشرة على األكثر من الفئات اليت تشكل مصري جمتمعات‬ ‫حباهلا من خالل ما قد ستصري عليه يف املستقبل‪ ..‬وسأحتدث كذلك يف مقال قادم حول مصري‬ ‫املدوّنات من وجه نظري كذلك‪.39‬‬ ‫من الواضح ّ‬ ‫اخلاصة‬ ‫أن تباين املواقف مندرج يف إطار خالف بني جيل انتمى إىل عصر له رؤيته‬ ‫ّ‬ ‫للمعرفة ولإلنسان وللكون‪ ،‬وجيل آخر تربّى على ثقافة األنرتنت واستمتع مبكتسبات‬ ‫‪38‬ورد هذا الرأي يف مدونة جدار العار ‪ ،‬املغرب وهو رأي منسوب إىل الناقد حممد العباس‪http:// .‬‬ ‫‪jidar.wordpress.com/2008/05/22/19‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪http://www.hamoudstudio.com/index.php?s‬‬

‫‪243‬‬

‫أن من النقاّد من يعترب ّ‬ ‫احلداثة املادية املتعدّدة‪ .‬بيد ّ‬ ‫أن الصراع هو :‬إ ّننا نؤمن بق ّوة االتصال املباشر‪ّ .‬‬ ‫إن الرابط الناشئ من هذه العالقة شخصي‪ ،‬سياسي‪،‬‬ ‫وقوي‪ .‬إ ّننا نعتقد ّ‬ ‫أن احلوار الذي خيرتق احلواجز ها ّم جداً للمستقبل الذي نرغب به‪ :‬مستقبل‬ ‫ح ّر‪ ،‬عادل‪ ،‬ناجح‪ ،‬ينمي نفسه بنفسه جلميع سكان العامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن هذه اإلشادة باخلدمات اليت أسدتها ثورة املعلومات والتواصل ال جيب أن حتجب ع ّنا‬ ‫حقيقة مفادها ّ‬ ‫أن فضاء األنرتنت هو عامل وصل وفصل يف نفس الوقت‪ .‬يصل بني املتم ّكنني من‬ ‫آليات استخدام الشبكة املعلوماتية ويعزهلم عن اجلماهري‪>.‬فمن ليس له جهاز حاسوب ميثله‬ ‫يف عصر املعلومات وخي ّول له إبالغ صوته ال ّ‬ ‫حيق له االنتماء إىل جمتمع االنرتنت‪ ،‬ويعسر‬ ‫عليه أن يرتبط كثريا بالرتكيب االجتماعي اجلديد‪ .‬وبالتالي تضعف عالقاته االجتماعية‬ ‫بدرجة ما يف حركة احلياة املعاصرة ‪>.‬‬ ‫ال مناص من القول ّ‬ ‫إن تغيري بنية االتصال يطرح جمموعة من التحديات ويؤدي إىل جتديد‬ ‫األسئلة‪ .‬و تفرض إجنازات الثورة املعلوماتية على الباحث اليوم أن يعيد النظر يف مفاهيم‬ ‫أساسية تتعّلق مبفهوم الواقع‪ ،‬وتعريف الزمان واملكان‪ ،‬وتعريف اإلنسان واملعرفة والثقافة‬ ‫والفرد واجلماعة االفرتاضية‪ ،‬ومفهوم احلياة ‪ .‬كما أ ّنها تتطّلب من الدارس تص ّور آليات‬ ‫العلمي‪ ،‬والتدريس وفق مناظري جديدة تنفتح على علوم متعدّدة ‪ ،‬ومناهج‬ ‫أخرى للبحث‬ ‫ّ‬ ‫ومقاربات خمتلفة إذ مل يعد باإلمكان احلديث عن اختصاص واحد بل عن تداخل جمموعة من‬ ‫االختصاصات‪ ،‬ومل يعد باإلمكان أيضا اإلغضاء عن دور املؤسسة اإلعالمية يف تشكيل الثقافة‬ ‫املعاصرة‪.‬‬ ‫مما خ ّول له أن يضطلع‬ ‫لقد تر ّتب عن ثورة املعلومات حت ّرر الفرد من جمموعة من القيود ّ‬ ‫يتقمص شخصيات خمتلفة وهويّات متعدّدة‪ ،‬وأن‬ ‫بأدوار متعدّدة على الركح االفرتاضي ‪ ،‬وأن ّ‬ ‫حي ّقق متعة اللهو واإللغاز والغموض والفوضى‪ .‬فاحلقائق اليت تقدّمها االنرتنت افرتاضية‬

‫‪http://alothman.katib.org/about‬‬

‫‪46‬‬

‫‪247‬‬

‫وتتضمن مجيع املفاجآت‪ .‬وانطالقا من هذا االستنتاج ال مناص من‬ ‫تزخر بعديد االحتماالت‬ ‫ّ‬ ‫القول ّ‬ ‫إن البنيان الذي أقمنا عليه حتليلنا»اجلندري» حملتوى املدوّنات قابل للنقض متى أدركنا‬ ‫خصوص ّية اجملال االفرتاضي الذي نتعامل معه ‪.‬‬ ‫فالتقمص واخلداع والتضليل واملراوغة احتماالت واردة‪ ،‬إن كان ذلك على مستوى ّ‬ ‫السن أو‬ ‫ّ‬ ‫اهلويّة اجلنسية أو املهنة أو املستوى التعليمي أو النصوص‪ .‬وعليه يصعب اجلزم هل ّ‬ ‫أن كاتب‬ ‫املقال املنشور يف املدوّنة هو بالفعل صاحب املدوّنة أم أ ّنه منتحل للمعرفة يتص ّرف يف املادّة‬ ‫املنشورة يف األنرتنت على حنو يوهم بأ ّنه كاتب واقعي‪ ،‬واحلال أ ّنه < افرتاضي> حياكي‬ ‫أن الصورة اليت تعكسها نصوص التدوين عن ّ‬ ‫اآلخرين أو يسرق أفكارهم ؟ وهل ّ‬ ‫كل جنس‬ ‫تتطابق مع ما هما عليه يف الواقع املعيش؟ وأ ّنى لنا أن نثبت ّ‬ ‫أن صاحبة املدوّنة هي بالفعل‬ ‫امرأة؟ أال ميكن أن يكون رجال ينتحل شخصية امرأة أو العكس بالعكس؟ وكيف يتس ّنى لنا‬ ‫اجلزم ّ‬ ‫بأن احلديث عن املأكل واملشرب والتنظيف وترتيب البيت أو الوالدة ومكابدة األوجاع ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هو حديث صاغته امرأة‪ّ ،‬‬ ‫وأن االعرتاف بوجود أزمة رجولة وفضح عالقات التسلط بني الرجال‬ ‫هو خطاب كتبه رجل ؟‬ ‫وإزاء غياب الدراسات امليدان ّية القطرية تبقى هذه النتائج نسبية ذلك ّ‬ ‫أن عالقة املرأة باألنرتنت‬ ‫ختتلف من بلد إىل آخر‪ ،‬كما ّ‬ ‫أن حتليل صلة> اجلندر> باإلعالم واالتصال يبقى مفتقرا‬ ‫إىل حبوث ميدانية واستطالعات رأي وتوظيف ملناهج‪ ،‬وعلوم عديدة كاملنهج اإلحصائي‪،‬‬ ‫واللسانيات‪ ،‬وعلم النفس التحليلي وغريها ‪.‬‬ ‫تتهاوى إذن «األنظمة اجلندرية» وتضطرب اهلوية اجلنس ّية وحيدث التشويش‬ ‫(‪ )L>embrouillage‬على مستوى اإلدراك واملعرفة والوعي‪ .‬وينجم عن اختالط احلقيقة‬ ‫املتوصل إليها يف البحث‪.‬‬ ‫بالوهم‪ ،‬والواقع املعيش بالواقع االفرتاضي‪،‬عسر اجلزم بالنتائج‬ ‫ّ‬

‫‪248‬‬

‫اإلعالن الدولى و االعالن العربى‬

-----------------------------------------

‫بين الفجوة التقنية و الضوابط اإلجتماعية‬

‫عمرو حممد سامى عبد الكريم‬.‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract the international advertising is considered part of the international media which denotes part of the social, economic and political anal sis of mass communication. This has been markedly affected by two main events, the end of the cold war and what was known as global .zation In fact most of the polices that govern the international media p lices are controlled by the United States of America including the television, the radio and the new media including the internet The USA as a single pole in the new world is trying to fix its morals as a part of globalization, hence this led to the classification of the world into central nations , semi central and other marginal nations The marked development of the USA and the European nations in the technical aspects of different media led them into more and more control, transmitting its values and ethics, the gap in the technical development is marked and every effort should be done to pass this gap

Keywords

international advertising – international media – technical gap : 249

‫مقدمة‬ ‫ارتبط اإلعالن منذ نشاته وتطوره وتنوع استخدامه مبجموعة من األعراف والقواعد الغري‬ ‫متفق عليها حيث ان اإلعالن عرضة لالستخدام اجليد او الردىء وخيضع بشكل اساسى الرادة‬ ‫منتجه و جيعله بعيد عن احليدة او املوضوعية وقد دفع ذلك العديد من الدول إىل وضع قوانني‬ ‫منظمة لعملية اإلعالن لضمان احلد االدنى من املصداقية للمعلن وحفظ حقوق املستهلك من‬ ‫اخلداع اإلعالنى ‪.‬‬ ‫او الغرض من كل اعالن هو اقناع املستهلك مبميزات استخدام السلعة وحتى حيدث هذا تصل‬ ‫املعلومات إىل املستهلك خالل سلسلة من املراحل قبل حدوث االقناع ‪ ،‬اذا كان اإلعالن مصمم‬ ‫مبهارة ومستخدم فيه الوسيلة اإلعالنية السليمة للوصول إىل اجلمهور املستهدف‬ ‫• املرحلة االوىل ‪ :‬لفت انتباه املستهلك للمنتج ‪.‬‬ ‫• املرحلة الثانية ‪ :‬تصديق املستهلك للرسالة االعالنية ‪.‬‬ ‫• املرحلة الثالثة ‪ :‬االحتفاظ باملعلومة حتى وقت الشراء‬ ‫فاذا ما مت كسر اى حلقة من حلقات هذه السلسلة فقد اإلعالن تاثريه ‪.‬‬ ‫غري إن الذى ال خالف عليه ‪،‬أن لالعالن تأثري على الوعى و االدراك الفنى للمتلقى وذلك ضمن‬ ‫التأثري الثقافى والفكرى الناتج من التعرض املتكرر لإلعالن واالبهار الفنى الذى تقوم عليه‬ ‫صناعة اإلعالن‪ .‬وقد قامت العديد من الدول باللجوء إىل الدعاية واإلعالن لتسويق ثقافتها‬ ‫وأمناط االستهالك بها إىل دول اخرى ‪ ,‬ليس هذا فحسب ‪ ,‬بل وتغيري السلوك ودعم بعض‬ ‫املنتجات على حساب اخرى كل ذلك باإلعتماد على التاثري النفسى لالعالن‪.‬‬ ‫وان كان كل ذلك حقيقا‪ ,‬اال انه ال ميكن اإلستغناء عن اإلعالن فى عصر تزداد فيه املنافسة‬ ‫االقتصادية ليس فقط بني املنتجات بعضها و بعض ولكن أيضا بني الدول املنتجة للسلع‬ ‫املختلفة ‪.‬اذن من هذا املنطلق يقوم اإلعالن مبهمة اقتصادية إضافة إىل دوره الثقافى والنفسى‬ ‫وذلك هو السبب احلقيقى الذى من أجله مت تنظيم صناعة اإلعالن بل وتقييدها داخل الدولة‬ ‫الواحدة وبني الدول وبعضها البعض‪ .‬وقد طرأت تغيريات عديدة على شكل اإلعالن الدوىل‬ ‫خالل السنوات القليلة االخرية نتيجة لتغري املناخ السياسى واالقتصادى وأصبحت حرية تدفق‬ ‫‪250‬‬

‫املعلومات والتواصل عرب الفضائيات والشبكة العنكبوتية (االنرتنت) تسمح بالتواصل بني الدول‬ ‫وعرب القارات ‪.‬‬ ‫ميثل اإلعالن الدوىل جزء من مصطلح اإلعالم الدوىل ‪,‬والذى يشري إىل التحليل الثقافى‬ ‫واالقتصادى والسياسى واإلجتماعى لنماذج االتصال بني الشعوب وقد تاثر حبدثني أساسيني‬ ‫‪ ,‬األول هو نهاية احلرب الباردة والتغريات السياسية التى جاءت بعد تلك النهاية‪ ،‬والثانى هو‬ ‫زيادة التبادل االقتصادى بني الدول على املستوى العاملى وعالقة التبادل هذه هلا بعد ثقافى‬ ‫ايضا ‪.‬‬ ‫وواقع االمر إن الكثري من سياسات االعالم الدوىل وأنشطته ‪ ،‬والتى تشمل التلفزيون واالذاعة‬ ‫واإلعالنات واالنرتنت تنسب إىل الواليات املتحدة كقوة عظمى وحيدة فى العامل وكقوة‬ ‫اقتصادية حتاول اهليمنة على القوى االقتصادية االخرى مثل االحتاد االوربى وبعض دول‬ ‫اسيا ‪ ,‬اضافة إىل ترسيخ نظرية النظام العاملى اجلديد والتى تصنف فيها دول العامل إىل ثالث‬ ‫فئات‪ ،‬جمموعة صغرية من الدول املركزية (الواليات املتحدة وبعض دول االحتاد االوربى‬ ‫واليابان )‪ ،‬ودول شبه مركزية‪ ،‬ودول هامشية ‪.‬‬ ‫وتتفاوت الفئات الثالث فى درجات التفاعل االقتصادى والسياسى والثقافى واالعالمى والتقنى‬ ‫حيث حتكم قوى السوق وحتدد الرابح واخلاسر سواء كانوا افرادا او شركات او دول ‪ .‬وبالطبع‬ ‫العالقات االقتصادية التى تربط بني دول العامل غري متساوية ففى حني تسيطر الدول املركزية‬ ‫تكون الدول اهلامشية وشبه اهلامشية فى املواقع التابعة او الثانوية‪ (.‬توماس ماكفيل؛ ‪)2003‬‬ ‫ومن الدول املركزية وحتديداً الواليات املتحدة واوربا ظهرت شركات اإلعالن متعددة‬ ‫اجلنسيات والتى تبحث عن توسيع نطاق تاثريها‪ ،‬وبيع منتجاتها الثقافية واإلستهالكية إىل‬ ‫دول العامل االخرى من أجل حتقيق االرباح وترويج االيديولوجيات داخليا وخارجيا ‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل املثال مت ترويج شخصيات والت ديزنى كمنتجات حتدد قيم جمتمعه وتعمل على‬ ‫نشرها فى اجملتمعات األخرى ‪.‬‬ ‫ومن أجل حتقيق هذا اهلدف يعتمد اإلعالن الدوىل على الدراسات النفسية للمجتمع املستهدف‬ ‫واحسن الطرق للتاثري عليه وتغيري اجتاهاتهم االستهالكية ‪ ،‬وذلك بطرق عديده منها اعطاء‬ ‫اإلعالن صبغة علمية اكادميية من خالل استخدام مصطلحات طبية او جتارب علمية ‪,‬‬ ‫واحيانا الربط بني التقدم احلضارى والثقافى واستخدام املنتج اإلعالنى‪ ،‬أواللجوء إىل أثارة‬ ‫الغرائز عن طريق األستعانة بالنساء اجلميالت اياً ما كانت السلعة ‪ ،‬كل ذلك مع الرتكيز‬ ‫‪251‬‬

‫على استغالل اخلدع السينمائية واحليل التصويرية البهار املستهلك ‪.‬‬ ‫ومع التطور اهلائل فى الوسائل التكنولوجية ووسائل أخراج اإلعالن ظهر الفرق بني اإلعالن‬ ‫الدوىل واإلعالن احمللى ليس من الناحية الفنية فحسب ‪ ,‬بل من حيث القدرة على ايصال‬ ‫الرسالة اإلعالنية ‪ ,‬والتجاوب مع التغريات السياسية ‪ .‬وقد أصبحت دراسة اإلعالن الدوىل‬ ‫والقيم والقواعد املنظمة له من ضروريات التعاطى العلمى لنظرية العوملة* والتى يندرج حتتها‬ ‫السيطرة اإلعالمية التى أاستخدمت صناعة اإلعالن للرتويج لألفكار الغربية واألمريكية‬ ‫بشكل خاص ‪ ،‬وأن العامل طبقا هلذا املفهوم ليس عاملا مرتابطا بقدر ما هو عامل تابع ‪ ,‬مدار من‬ ‫مركز واحد ميارس ضغوط ثقافية واقتصادية حيث التبادل العوملى غرياملتكافىء(‪Thomas‬‬ ‫‪.):Clayton; 1998‬‬ ‫يتناول هذا البحث القواعد املنظمة لالعالن فى الدول املركزية وتشمل الواليات املتحدة واروبا‪،‬‬ ‫يتبع ذلك بعض النماذج اإلعالنية ملنتجات خمتلفة حبيث نوضح اوجه التشابه واالختالف بني‬ ‫اإلعالن الدوىل ونظريه احمللى من حيث الفكرة ومالئمتها لنوع املنتج ‪،‬االخراج الفنى ‪ ,‬استخدام‬ ‫التقنيات احلديثة ومناسبته للمجتمع ‪.‬‬

‫القواعد المنظمة لإلعالن فى الدول االوربية‬ ‫أدى قيام السوق االوربية املشرتكة** والتنمية االقتصادية لدول اوربا ‪ ،‬ثم ماتبعها من توحيد‬ ‫العملة ( اليورو ) إىل تقوية فكرة اإلعالن الواحد داخل الدول املتعددة‪ ،‬كما أدى ايضا إىل‬ ‫ازدهار صناعة اإلعالن و النظرإىل الدول األوربية كسوق واحدة وقد متت دراسة آثار الوحده‬ ‫األوروبية على املزيج التسويقى ‪ ،‬غري ان العديد من الدول األوربية ال تزال حتتفظ بقوانني‬ ‫حملية وقواعد ونظم خاصة لصناعة اإلعالن والتى يعتقد بعض العاملني فى التسويق انها قد‬ ‫تعوق منو وتطور سوق أوربية واحدة حقيقية (; ‪.)Ajay K.;1996.Lolita A‬‬ ‫جند على سبيل املثال الدول االسكندنافية و منها السويد و الدمنارك تضع العديد من القيود‬ ‫على اإلعالنات املوجهة للطفل حتت الثانية عشر كحماية له من التـأثري السلبى لالعالن‬ ‫‪ .‬وفى اطار سياسة االحتاد االوربى فى التعامل مع اعالنات التبغ مت اصدار قانون منع هذه‬ ‫اإلعالنات داخل دول االحتاد فى عام ‪ 2003‬تاله تشريع مينع اعالنات التبغ فى كل وسائل‬ ‫اإلعالن وتشمل كافة الوسائل املرئية واملكتوبة مبا فيها الصحف والشبكة العنكبوتية‬ ‫‪.‬على اجلانب اآلخر ورغم اجلدل املستمر حول كيفية التعامل مع الكحول كاحد اآلفات‬ ‫االجتماعية وحماربة سوء استخدامه فشلت حماوالت مترير قانون حظر الدعاية والرتويج‬ ‫‪252‬‬

‫للمشروبات الكحولية وذلك بسبب الرفض القاطع والضغوط األقتصادية من قبل القطاع‬ ‫الصناعى وشركات اإلعالن على حد سواء‬ ‫لكن ذلك ال ينفى أن بعض الشركات غري األوربية مثل شركة ميكروسوفت ‪ ،‬دل للكمبيوتر‬ ‫أو شركات السيارات مثل متسوبيشى تتعامل مع السوق األوربى كوحدة واحدة و هناك‬ ‫الكثري من النماذج اجليدة لإلعالنات فى دول خمتلفة منها إعالن شركة اإلطارات «جود يري‬ ‫‪ Good «Year‬والذى مت صياغته حبيث حيتوى على فكرة واحدة هى العودة للمنزل بعد‬ ‫غياب‪ ،‬ومت تصوير أو تصميم الفكرة بشكل خمتلف من بلد ألخرى حبيث حتتفظ احلملة‬ ‫بقوة الفكرة وال تغفل خصوصية املكان ولكن اجلميع يصبو إىل العودة إىل البيت (‪Radall‬‬ ‫‪)Rothenberg,1997‬‬ ‫إن وجود قواعد ونظم حتكم صناعة اإلعالن ال يتعارض مع ازدهار الصناعة بل العكس صحيح‬ ‫‪،‬واملثال الواضح لدينا هو اململكه املتحدة والتى تزدهر صناعة اإلعالن فيها فى ظل وجود مراقبة‬ ‫وتنظيم للصناعة من قبل العديد من اهليئات العاملة فى هذا اجملال ‪ .‬تتمثل اهم هذه اهليئات‬ ‫فى ‪:‬‬

‫• •مركز حبوث مشاهدي صناعة السينما والفيديو‬

‫تكمن مهمة هذا املركز يف إجراء حبوثات السوق اليت تذهب الحتاد إعالنات السينما‪.‬‬

‫• •هيئة التلفزيون املستقلة‬

‫تتعامل اهليئة اليت مت تأسيسها حسب قانون البث لعام ‪ 1990‬مع التلفزيون التجاري فقط‪.‬‬ ‫وهي متنح الرتاخيص ألصحاب التلفزيون التجاري وتصدر «ميثاق ممارسات» إضافة إىل‬ ‫القواعد املتعلقة بالربامج اليت يتم رعايتها‪.‬‬

‫• •احتاد التلفزيون املستقل‬

‫وهي هيئة تضم أصحاب التلفزيونات التجارية‪ ،‬واليت تعتمد وكاالت اإلعالن‪ .‬ويعمل االحتاد‬ ‫على تدقيق اإلعالنات التلفزيونية قبل بثها‪.‬‬

‫• •مركز أحباث مستمعي اإلذاعة املشرتك‬

‫يقوم املركز ومنذ عام ‪ 1992‬بإجراء حبوث على مجيع مستمعي اإلذاعة وأصدرت ملخصات‬ ‫االستماع الفصلية‪.‬‬ ‫‪253‬‬

‫• •احتاد أصحاب الصحف‬

‫وهو هيئة جتارية من الصحف احمللية ويعتمد االحتاد وكاالت اإلعالن ألغراض اهليئة‪.‬‬

‫• •احتاد الناشرين السنويني‬

‫وهو هيئة جتارية من ناشري اجملالت وتعتمد وكاالت اإلعالن ألغراض اهليئة‪.‬‬

‫• •مكتب حبوث جمموع عدد القراء على املستوى الوطين‬

‫يقوم املكتب بنشر نتائج أكثر من ‪ 35000‬مقابلة يف السنة خبصوص عدد القراء والرتكيبة‬ ‫السكانية لقراء ‪ 250‬من الصحف واجملالت احمللية‪.‬‬

‫• •اجلمعية املتحدة للمعلنني الربيطانيني‬

‫وهي هيئة جتارية حلماية والنهوض باملصاحل اإلعالنية للشركات األعضاء‪ .‬وتسدي اجلمعية‬ ‫املشورة حول مجيع أشكال وسائل اإلعالم وتنشر كتيبات إرشادات مفيدة‪.‬‬

‫• • ميثاق املمارسات اإلعالنية الربيطاني‬

‫‪ ،‬وهو ميثاق غري إلزامي يغطي مجيع املطبوعات اإلعالنية وتديره هيئة مواصفات اإلعالنات‬ ‫يف اململكة املتحدة‪ .‬ويقوم املبدأ األساسي للميثاق على وجوب ان يكون اإلعالن قانونياً والئقاً‬ ‫وصادقاً ويتم دعوة اجلمهور لتقديم شكوى مكتوبة عن أية إساءة أو إعالنات مضللة‪ .‬وال ميلك‬ ‫امليثاق سلطة للمعاقبة إال انه بإمكانه التوصية بإجراء تعديالت أو عدم تكرار اإلعالنات املضللة‬ ‫يف املستقبل‪ .‬ويقوم امليثاق بنشر تقارير شهرية عن حتقيقاته ملعرفة إذا ما مت أخذ الشكاوي‬ ‫املقدمة ضد احد االعالنات بعني االعتبار أم ال‪.‬‬ ‫وجيب على وكاالت اإلعالن وقطاع اإلعالم املستقل ان يقدموا طلباً لعدد من األقسام السابق‬ ‫ذكرها من أجل احلصول على ترخيص يسمح هلم بتقاضي عمولة على مشرتيات وسائل‬ ‫اإلعالم‪ .‬ومينح هذا الرتخيص متى قدمت اهليئات مع أدلة تثبت مصداقيتها املالية (القدرة على‬ ‫دفع فواتري اإلعالم على الفور) وقبلت ميثاق املمارسات اإلعالنية الربيطاني ( لؤى األصفهانى‬ ‫؛ ‪.) 2008‬‬

‫القواعد والقوانين المنظمة لالعالن فى الواليات المتحدة ‪:‬‬ ‫حتتوى قوانني الواليات املتحدة على العديد من املواد التى تنظم اإلعالن كتلك التى حيتويها‬ ‫القانون االوربى فيما ينصب اساساً على نفع املستهلك ومحايته من االالعيب االعالنية وحق‬ ‫‪254‬‬

‫املشاهد ان يعرف من يوجه له الرسالة االعالنية وذلك فى حالة اإلعالنات غري املباشرة والتى‬ ‫يتم بثها دون اشارة لكونها مادة اعالنية‪،‬على ان يصل اإلعالن بطريقه مهذبه وأمينة وحقيقية‬ ‫ورمبا يتم الرتكيز بشكل اساسى على احملتوى االخالقى واالستخدام الصريح للجنس او‬ ‫االساءة الصرحية لالديان او خداع املستهلك وغري ذلك‪.‬‬ ‫ورمبا تتشدد بعض الواليات فى القوانني اخلاصة باإلعالنات املوجه للطفل أو فى اإلعالن عن‬ ‫السجائر و أحيانا عن املنتجات اجلنسية غري أن ذلك خيضع للكثري من الضغوط من كل من‬ ‫املصانع والعاملني فى كل منتج ‪.‬هذا إضافة إىل اإلعالن السياسى والذى يستخدم بكثافة فى‬ ‫الواليات املتحده كما فى إعالنات احلمالت اإلنتخابيه لألحزاب واملرشحني السياسيني‪ .‬لذا‬ ‫حتدد القوانني فى الواليات املتحده قواعد منظمه لتمويل تلك احلمالت والتربع هلا وهوية‬ ‫املتربعني فيها واحلد األقصى للتربع واالنفاق ‪.‬‬ ‫و جند أن الشركات ذات املنتجات العاملية تفضل استخدام سياسة التسويق املوحد والتى تقوم‬ ‫على فكرة منتج واحد ذو اسم واحد ‪ ,‬وشعار واحد بلغات خمتلفة ويستهدف به مستهلك ذو‬ ‫وضع مإىل معني يتشابه بني الدول ‪ .‬ومع التطور والتقدم االقتصادى املتسارع تتجدد يوميا‬ ‫طرق اإلعالن مما يتطلب وضع قواعد متجددة تتناسب مع طرق اإلعالن اجلديدة ‪ .‬واذا كانت‬ ‫هناك رقابه لصيقة لالعالن التلفزيونى قبل العرض ‪ ,‬عادة ما متر اإلعالنات املطبوعة من هذه‬ ‫الرقابة حيث حيكمها شراء مكان اعالنى داخل املطبوعة سواء جريدة او جملة ‪ .‬ولتعدد الوسائل‬ ‫واختالف الراى حول ما هو مسموح به وما هو غري مسموح به قانوناً ظهرت العديد من املنظمات‬ ‫احمللية والدولية والتى تدعو إىل وضع كود موحد ملا جيب ان حيتويه اإلعالن وما يندرج حتت‬ ‫بند االثارة او االغراء او اإلعالن الصادم للمجتمع والذى جينح اليه بعض مبتكرى اإلعالن‬ ‫للفت االنتباه للمنتج وال جيرم قانونا ‪.‬‬ ‫غري ان االحباث والدرسات اشارت إىل وجود اختالفات بني املستهلكني فى الدول املختلفه حتى‬ ‫وان اجتمعوا على خلفية ثقافية وفكريه واحدة*** ‪ ,‬على سبيل املثال دول االحتاد االوربى‬ ‫وأمريكا ‪ ,‬كما ميثل اختالف طرق التوزيع من دولة الخرى احد نقاط الضعف لسياسة‬ ‫التسويق املوحد ووجدت العديد من الدراسات ان االختالفات التى توثر على استقبال املستهلك‬ ‫للسلعة وتعامله معها يتاثر على حنو ما بالبيئة التى يعيش فيها وخلفيته الثقافيه واحلضارية‬ ‫وان التعامل مع اإلعالن الدوىل جيب ان اليغفل هذه احلقيقة فاملستهلك قد ال يرى نفسه او‬ ‫جمتمعه فى املنتج وهنا تظهر رؤيته لالعالن اخلارجى ب « هم « و لنفسه وجمتمعه ب « حنن «‬ ‫وقد تعاملت الشركات متعددة اجلنسيات مع هذا العائق باستخدام عوامل من اجملتمع احمللى ‪,‬‬ ‫على سبيل املثال استخدام شركات املشروبات الغازية الحد النجوم احملليني فى اعالناتهم حول‬ ‫‪255‬‬

‫العامل حبيث يصبح النجم مثال ل « حنن « ‪)Kanaso A., Nelson N.; 2002( .‬‬

‫اإلعالن محلياً وعالمياً‬ ‫ميثل االعرتاف بوجود املشكلة اخلطوة األوىل حللها ! ‪ ،‬العاملون يف صناعة اإلعالن فى العامل‬ ‫العربى هلم نصيب من املشاكل‪ ،‬ولكنها بالطبع ليست من دون حلول‪.‬املشكلة اليت سنعاجلها هنا‬ ‫هي الفروق التى تعوق تطور اإلعالن العربى للحاق بالثورة اإلعالنية فى دول العامل املتقدم‪.‬‬

‫دور التكنولوجيا الحديثة‬ ‫عندما نتحدث عن الفروق التى ميكن أن نلمسها بني اإلعالن الدوىل واإلعالن احمللى فإنه‬ ‫فى واقع األمر التكنولوجيا احلديثة أصبحت فى متناول اجلميع وميكن أن نعتربها صاحبة‬ ‫الفضل األول فى إذابة مثل هذه الفروق من اجلانب التقنى حيث أنها اصبحت متاحة لكل‬ ‫مصممى اإلعالنات فى كافة دول العامل يتساوى فى ذلك الدول املتقدمة و ما يطلق عليه دول‬ ‫العامل الثالث ‪ .‬ولذلك فان التقنية واحلرفية تلعب دور رئيسى فى إذابة الفروق بني اإلعالن‬ ‫احمللى واإلعالن الدوىل من تلك الزاوية وان كان مصمموا اإلعالن فى أوروبا وأمريكا أكثر‬ ‫دقة فى أستخدام أدواتهم التى تتيح هلم دائما التفوق واإلبداع إال انه البد أن نعرتف أنه يوجد‬ ‫املصمم احمللى الذى ميتلك أدواته مبهارة وان كانت تلك املهارة يشوبها الكثري من العوائق‬ ‫ومنها املساحة املرتوكة له ليتم عمله على أكمل وجه من حيث الوقت الذى يستغرقه اإلعالن‬ ‫وكذلك مدى إملامه بالثقافة اإلعالنية التى على أساسها يستطيع ان يصل بالتقنية إىل أفضل‬ ‫صورة ويستطيع توظيفها خلدمة السلعة املعلن عنها بدقة بالغة دون تكلف حتى يصل إىل‬ ‫اهلدف من اإلعالن ‪.‬‬ ‫وإن كنا قد أوضحنا بشكل ظاهر أن التكنولوجيا احلديثة من حيث األدوات سواء كانت تلك‬ ‫األدوات برامج أوأجهزة كمبيوتر حديثة أو مكتبات تظهر إمكانات املصمم وتساعده الخراج‬ ‫أفكاره فى أحسن صورة ‪ ،‬وكذلك برامج الفوتوديسك والكليب أرت التى أسهمت بشكل واضح‬ ‫فى مساعدة املصمم فى إمتام عمله إال إن تلك العوامل املساعدة أحيانا ما تلعب دور سلبى‬ ‫جملموعة من األسباب ومنها أن املصمم قد يسرف فى أستخدام تلك األدوات املساعدة مما يضفى‬ ‫على اإلعالن شكل إستهالكى من حيث التصميم حيث ان كل تلك األدوات واألسطوانات‬ ‫املدجمة ‪ CD‬التى يلعب بها املصمم إلظهار السلعة بشكل فعال هى ايضا فى واقع األمر فى‬ ‫يد مصممني أخرين لذلك جيب أن يكون املصمم على مهارة عالية ليتمكن من توظيف تلك‬ ‫األدوات دون إسراف ‪.‬‬ ‫‪256‬‬

‫استخدام الصورة‬ ‫تلعب الصورة دور أساسى فى ظهور اإلعالن احمللى دائما أقل جودة من نظريه الدوىل حيث‬ ‫جند اإلعالن الدوىل يعطى للصورة أهمية قصوى و يرصد هلا أعلى امليزانيات ليشجع املصور‬ ‫احملرتف على إلتقاط أفضلها بأحدث التقنيات والن الصورة تلعب دور أساسى وهام خلدمة‬ ‫اإلعالن فان هذا اجلانب يعد مبثابة نقطة الضعف فى اإلعالن احمللى حيث العميل احمللى‬ ‫عادة ال يرغب فى دفع املال إىل املصور على أساس ان دوره ثانوى وان أى صورة من مصور غري‬ ‫حمرتف قد تلعب الدور ‪.‬‬

‫استخدام اللوجو‬ ‫وكذلك اللوجو فهو من املكونات االساسية لإلعالن وهو عادة ما يالقى التجاهل وعدم‬ ‫اإلهتمام فى اإلعالن احمللى‪ ،‬على عكس نظريه الدوىل الذى يهتم باللوجو اإلهتمام األكرب‬ ‫ويقيم املسابقات اإلبداعية بني املصممني إلظهار قدراتهم فى إبتكار أفضل اللوجوهات التى‬ ‫تؤدى بالضرورة فى النهاية إىل خدمة اإلعالن وخلق شخصية و مسة مميزة للسلعة عرب‬ ‫بلدان عديدة‪.‬‬

‫الجانب االبتكارى‬ ‫أما بالنسبة إىل اجلانب اإلبتكارى فانه ليس فى مصلحة اإلعالن احمللى حيث يتفنن املصمم‬ ‫األجنبى فى إبداع أفضل األفكار خلدمة اإلعالن وكذلك إفتقاد الوسائل األكثر تأثرياً خلدمة‬ ‫اإلعالن بصرف النظر عن رخص السعرأوإرتفاعه ‪.‬وعادة ما يأخذ املصمم لإلعالن الدوىل‬ ‫مساحة من الوقت والتفكري ‪ ،‬وفى واقع األمر ان الوكاالت اإلعالنية العاملية أو ( ‪Multi‬‬ ‫‪ )National Companies‬تهتم اهتمام كبري باجلانب اإلبتكارى فى اإلعالن حيث حترص‬ ‫على ذلك وتطلب الوكالة املساحة الزمنية والتكلفة املادية التى متكنهم من إمتام عملهم على‬ ‫أكمل وجه كما تقوم العديد من املنظمات بعمل مسابقات دولية لإلبداع اإلعالنى‪.‬‬ ‫وبالنظر إىل فريق اإلبداع فى أى وكالة دولية فاننا جند جمهود منظم ومستمر وعمل دؤوب‬ ‫من فريق العمل بالكامل و فيه الكثري من التخصصات املختلفة املوجودة فى الوكالة خلدمة‬ ‫اجلانب اإلبتكارى بداية من الـ ‪ Creative director‬ومروراً بالـ ‪ Art Director‬وانتهاءاً‬ ‫بالعديد من‪ designers‬أصحاب اخلربات املتميزة للتفرغ لإلبداع واإلبتكار ‪،‬و عادة ما تقوم‬ ‫شركات اإلعالن عند القيام حبملة دولية باإلستعانة بطاقم متعدد اجلنسيات حتى تضمن ان‬ ‫‪257‬‬

‫تصل بفكرة ذات قبول فى بلدان متعددة و لكى يتم العمل بهذه الصورة فانه يستغرق الكثري من‬ ‫اجلهد وكذلك الوقت وبالتاىل املال ‪ ،‬لذلك نسبة عالية من السوق احمللية ال تفضل ان تذهب‬ ‫إىل الوكاالت الدولية وتفضل الوكاالت احمللية التى تكون غالباً أقل من الوكالة الدولية فى‬ ‫اإلمكانات من حيث القدرات البشرية واملادية ‪.‬‬

‫عدم التخصص‬ ‫ومن العناصر اهلامة التى تؤدى باحلتمية إىل ضعف اإلعالن احمللى باملقارنة مع اإلعالن‬ ‫الدوىل هو القائمني على صناعة اإلعالن انفسهم حيث ان السوق احمللية دخلها العديد من‬ ‫الغري متخصصني فى جمال اإلعالن وهم من غري الدارسني وإن كانوا يعتمدون على تقنية‬ ‫الكمبيوتر مع دراسة بعض الربامج لإلملام باملوضوع دون خربة كافية هلم باإلعالن لذا يؤدى‬ ‫ذلك إىل فقر شديد فى مجيع عناصر اإلعالن من حيث اإلبتكار واإلخراج وحتى احملتوى‬ ‫اضافة إىل ذلك الوقوع فى أكثر األخطاء سذاجة نظراً لعدم درايتهم باملبادئ األساسية‬ ‫للتصميم اإلعالنى ولبعد ختصصهم عنه ‪ ،‬لذلك جيب ان يكون هناك جهات رقابية ملراقبة‬ ‫جودة اإلعالن وملراقبة العاملني فيه وملنع الدخالء من اإلضرار بالذوق العام حيث ان اإلعالن‬ ‫يصل جلميع أفراد األسرة على أختالف أجناسهم وأعمارهم وانتماءتهم وكذلك ثقافتهم‬ ‫حتى يصبح اإلعالن مادة إىل اإلرتقاء بالذوق العام وهدف ووسيلة سامية تلعب دورها الرئيسى‬ ‫خلدمة اجملتمع ‪.‬‬ ‫خالصة القول ميكن أن نعرتف أن اإلعالن الدوىل تفوق على اإلعالن احمللى فى تلك األشياء‬ ‫نظراً لإلهتمام بعناصر اإلعالن بدقة فائقة وكذلك اجلانب التقنى وأخرياً وليس أخراً اجلانب‬ ‫اإلبتكارى الذى يضفى على اإلعالن اللمسة اإلبداعية التى تشعر اجلمهور املتلقى باإلحرتاف‬ ‫فى تلقيه لألفكار وعادة ما يكون هذا اجلانب اإلبتكارى ليس بالضرورة ناجتا عن استخدم‬ ‫التكنولوجيا فائقة التطور وان كان هذا اجلانب التكنولوجى يساعد املصمم فى إبراز تلك‬ ‫الصورة ‪.‬‬ ‫وبالنظر فى بعض النماذج لإلعالنات فى وسائل متعددة ( جمالت – أوت دور – بوسرتز )‬ ‫سوف تقوم بعرض بعض النماذج املبتكرة سواء كانت تلك النماذج إلعالنات دولية أو إعالنات‬ ‫حملية مع إلقاء الضوء على جوانب الضعف والقوة فى تلك اإلعالنات لتوضيح الفكرة القائم‬ ‫عليها البحث ‪.‬‬ ‫‪258‬‬

‫اإلعالن المحلي‬ ‫التاىل بعض من مناذج اإلعالن التى صممت لتخاطب السوق احمللى فقط ‪ ،‬وتشمل أمساء‬ ‫ملنتجات حملية و أخرى عاملية و لكنها تصمم اعالنات فى وكاالت اعالنية حملية‬

‫محلة لبانيتا‬

‫املنتج حملى ومحلته االعالنية تقتصر على السوق املصرى ‪:‬أعتمدت شركة لبانيتا فى‬ ‫تصميم محلتها على شخصيات كرتونية متثل البقر وأضفت تلك الشخصيات جواً من‬ ‫السعادة واملرح على املتلقى سواء كان طف ً‬ ‫ال او كبرياً‪ .‬ولقد مت تصميم الشخصية بشكل جذاب‬ ‫وبتقنية عالية و حرفية‪ .‬كذلك اعتمدت على شخصية البقره ذات الطابع املميز والبسيط‬ ‫فى آن واحد ‪ .‬وحيسب هنا للمصمم بعده كل البعد عن شخصية البقرة الضاحكة الشهرية‬ ‫ملنتج اجلنب‪ .‬ولقد استخدم املصمم فى اعالنات اجملالت وإعالنات التليفزيون خلفيات اجلو‬ ‫الريفى واملسطحات اخلضراء والتى متثل البيئة الطبيعية التى ينشأ فيها البقر وينتج منها‬ ‫اللنب فيؤكد معنى انه طبيعى ‪ .‬ولقد متيز التصميم بصفة عامة باخلط اجلرىء والسريع مما‬ ‫اضفى على احلملة نوع من التلقائية والبساطة وكذلك األلوان الزرقاء واخلضراء التى أكدت‬ ‫معنى النقاء والصفاء الصفتان املتالزمتان للنب ‪.‬‬ ‫وان كانت هذه احلملة متميزة كحملة إعالنية حملية إال أنه شابها بعض السلبيات التى‬ ‫أفقدتها جزء من املصداقية والقوة وهو استخدام اللغة االجنليزية فى الكثري من اإلعالنات‬ ‫‪259‬‬

‫املطبوعة وكذلك االنتقال باملعنى من العربية لالجنليزية مل يكن موفق حيث افقدت‬ ‫الرتمجة احلرفية املعنى تأثريه القوى كذلك استخدام شعار احلملة – ‪ - -slogan‬بإسراف‬ ‫دون الرتكيز على معنى واحد فكان الكالم أسفل كل اعالن خمتلف عن اإلعالن الذى يليه‬ ‫ويشوبه املبالغة مما افقد قدرة احلملة على الرتكيز على فكرة واحدة عند املستهلك والذى‬ ‫كان ميكن حتقيقه اذا كان للحمله شعار واحد على سبيل املثال «طبيعى وصحى» أو « من‬ ‫أجل اطفالكم «‪.‬‬

‫محلة الكرتوستار‬

‫فقد اختارت ان تقوم بتصميم محله اعالنية مطبوعة لبعض منتجاتها من األجهزه الكهربائيه‬ ‫وتشمل ثالجه وبوتاجاز‪ .‬وقد استخدم املصمم األلوان البارده فى اعالن الثالجه وتشمل اللون‬ ‫األزرق وكذلك اللون األبيض والرمادى حتى يؤكد معنى التربيد وهو اختيار موفق ولكن على‬ ‫الرغم من ذلك إال إن استخدام صورة املنتج مل تكن موفقة حيث ظهرت الثالجة اشبه بدوالب‬ ‫مالبس كما ظهر حجم الكتابة وكم املعلومات بشكل غري مناسب ‪.‬اما فى إعالن البوتاجاز فقد‬ ‫وفق املصمم فى اختيار األلوان حيث استخدم اللون األمحر والربتقإىل ولكن عابه مرة أخرى‬ ‫كثرة الكتابة وتصوير املنتج بزاوية رؤية جتعله غري ظاهر ووضع اللوجو بشكل غري مناسب ‪.‬‬

‫محلة اجنوى‬

‫‪260‬‬

‫حققت هذه احلمله جناحا ملحوظا وكان اهلدف منها تعريف املستهلك بتغيري شكل العبوة‬ ‫ولوجو الشركة‪ .‬فقد اختار املصمم ألوان جذابة وصور لفاكهة طبيعية ذات جودة تصوير‬ ‫عالية واكتفى بوضع شعار الشركه فقط مستغ ً‬ ‫ال معظم مساحة اإلعالن بصورة العبوة‬ ‫حتى تعطى احساساً للمتلقى بالرغبة العارمة فى جتربة املنتج واستخدامه ومتت األستعانة‬ ‫بصفحة حتريرية مالصقه لألعالن داخل احدى اجملالت الدعائيه لتوضيح فوائد العصري فى‬ ‫شهور الصيف ( ميثل هذا شكل من اشكال االعالن غري املباشر)‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من جناح املصمم السابق توضيحه فى اظهار املنتج فى أبهى صورة وحتقيق‬ ‫اجلذب املطلوب للجمهور إال أن اإلعالن تشوبه بعض السلبيات ومنها ضعف شعار احلملة (‬ ‫احلى حلظات احلياه ) وكان األفضل استخدام شعار له عالقه باملذاق مثل (استمتع بالطعم)‬ ‫كذلك تكرار استخدام اللوجو اعلى واسفل اإلعالن كما ان الفكرة األبتكارية فى هذا اإلعالن‬ ‫بصفة عامة ضعيفة تفتقد اخليال واألبداع الكافى بالرغم من األستخدام اجليد لبعض عناصر‬ ‫التصميم مثل اللون واحلجم ‪.‬‬

‫اإلعالن الدولى‬ ‫التاىل بعض من مناذج احلمالت االعالنية املصممة ملخاطبة عدة اسواق فى آن واحد او‬ ‫لشركات عاملية فى بعض الدول الغربية ومل تنفذ فى العامل العربى‪.‬‬

‫محلة شركة بيبسى العاملية‬

‫أوال‪ :‬استخدام اإلعالنات اخلارجية (‪ )outdoor‬استخدمت احلملة سيارات النقل الثقيل‬ ‫كما لو كانت اعالنا متحركا ثالثى االبعاد ومت فيهااستخدام عنصر اخلداع البصرى‬ ‫لالحياء بثالثية االبعاد باشكال خمتلفة وهو ما يلفت انتباه املتلقى بشده وهو اهلدف الرئيسى‬ ‫‪261‬‬

‫لالعالن الناجح ‪.‬‬ ‫ففى هذا اإلعالن االول وهو سياره بيبسى مت استخدام البنر املطبوع خبدع بصرية لتوحى أن‬ ‫صناديق البيبسى املوجوده بالسياره ملتصقة فى سقف السياره وليس على أرضيتها مما يثري‬ ‫دهشة املتلقى وجتعله يتوقف برهة ليدرك الفكرة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإلعالن املطبوع ‪ ،‬تناول املصمم فكرتني خمتلفتني ظهر فيهما اجلانب األبداعى بشكل‬ ‫واضح ‪ ،‬األول إعالن لعبوة بيبسى الصغرية (مينى بيبسى) وقد أظهر املصمم فى اإلعالن‬ ‫أصابع يد بشرية حبجم كبري ممسكة مبكعبات ثلج صغرية احلجم ‪ ،‬فى حني يظهر فى اسفل‬ ‫اإلعالن شكل العبوة املراد اإلعالن عنها حبجم أصغر من حجم أصابع اليد وذلك حتى يؤكد‬ ‫على احلجم الصغري للعبوة‪.‬‬ ‫فى اإلعالن الثانى عن منتج بيبسى بدون سعرات حرارية (دايت) أظهر فيه املصمم فكرة‬ ‫ابتكارية فكاهية حيث ظهرت العبوة فارغة ملقاة على األرض جبوار جحر فأر صغري يظهر‬ ‫من خالله ذيل القط الذى متكن من دخوله والوصول هلدفه‪ .‬ويظهر هذا اإلعالن ابداع املصمم‬ ‫وجتديده أليصال املعنى املراد بسهوله وبساطه بأستخدام فكره جديده ومبتكرة‪.‬‬

‫حمالت توعيه بأضرار التدخين والمشروبات الكحولية‬ ‫هذه احلمالت متول عادة من مؤسسات اجملتمع املدنى املناهضة للتدخني وإدمان الكحول فى‬ ‫حماولة ملواجهة احلمالت االعالنية الشرسة التى تروج هلذه املنتجات‬

‫‪262‬‬

‫من احلمالت الناجحة التى تربز أضرار التدخني محلة توضح شكل السيجارة وقد شكل الدخان‬ ‫املنبعث منها شكل مججمة حليوان متوحش كناية عن اخلطر الناتج عن التدخني وقد جنح‬ ‫املصمم فى ان يربز الشكل الوحشى الكامن داخل السيجاره وكانت الصورة ابلغ من اى كالم‬ ‫قد يضاف على هذا امللصق ‪.‬‬ ‫واذا انتقلنا إىل محله اخرى من محالت التوعيه والتى أظهر املصمم فيها بشكل مبتكر مدى‬ ‫اخلطورة التى قد يتعرض هلا قائد السيارة اذا ما قرر شرب اخلمور اثناء القيادة وقد استبدل‬ ‫ناقل احلركة فى السياره بكوب به بقايا مشروب كحلى وقد تكسرت كل جوانب الكوب‬ ‫كناية على اخلطر الداهم الذى قد يتعرض له قائد السيارة‪.‬‬ ‫ونرى استخدام املصمم فى اإلعالنني للون األسود الذى يعطىء احياءات حمزنه وجوا حمبطا‬ ‫يشري إىل فكرة املوت لتأكيد معنى الضرر السلبى البالغ الذى حيدثه كل من التدخني‬ ‫واملشروبات الكحوليه ‪.‬‬

‫محلة شركة نايك‬

‫قامت شركة نايك العاملية بعمل اعالنات خارجية مبتكرة ولقد متيزت تللك احلملة باجلانب‬ ‫األبتكارى الغري تقليدى حيث يظهر فى اإلعالن األول رجل رياضى مرتديا حذاءاً من انتاج‬ ‫الشركة وقد اخرتق حائط بناية ووصل إىل البناية اجملاورة كناية عن ان احلذاء الذى يرتديه‬ ‫جعله ينطلق بقوه وحيدث شرخا فى جدار البناية األوىل ليصل إىل البناية الثانيه ونرى فى‬ ‫هذا اإلعالن ابتكار املصمم وجتديده فى تنفيذ الفكره على بنايتني متجاورتني لتحقيق رساله‬ ‫اعالنية واحدة تؤكد معنى القوه واالنطالق‪.‬‬ ‫فى اإلعالن الثانى حرص املصمم ايضا على تأكيد نفس املعنى حيث أظهر احلذاء الرياضى‬ ‫وقد انطلق عرب واجهة البناية بقوه أدت إىل إمالة النوافذ املوجوده بطول املبنى ‪.‬وقد نفذ املصمم‬ ‫هذه اخلدعة عن طريق طباعة الفينيل على زجاج النوافذ حبيث توحى للمتلقى أن نوافذ‬ ‫البنايه قد حتركت بالفعل ‪.‬‬ ‫‪263‬‬

‫الخاتمة‬ ‫انطالقا من كل هذه النقاط فان من األهمية مبكان التفكري باجلودة أو ً‬ ‫ال و احملافظة على‬ ‫املعايري الدولية يف كافة مراحل صناعة اإلعالن سواء يف جمال التصميم أو االخراج و عدم‬ ‫االجنراف حنو االفكار الرخيصة و اليت ِتؤدي إىل ضياع الذوق العام و انهيار القيم ‪ .‬هذا يدعونا‬ ‫إىل االهتمام بتوجيه االستثمارات بفاعلية يف خمتلف الوسائل اإلعالنية لدعم املوهبني‬ ‫واملتخصصني فى هذا اجملال وحل مشكلة مزاولة التصميم اإلعالنى لكل من هو على دراية‬ ‫باجهزة احلاسب اإلىل و برامج اجلرافيك كحل للمشكلة اليت خلفتها امليكنة يف عصرنا‬ ‫احلديث و ألغت دور االنسان املبدع و املهين وهذا حيتاج ملضاعفة اجلهود من أجل رفع مستوى‬ ‫التعليم االكادميى و الدورات التدريبية للهواة املوهوبني من أجل تقوية األسس العملية و‬ ‫خلفيتهم االكادميية كما جيب تقوية اجلمعيات التى ترتبط مبؤسسات اجملتمع املدنى‬ ‫ومجعيات محاية املستهلك حتى يظهر جليا أهمية اإلعالن و دوره احليوي يف نشر الثقافة‬ ‫واألرتقاء بالذوق العام للجمهور و املسؤولني عن اختاذ القرار و املستثمرين العقالء الباحثني‬ ‫عن التنمية ال الثراء الفاحش على حساب القيم و املبادئ و األخالق‪.‬‬ ‫إن ما نتطلع إليه يف صناعة اإلعالن أن تكون قوية لتشجيع و تنويع الصناعة من جهة و‬ ‫لتنمية الوضع االقتصادى و جتديد مصادر الدخل و ال تعتمد فقط على اجلمال الفنى واالبهار‬ ‫بل ايضاعلى ما تستمده من اخللفية احلضارية و الثقافية جملتمعنا ‪ .‬وحتى تستطيع مواكبة‬ ‫العوملة وما فيها من تنافسية شرسة و مسايرة لألذواق املتغرية لألسواق الداخلية و اخلارجية‬ ‫‪ .‬كل هذه التحديات تفرض على كل الفاعلني يف هذا القطاع انتهاز كل الفرص و استثمار‬ ‫كل اإلمكانيات و العمل بكل اجلد حتى تشارك هذه الصناعة املستقبل مبختلف جماالته‬ ‫واحلرص على سبل اإلبداع و االمتياز و استخدام تقنيات التدريب العاملي و األساليب العصرية‬ ‫املتقدمة يف الرتويج و التسويق و التجارة للحفاظ على دور اإلعالن بني القطاعات الصناعية‬ ‫الواعدة يف اقتصاديات وطننا العربي و منافسة غول العوملة القادم الذي لن يرحم و علينا ان‬ ‫نقوم بدراسة علمية واعية شفافة نرصد من خالهلا مكامن الضعف و العوائق اليت حتول دون‬ ‫تطور هذه الصناعة و احلفاظ على موروثها الثقايف و الفين و اإلبداعي‪.‬‬ ‫ان البحث العلمي اجلاد سيهدينا إىل السبل والوسائل للتطوير ووضع اإلسرتاتيجيات اليت‬ ‫تناسب العامل العربى و مكانته و ثقافته و طبيعته باعتبارها قطاعا اقتصاديا هاما و جيب ان‬ ‫تتضافر اجلهود جلعله قطبا قويا يكفل التنمية الشاملة و املستدامة لتحقيق تنافسية قوية‪.‬‬ ‫‪264‬‬

‫الهوامش‬ ‫• •العوملة يف اللغة تعين ببساطة;ووضوح جعل الشيء عاملي االنتشار يف مداه أو تطبيقه‪ .‬وهي‬ ‫أيضاً العملية اليت تقوم من خالهلا املؤسسات‪ ،‬سواء التجارية أو غري التجارية‪ ،‬بتطوير تأثري‬ ‫عاملي أو ببدء العمل يف نطاق عاملي‪.‬‬ ‫• •السوق األوروبية مشرتكة هو مشروع اقتصادي سياسي‪ ،‬ظهر يف أعقاب االجتماع‬ ‫التمهيدي الذي عقده وزراء خارجية ست دول من الدول األوروبية يف ِإيطاليا يف حزيران‬ ‫(‪1951‬م)‪ ،‬النشاء وحدة اقتصادية بني دوهلم‪ ،‬وهذه الدول هي‪ :‬فرنسا و ِإيطاليا وأملانيا الغربية‬ ‫وبلجيكا وهولندا ولكسمبورغ‪ .‬وتال ذلك وضع املبادئ األساسية هلذه السوق‪ِ ،‬إذ وقعت عليها‬ ‫الدول املشار ِإليها فيما مسي معاهدة روما يف (‪25‬آذار‪1957‬م)‪ ،‬الذي يعد التاريخ الفعلي لقيام‬ ‫السوق األوروبيةاملشرتكة‬ ‫• •احلضارة من املمكن تعريف احلضارة على انها الفنون و التقاليد و املرياث الثقايف و التارخيي‬ ‫و مقدار التقدم العلمي و التقين الذي متتع به شعب معني يف حقبة من التاريخ‪ .‬ان احلضارة‬ ‫مبفهوم شامل تعين كل ما مييز أمة عن أمة من حيث العادات و التقاليد و أسلوب املعيشة و‬ ‫املالبس و التمسك بالقيم الدينية و األخالقية و مقدرة االنسان يف كل حضارة على اإلبداع يف‬ ‫الفنون و اآلداب و العلوم‬

‫‪265‬‬

‫المراجع‬ ‫ ترمجة حسنى نصر وعبد اهلل‬، ‫االعالم الدوىل – النظريات و االجتاهات‬- ‫• •توماس ماكفيل‬ 2003 ‫ دار الكتاب اجلامعى‬،‫كندى‬ ‫ مدير وشريك يف‬، ‫ سوء التنظيم يعيق صناعة اإلعالن يف الشرق األوسط‬: ‫• •لؤي األصفهاني‬ http://www.ameinfo.com/ 21-01-2008 ‫موقع‬.‫وكالة باراغون لإلعالنات‬ •• •• •• ••

Kanaso A.,Nelson (2002): advertising localization overshadows standardization, Journal of advertising research 421,79-89.. Lolita A., Manrai N , Ajay K.(1996) : global perspectives in cross- culture &cross-national consumer researc). Inter national business press. Radall Rothenberg , (1997) : The Media business : advertising ,in ternational approach of McCann , New York times 27-2-1997 Thomas Calyton (1998) : beyond mystification reconnecting world system theory for comparative education., compara tive education review 42 (November 1998) p.479-494.

266

‫استخدام االنترنت وعالقته بالوحدة النفسية‬

-----------------------------------------

‫وبعض العوامل الشخصية لدى عينة من الجمهور بدولة قطر‬

‫ عزة مصطفى الكحكي‬.‫د‬ ‫كلية اآلداب والعلوم – جامعة قطر‬ ‫دولة قطر‬

Abstract : The research examined the relation between loneliness and the amount of Internet use. The research used a sample of 317 males and females between the ages 15-60+ in Qatar (nationals and expatriates). This study tested five hypotheses. It used questionnaires, to test a group of variables including the amount of Internet use, the motives, the involvement, the education level, the martial status , age and Ru sell’s UCLA scale of loneliness. The main results found that there is a significant correlation between loneliness and Internet use. Those who feel more loneliness use the Internet for longer periods of time. The marital status of the subjects also had an effect on the amount of loneliness. Yet the education, gender and age have no significant e fect on the amount of loneliness. There was a correlation between the involvement and its three dimensions (dependent, immersion and enjoyment) and the amount of loneliness. The education, age , mar tal status and the expatiates affects the amount of Internet use. There is a correlation between loneliness and the rituals and instrumental motives of internet use.

Keywords:

Internet Use- loneliness- Motives of Internet Use- InvolvementDemographic Variables. 267

‫مقدمة ‪:‬‬ ‫تعيش اجملتمعات اإلنسانية اليوم ثورة معرفية وتكنولوجية غري مسبوقة‪ ،‬فالتطورات‬ ‫ ‬ ‫الراهنة يف وسائل اإلعالم اجلديد قد أفرزت منطاً أتصالياً جديداً له مسات ختتلف عن مسات‬ ‫القنوات االتصالية التقليدية‪ ،‬فهو منط االتصال بالتقنيات االلكرتونية‪ ،‬أو ما يسمى باالتصال‬ ‫الوسطي‪ ،‬حيث يتسم بسمات كل من االتصال الشخصي املواجهي واالتصال اجلماهريي وله‬ ‫وسائله االتصالية اخلاصة‪ ،‬فله من مسات االتصال الشخصي قلة عدد املشاركني وإمكانية‬ ‫السيطرة على املوقف االتصال والتفاعل الثنائي فكرياً وإمكانية إظهار رد الفعل فورياً‪ ،‬كما‬ ‫له من مسات االتصال اجلماهريي عدم جتانس املشاركني فيه من حيث السمات والبعد املكاني‬ ‫وفورية الرسائل ومن هنا ظهر مصطلح االتصال الوسطي (‪.)1‬‬ ‫وتعترب االنرتنت من أبرز املستحدثات التكنولوجية ووسائل اإلعالم اجلديد يف عامل‬ ‫ ‬ ‫ثورة املعلومات‪ ،‬حتى أصبحت أسلوباً للتعامل اليومي ومنطاً للتبادل املعريف‪ ،‬كما أن االنتشار‬ ‫السريع هلذه الشبكة جعلها من أهم معامل العصر احلديث‪ ،‬ملا أحدثته من آثار عميقة وتغريات‬ ‫جذرية يف أساليب وأشكال التواصل واالتصال املباشر وغري املباشر (‪.)2‬‬ ‫وقد ركز بعض الباحثني على دراسة األبعاد التفاعلية لالنرتنت واستكشاف‬ ‫ ‬ ‫االختالفات بينها وبني وسائل اإلعالم التقليدية واختبار قدراتها كوسيط اتصالي خيلق شبكة‬ ‫اجتماعية ثقافية تشبع احتياجات الناس املعرفية واالتصالية (‪.)3‬‬ ‫وبهذا أعادت االنرتنت تشكيل النماذج التقليدية يف ممارسة التفاعل البشري‪ ،‬فرغم‬ ‫ ‬ ‫اعتبار االتصال املواجهي ‪ Face to Face Communication‬هو أكثر األساليب االتصالية‬ ‫فعالية‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أن الدراسات احلديثة أظهرت أن االنرتنت كوسيط أداة فعالة لالتصال الشخصي‪،‬‬ ‫بل ويستخدم كأداة هامة يف املشاركة والتفاعل اللحظي يف كثري من املواقف ومناقشة‬ ‫موضوعات ليس من املريح التحدث فيها وجهاً لوجه‪ ،‬فقد وجدت كولز (‪ )Cowles, 1989‬أن‬ ‫الوسائل التفاعلية متتلك الكثري من السمات عنها يف لدى الوسائل االلكرتونية غري التفاعلية‪،‬‬ ‫حيث أن املستخدمني يتصلون ويفصحون عما ال يستطيعون اإلفصاح عنه يف االتصال الشخصي‬ ‫أو التليفوني‪ .‬خاصة لدى األشخاص الذين لديهم قلق من التفاعل االجتماعي ويعانون من‬ ‫الشعور بالوحدة (‪.)4‬‬ ‫وعلى الرغم من انتشار االنرتنت بني القطاعات االجتماعية املختلفة من حيث اجلنس‬ ‫ ‬ ‫والعرق والدين والعمر واملوقع اجلغرايف‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أن دوافع املستخدمني وخصائصهم الشخصية‬ ‫‪268‬‬

‫وظروفهم النفسية حتدد مستوى هذا االستخدام‪ ،‬ومن هنا قام بعض الباحثني بربط استخدام‬ ‫االنرتنت بالشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬وافرتضوا أن األكثر شعوراً بالوحدة هم األكثر استخداماً‬ ‫لالنرتنت لالستفادة منه كنوع من التعويض النفسي عن املواجهة والتفاعل االجتماعي ومن‬ ‫هنا كان موضوع الدراسة احلالية واليت حاولت فيها الباحثة اختيار العالقة ببني استخدام‬ ‫االنرتنت وبعض املتغريات النفسية متمثلة يف (الوحد ة ‪ – LoneLiness‬االستغراق ‪vInvol‬‬ ‫‪ ment‬والدوافع ‪ )Motivation‬وبعض املتغريات الشخصية متمثلة يف (النوع ‪– Gender‬‬ ‫احلالة االجتماعية ‪ – Martual Status‬التعليم ‪ – Education‬السن ‪ )Age‬وذلك تطبيقاً‬ ‫على عينة من اجلمهور بدولة قطر‪.‬‬

‫اإلطار النظري للبحث ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬نظرية االستخدامات واإلشباعات ودوافع استخدام االنرتنت ‪:‬‬ ‫أدى النمو اهلائل يف استخدام االنرتنت إىل مرحلة جعلت الباحثني يف جمال‬ ‫ ‬ ‫االستخدامات واإلشباعات يزيدون من اهتماماتهم بدراستها‪ ،‬والتحول من كيف يستخدم‬ ‫األفراد االنرتنت إىل دراسة األسباب والدوافع اليت تدفعهم الستخدام هذا الوسيط – وقد‬ ‫أكد روبني وونداهل (‪ )Rosengren & Windahl) (5‬أن منوذج االستخدامات واإلشباعات‬ ‫يركز على الفرد املستخدم لوسائل االتصال والذي يبادر باستخدام هذه الوسائل ويبين‬ ‫سلوكه االتصالي على أهدافه بشكل مباشر‪ ،‬إضافة على أنه خيتار من بني البدائل الوظيفية‬ ‫ما يستخدمه لكي يشبع احتياجاته‪.‬‬ ‫ولتحديد استخدامات الوسائل التكنولوجية احلديثة ‪ ،New Media‬فإن كثري‬ ‫ ‬ ‫من الدراسات السابقة أم ّيت االفرتاض بوجود ارتباط بني الدوافع الشخصية والدوافع املتعلقة‬ ‫بالوسيلة‪ ،‬ولتجديد دوافع االستخدام‪.‬‬ ‫ووجد كل من باجملرين ورايبورن (‪ )Palmgreen & Rayburn, 1965‬أن الناس‬ ‫ ‬ ‫(‪)6‬‬ ‫يستخدمون الكمبيوتر إلشباع ما يلي ‪.‬‬ ‫أ‪ -‬احلاجات الشخصية (على سبيل املثال السيطرة‪ ،‬االسرتخاء‪ ،‬السعادة واهلروب)‪.‬‬ ‫ب‪ -‬احلاجات اليت ميكن إشباعها تقليدياً من الوسيلة مثل (التفاعل االجتماعي ومتضية الوقت‬ ‫والعادة واكتساب املعلومات والتسلية)‪.‬‬ ‫‪269‬‬

‫ووفقاً ملدخل االستخدامات واإلشباعات فإن احلاجة لالتصال تتفاعل مع العوامل‬ ‫ ‬ ‫االجتماعية والنفسية لتنتج الدوافع لالتصال‪ ،‬وقد حاول الباحثون اختبار تأثري كل من‬ ‫االجتاه ‪ Attitude‬والطباع الشخصية ‪ Disposition‬واليت تؤثر على اإلشباعات اليت حيصل‬ ‫عليها الفرد من استخدام الوسيلة‪.‬‬ ‫لذا اعتمدت الدراسة احلالية على مدخل االستخدامات واإلشباعات لدراسة دوافع‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫استخدام اجلمهور لالنرتنت باعتباره مدخال اتصاليا سيكولوجيا وهو من النماذج اهلامة‬ ‫يف شرح الظواهر املتعلقة بوسائل االتصال التكنولوجية احلديثة ‪ New Media‬وخاصة‬ ‫االنرتنت‪ .‬فقد افرتض هذا النموذج وجود مجهور نشط له دوافع شخصية ونفسية واجتماعية‪،‬‬ ‫تدفعه الستخدام االنرتنت كوسيلة تتنافس مع غريها من الوسائل إلشباع احتياجاته‪ ،‬يف‬ ‫إطار أهداف هذا اجلمهور من استخدام تلك الوسائل‪ ،‬وتطبيقاً على ذلك فإن فئات مجهور‬ ‫مستخدمي االنرتنت أكثر نشاط ومشاركة يف العملية االتصالية بتأثري التفاعلية اليت‬ ‫يتميز بها االتصال الرقمي‪ ،‬وبالتالي فإننا نتوقع أن يتخذ الفرد قراره يف استخدام االنرتنت‬ ‫عن وعي كامل حباجاته اليت يريد إشباعها ومدى إشباع تلك احلاجات من استخدام االنرتنت‬ ‫مقارنة بوسائل االتصال األخرى‪ ،‬ويتمثل هذا االستخدام يف اجتاهني (‪: )7‬‬ ‫‪1 .1‬االتصال باآلخرين من خالل الوسائل املتاحة على شبكة االنرتنت‪ ،‬سواء كان املستخدم ‬ ‫ال أو مستقب ً‬ ‫ مرس ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫‪2 .2‬تصفح املواقع املختلفة على شبكة االنرتنت لتلبية احلاجات‪.‬‬ ‫وتطبيقاً على مدخل االستخدامات واإلشباعات أجريت العديد من الدراسات على االنرتنت‪ ،‬فقد‬ ‫حصرت بليس (‪ )Bleise,1982) (8‬الدوافع التالية الستخدام االنرتنت ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬

‫‪1‬كبديل عن االتصال الشخصي‪.‬‬ ‫‪2‬للتفاعل الشخصي‪.‬‬ ‫‪3‬اإلدراك الذاتي عن اجلماعات املختلفة من الناس‪.‬‬ ‫‪4‬تعلم السلوكيات املناسبة‪.‬‬ ‫‪5‬كبديل أقل تكلفة عن الوسائل األخرى‪.‬‬ ‫‪6‬االستماالت العقالنية‪.‬‬ ‫‪7‬املساندة املتبادلة مع اآلخرين‪.‬‬ ‫‪8‬التعلم الذاتي‪.‬‬ ‫‪9‬التسلية‪.‬‬

‫‪270‬‬

‫‪1010‬األمان والصحبة‪.‬‬ ‫أيضاً من الدراسات اليت تعرضت الستخدام االنرتنت وإشباعاته‪ ،‬دراسة كورجاوتكار وولن‬ ‫(‪ )Korgaonkar & Wolin,1999)(9‬حيث وجدا أبعاداً جديدة لإلشباعات من االنرتنت‬ ‫تضمنت حل املشكالت وإقناع اآلخرين وتأكيد العالقات‪ ،‬والبحث عن املكانة ودراسة بابا‬ ‫تشارزي وروبني (‪ )Papacharissi & Rubin, 2000) (10‬حيث وجدا أن وظائف االتصال‬ ‫تتحقق يف أكثر األساليب االتصالية املستخدمة يف االنرتنت مثل الربيد االلكرتوني واحملادثة‬ ‫‪ ،Chatt‬وهناك من الباحثني ما اخترب ما يسمى باإلشباعات املتوقعة (‪Expected Grati i‬‬ ‫‪ )cations‬مثل فالناجني وملزجن (‪ )Flanagin & Melzger, 2001) (11‬وسونج وآخرون‬ ‫(‪ ،)Song et al, 2004) (12‬فقد سألوا املبحوثني عما يتوقعون من االنرتنت يف املستقبل عكس‬ ‫ما يبحثون عنه يف احلاضر‪.‬‬ ‫وختترب الدراسة احلالية مدخل االستخدامات واإلشباعات من زاوية خمتلفة وهي زاوية‬ ‫املدخالت وليس املخرجات‪ ،‬الختبار الدوافع واملتغريات النفسية والشخصية املؤثرة يف استخدام‬ ‫االنرتنت‪.‬‬

‫‪2 .2‬الوحدة النفسية ‪: Loneliness‬‬ ‫الوحدة النفسية هي جتربة ذاتية من العزلة االجتماعية وهي نقص غري مقبول‬ ‫ ‬ ‫وغري مرغوب يف العالقات االجتماعية‪ ،‬والوحدة مفهوم ميثل حالة نفسية تنشأ من إحساس‬ ‫الفرد بأنه ليس على قرب نفسي من اآلخرين‪ ،‬وهذه الوحدة ناجتة عن افتقار الفرد ألن يكون‬ ‫طرفاً يف عالقة أو جمموعة من العالقات‪.‬‬ ‫فالوحدة ال حتدث لكون اإلنسان منفرداً‪ ،‬بل نتيجة الفتقار هذا اإلنسان ألن يكون‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫طرفا يف عالقة حمددة مطلوبة ودائما ما تظهر الوحدة كاستجابة لغياب منط معني من‬ ‫العالقة ومن هنا يتضح أن الشعور بالوحدة النفسية ينشأ نتيجة خلل يف شبكة العالقات‬ ‫االجتماعية للفرد سواء كان ذلك يف صورة كمية (ال يوجد عدد كاف من األصدقاء) أو يف‬ ‫صورة كيفية (افتقاد احملبة واأللفة مع اآلخرين) (‪.)13‬‬ ‫ ‬ ‫ويرى وايس (‪ )Wiss) (14‬أن هناك اختالف بني أن يكون الفرد مبفرده ‪To Be‬‬ ‫ً‬ ‫‪ lonely‬وأن يشعر بالوحدة ‪ To Feel Loneliness‬فهما ظاهرتني خمتلفتني متاما‪ ،‬كما‬ ‫أشار أن الوحدة هلا جانبان ‪ :‬اجلانب العاطفي ‪ Emotional‬مبعنى عدم وجود عالقة عاطفية‬ ‫‪271‬‬

‫مع آخرين واجلانب االجتماعي ‪ Social‬مبعنى عدم وجود تفاعل وتأييد اجتماعي مع األقارب‬ ‫واجلريان ‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫وقد حاول هاوكلي وآخرون (‪ )Howkly et al, 2005) (15‬التحقق من كيفية‬ ‫ ‬ ‫إعطاء الفرد معنى لعالقاته االجتماعية‪ ،‬ووجد كنايت وآخرون ()‪Knight, et al, 1985‬‬ ‫‪ )(16‬أن الشعور بالوحدة ميكن أن ينتج من غياب العاطفة والعالقات االجتماعية مع اآلخرين‪،‬‬ ‫وحدد مك رايرت (‪ )Mc Whriter, 1990) (17‬ثالثة مصادر للفروق بني األفراد يف العالقات‬ ‫االجتماعية وهي العالقة احلميمة مع اآلخرين‪ ،‬التآلف مع اآلخرين‪ ،‬االنتماء لآلخرين‪ ،‬يف‬ ‫حني حدد كل من هجز ودي مالر (‪ )Hughes et al, 2004) (18‬مخسة أبعاد متيز بني األفراد‬ ‫الذين يشعرون بالتآلف والرضا عن هؤالء الذين يشعرون بالعزلة والوحدة وعدم الرضا‪.‬‬ ‫وقد اختربت العديد من الدراسات بعض املتغريات االجتماعية والدميوجرافية‬ ‫ ‬ ‫كالسن والنوع واحلالة االجتماعية ومستوى التعلم والدخل لرتى ما إذا كانت هناك قيم‬ ‫خمتلفة بهذه املتغريات يف عالقتها بالوحدة‪ ،‬وأظهرت النتائج على سبيل املثال أن الوحدة أكثر‬ ‫تواجداً بني اجلماعات حمدودي الدخل واألقل تعليماً وكبار السن واملراهقني‪ ،‬كما تتضح‬ ‫مظاهر الوحدة بني هؤالء الذين يعيشون مبفردهم دون شريك للحياة أو يعيشون مغرتبني بعيداً‬ ‫عن أوطانهم‪ ،‬كما اتضح من نتائج الدراسات أن الرجال أكثر شعوراً بالوحدة من النساء (‪.)19‬‬ ‫أما النواحي املتعلقة خبواص الشخصية فعلى سبيل املثال تقييم اللذات ‪Self‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Evaluation‬واحرتام وتقدير الذات ‪ Self – Esteem‬وفعالية الذات ‪Self Efficacy‬‬ ‫تؤثر مجيعها على السلوك وجوانب األداء العاطفي‪ ،‬إضافة إىل القيم واألحكام عن احلياة‬ ‫اخلاصة وكل هذه العوامل ترتبط بالشعور بالوحدة‪ ،‬فعلى سبيل املثال أن الشعور بالوحدة‬ ‫يوجد بدرجة أكرب بني األفراد الذين هم أقل تقديراً واحرتاماً للذات واألعلى يف مستوى القلق‬ ‫(خاصة القلق املرتبط باالحتكاك االجتماعي) والذين يعانون من االكتئاب والذين يشعرون‬ ‫أيضاً بدرجة أقل من الرضا عن حياتهم واألكثر صمتاً أي الذين لديهم صعوبات يف تكوين‬ ‫العالقات الشخصية(‪.)20‬‬ ‫أيضاً الظروف احلياتية تؤثر على شعور الفرد بالوحدة مثل وفاة الزوج أو أحد أفراد‬ ‫ ‬ ‫األسرة أو التقاعد عن العمل أو اهلجرة عن الوطن‪ ،‬وبشكل عام فإن أي تغيري جوهري يف حياة‬ ‫الفرد أو تغيري وضعه أو انتقاله إىل بلد آخر حيتاج إىل أشكال جديدة من العالقات االجتماعية‬ ‫والعاطفية‪ ،‬وبالتالي من املرجح أن مير الفرد خالل تلك املرحلة حبالة من الشعور بالوحدة‬ ‫النفسية‪ ،‬وباختصار فإن العديد من الدراسات أمجعت على اجلوانب املعرفية والعاطفية‬ ‫‪272‬‬

‫والسلوكية واالجتماعية تساهم بشكل كبري يف حتديد مستوى الشعور بالوحدة (‪.)21‬‬ ‫وقدم رسيل وآخرون (‪ )Russell et al, 1984) (22‬شكلني رئيسيني للشعور بالوحدة النفسية‬ ‫وهما ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬الوحدة النفسية العاطفية ‪: Emotional Loneliness‬‬ ‫وهذا النوع من الوحدة داخلي وحيدث عندما ال يلقى الشخص أمداداً باالرتباط‬ ‫ ‬ ‫باآلخرين‪ ،‬أو جيرب عدم اإلشباع يف العالقات العاطفية احلميمة‪ ،‬والشخص الوحيد عاطفياً‬ ‫يفتقد روح الود والتفاهم يف عالقاته‪ ،‬لذلك فإن هذا الشكل من أشكال الشعور بالوحدة يدفع‬ ‫الفرد لبحث عن العالقات احلميمة من خالل االندماج مع اآلخرين‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الوحدة النفسية االجتماعية ‪: Social Lonelines‬‬ ‫وهذا النوع من الوحدة خارجي وينتج من عدم كفاية شبكة العالقات االجتماعية‬ ‫ ‬ ‫للفرد من حيث عدم االرتباط بني أعضائها واالغرتاب بينهم مع غياب العالقات املتكاملة‬ ‫اجتماعياً‪ ،‬وهذا الشكل من أشكال الشعور بالوحدة يدفع الفرد إىل البحث عن جمموعات‬ ‫تشاركه امليول واالهتمامات واألفكار‪.‬‬ ‫ويرى سابنجتون (‪ )Sappington‬أن هناك ثالثة أشكال للوحدة النفسية هي (‪:)23‬‬ ‫‪1 .1‬الوحدة النفسية العابرة ‪ Transient‬وتتضمن فرتات من الشعور بالوحدة رغم أتسام ‬ ‫ حياة الفرد بالتوافق‪.‬‬ ‫‪2 .2‬الوحدة النفسية التحولية ‪ Transitional‬وفيها يتمتع الفرد بعالقات اجتماعية طيبة ‬ ‫ ‬ ‫ يف املاضي القريب‪ ،‬ولكنه يشعر بالوحدة حديثاً نتيجة لبعض الظروف املستجدة‬ ‫ كالطالق أو وفاة شخص عزيز ‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الوحدة النفسية املزمنة ‪ Chronic‬وهي اليت تستمر لفرتات طويلة يف حياة اإلنسان ‬ ‫ وفيها ال يشعر الفرد بأي نوع من أنواع الرضا فيما يتعلق بعالقاته االجتماعية‪.‬‬ ‫وهكذا يتضح أن الوحدة النفسية هي نتاج العزلة االنفعالي ة ‪oIsolation Em‬‬ ‫ ‬ ‫‪ tional‬وكذلك العزلة االجتماعية ‪ Social Isolation‬وترتاوح من كونها حالة عابرة إىل‬ ‫حالة مزمنة‪.‬‬

‫‪273‬‬

‫الدراسات السابقة ‪:‬‬ ‫تقوم الباحثة بعرض الدراسات السابقة واليت ختص موضوع البحث يف حمورين أساسيني على‬ ‫أن تقوم بعرضها تصاعدياً من األقدم على األحدث وهما ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬دراسات تناولت استخدام االنرتنت وعالقته بالعوامل النفسية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪2 .2‬دراسات تناولت الوحدة النفسية‪.‬‬

‫أو ً‬ ‫ال ‪ :‬الدراسات اليت تناولت استخدام االنرتنت وعالقته بالعوامل النفسية واالجتماعية ‪:‬‬ ‫من هذه الدراسات دراسة سيربسود (‪ )Seepersod, 1997) (24‬حول « حتليل‬ ‫ ‬ ‫العالقة بني اسرتاتيجيات مواجهة الوحدة واستخدام االنرتنت «‪ ،‬فقد استهدفت تلك الدراسة‬ ‫اختبار استخدام االنرتنت كاسرتاتيجية ملواجهة الوحدة‪ .‬وتضمنت الدراسة جمموعة من‬ ‫األسئلة البحثية أهمها هل الذين يشعرون بالوحدة يستخدمون االنرتنت كاسرتاتيجية‬ ‫ملواجهة وحدتهم‪ ،‬وهل توجد فروق يف مستوى الشعور بالوحدة وفقاً لالستخدامات املختلفة‬ ‫لالنرتنت‪ ،‬طبقت الدراسة على عينة من خالل االنرتنت مشلت (‪ )353‬مفردة منهم (‪)31.4%‬‬ ‫من اإلناث‪ )68.6%( ،‬من الذكور ممن تراوحت أعمارهم منن ‪ 72 – 14‬سنة‪ ،‬وكان (‪)70%‬‬ ‫من العينة متثل املرحلة العمرية من ‪ 30 – 14‬سنة‪ ،‬مشل البحث قياس جمموعة من املتغريات‬ ‫من أهمها (استخدام االنرتنت والشعور بالوحدة واسرتاتيجيات املواجهة)‪ ،‬وأسفر عن جمموعة‬ ‫من النتائج أهمها أن األشخاص الذين يستخدمون االنرتنت بكثافة من أجل التصفح والتسلية‬ ‫لديهم مستوى أعلى من الشعور بالوحدة أكثر من هؤالء الذين يستخدمونه يف العمل‬ ‫واألنشطة املدرسية والتعليمية‪ ،‬ومل تتضح الفروق يف متوسطات درجات الشعور بالوحدة‬ ‫بني الذين يستخدمون االنرتنت يف العاب الكمبيوتر عن غريهم ممن ال يستخدمونه يف هذا‬ ‫العرض‪ ،‬ومل يتضح وجود فروق دالة بني الفئات العمرية بالعينة (املراهقني ‪Adolescents‬‬ ‫والشباب البالغني ‪ Young Adults‬والبالغني الكبار (‪ Elder Adult‬يف متوسطات درجاتهم‬ ‫يف مقياس الشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫أيضاً دراسة كروت وآخرون (‪ )Kraut et al, 1998) (25‬حول « التأثري النفسي‬ ‫ ‬ ‫واالجتماعي لالنرتنت « وذلك على عينة قوامها (‪ )196‬مفردة ثم سحبها من ‪ 73‬أسرة خالل‬ ‫السنة األوىل والثانية من استخدامهم لالنرتنت‪ ،‬وقد أجريت هذه الدراسة الطولية الختبار تأثري‬ ‫االنرتنت على االندماج االجتماعي واحلالة النفسية للمبحوث‪ ،‬وأشارت العينة إىل استخدامها‬ ‫املكثف لالنرتنت بغرض التفاعل واالتصال‪ ،‬وارتبط االستخدام األكثر لالنرتنت باخنفاض‬ ‫‪274‬‬

‫استخدام االنرتنت إىل تزايد معدل الشعور باالكتئاب والوحدة لدى كثيفوا االستخدام‪.‬‬ ‫ ‬ ‫دراسة باباتشارزي وروبني (‪ )Papachariss & Robin, 2000) (26‬واليت أجريت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حول حمددات ومؤشرات استخدام االنرتنت على عينة من (‪ )279‬طالبا جامعيا‪ ،‬تكونت العينة‬ ‫من ‪ 58.8%‬من اإلناث‪ 41.2% ،‬من الذكور وثم سؤاهلم حول استخدامهم لالنرتنت‪ ،‬ومت‬ ‫قياس متغريات دوافع استخدام االنرتنت وعمر املبحوث واالستعداد لالتصال والوجود االجتماعي‬ ‫واالجتاه حنو االنرتنت وكم استخدام االنرتنت ومدة االستخدام والرضا عن احلياة‪ ،‬وأسفرت‬ ‫نتائج البحث عن أن هؤالء الذين يتفاعلون معم اآلخرين وجهاً لوجه كانوا أكثر رهناً عن‬ ‫حياتهم وأقل قلقاً من االتصال املواجهي‪ ،‬واعتادوا استخداام االنرتنت كوسيلة للحصول على‬ ‫املعلومات والتسلية وقضاء وقت الفراغ‪ ،‬وعلى العكس فإن هؤالء الذين لديهم قلق من االتصال‬ ‫املواجهي يستخدمون االنرتنت لالستفادة منه كتعويض عن العجز عن االتصال املواجهي‪.‬‬ ‫وكذلك الدراسة اليت أجراها جاكسون وآخرون (‪)Jackson, et al, 2000) (27‬‬ ‫ ‬ ‫حول « األطفال واستخدام االنرتنت» ‪ :‬اآلثار االجتماعية والنفسية واألكادميية على األطفال‬ ‫حمدودي الدخل‪ .‬فقد أجريت الدراسة على عينة من (‪ )117‬شخص من البالغني (‪ )140‬طفل‬ ‫من ذوي الدخل احملدود والذين يعيشون يف مناطق نصف حضرية‪ ،‬بلغت نسبة األمريكان‬ ‫األفريقيني ‪ 67%‬من العينة‪ ،‬اإلناث ‪ 80%‬وغري املتزوجني ‪ ،42%‬وركز املسح على األطفال‬ ‫ضمن مشروع (‪ ،)Home Net Too‬واختربت الدراسة نوعني من املخرجات االجتماعية اليت‬ ‫ميكن أن تتأثر باستخدام األطفال لالنرتنت وهما ‪ :‬عدد األصدقاء املقربني وكم الوقت الذي‬ ‫يقضونه مع أسرهم وأصدقائهم‪ ،‬وأثبتت الدراسة أن األطفال عينة البحث يقضون حوالي ‪30‬‬ ‫دقيقة يومياً على االنرتنت‪ ،‬يستخدمون الربيد االلكرتوني أسبوعياً‪ 25% ،‬يستخدمون الرسائل‬ ‫العاجلة ‪ IM‬على املاسنجر‪ ،‬و‪ 16%‬يشاركون يف حمادثات ‪ ،Chat‬وأسفرت النتائج عن عدم‬ ‫وجود أي تأثري اجتماعي دال الستخدام األطفال لالنرتنت‪ ،‬فعدد األصدقاء املقربني ظل كما‬ ‫هو بدون تغيري مبرور الوقت ومل يتأثر باستخدام االنرتنت‪ ،‬كما مل يتضح أي تأثري دال‬ ‫الستخدام األطفال لالنرتنت على املخرجات النفسية هلم‪ ،‬حيث مل يتأثر الشعور بقيمة الذات‬ ‫‪ Self – worth‬لدى األطفال بعد استخدامهم لالنرتنت‪.‬‬ ‫دراسة هامبور وآرثزي (‪ )Hamburger & Artzi, 2003) (28‬حول « الوحدة‬ ‫ ‬ ‫النفسية واستخدام االنرتنت «‪ ،‬هدفت هذه الدراسة إىل اختبار العالقة بني االستخدامات‬ ‫املختلفة لالنطوائيني واالنبساطيني لالنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬بلغ عدد‬ ‫العينة (‪ )85‬شخصاً (‪ 44‬مفردة من اإلناث‪ 41 ،‬من الذكور) ممن يصفون أنفسهم بأنهم‬ ‫مستخدمي االنرتنت‪ ،‬وممن يرتاوح أعمارهم من ‪ 58 – 16‬سنة‪ ،‬تضمنت أدوات الدراسة‬ ‫‪275‬‬

‫مقياس الستخدام خدمات االنرتنت ومقياس ايتشتك للشخصية ومقياس روسيل للوحدة‬ ‫النفسية‪ ،‬وأسفرت النتائج عن عدم وجود اختالفات جوهرية بني اإلناث والذكور يف مقياس‬ ‫الشخصية االنطوائية واالنبساطية ومقياس الوحدة النفسية أيضاً‪ ،‬وارتبطت الشخصيات‬ ‫االنبساطية لدى الذكور والشخصيات االنطوائية لدى اإلناث إجيابياً بالوحدة النفسية‪،‬‬ ‫وارتبطت الشخصية االنبساطية لدى الذكور بالعينة إجيابياً باستخدام االنرتنت يف البحث‬ ‫عن املعلومات واخلدمات الرتفيهية‪ ،‬بينما ارتبطت االنطوائية والوحدة النفسية لدى اإلناث‬ ‫إجيابياً باستخدام اخلدمات االجتماعية على االنرتنت كنتيجة لشعورهم بالوحدة وكوسيلة‬ ‫للحد من هذا الشعور‪.‬‬ ‫أيضاً املسح الذي أجرى بالصني (‪ )29( )2003‬حول « استخدام وتأثري االنرتنت «‪ ،‬وذلك‬ ‫ ‬ ‫على عينة من تالميذ الصف الرابع واخلامس والسادس باملدارس االبتدائية وطالب املدارس‬ ‫املتوسطة بلغت (‪ 3400‬تلميذاً) يف ‪ 155‬فصل دراسي ومل جيب على استمارة البحث سوى‬ ‫(‪ 3375‬تلميذاً) من ست مناطق وبلدان بالصني‪ ،‬وأظهرت نتائج البحث أن األطفال احلضريني‬ ‫ممن ترتاوح أعمارهم من ‪ 18 – 10‬سنة من مستخدمي االنرتنت مل يعربوا عن أي تأثري على‬ ‫دراستهم من استخدامهم لالنرتنت‪ ،‬وبلغ متوسط الساعات اليت يقضيها األطفال من حديثي‬ ‫االستخدام لالنرتنت حوالي ‪ 2.7‬ساعة أسبوعياً‪ ،‬وأظهرت النتائج أيضاً عدم وجود فروق بني‬ ‫الوقت الذي يقضيه أفراد العينة يف األنشطة االبتكارية وحمادثات ‪ Chat‬مع أفراد العائلة‬ ‫أو األصدقاء والوقت الذي يقضونه يف استخدام االنرتنت‪ ،‬واتضح أن االنرتنت تشغل املركز‬ ‫اخلامس بني مصادر احلصول على املعرفة بني مستخدمي االنرتنت‪ ،‬كما أثبتت النتائج عدم‬ ‫وجود عالقة بني طول املدة اليت يقضيها املبحوث على االنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة‪ ،‬إىل‬ ‫جانب أن مستوى الشعور بالرضا عن احلياة بني مستخدمي االنرتنت ممن يشعرون بالوحدة‬ ‫كان أعلى من هؤالء ممن ال يستخدمون االنرتنت‪.‬‬ ‫دراسة كانا ياما (‪ )Kanayama, 2003) (30‬حول « خربة كبار السن باليابان‬ ‫ ‬ ‫باالنرتنت «‪ ،‬حيث أجريت هذه الدراسة على عينة من (‪ 200‬مفردة) من املسنني اليابانيني‬ ‫ممن هم فوق ‪ 65‬سنة‪ ،‬بلغ ‪ 60%‬من العينة من الذكور يف حني كان ‪ 40%‬من اإلناث‪،‬‬ ‫وحاولت الدراسة اإلجابة عن التساؤالت التالية ‪ :‬كيف يفصح كبار السن عن أنفسهم يف‬ ‫جمتمع واقعي وحقيقي ؟ وكيف يتفاعل هؤالء املسنني مع اآلخرين ؟ وكيف يبنون عالقات‬ ‫اجتماعية يف جمتمع واقعي من خالل االنرتنت ؟ ووجدت الدراسة أن استخدام االنرتنت يساعد‬ ‫كبار السن يف بناء عالقاتهم االجتماعية‪ ،‬خاصة عندما يعانون من الوحدة‪ ،‬كما أتاح استخدام‬ ‫االنرتنت لكبار السن أن يتعاملون مع أشخاص حقيقيني لرواية خرباتهم وذكرياتهم حيث‬ ‫أتاح هلم التعبري واإلفصاح عما بداخلهم‪.‬‬ ‫‪276‬‬

‫أيضاً دراسة نريمني حنفي (‪ )31( )2003‬حول « أثر استخدام تكنولوجيا االتصال‬ ‫ ‬ ‫احلديثة على أمناط االتصال األسري يف مصر»‪ ،‬وطبقت الدراسة على عينة من األبناء ممن‬ ‫ترتاوح أعمارهم بني ‪ 21 – 13‬سنة‪ ،‬ومل يثبت البحث تأثري استخدام األبناء لالنرتنت على‬ ‫توجيه االتصال يف األسرة حنو منط معني‪ ،‬كما مل تثبت مسئوليته عن بعض أمناط التفاعل‬ ‫السليب يف األسرة‪ ،‬وارتبط استخدام االنرتنت بالنمط النقاشي والتفاعلي يف األسرة‪ ،‬حيث‬ ‫شجع االنرتنت على حرية االتصال‪ ،‬وأسفرت النتائج عن بعض احلاالت الفردية اليت ارتبط‬ ‫لديها الشعور بالعزلة االجتماعية والوحدة باستخدام االنرتنت والتكنولوجيا احلديثة‪.‬‬ ‫كما أجرى بايم وزانج وتشنلني (‪)Baym, Zhang & Chenlin, 2004) (32‬‬ ‫ ‬ ‫حول « التفاعل االجتماعي عرب الوسائل اجلديدة «‪ :‬االتصال الشخصي على االنرتنت والتليفون‬ ‫واالتصال املواجهي‪ ،‬فقد أجرى الباحثون دراستني األوىل على عينة من (‪ 51‬مفردة) والثانية‬ ‫على عينة من (‪ 496‬مفردة) من طالب إحدى اجلامعات األمريكية‪ ،‬وحاول الباحثون اإلجابة‬ ‫عن جمموعة من األسئلة البحثية من أهمها ‪ :‬ما نسبة العالقات االجتماعية اليت حققها الطالب‬ ‫عن طريق االنرتنت مقارنة بتلك اليت حققوها من خالل االتصال املواجهي واملكاملات التليفونية‪،‬‬ ‫وهل السياق الطبيعي للتفاعل عن طريق االنرتنت خيتلف عن التفاعل عن طريق االتصال‬ ‫املواجهي واملكاملات التليفونية ؟ وجاءت نتائج الدراسة األوىل لتشري إىل أن الربيد االلكرتوني‬ ‫قد حاز على نسبة (‪ )72.7%‬من نسبة استخدام املبحوثني له يف التفاعل االجتماعي‪ ،‬يليه‬ ‫حمادثات ‪ Chat‬بنسبة (‪ )19.85%‬ثم الرسائل العاجلة عن طريق االنرتنت (‪،)7.35%‬‬ ‫وأسفرت الدراسة الثانية عن أن نسبة (‪ )85.4%‬من العينة استخدموا االنرتنت بغرض التفاعل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬يليه االتصال املواجهي بنسبة (‪ )79.3%‬ثم االتصال التليفوني بنسبة (‪،)78.9%‬‬ ‫كما أسفرت النتائج عن أن (‪ )26.5%‬يتفاعلون على االنرتنت يف وجود آخرين‪ ،‬يف حني أجاب‬ ‫(‪ )73.5%‬من العينة أنهم يتفاعلون على االنرتنت مع أشخاص يف عدم وجود آخرين‪.‬‬ ‫دراسة ريم إمساعيل عبود (‪ )33( )2004‬حول « استخدامات طالبات اجلامعة لالنرتنت‬ ‫ ‬ ‫يف مصر وسوريا من حيث الدوافع واإلشباعات املتحققة «‪ ،‬أجرى البحث على عينة من (‪)400‬‬ ‫طالبة من طالبات جامعيت القاهرة ودمشق‪ ،‬وحاولت الباحثة التعرف على دوافع الطالبات‬ ‫الستخدام االنرتنت وأسفرت الدراسة عن جمموعة من النتائج أهمها أن يف مقدمة الدوافع‬ ‫النفعية الستخدام املبحوثات لشبكة االنرتنت هو البحث عن املعلومات‪ ،‬ثم التعرض ألكثر‬ ‫من مصدر للمعلومات واإلفادة منه يف جماالت التعليم‪ ،‬ويأتي الربيد االلكرتوني يف مقدمة‬ ‫اخلدمات اليت يستفيد منها عينة البحث وأن أكثر املواقع استخداماً هي املواقع اإلخبارية يليها‬ ‫مواقع األلعاب والتسلية والرتفيه‪.‬‬ ‫‪277‬‬

‫أيضاً دراسة الروز وإيستني (‪ )La Rose and Eastin, 2004) (34‬حول « نظرية‬ ‫ ‬ ‫املعرفة االجتماعية الستخدامات االنرتنت واإلشباعات املتحققة منه حنو منوذج جديد‬ ‫للتعرض لوسائل اإلعالم «‪ ،‬أجريت هذه الدراسة على عينة قوامها (‪ )331‬مفردة منهم ‪55%‬‬ ‫من الذكور‪ 45% ،‬من اإلناث‪ ،‬افرتضت الدراسة أن اخلربة السابقة باالنرتنت ترتبط مباشرة‬ ‫بقوة العادة يف استخدامه‪ ،‬وبالكفاءة يف هذا االستخدام‪ ،‬ومت قياس الكفاءة الذاتية يف استخدام‬ ‫االنرتنت بسؤال املبحوثني عن عدد السنوات والشهور اليت انقضت على أول مرة بني استخدامهم‬ ‫لالنرتنت‪ ،‬وتوصلت الدراسة إىل وجود ارتباط إجيابي دال بني استخدام االنرتنت واملخرجات‬ ‫املتوقعة متمثلة يف قوة عادة االستخدام والقدرة على التحكم والتنظيم الذاتي يف استخدام‬ ‫االنرتنت واألنشطة الفردية واألدبية والتفاعل االجتماعي‪.‬‬ ‫كذلك يف دراسة فاليتيز (‪ )Valaitis, 2005) (35‬حول « استخدام الشباب‬ ‫ ‬ ‫للكمبيوتر واالنرتنت «‪ ،‬حاول الباحث من خالل دراسة حالة (‪ )19‬من الشباب واختبار تأثري‬ ‫استخدامهم للكمبيوتر واالنرتنت يف املشروع املدرسي لتطوير اجملتمعات‪ ،‬واستخدم أسلوب‬ ‫املالحظة وحتليل مضمون الرسائل االلكرتونية واالستبيان جلمع البيانات حول إدراك الشباب‬ ‫للتكنولوجيا احلديثة‪ ،‬وأسفرت نتائج عينة البحث عن إدراك معظم أفراد العينة أن استخدام‬ ‫الكمبيوتر واالنرتنت قد خفض من معدل القلق املرتبط باالتصال مع اآلخرين‪ ،‬وزاد من معدل‬ ‫سيطرتهم وحتكمهم يف التعامل مع البالغني‪ ،‬ورفع مستوى إدراكهم ملكانتهم االجتماعية‪ ،‬وزاد‬ ‫من مشاركتهم االجتماعية وحتسني مفهوم الذات لديهم‪.‬‬ ‫ويف دراسة نائلة عمارة (‪ )36( )2005‬حول « استخدامات الشباب لشبكة االنرتنت‬ ‫ ‬ ‫وعالقته بالتفاعل االجتماعي»‪ ،‬حاولت الباحثة دراسة مدى تأثر التفاعل االجتماعي للشباب‬ ‫يف حميط األسرة واألصدقاء يف ظل ظاهرة إدمان االنرتنت وتأثرياتها اجملتمعية‪ ،‬طبق البحث‬ ‫على عينة تبلغ (‪ )428‬مفردة مت اختيارهم من طالب جامعيت قطر وحلوان‪ ،‬وتوصلت الباحثة‬ ‫جملموعة من النتائج أهمها أن استخدام االنرتنت من جانب معظم أفراد العينة يرتكز على‬ ‫الربيد االلكرتوني والدردشة أكثر من االستخدامات األخرى‪ ،‬كما أكدت النتائج أن األفراد‬ ‫األكثر استخداماً لالنرتنت هم األكثر شعوراً بالعزلة االجتماعية (‪.)Social Isolation‬‬ ‫أيضاً دراسة رشا عبد اهلل (‪ )37( )2005‬حول « استخدام االنرتنت يف مصر والعامل‬ ‫ ‬ ‫العربي «‪ ،‬أجريت الدراسة على عينة من (‪ )502‬مفردة من الذكور واإلناث ممن يرتاوح‬ ‫أعمارهم من ‪ 58 – 18‬سنة‪ ،‬وأظهرت النتائج أن أكثر من نصف العينة يستخدمون االنرتنت‬ ‫وتفوق يف ذلك الذكور عن اإلناث‪ ،‬كما أظهرت النتائج وجود فروق بني الذكور واإلناث‬ ‫فيما يتعلق بدوافع التفاعل االجتماعي لصاحل الذكور‪ ،‬وكذلك تفوقهم على اإلناث يف الوقت‬ ‫‪278‬‬

‫املخصص لالستخدام‪ ،‬وإن كان هناك اختالف يف جماالت االستخدام حيث يقضي الذكور‬ ‫وقتاً أطول يف التصفح يف حني تقضي اإلناث معظم الوقت يف الربيد االلكرتوني‪ ،‬وكانت هناك‬ ‫عالقة ارتباطية بني اإلشباع املعنوي من استخدام االنرتنت واإلحساس بأهمية استخدامه‪ ،‬يف‬ ‫حني مل يوجد هذا االرتباط فيما يتعلق بالتعرض لالنرتنت‪.‬‬ ‫دراسة حممد بكري (‪ )38( )2006‬حول «عالقة وسائل االتصال احلديثة باالغرتاب‬ ‫ ‬ ‫االجتماعي للشباب املصري»‪ ،‬أهتم الباحث بدراسة العالقة بني تعرض الشباب اجلامعي‬ ‫لوسائل االتصال احلديثة (االنرتنت – القنوات الفضائية – اهلاتف احملمول) وبني االغرتاب‬ ‫االجتماعي لديهم مع األخذ يف االعتبار املتغريات الوسيطة مثل كثافة االستخدام واخلصائص‬ ‫الدميوجرافية‪ ،‬أجريت الدراسة على عينة من (‪ 400‬مفردة) منهم نصف العينة من الذكور‬ ‫والنصف اآلخر من اإلناث‪ ،‬وأثبتت الدراسة أن نسبة ‪ 76.8%‬من الشباب مستخدمي االنرتنت‬ ‫حيرصون على مناقشة ما يتصفحونه مع أشخاص آخرين‪ ،‬ووجد ‪ 62.7%‬من العينة أن‬ ‫االنرتنت وسيلة اتصال تغين املبحوث عن احمليطني به‪ ،‬ووجد ‪ 59.9%‬من الشباب يرون أن‬ ‫استخدام االنرتنت يعد من وسائل اهلروب من الواقع‪ ،‬كما اتضح وجود عالقة ذات داللة‬ ‫إحصائية بني استخدام الشباب لالنرتنت وبني درجة االغرتاب لعينة البحث‪.‬‬ ‫أيضاً دراسة مجال عبد العظيم (‪ )39( )2006‬حول « املتغريات املؤثرة يف معدالت‬ ‫ ‬ ‫استخدام االنرتنت يف مملكة البحرين «‪ ،‬حاول الباحث اختبار منوذج االستخدامات واإلشباعات‬ ‫من زاوية املدخالت وليس املخرجات‪ ،‬وذلك على عينة من (‪ 400‬مفردة) من الشرائح العمرية‬ ‫واملهنية واالقتصادية املختلفة‪ ،‬وأظهرت النتائج أن نصف مفردات العينة بنسبة ‪50.3%‬‬ ‫مستخدمي االنرتنت يومياً وكانت اإلناث أكثر استخداماً‪ ،‬كما اتضح أن الفئة العمرية من‬ ‫‪ 25 – 20‬سنة هم األكثر استخداماً لالنرتنت‪ ،‬وأثبتت النتائج وجود عالقة ارتباط بني إدراك‬ ‫املبحوثني لالنرتنت كبديل وظيفي لوسائل اإلعالم األخرى وبني معدالت استخدامه‪.‬‬ ‫ويف الدراسة اليت أجراها هني وآخرون (‪ )Hein et al, 2007) (40‬استهدفت الدراسة‬ ‫ ‬ ‫تفسري العالقة بني استخدام األطفال للوسائل التكنولوجية احلديثة والعوامل النفسية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار مفهوم الذات وإدراك األطفال لقبوهلم االجتماعي من جانب‬ ‫زمالئهم وإدراكهم لتفوقهم املدرسي وعالقة هذا االستخدام أيضاً بالرقابة الوالدية واملهارة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬طبقت الدراسة على عينة من (‪ 825‬مفردة) من أطفال املدارس النروجييني يف‬ ‫املرحلة العمرية من ‪ 12 – 10‬سنة‪ ،‬وأشارت النتائج إىل عدم وجود ارتباط إجيابي دال بني‬ ‫معدل استخدام االنرتنت ومعدل الشعور بالقبول االجتماعي لدى الطفل‪ ،‬أن استخدام االنرتنت‬ ‫كان أكثر بني الذكور واألقل عمراً‪.‬‬ ‫‪279‬‬

‫الدراسة اليت أجراها زهانج (‪ )Zhang, 2007) (41‬حول « العوامل النفسية املؤثرة‬ ‫ ‬ ‫على استخدام وسائل اإلعالم ‪ :‬دراسة أمناط ودوافع استخدام املهاجرين لوسائل اإلعالم‬ ‫بالوليات املتحدة‪ ،‬حيث أجرى املسح على (‪ )208‬شخص من خلفيات عرقية متنوعة منهم‬ ‫(‪ )105‬من الذكور‪ )103( ،‬من اإلناث‪ ،‬واستهدف الباحث من خالل هذه الدراسة تسليط‬ ‫الضوء على كيف وملاذا يستخدم املهاجرون وسائل اإلعالم بطرق خمتلفة بنا ًء على مدخل‬ ‫االستخدامات واإلشباعات‪ ،‬وافرتض أن املهاجر األكرب سناً هو األقل استخداماً لوسائل‬ ‫اإلعالم األمريكية واالنرتنت باللغة اإلجنليزية‪ ،‬وأنه كلما زاد مدة إقامة الشخص املهاجر‬ ‫بالواليات املتحدة كلما قل استخدامه لوسائل اإلعالم واالنرتنت باللغة العرقية وزاد احتمال‬ ‫استخدام وسائل اإلعالم األمريكية واالنرتنت باللغة اإلجنليزية كلما ارتفع املستوى التعليمي‬ ‫للمبحوث وتبلور السؤال الرئيسي للبحث يف تساؤل هو « هل تؤثر املتغريات الدميوجرافية‬ ‫والعوامل النفسية على دوافع استخدام املهاجرين لوسائل اإلعالم األمريكية واالنرتنت باللغة‬ ‫اإلجنليزية ؟ وأسفرت النتائج عن أن احلصول على األخبار وتعلم أشياء جديدة عن اجملتمع‬ ‫اجلديد املهاجر إليه يف مقدمة دوافع استخدام االنرتنت باللغة اإلجنليزية وعلى النقيض فإن‬ ‫استخدام االنرتنت باللغة العرقية (األمر) هو بقاء الصلة بينه وبني الدولة األم‪ ،‬ومل يتضح‬ ‫وجود ارتباط دال بني مستوى التعليم وأمناط استخدام املهاجر لالنرتنت سواء باإلجنليزية‬ ‫أو بلغة الدولة األصلية‪ ،‬يف حني وجد ارتباط دال بني مستوى التعليم وبعض دوافع استخدام‬ ‫االنرتنت باللغة اإلجنليزية وهي التفاعل االجتماعي‪.‬‬ ‫ويف دراسة باهك (‪ )Bahk, 2008) (42‬حول « التحليل النفسي واالجتماعي‬ ‫ ‬ ‫لالستغراق مع االنرتنت»‪ ،‬بلغت عينة البحث (‪ 234‬مفردة) من طالب اجلامعة ‪ 66%‬منهم‬ ‫اإلناث والباقي من الذكور‪ ،‬استخدم الباحث أداة االستبيان ومشل مقاييس (االستغراق مع‬ ‫االنرتنت – استخدام االنرتنت – القلق من التفاعل االجتماعي – ملكية الكمبيوتر – املتغريات‬ ‫الدميوجرافية)‪ ،‬وأسفرت نتائج البحث عن أن متوسط استخدام العينة لالنرتنت بلغ ‪85.2‬‬ ‫دقيقة يومياً‪ ،‬ومل يتضح وجود تأثري دال ملتغريات النوع (ذكور – إناث)‪ ،‬احلالة االجتماعية أو‬ ‫العرق على كثافة استخدام االنرتنت‪ ،‬كما أشارت النتائج إىل أن األعلى يف مستوى القلق من‬ ‫االتصال املواجهي مع اآلخرين‪ ،‬هم األعلى يف مستوى االندماج مع االنرتنت واألكثر اعتماداً‬ ‫عليه للتخلص من الشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫ويف دراسة فان دن وآخرون (‪ )VanDen et al, 2008) (43‬حول « االتصال على‬ ‫ ‬ ‫االنرتنت ‪ :‬استخدام االنرتنت والعوامل النفسية «‪ ،‬اخترب الباحثون العالقة بني االستخدام‬ ‫املكثف لالنرتنت والشعور باالكتئاب والوحدة النفسية لدى املراهقني‪ ،‬وأجريت دراسة طولية‬ ‫‪280‬‬

‫ملدة ‪ 6‬شهور‪ ،‬تكونت عينة البحث من (‪ )663‬طالباً منهم (‪ )318‬من الذكور و (‪ )345‬من اإلناث‬ ‫يرتاوح أعمارهم من ‪ 15 – 12‬سنة‪ ،‬وأظهرت النتائج االرتباط الدال اإلجيابي بني استخدام‬ ‫العينة املكثف لالنرتنت خالل شهور الدراسة واستخدامهم للرسائل العاجلة ‪ IM‬والدردشة‬ ‫‪ ،Chat‬كما وجد ارتباط دال بني كثافة االستخدام والشعور باالكتئاب والوحدة النفسية‬ ‫لدى أفراد العينة‪.‬‬ ‫ويف دراسة كل من سن وماثوس وكامبل ()‪Sun, Mathews & Campbells‬‬ ‫ ‬ ‫‪ ))44‬حول « استخدام االنرتنت والوحدة النفسية لدى البالغني الكبار «‪ ،‬أجرى الباحثون مسحاً‬ ‫لعينة من (‪ 222‬مفردة) من االسرتاليني فوق ‪ 55‬سنة حول استخدام االنرتنت ومدى شعورهم‬ ‫بالوحدة النفسية‪ ،‬وأسفرت النتائج عن أن الكبار البالغني يستخدمون االنرتنت بشكل أساسي‬ ‫لالتصال ووجود ارتباط سليب بني الشعور بالوحدة واحلالة الصحية‪ ،‬كما أتضح أن األكثر‬ ‫استخداماً لالنرتنت كأداة اتصال كانوا أقل شعوراً بالوحدة االجتماعية( ( ‪iSocial Lonel‬‬ ‫‪ )ness‬وعلى النقيض من ذلك فإن األكثر استخداماً لالنرتنت للبحث عن أشخاص جديدة‬ ‫هم األكثر شعور بالوحدة العاطفية (‪.)emotional loneliness‬‬ ‫أيضاً دراسة فالكنربج وبيرت (‪ )Valkenburg & Peter, 2008) (45‬حول « التفاعل‬ ‫ ‬ ‫االجتماعي على االنرتنت ومفهوم الذات «‪ ،‬أجريت هذه الدراسة على عينة من املراهقني‬ ‫اهلولنديني يف املرحلة العمرية من ‪ 17 – 10‬سنة‪ ،‬وافرتض الباحثان أن املراهقني الذين يعانون‬ ‫من الشعور بالوحدة والقلق االجتماعي غالباً ما يستخدمون االنرتنت الثبات هويتهم بدرجة‬ ‫أكثر من غريهم‪ ،‬وطرح الباحثان سؤا ً‬ ‫ال حبثياً متثل يف « إىل أي مدى ميكن أن يكون هناك‬ ‫فروق بني الذكور واإلناث « وأسفرت الدراسة عن جمموعة من النتائج أهمها أن الشعور‬ ‫بالوحدة والقلق من التفاعل االجتماعي لدى أفراد العينة كان مؤشراً إ ّ‬ ‫ال على إفصاح املراهقني‬ ‫عن ذاتهم على االنرتنت مع األشخاص اآلخرين‪ ،‬واتضح أن اإلناث أعلى يف مستوى الشعور‬ ‫بالوحدة والقلق من التفاعل االجتماعي عن الذكور‪ ،‬ومل يتضح فروق بني الذكور واإلناث يف‬ ‫إ ثبات هويتهم لآلخرين من خالل االنرتنت‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬الدراسات حول الوحدة النفسية ‪:‬‬ ‫من هذه الدراسات دراسة ني ماهون (‪ )Ne Mahon, 1982) (46‬حول « العالقة‬ ‫ ‬ ‫بني الكشف عن الذات واالعتماد الشخصي والتغيريات احلياتية والشعور بالوحدة لدى البالغني‬ ‫«‪ ،‬مت تطبيق البحث على عينة عشوائية من الطالب يف املرحلة العمرية من ‪ 25 – 18‬سنة‬ ‫الختبار درجة العالقة بني الكشف عن الذات واالعتماد الشخصي (أي الشخصية االتكالية)‬ ‫‪281‬‬

‫والتغيريات احلياتية على الشعور بالوحدة‪ ،‬صمم استبيان لقياس املتغريات إىل جانب مقياس‬ ‫‪ UCLA‬لقياس الوحدة‪ ،‬وأثبتت النتائج تأييد الفرض بوجود عالقة بني مدى الكشف عن الذات‬ ‫والشعور بالوحدة عن مستوى (‪ ،)0.05‬ووجود عالقة ارتباط إجيابي بني االعتماد (االتكالية)‬ ‫الشخصية والشعور بالوحدة أيضاً عن مستوى (‪ ،)0.05‬يف حني مل يتضح وجود عالقة ارتباطية‬ ‫دالة بني التغيريات يف احلياة والشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫ويف دراسة أخرى أجراها مور وتشيلتز (‪ )Moore & Schiltz, 1983) (47‬حول «‬ ‫ ‬ ‫الشعور بالوحدة النفسية لدى املراهقني «‪ ،‬طبق الباحث الدراسة على عينة من (‪ 100‬مفردة)‬ ‫ومشلت الدراسة عدة مقاييس (للوحدة ‪ Loneliness‬ونظم التطبع واملواجهة ‪Coping‬‬ ‫‪ Slyles‬والسمات الشخصية)‪ ،‬وأثبتت الدراسة أن هناك ارتباط إجيابي بني الوحدة واالكتئاب‬ ‫‪ Deppression‬والقلق االجتماعي ‪ Social Anxiety‬والوعي الذاتي‪ ،‬كما ارتبطت الوحدة‬ ‫سلباً لكل من الشعور بالسعادة والرضا عن احلياة‪ ،‬وأثبت البحث أن املراهقني الذين يعانون من‬ ‫الوحدة حياولون التطبع والتكيف من خالل استخدام وسائل اإلعالم املختلفة كالتليفزيون‬ ‫واالنرتنت ومساع املوسيقى‪.‬‬ ‫أيضاً يف دراسة ستشميت وكوردك (‪ )Schmitt & Kurdek, 1985) (48‬حول «‬ ‫ ‬ ‫النوع والسن وعوامل الشخصية وعالقتهم بالشعور بالوحدة «‪ ،‬ومت قياس الوحدة على ثالثة‬ ‫جمموعات من األفراد وهم (طالب جامعيني – طالبات اجلامعة – نساء من كبار السن)‪ ،‬ومت‬ ‫استخدام مقياس الوحدة والذي اشتمل على أربعة أنواع من العالقات ومقياس عدم الرضا‬ ‫حنوهم وهم (األسرة – اجملموعات الكربى – األصدقاء – الرومانسيني)‪ ،‬وأثبتت الدراسة‬ ‫داللة عالقة كل من السن والنوع بالشعور بالوحدة‪ ،‬وعبرّ ت الفتيات اجلامعيات عن شعورهن‬ ‫بالوحدة أكثر من النساء املسنات (كبار السن)‪ ،‬كما اتضح وجود نسبة عالية من عدم الرضا‬ ‫لدى النساء املسنات حنو عائالتهن والعالقات باجملموعات الكربى أكثر من الفتيات األصغر‬ ‫سناً‪ ،‬وبالنسبة للنوع عبرّ الذكور من الشباب اجلامعي عن عدم الرضا عن صداقاته وعالقاته‬ ‫العاطفية أكثر من الفتيات اجلامعيات‪ ،‬وأيّدت نتائج البحث استخدام املدخل متعدد األبعاد‬ ‫لدراسة الوحدة‪ ،‬حيث أن هناك عدة متغريات هلا تأثري على الشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫دراسة دي جونج جريفيلد (‪ )De Jong – Girveld, 1987) (49‬حول « تطوير‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫واختبار منوذج للوحدة «‪ ،‬قدمت تلك الدراسة منوذجا الختبار الشعور بالوحدة حيتوي على‬ ‫اخلصائص املتعلقة بالشبكة االجتماعية ومتغريات الشخصية واخلصائص املتعلقة بنوع‬ ‫الشخصية وأهم ما يضيفه هذا النموذج هو التأكيد على العملية املعرفية واليت تتوسط بني‬ ‫اخلصائص االجتماعية واإلحساس بالوحدة‪ ،‬بلغت عينة البحث (‪ 554‬مفردة) من النساء‬ ‫‪282‬‬

‫والرجال‪ ،‬وأضاف النموذج املقرتح مساهمة حقيقية لفهم معنى الوحدة ومن أهم مزايا هذا‬ ‫النموذج هو قدرته على توضيح كل من التأثريات املباشرة وغري املباشرة للعوامل املختلفة‬ ‫للشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫كذلك دراسة ويلسون وسيباندا (‪ )Wilson & Sibanda, 1989) (50‬حول «‬ ‫ ‬ ‫الوحدة النفسية بني الذكور املراهقني من البيض والسود «‪ ،‬حاولت هذه الدراسة اختبار‬ ‫العالقة بني الشخصية والوحدة وذلك على عينة من (‪ 71‬مفردة) من السود‪ 80( ،‬مفردة) من‬ ‫البيض من الذكور املراهقني ممن ترتاوح أعمارهم من ‪ 18 – 14‬سنة‪ ،‬وأثبتت الدراسة أن‬ ‫الوحدة بني السود قد ارتبطت بالشخصية االنبساطية‪ ،‬يف حني ارتبطت الوحدة بني البيض بكل‬ ‫من الشخصية االنبساطية واالنطوائية على السواء‪.‬‬ ‫ويف دراسة أجراها كل من ورد وسريل‪ )Word & Searle, 1991) 51‬افرتض‬ ‫ ‬ ‫الباحثان أن هناك عوامل نفسية واجتماعية تؤثر يف عملية الضبط أثناء مرحلة االنتقال الثقايف‪،‬‬ ‫بلغت عينة البحث (‪ )155‬من طالب اجلامعات من ‪ 42‬دولة ممن يعيشون يف نيوزالند ميثلون‬ ‫االختالفات املزاجية والنفسية (البعد النفسي ‪ )Psychological‬والصعوبات االجتماعية‬ ‫(البعد االجتماعي الثقايف ‪ )Sociacultional‬يف عالقتيهما بكل من املعرفة واالجتاه حنو‬ ‫الثقافات اجلديدة والشخصية االنبساطية والشعور بالوحدة‪ ،‬وأشارت النتائج إىل وجود ارتباط‬ ‫بني الشعور بالوحدة والبعد الثقايف عن اآلخرين‪ ،‬وأشارت أيضاً إىل أن اهلوية الثقافية واملعرفة‬ ‫كانت من املؤشرات الدالة على الصعوبات االجتماعية والوحدة النفسية‪.‬‬ ‫ويف دراسة كل من ماهون ويارتشسكي (‪)Mahon & Yarcheski, 1992) (52‬‬ ‫ ‬ ‫حاول الباحثان اختبار النظرية املوقفية( (‪ )Situational Theory‬ونظرية السمات ( ‪rCha‬‬ ‫‪ )acters Ligralthiory‬لتفسري الشعور بالوحدة وذلك على عينة من (‪ 113‬مفردة) مرحلة‬ ‫املراهقة املبكرة و(‪ 106‬مفردة) مرحلة املراهقة الوسطى‪ 106( ،‬مفردة) أخرى يف مرحلة‬ ‫املراهقة املتأخرة‪ ،‬واستخدم الباحثان مقياس ‪ UCLA‬لقياس الوحدة‪ ،‬وأجاب املبحوثون عن‬ ‫بعض األسئلة اليت متثل السمات الشخصية وأخرى تعرب عن ردود الفعل جتاه بعض املواقف‪،‬‬ ‫واستخدم الباحثان نظام التحليل اهلرمي‪ ،‬وأثبتت النتائج بالنسبة للمبحوثني مبرحلة املراهقة‬ ‫املبكرة ارتباط املتغريات اخلاصة بالشخصية مبتغري الشعور بالوحدة ي حني كانت املتغريات‬ ‫املوقفية أكثر ارتباطاً بالوحدة لدى املبحوثني مبرحليت املراهقة الوسطى واملتأخرة‪.‬‬ ‫ويف دراسة لكل من ريف وكيز (‪ )Ryff & Keyes, 1995) (53‬مت اختبار املدخل‬ ‫ ‬ ‫النظري للحالة النفسية ‪ Psychological Well-Being‬والذي حيتوي على ستة أبعاد‬ ‫‪283‬‬

‫وهي (االستقاللية ‪ -Autonomy‬حسن البيئة ‪ Environmental Mates‬ومنو الشخصية‬ ‫‪ – Personal Growth‬العالقات اإلجبابية مع اآلخرين ‪Positive Relations with‬‬ ‫‪ – others‬اهلدف من احلياة ‪ – Purpose in Life‬قبول الذات ‪ ،Self-Acceptance‬ومت‬ ‫اختبار تلك املتغريات من خالل عينة ممثلة على املستوى القومي بلغت (‪ 1108‬مفردة) ترتاوح‬ ‫أعمارهم من ‪ 25‬سنة فأكثر ومت إجراء االستبيان من خالل التليفون‪ ،‬واتضح وجود تأثري لكل‬ ‫من النوع والسن على الفروق يف مستوى احلالة النفسية والشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫دراسة مارتن وبون (‪ )Martin & Poon, 1997) (54‬استهدفت هذه الدراسة تقييم‬ ‫ ‬ ‫مؤشرات الوحدة لعينة من دولتني وهما الواليات املتحدة األمريكية والسويد‪ ،‬وافرتضت أن‬ ‫املعرف ة ‪ Cognitiion‬والشخصية ‪ Personality‬والتأييد االجتماعي ‪pSocial su‬‬ ‫‪ port‬والصحة اجلسمانية ‪ Physical Health‬ميكن أن تنبىء بالوحدة‪ ،‬وأشارت النتائج‬ ‫أن الشخصية والتأييد االجتماعي والصحة البدنية كانت من املؤشرات الدالة على الشعور‬ ‫بالوحدة لدى عينة البحث بالواليات املتحدة‪ ،‬بينما كانت املعرفة والتأييد االجتماعي املؤشرات‬ ‫األقوى بني عينة السويديني‪ ،‬وكان التأييد االجتماعي من املؤشرات السلبية أي من املتغريات‬ ‫اليت ارتبطت سلباً بالوحدة النفسية لدى عينة البحث بالواليات املتحدة‪ ،‬يف حني ارتبط نفس‬ ‫املتغري إجيابياً بالشعور بالوحدة لدى عنة البحث بالسويد‪.‬‬ ‫أيضاً دراسة هاوكلي وبراون وكاكيوبو( ( ‪pHowkley, Browne & Cacio‬‬ ‫ ‬ ‫‪ )po, 2005) (55‬حيث أجرى الباحثون دراستني الختبار التمثيل العقلي للوحدة النفسية‪،‬‬ ‫أجريت الدراسة األوىل على عينة مكونة من (‪ 2531‬مفردة) من البالغني من صغار السن من‬ ‫طالب جامعة أهيو ‪ ،Ohio‬ومت استخدام مقياس الوحدة (‪ ،)R – UCLA‬وأشارت النتائج‬ ‫إىل أن التمثيل العقلي للوحدة ينشأ من ثالثة أبعاد اجتماعية مرتبطة ولكنها خمتلفة وهي‬ ‫العزلة ‪ ،Isolation‬االتصال التفاعلي ‪ Interactive Contact‬واالتصال اجلمعي ‪Group‬‬ ‫‪ ،– Comminication‬أما الدراسة الثانية فقد أجريت على عينة من البالغني األكرب‬ ‫سناً‪ ،‬واستهدفت اختبار مدى مالءمة األبعاد الفعلي للوحدة على عينة من (‪ 229‬مفردة) من‬ ‫األمريكيني‪ ،‬األفريقيني والقوقازيني ممن ترتاوح أعمارهم من ‪ 68 – 50‬سنة‪ ،‬وأشارت النتائج‬ ‫إىل أن هناك ارتباط إجيابي بني الشعور بالوحدة والعزلة االجتماعية وعدم الرضا االجتماعي‬ ‫على املستوى الشخصي‪ ،‬كما أشارت النتائج إىل أن األشخاص املتزوجني أقل شعوراً بالوحدة‬ ‫والعزلة عن غريهم ممن يعيشون مبفردهم‪ ،‬وأثبتت الدراسة أن الشعور بالوحدة والعزلة يزداد‬ ‫مع زيادة العمر الزمين وغري املتزوجني‪.‬‬ ‫‪284‬‬

‫دراسة خالد عبد الغين ولطيفة النعيمي (‪ )56( )2008‬حول « القلق والشعور‬ ‫ ‬ ‫بالوحدة النفسية لدى املراهقني من اجلنسني «‪ ،‬استهدف الباحثان معرفة نسبة انتشار القلق‬ ‫والشعور بالوحدة النفسية وشدتهما ودور الفروق الثقافية واحلضارية يف اجملتمعني املصري‬ ‫والقطري من خالل عينة من (‪ 130‬مفردة) ‪ 78‬من املصريني‪ 52 ،‬من القطريني‪ ،‬ممن ترتاوح‬ ‫أعمارهم من ‪ 18 – 15‬سنة‪ ،‬وأظهر البحث وجود فروق ذات داللة إحصائية يف الشعور بالوحدة‬ ‫النفسية بني اجلنسني بالعينة القطرية لصاحل الذكور‪ ،‬يف حني مل يتضح تلك الفروق بني‬ ‫الذكور واإلناث من املصريني‪ ،‬واتضح أن هناك فروقاً دالة يف الشعور بالوحدة النفسية لصاحل‬ ‫عينة املراهقني القطريني باملقارنة بعينة املراهقني املصريني‪ ،‬يف حني مل يوجد تلك الفروق بني‬ ‫املراهقات القطريات واملصريات‪.‬‬ ‫كذلك الدراسات اخلمسة اليت أجراها زامور (‪ )Zammuner, 2008) (57‬حول‬ ‫ ‬ ‫« الوحدة العاطفية واالجتماعية لدى اإليطاليني‪ ،‬استهدفت هذه الدراسات اخلمسة اختبار‬ ‫مقياس متطور لقياس ما إذا كانت الوحدة أحادية البعد ‪ ،Unidimentional‬وهي ما يسمى‬ ‫(‪ )General loneliness‬أو ثنائية البعد (‪ ،)Bidirectional‬وهي اليت متيز بني الوحدة‬ ‫االجتماعية والوحدة العاطفية‪ ،‬وتضمن استبيان الوحدة عنصرين مفردين للمزاج ‪Mood‬‬ ‫والتفاعل االجتماعي ‪ Social Contact‬وعدد من املتغريات الدميوجرافية اخلاصة باملبحوث‪،‬‬ ‫ومت اختبار الوحدة مبقياس يتضمن العنصرين‪ ،‬الوحدة االجتماعية ‪Social Loneliness‬‬ ‫والوحدة العاطفية ‪ ،Emotional Loneliness‬ذلك على عينة من (‪ 59‬مفردة) بالدراسة‬ ‫األوىل و (‪ 143‬مفردة) بالدراسة الثانية‪ ،‬أما الثالثة فكانت على عينة قومية من (‪9067‬‬ ‫مفردة) م اإليطاليني ترتاوح أعمارهم من ‪ 70 – 12‬سنة‪ ،‬وأكدت النتائج مصداقية مقياس‬ ‫الوحدة بعنصريه العاطفي واالجتماعي‪ ،‬وأظهرت أن هناك عالقة ارتباطية قوية بني البعدين‪،‬‬ ‫كما أشارت النتائج أيضاً إىل وجود ارتباط دال بني الوحدة وكل من السن والنوع واملستوى‬ ‫التعليمي واملزاج الشخصي واالتصال االجتماعي‪.‬‬

‫تعقيب على الدراسات السابقة ‪:‬‬ ‫مبراجعة الدراسات السابقة اتضح ما يلي ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬رغم كثرة الدراسات حول االنرتنت مل جتد الباحثة أي دراسة عربية تناولت بشكل مباشر‬ ‫العالقة بني الشعور بالوحدة النفسية واستخدام االنرتنت‪ ،‬يف حني اهتمت العديد من الدراسات‬ ‫باستخدامات االنرتنت وجماالت استخدامه واهتم البعض منها بدراسة دوافع استخدام االنرتنت‬ ‫وإشباعاته‪ ،‬يف حني اهتم القليل من الدراسات العربية اختبار تأثري استخدام االنرتنت على ‬ ‫‪285‬‬

‫ ‬

‫التفاعل االجتماعي والتفكك األسري وأغفلت اجلوانب النفسية املؤثرة يف هذا االستخدام‪.‬‬

‫ ‬ ‫‪2 .2‬اهتمت الغالبية العظمى من الدراسات السابقة بدراسة تأثري املتغريات‬ ‫ ‬ ‫ الدميوجرافية املختلفة على استخدام االنرتنت كالنوع والسن والتعليم واملناطق‬ ‫ اجلغرافية وامنالك الكمبيوتر‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪3 .3‬اهتمت الدراسات السابقة حول الوحدة النفسية بربط متغري الوحدة بعدة متغريات‬ ‫ اجتماعية كالتغري واالنتقال الثقايف واهلجرة واحلالة االجتماعية ومستوى التعليم ‬ ‫ والنوع وربطه ببعض املتغريات النفسية كالقلق واالكتئاب واالستغراق ومفهوم الذات ‬ ‫ ونوع الشخصية (انبساطية – انطوائية) واسرتاتيجيات املواجهة‪.‬‬ ‫واستفادت الباحثة من الدراسات السابقة يف صياغة مشكلة البحث والفروض والتعرف على‬ ‫املقاييس املختلفة للوحدة مما أفاد يف استخدام املقياس املالئم لطبيعة عينة البحث‪.‬‬

‫مشكلة البحث ‪:‬‬ ‫أجرى كثري من الباحثني دراسات الختبار العالقة بني استخدام االنرتنت والشعور‬ ‫ ‬ ‫بالوحدة النفسية‪ ،‬وقارنت نتائج تلك الدراسات بني منوذجني ‪ :‬األول‪ .‬هو منوذج كروت وزمالؤه‬ ‫(‪ )Kraut, et al, 1998) (58‬والذي يقوم على أساس ان استخدام االنرتنت يؤدي إىل الشعور‬ ‫بالوحدة والعزلة االجتماعية‪ ،‬والثاني ‪ :‬منوذج بديل يقوم على أساس أن األفراد الذين يعانون‬ ‫بالفعل من الشعور بالوحدة يستخدمون االنرتنت بشكل أكثر كثافة من اآلخرين‪.‬‬ ‫وقد الحظت الباحثة تركيز الباحثني اإلعالميني على النموذج األول‪ ،‬فقد اهتمت‬ ‫ ‬ ‫الدراسات السابقة – خاصة العربية منها – بدراسة تأثري استخدام االنرتنت على العزلة‬ ‫االجتماعية واالنعزال والتفكك األسري‪ ،‬ومل تتطرق تلك الدراسات إىل العوامل النفسية‬ ‫واالجتماعية اليت تؤثر على هذا االستخدام‪ ،‬فقد اعتربت تلك الدراسات استخدام االنرتنت‬ ‫متغرياً مستق ً‬ ‫ال‪ ،‬يف حني اهتمت الدراسة احلالية باختبار استخدام االنرتنت كمتغري تابع‬ ‫للشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬ومن هنا متثلت مشكلة البحث احلالي يف دراسة « استخدام االنرتنت‬ ‫وعالقته بالوحدة النفسية وبعض العوامل الشخصية لدى عينة من اجلمهور بدولة قطر «‪.‬‬

‫‪286‬‬

‫أهمية الدراسة ‪:‬‬

‫‪1 .1‬أن تلك الدراسة تعد من أوىل الدراسات العربية اليت ربطت بني استخدام االنرتنت والوحدة‬ ‫النفسية‪.‬‬ ‫‪2 .2‬أهمية دراسة الوحدة النفسية باعتبارها إحدى املشكالت اهلامة واليت تعد نقطة بداية‬ ‫لكثري من املشكالت اليت يشكو منها اإلنسان املعاصر‪ ،‬ومتثل عائقاً أمام اندماج الفرد يف األنشطة‬ ‫االجتماعية اليت تتيح التواصل والتفاعل مع اآلخرين‪.‬‬ ‫‪3 .3‬تناولت الدراسة وسيلة من وسائل اإلعالم اجلديد (االنرتنت) هلا من احلداثة واملميزات‬ ‫التفاعلية واالتصالية ما تنفرد به عن غريها من وسائل االتصال األخرى‪.‬‬ ‫‪4 .4‬تعطي الدراسة مؤشراً لواقع استخدام شبكة االنرتنت وحتديد العوامل النفسية والشخصية‬ ‫املؤثرة يف هذا االستخدام‪.‬‬

‫أهداف الدراسة ‪:‬‬

‫استهدفت الدراسة احلالية ما يلي ‪:‬‬

‫ ‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪1‬التعرف على كثافة استخدام عينة البحث لالنرتنت ودوافع استخدامه‪.‬‬ ‫‪2‬معرفة مستوى شعور أفراد العينة للوحدة النفسية‪.‬‬ ‫‪3‬حتديد العالقة بني الوحدة النفسية واستخدام االنرتنت‪.‬‬ ‫‪4‬التوصل إىل معرفة العالقة بني مستوى استغراق املبحوث مع االنرتنت بأبعاده (االعتماد ‬ ‫– االندماج – املتعة) ومستوى الشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫‪5‬التعرف على جماالت استخدام العينة لالنرتنت وأهم املواقع االلكرتونية اليت تستخدمها‪.‬‬

‫فروض الدراسة ‪:‬‬

‫تسعى الدراسة الختبار الفروض التالية ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫ ‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪1‬يوجد ارتباط دال بني مستوى الشعور بالوحدة وكثافة استخدام العينة لالنرتنت‪.‬‬ ‫‪2‬ختتلف كل من كثافة استخدام العينة لالنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة وفقاً‬ ‫للمتغريات التالية ‪:‬‬ ‫‪3‬خيتلف مستوى الشعور بالوحدة بني أفراد العينة وفقاً للمتغريات التالية ‪:‬‬ ‫‪1‬النوع (ذكور – إناث)‪.‬‬

‫ ‬

‫‪287‬‬

‫ ‬

‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬

‫ ‬

‫‪.7‬‬

‫‪2‬مستوى التعليم‪.‬‬ ‫‪3‬سن املبحوث‪.‬‬ ‫‪4‬احلالة االجتماعية (متزوج ‪ /‬أعزب ‪ /‬أرمل أو مطلق)‪.‬‬ ‫‪5‬اإلقامة واالغرتاب عن الوطن (مواطنني قطريني – مغرتبني مقيمني)‪.‬‬ ‫‪6‬توجد عالقة ارتباطية دالة بني مستوى الشعور بالوحدة ومستوى االستغراق مع االنرتنت ‬ ‫وكل بُعد من أبعاده الثالثة (االعتماد – االندماج – املتعة)‪.‬‬ ‫‪7‬توجد عالقة ارتباطية دالة بني مستوى الشعور بالوحدة والدوافع النفعية والطقوسية ‬ ‫الستخدام االنرتنت‪.‬‬

‫اإلجراءات المنهجية للدراسة ‪( :‬نوع الدراسة والمنهج) ‪:‬‬ ‫تنتمي الدراسة إىل حقل الدراسات الوصفية واعتمدت على منهج املسح ‪Survey‬‬ ‫ ‬ ‫ويف إطار هذا املنهج مت االعتماد على أسلوب املسح بالعينة وذلك لصعوبة إجراء مسح شامل‬ ‫جلميع مفردات جمتمع الدراسة‪.‬‬

‫جمتمع الدراسة والعينة ‪:‬‬ ‫مت تطبيق الدراسة بدولة قطر كمجتمع للبحث ومت سحب عينة عشوائية قوامها‬ ‫ ‬ ‫(‪ 317‬مفردة) من املستخدمني لالنرتنت وممن ترتاوح أعمارهم من ‪ – 15‬أكثر من ‪ 60‬سنة‬ ‫من الذكور واإلناث ومن القطريني وغري القطريني‪.‬‬

‫أدوات جمع البيانات ‪:‬‬ ‫مت مجع بيانات الدراسة باستخدام استمارة استبيان مقننة حتتوي على عدة مقاييس‬ ‫ ‬ ‫لقياس متغريات الدراسة‪.‬‬

‫قياس املتغريات ‪:‬‬ ‫• •كثافة استخدام االنرتنت ‪Internet Use‬‬ ‫مت قياس هذا املتغري من خالل ثالثة أسئلة حول درجة االستخدام وعدد أيام‬ ‫ ‬ ‫االستخدام باألسبوع وعدد الساعات اليومية يف االستخدام‪ ،‬وبلغ إمجالي درجات املقياس ‪12‬‬ ‫درجة وجاء متوسط درجات العينة على املقياس (‪ )10.17‬واحنراف معياري (‪.)2.33‬‬

‫‪288‬‬

‫• •دوافع استخدام االنرتنت ‪Motives‬‬

‫مت قياسها من خالل (‪ )12‬عبارة بدائل إجاباتها بدرجة كبرية – إىل حد ما – ال‬ ‫ ‬ ‫منهم (‪ 6‬عبارات) للدوافع الطقوسية بإمجالي درجات (‪ 18‬درجة) مبتوسط درجات (‪)12.35‬‬ ‫واحنراف معياري (‪ )2.35‬و (‪ 6‬عبارات) للدوافع النفعية بإمجالي درجات (‪ 18‬درجة) مبتوسط‬ ‫درجات (‪ )11.02‬واحنراف معياري (‪.)2.68‬‬

‫• •مقياس االستغراق ‪: Involvment‬‬

‫يشمل املقياس (‪ 9‬عبارات) بدائل أجاباتها (بدرجة كبرية – إىل حد ما – ال)‪ ،‬تضمني‬ ‫ ‬ ‫املقياس ثالثة أبعالد وهي االعتما د ‪ Reliance‬واالندماج ‪ Immersion‬واملتعة ‪yEnjo‬‬ ‫‪ ، ment‬ومت قياس كل بعد بثالث عبارات‪ ،‬يبلغ إمجالي درجات املقياس ككل (‪ 27‬درجة)‪،‬‬ ‫وجاء متوسط درجات العينة على املقياس بأبعاده الثالثة (‪ )18.35‬واحنراف معياري (‪.)3.98‬‬

‫• •مقياس الوحدة النفسية ‪: Loneliness‬‬

‫مت استخدام مقياس كاليفورنيا لوس اجنلوس للشعور بالوحدة النفسية ()‪UCLA‬‬ ‫ ‬ ‫‪ University of California Los Anglos Scalee‬والذي نشره رسيل وآخرون (‪Ru s‬‬ ‫‪ )sell et al, 1982) (59‬ويصف افتقار الرفقة والعالقات احلميمة مع اآلخرين‪ ،‬واعتمدت‬ ‫الباحثة على النسخة املطورة ملقياس رسيل (‪ )Russell, 1996) (60‬لقياس الشعور بالوحدة‬ ‫النفسية وقامت برتمجة عبارات املقياس إىل العربية بأكرب قدر من احلياد واملوضوعية‪.‬‬ ‫يتكون املقياس يف صورته النهائية من (‪ 20‬عبارة) مت صياغتها ليجيب عنها املبحوث‬ ‫ ‬ ‫بأربعة بدائل هي أبداً‪ ،‬نادراً‪ ،‬أحياناً‪ ،‬دائماً‪ ،‬مع ختصص التقديرات (‪ )4 ،3 ،2 ،1‬للعبارات اليت‬ ‫تأخذ االجتاه اإلجيابي باملقياس‪ ،‬أما العبارات اليت تأخذ االجتاه السليب فتم تصحيحها يف‬ ‫االجتاه العكسي (‪ ،)1 ،2 ،3 ،4‬بلغت الدرجة الكلية للمقياس (‪ 80‬درجة)‪ ،‬جاء متوسط درجات‬ ‫املبحوثني (‪ )43.27‬واحنراف معياري (‪.)8.31‬‬

‫المتغيرات الديموجرافية ‪:‬‬ ‫وتشمل متغري النوع (ذكور – إناث) والعمر الزمين للمبحوث‪ ،‬وتراوحت الفئات‬ ‫ ‬ ‫العمرية (من ‪ – 15‬أقل من ‪ 25‬سنة)‪ ،‬من (‪ – 25‬أقل من ‪ 35‬سنة)‪ – 35( ،‬أقل من ‪ 45‬سنة)‬ ‫(‪ – 45‬أقل من ‪ 60‬سنة) (‪ – 60‬فأكثر)‪ ،‬كما مشلت متغري مستوى التعليم ومت تقسيمها إىل‬ ‫ثالثة فئات (أقل من املتوسط – تعليم متوسط – تعليم جامعي‪ /‬فوق اجلامعي)‪.‬‬ ‫كما مشل االستبيان جمموعة أخرى من األسئلة للتعرف على جماالت استخدام‬ ‫ ‬ ‫‪289‬‬

‫االنرتنت واملواقع االلكرتونية املفضلة لدى عينة البحث‪.‬‬

‫صدق وثبات االستبيان ‪:‬‬ ‫لقياس الصدق مت عرض االستبيان قبل تطبيقه على عينة من احملكمني من أساتذة‬ ‫ ‬ ‫اإلعالم وعلم النفس وعلم االجتماع جبامعة قطر لتحكيم املقاييس ولقياس الثبات ثم إعادة‬ ‫تطبيق االستبيان على (‪ 32‬مفردة) لتمثل حوالي ‪ 10%‬من عينة البحث وذلك بعد أسبوعني‬ ‫من التطبيق األول‪ ،‬وجاءت نسبة الثبات (‪.)0.88‬‬ ‫ ‬ ‫بالدراسة‪.‬‬

‫‪290‬‬

‫وفيما يلي جدول يوضح خصائص العينة وتوزيعها وفقاً للمتغريات اليت مت قياسها‬

‫املعاجلة اإلحصائية للبيانات ‪:‬‬ ‫مت إجراء التحليل اإلحصائي لبيانات الدراسة من خالل الربنامج اإلحصائي ‪SPSS‬‬ ‫ ‬ ‫ومت استخدام االختبارات والتحليالت اإلحصائية التالية ‪ :‬معامل ارتباط بريسون الختبار‬ ‫العالقة بني املتغريات‪ ،‬واختبار (ت) لداللة الفروق بني املتوسطات وحتليل التباين أحادي‬ ‫االجتاه ‪ ،ANOVA‬واختبار توكي ‪ Tukey‬للمقارنات املتعددة حلساب مصدر الفروق‬ ‫بني اجملموعات واستخدام اجلداول املزدوجة‪ ،‬إىل جانب حساب التكرارات والنسب واملتوسطات‬ ‫واالحنرافات املعيارية للمتغريات املختلفة‪.‬‬

‫نتائج الدراسة ومناقشتها ‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال ‪ :‬النتائج العامة للدراسة ‪:‬‬

‫‪1 .1‬استخدام العينة لالنرتنت ‪:‬‬

‫تشري نتائج الدراسة إىل أن نسبة عالية تصل إىل (‪ )69.1%‬تستخدم االنرتنت غالباً‪ ،‬ويستخدمه‬ ‫أحياناً (‪ )21.8%‬من العينة‪ ،‬يف حني نادراً ما يستخدم االنرتنت نسبة (‪ )9.1%‬فقط وهي نسبة‬ ‫ضئيلة إذا ما قورنت مبن يستخدمون بشكل مكثف بالعينة‪.‬‬ ‫ يستخدم أكثر من نصف العينة بنسبة (‪ )55.5%‬تستخدم االنرتنت يومياً أي كل أيام‬‫األسبوع وتستخدمه من (‪ 4 – 3‬أيام) أسبوعياً نسبة (‪ ،)22.4%‬ويستخدمه من يومني إىل ثالث‬ ‫أيام نسبة (‪ ،)17.4%‬يف حني تضاءلت نسبة الذين يستخدمونه يوم واحد فقط إىل (‪)4.7%‬‬ ‫فقط من أفراد العينة‪.‬‬ ‫ وبسؤال املبحوثني عن عدد الساعات اليت يقضونها أمام االنرتنت أشارت نسبة (‪)34.1%‬‬‫أنهم يستخدمون لفرتة ترتاوح بني ساعتني وثالث ساعات‪ ،‬يليها نسبة (‪ )27.1%‬يقضون من‬ ‫ثالث ساعات إىل أربع ساعات أمام االنرتنت‪ ،‬وجاءت نسبة تصل إىل ربع حجم العينة تستخدم‬ ‫االنرتنت بكثافة عالية تصل (‪ ،)25.6%‬أشارت إىل أنها تقضي أكثر من أربع ساعات أمام‬ ‫االنرتنت‪ ،‬يف حني جاءت نسبة (‪ )13.2%‬فقط تستخدم االنرتنت حلوالي ساعة يومياً‪.‬‬ ‫ بتصنيف العينة إىل ثالثة مستويات يف كثافة استخدام االنرتنت‪ ،‬اشارت النتائج إىل ارتفاع‬‫معدل استخدام االنرتنت بني افراد العينة‪ ،‬حيث جاءت نسبة كثيفوا االستخدام (‪ )57.1%‬من‬ ‫العينة ومتوسطو االستخدام (‪ ،)33.8%‬يف مقابل نسبة ضئيلة بلغت (‪ )9.1%‬فقط من العينة‬ ‫قليلوا االستخدام لالنرتنت‪.‬‬ ‫ وميكـن تـفسـري ارتفـاع معـدل استخـدام االنرتنـت بيـن أفــراد العينة مبا ذكره كل من كاياني‬‫ويلسما (‪ )Kayany & Yelsma, 2000) (61‬من أن االنرتنت تتميز مبيزتني أساسيتني هما‬ ‫‪291‬‬

‫‪ :‬أنها وسيلة جيدة للرتفيه واملعلومات تتشابه مع الوسائل التقليدية مثل التليفزيون والراديو‬ ‫والوسائل املطبوعة‪ ،‬كما أنها متثل قنوات للتفاعل ذي االجتاهني الذي ينافس احملادثات‬ ‫اهلاتفية من حيث قدرتها على االستعانة باملؤثرات واالتصال غري املتزامن‪.‬‬ ‫ تتفق هذه النتيجة مع نتائج كل من دراسة جاكسون وآخرون (‪)Jackson et al, 2000‬‬‫حول األطفال واستخدام االنرتنت‪ ،‬واملسح الذي أجرى بالصني حول استخدام وتأثري االنرتنت‬ ‫(‪ )2003‬حيث بلغ متوسط الساعات اليت يقضيها حديثو االستخدام لالنرتنت حوالي ‪2.7‬‬ ‫ساعة أسبوعياً‪ ،‬ودراسة مجال عبد العظيم (‪ )2006‬حيث أظهرت النتائج أن نصف مفردات‬ ‫العينة بنسبة (‪ )50.3%‬تستخدم االنرتنت يف العربية‪ ،‬كما تتفق مع دراسة طارق الصعيدي‬ ‫ومجال القويري (‪ )2007‬حيث أتضح ارتفاع معدل استخدام االنرتنت بشكل عام لدى الشباب‬ ‫اجلامعي‪ ،‬ودراسة باهك (‪ )Bahk, 2008‬حيث أسفرت نتائج البحث عن أن أفراد العينة‬ ‫يستخدمون االنرتنت مبتوسط ‪ 85.2‬دقيقة يومياً‪.‬‬

‫‪2 .2‬دوافع استخدام االنرتنت ‪:‬‬

‫باستعراض دوافع استخدام االنرتنت مت تقسيمها إىل دوافع طقوسية وأخرى نفعية‬ ‫ ‬ ‫وجاءت النتائج على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪ : 1/2‬الدوافع الطقوسية الستخدام االنرتنت ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اجلدول التالي يوضح توزيع العينة وفقا للدوافع الطقوسية لالستخدام والتعرض‬ ‫ ‬ ‫لالنرتنت‪.‬‬

‫تشري بيانات اجلدول إىل ارتفاع معدل الذين يستخدمون االنرتنت « شغل وقت‬ ‫ ‬ ‫الفراغ « على حد ما بنسبة (‪ )37.2%‬وبدرجة كبرية بنسبة (‪ )36.9%‬يليه دافع الشعور باملرح‬ ‫والتفاؤل بنسبة (‪ )47%‬إىل حد ما وبدرجة كبرية (‪ )37.5%‬يليه إىل حد ما نسيان اهلموم‬ ‫واملشكالت حيث جاء بنسبة (‪ ،)43.2%‬يليه الشعور بالوحدة (‪ ،)39.1%‬ثم البحث عن الصحبة‬ ‫بنسبة (‪.)36.3%‬‬ ‫‪292‬‬

‫‪ : 2/2‬الدوافع النفعية الستخدام االنرتنت ‪:‬‬ ‫أسفرت النتائج العامة للدراسة عن جمموعة من الدوافع النفعية الستخدام االنرتنت‬ ‫ ‬ ‫كما يوضحها اجلدول التالي ‪:‬‬

‫ ارتفعت نسبة الذين يستخدمون االنرتنت بدرجة كبرية بدافع اكتساب املعرفة يف اجملاالت‬‫إىل (‪ )67.2%‬من إمجالي العينة‪ ،‬يليهما إىل حد ما (‪ )45.7%‬دافع « التواصل مع اآلخرين « ‪،‬‬ ‫ثم دافع « التعامل مع الناس « يليه بنسبة (‪ )45.4%‬إىل حد ما «مناقشة بعض األمور من خالل‬ ‫املنتديات والشات « بنسبة (‪ )43.2%‬وارتفع معدل رفض دافع «اكتساب صداقات من االنرتنت‬ ‫« من جانب أكثر من نصف العينة بنسبة (‪ ،)57.7%‬وترى الباحثة أن ارتفاع هذه النسبة‬ ‫يرجع إىل حتفظ الكثري من أفراد العينة خاصة يف جمتمع له طبيعته املتحفظة كاجملتمع‬ ‫القطري‪.‬‬

‫‪3 .3‬جماالت استخدام االنرتنت ‪:‬‬

‫‪293‬‬

‫ ‬ ‫التالي ‪:‬‬

‫تعددت جماالت استخدام العينة لالنرتنت وجاءت النتائج كما يوضحها اجلدول‬

‫باستعراض جماالت استخدام العينة لالنرتنت أشارت النتائج املوضحة باجلدول‬ ‫ ‬ ‫أعاله أن نسبة عالية من العينة بلغت (‪ )71%‬تستخدم االنرتنت بدرجة كبرية يف الربيد‬ ‫االلكرتوني‪ ،‬يليه « نقل امللفات « (‪ )54.3%‬ثم « حتميل الدروس أو الرباع «‪ ،‬يليها إىل حد ما‬ ‫استخدامه يف « التواصل مع األهل واألصدقاء عن طريق اهلاتف‪ ،‬والرسائل العاجلة بنسبة‬ ‫(‪ ،)41.6%‬ثم االستماع إىل األغاني ومشاهدة األفالم بنسبة (‪ ،)40.4%‬وجاءت املشاركة‬ ‫يف املنتديات احلوارية بنسبة (‪ .)39.1%‬ويتضح من بيانات اجلدول السابق أن عدد اإلناث قد‬ ‫تفوقن على الذكور يف اجملاالت املشار إليها‪.‬‬ ‫تتفق هذه النتيجة مع ما أشارت له دراسة جاكسون وآخرون (‪Jackson et al,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ )2000‬حيث أثبتت الدراسة أن األطفال عينة البحث يستخدمون الربيد االلكرتوني أسبوعيا‪ً،‬‬ ‫‪ 25%‬منهم يستخدم الرسائل العاجلة ويشاركون يف أنشطة الشات‪ ،‬كما تتفق مع دراسة‬ ‫نائلة عمارة (‪ )2005‬حيث أشار معظم أفراد العينة من طالب اجلامعة أن استخدامهم‬ ‫لالنرتنت يرتكز على الربيد االلكرتوني أكثر من االستخدامات األخرى‪ ،‬ودراسة رشا عبد‬ ‫اهلل (‪ )2005‬حيث وجدت أن اإلناث تقضي معظم الوقت يف الربيد االلكرتوني‪.‬‬

‫‪4 .4‬املواقع االلكرتونية املفضلة ألفراد العينة ‪:‬‬

‫بسؤال عينة الدراسة حول أهم املواقع اليت يزورونها عرب االنرتنت‪ ،‬جاءت النتائج‬ ‫ ‬ ‫كما هي موضحة باجلدول التالي ‪:‬‬

‫من استعراض بيانات اجلدول يتضح ارتفاع نسبة العينة الذين يستخدمون إىل‬ ‫ ‬ ‫حد ما املواقع االلكرتونية الدينية والفقهية (‪ )51.7%‬يليها املواقع الثقافية والتعليمية‬ ‫‪294‬‬

‫(‪ )43.8%‬ثم املواقع االجتماعية بنسبة (‪ ،)40.4%‬وجاءت املواقع املوسيقى والشات إىل حد‬ ‫ما بنسبة (‪ )40.1%‬يليها املواقع اإلخبارية يف حني جاءت مواقع اجلوار والدردشة بنسبة أقل‬ ‫وصلت إىل (‪ )37.9%‬من إمجالي العينة‪ .‬جاءت نسبة (‪ )41.3%‬بالرفض الستخدام مواقع‬ ‫احلوار واألحاديث والدردشة‪ ،‬وهذه النتيجة تتفق مع ارتفاع نسبة رفض العينة يف موقع سابق‬ ‫بالدراسة إىل أن الدافع الستخدام االنرتنت هو تكوين العالقات والصداقات عن طريق االنرتنت‪،‬‬ ‫وهو ما يشري إىل حتفظ العينة بدرجة كبرية نظراً للطبيعة اخلاصة بثقافة اجملتمع العربي‬ ‫بشكل عام واخلليجي على وجه اخلصوص‪.‬‬

‫‪5 .5‬استغراق العينة مع االنرتنت ‪:‬‬

‫حاولت الباحثة اختبار مدى استغراق واندماج املبحوثني عينة البحث أثناء استخدامهم‬ ‫ ‬ ‫االنرتنت‪ ،‬وحددت ثالثة أبعاد لقياس االستغراق وهي (االعتماد – االندماج – املتعة)‪ ،‬وجاءت‬ ‫النتائج كما يوضحها اجلدول التالي ‪:‬‬

‫باستعراض بيانات اجلدول السابق يتضح ارتفاع نسبة العينة واليت أشارت إىل أنها «‬ ‫ ‬ ‫تفضل استخدام االنرتنت أكثر من أي وسيلة أخرى « بدرجة كبرية بنسبة (‪ )44.2%‬يليها‬ ‫نسبة (‪ )31.9%‬ذكرت أنها إىل حد ما ال تستغنى عن االنرتنت ولو ليوم واحد‪.‬‬ ‫ أجابت نسبة (‪ )45.1%‬إىل حد ما أنها « عندما تستخدم االنرتنت تشعر باالندماج واالستغراق‬‫لدرجة أن الوقت مير بسرعة «‪ « ،‬وأجابت نسبة (‪ « )57.4%‬دائماً ما تستمتع بتصفح مواقع‬ ‫االنرتنت «‪ ،‬يليها نسبة (‪ )41.3%‬أشارت إىل حد ما أنها « حتب املشاركة والتفاعل مع اآلخرين‬ ‫من خالل الشات والرسائل الفورية واملنتديات «‪.‬‬ ‫‪295‬‬

‫‪6 .6‬االرتباط بني أبعاد مقياس االستغراق واملتغريات الشخصية للعينة ‪:‬‬

‫(*) مستوى املعنوية ‪0.05‬‬

‫(**) مستوى املعنوية ‪ 0.001‬‬

‫يتضح من اجلدول السابق وجود عالقة ارتباطية دالة بني درجة استغراق العينة بشكل عام‬ ‫وكل من متغري سن املبحوث واحلالة االجتماعية وذلك عند مستوى (‪ ،)0.05‬كما اتضح‬ ‫وجود ارتباط دال بني مستوى تعليم أفراد العينة ومتغري االعتماد على االنرتنت ‪Reliance‬‬ ‫كوسيلة اتصال وذلك عند مستوى معنوية (‪.)0.05‬‬ ‫اتضح وجود عالقة ارتباط دالة عند مستوى (‪ )0.05‬بني بُعد االندماج ‪Immersion‬‬ ‫ ‬ ‫باملقياس وكل من متغري النوع واحلالة االجتماعية‪ ،‬وجاء االرتباط دا ً‬ ‫ال أيضاً بني االندماج‬ ‫والعمر الزمين ألفراد العينة عند مستوى معنوية عالية وهو (‪ ،)0.001‬وتتعارض هذه النتيجة‬ ‫مع ما خلصت له دراسة باهك (‪ )Bahk, 2008‬حيث مل جيد أي ارتباط بني متغريات النوع‬ ‫والعمر الزمين واحلالة االجتماعية واجلنس مع بُعد املتعة ‪ Enjoyment‬كبعد من أبعاد‬ ‫مقياس االستغراق مع االنرتنت‪.‬‬

‫‪7 .7‬الشعور بالوحدة النفسية لدى عينة البحث ‪:‬‬

‫تشري بيانات الدراسة املسحية والنتائج اخلاصة مبقياس الشعور بالوحدة أن نسبة‬ ‫ ‬ ‫عالية بلغت (‪ )61.8%‬من أفراد العينة يعانون إىل حد ما (بدرجة متوسطة) من الشعور‬ ‫بالوحدة النفسية ويشعر بها « بدرجة قليلة « (‪ )36.3%‬مقابل نسبة ضئيلة ال تتجاوز (‪)6%‬‬ ‫فقط ممن لديهم شعور قوي بالوحدة النفسية‪ ،‬واجلدول التالي يوضح استجابة العينة على‬ ‫عبارات مقياس ‪ UCLA‬للشعور بالوحدة النفسية‪.‬‬

‫‪296‬‬

‫تشري بيانات اجلدول املوضحة أعاله إىل اعتدال معدل شعور أفراد العينة بالوحدة‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫فقد أجابت العينة «أحيانا» على العبارة «أشعر بتناغم وتوافق مع الناس من حولي» بنسبة‬ ‫(‪ ،)53/3%‬تليها العبارة «هناك أناس ميكنين التحدث معهم» بنسبة (‪ ،)38.8%‬ثم «استطيع‬ ‫أن أجد أصدقاء عندما أريد بنسبة (‪ ،)38.8%‬يليها «أنا شخص انبساطي وبسيط» بنسبة‬ ‫(‪.)36.6%‬‬ ‫أجابت «نادراً» بنسبة (‪ )48.3%‬من العينة على عبارة « هناك أناس من حولي ولكن‬ ‫ ‬ ‫ليسوا معي (ال يشعرون بي)» ‪ ،‬وتساوت العبارتان السلبيتان « أشعر باإلهمال ممن حولي « و «‬ ‫أشعر بالعزلة عن اآلخرين « يف نسبة استجابة العينة‪ ،‬فقد أجاب « نادراً « على العبارتني (‪)125‬‬ ‫مفردة بنسبة (‪ )39.4%‬تليهما عبارة « أفتقر إىل الصحبة» بنسبة (‪.)34.4%‬‬ ‫ختلص نتائج البحث إىل اعتدال مستوى الشعور بالوحدة لدى أفراد العينة فالغالبية‬ ‫ ‬ ‫العظمى من أفراد العينة لديها درجة متوسطة من الشعور بالوحدة وتربر الباحثة هذه النتيجة‬ ‫بالعزلة االنفعالية أو العزلة االجتماعية حبكم وجود كثري من املغرتبني مبجتمع البحث‪.‬‬

‫‪297‬‬

‫ثانياً ‪ :‬نتائج اختبار الفروض ‪:‬‬ ‫الفرض األول ‪ :‬يوجد ارتباط دال بني مستوى الشعور بالوحدة وكثافة استخدام العينة‬ ‫لالنرتنت‪.‬‬ ‫افرتضت الباحثة أن الشعور بالوحدة متغري مستقل يؤثر يف معدل استخدام العينة‬ ‫ ‬ ‫لالنرتنت والختبار صحة الفرض مت استخدام معامل ارتباط بريسون‪ ،‬وأسفرت النتائج عن‬ ‫وجود عالقة ارتباط إجيابية دالة بني الشعور بالوحدة النفسية لدى أفراد العينة واستخدام‬ ‫االنرتنت‪ ،‬فاألكثر شعوراً بالوحدة هو األكثر استخداماً لالنرتنت‪.‬‬ ‫وتعد هذه النتيجة منطقية إذا ما مت تفسريها وفقاً ملا رآه سبريسود (‪)Seepersood, 1997‬‬ ‫من افرتاض أن األشخاص الذين يعانون من الوحدة يستخدمون االنرتنت ملواجهة وحدتهم‪،‬‬ ‫كما ميكن تفسريها أيضاً يف ضوء ما أشارت له دراسة باباتشارسي وروبني (‪Papacharissi‬‬ ‫‪ )& Rubin, 2000‬من أن الذين يعانون من قلق االتصال املواجهي يستخدمون االنرتنت‬ ‫كوسيلة هروبية ويف نفس الوقت تعويضه عن العجز عن االتصال املواجهي والتفاعل مع‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ودراسة فاليتيز (‪ )Valaitis, 2005‬واليت أسفرت عن إدراك معظم العينة أن‬ ‫استخدام االنرتنت قد خفض من معدل القلق من االتصال باآلخرين ورفع من معدل إدراكهم‬ ‫ملكانتهم االجتماعية وزاد من حتسني مفهوم الذات لديهم‪.‬‬ ‫وتتفق نتيجة هذا الفرض مع نتائج الكثري من الدراسات اليت أثبتت العالقة بني الشعور‬ ‫بالوحدة واستخدام االنرتنت مثل دراسة (‪ )Kraut et al, 1998‬حيث اكتشف تزايد معدل‬ ‫الشعور بالوحدة لدى كثيفوا االستخدام لالنرتنت ودراسة شابريو (‪ )Shapiro, 1990‬حيث‬ ‫اكتشف العالقة العكسية بني معدل الشعور بالوحدة واستخدام االنرتنت‪ ،‬واملسح الذي أجرى‬ ‫بالصني (‪ )2003‬حيث وجد عالقة بني املدة اليت يقضيها املبحوث مع االنرتنت ومستوى الشعور‬ ‫بالوحدة‪ ،‬ودراسة نائلة عمارة (‪ )2005‬فقد أكدت النتائج أن األكثر استخداماً لالنرتنت هم‬ ‫األكثر شعوراً بالعزلة االجتماعية‪ ،‬ودراسة (‪)Sun, Mathews & Campbell, 2008‬‬ ‫حيث وجد أن األكثر استخداما لالنرتنت هم األكثر شعوراً بالوحدة العاطفية‪ ،‬ودراسة فان‬ ‫دن وآخرون (‪ )Van Den et al, 2008‬حيث وجد ارتباط دال بني الشعور بالوحدة واستخدام‬ ‫الرسائل العاجلة باالنرتنت لدى عينة املراهقني‪ .‬ويربر هذه النتيجة أيضاً ما أثبته حممد بكري‬ ‫(‪ )2006‬من وجود عالقة دالة بني استخدام الشباب لالنرتنت ودرجة االغرتاب االجتماعي‬ ‫لديهم‪ ،‬وإن ‪ 62.7%‬من العينة وجدة االنرتنت وسيلة تغين عن التحدث مع احمليطني‪.‬‬

‫‪298‬‬

‫الفرض الثاني ‪ :‬ختتلف كثافة استخدام العينة لالنرتنت وفقاً للمتغريات التالية ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪1‬النوع (ذكور – إناث)‪.‬‬ ‫‪2‬اإلقامة أو االغرتاب (مواطن قطري – مغرتب غري قطري)‪.‬‬ ‫‪3‬مستوى التعليم‪.‬‬ ‫‪4‬سن املبحوث‪.‬‬ ‫‪5‬احلالة االجتماعية (متزوج – أعزب – أرمل أو مطلق)‪.‬‬

‫حاولت الباحثة من خالل هذا الفرض اختبار تأثري املتغريات الشخصية واالجتماعية‬ ‫ ‬ ‫على معدل استخدام العينة لالنرتنت‪ ،‬لذلك مت إجراء اختبار ‪ T-Test‬حلساب الفروق‬ ‫للمتغريات ثنائية اجملموعات‪ ،‬وحتليل التباين أحادي االجتاه ‪ ANOVA‬للمتغريات متعددة‬ ‫الفئات كما يلي ‪:‬‬

‫يتضح عدم وجود فروق دالة بني الذكور واإلناث يف كثافة استخدام االنرتنت‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫مبعنى أن متغري النوع مل يكن مؤشراً داال على معدل استخدام االنرتنت وبذلك مل تثبت صحة‬ ‫الفرض فيما يتعلق بهذا املتغري‪.‬‬ ‫مما يشري إىل ارتفاع معدل استخدام االنرتنت بني أفراد العينة بغض النظر عما إذا‬ ‫ ‬ ‫كانوا ذكوراً أم إناثا‪ً.‬‬ ‫وتتفق هذه النتيجة مع ما أسفرت عنه دراسة باهك (‪ )Bahk, 2008‬حيث مل يتضح‬ ‫ ‬ ‫يف دراسته وجود فروق دالة بني الذكور واإلناث يف كثافة استخدام االنرتنت‪ ،‬يف حني تتعارض‬ ‫تلك النتيجة مع ما توصلت له دراسة كل من هني (‪ )Hein, 2007‬من أن استخدام االنرتنت‬ ‫كان أكثر بني الذكور عنه لدى اإلناث بالعينة‪ ،‬وما أشارت له دراسة مجال عبد العظيم‬ ‫(‪ )2006‬بالبحرين من أن اإلناث أكثر استخداماً لالنرتنت من الذكور‪ ،‬وتتعارض أيضاً مع ما‬ ‫‪299‬‬

‫توصل له طارق الصعيدي ومجال الدين القويري (‪ )2007‬يف دراستهما حول استخدام الشباب‬ ‫اجلامعي لشبكة االنرتنت وتأثرياتها على الرتابط األسري يف اجملتمع اللييب حيث اتضح وجود‬ ‫فروق بني الذكور واإلناث لصاحل الذكور‪.‬‬ ‫ومن بيانات اجلدول (‪ )8‬يتضح وجود فروق دالة بني املواطنني (القطريني) واملغرتبني‬ ‫ ‬ ‫(غري القطريني) عند مستوى معنوية (‪ )0.05‬ودرجة حرية (‪ ،)315‬وبهذا نقبل الفرض فيما‬ ‫يتعلق بهذا املتغري‪ ،‬حيث أن املغرتبني مبجتمع البحث أكثر استخداماً لالنرتنت من املواطنني‬ ‫القطريني‪.‬‬ ‫وتعترب الباحثة هذه النتيجة منطقية حيث أن املغرتبني أكثر استخداماً لالنرتنت‬ ‫ ‬ ‫لتحقيق التواصل مع األهل واألقارب يف البلد األم من خالل االتصال التليفوني والرسائل‬ ‫العاجلة والشات‪ ،‬كما أنهم من احملتمل أن يكونوا أكثر استخداماً لالنرتنت يف معرفة األخبار‬ ‫خاصة الدولة األم‪ ،‬وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت له دراسة زهانج (‪ )Zhang, 2007‬حيث‬ ‫كان الدافع للمهاجرين للواليات املتحدة األمريكية من استخدام االنرتنت باللغة اإلجنليزية‬ ‫هو تعلم أشياء جديدة يف اجملتمع اجلديد املهاجرين إليه وبقاء الصلة مع الدولة األم‪.‬‬ ‫وحلساب الفروق بني فئات العينة من حيث مستوى التعليم والسن واحلالة االجتماعية يف‬ ‫كثافة استخدام االنرتنت‪ ،‬مت استخدام حتليل التباين أحادي االجتاه ‪ ANOVA‬كما يلي ‪:‬‬

‫من اجلدول السابق يتضح وجود فروق دالة بني املستويات التعليمية بالعينة (عال‬ ‫ ‬ ‫– متوسط – منخفض) يف كثافة استخدام االنرتنت‪ ،‬حيث جاءت قيمة (ف = ‪ )4.203‬عند‬ ‫مستوى معنوية (‪ ،)0.05‬وملعرفة مصدر الفروق أجرى اختبار توكي ‪ Tukey‬وجاءت‬ ‫النتائج كالتالي ‪:‬‬ ‫‪300‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫يتضح من اجلدول وجود فروق دالة عند مستوى (‪ )0.05‬بني الفئة األعلى تعليماً‬ ‫(‪ )M = 10.45‬والفئة األقل تعليماً (‪ )M = 9.42‬لصاحل األعلى يف املستوى التعليمي‪ ،‬يف حني مل‬ ‫يتضح الفروق بني الفئة املتوسطة واألعلى تعليماً‪ ،‬مما يدل على الفجوة بني املستوى التعليمي‬ ‫األعلى واألقل يف معدل استخدام االنرتنت‪.‬‬

‫وتفسر الباحثة هذه النتيجة بأن األكثر تعليماً هم األكثر معرفة ودراية مبهارة‬ ‫ ‬ ‫استخدام الكمبيوتر واالنرتنت واألكثر قدرة على التصفح للمواقع االلكرتونية واألكثر‬ ‫اعتماداً على وسائل اإلعالم اجلديد (خاصة االنرتنت) يف احلصول على املعرفة واملعلومات‬ ‫واألخبار واإلفادة منه يف جمال التعليم‪ .‬وتتفق هذه النتيجة مع ما توصلت له (ريم عبود‪،‬‬ ‫‪ )2004‬و (نائلة عمارة‪.)2005 ،‬‬ ‫ومن اجلدول (‪ )9‬يتضح وجود فروق بني الفئات العمرية للعينة يف كثافة استخدام‬ ‫ ‬ ‫االنرتنت حيث جاءت قيمة (ف = ‪ )4.695‬عند مستوى معنوية (‪ ،)0.001‬وملعرفة مصدر الفروق‬ ‫بني اجملموعات مت استخدام اختبار ‪ Tukey‬ملعرفة مصدر الفروق وجاءت النتائج كالتالي ‪:‬‬

‫يتضح من اجلدول السابق أن الفئة العمرية (‪ 15‬أقل من ‪ 25‬سنة) هي أكثر الفئات‬ ‫ ‬ ‫العمرية استخداماً لالنرتنت‪ ،‬حيث جاء متوسط درجاتها (‪ ،)M = 10.63‬واتضح أن مصدر‬ ‫الفروق هو التباين بني (‪ 15‬أقل من ‪ 25‬سنة) والفئة (‪ 25‬أقل من ‪ )35‬لصاحل الفئة األصغر‬ ‫سناً‪.‬‬ ‫‪301‬‬

‫وبذلك تثبت صحة الفرض فيما يتعلق مبتغري العمر الزمين للمبحوث‪ ،‬حيث‬ ‫ ‬ ‫أسفرت النتائج عن وجود فروق بني الفئات العمرية بالعينة لصاحل العينة األصغر سنا‪ً.‬‬ ‫ميكن تفسري هذه النتيجة بأن األصغر سناً هم األكثر استخداماً للوسائل‬ ‫ ‬ ‫التكنولوجية احلديثة ‪ New Media‬وهو ما أكدته دراسة هني (‪ )Hein, 2007‬حيث اتضح‬ ‫أن استخدام الوسائل التكنولوجية واالنرتنت كان دا ً‬ ‫ال لصاحل األقل عمراً بالعينة‪ ،‬كما ميكن‬ ‫تفسري هذه النتيجة يف ضوء ما أشار له فاليتز (‪ )Valities, 2005‬حيث وجد أن استخدام‬ ‫الشباب للتكنولوجيا احلديثة يزيد من معدل القدرة على التعامل مع البالغني ويرفع من‬ ‫مستوى إدراكهم ملكانتهم االجتماعية ويزيد من مشاركتهم اجملتمعية وحتسني مفهوم‬ ‫الذات لديهم‪.‬‬ ‫وتفسر الباحثة تلك النتيجة أيضاً يف ضوء ما أكدته دراسة فالتنربج وبيرت‬ ‫ ‬ ‫(‪ )Valtenburg & Peter, 2008‬أن استخدام الشباب واملراهقني لالنرتنت يساعدهم على‬ ‫إظهار ذاتهم بشكل واضح أثناء االتصال مع اآلخرين‪.‬‬ ‫وتتشابه هذه النتيجة مع ما توصل له مجال عبد العظيم (‪ )2006‬حيث اتضح أن‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫الفئة العمرية ما بني (‪ 25 – 20‬سنة) هي األكثر استخداما لالنرتنت يف دراسته حول معدالت‬ ‫استخدام االنرتنت يف البحرين‪.‬‬ ‫وبالرجوع إىل اجلدول (‪ )9‬يتضح أيضاً وجود فروق يف مستويات استخدام االنرتنت‬ ‫ ‬ ‫بني الفئات االجتماعية للعينة (أعزب – متزوج – أرمل أو مطلق)‪ ،‬حيث جاءت قيمة (ف =‬ ‫‪ )4.733‬عند مستوى معنوية (‪ )0.001‬وملعرفة مصدر الفروق أجرى اختبار ‪ Tukey‬ملعرفة‬ ‫مصدر تلك الفروق وجاءت النتائج كالتالي ‪:‬‬

‫‪302‬‬

‫ومن اجلدول السابق يتضح من خالل املقارنات املتعددة من اجملموعات أن مصدر‬ ‫ ‬ ‫الفروق هو الفرق بني األفراد املتزوجني والعذب يف العينة أي غري املتزوجني حيث كان األعزب‬ ‫أكثر استخداماً لالنرتنت من املتزوج حيث جاءت الفروق دالة عند مستوى معنوية (‪،)0.001‬‬ ‫يف حني مل تتضح تلك الفروق بني باقي اجملموعات‪ ،‬ولعل هذه النتيجة منطقية حيث أن األعزب‬ ‫أكثر شعوراً بالفراغ الزمين والنفسي لقضاءه مع االنرتنت‪ ،‬وتتعارض هذه النتيجة مع دراسة‬ ‫باهك (‪ )Bahk, 2008‬حيث مل جيد يف دراسته أي فروق بني تأثري للحالة االجتماعية على‬ ‫استخدام االنرتنت‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ذلك نقبل الفرض الثاني جزئياً حيث وجد تأثري دال ملتغريات (مستوى‬ ‫ ‬ ‫التعليم – السن – إقامة املبحوث – احلالة االجتماعية) على مستوى استخدام االنرتنت‪ ،‬يف‬ ‫حني مل يثبت وجود تأثري دال ملتغري النوع (ذكور – إناث) على معدل االستخدام‪.‬‬

‫‪3 .3‬خيتلف مستوى الشعور بالوحدة النفسية بني أفراد العينة وفقاً للمتغريات التالية ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪1‬النوع (ذكور – إناث)‪.‬‬ ‫‪2‬اإلقامة (مواطن قطري – مغرتب غري قطري)‪.‬‬ ‫‪3‬مستوى التعليم‪.‬‬ ‫‪4‬سن املبحوث‪.‬‬ ‫‪5‬احلالة االجتماعية (أعزب – متزوج – مطلق ‪ /‬أرمل)‪.‬‬

‫استهدفت الباحثة من هذا الفرض قياس تأثري املتغريات الشخصية على مستوى شعور أفراد‬ ‫العينة بالوحدة النفسية‪ ،‬لذلك مت استخدام ‪ T-Test‬حلساب الفروق بني املتغريات ثنائية‬ ‫اجملموعات وحتليل التباين أحادي األجتاه ‪ ANOVA‬للمتغريات متعددة الفئات كما يلي ‪:‬‬

‫ويتضح من بيانات اجلدول املوضحة أعاله عدم وجود فروق بني الذكور واإلناث يف مستوى‬ ‫‪303‬‬

‫الشعور بالوحدة النفسية‪.‬‬ ‫وبذلك ميكن القول بعدم قبول الفرض الثالث فيما يتعلق مبتغري النوع وتتفق هذه النتيجة‬ ‫مع ما توصل له (خالد عبد الغين ولطيفة النعيمي‪ )2008 ،‬حول الشعور بالوحدة النفسية لدى‬ ‫املراهقني من اجلنسني باجملتمعني املصري والقطري‪ ،‬حيث مل جيد الباحثان فروقاً دالة بني‬ ‫الذكور واإلناث يف عينة املراهقني املصريني‪ ،‬يف حني يتعارض مع ما توصل له الباحثان بنفس‬ ‫الدراسة من وجود فروق ذكرت داللة إحصائية يف الشعور بالوحدة النفسية من اجلنسني‬ ‫بالعينة القطرية لصاحل الذكور‪ ،‬ويتعارض أيضاً مع الدراسات اليت أجراها زامونر( ( ‪mZa‬‬ ‫‪ )muner, 2008‬حول الوحدة العاطفية واالجتماعية لدى اإليطاليني‪ ،‬حيث وجد الباحث‬ ‫ارتباط دال بني الوحدة والنوع‪ ،‬ودراسة ريف وكيز (‪ )Ruff & Keyer, 1995‬حيث وجدا‬ ‫تأثري للنوع على مستوى احلالة النفسية والشعور بالوحدة لدى املبحوثني‪.‬‬ ‫ومن بيانات اجلدول (‪ )13‬يتضح أيضاً عدم وجود فروق بني املواطن القطري واملغرتب غري‬ ‫القطري يف مستوى الشعور بالوحدة النفسية وميكن تفسري ذلك بأن القطريني وغري القطريني‬ ‫لديهم تشابه يف مستوى الشعور بالوحدة سلباً أو إجياباً بغض النظر عن متغري اإلقامة أو‬ ‫االغرتاب عن الوطن‪ .‬كما ميكن تفسري هذه النتيجة بأن البعد عن الوطن مل يكن مؤشراً‬ ‫للفروق بني املواطنني واملغرتبني بدولة قطر حيث أن املغرتبني بهذا البحث من العرب وبالتالي‬ ‫فلم يكن هناك البعد الثقايف عن اآلخر (املواطن) والذي يشكل صعوبات ومشكالت نفسية تؤدي‬ ‫إىل الوحدة‪ ،‬فاهلوية املشرتكة بني املواطن واملغرتب لعينة البحث ضيقت من الفجوة يف الشعور‬ ‫بالوحدة النفسية بني اجملموعتني‪ .‬وبذلك ميكن القول أيضاً بعدم قبول الفرض فيما يتعلق‬ ‫مبتغري اإلقامة‪.‬‬

‫‪304‬‬

‫وحلساب الفروق بني فئات العينة من حيث التعليم والسن واحلالة االجتماعية يف مستوى‬ ‫الشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬مت استخدام حتليل التباين أحادي االجتاه ‪ ANOVA‬وجاءت‬ ‫النتائج موضحة كالتالي ‪:‬‬

‫من بيانات اجلدول السابق يتضح ما يلي ‪:‬‬ ‫ عدم وجود فروق دالة بني املستويات التعليمية بالعينة (منخفض – متوسط – عالي) يف‬‫مستوى الشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬وتتعارض هذه النتيجة مع ما أشار إليه زامونر( ( ‪mZa‬‬ ‫‪ )muner, 2008‬يف دراسته من أن األقل تعليماً هم األكثر شعوراً بالوحدة من غريهم‪.‬‬ ‫ عدم وجود فروق دالة أيضاً بني املستويات العمرية بالعينة يف متوسط درجات مقياس الشعور‬‫بالوحدة النفسية‪ .‬وتتعارض هذه النتيجة أيضاً مع زامونر (‪ )Zammuner‬حيث أفرتض أن‬ ‫األكرب سناً ‪ Elderly‬واألصغر سناً ‪ Adotescents‬هم األكثر شعوراً بالوحدة‪ ،‬ويتعارض‬ ‫أيضاً مع دراسة ريف وكيز (‪ )Reff & Keys, 1995‬حيث اتضح أن للسن تأثري دال على‬ ‫مستوى احلالة النفسية والشعور بالوحدة‪ ،‬يف حني تتفق مع دراسة سبري سود (‪Seepersod,‬‬ ‫‪ )1997‬حيث مل يتضح يف دراسته وجود فروق دالة بني الفئات العمرية بالعينة من املراهقني‬ ‫‪ adolescents‬والشباب البالغني ‪ young Adults‬والبالغني الكبار ‪ Adults‬يف متوسطات‬ ‫درجاتهم يف مقياس الشعور بالوحدة‪.‬‬ ‫ويتضح من نتائج اجلدول السابق عدم وجود فروق دالة بني الفئات التعليمية‬ ‫ ‬ ‫والعمرية بالعينة فيما يتعلق بدرجات مقياس الوحدة‪ ،‬يف حني وجدة فروق من فئات العينة‬ ‫من حيث احلالة االجتماعية يف مستوى الشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬فقد جاءت تلك الفروق دالة‬ ‫عند مستوى معنوية (‪ )0.001‬وملعرفة مصدر تلك الفروق أجرى اختبار ‪ Tukey‬وأسفرت‬ ‫‪305‬‬

‫النتائج عما يوضحه اجلدول التالي ‪:‬‬

‫(*) الفروق دالة عند مستوى معنوية (‪.)0.001‬‬

‫(**) الفروق دالة عند مستوى معنوية (‪.)0.05‬‬

‫تشري نتائج اجلدول إىل أن هناك فروق دالة إحصائياً عند مستوى (‪ )0.001‬يف‬ ‫ ‬ ‫متوسطات درجات الوحدة بني فئة أعزب وفئة مطلق أو أرمل لصاحل األخرية‪ ،‬حيث كان‬ ‫املطلق أو األرمل بالعينة أكثر شعوراً بالوحدة النفسية (‪ ،)M = 480‬كما اتضح وجود فروق‬ ‫دالة عند مستوى (‪ )0.05‬بني فئة متزوج ومطلق أو أرمل أيضاً لصاحل الفئة األخرية‪.‬‬ ‫وتفسر الباحثة هذه النتيجة يف ضوء ما أشار إليه زامونر (‪)Zammouner, 2008‬‬ ‫ ‬ ‫من أن الظروف احلياتية تؤثر على شعور الفرد بالوحدة مثل فقدان الزوج أو الزوجة‪ ،‬فمن‬ ‫املرجح أن مير الفرد خالل تلك املرحلة حبالة من الشعور بالوحدة النفسية‪ ،‬وتتفق هذه‬ ‫النتيجة مع دراسة هاوكلي وبراون وكاكيوبو (‪Howkely, Broune & Cacioppo,‬‬ ‫‪ )2005‬حيث أشارت النتائج إىل أن األشخاص املتزوجني أقل شعوراً بالوحدة عنه لدى غري‬ ‫املتزوجني‪.‬‬ ‫وبهذا ميكن القول بقبول صحة الفرض الثالث جزئياً حيث مل توجد فروق دالة يف‬ ‫ ‬ ‫مستوى الشعور بالوحدة النفسية بني الفئات التعليمية والعمرية وكذلك مل يثبت وجود فروق‬ ‫من الذكور واإلناث وفئات العينة من حيث اإلقامة (االغرتاب) يف مستوى الشعور بالوحدة‪ ،‬يف‬ ‫حني اتضح وجود تأثري دال ملتغري احلالة االجتماعية على مستوى شعور األفراد بالوحدة‪ ،‬حيث‬ ‫كانت فئة املطلقني واألرامل أكثر الفئات شعوراً بالوحدة بني أفراد العينة‪.‬‬ ‫‪4 .4‬توجد عالقة ارتباطيه دالة بني مستوى الشعور بالوحدة ومستوى االستغراق مع االنرتنت‬ ‫ومع كل بُعد من أبعاده الثالثة (االعتماد – االندماج – املتعة)‪.‬‬ ‫حاولت الباحثة من خالل هذا الفرض اختبار العالقة بني مستوى استغراق املبحوث‬ ‫ ‬ ‫مع االنرتنت ومستوى شعوره بالوحدة‪ ،‬واختربت تلك العالقة مع الدرجة الكلية ملقياس‬ ‫‪306‬‬

‫االستغراق ثم مع كل بًعد من أبعاده الثالثة كل على حدة‪ ،‬ومت استخدام معامل ارتباط‬ ‫بريسون‪ ،‬وجاءت النتائج كما يوضحها اجلدول التالي ‪:‬‬

‫يتضح من بيانات اجلدول السابق وجود عالقة ارتباطيه دالة بني مستوى الشعور‬ ‫ ‬ ‫بالوحدة واالستغراق مع االنرتنت حيث جاءت هذه العالقة دالة عند مستوى معنوية عالية‬ ‫(‪ ،)0.001‬كما اتضح وجود عالقة ارتباطيه دالة بني أبعاد مقياس االستغراق (االعتماد ‪iRel‬‬ ‫‪( – )ance‬االندماج ‪( )Immersion‬املتعة ‪ )Enjoyment‬ومستوى الوحدة لدى أفراد العينة‬ ‫وذلك عند مستوى معنوية (‪.)0.001‬‬ ‫وترى الباحثة أن هذه النتيجة تعد منطقية إذا ما مت ربطها بنتيجة الفرض األول‬ ‫ ‬ ‫هلذه الدراسة‪ ،‬حيث أن اتضح وجود عالقة ارتباطيه دالة بني الشعور بالوحدة واستخدام‬ ‫االنرتنت‪ ،‬مما يفسر مدى اندماج األشخاص الذين يشعرون بالوحدة واعتمادهم بشكل أساسي‬ ‫على االنرتنت كإسرتاتيجية ملواجهة الوحدة‪.‬‬ ‫وتتفق هذه النتيجة مع ما أشارت إليه النتائج يف دراسة باهك (‪ )Bahk, 2008‬حيث‬ ‫ ‬ ‫وهو أن األعلى يف مستوى الوحدة والقلق من االتصال املواجهي مع اآلخرين هم األعلى يف‬ ‫مستوى االستغراق مع االنرتنت واألكثر اعتماداً عليه للتخلص من الوحدة‪.‬‬ ‫وبهذا ميكن قبول الفرض الرابع للدراسة‪.‬‬ ‫‪5 .5‬توجد عالقة ارتباطية دالة بني مستوى الشعور بالوحدة والدوافع الطقوسية والنفعية‬ ‫الستخدام االنرتنت ‪:‬‬ ‫ولقياس الفرض مت حتليل البيانات باستخدام معامل ارتباط بريسون لكل نوع من‬ ‫ ‬ ‫هذه الدوافع الطقوسية والنفعية (كمتغري وسيط) بدرجات العينة على مقياس الوحدة‬ ‫النفسية‪ ،‬وجاءت النتائج كما هي موضحه باجلدول التالي ‪:‬‬ ‫‪307‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫يتضح من بيانات اجلدول السابق وجود عالقة ارتباطية دالة بني الدوافع الطقوسية‬ ‫الستخدام االنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة حيث جاءت قيمة االرتباط (ر = ‪ )0.327‬وهي‬ ‫قيمة دالة عند مستوى (‪ ،)0.001‬كما وجدت أيضاً عالقة ارتباطية دالة بني الدوافع النفعية‬ ‫الستخدام االنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة لدى أفراد العينة‪ ،‬حيث جاءت قيمة (ر = ‪)0.124‬‬ ‫وهي دالة عند مستوى معنوية ‪.0.05‬‬

‫مما يدل على أن هناك عالقة بني استخدام االنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة مهما‬ ‫ ‬ ‫كان الدافع هلذا االستخدام طقوسياً أو نفعياً‪ .‬وبهذا تقبل الفرض اخلامس للدراسة وتفسر‬ ‫الباحثة هذه النتيجة بأن األساليب االتصالية املستخدمة يف االنرتنت حتقق مبدأ التفاعلية‬ ‫اليت يفتقدها األفراد الذين يعانون من الشعور بالوحدة‪ ،‬خاصة مع تعدد هذه األساليب والبدائل‬ ‫الوظيفية اليت يقدمها االنرتنت لكي يشبع احتياجاته املعرفية والسلوكية واالتصالية‪ .‬وتتفق‬ ‫هذه النتيجة مع ما توصل له بليس (‪ )Bliese, 1982‬أن مستخدمي االنرتنت لديهم العديد‬ ‫من الدوافع سواء الطقوسية أو النفعية اليت تدفعهم الستخدام االنرتنت كبديل عن االتصال‬ ‫الشخصي‪ ،‬وتتعارض هذه النتيجة مع دراسة باباتشاريسي وروبني (& ‪Papacharissi‬‬ ‫‪ )Rubin, 2000‬اليت أجريت حول حمددات استخدام االنرتنت‪ ،‬حيث اتضح أن الذين يتفاعلون‬ ‫وجهاً لوجه وال يعانون من الشعور بالوحدة يستخدمون االنرتنت للتسلية وقضاء وقت الفراغ‪،‬‬ ‫وعلى العكس فإن هؤالء الذين يعانون من الوحدة والقلق االجتماعي يستخدمونه لالستفادة‬ ‫منه كتعويض للعجز عن االتصال املواجهي‪.‬‬

‫‪308‬‬

‫خاتمة الدراسة ‪:‬‬ ‫أجريت هذه الدراسة امليدانية على عينة قوامها (‪ )317‬مفردة من اجلمهور العربي‬ ‫ ‬ ‫(ذكور – إناث) يف املرحلة العمرية من ‪ – 15‬أكثر من ‪ 60‬سنة ومن جنسيات عربية خمتلفة‬ ‫مت سحبها من دولة قطر‪ ،‬واختربت العينة بطريقة عشوائية ممن يستخدمون االنرتنت‪،‬‬ ‫واعتمدت الدراسة يف إطارها الفكري والنظري على بعض املداخل النفسية مثل مفهوم الوحدة‬ ‫النفسية واالستغراق ومدخل االستخدامات واإلشباعات‪ ،‬ومت استخدام االستبيان كأداة‬ ‫للدراسة لقياس جمموعة من املتغريات ومقياس ‪ Russell‬للوحدة النفسية (‪،)UCLA‬‬ ‫اختربت الدراسة مخسة فروض وأسفرت عن جمموعة من النتائج أهمها ‪:‬‬ ‫ أن نسبة عالية تصل إىل (‪ )55.5%‬من العينة تستخدم االنرتنت يومياً‪ ،‬وبتصنيف العينة‬‫إىل ثالثة مستويات يف كثافة االستخدام‪ ،‬أشارت النتائج إىل ارتفاع كثيفو استخدام حتى‬ ‫بلغت (‪ )57.1%‬ومتوسط االستخدام (‪ )33.8%‬يف مقابل نسبة ضئيلة بلغت (‪ )9.1%‬قليلو‬ ‫االستخدام‪.‬‬ ‫ فيما يتعلق بدوافع االستخدام متثلت الدوافع الطقوسية يف االستخدام يف شغل وقت الفراغ‬‫والشعور باملرح يليه نسيان اهلموم واملشكالت ثم الشعور بالوحدة والبحث عن الصحبة‪،‬‬ ‫وجاء اكتساب املعرفة يف اجملاالت املختلفة يف مقدمة الدوافع النفعية الستخدام االنرتنت‪،‬‬ ‫يليه التواصل مع اآلخرين وإجادة يف التعامل مع الناس ثم مناقشة بعض األمور من خالل‬ ‫املنتديات‪.‬‬ ‫ جاء استخدام الربيد االلكرتوني يف مقدمة اخلدمات اليت تستخدمها العينة باالنرتنت يليه‬‫نقل امللفات وحتميل الدروس والربامج ثم التواصل مع األهل واألصدقاء عن طريق اهلاتف يليه‬ ‫االستماع إىل األغاني ومشاهدة األفالم ومن أكثر املواقع االلكرتونية اليت تزورها أفراد العينة‬ ‫هي املواقع الثقافية والتعليمية‪ ،‬وجاءت مواقع املوسيقى والشات بنسبة متوسطة ثم املواقع‬ ‫اإلخبارية ومواقع املنتديات‪.‬‬ ‫ بتصنيف العينة إىل ثالثة مستويات يف درجة االستغراق مع االنرتنت أشارت النتائج إىل‬‫ارتفاع معدل الفئة املتوسطة حيث جاءت بنسبة (‪ )49.2%‬وجاءت نسبة املستوى املنخفض‬ ‫واملرتفع يف االستغراق متقاربة يف العينة حيث كانت (‪ )25.2%( )25.6%‬على الرتتيب‪.‬‬ ‫‪309‬‬

‫ أشارت نتائج البحث يف االستجابة على مقياس ‪ UCLA‬للوحدة النفسية إىل اعتدال مستوى‬‫الشعور بالوحدة النفسية بني أفراد العينة حيث نسبة عالية بلغت (‪ )61.8%‬من العينة يعانون‬ ‫« إىل حد ما « من الشعور بالوحدة النفسية وتشعر بها « بدرجة قليلة « (‪ )36.3%‬مقابل نسبة‬ ‫ضئيلة ال تتجاوز (‪ )1.9%‬فقط ممن لديهم شعور مؤثر بالوحدة‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق بنتائج اختبار الفروض أسفرت النتائج عما يلي ‪:‬‬ ‫ وجود عالقة ارتباطية دالة بني مستوى الشعور بالوحدة النفسية وكثافة استخدام االنرتنت‪،‬‬‫حيث أن األكثر شعوراً بالوحدة هم األعلى يف معدل استخدام االنرتنت وجاء االرتباط دا ً‬ ‫ال عند‬ ‫مستوى (‪.)0.001‬‬ ‫ وجد تأثري دال ملتغريات (التعليم – السن – اإلقامة – اغرتاب املبحوث – احلالة االجتماعية)‬‫على معدل استخدام العينة لالنرتنت‪ ،‬ومل يتضح هذا التأثري بالنسبة ملتغري النوع‪ ،‬فلم تثبت‬ ‫الدراسة وجود فروق دالة بني الذكور واإلناث يف متغري كثافة استخدام االنرتنت‪.‬‬ ‫ مل يتضح وجود فروق دالة إحصائياً يف مستوى الشعور بالوحدة النفسية بني الفئات التعليمية‬‫والعمرية بالعينة‪ ،‬ومل يثبت وجود فروق بني الذكور واإلناث وفئات العينة من حيث اإلقامة‬ ‫(االغرتاب) يف مستوى الشعور بالوحدة‪ ،‬يف حني وجد تأثري دال ملتغري احلالة االجتماعية حيث‬ ‫كانت فئة مطلق ‪ /‬أرمل بالعينة أكثر الفئات شعوراً بالوحدة‪.‬‬ ‫ اتضح وجود عالقة ارتباطيه دالة عند مستوى (‪ )0.001‬بني درجة استغراق املبحوث مع‬‫االنرتنت ومستوى الشعور بالوحدة‪ ،‬وجاءت هذه العالقة دالة أيضاً بني مستوى الوحدة وكل‬ ‫بُعد من األبعاد الثالثة ملقياس االستغراق (االعتماد – االندماج – املتعة)‪.‬‬ ‫ وجدت عالقة ارتباطيه دالة بني مستوى الشعور بالوحدة وكل من الدوافع الطقوسية‬‫والنفعية الستخدام االنرتنت‪.‬‬

‫‪310‬‬

: ‫هوامش الدراسة‬ ‫ « احلاسبات االلكرتونية وتكنولوجيا االتصال‬،)1997( ‫ حممود‬،‫ حممد وعلم الدين‬،‫تيمور‬1 .1 .201 – 196 ‫ ص‬،‫ دار الشروق‬،« ،« ‫ «عالقة الصفوة العربية باحلاسب اآللي واستخدام االنرتنت‬،)2006( ‫ خالد‬،‫عبد اجلواد‬2 .2 .191 ‫ ص‬،‫ يناير – مارس‬26 ‫ العدد‬،‫اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‬ 33. Papacharissi, Z. & Rubin, A. (2000). “ Predictors of Internet Use ”. Opcit, p. 190. 44. Ibid, P. 179. 55. Rosengren, k,E, & Windahl, S. (1972), “ Mass Media Consum tions as a Functional Alternative ”, In McQueil (Ed) Sociology of Mass Communications, UK. Penguin, pp. 135 – 165. 66. Palm green, P. & Rayburn J. (1985), “A Comparison of Gratific tion Models of Media Satisfaction Monographs ”. Communication Monographs, vol. 52., pp. 334 – 345. ،3‫ ط‬،‫ عامل الكتب‬،« ‫ « نظريات اإلعالم واجتاهات التأثري‬،)2004( ‫ حممد‬،‫ عبد احلميد‬7 .7 .290 – 288‫ص‬ 88. Bleise, N. (1982), “ Media in Rocking Chair : Media Uses and Fun tions Among the Elderly ”, in Gumpert, p. and Cathcart R. (eds) inter / Media: Interpersonal Communication in a Media world (2 nd ed), New York: Oxford University, pp. 624 – 634. 99. Korgaonkar, P & Wolin, L. (1999), “ Predictors of Internet Use ”. Journal of Advertising Research, vol. 39, pp. 53 – 68. 1010 Papacharissi, Z. & Rubin, A. (2000). “ Predictors of Internet Use ”. Journal of Broadcasting & Electronic Media, vol. 44, pp. 175 – 196. 1111 Flanagin, A & Metzer, M (2001). “ Internet Use in the Contemp rary Media Environment ”. Human Communication Research. Vol. 12.pp. 153 – 181. 12- Song, I, LaRose, R., Eastin, M & Lin, C. (2004).” Internet Grati cation and Interned Addiction ”. On the Uses and Abuses of New Media. Cyber-psychology & Behavior, 7, pp. 385 – 395. 13- Hawklely, L. ; Broume, M, & Cacioppo, J. (2005). “ How Can I 311

connect with thee ?”, American Psychological Society, vol. 16 (10), pp. 798 0 804. www.psychology.uchicago edn/people/Faculty/Cacioppo/Jtc r prints/hbc. 14- Weiss, R. (1973). “ The Experience of Emotional and So Isolation, Cambridge, Mz, press”. 15- Hawkley, L. Burleson, M. & Cacioppo, J. (2005). “ Loneliness in Everyday life: Cardiovascular Activity, Psychosocial context and Health Behaviors”. Journal of Personality and Social psychology. Vol. 85, pp. 105 – 120. 16- Knight, R, Chisholm, N. and Godfey, H (1988). “ Some Normative, Reliability and Factor Analytic Data for the Revised UCLA lonel ness Scale ”. Journal of Clinical psychology, vol. 44, pp. 203 – 206. 17- McWhirter, B. (1990). “ Factor Analysis of the Revised UCLA Loneliness Scale”. Current Psychology: Research & Reviews, vol. 9, pp. 56 – 68. 18- Hughes, M., Worte, L., Hawkley, L. & Cacioppo (2004). “ A Short Scale of Measuring Loneliness in Large Surveys”. Results from two Population Based Studies. Research on Aging. Vol. 26, pp. 655 – 672. 19- Zammumer, V. (2008). “ Italians, Social and Emotional Lonel ness ”. The Results of Five Study. Engineering and Technology, vol. 30. ISSN 1307 – 6884. .www.Waset.org/pwaset/v30-84.pdf 20- Ibid. p. 1315. 21- Ibid. p. 1323. 22- Russell, D., Cutrona, R. & Yurko, K. (1984). “ Social and Em tional Loneliness”. An Examination of Weiss’s Typology of Lon liness. Journal of Personality and Social Psychology, vol. 46(6), pp. 1313 – 1321. ،‫ مكتبة النهضة املصرية‬.« ‫ « مقياس الشعور بالوحدة النفسية‬،)1998( ‫ جمدي‬،‫ الدسوقي‬- 23 312

.11 – 10 ‫ص‬ 24- Seepersod, S. (1997). “ Analysis of the Relationship Between Loneliness Copying Strategies and the Internet ”. B.S, University of the west India, Urbana, Illinois. 25- Kraut, R, Patterson, M. Lundmark, V.; Kresler, S. Muko, T. & Scheerlis, W. (1998). “ Internet Paradox: A Social Technology that Reduce Social Involvement and Psychological Well-Being ”. Amer can Psychologist, vol. 53(9), pp. 1017 – 1031. 26- Papacharissi, Z. & Rubin, A. (2000). op.cit í. Pp. 175 – 196. 27- Jackson, L., VonEye & Biocca, F. (2000). “ Children and Internet Use and Social, Psychological and Academic Consequences for LowIncome Children ”. APA Psychological Science Agenda. 28- Hamburger, A. & Artzi, E.B. (2003). “ Loneliness and Internet Use ”. Computer in Human Behavior, vol. 19. pp. 71 – 80. www.elsevier.Com/Locate/compbur. beb. 29- Internet has No Evident negative Impact on Chinese youth: Su vey Beijing Time, Tuesday, Septemper,23,2003 30- Kanayama A, T. (2003). “ Ethnographic Research on the Exper ence of Japanese Elderly people Online ”. New Media & Society, vol. 15 (2), pp. 267 – 288. ‫ « أثر استخدام تكنولوجيا االتصال احلديثة على أمناط االتصال‬،)2003( ‫ نريمني‬،‫ حنفي‬- 31 .‫ جامعة القاهرة‬،‫ رسالة ماجستري – كلية اإلعالم‬.« ‫األسري يف مصر‬ 32 - Baynn, N., Zhang, Y. & Chenline, M. (2004). “ Social Interacting Across Media ”: Interpersonal Communication on the Internet, Tel phone and Face to Face. New Media Society, vol. 16 (3). pp. 299 – 318. ‫ « استخدامات طالبات اجلامعة لالنرتنت يف مصر وسوريا من حيث‬،)2004( ‫ ريم‬،‫ عبود‬- 33 .‫ جامعة القاهرة‬،‫ كلية اإلعالم‬،‫ رسالة ماجستري غري منشورة‬.« ‫الدوافع واإلشباعات املتحققة‬ 34- La Rose, R. & Eastin, M.S (2004). “ A Social Cognitive Theory of 313

Internet Uses and Gratifications ”: Toward & New Model of Media Attendance. Journal of Broadcasting & Electronic Media, vol. 48 (3), pp. 358 – 377. 35- Valaitis, R. (2005). “ Computers and the Internet: Tools for youth Empowerment ”. Med Internet Res, vol, 7 (5). ‫ « استخدامات الشباب لشبكة االنرتنت وعالقته بالتفاعل االجتماعي‬،)2005( ‫ نائلة‬،‫ عمارة‬- 36 ‫ جامعة‬،)‫ الواقع والتحديات‬: ‫ دراسة مقدمة ملؤمتر (الصحافة واالنرتنت يف الوطن العربي‬.« .‫ نوفمرب‬23 – 22 ،‫الشارقة – كلية االتصال‬ ‫ آفاق‬:‫ القاهرة‬.‫ حبث منشور‬،« ‫ « االنرتنت يف مصر والعامل العربي‬،)2005( ‫ رشا‬،‫ عبد اهلل‬- 37 .130 – 128 ‫ ص‬،‫للنشر والتوزيع‬ ‫ « عالقة وسائل االتصال احلديثة باالغرتاب االجتماعي للشباب‬،)2006( ‫ حممد‬،‫ بكر‬- 38 .285 – 241 ‫ ص‬،‫ يناير – مارس‬،26 ‫ العدد‬،‫ اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‬،« ‫املصري‬ ‫ « املتغريات املؤثرة يف معدالت استخدام االنرتنت يف مملكة‬،)2006( ‫ مجال‬،‫ عبد العظيم‬- 39 .185 – 67 ‫ ص‬،‫ يناير – مارس‬،26 ‫ العدد‬،‫ اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‬،« ‫البحرين‬ 40 - Hein, J.; Brandlzaey, P.; Hertzberg, B.; Endested, T. & Torger sen, L. (2007). “Children’s usage of media Technologies and Psychological Factors”. New Media & Society, vol. 9 (3), pp. 425 – 454. 41- Zhang, S. (2007). “ The Effects of Psychological Factors on Media Usage: An Examination of Immigrants’ Media Use Patters ”, Motives and Acculturation in United States, Master Thesis of Mass Comm nication. 42- Bahk, C.M. (2008). “ Reliance, Immersion and Enjoyment: An Expletory Socio-Psychological Analysis on Internet Involvement ”. Communication of ILMA, vol. 8 (1), pp. 59 – 66. 43- VanDen, E., Meerkerk, G, Verm, A.; Spikerman, R & Engels, R. (2008). “Online Communication, Compulsive Internet USE, and Ps cho Social well-Being ”. Developmental Psychology. Vol. 44 (3), pp. 655 – 665. 44- Sun, S.; Mathews, M. & Campbell, H. (1990). “ Internet Use and Loneliness Cyberpsychology & Behavior”, vol. 11 (2), pp. 208 – 211. 45- Valkenburg, P. & Peter, J. (2008). “ Adolescents’ Identity Exper ment on the Internet: Consequences for Social Competence Self Co 314

cepts Units ”. Communication Research, vol. 35 (2), pp. 208 – 231. 46- Mahon, N. (1982). “ The Relationship of Self – Disclosure, Inte personal Dependency Life changes to Loneliness in your Adults ”. Nursing Research, vol. 31 (6), p. 347. 47- Moore, D. & Schultz, N. (1983). “Loneliness at Adolescence : Co relates, Attribution, and Coping ”. Journal of youth and Adolescence, vol. 12, pp. 95 – 100. 48- Schmitt, J. & Kurdek, L. (1985). “ Age and Gender Differences Personality Correlates of Loneliness in Different Relationships ”. Journal of Personality Assessment, vol. 49, pp. 485 – 496. 49- DeJong, J. Giverld (1987). “Developing and Testing a Model of Loneliness ”. Journal of personality & Social Psychology, No., 1, pp. 119 – 128. 50- Wilson, D.; Sibanda, J. & Wilso, P. (1989). “ personality Concom tants of Loneliness Among Black and White Male Zimbabwean Adolescent ”. Journal of Social Psychology, vol. 129, pp. 577 – 578. 51- Word, C. & Searle, W. (1991). “ The Impact of Value Discrepa cies and Cultural Identity on Psychological and Socio-culture A justment of Sojourner ”. International Journal of Intercultural Rel tion, No. 2, pp. 209 – 224. 52- Mahon, N. & Yarcheski, A. (1992). “ Alternate Explanations of Loneliness in Adolescents: A Replication and Extension ”. Nursing Research, vol. 41 (3), p. 159. http://www.Citeulike.org/user/ajw/arT cle /3334944. 53- Ryff, C. & Keyes, C. (1995). “ The Structure of Psychological WellBeing Revisited ”. Journal of Personality & Social Psychology, No. 4, pp. 719 – 727. 54- Martin, P. & Poon, H.W (1997). “ Predictors of Loneliness in Centenarians : A Parallel Study ”. Journal of Cross – Cultural Ge ontology, pp. 203 – 224. 315

http://www.Citeulike.org/user/ajw/article/3334944. 55- Howkley, L.; Browne, M. & Cacioppo, J. (2005). Op.cit, pp. 798 – 804. ‫ « القلق والشعور بالوحدة النفسية لدى‬،)2008( ‫ لطيفة‬،‫ خالد والنعيمي‬،‫ عبد الغين‬- 56 ‫ اللجنة الوطنية‬،« ‫ دراسة عرب حضارية يف اجملتمعني املصري والقطري‬: ‫املراهقني من اجلنسني‬ .211 – 194 ‫ صص‬،‫ن مارس‬164 ‫ العدد‬.‫ جملة الرتبية‬.‫القطرية للرتبية والثقافة والعلوم‬ 57- Zammuner, V.L (2008). “ Italians’ Social and Emotional Lonel ness: The Result, of five Studies ”. Proceedings of world Academy of Science, Engineering and Technology, vol. 30, pp. 482 – 494. www.waset.org/pwased/v30-84-pdf. 2/12/1429 ‫آخر زيارة‬ 58- Kraut, R; Patterson M.; Lundmark, v.; Kiesler, S.; Muko, T. & Scherlis, w. (1998). Op.cit, pp. 1017 – 1031. 59- Russell, D. (1982). “ The Measurement of loneliness. In L. A. peplau & Perlman, D. (Eds.), Loneliness ”. A sourcebook of Current theory, Research, and therapy, New York: Wiley, PP. 81 – 104. 60- Russell, D. (1996). “ UCLA Loneliness Scale (Version 3): Reliabi ity, Vilidity, and Factor Structure ”. Journal of Personality Asses ment, vol. 66 (1), pp. 20 – 40. 61- Kayany. J. & Yelsma, P. (2000). “ Displacement effects of online Media in the Socio technical Contexts of Households ”. Journal of Broadcasting & Electronic Media, vol. 44 (2), pp. 215 – 229. : ‫* قام بتحكيم االستبيان جمموعة من األساتذة جبامعة قطر‬ .‫ أستاذ مساعد بقسم االجتماع – كلية اآلداب والعلوم جبامعة قطر‬- ‫ فاطمة الكبيسي‬.‫د‬ .‫ أستاذ مساعد بقسم االجتماع – كلية اآلداب والعلوم جبامعة قطر‬- ‫ أمينة الكاظم‬.‫د‬ .‫ أستاذ مساعد بقسم علم النفس – كلية الرتبية جبامعة قطر‬- ‫ بتول خليفة‬.‫د‬ .‫ كلية اآلداب والعلوم جبامعة قطر‬- ‫ أستاذ مشارك بقسم اإلعالم‬- ‫ حممود قلندر‬.‫د‬ .‫ أستاذ مساعد بقسم اإلعالم – كلية اآلداب والعلوم جبامعة قطر‬- ‫ حممود محود‬.‫د‬ - ‫ أستاذ مساعد بقسم اإلعالم – جامعة اإلمارات وأستاذ زائر بقسم اإلعالم‬- ‫ قيس التميمي‬.‫د‬ .‫كلية اآلداب والعلوم جبامعة قطر‬

316

»‫«االتصال الجديد‬ ‫والديناميات الثقافية في المجتمعات المعاصرة‬

-----------------------------------------

‫ يوسف بن رمضان‬.‫د‬.‫أ‬ ‫جامعة منوبة‬ ‫تونس‬

Abstract: Information and Communication phenomena are now seen rising to the level of paradigm. If Communication, in its classical sense, is as old as man on earth, the real birth of communication in its modern sense goes back to the 1980s after the discovery of multimedia, which resulted from the intersection of the television, the computer, and the telephone. Since then, information technologies and new information offered modern possibilities: creativity, design, scientific research, economics and management, work, services … What has been called “Information society and communication,” first devoted to a philosophic, social, and utopist project, served human communities to be equal and open on each other; communities that used to believe in values of cooperation, exchange of experiences, and sentiments as it is a new social type soon transformed into individual and communal purposes, multinational firms, and visible and invi ible states, the purpose of which is unlimited interest. Multimedia development coincided with the emergence of a lot of problems that reached all society’s dimensions: social, political ,ec nomic , cultural, mediatic , educational, and moral; problems seen getting wide and complicated particularly for developing societies which found themselves forced to acquire these new information and communication technologies and adapt to it, as a necessary condition to survive. These growing problems are not only special 317

to the scientifically or technologically developed societies, but to all countries of the world, though with different levels. What is of interest is that science and knowledge are no longer li ited to academic spaces classically known as universities or colleges or institutes or higher schools or research centers, but went beyond the limits of the classical universities to get interested into new i sues that had never been seen within their scope; issues that used to interest only old social actors. Such intersection in roles reaches also other social members like politicians whose professions are no longer limited to a field or a specialty in particular, but are seen open on new roles and new pr fessions. In front of new situations like these produced by the “information, communication and knowledge society” and in the absence of an intellectual reference and symbolic and lucid basics capable of a lowing individuals and communities to understand the relation with oneself and with the other, people found themselves stunned and dulled. What role does communication have today, as an exte sion of philosophy, in dealing with the basic human, social, and global issues and cases? 1. The modern world and “information, communication, and know edge society”: Differences, collective chaos, and the crisis Information and communication society includes – which is like a frame in which the liberal system thinks and works – a growing number of human societies: overdeveloped societies, developed s cieties, and developing societies. From now on, the economics of the world societies and nations, as well as its basic technological equipments and its modes of manag ment of its institutions, organizations, societies, and its cultural, ed cational, and communicational policies and procedures, are no longer 318

beyond the new societal reality imposed by the new information and communication media. No escape, then, from adapting the new info mation and communication technologies where most of the nations feel obliged to depend on them to solve their problems quickly. Thus people discover – whether specialists or not – that the media represent an important space connected organically with all their daily life: work, unemployment, education, entertainment … and so the new problems, that the new societal reality based on information and communication reflects, are abnormal problems. Suddenly and in the face of such new confusing situations, people feel paralyzed and lost because they do not have the appropriate competence to manage a great quantity of information. Does “information and communication society” point to – through networks, new social actors, youth violence, confusion of referees – the emergence of a new social organization, on the local, regional and global levels? Or is it a simple trick or “mediatic” myth or “a new global religion”, as Lucien Sfez used to say, that claims solving all man’s problems: happiness, equality between men, brotherhood, economic development. 2. “Information, Communication, and Knowledge society:” a new representation of man, the other, society, and the world? “Information and communication sciences” today are almost sim lar to the notion of communication as a founding reformer of a new thought. “Communicative thought” is that which is in the “interse tion of various specialties” in information and communication. This thought is like a new vision for the relationship with oneself, the other, and the world; a relationship that connects human beings. 319

This communicative thought tries also to involve these relationships between people in their social/cultural and historical contexts and show the invalidity of the sender model for being based on a hie archal conception, linear and static vision, on the one hand, and a demeaner and degrader of human value, on the other. In addition to that, there is another old/new variable represented in the notion of network which is becoming the center of interest for human sciences, sociology, and information and communication sciences, as its use by these sciences may indicate a real change in how to deal with social reality. This basic notion (the notion of ne work) on which “information and communication society” depends broke through all fields of thought and scientific research (socio ogy, economics, international relations …) in order to renovate it by reexamining most of the notions and terminologies which are no longer epistemologically in consort with the new societal realities. Beside the basic variables stated above (communicative thought, network, etc) on which “information and communication society” is based, new approaches in information and communication tend to doubt in some of the notions which used to be convenient and appropriate for communication between people (the notion of ce tainty). Unlike the traditional communication which focused on the material and objective dimensions of the phenomena and realities of communication, the new communication, as modern research cu rents ( like Palo/Alto school) helped strengthen, tries to find a place in the networks and personal relations between individuals and social communities and societies.

320

‫مقدمــــة ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫حيتل اليوم االتصال واملعرفة مكانة «برادجيم»(‪ )Paradigme)(1‬أو منوذج مرجعي‬ ‫ ‬ ‫سائد يف العلوم االنسانية واالجتماعية لفهم واقع اإلنسان واجملتمع (يف اجلمع) و‪/‬أو تفسريه‬ ‫وحتليله ‪ ،‬وهو حبكم هذه الصفة ‪ ،‬خيرتق ّ‬ ‫كل حقوق املعرفة العلمية وقطاعات وجماالت‬ ‫املمارسات املهنية واالجتماعية ‪ .‬ويثري هذان املصطلحان ( االتصال واملعرفة) ‪ ،‬يف اآلونة ال ّراهنة‪،‬‬ ‫موجة من احلماس واجلدل احلادّ‪ ،‬كما هو الشأن عادة ‪ ،‬عندما ينفجر جتديد تكنولوجي‪ ،‬على‬ ‫نطاق واسع‪ ،‬يكون مصحوبا بتأثري موضة من املوضات‪.‬‬ ‫خاصة ‪ ،‬هي قدمية جدّا ‪ ،‬قدم‬ ‫ ‬ ‫وإذا كانت أصول االتصال ‪ ،‬يف معناه التقليدي ّ‬ ‫فثمة فرض ّية جديدة تقول ّ‬ ‫إن نشأة االتصال يف معناه احلداثي – أي‬ ‫اإلنسان على األرض ‪ّ ،‬‬ ‫االتصال كواقعة اجتماعية حامسة ومؤ ّثرة ويف متناول مجاعات منظرين وباحثني وخرباء‬ ‫خاصة ‪ ،‬بعيد اكتشاف‬ ‫وممارسني ‪ -‬ترجع فقط إىل مثانينات القرن املاضي ‪،‬وكان ذلك ّ‬ ‫مثمنة اجتماعيا‬ ‫وتط ّور امللتيميديا ‪،‬اليت نشأت بدورها نتيجة تقاطع وسائط اتصال ثالث‪ّ ،‬‬ ‫بدرجة عالية ‪ :‬التلفزيون ‪ ،‬والكمبيوتر واهلاتف‪.‬‬ ‫ومنذ تلك الفرتة وفـّرت تقنيات االتصال واإلعالم اجلديد ة (‪ )2‬إمكانيات حديثة مل‬ ‫ ‬ ‫تألفها البشرية من قبل وتتصل مبجاالت شتـّى ‪ :‬اإلبداع ‪ ،‬التصميم ‪ ،‬البحث العلمي ‪ ،‬االقتصاد‬ ‫‪ ،‬التـّصرف ‪ ،‬العمل ‪ ،‬اخلدمات وبذلك كانت هذه الوسائط اجلديدة خترتق ّ‬ ‫كل قطاعات‬ ‫وحقول احلياة داخل اجملتمع‪.‬‬ ‫فاالستخدامات االجتماعية األكثر تواترا واملستمدة أو املستوحاة من منط «جمتمع‬ ‫ ‬ ‫خاصـة فـي االستشارات والبحــوث الوثائقيــة‬ ‫اإلعالم و االتصــال» (‪ )3‬ال ّناشـئ ‪ ،‬تتم ّثــل ّ‬ ‫( ‪ ،)les consultations documentaires‬ويف املراسالت االلكرتونية (‪les courriers‬‬ ‫‪ )électroniques‬ويف منابر احلوار (‪...)les formes de discoussion‬‬ ‫ولسائل أن يتساءل ‪ :‬إىل ّ‬ ‫أي مدى بإمكان هذه الوسائط اجلديدة – اليت كانت‬ ‫ ‬ ‫حي ّركها يف بداية األمر ‪ ،‬مشروع فلسفي طوباوي ‪ ،‬كانت غايته خدمة مجاعات إنسان ّية‬ ‫متساوية ومنسجمة ومفتوحة على الدّوام على اآلخر‪ ،‬إذن إىل ّ‬ ‫أي مدى بإمكان هذه الوسائط‬ ‫اجلديدة جتذير وترويج قيم ال ّتعاون والتضامن وال ّتبادل احل ّر للمعلومات واملعارف والتـّجارب‬ ‫والعواطف‪...‬؟‬ ‫‪321‬‬

‫الصمود وجمابهة أطماع وشهوات‬ ‫ ‬ ‫كم وقتا آخر ستتم ّكن هذه الوسائط ‪ ،‬من خالله‪ّ ،‬‬ ‫وإغراءات أفراد ومجاعات اجتماعية ومنظـّمات وحتـّى دول مرئ ّية و‪ /‬أو غري مرئ ّية يبحثون‬ ‫(وتبحث) عن الق ّوة والتأثري واهليمنة ؟‬ ‫ّ‬ ‫مجة وغري مألوفة ال‬ ‫ ‬ ‫إن التط ّور املذهل هلذه الوسائط اجلديدة كان يطرح مشكالت ّ‬ ‫حصر هلا ‪ ،‬هي يف ذات الوقت ‪ ،‬ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية وسياسية ‪ /‬قانون ّية وثقاف ّية‬ ‫«وميدياتيك ّية» (‪ )médiatique‬وفن ّية (‪ )esthétique‬وأخالق ّية وتربويّة‪....‬‬ ‫ونظرا جلسامة هذه املشكالت املتصلة بهذه الوسائط وتعقدها مل يعد ممكنا تناسيها‬ ‫ ‬ ‫خاصة يف اجملتمعات‬ ‫من قبل األفراد واجلماعات االجتماعية‪ ،‬على امتداد الكرة األرض ّية ‪ّ ،‬‬ ‫ال ّنامية حديثا ‪ ،‬اليت تبدو مقحمة وحمشورة وجمربة أكثر فأكثر على اعتماد تقنيات‬ ‫اإلعالم و اال ّتصال اجلديدة و ‪ /‬أو متّلكها كشرط «ضروري» لوجودها وبقائها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كــل اجتاهاتهــا واختصاصاتهـــا (العلـــوم‬ ‫إضافة إىل ما تقدّم ‪ ،‬فالعلــوم فــي‬ ‫ ‬ ‫الصحيحة ‪ ،‬العلــوم التجريب ّيـــــة ‪ ،‬العلــــوم اإلنسان ّيـــــة‪ ،‬واالجتماع ّيــــة ‪ ،‬العلـوم املعرف ّيـــة (‪les‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة منذ بداية القرن العشرين – قد بلغت شوطا من التط ّور‬ ‫‪ّ - )... )sciences cognitives‬‬ ‫مما جعلها ‪ ،‬هي األخرى تتب ّوأ مرتبة النموذج املرجعي األساسي‬ ‫والتخصص واملهن ّية والنضج ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو «الربادجم»‪ ،‬ال فقط يف ميادين تقدّم الفكر العلمي الكالسيكي‪ ،‬يف صلب اجلامعات ومراكز‬ ‫تهتم بقضايا ومسائل اجتماعية وسياس ّية‬ ‫البحوث األكادميية‪ ،‬وإمنا أيضا يف جماالت ّ‬ ‫(السياسيون ‪،‬‬ ‫وأيديولوج ّية‪ ...‬كانت يف سالف ال ّزمان من اختصاص فاعلني اجتماعيني آخرين ّ‬ ‫املشرفون اإلداريّون ‪ ،‬النقابيون‪)...‬‬ ‫ّ‬ ‫إن هذا الغموض يف املنزالت (‪ )Les statuts‬واألدوار (‪ )Les roles‬مل يستثن عددا‬ ‫ ‬ ‫السياس ّيني الذين أصبحت أنشطتهم احلالية تتجاوز أكثر فأكثر كفاءاتهم‬ ‫متزايدا من ّ‬ ‫التقليدية املتصلة أساسا بتسيري املدينة وإدارتها (‪. )la gestion de la cité‬‬ ‫وأمام هذه األوضاع غري املألوفة املرتبطة بــ «جمتمع االتصال واإلعالم واملعرفة»‬ ‫ ‬ ‫الناشئ ونظرا لغياب عالمات ونقاط استدالل مالئمة – متكـّن خمتلف أطراف الفعل‬ ‫االجتماعي من قراءة مالئمة للعالقات اليت يقيمونها مـــع الذات ومــع اآلخر ومع العامل –‬ ‫يبدي (و‪ /‬أو تبدي ) األفراد واجلماعات االجتماعية واجملتمعات حرية وقلقا يصعب كبتهما ‪،‬‬ ‫يف اللحظة ال ّراهنة‪.‬‬ ‫‪322‬‬

‫ويف هذا السياق كتب املفكر والباحث الفرنسي يف علوم اإلعالم واالتصال دنيال‬ ‫ ‬ ‫بونيو ‪ ))Daniel BOUGNOUX‬ما يلي ‪« :‬على طريقته يواصل « االتصال « الفلسفة‬ ‫وذلك عرب دفعه لقضايا تقليدية كربى حول احلقيقة والواقع وال ّرابطة االجتماعية واملخيال‬ ‫وامكانية التدريس والعدالة والوفاق واجلمال‪ ..‬وذلك بواسطة مصطلحات متجدّدة ‪)4( ».‬‬ ‫‪ -1‬العامل ال ّراهن و»جمتمع االتصال واملعرفة ‪ :‬املفارقات‪ ،‬الفوضى اجلماعية ‪ ،‬القلق‬ ‫واالضطراب» ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكأن النظام الليربالي اجلديد‬ ‫إن «جمتمع اإلعالم واالتصال واملعرفة» الذي يبدو‬ ‫ ‬ ‫يفكـّر يف ذاته من خالله ويعبرّ عنها وينجزها على نطاق عاملي – يطال‪ ،‬وإن بدرجات متفاوتة‪،‬‬ ‫عددا متزايدا من اجملتمعات البشرية ‪ ،‬سواء كانت ما فوق نامية أو نامية أو يف طور النم ّو‪.‬‬ ‫ومن هنا فصاعدا فاالقتصاديّات والبنى التحتية ‪/‬التكنولوجية وطرق إدارة اجملتمعات‬ ‫ ‬ ‫وتسيريها والس ّياسات الثقافية و»امليدياتيكية» والرتبويّة والقوانني ذاتها ‪ ...‬لكافة أمم األرض‬ ‫تقريبا تتأثر بهذا النمط اجملتمعي اجلديد وترى نفسها مكرهة أو مرغمة على التأقلم مع‬ ‫الواقع اجلديد ( يف اجلمع) ‪ ،‬وذلك باعتماد حلول سريعة ‪ ،‬ملشكالتهم العاجلة واملعقدة‪ ،‬واليت‬ ‫يتم التفكري فيها مل ّيا ‪.‬‬ ‫غالبا ما ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن ال ّناس اليوم‪ ،‬باختالف مشاربهم وأصنافهم ‪ ،‬سواء كانوا من أهل اخلربة‬ ‫ ‬ ‫واالختصاص أو كانوا‪ ،‬ببساطة ‪ ،‬بشرا عاديّني – هم بصدد االكتشاف ‪ ،‬ولو بصورة حدس ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن وسائط اإلعالم واال ّتصال واملعرفة ‪ ،‬القدمية منها واحلديثة ‪ ،‬تش ّكل موضعا مركزيا‬ ‫طال ويطال حتى حياتهم اليومية أي إن هذه الوسائل أصبحت تقيم عالقة منتظمة أو شبه‬ ‫منتظمة مع ّ‬ ‫كل أبعاد حياتهم االجتماعية ‪ :‬العمل ‪ ،‬البطالة ‪ ،‬الرتبية ‪ ،‬الرتفيه إخل‪...‬‬ ‫وأصبحت متثل هذه الوسائط ‪ ،‬بال ّتالي ‪ ،‬ظاهرة اجتماعية شاملة – كما يقول‬ ‫ ‬ ‫مارسال موس (‪ )Marcel MAUSS‬الباحث االجتماعي وعامل االنثروبولوجيا الفرنسي –‬ ‫ظاهرة ّ‬ ‫حتث مستخدميها على اجملابهة الدّائمة‪ .‬وهكذا تسنـّى لإلنسانية مجعاء أن تدرك‬ ‫خاصة عرب خنبها العلم ّية والفكرية والسياسية واإلدارية وكذلك من خالل‬ ‫أكثر فأكثر ‪ّ -‬‬ ‫اتجّ اهات رأيها العام ‪ -‬أن املشكالت اليت يطرحها «جمتمع اإلعالم واالتصال واملعرفة»‪ ،‬هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬هي مشكالت أعقد من أن تنعت بالعادية أو املبتذلة ‪ .‬وملّا وجد الناس أنفسهم مقحمني‬ ‫‪ ،‬يف واقع األمر ‪ ،‬يف وضع ّيات غري مألوفة وحميرّ ة كهذه ‪ ،‬وحبثا عن مسالك وأطر ومقاييس‬ ‫‪323‬‬

‫وعالمات تساعدهم على فهم ما جيري من حوهلم من أحداث وأفعال ووقائع ‪ ...‬أخذ هؤالء‬ ‫الناس ‪ -‬أفرادا ‪ ،‬ومجاعات اجتماعية – يبدون نوعا من اهللع والضياع املتزايدين وسط فيض‬ ‫وغزارة املعلومات ال ّ‬ ‫الحمدودة اليت يصعب ضبطها والتح ّكم فيها ‪ .‬وحتى أمام مسائل ملموسة‪،‬‬ ‫ترتبط حبياتهم اليومية‪ ،‬غالبا ما أصبــح ال ّناس يع ّبــرون عـــن‬ ‫عجزهم عن الفعل ويق ّرون بعدم كفاءتهم يف إبداء الرأي إزاء مسائل تتصل مبحيطهم املباشر‪.‬‬ ‫وإذن إن كان ال ّناس يف اللحظة ال ّراهنة عاجزين عن ال ّتعامل مع أبسط املسائل‬ ‫اليت ّ‬ ‫متت إىل واقعهم اليومي والعادي فما عسى أن يقول هؤالء األفراد وهذه اجلماعات إزاء‬ ‫وصحي ‪،‬‬ ‫قضايا كربى ومع ّقدة ذات طابع اقتصادي ومالي وسياســـي وايكولوجي (بيئي)‬ ‫ّ‬ ‫قضايا تسعى شيـــئـــا فشــيئــا إلـى التقننـــة (‪ )la technicisation‬وإلــــــى مــزيــد مــن ال ّزيـــــف‬ ‫(‪ )la sophistification‬؟ ه ّ‬ ‫ال يعكس «جمتمع اإلعالم واالتصال» ويؤشــّر‪ ،‬عرب آخر‬ ‫متظهراته (نشأة شبكات وفاعلني اجتماع ّيني جدد‪ ،‬بروز أشكال جديدة من االجتماعية‪،‬‬ ‫الفوضى اجلماعية ‪ ،‬عنف الشباب ‪ ،‬اضطراب احلكام‪ ،‬ارتباك الوظائف االجتماع ّية املتعدّدة‬ ‫‪ ، )...‬إذن أال ينبئ ويعلن هذا النموذج اجملتمعي ال ّناشئ ‪ -‬والقائم أساسا على اإلعالم واالتصال‬ ‫– بروز تنظيم اجتماعي على املستوى احمللــّي واإلقليمي والعاملي ؟ أم هل ميثل « جمتمع‬ ‫اإلعالم واالتصال « هذا‪ ،‬إطارا لل ّتالعب بالعقول أو وهما ميدياتيك ّيا( ( ‪aune fiction médi‬‬ ‫حل ّ‬ ‫‪ )tique‬أو كما يقول لوسيان سفاج(‪ « )Lucien SFEZ‬ديانة عاملية جديدة تزمع ّ‬ ‫كل‬ ‫مشكالت اإلنسان ّية وتوفري السعادة واملساواة بني البشر واألخوة والتنمية االقتصادية والتفاعل‬ ‫االجتماعي» «جمتمع اإلعالم واالتصال «(‪ )5‬الذي يتوجب التشهري مبخاطره ‪.‬‬ ‫‪« -2‬جمتمع اال ّتصال واملعرفة» ثقافة جديدة ‪،‬فكر جديد‪ ،‬متثل جديد لالجتماعي ؟‬ ‫مؤسس‬ ‫ ‬ ‫تقارب اليوم علوم اإلعالم واال ّتصال مفهوم االتصال على آنه مصطلح ّ‬ ‫(‪(6‬‬ ‫لفكر جديد ينعت «بالفكر االتصالي» )» ‪ )la pensée communicationnelle‬والذي‬ ‫(‪.)7‬‬ ‫يتموضع يف «مفرتق اختصاصات شتى»‬ ‫ّ‬ ‫إن هذا الفكر هو مبثابة طريقة أو رؤية جديدة للكون كما كان الشأن بالنـسبة‬ ‫ ‬ ‫إىل حقول تفكري علمي أخرى كعلم االجتماع ‪ ،‬بوجه اخلصوص ‪ ،‬الذي كان ينظر له يف‬ ‫املاضي كمقاربة جديدة جملتمع صناعي يريد أن يعي بذاته‪ .‬وتوىل هذه العلوم (علوم‬ ‫خاصة إىل السياقات االجتماعية ‪ /‬الثقافية وتعطى مفهوم‬ ‫اإلعالم واال ّتصال) أهم ّية ّ‬ ‫العالقة بالذات اهتماما أساس ّيا‪ .‬وجيب أن تربط هذه العالقة ‪ -‬حسب دانيال بونيو( ( ‪nDa‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫‪ - ) iel BOUGNOUX‬بني ذوّات إنسانية وليس بني كائنات بشريّة وأشياء‪.‬‬ ‫‪324‬‬

‫يتأسس على‬ ‫كذلك يريد الفكر االتصالي تبيان عدم صلوح ّية منط املرسل يف االتصال الذي ّ‬ ‫رؤية تسلسليــة (‪ )une conception hiérarchique‬وخط ّيـــة (‪ )linéaire‬وسكونية‬ ‫(‪ )statique‬للوقائع االجتماعية‪.‬‬ ‫ويعترب هذا ال ّنمط خمفـّضا أو مقـلـّال لقيمة املرسل ‪ ،‬نظرا لكونه يتجنب إدراج الوقائع اإلنسان ّية‬ ‫واالجتماع ّية يف سياقاتها اجلغرافية و الثقافية والتارخي ّية‪.‬‬ ‫وفضال عن ذلك ‪ ،‬فااللتجاء املكثف من قبل العلوم اإلنسان ّية واالجتماع ّية وعلوم‬ ‫ ‬ ‫اإلعالم واال ّتصال ‪ ،‬منذ عقدين من ال ّزمن تقريبا‪ ،‬إىل مفهوم الشبكة‪ ،‬يبدو وكأنه عالمة‬ ‫تكشف عن تغيري فعلي يف طريقة مقاربة الواقع‪.‬‬ ‫السياق ذاته كتب سيلفان اللموند (‪ )Sylvain ALLEMAND‬ما يلي ‪:‬‬ ‫ ‬ ‫ويف ّ‬ ‫ّ‬ ‫«وبإحيائه فكرة الالرمسي (‪ )l’idée d’informel‬واملرور والتبادل والثقة‪ ....‬يوفـّر مفهوم‬ ‫الشبكة ‪ ،‬يف الواقع ‪ ،‬عناية للتـأكيد على حقائق بقيت طويال مغمورة وفاقدة لالهتمام رغما‬ ‫عن أهميتها البالغة يف فهم التفاعالت االجتماعية وكيف ّية اشتغال املنظمات (‪ »)9‬ترى كيف‬ ‫تعاملت العلوم اإلنسانية واالجتماعية مع مفهوم الشبكة ؟‬

‫‪ - 1.2‬املقاربة السوسيولوجية ‪:‬‬ ‫هذا الصنف من املقاربات‪ ،‬الذي يقوم على مفهوم الشبكة( ( ‪éLa notion de r‬‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫‪ )seau‬ينتظر من الباحثني االجتماعيني تركيز اهتماماتهم العلمية أوّال وقبل كل شيء‬ ‫على العالقات اليت ينسجها (أو تنسجها) األفراد واجلماعات االجتماعية مع اآلخرين ومع‬ ‫حميطاتهم االجتماعية ‪ /‬الثقافية القريبـــة و‪ /‬أو البعيــدة وذلك عوضــا عــن إعطــاء األولويــة‬ ‫لألصنــاف االجتمــاعية (‪ .)Les catégories sociales‬كذلك ينزع علماء االجتماع أكثر‬ ‫فأكثر يف إطار هذه املقاربة‪ ،‬إىل تفضيل العالقات األفقية على حساب العالقات العمودية‪.‬‬

‫‪ -2.2‬املقاربة االقتصادية ‪:‬‬ ‫أما الوقائع ّ‬ ‫يتم دراستها ‪ ،‬وفق نفس املقاربة‪( ،‬مقاربة‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫والظواهر االقتصاديّة اليت ّ‬ ‫الشبكة)‪ ،‬فهي حتاط وتعاجل ضمن سياقات العالقات اإلنسان ّية واالجتماعية (عالقات الثقة‬ ‫‪ ،‬والتجاذب والتعاون والتضامن والتنافس والتصارع‪ )...‬اليت كان ينظرهلا ‪ ،‬باألمس القريب‬ ‫‪325‬‬

‫ّ‬ ‫ومعطلة‪.‬‬ ‫فقط ‪ ،‬على أ ّنها عالقات غري اقتصادية أي عالقات مربكة‬

‫‪ - 3.2‬مقاربة العالقات الدّولية ‪:‬‬ ‫يف هذا اجملال‪ ،‬ومن زاوية نفس املقاربة (املقاربة بواسطة الشبكة) ال تدرس العالقات‬ ‫ ‬ ‫يتم تناوهلا فقط على أساس أنها عالقات بني دول ‪ ،‬كما كانت تعاجل يف املاضي‬ ‫الدولية وال ّ‬ ‫‪ .‬فهذه العالقات (الدولية) تأخذ يف االعتبار مكانة وسلطة فاعلني اجتماعيني جدد ‪ ،‬رمس ّيني‬ ‫وغري رمس ّيني (األحزاب السياسية املستقلة ‪ ،‬أحزاب املعارضة السياسية ‪ ،‬النقابـات ‪ ،‬املنظمات غري‬ ‫احلكوم ّية (‪ )Les ONG‬النخب الفكريّة والثقاف ّية ‪ ،‬احلركات االجتماعية والثقافية والسياسية‬ ‫‪ ،‬مجاعات املقاومة‪)...‬‬

‫‪ - 4.2‬املقاربات االتصالية ‪:‬‬ ‫عامة ت ّت ّجه هذه املقاربات اال ّتصالية ‪ ،‬بواسطة الشبكة ‪ ،‬أكثر فأكثر حنو‬ ‫ ‬ ‫وبصورة ّ‬ ‫أمناط حتليل تأخذ يف االعتبار ‪ ،‬يف ذات الوقت ‪ ،‬تعقد (‪ )la complexité‬الوقائع االجتماعية‬ ‫وديناميتها وتنزع باطراد إىل التشكيك يف التمشيات الكالسيكية القائمة على ازدواجية رؤيتني‬ ‫‪ :‬الرؤية احلتمية (‪ )la conception déterministe‬والرؤية الفردانية (‪la conception‬‬ ‫‪)individualiste) . (10‬‬ ‫ويف واقع األمر ‪ ،‬فحسب هذا التمثل اجلديد للمجتمع وللكون ‪ ،‬فالفاعلون االجتماعيون‬ ‫ ‬ ‫ سواء كانوا رمسيني أو غري رمسيني ‪ ،‬مركزيـّني أوهامشيني ‪ -‬هم يتمتعون ‪ ،‬يف أعماهلم‬‫وتصرفاتهم ويف عالقاتهم بفاعلني اجتماعيني آخرين ‪ ،‬بهامش مبادرة تساعدهم على ردّة الفعل‬ ‫مع اآلخر مع األخذ يف االعتبار ‪ ،‬يف ذات الوقت‪ ،‬حبرياتهم الفردية وحبتميات السياقات احمليطة‬ ‫املختلفة‪.‬‬ ‫أال تعطي هذه املقاربات لال ّتصال ‪ -‬القائمة على الشبكة واملستندة إىل مفاهيم التسيري‬ ‫ ‬ ‫أو اإلدارة اجلماعية (‪ )la gouvernance‬والرأمسال االجتماعي (‪)le capital social‬‬ ‫واالجتماعية (‪ - )la sociabilité‬الفرصة للتوصل إىل منط اتصال أفضل بني الناس ‪ ،‬أفرادا‬ ‫كانوا أو مجاعات اجتماعية أو جمتمعات أو أمما ؟‬

‫‪ - 5.2‬مقاربات االتصال املعاصرة األخرى ‪:‬‬ ‫تأسست عليه مقاربات‬ ‫من جهة أخرى ‪ ،‬وزيادة عن متغري الشبكة املركزي ‪ ،‬الذي ّ‬

‫ ‬ ‫‪326‬‬

‫جديدة يف اال ّتصال و كانت تدور يف فلكه متغيرّ ات تابعة ّ‬ ‫متت اإلشارة هلا سابقا ‪ ،‬تنزع مقاربات‬ ‫جديدة أخرى يف اال ّتصال إىل التشكيك يف بعض املفاهيم اليت كانت باألمس القريب فقط‬ ‫مالئمة ومناسبة لالتصال بني الناس‪.‬‬ ‫نذكر على سبيل املثال ‪ ،‬مفهوم اليقني (‪« . )la certitude‬ويف الواقع إن اليقني هو‬ ‫ ‬ ‫مسؤول عن تعالي أو كربياء واضعي األنظمة [ ‪ ]...‬وأمام فشله فسيحدث هذا اليقني فوضى‬ ‫شافية تستطيع بواسطتها اجتاهات الرأي استعادة الثقة والوجاهة‪ .‬ترى من يعرف ‪ ،‬من هنا‬ ‫فصاعدا ‪ّ ،‬‬ ‫أن الذي يستبعد من العلم هو الذي ميلك مفاتيحه ؟‬ ‫إن األفضل من بني الفالسفة ‪ ،‬كانوا دائما على دراية أن العالقات املتبادلة بني‬ ‫ ‬ ‫الذوات اإلنسانيـــــة هـــــــي مبقابـــــــل يتمثـــــــل فـــــــي قبـــــــول نهايــــة الوجــــود ‪l’inter-( ،‬‬ ‫‪ )subjectivité est au prix de l’acceptation de la finitude‬وهي نهاية حتول دون‬ ‫متكيننا من أن نصبح آهلة عاملة ّ‬ ‫بكل شيء»‪)11( .‬‬ ‫فاالتصال اجلديد (‪ - )la nouvelle communication‬كما أسهمت يف إنشائه‬ ‫ ‬ ‫تيارات حبث حديثة (مدرسة بالو آبتو يف االتصال على سبيل املثال) (‪ – )12‬ال يرغب يف أن‬ ‫يندرج متاما يف الواقع املوضوعي ‪ ،‬املادّي لل ّناس فهو ينزع ‪ ،‬دون انقطاع ‪ ،‬إىل التموضع ‪ ،‬داخل‬ ‫الشبكات والعالقات الذاتية اليت تربط بني األفراد واجلماعات واجملتمعات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن عاملا مجيال وشفافا ومنسجما ومفرغا من املشكالت والعنف ‪ -‬عامل يسوده يقني‬ ‫ ‬ ‫نهائي ‪ -‬هو مبثابة اجلنة املفقودة اليت يستحيل على اإلنسان إدراكها يف هذه األرض املكتضة‬ ‫باملآسي اليت ال حصر هلا‪.‬‬ ‫وإذا كانت هذه اجلنة املفقودة غري قابلة لإلجناز – يف بداية األلفية الثالثة ‪ ،‬اليت‬ ‫ ‬ ‫ال تزال فيها األحكام املسبقة ‪ ،‬والشك وأزمة املعنى وانعدام الثقة قادرة على التحكم والتأثري‬ ‫يف العالقات القائمة بني الناس (أفرادا و‪/‬أو مجاعات) وكذلك بني األمم والثقافات واألديان‬ ‫واحلضارات – فهذا ال يعين أن اإلنسانية قاطبة ليست حباجة اليوم ‪ ،‬كي تبقى وتواصل احلياة‬ ‫‪ ،‬إىل خلق ظروف دنيا تكفل هلا اتصاال أفضل بني بين اإلنسان ‪ ،‬ظروف تقوم على مفاهيم‬ ‫احلرية واألمن واألمان ‪ ،‬واالعرتاف باآلخر ‪ ،‬واحرتام اهلويات الفردية واجلماعية والتعاون ‪.‬‬ ‫ومع ذلك فكل هذه املفاهيم هي مدرجة يف ّ‬ ‫كل دساتري أمم ودول العامل‪.‬‬ ‫‪327‬‬

‫باألمس القريب فقط ‪ ،‬كان يبدو العامل ممكنا وقابال للتحكم‪« .‬فكان لكل شيء‬ ‫ ‬ ‫اخلاص (‪)son poids déterminée‬‬ ‫مقياسـه (‪ )sa norme‬وقياسه (‪ )sa mesure‬ووزنه‬ ‫ّ‬ ‫[ ‪]...‬‬ ‫(‪)13‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن كل تغيري رايكالي وكل عنف كان يبدو شبه مستحيل يف تلك املرحلة من احلكمة‪».‬‬ ‫اليوم تبدو البشرية منساقة ومنجذبة أكثر فأكثر من قبل قوى الشر و»الدمار‬ ‫ ‬ ‫الشامل»‪ .‬أليست اإلنسانية قاطبة يف حاجة م ّرة أخرى ‪ ،‬إىل احلوار وإىل االخنراط يف نقاشات‬ ‫معمقة يف مسائل كربى تتصل باللحظة ال ّراهنة ‪ ،‬كالعنف واإلرهاب واحلرب واجلوع‬ ‫ّ‬ ‫واخلوف‪ ...‬حوارات ونقاشات هي كفيلة ‪ ،‬بالتالي ‪ ،‬بأن متكننا من الرجوع ثانية إىل منابع‬ ‫الرتاث الثقايف اإلنساني عرب خمتلف أزمنته وفضاءاته اجلغرافية ‪ /‬الثقافية‪ .‬أال حتتاج أنظمتنا‬ ‫املرجعية احلالية ‪ ،‬القائمة إىل ح ّد كبري على احلسابات اجملردة والعقالنية والكفاءة التقنية ‪،‬‬ ‫إىل إجياد نوع من الوفاق مع فلسفات املثالية الربيئة اليت حتتكم إليها األجيال السالفة ؟‬

‫المالحظات الهامشية والمراجع البيبليوغرافية‬ ‫‪« )1‬الربادجيم» (‪ )Le paradigme‬عبارة ذات أصول يونانية ومركبة من ‪:‬‬ ‫• • ‪ : Para‬ومعناها قريب من‬ ‫• •و ‪ : Deigma‬وتعين ‪ :‬منوذج ‪ ،‬منط ‪ ،‬مثال‪....‬‬ ‫ويف اجملال املنهجي استخدمت هذه العبارة غري الدّقيقة من قبل مؤ ّرخ العلم توماس كاهن‬ ‫السائدة (‪ ) Théorie dominante‬والنظرية يف‬ ‫(‪ )Thomas KUHN‬يف معنى النظريـة ّ‬ ‫كلمة هي مبثابة نظـــــام تفسيــــري( ‪ ) un système explicatif‬الذي تؤكده التجربة‬ ‫امليدانية أو تفنده ‪ ،‬إن جزئيا أو كليا ‪ .‬والنظرية السائدة أي تلك اليت تسود ومتارس السلطة‬ ‫املطلقة وبذلك تؤثر بصورة حامسة على األفراد واجلماعات‪.‬‬ ‫وعبارة السيادة ‪ )La domination( :‬هي مشتقة من الفعل الالتيين ‪ dominare‬مبعنى‬ ‫ساد ‪ ))Etre maître :‬واستعملت عبارة «برادجيم « أيضا كمرادف للتفسري املقبول بوجه عام‬ ‫أو يف معنى منط املقاربة النظرية للواقع االجتماعي ّ‬ ‫ومثة من يرى ّ‬ ‫أن هذا املفهوم يقوم على‬ ‫وصف املعتقدات اليت غالبا ما تكون ضمنية واليت تعتمد كأساس من قبل الباحثني لوضع أو‬ ‫بناء نظرياتهم وصياغة إشكالياتهم ‪ ،‬وبصورة أمشل لتحديد أهداف حبوثهم ومنهجياتهم‪.‬‬ ‫ففي جماالت العلوم االجتماعية‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬يرى ماكس ڤيرب(‪ّ )Max WEBER‬‬ ‫أن‬ ‫فهم و ‪/‬أو تفسري الظاهرة االجتماعية يتطلب أن ّ‬ ‫توضح أو تبينّ ‪ ،‬حسب نفس املفكر ‪ ،‬أفعال‬ ‫األفراد ومعتقداتهم ومواقفهم اليت تنجم عنها هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫انظر ‪:‬‬ ‫‪328‬‬

‫‪Jean François DORTIER ( sous la direction de) Le dictionnaire des‬‬ ‫‪.sciences humaines. Paris, Editions Sciences Humaines, 2008, p.535‬‬ ‫انظر ‪:‬‬ ‫ ‪Armand et Michèle MATTELART. Penser les médias , Paris, Ed‬‬‫‪.tions la Découverte , textes à l’appui , 1986‬‬ ‫‪ )2‬تقنيات اإلعالم واالتصال اجلديدة ‪:‬‬ ‫هي بإجياز كبري التقنيات اليت ب ّوأت اإلعالم واالتصال مكانة مركزية يف اجملتمعات الغربية‬ ‫املعاصرة وخاصة منها جمتمعات مشال أمريكا واليابان واكتسبت هذه التقنيات مشروعية‬ ‫اجتماعية متزايدة باعتبار ‪:‬‬ ‫ اخلدمات اجلديدة بواسطة تقنية االستعالم (‪ )l’informatique‬أو تقنية معاجلة املعلومات‬‫إلكرتونيا بهدف معاجلة مشكالت وأوضاع هي على غاية من ال ّتعقيد وكذلك بهدف استشراف‬ ‫املستقبل ‪.‬‬ ‫ نفس اخلدمات عرب املواصالت أو االتصاالت عن بعد أو االتصاالت الالسلكية وعرب اهلاتف‬‫اجلوال والتلفزيون بواسطة األقمار الصناعية‪.‬‬ ‫ خدمات األنرتنات خاصة منها اليت أحدثت يف وقت وجيز ‪ -‬وال تزال ‪ -‬حتوالت جمتمعية‬‫متسارعة وهامة يف كل جماالت احلياة (السياسة ‪ ،‬االقتصاد ‪ ،‬اإلعالم ‪ ،‬الثقافة ‪ ،‬الرتبيـــة ‪،‬‬ ‫العالقات الدولية ‪ )... ،‬واليت جتسمـــت فـــي إنتــــاج اجتماعيــة جديـــدة( ( ‪oune nouvelle s‬‬ ‫‪ )ciabilité ou socialité‬كل هذه اخلدمات املتنوعة واملتكاثفة لتقنيات اإلعالم واالتصال‬ ‫تنبئ وتؤشر‪ ،‬حسب عديد املالحظني والباحثني ‪ ،‬إىل نشأة جمتمع جديد مالحمه هي بصدد‬ ‫التشكل ‪ ،‬خاصة يف جمتمعات ما بعد احلداثة ‪« :‬جمتمعات اإلعالم واالتصال» (مشال امريكا‬ ‫‪ ،‬اليابان‪)...‬‬ ‫ انظر ‪ :‬دومينيك فولتون التفكري يف االتصال باريس‪ .‬فالماريون ‪.1997 ،‬‬‫( ‪aDominique WOLTON . Penser la communication , Paris, Flamm‬‬ ‫‪).rion, 1997‬‬ ‫‪ )3‬منط جمتمع اإلعالم واالتصال ‪ :‬هو منط جمتمعي ناشئ أي بصدد التشكل‪ .‬نقول هذا‬ ‫ألن عديدين يرون ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن «جمتمع االتصال» هو واقع سوسيولوجي ‪ :‬هذه فكرة أو صورة شائعة‬ ‫‪329‬‬

‫يسمى «باخلرباء» (‪ )les experts‬واملمارسني يف جماالت شتى من اإلعالم واالتصال‪.‬‬ ‫لدى ما ّ‬ ‫انظر ‪ :‬دنيال بونيو ‪ ،‬مقدمة يف علوم االتصال‪ .‬باريس‪ ,‬الديكوفارت سريوس ‪1998 ،‬‬ ‫ ‪Daniel BOUGNOUX, Introduction aux sciences de la communic‬‬‫‪.tion, Paris, La découverte , Syros, 1998‬‬ ‫(‪ )4‬انظر ‪ :‬دنيال بونيو‪ .‬مصدر سابق‪.‬‬ ‫(‪ )5‬انظر ‪ :‬لوسيان شفاز (بإشراف) املنجد النقدي لالتصال‪ .‬باريس املطابع اجلامعية الفرنسية‬ ‫‪.1993 ،‬‬ ‫‪Lucien SFEZ (sous la direction ) Dictionnaire critique de la commu‬‬‫‪nication, Paris, PUF, 1993 ( cité par Jacques LECOMTE , in SCIEN‬‬‫‪CES HUMAINES , n° 30 , Juillet 1993, Page 42).‬‬ ‫(‪ّ )6‬‬ ‫إن عبارة «الفكر االتصالي» هي عنوان لكتاب ألفه برنار مياج‪.‬‬ ‫‪(Le terme de « pensée communicationnelle » est le titre d’un ouvrage de‬‬ ‫‪Bernard MIEGE).‬‬ ‫(‪ )7‬انظر‪ :‬دانيال بونيو ‪ ،‬املصدر السابق‪.‬‬ ‫(‪).Daniel BOUGNOUX, op. cit‬‬ ‫(‪ )8‬انظر ‪ :‬دانيال بونيو ‪ ،‬نفس املصدر‬ ‫(‪).Daniel BOUGNOUX, Ibid‬‬ ‫(‪ )9‬انظر ‪ :‬سيلفان اللموند «الشبكات ‪ :‬نظرة جديدة ‪ :‬أمناط جديدة» سيانس هومان عدد‬ ‫‪ .104‬افريل ‪.22 2004‬‬ ‫‪Sylvain ALLEMAND, « Les réseaux : nouveau regard, nouveaux‬‬ ‫‪modèles ». in Sciences Humaines, n° . 104 , Avril 2000, page 22.‬‬ ‫(‪ . )10‬التعقد (‪)la complexité‬‬ ‫هذه العبارة ّ‬ ‫تدل على جمموع التفاعالت بني عناصر أو متغريات نظام معني‪ .‬أن ننعت وضعا‬ ‫عامة النـّاس ‪ ،‬أنه صعب‬ ‫من األوضاع بأنه معقــّد (‪ )complexe‬فذلك ال يعين كما تظن ّ‬ ‫(‪ )difficile‬بل يعين أنه ّ‬ ‫ثري (‪ )riche‬بعالقاته املكثفة وذات الداللة‪.‬‬ ‫‪330‬‬

‫‪ .‬احلتمية (‪)le déterminisme‬‬ ‫هو مبدأ يقوم عليه ّ‬ ‫كل علم ويتمثل يف افرتاض أوّلي بوجود عالقات ضرورية بني الظواهر‬ ‫(الطبيعية أو االجتماعية)‬ ‫واحلتمية تقوم على مبدإ حدوث الوقائع استنادا إىل نواميس نوعية ال قدرة وال سلطان لإلنسان‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫‪ .‬الفردية أو الفردانية (‪)l’individualisme‬‬ ‫نزعة ترى يف الفرد القيمة القصوى يف ّ‬ ‫كل جماالت احلياة املادية والروحية‬ ‫والرمزية (االقتصاد ‪ ،‬السياسة ‪ ،‬األخالق‪ )...‬نظرية أو مقاربة تؤكد على مكانة الفرد‬ ‫على حساب اجلماعة‪.‬‬ ‫ومن زاوية علم االجتماع فالفردية هي تصور خاص بهذا العلم والذي يرى أن الواقع‬ ‫يفسر أو يفهم فقط من خالل السلوك الفردي‪.‬‬ ‫االجتماعي قد ّ‬ ‫(‪ )11‬االتصال اجلديد (‪)la nouvelle communication‬‬ ‫يتجسم يف منط اتصالي حديث خيتلف أو يتجاوز منط االتصال‬ ‫ميكن تعريفه على أنه‬ ‫ّ‬ ‫املبسط بني مرسل ومتقّبل‪« .‬فاال ّتصال اجلديد» هو مبثابة النظام الدّائري‬ ‫التقليدي البسيط أو ّ‬ ‫أو اجلوقة (األوركسرت ‪ l’orchestre( :‬الذي ‪/‬أو) اليت تسمح ألي كان الدخول فيه (فيها)‬ ‫حيث يشارك الكل يف العزف ضمن أفراد الفرقة املوسيقية وذلك باتباع تقاسيم غري مرئية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن «االتصال اجلديد» كنمط عالئقي غري مألوف ال يقوم على صورة التلغراف – أي على‬ ‫منط يتشكل‪ ،‬من جهة ‪ ،‬من مرسل ‪ ،‬ومن جهة أخرى من متقبل ويتحول هذا األخري بدوره إىل‬ ‫مرسل‪ – ...‬بل على استعارة اجلوقة (‪. )la métaphore de l’orchestre‬‬ ‫«فاالتصال اجلديد» ‪ ،‬وفق هذه الرؤية ‪ ،‬هو نظام ذو قنوات متعدّدة يشارك فيها الفاعلون‬ ‫االجتماعيون يف ّ‬ ‫كل حلظة‪ ،‬سواء بصفة إرادية أو بصفة غري إرادية وذلك عرب تعبريات وردود‬ ‫فعل ومواقف وسلوك (يف اجلمع) تنبع عنهم‪ .‬تتمثل يف نظراتهم وحركاتهم وصمتهم بل‬ ‫حتــّى يف غيابهم‪.‬‬ ‫ انظر ‪, BATESON, BIRDWHISTELL, GOFFMAN, HALL :‬‬‫‪JACKSON, SCHEFLEN, SIGMAN, WATZ LAWICK, La nouvelle‬‬ ‫‪communication. Textes recueillis et présentés par Yves WINKIN.‬‬ ‫‪Editions du seuil, collection Points, 1981.‬‬ ‫ انظر ‪Jean Michel BESNIERS(préface) in Guitte PESSIS-PASTERNAK‬‬‫‪(entretiens avec ) le social et les paradoxes du chaos, Paris, Desclée De‬‬ ‫‪. Brouwer, 1996, page‬‬ ‫‪331‬‬

332

‫اآلثار االجتماعية والنفسية لالنترنت على الشباب في دولة اإلمارات‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫(دراسة ميدانيه على طلبه جامعة الشارقة ) ‪2009 -‬‬

‫د‪ .‬فوزية عبد اهلل آل علي‬ ‫جامعة الشارقة‬ ‫االمارات العربية املتحدة‬

‫مقدمة‬

‫يعيش العامل اليوم مرحلة جديدة يف جمال التطورات التقنية احلديثة ‪ ،‬حيث مت مزج نتائج‬ ‫وخال صات ثالث ثورات هي ‪ :‬ثورة املعلومات ثم ثورة وسائل االتصال املتمثلة يف تقنيات‬ ‫االتصال احلديثة ‪ ،‬وأخرياً ثورة احلاسبات اإللكرتونية اليت تغلغلت يف مجيع مناطق احلياة‬ ‫وامتزجت بكل وسائل االتصال واندجمت معها ‪.‬‬ ‫وجيمع العلماء واملتخصصني على إن إنشاء شبكة املعلومات الدولية ( اإلنرتنت ) يعد أهم‬ ‫إجناز تكنولوجي حتقق إذا استطاع اإلنسان أن يلغي املسافات وخيتصر الزمن وجيعل من‬ ‫العامل أشبه بشاشة الكرتوينة صغرية ‪ ،‬وبذلك أصبح االتصال اإللكرتوني وتبادل األخبار‬ ‫ونقل املعلومات من احلقائق امللموسة اليت متثل إحدى املقومات األساسية للنمو االقتصادي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫واالجتماعي والثقايف ألي جممع ‪.‬‬

‫ومع توافر اإلنرتنت واإلقبال املتواصل على استخدامه مل يستطيع مستخدمو اإلنرتنت‬ ‫إدارتك مفاهيمه وال حتى تقدير حمتوياته ‪ ،‬ويف الثمانينات كان االرتباك أكثر العقبات‬ ‫املالحظة اليت عرقلت عملية تطوير اإلنرتنت واليت جعلت منه إدارة غري عملية ‪.‬‬ ‫ولكن مع ظهور تقنيات جديدة فإن بعض التطورات بدأت تدخل يف بيئة اإلنرتنت ‪ ،‬كذلك‬ ‫بالنسبة للخدمات اليت يوفرها والذي أدى تطوره إىل املستوى البارز الذي وصل إليه حالياً‬ ‫‪ ،‬باستطاعتنا إن نتواصل ونستقبل العديد من خمتلف املعلومات واخلدمات عن طريق‬ ‫اإلنرتنت من غري تكاليف باهظة ‪ ،‬فعلى سبيل املثال مسح لنا الربيد اإللكرتوني أن نتواصل‬ ‫مع الناس من مجيع إحناء العامل بتكلفة زهيدة وبشكل سريع وفعال باإلضافة إىل كل ذلك‬ ‫فإننا نستطيع من غري صعوبة تصفح مراجع البحوث ( البيلوغرافيا ) من مكتبة الكوجنرس‬ ‫واحلصول على كل أنواع البيانات وعمـل دعـايات للشركات واملؤسسات والدخـول بسهولة‬ ‫إىل التسهيالت املعروفة عاملياً ‪ ،‬وهذه جمرد تسمية جلزء قليل من قدرات اإلنرتنت املدهشة‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪333‬‬

‫لقد كان تأثري التقنية واملعلومات التقنية واملعلومات ذو أثر كبري وعظيم يف اجملال السياسي‬ ‫واجملال االجتماعي واالقتصادي وعلم النفس ومظاهر األمن يف اجملتمع ‪.‬‬ ‫ولذلك اختارت الباحثة أن تدرس عادات وأمناط تعرض أو استخدام اإلنرتنت من قبل طالب‬ ‫جامعة الشارقة – كلية االتصال ‪ ،‬نظراً لكونهم جزء من الشرحية األكثر تأثرياً من السكان‬ ‫بهذه الظاهرة اجلديدة من كال اجلانبني اإلجيابي والسليب ‪.‬‬

‫مشكلة البحث ‪:‬‬

‫تأسيساً ملا سبق تسعى هذه الدارسة إىل حماولة التعرف على اآلثار ألنفسيه لالنرتنت من‬ ‫قبل طلبة جامعة الشارقة ‪/‬كلية االتصال ‪/‬ملعرفة وبعبارة أخرى فان ألباحثه ملعرفة آرائهم‬ ‫وانطباعاتهم بشأن هذا االستخدام وتأثريه عليهم ‪ ،‬وكذلك آراء إفراد العينة اإلجيابية‬ ‫والسلبية جتاه اإلنرتنت ‪ ،‬وبالتحديد لطالب اجلامعة الذين يستخدمونه بشكل متكرر وبكثرة‬ ‫يف روتينهم اليومي ‪.‬‬

‫ولتحقيق تلك األهداف حتاول الباحثة اإلجابة عن التساؤالت التالية ‪:‬‬

‫ عدد الساعات اليت يقضيها طالب اجلامعة على اإلنرتنت ‪.‬‬‫ عدد الطالب الذين لديهم صفحة رئيسية شخصية على اإلنرتنت ‪.‬‬‫ النطاق الذي يسمح فيه للدخول إىل اإلنرتنت يف اجلامعة ‪.‬‬‫ أهمية اإلنرتنت يف حياة هؤالء الطالب ‪.‬‬‫ التطبيقات املتنوعة لإلنرتنت ‪.‬‬‫ التأثريات اإلجيابية والسلبية لإلنرتنت ‪.‬‬‫ اآلثار االجتماعية الستخدام االنرتنت‬‫ ما اآلثار النفسية لالنرتنت‬‫‪ -‬ما أهم املقرتحات لتدعيم اآلثار االجيابية الستخدام االنرتنت‬

‫أهمية هذا البحث ‪:‬‬

‫يستمد هذا البحث أهميته من أهمية طالب اجلامعة باعتبارهم نواة اجملتمع وما تتسم هذه‬ ‫املرحلة من حقائق ومسات تتحدد يف البحث عن املعلومات واكتشاف ماهية عامل الطالب‬ ‫ومدى توقعاتهم هلذا العلم ‪.‬‬ ‫وتقرتن رغبة الطالب يف البحث عن املعلومات املختلفة الكتساب خربات متنوعة من مصادر‬ ‫عديدة يتزايد اإلقبال على استخدام اإلنرتنت كتقنية حديثة ‪ ،‬وكذلك تزداد أهمية الدراسة‬ ‫ولعل هذه الدراسة أول دراسة من نوعها يف دولة اإلمارات تسعى إلي إلقاء الضوء على اآلثار‬ ‫أالجتماعيه والنفسية لالنرتنت وبذا فإننا نفسح اجملال إمام القائمني على االنرتنت وتوجيهاته‬ ‫‪334‬‬

‫حنوها ومدى إقباله عليها مبا يسمح ملتخذي القرار أن يكونوا على بينه من هذا العامل املتصل‬ ‫بالطالب اجلامعي وهو عامل حيظى بقدر قليل االهتمام يف استخدامات االنرتنيت يف اجلامعة‬ ‫‪,‬ومدى ما يرتك ذلك االستخدام من آثار اجتماعيه ونفسيه علية ‪.‬‬ ‫وتسمح هذه الدراسة بتوفري املعلومات والبيانات اليت حتتاج إليها قطاعات عديدة يف اجملتمع‬ ‫‪ ،‬كما ترسم بصورة واضحة لواقع استخدام الطالب لإلنرتنت يف اجلامعة وما يرتكه ذلك‬ ‫االستخدام من أثار نفسيه واجتماعيه ‪,‬وهي بذلك تعد حصر ملن يرغب يف التعرف إىل مثل هذا‬ ‫النوع من املعلومات يف دولة اإلمارات ‪.‬‬

‫منهج البحث‬ ‫يعد هذا البحث من الدراسات الو صفية ويتبع البحث منهج املسح ‪ ،‬حيث يتم القيام بدراسة‬ ‫ميدانية يف إطار منهج املسح قائمة على اختيار عينة مكونة من ‪ 2002‬طالب وطالبه من‬ ‫جامعة الشارقة يف هذه الدراسة واليت مت إعدادها خالل السنة الدراسية ‪ 2008-2009‬وقد‬ ‫مت تقسيم العينة بالتساوي بني الذكور واإلناث ولكن بعد توزيع االستبيان أصبح عدد العينة‬ ‫‪ 192‬وكان عدد الذكور ‪ 95‬وعدد اإلناث ‪ ،97‬ومت اختيار هذه الشرحية بالذات لكونهم اجلزء‬ ‫األكرب اهتماما الستخدام اإلنرتنت يف جمال ختصصهم ‪ ،‬حيث يكثر استخدام هذا النوع يف‬ ‫البحوث اإلعالمية عامة وحبوث الرأي العام‬ ‫واملستمعني واملشاهدين خاصة ‪ ،‬ويف إطار استخدم املنهج أملسحي يتمثل يف دراسة آراء واجتاهات‬ ‫الطالب حنو استخدام اإلنرتنت مع االعتماد يف ذلك على تطبيق استمارة حبثية بأسلوب املقابلة‬ ‫الشخصية مع عينة البحث جلمع البيانات ثم حتليلها واستخالص النتائج بعد ذلك ‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة‬ ‫أجريت هذه الدراسة للتعرف على اآلثار االجتماعية لالنرتنت لدى الشباب يف االمارات ‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل اآلثار اإلجيابية والسلبية الستخدام االتنرنت ‪ ،‬حيث أجريت العينة وبلغ عددها‬ ‫‪ 1000‬مفرده من مجيع اإلمارات وأهم ما توصلت إليه الدراسة ‪-:‬‬ ‫ أن معظم فئات الشباب من الذكور واإلناث يستخدمون االنرتنت والفئة العمرية من ‪19-29‬‬‫سنة وذلك أن تركز استخدام االنرتنت عن فئات الشباب بصورة أكرب حيث بلغت نسبتهم‬ ‫(‪ )73,10%‬من جمموع عينة الدراسة ‪.‬‬ ‫ وضحت بيانات التحليل ان معظم مستخدمي شبكة االنرتنت من فئات العزاب حيث بلغت‬‫نسبتهم (‪ )% 87.10‬تليها فئة املتزوجون بنسبة (‪. )11.10%‬‬ ‫ ثبت إن أكثر من (‪ )76.80%‬أكدوا سهولة احلصول على املعلومات وتبادهلا يعد من أكثر‬‫‪335‬‬

‫اآلثار اإلجيابية الستخدام االنرتنت والتواصل من األصدقاء داخل وخارج الدولة (‪)% 62.10‬‬ ‫وزيادة املستوى املعريف والثقايف والتعليمي ( ‪. ) % 58.20‬‬ ‫ ومن أكثر اآلثار السلبية ملستخدم االنرتنت تتمثل يف التأثري االجتماعي بنسبة كبرية تصل‬‫اىل ( ‪ ) % 64.30‬من جمموع أفراد العينة وهذا اجلانب ال ميكن إغفاله للحد من تفشى الفساد‬ ‫األخالقي يف جمامعنا باإلضافة اىل التأثري السليب على اجلانب احلياة األسرية والعائلية‬ ‫بنسبة أيضاً غري صغرية ( ‪. ) % 51‬‬ ‫ واهم ما أوصت به الدراسة نشر الوعي والتثقيف حنو استخدام االنرتنت أدراك اجلانب‬‫اإلجيابي لالنرتنت والسليب وحتديدها ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ فرض الرقابة األسرية على األبناء مستخدمي الشبكة‬‫تلخصت الدراسة يف حماولة معرفة مدى إسهام شبكة االنرتنت يف منو بعض املهارات القراءة‬ ‫وأهمية استخدامها يف حياة الغالبية والتعرف على أهم امليول القرائية ملراعاتها عند تصميم‬ ‫املناهج املستقبلية وأجريت الدراسة على عينة من الطالبات وقدرها ‪ 50‬طالبة ترتاوح أعمارهن‬ ‫ما بني ‪ 29 – 18‬عام واهم النتائج اليت خرجت بها الدراسة ما يلي ‪-:‬‬ ‫ اندفاع نسبة اهتمام الطالبات مبتابعة ما تقدمه شبكة االنرتنت ثم تأتي بعدها املواد العلمية‬‫و التجارية والطرائف ‪ ،‬ثم القصص واملواد األدبية وهذه املواد تتمتع االهتمام سواء على الشبكة‬ ‫او من خالل املكتب بشكلها التقليدي ‪.‬‬ ‫ ومن جممل النتائج تأكيد الغزو املتصاعد لشبكة املعلومات ( االنرتنت ) يف احلياة األكادميية‬‫والعلمية ‪ ،‬حيث أصبحت ركناً رئيسياً فيها بفضل التسهيالت اليت تقدمها للطالبات واإلثارة‬ ‫اليت تقدم من خالل املادة املطلوبة مع التطوير املستمر للربامج والوسائط واملواد ‪3.‬‬ ‫يتلخص موضوع الورقة يف دراسة ظاهرة اإلدمان االنرتنت بني الشباب – والعمل على احلد‬ ‫منها وأهم املقرتحات ‪:‬‬ ‫ البد من تكثيف الدراسات النظرية والعملية وامليدانية لرصد ظاهرة إدمان االنرتنت ومعرفة‬‫مدى انتشارها يف اجملتمع وآثارها على الشباب بشكل خاص يف حتصيلهم العلمي ويف صحتهم‬ ‫وأدائهم العلمي ويف حياتهم األسرية ‪.‬‬ ‫ ومن املهم يف اجملتمعات اليت تدخل عصر االنرتنت أن يتوفر فيها خرباء واستشاريون يف علم‬‫نفس االنرتنت واعراض اإلدمان االلكرتوني – و من املهم الرتكيز على املواقع الفاسدة يف‬ ‫االنرتنت واإلباحية والقمار ‪ ....‬اخل والعمل على حجبها ومنعها ‪.‬‬ ‫ وتوجيه الشباب وتثقيفهم باستمرار حول خماطر ادمان االنرتنت وأساليب املعاجلة وضوابط‬‫(‪)4‬‬ ‫استخدام االنرتنت ‪.‬‬ ‫‪336‬‬

‫واقع استخدام الشباب ملقاهي االتنرنت يف االمارات دراسة ميدانية‬ ‫* ملخص هذه الدراسة هو دراسة اآلثار االجيابية والسلبية الستخدام مقاهي االنرتنت‬ ‫والكشف عن واقع استخدام االنرتنت يف اإلمارات وبيان آثاره على املستخدمني ‪ ،‬وذلك بعرض‬ ‫الوقوف على املخاطر االجتماعية والرتبوية إلي يواجهها املستخدمون – ولقد أجريت الدراسة‬ ‫على عدد من مقاهي االنرتنت يف األمارات وقد وزعت ‪ 200‬استبيان ومثلت عينة الدراسة واهم‬ ‫النتائج اليت خرجت بها الدراسة ما يلي ‪-:‬‬ ‫ أن (‪ )45.00%‬من أفراد العينة تراوحت عدد سنوات االستخدام من ‪ 1-3‬سنوات ‪)44.00%( ،‬‬‫من أفراد العينة ترتاوح استخدامهم لالنرتنت ما بني ‪ 1-2‬من الساعات يومياً ‪ ،‬ونصف العينة‬ ‫يستخدمون االنرتنت طوال األسبوع وتصف أفراد العينة معدل انفاقهم الشهري ما بني – ‪1‬‬ ‫– ‪ 49‬درهماً ‪ ،‬أظهرت نتائج الدراسة أن الغالبية العظمى يستخدمون (‪ ) Yahoo‬وأن أسباب‬ ‫الرتدد على مقاهي االنرتنت أن تغري اجلو احتل املرتبة األوىل ‪ ،‬وأهم أسباب استخدام االنرتنت‬ ‫ال تنعزل عن األخرى ‪.‬‬ ‫ وأهم التوصيات هي تشديد الرقابة على مقاهي االنرتنت ‪ ،‬حتديد سن ‪ 18‬سنة كحد أدنى‬‫للسماح بدخول الشباب ملقاهي االنرتنت ‪.‬‬ ‫ التوعية األسرية باملخاطر االجتماعية والرتبوية الستخدام الشباب لالنرتنت ‪ ،‬ضرورة إنشاء‬‫مواقع تربوية وتعليمية تستهدف فئة الشباب مستخدمي املقاهي – والعمل على إلغاء اخللوة‬ ‫يف مقاهي االنرتنت حبيث يكون االستخدام مكشوف ‪.‬‬ ‫تتلخص الدراسة يف معرفة ما تبثه بعض املواقع على االنرتنت من أفكار دينية خاصة ما يتعلق‬ ‫باهلوية اإلسالمية حمايد وعلمي ومعرفة هل تتفاعل طالبات كلية الرتبية ‪ -‬بوجه خاص –‬ ‫مع تلك األفكار بطريقة إجيابية ام سلبية ‪ ،‬وما سلبيات استخدام االنرتنت استخدام االنرتنت‬ ‫من بقية طالبات كلية الرتبية يف دولة اإلمارات واهم املقرتحات اليت خرجت بها الدراسة ما‬ ‫يلي ‪:‬‬ ‫يف ضوء ما يشهده الواقع من عجز حبوثنا الرتبوية على توظيف التكنولوجيا ‪ ،‬خاصة شبكة‬ ‫االنرتنت يف توجيه الثقافة الدينية السليمة لطالبنا ملواجهة ما تبثه بعض املواقع على االنرتنت‬ ‫من أفكار دينية تتعارض واألفكار اإلسالمية ديننا وعاداتنا املستمدة من ديننا احلنيف ‪ ،‬تقدم‬ ‫الدراسة بعض املقرتحات ‪:‬‬ ‫‪337‬‬

‫‪ 1‬دراسة مقارنة للتعرف على أثر استخدام شبكة االنرتنت – كنمط من أمناط تكنولوجيا‬‫التعليم اجلامعي ‪ ،‬تنمية املفاهيم الدينية السليمة لدى طالب وطالبات كلية الرتبية ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬دراسة مقارنة للتعرف على أثر استخدام االنرتنت – كنمط من أمناط التعليم اجلامعي‬ ‫على الوعي الديين لدى طالب وطالبات الكليات املختلفة ‪.‬‬ ‫‪- 3‬دراسة أثر استخدام شبكة االنرتنت يف اجتاهات الطالب حنو املذاهب الدينية غري‬ ‫اإلسالمية‬ ‫‪- 4‬دراسة وصفية تشخيصية كالمية للمعوقات اليت حتول دون استخدام طالب وطالبات‬ ‫‪)5 (.‬‬ ‫كلية الرتبية‬ ‫‪ - 1‬دراسة حول التحديات والرهانات واالنعكاسات والتداعيات الكثرية والكبرية واملعتربة‬ ‫لالنرتنت على الشباب – والتعرف على أمناط استهالك االنرتنت من قبل الشباب ودوافع‬ ‫االستخدام ‪ ،‬حيث أجريت الدراسة على عينة قوامها ‪ 516‬مفرده من الذكور واإلناث وأهم‬ ‫نتائج الدراسة ما يلي ‪-:‬‬ ‫(‪ )47.8%‬من أفراد العينة يستخدمون االنرتنت من سنتني أو ثالث سنوات – و (‪ )77.6%‬من‬ ‫أفراد العينة يستخدمون االنرتنت يف البيت ‪ ،‬وأغلبية العينة يستخدمون الشبكة لفرتة ما بني‬ ‫‪ 2 – 1‬ساعة يومياً و (‪ )58.4%‬من أفراد العينة يفضلون استخدام االنرتنت يف الفرتة املسائية‬ ‫وأهم األغراض اليت تستخدم فيها االنرتنت املعلومات (‪ ، )60.3%‬الربيد االلكرتوني (‪)58.1%‬‬ ‫‪ ،‬واملساعدة يف املنهج الدراسي (‪ )51.2%‬والبحث العلمي (‪ )44%‬واالتصال اهلاتفي (‪)44.4%‬‬ ‫و (‪ )37.7%‬من مفردات العينة ال حيصلون على موافقة الوالدين على الدخول للشبكة‬ ‫املعلوماتية ‪ ،‬وأهم التوصيات اليت خرجت بها الدراسة ‪-:‬‬ ‫* رفع مستوى الوعي بني الشباب بطبيعة الشبكة الدولية للمعلومات وكيفية استخدامها يف‬ ‫جوانب إجيابية ‪.‬‬ ‫توفري االستخدامات البديلة ملا هو موجود من مضمون رديء ‪ ،‬وتوفري متخصصني يف املدارس‬ ‫واجلامعات لتوجيه الشباب بهدف االستعمال اإلجيابي للشبكة املعلوماتية و إدخال مادة‬ ‫(‪)6‬‬ ‫االنرتنت يف املناهج التعليمية من االبتدائي اىل اجلامعة ‪.‬‬

‫عيـنة البحـث‬

‫مت اختيار عينة من طالب جامعة الشارقة بلغت ‪ 200‬طالب وطالبة‬ ‫يف هذه الدراسة ‪ ،‬و اليت مت إعدادها خالل السنة الدراسية ‪ 2008-2009‬و مت تقسيم عينة‬ ‫الدراسة بالتساوي بني الطلبة والطالبات ‪ .‬مت اختيار هذه العينة بالذات لكونها اجلزء األكثر‬

‫‪338‬‬

‫اهتماما الستخدام اإلنرتنت يف جمال ختصصهم‪.‬‬

‫حتديــد البيــــانات‬

‫تقرر انتقاء نوعية و كمية البيانات املطلوب جتميعها من اجملال األكادميي‪ ،‬و اليت تهدف هذه‬ ‫الدراسة من حتريه‪ .‬و بعد حتديد موضوع البحث‪ ،‬فإن هذه البيانات ستوضح األوجه املختلفة‬ ‫الستخدام اإلنرتنت و تقدم املعلومات املطلوبة للمتخصصني يف علم املعلومات‪.‬‬

‫إعـداد و تــوزيع االستبيان‬

‫مت تصميم هذا االستبيان بشكله األولي استنادا على اخلربة السابقة للباحث يف جمال اإلنرتنت‬ ‫و تطبيق املنهج الكمي يف إعداد البحث‪ .‬باإلضافة إىل أنه مت إخضاع هذا االستبيان جملموعه‬ ‫من األساتذة و اخلرباء يف جمال هذا البحث لتبصرهم و إطالعهم على مناهج البحث العلمي‬ ‫املستخدمة‪ ،‬و من لتحقيق األهداف املوضوعة‪.‬‬ ‫و لقد مت عمل اختبار أولي لالستبيان بعينة من ‪ 20‬شخصا ذو خلفيات مشابهة ألولئك الذين‬ ‫مشلتهم الدراسة‪ ،‬ملعرفة كيفية وضع األسئلة بشكل عام و كيفية تقييمها بالنسبة للمنهج‬ ‫املطلوب‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬ملعرفة األسئلة اليت تسببت للمشاركني بصعوبة أو بعدم اإلجابة‬ ‫عليها نهائيا‪.‬‬ ‫تبع االختبار األولي‪ ،‬مراجعة االستبيان بشكله األخري‪ .‬و إدراج و طبع احملتوى املطلوب إىل نسخ‬ ‫متعددة وزعت على ‪ 10%‬ممن شاركوا يف هذا البحث‪ .‬و بعد ما مت االنتهاء من العمل يف هذا‬ ‫اجملال بأسبوعني الحقا‪ ،‬مت التحقق من أن العمل كان على درجة عالية من املستوى بـنسبة‬ ‫‪.85%‬‬ ‫و أخريا‪ ،‬مت تسليم االستبيان إىل الـ‪ 190‬طالبا من قسم اإلعالم الذين شاركوا يف هذه الدراسة;‬ ‫و بالطبع‪ ،‬متت احملافظة على مشولية و حصرية البحث أثناء ذلك‪ .‬و قد مت مجع ردود أفعال‬ ‫املشاركني على مدة شهرين ما بني مارس و ابريل لعام ‪2008‬م ‪.‬‬

‫اخلالصة ‪:‬‬

‫أفادت الدراسات السابقة يف تعميق اإلطار النظري يف جمال ثراء وسائل اإلعالم فيما يتعلق‬ ‫بأهمية اإلنرتنت كوسيلة ثرية ميكن استخدامها يف جمال التسويق واإلعالن ويرجع ذلك‬ ‫إىل قدرتها على حتقيق التفاعل مع اجلمهور وتوفري رجع صدى فوري مباشر ‪ ،‬لكن مل توجد‬ ‫أية من تلك الدراسات توجها للتعرف على أهمية االنرتنت بالنسبة لطالب اجلامعة وهذا ما‬ ‫قامت به الباحثة ي دراستها ‪.‬‬

‫‪339‬‬

‫منهج البحث‬

‫يعد هذا البحث من الدراسات الو صفية ويتبع البحث منهج املسح ‪ ،‬حيث يتم القيام بدراسة‬ ‫ميدانية يف إطار منهج املسح قائمة على اختيار عينة مكونة من ‪ 190‬طالب من كلية االتصال‬ ‫جامعة الشارقة يف هذه الدراسة واليت مت إعدادها خالل السنة الدراسية ‪ 2008-2009‬وقد مت‬ ‫تقسيم العينة بالتساوي بني الذكور واإلناث ‪ ،‬ومت اختيار هذه الشرحية بالذات لكونهم اجلزء‬ ‫األكرب اهتماما الستخدام اإلنرتنت يف جمال ختصصهم ‪ ،‬حيث يكثر استخدام هذا النوع يف‬ ‫البحوث اإلعالمية عامة وحبوث الرأي العام واملستمعني واملشاهدين خاصة ‪ ،‬ويف إطار استخدم‬ ‫املنهج أملسحي يتمثل يف دراسة آراء واجتاهات الطالب حنو استخدام اإلنرتنت مع االعتماد يف‬ ‫ذلك على تطبيق استمارة حبثية بأسلوب املقابلة الشخصية مع عينة البحث جلمع البيانات ثم‬ ‫حتليلها واستخالص النتائج بعد ذلك ‪.‬‬

‫عيـنة البحـث‬

‫مت اختيار عينة من طالب جامعة الشارقة كلية االتصال بلغت ‪ 190‬طالب وطالبة‬ ‫يف هذه الدراسة ‪ ،‬و اليت مت إعدادها خالل السنة الدراسية ‪ 2002-2003‬و مت تقسيم عينة‬ ‫الدراسة بالتساوي بني الطلبة والطالبات ‪ .‬مت اختيار هذه العينة بالذات لكونها اجلزء األكثر‬ ‫اهتماما الستخدام اإلنرتنت يف جمال ختصصهم‪.‬‬

‫حتديــد البيــــانات‬

‫تقرر انتقاء نوعية و كمية البيانات املطلوب جتميعها من اجملال األكادميي‪ ،‬و اليت تهدف هذه‬ ‫الدراسة من حتريه‪ .‬و بعد حتديد موضوع البحث‪ ،‬فإن هذه البيانات ستوضح األوجه املختلفة‬ ‫الستخدام اإلنرتنت و تقدم املعلومات املطلوبة للمتخصصني يف علم املعلومات‪.‬‬

‫إعـداد و تــوزيع االستبيان‬

‫مت تصميم هذا االستبيان بشكله األولي استنادا على اخلربة السابقة للباحث يف جمال اإلنرتنت‬ ‫و تطبيق املنهج الكمي يف إعداد البحث‪ .‬باإلضافة إىل أنه مت إخضاع هذا االستبيان جملموعه‬ ‫من األساتذة و اخلرباء يف جمال هذا البحث لتبصرهم و إطالعهم على مناهج البحث العلمي‬ ‫املستخدمة‪ ،‬و من لتحقيق األهداف املوضوعة‪.‬‬ ‫و لقد مت عمل اختبار أولي لالستبيان بعينة من ‪ 20‬شخصا ذو خلفيات مشابهة ألولئك الذين‬ ‫مشلتهم الدراسة‪ ،‬ملعرفة كيفية وضع األسئلة بشكل عام و كيفية تقييمها بالنسبة للمنهج‬ ‫املطلوب‪ ،‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬ملعرفة األسئلة اليت تسببت للمشاركني بصعوبة أو بعدم اإلجابة‬ ‫عليها نهائيا‪.‬‬ ‫‪340‬‬

‫تبع االختبار األولي‪ ،‬مراجعة االستبيان بشكله األخري‪ .‬و إدراج و طبع احملتوى املطلوب إىل نسخ‬ ‫متعددة وزعت على ‪ 10%‬ممن شاركوا يف هذا البحث‪ .‬و بعد ما مت االنتهاء من العمل يف هذا‬ ‫اجملال بأسبوعني الحقا‪ ،‬مت التحقق من أن العمل كان على درجة عالية من املستوى بـنسبة‬ ‫‪.85%‬‬ ‫و أخريا‪ ،‬مت تسليم االستبيان إىل أل‪ 200‬طالبا ‪’,‬وطالبه من قسم اإلعالم الذين شاركوا يف هذه‬ ‫الدراسة; و بالطبع‪ ،‬متت احملافظة على مشولية و حصرية البحث أثناء ذلك‪ .‬و قد مت مجع ردود‬ ‫أفعال املشاركني على مدة شهرين ما بني نوفمرب وديسمرب لعام ‪2008‬م ‪.‬‬

‫اإلطار النظــري‬ ‫لقد بدأت شبكة االنرتنت يف عام ‪ 02/01/1969‬حتت اسم ‪ ARPAWE‬عندما شكلت وزارة‬ ‫الدفاع األمريكية فريقا من العلماء للقيام مبشروع حبثي عن ‪13‬تشبيك احلاسبات وركزت‬ ‫التجارب على جتزئة الرسالة املراد بثها إىل موقع معني يف الشبكة ومن ثم نقل هذه األجزاء‬ ‫بأشكال وطرق مستقلة حتى تصل جمتمعه إىل هدفها وكان هذا األمر ميثل أهمية قصوى‬ ‫ألمريكا وقت احلرب ‪ ،‬ففي حالة جناح العدو يف تدمري بعض خطوط االتصال يف منطقة‬ ‫معينة فإن األجزاء الصغرية ميكن أن تواصل سريها من تلقاء نفسها من أي طريق آخر‬ ‫بديل اىل خط النهاية ومن ثم تطور املشروع وحتول اىل االستعمال السلمي حيث أنقسم عام‬ ‫‪ 1983‬إىل شبكتني األوىل غرضها األساسي خدمة االستخدامات العسكرية والثانية خصصت‬ ‫لالستخدامات املدنية ‪ ،‬أي تبادل املعلومات وتوصيل الربيد االلكرتوني ‪ ،‬ومن ثم ظهر مصطلح‬ ‫االنرتنت حيث أمكن تبادل املعلومات بني هاتني الشبكتني ويف عام ‪ 1986‬م أمكن ربط شبكات‬ ‫مخس مراكز للكمبيوتر العمالقة وطلق عليها اسم ‪ Nsfnet‬واليت أصبحت فيما بعد العمود‬ ‫الفقري وحجر األساس لنمو وازدهار االنرتنت يف أمريكا ‪ ،‬ومن ثم دول العامل األخرى ‪ ،‬أخذت‬ ‫الشبكة يف االتساع من حيث عدد املستخدمني ففي عام ‪ 1985‬م كان هناك أقل من ‪2.000‬‬ ‫ألفي حاسوب آلي مرتبطة بالشبكة ن ووصل العدد إىل (‪ )5.000.000‬مخسة مليون حاسوب‬ ‫يف عام ‪1995‬م ويف عام ‪ 1997‬جتاوزت ( ‪ )6.000.000‬ستة ماليني حاسوب وتستخدم ما‬ ‫يزيد على (‪ )300.000‬ثالمثائة ألف خادم شبكات (‪ )Server‬أي شبكة فرعية متناثرة يف‬ ‫(‪)7‬‬ ‫أرجاء العامل ‪.‬‬ ‫وميكن القول بأن عدد املستخدمني اجلديد يبلغ (‪ )2.000.000‬اثنان مليون شهريا ‪ ،‬أي ما‬ ‫‪341‬‬

‫يعين انضمام ‪ 46‬مستخدم جديد للشبكة يف كل دقيقة ‪ ،‬ويف استطالع أجرته شبكة (‪N U‬‬ ‫‪ ) A‬األمريكية قدر عدد مستخدمي الشبكة عاملياً يف عام ‪1998‬م حبوالي (‪)134.000.000‬‬ ‫مستخدم وتصدرت أمريكا وكندا الصدارة من حيث عدد املستخدمني الذي يبلغ ‪ 70‬مليون‬ ‫مستخدم ‪ ،‬ويف تقرير أجرته أيضاً شبكة ( ‪ ) N U A‬األمريكية وصدر بتاريخ ‪26/10/2000‬م‬ ‫قدرت أيضا أن عدد املستخدمني للشبكة عام ‪2000‬م سيكون حوالي ‪ 245‬مليون مستخدم وقدر‬ ‫أن غالبية هذه الزيادة ستكون خارج الواليات املتحدة ‪ ،‬وقدرت دراسة أجرها موقع عجيب جتاوز‬ ‫عدد مستخدمني العرب ‪ 5.000.000‬مخسة ماليني مستخدم مع نهاية عام ‪2001‬م وأن‬ ‫يصل العدد اىل ‪ 12‬ألف مليون عربي يف نهاية عام ‪2002‬م كما قدرت دراسة عدد مستخدمي‬ ‫االنرتنت يف اململكة العربية السعودية ‪ 5.700.000‬مستخدم ‪)8( .‬‬ ‫ومل يكن هذا التمدد يف حجم املستخدمني إال نتيجة لتطور شبكة االنرتنت فلم يعد األمر‬ ‫مقصورا على صفحات تريد مطالعتها من على الشبكة أو على رسالة الكرتونية تريد إرساهلا‬ ‫فخدمات االنرتنت تطورت تطورا كبريا يف األعوام القليلة املاضية ففرضت نفسها كوسيلة‬ ‫إعالمية ومقدروك مشاهدة األفالم وقنوات التلفزيون واالستماع إىل قنوات الراديو ‪ ،‬أما يف‬ ‫جمال العمل فيمكن إجراء االجتماعات بالصوت والصورة عن بعد باستخدام تقنية ‪Video‬‬ ‫‪ Conference‬فتتم االجتماعات بني املسئولني وهم بقارات خمتلفة من العامل ‪9 .‬‬ ‫وميكن إمجالي ما توفره شبكة االنرتنت من خدمات فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الربيد االلكرتوني ‪ :‬إلرسال واستقبال الرسائل ونقل امللفات مع أي شخص له عنوان بريدي‬ ‫الكرتوني بصورة سريعة جداً ال تتعدى ثواني ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬القوائم الربيدية ‪ :‬تشمل إنشاء وحتديد قوائم العناوين الربيدية جمموعات من األشخاص‬ ‫هلم اهتمامات مشرتكة ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬خدمة اجملموعات اإلخبارية ‪ :‬تشبه خدمة القوائم الربيدية باختالف أن كل عضو يستطيع‬ ‫التحكم بأنواع املقاالت اليت يريد استالمها ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬خدمة االستعالم الشخصي ‪ :‬ميكن االستعالم عن العنوان الربيدي ألي شخص أو جهة‬ ‫تستخدم االنرتنت املسجل هلا ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬خدمة احملادثات الشخصية ‪ :‬ميكن التحدث مع طرف آخر صوتا وصورة وكتابة ‪.‬‬ ‫‪ - 6‬خدمة الدردشة اجلماعية ‪ :‬تشبه اخلدمة السابقة إال أنه يف الغالب ميكن ألي شخص أن‬ ‫يدخل يف احملادثة أو يستمع إليها دون اختيار اآلخرين ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬خدمة حتويل أو نقل امللفات (‪ )FTP‬لنقل امللفات من حاسب اىل آخر وهي اختصار كلمة‬ ‫( ‪) File Transfer‬‬ ‫‪ - 8‬خدمة األرشيف االلكرتوني ( ‪ ) ARCHIVE‬متكن البحث عن ملفات معينة قد تكون‬ ‫مفقودة يف الربامج املستخدمة يف حاسب املستخدم ‪10.‬‬ ‫‪ - 9‬خدمة شبكة االستعالمات الشاملة ( ‪ ) GOP HER‬تفيد يف خدمات كثرية كنقل امللفات‬ ‫‪342‬‬

‫واملشاركة يف القوائم الربيدية حيث يفهرس املعلومات املوجودة على الشبكة ‪.‬‬ ‫‪ - 10‬خدمة االستعالمات واسعة النطاق ( ‪ ) WAIS‬تسمى باسم حاسباتها اخلادمة وهي أكثر‬ ‫دقة من األنظمة األخرى ‪ ،‬حيث تبحث داخل الوثائق واملستندات ذاتها عن الكلمات الدالة اليت‬ ‫حيددها املستخدم ثم تقدم النتائج يف شكل قائمة باملواقع اليت حتتوي املعلومات املطلوبة ‪11.‬‬ ‫‪ - 11‬خدمة الدخول عن بعد ( ‪ ) TELNET‬تسمح باستخدام برامج وتطبيقات من حاسب‬ ‫إىل آخر ‪.‬‬ ‫‪ - 12‬الصفحة اإلعالمية العاملية ( ‪ ) world wide web‬أو الويب (‪ )WEB‬جتمع معا كافة‬ ‫املوارد املتعددة اليت حيتوي عليها االنرتنت للبحث عن كل ما يف الشبكات املختلفة وإحضارها‬ ‫بالنص والصوت والصورة وتعد الويب نظاماً فرعياً يف االنرتنت ‪ ،‬لكنها النظام األعظم من‬ ‫األنشطة األخرى فهي النظام الشامل الستخدام الوسائط‪12‬‬ ‫نتيجة للتحوالت اليت ظهرت أدبيات جديدة يف جماالت االقتصاد واألعمال واإلدارة والتسوق‬ ‫فهناك كتابات جديدة عن االقتصاد الرقمي ‪ Digital Economy‬الذي يعتمد على‬ ‫احلاسبات وشبكات املعلومات ‪ ،‬وهناك أيضاً التجارة االلكرتونية أو التسويق االلكرتوني الذي‬ ‫يعتمد على استخدام االنرتنت يف تسويق السلع واخلدمات املختلفة وكذلك األسواق الذكية‬ ‫اليت جيري فيها جزء كبري من التبادل من خالل شبكات االنرتنت أي ظهور نظام اتصاالت‬ ‫تسويقية جديدة تسمى بالعالقات عرب االنرتنت ‪ Net Relation‬تنصهر فيها أنظمة التسوق‬ ‫التقليدي ووسائل تنشيط املبيعات واالنرتنت ويتكون هذا النظام أالتصالي اجلديد من جمموعة‬ ‫من املهارات االتصالية واخلدمات اليت توفر الوصول اىل العامل واالتصال الفوري بهدف إمداد‬ ‫املنظمات مبنظومة جديدة من اخلدمات التفاعلية للوصول إىل اجلمهور املستهدف ‪13.‬‬ ‫ولقد شهدت فرتة السبعينات منوا سريعاً وواسعاً واستخداماً جتارياً للشبكة حيث مت إدخال‬ ‫شبكة أخرى عظمت من قدراتها يف اإلمكانيات ‪ ،‬وزودتها بالصوت الصورة ووسائل األعالم‬ ‫املتعددة ‪ Multi Media‬واليت كانت عام ً‬ ‫ال مهما لنمو شبكة االنرتنت ‪ ،‬فقد أضيفت‬ ‫أبعاداً جديدة من الرتفيه والثقافة واإلعالنات التجارية مما جذب اهتمام إعداد كبرية من‬ ‫املستخدمني األكادمني موسع من جمال استخدامها(‪)12‬‬

‫مجاالت استخدام االنترنت « الفوائد «‬ ‫االستفادة من خدمة االنرتنت تنقسم رئيسياً اىل أربعة أقسام رئيسية ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬املنزل ‪ :‬يفتح االنرتنت عامل الفرص املناسبة واخلدمات أمام املستخدمني باملنزل وذلك‬ ‫بتزويدهم بالوصول اىل ‪:‬‬ ‫‪343‬‬

‫ التخطيط لتعليم عالي من اجل األوالد من خالل الوصول اىل معظم اجلامعات حول العامل‬‫بواسطة االنرتنت‬ ‫ التدريب والتعليم من منزلك‬‫ فرص توظيف مناسبة عرب العامل‬‫ أخر األخبار عن األسواق املالية واألسهم‬‫ خدمات السفر والعطالت والتسلية ‪.‬‬‫ أحدث املوديالت وآخر التصميمات من أرقى بيوت األزياء العاملية ‪)15.‬‬‫ الربيد االلكرتوني ‪ :‬خدمة الربيد االلكرتوني هي اخلدمة املتميزة والشائعة االستخدام‬‫على نطاق واسع يف االنرتنت وتعترب من أهم املميزات املتاحة لشبكة االنرتنت فإنها الوسيلة‬ ‫االقتصادية واألقل تكلفة يف االتصال بني مستخدمي االنرتنت على النطاق العاملي سواء كان‬ ‫لالستخدام الشخصي او الشركة ‪.‬‬ ‫ املشاركة يف األعمال ‪ :‬اآلن لديك الفرصة املناسبة لالتصال الفوري بشركائك يف العمل على‬‫مستوى العامل ‪ ،‬أيضاً تستطيع أن تتعامل مع الشركات العاملية اليت تعمل يف نفس اجملال لكي‬ ‫تقوم بالتطوير والتحسني ووضع اخلطط االسرتاتيجية ملنتجاتك اجلديدة وخدماتك ‪16.‬‬ ‫ التسويق واإلعالن ‪ :‬إن التسويق عامليا ملنتجاتك مل يكن سه ً‬‫ال أبداً ولكن مع االنرتنت يف غاية‬ ‫السهولة فاالنتشار العاملي لالنرتنت ميكن من اإلعالن عامليا عن منتجاتك ويعطيك النفوذ‬ ‫للتسويق يف أي مكان ختتار مما يزيد من أرباحك وجيعلك تقلل من التكاليف اليت تنفقها على‬ ‫اإلعالنات ‪.‬‬ ‫ البيع املباشر ‪ :‬تعترب االنرتنت وسيلة مثالية لبيع منتجاتك مباشرة لإلعداد املتزايدة من‬‫مستخدمي الشبكة ‪ ،‬حيث تستطيع أن تبدأ بإرسال طلبات اخلدمات اىل املستخدمني من خالل‬ ‫كتالوجات الربيد االلكرتوني أو من خالل التسوق الكرتونياً وزود أرباحك ‪.‬‬ ‫ خدمات الزبائن ‪ :‬تتحول الشركات اآلن إىل االنرتنت من أجل الوصول اىل النصائح الفنية‬‫واملعلومات الالزمة عن اإلنتاج وتطوير برامج الكمبيوتر ‪ ،‬ومعرفة رغبات الزبائن ‪ ،‬وتستطيع‬ ‫الزبائن احلصول على الرد الستفساراتهم عن املنتجات واخلدمات املعروضة كما ميكنهم‬ ‫(‪)18‬‬ ‫إرسال طلباتهم مباشرة وهم يف مكانهم من خالل االنرتنت ‪.‬‬ ‫ صفحات االنرتنت املبوبة على مستوى العامل‬‫ ميزة الربيد االلكرتوني لالتصال حبوالي ‪ 30‬مليون مستخدم‬‫ خط حمادثة لالتصال باآلخرين من املستخدمني للخط وعمل صداقات جديدة معهم ‪.‬‬‫ آخر األخبار العاملية من الصحف ووكاالت األنباء العاملية ‪.‬‬‫« االنرتنت حميط واسع االنتشار للفرص املناسبة والفعالة اليت تكفي احتياجاتك من املعرفة‬ ‫واملعلومات «‬ ‫‪344‬‬

‫‪ - 2‬التعليم ‪ :‬االنرتنت هي شبكة كمبيوتر ضخمة متتد حول العامل من خالل اتصال أجهزة‬ ‫الكمبيوتر الشخصية الصغرية بأجهزة الكمبيوتر الكبرية واملزودة مبصادر غري حمدودة من‬ ‫املعلومات والبيانات ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أطفال املدارس طالب الكليات ‪ ،‬املعلمني والباحثني عن العلم ‪ ،‬كل هؤالء مجيعا يقوموا‬ ‫بتزويد معلوماتهم من املوارد املتوفرة بيسر ووفرة يف شبكة االنرتنت مما يعزز قدرتهم العلمية‬ ‫ودراستهم األكادميية ويزيد من براعتهم الفكرية ‪.‬‬ ‫ مكتبات رقمية ‪ :‬الوصول عرب الشبكة اىل آالف املكتبات الزاخرة بالكتب والبحوث العلمية‬‫ليس متوفراً إال من أجل اهتماماتك العلمية واخلاصة للبحث عن املعلومات اليت تريدها يف أي‬ ‫‪)19‬‬ ‫جمال‬ ‫ طالب املدارس العليا ‪ :‬االنرتنت هي ثروة من املعلومات متوفرة ومتاحة للطالب واليت‬‫ميكنهم من خالهلا أن حيسنوا لغتهم ويتعلمون بأنفسهم وذلك ببناء اتصاالت مع طالب آخرين‬ ‫ومعلمني عرب العامل ‪ ،‬كما ميكنهم صقل مهاراتهم يف الرياضيات والتفوق يف العلوم بصورة‬ ‫أفضل أمام اآلخرين من خالل االنرتنت ‪.‬‬ ‫ الوالدين ‪ :‬إن االنرتنت لديها مصادر غزيرة ميكن االعتماد عليها إلعداد نفسك وأوالدك‬‫ملستقبل أفضل حيث ميكن أن جتد املناهج املناسبة واجلامعات املثالية وأحسن الكتب ألوالدك‬ ‫‪ .‬أيضاً ميكنك تبادل اآلراء وحل املشاكل اليت تواجهك وكيف تتعامل معها من خالل تعاملك‬ ‫مع والدين آخرين عرب العامل بواسطة االنرتنت ‪.‬‬ ‫ طالب الكليات واجلامعات والباحثني ‪ :‬إم املعلومات املوصلة باالنرتنت معروفة بأنها بال قيود‬‫وتغطي مجيع املوضوعات بداية من علوم اللغات إىل تكنولوجيا الصواريخ ‪ ،‬وتستطيع أن تكون‬ ‫متأكداً من وصولك لكافة التفاصيل يف اجملال التعليمي الذي تريد أن تعرفه وتسلكه سواء‬ ‫كان املوضوع عن حبث أو موضوعات عامة مثل الفنون اجلميلة أو عن الصحة والغذاء ‪ ،‬أو عن‬ ‫‪20‬‬ ‫علوم متقدمة مثل الطاقة النووية ‪.‬‬ ‫ املعلمني ‪ :‬إن إسهام االنرتنت يف نشر املعلومات ال يقدر بثمن فإنها تسهل الوصول اىل ماليني‬‫الوثائق ‪ ،‬نتائج البحوث واألفكار واملصادر والناس ‪ ،‬كما تساعد على تبادل اآلراء واألفكار‬ ‫عن توجيه الطالب وإرشادهم والتشاور يف جمرى التطورات العلمية واالجتاهات القومية‬ ‫ةاألقليمية يف التعليم وذلك باالتصال مع املعلمني حول العامل من خالل االنرتنت ‪.‬‬ ‫‪ 3‬السفر والعطالت ‪ :‬تعترب االنرتنت أفضل وسيلة متقدمة ومباشرة لرتويج خدمات السفر‬‫والعطالت والسياحة ‪.‬‬ ‫ جماالت السفر والعطالت والسياحة ‪ :‬من خالل االنرتنت يتم نشر املعلومات عن العطالت‬‫والرحالت سواء اجلماعية أو الفردية وحتتوي هذه املعلومات على التسهيالت واألسعار‬ ‫والعروض اخلاصة ‪ ..‬اخل كما ميكنك نشر مجيع البيانات عن رحالت الطريان وجداول املواعيد‬ ‫‪345‬‬

‫وإجراء احلجز من خالل االنرتنت (‪)) 21‬‬ ‫ اجملاالت الفندقية ‪ :‬تقوم كذلك بالرتويج للخدمات الفندقية وتسهيل الدعاية عن وسائل‬‫الراحة املتاحة واألسعار ‪ ،‬كل املعلومات اليت تريد الفنادق أن يعرفهاالزبائن عن اخلدمات اليت‬ ‫تقدمها مثل العروض اخلاصة وأجرة السيارات ووسائل التسلية والضيافة واملزايا املتوفرة‬ ‫لألطفال واألسعار املومسية كل ذلك ميكن نشره من خالل االنرتنت مما يضمن وصول هذه‬ ‫املعلومات إىل ماليني املستخدمني على نطاق العامل ‪.‬‬ ‫ وكاالت ترويج السياحة ‪ :‬االنرتنت هي هدية لوكاالت السياحة حيث تتمكن بفضلها من‬‫ترويج وتسويق السياحة يف بالدهم بصورة فعالة ‪ .‬كل التسهيالت اليت يستطيع السائح ان‬ ‫حيصل عليها عند زيارة بلد معينة واألماكن اخلالبة فيها واآلثار التارخيية ‪ ..‬اخل ميكن‬ ‫تروجيها عاملياً من خالل االنرتنت ‪.‬‬ ‫ السائح أو املسافر ‪ :‬أصبح اآلن السائح واملسافر ال يقوم بأي مشقة للبحث عن أفضل العروض‬‫اليت تقدمها االنرتنت للحصول على املعلومات اليت يريد معرفتها واحلصول على أفضل ما يريد‬ ‫من خمتلف األماكن حول العامل ‪ ،‬مجيع البيانات عن املواقع السياحية ‪ ،‬املنتجعات ‪ ،‬إجراءات‬ ‫تأشرية الدخول ‪ ،‬العمالت األجنبية ‪ ،‬حجوزات خطوط الطريان ‪ ،‬التسهيالت البنكية والعناية‬ ‫الطبية وخرائط املدن كل هذا يف متناول يدك بسهولة تامة عند استخدام االنرتنت ‪)22(.‬‬ ‫‪ - 4‬األعمال ‪:‬‬ ‫االنرتنت يفتح لك إمكانيات األعمال اليت مل يكتشفها أحد من خالل ترابط مع ‪ 30‬مليون‬ ‫مستخدم عربا لعامل ‪ ،‬حيث أنك تستطيع اآلن معرفة آخر تطورات األعمال وموقف أعمالك‬ ‫منها ألخذ األولوية الكاملة يف املنافسة وحتقيق النجاح يف كل األعمال ‪.‬‬ ‫ويبلغ عدد مستخدمي شبكة االنرتنت يف العامل حوالي ‪ 12‬مليون شخص عام ‪2003‬م ومن‬ ‫املتوقع أن يصبح هذا العدد حوالي ‪ 500‬مليون عام ‪ 2005‬أي أربعة أضعاف العدد احلالي ‪)23.‬‬ ‫ولقد كان هلذا االتساع يف عدد املستخدمني والتمدد الوظيفي مردود اقتصادياً واضحاً ‪ ،‬فقد‬ ‫أظهرت أحدث الدراسات املتخصصة يف قطاع التجارة االلكرتوينة واالتصال عرب االنرتنت‬ ‫الصادرة عن جمموعة أي ماركت املتخصصة يف الدراسات اإلحصائية املتعلقة باالنرتنت‬ ‫ارتفاعاً يف حصول اتفاق شركات القطاع اخلاص عرب االنرتنت خالل العام املاضي ‪، 2002‬‬ ‫واخنفضت هذه الشركات وفقا لدراسة ما قيمته ‪ 59.7‬مليار دور عرب االنرتنت خالل العام‬ ‫املاضي مسجلة بذلك ارتفاعاً بنسبة تصل إىل ‪ 98%‬مقارنة بالرقم املسجل خالل عام ‪1999‬م‬ ‫والذي مل يزد على ‪ 30.1‬مليار دوالر وتتوقع الدراسة أن ترتفع عائدات التجارة االلكرتوينة‬ ‫العاملية مبقدار أربعة أضعاف ما هي عليه اآلن حبلول عام ‪ 2004‬وأن تصل إىل ‪ 100‬مليار‬ ‫‪346‬‬

‫دوالر بنهاية العام احلالي ‪) 24.‬‬ ‫ولكن ماذا يعين التسوق عرب االنرتنت ‪ ،‬يطلق مصطلح التسوق االلكرتوني ‪ E-M‬على عمليات‬ ‫بيع وشراء املنتجات واخلدمات اليت مت على شبكة االنرتنت وخاصة من خالل مواقع االنرتنت‬ ‫اليت يطلق عليها وبالعربية أي األعمال التجارية االلكرتونية وهي تستخدم للتعبري عن نفس‬ ‫املفهوم ‪ ،‬وتنقسم التجارة االلكرتوينة إىل قسمني هما ‪:‬‬ ‫ من املنتج إىل املستهلك ‪:‬‬‫وزاد استخدام هذا اخلط بشكل كبري مع استخدام االنرتنت من حيث ظهر مصطلح جديد يف‬ ‫احلياة التجارية املركز التجاري االلكرتوني والذي يقدم كل أنواع السلع واخلدمات ويتيح‬ ‫الشراء منها على الفور ويتم الدفع بطرق خمتلفة أكثرها شيوعاً هي استخدام بطاقات‬ ‫االئتمان والشيكات االلكرتونية أو نقداً عند التسليم ‪.‬‬ ‫ من الشركات إىل الشركات ‪:‬‬‫وهي متثل التبادل التجاري االلكرتوني بني شركة وأخرى ومن خالل هذه املواقع تستطيع‬ ‫الشركات‬ ‫أن توفر احتياجاتها من املواد اخلام أو قطع الغيار من أي مكان يف العامل وينطلق مفهوم التسوق‬ ‫االلكرتوني على أي نوع من أشكال التعامالت التجارية اليت متت عرب االنرتنت( ‪)25 .‬‬ ‫وبالرغم من املزايا الواضحة اليت حيققها التسوق االلكرتوني إال أنه ما زال يعاني من قصور يف‬ ‫جمال سرية وتأمني املعلومات اخلاصة املتعلقة ببيانات املشرتكني عرب االنرتنت ‪26.‬‬

‫ا لدراسة ألميدانيه‬

‫جدول رقم (‪)1‬‬ ‫يبني توزيع ألعينه حسب النوع‬

‫العدد‬ ‫النوع‬ ‫ذكور‬

‫العدد‬

‫النسبة‬

‫‪95‬‬

‫إناث‬

‫‪49.4 %‬‬

‫‪97‬‬

‫‪50.6 %‬‬

‫‪192‬‬

‫‪100 %‬‬

‫اجملموع‬

‫ ‬ ‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )1‬ما يلي ‪-:‬‬ ‫أظهرت النتائج ‪ 97‬مفرده بنسبة ‪ 50.6%‬من مفردات العينة من اإلناث فيما بلغ عدد الذكور‬ ‫‪ 95‬مفردة بنسبة ‪. 49.4%‬‬ ‫‪347‬‬

‫ومن هذا اجلدول يتبني أن إقبال اإلناث على استخدام االنرتنت أكثر من إقبال الذكور وهذه‬ ‫نتيجة طبيعية حيث أن اإلناث يف جمتمع اإلمارات قليلي اخلروج عكس الذكور ‪ ...‬وهذا ما‬ ‫تتطلبه العادات والتقاليد ‪ ،‬حيث ال حتبذ خروج اإلناث دائماً مثل الذكور ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)2‬‬ ‫يبني الفئة العمرية للعينة‬ ‫بيان‬ ‫الفئة العمرية‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬

‫إناث‬ ‫العدد‬

‫‪%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬

‫‪%‬‬

‫‪%‬‬

‫‪19 – 17‬‬

‫‪40‬‬

‫‪% 42.1‬‬

‫‪50‬‬

‫‪% 51.4‬‬

‫‪90‬‬

‫‪% 46.8‬‬

‫‪20 – 19‬‬

‫‪35‬‬

‫‪% 36.8‬‬

‫‪35‬‬

‫‪% 36.0‬‬

‫‪70‬‬

‫‪% 36.4‬‬

‫‪25 – 21‬‬

‫‪20‬‬

‫‪% 21.0‬‬

‫‪120‬‬

‫‪% 12.4‬‬

‫‪32‬‬

‫‪% 16.6‬‬

‫اجملموع‬

‫‪95‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪97‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪192‬‬

‫‪% 100‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )2‬ما يلي ‪-:‬‬ ‫• •أوضحت النتائج أن على مستوى الذكور واإلناث بلغ عدد الذكور من فئات السن (‪17-‬‬ ‫‪ 40 )19‬مفرده بنسبة ‪ % 42.1‬بينما بلغ عدد اإلناث ‪ 50‬مفرده بنسبة (‪ ، )51.4%‬وتساوى‬ ‫عدد الذكور واإلناث يف فئة السن ما بني (‪ )21 – 19‬حيث بلغ عدد مفردات العينة يف كل‬ ‫منها ‪ 35‬مفرده بنسبة (‪ )36.8%‬للذكور مقابل (‪ )36.0%‬لإلناث ‪.‬‬ ‫• •بينما بلغ عدد مفردات العينة يف النسبة ما بني ( ‪ 20) 25 – 21‬مفرده بنسبة (‪)21.0%‬‬ ‫مقابل ‪ 12‬مفرده من اإلناث بنسبة (‪ )12.3%‬وعلى املستوى اإلمجالي بلغ عدد الذكور واإلناث‬ ‫من فئة السن (‪ 90 )19 – 17‬مفردة بنسبة (‪ )46.8%‬واحتلت املركز األول وتساوت هذه‬ ‫النتيجة مع نتيجة الدراسة اليت أجرتها الباحثة مريم آل علي يف حبثتها عن اآلثار االجتماعية‬ ‫الستخدام االنرتنت لدى الشباب يف اإلمارات (‪ )1‬حيث أكدت الدراسة أن فئات الشباب األصغر‬ ‫سنا على استخدام االنرتنت للتقيات الربامج يف املرحلة اجلامعية ‪ .‬ويليها فئة السن (‪) 21 – 19‬‬ ‫بنسبة (‪ )36.4%‬واحتلت املركز الثاني ويليها فئة السن (‪ )25 – 22‬بنسبة (‪ )16.6%‬واحتلت‬ ‫املركز الثالث واألخري ‪.‬‬ ‫• •يتبني مما سبق بان الذكور واإلناث يف فئة السن (‪ )19 – 17‬هم األكثر إقباال على إبداء‬ ‫‪348‬‬

‫رأيهم يف االنرتنت من الفئتني الثانية واألخرية ‪ .‬وهذا وان دل على سيء إمنا يدل على أن كلما‬ ‫كانت فئة السن أصغر فإنه يتسم باالهتمام واإلقبال على هذا النوع من الدراسات أكثر من‬ ‫غريها من الفئات األخرى ‪)27(.‬‬ ‫جدول رقم (‪)3‬‬ ‫يبني املستوى الدراسي للعينة‬ ‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫‪51.5%‬‬ ‫‪50 47.3%‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪30.9%‬‬ ‫‪25 28.4%‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪11.9%‬‬ ‫‪14 15.7%‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪8.2%‬‬ ‫‪8 13.6%‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪100%‬‬ ‫‪97 100%‬‬ ‫‪95‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪95‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪192‬‬

‫بينان‬ ‫‪%‬‬ ‫التخصص‬ ‫‪56.7%‬‬ ‫السنة األوىل‬ ‫‪27.0%‬‬ ‫السنة الثانية‬ ‫‪15.1%‬‬ ‫السنة الثالثة‬ ‫‪10.9%‬‬ ‫السنة الرابعة‬ ‫‪100%‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫يتبني من اجلدول السابق رقم ‪ 3‬مايلي‬ ‫• •أظهرت النتائج على مستوى الذكور واإلناث بالنسبة الدراسية إن (‪ )51.5%‬من اإلناث ‬ ‫ ‬ ‫ مقابل (‪ )47.3%‬من الذكور يف السنة األوىل واحتلت املرتبة األوىل ويليها بنسبة‬ ‫ (‪30.9%‬ن من اجلدول السابق رقم (‪ )3‬ما يلي ‪ ):‬من اإلناث و (‪ )28.4%‬من الذكور يف ‬ ‫ ‬ ‫ السنة الثانية و (‪ )15.7%‬من الذكور مقابل (‪ )12.9%‬من اإلناث يف السنة الثالثة‬ ‫ و أما السنة الرابعة فقد بلغت النسبة (‪ )13.6%‬للذكور مقابل (‪ )8.2%‬لإلناث واحتلت ‬ ‫ املركز األخري ‪.‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي فقد بلغت نسبة الذكور واإلناث يف السنة األوىل (‪ )56.7%‬‬ ‫ واحتلت املركز األول ويليها السنة الثانية بنسبة (‪ )27.0%‬و (‪ )15.1%‬للسنة الثالثة و ‬ ‫ (‪ )10.9%‬للسنة الرابعة ‪.‬‬

‫‪349‬‬

‫جدول رقم (‪)4‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب التخصص العلمي ‪.‬‬ ‫بينان‬ ‫التخصص‬ ‫اتصال مجاهريي‬ ‫آداب‬ ‫شريعة وقانون‬ ‫علوم‬ ‫فنون‬ ‫طب‬ ‫هندسة‬ ‫إدارة أعمال‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪35‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‬‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪50 36.8%‬‬ ‫‪25 6.3%‬‬ ‫‪10 26.3%‬‬ ‫‪- % 5.2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‬‫‪3 % 5.2‬‬ ‫‪2 % 8.4‬‬ ‫‪2 % 11.5‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪85 51.5%‬‬ ‫‪31 25.7%‬‬ ‫‪35 10.3%‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‬‫‪5 % 5.1‬‬ ‫‪8 1.6%‬‬ ‫‪10 % 2.0‬‬ ‫‪13 % 2.0‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪44.2%‬‬ ‫‪16.1%‬‬ ‫‪18.2%‬‬ ‫‪2.6%‬‬ ‫‪2.6%‬‬ ‫‪4.1%‬‬ ‫‪5.2%‬‬ ‫‪6.7%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )4‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة أن على مستوى الذكور واإلناث بلغت نسبة املشاركني يف العينة من ‬ ‫ قسم االتصال اجلماهريي ‪ 50‬من االناث مقابل ‪ 36.8%‬من الذكور واحتلت املركز ‬ ‫ األول‪ ،‬ويليها املشاركون من كلية اآلداب بنسبة ‪ 25.7%‬لإلناث مقابل ‪ 6.3%‬للذكور ‬ ‫ واحتلت املركز الثاني وجاء املشاركون من كلية الشريعة والقانون يف املركز الثالث ‬ ‫ بينما بلغت باقي التخصصات بنسبة ضئيلة تراوحت ما بني (‪. )6.7%( ، )2.6%‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي بلغت نسبة االتصال اجلماهريي (‪ )44.2%‬واحتلت املركز‬ ‫ األول ويليها الشريعة والقانون بنسبة (‪ )18.2%‬واحتلت املركز الثاني ويليها اآلداب‬ ‫ بنسبة (‪ )16.1%‬وإما باقي التخصصات فقد تراوحت ما بني ( ‪) 6% ، 2%‬‬

‫‪350‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫جدول رقم (‪)5‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب استخدامها لالنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫الستمرارية‬ ‫دائماً‬ ‫أحيانا‬ ‫نادراً‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪55‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪60 57.8%‬‬ ‫‪30 36.8%‬‬ ‫‪7 5.2%‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪115 61.8%‬‬ ‫‪65 30.9%‬‬ ‫‪12 7.3%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪59.8%‬‬ ‫‪33.8%‬‬ ‫‪6.2%‬‬ ‫‪% 100‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )5‬ما يلي ‪:‬‬ ‫دلت نتائج الدراسة أن على مستوى الذكور واإلناث قد بلغت نسبة الذين يستخدمون االنرتنت‬ ‫من أفراد العينة دائماً من اإلناث بنسبة (‪ )61.8%‬مقابل (‪ )57.8%‬من الذكور ‪ ،‬والفرق بني‬ ‫النسبتني ليست له داللة إحصائية على مستوى الثقة (‪ )95%‬واحتلت املركز األول ‪ ،‬بينما‬ ‫بلغت نسبة الذين يستخدمون االنرتنت أحياناً من الذكور (‪ )36.8%‬مقابل (‪)30.9%‬‬ ‫والفرق أيضاً بني النسبتني ليس دال إحصائيا واحتلت املركز الثاني ‪ ،‬ويليها وبنسبة ضئيلة‬ ‫نادراً للذكور بنسبة (‪ )5.21%‬مقابل (‪ )7.3%‬لإلناث‬ ‫وعلى املستوى اإلمجالي تبني (‪ )59.8%‬من مفردات العينة يستخدمون االنرتنت دائما واحتلت‬ ‫املركز األول ويليها أحياناً بنسبة (‪ )33.8%‬والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائيا واحتلت‬ ‫املركز الثاني ‪ ،‬بينما نادراً فقد بلغت النسبة ضئيلة (‪)6.2%‬‬ ‫وهذا وإن دل على شيء إمنا يدل على قدرة هذه التقنية احلديثة يف جذب إقبال مجهور الطلبة‬ ‫إليها واإلقبال على استخدامها بصفة دائمة ‪.‬‬

‫‪351‬‬

‫جدول رقم (‪)6‬‬ ‫بني توزيع العينة حسب ساعات االستخدام لالنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫ساعات االستخدام‬ ‫‪ 1-2‬ساعة‬ ‫‪ 3-4‬ساعة‬ ‫‪ 5-6‬ساعة‬ ‫‪ 7-8‬ساعة‬ ‫‪ 9‬ساعة فأكثر‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪14‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪5 14.7%‬‬ ‫‪60 42.1%‬‬ ‫‪20 31.5%‬‬ ‫‪3 5.2%‬‬ ‫‪9 % 6.2‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪19 5.1%‬‬ ‫‪100 61.8%‬‬ ‫‪50 20.6%‬‬ ‫‪8 3.0%‬‬ ‫‪15 9.2%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪9.8%‬‬ ‫‪52.0%‬‬ ‫‪26.0%‬‬ ‫‪4.1%‬‬ ‫‪7.8%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )6‬ما يلي ‪:‬‬ ‫دلت نتائج الدراسة على إن بالنسبة لعدد ساعات استخدام االنرتنت أنه على مستوى الذكور‬ ‫واإلناث أعلى نسبة لساعات االستخدام بلغت (‪ )61.8%‬بالنسبة لإلناث مقابل (‪)42.1%‬‬ ‫للذكور والفرق بني النسبتني ليس له دالله إحصائية واحتلت املركز األول ويليها عدد‬ ‫الساعات (‪ )5-6‬بنسبة (‪ )31.5%‬للذكور مقابل (‪ )20.6%‬لإلناث واحتلت املركز الثاني‬ ‫والفرق بني النسبتني ليس له داللة إحصائية عند مستوى ثقة ‪ 95%‬وأما باقي الفئات ‪7-8‬‬ ‫ساعات و ‪ 9‬ساعات فأكثر فقد نالت نسبة ضئيلة تراوحت ما بني (‪ )6.3%‬اىل (‪ )9.2%‬وهي‬ ‫ليست مرتفعة‬ ‫وعلي املستوى اإلمجالي فقد بلغت فئة االستخدام من ‪ 3-4‬ساعات ( ‪ )52.0%‬واحتلت املركز‬ ‫األول ويليها من ‪ 5-6‬ساعات بنسبة (‪ )26.0%‬احتلت املركز الثاني وأما باقي الفئات فقد نالت‬ ‫نسبة ضئيلة ‪.‬‬ ‫وهذا وإن دل على شيء فإمنا يدل على مدى ضرورة االنرتنت يف شغل وقت الشباب من الذكور‬ ‫واإلناث حيث ان ‪ 4-5‬ساعات نسبة ليست ببسيطة وان هذا الزمن الذي يستغرقه الشباب يف‬ ‫استخدام االنرتنت يعرب عن مدى شغفهم وطلبهم لالنرتنت وتتشابه هذة النتيجة مع نتائج‬ ‫دراسات أخرى أجريت يف الوطن العربي على استخدام الشباب لالنرتنت فقد بلغت نسبة‬ ‫مقاربة‪..‬‬

‫‪352‬‬

‫جدول رقم (‪)7‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب أماكن استخدام االنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫أماكن االستخدام‬ ‫يف املنزل‬ ‫يف اجلامعة‬ ‫املقهى‬ ‫أماكن أخرى‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪45‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‬‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪60 % 47.3‬‬ ‫‪37 10.5%‬‬ ‫‪- 36.8%‬‬ ‫‬‫‬‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪105 % 61.8‬‬ ‫‪52 38.1%‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪% 54.6‬‬ ‫‪% 27.0‬‬ ‫‪18.2%‬‬ ‫‬‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )7‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة أن أماكن استخدام مفردات العينة لالنرتنت على مستوى الذكور ‬ ‫ ‬ ‫ واإلناث بلغت نسبة الذين يستخدمون االنرتنت يف املنزل هي أعلى نسبة حيث بلغت‬ ‫ لإلناث (‪ )61.8%‬مقابل (‪ )47.3%‬للذكور والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائيا ‪ ،‬‬ ‫ ‬ ‫ واحتلت املركز األول ويليها يف اجلامعة بنسبة (‪ )37.1%‬لإلناث مقابل (‪)10.5%‬‬ ‫ للذكور والفرق بني النسبتني دال إحصائيا عند مستوى ثقة (‪ )95%‬واحتلت املركز ‬ ‫ الثاني بينما جاءت نسبة االستخدام يف املقاهي املرتبة الثالثة بنسبة (‪ )36.8%‬للذكور ‬ ‫ وأما اإلناث فلم يتبني من الدراسة أية استخدامات هلم يف املقهى ‪.‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي جند أن استخدامات االنرتنت يف املنزل جاءت يف املرتبة األوىل ‬ ‫ ونسبة (‪ ، )54.6%‬ويليها يف اجلامعة يف املرتبة الثانية بنسبة (‪ )27.0%‬والفرق بني ‬ ‫ النسبتني دال إحصائيا عند مستوى ثقة ‪. 95%‬‬ ‫• •يبني تفرد الذكور يف االستخدام يف املقاهي حيث بلغت النسبة (‪ )18.2%‬مقابل ال شيء ‬ ‫ لإلناث ‪ ،‬وهذا وان دل على شيء إمنا يدل على إن طبيعة اجملتمع اإلماراتي احملافظ ‪ ،‬‬ ‫ حيث أن الفتيات ال يستطعن الذهاب اىل مقاهي االنرتنت ‪ ،‬حيث أنه خمالف للعادات ‬ ‫ والتقاليد السائدة يف اجملتمع ‪.‬‬

‫‪353‬‬

‫جدول رقم (‪)8‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب األوقات استخدام االنرتنت‬ ‫ذكور‬ ‫البيان‬ ‫العدد‬ ‫أوقات االستخدام‬ ‫‪25‬‬ ‫أثناء النهار‬ ‫‪50‬‬ ‫يف املساء‬ ‫يف وقت متأخر من الليل ‪25‬‬ ‫‪95‬‬ ‫اجملموع‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪18 26.3%‬‬ ‫‪45 52.6%‬‬ ‫‪34 26.3%‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪38 18.5%‬‬ ‫‪95 46.3%‬‬ ‫‪59 35.5%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪19.7%‬‬ ‫‪49.4%‬‬ ‫‪52.0%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )8‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة انه على مستوى الذكور واإلناث بالنسبة أوقات استخدام االنرتنت ‬ ‫ ‬ ‫ بلغت على التوالي يف املساء (‪ )52.6%‬للذكور مقابل (‪ )46.3%‬لإلناث واحتلت‬ ‫ ‬ ‫ املركز األول والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائيا عند مستوى ثقة (‪)95%‬‬ ‫ ‪ ،‬ويليها أثناء النهار ‪ ،‬ويف وقت متأخر من الليل بنسبة (‪ )35.5%‬لإلناث مقابل (‪ )26.3%‬‬ ‫ للذكور والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائياً وجاءت يف املرتبة الثانية بينما جاء ‬ ‫ االستخدام إثناء النهار يف املركز الثالث وبنسبة (‪ )6.3%‬للذكور مقابل (‪ )18.5%‬‬ ‫ لإلناث والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائيا ‪.‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي فقد جاءت نسبة االستخدام يف وقت متأخر من الليل يف املركز ‬ ‫ األول حيث بلغت (‪ )52.0%‬وتتوافق هذه النتيجة مع نتيجة دراسة أجراها الدكتور ‬ ‫ أمحد فالح العموشي على واقع استخدام الشباب ملقهى االنرتنت يف االمارات مقدمه لندوة ‬ ‫ ثقافة االنرتنت وتأثريها على الشباب ويليها وبفارق ليس بقليل االستخدام يف املساء ‬ ‫ ‬ ‫ ‪ ،‬حيث بلغت (‪ )49.4%‬وأما االستخدام أثناء النهار فقد جاءت يف املركز األخري‬ ‫ وبنسبة (‪ )19.7%‬والفرق بني النسبتني دال إحصائيا عند مستوى ثقة (‪. )95%‬‬ ‫• •هذا وعن دل على شيء إمنا يدل على عدم وجود رقابة من قبل األهالي على األبناء يف ‬ ‫ ‬ ‫ استخدام االنرتنت ‪ ،‬حيث يرتك األبناء يف املشاهدة يف وقت متأخر من الليل ‪ ،‬وهذا‬ ‫ ‬ ‫ قد يكون مضر بالصحة ومضيعة للوقت إذ إن استخدامهم يف هذا الوقت ولديهم‬ ‫ دوام صباحي فإنه يسبب إرهاق ذهين وبدني ‪.‬‬ ‫• •وتساوت هذه النتيجة مع نتائج دراسات أجريت يف أحناء خمتلفة من الوطن العربي‪.‬‬

‫‪354‬‬

‫جدول رقم _‪)9‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب أمناط االستخدام‬ ‫البيان‬ ‫أمناط االستخدام‬ ‫منفرد‬ ‫مغلق‬ ‫مجاعي‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪50‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪95‬‬

‫اناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪60 52.6%‬‬ ‫‪20 36.8%‬‬ ‫‪17 10.5%‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪110 % 61.8‬‬ ‫‪55 20.6%‬‬ ‫‪27 17.5%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪57.2%‬‬ ‫‪28.6%‬‬ ‫‪14.0%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )9‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة على إن أكثر أمناط االستخدام النرتنت بشكل منفرد حيث بلغت بني‬ ‫االناث (‪ )61.8%‬مقابل (‪ )52.6%‬لدى الذكور ونالت املرتبة األوىل ‪ ،‬والفرق بني النسبتني‬ ‫ليس له دالله إحصائية عند مستوى ثقة (‪ )95%‬بينما بلغت نسبة االستخدام بشكل مغلق‬ ‫(‪ )36.8%‬للذكور مقابل (‪ )20.6%‬ونالت املرتبة الثانية والفرق بني النسبتني ليس دال‬ ‫إحصائيا ‪ ،‬أما بالنسبة لنمط االستخدام مجاعي فقد نال املرتبة الثالة واألخرية لكل من‬ ‫الذكور واإلناث حيث بلغت النسبة (‪ )17.5%‬لدى اإلناث مقابل (‪ )10.5%‬لدى الذكور‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي فقد تبني إن أكثر منط لالستخدام هو بشكل منفرد حيث بلغت ‬ ‫ النسبة (‪ )57.2%‬وتليها وبفارق ليس بقليل منط االستخدام مغلق ‪ ،‬حيث بلغ (‪ )28.6%‬‬ ‫ أما منط االستخدام مجاعي فقد بلغت (‪ )14.0%‬يف املرتبة الثالثة واألخرية ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫• •نستنج مما سبق أن أفراد العينة تستخدم االنرتنت بشكل منفرد ‪ ،‬وهذا مبا يعود اىل‬ ‫ احلرية اليت يتمتع بها أفراد العينة يف منط االستخدام لالنرتنت وأيضاً يبني املبالغة ‬ ‫ يف احلرية من رغبة نسبة ال بأس بها من أفراد العينة يف املشاهدة املغلقة ‪.‬‬

‫‪355‬‬

‫جدول رقم (‪)10‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب تبال الرأي مع أصدقائه يف االنرتنت‬ ‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪50‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪25 52.6%‬‬ ‫‪72 47.3%‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪75 25.7%‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪74.2‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫البيان‬ ‫‪%‬‬ ‫تبال الرأي‬ ‫‪39.0%‬‬ ‫نعـــم‬ ‫‪60.9%‬‬ ‫ال‬ ‫‪100%‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )10‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •أوضحت الدراسة أن معظم أفراد العينة أجابت بــ ال من حيث تبادل الرأي مع األصدقاء‬ ‫بالنسبة لالنرتنت ‪ ،‬حيث بلغت نسبة لإلناث (‪ )74.2%‬مقابل (‪ )47.3%‬للذكور والفرق ‬ ‫بني النسبتني دال إحصائيا ‪ ،‬أما بالنسبة للذين أجابوا بــ نعم فقد بلغت نسبة الذكور‬ ‫(‪ )52.6%‬مقابل (‪ )25.7%‬لدى اإلناث والفرق بني النسبتني له دالله إحصائية عند‬ ‫مستوى ثقة ‪. 95%‬‬ ‫ ‬ ‫• •أما على املستوى اإلمجالي فقد بلغت نسبة الذين يتبادلون الرأي مع األصدقاء حول‬ ‫ االنرتنت (‪ )60.9%‬ونالت املركز األول وتلتها نسبة الذين اجابوا بنعم (‪ )39.0%‬وهذا ‬ ‫ يدل على أن أغلبية مفردات العينة ال حتبذ تبادل الرأي حول ما تشاهده مع مع األصدقاء‬ ‫جدول رقم (‪)11‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب املواقع اليت تشاهدها يف االنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫أنواع املواقع‬ ‫مواقع رياضية‬ ‫مواقع األغاني‬ ‫مواقع األفالم‬ ‫مواقع ممنوعة‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫‪356‬‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪35‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪36.8%‬‬ ‫‪21.0%‬‬ ‫‪10.5%‬‬ ‫‪31.5%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪15‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‬‫‪97‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪50 15.4%‬‬ ‫‪55 36.0%‬‬ ‫‪57 48.4%‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‬‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪26.0%‬‬ ‫‪28.6%‬‬ ‫‪29.6%‬‬ ‫‪15.6%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )11‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة بالنسبة للمواقع اليت تشاهدها العينة على مستوى الذكور واإلناث أن‬ ‫أهم املواقع املستخدمة هي األفالم حيث نالت لإلناث (‪ )48.4%‬مقابل (‪ )10.5%‬لدى الذكور‬ ‫والفرق بني النسبتني له دالله إحصائية عند مستوى ثقة (‪ )95%‬ونالت املركز األول وبينما‬ ‫نالت املواقع الرياضية لدى الذكور (‪ )36.8%‬مقابل (‪ )15.4%‬لدى االناث ‪ ،‬وتلتها مواقع‬ ‫أالغاني حيث بلغت نسبتها لدى الذكور (‪ )21.0%‬مقابل (‪ )36.0%‬لدى االناث والفرق‬ ‫بني النسبتني ليس دال إحصائيا ‪ ،‬وأما بالنسبة للمواقع املمنوعة فقد انفرد بها الذكور دون‬ ‫اإلناث حيث بلغت نسبتهم (‪ )31.5%‬وهذه ليست قليلة ‪ ،‬حيث ان هذه الفئة ملشاهدتها للمواقع‬ ‫املمنوعة فقد تبني عدم وجود رقابة عليها وليس هلا رادع ديين مينعها من مشاهدة تلك املواقع‬ ‫اخلاصة بالقيم واملعتقدات ‪.‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي فقد نالت مواقع األغاني (‪ )28.6%‬وتلتها وبفارق ليس قليل ‬ ‫مواقع األفالم (‪ )29.6%‬ونالت املركز الثاني بينما نالت مواقع األغاني (‪ )28.6%‬وتلتها املواقع‬ ‫املمنوعة بنسبة (‪ )15.6%‬ونالت املرتبة األخرية ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)12‬‬ ‫يبني توزيع العينة على حسب تأثري االنرتنت على العالقة باألسرة‬ ‫ذكور‬ ‫البيان‬ ‫العدد‬ ‫تأثري االنرتنت‬ ‫تؤدي اىل العزلة عن ‪30‬‬ ‫باقي األسرة‬ ‫تؤدي اىل اإلدمان ‪25‬‬ ‫على االنرتنت‬ ‫تؤدي اىل السعي ‪25‬‬ ‫املستمر للسرية‬ ‫تؤدي اىل الشعور ‪15‬‬ ‫بالقلق من متابعة‬ ‫األسرة‬ ‫‪95‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪40 31.5%‬‬

‫اإلمجالي‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪36.4%‬‬ ‫‪70 41.2%‬‬

‫‪35 26.3%‬‬

‫‪60 36.0%‬‬

‫‪31.2%‬‬

‫‪12 26.3%‬‬

‫‪37 12.3%‬‬

‫‪19.2%‬‬

‫‪10 15.7%‬‬

‫‪25 10.3%‬‬

‫‪13.0%‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪97‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪192‬‬

‫‪100%‬‬

‫‪357‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )12‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• • أوضحت نتائج الدراسة أنه على مستوى الذكور واإلناث تبني أهم تأثريات االنرتنت ‬ ‫ ‬ ‫على األسرة من وجهة نظر مفردات العينة أنه تؤدي اىل العزلة ‪ ،‬حيث بلغت نسبة‬ ‫الذكور (‪ )31.5%‬مقابل (‪ )41.2%‬لإلناث واحتلت املركز األول ويليها تؤدي اىل اإلدمان ‬ ‫على االنرتنت (‪ )26.3%‬لدى الذكور مقابل (‪ )36.0%‬لدى االناث واحتلت املركز الثاني ‬ ‫أما بالنسبة لباقي التأثريات فهي ضئيلة ‪ ،‬أما بالنسبة أنها تؤدي اىل السعي املستمر للسرية‬ ‫فقد بلغت لدى الذكور (‪ )26.3%‬مقابل (‪ )12.3%‬لدى اإلناث والفرق بني النسبتني دال‬ ‫إحصائيا‬ ‫• •أما أنه يؤدي اىل الشعور بالقلق فقد بلغت النسبة لدى الذكور (‪ )15.7%‬مقابل (‪)10.3%‬‬ ‫لدى اإلناث والفرق بني النسبتني ليس دال إحصائيا ‪.‬‬ ‫• •أما على املستوى اإلمجالي تبني أن أهم التأثري لالنرتنت بأنه يؤدي العزلة حيث بلغت‬ ‫النسبة (‪ )1( )36.4%‬ونال املركز األول ويليها وبفارق ليس بقليل أنه يؤدي اىل اإلدمان على‬ ‫االنرتنت ‪ ،‬حيث بلغت النسبة (‪ )31.2%‬وأما أنه يؤدي اىل السعي للسرية فقد بلغت النسبة‬ ‫(‪ )19.2%‬واحتلت املركز الثالث واألخري وبنسبة (‪ )13.0%‬أنها تؤدي اىل الشعور بالقلق من‬ ‫متابعة األسرة (‪)28.‬‬ ‫• •ونستنتج من ذلك أن التأثريات اليت اتفقت عليها مفردات العينة بالنسبة لالنرتنت هي‬ ‫تؤدي اىل العزلة عن باقي األسرة وهذا يدل على ان مفردات العينة قد تسعى بهذا التأثري‬ ‫السليب لالنرتنت وهذه بادرة جيدة حيث تنبه الوالدين ألبنائهم من هذا التأثري الذي سوف‬ ‫يكون له عواقب على العالقة األسرية مما يؤدي اىل التفكك األسري وهذا ما مل يعهد عليه‬ ‫جمتمعنا اإلسالمي الذي ينشد دائما اىل الوحدة ومراعاة اٍرة ألبنائها وتربيتهم تربية إسالمية‬ ‫سليمة ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)13‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب تأثري املضماين على العالقة األسرية عن نظرة الشباب لباقي األسرة‬ ‫اجملموع‬ ‫اناث‬ ‫ذكور‬ ‫البيان‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫تبادل الرأي‬ ‫‪44.2%‬‬ ‫‪85 30.9%‬‬ ‫‪35 57.8%‬‬ ‫‪55‬‬ ‫نعـــم‬ ‫‪55.7%‬‬ ‫‪107 69.0%‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪42.1‬‬ ‫‪40‬‬ ‫ال‬ ‫‪100%‬‬ ‫‪192 100%‬‬ ‫‪97 100%‬‬ ‫‪95‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫‪358‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )13‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •أوضحت نتائج الدراسة أنه على مستوى الذكور واإلناث إن نسبة الذين رأوا أن مضامني ‬ ‫ االنرتنت تأثري على العالقة األسرية على نظر الشباب لباقي األسرة مقابل (‪ )30.9%‬‬ ‫ لدى اإلناث أما الذين أجابوا بـال فقد بلغت (‪ )42.1%‬لدى الذكور مقابل (‪ )69.0%‬‬ ‫ لدى االناث ‪.‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي تبني أن الذين رأوا أن هناك تأثري للمضماين باالنرتنت على ‬ ‫ ‬ ‫ نظرة الشباب لباقي األسرة فقد بلغت (‪ )44.2%‬مقابل الذين أجابوا بــ ال (‪)55.7%‬‬ ‫ والفرق بني النسبتني ليس له داللة إحصائية عند مستوى ثقة ‪. 95%‬‬ ‫• •من هذا نرى أنه ليس هناك فرق بني الذين أجابوا بنعم والذين أجابوا بال من حيث تأثري ‬ ‫ املضامني لالتنرنت على نظرة الشباب لباقي األسرة ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)14‬‬ ‫يبني مدى اساءة املضماين لدور االم واألخت واملرأة عموما من جمهة نظر العينة‬ ‫البيان‬ ‫تبادل الرأي‬ ‫نعـــم‬ ‫ال‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪45‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪95‬‬

‫اناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪20 47.3%‬‬ ‫‪77 52.6%‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪65 20.6%‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪79.3‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪338%‬‬ ‫‪66.1%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫تبني من اجلدول السابق رقم (‪ )14‬ما يلي ‪:‬‬ ‫ ‬ ‫• • أوضحت نتائج الدراسة أن نسبة الذين أجابوا بنعم بالنسبة رأيهم يف مدى إساءة‬ ‫ ‬ ‫ املضماين يف االنرتنت لدور األم واألخت و واملرأة عموماً بلغت (‪ )47.3%‬للذكور‬ ‫ مقابل (‪ )20.6%‬لدى اإلناث والفرق بني النسبتني له دالله إحصائية بينما الذين أجابوا بـ ‬ ‫ ال فقد بلغت النسبة لدى الذكور (‪ )52.6%‬مقابل (‪)79.3%‬‬ ‫• •وإما على املستوى اإلمجالي تبني أن الذين أجابوا بـ ال بلغت (‪ )66.1%‬مقابل (‪ )23.8%‬‬ ‫ والفرق ليس دال إحصائيا بني النسبتني ‪.‬‬ ‫• •وهذا يدل على ان الذكور نسبتهم أكثر من االناث بالنسبة لإلجابة على هذا ‬ ‫ السؤال وهذا شيء طبيعي ألن اإلناث ال يشاهدوا ما يشاهدوه الذكور بطبيعة احلال ‬ ‫ فاألشياء املشاهدة ال تأثري هلا بالنسبة هلن ‪.‬‬ ‫‪359‬‬

‫جدول رقم (‪)15‬‬ ‫يبني اسباب استخدام االنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫أسباب االستخدام‬ ‫االستماع لالغاني‬ ‫واملوسيقى‬ ‫التسلية والرتفيه‬ ‫البحث عن معلومات‬ ‫قراءة الصحف‬ ‫واجملالت‬ ‫االتصال اهلاتفي‬ ‫املنهج الدراسي‬ ‫مواقع ممنوعة‬ ‫تنزيل أفالم‬ ‫تنزيل برامج‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪45‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪45 47.3%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪90 % 46.3‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪% 46.8‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪35 35.7%‬‬ ‫‪25 34.7%‬‬ ‫‪20 35.7%‬‬

‫‪69 36.0%‬‬ ‫‪57 25.7%‬‬ ‫‪54 20.6%‬‬

‫‪35.9%‬‬ ‫‪29.6%‬‬ ‫‪28.1%‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‬‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪10.5%‬‬ ‫‪26.3%‬‬ ‫‪36.8‬‬ ‫‪10.5%‬‬ ‫‪15.7%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫‪25.7%‬‬ ‫‪30.9%‬‬ ‫‬‫‪25.7%‬‬ ‫‪25.7%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪18.2%‬‬ ‫‪28.6%‬‬ ‫‪18.2%‬‬ ‫‪18.2%‬‬ ‫‪18.2%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )15‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •أوضحت نتائج الدراسة أن أهم أسباب استخدام االنرتنت على مستوى الذكور واإلناث‬ ‫االستماع لالغاني ‪ ،‬حيث نال الذكور (‪ )47.3%‬مقابل (‪ )46.2%‬لإلناث والفرق بني النسبتني‬ ‫ليس له دالله معنوية ‪ ،‬وهذا يدل على اتفاق كل من الذكور واإلناث يف االستماع لالغاني‬ ‫بالنسبة الستخدام االنرتنت واحتل املركز األول – ويليها يف املركز الثاني بالنسبة للذكور‬ ‫املواقع املمنوعة بنسبة (‪ )36.8%‬مقابل صفر لإلناث وهذا يدل على عدم وجود رقابة أسرية‬ ‫بالنسبة للذكور يف استخدام االنرتنت ‪ ،‬حيث إن هذه النسبة تعترب ليست قليلة يف الدخول‬ ‫للمواقع املمنوعة وهذا ما يتأتى األخالق والدين ‪ ،‬مما تسببه تلك املواقع من اخلروج عن العادات‬ ‫والتقاليد وامليل اىل الرذيلة وارتكاب االثام ‪ ،‬أما يف املرتبة الثالثة فقد جاءت التسلية والرتفيه‬ ‫حيث بلغت النسبة للذكور (‪ )35.7%‬مقابل (‪ )36.0%‬لإلناث وال يوجد فرق جوهري بني‬ ‫النسبتني ‪.‬‬ ‫• •وهذا يعين اتفاق كل من الذكور واإلناث يف استخدام االنرتنت للتسلية والرتفيه ‪ ،‬وهذا‬ ‫يعين رمبا قلة توفري سبل أخرى للتسلية والرتفيه يف اجملتمع حيث أدى اىل جلوء هذه الفئة من‬ ‫الشباب اىل استخدام االنرتنت للتسلية والرتفيه ‪.‬‬ ‫‪360‬‬

‫• •أما يف املرتبة الرابعة فقد جاء استخدام قراءة الصحف واجملالت حيث بلغت النسبة للذكور‬ ‫(‪ )35.7%‬مقابل (‪ )20.6%‬لإلناث ‪.‬‬ ‫• •إما باقي أسباب استخدام االنرتنت فقد نالت نسب ضئيلة تراوحت ما بني (‪ )10.0%‬اىل‬ ‫(‪)26.3%‬‬ ‫• •وعلى املستوى اإلمجالي جند أنه جاء االستماع لالغاني واملوسيقى يف املركز األول حيث‬ ‫نالت (‪ )46.8%‬ويليه التسلية والرتفيه بنسبة (‪ )35.9%‬وجاء يف املركز الثاني ‪ ،‬أما يف املركز‬ ‫الثالث فقد جاء البحث عن املعلومات معرفية واملركز الرابع ‪ ،‬استخدامه يف املنهج الدراسي مما‬ ‫يدل على عدم قدرة االنرتنت يف جذب الطلبة الستخدامه يف املنهج الدراسي بنسبة كبرية وأما‬ ‫باقي األسباب الستخدام االنرتنت فقد تراوحت نسبتها ما بني (‪ )5.2%‬اىل (‪ )18.2%‬وهذه‬ ‫نسب ضئيلة مقارنة بالنسب السابقة ‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)16‬‬ ‫يبني العينة مدى رأيها يف احلصول على موافقة الوالدين الستخدام االنرتنت‬ ‫البيان‬ ‫موافقة الوالدين‬ ‫نعـــم‬ ‫ال‬ ‫اجملموع‬

‫ذكور‬ ‫العدد‬ ‫‪37‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪95‬‬

‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪80 38.9%‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪89.4‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪117 82.4%‬‬ ‫‪102 17.5%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫‪%‬‬ ‫‪60.9%‬‬ ‫‪53.1%‬‬ ‫‪100%‬‬

‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )16‬ما يلي ‪-:‬‬ ‫• •تظهر نتائج الدراسة على املستوى اإلمجالي أن توزيع العينة على حسب مدى رأيها يف‬ ‫احلصول على موافقة الوالدين الستخدام االنرتنت جاءت اإلجابة بنعم يف املركز األول حيث‬ ‫بلغت النسبة (‪ )60.9%‬مقابل اإلجابة بـال بنسبة (‪ )53.1%‬والفرق بني النسبتني له داللة‬ ‫جوهرية عند مستوى ثقة ‪ 95%‬وهذا يدل على التناقض بني ما جاء يف هذا اجلدول وما جاء يف‬ ‫اجلدول السابق بالنسبة للدخول يف املواقع املمنوعة ‪ ،‬حيث أن األبناء يرغبون يف احلصول على‬ ‫املوافقة من األهل يف استخدام االنرتنت ولكن ال يستخدمونه بالطريقة الصحيحة والالئقة‬ ‫بالعادات والتقاليد ‪.‬‬ ‫• •وعلى مستوى الذكور واإلناث فقد بلغت نسبة الذين أجابوا بــنعم لرأيها يف احلصول على‬ ‫موافقة الوالدين للذكور (‪ )38.9%‬مقابل (‪ )82.4%‬لإلناث وهذا يدل على مدى رغبة التزام‬ ‫اإلناث بالنسبة الستخدام االنرتنت عكس الذكور ‪.‬‬ ‫‪361‬‬

‫جدول رقم (‪)17‬‬ ‫يبني توزيع العينة حسب رأيها يف ضرورة متابعة اآلباء لألبناء‬ ‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪55 36.8%‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪63.1‬‬ ‫‪97 100%‬‬

‫ذكور‬ ‫البيان‬ ‫‪%‬‬ ‫متابعة اآلباء لألبناء العدد‬ ‫‪46.8%‬‬ ‫‪35‬‬ ‫نعـــم‬ ‫‪53.1%‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ال‬ ‫‪100%‬‬ ‫‪95‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫تدل بيانات اجلدول السابق رقم (‪ )17‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •على املستوى الذكور واإلناث بلغت النسبة الذين أجابوا بنـــعم بالنسبة ألخذ رأيها يف‬ ‫ضرورة متابعة اآلباء ألبنائهم (‪ )36.8%‬مقابل (‪ )56.7%‬والفرق بني النسبتني له داللة‬ ‫إحصائية عند مستوى ثقة ‪ 95%‬وهذا يدل على مدى التزام اإلناث ورغبتهم يف احلصول على‬ ‫متابعة من قبل الوالدين أثناء أثناء استخدام االنرتنت أما الذكور فقد أبدوا رغبة قليلة ‪.‬‬ ‫• •وأما الذين أجابوا بــال بلغت نسبة الذكور (‪ )63.1%‬مقابل (‪ )43.2%‬لإلناث والفرق بني‬ ‫النسبتني ليس له داللة إحصائية ‪.‬‬ ‫• • أما على املستوى اإلمجالي جند أنه بلغت نسبة الذين اجابوا بـ ال (‪ )53.1%‬مقابل الذين‬ ‫أجابوا بنعم (‪ )46.8%‬والفرق بني النسبتني ليس له داللة إحصائية عند مستوى ثقة ‪95%‬‬ ‫وهذا يدل على أن عدم التزام العينة من الذكور واإلناث بالرغبة يف متابعة الوالدين أثناء‬ ‫استخدام االنرتنت ‪.‬‬ ‫• •‬

‫‪362‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪90 56.7%‬‬ ‫‪102 43.2%‬‬ ‫‪192 100%‬‬

‫جدول رقم (‪)18‬‬ ‫يبني رأي العينة يف إلجيابيات استخدام االنرتنت‬ ‫إناث‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪47 68.4%‬‬ ‫‪65 36.8%‬‬ ‫‪25 57.8%‬‬

‫اجملموع‬ ‫العدد‬ ‫‪%‬‬ ‫‪112 48.4%‬‬ ‫‪100 67.0%‬‬ ‫‪80 25.7%‬‬

‫ذكور‬ ‫البيان‬ ‫‪%‬‬ ‫اجيابيات االستخدام العدد‬ ‫‪58.3%‬‬ ‫اهلروب من املشاكل ‪65‬‬ ‫‪52.0%‬‬ ‫التسلية والرتفيه ‪35‬‬ ‫‪41.6%‬‬ ‫‪55‬‬ ‫التواصل مع‬ ‫األصدقاء‬ ‫‪33.8%‬‬ ‫‪65 36.0%‬‬ ‫‪35 31.5%‬‬ ‫‪30‬‬ ‫احلصول على‬ ‫معلومات‬ ‫‪23.4‬‬ ‫‪45 21.0%‬‬ ‫‪20 26.3%‬‬ ‫بديل لوسائل اإلعالم ‪25‬‬ ‫‪33.8%‬‬ ‫‪65 36.8%‬‬ ‫‪35 31.5%‬‬ ‫احلصول على برامج ‪30‬‬ ‫دون تكلفة‬ ‫‪100%‬‬ ‫‪192 100%‬‬ ‫‪97 100%‬‬ ‫‪95‬‬ ‫اجملموع‬ ‫ ‬ ‫يتبني من اجلدول السابق رقم (‪ )18‬ما يلي ‪:‬‬ ‫• •دلت نتائج الدراسة على املستوى اإلمجالي بلغت نسبة الذكور وأدوا يف إجيابيات استخدام‬ ‫االنرتنت اهلروب من املشاكل نال املركز األول وبلغت نسبته (‪)1( )58.3%‬وجاء يف املركز‬ ‫الثاني وبنسبة (‪ )52.0%‬التسلية والرتفيه وأما يف املركز الثالث فقد جاءت التواصل مع‬ ‫األصدقاء بنسبة (‪ )41.6%‬ويليها احلصول على معلومات واحلصول على برامج دون تكلفة‬ ‫بنسب متساوية بلغت (‪ )23.8%‬أما بديل لوسائل اإلعالم التقليدية فقد جاء يف املركز األخري‬ ‫بنسبة (‪ )23.4%‬وهذا يدل على عدم استغناء العينة يف استخدام الوسائل التقليدية يف احلصول‬ ‫على األخبار واملعلومات ‪.‬‬

‫نتائج الدراسة والمقترحات ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬أظهرت نتائج الدراسة أن أكثر فئات السن إقبا ً‬ ‫ال على استخدام االنرتنت هي فئة من ‪ 19‬‬ ‫ – ‪ 21‬سنة وحيث بلغت نسبتها (‪)46.8%‬‬ ‫‪2 .2‬وان أهم أكثر السنوات الدراسية لالنرتنت يف السنة األوىل بنسبة (‪ )56.7%‬وهذه نتيجة‬ ‫طبيعية حيث أنها تنطبق على سن مستخدمي االنرتنت واليت ذكرناها سابقاً ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬ثبت أن (‪ )59.8%‬يستخدمون االنرتنت بصفة دائمة واحتلت املركز األول – ويليها ‬ ‫‪363‬‬

‫ أحياناً وبنسبة (‪ )33.8%‬وهذا دليل على مدى مقدرة االنرتنت على جذب‬ ‫ مفردات العينة ‪)22(.‬‬ ‫‪4 .4‬تراوحت عدد ساعات االستخدام االنرتنت ما بني (‪ ) 4 – 3‬ساعات ‪ ،‬حيث بلغت نسبتها ‬ ‫ (‪ )52.0%‬وهذه فرتة زمنية طويلة بالنسبة الستغراقها يف االنرتنت حيث تؤثر على ‬ ‫ النشاطات األخرى اليت يفرتض أن يقوم بها الطالب وعلى حتصيله الدراسي ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬بينت الدراسة أن أهم األماكن اليت تقبل العينة عليها الستخدام االنرتنت هي املنزل ‬ ‫ حيث بلغت النسبة (‪ )54.6%‬وهذا شيء طبيعي حيث أن املنزل هو أكث األماكن اليت ‬ ‫ ميكن أن يتواجد فيها االنسان – وخصوصا بالنسبة لإلناث ‪.‬‬ ‫‪6 .6‬أكثر الفرتات استخداماً لالنرتنت هي فرتة الوقت املتأخر من الليل – وحيث بلغت نسبتها ‬ ‫ على مستوى مجلة الذكور واإلناث (‪ )52.0%‬وهذه نسبة ليست قليلة ‪ ،‬وحيث أن جلوس ‬ ‫ الطالب أمام االنرتنت يف هذه الفرتة املتأخرة من الليل يؤثر على صحته وعلى حتصيله ‬ ‫ الدراسي وعلى نشاطه اليومي ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬تبني أن أعلى نسبة الستخدام االنرتنت منفرداً حيث بلغت النسبة (‪ )57.2%‬وهذا دليل ‬ ‫ على حب العينة يف اخلصوصية إثناء استخدام ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪8 .8‬تبني من نتائج الدراسة أن نسبة الذين أجابوا بنعم لتبادل الرأي مع األصدقاء حول‬ ‫ ‬ ‫ االنرتنت بلغت (‪ )39.0%‬مقابل الذين أجابوا بـ ال (‪ )60.9%‬وهذا دليل على ان‬ ‫ العينة تنشد اخلصوصية حتى يف تبادل الرأي حول استخدامها لالنرتنت ‪.‬‬ ‫‪9 .9‬أوضحت الدراسة إن أهم املواقع اليت تشاهدها مفردات العينة من الذكور هي األفالم ‬ ‫ حيث بلغت النسبة (‪ )29.6%‬ويليها مواقع األغاني بنسبة (‪ )28.6%‬واملواقع الرياضية ‬ ‫ بنسبة (‪ )26.0%‬واما املواقع املمنوعة فقد انفرد بها الذكور دون اإلناث حيث بلغت ‬ ‫ ‬ ‫ نسبتها (‪ )15.6%‬وهذا وإن دل على شيء يدل على متسك اإلناث بالعادات والتقاليد‬ ‫ والتمسك بالدين حيث يعترب رادع عن الرذيلة ‪.‬‬ ‫‪1010‬أوضحت الدراسة بان أهم تأثريات االنرتنت من وجهة نظر العينة أنه يؤدي اىل العزلة ‬ ‫ عن األسرة حيث بلغت (‪ )36.4%‬ويليها اإلدمان بنسبة (‪ )31.2%‬وأما السعي للسرية ‬ ‫ فقد بلغت نسبتها (‪ )19.2%‬والشعور بالقلق (‪)13.2%‬‬ ‫‪1111‬تبني أن الذين رأوا أن تأثري املضمارين املستخدمة يف االنرتنت على العالقة األسرية بلغت ‬ ‫ (‪ )44.2%‬بينما الذين رأوا أنها ال تؤثر (‪. )55.7%‬‬ ‫‪1212‬رأي نسبة (‪ )66.1%‬من مفردات العينة أن هذه املضماين املستخدمة يف االنرتنت لدور ‬ ‫ ‬ ‫ األم واألخت واملرأة عموماً أنها ال تؤثر وهذا دليل على مدى تعلق مفردات‬ ‫ العينة باألخالق والدين ‪ ،‬حيث أن ما يشاهدوه مل يؤثر على نظراتهم لألم واألخت واملرأة ‬ ‫ عموماً ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪1313‬دلت نتائج الدراسة ان أكثر أسباب استخدام لالنرتنت من قبل مفردات العينة هي‬ ‫ ‬

‫‪364‬‬

‫ ‬

‫ االستماع لألغاني حيث بلغت النسبة (‪ )46.8%‬ويليها التسلية والرتفيه بنسبة‬ ‫ (‪. )35.9%‬‬ ‫‪1414‬أوضحت نتائج الدراسة أن (‪ )60.9%‬من مفردات العينة اجابوا بنعم بالنسبة لرأيها يف ‬ ‫ احلصول على موافقة الوالدين الستخدام االنرتنت وهذا وإن دل على شيء إمنا يدل على ‬ ‫ األخالق احلميدة اليت يتحلى بها مفردات العينة الرتبية السليمة ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪1515‬ورأي بنسبة (‪ )46.8%‬من مفردات العينة بأنه هناك ضرورة ملتابعة اآلباء ألبنائهم‬ ‫ ‬ ‫ أثناء استخدام االنرتنت وهذه النتيجة ترتبت على ما تليها إن ان العينة أجابت بنعم‬ ‫ بالنسبة للحصول على املوافقة فهي حتبذ متابعة اباء ألبنائهم أثناء استخدام االنرتنت ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪1616‬من أهم إجيابيات استخدام االنرتنت هي اهلروب من املشاكل حيث بلغت (‪)58.3%‬‬ ‫ ‬ ‫ ويليها التسلية والرتفيه بنسبة (‪ )52.0%‬والتواصل مع األصدقاء بنسبة‬ ‫ (‪. )41.6%‬‬

‫أهم التوصيات ‪:‬‬ ‫ التوعية األسرية باملخاطر االجتماعية والنتيجة النامجة عن استخدام االنرتنت وخصوصاً‬‫أن تبني من نتائج الدراسة أن أهم سباب استخدامها تركيز على اهلروب من املشاكل حيث‬ ‫بلغت النسبة (‪ )58.3%‬وهذا يعين إن مفردات العينة تعاني من مشاكل ال تعلم األسرة بها ‪.‬‬ ‫ مشاركة األسرة لألبناء يف بيان أهمية استخدام االنرتنت وفوائده وتوضيح هلم بأنه ميكن أن‬‫يستخدم يف أشياء مفيدة غري االستماع لإلناث حيث بلغت نسبتها بني مفردات العينة (‪)46.8%‬‬ ‫واحتلت املركز األول ‪.‬‬ ‫ توصي الباحثة بالرقابة املتواصلة على استخدام األبناء لإلنرتنت ‪ ،‬حيث ثبت أن نسبة‬‫(‪ )88.2%‬من الذكور يستخدمون االنرتنت للدخول اىل املواقع املمنوعة مهما تسبب هلم‬ ‫الرذيلة وارتكاب اآلثام ‪.‬‬ ‫ حماولة اآلباء مشاركة األبناء يف مشاهدة االنرتنت يف بعض األحيان ومنبتهم ألن العينة‬‫أبدت رغبتها يف متابعة اآلباء هلم أثناء استخدام االنرتنت ‪.‬‬ ‫ حتديد ساعات استخدام االنرتنت لألبناء وعدم ترك احلبل على الغارب حيث أوضحت معظم‬‫أفراد العينة أنها تستخدم االنرتنت ما بني ( ‪ ) 4 – 3‬ساعات يومياً ‪ ،‬وهذا معدل مرتفع يشري اىل‬ ‫أهمية الوقت الذي يستخدم يف االنرتنت بالنسبة للطلبة ‪.‬‬ ‫ كما رأت مفردات العينة أن أهم اآلثار لالنرتنت بأنها تؤدي اىل العزلة عن األسرة وهذا دليل‬‫على أهمية مطالبتها بالرتابة املتواصلة لآلباء ألبنائهم حتى ال يؤدي ذلك للعزلة عن أسرتهم ‪.‬‬ ‫ مشول اجلهات املختلفة بوضع برامج اجتماعية توعية عن طريق االنرتنت ختدم األسر‬‫واجملتمع وإعداد بيان بآثار السلبية لالنرتنت على األبناء واجملتمع ككل ‪.‬‬ ‫‪365‬‬

‫ إجراء املزيد من البحوث والدراسات حول الشباب واالنرتنت لتناول مجيع اجلوانب الرتبوية‬‫والرتفيهية واالجتماعية لالنرتنت وبيان إجيابيتها وسلبياتها للجمهور حتى يكونوا على وعي‬ ‫ودراية بها ‪.‬‬

‫هوامش الدراسة‬ ‫‪1 .1‬د‪ .‬سلوى العوادي ‪ :‬البعد أخلالقي يف ممارسة التسوق االلكرتوني يف مصر ‪ ،‬دراسة ميدانية‬ ‫على عينة من الشركات العاملة يف مدينة القاهرة ا‪ )1‬حبث مقدم يف مؤمتر ثورة وثقافة‬ ‫االنرتنت وتأثريها – الشارقة – ملتقى الشباب – د‪ .‬نصر الدين العياضي – ‪2004‬‬ ‫‪2 .2‬دراسة عن تأثري االنرتنت يف منو املهارات القرائية وااللكرتونية والعليا وامليول القرائية‬ ‫للطالبات ‪.‬‬ ‫د‪ .‬شاكر عبد العظيم حممد قناوي ‪ /‬جامعة اإلمارات ‪2-‬‬ ‫النعام محادي ‪ /‬جامعة اإلمارات‬ ‫‪3 .3‬ورقة حبث قدمت أي بندوة ثقافة االنرتنت و أثرها على الشباب يف الشارقة ‪ 2004‬لكربى‬ ‫ا لتاسع ) كلية اإلعالم – جامعة القاهرة – ا)‬ ‫( حبث مقدم للمؤمتر العلمي السنوي‬ ‫د‪ .‬أشرف امحد عبد املقيت ‪ ،‬أخالقيات ممارسات العالقات العامة على شبكة ال(انرتنت ‪ ،‬حبث‬ ‫مقدم للمؤمتر اعلمي السنوي التاسع – جامعة القاهرة كلية اإلعالم مايو ‪ 2003‬ص ص‬ ‫‪1046-1047‬‬ ‫‪4 .4‬د‪ .‬أشرف امحد عبد املقيت مرجع سابق ص ‪1048‬‬ ‫‪5 .5‬عمر سامي ‪ .‬خطوط االتصال الرقمي للمشرتك ني ‪hDslmailo : salami @ a‬‬ ‫‪ ram0505.net‬العدد ‪ 42162‬مايو ‪ 20 4 2002‬من ربيع األول ‪ 1423‬الثالثاء‬ ‫جلزء األول‬ ‫‪6 .6‬عبد الرمحن عبد العزيز ‪ .‬مفاهيم وتقنيات البحث أإذاعية والتلفزيونية – جملة البحوث‬ ‫– إصدار جامعة األزهر ‪ 1984‬ص ‪11‬‬ ‫‪7 .7‬االنرتنت والشباب يف دولة االمارات العربية املتحدة – دراسة ميدانية حتليلية ‪ :‬حممد‬ ‫عايش ‪ ،‬حممد قرياط ‪ ،‬حبث مقدم لندوة الثقافة واالنرتنت وأثرها على الشباب يف املنتدى‬ ‫اإلسالمي – وأثر الثقافة واالعالم – مجاعة الشارقة – ‪ 2004‬من ص ‪50 – 1‬‬ ‫‪8 .8‬ادمان االنرتنت عند الشباب – املظاهر والنتائج والعالج حبيث مقدم لندوة املنتدى اإلسالمي‬ ‫إعداد رامي لطفي عالوي من ص ‪14 – 1‬‬ ‫بالشارقة عن االنرتنت والشباب –‬ ‫‪9 .9‬مريم آل علي ‪ .‬مرجع سابق ص ‪ 17‬كلية الرتبية الواقع واملأمول ا‬ ‫‪ 1010‬وورقة عمل مقدمه ال(‪ )1‬ادمان االنرتنت عند الشباب – املظاهر والنتائج والعالج حبيث‬ ‫مقدم لندوة املنتدى اإلسالمي بالشارقة عن االنرتنت والشباب – إعداد رامي لطفي عالوي من‬ ‫‪366‬‬

‫ص ‪14 - 1‬‬ ‫‪1111‬مريم أل علي ‪ :‬اآلثار االجتماعية الستخدام االنرتنت حبث مقدم لندوة ثقافة االنرتنت‬ ‫وتأثريها على الشباب (‪ )2004‬ص ‪14‬‬ ‫‪ .1212‬مجال مصطفى العيسوي ‪ /‬كلية الرتبية ‪ /‬جامعة االمارات‬ ‫وورقة عمل مقدمه اىل املنتدى اإلسالمي يف مدينة الشارقة ‪ 2004 / 2003‬أبريل ى املنتدى‬ ‫اإلسالمي يف مدينة الشارقة ‪ 2004 / 2003‬أ‬ ‫‪1313‬عبدا لرمحن‪ ،‬عبد املعز (مايو ‪« .)1984‬مناهج و تقنيات البحث اإلذاعية و التلفزيونية»‬ ‫األزهر‪ ،11 ،‬ص ‪.64‬‬ ‫جملة البحوث‪،‬‬ ‫‪1414‬عبده‪ ،‬نديم «املعلوماتية غدا»‪ .‬علم الكمبيوتر و واالتصال و اإللكرتونيات‪ ،‬رقم ‪ ،25‬بي‬ ‫بي‪.101 ،77 ،75 ،41.‬‬ ‫‪1515‬العبد‪ ،‬عاطف‪ ،‬و الغلي‪ ،‬فوزية(‪ « )1994‬عادات و أمناط تعارف الطالب للقنوات‬ ‫الفضائية»‪،‬‬ ‫جملة البحوث‪ ،‬إصدار جامعة األزهر‪ ،34 ،‬رقم ‪ ،22‬ص‪.344.‬‬ ‫‪1616‬أبو عرقوب‪ ،‬إبراهيم(‪« )1993‬االتصال اإلنساني و دوره يف التفاعل االجتماعي‪ .‬عمان‪ .‬دار‬ ‫اجملد الدولي للنشر و التوزيع‪.‬‬ ‫‪1717‬حسان‪ ،‬مسري حممد(‪« .)1983‬حبوث اإلعالم ‪:‬األصول و املبادىء»‪ .‬القاهرة‪ .‬أعالم‬ ‫الكتب‪.39‬‬ ‫‪1818‬حامت‪ ،‬عبد القادر(نوفمرب‪« )1998‬اإلنرتنت يف الشرق األوسط» جريدة اخلليج‪ ،‬رقم‬ ‫‪ ،7113‬ص‪.8.‬‬ ‫‪1919‬غنيم‪ ،‬جرب (أكتوبر ‪« )1997‬حنو انرتنت عربي» بيت الشرق األوسط‪ ،‬رقم‪ ،312‬ص ‪.56‬‬ ‫‪2020‬حممد‪ ،‬عبد الباسط (‪« )1992‬مناهج البحث االجتماعي» القاهرة‪ :‬دار النهضة‪ ،‬ص ‪.438‬‬ ‫‪2121‬سلوى العوادي ‪ :‬البعد األخالقي يف ممارسة التسوق االلكرتوني يف مصر ‪ ،‬دراسة ميدانية‬ ‫على عينة من الشركات يف القاهرة الكربى ( حبث مقدم للمؤمتر العلمي السنوي التاسع –‬ ‫كلية اإلعالم ‪ ،‬جامعة القاهرة ) اجلزء األول مايو ‪ 2003‬ص ‪227‬‬ ‫‪2222‬عبد الرمحن بعد املعز ‪ :‬مناهج وتقنيات البحث اإلذاعي والتلفزيوني ‪ ،‬جملة البحوث ‪،‬‬ ‫إصدار جامعة القاهرة ‪ 1984‬ص ‪11‬‬ ‫‪2323‬د‪ .‬أشرف ‪ :‬أمحد عبد املغيث ‪ ،‬أخالقيات وممارسات العالقات العامة على شبكة االنرتنت ‪،‬‬ ‫حبث مقدم للمؤمتر العلمي السنوي التاسع ‪ ،‬جامعة القاهرة كلية اإلعالم مايو ‪ 2003‬ص‬ ‫‪1046‬‬ ‫‪2424‬عمر سامي ‪ :‬خطوط االتصال الرقمية للمشرتك ني ‪hDSL msilo samy@a‬‬ ‫‪ ram0505.net‬العدد ‪ 2002 ، 42162‬مايو ‪ 214‬من بيع األول ‪ 1423‬هـ الثالثاء‬ ‫‪2525‬عبري حممد محدي ‪ :‬دور االنرتنت يف إمداد اجلمهور املصري باملعلومات ‪ ،‬رسالة ماجستري‬ ‫‪367‬‬

‫عري منشورة ( جامعة القاهرة ‪ ،‬كلية اإلعالم ‪ ،‬قسم اإلذاعة ‪ 2001 ،‬ص ‪) 94‬‬ ‫‪2626‬حممد عبد اهلل منشاوى مرجع سابق ص ‪31‬‬ ‫‪2727‬جرائم االنرتنت من منظور شرعي وقانوني ‪ ،‬مكة املكرمة ‪ )1/11/1423‬ثقافة االنرتنت‬ ‫وأثرها على األفكار الدينية لدى طالبات‬ ‫‪2828‬وتتفق هذه النتيجة مع نتيجة الدراسات اليت أجرتها الباحثة مريم آل علي يف دراستها على‬ ‫اآلثار االجتماعية الستخدام) وتوافق هذه النتيجة مع نتيجة الدراسة اليت أجراها الدكتور‬ ‫امحد فالح حيث بلغت النتيجة ‪ 39%‬وهي مقاربة لنتيجة هذه الدراسة ‪.‬م االنرتنت‬

‫‪368‬‬

‫الهوية الثقافية العربية فى ظل ثورة االتصال‬ ‫واإلعالم الجديد‬

-----------------------------------------

‫ فؤاده البكرى‬.‫د‬ ‫جامعة حلوان‬ ‫مجهورية مصر العربية‬

Abstract The new media technology especially, the internet and satellite, did not only lead to erasing boundaries and barriers, but also to the development of universal global culture and participation between nations in its values and cultural activities. Satellite communication technology enables the world to know the international events and reacts with , while the internet gives access to facts and information in all fields which leads to a growth of the cultural awareness and .development of knowledge The new media with its enormous characteristics and availability of information will lead to changes in the society which may create va ues, habits and traditions contradictory with those are prevailing in local societies , and this will be accompanied with change in minds, thoughts and consumption types which what multinational comp .nies desire The importance of this study relies on its relation to new cultural subjects as identity, globalization, conflict between civilization, inte cultural and religious dialogues, subjects which attract the attention .of researchers and those working in the media industry This study raises the problem of new communication technology 369

among local cultures changing them to an international one which will not take into consideration the privacy and local identities esp cially among children and teenagers, an effect that requires enfor ing the local culture and identity in order to resist their melting or even disappearance. This study raises a number of questions: •• •• ••

Does intercultural communication through multi-media threat en national identity? What are expected impacts on different national cultures? Are they a kind of a required cultural augmentation or it has a strong effect that leads to a melting of one culture into an other? How many countries get benefit of this new technology and pre serve their culture and identity, while Arabs remain consumers to this technology and not actively participating in it?

This study is an attempt to answer these questions. The study applies a comparative analysis and survey methods to help collecting data and information and conclude results in a scientific and organized way. The study is divided into three chapters in addition to the results: Chapter one: Communication revolution and new media Chapter two: Cultural communication and its influence on identity Chapter three: the results of the technological revolution

370

‫أسقطت وسائل اإلعالم اجلديدة احلواجز بني الشعوب وإستعادت البشرية اتصاهلا املألوف‬ ‫ببعضها وانهارت حواجز االقتباس واإلقتداء واالنتقاء واالنبهار وانطلقت ثورة املعلومات تؤثر‬ ‫فى من يرغب ومن هو مستعد دون معوقات أو تعقيدات ليصبح هناك حوارات وتفاعالت ال‬ ‫تنتهى ولتصبح الثقافة اإلنسانية بوتقة تصهر كافة الثقافات فى تفاعل حضارى مستمر‪،‬‬ ‫وشهدت اجملتمعات العربية تغريات هامة خالل فرتة زمنية قصرية على كافة املستويات‬ ‫الثقافية واإلقتصادية واإلجتماعية والسياسية مما كان له الكثري من األثار على البنيان‬ ‫اجملتمعى والبناء القيمى‪ ،‬كما كان له الكثري من األثار والتحوالت الثقافية فى احلياة وفى‬ ‫أشكال السلوك‪.‬‬ ‫ومل تكن مصر مبعزل عن هذه التحوالت التى أحدثت حالة من االنفالت فى السلوك واالفكار‬ ‫واخلروج على الضوابط يصل ببعض فئاتها إىل شكل من أشكال الغوغائية وفقدان البوصلة‬ ‫(‪ )1‬ومل يكن ذلك اال نوعا من أنواع اخللل أمام التغريات االجتماعية واالقتصادية التى شهدتها‬ ‫البالد فى السنوات االخرية على املستوى العاملى وعلى املستوى احمللى فعلى املستوى العاملى هبت‬ ‫رياح العوملة وما احدثته من اثار سلبية فى ارتفاع االسعار وظهور الشركات متعددة اجلنسيات‬ ‫والتحوالت االجتماعية والثقافية ‪ ،‬ثم أحداث احلادى عشر من سبتمرب لكى حتدث الكثري‬ ‫من االثار والتحوالت فى املسار السياسى واالجتماعى ثم كانت األزمة اإلقتصادية العاملية‬ ‫التى نالت الكثري من الدول املتقدمة ومازالت آثارها مل يتعرف أحد على مداها بعد ‪ ،‬وكانت‬ ‫ثورة االتصاالت والتكنولوجيا اهلائلة التى حدثت فى أواخر القرن العشرون وافرزت الكثري‬ ‫من وسائل اإلعالم اجلديدة وأحدثت هى األخرى قدر هائال من النتائج والتغريات فى كافة‬ ‫أوجة احلياه وخاصة فى جانبيها االجتماعى والثقافى مما ترتب عليه خلل واهتزاز فى اجملتمع‬ ‫املصرى وكثري من اجملتمعات العربية‪.‬‬ ‫وأصبح العصر الذى نعيشه يطلق علية عصر االتصال وذلك مبا أتاحه من وسائل إتصالية‬ ‫تكنولوجية هائلة تواصل بعدها العامل وأنفتح على مصراعية وانتشرت املعلومات واملعارف‬ ‫واتيحت لكل من يسعى إليها ‪ ،‬وأصبح يطلق على اجملتمعات املتقدمة فى صناعات االتصال‬ ‫جمتمعات املعلومات متيزا هلا عن غريها من اجملتمعات التقليدية األخرى‪ ،‬واصبحت تكنولوجيا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫االتصال مسة العصر احلاىل ومظهر من مظاهر تقدمه‪.‬‬ ‫ونتيجة تزايد املعارف أصبح جمتمع املعرفة كنتيجة هلذه الثورة حقيقة تسعى إليها الدول‬ ‫املتقدمة والدول النامية على حد سواء حلاجتها إىل استمرار التطور والنمو وتشري التقديرات‬ ‫احلديثة للبنك الدوىل إىل أن ‪ % 70‬إىل ‪ % 80‬من النمو االقتصادى يرجع إىل االنتاج املعرفى‬ ‫‪371‬‬

‫اجليد ويرتتب على ذلك أن تقدم اجملتمعات فى املستقبل القريب مرهون بقدرة اجملتمع على‬ ‫االستثمار فى املعرفة من خالل والتعليم والتعلم والبحث العلمى والنشر العلمى والتطبيق‬ ‫(‪)3‬‬ ‫التكنولوجى للمعرفة النظرية‪.‬‬ ‫لقد كانت تكنولوجيا املعلومات وثورة االتصاالت هى التى احدثت هذا التحول اهلائل فى تقدم‬ ‫اجملتمعات وذلك لطبيعة التكنولوجيا التى تساعد فى عملية االنتاج املعرفى‪.‬‬ ‫وإذا كان الفرد أو املواطن علية أن يتفاعل مع حميطه السياسى واالجتماعى واالقتصادى من‬ ‫خالل تواصل فعال مع ادارات حديثة تعى معنى التحول االسرتاتيجى فى احلكومات االلكرتونية‬ ‫وهو اجتاة حتمى المفر منه قد ينتج عنه بعض السلبيات جبانب نتائجه االجيابيةالعديده بيد‬ ‫ان ابرز النتائج السلبية هلذا اجملتمع هى حتول املعلومات إىل سلع بشكل يهدد اهلوية الثقافية‬ ‫واللغوية ‪ ،‬مما ادى إىل أن تقوم اليونسكو مبحاولة وضع مبادئ اربعة لتحقيق التوازن بني‬ ‫الدول النامية والدول املتقدمة‪ ،‬وفى مقدمة هذه املبادئ احرتام اخلصوصية الثقافية وحرية‬ ‫التعبري وحق الوصول إىل املعلومات ‪ ،‬وبناء القدرات من خالل ضمان جودة التعليم ‪.‬‬ ‫ولعل املساس باهلوية واخلصوصية الثقافية التى متيز اجملتمعات قد شغل بال املفكرون‬ ‫والساسة والباحثون وليس اليونسكو فقط وبرزت تلك القضية منذ بداية النهضة ولكنها اليوم‬ ‫تربز حتت تأثري عامل قوى ال تستطيع اجملتمعات والدول إال التأثر به وهو ثورة االتصال التى‬ ‫انتجت الكثري من وسائل اإلعالم اجلديدة‪ ،‬فما هو احلال واجملتمعات بأسرها حتتاج هذه الثورة‬ ‫بنتائجها املعرفية والتكنولوجية وال تستطيع اإلستغناء عنها؟ من املؤكد أن هذه القضية حتتاج‬ ‫من املهتمني واملعنيني بقضايا الوطن البحث والتحليل وابداء االراء واالقرتاحات ‪.‬‬ ‫وترجع اهمية هذا املوضوع او هذه القضية إىل أهمية اهلوية وتأثريها على الفرد وعلى اجملتمع‬ ‫من حيث اإلنتماء والوطنية وتقوية هذه اجلوانب لتحقيق التنمية والتطورخاصة بعد ان‬ ‫ابرزت اليونسكو فى دراساتها املختلفة أن التنمية الثقافية هى أقوى أنواع التنمية حيث تبدأ من‬ ‫الداخل وتعتمد فى جناحها على االرتباط باهلوية والذاتية الثقافية‪.‬‬ ‫ولعل االهتمام بهذه القضية وهذا املوضوع ايضا يرجع إىل أن اهلوية تقوى بتحقيق االمن القومى‬ ‫الذى يرتبط مبشاعر األفراد استقرارهم ويقوى بتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫واملالية والعسكرية والسياسية وهى قوى تستطيع أن تتحرك بها الدولة على املستوى الدوىل‬ ‫حيث تتعزز القوى الداخلية ملواجهة التحديات اخلارجية (‪ )4‬فى الوقت الذى تعانى منه الدول‬ ‫النامية ومنها مصر وبعض الدول العربية من كثري من املشكالت والسلبيات على املستوى‬ ‫‪372‬‬

‫الداخلى واالقليمى والعاملى والتى تنخر فى غطامها وتقلل من فاعليتها وقواها وابرزها عدم‬ ‫توحد الرؤى وعدم حتديد األجتاهات والتحديات التى تقابلها تلك الدول جبانب الغالء والفساد‬ ‫والبطالة وسيطرة وهيمنة قوى خارجية حتاول الفكاك منها دون جدوى مما ميثل اشكاليات‬ ‫هامة تتطلب التوحد واملصارحه والتصدى للعالج‪.‬‬ ‫كما ترجع اهمية املوضوع فى الطرح الذى يؤيده البعض من ان اشكالية اهلوية الثقافية‬ ‫ختتلف فى عصر ثورة االتصاالت والعوملة عن عصور االستعمار والكفاح لالستقالل وبناء‬ ‫الدولة القومية ‪ ،‬حيث أن اهلوية الثقافية فى عصر العوملة وثورة االتصال ترتبط بفضاء‬ ‫طبيعى والكرتونى تتفاعل فية فواعل اقتصادية وثقافية واعالمية وسياسية وانسانية فى عامل‬ ‫مرتابط – صرف النظر عن تناقضاته واختالالته التى ال تعاجل باالنعزال عنه بل االندماج فيه‬ ‫واملشاركة فى تعديل شروط توازناته وإعادة صياغة مفاعيله الداخلية ‪.‬‬ ‫إىل جانب أن موضوع اهلوية الثقافية وتأثري ثورة االتصال واإلعالم اجلديد ميثل موضوعا‬ ‫قدميا ومتجددا فى نفس الوقت ‪ ،‬ولكنه ميثل اليوم نقدا ذاتيا موضوعيا للهوية الثقافية‬ ‫املعرضة للتهديد أو التأثر اكثر من اى وقت مضى وما تنطوى عليه البنية الثقافية للهوية من‬ ‫مقومات قد تكون قابلة لالنكسار واالحنسار والرتاجع أمام التهديدات احلضارية والتكنولوجية‬ ‫التى أحدثتها ثورة االتصال إال إذا كان لديها القدرة على املواجهة واالستفادة من املنجزات‬ ‫احلضارية واالستجابة هلا كما كانت كذلك دائما وقت ان كانت التأثريات الثقافية حمددة‬ ‫األثر حمدودة التأثري تهدف إىل التثاقف والتكيف وليس اإلجتياح والتهديد وقتها إنفتحت‬ ‫اجملتمعات العربية لألخذ والعطاء واالستزادة ومل تنطوى على حياتها أو تتخوف من كل‬ ‫(‪)5‬‬ ‫جديد ولنا فى التجربة املصرية مثال على ذلك‪.‬‬ ‫ان مفهوم اهلوية قد تغري نتيجة تغري الظروف الثقافية العاملية احمليطة التى تدور فى العامل‬ ‫والتى قد تكون بها الكثري من االبهار واحلرفية وقد تكون الدافعة إىل حالة من التوهان والبلبلة‬ ‫وزعزعة اليقني والوالء للثقافة العربية التى كانت موردا متجددا للهوية الثقافية‪.‬‬ ‫ومن ثم تتحدد مشكلة هذه الدراسة‪ ،‬فى أن ثورة االتصال التى حدثت فى العامل وأحدثت‬ ‫الكثري من النتائج وافرزت وسائل إعالمية جديدة وكثرية تتسارع نتائجها واثارها فى حني‬ ‫أن العرب ازدادت مشكالتهم الداخلية وايضا مشكالتهم مع العامل اخلارجى وأصبح يوجة إليهم‬ ‫االتهامات باالرهاب تاره وبنعت ثقافتهم بالعنف وعدم قبول االخر تاره أخرى بل يتم اتهامهم‬ ‫اتهامات كثرية ويعتدى على حقوقهم ويظل املعتدى حرا طليقا مربءا من كل تهمه أو جرمية‬ ‫لقدرته وامكاناته لإلتصال بالعامل اخلارجى وتوضيح وجهة نظره وإلصاق التهم باألخرين‬ ‫‪373‬‬

‫(وهم العرب) عن طريق أله إعالميه متطورة ومتقدمه واتصاالت فاعله ومؤثره مباشره وغري‬ ‫مباشره واستغالل وسائل الضغط املختلفة لرسم صوره ذهنيه راقيه وبريئه فى مقابل صوره‬ ‫قبيحه وسيئه تلصق بالعرب املفككني واملتخلفني من وجهة نظرهم‪ ،‬وهناك بعض االسباب التى‬ ‫ساهمنا فيها بتخاذلنا عن املساهمه فى صنع احلضاره العامليه فلم تتطور حياتهم االجتماعية‬ ‫والثقافية والسياسية التطور املأمول التى تتطلبها املستجدات اجلديدة ‪ ،‬فى حني أن هناك دوال‬ ‫تتشابة ظروفها مع ظروفنا أخذت بالتكنولوجيا واستطاعت السري فى طريق التقدم واحلداثة‬ ‫ومن ثم تتحدد مشكلة الدراسة فى مناقشة قضية اهلوية الثقافية وتأثري اإلعالم اجلديد‬ ‫وثورة االتصال عليها سلبا واجيابا‪.‬‬ ‫ويثري هذا املوضوع جمموعة من التساؤالت اهلامة والتى تنحصر فيما يلى ‪:‬‬ ‫ما املقصود باهلوية؟‬ ‫وما هو اإلعالم اجلديد والتكنولوجيا االتصاليه التى ميكن أن تؤثر على اهلوية؟‬ ‫وما هى اشكال التأثري التى ميكن أن حتدث ‪ ،‬وهل هى تأثريات مجيعها سلبية أم أنه توجد‬ ‫بالضرورة تأثريات اجيابية ؟‬ ‫وكيف حتدث التأثريات ‪ ،‬وهل هذه التأثريات وليدة العصر احلاىل أم أن هناك تأثريات حدثت‬ ‫فى املاضى ؟‬ ‫وهل ميكن حتاشى التأثريات أو التقليل من خماطرها والتمتع مبزايا التكنولوجيا دون مساوئها ؟‬ ‫وهل مثه موقف ميكن اختاذه رمسيا أو اهليا لتحاشى التأثريات السلبيه التى ميكن أن تؤثر‬ ‫على اهلوية ؟‬ ‫ملاذا تغريت دوال تشابهت ظروفها وخصائصها معنا واخذت بزمام التقدم والتطور وحافظت على‬ ‫هويتها الثقافية وبقى العرب كما هم مستهلكون للتكنولوجيا غري مشاركني فى صنعها بل‬ ‫غري متواكبني مع سرعة العامل املتقدم ؟‬ ‫تعترب املشكلة التى نواجهها ذات طبيعة نظرية وتطبيقية وفى هذه الدراسة يتم تناوهلا‬ ‫من الناحية النظرية باالعتماد على منهج التحليل املقارن ‪ ،‬وهو منهج نظرى وصفى يقوم‬ ‫على املالحظة واملقارنة واالستشهاد واالستنتاج ‪ ،‬ويربط بني احلقائق والنتائج ويقارن بينها‬ ‫للخروج باستنتاجات جديدة تصلح لتطبيقات جديدة فى جماالت اخرى وهو ما تستهدفه هذه‬ ‫الدراسة‪.‬‬ ‫وميكن أن تنقسم الدراسة إىل ثالث مباحث رئيسية ‪:‬‬ ‫االول ‪ :‬ثورة االتصال (املعنى والنتائج) ‪.‬‬ ‫الثانى ‪ :‬اهلوية الثقافية (املاهية والتأثري)‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬نتائج الثورة التكنولوجية (العرب وما ينتظر منهم وهلم)‪.‬‬ ‫‪374‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ثورة االتصال وتطبيقاتها (اإلعالم الجديد)‬ ‫أن ثورة االتصاالت التى نشأت عن تطور التقنية العلمية تدفع إىل تقريب املسافات بني‬ ‫اجملتمعات وتقصري الزمن الالزم النتقال املعلومات واالفكار والتقنيات ولذلك يقال ان من‬ ‫يقود هذه الثورة يضمن السيطرة على املصائر العاملية ‪ ،‬خاصة وان العوملة اختذت من ثورة‬ ‫االتصاالت والثورة املعلوماتية تكنولوجيا اإلتصال التى نتجت عنها قاعدة هلا تدفع إىل دمج‬ ‫(‪)6‬‬ ‫العامل وتكثيف التواصل بني اطرافه‪.‬‬ ‫تكنولوجيا االتصال بصفة عامة هى جممل املعارف واخلربات واملهارات املرتاكمة واملتاحة‬ ‫واالدوات والوسائل املادية والتنظيمية واالدارية املستخدمة فى مجع املعلومات ومعاجلتها‬ ‫واتاحتها وختزينها واسرتجاعها ونشرها وتبادهلا‪ ،‬أى توصيلها إىل االفراد واجملتمعات وتطبيق‬ ‫ذلك عمليا‪.‬‬ ‫وثورة االتصال ظاهرة اجتماعية متعددة االبعاد ‪ :‬التكنولوجية ‪ ،‬االقتصادية ‪ ،‬العلمية ‪ ،‬النفسية‬ ‫‪ ،‬السياسية وهى نسبية بطبيعتها ‪ ،‬وترتبط أشد االرتباط بدرجة تطور كل جمتمع ‪ ،‬فما قد‬ ‫يعترب حديثا فى جمتمع ما ‪ ،‬قد يعترب تقليدى فى جمتمع اخر ‪.‬‬ ‫فالتليفزيون مثال يعترب من وسائل االتصال التقليدية فى اجملتمعات املتقدمة‪ ،‬ولكنه تكنولوجيا‬ ‫حديثة فى جمتمعات أخرى ‪.‬‬ ‫ويرى البعض أن تكنولوجيا االتصال احلديثة اعتمدت على جمموعة من التقنيات املعلوماتية‬ ‫(‪)7‬‬ ‫واالتصالية التالية ‪:‬‬ ‫ ‬

‫‪ .1‬االقمار الصناعية ‪ :‬خاصة أقمار االتصاالت بنمطيها ‪ :‬منط اقمار التوزيع واقمار البث‬ ‫املباشر‪.‬‬ ‫‪ .2‬شبكات الكابل‪.‬‬ ‫‪ .3‬أقمار االتصال املرتبطة بشبكات الكابل‪.‬‬ ‫‪ .4‬نظم توزيع الرتددات متعددة االجتاة‪.‬‬ ‫‪ .5‬االلياف البصرية ( الضوئية )‪.‬‬ ‫‪ .6‬التليفزيون فائق اجلودة‪.‬‬ ‫‪ .7‬نظم البث االذاعى فائقة القدرة‪.‬‬ ‫‪ .8‬تقنيات املعلومات املتطورة وتشمل مجيع االجهزة والنظم والرباجميات املتعلقة بتداول‬ ‫املعلومات اليا ‪ ،‬استقصاؤها ‪ ،‬استقباهلا ‪ ،‬ترتيبها ‪ ،‬تطبيقها ‪ ،‬حتليلها ‪ ،‬ختزينها ‪ ،‬االنتقاء‬ ‫منها ‪ ،‬كذلك بثها عرب مسافات بعيدة أو استنساخها وعرضها املناسب ‪ ،‬مرئية أو مصورة أو‬ ‫مسموعة‪.‬‬ ‫‪375‬‬

‫ وبسبب تكنولوجيا االتصال احلديثة هذه يعيش العامل اليوم مرحلة جديدة من مراحل تطوره‬‫االتصاىل ‪ ،‬هذه املرحلة بدأت منذ منتصف الثمانينيات ومازالت مستمرة حتى االن ‪ ،‬وتتميز‬ ‫بسمة اساسية وهى املزج بني اكثر من تكنولوجيا اتصالية واكثر من وسيلة ‪ ،‬لتحقيق اهلدف‬ ‫النهائى وهو توصيل الرسالة االتصالية ‪ ،‬ويطلق على التكنولوجيا السائدة أو امليزة هلذه الثورة‬ ‫التى نعيشها التكنولوجيا التفاعلية أو التكنولوجيا متعددة الوسائط ‪.‬‬ ‫وكانت ثورة االتصاالت وتكنولوجيا املعلومات وليدة التالقى بني عتاد الكمبيوت ر ‪DHAR‬‬ ‫‪ WARE‬والربجميات ‪ SOFTWARE‬وشبكات االتصاالت ‪ ،‬وعلى مدى نصف القرن‬ ‫العشرين ارتقت هذه التكنولوجيا خالل سلسلة من النقالت النوعية صوب االصغر واالسرع‬ ‫واألكفأ ‪ ،‬واالسهل استخداما ‪.‬‬ ‫وقد بدأت باخرتاع الرتانزيستور فى نهاية اخلمسينيات والذى كان إيذانا ببدء رحلة مثرية‬ ‫للتصغري املنتاهى ‪ .‬وسرعان ما حلت حمله شرائح الدوائر االلكرتونية املتكاملة املصنوعة من‬ ‫السيلكون والتى ميكن متثيلها بغابة كثيفة من وحدات الرتانزيستور ‪ .‬وفى نفس الوقت زادت‬ ‫سرعة الكمبيوتر من االف العمليات فى الثانية الواحدة ‪ ،‬وهكذا تقلص كمبيوتر الستينيات‬ ‫الضخم واصبح بنهاية الثمانينيات فى حجم راحة الكف‪)8( .‬‬ ‫وعلى جبهة االتصاالت كانت النقلة النوعية فى استخدام االلياف الضوئية « النحلية « ذات‬ ‫السعة اهلائلة لنقل البيانات التى تفوق سعة اسالك النحاس « الغليظة « بعشرات االالف ‪.‬‬ ‫أما الربجميات فقد ارتقى الكمبيوتر من الة حاسبة ملعاجلة البيانات ( الستخراج االحصائيات‬ ‫واملؤشرات إىل آلة معاجلة املعارف ‪ ،‬الة تقرأ ومتيز االشكال وحتلل وتربهن النظريات وتولد‬ ‫االشكال )‪.‬‬ ‫وعلى صعيد أخر وبفعل الرقمنة استحالت مجيع انساق الرموز من اعداد ونصوص واشكال‬ ‫وصور ثابتة ومتحركة إىل االرقام قوامها الصفر والواحد وفقا لنظام االعداد الثنائى‪،‬‬ ‫لتنصهر فى توليفات مثرية فى ظل تكنولوجيا الوسائط املتعددة ومن الذكاء االصطناعى إىل‬ ‫العوامل االصطناعية ‪ ،‬حيث تسعى تكنولوجيا املعلومات حاليا إىل بناء عوامل افرتاضية من أجل‬ ‫حماكاة الواقع ‪ ،‬أو إقامة عوامل خيالية ال صلة هلا به‪ ،‬فهى عوامل صنيعة الرقمنة والوسائط‬ ‫املتعددة ميارس الفرد فيها خربات يصعب ممارستها فى العامل احلقيقى ‪ ( ،‬يتدرب على قيادة‬ ‫الطائرات أو جيوب الفضاء اخلارجى أو يرحل زمنيا عرب العصور اجليولوجية) ثم حلت شبكة‬ ‫االنرتنت واصبحت نافذة االنسان على العامل ميارس من خالهلا نشاطه الذهنى والعلمى‬ ‫ويسرتجع املعلومات ويتسوق ويتسامر ويشارك االخرين عواملهم‪.‬‬ ‫وأوشكت رفقة تكنولوجيا املعلومات مع علم الفيزياء وعلم االحياء ( البيولوجيا ) كشف اسرار‬ ‫‪376‬‬

‫اجلينات ولغتها ذات االجبدية الرباعية ‪ ،‬ونصوصها الوراثية الكامنة فى كرموسومات نواة‬ ‫اخللية ‪ .‬فى املقابل تصبو تكنولوجيا املعلومات حملاكاة الوظائف البيولوجية خاصة فيما يتعلق‬ ‫بقدرتها على التكيف مع البيئة والتعليم ذاتيا وهناك توجة الستخدام العناصر البيولوجية‬ ‫كوحدة اساسية لبناء كمبيوتر اكثر سرعة وذكاء ومرونة‪)9( .‬‬ ‫لقد انصهرت تكنولوجيا املعلومات فى كيان اجملتمع االنسانى لتتجلى فى عوملة اقتصادية‬ ‫واعالمية ساحقة (‪ )10‬عوملة تنتج عن نشاط دوىل تقوده خنبة تكنولوجية صناعية تعمل‬ ‫وتسعى إىل تدعيم السوق الكونية الواحدة من خالل تطبيق سياسات مالية وائتمانية‬ ‫وتكنولوجية واقتصادية متحررة من القيود والتنظيمات احلكومية املألوفة (‪ )11‬كما يقرر‬ ‫الباحثون‪.‬‬ ‫ويرى البعض ان التكنولوجيا تتميز مبميزات ثالث هى ‪:‬‬ ‫هى التفاعلية حيث تعطى للمشاركني دورا مؤثرا فى عملية االتصال ‪ ،‬حبيث يتبادل املستقبل‬ ‫دوره مع املرسل ويستطيع املشاركة االجيابية فى االتصال ‪ ،‬والسمة الثانية هى تفتيت‬ ‫اجلماهري أو الالمجاهريية حيث ميكن للمشارك أو الفرد احلصول على رسالة خاصة غري‬ ‫مجاهريية أو مميزة عرب الوسيلة االتصالية ‪ ،‬مثلما حيدث فى عملية االتصال الشخصى ‪ ،‬اما‬ ‫السمة الثالثة واالخرية فهى الالتزامنية مبعنى أن عملية االتصال تتم فى وقت مناسب للفرد‬ ‫مثل رسالة الفاكسيميل أو الربيد االليكرتونى حيث ال تتطلب من الفرد ان ينتظرها بل تأتى‬ ‫اليه فى اى وقت ويطلع عليها عندما يصل اىل مقره(‪.)12‬‬ ‫ واصبحت االنرتنت التى حظيت بكثري من التغريات والتطورات على مدى السنوات املاضية‬‫ووفرت الكثري من اخلدمات ملستخدميها اهم واسرع طرق االتصال العاملية‪.‬‬

‫وكانت أهم استخدامات االنرتنت هى ‪:‬‬

‫ استخدام قواعد البيانات على الشبكة للحصول على املعلومات وكتابة التقرير‪.‬‬‫ استخدام الربيد االليكرتونى كوسيلة اتصال شخصى داخليا وخارجيا‪.‬‬‫ احلضور الدائم على االنرتنت من خالل انشاء املواقع اخلاصة باملنشات واالفراد ‪.‬‬‫ إجراء البحوث عن طريق املقابالت عرب الشبكة ‪.‬‬‫ التعرف على صورة املنشآت من خالل ما ينشر على االنرتنت من قبل وسائل االعالم واملنافسني‬‫واجلماهري ‪.‬‬ ‫ إنشاء املواقع اخلاصة للمنشأت املختلفة‪.‬‬‫‪377‬‬

‫‪ -‬اجراء احلورات وتبادل وجهات النظر والتعليق على االحداث والقرارات‬

‫إىل جانب خدمت الربيد االليكرتونى ‪:‬‬

‫يعترب الربيد االليكرتونى أقدم السمات التى يتميز بها االنرتنت ‪ ،‬وهو أحد حمركات تطور‬ ‫هذه اخلدمة ‪ ،‬إذ متكن املستخدم من االتصال بصورة متبادلة مع اى شخص فى اى مكان مهما‬ ‫بعدت املسافة ‪.‬‬ ‫ويشكل مستعملو هذه اخلدمة حاليا اكرب نسبة ملستخدمى شبكة االنرتنت فى توصيل الرسائل‬ ‫إىل أى مكان فى العامل فى ثوان معدودة ‪ ،‬فضال عن خدمات حتويل امللفات من خالل مراسم‬ ‫خاصة تسهل عملية نقل امللفات مهما اختلفت انواع احلواسب أو منظومات التشغيل‪)13( .‬‬

‫االقمار الصناعية ‪:‬‬

‫وترجع اهمية القمر الصناعى إىل انه قادر على اعادة نقل االشارات إىل نقطة أخرى على سطح‬ ‫االرض ‪ .‬وإن بث أو نقل الرسائل والصور حول العامل فى ثوان معدودة امر له اهميته الكبرية‬ ‫فى نقل الصور واالحداث والنشرات والبيانات االخبارية املصورة أو الصوتية والصور والقصص‬ ‫اخلربية والتقارير واملواد االخبارية الالزمة لطبعات الصحف واجملالت إىل أى مكان فى العامل‬ ‫بسرعة فائقة كما يفيد فى أعمال الشركات متعددة اجلنسيات التى أتت بها العوملة واتفاقية‬ ‫اجلات‪.‬‬ ‫وهناك ايضا عقد املؤمترات عن بعد ‪:‬‬ ‫عندما يتعذر وصول رجال االعمال أو احملررين أو الصحفيني إىل مكان املؤمتر يتم توصيلهم‬ ‫بغرفة املؤمتر بواسطة التليفون حيث يستطيع املسئول توجية االسئلة ومساع االجابة من‬ ‫االخرين‪.‬‬ ‫كما يعد الفيديوتكس ( جهاز االستقبال التليفزيونى ) أحد منتجات التكنولوجيا فى عقد‬ ‫الثمانينات من القرن املاضى وهو عبارة عن وسيلة تفاعلية تتيح خدمات عديدة وفعالة فى‬ ‫إدارة االعمال‪ ،‬وصناعة النشر‪ ،‬وخدمات البنوك‪ ،‬والشراء‪ ،‬وحتقيق االتصال فى االجتاهني تعترب‬ ‫انظمة الفيديوتكست اكثر تطورا من انظمة التليتكست من حيث كونها أنظمة تفاعلية حيث‬ ‫يعد منوذجا للتزاوج بني التليفزيون وتكنولوجيا املعلومات حيث ينقل املعلومات فى خمتلف‬ ‫جماالت املعرفة‪.‬‬ ‫كما يستخدم الفيديوتكس فى جمال اسرتجاع البيانات من قواعدها احمللية أو العاملية والوصول‬ ‫إىل اجلمهور املستهدف من االعالن عند بيع سلعة أو خدمة معينة ‪ ،‬فيمكن استخدام هذا النظام‬ ‫‪378‬‬

‫فى وصف املنتجات وتفضيالت اجلمهور وتوفري املعلومات عن سلع أو خدمات الشركة‪.‬‬

‫التليتكست ‪:‬‬

‫يعد نظام التليتكست أكثر شيوعا فى العامل من نظام الفيديوتكس ‪ ،‬وال يتيح هذا النظام اتصاال‬ ‫تفاعليا مثل نظام الفيدوتكيس ‪ ،‬فهو نظام اتصال لنقل املعلومات فى اجتاه واحد ويعتمد على‬ ‫استخدام قناة تلفزيونية غري مستخدمة لبث البيانات إىل اجهزة االستقبال بدون تداخل مع‬ ‫قنوات االرسال العادية‪.‬‬ ‫واصبحت ثورة االتصال وما انتجته من تكنولوجيا حمرك ومكون رئيسى حلياتنا‪ )14(.‬واصبح‬ ‫االعالم اجلديد واعالم الصورة الرقمية ( الدجيتال ) سيد املوقف فى التجارة واالقتصاد‬ ‫واالتصال واالسواق وتفاعل احلضارات وتالقى الثقافات واضفى شرعية اعالمية زائفة فى‬ ‫ضوء اختفاء القيم ملصلحة الدعاية واالعالن التى اضحت خطرا على الشرعية االخالقية‬ ‫والسياسية بل واهلوية ايضا‪.‬‬

‫المبحث الثانى ‪ :‬الهوية الثقافية‬ ‫اهلوية الثقافية ‪ ،‬وتعنى كله هوية ‪ Identity‬حقيقة الشئ التى تشمل على صفاته اجلوهرية‬ ‫ومتيزه عن غريه ويتميز كل جمتمع بشخصية ثقافية تتمثل فى جمموع االساليب التى‬ ‫ميارس بها انسانيته وتشمل العادات واملعتقدات والفلسفة والرتاث واالنتاج الفنى الفكرى وفيها‬ ‫جيد الفرد وسائله املفضلة للتعبري عن ذاته ‪.‬‬ ‫واهلوية الثقافية هى القدر الثابت واملشرتك من السمات العامة التى متيز حضارة االمة عن‬ ‫غريها من احلضارات والتى جتعل للشخصية الوطنية أو القومية طابعا مييزها عن الشخصيات‬ ‫االخرى فهى احللقة االساسية التى تربط االنسان برتاب وطنه وبهذا املعنى فأن اهلوية الثقافية‬ ‫هى النقيض للعوملة التى تعنى حتويل العامل إىل قرية واحدة بال حدود‪.‬‬ ‫اهلوية الثقافية كما حيددها اليونسكو ‪ :‬ليست تراثا جامدا بل هى ديناميكية داخلية وعملية‬ ‫إبداع مستمر للمجتمع مبواردة الرتاثية تغذيها التنوعات القائمة بصورة واعية ومقصودة‬ ‫وتقبل االسهامات االتية من اخلارج باستيعابها وحتويلها عند االقتضاء وهى تنأى عن ان تكون‬ ‫صورة من صور االنطواء على مكتسبات التقبل أن تنغلق على نفسها وتعد عامل تعريف حى‬ ‫ومتجدد على الدوام (‪.)15‬‬ ‫‪379‬‬

‫ومن املعروف أن اهلوية الثقافية تثرى وتزدهر بالتبادل بني الثقافات الذى يدعمة وييسرة‬ ‫االتصال بوسائله اإلعالميه اجلديدة واملتنوعة وهو امر ال ميكن تفادية بل لقد تزايدت صوره‬ ‫فى العقود االخرية بعد حدوث ثورة االتصاالت مع االخذ فى االعتبار ضروره التفريق بني‬ ‫التبادل والتبعية فالتبادل كما جيمع الباحثون يقتضى احلد االدنى من التكافؤ بني الثقافات‬ ‫التى يتم التبادل فيما بينها أما التبعية فتمثل الغزو الناتج عن ثقافتني غري متكافئتني ‪ ،‬وبهذا‬ ‫املعنى فأن االتصال بني الثقافات يثريها وينميها والعكس صحيح‪.‬‬ ‫ولقد حتول املسمى من التبادل والتبعية إىل مسمى أخر استخدم فية مصطلح الغزو االعالمى‬ ‫ثم استبدل الشعور بالتهديد الثقافى‪ ،‬هذا التهديد تشعر به الدول النامية وهى االقل قدرة‬ ‫على جماراة الدول املتقدمة فى تقدمها التكنولوجى أو فى بثها الفضائى أو فى جممل مكونات‬ ‫حياتها وامكانياتها التكنولوجية اهلائلة ‪.‬‬ ‫وفى مصر خطيت قضية اهلوية كما مل حتظى قضية أخرى باالهتمام والدراسة من كافة‬ ‫املتخصصني والباحثني والعلماء واملصلحني منذ بداية القرن العشرين بل منذ اطالعنا على ما‬ ‫يدور فى العامل اخلارجى من تطور ومنو وبالتحديد منذ قدوم احلملة الفرنسية إىل مصر عام‬ ‫‪ 1798‬واحداثها الصدمة احلضارية التى أدت إىل بداية االفاقة وبداية التفكري والتمحيص فى‬ ‫الذات املتخلفة عن ركب التقدم والعصرية الذى كان حيدث فى العامل اخلارجى ‪.‬‬ ‫وإنربت اجلماعة املفكرة فى اعقاب هذه الصدمة احلضارية فى طرح التساؤالت عن االوضاع‬ ‫املرتدية وكيف ميكن التغلب عليها وما السبيل إىل ذلك فكان التساؤل عن ما الذى ننقله عن‬ ‫الغرب وما الذى نبقى علية ‪ ،‬كيف نتصدى للتغريب دون حتجر أو انغالق على الذات ‪ ،‬وهو‬ ‫السؤال الذى تردد كثريا مثريا قضايا هامة مثل االصالة ‪ ،‬واملعاصرة الرتاث واالبداع ‪ ،‬النقل‬ ‫والتجديد وكانت هذه التساؤالت املثارة تثري اخلالفات بني الباحثني واملفكرين فى ذلك الوقت‬ ‫املبكر حيث البعض كان يسلم بعروبة مصر والبعض االخر كان يؤمن بفرعونيتها واجتاة‬ ‫ثالث كان يسلم بوحدة العناصر التى تقوم عليها الشخصية املصرية رغم تلون مراحل وجودها‬ ‫من تركية واسالمية أو تطعيم ثقافى فرنسى أو اجنلوسكسونى ولكن فى ظل استمرارية‬ ‫مادية فى كل مراحلها التارخيية يسلم بوحدة الشخصية املصرية واصطباغها باحلضارة‬ ‫االسالمية (‪.)16‬‬ ‫ويرى البعض أن اهلوية الثقافية ال ميكن ان متحى او تطمس بفعل مستجدات تكنولوجية او‬ ‫ثورة اعالمية فاهلوية املصرية مثال ميثلها بعدى الزمان واملكان‪ ،‬الزمان فى (املسرية التارخيية)‬ ‫الطويلة واملكان فى (حقائق اجلغرافيا) فكل مصرى حيمل طبقات مكونة هلويته مثل الرقائق‬ ‫‪380‬‬

‫التى تكونت عرب ثقافة عربية‪ ،‬حبر أوسطية ‪ ،‬واسالمية ‪ ،‬مصرية قدمية ‪ ،‬ومسيحية وان‬ ‫اختلفت درجات وتركيبة هذه الرقائق فأنها ال تنفى قدرها فى الرتكيبة املصرية واهمية‬ ‫وجودها‪.‬‬ ‫واهلوية الثقافية ذات طبيعة ديناميكية غري استاتيكية تسمح باستيعاب املستجدات واالنفتاح‬ ‫على االخر‪.‬‬ ‫فاهلوية الثقافية هلا بعدان احدهما اجيابى واالخر سلبى ‪ .‬وهو ما يعرب عنها كثري من االمثال‬ ‫(‪)17‬‬ ‫الشعبية واحلكم التى انتجها العقل اجلمعى‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬تأثر الهوية الثقافية العربية بتكنولوجيا االتصال واإلعالم الجديد‬ ‫فى ظل التسارع العاملى للتحول إىل جمتمع املعرفة وفى ظل التحول العاملى ملفهوم رأس املال‬ ‫واخلصخصة وعناصر االنتاج وطبيعة االقتصاد وسعى دول العامل امجع للتحول إىل جمتمع‬ ‫املعرفة ونظر هذه الدول قاطبة وسعيها إىل حتقيق التطبيق التكنولوجى واالستفادة من هذه‬ ‫التطبيقات التكنولوجية وفى ظل الطفرة التكنولوجية اهلائلة التى حدثت فى الربع االخري من‬ ‫القرن العشرين واستمرت نتائجها وتزايدت مع بداية القرن احلادى والعشرين‪.‬‬ ‫يظل السؤال الذى يرتدد دائما ويثري قلق البعض من الدول والشعوب عن شكل اهلويات الثقافية‬ ‫فى املستقبل خاصة بعد ان انفتح العامل اعالميا وثقافيا وبعد ان حتولت املعارف إىل سلع ثقافية‬ ‫كادت تهدد تلك اهلويات الثقافية واللغوية وبعد ان انفتحت ابواب العامل على مصراعيها بفعل‬ ‫تكنولوجيا االتصال واحدثت ما احدثت من اثار ونتائج بعضها سلبى وبعضها اجيابى و يثار‬ ‫تساؤل هو هل ميكن ان يكون هناك هويات ثقافية مميزة متيز دولة أو شعب عن شعب أخر أم‬ ‫أن هذه الطفرة التكنولوجية وما احدثته من نتائج قد احدثت وغريت اهلويات الثقافية واشكال‬ ‫اهلويات املتوقعة وما مدى تاثريها خاصة وان ال احد يستطيع يوقف التقدم التكنولوجى أو‬ ‫(‪)18‬‬ ‫ميتنع عن االستفادة منه‪.‬‬ ‫كانت تأثريات ثورة االتصاالت على اهلوية الثقافية العربية هلا جانبان جانب اجيابى وآخر‬ ‫سلبى ‪:‬‬ ‫اما اجلانب االجيابى فهو نتيجة لالقمار الصناعية التى جتوب فى الفضاء الفسيح ‪ ،‬اصبح‬ ‫العامل قرية كونية صغرية تتلقى اخبارها وثقافتها ومعلوماتها من خالل مئات من القنوات‬ ‫التليفزيونية التى مل تقتصر على معايشة االحداث العاملية والتفاعل معها بل اسهمت فى تنمية‬ ‫‪381‬‬

‫الوعى الثقافى ونقل احلضارات واملعارف بني الشعوب ‪ ،‬بل امكن من خالل هذه الثورة االتصالية‬ ‫ان يدرك العامل حجم واجتاهات اجلرمية ومظاهر االحنراف والتى عرفها البعض بانها (غزو‬ ‫اعالمى من خالل االقمار الصناعية) لقد ساهمت الفضائيات واالنرتنت فى خلق اطياف اخرى‬ ‫وفرص مهمة ملعرفة احلقائق عن قرب والتعرف على حياة الشعوب وساهمت فىتنمية وعى‬ ‫االفراد واجملتمعات وأطلعتهم على عوامل مل يكن من املمكن اإلطالع عليها لوال هذا االعالم‬ ‫اجلديد وهذة الثورة التكنولوجية املعاصرة ورغم التخوف الذى يبدية البعض من الباحثني‬ ‫من تأثريات ثورة االتصال إال أن هناك من يدافع ويؤيد ذلك االجتاه ‪ ،‬حيث يرون أن اثار ثورة‬ ‫االتصال تفيد فى االنفتاح الذى يؤدى إىل اكتشاف نقاط الضعف واخللل فى بنية العالقات‬ ‫املتبادلة بني الشعوب واالمم واحلضارات والثقافات املختلفة ونقد البنية الداخلية للثقافة‬ ‫السائدة وفرز عناصرها املتكلسة غري القادرة على التجديد بل أن االعالم اجلديد بآلياتة‬ ‫وأمكانياتةأمكن مؤخرا من إطالع شعوب العامل عما كان يدور فىغزة الفلسطينية من مذابح‬ ‫ودمار وخراب هز قلوب شعوب العامل فى تظاهرات مستمرة كرد فعل لذبح الشعب الفلسطينى‬ ‫املسحوق واستمرت باستمرار العدوان‪.‬‬ ‫وان التحديات التى ختلفها ثورة االتصال تشكل استثارة وضرورة اليقظة ومعرفة طبيعة‬ ‫التحدى ووجهته ومصدره الستنفار القوة الكامنة للمجتمع املهدد بل قياس مدى قوته على‬ ‫التعامل مع اى حتديات‪.‬‬ ‫ويدعى انصار االنفتاح العاملى بالتذكري بأن الثقافة السياسية املهيمنة على العامل العربى‬ ‫واالسالمى تصدت لالفكار الدستورية والدميقراطية حتت شعار مقاومة التغريب وحماربة‬ ‫االفكار املستوردة ‪ ،‬ورفضت مطالب اجملتمع الدوىل لتحريم الرق وغريه وكانت هذه زرائع‬ ‫(‪)19‬‬ ‫تتسرت حتت زعم اهلوية الثقافية واملدنيني‪.‬‬ ‫واملؤيدون يرون أنه قبل ثورة االتصال وانتشار وسائل اإلعالم اجلديدة كانت هناك ثقافة‬ ‫(‪)20‬‬ ‫االستبداد الشمولية التى نشأت فى تربة التشدد ووجدت فى احلرب الباردة مفاعيل اضافية‪.‬‬ ‫تقيم ستارا حديديا حول اجملتمعات وتفرض سيطرتها على وسائل االعالم والثقافة ومناهج‬ ‫التعليم وتعمل عملها فى تعليب الوعى االجتماعى للناس انطالقا من منظور يصادر احلرية فى‬ ‫االختيار وحيرم التعددية بل ميارس الوصاية على العقل واحلقيقة بأسم خصوصية تارخيية‬ ‫او دينية او ايديولوجية قومية !‬ ‫اما االجتاه السلبى فيتمثل فى أن ثورة االتصال وما انتجته من إعالم وتكنولوجيا حديثة‬ ‫ومتقدمة أو جدت الكثري من النتائج لعل ابرزها االرسال املباشر عرب االقمار الصناعية وشبكة‬ ‫‪382‬‬

‫االنرتنت ووالدة الفضائيات التى حرصت الدول العربية على سرعة االستجابة وحجز مكانها‬ ‫فى الفضاء االعالمى العاملى‪.‬‬

‫الفضائيات واهلويه ‪:‬‬

‫نعيش اليوم عصر اإلعالم اجلديد اعالم بال حدود سياسية أو قومية أو دينية أو ثقافية‬ ‫ويستطيع العامل مبختلف شعوبه التقاط الربامج واالحداث واالخبار وكل ما يرغبه اصحاب‬ ‫االطباق التى انتشرت فوق االسطح العربية وبطبيعة احلال فأن الدول املتقدمة ولورادات‬ ‫الصحافة واصحاب املليارات هم املتحكم الرئيسى فيما يتم بثه ونشره او تعديله أو اعادة‬ ‫صياغته ‪ ،‬بل أن املزج بني اخليال والواقع اصبح متاحا اكثر من اى وقت مضى وانتشر االعالن‬ ‫العاملى لكى يروج للسلع واالفكار واالذواق ويصبح واقعا حقيقيا من كثرة ترديده‪.‬‬ ‫لقد اثريت قضية عدم التوازن فى التدفق االعالمى وعاجلتها اليونسكو فى الثمانينات وخرجت‬ ‫التقارير والدراسات عن اجملتمعني لبحث تلك املشكلة وطبع تقرير اللجنة حتت مسمى ( عامل‬ ‫واحد واصوات متعددة ) وكانت اللجنة برئاسة شون ماكرباير واسفرت عن جمموعة دراسات‬ ‫جادة مل يلتزم بها أحد وبالتوصيات والرؤى التى مشلتها الدراسة ‪ ،‬لكى تظهر بعدها وسائل‬ ‫اعالميه جديده وممارسات جديدة وتقنيات حديثة وظهرت الفضائيات فى تسعينات القرن‬ ‫العشرين وبادرت الدول العربية تباعا بامتالكها وهى وأن كانت هلا اجيابياتها مثل تقديم‬ ‫احلوارات ووجهات النظر واملعلومات واالخبار فى مواجهة االعالم الغربى وبالعمل على كسر‬ ‫االحتكار االعالمى الذى فرضته احلكومات العربية على شعوبها عن طريق االعالم الرمسى‬ ‫الوحيد اضافة إىل اتاحة الفرص لكثري من الفئات التى مل يسمع صوتها فى املاضى بأن تتواصل‬ ‫وتتحدث عرب الفضائيات ويصبح هناك رأى عام جيابة الرأى الرمسى الذى انفرد بالساحة‬ ‫االعالمية والساحة اجملتمعية لوقت طويل إال أن الفضائيات كما يقرر بعض الباحثني هلا‬ ‫سلبياتها‪.‬‬ ‫لقداصبحت قناة اجلزيرة تعمل على ان يكون هلا دورها فى مجع االخبار وتصوير االحداث‬ ‫واالنتقال اىل بؤر الصراع والتغطية االعالمية ليس باخلرب فقط ولكن بالشرح والتعليق‬ ‫والتحليل واستضافة املتخصصني اال ان البعض يوجة الكثري من االنتقادات اىل الفضائيات‬ ‫وأهم هذه اإلنتقادات ان الفضائيات العربية تعد ابواقا للدعاية االجنبية وانها تكشف الفجوة‬ ‫املعلوماتية الكبرية املوجودة باجملتمعات العربية بيننا وبني الغرب وانها تهتم بالتسلية والرتفيه‬ ‫والفيديو كليب على حساب اجلد من األعمال وإنها رغم االنتشار الكمى اال ان هناك ضعف‬ ‫وهشاشة فى املضمون وتعرب عن واقع اعالمى عربى غائب او مغيب سياسيا واقتصاديا ودينيا‬ ‫وعلميا وانها تفرض اللغة احمللية وتكرسها وال تهتم باللغة العربية مما جيعلها بال هوية مميزة‬ ‫وأن املشاهد ال مييز بني القنوات العربية وبعضها لتشابه مضامينها ويكاد ال يتعرف عليها إال‬ ‫‪383‬‬

‫بالشعار أو (اللوجو) املميز هلا مما يفقدها شخصيتها وجيعلها تكرارا فى السرد واملضامني وفى‬ ‫الرؤى وان اهلدف االمسى هلا هو السعى إىل الكسب وهى لكل األسباب السابقه تقوم باالنابة عن‬ ‫(‪)21‬‬ ‫االعالم الغربى فى تغيب الوعى العربى وتكريس التبعية والتقليد وليس االبداع واالبتكار‪.‬‬ ‫لذلك فعلى الرغم من املزايا املتعددة التى اضافتها النظم احلديثة فى إلعالم اجلديد وفى‬ ‫االتصاالت اال انها متثل حتديا عظيما يواجهها ويتمثل هذا التحدى فى انعدام الرقابة على‬ ‫االتصال االعالمى ‪ ،‬وفقد الدولة لقدرتها على السيطرة ورقابة القنوات االتصالية ‪ ،‬االمر الذى‬ ‫ادى إىل بث برامج تروج عددا من االيديولوجيات الفكرية ذات املردودات السلبية ‪ .‬نتيجة احتكار‬ ‫االتصال وقصوره على جمموعة من الدول املعدودة ( املتقدمة ) دون الدول النامية ‪ ،‬االمر الذى‬ ‫ادى إىل اتساع الفجوة الثقافية بني الدول ‪ ،‬نتيجة زيادة قنوات االتصال لدى البعض وافتقار‬ ‫جمموعة اخرى من الدول هلذه القنوات ‪ .‬واالبتعاد عن غرس القيم والفضائل وحماولة اجتذاب‬ ‫املشاهدين مبخاطبة مشاعرهم وارضاء رغابتهم من خالل التوسع فى عرض االفالم واملواد‬ ‫االعالمية االباحية او العنيفة والعدائية ‪ ،‬مما يؤدى إىل تغري اجتاهات وسلوكيات اجلمهور‬ ‫والتأثري على عمليات النشأة والتأهيل ‪ ،‬بل والتأثري على معتقداتهم واجتهاتهم حنو اجلنس‬ ‫والدين واالخالق مما جعل البعض يطلق على تلك الظاهرة السطوة الفكرية‪.‬‬ ‫لقد تنامى التأثري االعالمى السلبى جتاة جرائم العنف حيث اكدت العديد من الدراسات ان ‪5‬‬ ‫‪ % 50 : %‬من اعمال العنف التى يشاهدها العامل فى هذه االونة ترجع للتأثري السلبى لوسائل‬ ‫االعالم اجلديد على النشأ والشباب‪.‬‬ ‫اضافة إىل ان املشاهد اجلاد يشعر بأن تلك القنوات واخلاصة منها بالتحديد تتعامل مبنطق‬ ‫التقليد احلضارى لكل وجوه واشكال الفن الوافد من اخلارج وعدم تأصيل الفنون العربية‬ ‫االصلية مبا قد يؤدى اىل تسطيح وتغيب العقل العربى وتكريس االنهزام احلضارى ومبا يوضح‬ ‫ان هذه القنوات ليست هلا سياسة اعالمية عربية اصلية وثابتة ترسخ اهلوية وحتافظ على‬ ‫االنتماء ‪ .‬بل تعمد اىل التعامل بعقلية السوق والربح بكل شكل دون النظر لالعتبارات القومية‬ ‫والوطنية االصلية التى حيتاجها الشباب والنشأ‪.‬‬ ‫ولكن التشويق تطور حنو اخطار من نوع يسمى باالستالب الثقافى وطمس اهلوية فالفضائيات‬ ‫حتولت إىل سوق احتكارى ألصحاب االموال وحيكمها تقليد كل ما هو حسى مباشر دون‬ ‫اعمال للعقل أو الوجدان‪ ،‬ومل تأبة للتحديات التى استجدت عن العرب واالسالم بعد مقولة (‬ ‫هنتجتون ) حول الصدام احلتمى للحضارات ‪ .‬مل تهتم بهذا اجلانب وكان همها االكرب التحول‬ ‫لوسائل الكسب السريع ملنتجات الغرب وملباريات شركات االتصاالت و ( املوبايل ) متباعدة عن‬ ‫اهداف االعالم املرئى وعدم حتقيقها والتى تتمثل فى ( صناعة املوقف – توفري املعلومة –‬ ‫‪384‬‬

‫تنمية العالقات – الرتفية – االعالن )‬

‫‪)22(.‬‬

‫أن التعامل مع هذه القضية متثل خطرا حقيقى ال ميكن الغاؤه وإمنا جيب التعامل معه بكفاءة‬ ‫تؤدى إىل النجاح وعدم التعامل بالتكاسل أو الشكوى والتى تؤدى إىل عواقب وخيمة‪.‬‬

‫وهناك تأثريات اخرى لثورة االتصال ابرزها التأثري التجارى ‪:‬‬

‫والبد من االعرتاف بأن ثورة االتصال وما نتج عنها من تطور وتقدم تكنولوجى هائل قد احدث‬ ‫نتائجه فى دول كثرية كانت حتى االمس تعد دوال متخلفة ولكنها استوعبت احلقائق‬ ‫والطفرة التكنولوجية وتغري وضعها الدوىل ومنها دول جنوب شرق اسيا والربازيل وجنوب‬ ‫افريقيا وبقى العامل العربى كما هو بل تدهورت اوضاعه‪.‬‬ ‫وكان استخدام تكنولوجيا االتصال وتركيزها وانتاجها فى الدول الشمالية الغنية اجتاها‬ ‫إىل حتويل دول اجلنوب إىل اسواق لالستهالك االعالمى واالعالنى اكثر من اعتماد دول‬ ‫اجلنوب إال على االخبار واملسلسالت واالعالنات العربية واالمريكية مما ادى إىل تدفق الثقافة‬ ‫املركزية الغربية بال ضوابط من خالل التنافس التجارى‪.‬‬ ‫وامتدت االسواق اخلاصة بالسلع والبضائع االستهالكية لتشمل املنتجات الثقافية واالعالمية‬ ‫وتزايدت االعالنات العاملية من خالل شركات االعالن الدولية العابرة للقارات واهتمامهم‬ ‫مبوزعني ومنتجني الدول النامية بل ان تزايد تغلغل املؤسسات العاملية الغربية فى االسواق‬ ‫العاملية مكنها من احتكار االسواق العاملية إىل جانب استفادتها من الطريق السريع للمعلومات ‪.‬‬

‫وهناك أيضا التأثري الثقافى ‪:‬‬

‫يرى البعض أن التكنولوجيا احلديثة تنطوى على طمس اهلوية الثقافية ‪ ،‬فاهلوية تعنى التفرد‬ ‫بكل ما يتضمن معنى الثقافة من عادات وقيم وسلوك ونظرة إىل الكون واحلياة والتكنولوجيا‬ ‫احلديثة تزيد من درجة النمطية أو التنميط التى هى بطبيعتها نقيض التفرد‪.‬‬ ‫ان التكنولوجيا االتصالية عملت على إزالة احلواجز والقيود وهدفت إىل العوملة كما عملت‬ ‫على متكني الشركات متعددة اجلنسيات من العمل وسيولة االفكار وااليديولوجيات وانتشار‬ ‫املعلومات عرب الصور والوسائل السمعية والبصرية باإلضافة إىل أن هذه الثورة عملت على‬ ‫تسطيح الوعى مبعنى أن جمموعة الصور واملشاهد ذات الطابع االعالمى الذى حيجب العقل‬ ‫ويقلل من اهمية الوعى يتم مبوجبه اخضاع النفوس والتشويش على نظام القيم وقبوله وذلك‬ ‫بهدف تكريس نوع من االستهالك يشمل ما يطلق علية املفكر املغربى د ‪ .‬حممد عابد اجلابرى‬ ‫« ثقافة االخرتاق « فال تعرف احلدود الثقافية بل حدودها غري مرئية قصدها اهليمنة على‬ ‫‪385‬‬

‫االخالق والنفس والسلوك ‪.‬‬ ‫وفى رأى بعض الباحثني أن مفهوم املعرفة الكونية املتجانسة التى تزعم ثورة االتصال ونتائجها‬ ‫من حتقيقه هو مفهوم خمادع حلقيقة الكون ‪ ،‬ذلك أن االختالف من نواميس اهلل فى خلقه له‬ ‫غاية ويقوم على تعدد اجملتمعات البشرية وتنوع مساتها وصفاتها فيقول تعاىل « لكل أمه حعلنا‬ ‫منسكاهم ناسكوه « ولكل جعلنا منكم شرعه ونهجا « ولو شاء اهلل جلعلكم أمه واحدة ويرون أن‬ ‫اقصاء اهلويات الثقافية وحتويل العامل إىل قرية كونية واحدة بفضل االتصال والتكنولوجيا‬ ‫امنا هو ضد الطبيعة البشرية واالنسانية (‪.)23‬‬ ‫إن ثورة االتصال والتكنولوجيا التى انتجها والنظام العوملى الذى ارادت تطبيقه يتسم بقيم‬ ‫معينة لعل ابرزها كما يلخص البعض قيم الفردية بايهام الفرد بأن حققيقة وجوده منحصرة‬ ‫فى فرديته وانعزاليته ‪ ،‬وان ما عداه ال يعنيه ‪ ،‬وبذلك هى ترسخ فيه روح االنانية واقتصاء أى‬ ‫بعد مجاعى فى املنظومة وترسخ ايضا قيم او منظومة احلياد باسم احلرية حياده حنو جمتمعه‬ ‫وحياد اجملتمع حنو غريه مما يعنى تكريس مبدأ التحلل من كل التزام أو ارتباط أو مسئولية‬ ‫فى النقد او التوجية‪ ،‬كما يسعى هذا النظام االقتصادى والعوملة إىل تكريس اعتقاد بعدم‬ ‫امكانية تغري البنى االجتماعية ومن ثم يعمل على صرف النظر بني االغنياء والفقراء وبني‬ ‫املستغلني واملست ًغلني ويعتربها فوارق طبيعية كالفرق بني الليل والنهار أو الفصول واهلدف‬ ‫من كل ذلك هو شل روح املقاومة فى الفرد أو اجلماعة لتحسني وضعه أو ممارسة حقه فى‬ ‫احلراك االجتماعى او االرتقاء كما تعمل على تكريس اخلالف بني الثقافة التقليدية والثقافة‬ ‫العصرية ‪ ،‬ونشر ثقافة الصورة ‪.‬‬

‫التأثري االجتماعى للثورة االتصالية واإلعالم اجلديد‪:‬‬

‫لثورة االتصال والثورة التكنولوجية تأثرياتها فقد نتح عنهما ظاهرة العوملة التى يعمل عملها‬ ‫فى خلق سوق عاملية تتحكم باالسعار واحلاجات والثروات ‪ ،‬وهى بهذا املعنى تعد وجة اخر‬ ‫لالستعمار ‪ ،‬وانها كما يذكر ( روجية جارودية ) تعمل على تذويب ثقافات الشعوب ‪.‬‬ ‫هذه االثار االجتماعية والثقافية هى االشد خطرا حيث حتدث متغريات فى قوى االنتاج‬ ‫عرب الثورة االلكرتونية مما قد يتناقض مع قيم اجملتمع إىل جانب انتشار البطالة واهمال‬ ‫البعد االجتماعى واالنسانى واستيعاب النفوذ االجتماعى بزيادة تفككه وخلق عادات واعراف‬ ‫اجتماعية جديدة وتقليص اخلدمات االجتماعية واضعاف مسئولية الدولة وخلق التوتر‬

‫‪386‬‬

‫االجتماعى والغربة والالمباالة لدى االفراد‪.‬‬ ‫إضافة إىل انها تساعد وتؤدى إىل صياغة ثقافة عاملية هلا قيمها ومعايرها هى ثقافة السوق‬ ‫وجتاوز الثقافة النخبوية وسلب اخلصوصية وقطع الصلة بني االجيال اجلديدة مباضيها‬ ‫وتراثها وتدمري احلضارات والتأكيد على اجلانب والنجاح الفردى وجتميع الثروة وتهميش‬ ‫الثقافة الوطنية واحتكار الصناعة الثقافية‪.‬‬ ‫وتعمل على وصنع حالة من االبهار أمام املثقف الوطنى وانهاء رقابة الدولة على وسائل االعالم‬ ‫(‪)24‬‬ ‫والتخلى عن اخلصوصيات الوطنية‪.‬‬

‫ومن تأثري ثورة االتصال أن الثقافة أصبحت سلعه ‪:‬‬

‫فى املاضى كان هناك االستعمار التقليدى الذى تفانى احلس الوطنى فى صده ومقاومته ورده‬ ‫عن ارض الوطن وفى العصر احلديث غري االستعمار من اساليبه بعد التطور التقنى اهلائل‬ ‫وثورة االتصال ‪ ،‬غري أدواته وشكله مع احلفاظ على جوهره واهدافه واساليبه التى ابرزها الثقافة‬ ‫(‪)25‬‬ ‫االستهالكية التى تشوة القيم وتقزمها عن طريق اعالم جديد مدعوم بقوة اقتصادية‪.‬‬ ‫وحتولت الثقافة إىل صناعة وسلع بعد أن كانت هى احلصن الذى يتدثر فية الفرد ضد‬ ‫الصواعق والرياح واصبحت صناعة الثقافة فى حركة التطور التارخيى تعمل على حتقيق‬ ‫حياة اكثر راحة ورفاهية وتصنع اشكاال جديدة لتحقيق ذلك وهذا النمط فى احلياة يصنع‬ ‫ثقافة جديدة‪.‬‬ ‫فالصناعات الثقافية متثل كل االجهزة املادية والطاقات البشرية التى جتسم االثار الفنية فى‬ ‫صورتها احملسوسة فتنميها أو تنشرها او توزعها حسب مقايس صناعية وجتارية لغاية تنمية‬ ‫وتطوير الثقافة وان صناعة الثقافة كمصطلح يتناقض مع نفسه فالصناعة تعنى االنتاج‬ ‫االستهالكى النفعى مثل صناعة املنسوجات مثال أو غريها من الصناعات بينما الثقافة تنصرف‬ ‫إىل معنى التذوق الشخصى والسمة الفردية واالبداع ولكن هذه التحوالت البنوية هى التى‬ ‫طرأت على هيكله اجملتمعات املعاصرة ‪ ،‬ومل يعد من املمكن الفصل بني التطوير والتكنولوجيا‬ ‫أو بني التنمية والتقنية وعلى اية حال يقبل االيطالني هذه التسمية اما االمريكان فاطلقوا‬ ‫تعريف اخر هو صناعة املعرفة و االملان فقالوا صناعة الوعى منذ عام ‪ 1969‬منذ الفيلسوف (‬ ‫انزنسبورج ) ‪ ،‬واقتصادى مدرسة ستاندفورد حيث جندو مفهوم صناعة االعالم‪ ،‬وان الفكر عماد‬ ‫الثقافة‪ ،‬أما معارضو العوملة فريون أنها إعادة انتاج لنظام اهليمنة الرأمساىل ‪.‬‬ ‫‪387‬‬

‫لقد استجدت فى مثانيات األلفية الثالثة أزمة اقتصادية عاملية مل يعرف مداها بعد ولكنها‬ ‫شاملة وطاحنة أفرزتها سياسات خاطئة ستتأثر بها كل دول العامل وليست الدوله الفاعلة‬ ‫فقط وسياسة عاملية سعت إىل العوملة ومل تستفد شعوب العامل من تلك السياسة ولكنها‬ ‫استيقظت على األزمات والبطالة واإلنكماش واستدعت السياسة تدخل الدولة للمراجعة‬ ‫واحملاسبة واملعاونة إلنقاذ اإلقتصاد العاملى من اإلفالس مما يعطينا درسا ان احلرية بال حدود‬ ‫ال بل البد من احلرية املسئولة‪.‬‬

‫ما هو احلل وما العالج ‪:‬‬

‫فى رأى املفكر برهان غليون أن االزمة العميقة التى أدت إىل التحوالت االنتقالية لن جتد‬ ‫نهايتها من دون النجاح فى الربط من جديد مع الثقافة احلقيقية أى املبدعة واملنتجة‬ ‫االسالمية واحلديثة معا ‪.‬‬ ‫وهذا يستدعى اعادة بناء الثقافة العربية ومراجعة السياسات الثقافية الرمسية واحمللية‬ ‫والعاملية وتطوير اسرتاتيجيات جديدة لبناء الوعى والضمري االنسانى من قبل املثقفني وصانعى‬ ‫الثقافة ايضا ‪.‬‬ ‫وال ميكن التغلب على املشكالت والتحديات التى تطرحها العوملة والتى أتى بها اإلعالم اجلديد‬ ‫وثورة اإلتصال على اجملتمعات العربية برفضها أو اهلرب منها او ادانتها وامنا خبلق الشروط‬ ‫االقتصادية والسياسية والثقافية التى تسمح بالسيطرة على آلياتها واالستفادة منها العادة بناء‬ ‫هذه اجملتمعات نفسها واعادة الثقة لقواها اإلجتماعية والثقافة‪.‬‬ ‫وفى هذه احلالة ميكننا بعد أن اصبحت منطقتنا مسرح للنزاعات الدولية واحمللية ان تتحول‬ ‫إىل فرص للتقدم واخلروج من اهلامشية واجلمود الذى فرض على جمتمعاتنا منذ اكثر‬ ‫من اربعة عقود واالمر يتوقف على مبادرتنا وقدرتنا على التحكم بقراراتنا والسري قدما حنو‬ ‫جتميع جهود البلدان العربية واطالق طاقات شعوبها وحترير انسانها من الوصايات املتعددة‬ ‫السياسية والفكرية والروحية ‪.‬‬ ‫املعروف أن قدرة الدول على النهوض اقتصاديا وثقافيا يتطلب حتديدا لوضعها ومكانتها‬ ‫الدولية االخذ بأمرين ‪:‬‬ ‫‪ .1‬الدميقراطية كنظام سياسى ‪ ،‬بعد أن استقر النظام الدوىل اجلديد على أن الدميقراطية‬ ‫هى شرعية أى نظام حاكم ‪.‬‬ ‫‪388‬‬

‫‪ .2‬األمر الثانى القدرة االقتصادية التنافسية القائمة على االنتاج والتصدير والكشوف‬ ‫العلمية التى تتجاوز حدود االحتياجات احمللية وهذه القدرات هى التى تصنع مكانة الدولة‬ ‫على املستوى العاملى ‪ ،‬ويرتبط االمر االول بالثانى ألن الدميقراطية ليست فقط نظاما سياسيا‬ ‫‪ ،‬بل هى ايضا الطريق املؤكد للنهوض العلمى واالقتصادى واالرتقاء بالبشر إلضافة ما استقر‬ ‫عليه اجملتمع الدوىل من ان القدرة االقتصادية التنافسية طريقها هو الدميقراطية والتى‬ ‫صارت على قمة مكونات األمن القومى والبد أن يستوعب العرب هذه احلقيقة اهلامة ويسلكوا‬ ‫الطريق املؤدى إىل حتقيق هذين اهلدفني اهلامني والعمل على مواجهة التحديات العاملية التى‬ ‫أصبح من الصعب الفكاك منها بالعمل معا برؤى مشرتكة ووضع اخلطط املستقبلية التى‬ ‫تضمن هلم العيش وسط العامل املتصارع والسعى احلثيث لتحقيق الوحدة اإلقتصادية وإختاذ‬ ‫اخلطوات الكفيلة لتحقيق هذا اهلدف‪ ،‬ولعل ما قامت بة أوروبا وحتقيقها للسوق األوروبية‬ ‫املشرتكة وتوحيد عملتها درس ميكن اإلستفادة منة‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪1 .1‬فاروق جويدة ‪ ،‬لقاء مع د ‪ .‬فتحى سرور ‪ ،‬هوامش حرة ‪ ،‬االهرام عدد اجلمعة ‪ / 12 / 28‬‬ ‫ ‪2007‬‬ ‫ ‬ ‫‪2 .2‬حممود علم الدين ‪ :‬إمكانات االستفادة من تكنولوجيا االتصال احلديثة فى تطوير‬ ‫ الصحافة االقليمة فى مصر ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬كلية االعالم ‪ ،‬جملة حبوث االتصال ‪ ،‬‬ ‫ العدد العاشر ديسمرب عام ‪.1996‬‬ ‫‪ 3 .3‬بسيونى محادة ‪ :‬الربامج االنتخابية وجمتمع املعرفة ‪ ،‬االهرام فى ‪.2005 / 9 / 27‬‬ ‫‪4 .4‬امني هويدى ‪ :‬الف باء االمن القومى ‪ ،‬االهرام ‪. 2007 / 12 / 4 ،‬‬ ‫‪5 .5‬فؤاده البكرى ‪ :‬االعالم العربى واهلوية الثقافية ‪ ،‬كليه االعالم ‪ ،‬جملة حبوث االعالم ‪ ،‬‬ ‫ العدد ‪ 10‬عام ‪.1999‬‬ ‫‪6 .6‬حسن سليمان ‪ :‬غليون العرب يعانون ازمة احلداثة الرثة ‪ ،‬ميدل ايست اونالين فى ‪ / 9‬‬ ‫ ‪ 2007 / 11‬النداء ‪www. Damdec.org‬‬ ‫‪7 .7‬حممود علم الدين ‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪8 .8‬د ‪.‬نبيل على ‪ :‬قرن اهلبوط على القمر – بداية عامل جديد – االهرام ‪.1999 /12 / 30‬‬ ‫‪9 .9‬نفس املرجع السابق‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪1010‬حسن عماد مكاوى ‪ :‬ابعاد العوملة واعادة هيكلة وسائل االعالم ‪ ،‬املؤمتر العلمى ملعهد‬ ‫ الدراسات العربية حول االعالم العربى وحتديات العوملة ابريل عام ‪.1999‬‬ ‫‪ 1111‬السيد عليوة ‪ :‬االعالم هل هو احلل ‪ ،‬االهرام فى ‪.2006/ 1 / 17‬‬ ‫‪1212‬حممود علم الدين ‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1313‬أياد شكرى البكرى ‪ ،‬تقنيات االتصال بني زمنني ( عمان ‪ :‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪ ،‬‬ ‫‪389‬‬

‫ ‪.)2003‬‬ ‫‪ 1414‬سوزان القلينى ‪ ،‬تكنولوجيا االتصاالت ونظم املعلومات ‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار النهضة العربية ‪ ،‬‬ ‫ عام ‪.1999‬‬ ‫‪ ( 1515‬برهبان غليون – التنمية الثقافية بني التبعية واالنفالق ‪ ،‬الوحدة عام ‪.) 1992‬‬ ‫‪ 1616‬فؤاده البكرى ‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪ 1717‬هوياتنا بني البقاء والزوال ‪ ( ،‬هوية ) دراسات فى ‪.2000/ 3 / 13‬املوقع االلكرتونى‬ ‫ ‪www.heggyorg / Arabic‬‬ ‫‪ 1818‬بسيونى محادة ‪ :‬مرجع سابق جالل امني ‪ ،‬العوملة ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار املعارف ‪ ،‬عام ‪.1998‬‬ ‫‪ 1919‬أمحد احلبشى ‪ :‬اشكالية اهلوية فى عامل متغري ( االحتكاك والتثاقف ) ‪.‬‬ ‫‪ 2020‬وكان انصارها حني يفتقدون احلجة يتزرعون حبتميتها وينظرون إىل اهلوية الثقافية‬ ‫بازدراء و باستهزاء ( السيد ياسني )‪.‬‬ ‫‪2121‬فؤاده البكرى‪ :‬مذكرات فى اإلعالم الدوىل (غري منشورة) – جامعة حلوان – كلية ‬ ‫اآلداب – قسم اإلعالم‪.‬‬ ‫‪2222‬مسر يزبك ‪ :‬االعالم العربى ‪ ،‬قلق اهلوية ‪ ،‬احلوار املتمدن العدد ‪ 7 / 3 – 1247‬‬ ‫‪ [email protected] /‬وداد العبدونى الفضاء السمعى البصرى‬ ‫فى العامل العربى‪ ،‬حنو مركزية القيم ومطلب التحديث (مؤمتر الفضائيات العربية واهلوية‬ ‫الثقافية‪ ،‬حنو إعالم عربى هادف فى القرن احلادى والعشرين) الشارقة‪ -‬اإلمارات العربية‬ ‫ديسمرب ‪.2007‬‬ ‫‪2323‬ابراهيم القادرى بوتشيش ‪ :‬مستقبل كتابة التاريخ العربى فى ظل العوملة الثقافية‪ ( ،‬‬ ‫ هوية دراسات تارخيية ) جملة انفاس على االنرتنت فى ‪.2007/ 12 / 29‬‬ ‫‪2424‬عبد اهلل الرباز ‪ ،‬العوملة والرتبية‪ ،‬اجملموعة االلكرتونية ملناهضة العوملة‪ ،‬فرباير ‪ 2004‬‬ ‫ موقع حركة كفاية‪.‬‬ ‫‪2525‬هوشنك اوس ‪ :‬صناعة الثقافة وحتديات العوملة ‪ / www. Syriakurds.com 6 / 2 ،‬‬ ‫ ‪. 2007‬‬

‫‪390‬‬

‫الصحافة االليكترونية العربية‪ ،‬المعايير الفنية والمهنية‬ ‫« دراسة تحليلية لعينة من الصحف االليكترونية العربية»‬

‫‪-----------------------------------------‬‬

‫د‪.‬جاسم حممد الشيخ جابر‬ ‫كلية العلوم التطبيقية‪-‬صحار‬ ‫سلطنة عمان‬

‫مدخل‪:‬‬ ‫الصحافة ‪ ،‬كوسيلة إتصال مجاهريي ‪ ،‬وكفن أو مهنة ‪ ،‬هلا تقاليدها ومعايريها وأخالقياتها‬ ‫اليت رسختها خالل عمرها الذي ميتد اىل مخسمائة عاما‪ .‬هذه الوسيلة وجدت نفسها أمام‬ ‫متغيري تكنلوجي‬ ‫( االنرتنت) ‪ ،‬بات يهدد وجودها كوسيلة إعالمية ويؤسس إلمناط ووسائل صحفية مل تك‬ ‫معروفة من قبل ‪ ،‬مثل صحافة املوانطن‪ ، Citizen Journalism‬صحافة املشاركة ‪rPa‬‬ ‫‪ ، ticipatory Journalism‬املدونات ‪ Blogs‬مبختلف انواعها‪ ،‬الويكي ‪ ، Wiki‬املنتديات‬ ‫واملواقع اخلربية‪ ،‬فضال عن الصحافة االليكرتونية ‪. Online Journalism‬‬ ‫لقد ألقى االستخدام الواسع لالنرتنت بظالله على الصحافة التقليدية ‪ ،‬سواء من حيث املفهوم‬ ‫والدور والبعد االتصالي الذي تلعبه الصحافة االليكرتونية‪ ،‬أو من حيث املعايري والقيم اليت‬ ‫أصابها الكثري من التغيري والتطور‪.‬‬ ‫هذه ّ‬ ‫الظالل إنعكست يف ثالث حماور رئيسة‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‪ .1‬مفهوم الصحافة‪:‬‬ ‫تعرف الصحافة على أنها « عملية مجع وحترير األخبار وتقدميها من خالل وسائل االعالم «‪،‬‬ ‫أو « الكتابة املصممة للنشر يف الصحف واجملالت « قاموس ويبسرت‪، Webster Dictionary‬‬ ‫أما املوسوعة الربيطانية ‪ Britannica Encyclopedia‬فأنها تعرف الصحافة بأنها « عملية‬ ‫مجع وحتضري ونشر األخبار واملواد التحريرية اآلخرى يف وسيلة إعالمية» وكذلك « الكتابة‬ ‫غري االدبية( لالخبار) اليت تعتمد على مصادر معروفة»‪.‬‬

‫‪391‬‬

‫اما الصحافة االليكرتونية فأنها « العملية اليت تقوم بها املواقع االليكرتونية والشركات‬ ‫اإلعالمية القئمة كالصحف واإلذاعة‪ ،‬الطالق األخبار اىل املستخدمني بواسطة االنرتنت ‪،‬‬ ‫صحافة االنرتنت هي « إنتاج قصص خربية خاصة بالشبكة» أو « عملية النشر على االنرتنت‬ ‫و « نوع من الصحافة اليت تستخدم وسائل جديدة كادوات لنشر املعلومات “( ‪)Ulmmanu‬‬ ‫‪.‬يف حني ينطلق البعض يف تعريفه للصحافة االليكرتونية من اخلصائص الفنية للوسيلة‬ ‫ذاتها( االنرتنت)‪ ،‬حيث يتم تعريف الصحافة االليكرتونية على إنها « نظام معلوماتي يتالف‬ ‫من صناديق ( وحدات او مربعات)متعددة حتتوي على االخبار يف هئية ‪ ،‬نص‪ ،‬صورة‪ ،‬فيديو‪،‬‬ ‫صوت‪ ،‬بصورة منفصلة أو جمتمعة « هذه « الصناديق ‪ ،‬حتتفظ فيما بينها بعالقات متعددة‬ ‫ومبستويات خمتلفة «(‪. )Hernandez‬‬ ‫البعض يرى بأن تعريف الصحافة‪ ،‬رغم التطور التكنولوجي واالستخدام الواسع لالنرتنت‬ ‫وظهور الصحافة االليكرتونية كنوع رابع من أنواع الصحافة املتمثلة‪ ،‬باملطبوعة وصحافة‬ ‫إلذاعة والتلفزيون ‪ ،‬هذا التعريف مل يتغيري من حيث اإلطار العام ‪ ،‬ألن الصحفي الذي يكتب‬ ‫لالنرتنت مازال يقوم جبمع وإنتاج االخبار‪ ،‬ولكن التغيري قد حصل يف طريقة حتضري املعلومات‬ ‫ونشرها‪ ،‬وهذا جعل بعض الباحثني ينظر للصحافة االليكرتونية ليس بديال للصحافة‬ ‫التقليدية وإمنا هي مكملة هلا‪.‬‬ ‫‪.2‬دور الصحافة‪:‬‬ ‫إن دور الصحافة التقليدية يف اجملتمع والقوة اليت إكتسبتها جعلها تقوم بدور الرقيب‬ ‫‪ Watch Dog‬الذي يتابع ويرصد حركة القوى الفاعلة يف اجملتمع ‪ ،‬ويقيم ادائها ويوفر‬ ‫البيانات واالخبار عن االنشطة اليت تقوم بها بها مؤسساتة‪.‬هذا الدور منحها قوة واملبادرة من‬ ‫حيث التحكم باحملتوى وتدفقه وحتديد االجندة ولكن هذا الدور وأمام سرعة إنتاج املعلومات‬ ‫واالخبار ونشرها ووفرت البيانات واملعلومات املتاحة ‪ ،‬دفعت بالصحافة االليكرتونية بأن‬ ‫متارس باالضافة اىل دور الرقيب‪ ،‬دورا آخر اال وهو دور القيادة ‪Quide Dog (Bardoel‬‬ ‫‪ )and Deuze,200;91-103‬الذين يساعد الفرد على الفرز ويتيح أمامه فرصة األختيار‬ ‫املناسب من املصدر أو احملتوى‪ ،‬باالضافة اىل إن املبادرة مل تعد بيد الصحف او الصحفيني‬ ‫بل اصبح للجمهور واجملتمع دورا يف انتاج احملتوي اخلربي واملعلوماتي‪ ،‬ولذلك فان هذا النوع‬ ‫اجلديد من الصحافة راح يطلق القارئ او املستخدم صفة املؤلف املشارك‪ Co- Author‬أو‬ ‫املنتج املشارك ‪. Co-Producer‬‬ ‫يف تقرير أصدرتة يف ابريل ‪ ،2006‬اجلمعية الدولية للصحف ‪World association of‬‬ ‫‪ ، Newspaper‬حددت ستة اجتاهات مستقبلية للصحافة‪ ،‬من بينها‪:‬‬ ‫‪392‬‬

‫ ‬ ‫ اتساع الصحافة املشاركة‪ ، Participatory Journalism‬واحملتوى الذي‬‫ينتجه اجملتمع واجلمهور‪.‬‬ ‫ زيادة حبوث اجلمهور اليت تقوم بها املؤسسات االعالمية‪ ،‬لدراسة طرق ‬‫استخدام اجلمهور لوسائل االعالم‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ غلبة مسة الطابع الشخصي على االخبار اليت تقدمها شبكة االنرتنت‪ ،‬واجهزة‬‫االتصال املتنقلة‪.‬‬ ‫‪ .3‬بيئة العمل الصحفي ‪:‬‬ ‫تتطلب الصحافة التقليدية ‪ ،‬مهارات أساسية يفرتض وجودها لدى القائم بالعمل الصحفي ‪،‬‬ ‫مثل مهارات الصياغة اخلربية والتحرير وفق القوالب الصحفية وطرق تدقيق االخبار وتوثيق‬ ‫مصادرها وإسلوب عرضها ‪ .‬أما اليوم فإن هذه املهارات مل تعد كافية ملن يعمل يف الصحافة‬ ‫االليكرتونية‪ ،‬إذ التغيري التكنلوجي الذ اصاب وسائل االعالم بصورة عامة والصحافة على‬ ‫وجه التحديد ‪ ،‬قد زاد من الطلب والضغوط على الصحفيني للبحث عن أدواة جديدة ومهرات‬ ‫متعددة النتاج اكثر ويف زمن اقل ‪،‬مثل مهارات التعامل مع برامج الكمبيوتر وتطبيقاته وطرق‬ ‫البحث واستخدام مع حمركات البحث‪ Search Engine‬وقواعد املعلومات والنصوص‬ ‫الفائقة‪ ، Hypertext Language‬وكذا احلال بالنسبة لبيئة وظروف العمل اليت تغريت ‪،‬‬ ‫ألن الصحفي الذي يعمل يف اجملال االليكرتوني يقضي جل وقته يف غرف األخبار على خالف‬ ‫الصحفي الذي يعمل يف الصحافة التقليدية و الذي يقض وقتا غري قليل يف امليدان لتقصي‬ ‫ومجع االخبار من مصدارها املتعددة‪.‬‬ ‫‪.4‬العمل املؤسساتي‪:‬‬ ‫خالل مسريتها الطويلة‪ ،‬إعتمدت الصحافة التقليدية إسلوب العمل املؤسساتي القائم على‬ ‫وجود مؤسسات ذات كيان مادي ومعنوي‪ ،‬وتقاليد عمل واضحة وحمددة ‪ ،‬هذه التقاليد‬ ‫تفرض شروطها على الصحفي الذي يُطلب منه االلتزام مبعايري املؤسسة وقيمها‪ ،‬وهو ما‬ ‫يساعداملراقب يف أن يتنبأ بسلوك وتصرف الصحفي أزاء أي قضية طبقا ملا متوفر لديه من‬ ‫معلومات وفكرة عن هذه املؤسسة‪ ،‬وألن أهداف الصحفي هي ذاتها أهداف املؤسسة اليت‬ ‫يعمل فيها‪ ،‬على خالف الصحفي الذي يعمل يف اجملال االليكرتوني الذي يتمتع بدرجة من‬ ‫االستقاللية( ‪. )Carpenter,2008,p 5‬‬ ‫وإذا ما ذهبنا اىل مستوى آخر من مستويات العمل املؤسساتي‪ ،‬سنجد أثر حارس البوابة‪Gate‬‬ ‫‪ keeper‬واضحا يف الصحافة التقليدية الذي يربز بوضوح يف إتساق خمرجات العمل الصحفي‬ ‫مع سياسة الصحيفة وأهدافها‪ ،‬دور حارس البوابة يتضائل يف العمل الصحفي االليكرتوني‬ ‫‪393‬‬

‫وبالذات إذا كان قائما على أساس العمل الفردي الذي تتميز به بعض الصحف االليكرتونية‪.‬‬ ‫وال يقف االمر عند هذه االثار حسب ‪ ،‬وإمنا سلطة القرار النهائي يف الصحافة التلقيدية تكون‬ ‫يف يد رئيس التحرير‪ ،‬هذه السلطة تأخذ منحى آخر على صعيد الصحافة االليكرتونية‪ ،‬حيث‬ ‫إن الفين ومهندس الربامج ومنفذها ومصمم املوقع يف الصحف االليكرتونية هلم قدر مهم من‬ ‫سلطة القرار‪ ،‬اذا مل تك مساوية لسلطة رئيس التحرير وقوته التنفيذية‪.‬‬ ‫اإلطار النظري‬ ‫لقد رسخت الصحافة االليكرتونية وجودها عرب هذا الزمن القصري نسبيا‪ ،‬وأصبح هلا تقاليدها‬ ‫ومعايريها اخلاصة بها‪ ،‬واالكثر أهمية إنها إستطاعت أن تستقطب مجهوراً واسعاً على حساب‬ ‫مجهور الصحافة التقليدية‪ ،‬هذا ما تعكسه العديد من املؤشرات‪:‬‬ ‫ ‬ ‫‪1 .1‬النمو اهلائل يف أعداد الصحف واملواقع اإلخبارية وذات الصلة على شبكة‬ ‫االنرتنت‪ ،‬وكذلك أعداد زوار ومجهور هذا النوع من الصحافة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬أغلب وسائل االعالم والصحف التقليدية‪ ،‬انشئت هلا مواقع على شبكة االنرتنت‪ ،‬وراحت‬ ‫تقدم موادها وخدماتها ملستخدمي االنرتنت وتفسح مساحات واسعة هلذا االمر‪ ،‬بل إن بعض‬ ‫الصحف التقليدية الكربى مثل صحيفة كرستيان ساينس مونرت‪ ،‬قد اغلقت طبعتها الورقية‬ ‫وأكتفت بوجودها من خالل صحيفة أليكرتونية على االنرتنت‪.‬‬ ‫‪3 .3‬نزوع الصحف التقليدية( املطبوعة) اىل إستعارة بعضاً من خصائص ومسات الصحافة‬ ‫االليكرتونية لغرض املواكبة واملنافسة‪ ،‬مثل النزعة حنو زيادة املادة البصرية أو مايسمى‬ ‫بالصحافة البصرية‪ ، Visual journalism‬وكذلك طريقة تصميم وإخراج الصحف اليت‬ ‫باتت تشبه مبنظر صفحاتها االوىل مواقع االنرتنت من حيث الرتتيب واحملتوى وإسلوب العرض‬ ‫وحتى نظام املالحة او التجوال‪ ، Navigation‬إذ تستخدم بعض الصحف إسلوب التنويه أو‬ ‫إشارات ملا تتضمنه الصفحات الدخلية من مواضيع توضع يف مربعات على الصفحة االوىل‪.‬‬ ‫هذا النمو واالتساع والتطور يف الصحافة االليكرتونية طرح موضوعا مازال قائما للنقاش‪،‬‬ ‫هل الصحافة االليكرتونية ستقضي على الصحافة املطبوعة ؟ وهل الصحافة االليكرتونية‬ ‫مستوفية لشروط العمل الصحفي ومعايريه؟‬ ‫البعض اليؤيد الفكرة القائلة بأن الصحافة االليكرتونية ستقضي على الصحافة التقليدية‪،‬‬ ‫منطلقا من وقائع التاريخ اىل ختربنا بأن ظهور وسيلة إعالمية جديدة ال يقود اىل فناء أو‬ ‫إنتها وسيلة قائمة‪ ،‬على العكس هم يرون بأن الصحافة االليكرتونية ستكون حافزا لتطوير‬ ‫الصحافة املطبوعة وجعلها أكثر مالئمة لروح العصر والتطور‪.‬يف حني يعتقد اآلخرون بان‬ ‫عصر الصحافة الورقية قد اشرف على االنتهاء‪ ،‬بل إن البعض منهم يذهب بعيدا ليحدد تارخيا‬ ‫‪394‬‬

‫معينا إلختفائها‪.‬‬ ‫واذا ما إنتقلنا اىل السؤال الثاني وهو الذي يصب يف حمور املوضوع الذي يعاجله هذا البحث‪ ،‬فان‬ ‫هذا السؤال واجلدل القائم حول قد افرز إجتاهني مازال مؤيديهما يعتقدون بصحة املربرات‬ ‫واملسوغات اليت يقدموها‪.‬‬ ‫األجتاه االول ‪ ،‬والذي يدعمه أنصار الصحافة التلقيدية‪ ،‬والذي يقول بأن ما يظهر على‬ ‫االنرتنت هو ليس بصحافة وال ميت هلا بصلة‪ ،‬جلملة من االسباب اليت يعتقدون بها‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أ العاملني يف الصحافة االليكرتونية ليس لديهم اخلربة او التدريب الكايف‪ ،‬وهذا ينسحب على‬ ‫نوع احملتوى اخلربي ‪ ،‬حمتوى غري إحرتايف وغري حمرر‪ ،‬وعلى االغلب ذي رأي و تعرتيه الكثري‬ ‫من جوانب القصور واخللل (‪.)Tremayne,2007‬وكمثال على ذلك‪ ،‬جند مؤسسة(‪Pulitzer‬‬ ‫‪ ) Prize‬االمريكية مازالت ترفض أن تنظر يف االعمال اليت تقدمها الصحافة االليكرتونية وال‬ ‫ترشحها للحصول على اجلائزة املرموقة يف جمال الصحافة(‪)Deuze, 2003‬‬ ‫ ‪ .‬بعدم املصداقية وهذا ناجم عن غياب التدقيق وحتري املصادر املوثوقة‪ ،‬باالضافة اىل أن‬ ‫سرعة النشر اليت تفرضها خصائص االنرتنت تدفع بالصحف االليكرتونية اىل السبق الزمنى‬ ‫على حساب التدقيق‪ ،‬وهذا ما جعل البعض يطلق عليها صحافة االشاعات(‪)Abu-Fadil,2005‬‬ ‫ً‬ ‫السوداء( ‪. )Wall, 2004‬‬ ‫‪ ،‬او صحافة السوق‬ ‫ ‪ .‬جغياب العمل املؤسسي الذي يقوم على أساس املعايري اخلاصة باملؤسسة‪Organizational‬‬ ‫‪ norms‬واالبتعاد عن املعايري املهنية والفنية واالخالقية‪.‬يف استطالع أجرته مجعية صحافة‬ ‫االنرتنت‪ Online News association‬وجدت بان ‪ 69%‬من الصحفيني الذين يعملون يف‬ ‫الصحافة التقليدية يعتقدون بان الصحف واملواقع االخبارية يف االنرتنت التتقييد باملعايري‬ ‫املطبقة يف الصحافة التقليدية ‪ ،‬وانها اقل مصداقية‪.))Dueze,2003‬‬ ‫أما االجتاه الثاني ‪ ،‬فهو يرى بأن الصحافة االليكرتونية تليب حاجة القارئ‪ ،‬وتؤدي ذات اهلدف‬ ‫الذي تسعى لتحقيقه الصحافة التقليدية‪ ،‬وإن إختالف الوسيلة واالبتعاد عن بعض اخلصائص‬ ‫واملفاهيم اليعين فقدان هذا النوع من الصحافة ملربرات عديده يف مقدمتها ‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أأن اية وسيلة جديدة ختلق وتوجد هلا معايري خاصة بها وليس من الصحيح القول بأن‬ ‫اخالقيات ومعايري العمل الصحفي هي واحده والتتغري بتغيري الوسيلة اليت يستخدمها‬ ‫الصحفي‪ .‬وأذا كان احلذر والتشكيك من قبل الصحافة التقليدية جتاه هذا النوع اجلديد يف‬ ‫‪395‬‬

‫بدايات ظهوره كان مربرا‪ ،‬فان السنوات الالحقة ختربنا بإن هذه النظرة قد تغيريت‪ ،‬والدليل على‬ ‫إن الكثري من وسائل االعالم التقليدية قد بدأت بالعمل وفق قواعد وتقاليد ومعايريالصحافة‬ ‫االليكرتونية وإن عددا منها قد حتولت بالكامل اىل هذا النوع اجلديد ‪ ،‬وإن أغلب الصحف‬ ‫القليدية الكربى تبنت التدوين رغم كونه االكثر إنتقاداً من بني انواع الصحافة االليكرتونية‬ ‫االخرى‪ .‬وان البيت االبيض مينح بطاقات االعتماد لبعض مراسلي الصحف االليكرتونية وان‬ ‫منظمي بطولة االمم االوربية لكرة القدم اليت جرت يف بلجيكا وهولندا عام ‪ 2000‬قد إعتمدت‬ ‫صحفي االنرتنت رمسيا (‪) Dueze,2003‬‬ ‫ ‪ .‬بأن الصحافة وحيث يتميز مجهورها ذي مستوى تعليمي عالي نسبيا‪ ،‬تنطوي على مصداقية‬ ‫كبرية لدى هذا اجلمهور‪ ،‬بعض الباحثني توصلوا من خالل دراسة حول نظرة القراء لصحافة‬ ‫االنرتنت‪ ،‬وجدوا بأن الصحف واجملالت واملواقع االخبارية على االنرتنت من وجهة الذين مت‬ ‫إستطالع رأيهم‪ ،‬مشابهه للصحافة التقليدية من حيث اعتمادر املعايري املهنية وان اكثر من‬ ‫ثلني الذين مت إستطالعم يثقون بها‪ .‬ويف دراسة قام بها مركز(‪)Pew research Centre‬‬ ‫أظهرت النتائج بان ‪ 23%‬من االمريكان يعتمدون على االنرتنت باحلصول على االخبار‬ ‫واملعلومات (‪. )Patterson,2006‬‬ ‫خصائص الصحافة االليكرتونية‪:‬‬ ‫حدد الباحثون واملختصون يف جمال الصحافة االليكرتونية عدداً من اخلصائص اليت يتميز‬ ‫بها هذا النوع من الصحافة عن تلك التقليدية‪ ،‬مثل الرتابطية النصية‪، Hypertextuailty‬‬ ‫التفاعلية‪ Interactivity‬و الوسائط املتعددة‪ ، Multimedia‬ويرى (‪ )Dueze,2003‬بأن‬ ‫هذه الصائص متنح الصحافة االليكرتونية قيمة مضافة‪.‬‬ ‫على الرغم من أن هذه اخلصائص الثالثة متثل القاسم املشرتك الذي يتفق عليه أغلب الباحثون‬ ‫‪ ،‬إال إن عدد آخر يعترب االرشفة‪ Archiving‬وتعدد الصفحات ‪Multiple Pageation‬غري‬ ‫احملدد‪ ،‬هي خصائص مهمة التتوفر يف الصحافة التقليدية‪.‬‬ ‫‪1 .1‬الرتابطية النصية‪Hyper textuailty‬‬ ‫يعترب النص الفائق ‪Hyper text‬من أهم اخلصائص املميزة والواضحة اليت اضافتها الشبكة‬ ‫العنكبوتية العاملية ‪ )World Wide Web(WWW‬لالنرتنت ‪ .‬وتقوم فكرة النص الفائق‬ ‫على ربط نصوص خمتلفة من مصادر ومواقع متعددة يف مساحة مكانية واحدة ‪ ،‬هذا الربط‬ ‫يتم من خالل برامج خاصة بالكمبيوتر‪.‬‬ ‫‪396‬‬

‫يعترب‪ Vanevar Bush‬هو أول من وصف هذه اخلاصية ‪ ،‬يف حني يعود الفضل اىل‪Ted‬‬ ‫‪ Nelson‬بأعتباره اول من أطلق عليها ‪.)Hyper text (Dueze,2003‬‬ ‫تعكس الرتابطية النصية ‪ ،‬قدرة االنرتنت على ربط كمية هائلة من املعلومات واملصادر املتعددة‬ ‫بضغطة زر‪ ،‬هذه القدرة عززت االخبار املنشور على شبكة االنرتنت ومنحتها ميزة تفضلية عن‬ ‫بقية وسائل االعالم‪ ،‬باالضافة اىل كونها متنح منتجي االخبار فرصة ارسال مجهورهم اىل‬ ‫قصص إخبارية وحمتوى إضايف ‪ ،‬سواء داخل الصحيفة ذاتها أو يف مواقع خارجية اخرى‪.‬‬ ‫أهمية الرتابطية النصية‪ ،‬اليت باتت متثل أحد خصائص الصحافة االليكرتونية ومتيزها عن‬ ‫التقليدية‪ ،‬ينظر اليها من خالل عاملني رئيسني‪:‬‬ ‫االول‪ ،‬هو إن اجلمهورالذي يفضل االنرتنت عن سواه من الوسائل االعالمية االخرى‪ ،‬يتوقع‬ ‫من هذه الوسيلة ان تزودهم بالسرعة يف مالحقة االخبار واملعلومات ‪ ،‬باالضافة اىل العمق‬ ‫و( التناسل)‪ ،Breadth‬وبذلك تكون الرتابطية النصية قد مجعت مابني السرعة والعمق‬ ‫والرتابط‪ ،‬وهذه ميزة تفضيلية ‪.‬‬ ‫العامل الثاني‪ ،‬هو إن الرتابطية النصية ‪ ،‬متثل شكال من اشكال التفاعلية‪interactivity‬‬ ‫‪ ، )(Millison,2004‬وعلى الرغم من أن ‪ Deuze‬يعتربها الشكل االبتدائي واملتدني من‬ ‫أشكال التفاعلية(‪ ،)Dueze,2003‬إال أنهايف النهاية حتقق تفاعال بني مصدر او منتج اخلرب‬ ‫وبني مستهلكة‪ ،‬الذي يصبح مشاركا فيه‪ ،‬النه ومن خالل انتقاله اىل معلومات أخرى سواء‬ ‫داخل الصحيفة ذاتها او يف مواقع آخرى يكون قد اضاف معلومات أخرى اليه‪.‬‬ ‫يوضح ‪ Paul‬بأن هذه اخلاصية مل تستثمر بكامل قدرتها من قبل الصحف االليكرتونية‪،‬‬ ‫السباب عديده من بينها‪ ،‬خشية اصحاب أو ناشري الصحف االليكرتونية من خسارة القارئ يف‬ ‫حالة انتقاله من خالل النص الرتابطي اىل موقع خارجي آخر وقد ال يعود اىل املوقع االصلي‪،‬‬ ‫والسبب الثاني‪ ،‬أن عملية الربط حتتاج اىل جهد وزمن وتقصي للمواقع االخرى املوجودة‬ ‫على شبكة االنرتنت‪ ،‬مما يعترب استهالكاً للزمن ‪ ،‬باالضافة اىل ما يثريه هذا االمر من اسئلة‬ ‫وإشكالت قانونية وأخالقية حول امللكية وحقوقها (‪.)Paul, 2005‬‬ ‫مثة عنصرين اخرين وإن كانا الميتان للرتابطية من الناحية الفنية بصلة‪ ،‬اال أنهما يصبان‬ ‫بذات االجتاه من حيث توسيع قاعدة اخلرب وتوفري خلفية له ومعلومات اضافية عنه‪ ،‬وهذه حبد‬ ‫ذاتها متثل اهلدف االساس للرتابطية النصية‪ .‬هذين العنصرين هما ‪ ،‬خدمة البحث وخدمة‬ ‫االرشيف‪.‬‬ ‫‪397‬‬

‫ خدمة البحث‪ :‬وهي خدمة تتيحها الصحف االليكرتونية‪ ،‬ملستخدميها‪ .‬البحث سواء يف النص‬‫نفسه عن كلمات مشابهه‪ ،‬او البحث داخل الصحيفة نفسها‪ ،‬باالضافة اىل الربط مع حمركات‬ ‫البحث االخرى املوجودة يف الشبكة العنكبوتية مثل ‪. …Google, Yahoo‬‬ ‫ خدمة االرشيف‪ :‬البحث عن مواضيع او معلومات سابقة‪.‬‬‫هاتني اخلاصيتني التوفرهما الصحافة املطبوعة ‪،‬مما جيعلها متوفره فقط يف الصحافة‬ ‫االليكرتونية ومتثل خصائص مضافة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬التفاعلية‪Interactivity‬‬ ‫التفاعلية‪ ،‬متثل التفاعل القائم على اساس تبادل الرسائل أو التغذية العكسية‪، Feedback‬‬ ‫وهي عنصر اساسي من عناصر االتصال املؤثر‪. Effective Communication‬‬ ‫والتفاعلية يراد بها‪ ،‬من جهة التفاعل بني املصدر أو املرسل وبني املستقبل( القارئ )‪ ،‬ومن جهة‬ ‫آخرى‪ ،‬التفاعل بني املتسخدمني او اجلمهورانفسهم‪ ،‬سواء مت ذلك بواسطة املصدر ومشاركته‬ ‫أو بدونه‪.‬‬ ‫واذا ما نظرنا للصحافة التقليدية‪ ،‬جندها التوفر فرص مباشرة وحقيقة للتفاعل‪ ،‬وباستثناء‬ ‫فرصة «الرسائل للمحرر» اليت توفرها الصحافة املطبوعة‪،‬حيث يقوم القارئ بكتابة الرسائل‬ ‫كرد على ما ينشر من رسائل إعالمية وكذل فرص االتصال او التعليق اليت تقدمها بعض‬ ‫الربامج االذاعية والتلفزوينية‪ ،‬فأن اجلانب التفاعلي يف هذه الصحافة يكون حمددوا وذي‬ ‫نطاق صغري نسبياً‪.‬‬ ‫أما الصحافة االليكرتونية‪ ،‬فأنها تتميز مبدى واسع من التفاعلية‪ ،‬بل ان هذه امليزة باتت متثل‬ ‫أحد أهم اخلصائص املهمة واالساسية هلذا النوع من الصحافة‪ .‬فهي جتعل من القارئ ليس‬ ‫مستخدما فقط وإمنا مساهما ومشاركا يف صنع اخلرب واملعلومة‪.‬وهذا بدوره جيعل املبادرة‬ ‫ليس يف يد ناشر او منتج الصحف االليكرتونية كما هو عليه احلال بالنسبة للصحافة‬ ‫التقليدية‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فأن بعض الباحثني يرون بأن إطالق مسة التفاعلية على الصحافة االليكرتونية‬ ‫بصورة عامة ومطلقة الميت ‪،‬من اجلانب التطبيقي‪ ،‬للواقع بصلة‪ ،‬إذ ليس كل أتصال يف‬ ‫االنرتنت هو إتصال تفاعلي ‪ ،‬ألن البعض من مستقبلي الرسائل قد يردون عليها وقد اليفعلون‬ ‫ذلك( ‪ ، ))Morris & Ogan, 1996‬وهناك بعض املواقع توفر االتصال التفاعلي الكامل‬ ‫واالخرى فيها قدر معني من التفاعلية‪.‬‬ ‫‪398‬‬

‫يقسم ‪ Deuze‬التفاعلية يف الصحف االليكرتونية اىل ثالث أنواع‪:‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪ .‬أتفاعلية التجوال( اإلحبار) ‪ ، Navigational Interactivity‬حيث تتيح‬ ‫ ‬ ‫ هذه اخلاصية انتقال القارئ او مستخدم الصحافة االليكرتونية اىل‬ ‫الصفحة الالحقة او السابقة‪،‬او العودة اىل البداية‪..‬اخل‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪ .‬بالتفاعلية الوظيفية‪ ، Functional Interactivity‬من خالل وسيلة‬ ‫وخدمة الربيد املباشر‪. Direct Mail‬‬ ‫ ‪ .‬جالتفاعلية املتبناة ‪ ، Adapted Interactivity‬وهي التفاعلية اليت تتبناها ‬ ‫ ‬ ‫املواقع االليكرتونية من خالل خدمة غرف احلوار املباشرة او املنتديات‪، Chat Room‬‬ ‫حيث يتم التفاعل بني اجلمهور فيما بينهم من جهة وبني اجلمهور ومنتجيها من جهة ‬ ‫ثانية(‪.)Dueze,2003‬‬ ‫ويرى اخرون بان التفاعلية يف الصحافة االليكرتونية ميكن النظر اليها من خالل‬ ‫مدرستني‪:‬‬ ‫االوىل‪ ،‬ترى بأن التفاعلية هي عبارة عن خيارات يقدمها الناشر لتوسيع جتربة القارئ وحتكمه‬ ‫وإضافته للمحتوى‪ ،‬مثل التعليق على االخبار واملقاالت‪ ،‬يف اجلزء املخصص حتت كل خرب او‬ ‫موضوع‪.‬‬ ‫الثاني‪ ،‬وهي اليت ترى بأن التفاعلية احلقيقية‪ ،‬تتطلب من االثنني‪ ،‬الناشر واملستخدم‪ ،‬أن يكونا‬ ‫علىمستوى وقدرا متكافئ من حيث التحكم باحملتوى (‪. )Crosbie,2005‬‬ ‫ولتحقيق مديات واسعة من التفاعلية ‪ ،‬فان بعض الصحف االليكرتونية تتبنى خيارت عدة‬ ‫وتقدمها كخدمات أو مميزات يتستفيد من القارئ‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫• • الربيد االليكرتوني‪ ، E-Mail‬من حيث تثبيت العنوان االليكرتوني للرتاسل مع املراسل او ‬ ‫ الكاتب لغرض التواصل معه‪.‬‬ ‫• • غرف احلوار واملنتديات‪، Online Forums &Chat Room:‬‬ ‫• • اإلستطالعات وقياس الرأي‪ ، Polls & Surveys:‬حيث تعكس رأي اجلمهور حول ‬ ‫ العديد من القضايا واملواضيع اليت تعاجلها أو تقدمها الصحف االليكرتونية‪ .‬‬ ‫ وعلى الرغم من االنتقادات لنوعية هذه االستطالعات كونها التراعي املعايري العلمية ‬ ‫‪399‬‬

‫ ‬

‫املعروفة ‪ ،‬إال إنها متثل قدرا معيناً من رد الفعل وقياس االستجابة ‪ ،‬وهي باحملصلة حتقق ‬ ‫التفاعل‪.‬‬

‫‪3 .3‬الوسائط املتعددة‪Multimedia‬‬ ‫الوسائط املتعددة‪ ،‬يراد بها عملية مجع عناصر إعالمية مثل‪ ،‬الصوت ‪ ،‬الصورة والفيديو‬ ‫باالضافة اىل النص يف وسيلة واحدة‪ .‬وعليه فإن الوسائط املتعددة ميكن تعريفها بشكل مبسط‬ ‫على انها « وسائل إعالمية متعددة‪« Multiple Media‬‬ ‫قادت خاصية الوسائط املتعددة‪ ،‬وهي أحد التغيريات املهمة اليت حصلت يف تكنلوجيا االعالم‬ ‫منذ تسعينات القرن املاضي واىل اآلن‪ ،‬ما يعرف بالتوحد ‪ ، Convergence‬التوحد يتم على‬ ‫مستويني‪:‬‬ ‫• •على املستوى التقين والعملياتي ‪،‬حيث يكون التوحد أو االلتقاء يف وسيلة واحدة‪ ،‬كما‬ ‫ هو عليه احلال بالنسبة لالنرتنت أو أجهزة التلفاز احلديثة اليت تقدم خدمة قراء‬ ‫ النصوص الصحفية واالخبارية املكتوبة وتصفح االنرتنت‪.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫• •وعلى مستوى امللكية والسيطرة‪ ،‬مثل توحد وأندماج وسيلة إعالمية مع وسائل أخرى ‬ ‫ ‬ ‫ التعمل بذات اجملال‪ ،‬مثل اندماج شركات االتصاالت واالنرتنت مع وسائل التلفزة‬ ‫ واالذاعة والسينما وغريها‪.‬‬ ‫أن أهمية خاصية الوسائط املتعددة تكمن يف قدرتها على أن توفر أمام املستخدم فرصة‬ ‫جتربة اخلرب واملعلومة باكثر من طريقة‪ ،‬البعض يفضل أن يسمعها أو يشاهدها بدال من‬ ‫أن يقرائها‪.‬‬ ‫إن وجود هذه اخلاصية يف الصحافة االليكرتونية‪ ،‬جعلها عالمة فارقة وخدمة التستطيع أن‬ ‫توفرها الصحافة التقليدية‪.‬‬ ‫بعض ناقدي االعالم وباحثيه‪ ،‬يبدون شكوكا جتاه استخدام الوسائط املتعددة والتوحد يف‬ ‫وسيلة إعالمية واحدة‪ ،‬الن ذلك يقود اىل انتاج حمتوى بدون جهد صحفي‪ ،‬أي أن الصحيفة‬ ‫باضافتها مادة صوتية او مصورة من مصدر غري صحفي قد جيعلها غري مستوفية للمعايري‬ ‫الصحفية(‪.) Dueze,2003‬‬ ‫‪400‬‬

‫‪4 .4‬الفورية‪Immediacy‬‬ ‫أن سرعة مالحقة اخلرب واملعلومه ونشرها على شبكة االنرتنت‪ ،‬قد أضاف للصحافة‬ ‫االليكرتونية خاصية تفوق سرعة وسائل االعالم االخرى وخصوصا الصحافة املطبوعة‪ ،‬هذه‬ ‫اخلاصية تنطوي على جانبني‪:‬‬ ‫ توفر وسيلة أمام املستخدم للحصول على آخر املستجدات حول العديد من القضايا اليت‬‫ختصه‪ ،‬وهذه ميزة للصحف االليكرتونية على حساب الصحف التقليدية‪ ،‬واليت انعكست‬ ‫بدورها على تفضيل اجلمهور هلذه الوسيلة فيما يتعلق مبالحقة التطورات‪.‬‬ ‫ أن سرعة النشر يف الصحافة االليكرتونية دون أعتبارات التدقيق وتقصي احلقائق والبحث‬‫عن مصادر متنوعه وحتت ضغوط عامل السبق الزمين‪ ،‬يوقع العديد من الصحف االليكرتونية‬ ‫يف مشكلة املصداقية ويوفر املربرات ملنتقيدها كونها تناقد حنو السرعة على حساب الدةقة ‪cA‬‬ ‫‪ curacy‬واملصداقية ‪ . Credibility‬وبدون الفورية أو التحديث املستمر حملتوى الصحيفة‬ ‫االليكرتونية ‪ ،‬تكون الصحيفة قد فقد خاصية مهمة وال تكون مبوقع القادر على تلبية حاجة‬ ‫املستخدم يف توفري املستجدات اليت ينشدها يف العادة حني يلجأ اىل هذا النوع من الصحف‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫إن بيئة الصحافة االليكرتونية» التقنية والتكنلوجية» ووفرة الوسائل املتاحة وسهولة‬ ‫إستخدامها وقلة تكاليف إنتاجها نسبيا ‪ ،‬قد دفعت بالكثيرين من العاملني بالوسط الصحفي أو‬ ‫من خارجه لدخول هذا امليدان وإطالق املواقع االليكرتونية اخلاصة باملدونات واملتديات واملواقع‬ ‫اخلربية والصحف االلكرتونية وغري من االمناط والوسائل املعروفة‪ ،‬حتى باتت الصحافة‬ ‫االليكرتونية متثل « ظاهرة» إذا جاز لنا التعبري عنها بذلك‪.‬‬ ‫هذه الظاهرة كانت هلا أبعادها ومعطياتها االجيابية والسلبية‪ ،‬فمن جهة وفرت الصحافة‬ ‫االليكرتونية وسائل بديلة للتعبري عن الرأي ووسائل متنوعة ملالحقة اخلرب وأتاحة مساحة‬ ‫واسعة الن يعرب القارئ عن {ايه ومعلوماته االضافية حول الكثري من القضايا اخلاصة والعامة‬ ‫وغريت من موازين القوى املتحكمة بالتدفق االعالمي وإحتكاراته ‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن‬ ‫ابتعاد البعض عن املعايري املهنية والفنية واالخالقية قد وضع الصحافة االليكرتونية امام‬ ‫حتديات كبرية قد تؤثر على منوها ومصداقيتها‪ .‬من بني هذه التحديات اجلوانب املتعلقة‬ ‫بامللكية الفكرية واخلصوصية‪ Privacy‬واالنعكاسات القانوية والتعارض مع املعايري والنظم‬ ‫االجتماعية والسياسية السائدة‪ ،‬وهذا بدور قد دفع بالعديد من الدول واملنظمات اليت من بينها‬ ‫‪401‬‬

‫دوال عربية كالكويت واالردن وعمان ومصر وغريها ألن تضع تشريعات وقوانني تنظم العمل‬ ‫الصحفي يف اجملال االليكرتوني» االنرتنت»‪ .‬اال إن املشكلة اليت بات يواجهها املشرع أو اجلهة‬ ‫ذات العالقة هي عدم وضوح الرؤية وإختالط املفاهيم واالصطالحات اخلاصة بالصحافة‬ ‫االليكرتونية وماهي احلدود الفاصلة بني املوقع االليكرتوني الشخص ‪ ،‬حتى وإن كان يتعاطى‬ ‫العمل الصحفي وبني الصحيفة االليكرتونية اليت تطالب بذات احلقوق اليت متلكها أو اليت‬ ‫تتمتع بها الصحف التقليدية من حيث االعرتاف واالعتماد وغريها‪.‬‬ ‫لذلك فأن هذه الورقة البحثية تسعى اىل حتديد مفهوم الصحافة االليكرتونية وخصائصها‬ ‫ومعايريها املهنية والفنية ‪ ،‬إنطالقا من املقارنة بني االطار النظري الذي حدده املختصون يف‬ ‫هذا اجملال وبني الواقع الذي هي عليه الصحافة االليكرتونية العربية‪.‬‬

‫أسئلة البحث‪:‬‬

‫يهدف البحث اىل توفري االجابات عن سؤالني رئيسني ميثالن هدف البحث وغايته‪ ،‬اال وهما‪:‬‬ ‫‪ .1‬ماهي خصائص الصحافة االليكرتونية ومعايريها املهنية والفنية؟‪.‬‬ ‫‪ .2‬وهل الصحافة االليكرتونية العربية مستوفية هلذه اخلصائص واملعايري؟‪.‬‬

‫طريقة البحث‪:‬‬

‫من إجل حتقيق أهداف البحث واالجابة على اسئلة‪ ،‬فان الباحث قد خطط العتماد طريقتني‪:‬‬ ‫‪ .1‬حتليل احملتوى‪Content Analysis‬‬ ‫من خالل اخضاع عينة منتخبة من الصحف االليكرتونية العربية للتحليل( الوصفي)‪،‬‬ ‫التحليل اشتمل على قراءة وتدوين املالحظات وفق استمارة أعدت هلذا الغرض وحتليلها على‬ ‫مدى اسبوع متواصل لكل صحيفة من عينة البحث‪ ،‬وباوقات خمتلفه‪ ،‬على إمتدات الفرتة من‬ ‫نوفمرب‪ 2008‬لغاية يناير‪.2009‬‬ ‫‪ .2‬استبانة معلومات‪Questionnaire‬‬ ‫أعد الباحث استبانه تتضمن فقراتها معلومات عن الصحف االليكرتونية من حيث» معلومات‬ ‫عن جهة االصدار‪ ،‬التمويل‪ ،‬الرتخيص‪ ،‬اخللفية املهنية والعلمية للعاملني يف الصحيفة‪ ،‬وهل‬ ‫الصحيفة معتمدة من قبل اجلهات ذات العالقة يف بلد االصدار او خارجه‪ ،‬كما هو احلال‬ ‫بالنسبة للصحف التقليدية‪ ،‬والقضايا واملالحقات القانونية اليت تعرضت هلا الصحيفة إن‬ ‫وجدت « ومت توزيع االستبانه على صحف العينة‪ .‬استجابة الصحف مل تكن جدية حيث وردت‬ ‫الباحث اجابات صحيفتني فقط من جمموع العينة البالغة ‪ 14‬صحيفة‪ .‬ولذلك مل يك أمام‬ ‫الباحث سوى إهمال هذه االستبانة اليت لو توفرت االستجابة املطلوبة والبيانات اليت تعكسها‬ ‫لكانت نتائج البحث اكثر فائدة وعمقا‪ ،‬وهذه شكلت واحدة من الصعوبات اليت واجهها الباحث‬ ‫باالضافة اىل عدم وجود دليل يتم الرجوع اليه ‪ ،‬كان سببا يف اقتصار البحث على هذه العينة‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫‪402‬‬

‫عينة البحث‪:‬‬

‫مت إخضاع عينه خمتار من الصحف االليكرتونية العربية للدراسة والتحليل‪ ،‬إختيار هذه‬ ‫العينة قد جرى وفق الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬إقتصرت العينة على املواقع االليكرتونية املوجودة على شبكة االنرتنت واليت تصف نفسها‬ ‫ب»جريدة» او « صحيفة « اليكرتونية فقط‪ ،‬ومت إستبعاد تلك املواقع اإلخبارية والصحفية‬ ‫اليت ال تضع احدى هاتيني الصفتني‪ ،‬والسبب يرجع اىل إن القائمني على إصدار هذه الصحف‬ ‫قد أعتربوها كذلك‪ ،‬رغم إن الكثري من املواقع تتمتع خبصائص الصحف االليكرتونية‪ ،‬اال انها‬ ‫مل تصف ذاتها بتلك الصفة ‪.‬‬ ‫‪ .2‬مل تشمل العينة النسخ او الطبعات االليكرتونية اليت تصدر عن صحف ورقية قائمة‪ ،‬على‬ ‫إعتبار إن هذه النسخ تصدر عن مؤسسات صحفية تقليدية‪.‬‬ ‫‪ .3‬مت إعتماد حمرك البحث غوغل‪ Google‬وجرى البحث عن عبارة» جريدة اليكرتونية»‬ ‫وعبارة» صحيفة اليكرتونية» باللغة العربية لالسرتشاد على عناوين الصحف اال ليكرتونية‪.‬‬ ‫ومن الكم اهلائل من نتائج البحث‪ ،‬استقر االختيار على ‪ 19‬صحيفة اليكرتونية عربية‪ ،‬أخضعت‬ ‫كل واحدة منها على مدى اسبوع الغراض الدراسة والتحليل‪.‬‬ ‫‪ .4‬اجلدول رقم (‪ ، )1‬حيتوى على عينة الصحف االليكرتونية العربية ويبني اسم الصحيفة‬ ‫وعنوان موقعها على شبكة االنرتنت وجنسية الدولة اليت متثلها‪.‬‬

‫التسلسل الصحيفة‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬

‫إيالف‬ ‫سبق‬ ‫الشباب اليوم‬ ‫املصريون‬ ‫بابل‬ ‫باب نيوز‬ ‫سودانايل‬ ‫عناوين‬ ‫سريا بوست‬ ‫عامل بريس‬ ‫ماروك برس‬ ‫اآلن‬ ‫الساحة‬

‫عنوان املوقع‬

‫‪www.elaph.com‬‬ ‫‪www.sabq.org‬‬ ‫‪www.shababtoday.com‬‬ ‫‪www.almesryoon.com‬‬ ‫‪www.babil.infor/default.php‬‬ ‫‪www.babnews.com‬‬ ‫‪www.sudnile.com‬‬ ‫‪www.anaween.co‬‬ ‫‪www.syria-post.net‬‬ ‫‪www.alampress.com‬‬ ‫‪www.marocpress.net‬‬ ‫‪www.alaan.cc/default.asp‬‬ ‫‪www.alsahaa.com/inf2‬‬

‫الدولة‬

‫السعودية‬ ‫السعودية‬ ‫السعودية‬ ‫مصر‬ ‫العراق‬ ‫العراق‬ ‫السودان‬ ‫السعودية‬ ‫سوريا‬ ‫املغرب‬ ‫املغرب‬ ‫الكويت‬ ‫السعودية‬ ‫‪403‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬

‫كل الوطن‬ ‫آخر حلظة‬ ‫ليبيا اليوم‬ ‫املواطن‬ ‫مأرب برس‬ ‫صيدونيا‬

‫‪www.hedayah.net‬‬ ‫‪www.akhirlahza.net‬‬ ‫‪www.libya-alyoum.com‬‬ ‫‪www.almowatansa.com‬‬ ‫‪www.marebpress.net‬‬ ‫‪www.sidonianews.net‬‬

‫السعودية‬ ‫السودان‬ ‫ليبيا‬ ‫السعودية‬ ‫اليمن‬ ‫لبنان‬

‫نتائج البحث‪:‬‬ ‫‪ .1‬املؤسساتية‪.‬اليت تعكس املعايري الصحفية املهنية منها والفنية‪.‬‬ ‫أن معيار املؤسساتية يعترب عامال أساسياً يف العمل الصحفي‪ ،‬واملؤسساتية هنا التشرتط أن‬ ‫تكون اجلهة اليت تقف وراء الصحيفة االليكرتونية مؤسسة أو شركة‪ ،‬بل إن املشروع الفردي‬ ‫والشخصي‪ ،‬اذا توفرة فيه املعامل املادية واملعنوية الواضحة واملباشرة‪ ،‬ميكن إعتباره عمال‬ ‫مؤسسياً‪.‬‬ ‫وإنطالقا من هذا املفهوم ‪ ،‬فأن توفر هذا املعيار ميكن االستدالل عليه من خالل العناصر اليت‬ ‫يفرتض وجودها يف كل صحيفة اليكرتونية‪:‬‬ ‫ الوجودي املادي‪ ،‬الذي يتطلب إشهاراً للناشر أو اجلهة اليت تقف وراء الصحيفة االليكرتونية‪،‬‬‫من حيث التعريف باملسؤل عنها ووضوح عنوانها ومقرها‪ ،‬وتثبيت طرق االتصال بها والرتاسل‬ ‫معها بصورة علنية وحمدده‪.‬‬ ‫ الوجودي اهلرمي‪ ،‬فيما يتعلق برتتيب املسؤليات وحتديد مهام العاملني يف الصحيفة‬‫االليكرتونية واالبواب اليت حيررونها ‪ .‬والذي يعكس بصورة مباشرة أو غري مباشرة‪ ،‬تراتيبة‬ ‫العمل وقواعده‪.‬‬ ‫ الوجود املعنوي‪ ،‬من خالل بني نوع الصحيفة وسياستها التحريرية واملعايري واخالقية العمل‬‫اليت تعتمدها‪ ،‬الن غياب هذا الوجود يفقد الصحيفة االليكرتونية املصداقية ويلقي بظالل‬ ‫الشك حوهلا‪.‬‬

‫‪404‬‬

‫ املصادر االخبارية واملراسلني‪ ،‬وضوحهما واالشارة اليهما يعترب من مبادئ العمل الصحفي‬‫ومن معايريه املهنية ‪.‬‬ ‫انطالقا مما تقدم ‪ ،‬فان نتائج دراسة عينة البحث من الصحف االليكرتونية واليت يعكسها‬ ‫اجلدول رقم ‪ ،2‬تفرز مؤشرات يف غاية االهمية‪ ،‬يف مقدمتها‪ :‬أن نسبة منها مل تفصح عن جهة‬ ‫االصدار أو الناشر وغياب املعلومات عن العاملني فيها أو امساء مراسليها ‪.‬وقد بلغ عدد الصحف‬ ‫من عينة البحث واليت مل تتقييد بهذا املعيار املهين‪7‬من جمموع ‪ 19‬مقابل ‪ 11‬كانت واضحه‬ ‫يف بيان املعلومات عن املؤسسة اليت تصدر عنها وحتدد سياستها واالساليب واملعايري التحريرية‬ ‫واالخالقية‪.‬من جانب أخر فان اغلب الصحف قد ثبتت بطريقة او اخرى طرقا لالتصال بها‬ ‫سواء عن ذكر العنوان االليكرتونية واالتصال املباشر عرب املوقع دون احلاجة اىل ارسال امييل‪.‬‬ ‫أن عدم ذكر املؤسسة أو جهة االصدار والتعريف بها‪ ،‬ميثل أخالال بشروط املهنة ومعايريها‪،‬‬ ‫الن الصحيفة ومبوجب ألتزامتها املهنية واالخالقية وتأكيجا ملصداقيتها جيب أت تعرف‬ ‫نفسها امام القارئ واجملتمع‪.‬‬ ‫جدول رقم (‪)1‬‬ ‫« عينة البحث «‬

‫معلومات عن املؤسسة‬ ‫او الناشر‬ ‫متوفره‬

‫معلومات عن فريق‬ ‫العمل والتحرير‬ ‫متوفره‬

‫اآلن‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫سودا نايل‬

‫متوفره بصوره غري‬ ‫كامله‬

‫غري متوفره‬

‫سبق‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫عناوين‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫عامل بريس‬

‫متوفره‬

‫متوفره‬

‫باب نيوز‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫سريا بوست‬

‫متوفره‬

‫متوفره‬

‫الصحيفة‬ ‫إيالف‬

‫العنوان وطرق االتصال‬ ‫متوفر‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫متوفر‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫متوفر‬

‫‪405‬‬

‫الشباب اليوم‬

‫متوفره‬

‫متوفره‬

‫بابل‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫املصريون‬ ‫ماروك برس‬

‫متوفره‬ ‫متوفره‬

‫متوفره‬ ‫متوفره‬

‫الساحة‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫كل الوطن‬

‫غري متوفره‬

‫غري متوفره‬

‫آخر حلظة‬

‫متوفره‬

‫متوفره‬

‫ليبيا اليوم‬ ‫املواطن‬ ‫مأرب برس‬ ‫صيدونيا‬

‫متوفره‬ ‫متوفره‬ ‫متوفره‬ ‫متوفرة‬

‫متوفره‬ ‫متوفره‬ ‫متوفره‬ ‫متوفره‬

‫متوفر‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫متوفر‬ ‫متوفر‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫الربيد االليكرتوني متوفر‪-‬‬ ‫العنوان غري حمدد‬ ‫متوفر‬ ‫متوفر‬ ‫متوفر‬ ‫متوفر‬

‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫معلومات عن ناشري الصحف االليكرتونية وجهة االصدار‬

‫‪ .2‬الرتابطية النصية ‪Hypertextuality‬‬

‫فيما يتعلق بالرتابطية النصية‪ ،‬وهي اخلاصية اليت متيز الصحافة االليكرتونية عن التقليدية‪،‬‬ ‫كون االخرية التستطيع ان توفرها لقرائها‪.‬‬ ‫أهمية الرتابطية النصية تنعكس يف جانبني مهمني ‪:‬‬ ‫االول ذي عالقة مبميزات االنرتنت اليت يلجأ اليه املستخدم طلبا لتوفر تنوع احملتوى وتعدد‬ ‫مصادره وهذا يتم من خالل النصوص الفائقة اليت توفر هذه اخلدمة‪ ،‬وبدون هذه اخلاصية‬ ‫الميكن االحساس بوجود االنرتنت وتتجرد الصحف االليكرتونية عن مسة اتليب حاجة‬ ‫املستخدم‪.‬‬ ‫الثاني وهو املتعلق بالتفاعلية اليت توفرها هذه اخلاصية‪.‬‬ ‫ان حتليل عينة البحث يكشف لنا غياب هذه اخلاصية عن اغلب الصحف العربية‪ ،‬باستثناء «‬ ‫إيالف ‪ ،‬ومأرب برس» مل تقدم خدمة النصوص املرتابطة اليت يتستطيع القارئ من خالهلا أن‬ ‫ينتقل اىل مواضيع ذات صله سواء داخل الصحيفة ذاتها أو يف مواقع أخرى من خالل الراوبط‬ ‫‪406‬‬

‫اليت تثبت داخل النص او على جوانبه‪.‬‬ ‫وبالنسبة لصحيفيت أيالف ومأرب برس‪ ،‬فانهما مل تستخدما هذا اخلاصية بصورة واضحة‪،‬‬ ‫وأن االستخدام اقتصر على وضع روابط خارج النص ملواضيع ذات عالقة‪ ،‬أي انها استخدمة‬ ‫الرتابطية النصية حبدودها الدنيا‪ .‬أن استخدام الرتابطية النصية‪ ،‬كما اسلفنا ‪ ،‬يتطلب جهدا‬ ‫وزمن الجنازه ‪ ،‬واالستنتاج يقودنا اىل أن الصحف االليكرتونية بسبب تقليص النفقات‪ ،‬او قلة‬ ‫الكادر العامل فيها وعدم وجود فنيني لللقيام بهذا العمل قد دفعها الن تتخلى عن هذا اخلاصية‬ ‫املهمة والضرورية للصحف االليكرتونية‪.‬‬

‫‪.3‬التفاعلية ‪Interactivity‬‬

‫اجلدول رقم ‪ 3‬يبني خاصية التفاعلية املوجودة يف صحف العينة‪ ،‬بالنسبة للمجال الذي تفسحه‬ ‫الصحف االليكرتونية العربية لتعليقات القراء‪ ،‬فأن هذا اجلانب التفاعلي مابني اجلمهور‬ ‫والصحيفة متوفر واشتملت عليه اغلب الصحف وبنسبة تثمل‪ ،85%‬أما االستطالعات فان‬ ‫بعض الصحف قد أعتمدته وبلغ عددها ‪ 7‬صحف من جمموع ‪ 19‬صحيفةو بنسبة‪،36.8%‬‬ ‫ومتثل االستطالعات وقياس راي اجلمهور االستجابة حول قضايا حمدده او بيان وجهات‬ ‫نظرهم وتقييمهم للمادة الصحفية‪.‬‬ ‫فيما يتعلق باملدونات وغرف احلوار واملتديات واليت متثل تفاعلية متبناة « طبقا لوصف ‪Deuze‬‬ ‫« حيث تتبنى الصحيفة مواقع ومساحات يتفاعل القراء فيمابينهم او بينهم والصحيفة‬ ‫‪،‬وهذا ينسحب ايضا على حرص الصحف على نشر وتثبيت العنوان االليكرتوني للصحفي‬ ‫واملراسل العطاء الفرصة لالتصال به عند احلاجة‪ ،‬فأن نتائج البحث تعكس نسبة متدنية من‬ ‫التفاعلية‪:‬‬ ‫ غرف احلوارواملنتديات‪5%:‬‬‫ املدونات‪10%:‬‬‫ عنوان املراسل الصحفي‪10%:‬‬‫وهذا يقودنا اىل نتيجة مفادها أن التفاعلية اليت تنطوي عليها هذه العينة من الصحف‬ ‫االليكرتونية هي متدنية وال تليب حاجة التفاعل احلقيقية‪.‬‬

‫‪407‬‬

‫لصحيفة‬

‫التعليقات‬

‫غرف احلوار‬ ‫واملنتديات‬

‫املدونات‬

‫استطالعات‬

‫إيالف‬ ‫اآلن‬ ‫سودا نايل‬ ‫سبق‬ ‫عناوين‬ ‫عامل بريس‬ ‫باب نيوز‬ ‫سريا بوست‬ ‫الشباب اليوم‬ ‫بابل‬ ‫املصريون‬ ‫ماروك برس‬ ‫الساحة‬ ‫كل الوطن‬ ‫آخر حلظة‬ ‫ليبيا اليوم‬ ‫املواطن‬ ‫مأرب برس‬ ‫صيدونيا‬

‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬

‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬

‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬

‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجوده‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬

‫العنوان‬ ‫االليكرتوني‬ ‫للمراسل‬ ‫موجود‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬ ‫موجود‬ ‫‪X‬‬ ‫‪X‬‬

‫جدول ‪ 3‬ميثل الفرص املتاحة للتفاعل‬

‫‪ .3‬الوسائط املتعددة ‪Multimedia‬‬

‫بإستثناء صحيفة « إيالف» فإن الصحف االليكرتونية العربية مل تستخدم خدمة الوسائط‬ ‫املتعددة بكامل االمكانات التقنية اليت توفرها خدمة االنرتنت وبرامج الكمبيوتر‪ ،‬فقد افصحت‬ ‫نتائج البحث عن اربع صحف فقط من جمتمع البحث قد عرضت افالما فيديو وان صحيفة‬ ‫واحدة تقدم تسجيالت ومواد صوتية‪ ،‬اما الصور الفوتغرافية فان مجيع الصحف تقدمها على‬ ‫صفحاتها‪،‬رغم عدم االشارة اىل مصدر الصور ‪ ،‬وهذا بدوره يثري اشكالية حقوق امللكية‪،‬وبصورة‬ ‫عامة فأن املواد املنتجه بالوسائط املتعدده واليت ينتجها فريق العمل هذه الصحف تكاد أن تكون‬ ‫معدومه باستثاء صحيفة» إيالف « اليت تتقيد باملعيار املهين للتنويه عن املصدر يف هذا الشأن‬ ‫‪408‬‬

‫وهلا جهد واضح يف انتاج املواد الصحفية بكافة انواعها‪ ،‬السمعية والبصرية‪.‬‬ ‫قلة استخدام استخدام الوسائط املتعددة قد يعود يف سببه اىل قلة املصادر املالية والفنية والكادر‬ ‫املنتج هلا‪ ،‬اجلدول رقم ‪ 4‬يوفربيانات عن استخدام صحف العينه للوسائط املتعددة‪.‬‬

‫‪ .4‬خدمة البحث واالرشيف‬

‫اسفرت نتائج البحث بأن نسبة كبري من العينة قد وفرت خدمة البحث باستثناء مخسة منها‬ ‫فقط مل توفر هذه اخلدمة‪ ،‬أن خدمة البحث هنا تكون على مستويني االول البحث داخل موقع‬ ‫الصحيفة نفسها‪ ،‬واملستوى الثاني هو ربط املوقع مع حمركات البحث املعروفة يف شبكة‬ ‫االنرتنت‪.‬‬ ‫هذه اخلدمة هي خاصية ومسة متيز الصحف االليكرتونية عن التقليدية ‪ ،‬وتوفرها يتسق مع‬ ‫مفهوم الصحافة االليكرتونية وخصائص اليت من بينها توفري تنوع احملتوى وتعدد مصادره‬ ‫باالضافة اىل خاصية التعمق يف املادة أو التواصل مع خلفيتها واملواضيع ذات الصلة‪.‬انظر‬ ‫اجلدول رقم ‪.4‬‬

‫‪ .5‬الفورية واآلنية‬

‫أن االستدالل على الفورية وأالنية يف مالحقة اخلرب واملعلومه وحتديثها على مدار الساعة‪،‬‬ ‫قد مت بالنسبة للباحث من خالل توفر عنصرين‪ ،‬إشارة موقع الصحيفة اىل التحديث اجلاري‬ ‫يف صفحات املوقع وبيان زمنه‪ ،‬والثاني من خالل شريط االنباء الذي تستخدمه الصحف‬ ‫االليكرتونية يف أعلى أو أسفل صفحاتها الرئيسة‪ ،‬رغم أن االخري ليس بضرورة يعكس‬ ‫التحديث واملالحقة الفورية وقد يكون غري حمدث أال أنه يف كثري من االحيان ينطوي على‬ ‫آخر االخبار‪ .‬البيانات املوجدوة يف اجلدول رقم ‪ 4‬تشري اىل أن عددا غري قليل من الصحف‬ ‫االليكرتونية العربية مل يراعي هذه اخلاصية ويطبقها‪ ،‬وقد وجد الباحث عددا من احلاالت‬ ‫وهي قليله بان الصحف مل جتري اي تغيريعلى حمتواها ملدة تزيد على ‪ 24‬ساعة‪.‬‬

‫‪409‬‬

‫فيديو‬

‫ ‬

‫خدمة‬ ‫البحث‬

‫شريط‬ ‫االرشيف‬ ‫االنباء‬ ‫موجود‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫موجود‬ ‫موجود‬

‫الصحيفة‬

‫الصور‬

‫الصوت رابط رابط‬ ‫داخلي خارجي‬

‫إيالف‬

‫موجوده‬

‫موجود‬

‫متوفر‬

‫متوفر‬

‫متوفره‬

‫اآلن‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫متوفره‬

‫‪X‬‬

‫سودا‬ ‫نايل‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫متوفره‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫سبق‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫عناوين‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫عالم‬ ‫بريس‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود موجوده‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫باب نيوز‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود موجوده‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫سريا‬ ‫بوست‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫الشباب‬ ‫اليوم‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫بابل‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫املصريون‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫ماروك‬ ‫برس‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫الساحة‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫كل‬ ‫الوطن‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫آخر حلظة‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫ليبيا‬ ‫اليوم‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫املواطن‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫موجود‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫مأرب‬ ‫برس‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫صيدونيا‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫‪X‬‬

‫موجوده‬

‫‪X‬‬

‫موجود‬

‫‪X‬‬

‫‪410‬‬

‫جدول رقم ‪4‬‬

‫التحديث‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫الصحافة االليكرتونية‪ ،‬يف ظل التطور والنمو الذي اشرته خالل السنوات املاضية‪ ،‬غستطاعت‬ ‫أن ترسخ وجودها كنوع جديد « رابع» من أنواع الصحافة‪ ،‬وكما هو احلال بالنسبة الية وسيلة‬ ‫إعالمية ضمن بيئتها اإلجتماعية واالقتصادية وأدواتها التكنولوجية‪ ،‬فانها قد رمست مالحمها‬ ‫وأفرزت خصائص تتميز بها‪ ،‬وهذا يدعونا للنظر إجتاه الصحافة االليكرتونية ومبعزل عن‬ ‫احملاوالت الفردية والتجريبية ذات الطابع الشخصي الذي اليتقيد بشروط ومعايري معينه‬ ‫وثابتة‪ ،‬إنها الصحافة اليت حتتوي اخلصائص االساسية واملعايري التالية واليت بدونها الميكن‬ ‫لنا أعتبار اية صحيفة او موقع اليكرتوني يندرج حتت هذا املسمى والصفة‪:‬‬

‫‪ .1‬اخلصائص ‪ :‬أن حتتوي الصحيفة االليكرتونية على أحد اخلصائص أو مجيعها‪ ،‬وهي‬ ‫خصائص ( الرتابطية النصية‪ ،‬التفاعلية الوسائط املتعدة) ‪.‬‬ ‫‪ .2‬االطار املؤسساتي‪ :‬جيب ان تكون الصحيفة االليكرتونية صادرة عن مؤسسة ذات وجود‪،‬‬ ‫مادي ومعنوني معروف‪ ،‬مادي من حيث اشهار اجلهة اليت تقف ورائها وحتديد هويتها‬ ‫ومقرها وعنوانها وطرق االتصال بها وعناوينها‪ .‬ومعنوي من حيث بيان سياستها ورؤيتها‬ ‫وإسلوب عملها‪ ،‬وخبالف ذلك فأن اية صحيفة التتوفر فيها هذا املعييار‪ ،‬الميكن اعتبارها‬ ‫صحيفة‪ ،‬أو نطلق عليها هذه الصفة‪.‬‬ ‫‪ .3‬املعايري املهنية ‪ ،‬وهي ذاتها املعايري اليت تعتمدها أو اليت يفرتض إعتمادها وتطبيقها يف‬ ‫الصحافة التقليدية‪ ،‬من حيث تدقيق االخبار وتوثيق مصادرها وإعتماد املوضوعية وعدم‬ ‫االحنياز وعرض وجهات النظر املختلفة او املتعارضة‪ ،‬واالشارة اىل املصادر االساية للخرب‬ ‫واملعلومة‪.‬‬ ‫‪ .4‬املعايري االخالقية‪ ،‬من حيث ضمان حقوق امللكية الفكرية وعدم خرق اخلصوصية‬ ‫والتجاوز على حقوق االخرين‪.‬‬ ‫وإذا ما أخذنا بنظر االعتبار النتائج اليت افرزها هذا البحث والتحليل لعينة من الصحف‬ ‫االليكرتونية العربية‪ ،‬جند ان نسبة كبرية من املواقع االليكرتونية اليت تطلق على نفسها‬ ‫صفة» صحف اليكرتونية» مل تراعي هذه اخلصائص واملعايري‪.‬‬

‫بحوث مقترحة‪:‬‬

‫من إجل استكمال ابعاد هذا البحث وتوفري معطيات ومؤشرات اضافية عن الصحافة االليكرتونية‬ ‫العربية يقرتح الباحث ان تتم دراسة وحبث وحتليل‪ ،‬حمتوى الصحافة االليكرتونية العربية‪،‬‬ ‫إجتاهات قراء الصحافة االليكرتونية‪ ،‬القوانني والتشريعات املتعلقة بالصحافة يف البلدان‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫‪411‬‬

‫الهوامش‬ Ulmanu, Alexandru:. “the State of Online Journalism in Romain”. @http:// soemz.euv-frankfurt-o.de/media-see/newmedia/main/articles/a_ulmano. htm Hernandez, Tony. “Mass –Customizing Electronic Journals”, Universidad Carlos III de Madrid @ www.bib.uc3m.es/~tony/ Bardoel, Jo, and Mark Deuze. (2001). “‘Network Journalism’: Converging Competencies of Old and New Media Professionals.” Australian Journalism Review, vol. 23, no. 3 (Dec.): pp. 91-103. Carpenter, Serena (2008). “Source Diversity in U.S. Online Journalism and Online Newspaper Articles”. Paper presented at the International Symp sium on Online journalism, April 5. Tremayne, M.(2007). “ Harnessing the Active Audience: Synthesizing Blog Research and Lesson for Future of Media” in Blogging , citizenship and the Future of Media. New York. Routledge. Abu-Fadil, Magda (2005).” Online Media Ethics: A Needed dynamic”. Paper presented at Conference ‘Online journalism in the Arab world; Realities & Challenges”, University of sharjah, UAE, November22-23 . Wall, M.(2005).” Blogs of War: weblog as News”, Journalism: Theory, Pra tice & Criticism 6 (2): 153-72. Patterson, C. (2006). “News Agency Dominance in International News on the Internet”, Centre for International Communications Research: Papers in International and Global Communication No 01/06 Dueze, M .” Online Journalism: Modeling the First Generation of News Media on the World Wide Web” @ http://firstmonday.org/htbin/cgiwrap/ bin/ojs/index.php/fm/article/view/893 Millison, D.(2004). @ http://home.comcast.net/~dougmillison//faq.html

Paul,N.(2205) . @ www.ojr.org/ojr/050324paul/print.htm Morris, M & Ogan,C (1996). “ the Internet as mass Medium, Journal of Communication, 46(1): 39-50. Crosbie, V.(2005). “ Two Views about Interactivity”. @ www.digita deliverance.com/MT/archives/000300.html 412

‫فرص تجسيد مجتمع المعلومات داخل المؤسسة‬

-----------------------------------------

‫مشس ضيات خـلـفـالوي‬ ‫جامعة باجي خمتار عنابة‬ ‫اجلزائر‬

Abstract Live now in society of the information, that society who investment depends on new technological for information and the communic tion in production of the plentiful information and her connection for the sake of presentation of all the services on towards fast and effective. So the information of element not wealth about him in any vitality practice him, so she basis the scientific researches, and rule unde taking of the right deposits, so from the correct information in the suitable time possesses, the control in suppliers of the nature and the dominance can on her for his gathered investigation his of services. key words: information- intelligence information- NTIC.

413

‫مقدمة إشكالية‪:‬‬ ‫نعيش اآلن يف جمتمع املعلومات‪ ،‬ذلك اجملتمع الذي يعتمد على استثمار التكنولوجيات‬ ‫ ‬ ‫احلديثة لإلعالم واالتصال يف إنتاج املعلومات الوفرية وإيصاهلا من أجل تقديم كافة اخلدمات‬ ‫على حنو سريع وفعال ‪ ،‬وهذه احلقيقة يلمسها كل فرد يعيش أحوال هذا اجملتمع املتغري‪،‬‬ ‫فاملعلومات عنصر ال غنى عنه يف أي نشاط منارسه‪ ،‬فهي أساس البحوث العلمية‪ ،‬وقاعدة اختاذ‬ ‫القرارات الصائبة‪ ،‬فمن ميلك املعلومات الصحيحة يف الوقت املناسب‪ ،‬يستطيع التحكم يف موارد‬ ‫الطبيعة والسيطرة عليها لتحقيق مصاحله ومصاحل جمتمعه‪.‬‬ ‫ويرى كثري من املراقبني أن جمتمع املعلومات هو البديل اجلديد للمجتمع الصناعي الذي‬ ‫عايشناه معظم القرن العشرين‪ ،‬ويعتمد اقتصاد املعلومات على نظام هائل ومعقد‪ ،‬وهذا النظام‬ ‫قائم على التسهيالت اليت أتاحتها التكنولوجيا احلديثة يف النصف الثاني من القرن العشرين‬ ‫‪ ،‬وتكمن طاقة هذا النظام يف القدرة على مجع البيانات وتصنيفها‪ ،‬وختزينها واسرتجاعها‪،‬‬ ‫وبثها بأكرب كميات ممكنة ألكرب عدد ممكن من األفراد‪ ،‬ويف أقل وقت ممكن مهما كانت‬ ‫املسافة‪.‬‬ ‫وهذه املادة األولية أصبحت ودون جدال‪ ،‬حجر الزاوية ونقطة االرتكاز يف بناء اجملتمعات‬ ‫وتطويرها خاصة وأنها ختتلف عن مثيالتها من املواد األولية بأنها مورد ال ينتهي‪ ،‬فهي قابلة‬ ‫للزيادة وأصبح من ميتلكها ويطوعها ميتلك القوة‪ ،‬حيث يالحظ عامل املستقبليات األمريكي‬ ‫املشهور ملفني توفلر يف كتابه «السلطة اجلديدة» الصادر يف مطلع التسعينات أن املوجة الثالثة‬ ‫تعتمد على معيار املعلومة أي التقنيات االتصالية اجلديدة‪ ،‬اليت غريت جذريا طبيعة اجملتمعات‬ ‫احلديثة من حيث قاعدة اإلنتاج العاملي والبنية االقتصادية والسياسية وأفاق املعرفة والتواصل‬ ‫الثقايف‪ ،‬فلقد أصبحت املعرفة أكثر من جمرد مصدر للسلطة وإمنا كذلك العامل األهم‬ ‫للقوة والثروة ‪.‬‬ ‫وميثل جمتمع املعلومات حتديا لنا مجيعا وال سيما فيما يتعلق باجلوانب األمنية واإلقتصاد‬ ‫العاملي‪ ،‬وكذلك األنشطة اإلجتماعية والثقافية‪ ،‬فالتطورات التقنية اليت إجتاحت العامل‬ ‫املاضي وعلى وجه التحديد ظهور طريق املعلومات السريعة‪ ،‬أدت إىل إعادة تنظيم اجملتمع على‬ ‫حنو يؤثر يف العالقات بني األفراد واجلماعات والدول‪ ،‬ولكن هذه الثورة لن تتمكن من خدمة‬ ‫البشرية إال إذا توافرت هلا كل متطلبات النجاح مع األخذ باالعتبار املخاطر احملتملة‪.‬‬ ‫واجلزائر كغريها من الدول ليست مبنأى عن هذه التحوالت العلمية اليت تفرض عليها‬ ‫التأقلم مع مستجداتها وإعادة النظر يف كل بناها وممارساتها‪ ،‬حتى ال تبقى على هامش‬ ‫التفاعل العاملي واالكتفاء بدور املستهلك تكنولوجيا ومعرفيا‪ ،‬غري أن طرح إشكالية دخول‬ ‫‪414‬‬

‫اجلزائر جمتمع املعلومات يفرض علينا الدراسة املعمقة لكل خصائص ومميزات هذا اجملتمع‬ ‫ودراسة الفرص والتهديدات اليت يطرحها كما يستوجب حتليل النقط اإلجيابية والسلبية‪.‬‬ ‫كما يدفعنا كذلك إىل تفكيك الواقع الذي نريد دراسته والذي يتكون من عدة جوانب‪ ،‬وهذا‬ ‫يستدعى منا حتليال خلصائص جمتمع املعلومات‪ ،‬حيث جند أن إشكاالت عديدة تطرح على‬ ‫مستوى كل خاصية‪ ،‬باعتبار أن هذه اخلصائص هي معايري أو قياسات ميكن من خالهلا التنبؤ‬ ‫بدخول اجملتمع أو حتوله أو تطوره إىل جمتمع املعلومات‪ .‬حيث جند عدة تصنيفات ميكن‬ ‫وضعها لتحديد جمتمع املعلومات‪ ،‬غري أن املعيار الذي تتفق عليه أغلب هذه التصنيفات أوال‬ ‫هو املعيار التقين‪ ،‬والذي يتمثل يف االعتماد املتزايد على تكنولوجيا املعلومات كمصدر للعمل‬ ‫والثروة والبنية التحتية املعلوماتية مبا يف ذلك اهليكل الفيزيقي والتخيلي‪ ،‬والذي يشمل‬ ‫الشبكات املالية وشبكات اهلاتف واالنرتنت‪ ،‬باإلضافة إىل الرقمنة واالستخدام الواسع للشبكة‪،‬‬ ‫وهذا سيؤدي تدرجييا إىل االبتعاد عن الورق يف التخاطب والرتكيز على املعلومة املرسلة‬ ‫إلكرتونيا‪.‬‬ ‫ويطرح هذا املعيار يف جممله تساؤالت هامة عن مدى إمكانية حتصل املؤسسات‬ ‫ ‬ ‫على هذه اهلياكل القاعدية وإرساء قواعدها األساسية‪ ،‬كما نتساءل هنا عن فاعلية وكثافة‬ ‫استخدام شبكة االنرتنت من قبل الفاعلني يف هذه القطاعات (عمال‪ ،‬مسؤولني)‪ ،‬كذلك عن‬ ‫مدى استعمال احلواسب يف إجناز أعماهلم اإلدارية والعلمية ونسبة أمن احلاسوب‪ .‬والشك أن‬ ‫هذا اجلانب التقين الغنى عنه لتجسيد جمتمع املعلومات‪ ،‬غري أن هذا اجلانب املادي سرتافقه‬ ‫تغريات كبرية وجوهرية يف ذهنيات األفراد وأفكارهم كما سيتوجب تغيريا ظاهرا يف سلوكهم‬ ‫وممارساتهم‪ ،‬حيث أن االعتماد على املعلومات كمصدر أساسي للقوة وكمادة أولية للمعرفة‬ ‫مع الرتكيز على العمليات اليت تطبق عليها ألجل‪ :‬جلب‪ ،‬حفظ‪ ،‬توليد وإستتمار املعلومة‪ ،‬ومع‬ ‫تعقد هذه املعلومات وتعقد مصادرها فإن ذلك جيعلنا أمام واقع جديد متاما مليء بالتهديدات‪،‬‬ ‫كما أنه مليء بالفرص‪ ،‬وعلى إنسان هذا العصر أن يواكب هذا التغيري اجلاري من خالل‬ ‫التفكري بصورة جديدة والعمل بأسلوب خمتلف – الذكاء اإلعالمي‪ .-‬ومما سبق سنحاول‬ ‫اإلجابة على التساؤل التالي‪ :‬ماهية وأهمية الذكاء اإلعالمي بالنسبة للمؤسسات‪ ،‬وما أفاق‬ ‫وحتديات جمتمع املعلومات بالنسبة للمؤسسات يف اجلزائر؟‬

‫‪415‬‬

‫تحديد المفاهيم‪:‬‬ ‫املعلومـات‪:‬‬

‫وفقا لتعريفات املعجم املوسوعي ملصطلحات املكتبات واملعلومات هي‪« :‬البيانات اليت متت‬ ‫معاجلتها لتحقيق هدف معني أو الستعمال حمدد‪ ،‬ألغراض اختاذ القرارات‪ ،‬أي البيانات اليت‬ ‫أصبح هلا قيمة بعد حتليلها‪ ،‬أو تفسريها‪ ،‬أو جتميعها يف شكل ذي معنى واليت ميكن تداوهلا‬ ‫وتسجيلها ونشرها وتوزيعها يف صورة رمسية أو غري رمسية ويف أي شكل» ‪.‬‬ ‫وكذلك املعلومـات‪ ،‬هي يف حقيقة األمر عبارة عن بيانات متنح صفة املصداقية ويتم تقدميها‬ ‫لغرض حمدد‪ ،‬فاملعلومات يتم تطويرها وترقى ملكانة املعرفة عندما تستخدم للقيام باملقارنة‪،‬‬ ‫وتقييم نتائج مسبقة وحمددة‪ ،‬أو لغرض االتصال أو املشاركة يف حوار أو نقاش‪ .‬فاملعلومات‬ ‫هي بيانات توضع يف إطار وحمتوى واضح وحمدد وذلك من أجل استخدامها الختاذ القرار‪.‬‬ ‫وميكن تقديم املعلومات يف أشكال متعددة «كتابيا‪ ،‬شفهيا‪ ،‬صورة‪....‬أخل»‪.‬‬

‫الذكاء اإلعالمي‪:‬‬

‫هو جمموعة من الصفات واملعايري اليت متكننا من التعرف على‪ :‬ماهية املعلومة املطلوبة‪،‬‬ ‫كيفية متوقعها‪ ،‬تقييم واستعمال املعلومة املوجودة يف إطار مقاربة حلل مشكل تكون نتيجته‬ ‫إيصال معلومة معاجلة ومعروفة‪ .‬وهذه اجملموعة ميكنها أن جتسد يف أجزاء من املؤهالت اليت‬ ‫متكن الفرد من التعايش بنجاح ضمن جمتمع املعلومات ‪.‬‬

‫جمتمع املعلومات‪:‬‬

‫على الرغم من ظهور هذا املصطلح منذ ثالثني عاما‪ ،‬إال أن التطورات اهلائلة اليت حدثت يف تلك‬ ‫الفرتة قد عظمت من استخدام هذا املصطلح‪ ،‬فضال عن ظهور مصطلحات كالعوملة‪ ،‬الرقمنة‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من تداول هذا املصطلح إال أنه حيمل مفاهيم غري واضحة أحيانا‪ ،‬وغري متفق‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫متيز جمتمع املعلومات بـ‪»:‬الرتكيز على العمليات اليت تعاجل فيها املعلومات‪ ،‬واملادة اخلام‬ ‫األساسية هي املعلومة‪ ،‬اليت يتم استثمارها حبيث تولد املعرفة‪ ،‬معرفة جديدة‪ ،‬وهذا عكس‬ ‫املواد األساسية يف اجملتمعات األخرى‪ ،‬حيث تنضب بسبب االستهالك‪ ،‬أما يف جمتمع املعلومات‬ ‫فاملعلومات تولد معلومات‪ ،‬مما جيعل مصادر اجملتمع املعلوماتي متجددة وال تنضب» ‪.‬‬ ‫ويقصد أيضا‪« :‬جمتمع املعلومات مجيع األنشطة‪ ،‬والتدابري واملمارسات املرتبطة باملعلومات‬ ‫إنتاجا‪ ،‬ونشرا‪ ،‬وتنظيما‪ ،‬واستثمارا‪ ،‬ويشمل إنتاج املعلومات‪ ،‬أنشطة البحث واجلهود اإلبداعية‬ ‫‪416‬‬

‫والتأليف املوجه خلدمة األهداف التعليمية والتثقيفية ‪.‬‬ ‫كما مت تعريف جمتمع املعلومات‪« :‬كدائرة متحدة تهتم باألوضاع العامة من حشود وروابط‬ ‫ومصادر متنوعة تتشكل مابني املؤسسات واألفراد لرعاية اهتمامات اجملتمع حول توفري وتبادل‬ ‫املعلومات‪ ،‬واملعرفة اهلادفة إىل سرعة احلصول على املعلومات‪ ،‬وزيادة املعرفة» ‪.‬‬

‫التكنولوجيات احلديثة لإلعالم واالتصال‪:‬‬

‫هي جممل املعارف واخلربات املرتاكمة واملتاحة‪ ،‬واألدوات والوسائل املادية والتنظيمية‬ ‫واإلدارية املستخدمة يف مجع املعلومات ومعاجلتها وإنتاجها وختزينها واسرتجاعها ونشرها‬ ‫وتبادهلا أي توصيلها إىل األفراد واجملتمعات‪.‬‬

‫املنهج‪:‬‬

‫تعتمد هذه الدراسة على املنهج الوصفي‪ ،‬من خالل حماولة التعرف على واقع‬ ‫ ‬ ‫جمتمع املعلومات من خالل استعمال املعلومات والتكنولوجيا احلديثة لإلعالم واالتصال من‬ ‫طرف األطراف الفاعلني يف اجلامعة‪ ،‬وعن مدى استغالهلم إياها يف ممارستهم اليومية وعن‬ ‫الظروف احمليطة بهذا االستعمال‪.‬‬ ‫ومن األدوات املستخدمة يف هذه الدراسة املصغرة املقابلة واليت متثل األداة األساسية جلمع‬ ‫البيانات‪ .‬وكانت املقابالت قصدية مع عينة تتكون من ‪ 30‬عامال جبامعة باجي خمتار عنابة‪.‬‬ ‫وقد ركزنا على حمورين أساسيني هما‪:‬‬ ‫ دور التكنولوجيا يف جتسيد جمتمع املعلومات‪.‬‬‫‪ -‬دور املعلومات يف جتسيد الذكاء اإلعالمي‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬

‫لتكنولوجيا املعلومات دور مهم يف تطوير وتنمية املؤسسة‪ ،‬من خالل توفر املعلومات‬ ‫ ‬ ‫املناسبة يف الوقت املناسب ودعم وحتسني عمليات اختاذ القرارات‪ ،‬وتنشيط حركة االتصاالت‬ ‫باملؤسسة حيث تساهم املعلومات احلديثة يف جتسيد جمتمع املعلومات يف املؤسسة‪ ،‬وهذا‬ ‫ماستظهره النتائج التالية‪:‬‬ ‫• •فيما يتعلق مبدى مالئمة قنوات االتصال الحتياجات الفرد داخل العمل‪ ،‬فقد أكدت نسبة‬ ‫‪% 70‬من أفرد العينة عن مالئمة قنوات االتصال الحتياجاتهم اليومية أحيانا‪.‬‬ ‫• •أما بالنسبة لتوفري اجلامعة لألفراد أدوات تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ ،‬فكانت نسبة‬ ‫‪417‬‬

‫‪ 46.66%‬من عدد أفراد العينة قد نفت توفري هذه األدوات‪ ،‬باملقابل جند عدد أفراد العينة‬ ‫املتبقيني عربوا عن مدى توفري اجلامعة نوعا ما هلذه األدوات‪ ،‬حيث من املالحظ توفري هذه‬ ‫األدوات بطريقة حمتشمة ويف بعض األحيان نقص كبري وواضح يف وجود هذه التكنولوجيات‬ ‫داخل إدارة اجلامعة ومكتبتها‪ ،‬وهذا يعين عدم االستغالل املناسب ألدوات تكنولوجيا اإلعالم‬ ‫واالتصال يف جمال العمل مما ينعكس سلبا على سريورة وسرعة العمل إضافة النعكاسها على‬ ‫أداء املوظفني الذين اشتكوا من ضياع اجلهد والوقت أثناء أدائهم لعملهم‪ ،‬وهذا العتمادهم على‬ ‫األدوات التقليدية‪ ،‬كما أنهم عربوا عن مدى احتياجهم هلذه األدوات لتسهيل العمل وبالتالي‬ ‫توفري اجلهد والوقت‪.‬‬ ‫• •ومن النتائج كذلك نسبة ‪ 30%‬من عدد أفراد العينة عربوا أن تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‬ ‫هي الطريقة اليت تساعدهم على التحفيز للمشاركة يف املعلومات واملعرفة داخل العمل‪ ،‬أما‬ ‫نسبة ‪ % 32‬عربت أن زمالء العمل هم الذين يساعدون على التحفيز للمشاركة يف املعلومات‪،‬‬ ‫وذلك من خالل تقاسم اخلربات واملعلومات‪ .‬يف حني أن نسبة ‪ 38%‬من عدد أفراد العينة أكدوا‬ ‫على اعتمادهم على قدراتهم الفردية واليت حتفزهم للمشاركة يف املعلومات‪.‬‬ ‫• •أما خبصوص دور تكنولوجيا اإلعالم واالتصال ملساعدة الفرد ألداء عمله‪ ،‬نالحظ أن النسبة‬ ‫الغالبة ألفراد العينة واليت تقدر ب ‪ 60%‬ترى أن هذه األخرية تساعدها على أداء عملها بصفة‬ ‫دائمة‪ .‬وهذا دليل على إدراك أفراد العينة بالدور الذي تقوم به تكنولوجيا اإلعالم واالتصال يف‬ ‫تسهيل وتبسيط العمل‪ ،‬وتفهمهم ألهميتها‪.‬‬ ‫• •رغم نقص إتقان أفراد العينة هلذه التكنولوجيا بصورة جيدة‪ ،‬إال أنها ترغب يف إتقانها‬ ‫واستخدامها وذلك من خالل توفري اإلمكانيات الالزمة‪ ،‬ولتحقيق ذلك أظهر أفراد العينة‬ ‫رغبتهم الشديدة يف القيام بدورات تكوينية يف هذا اجملال‪ ،‬وذلك من اجل حتسني أدائهم يف‬ ‫العمل من خالل جتديد املعلومات‪ ،‬وهلذا على املؤسسة تبين االسرتاتيجيات املناسبة لتوفري هذه‬ ‫اإلمكانيات الالزمة واليت تعد من بني املؤشرات األساسية لدخول جمتمع املعلومات مهما كانت‬ ‫طبيعة التنظيم (خدمات‪ ،‬اقتصادي‪.)...،‬‬ ‫وفيما يتعلق باألشكال اليت حيصل فيها الفرد على املعلومات يف إطار عمله‪ ،‬وجدنا أن نسبة‬ ‫‪ 46.66%‬عربت عن وجود صعوبة نوعا ما يف حصوهلا على املعلومة يف إطار عملها‪ ،‬وهذا مامتت‬ ‫مالحظته أن هناك صعوبة واضحة يف حصول الفرد على املعلومات اليت حيتاجها يف إطار عمله‬ ‫نظرا لنقص أدوات تكنولوجيا اإلعالم واالتصال وكذلك احتكار املعلومات من طرف بعض‬ ‫األفراد وهذا لعدم تغري دهنيات هؤالء‪.‬‬ ‫‪418‬‬

‫ ‬

‫أما فيما خيص استغالل الفرد للمعلومات يف اطار عمله نالحظ أن نسبة عالية من افراد العينة‬ ‫أكدوا استغالهلم هلذه املعلومات عندما تصل يف الوقت املناسب‪ ،‬يف حني جند نسبة ‪13.33%‬‬ ‫من عدد أفراد العينة ال تستغل املعلومات داخل العمل وهذا راجع اىل طبيعة العمل الروتيين‪،‬‬ ‫وانعدام االبداع واالبتكار وهذا لشعورهم بالالمباالة والسلبية نتيجة ترسبات سابقة‪.‬‬ ‫ ‬ ‫• •أما فيما خيص تعامل الفرد مع املشاكل عندما تعرتضه أثناء العمل‪ ،‬وجدنا نسبة ‪33.33%‬‬ ‫حتله باالتصال مع الرئيس املباشر أو مع زمالء العمل‪ ،‬وهذا يدل على تعاون مجاعة العمل‬ ‫خبلق تقارب يف االفكار واالراء‪.‬‬

‫• •وفيما يتعلق بتقييم أفراد العينة ألنواع الوسائل املستخدمة يف ختزين املعلومات املتمثلة‬ ‫يف‪ :‬الذاكرة االلكرتونية‪ ،‬الذاكرة الورقية‪ ،‬الذاكرة الشخصية‪ ،‬حيث وجدنا تأكيد على‬ ‫اجيابية استخدام الذاكرة االلكرتونية من حيث ربح الوقت وتوفري اجلهد‪ ،‬يف حني تباينت‬ ‫االراء حول سلبية الذاكرة الورقية من حيث ربح الوقت أو توفري اجلهد‪ ،‬ولكن املالحظ أن‬ ‫الذاكرة الورقية مازال يعتمد عليها وبطريقة كبرية خاصة وأن االدارة تتعامل مع املكتوب‪.‬‬ ‫ويف االخري يتم االعتماد على الذاكرة الشخصية‪.‬‬ ‫ ‬ ‫• •ويف املقابل وجدنا ‪ 40%‬من أفراد العينة تسرتجع املعلومات عند احلاجة اليها يف اطار‬ ‫العمل بسهولة نوعا ما‪ ،‬ونسبة ‪ 26.66%‬أكدت على اسرتجاعها للمعلومات بسهولة‪ ،‬أما باقي‬ ‫عدد أفراد العينة أكدوا على صعوبة اسرتجاع املعلومات وهذا لصعوبة الطرق واالساليب اليت‬ ‫تستخدمها أثناء اجرائها للعمل‪ ،‬وهذا يعود سلبا على سريورة العمل ويعطله لصعوبة اسرتجاع‬ ‫املعلومات يف الوقت املناسب‪.‬‬

‫‪419‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫من خالل هذه الدراسة املصغرة ملوضوع الذكاء اإلعالمي يف ظل جمتمع املعلومات داخل‬ ‫اجلامعة‪ ،‬ومن خالل خالصة هذه النتائج ميكننا القول بانه أصبح من الضروري التأكيد‬ ‫على املشروعات املبنية على ادارة املعلومات اليت اصبحت ضرورة الميكن االستغناء عنها داخل‬ ‫اجلامعة‪ ،‬ولكن ال بد من التأكيد على أن فعالية هذه االدارة ال تتم إال من خالل مدخلني‬ ‫أساسيني هما‪:‬‬ ‫• • املدخل القائم على التكنولوجيا‪ :‬والذي يركز على التطرق ألنظمة املعلومات‪ ،‬وكذلك‬ ‫تكنولوجيا املعلومات‪.‬‬

‫• •املدخل القائم على االفراد‪ :‬حيث جتدر االشارة هنا ألهمية االفراد يف جتديد وانشاء املعلومات‬ ‫واملعرفة‪ ،‬واليت تفوق القدرة التكنولوجية يف جتميع املعلومات وتصنيفها واسرتجاعها واعادة‬ ‫استخدامها‪.‬‬ ‫كما تبني من خالل التحليل السابق أن هناك متطلبات لكي نتمكن من احلديث عن جمتمع‬ ‫املعلومات داخل اجلامعة حيث تتمثل يف‪ :‬أن يكون اهليكل التنظيمي مرنا وافقيا‪ ،‬وان تكون‬ ‫قيادة واعية ومهتمة يتطبيق الذكاء االعالمي داخل اجلامعة ومشجعة لتبادل املعلومات بني‬ ‫العاملني بها‪ ،‬ألن جمتمع املعلومات ال يقتصر فقط على اجلانب التقين أي توفري تكنولوجيا‬ ‫االعالم واالتصال‪ ،‬وامنا هناك معايري اخرى االقتصادي‪ ،‬السياسي‪ ،‬الثقايف واالجتماعي وكل‬ ‫معيار حيتوي على مؤشرات من الصعب قياسها ميدانيا يف الوقت احلاىل‪.‬‬ ‫ومن أجل جتسيد الذكاء االعالمي يف اجلامعة علينا اتباع اخلطوات التالية‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•تشخيص وصياغة احلاجات االعالمية‪.‬‬ ‫• حتديد املوارد واالدوات جلمع هذه املعلومات‪.‬‬ ‫•صياغة اسرتاتيجيات للبحث عن املعلومات‪.‬‬ ‫•االستخدام االفضل للتكنولوجيات املتوفرة‪.‬‬ ‫•تقييم نتائج البحث عن املعلومات‪.‬‬ ‫• تنظيم وتسيري املعلومات املتوفرة‪.‬‬ ‫• دمج املعلومات اجلديدة اىل املعارف احلالية‪.‬‬ ‫• توصيل واستخدام املعلومات بطريقة اخالقية‪.‬‬ ‫• تطبيق مبدأ احلرص االعالمي‪.‬‬

‫‪420‬‬

‫المالحق‪:‬‬ ‫دليل املقابلة‬ ‫احملور األول‪ :‬دور التكنولوجيا يف جتسيد جمتمع املعلومات‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•هل توفر املؤسسة أدوات تكنولوجيا االعالم واالتصال؟‬ ‫•هل قنوات االتصال يف املؤسسة مالئمة لالحتياجات اليومية؟‬ ‫•ماهي الطرق اليت تساعدك على التحفيز لتشارك يف تقاسم املعلومات داخل املؤسسة؟‬ ‫•هل تكنولوجيا االعالم واالتصال تساعدك يف اداء العمل داخل املؤسسة؟‬ ‫•هل تتقن استخدام تكنولوجيا االعالم واالتصال؟‬

‫احملور الثاني‪ :‬دور التكنولوجيا يف جتسيد الذكاء االعالمي‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•كيف حتصل على املعلومات يف اطار عملك؟‬ ‫•هل حتصل على املعلومات يف اطار عملك االداري يف الوقت املناسب؟‬ ‫•عندما يعرتضك مشكل أثناء العمل كيف تتعامل معه؟‬ ‫•ماهي الطريقة اليت تعتمد عليها يف ختزين املعلومات؟‬ ‫•كيف تسرتجع املعلومات عند احلاجة اليها يف جمال عملك؟‬

‫‪421‬‬

‫المراجع‪:‬‬ ‫ ‪1-Alex Mucchielli, Les Sciences De L’information Et De La Co‬‬‫‪munication, Hachette, France, 2001.‬‬ ‫‪2 .2‬حسن عماد مكاوى‪ :‬تكنولوجيا االتصال احلديثة يف عصر املعلومات‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪،‬‬ ‫مصر‪.2003 ،‬‬ ‫‪3 .3‬السيد ولد أباه‪ :‬اجتاهات العوملة‪ ،‬إشكلية األلفية اجلديدة‪ ،‬املركز الثقايف لعربي املغرب‪،‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪4 -Franck Bulinge: « Pour une culture de l’information dans les petites‬‬ ‫‪et moyennes organisations : un modèle incrémental d’intelligence‬‬ ‫‪économique », thèse pour l’obtention du doctorat en sciences de‬‬ ‫ ‪l’information et de la communication, Laboratoire Lepont – Unive‬‬‫‪sité de Toulon-Var, décembre 2002.‬‬ ‫‪5 .5‬حممد فتحي عبد اهلادي‪ :‬جمتمع املعلومات بني النظرية والتطبيق‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪،‬‬ ‫القاهرة‪.2007 ،‬‬ ‫‪6 .6‬مفتاح حممد دياب‪ :‬جمتمع املعلومات دراسة يف نشأته ومفهومه وخصائصه‪ ،‬جملة املكتبات‬ ‫واملعلومات العربية‪ ،‬العدد ‪.1997 ،01‬‬ ‫‪7 .7‬حممد شومان وآخرون‪ :‬االتصال اجلماهريي‪ :‬اجتاهات نظرية ومنهجية‪ ،‬دار الكتب العلمية‬ ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2004 ،‬‬ ‫‪8 .8‬حممد لعقاب‪ :‬جمتمع اإلعالم واملعلومات‪ ،‬دار اهلومة للطباعة والنشر‪ ،‬اجلزائر‪.2003 ،‬‬

‫‪422‬‬

‫استخدام االنترنت كوسيلة اتصال في حمالت التسويق السياسي‬ ----------------------------------------2008 ‫دراسة علي حملة انتخابات الرئاسة األمريكية‬ ‫ خريت معوض حممد عياد‬.‫د‬ ‫جامعة الشارقة‬ ‫االمارات العربية املتحدة‬

Abstract From its inception as an information technology, Internet has moved on to become a tool with the capacity to influence almost all aspects of human life. These aspects include the Internet as a tool for pe suasion, pro-social behavior, inter-group conflict, leadership, group discussion, and decision making. The Internet in the last decade has brought about dramatic changes not only in how individuals carry out day-to-day communications, but also in how organizations conduct their business. Unlike traditional media, the Internet allows two-way communication, eases accessing information and enables users to control what information to expose to. As a communication medium, the internet can function as a mass medium much like television and radio, streaming endless quantities and qualities of audio and video to an individual user or a larger a dience. It allows users to converse with others within a group, or i dividually, using any combination of text, audio, and video channels. Political marketing campaigns represent one of the most important environments to use the internet. In this respect the study aims at describing and analyzing the usage of the internet in the American presidential elections 2008. the study adopts communication strategies of political parties introduced by 423

Butler & Collins in 1996, and communication grid introduced by Ruler in 2004. The study answers the following questions: •• How do both Republic and democratic parties use the internet during the presidential elections 2008? •• What types of communication strategies have been applied by both candidates during the elections? •• What types of communication tactics have been applied by both candidates during the elections? And to what extent these tactics are suitable to each candidate>s situation? •• To what extent both candidates applied the interactive capabili ties of the internet during the elections? To answer the mentioned questions, the study uses discourse analysis of websites of both candidates and their parties. Results of the study show that: •• The internet was one of the most important communication me dium in the last American presidential elections. •• The Internet was used effectively to recruit volunteers and to col lect money for both candidates. •• The internet was the most important medium for both candidate to provide voters with information, activities and events. •• Both candidates used the internet effectively to get feedback of voters and to build interactivity and dialogue.

424

‫التسويق السياسي‪:‬‬

‫يهدف التسويق السياسي إىل ختطيط وتنفيذ طريقة بناء الدعم والتأييد اجلماهريي ملؤسسة‬ ‫سياسية أو مرشح سياسي‪ ،‬واحملافظة على هذا التأييد من خالل خلق مزايا تنافسية هلذه‬ ‫املؤسسة السياسية أو احلزب أو املرشح‪ ،‬وذلك باستخدام إسرتاتيجيات خمططة تعتمد على‬ ‫وسائل االتصال اجلماهريية‪ ،‬وغريها من وسائل التأثري يف اجلماهري املستهدفة (راسم اجلمال‬ ‫وخريت عياد‪.)2005 ،‬‬ ‫ويعد التسويق السياسي ابتكارا أمريكيا يف األساس‪ ،‬ويعكس كثرياً من خصائص النظام‬ ‫السياسي األمريكي‪ .‬وأصبحت اخلدمات االستشارية االحرتافية يف اجملال السياسي تشكل‬ ‫جزء كبرياً من صناعة التسويق السياسي يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬واليت بلغ دخلها يف‬ ‫عام ‪ 1996‬ستة مليارات دوالر‪ .‬وعلى الرغم من ضخامة هذه الصناعة‪ ،‬فأن البحوث العلمية‬ ‫اليت تتناوهلا كصناعة مازالت قليلة‪ .‬وقد أخذت هذه الصناعة تنتشر عاملياً‪ ،‬خاصة يف دول‬ ‫أوروبا الغربية‪ ،‬وإن كان أداؤها مازال أقل من أداء هذه الصناعة يف الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫(‪)Baines et al, 2001‬‬ ‫ويعرف التسويق السياسي بأنه حتليل وختطيط وتنفيذ والتحكم يف الربامج السياسية‬ ‫واالنتخابية اليت تضمن بناء العالقات ذات املنفعة املتبادلة بني كيان سياسي ما أو مرشح ما‬ ‫وبني الناخبني‪ ،‬واحلفاظ على هذه العالقة من أجل حتقيق أهداف املسوق السياسي (‪O>Cass,‬‬ ‫‪ .)2001‬ومثة تعريف يرى أن التسويق السياسي هو «تطبيق مبادئ التسويق وأساليبه يف‬ ‫احلمالت السياسية اليت تقوم بهذا الكيانات السياسية أو األحزاب أو األفراد‪ ،‬وتتضمن هذه‬ ‫األساليب حتليل السوق السياسي وختطيط وتنفيذ احلمالت السياسية»‪ .‬ويقصد بالكيانات‬ ‫السياسية وفق هذا التعريف احلكومات واألحزاب السياسية ومجاعات الضغط ومجاعات‬ ‫املصاحل واألفراد الذين يسعون إىل قيادة الرأي العام وتوجيهه‪ ،‬وطرح أيديولوجيته‪ l‬أثناء عملية‬ ‫االنتخابات أو أثناء عملية بناء السياسات العامة وإقرار التشريعات‪ .‬ويفهم من هذا التعريف أن‬ ‫استخدام اسرتاتيجيات وأساليب التسويق يتم استجابة الحتياجات ورغبات جمموعة خمتارة‬ ‫من أفراد اجملتمع‪)Baines et al, 2004( .‬‬ ‫ويتضمن التسويق السياسي التعرف بشكل علمي على احتياجات ورغبات املستهلكني املستهدفني‬ ‫(مجهور الناخبني) وختطيط وتنفيذ احلمالت السياسية واالنتخابية اليت تشبع هذه االحتياجات‬ ‫وتستجيب هلذه الرغبات‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فالكيانات السياسية اليت يتمحور اهتمامها بذاتها لن‬ ‫يستطيع ممارسة التسويق السياسي‪ ،‬الن التسويق السياسي حموره اجلمهور املستهدف‪ .‬وتبين‬ ‫بعض الكيانات السياسية أو األحزاب أو املرشحني لبعض أو كل أساليب التسويق السياسي دون‬ ‫تبين مفاهيم التسويق ذاتها ال يعد تسويقاً سياسياً‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬فان تبين مفاهيم التسويق‬ ‫‪425‬‬

‫السياسي ال يتطلب بالضرورة تطبيق كل وظائفه وأساليبه ولكن يتطلب تطبيق وظائف‬ ‫وأساليب تناسب املوقف السائد‪ .‬وعلى هذا فان مثة تنوعا كبريا يف املواقف اليت يطبق فيها‬ ‫التسويق السياسي (‪)O-Cass, 1996‬‬ ‫لذلك ميكن اعتبار التسويق السياسي دجماً لفرعني معرفني مهمني هما التسويق والسياسة‪ .‬فهو‬ ‫يستفيد من نظريات ومناذج العلوم السياسية من جانب‪ ،‬وتكتيكات التسويق ومناذجه من جانب‬ ‫آخر‪ .‬فالتسويق السياسي يأخذ توجهاً تسويقياً يف جانبه العملي‪ ،‬ويتم تطبيقه بعناية يف القضايا‬ ‫السياسية‪ .‬فإذا كان تطبيق تكتيكات التسويق على املؤسسات التجارية يعد عملية صعبة‪ ،‬فإن‬ ‫هذه الصعوبة تزداد يف املؤسسات السياسية‪ .‬فهذه املؤسسات هلا أهداف متباينة ويصعب قياس‬ ‫أدائها‪ ،‬وعادة ما يكون هلا أسواقاً سياسية متباينة يصعب حتديدها بدقة‪ .‬ولعل ذلك ما جعل‬ ‫التخطيط حلمالت التسويق السياسي من الصعوبة مبكان (‪.)Lees-Marshment, 2001a‬‬ ‫وإذا كان التسويق السياسي قد تعرض النتقادات عديدة جاء معظمها من باحثي العلوم‬ ‫السياسية‪ ،‬فإن هذا االنتقادات كانت مبنية على عدم إدراك أن التسويق السياسي كمفهوم‬ ‫شامل أصبح له أسسه وإسرتاتيجياته اليت متيزه عن غريه من املفاهيم‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص‬ ‫مفهوم االتصال السياسي الذي يركز باألساس على اجلهود االتصالية يف احلمالت السياسية‪.‬‬ ‫فالتسويق السياسي مبفهومه الشامل‪ . Comprehensive Political Marketing‬أوسع‬ ‫وأمشل من جمرد االتصال السياسي‪ ،‬ويقوم بتطبيق التسويق ومناذجه على السلوك الكلي‬ ‫للمؤسسات السياسية وليس جمرد تنفيذ احلملة االتصالية‪ .‬كما يستخدم مفاهيم التسويق‬ ‫وليس تكتيكاته فقط‪ .‬فهو يستخدم حبوث السوق وتصميم املنتج والرتويج وغريها من املفاهيم‬ ‫التسويقية‪ .‬ويتبنى كذلك نظرية ومكونات التسويق ويطبقها بطريقة تناسب الطبيعة‬ ‫اخلالفية للقضايا السياسية ( ‪.)Lees-Marshment, 2001b‬‬ ‫ولذلك فقد أصبح مفهوم التسويق السياسي مفهوماً شام ً‬ ‫ال‪ ،‬ويتم ختطيط محالت التسويق‬ ‫السياسي على مستوى إسرتاتيجي حبيث تتم فيها تطبيق واستخدام جمموعة من املكونات‬ ‫واخلطوات املتكاملة لبناء الصورة الذهنية للمؤسسات السياسية وإدارة مسعتها‪ ،‬وحتسني فرصها‬ ‫يف احلصول على دعم املواطنني يف أوقات االنتخابات‪ .‬وقد استطاع حزب العمال يف بريطانيا‬ ‫يف التسعينات‪ ،‬واحلزب اجلمهوري يف أمريكا يف الثمانينات القيام بتخطيط وتنفيذ محالت‬ ‫تسويقية متكاملة إلعادة بناء صورتهما ومسعتهما من خالل االستخدام املتكامل للبحوث‬ ‫التسويقية الكمية والكيفية‪ ،‬واحلمالت اإلعالمية اليت يديرها خرباء تسويق اسرتاتيجي‪،‬‬ ‫وكذلك إعادة بناء وتنظيم احلزبني اجلمهوري والعمال‪ .‬وقد أدى ذلك إىل استعادتهما للسلطة‬ ‫يف كل من أمريكا وبريطانيا (‪ .)Baines et. Al, 2002‬ويوجد مثة اتفاق بني الباحثني بأن‬ ‫التخطيط حلمالت التسويق السياسي مير بأربعة مراحل أساسية هي‪ :‬البحوث التسويقية‬ ‫‪426‬‬

‫ومجع املعلومات‪ ،‬وتصميم املنتج أو ما يراد تسويقه‪ ،‬والقيام بالعمليات االتصالية‪ ،‬ثم تنفيذ ما‬ ‫جاء يف هذه احلملة من وعود (‪.)Lees-Marshment, 2001‬‬

‫اإلنترنت والتسويق السياسي‪:‬‬

‫أدت التطورات املتالحقة يف التكنولوجيا الرقمية‪ ،‬ومن أهمها اإلنرتنت‪ ،‬إلي تغيري ما ميكن أن‬ ‫يطلق عليه طبيعة اجملال العام (‪ )Public sphere‬الذي يعيش فيه األفراد‪ ،‬حيث أصبح لديهم‬ ‫القدرة علي التعبري عن أرائهم يف قضايا السياسة العامة‪ ،‬وأصبح لدي مؤسسات اجملتمع املدني‬ ‫القدرة علي جتميع مصاحل األعضاء دون قيود‪ ،‬وهو ما يعتربه كثري من الباحثني ضروريا‬ ‫لتدعيم املمارسة الدميقراطية‪ .‬وتأتي أهمية اإلنرتنت من تلك التطورات السريعة اليت تشهدها‪،‬‬ ‫سواء يف خصائصها الفنية كوسيلة اتصال‪ ،‬أو يف عدد مستخدميها‪.‬‬ ‫فقد زاد عدد مواقع اإلنرتنت من ‪ 50‬موقعا فقط عام ‪ 1991‬إلي ‪ 74‬ألف موقع عام ‪ ،1994‬وبلغ‬ ‫هذا العدد ‪ 200‬مليون موقع وصفحة ويب علي حمركات البحث املختلفة عام ‪ ،1997‬ولذلك‬ ‫يقدر الباحثون بأنه يف الوقت الذي تتضاعف فيه شبكة اإلنرتنت كل ‪ 11‬شهرا‪ ،‬فإن شبكة‬ ‫املعلومات الدولية‪ ،‬أو ما يسمى بالشبكة النسيجية ‪ ،WWW‬تتضاعف كل ‪ 53‬يوما فقط‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بعدد مستخدمي اإلنرتنت فيالحظ أن عددهم يتضاعف بدرجة كبرية مقارنة‬ ‫بعدد مجهور وسائل االتصال األخرى‪ ،‬يالحظ أنه بينما أخذ الراديو وقتا من ‪ 40‬إلي ‪ 50‬عاما‬ ‫ليبلغ عدد مستمعيه ‪ 50‬مليونا‪ ،‬وأخذ التلفزيون ‪ 10‬سنوات ليصل عدد مشاهديه لنفس‬ ‫هذا الرقم‪ ،‬جند أن اإلنرتنت كوسيلة اتصال جتاوز عدد مستخدميها رقم اخلمسني مليونا‬ ‫يف مدة مل تتجاوز ‪ 4‬سنوات منذ ظهورها‪ ،‬ووفقا لتقديرات احتاد االتصاالت الدولية‪ ،‬وصل‬ ‫هذا العدد يف ديسمرب ‪ 2007‬إلي ‪ 1320‬مليون مستخدم‪ ،‬وهو ما يزيد عن ‪ 20%‬من عدد‬ ‫سكان العامل‪ .‬وإذا كان انتشار استخدام االنرتنت يواجه بعض الصعوبات يف دول العامل‬ ‫الثالث مثل املشكالت املادية والتقنية والبشرية‪ ،‬فإن غالبية دول العامل املتقدم – وعلي رأسها‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية – قد تغلبت علي هذه املشكالت‪ .‬فقد بلغ عدد مستخدمي االنرتنت‬ ‫يف الواليات املتحدة ‪ 220‬مليون شخص يف ‪ ،2008‬بنسبة ‪ 72.5%‬من عدد السكان البالغ ‪303‬‬ ‫مليون نسمة ‪. Internetworldstats.com‬‬ ‫وبنظر عديد من املراقبني اليت نقلتها شبكة (‪ )CNN‬يف سبتمرب ‪ ،2008‬أصبحت االنرتنت‬ ‫أهم وسيلة إعالمية يف أوربا والواليات املتحدة لدي اجلمهور ملتابعة األخبار ومشاهدة الفيديو‬ ‫واالستماع إلي املوسيقي‪ ،‬وحيت إجراء املكاملات التلفونية والتحدث إلي اآلخرين‪ .‬ولذلك أضحت‬ ‫االنرتنت أحد أهم وسائل االتصال اليت يعتمد عليها املواطن األمريكي يف استقاء املعلومات‪،‬‬ ‫خصوصا يف أوقات االنتخابات الرئاسية‪ .‬وتتميز االنتخابات األمريكية لعام ‪ 2008‬باعتمادها‬ ‫‪427‬‬

‫بشكل كبري على التكنولوجيا احلديثة خاصة شبكة اإلنرتنت وما توفره من خدمات يصعب‬ ‫حتقيقها بالطرق التقليدية‪ ،‬وهو ما دفع السناتور جون ماكني املرشح اجلمهوري للرئاسة‬ ‫إىل االستعانة مبحرك البحث جوجل الختيار نائباً له‪ .‬وقال السناتور جون مكني إن “جوجل”‬ ‫حمرك البحث الشهري على االنرتنت‪ ،‬يسهل بعض الشيء مهمته يف إعداد قائمة املرشحني‬ ‫احملتملني ملنصب نائب الرئيس‪.‬‬ ‫وذكرت دراسة أجراها مركز “بيو” لألحباث عن االنتخابات األمريكية ‪ ،2008‬أن ‪46%‬‬ ‫من األمريكيني البالغني يستخدمون االنرتنت والربيد االلكرتوني والرسائل النصية القصرية‬ ‫ألغراض سياسية يف هذه االنتخابات‪ .‬وأن ‪ 40%‬حصلوا علي أخبار ومعلومات عن انتخابات‬ ‫‪ 2008‬من خالل اإلنرتنت‪ .‬وكذلك توصلت الدراسة إلي أن ‪ 19%‬من األمريكيني استخدموا‬ ‫االنرتنت مرة أو مرتني أسبوعيا لسبب متعلق باالنتخابات‪ ،‬وأن ‪ 6%‬ينخرطون يف القضايا‬ ‫السياسية عرب االنرتنت يوميا‪ .‬وأن حنو ‪ 30%‬من األمريكيني الراشدين استخدموا اإلنرتنت‬ ‫لقراءة ومشاهدة مواد احلملة االنتخابية للحزبني الدميقراطي واجلمهوري كاملة دون‬ ‫التدخل والرقابة اليت تفرضها وسائل اإلعالم عليها‪ .‬وقال ‪ 17‬يف املائة تقري ًبا من األمريكيني‬ ‫إنهم تابعوا بشكل يومي املواقع اإللكرتونية السياسية‪ ،‬وقرءوا الرسائل اإللكرتونية‪ ،‬والرسائل‬ ‫النصية القصرية اليت ترسلها هلم احلمالت االنتخابية التابعة للمرشحني‪Smith &( .‬‬ ‫‪.)Rainie, 2008‬‬ ‫ويف دراسة عن االنتخابات الرئاسية األمريكية عام ‪ ،2000‬أشار كل من ‪Farnsworth‬‬ ‫‪ )and Owen (2004‬بأن االنرتنت كانت حمورية كوسيلة اتصال يف احلملة االنتخابية‪،‬‬ ‫فقد أتاحت االنرتنت لكل من املرشحني واإلعالميني والناخبني فرصا واسعة لتبادل املعلومات‬ ‫أثناء هذه االنتخابات‪ .‬وصممت املواقع االلكرتونية للمرشحني بطرق متقدمة حبيث أتاحت‬ ‫للناخبني الدخول للخطب واألحاديث الكاملة للمرشحني نصا وصوتا وصورة‪ .‬كم مكنت‬ ‫الناخبني من التواصل مع املرشحني من خالل الربيد االلكرتوني واملناقشات اجلماعية‪ .‬بل كان‬ ‫لإلنرتنت دورا مهما يف مجع التربعات للحملة وجتنيد املتطوعني‪.‬‬ ‫وميكن رصد عدد من املزايا اليت ميكن لشبكة االنرتنت أن توفرها ملخططي احلمالت االنتخابية‬ ‫يف حتقيق أهدافهم وإقناع الناخبني باملرشح الذي يسوقونه (خريت عياد‪ .)2008 ،‬هذه املزايا‬ ‫متثل جزءا من اإلطار النظري هلذه الدراسة يتم االستفادة منها يف اجلانب التحليلي‪:‬‬ ‫‪1 .1‬االستفادة من الربيد االلكرتوني الذي يعد من أكثر استخدامات االنرتنت منذ ظهورها‪،‬‬ ‫فتشري األحباث إلي أن نصف مستخدمي االنرتنت يقضون معظم وقتهم مع الربيد االلكرتوني‪.‬‬ ‫‪428‬‬

‫ويعتمد خمططو احلمالت االنتخابية األمريكية علي الربيد االلكرتوني للتواص مع الناخبني‬ ‫وإقناعهم بدعم مرشح معني‪ .‬ويف االنتخابات الرئاسية األمريكية األخرية أشار ‪ 23%‬من‬ ‫األمريكيني أنهم يتلقون بريدا الكرتونيا مرة علي األقل أسبوعيا حيثهم علي دعم مرشح معني‬ ‫أو مناقشة قضايا احلملة (‪)Smith & Rainie, 2008‬‬ ‫‪2 .2‬تقديم معلومات الكاملة والفورية عن املرشح‪ :‬فقد مكنت اإلنرتنت خمططي احلمالت‬ ‫االنتخابية من تقديم معلومات وأخبار عن املرشح واحلزب الذي ميثله‪ ،‬وكذلك رؤيته للقضايا‬ ‫املختلفة‪ ،‬واألنشطة اليت يقوم بها والفعاليات اليت يشارك فيها‪ ،‬وكذلك إمكانية حتديث هذه‬ ‫املعلومات واألخبار علي مدار الساعة‪.‬‬ ‫‪3 .3‬تسهيل عملية متابعة ما ينشر أو يبث يف وسائل اإلعالم أو علي املواقع االلكرتونية عن‬ ‫املرشح لالنتخابات‪ ،‬فمن خالل حمركات البحث املتوفرة علي الشبكة ميكن ملخططي‬ ‫احلمالت االنتخابية رصد التغطية اإلعالمية للمرشح جبانبيها االجيابي والسليب أوال بأول‬ ‫وهو ما ميكنهم من االستجابة ألية اتهامات أو انتقادات توجه للمرشح بصورة فورية وتصحيح‬ ‫أي سوء فهم لدي الناخبني‪.‬‬ ‫‪4 .4‬قدرة االنرتنت علي توفري املعلومات لإلعالميني عن املرشح وتارخيه وسياساته ورؤاه‬ ‫وتطلعاته‪ ،‬وهو ما يساعد علي ظهوره املستمر يف وسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬وكذلك توفري‬ ‫املادة الصوتية والفيلمية علي املوقع االلكرتوني للمرشح مب يساعد يف تواجده املستمر علي‬ ‫املواقع االجتماعية الشهرية مثل (‪ )YouTube.com‬و (‪ )Myspace.com‬و (‪Facebook.‬‬ ‫‪.)com‬‬ ‫‪5 .5‬متكني خمططي احلمالت االنتخابية من التعرف علي ردود أفعال الناخبني وأرائهم يف‬ ‫احلملة واسرتاتيجياتها‪ ،‬وكذلك يف التعرف علي أراء الناخبني يف رؤى املرشح وأطروحاته يف‬ ‫القضايا املثارة يف احلملة االنتخابية‪ .‬فقد مكنت االنرتنت من إجراء حبوث كيفية وكمية‬ ‫كانت تستغرق وقتا طويال وتكلف احلملة ميزانيات كبرية‪ .‬فقد قام خمططو احلملة‬ ‫االنتخابية لتوني بلري يف انتخابات ‪ ،2001‬وجورج بوش يف انتخابات ‪ 2004‬من خالل مواقعهم‬ ‫عرب االنرتنت بإجراء حبوثا مسحية واستطالعات للرأي وحبوث اجملموعات املركزة للحصول‬ ‫علي رجع الصدى لدي الناخبني(‪)Smith & Rainie, 2008‬‬ ‫‪6 .6‬مساعدة خمططي احلمالت االنتخابية ببناء عالقات شخصية بني املرشح والناخبني‪ .‬ففي‬ ‫الوقت الذي وفرت هذه الوسيلة لكل فرد من اجلمهور الفرصة للحصول علي املعلومات اليت‬ ‫‪429‬‬

‫يريدها‪ ،‬خلقت يف الوقت نفسه لديه الرغبة للتعامل مع هذه املعلومات من خالل ما توفره من‬ ‫مصادر متنوعة لنفس املعلومات‪ ،‬وقد وفرت اإلنرتنت هذه املعلومات من خالل حتليل ردود‬ ‫أفعال اجلماهري وتعليقاتهم‪ ،‬وأرائهم اليت تتعلق بأنشطة املرشح ورؤاه‪ .‬فمن خالل موقع املرشح‬ ‫عرب االنرتنت أصبح لدي خمططي احلملة القدرة علي حتقيق التواصل بني املرشح والناخبني‬ ‫من خالل الرد الفوري علي استفساراتهم وأسئلتهم (‪.)Murgolo-Poore et al, 2002‬‬ ‫‪7 .7‬مساعدة خمططي احلمالت االنتخابية علي جتنيد املتطوعني للمشاركة يف احلملة من‬ ‫خمتلف الواليات‪ .‬فقد مكنت االنرتنت املرشحني من جتنيد أكرب عدد من املتطوعني أو ما‬ ‫يسمون بالناشطني اإللكرتونيني الذين ميكنهم بناء جتمعات حملية عرب وصالت فرعية ملوقع‬ ‫املرشح علي الشبكة الدولية‪ .‬وقد أشارت تقارير شبكة (‪ )CNN‬يف شهر أكتوبر ‪ 2008‬أن‬ ‫االنرتنت كانت وسيلة االتصال األساسية يف جتنيد الناشطني وملتطوعني يف االنتخابات‬ ‫الرئاسية األخرية‪.‬‬ ‫‪8 .8‬مساعدة املرشح يف مجع التربعات‪ .‬فقد مكنت االنرتنت املرشحني من مجع التربعات عرب‬ ‫مواقعهم االلكرتونية سواء ببطاقات االئتمان أو احلسابات البنكية‪ .‬وتشري التقارير الصحفية‬ ‫ومواقع املرشحني يف االنتخابات األمريكية األخري إلي أن االنرتنت كانت وسيلة حامسة يف‬ ‫مجع التربعات والدعم املالي من املواطنني‪ .‬وقد استطاع باراك أوباما من حتقيق أرقام قياسية‬ ‫يف كم األموال اليت حصل عليه من الناخبني يف صورة تربعات ضئيلة ال تتعدي ‪ 200‬دوالر‬ ‫من كل متربع‪ ،‬فقد جتاوزت قيمة هذه التربعات يف شهر سبتمرب مبفرده ‪ 150‬مليون دوالر‬ ‫(‪.)The New York Times, 22 Oct.. 2008‬‬ ‫اإلطار النظري للدراسة‪:‬‬ ‫إضافة إلي النقاط السابقة اليت يسرتشد بها الباحث يف الدراسة التحليلية‪ ،‬يعتمد البحث أحد‬ ‫النماذج املهمة يف احلمالت االنتخابية وهو منوذج اسرتاتيجيات االتصال‪ ،‬واألحزاب السياسية‬ ‫وإسرتاتيجيتها التسويقية‪ ،‬وكذلك التكتيكات اليت يعتمدها املرشح يف محلته‪.‬‬

‫‪1 .1‬منوذج اسرتاتيجيات االتصال‪:‬‬

‫‪.‬االتصال يف التسويق السياسي موقفي‪ Situational‬أيي أنه مرتبط مبوقف معني‪ .‬وطبقا‬ ‫للنموذج املوقفي إلسرتاتيجيات االتصال توجد أربع اسرتاتيجيات لالتصال يف التسويق‬ ‫السياسي‪ ،‬نستعرضها باإلجياز على النحو التالي (اجلمال وعياد‪:)2005 ،‬‬ ‫• •إسرتاتيجية اإلعالم‪ :‬وهنا يتم تقديم املعلومات إىل اجلماهري األساسية وهم أعضاء‬ ‫احلزب واملتعاطون معه بهدف دعم اجتاهاتهم ومساعدتهم يف اختاذ قراراتهم‪ ،‬أي أنها تستخدم‬ ‫‪430‬‬

‫يف التوجه إىل اجلمهور الواعي واملدرك‪ ،‬وتتطلب وضوح سياسة وأهداف احلزب أو املرشح‬ ‫السياسي‪ ،‬واستخدام مزيد من الرسائل االتصالية اليت تعرب عن هذه األهداف‪.‬‬ ‫• •إسرتاتيجية اإلقناع‪ :‬وتستخدم هذه اإلسرتاتيجية عند السعي إىل بناء ودعم العالقات‬ ‫اإلسرتاتيجية مع اجلماهري األساسية املنتمية للمؤسسة السياسية أو احلزب أو املرشح السياسي‪،‬‬ ‫وعندما نسعى إىل إحداث تغيري مقصود يف معارف واجتاهات وسلوكيات مجهور معني وتتطلب‬ ‫هذه اإلسرتاتيجية أيضا أهداف واضحة وحمددة‪ ،‬ومزجياً من الرسائل اإلقناعية‪ ،‬وتستخدم يف‬ ‫التوجه إىل اجلمهور غري النشط أو اجلمهور الكامن الذي ال يعرب عن نفسه‪.‬‬ ‫• •إسرتاتيجية بناء اإلمجاع‪ :‬وتستخدم يف الغالب لبناء عالقات إسرتاتيجية مع البيئة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وعندما يظهر تعارض بني أهداف هذه اجلهات املسوقة وبني مصاحل واجتاهات‬ ‫اجلماهري‪ ،‬وتسعى هذه اإلسرتاتيجية إىل إجياد أرضية مشرتكة حتقق احلد األدنى من‬ ‫التفاهم بني اجلهات املسوقة ومجاهريها‪ ،‬وتتوجه إىل اجلماهري النشطة‪ ،‬خاصة عندما تكون‬ ‫اجلهات املسوقة بصدد إدخال تعديالت يف أهدافها وإسرتاتيجياتها السياسية‪.‬‬ ‫• •إسرتاتيجية احلوار‪ :‬وهنا يفتح املسوق السياسي وسائله االتصالية على مصراعيها لتعرب‬ ‫مجاهريه من خالهلا عن آرائها وتوجهاتها ومقرتحاتها‪ ،‬واهلدف من ذلك إشراك اجلماهري‪،‬‬ ‫ولو بصورة غري مباشرة‪ ،‬يف صياغة أهداف وإسرتاتيجيات وسياسات املسوق السياسي‪ .‬ويكثر‬ ‫استخدام هذه اإلسرتاتيجية يف املناقشات اليت جيريها املسوقون السياسيون حول املشكالت‬ ‫واألزمات اليت ميرون بها‪ ،‬أو يتوقع حدوثها‪ ،‬وعادة ما تتوجه إىل اجلمهور املدرك والنشط‪.‬‬

‫‪2 .2‬منوذج اسرتاتيجيات األحزاب السياسية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫فقد قدم «بتلر» و «كولينز» (‪ )Butler & Collins, 1996‬منوذجا حيدد عدة مواقف‬ ‫ميكن للحزب السياسي أن يصنف نفسه يف إحداها‪ .‬ومن أهم هذه املواقف هي موقف الالعب‬ ‫الرئيسي أو حزب األغلبية‪ ،‬وموقف احلزب املعارض‪ ،‬وموقف احلزب التابع‪ ،‬وأخرياً موقف حزب‬ ‫األقلية‪ .‬ويناسب هذا النموذج السوق السياسي الذي يتطلب عدداً حمدودا من الالعبني يف البيئة‬ ‫السياسية‪ .‬وفيما يلي عرض ملوقفي احلزبني الرئيسي واملنافس له‪ ،‬وهما احلزبان اللذان ميثالن‬ ‫البيئة السياسية يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬واإلسرتاتيجية اليت ميكن للحزب أن يتبعها‬ ‫وفقاً ملوقفه يف السوق السياسي‪:‬‬ ‫ ‪ .‬أموقف احلزب السياسي الرئيسي احلزب الرئيسي يف السوق السياسي هو الذي‬ ‫يتمتع باألغلبية‪ ،‬أو يكون لديه احلصة األكرب من هذا السوق‪ .‬وعادة ما يتعرض هذا احلزب‬ ‫‪431‬‬

‫هلجوم مستمر من أطراف خمتلفة وبإسرتاتيجيات متعددة‪ .‬وميكن هلذا احلزب إتباع عدة‬ ‫أساليب الستمرار وضعه كالعب رئيس يف السوق السياسي وهي توسيع السوق الكلي أو زيادة‬ ‫حصته يف هذا السوق أو الدفاع عن حصته احلالية‪ .‬وقد يصعب عليه توسيع سوقه السياسي‬ ‫لصعوبة احلصول على ناخبني جدد‪ .‬ولكن ميكنه حتقيق ذلك من خالل جذب الناخبني‬ ‫احملتملني الذي تتجاوز أعمارهم ‪ 18‬عاما‪ .‬وهنا عليه املواءمة بني الثبات والتطور‪ .‬فالثبات‬ ‫يساعده على االحتفاظ بناخبيه األساسيني‪ ،‬والتطور ميكنه من اجتذاب ناخبني جدد من فئة‬ ‫الشباب‪ .‬ويكون هذا احلزب يف موقف صعب يف أغلب األحيان ألنه يتعامل مع سوق عريض له‬ ‫مطالب متنوعة ومتناقضة يف بعض األوقات‪ ،‬ولذلك فإن البناء التنظيمي ألحزاب األغلبية يف‬ ‫حاجة إىل مراجعة مستمرة حتى تستطيع أن حتتفظ مبوضعها يف السوق السياسي‪ .‬وحتتاج‬ ‫هذه األحزاب إىل تطوير إسرتاتيجية دفاعية لتدعيم صورتها الذهنية السياسية لدى الناخبني‬ ‫وللتأكيد على أنها ليست جمرد العب بني جمموعة من املتنافسني‪ ،‬وإمنا تعرب عن كل الفئات‬ ‫يف السوق السياسي وليس فئة أو قطاع واحد منه‪.‬‬ ‫ ‪ .‬بموقف احلزب املعارض‪ :‬الدور األساس ملوقف احلزب املعارض هو إبعاد احلزب ا لر ئيسي‬ ‫من البيئة التنافسية‪ .‬وال يعين كون احلزب معارضاً رئيسياً أن يكون ترتيبه الثاني على‬ ‫مستوى احلصة التسويقية‪ .‬فقد يكون هناك أكثر من حزب معارض يف الوقت نفسه‪ .‬والسمة‬ ‫األساسية للحزب املعارض أنه ميارس إسرتاتيجية نشطة لكي يصبح الالعب الرئيس يف السوق‬ ‫السياسي‪ .‬وعادة ما يتبنى احلزب املعارض مدخال هجوميا يف تعامله من املنافسني السياسيني‪.‬‬ ‫وتوجد عدة إسرتاتيجيات هجومية ميكن للحزب املعارض أن يتبعها‪ :‬األوىل أن يهاجم احلزب‬ ‫الرئيسي مباشرة وهي إسرتاتيجية حتمل يف طياتها فوائد ومكاسب ولكنها متثل درجة عالية‬ ‫من املخاطرة‪ .‬واإلسرتاتيجية الثانية أن يهاجم أحزاب معارضة أخرى من نفس مستواه بهدف‬ ‫كسب حصتهم يف السوق السياسي أو جزء منها‪ ،‬وحتمل هذه اإلسرتاتيجيات يف طياتها هجوماً‬ ‫غري مباشر على احلزب أو الالعب الرئيس‪ ،‬أما اإلسرتاتيجية الثالثة فهي مهامجة أحزاب أقلية‬ ‫وإقليمية بهدف اجتذاب مؤيدها‪ .‬وإذا أختار احلزب املعارض اإلسرتاتيجية األوىل فيجب أن‬ ‫تتوفر له عدة شروط‪ :‬أوهلا أن يكون له ميزة تنافسية متيزه عن الالعب الرئيس‪ .‬والشرط‬ ‫الثاني أن يتمكن من حتييد امليزات التنافسية حلزب األغلبية‪ .‬أما الشرط الثالث فهو أن يكون‬ ‫لدى احلزب الرئيسي عدة مشكالت ونقاط ضعف متنعه من الرد‪ .‬وهذا يعين أن يقوم احلزب‬ ‫املعارض بتحليل موقفه يف السوق السياسي يف ضوء نقاط الضعف والقوة له وملنافسيه‪.‬‬

‫‪432‬‬

‫‪ -2‬تكتيكات محالت التسويق السياسي‪:‬‬

‫يوجد عدة تكتيكات اتصالية ميكن ملخططي احلمالت االنتخابية استخدام إحداها أو بعضها‪.‬‬ ‫وفيما يلي عرض البعض هذه التكتيكات‪ ،‬وكيفية تطبيقها يف محالت التسويق السياسي‪:‬‬ ‫(‪.)Marland, 2003; Patron-Galindo, 2003; Newman, 2001‬‬ ‫‌أ‪ .‬التمكني‪ :Positioning :‬يشري التمكني إلي قيام املؤسسة السياسية أو القيادة أو احلزب‬ ‫يتميز نفسه عن غريه من املؤسسات أو القيادات القائمة‪ .‬ويتم ذلك من خالل حتقيق التواصل‬ ‫والرتابط مع الناخبني‪ ،‬وحتديد موضوعات احلملة بطريقة متكاملة فيما بينها من جانب‪،‬‬ ‫وتوافقها مع مطالب الناخبني من جانب آخر‪ .‬وتكون هذه املوضوعات هي حمور أداء املرشحني‬ ‫عن املؤسسة أو احلزب يف مجيع الدوائر االنتخابية‪ .‬فالتناقض بني ما يطرحه احلزب وبني‬ ‫أفكاره وإيديولوجيته ميكن أن ميثل نقطة ضعف أساسية تستخدم من قبل املنافسني‪ .‬وميكن‬ ‫أن يتحقق التمكني أيضا بإجياد روابط ثقافية مشرتكة مع الناخبني من خالل الرتكيز‬ ‫ارتباطه بهم تارخييا واجتماعيا واقتصاديا‪ .‬مبعنى أن تكون هويته السياسية واالجتماعية‬ ‫متشابهة مع رؤيتهم لذاتهم ولتطلعاتهم‪ ،‬وأن يتفق خطابه السياسي ويعرب مضمونه عن البيئة‬ ‫الرمزية اليت يعيش فيها املواطن أو يتطلع إليها‪.‬‬ ‫‌ب‪.‬تكتيك اهلجوم اجلانيب‪ Bypass Attack :‬ويعين قيام احلزب باستهداف جمموعات من‬ ‫الناخبني كانت مستبعدة أو متجاهلة قبل ذلك‪ ،‬مثل طرح بعض املوضوعات البيئية جلذب‬ ‫انتباه وتدعيم الناخبني املهتمني بقضايا البيئة‪.‬‬ ‫‌ج‪ .‬اهلجوم الشامل‪ Encirclement attack :‬حيث يتم توجيه اجلهود التسويقية إىل‬ ‫كل املناطق والدوائر االنتخابية من خالل رصد موارد مالية كبرية جلذب عدد كبري من‬ ‫الناخبني‪.‬‬ ‫‌د‪ .‬اهلجوم اجلزئي‪ Flank attack :‬ويعين بتوجيه اجلهود التسويقية إىل قطاعات جغرافية‬ ‫معينة أو نوعية حمددة من الناخبني مثل قيام حزب يساري باستهداف اإلناث يف الدوائر اليت‬ ‫تؤيد املنافسني‪ ،‬فاألثاث أكثر تأييدا للقضايا والربامج االجتماعية‪.‬‬ ‫‌ه‪ .‬اهلجوم املباشر‪ Frontal attack :‬ويعين توجيه انتقاد مباشر للمنافسني خاصة هؤالء‬ ‫الذين ينفقون على محالتهم أمو ً‬ ‫ال كبرية‪ .‬فيتم التشكيك يف مصدر هذه األموال‪.‬‬ ‫‌و‪ .‬اهلجوم املضاد‪ Counter-Offensive Defense :‬ويأتي ضمن مرحلة رد الفعل يف‬ ‫‪433‬‬

‫احلملة‪ ،‬ويتم الرتكيز فيه على املوالني واملؤيدين لألحزاب املنافسة أو املرشحني املنافسني‪ ،‬مثل‬ ‫قيام حزب الوسط باستهداف مؤيدي حزبي اليمني واليسار‬ ‫‌ز‪ .‬تكتيك الدبلوماسية‪Diplomacy :‬وهو تكتيك دفاعي يقوم من خالله احلزب بالتعاون‬ ‫مع األحزاب األخرى اليت تتباين معه يف املبادئ‪ ،‬مثل االشرتاك يف حكومة ائتالفية‪.‬‬ ‫‌ح‪ .‬تكتيك اهلجوم الوقائي‪ Pre-emptive Defense :‬وهو تكتيك دفاعي ولكنه يبدأ‬ ‫باهلجوم على املنافسني قبل التعرض للهجوم من قبلهم‪ ،‬مثل استخدام اإلعالن اهلجومي‬ ‫لكشف عيوب ونواقص املعارضني‪.‬‬ ‫‌ط‪ .‬االنسحاب التكتيكي‪Strategic Withdrawal :‬ويعين التخلي عن املؤيدين املرتددين‪.‬‬ ‫والرتكيز على املوالني األساسني للحزب واسرتضائهم‪ ،‬وإعادة طمأنتهم على سياسة احلزب‬ ‫ومواقفه‪.‬‬ ‫‌ي‪ .‬الرتكيز علي احلاجة إىل التغيري‪ :‬على املرشح أن يؤكد دائما على رغبة الناخبني يف‬ ‫التغيري‪ ،‬وأنه هو البديل القادر على إحداث هذا التغيري والتعبري عن طموحاتهم‪.‬‬ ‫ويعتد الباحث النموذج والتكتيكات السابقة يف الدراسة التحليلية للوقوف علي الكيفية اليت‬ ‫استخدم بها كل من احلزب اجلمهوري ومرشحه جون ماكني ‪ ،‬واحلزب الدميقراطي ومرشحه‬ ‫باراك أوباما لالنتخابات الرئاسية األمريكية للعام ‪ .2008‬وكذلك أهم االسرتاتيجيات‬ ‫االتصالية اليت استخدمها كل منهما عرب مواقعهما علي االنرتنت‪.‬‬

‫اإلطار المنهجي للدراسة‪:‬‬ ‫تساؤالت الدراسة‬

‫تسعي الدراسة إلي اإلجابة علي التساؤالت التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬ما أهم املضامني اليت ركز عليها كل من مرشح احلزب الدميقراطي ومرشح احلزب‬ ‫اجلمهوري يف مواقعهما عب االنرتنت يف محلتيهما لالنتخابات الرئاسية ‪2008‬؟‬ ‫‪ .2‬ما أهم االسرتاتيجيات االتصالية اليت استخدمها كال املرشحني يف مواقعهما عرب‬ ‫االنرتنت؟‬ ‫‪ .3‬ما أهم التكتيكات التسويقية اليت ركز عليها كل مرشح يف محلته‪ ،‬وإلي أي مدي كانت‬ ‫هذه التكتيكات تتفق مع املوقف السياسي للحزب الذي ميثله كل مرشح؟‬ ‫‪434‬‬

‫‪ .4‬إلي أي مدي وظف خمططي احلمالت االنتخابية لكال املرشحني إمكانيات االنرتنت‬ ‫التفاعلية يف محلتيهما االنتخابية؟‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬

‫تنتمي هذه الدراسة للدراسات الوصفية‪ ،‬حيث تسعي إلي توصيف وحتليل الكيفية اليت‬ ‫استخدم بها كل من املرشح الدميقراطي واملرشح اجلمهوري االنرتنت كوسيلة اتصال يف‬ ‫االنتخابات الرئاسية األمريكية ‪ .2008‬يف هذا السياق اعتمد الباحث علي منهج حتليل خطاب‬ ‫املواقع االلكرتونية الرئيسية لكل من املرشح الدميقراطي واجلمهوري وذلك لتحديد مسات‬ ‫وخصائص املضامني اإلعالمية علي هذه املواقع والوقوف علي أهم االسرتاتيجيات االتصالية‬ ‫اليت ركزت عليها تلك املضامني‪ .‬وميكن تعريف حتليل اخلطاب الصحفي بأنه عملية التعرف‬ ‫علي ‪ /‬وحتديد الطرق اليت حتمل بها اللغة املعاني املتضمنة يف اخلطاب‪ ،‬وتشري إلي قضايا‬ ‫أكرب من تلك الواردة يف نص اخلطاب (‪ .)Leask & Chapman, 2002‬وقد تطور استخدامه‬ ‫من خالل حماوالت دراسات تقييم معاني اللغة يف ضوء ما تطرحه من افرتاضات إيديولوجية‬ ‫ضمنية‪ ،‬وهو بهذا يعطي اهتماما خاصا ملكونات اللغة املستخدمة يف اخلطاب الصحفي‪.‬‬

‫أداة القياس‪:‬‬

‫قام الباحث بصياغة جمموعة من الفئات اليت تقيس تساؤالت الدراسة لتحديد وتوصيف‬ ‫املضمون املقدم وحتديد اسرتاتيجيات االتصال اليت ركز عليه كل مرشح‪ ،‬وإلي أي مدي‬ ‫عكست هذه االسرتاتيجيات موقف كل مرشح؛ فإسرتاتيجية اإلعالم علي سبيل املثال يتم‬ ‫قياسها من خالل جمموعة فئات تعكس املضمون املقدم مثل وجود معلومات علي املوقع عن‬ ‫تاريخ املرشح ورؤاه وأهدافه‪ ،‬أما األشكال اإلعالمية اخلاصة بهذه اإلسرتاتيجية فتمثلها فئات‬ ‫مثل وجود بيانات صحفية وأخبار وتقارير‪ ،‬أما إسرتاتيجية احلوار فيتم قياس املضمون الذي‬ ‫يعرب عنها من خالل فئات مثل وجود روابط تسهل للجمهور والناخبني االشرتاك يف حترير‬ ‫املوقع‪ ،‬وإتاحة الفرصة هلم للتعبري عن أرائهم وتقديم شكاوي ومقرتحات‪.‬‬

‫مجتمع الدراسة‪:‬‬

‫اعتمد الباحث علي حتليل أربعة مواقع الكرتونية وهي موقع املرشح الدميقراطي باراك‬ ‫أوباما ‪ ،‬وموقع احلزب الدميقراطي ‪ ،‬وموقع املرشح اجلمهوري جون ماكني ‪ ،‬وموقع احلزب‬ ‫اجلمهوري ‪ .‬وقد ركز الباحث علي هذه املواقع األربعة ألنها تعرب تعبريا مباشرا عن رؤى كل‬ ‫مرشح واسرتاتيجياته االتصالية‪ .‬وجتدر اإلشارة هنا إلي أن منهج حتليل اخلطاب ال يهتم‬ ‫كثريا حبجم العينة‪ ،‬حيث يرتكز اهتمامه علي الطريقة اليت تستخدم بها اللغة للتعبري عن‬ ‫أطر ومعاني معينة‪ ،‬وال يهتم بعدد األفراد الذين يستخدمونها‪ ،‬وميكن أن يظهر التنوع الكبري‬ ‫‪435‬‬

‫يف األطروحات ومناذج التعبري من خالل حتليل عدد صغري من الرسائل والنصوص علي املواقع‬ ‫االلكرتونية‪ ،‬وبالتالي فإن اختيار عينة كبرية ميكن أن جيعل وظيفة حتليل اخلطاب صعبة‬ ‫يف الوقت الذي ال يضيف فيه شيئا إلي نتائج التحليل‪ .‬ومتثيل العينة هو الشيء املهم (‪Elliott,‬‬ ‫‪.)1996‬‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬

‫يتم عرض نتائج الدراسة يف ضوء تساؤالت الدراسة مع أخذ اإلطار النظري بعني االعتبار‬

‫السؤال األول‪ :‬ما أهم املضامني اليت ركز عليها كل من مرشح احلزب الدميقراطي ومرشح‬ ‫احلزب اجلمهوري يف مواقعهما عب االنرتنت يف محلتيهما لالنتخابات الرئاسية ‪2008‬؟‬ ‫تشري الدراسات‪ ،‬كما سبقت اإلشارة‪ ،‬إلي آن أهم استخدامات االنرتنت كوسيلة اتصال هو‬ ‫تقديم املعلومات واألخبار‪ .‬وهذه املعلومات واألخبار ال ختضع ألي رقيب أو ما يعرف حبارس‬ ‫البوابة‪ .‬لذلك تعترب االنرتنت الوسيلة اجلماهريية الوحيدة اليت ميكن السيطرة علي مضمونها‬ ‫وتوجيهه بالطريقة اليت ختدم صاحب املوقع االلكرتوني أو املسئول عنه‪.‬‬ ‫وتشري نتائج الدراسة إلي أن كال املرشحني النتخابات الرئاسة األمريكية األخرية استخداما‬ ‫االنرتنت بكثافة لتقديم معلومات وأخبار عن براجمهما وعن العملية االنتخابية للناخبني‪.‬‬ ‫وفيما يلي توضيح لكيفية استخدام كل مرشح ملواقعهما عرب االنرتنت يف هذه اجملال‪:‬‬ ‫استفاد باراك كال املرشحني من مواقعهما عرب االنرتنت جيدا يف تقديم نفسيهما وأطروحاتهما‬ ‫إلي ناخبيهما سواء علي املوقع اخلاص بهما أو علي موقعي احلزب الدميقراطي واحلزب‬ ‫اجلمهوري‪ ،‬ويف هذا السياق ميكن إبراز النقاط التالية‪:‬‬ ‫• كانت رسالة ورؤية موقع أوباما االلكرتوني األساسية هي ثقته يف األمريكيني أنفسه علي‬ ‫إحداث التغيري يف واشنطن‪ ،‬فهو مل يسأهلم التصويت له مباشرة أو تأييده‪ ،‬وأمنا أعطاهم‬ ‫احلق يف التفكري وإحداث التغيري‪ .‬وكان نص رسالته األساسية اليت استمر وجودها عل موقعه‬ ‫االلكرتوني منذ تسميته كمرشح للحزب الدميقراطي «أنا أطلب منكم أن أال تثقوا فقط يف‬ ‫قدرتي علي إحداث التغيري احلقيقي يف واشنطن‪ ،‬وإمنا تثقوا أكثر يف أنفسكم علي إحداث ذلك‬ ‫التغيري»‪ .‬أما موقع ماكني فلم يقدم رسالة واضحة أو رؤية حمددة طوال فرتة الدراسة‪.‬‬ ‫• تقديم شرح وايف للقضايا اليت تهم الناخب األمريكي من خالل روابط هلذه القضايا‪ ،‬فقد‬ ‫عرض أوباما رؤيته لعدد ‪ 22‬قضية تبدأ باحلقوق املدنية والدفاع مرورا باالقتصاد والرعاية‬ ‫‪436‬‬

‫الصحية والسياسة اخلارجية وصوال إلي احملاربني القدامى واملرأة‪ .‬ويالحظ أن االنرتنت كانت‬ ‫الوسيلة اجلماهريية األساسية اليت ميكن عرض هذه القضايا تفصيليا من خالهلا مع أخذ التكلفة‬ ‫بعني االعتبار‪ .‬وكذلك عرض ماكني علي مواقعه القضايا واألجندة اخلاصة به ورؤيته حياهلا‪.‬‬ ‫ويالحظ أن أولوية القضايا تباينت بني كل من أوباما وماكني‪ .‬فبينما ركزت مواقع أوباما‬ ‫علي احلقوق املدنية واالقتصاد‪ ،‬أعطت املواقع اخلاصة مباكني األولوية لقضايا مثل السياسة‬ ‫اخلارجية والدفاع‪.‬‬ ‫• وجود روابط يف املواقع اخلاصة بباراك أوباما عن الفئات املختلفة للشعب األمريكي ابتداء من‬ ‫األمريكان من أصل أسيوي وباسيفيكي‪ ،‬ثم األمريكيان زوي األصول األفريقية مرورا باألمريكان‬ ‫من اصل عربي وصوال إلي الفئات النوعية مثل األطفال والعمال‪ .‬وقد حاول املوقع خماطبة كل‬ ‫فئة وفقا مليوهلا وخصائصها وعاداتها‪ ،‬بل وحثها علي املشاركة يف احلملة والتعبري عن مطالبها‪.‬‬ ‫أما موقع ماكني فلم يتضمن مثل هذه الفئات‪ ،‬وإمنا وجدت علي موقع احلزب اجلمهوري‪ .‬وقد‬ ‫لوحظ أن كال املرشحني وضعوا األمريكان من أصل عربي يف الرتتيب الرابع‪.‬‬ ‫• وجود معلومات كاملة عن األجندة اليومية لكال املرشحني وأخبارهما اليت يتم حتديثها‬ ‫حلظة بلحظة والفعاليات اليت يشاركان فيها‪ ،‬وكذلك معلومات عن مراكز االقرتاع املبكر‬ ‫والعادي‪ ،‬وكذلك أي تساؤالت بهذا الشأن‪ .‬كبا توجد معلومات كاملة شخصية عن تاريخ كال‬ ‫املرشحني ونائبيهما‪ .‬وقد لوحظ تدعيم هذه املعلومات بالصور الشخصية واملوضوعية بدرجة‬ ‫أكرب علب مواقع ماكني‪ .‬ولعل ذلك يشري إلي تركيز ماكني إبراز تارخيه العسكري وخدمته‬ ‫لبلده يف حرب فيتنام‪.‬‬ ‫• تقديم املواد اإلعالمية اخلاصة بوسائل اإلعالم األخرى‪ ،‬فيمكن مشاهدة كل لقاءات أوباما‬ ‫التلفزيونية‪ ،‬ومشاهده صوره يف املراحل التعليمية املختلفة وكذلك قراءة واالستماع إلي كل‬ ‫اخلطب اليت القاها يف حياته السياسية‪ ،‬وكذلك صوره الشخصية يف املناسبات املختلفة‪ .‬وقد كان‬ ‫موقع ماكني أكثر متيزا يف هذا اجلانب‪ ،‬إذ أنه يعرض تفصيليا البيانات الصحفية واخلطب‬ ‫الرمسية له‪ ،‬وكل اإلعالنات اليت ختص محلته يف وسائل اإلعالم املختلفة‪ ،‬مع وجود أرشيف‬ ‫هلذه املواد لستة أشهر خلت‪.‬‬ ‫• إمكانية تنزيل مواد إعالمية من املوقع تتعلق باحلملة علي موقع أوباما مثل شعارات احلملة‪،‬‬ ‫خلفيات للكمبيوتر‪ ،‬بوسرتز‪ ،‬كروت مناسبات‪ ،‬مطويات‪ ،‬أحاديث‪ ،‬أغاني ومقاطع موسيقي‬ ‫تتضمن أشهر ‪ 18‬أغنية تؤيد محلة أوباما ملشاهري الفنانني األمريكيني‪ .‬أما موقع ماكني فقد‬ ‫ركز علي البيانات الصحفية واإلعالنات واملواد اإلعالمية اليت متثل هجوما علي أوباما‪.‬‬ ‫‪437‬‬

‫• إمكانية التربع والتطوع عرب مواقع كال املرشحني عرب االنرتنت‪ :‬فقد قدمت االنرتنت الفرصة‬ ‫الكاملة لكال املرشحني للتطوع يف احلملة أو التربع ماليا‪ .‬فقد تضمن املوقع االلكرتوني لكال‬ ‫املرشحني سبل ووسائل التطوع خلدمة أهداف احلملة بأشكال متعددة مثل القيام باالتصاالت‬ ‫اهلاتفية‪ ،‬االتصال الشخصي‪ ،‬توجيه الناخبني ملراكز االقرتاع‪ ،‬تنظيم فعاليات وأنشطة وغيها‪.‬‬ ‫أما التربع املالي للحملة فقد كان عرب الدخول لروابط تشرح للناخب كيفية التربع سواء‬ ‫بشيكات بنكية أو بكروت ائتمان‪ ،‬أو من حالل الدفع املباشر ألشخاص معينني يف كل والية‪،‬‬ ‫أو من خالل شراء مالبس وهدايا حتمل شعار وصور كل مرشح‪ .‬وقد كانت إسرتاتيجية‬ ‫أوباما فاعلة يف هذا اجلانب حيث أنه طلب من املواطنني التربع مببالغ ضئيلة ال تتعدي ‪100$‬‬ ‫ألنه يفضل االعتماد علي صغار املتربعني بدال من رهن سياساته لكبار املتربعني الذين يسعون‬ ‫لالستفادة من ذلك التربع فيما بعد‪ .‬لذلي يشري موقع أوباما أن عدد املتربعني للحملة منذ‬ ‫بدايتها جتاوز ‪ 500‬ألف مواطن حققت تربعاتهم البسيطة أرقاما قياسية يف تاريخ االنتخابات‬ ‫األمريكية‪ .‬فقد جتاوزت هذه التربعات يف شهر سبتمرب فقط ‪ 150‬مليون دوالر‪ ،‬ولعل هذا‬ ‫ما دفع أوباما إلي اإلعالن حلملته يف أكرب ثالث شبكات تلفزيونية أمريكية يف الوقت املمتاز‬ ‫كسابقة يف االنتخابات األمريكية‪.‬‬ ‫السؤال الثاني‪ :‬ما أهم االسرتاتيجيات االتصالية اليت استخدمها كال املرشحني يف مواقعهما‬ ‫عرب االنرتنت؟‬ ‫كما سبق القول يف اإلطار النظري‪ ،‬يكون لدي خمططي احلمالت السياسية أربع‬ ‫اسرتاتيجيات اتصالية ميكنهم استخدام إحداها أو بعضها وفقا للموقف الذي يواجهونه‪ ،‬وهذه‬ ‫االسرتاتيجيات هي اإلعالم واإلقناع وبناء اإلمجاع واحلوار‪ .‬وفيما يلي توضيح لكيفية استخدام‬ ‫هذه االسرتاتيجيات علي املواقع االلكرتونية لكل من باراك أوباما وجون ماكني‪:‬‬ ‫• قام كال املرشحان بتطبيق إسرتاتيجية اإلعالم عرب موقعيهما علي االنرتنت طوال‬ ‫فرتة الدراسة‪ .‬فكان موقع كل مرشح يعرب عن قاعدة بيانات كاملة عن املرشح وتارخيه‬ ‫ومساهماته وأنشطته والفعاليات اليت يشارك فيها وجدول زياراته‪ ،‬ورؤيته للقضايا املختلفة‪،‬‬ ‫ووجهة نظره يف األحداث اجلارية‪ .‬وكذلك أحاديثه وخطبه‪.‬‬ ‫• بالنسبة إلسرتاتيجية اإلقناع‪ ،‬يالحظ أن موقع باراك أوباما كان أكثر قدرة علي تطبيق‬ ‫هذه اإلسرتاتيجية‪ .‬فقد تضمن املوقع طوال فرتة احلملة رؤى باراك أوباما حنو التغيري اليت‬ ‫ختتلف عن سياسات احلزب اجلمهوري احلاكم الذي ميثله منافسه جون ماكني‪ .‬هذه الرؤى‬ ‫‪438‬‬

‫متحورت حول جانبني أساسيني هما الوضع االقتصادي املتدهور‪ ،‬وصورة الواليات املتحدة يف‬ ‫اخلارج النامجة عن السياسات اخلارجية للواليات املتحدة األمريكية‪ .‬هذه الرؤى كانت تستند‬ ‫إلي االستشهاد بآراء اخلرباء واملتخصصني يف القضايا االقتصادية‪ ،‬وكذلك بدعم قيادات‬ ‫احلزب الدميقراطي وبعض قيادات احلزب اجلمهوري املنافس‪ .‬ويبدو أن هذه اإلسرتاتيجية‬ ‫كانت مهمة يف إقناع كثري من الشباب الذي كان ال زال مل حيدد موقفه بعد‪ ،‬من تأييد املرشح‬ ‫الدميقراطي باراك أوباما‪ ،‬أو امليل لرؤاه علي أقل تقدير‪.‬‬ ‫• فيما يتعلق بإسرتاتيجية بناء اإلمجاع‪ ،‬يالحظ أن كال املواقع االلكرتونية لكال املرشحني‬ ‫طبقت هذه اإلسرتاتيجية بدرجة مقبولة‪ ،‬وإن كان هناك متيزا ملواقع أوباما يف هذا اجلانب‪.‬‬ ‫فنجد أن أوباما توجه إلي كل الفئات األمريكية علي موقعه وموقع احلزب الدميقراطي‪ ،‬يف‬ ‫حني أن جون ماكني اكتفي بذلك علي موقع احلزب اجلمهوري فقط‪ .‬وقد حاول كل مرشح‬ ‫التأكيد علي أن كل فئة من فئات اجملتمع األمريكي هلا خصوصيتها واحتياجاته ومطالبها‪،‬‬ ‫ولكنها مهمة يف بناء مستقبل أمريكا‪ .‬لذلك سعي كل مرشح إلي عمل روابط علي موقعه‬ ‫لالتصال بكل من هذه الفئات والتعرف علي رؤاها يف القضايا املختلفة‪ .‬ويف هذا السياق أتاح‬ ‫موقع أوباما رابطا لكل والية من الواليات املتحدة اخلمسني ميكن من خالله مشاهدة رأي‬ ‫قيادات الوالية الذين يدعمون أوباما ولقطات تعكس التأييد الذي حيظي به يف كل والية‪.‬‬ ‫• وفيما يتعلق بإسرتاتيجية احلوار‪ ،‬يالحظ أن كال املرشحني استفاد من إمكانيات االنرتنت‬ ‫الكبرية يف حتقيق االتصال املتبادل بني كل مرشح والناخبني‪ .‬فيمكن للناخب إرسال رسائل‬ ‫نصية عرب املوقع للمرشح‪ ،‬أو تسجيل رقم هاتفه لتلقي رسائل نصية‪ ،‬وميكن اإلدالء بالرأي‬ ‫جتاه القضايا املختلفة‪ ،‬وإرسال بريد الكرتوني وتلقي الردود عليه‪ ،‬وكذلك إمكانية الدخول‬ ‫يف حوار مباشر (‪ )chat‬مع القائمني علي احلملة ملناقشة القضايا املطروحة أو التعليق علي‬ ‫هذه القضايا‪.‬‬ ‫السؤال الثالث‪ :‬ما أهم التكتيكات التسويقية اليت ركز عليها كل مرشح يف محلته‪ ،‬وإلي أي‬ ‫مدي كانت هذه التكتيكات تتفق مع املوقف السياسي للحزب الذي ميثله كل مرشح؟‬ ‫تشري نتائج الدراسة إلي أن املرشح الدميقراطي باراك أوباما جلأ إلي التكتيكات الدفاعية‬ ‫واهلجوم املضاد يف حني جلأ املرشح اجلمهوري جون ماكني إلي التكتيكات اهلجومية طوال‬ ‫احلملة االنتخابية‪ .‬وفيما يلي توضيح لكيفية توظيف االنرتنت يف هذا السياق‪:‬‬ ‫• •جلأ «جون ماكني» املرشح اجلمهوري إلي التكتيكات اهلجومية علي املرشح الدميقراطي‬ ‫‪439‬‬

‫«أوباما» ونائبه «بيدن»منذ بداية احلملة االنتخابية وحتى نهايتها‪ ،‬وكانت حدة هذا اهلجوم‬ ‫تزداد يف األوقات اليت تظهر فيها استطالعات الرأي إل وجود فارق أكرب لصاحل «أوباما»‪ .‬وقد‬ ‫اختذ هذا اهلجوم أشكال عديدة منها‪:‬‬ ‫‪°‬‬ ‫‪°‬‬ ‫‪°‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪°‬‬ ‫ ‬ ‫‪°‬‬ ‫ ‬ ‫‪°‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪°‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪ °‬تقديم مواد إعالمية (ملتيميديا) تتضمن هجوما شديدا علي أوباما ونائبه‪.‬‬ ‫‪°‬االستعانة بشهادات بعض املواطنني ضد أوباما‪ ،‬من أشهرهم «جو» السباك‬ ‫‪°‬تقديم جمموعة من لقطات الفيديو توضح بعض التناقضات ‬ ‫ ‬ ‫يف أحاديث أوباما ونائبه يف مناسبات خمتلفة‪ ،‬وكذلك اهلجوم الشديد‬ ‫علي رؤية أوباما للقضايا املختلفة‪ ،‬وخاصة قضايا السياسة اخلارجية ‬ ‫اليت تعترب خربة أوباما ضعيفة فيها من وجهة نظر اجلمهوريني‪ .‬وقدم موقع‬ ‫ ‬ ‫‪°‬عرض جمموعة كليبات لكل اإلعالنات التلفزيونية للمرشح املنافس أوباما‬ ‫وردوده علي تساؤالت الصحفيني مع التعليق علي نقاط ضعفه‪.‬‬ ‫‪°‬عرض فيلم قصري بعنوان (‪ 14‬كذبة لنائب أوباما يف أقل من شهر) يتضمن بعض ‬ ‫مقاطع من أحاديث «بيدن» اليت تظهر تناقض وعوده االنتخابية‪.‬‬ ‫‪°‬عرض موقع احلزب اجلمهوري جمموعة روابط علي شكل شجرة البلوط ‬ ‫يشري كل منها خلطاب للمرشح الدميقراطي مع اإلشارة إلي خطورة كل ‬ ‫خطبة له علي استقرار أمريكا ومستقبلها‪.‬‬ ‫‪°‬اختذ هذا اهلجوم مضامني سلبية مع اقرتاب احلملة من نهايتها باهلجوم الشخصي ‬ ‫علي كل من أوباما ونائبة‪ ،‬مثل الربط بني أوباما وأصوله األفريقية‪ ،‬وكذلك ‬ ‫اتهام أوباما بعالقاته مع ما أطلقت عليهم احلملة «اإلرهابيون»‪.‬‬

‫• •يف املقابل جلأت محلة أوباما عرب االنرتنت إلي تكتيكات أساسية من أهمها‪:‬‬ ‫‪°‬‬

‫‪°‬التمكني‪ :‬حيث ركزت مضامني محلة أوباما عرب مواقعه االلكرتونية علي االنرتنت ‬ ‫علي متيزه عن املرشح اجلمهوري يف جوانب عديدة من أهمها رؤيته حلل املشكالت ‬ ‫ ‬ ‫االقتصادية اليت تواجه أمريكا والعامل يف ظل أزمة عاملية تكاد تقضي علي‬ ‫أسس االقتصاد الرأمسالي‪ .‬وكذلك التأكيد علي شعار التغيري الذي يرفعه أوباما ‬ ‫بعد مثان سنوات من حكم اجلمهوريني‪ .‬وكذلك التأكيد علي أن أوباما ونائبة ‬ ‫جيمعان بني الشباب واحليوية املتمثلة يف أوباما نفسه‪ ،‬واخلربة واحلنكة املتمثلة ‬ ‫يف نائبه «بيدن»‪.‬‬

‫‪°‬‬

‫‪°‬اهلجوم املضاد‪ :‬فهذا التكتيك يلجأ إليه املرشح عندما يتعرض إلي هجوم شديد من ‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪440‬‬

‫منافسيه‪ ،‬وهذا ما قامت به محلة أوباما عرب االنرتنت‪ .‬وقد أخذ هذا اهلجوم منطلقات عديدة‬ ‫منها اتهام اجلمهوريني بتحويل احلملة االنتخابية إلي محلة سلبية تركز علي اهلجوم‬ ‫الشخصي وهو ما يعكس اهلروب من مناقشة القضايا اجلوهرية اليت تواجه أمريكا‪ .‬وقد‬ ‫بدأ املوقع االلكرتوني للحزب الدميقراطي باهلجوم علي املرشح اجلمهوري جون ماكني‬ ‫ونائبته واتهمتهما بالسعي لتكريس سياسات الرئيس جورج بوش وتكرار نفس أخطائه اليت‬ ‫مارسها طوال فرتتني رئاسيتني كاملتني‪ .‬كما اعتربت احلملة أن «بيلني» هي نسخة من‬ ‫نائب الرئيس «ديك شيين»‪ .‬وأكدت احلملة علي أنها جلأت هلذا األسلوب من اهلجوم ردا‬ ‫علي مضامني محلة «جون ماكني» السلبية‪.‬‬ ‫‪° °‬الرتكيز علي احلاجة إىل التغيري‪ :‬فقد أكد املرشح الدميقراطي دائما على رغبته يف‬ ‫التغيري وأن هذه الرغبة تعكس رغبة الناخبني يف التغيري‪ ،‬وأنه هو البديل القادر على إحداث‬ ‫هذا التغيري والتعبري عن طموحاتهم‪ .‬فبعد أحداث احلادي عشر من سبتمرب يف بداية الفرتة‬ ‫األولي من حكم الرئيس جورج بوش االبن يف ‪ ،2001‬حدثت حتوالت مهمة يف السياسات‬ ‫األمريكية علي املستويات الداخلية واخلارجية كانت احلرب علي أفغانستان والعراق من‬ ‫أهم معاملها علي املستوي اخلارجي‪ ،‬والتضييق علي احلريات املدنية علي املستوي الداخلي‪.‬‬ ‫ومع مرور الوقت بدا األمريكيون يشعرون بتبعات غزو العراق وأفغانستان علي أوضاعهم‬ ‫الداخلية يف جماالت الرعاية الصحية وتوفري الوظائف‪ ،‬بل وعلي صورة أمريكا يف اخلارج‪.‬‬ ‫كل هذه األحداث جعلت هناك شعور لدي األمريكيني باحلاجة إلي التغيري‪ .‬وقد عكست‬ ‫محلة أوباما عرب االنرتنت بدرجة كبرية هذا الشعور‪ .‬لذلك كان اهلجوم علي املرشح‬ ‫اجلمهوري املنافس جون ماكني مركزا علي كونه امتدادا لسياسات الرئيس جورج بوش‬ ‫وهو ما جيب تغيريه‪ .‬ولذلك ركز املوقع االلكرتوني لباراك أوباما يف األيام األخرية من‬ ‫احلملة علي مقولته الشهرية «ميكننا أن نتحمل عدة أيام أخري من هجوم جون ماكني‪،‬‬ ‫ولكننا ال ميكننا حتمل أربع سنوات أخري من سياسات جورج بوش»‘ يف إشارة واضحة إلي‬ ‫أن ماكني سيكرس نفس السياسات فيما لو فاز باالنتخابات الرئاسية‪.‬‬ ‫• •يبدو أن التكتيكات االتصالية السابق اإلشارة إليها تتناقض مع املواقف السياسية لكل من‬ ‫املرشح الدميقراطي «أوباما»‪ ،‬واملرشح اجلمهوري «جون ماكني»‪.‬‬ ‫‪° °‬فاملرشح جون ماكني ميثل احلزب اجلمهوري املوجود يف السلطة‪ ،‬ووفقا لنموذج‬ ‫اسرتاتيجيات األحزاب السياسية‪ ،‬كان من املفرتض أن تتبين محلة ماكني إسرتاتيجية‬ ‫دفاعية وليس إسرتاتيجية هجومية كما تبني سلفا‪ .‬فأحزاب األغلبية املوجودة يف السلطة‬ ‫عادة ما حتتاج إىل تطوير إسرتاتيجية دفاعية لتدعيم صورتها الذهنية السياسية لدى‬ ‫‪441‬‬

‫الناخبني وللتأكيد على أنها ليست جمرد العب بني جمموعة من املتنافسني‪ ،‬وإمنا تعرب‬ ‫عن كل الفئات يف السوق السياسي وليس فئة أو قطاع واحد منه‪ .‬ويبدو أن سياسات‬ ‫الرئيس جورج بوش واألزمة االقتصادية قد ألقت بظالهلا علي محلة ماكني باعتباره‬ ‫امتداد طبيعي للسلطة القائمة‪.‬‬ ‫‪° °‬يف املقابل جند أن محلة باراك أوباما املوجود يف موقف املعارض والذي كان من‬ ‫املفرتض أن يتبع إسرتاتيجية هجومية‪ ،‬نالحظ أنه اتبع إسرتاتيجية دفاعية ردا علي‬ ‫هجوم اجلمهوريني‪ .‬ويبدو أن استطالعات الرأي اليت كانت دائما ما تشري إلي تقدم أوباما‬ ‫علي ماكني جعلت الدميقراطيني يثقون يف قدرتهم علي حتقيق الفوز يف االنتخابات‪،‬‬ ‫وهو ما جعل محلتهم عرب االنرتنت تركز علي رؤى أوباما حنو مستقبل أمريكا وقدرته‬ ‫علي إحداث التغيري يف واشنطن‪ ،‬وإنهاء حكم اجلمهوريني‪ ،‬بدال من التفرغ للهجوم علي‬ ‫ملنافسني‪.‬‬ ‫السؤال الرابع‪ :‬إلي أي مدي وظف خمططي احلمالت االنتخابية لكال املرشحني إمكانيات‬ ‫االنرتنت التفاعلية يف محلتيهما االنتخابية؟‬ ‫من أهم مزايا االنرتنت كما سبقت اإلشارة‪ ،‬هو قدرتها علي حتقيق االتصال التفاعلي بني‬ ‫القائم باالتصال واجلمهور سواء بإمكانية احلصول علي رجع األثر الفوري أو الدخول يف‬ ‫حوار بني الطرفني‪ ،‬أو باشرتاك املتلقي نفسه يف عملية إنتاج وحترير املضمون املقدم علي‬ ‫املوقع االلكرتوني‪ .‬وتشري نتائج الدراسة التحليلية إلي أن كل من خمططي محلة املرشح‬ ‫الدميقراطي أوباما واجلمهوري ماكني قد استخدموا االنرتنت يف هذا اجلانب بفاعلية‪ .‬وفيما‬ ‫يلي عرض لذلك‪:‬‬ ‫‪1 .1‬قدرة الناخبني علي التواصل مع كال املرشحني عرب الربيد املوجود علي املوقع االلكرتوني‬ ‫لكل منهما وطرح أسئلة أو طلب استفسارات أو تقديم مقرتحات‪ .‬أو جمرد تسجيل الربيد‬ ‫االلكرتوني اخلاص بالناخب واحلصول علي رسائل يومية تشري إلي أنشطة املرشحني‬ ‫والفعاليات اليت ميكن املشاركة فيها‪ .‬وقد كان الربيد االلكرتوني مهما يف احلملة لكال‬ ‫املرشحني وخصوصا املرشح الدميقراطي أوباما‪ ،‬حيث سعت محلته غلي الستفادة القصوى من‬ ‫إمكانيات االنرتنت يف ذلك‪ .‬فقد نظمت محلة أوباما معرضا للسيارات عرب موقعه االلكرتوني‬ ‫علي االنرتنت‪ ،‬وطلبت من كل من يريد زيارة املعرض أن يسجل بريده االلكرتوني علي رابط‬ ‫حمدد علي املوقع‪ ،‬وبعد نهاية املعرض الذي كان الدخول إليه جمانا‪ ،‬وجد كل املشاركون‬ ‫بريدا الكرتونيا يطالبهم بالتربع حلملة أوباما ولو مببالغ زهيدة‪ ،‬وشرح الربيد كيفية التربع‬ ‫‪442‬‬

‫يف دقائق معدودة‪ .‬وكان هلذا املعرض تأثريا مباشرا علي زيادة عدد املتربعني للحملة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬استخدام املواقع االلكرتونية لكال املرشحني للتواص الشخصي مع الناخبني‪ .‬وقد متيزت‬ ‫محلة أوباما يف هذا النوع من التواصل‪ .‬فقد عرض املوقع روابط (‪ )Links‬خاصة تشري إلي‬ ‫إمكانية مقابلة أوباما أو زوجته‪ ،‬وكذلك مقابلة نائبه بيدن أو زوجته‪ .‬وما كان علي‬ ‫متصفح املوقع إال الدخول هلذا الرابط ومعرفة جدول زيارات وفعاليات املرشح يف الوالية اليت‬ ‫يسكن فيها ويقوم باختيار املكان والزمان الذي يريده مع اإلشارة لسبب املقابلة‪ ،‬وكان يتلقي‬ ‫ردا يوضح له مدي إمكانية إجراء هذه املقابلة ومكانها‪.‬‬ ‫‪3 .3‬وجود روابط علي املواقع االلكرتونية لكال املرشحني تشرح للناخبني املهتمني كيفية‬ ‫وأساليب املشاركة يف احلملة االنتخابية‪ .‬ومن هذه األساليب‪:‬‬ ‫• •التسجيل للتصويت يف االنتخابات‪ ،‬فيمكن للناخب تسجيا امسه علي املوقع‬ ‫االلكرتوني ملرشح معني موضحا الوالية اليت ينتمي غليها ومكان االقرتاع‪.‬‬ ‫• •شرح أساليب املساعدة يف جتنيد أشخاص آخرين للتطوع للعمل يف احلملة‬ ‫االنتخابية‪ .‬وقد حددتها محلة ماكني علي موقعه االلكرتوني بعشرة أشخاص‪.‬‬ ‫• •عرض أهم املواقع األخرى اليت تؤيد املرشح مثل املدونات‪ ،‬وشرح كيفية الدخول‬ ‫إليها واملشاركة فيها ودعم هذه املشاركة مبقاطع من خطب وأحاديث كل مرشح‪.‬‬ ‫• •إتاحة الفرصة للناخبني لتصميم صفحات خاصة بهم علي املوقع االلكرتوني‬ ‫لكال املرشحني ميكنهم من خالهلا التعبري عن أرائهم‪.‬‬ ‫• •إمكانية التسجيل حلضور دورات جمانية أو تدريب عملي ملعرفة كيفية‬ ‫االشرتاك يف احلملة االنتخابية وتقديم املساعدة للمرشح املفضل‪.‬‬ ‫• •إمكانية التقدم عرب املوقع لتنظيم حدث معني أو فعالية لتقديم الدعم للمرشح‪،‬‬ ‫وقد مكنت هذه الوظيفة خمططي احلملة من تنظيم آالف الفعاليات علي مستوي‬ ‫كل الواليات دون حدوث تداخل بينها وهو ما جعل هذه الفعاليات أحد الوسائل املهمة‬ ‫يف احلملة االنتخابية كما أورد موقع احلزب الدميقراطي‪.‬‬ ‫‪443‬‬

‫‪4 .4‬املرسل هو املستقبل‪ :‬إذا كان ماكلوهان قد قال أن الرسالة هي الوسيلة بالنسبة لوسائل‬ ‫االتصال التقليدية‪ ،‬فيمكن القول أن االنرتنت جعلت هناك تداخال بني املرسل واملستقبل يف‬ ‫حترير مضمون الرسالة‪ .‬وهنا ميكن القول أن االنرتنت جعلت «املرسل هو املستقبل»‪ .‬فقد أتاحت‬ ‫االنرتنت هذه اخلاصية ملخططي احلمالت االنتخابية حيث مكنت الناخبني واملتلقني من أن‬ ‫يشاركوا يف حترير املواقع االلكرتونية للمرشحني‪ ،‬مبعين أن يكون الناخب متلقي ومرسل يف‬ ‫ذات الوقت‪ .‬ومن األساليب اليت مت تطبيقها يف احلملة االنتخاب الرئاسية‪:‬‬ ‫• •إتاحة الفرصة للناخبني لتقديم صور فوتوغرافية لنشرها علي املوقع االلكرتوني‬ ‫للمرشحني‪ .‬هذه الصور تعرب عن فعاليات خاصة باحلملة أو صور تعكس مواقف‬ ‫سلبية للمرشح املنافس‬ ‫• •إتاحة الفرصة للناخبني لتقديم لقطات فيديو قاموا بتصويرها تساعد يف احلملة‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وقد كان كثريا من هذه اللقطات تتعلق باألنشطة اليت يشارك فيها‬ ‫املرشح املنافس‪.‬‬ ‫• •إتاحة الفرصة للناخبني بكتابة مقاالت وقصص إخبارية ونشرها علي املواقع‬ ‫االلكرتونية لكال املرشحني‪ ،‬وكذلك احلصول علي رد فعل القراء جتاه هذه املقاالت‬ ‫والقصص‪.‬‬ ‫• •إتاحة الفرصة للناشطني من الناخبني لتشكيل جمموعات علي مستوي الواليات‬ ‫املختلفة من خالل روابط علي مواقع املرشحني االلكرتونية معدة لذلك‪ ،‬وهنا يقوم‬ ‫املشارك بإدارة هذا الرابط من حيث املضمون والشكل‪.‬‬

‫‪444‬‬

‫مناقشة نتائج الدراسة‪:‬‬

‫من خالل التحليل السابق ميكن رصد جمموعة من النقاط من أهمها‪:‬‬

‫‪1 .1‬كانت االنرتنت وسيلة اتصال مهمة يف محلة االنتخابات الرئاسية األمريكية لعام ‪2008‬‬ ‫يف تقديم املعلومات واألخبار عن كال املرشحني‪ ،‬وأنشطتهما وجدول فعالياتهما‪ ،‬وتارخيهما‪،‬‬ ‫وشرح رؤاهم للقضايا املختلفة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬أمكن ملخططي احلمالت االنتخابية لكال املرشحني استخدام االنرتنت يف تطبيق‬ ‫اسرتاتيجيات االتصال املختلفة‪ ،‬وخصوصا إسرتاتيجييت اإلعالم واحلوار‪ .‬وكانت محلة أوباما‬ ‫أكثر متيزا يف تطبيق إسرتاتيجييت اإلقناع وبناء اإلمجاع‪ .‬وقد كانت إمكانيات االنرتنت مهمة‬ ‫يف حتقيق درجة عالية من احلوار بني كل خمططي محلة كل مرشح وناخبيه سواء من‬ ‫خالل احلديث املباشر عرب االنرتنت أو من خالل إبداء الرأي والتعليق‪ ،‬أو من خالل التواصل‬ ‫عرب الربيد االلكرتوني‪.‬‬ ‫‪3 .3‬كان هناك تناقضا بني املوقف السياسي لكل مرشح والتكتيكات االتصالية للحملة‪.‬‬ ‫فيالحظ أن محلة باراك أوباما الذي ميثل احلزب الدميقراطي املوجود فعليا يف املعارضة‬ ‫اعتمدت علي اسرتاتيجيات دفاعية أكثر منها هجومية يف حني أن احلزب املعارض عادة ما‬ ‫يعتمد اسرتاتيجيات هجومية‪ .‬وبالعكس يالحظ أن محلة جون ماكني الذي ميثل احلزب‬ ‫اجلمهوري احلاكم اعتمدت اسرتاتيجيات هجومية يف الوقت الذي يفضل أن تستخدم‬ ‫اسرتاتيجيات دفاعية‪ .‬ولعله ميكن تفسري ذلك بنتائج استطالعات الرأي اليت كانت دائما تشري‬ ‫إلي تقدم باراك أوباما‪ ،‬فكان ملخططي محلته نوعا من الثقة يف الفوز مقرنة مبخططي محلة‬ ‫ماكني الذين كان لديهم نوعا من الشعور بصعوبة فوزه يف االنتخابات‪ .‬ولعل ذلك ما يفسر‬ ‫قيام جون ماكني بتغيري مدير محلته االنتخابية أثناء احلملة‪.‬‬ ‫‪4 .4‬كان لإلنرتنت دورا مميزا يف جتنيد أكرب عدد من املتطوعني يف احلملة االنتخابية لكال‬ ‫املرشحني وخصوصا باراك أوباما الذي جتاوز عدد املتطوعني يف محلته يف خمتلف الواليات‬ ‫األمريكية النصف مليون متطوع‪ .‬كما كان لإلنرتنت مساهمة كبرية يف مجع التربعات اليت‬ ‫وصلت ألرقام قياسية يف تاريخ االنتخابات األمريكية‪ ،‬حيث كان لسهولة عملية التربع عرب‬ ‫املواقع االلكرتونية للمرشحني‪ ،‬وبأساليب متنوعة دورا مهما يف وصول قيمة التربعات يف شهر‬ ‫سبتمرب لباراك أوباما مبفرده ‪ 150‬مليون دوالر‪ ،‬ووصول إمجالي قيمة التربعات له منذ بداية‬ ‫احلملة مليار دوالر‪.‬‬ ‫‪445‬‬

:‫المراجع‬ ‫ قضية اإلصالح‬:‫ وسائل اإلعالم والتسويق السياسي‬،)2005( ‫ راسم وخريت عياد‬،‫اجلمال‬1 .1 .‫ الدار املصرية اللبنانية‬:‫ القاهرة‬،‫السياسي يف مصر‬ ‫ دراسة علي‬:‫ املسئولية اإلعالمية للعالقات العامة عرب االنرتنت‬،)2008( ‫ خريت‬،‫عياد‬2 .2 .‫املؤسسات اإلنتاجية واخلدمية يف مصر واإلمارات العربية املتحدة‬ 33. Baines, P. et. al., (2004), «PR and Marketing are Less Important than Policy Development and Political Leadership»; Debate Held at the House of Commons on 19th September, 2003, Journal of Public Affairs, 4 (3): pp. 299-313. 44. Baines, P., et. al., (2001), «The Americanization Myth in the Eur pean Political Markets: A Focus on the United Kingdom», European Journal of Marketing, 35 (9/10): pp. 1099-1116. 55. Butler, P. & N. Collins (1996), «Strategic Analysis in Political Ma ket», European Journal of Marketing, 30 (10/11): pp. 25-36. 66. Elliott, R. (1996), «Discourse Analysis: Exploring Actions, Fun tions and Conflict in Social Texts», Marketing Intelligence & Pla ning, 14 (6):pp. 65-68. 77. Internetworldstats.com. 88. Leask, J. & S. Chapman (2002), «The Cold Hard Facts immuniz tion and Vaccine Preventable Diseases in Australia>s Newsprint Media 1993-1998», Social Science & Medicine, 54 (4), pp. 447-457. 99. Less-Marshment, J. & D. Lilleker (2001), «Political Marketing and Traditional Values «Old Labour» for New Labour»?, Contemporary Politics, 7 (3): pp. 205-216. 1010Less-Marshment, J. (2001a), «The Marriage of Politics and Marke ing», Political Studies, 49: pp. 692-713. 1111Less-Marshment, J. (2001b), «The Product, Sales and MarketOriented Party –How Labour Learnt to Market the Product, not the Presentation», European Journal of Marketing, 35 (9/10): pp. 10741084. 1212Marland, A. (2003), «Marketing Political Soap: A Political Ma 446

keting View of Selling Candidates Like Soap, of Electioneering as a Ritual, and Electoral Military Analogies», Journal of Public Affairs, 3 (2): pp. 103-115. 1313Murgolo-Poore, M. et. al., (2002), «Intranet effectiveness: a public relations paper – and pencil checklist», Public Relations Review, 28: 113-123. 1414Newman, B. (2001), «An Assessment of the 2000 US Presidential Election: A set of political Marketing Guidelines», Journal of Public Affairs, 1 (3): pp. 210-216. 1515O>Cass, A. (1996) «Political Marketing and the Marketing Co cept», European Journal of Marketing, 30 (10/11): pp. 37-53. 1616O>Cass, A. (2001), «Political Marketing: An Investigation of a Political Marketing Concept and Political Market Orientation in Australian Politics», European Journal of Marketing, 35 (9/10): pp. 1003-1025. 1717Patron-Galindo, P. (2003), «Symbolism and the Construction of Political Products: Analysis of Political Marketing Strategies of P ruvian President Alejandro Toledo», Journal of Public Affairs, 4 (2): pp115-124. 1818Smith, A. & L. Raines (2008), Pew Internet & American Life Project Report, Princeton Survey Research Associates, http://www.pewinte net.org.

447

448

‫الثقافة كمتغير في اإلتصال التفاعلي‬

-----------------------------------------

‫عبر وسائل اإلعالم الجديد‬

‫حممد أمحد القضاة‬.‫د‬ ‫جامعة األمرية مسية للتكنولوجيا‬ ‫اململكة األردنية اهلامشية‬

Abstract The new media means gave the individuals the freedom to express themselves; it also helped them to open new and unfamiliar ways through which the individual can express himself without any restri tions to keep the privacy of other individuals and communities. The reader found himself in front of an enormous revolution in electro ic overspreading and in front of different opinions all over the world without any organizing to these different opinions as a result of the absence of the culture that allow the people to know their rights and the other rights. Therefore, we think that the good culture is the real organizer to the ideas of the person and the influential that explain these different opinions which the new media suffer from. This paper will stop at the role of the culture as a variable in intera tive communication through the new media means such as internet, electronic sites and through the Television, mobile, fax and other new means. Culture is regarded as one of the most important means that lead to any progress or change and reform; it is the mean that lead to the real change in different nations. No nation is able to reach to its goals unless it allows the culture to influence the details of its life. In the west these scenes are clear in front of everybody while it is 449

marginal and not clear in the Arabic communities. Therefore, if we need the culture to be an essential element and active in the intera tive communication through the new media means, we must look for the most influential effect that the digital time has produced and its affect on the culture and knowledge. The computerized culture of the Arabic person still weak and not an effective one and it does not go beyond the paper work that does not know the challenges and its effect on the nation and individuals. Therefore, the culture should face the new changes in the life of individuals and its reflection and also look at its effect in dealing with the positive digital culture that commun cate with different levels of people either individual or communities till we reach to a new vision that will be the inner corporal inside the mind of the people. The different cultural dimensions with its modernization will never be disabling to reach to the adaptability of the new technologies. As well as the different methods that have been followed in the new media that enhance the human mind with its theories, tools and its functions. These things must be accompanied with the spreading of a conscious culture among the audience who receive this culture. Moreover, culture remains the most important thing that helps the communities to develop, and this development will be reflected clea ly on the culture of the individuals. This paper may succeed to arouse a lot of questions that will help to create new conscious towards the digital culture and its interactive effect through new media means. ‫لقد أتاحت وسائل اإلعالم اجلديد احلرية يف الكتابة و التعبري وفتحت للفرد أبواباً جديدة‬ ‫وغري معهودة يعرب من خالهلا عن أفكاره وآرائه دون قيود أو ضوابط أو روادع تراعى فيها‬ ‫ وغدا املتلقي أمام ثورة هائلة يف النشر اإللكرتوني وحبر من‬،‫خصوصيات األفراد و اجلماعات‬ ‫اآلراء اليت تتالطم على مستوى العامل دون تنظيم أو تقنني هلذه اآلراء نتيجة عدم وجود ثقافة‬

450

‫ً‬ ‫خاصة أن الثقافة الصحيحة هي املنظم احلقيقي ألفكار الفرد و‬ ‫تع ّرف ما للفرد وما عليه‪،‬‬ ‫املؤثر الب ِّناء يف توضيح اآلراء املتباينة اليت تشكو منها وسائل اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫ولذلك تتوقف هذه الورقة عند دور الثقافة كمتغري يف االتصال التفاعلي عرب وسائل اإلعالم‬ ‫اجلديد؛ اإلنرتنت‪ ،‬واملواقع اإللكرتونية واالتصال عرب وسائل النقل احلي التلفازي‪ ،‬واهلواتف‬ ‫النقالة‪ ،‬والناسوخ وغريها من وسائل االتصال احلديثة‪.‬‬ ‫و الثقافة أساس التقدم و التغيري واإلصالح وهي سبب التغري احلقيقي يف حياة الشعوب‪،‬‬ ‫وال ميكن ألمة أن تصل إىل أهدافها ورقيها إذا مل تالمس الثقافة تفاصيل حياتها وجزئياتها‪،‬‬ ‫واملشاهد والصور يف الغرب ماثلة أمام اجلميع‪ ،‬يف حني ال تزال الثقافة يف الزاوية اخلارجية‬ ‫للفرد العربي‪ ،‬تعيش على اهلامش وال تتعدى يف نظر البعض الرتف ‪ ،‬ولذلك‪ ،‬إذا أردنا أن تكون‬ ‫الثقافة عنصراً أساسياً وفاع ً‬ ‫ال يف االتصال التفاعلي عرب وسائل اإلعالم اجلديد البد لنا أن‬ ‫نبحث عن أهم املؤثرات اليت أنتجها العصر الرقمي وأثرها على الثقافة واملعرفة‪ .‬خاصة أن‬ ‫ثقافة الفرد العربي احلاسوبية ما زالت ضعيفة وغري مؤثرة وال تتجاوز الذهنية الورقية اليت‬ ‫ال تعرف حتديات النشر اإللكرتوني وآثاره الكبرية يف حياة الشعوب واألمم‪ ،‬وهنا جيب أن تراعي‬ ‫األطروحات الثقافية التغريات اجلديدة يف حياة الفرد و مدى انعكاسها وأثرها يف التعامل مع‬ ‫الثقافة الرقمية والتكنولوجية اإلجيابية اليت تتواصل مع شرائح متنوعة سواء أكانت فردية‬ ‫أم مجاعية حتى نصل إىل رؤية دقيقة ال تتجاوز شروط االنفتاح تكون هي الرقيب احلقيقي‬ ‫داخل الفرد‪.‬‬ ‫إن اإلبعاد الثقافية مبا فيها من موروث وحداثة ال تعدم القدرة على التكيف مع املستجدات‬ ‫التكنولوجية والفرضيات الفلسفية اليت تنطلق منها‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن املمارسات احملتملة يف وسائل‬ ‫اإلعالم اجلديد اليت تشغل الفكر البشري بنظرياتها وأدواتها ووسائلها ووسائطها ووظائفها‬ ‫وشرعيتها‪ ،‬ولذلك البد أن ترافق هذه اآلليات نشر ثقافة واعية لدى مجهور املتلقني لكي‬ ‫تتوازى املعادلة بني منتجات املتغريات الثقافية يف وسائل االتصال التفاعلي و متلقيها (القارئ‬ ‫الرقمي) يف إطار لغوي مشرتك حينها تتواصل عناصر اإلنتاج مع القراء‪.‬‬ ‫و تبقى الثقافة مبرجعياتها ومكتسباتها وأدواتها أساس النهضة والتنمية يف وسائل اإلعالم‬ ‫واالتصال والتعبري‪ ،‬مما ينعكس يف بنية الفرد وثقافته ومعرفته وفكره وتواصله مع حميطات‬ ‫واسعة يف القرية العاملية اجلديدة‪ ،‬ولعل هذه الورقة تثري التساؤالت اليت تسهم يف خلق وعي‬ ‫حنو الثقافة الرقمية و أثرها التفاعلي عرب وسائل اإلعالم اجلديد‪.‬‬

‫‪451‬‬

‫مقام الثقافة‬

‫مقامها سامق‪ ،‬وهدفها حضارة اإلنسان ورقيه ‪،‬ونهجها احرتام وانسجام وحياة دافقة بالفكر‬ ‫والرؤية الصحيحة‪،‬ونتاجها جمتمع انساني اسلوبه احلوار والرقي والتقدم؛ ولكن كيف‬ ‫يبدو مقامها ومشهدها يف ظل تغري مراكز التأثري وانقالب مفاهيم احلياة وانتشار وسائل‬ ‫االعالم اجلديد ‪،‬ملاذا تتغري عناصر الشد وتأخذ زمام املبادرة يف حني ينكمش مقام الثقافة؟‬ ‫أالنها ال تطعم خبزا‪ ،‬أم النها ترف ذهين يفيض عن احلاجة‪ ،‬أم النها سلعة من ال سلعة له؟!‬ ‫املقام الثقايف يشوبه السكون والصمت والالمباالة وعدم االكرتاث حتى من املثقفني الذين‬ ‫افنوا اعمارهم بني االوراق والكتب وهم يؤلفون ويكتبون عن اهمية تنوير العقل وفتح اآلفاق‬ ‫امامه كي يكون قادرا على االرتقاء باالنسان واخلروج به من تيه الغربة واجلهل اىل طريق‬ ‫املستقبل الذي يرفض االستنامة والرتاخي اىل طريق اجلدية واملسؤولية وعدم لوم اي جهة‬ ‫ال تنظر إىل وزنهم ودورهم التنويري‪ ،‬ولذلك‪ ،‬تتبدى أمامنا قضايا ومرارات ينبع بعضها من‬ ‫املثقفني انفسهم وبعضها من حتديات تفرضها مستويات التلقي‪ ,‬وضعف اإلقبال على نتاجاتهم‬ ‫ومؤلفاتهم وغريها‪ ،‬فضال عن ظروف املنطقة وحتدياتها‪ .‬كل هذا جيب ان يدفعنا لتحريك‬ ‫سكونها ‪.‬‬ ‫علينا أن نتحدث بصراحة ودون مواربة‪ ،‬الن مقامها ال يسر احداً‪ ،‬ال املثقفني الذين يرغبون‬ ‫باحداث التغيري اىل االحسن‪،‬وال القائمني على شأنها ألنهم يصطدمون بواقع ال يرحم وطبقات‬ ‫متباينه يف افكارها وارائها وطروحاتها ‪،‬وال املتفرجني الذين ال يكرتثون بشيء‪ ،‬ولذلك‬ ‫فان مقام الثقافة يف راهننا حيتاج اىل حوار عميق يصحح اخللل أنى كان مصدره ووزنه‬ ‫وايدلوجيته‪،‬واملثقفون ال حيبذون هذا الرتاجع ويشعرون أن كتاباتهم وكلماتهم وندواتهم‬ ‫وخطاباتهم وإبداعاتهم ومنجزاتهم أصبحت يف ظل العوملة ومدها الكاسح ال تشكل شيئاً‪ ،‬بل‬ ‫ال قيمة هلا أمام انتشارها وجتذرها يف اوصال اجلسد كالدم يف الوريد ‪ ،‬ولذلك‪ ،‬على اجلميع‬ ‫أن يقرأوا املشهد من جديد قراءة واعية كي جنتاز هذه الصورة ؛النها تنعكس سلبا يف حياة‬ ‫االنسان وعدم قدرته على حماورة اقرانه وابناء بيئته‪،‬ولذلك اذا شاهدنا شعبا راقيا يف تعامله‬ ‫وتعاطيه مع منجزات احلضارة عزونا ذلك اىل ثقافته وتأكيده على معانيها يف مجيع اشطته‬ ‫وحياته‪،‬واذا شاهدنا عكس ذلك قلنا ان الثقافة لديه ال تتجاوز الديكور والقشور اخلارجية‪،‬فهل‬ ‫ندرك اهمية الثقافة يف حياة الشعوب! وهذا حيتم على االطراف كافة أن يتحاوروا جبدية‬ ‫ومسؤولية حول موضوع يشغل بال اجلميع وخصوصا املثقفني لكي ال ينتهى االمر يف كل مرة‬ ‫إىل صمت والمباالة ‪.‬‬ ‫التغريات والتطورات اليت تلحق بالثقافة واملثقفني قد ال ترتك للمناقشني واحملاورين‬ ‫االستمرار يف احلوار الذي يبدأ وينتهي يف النقطة نفسها‪ ،‬وكأن هناك حماولة واضحة لتغيري‬ ‫أطر الصورة ومراكز اجلذب إىل نوع من التنميط والتحيز واملبالغة حتجب معها صورة الوعي‬ ‫‪452‬‬

‫وجترده من فكره وثقافته‪،‬مع ان املطلوب ان تنعكس التغريات والتطورات اجلديدة يف جماالت‬ ‫التقنية احلديثة واحلوسبة ووسائل االعالم اجلديد على االنسان وبالتالي تنعكس يف ثقافته‬ ‫وحواراته‪ ،‬ولكن على اطراف املعادلة أن يعرفوا اخللل وكيفية جتاوزه وعالجه‪ ،‬نريد ملقامنا‬ ‫الثقايف أن يكون مضيئا ومتحركاً وفاع ً‬ ‫ال‪ ،‬يتحمل مسؤولياته إىل جانب القطاعات االخرى‬ ‫حبيث يكون ذراعا حقيقياً ًلوسائل التقنية احلديثة وللتعليم واالقتصاد والسياسة واجملتمع‬ ‫ووسائل االتصال التفاعلي برمتها‪ ،‬بعيداً عن التهميش واملاديات واألرباح والشركات‪.‬‬ ‫واملثقفون يعرفون أن كل شيء أصبح يعتمد على رجال املال والتخطيط والتكنولوجيا‬ ‫ال على املثقفني وأفكارهم‪ ،‬وهو ما يثري تساؤالتهم وشكوكهم واستغرابهم يصل بهم إىل حد‬ ‫االستغناء عن دورهم وأفكارهم وإبداعاتهم‪ ،‬وهو ما يستوجب إعادة بناء الثقة بني الفطاعات‬ ‫كلها واملثقفني‪ ،‬وبني املثقفني أنفسهم‪،‬وحنن اليوم حباجة إىل نظرة دقيقة حلال املشهد‬ ‫الثقايف خللقه من جديد بعيداً عن الشعارات والصور وتضخيم الذات وسيطرة االحتكار‬ ‫ومشاعر التشكيك حبركة تعكس دور العقل ومقوماته وفعله جتسد اإلبداع وتستوعب اجلميع‬ ‫على اختالف ألوانهم وأطيافهم وأفكارهم‪.‬‬

‫الثقافة والتغيير ‪:‬‬

‫وتواجـــه أمتنا حتدّيات ومشكالت كثرية وكبرية ‪ ،‬يف اجملاالت السياسية والعسكرية والثقاف ّية‬ ‫العربي حاضره‬ ‫العربي موقفاً مصرياً ‪ ،‬فكيف يواجه‬ ‫واالقتصادية وتشكل التحدّيات لدى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومستقبله ؟ وكيف يقارن ماضي االجداد الذين شغلوا الدنيا بقوتهم وفكرهم وثقافتهم‬ ‫العربي تواق إىل ذلك املاضي بقدر حبه ألن يرى املستقبل كذلك املاضي‬ ‫حباضرنا املتوتر ؟ و‬ ‫ّ‬ ‫الذي بناه األسالف واألجداد … من هنا فانين سأقتصر حديثي عن ال ّثقافة و املثقف والتغيري‬ ‫تنمي اجملتمعات العرب ّية وتبنيها ‪.‬‬ ‫… ال ّثقافة العرب ّية اليت ّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان واجملتمع ؛ أم أ ّنها جمر ُد ديكور ؟ وإذا كانت‬ ‫الثقافة كلم ٌة براّق ٌة ج ّذابة ‪ .‬هل تؤ ّثر يف‬ ‫ِ‬ ‫الصور ِة املأمولــة ؟ و إذا كانت شكل ّية ‪ ،‬فلماذا نتشد ُ‬ ‫ّق بها ؟!‬ ‫مؤ ّثر ًة ‪ ،‬فلماذا مل تصل باجملتمع اىل ّ‬ ‫ُ‬ ‫لقي ّ‬ ‫العربي يف عصرنا‬ ‫هموم العقل‬ ‫ّ‬ ‫إذاً ال ُب ّد لنا من أن ُن َ‬ ‫الضو َء على واق ِعها ‪ ،‬أل ّنها ت َع ّد من أكرب ِ‬ ‫دارها ‪ .‬فما ال ّثقافة ؟ وماذا ُ‬ ‫وانتشار الفضائ ّيات اليت تغزو و ُت ُ‬ ‫نفعل‬ ‫العوملة‬ ‫بعد‬ ‫ِ‬ ‫قلق ثقا َفت َنا يف ُع ِ‬ ‫قر ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫جتاهها « وماذا ميكن ان تغري يف واقع اجملتمع ؟‬

‫الكلمات تداو ً‬ ‫ُ‬ ‫ال و أشدّها غموضاً ؛ ويُعر ّفها علما ُء االجتماع‬ ‫قافة من أكثر‬ ‫وما زالت‬ ‫ِ‬ ‫كلمة ال ّث ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫والعرف والعادات‬ ‫يشمل املعرفة واالعتقاد والفن والقانون واألخالق‬ ‫بأ ّنها ذلك ال ُك ّل املع ّق ُد الذي‬ ‫السائدة يف جمتمع معينّ ‪ .‬كذلك ُتعرف بأنها ُ‬ ‫ُ‬ ‫صقل‬ ‫اإلنسان‬ ‫اليت يكتس ُبها‬ ‫واالجتاهات والقيم ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫البشري لتحقيق هذا‬ ‫العقل أو اخليال‬ ‫ُنتج ُه‬ ‫ال ّذهن والذوق والسّلوك وتنمي ُتها وتهذيبها ‪ ،‬أو ما ي ُ‬ ‫‪453‬‬

‫اهلدف ‪ .‬ويف العربية حيمل الفعل ( ث ِق َف ) معنى التهذيب والص ّقل واإلعداد ؛ ويف اإلجنليزيّة‬ ‫حيمل معنى مماث ً‬ ‫العقلي معنى سياس ّياً ثو ّرياً (‬ ‫ال ‪ ،‬وحتمل يف الروّس ّية إىل جانب املعنى‬ ‫ّ‬ ‫االنتلجنتسيا ) ‪ .‬وحني املقارنة بني هذه املعاني ُن ُ‬ ‫أن ال ّث َ‬ ‫درك ّ‬ ‫مس ٌة للمجتمع ؛ لكن إىل ّ‬ ‫أي‬ ‫قافة ِ‬ ‫وأن استعماهلا ال ُ‬ ‫ري ال ّثقافة ما َ‬ ‫زال حمدوداً ‪ّ ،‬‬ ‫َح ّد تؤ ّث ُر فيه ؟ الصور ُة اليت نراها ّ‬ ‫يزال فيه‬ ‫أن تأث َ‬ ‫ُ‬ ‫ازدواج ّية ؛ فال ّث ُ‬ ‫تهم شعب ّية ‪.‬‬ ‫قافة‬ ‫الرفيعة تقتص ُر على القّلة ‪ ،‬والعمو ُم ال تزال ثقا ُف ُ‬ ‫وتتعدد اآلراء حول املثقف فماكس فيرب يعرفهم « بأنهم جمموعة من األفراد الذين متكنهم‬ ‫قدراتهم ومواهبهم اخلاصة من النفاذ اىل منجزات ذات قيمة ثقافية « ‪ ،‬ويقدم روبرت ميشيل‬ ‫تعريفـاً أكثر مشو ً‬ ‫ال فيقول ‪ « :‬انهم الذين ميلكون املعرفة املوضوعية وهلم تأمالتهم الذاتية‬ ‫يف احلكم على الواقع دون أن يستمدوا ذلك بالضرورة من خرباتهم احلسية « ( انظر نظرات يف‬ ‫الثقافة العربية‪ ،‬ص ‪ ، ) 183‬وهذا يقودنا اىل أن املثقفني اليوم هم رجال الفكر واألدب والفن‬ ‫‪ ،‬و هم رجال التنوير الذين يضيفون اىل فكر األمة وثقافتها وحضارتها شيئاً جديداً كونهم‬ ‫يتمثلون هموم أمتهم ‪ ،‬ويعون ذواتهم ويقدرون على اقناع مواطنيهم بأن يرتكوا العادات اليت‬ ‫أنتهى دورها لبناء حياة جديدة مناسبة لعصرهم ( أنظر وقائع املؤمتر الثقايف الوطين الثالث ‪،‬‬ ‫ص ‪ ، ) 10‬من هنا فان على املثقف العربي أن يعي دوره يف جمتمعه ‪ ،‬وأن يكون ملتزماً بالدفاع‬ ‫عن مصاحل األمة ‪ ،‬وايقاظ شعور االنتماء للوطن واالرض واإلنسان لبناء املؤسسات واالتصال‬ ‫بالعامل اخلارجي ‪ ،‬وقيام سياسات االصالح الزراعي وثروة النفط واهلجرة العمالية والعلمية‬ ‫‪ ،‬والتوسع يف التعليم ‪ ،‬وانتشار الوعي السياسي ‪ ،‬واسترياد التكنولوجيا ّ‬ ‫وفض املنازعات العربية‬ ‫‪ ،‬كما أن على املثقف أن يقوم مبعاجلة القضايا الكربى اليت تعيق اجملتمع عن التقدم ‪ ،‬وجيب‬ ‫ان تنصب اهتماماته يف القضاء على مسألة التخلف اليت نعاني منها ‪ ،‬ومسألة التجزئة اليت‬ ‫غرسها االستعمار ‪ ،‬وحماربة الغزو الصهيوني والثقايف كونهما من املشكالت اليت ال يزال‬ ‫الوطن العربي يعاني من آثارهما ‪ ،‬فهذه املسائل جيب أن تكون يف دائرة اهتمام املثقفني العرب‬ ‫على اختالف مشاربهم وتواجدهم ( انظر اجمللة الثقافية ‪ ،‬ع ‪ ، 21‬ص ‪ . ) 214‬وانين على يقني‬ ‫ان املثقفني العرب يستطيعون احداث نقلة نوعية يف جمتمعاتهم من خالل تهيئة الظروف‬ ‫لعمل عربي ناجح ومن خالل جتسري الفجوة بني املثقفني وأجهزة احلكم ‪ .‬ولكن حيار املرء حني‬ ‫ينظر اىل وضع املثقف ودوره وكيفية النظر إليه وتبعيته ‪ ،‬والتبعية ليست جمرد اعتماد واتباع‬ ‫خارجي ‪ ،‬وهنا علينا أن مني ّز بني مصطلح تابع ومصطلح تبعية ‪ ،‬إذ ان هناك اختالفاً بينهما‬ ‫وهما مصطلحان ينتهيان اىل تيارين فكريني متابينني ‪ ،‬فمفهوم تابع سائد يف أدبيات العالقات‬ ‫الدولية ويدرس حاالت التماثل بني الدول ويعين االعتماد اخلارجي ‪ ،‬بينما يعين مفهوم التبعية‬ ‫اكثر من جمرد االتكال اخلارجي ويدرس يف االساس ظاهرة التخلف والنمو وخاصة وصف‬ ‫طبيعة التشوهات البنيوية وشرحها النامجة عن احتواء دولة ما يف النظام الرأمسالي العاملي ‪.‬‬ ‫والتبعية الثقافية هي وليدة السياسات املتبعة من قبل الطبقات احلاكمة ‪ ،‬وتقتضي التبعية‬ ‫الثقافية انهاء هيمنة بعض الشرائح والطبقات املسيطرة على القرار الثقايف ورفض العصرنة‬ ‫‪454‬‬

‫املخّلة بـبنية املنظومة الثقافية ‪.‬‬ ‫والتبعيـة ال تعين العودة اىل السلفية ‪ ،‬وهذا التخوف مع انه مشروع فانه ال شــك ان انهاء الثقافة‬ ‫السائدة اليت تعمل على ترسيخ التبعية هو شرط اساسي للخروج من التخلف والتبعية ‪،‬‬ ‫واملشروع الثقايف البديــل هو ليس السلفية ‪ ،‬وامنا ثقافة مضادة ترفض التبعية وتواجه النزعة‬ ‫تنمي‬ ‫وتنمي مصاحل الشرائح املتضررة من واقع اهليمنة واالستغالل وهي ثقافة ّ‬ ‫االستهالكية ّ‬ ‫رغبة التغيري والتحرر واإلبداع هذا من ناحية ‪ ،‬ومن ناحية اخرى هناك اسئلة تبدو اكثر‬ ‫مشروعية تثار حول تبعية املثقف العربي وتهميشه وتواطئه وأميته ‪ ،‬وخصوصــاً حني نتوقف‬ ‫عند بعض تعريفات الثقافة واألسئلة املتعلقة بالثقافــة واملثقفني ‪ .‬فهل الثقافة هي نشاط‬ ‫عملي وإبداعي جيتذب عناصر وفئات من البشر دون غريهم ؟ وهل املثقف هو الناقد أم الناقل‬ ‫أم اجملتهد أم املبدع ؟ وإذا كانت الثقافة طريقة يف احلياة أو معارف عامة او نشاطاً خ ّ‬ ‫القاً ‪ ،‬فما‬ ‫هي وضعية املثقف يف سياق النظم االجتماعية ؟ أهو مشارك يف السلطة ؛ مبعنى أنه ينتمي‬ ‫اىل الفئة اليت متثل دوراً حامساً يف تربير االنظمة القائمة يف اجملتمعات العربية ‪ ،‬أم هو املفكر‬ ‫امللتزم باملوضوعية العلمية ‪ ،‬أم هو الذي ينتمي اىل الفكر العلمي السالب ‪ ،‬أم انه يف حالة غياب‬ ‫دائم ‪ ،‬أم انه متناقض وسليب ‪ ،‬أم انه أمي ومتخلف عن ركب احلضارة واالنفتاح ؟ ( انظر‬ ‫املسألة الثقافية ‪ ،‬د‪ .‬حممد عابد اجلابري ‪ ،‬ص ‪ 171‬وما بعدها ) ‪.‬‬ ‫إن املتتبع للنتاج الثقايف العربي يستطيع رصد أشكال النزاعات الفكرية منذ عصر النهضة بني‬ ‫املفكرين العرب خاصة فيما يتعلق مبسائل امكانات اإلنســان واىل أي مدى ميكن اطالق القدرة‬ ‫على اإلبداع يف الفكر العربي املستقل ‪ ،‬وهل يفيد ذلك يف فهم حالة الركود والتخلف واألمية‬ ‫اليت تنتاب اجملتمع العربي ‪ ،‬وحني ننظر يف مواقف املثقفني وادوارهم نرى انهم بني مثقفي‬ ‫النخبة ومثقفي اجلماهري ‪ ،‬بني املثقف امللتزم واملثقف التابع ‪ ،‬وتكمن االشكالية الواضحة بني‬ ‫املثقفني يف تلك العالقة بني الفكر ووعيه ‪ ،‬ويتمثل ذلك يف تلك العالقات اجلدلية بني الفكر‬ ‫والواقع ‪ ،‬والتفاعل بني املثقف واجلماهري ‪ ،‬واملثقف والسلطة واملثقف والطبقة ‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من هذه القضايا املتداخلة اال ان كل عنصر منها يساهم يف تغييب الوعي لدى املثقف ‪ ،‬ومع‬ ‫األسف يكاد خيتفي االلتحام بني الثقافة والوعي من الساحة العربية والسبب يف ذلك اقتصار‬ ‫مصادر الوعي على النخبة املعرتف بها وهي حمدودة العدد ‪.‬‬ ‫إن احلوارات العلمية اجلادة البعيدة عن االيدلوجيات املغرتبة هي املطلوبة واملخرج احلقيقي‬ ‫من ازمة األمية يف الثقافة والفكر يكمن يف ختطي الفجوة احلضارية املستمرة واملتزايدة بني‬ ‫ّ‬ ‫نتخط‬ ‫اعادة التقدم يف البؤر الرأمسالية ‪ ،‬واعادة التخلف وتكريسه يف احمليطات التابعة ‪ ،‬وما مل‬ ‫حمنة التخلف ستظل ثقافة اجملتمع العربي تابعة منطوية حتت لواء الثقافة األم ‪ ،‬وسيظل‬ ‫مستوى الوعي الثقايف يف مراحله األدنى من األمية ‪ ،‬وستظل التيارات الثقافية اليت تهب على‬ ‫اجملتمع العربي تسيطر على النخب السياسية وفكرها وسيكون للتيارات الوافدة تأثرياتها‬ ‫‪455‬‬

‫السلبية يف غياب ‪ /‬تغيب الوعي الثقايف ‪ .‬وعليه فان امتالك ثقافة احلضارة والسيطرة عليها‬ ‫يؤدي اىل اخللق واالبتكار ؛ أي حتول الثقافة اىل انتاج حي متجدد ‪ ،‬و هنا ال بد من وضع الثقافة‬ ‫يف خدمة التغيري والتحول حنو اعادة انتاج ثقافة عربية قادرة على املنافسة والتأثري ‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل تعميق التيارات القائمة واثرائها باملعرفة العلمية احلرة لتفجريها من الداخل كي تصبح‬ ‫تيارات مبدعة وأصيلة و راسخة قادرة على ان تقدم اضافات جديدة للوعي الثقايف العربي ‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن توجيه اخلطاب العربي حنو بلورة القدرة على نقد الذات واالنفتــاح على الرأي اآلخر‬ ‫واالعرتاف به ‪ ( .‬انظر املرجع السابق )‬ ‫أن ال ّث َ‬ ‫توضح ّ‬ ‫قافة واملث ّق َف يف أ َز َمة‬ ‫لكن أين اصبح دو ُر املثقف بعد هذه الرؤية الغائمة ؟ اإلجابة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ّ ،‬‬ ‫غريات اليت تطرأ على الفكر‬ ‫غريات االقتصاديّة واالجتماع ّية والتكنولوج ّية أسر ُع من ال ّت ِ‬ ‫وأن ال ّت ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأساليب‬ ‫عقول الناس وقيمهم‬ ‫ري‬ ‫‪ .‬ويكون تغ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البنية االجتماع ّية أسرع ‪ ،‬ورمبا أسهل من تغيرّ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جيل‬ ‫تفكريهم وسلوكهم ‪ .‬ونتيجة هلذا التعا ُرض ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تتالحق األزمات الثقاف ّية ‪ ،‬وتتخذ يف كل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫شك ً‬ ‫ال جديداً ؛ لذلك يكون ال ّتصاد ُم بني الفكر والواقع ‪.‬‬ ‫أما ما ميكن أن يُقال عن ّ‬ ‫ّول اليت‬ ‫ّ‬ ‫أن ال ّثقافة تصطد ُم حبريّة ال ّتعبري ‪ ،‬فهذا أم ٌر حمتو ٌم يف الد ِ‬ ‫وأما يف الدّول اليت تتم ّتع بال ّتعدديّة وحريّة الرأي والرأي اآلخر ‪ ،‬فهذا‬ ‫تفتق ُر حلريّة التعبري ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ري ُمقنع ‪ ،‬وحني ُت ُ‬ ‫أناس جهالء أو انانيني او‬ ‫القول بيدو أنه غ ُ‬ ‫وكل الثقاف ٌة اىل غري أهلها إىل ٍ‬ ‫متعصبني آلرائهم ‪ ،‬فال ب ّد من أن يكونوا أداة ختريب وتدمري ؛ وبهذا تعود عقارب الساعة اىل‬ ‫الوراء ‪ ،‬وحينها تتفاقم أزمة الثقافة ‪ ،‬ويصبح دور املثقف منحسراً ومتقوقعاً ومنغلقاً ‪ ،‬وينحسر‬ ‫يف زوايا النسيان واإلهمال ‪.‬‬ ‫إن األزمة اليت تواجهها الثقافة تتمثل يف موقف املثقف من طغيان التكنولوجيا احلديثة‬ ‫ُ‬ ‫حتول البشر إىل بضاعة وأشياء ال قيمة‬ ‫السريعة التغري ‪ ،‬واغرتاب اإلنسان يف عصر اآللة اليت‬ ‫هلـم ‪ ،‬ومتسخ أرواحهم ‪ .‬وهذا ما عرفته أوروبا يف مطلع هذا القرن ‪ .‬أما حنن ‪ ،‬فأين موقعنا وأين‬ ‫دورنا يف هذه اهلجمة الفضائية اليت بدأت تغزو أجيالنا وشعوبنا وأين قدرتنا على مواكبة‬ ‫املستجدات بعد انتشار وسائل النشر االكرتوني ؟ وما اخلطط الثقافية اليت أعدت ملواجهة هذا‬ ‫القلق الذي يدخل بيوتنا دون استئذان ‪ ،‬والذي حيمل يف طياته معاول اهلدم والتخريب ‪ ،‬وميه ُد‬ ‫للتفكك والغربة واالنسالخ عن القيم واملثل‪ ،‬ويفتت األواصر ‪ ،‬وحيلل ما كان حمرماً ‪ ،‬وينادي‬ ‫بالعوملة والثقافات الالأخالقية؟ ما العمل ازاء هذه املشكالت اليت تقف يف وجه ثقافتنا وجمتمعنا‬ ‫الثقافة‬ ‫؟ األزمة كما نرى مل تعد بسبب من السلطة سواء أكانت سياسية أم دينية ‪ ،‬وإمنا من‬ ‫ِ‬ ‫الثقافة اليت تدعو اىل نسف املاضي بقيمه وتراثه وثقافته‬ ‫اليت تدخل جمتمعاتنا دون ضوابط ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،‬واىل استقبال املستقبل بأسلحة ختلو من األصالة والرتاث ‪ ،‬فهل كان املاضي مسخاً اىل هذا‬ ‫احلد الذي ال تقبل به الثقافات اجلديدة ؟ إن جمتمعاتنا ليست بالطبع ضد التحضر والثقافات‬ ‫‪456‬‬

‫اجلديدة الوافدة املفيدة ‪ ،‬وإمنا ضد الثقافات اليت تهدم نسيج اجملتمع وخترب أخالقه وقيمه ‪.‬‬ ‫ويف زمن العواملة علينا ان نعمل التفكري والعقل ‪ ،‬حبيث نأخذ املفيد الذي يــعزز من بناء‬ ‫جمتمعاتنا ونرفض املسيء الذي يدمر قيمنا ‪ ،‬وجيب اال يكون العقل مشدوداً اىل اخللف ‪ ،‬أو‬ ‫جامداً يف مكانه وزمانه ؛ بل جيب ان يكون مستنرياً قادراً على التطلع بأمل اىل مستقبل واع ٍد‬ ‫وأفضل ؛ ألن التحدي الذي نواجهه ليس اختياراً بني الرجوع اىل االصل او مسايرة العصر ‪،‬‬ ‫حلول من صنعنا حنن ‪ُ :‬‬ ‫نعمل لتارخينا وواقعنا ؛‬ ‫وإمنا إثبات استقـاللنا ازاء االخرين ‪ ،‬وابتداع‬ ‫ٍ‬ ‫وعندها نكفل لنا املكان الذي يليق بنا ‪ .‬فالصد واالنعزال قد جيديان يف احلروب ؛ أما يف الساحة‬ ‫الثقافية فال يفيدان ‪ ،‬وهما أقصر الطرق اىل اهلزمية والتسليم ‪ ،‬ولذلك فالدول اليت حتاول‬ ‫صد األخطار الثقافية اخلارجية عن طريق سن قوانني املنع واحلظر والرقابة هي اكثر تعرضاً‬ ‫هلذه االخطار ‪ .‬أما اجملتمعات اليت تصنع ثقافتها اخلاصة املستنرية املتفتحة كي تواجه بها‬ ‫الثقافات الوافدة ‪ ،‬فهي وحدها اليت تستطيع ان تصمد وتنتصر ؛ وبهذا ينتهي القلق الثقا ّ‬ ‫يف‬ ‫الذي تعانيه ‪.‬‬ ‫ومـــاذا عن ثقافة الشاب يف عصرنا‪،‬خاصة أنهم أكثر فئة مستهدفة يف وسائل االعالم اجلديد‬ ‫؟ هل هي مقنعة وجادة وقادرة على احلوار واملناظرة ومتابعة املستجدات ؟ أم انها قاصـــرة عن‬ ‫أداء دورها ؟ وهل توجد فجــوة بني األجيال ؛ مبعنى ان جيل الكبار مل يعد يفــــهم اجليل اجلديد‬ ‫ويدرك همومه ومشكالته ‪ ،‬فال يستطيع التجاوب معها ؟ وهل جيل الكبار الذي عاش يف زمن‬ ‫خيتلف عن زمن هذه االجيال ‪ ،‬اليت تعيش يف عصر اإلنرتنت واحلاسوب وثورة املعلومات ‪ ،‬ال‬ ‫يزال ينظر اليها نظرة شك وعدم قناعة ؟ وهل األجيال اجلديدة تعيش حمنة الثقافة ‪ ،‬فال‬ ‫تستيطع حتليل املستجدات والنظر اىل املستقبل بتفاؤل ؟ أم انها اتكالية ؟ أم ان الفرص املتاحة‬ ‫هلا غري كافية ؟ االسئـــلة كثرية ‪ ،‬واإلجابة عنها تكمن يف قدرة جيل الكبار على التقاط أوضاع‬ ‫األجيال اجلديدة وحماولة دفعها اىل األمام وبعث األمل يف نفوسها ؛ فتتطلع اىل املشاركة يف‬ ‫توجيه اجملتمع ‪.‬‬ ‫إن هذه األجيال متر يف أزمة يف الثقافة والفكر والثقة ‪ ،‬ويشعر جيل الكبار بالرثاء جلبل الشباب‬ ‫وينعون عليهم هبوط مستواهم الفكري والثقايف والعلمي ‪ .‬وينظرون اليهم باستعالء مغلف‬ ‫بإطار من العطف والتظاهر بالفهم والتفاهم ‪ ،‬فمن غري املعقول ان تستمر املعادلة بهذه الصورة‬ ‫اليت جتعل الثقافة تعيش أجواء االزمة وعدم الثقة ‪ ،‬ألن اجليلني حباجة اىل بعضهما بعضاً ‪،‬‬ ‫خصوصاً يف قضايا الثقافة والفكر واحلياة ‪.‬‬ ‫وتبــقى مسؤولية جيل الكبار مهمة يف دفع التهم ورفع احلواجز أمام األجيال اجلــديدة ‪ ،‬كي‬ ‫تكون هذه األجيال مشاركة يف البناء والعطاء واإلبداع ‪ ،‬واملسؤولية مشرتكة خصوصاً حني‬ ‫نشاهد كيف ينتقل زمام احلياة الفكرية والعلمية يف اجملتمعات الغربية من جيل اىل جيل‬ ‫بصورة طبيعية ‪ ،‬وتتاح للشباب فرص ذهبية ويسريون على منحنى املعرفة واالستننارة‬ ‫‪457‬‬

‫الفكرية املتصاعد ‪.‬‬ ‫ويبدو لنا ان الكبار يف جمتمعاتنا العربية يستمتعون بتفوقهم الثقايف دون ان يشعروا بأنهم‬ ‫حيبسون منابع الثقافة عن األجيال اجلديدة ‪ ،‬وقد يعطى هذا االستمتاع جليل الكبار إحساساً‬ ‫باالمتياز ؛ لكن حني يكون االمر متعلقاً مبستقبل األمة فإنه حيتاج اىل إعادة نظر يف الواقع‬ ‫الثقايف والفكري والعلمي لألجيال اجلديدة ( أنظر خطاب اىل العقل العربي ‪ ،‬فؤاد زكريا) ‪.‬‬ ‫ومن أطرف ما كتب عن مفارقات الثقافة وتغريها ما كتبه الدكتور علي حرب يف جمّلة‬ ‫العربي عدد نوفمرب عام ‪ 1997‬حني اشار اىل ان الثقافة يف عصرنا آخذة يف التغيري سواء يف‬ ‫اطرها او وسائلها او معايريها و آليات إنتاجها ‪ ،‬ومل تعد كما كانت عليه يف سنوات مضت‬ ‫وخصوصاً بعد دخول عصر احلاسوب و اإلنرتنت وبنوك املعلومات ‪ ،‬ومن ابرز األمثلة على هذا‬ ‫التغـــري ان أسلوب البحث العلمي نفسه الذي كان يستغرق وقتاً طوي ً‬ ‫ال جلمع املصادر واملعلومات‬ ‫أصبح األن ال يستغرق سوى أيام معدودة ‪ ،‬وهذا يعين ان املعرفة اليت تنتج االن تعتمد اعتماداً‬ ‫أساسياً على التقنيات احلديثة كما أن بنية املعرفة ختضع هي األخرى للتغري بقدر ما تتغري‬ ‫األدوات والوسائل ‪ ،‬وذلك أن كل تغري يف األدوات حيمل على تغيري مفهوم املعرفة والفكر ذاته ‪.‬‬ ‫وهذه التغريات اليت باتت تدخل عاملنا تثري مجلة من األسئلة اليت تربك الكثريين الذين مل يؤمنوا‬ ‫بعد مبثل هذه التطورات والتغريات ‪ ،‬وهي تربك كل هوية ثقافية ‪ ،‬وسنرى ان الكثريين يقفون‬ ‫موقف احلذر والريبة مما جيري ‪ ،‬واخرون قد يقاطعون كل هذه املعطيات واملفارقات ‪ ،‬يف حني‬ ‫سنجد يف اجلانب اآلخر من يدافع ويرفع من وترية هذه التطورات اليت ال تعتد كثرياً بالطرق‬ ‫البدائية او الثقافة اليت تعتمد على النماذج االستاتيكية يف احلياة الفكرية والثقافية ‪ ،‬والصورة‬ ‫اليت نراها ان عدداً من املهتمني خيشون على الثقافة من الشاشة اليت تسهم يف ترويج ثقافة‬ ‫سريعة وعابرة وهشة وسطحية ‪ ،‬وقد يكون معهم احلق يف ذلك ‪ ،‬ألن الثقافة حتتاج اىل فكر‬ ‫منظم وعقل منفتح يهضم ويرتوى ويناقش‪ ،‬وتلك الثقافة السريعة ال تفسح اجملال للرد والنقد‬ ‫والتحليل وانضاج املسائل املختلفة يف احلياة الثقافية مع انها مؤثرة ‪ .‬والثقافة صناعة وانتاج‬ ‫‪ ،‬صناعة اإلبداع يف خمتلف فروع الثقافة ‪ ،‬وانتاج يتعلق بنظم املعلومات والقيم ‪ ،‬وهذا النظام‬ ‫حيتاج اىل تسويق وترويج ‪ ،‬ولكن كيف يتم ذلك يف ظل مفارقات الثقافة وموتها وتسطيحها‬ ‫وخصوصاً إذا أدركنا ان الثقافة السطحية واملبتذلة – مع األسف – او العابرة واخلاوية بدأت‬ ‫جتتاح الثقافة األصلية والعميقة او الراقية املتينة ‪ ،‬وهذه الصورة تنقلنا اىل مجلة من االسئلة‬ ‫اليت تدفع بنا اىل البحث عن اجوبة هلا ‪ ،‬ومنها ‪ ،‬هل الثقافة اليت جتتاحنا اكثر فاعلية يف بناء‬ ‫نسيج اجملتمع ‪ ،‬ام انها كثر قسوة على شباب اجملتمع ‪ ،‬ما اجلوانب االجيابية اليت تفيد يف بناء‬ ‫اإلنسان وما الضار فيها ‪ ،‬وهل جــعلت العامل اقل وحشية وعنفاً او اكثر عد ً‬ ‫ال و أمناً ؟ انظر‬ ‫مقالة الدكتور حرب ‪ ،‬جملة العربي ‪ ،‬نوفمرب‪1997 ،‬م‪ ،‬ص ‪.30-31‬‬ ‫‪458‬‬

‫وفــي اإلطار نفسه ‪ ،‬ماذا قدمت الثقافة العربية طيلة هذه االعوام لالنسان العربي الذي بدأ‬ ‫يستغرب موقعه وموقفه ونفسه يف ظل املتغريات اليت ال تأبه بوجوده وباهميته وبقيمته ‪،‬‬ ‫فماذا يفعل ‪ ،‬هل يبقى متفرجاً ام يستمر يف الطريق نفسه ؟ أم يتقوقع ويعود اىل الوراء ‪ ،‬هل‬ ‫يرى نفسه مبنظار التقدم واحلداثة والتنوير ‪ ،‬ام انه يعاود النظر يف خطابه ونقده الذاتي ‪ ،‬ام‬ ‫سيتعثر امام املشاريع وااليديولوجيات اليت ال ترمحة ‪ ،‬وهنا على اية ثقافة نبين انفسنا وثقافة‬ ‫جمتمعنا ‪ ،‬وعن أي فكر ندافع ؟ ان الثقافة العربية يف ظل هذه املعطيات هي شبكة من اخلياالت‬ ‫وااليديوجليات والتماهيات والنضاالت حول مفاهيم احلرية والدميقراطية والعدالة والوحدة ‪،‬‬ ‫او حول التقدم والتحديث والبناء ‪ ،‬من منا يدرك قيمة مثل هذه الثقافة اليت غابت عن احلركة‬ ‫والدافعية وغدت معاول سفسطة وحماور غري منسجمــة يف ظل قطريات ال تعرف ان األمة‬ ‫واحدة ‪ ،‬وأن الثقافة رمز هذه األمة ‪ ،‬الثقافة اليت تعزز األمة وترفع من قيمتها ‪ ،‬ولكن قد خيرج‬ ‫احدنا ويقوم ما هذا التشاؤم وما هذه السوداوية يف واقع ثقافتنا العربية ‪ ،‬وحنن كأمة عربية‬ ‫لدينا اعداد كبرية من املثقفني واملنتجني فض ً‬ ‫ال عن األعداد الكبرية من اجلامعات اليت خترج‬ ‫االفواج تلو االفواج ‪ ،‬إضافة اىل االنشطة الكثرية واملؤمترات والندوات والورشات ‪ ،‬وكلها توحي‬ ‫لنا ان ثقافة أمتنا خبري ‪ ،‬وان انساننا العربي يكفيه فخراً ان هذا الكم اهلائل يراه ويشارك فيه‬ ‫بنثره او نقده او مشاهدته يف املعارض واملهرجانات وعلى مدار الساعة يف عاملنا العربي الكبرية‬ ‫( انظر املرجع نفسه ص ‪ ، ) 32‬ولكن اين حنن من كل هذا ملاذا يتقدم العامل اآلخر ‪ ،‬وال تؤثر‬ ‫فينا كل هذه الوقائع ‪ ،‬ما بال إنساننا العربي غري مبال لكــل هذه األحداث ‪ ،‬هل فقد العزمية‬ ‫واهلمة ‪ ،‬هل فقد نفسه ووضعها يف متاهات ومنعرجات االخرين ‪ ،‬هل حنن هكذا؟ إننا حباجة‬ ‫اىل ان تكون الثقافة قادرة على تشكيل جغرافية العقل العربي واعادة احلياة اليه ‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫خلق القوة لـــــدى األمة وازالة عناصر الضعف منها ‪ ،‬ونشر املعارف واملعلومات اليت تؤكد ان‬ ‫األمة بثقافتها وليس خبطاباتها واصواتها املخنوقة ‪.‬‬ ‫ومن املفارقات يف واقع أمتنا أننا مل نصل اىل احلوار احلقيقي الذي يؤهل األمة حلل مشكالتها‬ ‫باسلوب سليم ومقنع ‪ ،‬واملشاهدات املريبة ان هذه الثقافة الغائبة لو كانت قوية وموجودة‬ ‫ملا اختلفنا على اتفه األسباب ‪ ،‬وملا تفرقنا وتقزمنا امام األمم األخرى ‪ ،‬وملا اختلف العروبيون‬ ‫على الوحدة ‪ ،‬وال القوميون على ايديولوجيات متضاربة ‪ ،‬وال االسالميون على االسالم أو ابناء‬ ‫القطر الواحد على قطرهم ‪ ،‬وملا وصلت تلك االمم اىل عقر دار العروبة تشطح وختطط وتأمر‬ ‫كيفما ترى ‪ .‬وعلى أي حال فما زالت الثقافة العربية يف االطار السياسي عاجزة عن القيام‬ ‫بدورها ‪ ،‬رغم ما نسمعه من كالم وخطابات عن الدميقراطية واحلريات والعدالة ‪ ،‬وما نراه‬ ‫من استمرار الشعارات الرباقة ‪ ،‬وكلها تفسر العجز احلقيقي الثر الثقافة يف الواقع مع التذرع‬ ‫بالظروف االقتصادية ‪ ،‬وهذه املشاهد تكمن يف الفكر األحادي الذي يقوده البعض ويفرضوه على‬ ‫اجملموع ‪ ،‬وهذا ال يقدم او يؤهل اجملتمع وامنا يعيده اىل الوراء ‪ .‬اما املؤمترات والندوات الورشات‬ ‫واحملاضرات فلم يكن اثرها واضحاً يف اجملتمع العربي ‪ ،‬ومع انها كثرية ومستمرة طيلة العام‬ ‫‪459‬‬

‫يف خمتلف االقطار العربية غري ان اثرها ال خيرج عن فائدة املشاركني فيها دون غريهم ‪ ،‬او‬ ‫القطاع الثقايف نفسه من دون اجملتمع والناس والقطاعات االخرى اليت تشكل اكثرية اجملتمع‬ ‫‪ ،‬ومع ان دور املثقف وفاعليته ال تقتصر على نفسه ‪ ،‬وامنا يهدف دائماً اىل اجملتمع بوصفه‬ ‫يهتم بهموم الناس وقضاياهم فان الناس يف القطاعات االخرى يتعاملون مع املثقفني وندواتهم‬ ‫وامسياتهم ومؤمتراتهم وكأنها ال تعنيهم بشيء ال من قريب او بعيد ‪ ،‬وهذه مفارقة مؤملة ؛ فما‬ ‫فائدة هذه املؤمترات إذا اقتصر اثرها على املشاركني فيها ‪ ،‬وما فائدة ان يبقى باقي اجملتمع‬ ‫مبنأى عن دور املثقفني ‪ ،‬وحينها ندرك ان هذه املفارقة جتعل من املثقف يعيش يف عزلة تامة‬ ‫يف دائرة اختصاصه ‪ ،‬ولالسف فما نراه ان املثقف يعيش يف عاملنا العربي على هامش اجملتمع‬ ‫واملدينة والسياسة ‪ ،‬فيما يدعي الوصاية على شؤون اجملتمع والناس واحلياة ( انظر املرجع‬ ‫نفسه ‪ ،‬ص ‪. ) 33‬‬ ‫فهل يعي املثقف دوره وهل يدرك عزلته ‪ ،‬وهل يعرف مكانته ‪ ،‬وكيف يستطيع ان خيرج من‬ ‫هذا اإلطار اىل حنو يعيد ثقة اجملتمع به ؟ وهكذا فان املثقف الواعي يدرك ما هو فيه ‪ ،‬وان‬ ‫الثقافة احلية هي القادرة دائماً على التقيري والتجديد والتغري عن طريق خلق الرؤى وابتكار‬ ‫النماذج واطالق املبادرات اليت تعيد للمجتمع قوته وحضوره ‪ ،‬وللمثقف رهانه واهميته ‪.‬‬ ‫ومن املظاهر املؤملة يف البناء الثقايف العربي اليت ال نزال نراها اىل اليوم انعدام التخطيط وعدم‬ ‫مشاركة املثقفني يف وضع اخلطط الالزمة للشعوب ‪ ،‬وهذا يساعد على استفحال التمزق‬ ‫الثقايف العربي ‪.‬‬ ‫العربي حيتم علينا أن نعيد النظر يف دور املؤسسات والسلطات العداد سياسات ثقافية‬ ‫إن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫يكون هلا حضورها الفاعل يف تنمية الوعي الثقايف يف اطار تنمية شاملة من اجل اعادة الثقافة‬ ‫العرب ّية اىل مكانتها احلقيقية يف عامل اإلنسان اليومي حتى يكون لنا هويّة ثقاف ًية عرب ّية‬ ‫واحدة تستمد أصوهلا من املاضي وتسجيب للمشكالت املعاصرة ‪ ،‬وينبغي ان توجه سياسات‬ ‫التثقيف حنو خلق رباط شعوري تتقارب عليه صفوة األمة يكون هو االساس املبدئي للحكم‬ ‫على املستوى املصطلح عليه للذوق واحلياء و البصر واجلمال ‪ ،‬ويهدف اىل تصفية ضمري األمة‬ ‫من شوائب الغلظة والفجاجة والتبلد لتنطلق طاقاتها حنو هدف عربي واحد ( انظر هموم‬ ‫ثقافية ‪ ،‬حييي حقي ‪ ،‬ص ‪ . ) 86‬وواقع األمر ان الشعوب العربية قد عاشت طوال تارخيها يف‬ ‫ظل ثقافة مشرتكة جيب ان تعود إليها ؛ الننا بالواقع واحلاضر والتاريخ واملاضي واجلغرافيا‬ ‫والدين واللغة امة واحدة ‪ ،‬وجيب ان تكون ثقافتنا ثقافة تغوص يف أعماق الرتاث وتتمثل واقع‬ ‫احلياة العرب ّية’ وتبحث عن روح احلضارة العاملية وال تقف عند سطوحها اخلارجية ‪ ،‬ففي تراثنا‬ ‫جند أنفسنا ‪ .‬و إذا انفصلنا عنه سيصيب واقعنا الذبول واملوت ‪ ،‬ويف واقع احلياة العربية جيب ان‬ ‫يعيش املثقفون حياة شعوبهم بافراحها واآلمها وآماهلا ومشكالتها ‪ ،‬ويف صلتنا بالثقافة العاملية‬ ‫‪460‬‬

‫جيب ان نوازن بني تراث اسالفنا واباءنا ‪ ،‬فنجمع بني األصالة واملعاصرة حبيث ال ننغلق على‬ ‫أنفسنا وال نتفتح اىل درجة ننسى معها واقعنا ‪ ،‬ويبقي على العاملني يف اجملال الثقايف ان يدركوا‬ ‫معطيات هذا العصر وطنياً وقومياً وانسانياً ‪ ،‬وهذا يتطلب وضوح الرؤى وااللتفاف حول احلرية‬ ‫والعدالة وكرامة اإلنسان وحترير االرض ووحدة األمة ( انظر املرجع السابق ) ‪.‬‬ ‫ان البحث عن مقومات االمن الثقايف العربي يقل اهمية عن األمن العسكري ‪ ،‬فإذا كان هذا‬ ‫االخري يقتضي محاية أمن الدولة من الداخل واخلارج ‪ ،‬فإن األمن الثقايف أكثر عمقاً وامتداداً‬ ‫وتأثريا ‪ ،‬وليس من السهل معرفة مصادر اخلطر ألنها تكون غري واضحة فتخفى على املسؤولني‬ ‫واملثقفني يف بعض االحيان ( انظر من قضايا الثقافة العربية املعاصرة ‪ ،‬حمي الدين صابر ‪ ،‬ص‬ ‫‪ ، ) 11‬وجناح أمننا الثقايف مرهون بانطالقنا اىل االمام لرسم صورة غدنا املشرق ‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫على القيم واملفاهيم اليت ورثناها وعدم تشويهها والعبث بها عن طريق ادخال ثقافات دخيلة‬ ‫هزيلة تشوه أصالة وحقيقة الثقافة العربية ‪ ،‬وهذا يقودنا اىل أهمية معرفة ذاتنا وجمتمعنا‬ ‫وثقافات اجملتمعات احمليطة بنا ‪ ،‬لنعرف ماهو ضار بثقافتنا العربية فنتجنبه ‪ ،‬وما هو نافع‬ ‫فنضع له اخلطط واملشاريع لنشره واغناء الثقافة العربية به ‪ ،‬ولعل أبرز مقومات أمننا الثقايف‬ ‫هو االنسان العربي كونه املساهم األول يف اغناء الثقافة العربية ومحايتها ‪ ،‬واللغة العربية (‬ ‫انظر اخلطة الشاملة للثقافية العربية‪ ،‬م‪ ، 3‬ق‪ ، 3‬ص ‪ ، ) 1037‬وهنا يثور السؤال التالي هل‬ ‫باالمكان ان تزدهر الثقافة العربية وتؤدي مثارها االبداعية مبعزل عن توظيف اللغة العربية‬ ‫توظيفاً دقيقاً يف جممل عملية التثقيف واألمن العربي ؟‬ ‫واالجابة عليه ان غالبية املثقفني العرب يرون ان للغة العربية دوراً اساسياً ومهما يف اقامة‬ ‫ومحاية الثقافة على اسس التوصيل الفعال النشيط ‪ ،‬وبدون الفصحى اليت يفهمها العرب‬ ‫مجعياً شرقاً وغرباً لن يكون مثة ثقافة جمددة اصلية ‪ ،‬فاللغة العربية هي األداة املعربة عن‬ ‫حركة اجملتمع وتطوره وهي خمزن تراث األمة وقيمها ومفاهيمها و أداة ربط بني حاضر‬ ‫األمة ومستقبلها ‪ ،‬فإذا استطاع اجليل الصاعد من أبناء العروبة اتقان اللغة العربية واستعماهلا‬ ‫استعما ً‬ ‫ال سليماًَ ‪ ،‬فانه يستطيع ان يبدع ويساهم يف اغناء احلضارة االنسانية ومواكبة التقدم‬ ‫العلمي ‪ ،‬فتزدهر الثقافة العربية من جديد ويكون هلا حضورها وفاعليتها على خمتلف‬ ‫املستويات ألننا نريدها ثقافة عربية خالقة معربة عن الواقع العربي‪(.‬انظر قضايا الثقافة‬ ‫العربية املعاصرة ص ‪ 224‬وما بعدها) وحتى تتكامل الصورة الثقافية العربية فال ب ّد من‬ ‫االميان بأن القوة احلقيقية لالمة العربية ليس يف املال وحده ‪ ،‬ولكنها يف اإلنسان والعلم واملال‬ ‫معاً ‪ ،‬واالميان بأننا لن نستطيع حتقيق نهضة ثقافية فاعلة اال بالتحول من دور املستهلك‬ ‫للحضارة اىل دور املنتج واملساهمة يف انتاج احلضارة جبانبها املادي و غري املادي ‪ ،‬واالخذ بأسباب‬ ‫العلم احلديث وتهيئة البيئة العربية االجتماعية والنفسية واالميان العميق بضرورة تكامل‬ ‫النمو املادي مع النمو الثقايف ‪ ،‬واالميان بتأكيد اهلوية احلضارية لالمة العربية االسالمية‬ ‫‪461‬‬

‫‪ ،‬وهذا امر يف غاية االهمية ( انظر يف سبيل ثقافة عربية ‪ ،‬ص ‪ ، ) 39‬واذا ما تواصلت هذه‬ ‫الصور فان الثقافة العربية ستزدهر ويعود هلا بريقها ووجودها كثقافة عاملية فاعلة تغري‬ ‫وتبدل وتعطي وهنا ال بد من تنمية اهلوية الثقافية العربية االسالمية واحيائها وجتديدها‬ ‫‪ ،‬وتوليد الثقافة القومية الذاتية اليت حتول دون االستالب الثقايف والغزو الفكري السياسي ‪،‬‬ ‫وتنمية التفاعل بني مظاهر الثقافة العربية املتنوعية يف البلدان العربية‪،‬وتنمية التفاعل بني‬ ‫الثقافة العربية االسالمية و الثقافات العاملية االخرى‪ ،‬وحتقيق دميقراطية الثقافة ومشاركة‬ ‫اجلماهري الواسعة يف بنائها واكتسابها ‪ ،‬والتكامل والرتابط بني التنمية االقتصادية والتنمية‬ ‫الثقافية واالجتماعية ‪ ،‬وتنمية قوى االبداع واخللق لدى املواطن العربي ‪ ،‬ألن االبداع يعد من‬ ‫أهم االهداف املرجتاة الستمرارية الثقافة العربية وتأدية دورها يف البناء احلضارى الشامل ‪،‬‬ ‫فمن هنا جيب ان حنافظ على الذات الثقافية العربية كونها يف واقع االمر اغناء للحياة نفسها‬ ‫‪ ،‬وبهذا نكون قد ارتقينا بثقـافتنا العربية ( انظر املرجع السابق ) ‪ .‬جيب ويف النهاية على األمة‬ ‫العربية اال تدع املصاعب حتط من همتها او تعوق مسريتها ‪ ،‬فاملعوقات والتحديات اليت تواجهها‬ ‫كثرية ‪ ،‬ولكن طموحاتها وامكاناتها كبرية ‪ ،‬وكل ما عليها هو ان تبذل أفضل ما عندها من‬ ‫جهد حتى تكون ثقافة عربية هلا فاعليتها وتأثريها يف احلياة العربية املعاصرة ‪.‬‬ ‫إن مواجهة التحديات احلاضرة يف الثقافة العربية على عمومها حتتاج اىل فهم املاضي فهماً‬ ‫عميقاً برتاثه ومنجزاته واحلاضر بقلقه وابداعاته ومفارقاته واسهاماته ومراراته واملستقبل‬ ‫بغموضه واشراقاته ‪ ،‬وال بد ان نواجه التحديات الداخلية اليت تتمثل باخلرافة واخليال وتغييب‬ ‫العقل فض ً‬ ‫ال عن االمية واجلهل وحتدياته ومواقف السلطة من الثقافة اجلــدية والتفكك الذي‬ ‫بات ميس األمة وثقافتها حتت نزعات خمتلفة طائفية او اقليمية او جهوية او عصبية ‪ ،‬ويبدو‬ ‫ان جتليات النظام الدولي اجلديد والعوملة واالنفتاح وسيطرة القوى العظمى تتضح يف تفتيت‬ ‫القوميات وختريبها وزعزتها وحماولة انهاكها وختريب لغاتها ‪ ،‬و ال ننسى التحديات االخرى‬ ‫اليت تتمثل يف كيفية فهم االخرين ومعرفة ثقافتهم من موقع الثقة بانفسنا ‪ ،‬والفهم الدقيق‬ ‫للعامل يف ظل أحادية القطب ‪ ،‬فهناك ثقافات الشرق ‪ ،‬وهناك الغرب الرأمسالي ‪ ،‬وهناك االغنياء‬ ‫والفقراء ‪ ،‬وهناك االقطاعيات والعبيد وكيف تبدو القرية العاملية الصغرية يف ظل مفهوم‬ ‫العوملة ونذرها ‪ ،‬ويف ظل طغيان املادة على الفكر والثقافة واملعرفة ‪ ،‬وال بد من فهم ثقافة الغرب‬ ‫وخصوصاً الواليات املتحدة االمريكية ‪ ،‬النها االكثر طغياناً يف العامل ‪ ،‬واألكثر سيطرة على‬ ‫وسائل االعالم اجلديد والرأي العام العاملي ‪ ،‬وال ننسى ثقافة العنف اليت تصدرها اىل العامل‬ ‫و املتمثلة يف ضخ اعالمي منذ اكتشاف امريكا وحتى سقوط ثقافة التسامح اإلسالمية يف‬ ‫األندلس اليت ظلت مثا َر اعجاب الغرب حتى عدة قرون مضت ( انظر من قضايا الثقافة العربية‬ ‫املعاصرة ‪ ،‬ص ‪ 219‬وما بعدها ) ‪ ،‬فهل نبقى امام ثقافة االخر وامجني وغائبني ‪ ،‬وهـل يبقى‬ ‫االستالب والعجز هو اإلطار الذي حيكــم واقعنا الثقايف العربي ‪ ،‬أم ال بد من مواجهة التحديات‬ ‫بعقالنية وموضوعية وقدرة على حوار االخر ومعرفة قدراته الحداث التغيري املطلوب ‪ ،‬وان‬ ‫‪462‬‬

‫نبحث ألمتنا عن موقع دون خوف أو عجز أو انغالق ؛ الن أمتنا العربية اإلسالمية كانت مثار‬ ‫اعجاب الدنيا يف عقالنيتها وعدالتها وفكرها وحضارتها وجهود علمائها ‪ ،‬والغاية الوصول اىل‬ ‫صورة نقية وبهية وثرية وجديدة للثقافة العربية ‪ ،‬تكون حرة ومنفتحة وأصلية وواثقة ‪،‬‬ ‫فهل نعي دور أمتنا ‪ ،‬وهل نقرأ تراثنا وتارخينا ‪،‬وهل نعد العدة ملستقبل ال نعرف ما خيبئ لنا ‪.‬‬

‫الصحافة ووسائل النشر االلكترونية والثقافة‬

‫واليوم كيف تبدو عالقة الصحافة ووسائل النشر االلكرتونية بالثقافة‪ ،‬ماذا‬ ‫ ‬ ‫يريد املثقف من وسائل النشر االلكرتونية والصحافة؟ قبل الشروع باإلجابة عن السؤالني‪ ،‬دعنا‬ ‫نتوقف عند مفهومي الثقافة والصحافة ووسائل النشر اجلديدة ‪ ،‬والثقافة يف حاضرنا هي‬ ‫إحدى وسائل االتصال اإلنساني واحلضاري‪ ،‬وهي إحدى العناصر الرئيسة الداخلة والفاعلة يف‬ ‫صياغة التواصل بني الشعوب واألمم إذا ما توافرت هلا إمكانيات االنتشار‪ ،‬وهنا تربز الصحافة‬ ‫ووسائل النشر اجلديدة ‪ ،‬إذ تعد اإلمكانية األوىل املطلوبة النتشار الثقافة‪ ،‬وهذه الوسائل هي‬ ‫إحدى القنوات الرئيسة اليت تتنفس منها الثقافة‪ ،‬وتبدو العالقة بينهما من هذا األساس‪ ،‬ولو‬ ‫نظرنا إىل الصحافة لوجدنا أنها استطاعت ان تنشر إبداعات الكتاب يف جماالت األدب والسياسة‬ ‫واالقتصاد واالجتماع والعلوم والرتاث والفنون بصورة واضحة وكانت هي األداة املهمة وبؤرة‬ ‫الثقافة وجامعة مفتوحة لكل الناس وينتمي الناس اىل هذه اجلامعة بالسليقة‪ ،‬فنحن نفطر‬ ‫صحافة ونتناول منها وجبة ثقاقية ال غنى عنها‪ ،‬والبد أن تكون مقنعة وقادرة على تنمية‬ ‫الفرد القارئ‪ ،‬أن ترفع حسه اجلمالي والفين والثقايف‪ .‬بإختصار تكاد تكون أشد تأثرياً ثقافياً من‬ ‫الكتاب؟ ألن القارئ يقرأ الصحيفة ‪-‬ومع األسف‪ -‬حيجم عن قراءة الكتاب‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال الشاعر ينشر‬ ‫قصيدة له يف الصحيفة فيجد آالف القراء يطالعونها يف حني لو نشرها يف ديوان شعري لن‬ ‫ْ‬ ‫القارى يف وسائل النشر اجلديد يكاد يفتقر اىل‬ ‫جيد ربع هذا العدد أو أقل بكثري‪.‬غري أن ما يراه‬ ‫الثقافة احلقة اليت تربز قيمة هذه الوسائل واهمية االنفتاح‪،‬واليت تعطي مساحة واسعة للراي‬ ‫والرأي األخر ولألسف تفتقر هذه الوسائل للثقافية ؛النها تنشر أشياء خارج املألوف وتساعد‬ ‫على اغتيال شخصيات الناس‪ ،‬وجتدها ال حترتم الذوق العام يف كثري من موادها وافكارها‬ ‫حد حلالة االستهتار اليت‬ ‫‪،‬وهذا يقتضي أن تتحرك اجلهات املسؤولة عن هذا الوضع لوضع ٍّ‬ ‫وصلت إليها بعض املواقع االلكرتونية‪.‬‬ ‫‪...‬وعليه البد أن تكون مساحة الثقافة يف الصحافة ووسائل االعالم‬ ‫ ‬ ‫اجلديد أكرب ‪ ،‬وعليها أن تستفز القارئ‪ ،‬واألخبار لوحدها ال تكفي‪ ،‬وال تعطي رأياً‪ ،‬وال تثري‬ ‫أسئلة‪ ،‬الصحافة الثقافية هي املطلوبة‪ ،‬هي تلك اليت حتمل مواد متنوعة‪ ،‬وجند بعض الصحف‬ ‫العربية تلتفت إىل هذا الدور الثقايف املهم‪ ،‬وجند فيها مساحات ثقافية معقولة وحنن نطالب‬ ‫باملزيد‪ ،‬وبهذا استطاعت الصحافة أن توثق عالقتها بالثقافة‪ ،‬والقارئ اليوم يريد أن يستفز‬ ‫عقله‪ ،‬وأن ترضي الصحيفة طموحه‪ ،‬القارئ يريد أن يفهم ويفكر وحيلل ويتثقف‪ ،‬وما نتمناه‬ ‫‪463‬‬

‫على وسائل االعالم اجلديد أن تعطي جرعات ثقافية أوسع يف صفحاتها‪ ،‬ألن صراعنا اليوم‬ ‫هو صراع ثقايف‪ ،‬وليس صراعاً سياسياً؛ ألن الثقافة تغيري يف األساس واألساس هو املهم‪ ،‬يف‬ ‫حني السياسة متقلبة وهي فن املناورة‪ ،‬والسياسة ال تصنع حضارة يف حني تقوم الثقافة بهذا‬ ‫الدور والتغيري‪ ،‬تغيري يف منط التفكري‪ ،‬والثقافة وعي شامل‪ ،‬وهذا الوعي حيتاج من الصحافة‬ ‫ووسائل االعالم كلها أن تلتفت إليه وحنن يف األلفية الثالثة‪ ،‬خاصة أن املتغريات العاملية‬ ‫تركز على الثقافة بعد انهيار الكتاب واحنسار دوره‪ ،‬وإذا مل نستطع إعادة دور الكتاب‪ ،‬وهو‬ ‫األساس فاملطلوب أن ترفد الصحافة ووسائل االعالم الثقافة من خالل التشويق الصحفي‬ ‫للثقافة‪ ،‬ووسائل االعالم اجلديد إضافة اىل الصحافة متتلك القدرة على االنتاج ولديه القدرة‬ ‫على االنتشار والتأثري واخللق الواعي لبناء االنسان وتنمية وعيه‪.‬‬

‫ثقافة االستجداء‪:‬‬

‫الثقافة كما اشرنا سابقا هي وسيلة التغري واإلصالح والبناء‪ ،‬غري أن بعضنا يعتقد أنها جمرد‬ ‫ديكور وشكل‪ ،‬وأمام هذه الرؤية األحادية تربز أمامنا ثقافة االستجداء واخلواء واهليلمة إن جاز‬ ‫التعبري‪ ،‬وهذه الثقافة باتت عنوان أناس جهالء أو أنانيني أو متعصبني آلرائهم ومصاحلهم‪،‬‬ ‫وبذلك تعود عقارب الساعة إىل الوراء‪ ،‬وبالتالي ينحسر دور الثقافة وتتقوقع يف زوايا اإلهمال‪،‬‬ ‫ولعلنا نلحظ كيف يتحول الفرد املنتج واملبدع من صاحب رؤية ثاقبة إىل زاوية النسيان‬ ‫واالزدراء‪ ،‬إىل متسول على أبواب من يعتقدون أنهم أصحاب الشأن واحلل والربط‪،‬ويف ظل‬ ‫هذا املفهوم تربز األنانية اليت ينتهزها بعض األفراد لتحقيق مصاحلهم الضيقة وذلك لتثبيت‬ ‫ثقافة االستجداء ويظهرون يف أثناء ذلك مهاراتهم وأالعيبهم ونراهم يف ألوان ونشاطات‬ ‫متعددة‪ ،‬فمنهم من يلتفون حول مسؤول يتملقون له الساعات يسعون فيه إىل الفساد واإلفساد‪،‬‬ ‫ومنهم من يزينون األخطاء ويدافعون عن الظلم وقهر اإلنسان‪ ،‬ومنهم فئات تستمرئ قهر‬ ‫اآلخرين وتبنى حياتها على شقاء الناس وسعادتهم ومعيشتهم اليومية‪ ،‬وهؤالء ينتشرون يف‬ ‫مواقع كثرية ينطلقون من براغماتية ألنهم جييدون كل األدوار وميارسون تزييف احلقيقة‬ ‫بالفربكة والدهاء واحليلة واخلداع‪ ،‬ولنا ان ننظر يف مواقع الكرتونية كثرية كيف باتت‬ ‫تقلب احلقائق وتشوه الصواب وتنشر السلبيات وتلهث وراء السبق والرتويج غري الصحيح‪.‬‬ ‫وحني تستعرض الكم اهلائل من الصور اليت تؤكد ثقافة االستجداء ندرك أهمية‬ ‫ ‬ ‫البحث عن وسيلة تفعيل الوعي لتجاوز سلبيات هذه الصور ومنها؛ فهذا موظف متميز يف عمله‬ ‫ميلك رؤية واضحة وفكرة بناءة غري أنه يواجه باإلدانة والرفض وعدم قدرته على فهم حميطه‪،‬‬ ‫ولذلك عليه أن خيلع فكره وميشي يف ركب من حوله أو يلجأ إىل االستجداء والتنازل‪ ،‬وهذا‬ ‫حماضر غري متفرغ يقوم بواجبه على أكمل وجه غري أنه يوسم باالبتذال ألنه أخذ حصة غريه‬ ‫مع أن اإلنسان لن يأخذ أكثر من نصيبه! وهذا مبدع ال حيلة له يرغب بطباعة كتبه يواجه‬ ‫باالستهزاء واالبتزاز من دور النشر ويسمع كالماً جيعله يلعن حلظة اإلبداع! وهذا مراجع‬ ‫‪464‬‬

‫يبحث عن حل ملعضلة يذهب من مكتب آلخر وال يسمع سوى همهمات وضحكات ال تكرتث‬ ‫بوجوده وعليه أن يستجدي حتى يصل مراده! وهذا كاتب أرهقه احملاسب حني طالب حبقه بل‬ ‫أمسعه تأنيباً قاسياً عاد بعدها يقطر حزناً وعرقاً‪ ،‬وذاك طالب يطلب حقه من أستاذه فيسمع‬ ‫تقريعاً مل يعهده يف حياته‪ ،‬وآخر يدخل مكتب أستاذه فيطرده على الفور‪ ،‬واألمر ال يقتصر‬ ‫على هذه الفئات بل إن مثقفي النخبة قد يواجهون الظاهرة نفسها حني يتمنى كبري املثقفني‬ ‫أن يأتوه وحياوره على قاعدة أنه املسؤول عنهم؛ وكأن املطلوب من هذه النخب أن تلجأ إىل‬ ‫املراوغة وأساليب االستجداء لكي حتصل على عطاياه وبركاته واعرتافه بهم‪ ،‬مع أن الثقافة ال‬ ‫عالقة هلا بكبري أو صغري‪ ،‬وإمنا هي أسلوب حياة وال حتتاج ملثل هذا اهلرم‪ ،‬واملثقف احلق يعي‬ ‫واجبه ودوره يف عملية البناء واالنتماء‪ ،‬فهل نتجاوز هذه الظاهرة اليت بدأت تغزو حياتنا؛ إذ‬ ‫ليس حقاً أن يستجدي الفرد لكي يصل حقه مع أن الواجب أن يقوم كل إنسان بواجبه وعمله‬ ‫على أكمل وجه حتى ال تتحول املسألة إىل أسلوب جديد يف احلياة‪ ،‬فهل نعي خطورة هذه‬ ‫الثقافة وحناربها ونكشف املستور فيها؟!‬

‫غياب ثقافة االنتاج !‬

‫الثقافة طموح مشروع ووسيلة بناء وارتقاء ‪،‬وثقافة االنتاج هي اليت حتدد هوية االنسان‬ ‫ومكانته وقدرته على اختاذ القرار بنفسه ‪،‬غري ّ‬ ‫أن من يتأمل أحوال العامل العربي االقتصادية‬ ‫يراها ال تسر احداً‪،‬ملا فيها من مفارقات وطموحات تتجاوز الواقع واألمل نفسه‪،‬حتول معها‬ ‫اإلنسان العربي إىل جمرد مستهلك يبحث عن لقمة عيشه ‪،‬وقد طلق اإلنتاج والعمل لصاحل‬ ‫االسرتخاء‪،‬وأسلم الكثري منهم نهبا للبطالة والفقر ‪،‬وحتولت اجملتعات العربية من اإلنتاج‬ ‫اىل ثقافة االستهالك ‪،‬من االعتماد على الذات اىل االعتماد على الراتب واهلبات واملساعدات‪،‬‬ ‫من احلجم الطبيعي للفرد إىل حجم يثري الشفقة والصدمة واالمشئزاز‪،‬من البساطة واهلمة‬ ‫وجمتمع الفضيلة اىل التعقيد والتقاعس وجتاوز القيم‪،‬من الشهامة واإليثار والتعاضد إىل‬ ‫املنافع واملصاحل الفردية‪،‬وتطول قائمة التحوالت االجتماعية يف حياة الفرد حتى غاب معها‬ ‫كل شيء له عالقة بالعمل املنتج الذي حيمل االخر على الوقوف من أمتنا موقف الند‬ ‫واالحرتام‪،‬فأين هي ثقافة االنتاج اليت كانت متد االسرة باحتياجاتها ومتطلباتها على مدار‬ ‫العام؟ملاذا غاب االنتاج لصاحل االستهالك؟ ملاذا تتقاعس اهلمم‪،‬وملاذا نرتدي ثيابا أكرب من‬ ‫احجامنا؟ من املسؤول عن ضياع االنتاج الزراعي‪,‬وملاذا ال تعاد االمور اىل نصابها وواقعيتها‬ ‫ووضعها الطبيعي؟‬ ‫إن سر جناح اجملتمع هو ثقافة االنتاج اليت حترك عجلة احلياة غري ان أسلوب احلياة‬ ‫القائم على االستهالك واالستحواذ واملنفعة الفردية مع غياب املصلحة العامة وإرادة العمل‬ ‫احلر املنتج يولد الالمسؤولية وثقافة الفقر والتهميش والعطش والكثري من االزمات الطاحنة‬ ‫‪،‬ولذلك ال بد من التغيري؛تغيري األفكار االستهالكية إىل أفكار انتاجية وعملية ؛إذ ال يعقل أن‬ ‫‪465‬‬

‫تتصدى الدول الكربى لالنتاج مبا فيها الزراعي ويتفرغ العامل العربي اىل االستهالك ‪،‬وهل‬ ‫يعقل ان ميدنا املزارع األمريكي واالسرتالي والكندي بكل احتياجاتنا الزراعية ويف العامل العربي‬ ‫ماليني اهلكتارات اليت تصلح للزراعة‪ ،‬وهل يعقل ان يبقى العرب يف هذه املعادلة غري املنطقية‪،‬‬ ‫أين املزارع العربي؟ وأين دوره وملاذا ال ترسم له السياسات الصحيحة؟ وما دور كليات الزراعة‬ ‫العربية‪ ،‬ملاذا ال تتحرك هذه الكليات وتقوم بدورها يف تعزيز االنتاج وتنمية ثقافته؟ وملاذا‬ ‫ال تكون هذه الكليات عملية وفاعلة وذات فائدة يف هذا امليدان؟إذ ال جيوز ان ينحصر دورها‬ ‫يف التدريس النظري وختريج الشباب املؤهل الذي ال جيد فرصة العمل‪ ،‬اين وسائل االعالم‬ ‫اليت تنبه اىل غياب هذه الثقافة يف عامل اليومنخاصة ان وسائل االعالم على اختالف ألوانها‬ ‫وأغفكارها واشكاهلا قادرة على تغيري وجهات النظر وحتوياها اىل حالة وعي تستوجب الدور‬ ‫الذي تظطلع به ثقافة االنتاج يف حياة األفراد‪ ،‬هذه مسؤولية السياسات العربية اليت جيب‬ ‫ان تنطلق اىل االرض الستصالحها وزراعتها واخراج خرباتها‪،‬ولنتذكر قول ابن خلدون‪:‬اعلم‬ ‫أن الكسب إمنا يكون بالسعي يف االقتصاد والقصد اىل التحصيل؛فال بد يف الرزق من سعي‬ ‫وعمل‪،‬وخيلص اىل أن اإلفادات واملكتسبات؛السلع واملنتجات‪،‬كلها أو أكثرها إمنا هي قيم‬ ‫األعمال االنسانية ‪ .‬آن أوان ثقافة العمل والكسب والرجوع اىل االرض لكي تتخلص جمتمعاتنا‬ ‫العربية من االحتكار واالستهالك والتبعية يف قراراتها وسياساتها ‪.‬‬

‫الثقافة والحوار‪:‬‬

‫حني يكون اجملتمع مليئاً باملتغريات واملتناقضات واالختالفات وانقالب يف مفاهيمه فانه يتجه‬ ‫اىل إما اىل النزاع والعبث وإما اىل احلوار والتفاهم‪ .‬واملسلك األول نتاج عقلية فردية ذاتية‬ ‫واجملتمع ال ميكن أن يسري برأي واحد وال ميكن أن خيرج أجياال عبارة عن نسخ كربونية‬ ‫متكررة‪ .‬أما املسلك الثاني فهو نتاج عقلية مجاعية تؤمن بوجود اآلخر‪ .‬وترفض إلغاؤه وال‬ ‫تسعى للسيطرة عليه فكرا وسلوكا‪ .‬عقلية ال حتتكر العلم واملعرفة دون اآلخر بل وتسعى‬ ‫ملشاركة اآلخر عن طريق تقديره واحرتام رأيه وحماولة فهمه من أجل دوام الصلة معه‪( .‬‬ ‫انظر د‪.‬علي حممد جربان‪،‬امنا ثقافة احلوار بني طلبة اجلامعات ‪،‬جامعة الريموك‪،2008،‬ورقة‬ ‫مقدمة ملؤمتر جامعة االمرية مسيه للتكنولوجيا‪).‬‬ ‫ولذلك فان للحوار دورا فاعال يف تقويض النزاعات وانهاء سوء الفهم بني الناس وتليني‬ ‫مواقفهم لكي يقروا بقبول الرأي االخر ‪،‬واحلوار مظهر من مظاهر التقدم والتحضر ‪،‬خاصة اذا‬ ‫امتلك لغة هادئة وناضجة تستطيع انتصل لباالنسان اىل هدفه وبالتالي حتقق له ما يصبوا اليه‬ ‫من رقي وتقدم‪ ،‬فضال عن جتاوزها الحتكار الرأي والتشنج الذي باتت تسببه وسائل االعالم‬ ‫اجلديد يف املواقع االلكرتونية الكثرية اليت تنتشر بسرعة الربق يف خمتلف ارجاء العامل‪.‬‬ ‫وتكتسب ثقافة احلوار اهمية واضحة يف مواجهة التعصب واالنغالق وعدم التسامح ‪،‬وتهدف‬ ‫‪466‬‬

‫اىل اجياد ارضية صلبة لبناء الفرد الذي حيتاج وباستمرار اىل ثقافة احلوار ‪ ،‬احلوار احلر املسؤول‬ ‫الذي يسمح له أن يبدي رأيه بأرحيية وحرية ‪ ،‬حبيث ال حيتاج اىل قمع رأيه‪ ،‬وكأنه يتحمل‬ ‫مسؤولية كل ما جيري يف اجملتمع وأروقته ‪،‬وامنا حيتاج اىل عقول مفتوحة وصدور واسعة‬ ‫تتحمل رأيه حتى لو كان قاسياً ‪ ،‬وإال كيف سنبين جي ً‬ ‫ال واعياً قادراً على حتمل املسؤولية‬ ‫‪ ،‬حيتاج اىل ثقافة مشولية ليس يف الندوات والورش املتخصصة اليت تعاجل قضاياه وحسب؛‬ ‫وإمنا حيتاج اىل ثقافة حوارية داخل اجلامعات ‪ ،‬مع أساتذته وزمالئه وأقرانه ‪ ،‬حيتاج اىل فكر‬ ‫أبوي وأسري يشعره بقيمته ووجوده ‪ ،‬حيتاج اىل فكر وطين حقيقي يعزز يف نفسه حب الوطن‬ ‫ويشعره أنه من نسيج هذا الوطن وأرضه ‪ ،‬حيتاج اىل رؤية واضحة ممن يتعاملون معه حبيث‬ ‫ال تقصيه وترفض أنشطته وأفكاره ‪ ،‬حيتاج اىل عاملني يعرفون قيمة احلوار معه‪ ،‬ويدركون‬ ‫أهمية استقطابه وتنمية إبداعه ‪ ،‬وال حيتاج ان يقرع او يقلل من رأيه ‪ ،‬واال كيف سيتعامل مع‬ ‫جمتمعه واقرانه ‪.‬اننا أمام مشكلة حقيقية تدب يف جمتمعاتنا وتستشري يف جامعاتنا العربية‬ ‫وحتتاج منا دراستها كظاهرة بدأت تظهر بفعل عوامل متعددة متتاز بالشدة والقسوة والتمرد‬ ‫على الواقع وتتخطي حدود العرف اجلامعي والتعدي على القيم االكادميية واألخالقية‬ ‫واحلياد عن الفطرة اإلنسانية الراقية اليت تستدعي استخدام العنف وتهديد اآلخرين وإحلاق‬ ‫األذى اللفظي أو البدني واألضرار املادية واملعنوية بالفرد واجملتمع‪.‬‬ ‫وتعد مرحلة الشباب أخطر املراحل العمرية وأهمها ‪ ،‬ألنها مرحلة البناء واإلنتاج والعطاء‬ ‫والزهو والعنفوان والقوة وميتلك فيها الشاب نشاطاً وحيوية ومحاسة قد جتعله مهيئاً للقيام‬ ‫مبا يكلف به ‪ ،‬ولذلك ‪ ،‬يرتبط العنف بصفة خاصة بهذه املرحلة وسواء أكانت دوافعه وأسبابه‬ ‫داخلية حملية أم خارجية فانه ينال من مقدرات اجملتمع اجلامعي واجملتمع عامة ويعيق‬ ‫تقدمه والضحية هذه الفئة اليت يغرر بها بفعل عوامل متشابكة يعاني منها الشباب وحتول‬ ‫دون حتقيق أهدافهم ورغباتهم وحاجاتهم أو إثبات ذاتهم ‪ ،‬وأشكال العنف اليت تنتابهم كثرية‬ ‫منها البسيط الذي ال يتجاوز غضب اآلخر ‪ ،‬ومنها الشديد الذي يصل اىل حماولة إيذاء حياة‬ ‫اآلخر ‪ ،‬وعليه ال بد من التعرف على ماهية هذه الظاهرة ودالالتها والكشف عن طبيعتها يف‬ ‫االجتاهات الفكرية املعاصرة ورصد أسبابها والوقوف على أبعادها واستكشاف آثارها املرتتبة‬ ‫على انتشارها يف جمتمعاتنا وجامعاتنا وبالتالي استشراف أسس املنظومة الرتبوية وركائزها‬ ‫ومالحمها للتصدي هلذه الظاهرة وتلمس مسارات عالجها ‪ ،‬وأهم عوامل النهوض بهذه الفئة‪،‬‬ ‫العمل على فتح نوافذ احلوار املتمدن ونشر ثقافة احلوار اليت تتطلب من الشباب أن يتخلوا عن‬ ‫املراهنة واخلوف واعالن آرائهم وتربيتهم على اجلرأة يف قول احلق دون احلاجة اىل التملق‬ ‫واملديح املنافق واستيعاب اآلخر واحرتام رأيه وحقوقه وتفعيل البحث عن املوضوعية بعيداً عن‬ ‫األنانية والذاتية عن طريق تقييم احلوار واالعرتاف بوجود اآلخر املختلف واحرتام حقه يف‬ ‫الدفاع عن رأيه وموقفه ‪ ،‬وفهم اآلخر والتفاهم معه ال يتحققان دون أن تتسع ذواتنا وأنفسنا له‬ ‫‪ ،‬واحلقيقة ليست يف األنا وإمنا تتكامل مع اآلخر ‪ ،‬ألن احلوار مع اآلخر هو الذي يكشف ذاتنا‬ ‫‪467‬‬

‫وحقيقتنا ‪ ،‬ولذلك على الشباب اجلامعي الذي يعتد بذاته ونفسه أن يعرتف بزميله ويسمع‬ ‫رأيه حتى حنقق قدراً بسيطاً من ثقافة احلوار ‪ ،‬وثقافة احلوار ال تتم من طرف واحد وال‬ ‫تنطلق من ثقافة سطحية وقشور غري ناضجة‪،‬وإمنا حتتاج اىل ندوات وقراءات وحماضرات‬ ‫ثقافية تعقد للشباب بني حني وآخر لكي يتعود الشباب على حوار علمي مبين على معلومات‬ ‫صحيحة وسليمة وهذا يتطلب استغالل أوقات فراغ الشباب يف القراءة واملطالعة جبد وتعب‬ ‫ومعرفة وعلم وصرب وخاصة أن الشاب يندفع ويتسرع يف اختاذ رأيه وموقفه دون أن يدرك أنه‬ ‫حيتاج اىل تأمل وتأن وطول بال ‪.‬وثقافة احلوار تتطلب من الطرف اآلخر الذي حياور الشباب‬ ‫أن ال يكون واعظاً على منرب مبقدار ما يكون صديقاً مسرياً صادقاً يف طروحاته وأفكاره حبيث‬ ‫يستطيع تقريب املسافات وردم اهلوة مع هذا اجليل الستيعابه وتثقيفه وتعليمه أسلوب احلوار‬ ‫احلضاري الراقي القائم على احرتام الراي االخر وتقديره ‪،‬حتى ال تسرقه الصورة مبعطياتها‬ ‫واشكاهلا من عامله احلقيقي يف زمن املد العوملي‪.‬‬

‫ثقافة الصورة ‪:‬‬

‫التحوالت اليت يشهدها عصرنا جاءت على معظم مفاصل احلياة‪ ،‬إذ مل ترتك شيئاً دون أن‬ ‫حتركه يف أي جتاه كان‪ ،‬ولعل أوىل هذه التغريات انتقال ثقل احلرف إىل الصورة‪ ،‬حيث‬ ‫مل تعد الكتابة ذات جدوى يف عصر الصورة‪ ،‬وذلك لعدم قناعة األجيال اجلديدة بالقراءة‪،‬‬ ‫وحني نسأل عن آخر كتاب قرأته‪ ،‬وعن آخر قصة أو رواية أو مقالة‪ ،‬تأتي اإلجابة عكس ما‬ ‫تتوقع؛ وكأن للقراءة أعداء يتمرتسون هلا يف احلقول املتنوعة‪ ،‬وهذا أفضى إىل حماربة الثقافة‬ ‫العميقة‪ ،‬وجمرد مقارنة بني القراء يف العامل العربي والعامل الغربي نكتشف النسب الفارقة‪،‬‬ ‫وجمتمع املعرفة حيتاج إىل قراءة مستمرة‪ ،‬بينما جمتمع الصورة ال حيتاج إىل أكثر من‬ ‫مشاهدتها وبالتالي احلكم على مجاليتها وذائقته حنوها‪.‬‬ ‫وعصرنا يضيق بكل شيء حتى وصل إىل حد اإلغراق والتشبع والتكرار والتضخم‬ ‫ ‬ ‫وخصوصاً يف مسألة الثقافة البشرية‪ ،‬وحني نستعرض النماذج اليت نعايشها واملواقع اليت‬ ‫نشاهدها سواء يف اجملتمع او وسائل النشر اجلديدة ال ترى ثقافة األدب وجدّيته مبقدار ما‬ ‫ترى الثقافة العامة أو ثقافة الصورة‪ ،‬املتمثلة بالدراما التلفزيونية والسينما اجلديدة والفيديو‬ ‫كليب واالعالنات االلكرتونيةالفظيعة يف املواقع االلكرتونيةووسائل النشر اجلديدة وغريها‬ ‫من الصور اليت تتغري معها أدوات الرؤية‪ ،‬واملؤسف أننا نرى املطابع تدفع يومياً مبئات الكتب‬ ‫وال جند من يشرتيها أو يطالعها يف حني جند مئات احملطات الفضائيةواملواقع االلكرتونية‬ ‫تستقطب األجيال وتدفعهم للتمرتس أمامها ساعات وساعات‪ ،‬والنتيجة غياب الكتاب وحضور‬ ‫الصورة‪ ،‬وهو ما ينعكس على القدرة على النقد والتمييز واألذواق‪ ،‬ولذلك‪ ،‬آن لنا أن نعيد‬

‫‪468‬‬

‫ترتيب أولوياتنا النقدية والثقافية حبيث تتناسب مع االنقالب الثقايف واملعريف الذي ال خيتص‬ ‫جبهة أو منطقة حمددة‪ ،‬بل هي موجة عاملية جتتاح العامل أفضت إىل احنسار الثقافة الرصينة‬ ‫واجلدية يف احلوارات والطروحات والنقاش‪ ،‬واحنسار الشعر وأمسياته وقراءاته‪ ،‬وكم نقرأ عن‬ ‫أمسية أو ندوة أو ورشة علمية تعقد هنا أوهناك وتذهب وال جتد سوى العدد القليل‪ ،‬وهكذا‬ ‫يغيب الفعل الثقايف بوصفه سلوكاً حيكم عالقات األفراد يف إطار من القيم لصاحل فعل الصورة‬ ‫وطابعها الرتوجيي الذي يفضي إىل التسطيح وإبادة املعرفة وانتشار األمية‪.‬‬ ‫واألمم احلية حتشد كل مكنوناتها ومناهجها وجامعاتها وإنسانها إىل مشاريعها‬ ‫ ‬ ‫احلضارية القائمة على الوعي اخلالق واملعرفة والعلم واإلبداع واالبتكار والتفاعالت اإلجيابية‬ ‫اليت تؤدي إىل التنوع واالختالف لكي ال يفقد السلوك املتفوق داللته وحضوره حلساب صور‬ ‫وظالل شاحبة وتنويعات تزيد مساحات اجلهل واألمية‪ ،‬وها حنن نشهد كيف ترتاجع‬ ‫وتنحسر وسائل التثقيف أو التعليق على احلياة لصاحل التلفاز والصورة ووسائل االعالم كلها‬ ‫يف عامل جديد تتسع فيه رقعة الصور املتباينة على حساب غياب الثقافة ومظاهرها العقالنية‬ ‫وتفاعالتها يف الفرد واجلماعة‪.‬‬

‫تفعيل الثقافة وانتاجها‪:‬‬

‫تعيش الثقافة يف زمن متغري وتنطوي على اشكاليات واختالالت بني وعيها وفعلها‪ ،‬وبني‬ ‫ماضيها ومستقبلها وبني خطاب ماضوي جيهد يف التشبث باملاضي الرجاعنا اىل عصور خلت‬ ‫وانتهت‪ ،‬وخطاب مستقبلي يقفز على ثوابت احلاضر وأفكاره‪ ،‬وحنن بني معادلتني تشهدان على‬ ‫عجز يعكس أزمة تطحن الوعي وتسطحه وتضعه يف قوالب جامدة تزيد من التعصب واالنغالق‬ ‫والتطرف‪ ،‬وبني هاتني املعادلتني تربز أهمية مزج االبعاد اليت حتدد القيمة احلقيقية للثقافة‬ ‫يف اطار دقيق من املعاينة لردم اهلوة اليت تعيق الطاقات واالنتاج الثقايف يف احملافل اليت تسعى‬ ‫الثقافة للوصول اليها‪ ،‬وقبل ان ننظر يف الكيفية اليت تعيد للثقافة فعلها وحضورها نسأل سؤال‬ ‫القلق الذي طرحه شكيب ارسالن يف اوائل القرن املاضي‪ :‬ملاذا تراجع العرب وتقدم غريهم؟‬ ‫لنقول ملاذا تراجع حالنا الثقايف‪ ،‬وملاذا يبدو خطابنا الثقايف يف ختبط‪ ،‬أألننا ال نعرتف باملأسسة‬ ‫والدميومة‪ ،‬أم ألننا ال حنسن التخطيط واالختيار وال نعرتف باالنفتاح بل حنسن االنكماش‬ ‫والدفاع؟! ومن يتابع حالنا الثقايف ال يرى أثرا لتأسيس الواقع احلالي على أفكار وخطط انتهينا‬ ‫منها البارحة‪ ،‬وكأن املطلوب أن نستمر يف حضورنا دون غرينا‪ ،‬ألننا احملور الذي تدور حوله‬ ‫الدوائر‪ ،‬وهذه األطر ال تفعل الثقافة وال تنتجها وال تغري الواقع‪ ،‬وامنا تعيدنا اىل املربع االول‪.‬‬ ‫والثقافة ليست ترفا ذهنيا‪ ،‬بل هي أرقى درجات سلم التقدم‪ ،‬فهي حتصن االنسان وتدفع به اىل‬ ‫الرفاهية والوعي‪ ،‬واذا مل تكن‪ ،‬فلماذا تضع الدول املتقدمة خططها الثقافية وأفكارها التنويرية‬ ‫جملتمعاتها وانسانها؟ وملاذا ختصص هلا املؤسسات والدوائر والوزارات؟ والثقافة ال ميكن ان تكون‬ ‫ترفا يسد فراغ اإلنسان‪ ،‬وال ميكن ان تكون منصبا يوزع مكاسبه على فئة دون أخرى‪ ،‬وإمنا هي‬ ‫‪469‬‬

‫القاعدة احلضارية اليت تعيد لإلنسان توازنه وتؤهله للحوار والنقاش والرؤية‪ ،‬وبدونها يبقى‬ ‫الفكر معطال واإلنسان متأرجحا يف آرائه ومواقفه وتصوراته‪ ،‬واملهم ان الثقافة فعل انساني ال‬ ‫غنى عنه‪ ،‬واداة قياس متايز بني البشر‪ ،‬ورأس مال معنوي يوسع املدارك‪ ،‬وميهد الطريق للتفاهم‬ ‫والتعاون والتنمية‪ ،‬ويفتح آفاق االنسان واجتاهاته‪ ،‬ويؤسس لقيم الثقة والتنافس‪ .‬وحب العمل‬ ‫والثواب والعقاب واالبتكار واالبداع واالجناز واملبادرة‪ ،‬ونقيض ذلك تقاعس وبرود وروتني‬ ‫وهروب واستجداء وحتيز وشد عكسي‪ ،‬والثقافة إعادة بناء لقطاعات احلياة كلها بأسلوب‬ ‫شفاف ومبنطق يكسر اجلمود والثبات والتخلف‪ ،‬ويبحث عن التغيري واالصالح والتالقح وحني‬ ‫ندقق مبنظومات الدول املتقدمة نرى ان الثقافة قد مارست فعلها احلقيقي يف النمو والتغيري‬ ‫والرقي والتقدم‪ ،‬فضال عن انها مل تذعن لآلراء الضيقة واالفكار املريضة والتحيز والفرضيات‬ ‫واالستغالل غري العقالني‪ ،‬وظل هدفها طموح االنسان ورغبته يف التجديد واإلتقان بعيدا عن‬ ‫االحباط ومكنونات الفشل والتلوث الفكري‪ ،‬وحني نقرأ واقع البيت الثقايف نرى أنه حباجة اىل‬ ‫نسيم ينعش البدن‪ ،‬وماء زالل يروي الظمأ‪ ،‬وفهم قائم على املوازين تأخذ باالسباب اليت تبلغ‬ ‫باجملتمع اىل مستوى الطموح‪ ،‬وال يقبل ردود الفعل املركبة القائمة على املفاخرة واملكابرة‬ ‫واملغاالة والبهرجة دون نفاذ اىل اطراف البيت كله حبركة تستوعب الرقعة االجتماعية‬ ‫كلها حبيث تتجنب حتالفات اصحاب املكاسب ومنطقهم النفعي اآلني‪ ،‬ومواقف الضعاف من‬ ‫املثقفني النفعيني‪ ،‬وال جيوز ان تبقى احلرية والتربم والتعليل القاعدة‪ ،‬وإمنا ال بد ان يتسع‬ ‫تيار الوعي لدى اجلميع حبيث حيوي البيت كل ايقاعات املثقفني وأفكارهم وألوانهم على ان‬ ‫يطاهلم الدعم والرعاية واالهتمام واالرتقاء على أساس من االنتماء وتأكيد اهلوية الوطنية يف‬ ‫املنتج الثقايف‪ ،‬وتطوير الفكر والوعي وفقا حلاجات اجملتمع وقدراته‪ ،‬وحينها ال يطرح أحد ماذا‬ ‫يرى املثقف من بيته الثقايف‪.‬وإشاراتنا هذه ال حتط من قدر أحد‪ ،‬وإمنا حتاول أن تعيد مركز‬ ‫الرؤية اىل مفهومه املعياري بعد ان غاب يف سياق معرفة ذهنية جمردة ال جتسد املشهد الثقايف‬ ‫الذي كان اىل وقت قريب ينمو وينحو باجتاه التنسيق والتميز والفعل وبلورة ثقافة واضحة‬ ‫ختدم حركة التنوير والتغيري واإلصالح يف شتى شؤون احلياة‪.‬‬ ‫وبعد فإن على املثقفني أن يتحملوا مسؤولياتهم يف هذا الوقت حتديدا بعد أن شاهدنا فصول‬ ‫سقوط بغداد‪ ,‬لوقف االنهيارات النفسية واالجتماعية اليت أصابت اجلسم العربي كله‪ ,‬وإيقاف‬ ‫حالة العجز والغموض واحلذلقة وحماربة التخلف بكل أشكاله وألوانه وحماولة جتيد عناصر‬ ‫الوعي وحرية العقل وازدهار العلم‪ ,‬ألن هذه هي الروافع احلقيقة لوقف حالة التدهور الذي‬ ‫أصاب األمة‪ ,‬وهنا ال بد أن نعيد عالقتنا مع أفكارنا وان خنرج من األنـا املتضخمة اليت باتت‬ ‫هي أساس اخلالفات بني املثقفني الذين يفرتض فيهم أن يكونوا قادة اجملتمع واصحاب الفكر‬ ‫والرأي واحلصافة أهل احلل والربط أساس التقدم ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫‪470‬‬

‫املثقفون احلقيقيون ال يهتمون باألنــا وصغائر األمور‪ ,‬وإمنا يرتفعون عنها ويواصلون‬

‫طريقهم ينبهون الناس إىل واقعهم ويبصرونهم بأحواهلم وشؤونهم ‪,‬ويقفون يف وجه الظلم‬ ‫واالعتداء على كرامة اإلنسان‪ ,‬واملثقفون الكبار (النخبويون) ال يراقبون الناس من أبراجهم‪,‬‬ ‫ألن املثقف النخبوي والنزيه ال يقبل أن يضع رأسه على وسادته دون أن يشارك أقرانه همومهم‬ ‫وأحالمهم وآماهلم‪ ,‬وغياب هذه النخبة عن اجملتمع يهدد اجملتمع الذي سيعتمد على الثقافة‬ ‫اجلماهريية اليت يبثها األجنيب عرب وسائله املتعددة وأساليبه املتنوعة‪ ,‬وبهذا يتعرض اجملتمع‬ ‫للخطر‪ ,‬ومن اخلطأ أن ختتزل الثقافة يف أروقة النخبة مع أن حيوية الثقافة وفاعليتها مرهونة‬ ‫بتوسعها وتوسيع قاعدتها االجتماعية ‪,‬وهلذا فإن الثقافة ينبغي أال تكون معزولة عن حركة‬ ‫اجملتمع ألن تفاعل اجملتمع معها سيغذيها بأسئلة وآفاق جديدة وال شك أن جتديد الثقافة‬ ‫مرهون بتفاعلها مع اجملتمع وااللتصاق به‪ ,‬ألننا ال ميكن أن نتصور جمتمعا بال ثقافة‪,‬كما ال‬ ‫ميكن أن حنصل على ثقافة بدون اجملتمع‪.‬‬ ‫وعليه‪ ,‬فإن ما نرنو إليه ثقافة مشولية تصلح للمجتمع والناس مجيعا ال تعرف العنصرية وال‬ ‫تعتنق العصبية أو اإلقليمية الضيقة وال االنغالق أو التقوقع ‪,‬تنطلق يف األرجاء تالقح الثقافات‬ ‫األخرى‪,‬تأخذ النافع‪ ,‬وترفض الضار‪ ,‬نريد لثقافتنا آال تكون على اهلامش‪ ,‬وأن تكون قضية كل‬ ‫واحد منا ‪,‬وأن يكون للجامعات مشركاتها يف البحث عن الرتاجع الذي نراه يف الواقع الثقايف‪,‬‬ ‫وجيب أن يكون هلا الدور الرئيس يف القضاء على الفرقة والتخلف وحماربة كل أشكال الغزو‬ ‫الثقايف ‪ ,‬وعلى املثقفني أن يبادروا يف القضايا الوطنية واإلنسانية والبحث عن البنية الفكرية‬ ‫والتجربة احلضارية اليت مرت بها امتنا‪ ,‬وعليهم أن يعرضوا أفكارهم بوضوح وجرأة دون أن‬ ‫يعرضوا منابرهم للهدم والسقوط‪ ,‬وان تكون أفكارهم امتدادا بني كلماتهم وافعاهلم ‪ ,‬وان يكونوا‬ ‫َ‬ ‫دعاة أصالة والتزام وأن يسعوا حنو ثقافة خالقة مبدعة‪ ,‬وأن ال يرتكوا جيل الشباب واقفا على‬ ‫أوىل درجات السلم‪ ,‬ال بد أن يأخذوا بأيديهم ويرفعوا من همتهم وقدراتهم حتى يكونوا معهم يف‬ ‫الطليعة‪ ,‬ويف اخلتام جيب أال توهن املصاعب من همتنا أو تعوق مسريتنا‪ ,‬فاملعوقات والتحديات‬ ‫اليت تواجهنا اليوم كثرية‪ ,‬ولكن طموحاتنا وإمكاناتنا كبرية وكل ما علينا أن نبذل افضل ما‬ ‫عندنا من جهد حتى تكون لثقافتنا أثرها يف حياتنا‪.‬‬ ‫ويف اخلتام على املثقفني أن يشاركوا يف صياغة املشروع الثقايف‪ ,‬وان يتكاتفوا‬ ‫ويرتقوا بأفكارهم وأفعاهلم لصاحل االنسان وصناعة الثقافة وخلق ثقافة حقيقية متايز أعظم‬ ‫الثقافات‪ .‬واملطلوب من املؤسسات الثقافية على اختالف وجودها ان تدعم الثقافة وان تضع‬ ‫التشريعات واالنظمة اليت تهييء للثقافة حضورها الصحيح يف املشهد االنساني‪ ،‬وأن ترفد‬ ‫الصحافة ووسائل االعالم اجلديدة الثقافة من خالل التشويق الصحفي للثقافة‪ ،‬والصحافة‬ ‫صناعة متتلك أوسع اإلمكانات يف نشر ثقافة اإلنسان وتنمية وعيه‪ ,‬واألمل بالصحافة أن تقف‬ ‫إىل جانب املنجز الثقايف كي تضيئه وتعممه وتنشره إىل اكرب مساحة ممكنة‪,‬‬ ‫‪471‬‬

‫( المــراجــــع )‬

‫‪1 .1‬نظرات يف الثقافة ‪ ،‬هادى شابريد ‪ ،‬ترمجة حممد علي العريان ‪ ،‬دار احياء الكتب العربية ‪،‬‬ ‫القاهرة ‪1961 ،‬م ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬جتديد الفكر العربي ‪ ،‬زكي جنيب حممود ‪ ،‬دار الشروق ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬وثائــق املؤمتر الثقايف الوطين الثالث ‪ ،‬اجلامعة األردنية ‪ ،‬عمان ‪. 1986 ،‬‬ ‫‪4 .4‬خطاب اىل العقل العربي ‪ ،‬فؤاد زكريا ‪ ،‬الكويت ‪. 1985 ،‬‬ ‫‪5 .5‬املسألة الثقافية ‪ ،‬د‪ .‬حممد عابد اجلابري ‪ ،‬بريوت ‪. 1994 ،‬‬ ‫‪6 .6‬هموم ثقافية ‪ ،‬حييى حقي ‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب ‪. 1986 ،‬‬ ‫‪7 .7‬التنمية الثقافية جتارب اقليمية ‪ ،‬تأليف جمموعة من املفكريــــن ‪ ،‬ترمجة سليم مكسور ‪،‬‬ ‫املؤسسة العربية للدراسات والنشر ‪. 1983 ،‬‬ ‫‪8 .8‬من قضايا الثقافة العربية املعاصرة ‪ ،‬حمي الدين صابر ‪ ،‬املكتبة العصرية ‪ ،‬بريوت ‪.‬‬ ‫‪9 .9‬اخلطة الشاملة للثقافة العربية ‪ ،‬اجمللد الثالث ‪ ،‬القسم الثالث ‪ ،‬الكويت ‪. 1986 ،‬‬ ‫‪1010‬فـــي سبيل ثقافة عربية ذاتية ‪ ،‬الدكتور عبد اهلل عبد الدائم ‪ ،‬دار اآلداب ‪ ،‬بريوت ‪. 1983 ،‬‬ ‫‪1111‬جملـــة العربي ‪ ،‬الكويت ‪ « ،‬مفارقات الثقافية وفضائحها « ‪ ،‬د‪ .‬علي حرب ‪ ،‬نوفمرب ‪. 1997‬‬ ‫‪1212‬خطاب اىل العقل العربي ‪ ،‬فؤاد زكريا ‪ ،‬الكويت ‪. 1985 ،‬‬ ‫‪1313‬املسألة الثقافية ‪ ،‬د‪ .‬حممد عابد اجلابري ‪ ،‬بريوت ‪. 1994 ،‬‬ ‫‪1414‬اجمللة الثقافية ‪ ،‬اجلامعة األردنية ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األعداد ( ‪) 3،4،7،15،21،43‬‬ ‫‪. 1983-1998‬‬ ‫‪.1515‬د‪.‬علي حممد جربان‪،‬إمناء ثقافة احلوار بني طلبة اجلامعات ‪،‬جامعة الريموك‪ ،‬ورقة‬ ‫مقدمة ملؤمتر جامعة االمرية مسيه للتكنولوجيا‪2008،‬‬ ‫‪«.16‬التحدي واالنكسار يف اخلطاب العربي املعاصر» د‪ .‬حممد امحد القضاة‪ ،‬حبث منشور‬ ‫يف كتاب «اخلطاب العربي عند منعطف القرن احلادي والعشرين»‪،‬كلية اآلداب‪ ،‬جامعة‬ ‫طنطا‪،‬مجهورية مصر العربية‪.2007،‬‬

‫‪472‬‬

!»‫ظهور»االقتصاد الالمادي» و ازدهار «صناعات اإلدمان‬

-----------------------------------------

‫املعز بن مسعود‬.‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract The establishment of the Immaterial Economy saw the emergence of a number of cultural innovative products that responded the e treme consumerism and helped establish a new kind of contradictory materialistic behavior and values. Globalization, which radically changed the traditional concepts of time and place, contributed greatly in marketing these new pro ucts. The IT revolution strengthened the link between innovation and The Immaterial Economy. It opened the way towards the emergence of new innovative industries with completely new products. These new cultural products exploited the whole available media array from television, cinema, Internet to video games. They were considered by some as the perfect embodiment of social inequality that represented a new Communication Ideology which contributed to increasing the digital gap between North and South, as well as to the thriving of the industry of addiction.

Key Words Immaterial Economy // Globalization // IT revolution // innovative industries // new cultural products // behavior // values // Comm nication Ideology // Industry of Addiction. 473

‫كرس الواقع اجلديد لالقتصاد الالمادي بروز صناعات إبداعية ثقافية مبتكرة‪ ،‬أكثر جتاوبا‬ ‫مع حس االستهالك الشره‪ ،‬فسحت اجملال واسعا أمام سلوكيات جديدة أشاعت قيما مادية قد‬ ‫تتعايش مبستويات خمتلفة من التضاد‪ ،‬والصراع ولكنها لن خترج ‪ -‬يف نهاية األمر‪ -‬من إطار‬ ‫الوعاء الذي صمم هلا من قبل صانعيها‪ ،‬أو األهداف اليت وُضعت من أجلها‪ .‬وقد ساهمت العوملة‬ ‫بشكل كبري يف تسويق منتجات الصناعات اإلبداعية الثقافية اجلديدة بعد أن أحدثت انقالبات‬ ‫راديكالية يف مفاهيم املكان‪ ،‬والزمان‪ ،‬والفضاء االجتماعي‪.‬‬ ‫ومل يعد استخدام منتجات الصناعات الثقافية اجلديدة املوجهة إىل الرتفيه والتسلية‬ ‫حكرا على البلدان الغنية أو املتقدمة‪ ،‬وذلك بعد أن غزت تلك املنتجات كل البلدان ‪ -‬مبا فيها‬ ‫البلدان النامية ‪ -‬اليت اضطرت إىل إعادة تأطريها الذهين‪ ،‬واملعنوي لعامل أصبح يُعرف بعامل‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬والوسائط املتعددة‪ ،‬و يُنتج من االتصال‪ ،‬والتواصل عرب اإلنرتنت ‪ -‬أو عرب ما يسمى‬ ‫بالفضاء االفرتاضي (‪ - )virtual space, cyber space‬ما يتجاوز قدرة العقل أحيانا على‬ ‫االستيعاب؛» فالوسائط املتعددة ُتنتج اليوم ما ميكن اعتباره شكال رقميا للحواس اإلنسانية‬ ‫بصرية كانت أم مسعية‪ ،‬أم لغوية‪ ،‬أم حركية‪ ،‬جتعل التواصل يف الفضاء االفرتاضي ممكنا‪،‬‬ ‫وممتعا لدرجة أنه يف كثري من األحيان حيل حمل احليز الواقعي‪ ،‬ما يعين أنه ال يؤثر على‬ ‫صورتنا عن العامل فحسب‪ ،‬بل يؤثر على تصورنا عن ذواتنا‪ ،‬وعن اآلخرين» ‪.‬‬ ‫يف سياق هذه املتغريات‪ ،‬كان التسابق على أشده بني الكثري من البلدان حنو إبداع أفكارا‪،‬‬ ‫و رؤى متجددة لتنزيل منتجات الصناعات الثقافية اجلديدة أرض الواقع؛ فكان التوجه حنو‬ ‫دعم صناعة الرتفيه‪ ،‬و التسلية اليت تقدر عائداتها اليوم بباليني الدوالرات‪ .‬وقد استفادت هذه‬ ‫الصناعة من ثورة تكنولوجيا االقتصاد الالمادي اليت دعمت حضور اإلنرتنت‪ ،‬وأعطت بعدا‬ ‫جديدا ملفهوم التسلية والرتفيه عرب منح هامش حرية أكرب لصانعي برامج ألعاب الفيديو؛‬ ‫ومكنت مبدعي املضامني التلفزيونية‪ ،‬والسينمائية‪ ،‬واإلعالمية عموما‪ ،‬من االستفادة ‪ -‬أكرب‬ ‫قدر ممكن‪ -‬من التقنيات احلديثة‪ ،‬إلنتاج صناعات إبداعية ترقى إىل حاجات العامل الالمادي‬ ‫اجلديد‪.‬‬

‫‪1 .1‬اإلبداع الذي يُبرر وجود صناعة ال تحظى بإجماع؟!‬

‫يعترب البعض من املفكرين اليوم أن تطور الصناعات الثقافية املوجهة إىل الرتفيه والتسلية‬ ‫ضربا من ضروب تطور الصناعات اإلبداعية اليت تعتمد املعاني الرمزية كقيمة‪ .‬و» تحُ َدد‬ ‫أهمية القيمة من خالل قدرة املستخدم النهائي ( املشاهد‪ ،‬واملستمع‪ ،‬واملستهلك عموما) على‬ ‫فك الشفرة‪ ،‬والتوصل إىل حتديد االستفادة من املنتج يف إطار معناه الرمزي؛ أي أن قيمة املنتج‬ ‫الرمزية تعتمد على فهم املستخدم‪ ،‬بقدر اعتمادها على خلق احملتوى األصلي‪ ،‬وأن القيمة قد‬

‫‪474‬‬

‫ُترتجم‪ ،‬أو ال ُترتجم‪ ،‬إىل عائد مادي» ‪.‬‬ ‫إن هذه املقاربة ‪ -‬على قدر إقرارها بالبعد غري املادي للصناعات اإلبداعية يف عالقتها بأنظمة‬ ‫إنتاج املعنى‪ -‬تبدو متجاهلة لطبيعة االقتصاد اجلديد‪ ،‬وقوانينه‪ ،‬وآلياته املتعددة‪ ،‬اليت ختتلف‬ ‫نوعيا عن قوانني اقتصاد القرن العشرين الصناعي‪ ،‬وآلياته؛ ما أدى إىل وجود تقييمات متباينة‬ ‫النعكاسات عوملة االقتصاد اجلديد تقوم على رؤيتني متناقضتني ‪ :‬رؤية متفائلة بكونية اإلبداع‬ ‫تعترب أن االقتصاد الالمادي قد وفر سرعة اإلجناز التقين للفعل االتصالي‪ ،‬وسرعة تتابع‬ ‫مراحل االتصال بالرتكيز على الصورة‪ ،‬وإدماج عناصر الرتفيه‪ ،‬والفرجة؛ ورؤية متشائمة‬ ‫جتد أساس توجهاتها الفكرية يف خطر الزحف الثقايف‪ ،‬والنظام الالمتكافئ بني مالكي التقنية‪،‬‬ ‫وصانعي املضامني‪ ،‬ومستهلكيها‪.‬‬ ‫وبني هذين الرؤيتني تأرجح العامل‪ ،‬ولكن من دون أن ينجح املتشائمون يف التخفيض من نسق‬ ‫سرعة تسابق البلدان املتقدمة حنو إنتاج مضامني غارقة يف «االبتذال» حينا‪ ،‬ومعربة عن حقيقة‬ ‫ما تعيشه تلك البلدان أحيانا أخرى‪ ،‬مع وجود رغبة جاحمة يف تصدير تلك املضامني إىل البلدان‬ ‫النامية بطريقة معلنة حينا‪ ،‬وغري معلنة أحيانا أخرى‪.‬‬ ‫ويُعد األوروبيون واألمريكيون ‪ -‬سادة الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه والتسلية‬ ‫خالل أكثر من مثانية عقود مضت‪ -‬من أكثر البلدان إنفاقا يف هذا اجملال‪ .‬فالواليات املتحدة‬ ‫األمريكية – مبفردها‪ -‬تشغل أكثر من «ثالثة ماليني شخص يف صناعة الرتفيه والتسلية‬ ‫وتنفق ‪ 60‬بليون دوالر يف هذه الصناعة‪ .‬بينما ينفق املواطن األمريكي ما يقرب عن الـ ‪ 7‬بليون‬ ‫دوالر يف ألعاب الكمبيوتر سنويا‪ ،‬وتباع من أجهزة األلعاب ما يفوق ‪ 225‬مليون جهاز» ‪.‬‬ ‫أما العامل الغربي – عموما‪ -‬فيدفع مثن هوسه مبنتجات الصناعات الثقافية اجلديدة‬ ‫املوجهة إىل الرتفيه والتسلية مبا يقدر – سنويا‪ -‬بـ ‪ 16‬بليون دوالر يف استئجار أفالم وشرائط‬ ‫الفيديو‪ ،‬و ‪ 8‬بليون دوالر يف شراء تذاكر السينما‪ ،‬و ‪ 4,6‬بليون دوالر يف شراء أقراص الـ «دي‬ ‫يف دي ‪ ،»DVD‬و ‪ 6‬بليون دوالر يف استئجار أقراص الـ « دي يف دي»‪ ،‬و ‪ 25‬مليون دوالر يف‬ ‫شراء حمركات أقراص الـ «دي يف دي»‪ ،‬و ‪ 96‬مليون دوالر يف شراء «يف سي آر بالير» «‪VCR‬‬ ‫‪ ،»player‬و ‪ 6,5‬بليون دوالر يف شراء ألعاب الفيديو‪ ،‬و ‪ 11‬بليون دوالر يف شراء األقراص‬ ‫املوسيقية املمغنطة املدجمة‪...‬اخل ‪.‬‬ ‫عربيا‪ ،‬يقدر حجم سوق الرتفيه والتسلية بأكثر من ‪ 10‬مليار دوالر يف السنة وهو رقم‬ ‫مرشح لالرتفاع ‪ -‬حبسب تقرير نشرته «برايسواتر هاوس كوبرز‪ ،‬إل إل بي» سنة ‪. 2006-‬‬ ‫‪475‬‬

‫ويف حتليل للمصدر نفسه مشل منطقة أوروبا‪ ،‬والشرق األوسط‪ ،‬وإفريقيا‪ ،‬أشارت التوقعات‬ ‫إىل إمكانية تطور حجم العائدات السنوية من الرتفيه والتسلية ‪ -‬حبلول عام ‪ ،2009-‬بـ ‪4,2‬‬ ‫مليار يورو يف هذه املناطق‪ .‬و ُتعد بلدان الشرق األوسط عموما‪ ،‬ودول جملس التعاون اخلليجي‬ ‫على وجه اخلصوص‪ ،‬من أكثر البلدان العربية إنفاقا‪ ،‬واهتماما بالصناعات اإلبداعية املوجهة‬ ‫إىل الرتفيه ‪ -‬اليت إذا نظرنا إليها يف معناها الواسع‪ -‬فإنه سيفاجئنا – بالتأكيد‪ -‬هول عدد‬ ‫منتجاتها اليت تستهدف التسلية‪ ،‬واليت تشهد نسقا تصاعديا‪ ،‬متسارعا‪ ،‬تزامنا مع العصر الذهيب‬ ‫لتكنولوجيات االتصال‪ :‬فمن السينما‪ ،‬إىل التلفزيون‪ ،‬إىل الفيديو‪ ،‬إىل املوسيقى‪ ،‬إىل اإلنرتنت‪...‬‬ ‫اخل‪ ،‬تتعدد األشكال االتصالية‪ ،‬وتتطور‪ ،‬وتتغري‪ ،‬ولكن يبقى اهلدف واحدا؛ املزيد من اإلثارة‬ ‫لفضول املستهلك‪ ،‬وإشباع رغبة الرتفيه‪ ،‬والتسلية لديه‪.‬‬

‫‪2 .2‬اإلنترنت و تسويق «اإلدمان»؟!‬

‫تعترب اإلنرتنت من أهم الوسائل اليت توفر حيزا هاما للرتفيه والتسلية‪ .‬وقد كشفت دراسة‬ ‫حديثة أجرتها شركة ‪ comscore‬أن عدد مستخدمي اإلنرتنت يف العامل بلغ – مع نهاية‬ ‫عام ‪ 2008-‬أكثر من مليار شخص منهم ‪ 80%‬من الدول الصناعية اليت يقطن بها ‪15%‬‬ ‫من جمموع سكان العامل الذي يزيد على ‪ 6‬مليار و‪ 600‬مليون نسمة‪ .‬وتتصدر القارة اآلسيوية‬ ‫قائمة القارات األكثر استخداماً لإلنرتنت (‪ 167‬مليون مستخدم)‪ ،‬تليها القارة األمريكية‬ ‫(‪ 163‬مليون مستخدم)‪ .‬وتتصدر الواليات املتحدة قائمة البلدان األكثر امتالكا للحواسيب‬ ‫الشخصية يف العامل مبعدل ‪ 459‬حاسباً آلياً لكل ألف شخص‪ ،‬مقابل ‪ 35‬حاسباً لكل ألف شخص‬ ‫يف أوروبا اليت يوجد بها أكثر من ‪ 700‬مليون نسمة؛ بينما ال يزيد العدد عن ‪ 10‬حواسيب لكل‬ ‫ألف شخص يف بقية دول العامل‪« .‬عربيا هناك ‪ 1,4‬جهاز كمبيوتر لكل مائة مواطن كمعدل‬ ‫عام يشمل املنطقة العربية ككل؛ وهو ما ميثل حنو مخس املعدل العاملي البالغ ‪ . 7,7‬وتتصدر‬ ‫منطقة الشرق األوسط قائمة البلدان العربية اجملهزة أكثر من غريها باحلواسيب» ‪.‬‬ ‫وللوقوف عند أهمية استخدام الشبكة ملنتجات الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه‪،‬‬ ‫والتسلية‪ ،‬اعتمدنا عملية حبث عرب اإلنرتنت يف حمرك ‪ All the Web‬عن كلمات «فن»‬ ‫و» موسيقى» و» ألعاب»؛ حيث مكنتنا عملية البحث هذه من إحصاء أكثر من ‪ 119‬مليون‬ ‫صفحة لكلميت فن وموسيقى «‪»Music» and «Art‬وأكثر من ‪ 65‬مليون صفحة لكلمة‬ ‫ألعاب «‪.« Games‬‬ ‫ويتزايد عدد مستخدمي اإلنرتنت سنويا بشكل ملفت لالنتباه هلذه القطاعات‪ ،‬ولغريها من‬ ‫املوجهة إىل الرتفيه والتسلية يف الكثري من بلدان العامل‪ .‬وتعرف الدول العربية ‪ -‬وخاصة بلدان‬ ‫الشرق األوسط اليت َت ُعد حاليا «‪ 23‬مليون مستخدما‪ ،‬واليت يُتوقع أن يصل الرقم فيها إىل ‪53‬‬ ‫‪476‬‬

‫مليون يف العام ‪ - »2008‬نسق استخدام تصاعدي سريع لإلنرتنت‪ .‬ويقضي مستخدم اإلنرتنت‬ ‫يف هذه البلدان ‪ 10‬ساعات على الشبكة أسبوعياً‪ ،‬بينما تتمثل أهم االستخدامات يف حجرات‬ ‫احلوارات احلية أو «غرف الشات» (‪ ،)chat rooms‬و ألعاب اإلنرتنت اليت متاثل ألعاب الفيديو‪،‬‬ ‫ونوادي النقاش أو املنتديات‪ ،‬وعمليات البحث على اإلنرتنت‪...‬اخل‪.‬‬ ‫وأصبح املواطن ‪ -‬يف هذه البلدان‪ -‬ينفق بسخاء يف جماالت متعددة توفرها وسيلة اإلنرتنت‪،‬‬ ‫بعد أن تعددت أساليب تسويق تلك االستخدامات‪ ،‬بلغت معها عالقة املستخدم باإلنرتنت درجة‬ ‫الرغبة اليت ال تقاوم (‪ .)COMPULSION‬فقد جلأت بعض املؤسسات الكربى املتخصصة يف‬ ‫الصناعة اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه والتسلية – من خالل استخدام أساليب تسويق متنوعة‬ ‫كاإلعالن القائم على التشويق « ‪ ،»Teasing‬أو تنشيط املبيعات‪ ،‬أو البيع الشخصي‪ ...،‬اخل‪ -‬إىل‬ ‫طرح جمموعة من األلعاب ‪ -‬عرب اإلنرتنت ‪ -‬قد توفر لبعض اجملتمعات االفرتاضية «‪virtual‬‬ ‫‪ »communities‬وسيلة للهروب من الواقع‪ ،‬أو البحث عن طريقة لتحقيق احتياجات نفسية‬ ‫يصعب حتقيقها يف الواقع‪.‬‬ ‫ولعل أبرز مثال على ذلك ما أحدثته لعبة «إيفر كويست» ‪ « Ever Quest‬من حتوالت يف‬ ‫السلوك الشرائي للمستهلك جعلها تالقي جناحا كبريا يضاهي جناحات مسلسل « ستارترك»‬ ‫أو «هاري بوتر» يف الواليات املتحدة األمريكية‪« .‬ويدفع حوالي ‪ 500‬ألف شخص عرب أحناء‬ ‫العامل ‪ -‬عدد كبري منهم من الشباب‪ -‬اشرتاكا شهريا قيمته ‪ 10‬دوالرات للمشاركة يف هذه‬ ‫اللعبة‪ ،‬وبناء عالقات تواصل افرتاضي جديدة‪ .‬فبدال من القراءة أو مشاهدة برامج تلفزيونية‪،‬‬ ‫أو أفالما سينمائية‪ ،...‬يعمل املشاركون يف اللعبة سويا‪ ،‬ويبنون صداقات‪ ،‬وينجزون أهدافا هلم»‬ ‫‪.‬‬ ‫ويمُ ضي الكثري من املشاركني يف هذه اللعبة حوالي ‪ 8‬ساعات يوميا يف اللعب» ‪ ،‬األمر الذي‬ ‫«‪ « Ever Crack‬كلقب شعيب على‬ ‫يدفع بالبعض إىل إطالق اسم «اإلدمان الدائم»‬ ‫هذه اللعبة؛ بينما يقوم آخرون مبقايضة مواد افرتاضية مجعوها أثناء اللعب عرب موقع «إي‬ ‫باي» «‪ « eBay‬للتس ّوق‪ .‬وقد قادت عمليات التسويق هلذه اللعبة ‪ -‬بأساليبها املختلفة ‪ -‬إىل خلق‬ ‫نوع من االنبهار لدى املغرمني بها‪ ،‬وتكوين جمموعات ما يسمى بـ»جمنوني اإليفر كويست» «‬ ‫‪ « Ever Quest Fan‬الذين جيمعهم ترقبهم الدائم لالستخدام القادم لإلنرتنت‪ ،‬بقصد‬ ‫ممارسة لعبتهم املفضلة‪ ،‬أو باألحرى إدمانهم املفضل‪.‬‬ ‫لقد خلقت مثل هذه األلعاب سلوكيات جديدة لدى «مستهلكيها»‪« :‬ففي السابق كان‬ ‫الالعبون أمام خيارين ال ثالث هلما؛ اللعب منفردين ضد الذكاء االصطناعي جلهاز الكمبيوتر‪،‬‬ ‫أو الذهاب إىل منزل أحد األصدقاء واحلصول على مكان على األريكة واللعب مع أصدقائهم‪.‬‬ ‫‪477‬‬

‫أما اآلن ‪ -‬وبفضل االتصال بشبكة اإلنرتنت وجهاز «بالي ستيشن ‪ »2‬جمهز لإلنرتنت أو‬ ‫«مايكروسوفت أكس بوكس» أو غريها من الوسائل‪ -‬يستطيع الالعبون احلصول على متعة‬ ‫الرتويح عن أنفسهم يف أي وقت من النهار‪ ،‬أو الليل و من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء أي تنقل‪.‬‬ ‫ومما يؤكد بأن املستقبل سيكون للشبكة‪ ،‬هو توجه بعض املؤسسات الرائدة يف الصناعات‬ ‫اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه والتسلية حنو استخدام أساليب تسويقية تركز على أهمية‬ ‫اجلانب التعليمي لإلنرتنت‪ ،‬على الرغم من أن الكثري من الدراسات أكدت أن ما ينفقه‬ ‫مستخدم اإلنرتنت بهدف «البحث عن معلومات تهم دراسته ضئيل مقارنة باالستخدامات‬ ‫األخرى اليت ال صلة هلا بدراسته» ؛ كأشكال التواصل يف حجرات احلوارات احلية‪ ،‬أو استخدام‬ ‫ألعاب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫يف هذا السياق‪ ،‬أشارت دراسة ُنشرت يف جملة « ‪« USA Today‬عدم وجود عالقة مباشرة‬ ‫بني كم املعلومات اهلائل الذي توفره اإلنرتنت‪ ،‬ومناهج التدريس املعتمدة يف بعض املدارس‬ ‫املستخدمة هلذه الوسيلة‪ ،‬وحتسن نتائج الطالب؛ وذلك بعد أن تأكد اخنفاض مستوى درجات‬ ‫الكثري من طالب املدارس املستخدمني لإلنرتنت‪ ،‬وغيابهم – أحيانا‪ -‬عن حصة الدرس باملدرسة»‬ ‫‪ ،‬نتيجة استخدامهم املفرط هلذه الوسيلة واعتبارها بديلة عن الدرس‪ ،‬ما يطرح تساؤالت حول‬ ‫«قيمة اإلنرتنت التعليمية «‪.‬‬ ‫‪3 .3‬ألعاب الفيديو‪ :‬صناعة متجددة تروج لنفسها عبر االستناد إلى شرعية أكاديمية‪:‬‬ ‫رغم حداثة عهد ألعاب الفيديو بسوق التسلية ‪ Entertainment Market‬إال أنها جنحت‬ ‫يف احتالل املرتبة األوىل ضمن منتجات الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه من حيث قيمة‬ ‫العائدات املالية اليت حتققها سنويا‪ .‬فقد دخلت ألعاب الفيديو مرحلة االنتشار الواسع ‪ -‬ليس‬ ‫يف الواليات املتحدة األمريكية فحسب‪ ،-‬بل يف العامل بأسره؛ إذ ينفق العامل – سنويا‪ -‬الباليني‬ ‫على ألعاب الفيديو أكثر مما ينفقه أحيانا على بطاقات دخول قاعات السينما‪ ،‬أو االسطوانات‬ ‫املوسيقية‪...‬اخل‪.‬‬ ‫ويبقى السوق األمريكي أكثر األسواق إنفاقا يف هذا اجملال بصايف أرباح متأتية ‪ -‬فقط من‬ ‫مبيعات ألعاب الفيديو‪ -‬بلغ ‪ 11‬مليار دوالر أمريكي عام ‪ ،2003‬بالتوازي مع سوق ضخمة‬ ‫ألجهزة اهلواتف اخللوية‪ ،‬واألجهزة الرقمية الشخصية؛ تليها صناعة السينما بعائدات بلغت‬ ‫‪ 9,27‬مليار دوالر؛ بينما تصدرت املوسيقى واألغاني صايف أرباح عائدات الصناعات اإلبداعية‬ ‫املوجهة إىل الرتفيه التسلية مببلغ ُقدر بـ ‪ 12‬مليار دوالر سنة ‪ . 2004‬لكن مع حلول سنة‬ ‫‪ 2005‬شهدت عائدات صناعة ألعاب الفيديو نسقا تصاعديا مكنها من التفوق على كل من‬ ‫‪478‬‬

‫السينما‪ ،‬و املوسيقى‪ ،‬لتصبح احملرك األساسي لصناعة الرتفيه والتسلية‪ .‬وأن تتمكن هذه‬ ‫الصناعة ‪ -‬اليت مل تزدهر إال يف السنوات العشر األخرية‪ -‬من التفوق على ما زاد عمره عن املائة‬ ‫عام كاملوسيقى و السينما‪ ،‬فإن ذلك يعترب نصرا كبريا جملال مل يُتوقع انتشاره بهذه السرعة‪.‬‬ ‫ويُرجع األخصائيون االنتشار‪ ،‬والشعبية الواسعة اليت تتمتع بها األلعاب يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية إىل عوامل كثرية قد تكون صاحلة هي األخرى لباقي أقطار العامل‪ .‬ومن بني هذه‬ ‫العوامل ما ميكن حصره جزئيا يف هوايات اجليل اجلديد‪« :‬فاألوالد الذين نشؤوا‪ ،‬وترعرعوا‬ ‫على ألعاب الفيديو املبكرة ـ مثل «آتاري ‪»Atari‬ـ يشغلون – اليوم‪ -‬مواقع مهمة يف احلياة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وما زالوا متعلقني بهذا النمط من التسلية؛ و أكثر من ذلك هم يُشاركون أطفاهلم‬ ‫هذه اهلواية‪ .‬هذه الوضعية ‪ -‬اليت تعرف البلدان العربية بعض بوادرها اليوم‪ -‬قد تعيشها هذه‬ ‫البلدان نفسها‪ ،‬ولكن بأكثر عمق يف العقود القادمة‪ .‬فال أحد ميكنه إنكار التحوالت اجلديدة‬ ‫اليت تعرفها اليوم سلوكيات شبابنا املغرم بلعبة «البالي ستايشن»‪ ،‬وبثقافة «اهليب هوب»‪،‬‬ ‫والثقافة املوسيقية جليل شبكة « أم تي يف ‪ »MTV‬املوسيقية‪ « .‬كما أنه ال ميكننا إغفال ما‬ ‫حتمله اإلضافات اجلديدة يف عامل الرتفيه والتسلية من خالل ألعاب «توني هوك برو سكيرت ‪»4‬‬ ‫‪ « « Tony Hawk Pro Skater 4‬وغراند ثيفت أوتو» من إثارة قد تفوق أحيانا «ما يتضمنه‬ ‫قرص ليزر جديد ملشاهري الفن يف العامل» ‪.‬‬ ‫ومل تعد ألعاب الفيديو جمرد هواية أو تسلية فحسب‪ ،‬بل باتت مصدر هوية اجتماعية‪،‬‬ ‫ومنط حياة‪ .‬وقد تطور هذا النمط بصورة غري مسبوقة على خلفية تزايد اإلقبال على هذه‬ ‫الصناعة‪ ،‬وتزامنا مع التسابق احلاصل بني كربيات الشركات على تطوير ألعابها‪ ،‬وابتكارها‬ ‫على أجهزة « أكس بوكس» ملايكروسوفت «‪« ،»Microsoft Xbox‬وسوني بالي ستيشن‬ ‫‪ ،« Sony Playstation‬و»ننتيندو جيم كيوب ‪ »Nintendo Game Cube‬و»جيم بوي‬ ‫آدفانس «‪ Game Boy Advance‬احملمولة‪ ،‬أو على أجهزة الكمبيوتر املنزلية‪...‬اخل‪.‬‬ ‫وقد حطمت إحدى ألعاب شركة مايكروسوفت» ‪ »Halo 2‬اليت تعمل على جهاز» ‪»Xbox‬‬ ‫الرقم القياسي يف العائدات املالية اليت حققتها أشهر منتجات صناعات التسلية يف يوم واحد؛»‬ ‫فقد بلغت العائدات املالية يف اليوم األول من إطالق اللعبة سنة ‪ 125 ،2004‬مليون دوالر بعد‬ ‫أن متكنت الشركة من بيع أكثر من ‪ 2,4‬مليون نسخة خالل مدة ال تتجاوز أربع وعشرين‬ ‫(‪ )24‬ساعة من إطالق اللعبة رمسياً‪ ،‬حمطمة بذلك العائدات املالية اليت ميكن أن حيققها‬ ‫أي فيلم من أفالم هوليوود يف تاريخ صناعة السينما» ‪ .‬و تأمل الشركة أن تساعد هذه اللعبة‬ ‫على دعم مكانة منصة األلعاب « ‪ « Xbox‬يف خضم املنافسة الشديدة اليت تالقيها من منصة‬ ‫األلعاب « ‪ « PlayStation 2‬التابعة لشركة ‪ ،Sony‬بعد أن جنحت هذه األخرية يف بيع ‪24,9‬‬ ‫مليون وحدة مقابل ‪ 9,8‬مليون من جهاز» ‪ « Xbox‬يف الواليات املتحدة األمريكية فقط‪ ،‬خالل‬ ‫‪479‬‬

‫عام ‪ ،2000‬تاريخ إطالق اللعبة اليت حققت مبيعات «وصلت إىل ‪ 140‬مليون وحدة عرب العامل‬ ‫إىل غاية شهر يوليو من عام ‪. »2008‬‬ ‫وأدت وضعية املنافسة الشديدة هذه إىل تصاعد نسق ظاهرة «األلعاب اخلاصة ‪Exclusive‬‬ ‫« ‪« Consoles Games‬‬ ‫‪ »Games‬اليت «حتاول فيها الشركات املصنعة ملنصات األلعاب‬ ‫أن جتعل إطالق األلعاب الشهرية حكرا على جهازها فقط ولفرتة طويلة مثل «‪ « Halo 2‬على‬ ‫جهاز ‪ Xbox‬و سلسلة « ‪ « Final Fantasy‬على جهاز ‪ PlayStation 2‬و سلسلة « ‪Mario‬‬ ‫و ‪ « Zelda‬على جهاز ‪ Game Cube‬من شركة ‪ « Nintendo‬؛ ما أدى بهواة هذه األلعاب‬ ‫إىل شراء املنصات خصيصاً ليتمكنوا من ممارسة ألعابهم املفضلة‪.‬‬ ‫و قد سعت شركة مايكروسوفت ‪ -‬من جهتها‪ -‬إىل إتباع طريقة يف التسويق تقوم على‬ ‫أساس خوض حرب منصات األلعاب « ‪ »Consoles War‬يف حماولة منها حلصر استخدامات‬ ‫«‪ »Xbox‬لزيادة مبيعاتها‪ ،‬أو على‬ ‫مجيع األلعاب الشهرية و املنتظرة على منصة األلعاب‬ ‫األقل دفع شركات األلعاب إىل تطوير نسخة تعمل على جهازها‪ .‬و تواصل مايكروسوفت‬ ‫جهودها إلجراء املفاوضات مع مجيع شركات األلعاب املهمة لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬رغم فشلها‬ ‫يف ذلك مع الشركات املصممة أللعاب « ‪ « Doom 3‬و «‪.»Half Life 2‬‬ ‫اتهمت بالسلبية و»اللعنة‬ ‫ولتؤكد صناعة األلعاب مشروعيتها‪ ،‬ونزاهة أهدافها ‪ -‬بعد أن ِ‬ ‫« شرعية أكادميية»‬ ‫اليت أصابت الرتفيه التفاعلي»‪ -‬سعى رواد هذه الصناعة إىل كسب‬ ‫ْ‬ ‫من خالل تشجيعهم للقائمني على البحث يف هذا اجملال؛ ففي «معهد ديغي بَن للتكنولوجيا»‬ ‫‪ - DigiPen Institute of Technology‬الذي يقع يف منطقة ريدموند بالقرب من‬ ‫مقر شركة «ننتيندو أوف أمريكا ‪ »Nintendo Of America‬ويف الشارع نفسه الذي‬ ‫يقع فيه املقر العاملي لشركة مايكروسوفت‪ -‬يُع ّد تصميم ألعاب الفيديو أسلوب حياة‪« .‬ويقدم‬ ‫املعهد ‪ -‬الذي تأسس عام ‪ 1988-‬شهادات البكالوريوس‪ ،‬واملاجستري يف حماكاة ألعاب الفيديو‪،‬‬ ‫وكذلك شهادة البكالوريوس يف تصميم الرسوم املتحركة ثالثية األبعاد‪.‬‬ ‫ومثلما يتعلم الط ّ‬ ‫الب األمريكيون كيفية تصميم األلعاب‪ ،‬فإنهم يتعلمون كيفية نقدها‪،‬‬ ‫وتقييمها‪ .‬ففي هذا السياق‪ ،‬سعت جامعات أمثال « أم أي تي ‪ »MIT‬و «كارنيغي ميلون»‬ ‫‪ »Carnegie Mellon‬إىل تلقني الط ّ‬ ‫الب كيفية التعامل مع عامل ألعاب الرتفيه والتسلية‬ ‫من خالل تبين مساقات تعاجل أعماال تتطلب ذكاء اصطناعيا ‪ -‬مثل غزاة الفضاء» ‪Space‬‬ ‫‪ ، -»Invaders‬إىل جانب اعتماد مساقات تهتم بدراسة أعمال شكسبري‪ ،‬وأخرى تسعى إىل‬ ‫تطوير املناهج الدراسية اليت تشمل أبعادا خمتلفة من قيام الطالب بدراسة أساسيات تصميم‬ ‫‪480‬‬

‫األلعاب‪ ،‬إىل النوع االجتماعي‪ ،‬إىل سياسات التمثيل السياسي يف النظم الدميقراطية‪ ،...‬اخل» ‪.‬‬ ‫ويُفهم من هذه املقاربة وجود توجه «علمي» يعترب األلعاب وسيطا حقيقيا حيظى بالشرعية‬ ‫األكادميية؛ و»كلما ّ‬ ‫مت استيعاب هذا األمر زادت احلاجة إىل دعم مناهج دراسية تهتم مبجال‬ ‫األلعاب»‪.‬‬ ‫«وإذا ما بدا للبعض أن علوم األلعاب قد تأخرت كثريا يف الظهور يف البلدان املتقدمة‪ ،‬وخاصة‬ ‫يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬فإن اجلامعات – يف هذه األقطار‪-‬تبدو اليوم أكثر عزما على‬ ‫ أحيانا بشكل مصطنع‪ -‬يف حماولة‬‫دعم مثل هذه العلوم‪ ،‬مصوبة أنظارها إىل املستقبل‪،‬‬ ‫منها لتطوير مناهج دراسية ال ترضي فضوهلا الفكري فحسب» ‪ ،‬بل وتسعى أن يكون املساق عن‬ ‫لعبة الفيديو ‪ -،‬أيا كان املغزى من ابتكارها ‪ -‬أكثر من جمرد تسلية‪.‬‬ ‫ولتمكني صناعة األلعاب من مشروعية أكرب خ ُلص باحثون يف الكثري من املؤسسات التعليمية‪،‬‬ ‫والبحثية األمريكية من جامعة هارفارد ‪ Harvard University‬إىل وكالة الفضاء‬ ‫األمريكية (ناسا) ‪ NASA‬إىل أن ألعاب الفيديو قادرة على حتقيق نتائج باهرة يف مجيع‬ ‫ميادين احلياة بدءا من القدرة على « بناء مهارات الرتكيز‪ ،‬إىل التعجيل بشفاء مرضى الذحبة‬ ‫الصدرية» ‪ .‬أما يف « جامعة بانغور» ‪ ،Bangor University‬فقد قام األساتذة باستخدام‬ ‫لعبة «بالي ستيشن ‪ « 2‬لدراسة قدرة الط ّ‬ ‫الب على تطوير عمليات الرتكيز‪ ،‬وتنظيمها‪« .‬ويف‬ ‫السياق نفسه‪ ،‬قامت شركة «سايرب لريننغ للتكنولوجيا ‪« Cyberlearning Technology‬‬ ‫بتسويق وحدة ُتلحق جبهاز بالي ستيشن ‪ -‬بناء على دراسات أجريت يف ناسا‪ -‬موجهة لالعبني‬ ‫الذين يريدون تطوير مهاراتهم‪ ،‬ومداركهم العقلية» ‪.‬‬

‫‪4 .4‬جدلية العالقة بين منتجات الصناعات اإلبداعية‬

‫رمبا أمكن رؤية الصلة بني اإلبداع‪ ،‬واالقتصاد الالمادي بأكرب قدر من الوضوح‪ ،‬يف ظل تنوع‬ ‫برامج تكنولوجيات املعلومات‪ ،‬واالتصاالت اليت فسحت اجملال أمام ظهور أمناط جديدة من‬ ‫الصناعات اإلبداعية‪ ،‬وتوليد أشكاال جديدة من املضامني الثقافية اليت تشهد عالقات تنافر‬ ‫حينا‪ ،‬وتعاون أحيانا أخرى‪ ،‬وذلك على الرغم من حماولة كل صنف إبداعي احملافظة على‬ ‫خصوصياته‪.‬‬ ‫فما مييز صناعة األلعاب – مثال ‪ -‬عن صناعة السينما هو ارتفاع ربح األوىل الصايف‬ ‫ ‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بعائدات الثانية؛ وذلك نظرا إىل التكلفة البسيطة – نسبيا – اليت حتتاجها آليات تطوير‬ ‫لعبة مقارنة مع ما يتطلبه إنتاج فيلم سينمائي‪« .‬فميزانية أغلب األلعاب ال تتجاوز بضعة‬ ‫ماليني من الدوالرات ‪ -‬باستثناء بعض األلعاب الضخمة مثل «‪ « Halo 2‬أو» ‪Half Life 2‬‬ ‫‪481‬‬

‫« اليت كلفت الشركة املصنعة أكثر من ‪ 40‬مليون دوالر‪ . -‬لكن – على ارتفاعها ‪-‬‬ ‫تبقى هذه التكاليف بسيطة مقارنة مع ما تنفقه شركات إنتاج األفالم؛ حيث تتجاوز تكلفة‬ ‫األفالم الضخمة حاجز ‪ 100‬مليون دوالر‪ ،‬ما جعل الشركات الكبرية ‪ -‬العاملة خاصة يف‬ ‫جمال اإلعالم‪ ،‬واالتصال‪ ،‬وتقنية املعلومات‪ -‬تتوجه حنو االستثمار يف صناعة األلعاب‪ ،‬على‬ ‫غرار شركة مايكروسوفت‪ ،‬بينما حتولت أوىل الشركات اليت دخلت جمال صناعة األلعاب‬ ‫من جمرد جمموعة مكاتب صغرية مبيزانية متواضعة إىل شركات عمالقة متتلك عدة فروع‬ ‫يف مجيع أحناء العامل‪ ،‬مهيمنة بذلك على سوق األلعاب أمثال شركات «‪»Electronic Arts‬‬ ‫و» ‪.»Activision‬‬ ‫ولكن على الرغم من أن صناعة األلعاب ُتعد منافسا قويا لصناعة السينما‪ ،‬إال أن العالقة داخل‬ ‫هذا التنافس تكاد تكون جدلية بني هذين الصنفني من الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه‪،‬‬ ‫والتسلية؛ فقد «جلأت الكثري من شركات األلعاب – يف الفرتة األخرية‪ -‬إىل شراء تراخيص‬ ‫أفالم ‪ -‬القت رواجا كبريا‪ -‬من أجل تطوير ألعاب تستند – يف فكرتها ومضامينها ‪ -‬إىل تلك‬ ‫األفالم أمثال ألعاب« ‪ ،« James Bond‬و سلسلة « ‪ ،»The Matrix‬باإلضافة إىل أضخم‬ ‫األلعاب اإلسرتاتيجية مثل «‪...»The Lord of the Rings‬اخل‪ .‬وبالنظر إىل عالقة صناعة‬ ‫األلعاب بصناعة السينما من منظور تأثري األوىل يف الثانية‪ ،‬فقد مت حتويل العديد من األلعاب‬ ‫الشهرية‪ ،‬و الشعبية إىل أفالم سينمائية عن طريق شراء الرتاخيص من الشركات اليت صممت‬ ‫تلك األلعاب‘ على غرار أفالم « ‪ « Resident Evil‬و ‪...»Tomb Raider‬اخل‪.‬‬ ‫كما تزايد – يف السنوات األخرية‪ -‬اعتماد شركات األلعاب على العاملني يف حقل السينما‬ ‫من أجل تطوير منتجاتها؛ فتعددت بذلك األلعاب اليت تستعني باملواهب الصوتية ملمثلي هوليوود‬ ‫يف تأدية أصوات شخصيات بعض األلعاب؛ متاما مثلما متت االستعانة باملؤلفني السينمائيني‪ ،‬و‬ ‫كتاب السيناريو‪ ،‬لتأليف قصص األلعاب‪ ،‬و كتابة السيناريوهات اخلاصة بها‪.‬‬ ‫و ال ينحصر تأثري صناعة األلعاب يف صناعة السينما عند حدود املضمون فقط‪ ،‬بل يتجاوزه‬ ‫إىل سوق العتاد «‪ « Hardware‬الذي يُعد احملرك الرئيسي الزدهار صناعة األلعاب‪ ،‬والدافع‬ ‫القوي وراء تسابق العديد من الشركات من أجل تطوير التقنيات املستخدمة يف هذه الصناعة‪.‬‬ ‫وقد أدت حدة التنافس بني الكثري من املؤسسات إىل إجياد برامج أكثر قوة‪ ،‬وأداء يف جماالت‬ ‫التصميم مبساعدة احلاسب اآللي ‪ ،CAD‬ودعم البحث لتطوير بطاقات الرسوميات‪ ،‬أو‬ ‫املعاجلات؛ لتمكني احلواسيب من تشغيل األلعاب اجلديدة‪ .‬ومت االتفاق ‪ -‬يف هذا اإلطار‪ -‬بني‬ ‫شركات البطاقات الرسومية‪ ،‬واملؤسسات املنتجة لأللعاب «قصد جعل األلعاب املنتظرة تعمل‬ ‫على بطاقاتها بشكل أفضل‪ ،‬مما قد يفتح الباب على مصراعيه ملزيد من املنافسة بني مصممي‬ ‫األلعاب‪ ،‬وصانعيها « ‪.‬‬ ‫‪482‬‬

‫‪5 .5‬اإلمبراطوريات اإلعالمية‪ :‬بوابات المستهلك إلى منتجات الصناعات اإلبداعية!؟‬

‫تقف اإلمرباطوريات اإلعالمية الكربى يف العامل وراء ازدهار الصناعات اإلبداعية‪ .‬و ُتعد هذه‬ ‫املؤسسات البوابات الرئيسية حنو تسويق هذه الصناعة يف مجيع أحناء العامل‪ .‬وتبقى جمموعة‬ ‫«آيه أو إل تايم وارنر األمريكية ‪ « AOL Timewarner‬من أكرب املؤسسات املسيطرة على‬ ‫عامل الصناعات اإلبداعية املوجهة خاصة إىل الرتفيه‪ ،‬والتسلية بعد أن ازداد حجمها على خلفية‬ ‫االندماج بني «أمريكا أونالين» و»تايم وارنر»؛ حيث بلغت قيمة هذا االندماج ‪ 350‬بليون دوالر‪،‬‬ ‫بينما تصل الطاقة التشغيلية لشركات اجملموعة إىل حنو ‪ 85‬ألف شخص حول العامل‪.‬‬ ‫وتعترب» ‪ »AOL‬املزود الرئيسي خلدمات االنرتنت يف العامل؛ إذ يبلغ عدد مشرتكيها ما يزيد عن‬ ‫‪ 35‬مليونا‪ ،‬منهم ‪ 20‬مليونا يف الواليات املتحدة األمريكية؛ وينمو عدد مجهورها مبعدل مخسة‬ ‫ماليني كل عام‪ .‬وتدير « ‪ « AOL‬قطاع اإلنرتنت يف العامل من خالل شركة « نيتسكيب» «‬ ‫«‪Netscape‬اليت متتلك «جمموعة من املشروعات تتضمن منتجات برامج الكمبيوتر‪ ،‬وخدمات‬ ‫الدعم التقين‪ ،‬وخدمات االستشارات والتدريب‪ ،‬وشركيت «كمبيوسرف «‪،CompuServe‬‬ ‫و «صن ميكروسيستيمز‪ ،« Sun Microsystems‬وخدمات « أمريكا أونالين الالسلكية»‪،‬‬ ‫واملدينة الرقمية « ‪ »Digital City‬ضمن املمتلكات التفاعلية لـ‪. « AOL‬‬ ‫ومتتلك اجملموعة – أيضا‪ -‬قنوات تلفزيونية‪ ،‬وشركات إنتاج يف جماالت السينما‪ ،‬والتلفزيون‪،‬‬ ‫واملوسيقى‪...‬اخل‪ ،‬على غرار شبكة (‪ )HBO‬الدولية اليت يتجاوز عدد مشرتكيها املليون حول‬ ‫العامل‪ ،‬وشبكة «‪ ،»TNT‬وجمموعة «‪ ،»Turner Entertainment group‬وشركة اإلنتاج‬ ‫« ‪،»Cartoon Network‬‬ ‫السينمائية الشهرية « ‪ ،»New Line Cinema‬وشبكة‬ ‫وجمموعة وارنر للموسيقى « ‪...« Warner Music Group‬اخل‪ .‬وإلمرباطورية «‪»AOL‬‬ ‫متاجر عديدة لتسويق منتجاتها الضخمة تتضمن ‪ 150‬متجرا للبيع بالتجزئة يف الواليات‬ ‫ال عرب آسيا‪ ،‬وأكثر من ‪ 12‬حم ً‬ ‫املتحدة‪ ،‬و ‪ 30‬حم ً‬ ‫ال يف أوروبا‪.‬‬ ‫أما جمموعة فياكم األمريكية (‪ )viacom‬ف ُتعد ثاني أكرب جمموعة يف العامل متخصصة‬ ‫يف الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه والتسلية؛ «هلا اتفاقات عاملية مع ‪ 26‬دولة‪ ،‬وتعمل‬ ‫يف جماالت األفالم السينمائية‪ ،‬والتلفزيون‪ ،‬والنشر‪ ،‬ومنتجعات االستجمام‪ ،‬وتوزيع الفيديو‪،‬‬ ‫واملوسيقى‪ ،‬والشبكات واإلذاعات‪ ،‬واملالهي‪...‬اخل» ‪ .‬ومتتلك اجملموعة املئات من قاعات العرض‬ ‫السينمائية يف كندا‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬وأمريكا اجلنوبية‪ .‬كما تسيطر على أكثر من ‪ 35%‬من السوق‬ ‫اإلذاعي يف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وهلا أكثر من ‪ 6000‬متجرا للفيديو‪ ،‬واملوسيقى‪ .‬ويتأتى‬ ‫املصدر الرئيسي ألرباح اجملموعة من عائدات اإلعالن يف شبكيت «‪ »CBS‬و»‪»MTV‬؛ ومبيعات‬ ‫الكتب‪ ،‬وحصيلة إجيار أشرطة الفيديو‪ ،‬و عائدات بيع تذاكر قاعات العرض السينمائي؛‬ ‫‪483‬‬

‫باإلضافة إىل العائدات املتأتية من مراقبة اجملموعة لـ ‪ 38‬حمطة تلفزيونية‪ ،‬وإذاعية عرب‬ ‫العامل‪ ،‬وإدارتها؛ من بينها «شوتايم ‪ ،»Showtime‬و»‪ ،»CBS‬و»‪ ،»MTV‬و شركة ‪nInfi‬‬ ‫‪ ity Broadcasting Corporation‬اليت تدير ‪ 163‬حمطة راديو‪ ،‬وجمموعة « فياكم‬ ‫للتسلية ‪ ،« Viacom Entertainment Group‬وشركة « ‪nSpelling Entertai‬‬ ‫‪.»ment‬‬ ‫وحتتل جمموعة ديزني األمريكية (‪ )Disney‬املرتبة الثالثة يف العامل من حيث قيمة‬ ‫استثماراتها يف صناعة الرتفيه‪ ،‬والتسلية‪ .‬وتعمل اجملموعة يف جماالت اإلذاعة‪ ،‬والتلفزيون‪،‬‬ ‫و اإلنتاج السينمائي‪ ،‬واإلنرتنت‪ ،‬ومدن األلعاب‪ ،‬واملنتجعات‪...‬اخل‪ .‬وتقدر عائدات اجملموعة‬ ‫السنوية بنحو ‪ 25‬بليون دوالر‪ ،‬وتعترب مزودا عامليا خلدمات االنرتنت؛ حيث جتذب» مواقع‬ ‫اجملموعة شهريا ‪ 25‬مليونا من زوار اإلنرتنت» ‪.‬‬ ‫أوروبيا‪ ،‬تتزعم جمموعة برتلزمان األملانية «‪ - »Bertelsmann‬اليت أسسها كارل برتلزمان‬ ‫يف عام ‪ - 1835‬جمال صناعة الرتفيه والتسلية‪ ،‬و هلا وجود إعالمي قوي يف أكثر من ‪60‬‬ ‫دولة يف العامل‪ .‬وتتوزع جماالت عمل اجملموعة بني املوسيقى‪ ،‬والنشر‪ ،‬والصحف‪ ،‬واجملالت‪،‬‬ ‫والطباعة‪ ،‬واإلذاعة‪ ،‬والسينما‪ ،‬والتلفزيون؛ حيث متتلك اجملموعة ‪ 50%‬من شبكة «‪CTT.‬‬ ‫‪ »UFA‬التلفزيونية اليت ُتعد أكرب شبكة إذاعية‪ ،‬وتلفزيونية يف أوروبا‪ .‬وتستثمر اجملموعة يف‬ ‫أكثر من ‪ 100‬نشاط على شبكة اإلنرتنت‪ ،‬ولعل أهم استثمار قامت به اجملموعة هو إنشاؤها‬ ‫لشركة برتلزمان لوسائل اإلعالم اجلديد « ‪ »Bertelsmann New Media‬اليت تشمل‬ ‫بوابات اإلنرتنت‪ ،‬وقناة األلعاب «‪ »Games Channel‬ثاني أكرب قناة لأللعاب على شبكة‬ ‫اإلنرتنت‪.‬‬ ‫وتتمركز جمموعة نيوز كوربريشن األسرتالية «‪ »News corporation‬اليت أسسها‬ ‫روبرت مردوخ ‪ Rupert Murdoch‬األسرتالي املولد‪ ،‬واألمريكي اجلنسية يف املرتبة الثانية‬ ‫أوروبيا‪ ،‬من حيث قيمة استثماراتها يف صناعة الرتفيه‪ ،‬والتسلية‪ .‬وتعمل هذه اجملموعة‬ ‫يف جماالت متنوعة كاإلعالم‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والرياضة‪ ،‬والتلفزيون‪ ،‬والسينما‪ ،‬والكتب‪،‬‬ ‫و الصحف‪ ،‬و اجملالت‪ ،‬واألقمار الصناعية؛ ( إذ متتلك اجملموعة شبكة ستار» ‪ »Star‬للبث‬ ‫الفضائي حول العامل)‪ ،‬و أنظمة التلفزيون السلكي «الكايبل» يف جمالي السينما‪ ،‬والتلفزيون؛‬ ‫( إذ تدير اجملموعة ‪ 22‬حمطة تلفزيونية)‪ .‬و ُتعد نيوز كوربريشن املوزع الرئيسي خلدمات‬ ‫التلفزيون املدفوع يف بريطانيا «‪.« Pay - TV‬‬ ‫أوروبيا دائما‪ ،‬تتمتع فرنسا مبكانة هامة يف جمال الصناعات اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه‬ ‫‪484‬‬

‫والتسلية من خالل جمموعيت «فيفاندي‪ -‬يونيفريسال»»‪ »Vivendi Universal‬و»باثي»‬ ‫«‪ .« Pathé‬ومتتلك فيفاندي‪ -‬يونيفريسال ستوديوهات «‪ »Universal Studios‬لإلنتاج‬ ‫السينمائي‪ ،‬وشركة التسجيالت «‪ ،»UMG Records‬كما تدير إحدى وعشرين (‪)21‬‬ ‫قناة تلفزيونية يبلغ عدد املشرتكني فيها ‪ 14‬مليون مشرتكا عرب أوروبا؛ وتنتج أكثر من‬ ‫‪ 300‬فيلم سنويا‪ .‬كما متتلك اجملموعة شركة سياجرام الكندية «‪Seagram Company‬‬ ‫‪ « of Canada‬اليت اشرتتها عام ‪2000‬؛ حيث بلغت قيمة االندماج بني الشركتني ‪ 55‬بليون‬ ‫دوالر‪.‬‬ ‫أما جمموعة «باثي» فتعترب ‪ -‬هي األخرى‪ -‬من أكرب شركات إنتاج األفالم السينمائية‬ ‫–‬ ‫وبرامج التسلية يف العامل‪ ،‬ومتتلك سلسلة من قاعات العرض السينمائي؛ حيث تدير‬ ‫باالشرتاك مع مؤسسات أخرى‪ -‬أكثر من ‪ 300‬قاعة عرض سينمائي يف فرنسا‪ ،‬وهولندا‪ .‬كما‬ ‫متتلك ‪ 17%‬من جمموعة «‪ « BskyB‬الربيطانية‪ ،‬و ‪ 20%‬من جمموعة قناة ‪ +‬الفرنسية «‬ ‫‪ ،»Canal Plus‬و ‪ 51%‬من قناة « ‪ ،»AB Sports Channel‬و ‪ 65%‬من صحيفة ليرباسون‬ ‫«‪ »Libération‬اليومية الفرنسية‪.‬‬ ‫وبالتوازي مع املنافسة الشرسة بني كربيات الشركات يف العامل على صناعة املضامني‬ ‫اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه‪ ،‬والتسلية‪ ،‬يتنافس على سوق العتاد العاملي هلكذا صناعة كل‬ ‫من سوني « ‪ »Sony‬اليابانية و» جنرال إلكرتيك» األمريكية‪ .‬وتشغل سوني ‪ 163‬ألف شخص‬ ‫يف أحناء متفرقة من العامل‪ ،‬وتعمل يف جماالت األجهزة السمعية‪ ،‬والبصرية؛ ومتتلك شركة‬ ‫كولومبيا لإلنتاج السينمائي «‪ ،»Columbia Pictures‬و» ‪Sony Entertainment‬‬ ‫‪ - »Television‬وهي شبكة ناطقة باإلسبانية‪ -‬و تغطي معظم دول أمريكا الالتينية‪ .‬وتنتج‬ ‫سوني أكثر من ‪ 500‬ساعة من الربامج الناطقة باإلسبانية لسبع حمطات دولية؛ وتساهم مع‬ ‫مايكروسوفت‪ Microsoft‬يف تقديم اإلنتاج املسموع‪ ،‬واملرئي‪ ،‬والكتب الدراسية على شبكة‬ ‫اإلنرتنت؛ كما تربطها عالقة شراكة مع مؤسسة سيجا «‪ »Sega‬يف مشروع لتطوير ألعاب‬ ‫على أقراص مدجمة « ‪.»DVD Game‬‬ ‫أما « جنرال إلكرتيك» األمريكية ف ُتعد ‪ -‬هي األخرى‪ -‬من الشركات العمالقة اليت تعمل‬ ‫يف أكثر من ‪ 100‬دولة‪ .‬ويبلغ عدد موظفيها أكثر من ‪ 300‬ألف نصفهم يعملون يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬والنصف اآلخر يعمل خارج الواليات املتحدة يف أحناء متفرقة من العامل‪.‬‬ ‫ويقدر معدل منو جنرال إليكرتيك السنوي يف الواليات املتحدة بـ ‪ ،6%‬ويف السوق العاملي بـ‬ ‫‪ .15%‬ومتتلك «جنرال إليكرتيك» جمموعة شبكات « ‪ ،»NBC‬وتدير قنوات « ‪ »CNBC‬الكايبل‬ ‫على مدار الساعة‪ ،‬كما تدير قنوات شبكة «‪ »MSNBC‬اليت مت تأسيسها باالشرتاك مع شركة‬ ‫‪485‬‬

‫مايكروسوفت»‪ « Microsoft‬وشركة «داو جونز‪.« Dow Jones‬‬ ‫على الرغم من أهمية هذه األرقام املعربة عن حجم الصناعات اإلبداعية يف العامل‪ ،‬يبقى‬ ‫العامل العربي عاملا مستوردا ملا ينتجه اآلخرون‪ ،‬ويف كثري من األحيان مقلال من شأن هذه‬ ‫الصناعة – وخاصة صناعة األلعاب‪ -‬اليت يعتربها البعض حكرا على فئة عمرية دون أخرى؛‬ ‫و هو ما تفنده العديد من الدراسات‪ ،‬وتنفيه بشدة‪.‬‬ ‫«ففي دراسة أجرتها منظمة احتاد برامج التسلية « ‪oEntertainment Software Ass‬‬ ‫‪ « ciation‬تبني لديها أن املعدل الوسطي ألعمار هواة األلعاب يصل إىل ‪ 29‬سنة‪ ،‬و أن ‪ 41%‬من‬ ‫الذين ميارسون ألعاب الفيديو بشكل منتظم تزيد أعمارهم عن ‪ 35‬سنة‪ ،‬وأن ‪ 50%‬من سكان‬ ‫الدول الغربية ميارسون ألعاب الفيديو مبعدل يصل إىل ‪ 12‬ساعة أسبوعياً» ‪.‬‬ ‫وقد ُترتجم لغة األرقام أيضا حقيقة الوضعية اليت يعيشها الشباب يف بعض البلدان العربية‪.‬‬ ‫فاإلحصائيات اليت تشري إىل ما ينفقه العامل العربي ( أكثر من ‪ 10‬مليار دوالر سنويا) ‪ -‬مع‬ ‫بعض التفاوت بني بلد وآخر‪ ،‬أو كتلة جغرافية وأخرى‪ -‬يف جماالت الرتفيه‪ ،‬والتسلية تطرح‬ ‫مفارقات يف هذا العامل الذي يُعلن عدم تأثره باالستهالك اآللي ملنتجات هذه الصناعة‪ ،‬ولكنه‬ ‫يُبطن اهتمام مواطنيه بكل ما هو جديد فيها‪.‬‬ ‫فالعديد منا يثريه فضوله‪ ،‬ويستقطبه عامل حافل باألجهزة‪ ،‬والتطبيقات الرقمية من أبسطها‬ ‫إىل أكثرها تعقيدا كتلك اليت تستخدم تقنية البلوتوث «‪»Bluetooth‬؛ وهي تكنولوجيا‬ ‫جديدة‪ ،‬ومتطورة مكنت من توصيل األجهزة اإللكرتونية مثل الكمبيوتر‪ ،‬واهلاتف احملمول‪،‬‬ ‫ولوحة املفاتيح‪...‬اخل‪ ،‬لتبادل البيانات‪ ،‬واملعلومات فيما بينها من غري أسالك‪ ،‬أو أي تدخل من‬ ‫املستخدم‪ .‬وقد انضمت أكثر من ‪ 1000‬شركة عاملية جملموعة االهتمام اخلاص بالبلوتوث‬ ‫«‪ « Bluetooth Special Interest Group‬لتحل حمل التوصيل باألسالك‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لعامل مشغالت املوسيقى‪ ،‬والفيديو‪ ،‬والصور الرقمية فقد شهدت ‪ -‬سنة ‪ 2006-‬طرح‬ ‫جهاز «آي بود نانو» «‪»IPod Nano‬من قبل شركة أبل «‪ »Apple‬بسعة ‪ 8‬غيغابايت ‪،GB 8‬‬ ‫و‪ 16‬غيغابايت ‪ GB 16‬بعد مخس سنوات من طرح أول جهاز «أي بود» يف العامل‪ ،‬وسيطرته على‬ ‫أكثر من ‪ % 70‬من مبيعات أسواق مشغالت املوسيقى الرقمية‪ .‬كما بدأت التلفزيونات عالية‬ ‫اجلودة «‪ « High Definition TV‬وخاصة أجهزة «البالزما» والـ «إل سي دي» من اكتساح‬ ‫منازل املشاهدين يف املنطقة العربية‪ ،‬بعد تراجع مثنها بنسبة كبرية‪ ،‬وملفتة لالنتباه‪.‬‬ ‫يف سياق هذه املتغريات يعيش املواطن العربي غزوا هائال من قبل منتجات الصناعات اإلبداعية‬ ‫‪486‬‬

‫املوجهة إىل الرتفيه‪ ،‬والتسلية لوترية حياته اليومية‪ ،‬مما يثري فيه ميوال خاصا إىل االقتداء‬ ‫حبياة املواطن الغربي؛ فيضطر إىل التداين – حينا ‪ ،-‬واالقرتاض ‪ -‬أحيانا أخرى‪ -‬حتقيقا‬ ‫لرغباته الرتفيهية‪ ،‬واستجابة إلشباع فضول التسلية لديه‪ .‬وينقاد املستهلك العربي إىل تبين‬ ‫مثل هذا السلوك من دون أن يعي أن أفكار املنتجات اليت يسعى إىل التداين من أجلها مستوردة‪،‬‬ ‫ال تعرب بدقة عن حاجات‪ ،‬ومتطلبات البيئة اليت يعيشها؛ بل إن بعض منتجات الصناعات‬ ‫اإلبداعية املوجهة إىل الرتفيه‪ ،‬والتسلية ليس هلا وجود مربر لديه أصال‪ ،‬ألنها ظهرت باألساس‬ ‫كحاجة لدى الغري‪ ،‬مما يطرح إشكالية اهلوية الثقافية اليت يُروَج هلا من خالل وسائل‪ ،‬و‬ ‫مضامني ترفيهية‪ ،‬ال تعرب بالضرورة عن « الثقافة أو اهلوية الثقافية احلضارية اليت – إذا‬ ‫نظرنا إليها يف أوسع معانيها‪ -‬قد تشكل مناذج للتماسك‪ ،‬كما قد تكون سبب تفكك اجملتمعات‪،‬‬ ‫والصراع يف عاملنا اليوم» ‪.‬‬

‫خاتـــمــــة‬

‫لقد أتاح جمتمع املعلومات فرصة النفاذ إىل الثقافة‪ ،‬واملعرفة‪ ،‬والتقنيات احلديثة جلميع‬ ‫أفراد اجملتمع‪ ،‬وأدى إىل ظهور مفهوم الصناعات اإلبداعية اليت تستمد ازدهارها من االقتصاد‬ ‫الالمادي؛ «إذ يرتبط هذا املفهوم بظهور اقتصاد املعرفة‪ ،‬واألهمية املتزايدة لالبتكار‪ ،‬واألحباث‪،‬‬ ‫والتطوير‪ ،‬واالستثمار يف تكنولوجيات االتصاالت‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬والتعليم‪...‬اخل‪ ،‬كمحركات‬ ‫رئيسية لنمو اقتصاديات القرن الواحد والعشرين» ‪.‬‬ ‫إن هذا الطرح قد يربر التقارب املفاهيمي‪ ،‬والعملي بني الصناعات اإلبداعية – عموما ‪ ،-‬يف‬ ‫إطار تقنيات إعالم جديدة داخل اقتصاد املعرفة‪ ،‬يستخدمها مواطنون‪ -‬مستهلكون تفاعليون‬ ‫جدد‪ ،‬إال أنه يف الوقت – نفسه – يعيد إىل السطح إشكالية مفهوم الصناعات اإلبداعية ال‬ ‫كنتاج للصناعة‪ ،‬بل للتاريخ‪.‬‬ ‫« فعلى املدى الطويل‪ ،‬تطور مفهوم الصناعات اإلبداعية عن مفاهيم سابقة لـ»الفنون‬ ‫اإلبداعية» و»الصناعات الثقافية» تعود إىل القرن الثامن عشر‪ ،‬وينطوي على بعض التغريات‬ ‫البعيدة املدى يف فكرة «املستهلك» و»املواطن»‪ .‬و»على املدى األكثر آنية‪ ،‬ظهرت فكرة الصناعات‬ ‫اإلبداعية على خلفية التغريات اليت شهدتها التكنولوجيا‪ ،‬واالقتصاد العامليني‪ ،‬خاصة خالل‬ ‫التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬وبداية استيعاب أشكال اإلعالم التفاعلي» ‪.‬‬ ‫وقد غيرَ اإلعالم التفاعلي منط إنتاج املضامني املعرفية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬بينما فسحت األسواق‬ ‫الطريق أمام الشبكات حتى يصبح كل شيء خدمة‪ ،‬ويتحول العمل من البريوقراطية إىل‬ ‫الشبكة؛ إذ ح ّول اقتصاد املعرفة اجلدل‪ ،‬من جمرد حديث عن صناعة حمتوى‪ ،‬إىل إشكاليات‬ ‫البحث عن إرساء صناعات إبداعية تعتمد التكنولوجيات املتقدمة‪ ،‬والتجارة اإللكرتونية‪،‬‬ ‫‪487‬‬

‫وتستند إىل الشكل الرقمي‪.‬‬ ‫ويتزامن هذا التغيري الذي شهده منط إنتاج املضامني املعرفية‪ ،‬والثقافية مع عصر اتسم بعوملة‬ ‫تقوم على املعلومات‪ ،‬واإلبداع التقين غري احملدود‪ ،‬وتتجاهل األنظمة‪ ،‬واحلضارات‪ ،‬والثقافات‪،‬‬ ‫والقيم‪ ،‬واحلدود اجلغرافية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬واالقتصادية القائمة يف العامل‪ .‬وتتميز هذه العوملة‬ ‫– أيضا‪ -‬بسيطرة وسائل اإلعالم على آليات تسويق األمناط الرائجة ملنتجات الصناعات‬ ‫اإلبداعية؛ حبيث جيد الفرد نفسه يسلك سلوكا إجيابيا جتاه املنتجات املُروج هلا‪ ،‬متفاديا كل‬ ‫سلوك ميكن أن يؤثر على الشراء‪ ،‬أو يبطئ عدادات الربح لدى صانعي‪ ،‬ومروجي وسائل صناعة‬ ‫الرتفيه والتسلية‪ ،‬ومضامينها‪.‬‬ ‫هذه الوضعية جعلت الكثري ينظر إىل الصناعات اإلبداعية على أنها صناعات تستهدف‬ ‫الرتفيه السليب الذي يقوم على تفريغ الطاقة بشكل غالبا ما يكون غري مدروس‪ ،‬أو أنه ال حيقق‬ ‫أقصى استفادة بني مواهب الفرد وقدرات‪ ،‬ومستقبله‪ ،‬وما ينفقه‪ ،‬وما يقضيه من وقت يف‬ ‫جماالت الرتفيه‪ ،‬والتسلية املختلفة‪.‬‬ ‫وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإن على الفرد ‪ -‬يف هذه احلالة‪ -‬أن حيدد احتياجاته األساسية من‬ ‫الرتفيه‪ ،‬والتسلية مبا يسمح باملشاركة الفكرية‪ ،‬و إقرار ثقافة احلوار‪ ،‬حتى ال يبقى أسري‬ ‫عزلة‪ ،‬أو نفي‪ ،‬أو إلغاء‪ ،‬أو إقصاء قد خيلقها له صانعوا مضامني الصناعات اإلبداعية‪ ،‬إذا ما‬ ‫اختار سياسة عدم التواصل معهم‪ ،‬أو ثقافة مواجهة ما ينتجون أو يروجون‪.‬‬ ‫لقد تشابكت العالقات بالفعل ‪ -‬يف هذه املتاهة‪ -‬يف ظل االقتصاد الالمادي بعد أن حتولت‬ ‫التكنولوجيات احلديثة إىل آليات مستمرة لتوحيد العامل‪ ،‬أو على األقل خلق آفاق للتشابه‪ .‬هذه‬ ‫اآلليات هي نفسها اليت تعمل على تفكيك الثقافات الوطنية‪ ،‬وعلى خلق استقطابات‪ ،‬وصراعات‬ ‫داخل هذه الثقافات؛ حبيث « تتحول اجملتمعات الضعيفة اليت تبحث عن هويتها الثقافية‪،‬‬ ‫واالجتماعية وسط خضم العوملة إىل بؤر للصراع‪ ،‬والتطاحن‪ .‬وتظهر هذه البؤر جلية على‬ ‫أطراف الدائرة‪ ،‬أي يف اجملتمعات اليت تقع على أطراف النظام الرأمسالي العاملي‪ .‬ويبدو العامل‬ ‫مفرقا عند القاع‪ .‬فعند القمة تظهر تدفقات ثقافية‪،‬‬ ‫الذي ختلقه العوملة ِ‬ ‫موحدا عند القمة‪ِ ،‬‬ ‫واقتصادية‪ ،‬وتكنولوجية ختلق بدورها أطرا للتشابه‪ ،‬ولكن عند القاع يظل البحث عن اهلوية‪،‬‬ ‫وتظل عملية التوحيد اليت تنشدها العوملة بعيدة املنال ‪.‬‬ ‫يف سياق هذه املقاربة‪ ،‬يندرج اجلدل حول محاية الصناعات الثقافية‪ ،‬بعد أن تبني أن النزاع‬ ‫األمريكي الفرنسي على احملتوى اإلعالمي مسموعا كان‪ ،‬أم مرئيا ليس لعبة قوة سطحية‪،‬‬ ‫بقدر ما هو صراع هادئ حول مصري جمموعة من املشروعات تشكل قلب ما يسمى «ذهب»‬ ‫‪488‬‬

‫اقتصاد املعلومات ؛ لتصبح املعادلة – يف ظل هذا النزاع‪ -‬قائمة على أفكار عقلية‪ ،‬وإبداعية‪،‬‬ ‫تغ َلف‪ ،‬وتو َزع يف أشكال خمتلفة عرب شبكات املعلومات‪.‬‬ ‫ومبرور الزمن‪ ،‬حتول الصراع اهلادئ بني البلدان املنتجة ملضامني الصناعات اإلبداعية‪ ،‬إىل‬ ‫خطاب عن الفجوة الرقمية بني البلدان املتقدمة املالكة لتكنولوجيا االتصال‪ ،‬والبلدان السائرة‬ ‫يف طريق النمو واملستهلكة ملنتجات التقنية‪ .‬وظل هذا اخلطاب « موصوما بصبغة تكنولوجية‬ ‫– اقتصادية تعمي بصريته عن رؤية األبعاد االجتماعية‪ ،‬والثقافية‪ .‬ويُعد مضمون هذا اخلطاب‬ ‫ يف معظمه ‪ -‬إما من صنع مفكري الدول املتقدمة‪ ،‬وإما من إنتاج آلة توليد الوثائق يف املنظمات‬‫اإلقليمية‪ ،‬والدولية‪ .‬وكثري من هذه الوثائق – باستثناء عدد قليل من الدراسات الرائدة‪ -‬تتغذى‬ ‫على نفسها‪ ،‬وتكرر مقوالتها‪ ،‬وتزخر بالتوصيات‪ ،‬والتصورات الفوقية‪ ،‬والقوالب اإلسرتاتيجية‬ ‫النمطية‪ ،‬وتشكو‪ ،‬عجزا شديدا يف تناول القضايا احمللية‪ ،‬أو املسكوت عنها‪ ،‬وتقتنص من قضية‬ ‫الفجوة الرقمية ما ميكن هلا تناوله‪ ،‬ال ما جيب التصدي له ‪.‬‬ ‫ويف إطار املسكوت عنه‪ ،‬تندرج الصناعات اإلبداعية اليت َثبت هلا تبعات سلبية‪ ،‬واليت تتغذى‬ ‫مما كرسته أيديولوجيا امليديولوجيا من مفاهيم‪ ،‬وقيم من أجل «عزل األفراد ماديا‪ ،‬وتعويض‬ ‫تواصلهم املادي احلار املباشر‪ ،‬باتصال المادي بارد‪ ،‬ومن بعيد‪ .‬وأضحت وسائل اإلعالم‬ ‫واالتصال – مبا تقدمه من مضامني «إبداعية»‪ -‬عوامل ُتلقي بالفرد حنو عزلة فريدة ملموسة ال‬ ‫تتناقض مع احتاد المادي من أفراد بعيدين‪ ،‬ومجاعات لغوية‪ ،‬وثقافية مغايرة‪ .‬ولعل أخطر ما‬ ‫حتمله األيديولوجيا االتصالية‪ -‬التواصلية اجلديدة هذه‪ ،‬هي قدرتها على إخفاء وقائع العنف‪،‬‬ ‫واالستغالل‪ ،‬والالتكافؤ االجتماعي خلف العدالة‪ ،‬والتقنية‪ ،‬واملناداة باملساواة املعلوماتية‪ ،‬واحلق‬ ‫يف املعلومة» ؛ إنها عناوين لوقائع‪ ،‬وأوهام ‪ -‬يف اآلن نفسه‪ -‬وجدت يف الصناعات اإلبداعية ذات‬ ‫األبعاد السلبية ‪ -‬أو ما يسمى اليوم بـ»صناعات اإلدمان»‪ -‬أرضا خصبة للنمو‪ ،‬واالزدهار‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1 .1‬الفين (كفاح)‪ :‬طفل الفضاء االفرتاضي وهمهمات يف أذن املستقبل‪ :‬أنظر املوقع‪www. :‬‬ ‫‪qattanfoundation.org‬‬ ‫‪2 .2‬فلو (تريي)‪ ،)2007( :‬االقتصاد اإلبداعي؛اجلزء السادس من كتاب‪ :‬الصناعات اإلبداعية؛‬ ‫كيف تنتج الثقافة يف عامل التكنولوجيا والعوملة؟ حترير جون هارتلي؛ ترمجة بدر السيد‬ ‫سليمان الرفاعي‪ ،‬عامل املعرفة؛ اجمللس الوطين للثقافة‪ ،‬والفنون‪ ،‬واآلداب؛ الكويت‪.‬‬ ‫‪3 .3‬سالم (حممد شكري)‪ :)2003( :‬ثورة اإلعالم واالتصال‪ :‬من األيديولوجيا إىل امليديولوجيا؛‬ ‫عامل الفكر‪ ،‬اجمللد ‪ ،32‬عدد ‪ ،1‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب؛ الكويت؛ ص ‪.96-98‬‬ ‫‪ 4 .4‬املنجد (حممد صاحل)‪ :‬صناعة الرتفيه‪ :‬أنظر املوقع‪www.islamway.com :‬‬ ‫‪489‬‬

‫‪5 .5‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪6 .6‬مليار هو عدد مستخدمي اإلنرتنت يف العامل؛ أنظر املوقع‪.www.nabanews.net :‬‬ ‫‪7 .7‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪ 8 .8‬حبسب تقرير إحصاءات العامل لإلنرتنت (‪.)Internet World Stats‬‬ ‫‪9 .9‬كشنري (ديفيد)‪ :)2002( :‬العبون متعددون‪ ،‬وعامل من الرتفيه اجلماعي املشرتك من‬ ‫خالل اإلنرتنت؛ خدمة أخبار « نيويورك تاميز»‪.‬‬ ‫‪ -www.dardasha.ps1010‬أنواع من اإلدمان‪ :‬أنظر املوقع‬ ‫‪1111‬لعوضي (نادية)‪ :‬مرض العصر‪...‬إدمان اإلنرتنت؛ أنظر املوقع‪www.islamonline. :‬‬ ‫‪net‬‬ ‫‪1212‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪1313‬احلكيم (باهر)‪)2004( :‬؛ حنن نلعب وهم يرحبون؛ صناعة التسلية أكرب مصدر للعائدات‬ ‫املالية؛ أنظر املوقع‪www.alrakameiat.com :‬‬ ‫‪1414‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪1515‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪1616‬راجع موسوعة ويكيبيديا احلرة على املوقع‪www.ar.wikepedia.org :‬‬ ‫‪1717‬احلكيم (باهر)‪ :‬حنن نلعب وهم يرحبون؛ مصدر سابق‪.‬‬ ‫‪1818‬املصدر السابق نفسه‬ ‫‪1919‬مقتطف من تصريح للدكتور هنري لوود‪ ،‬القيم على كتب تاريخ العلوم والتقنية يف‬ ‫جامعة ‪ Stanford University‬أنظر أنواع من اإلدمان على املوقع‪www.dardasha. :‬‬ ‫‪ ps‬مصدر سابق‪.‬‬ ‫‪ 2020‬ألعاب الفيديو‪ :‬تسلية أم إدمان؟ لعنة أم ضرورة؟ أنظر املوقع‪.www.qataru.com :‬‬ ‫‪2121‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪2222‬احلكيم (باهر)‪ :‬حنن نلعب وهم يرحبون؛ مصدر سابق‪.‬‬ ‫‪2323‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪ 2424‬اإلمرباطوريات اإلعالمية؛ أنظر املوقع‪www.aljazeeratalk.net :‬‬ ‫‪ 2525‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪ 2626‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪ 2727‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪2828‬املصدر السابق نفسه‪.‬‬ ‫‪ 2929‬هنتنغتون ( صموئيل)‪)2005( :‬؛ صدام احلضارات وإعادة بناء النظام العاملي‪ :‬ترمجة‬ ‫مالك عبيد أبو شهيوة‪ ،‬وحممود حممد خلف‪ :‬الدار اجلماهريية للنشر والتوزيع واإلعالن؛‬ ‫اجلماهريية العربية الليبية‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪490‬‬

‫‪3030‬كليش (فرانك)‪)2000( :‬؛ ثورة اإلنفوميديا‪ :‬الوسائط املعلوماتية وكيف تغري عاملنا‬ ‫وحياتك؟ ترمجة حسام الدين زكريا‪ ،‬مراجعة عبد السالم رضوان؛ اجمللس الوطين للثقافة‬ ‫والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص ‪.109‬‬ ‫‪3131‬هارتلي ( جون)‪ :)2007( :‬الصناعات اإلبداعية‪ :‬كيف تنتج الثقافة يف عامل التكنولوجيا‬ ‫والعوملة؟ اجلزء األول ص‪12-13‬؛ ترمجة بدر السيد سليمان الرفاعي؛ عامل املعرفة اجمللس‬ ‫الوطين للثقافة‪ ،‬والفنون‪ ،‬واآلداب؛ الكويت‪.‬‬ ‫‪3232‬زايد (أمحد)‪:)2003( :‬عوملة احلداثة وتفكيك الثقافات‪ :‬عامل الفكر‪ ،‬اجمللد ‪ ،32‬العدد ‪1‬؛‬ ‫اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب؛ الكويت‪ ،‬ص ‪.7-35‬‬ ‫‪ 3333‬حبسب العبارة املستخدمة من قبل جون هارتلي يف كتاب الصناعات اإلبداعية؛ مصدر‬ ‫سابق‪.‬‬ ‫‪3434‬نبيل (علي)‪ ،‬حجازي (نادية)‪ :)2005( :‬رؤية عربية جملتمع املعرفة؛ عامل املعرفة‪ ،‬اجمللس‬ ‫الوطين للثقافة والفنون واآلداب؛ الكويت؛ ص ‪.19-21‬‬ ‫‪3535‬سالم (حممد شكري)‪ :‬ثورة االتصال واإلعالم‪ :‬من األيديولوجيا إىل امليديولوجيا‪ :‬مصدر‬ ‫سابق‪ ،‬ص ‪( 106‬بتصرف)‪.‬‬

‫المراجع‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬مراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫• إيغلتون(تريي)‪)2000(:‬؛ أوهام ما بعد احلداثة‪ :‬ترمجة ثائر ديب ‪ :‬دار احلوار دمشق‪.‬‬ ‫• بلقزيز (عبد اإلله)‪)2002(:‬؛ العوملة واملمانعة‪ ،‬دراسات يف املسألة الثقافية – دار احلوار‬ ‫للنشر والتوزيع – دمشق – الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫• بن مسعود ( املعز)؛ الزرن (مجال)؛ (‪ )2008‬حتوالت املشهد اإلعالمي واالتصالي يف مملكة‬ ‫البحرين‪ :‬التنظيم اهليكلي والتشريعات؛ طبع جبامعة البحرين؛ مملكة البحرين‪.‬‬ ‫• جان بيري (قارنيي)؛ ترمجة عبد اجلليل األزدي‪ )2003( :‬العوملة الثقافة وأسئلة الدميقراطية‬ ‫– الدار املصرية اللبنانية – الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫• حجازي (مصطفى)‪)1998( :‬؛ حصاد الثقافة‪ ،‬بني القنوات الفضائية والدعوة األصولية‪،‬‬ ‫ص‪63-‬ص‪ ،76‬املركز الثقايف العربي‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬ ‫• عابد اجلابري (حممد)‪)2001( :‬؛ الرتاث واحلداثة‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫• علي (نبيل)‪)2004(:‬؛ تكنولوجيا املعلومات وتطور العلم؛ املكتبة األكادميية‪ ،‬كراسات‬ ‫علمية‪.‬‬ ‫• فارني (جان بري)‪ :‬عوملة الثقافة‪ :‬ترمجة عبد اجلليل األزري الدار املصرية اللبنانية ‪1999‬‬ ‫• لعياضي (نصر الدين)‪)1999(:‬؛ وسائل االتصال اجلماهريي واجملتمع‪ ،‬أراء ورؤى‪ ،‬دار‬ ‫القصبة للنشر‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬ ‫‪491‬‬

:‫ االقتصاد العاملي وإمكانات التحكم‬:‫)؛ ما العوملة‬2001( :)‫ طومبسون (جراهام‬،)‫• هريست (بول‬ .‫ عامل املعرفة‬،‫ترمجة خالد عبد اجلبار‬ ‫ ترمجة‬:‫)؛ صدام احلضارات وإعادة بناء النظام العاملي‬1999( :)‫• هنتنغتون (صموئيل‬ :‫ الدار اجلماهريية للنشر والتوزيع واإلعالن‬:‫ حممود حممد خلف‬،‫مالك عبيد أبو شهيوة‬ .1999 ‫اجلماهريية العربية الليبية‬ ،‫ عامل املعرفة‬،‫ ترمجة فاروق عبد القادر‬،‫)؛ طرائق احلداثة‬1999( :)‫• ويليامز (راميوند‬ .‫الكويت‬

:‫ مراجع بلغات أجنبية‬:‫ثانيا‬ • Balle (F): (1984); Medias et société, Paris, Edt Montchrestien, 708p. • de Certeau (M): (1984); The Practice of Everyday Life; University of California Press, Berkeley. • Frow (J) : (2000) ; Public Domain and the New World Order in Knowledge ; Social Semiotics 10 n 2. • Mucchielli (A) : Les sciences de l’information et de la communic tion, Edt Hachette, Paris, 1995. • .Owens (C): (1995); Beyond Recognition; Representation, Power and Culture; In N. Wheale Edt; Postmodern Arts; Rutledge, London. • Pratt (A): (2004); The Cultural Economy; A Call for Spatialised “Production of Culture” Perspectives; International Journal of Cu tural Studies 7 (1). • Sylvian (M): (2002); Formats; The Next Generation; Real screen. • Wolton (D), Missika ( J-L): (1983); La Folle du Logis, Paris, Ga limard, 331p.

492

‫ المفهوم و التطور‬.. ‫تكنولوجيا االتصال‬

-----------------------------------------

‫حسن رضا النجار‬.‫د‬.‫أ‬ ‫اجلامعه املستنصريه‬ ‫العراق‬

Abstract The search attempted to seek argumentative between Arab and world thinkers that communication technology born from society which discovered and used it ,therefore it become ex trinsic from develo ment and Arabic society which have rich civilization and poor in use of (C.T) Also the search treatment discuss the big development technology in communication and information, multimedia which have good ability to produce and retrieval information in different form. This advancement and other help to remove the distinguish comm nication media and clearly effective in kind and form of news cove age, the e last part of the search assign to review the characteristic of (information technology)

493

‫المستخلص‪:‬‬

‫حياول البحث استجالء اجلدل القائم بني املفكرين يف العامل العربي والعامل من كون‬ ‫ ‬ ‫تقنيات االتصال تنبع من قيم اجملتمعات اليت اكتشفتها واستخدمتها وبالتالي فهي تعد غريبة‬ ‫يف كثري من األحيان عن اجملتمعات النامية ومنها اجملتمع العربي الغين حبضارته والفقري‬ ‫باستدامه لتقنيات االتصال‪.‬‬ ‫ويستعرض البحث التطور التكنلوجي اهلائل يف جمال االتصال واملعلومات والوسائط‬ ‫ ‬ ‫املتعددة ذات القدرة الفائقة على انتاج املعلومات ومجعها وخزنها ومعاجلتها ونشرها واسرتجاعها‬ ‫باسلوب غري مسبوق‪.‬‬ ‫ان هذه التطورات وغريها عملت على أزالت الفوارق بني االدوات االتصالية هذه‬ ‫ ‬ ‫واملتمثلة بني االدوات السمعية والبصرية واالتصاالت بعيدة املدى واملعلوماتية والتداخل‬ ‫املتزايد بني اجهزة االعالم اليت اطلق عليها (نور اومينك) وهذه اثرت بشكل واضح يف نوع‬ ‫وشكل التغطية االخبارية يف العامل وخصص اجلزء االخري من البحث يف بيان مسات تكنلوجيا‬ ‫املعلومات يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫شهدت اخلريطة االتصالية قفزات تكنولوجية وإعالمية هائلة ومتسارعة‪ ،‬فمنذ‬ ‫ ‬ ‫منتصف الستينيات عندما وضع اول قمر صناعي لالتصاالت يف مدار قريب من االرض‬ ‫والدخول يف االلفية الثالثة فان تكنولوجيا االتصال اصبحت عنصراً مالزماً لكل مظاهر احلياة‬ ‫العصرية(‪ )1‬ان االميان باهمية هذه التكنلوجية ال يكفي لتكيف خدمات املعلومات واالعالم‬ ‫ملتطلبات العصر‪ ،‬فاملطلوب توفري اخلربة واملعرفة الكافية ملختلف انواع التكنلوجيا من اجل‬ ‫اختيار االفضل منها وعلى وفق احلاجة ووضع اخلطط الكفيلة بذلك‪ .‬كما ان “مصطلح تقانة‬ ‫االتصال يعين” التقنيات واملؤسسات واالساليب اليت بواسطتها تنتج املعلومات وتعلب وتوزع على‬ ‫مستقبلني متفرقني فوق رقعة جغرافية(‪.)2‬‬ ‫وميكن تعريف التكنولوجيا بانها‪ :‬جمموعة من النظم والقواعد التطبيقية واساليب‬ ‫ ‬ ‫العمل اليت تستقر لتطبيق املعطيات املستحدثة لبحوث او دراسات مبتكرة يف جماالت االنتاج‬ ‫واخلدمات كونها التطبيق املنظم للمعرفة واخلربات املكتسبة اليت متثل جمموعات الوسائل‬ ‫واالساليب الفنية اليت يستعملها االنسان يف خمتلف نواحي حياته العلمية وبالتالي فهي‬ ‫مركب قوامه املعدات واملعرفة االنسانية(‪.)3‬‬ ‫ ‬ ‫‪494‬‬

‫كذلك فان التكنولوجيا‪ :‬جمموعة املعارف واخلربات املكتسبة اليت حتقق انتاج سلعة‬

‫او تقديم خدمة ويف اطار نظام اجتماعي واقتصادي معني(‪ .)4‬ومن منظور اتصالي‪ ...‬ميكن‬ ‫القول ان تكنولوجيا االتصال‪ :‬هي جمموع التقنيات واالدوات او الوسائل او النظم املختلفة‪،‬‬ ‫اليت توظف ملعاجلة املضمون او احملتوى‪ ،‬الذي يراد توصيله بعملية االتصال اجلماهريي او‬ ‫الشخصي او التنظيمي او اجلمعي‪ ،‬اليت بها جتمع املعلومات والبيانات املسموعة و املكتوبة و‬ ‫املصورة و املرسومة و املسموعة املرئية و املطبوعة او الرقمية عن طريق احلاسبات االلكرتونية‪،‬‬ ‫ثم ختزين هذه البيانات واملعلومات‪ ،‬ثم اسرتجاعها يف الوقت املناسب‪ ،‬ثم عملية نشر هذه املواد‬ ‫االتصالية او الرسائل او املضامني مسموعة او مرئية او مطبوعة او رقمية‪ ،‬ونقلها من مكان اىل‬ ‫اخر‪ ،‬وتبادهلا(‪.)5‬‬ ‫اما تكنولوجيا االتصال واملعلومات فهي كل ما ترتب على االندماج بني تكنولوجيا‬ ‫ ‬ ‫احلاسب االلكرتوني والتكنولوجيا السلكية والالسلكية وااللكرتونيات الدقيقة والوسائط‬ ‫املتعددة من اشكال جديدة لتكنولوجيا ذات قدرات فائقة على انتاج املعلومات ومجعها وختزينها‬ ‫ومعاجلتها ونشرها واسرتجاعها باسلوب غري مسبوق يعتمد على النص والصوت والصورة‬ ‫واحلركة واللون وغريها من مؤثرات االتصال التفاعلي اجلماهريي والشخصي معا(‪.)6‬‬ ‫كما ان تكنولوجيا املعلومات متثل‪ ،‬اقتناء املعلومات واختزانها وجتهيزها يف خمتلف صورها‬ ‫واوعية حفظها سواء كانت مطبوعة ام مصورة ام مسموعة ام مرئية ام ممغنطة ام معاجلة‬ ‫بالليزر‪ ،‬وبثها باستعمال جمموعة من االوعية االلكرتونية ووسائل اجهزة االتصال عن بعد‪.‬‬ ‫وقد مهدت تكنولوجيا االتصال واملعلومات الطريق لالنتقال من اجملتمع الصناعي اىل جمتمع‬ ‫املعلومات(‪.)7‬‬ ‫ان التطورات التكنولوجية احلديثة قد عملت على ازالة الفوارق بني االدوات االتصالية‬ ‫ ‬ ‫هذه واحلدود اليت طاملا فصلت بني وسائل االعالم املختلفة‪ ،‬حتى اواخر السبعينيات‪ ،‬اذ نشأت‬ ‫عالقات مل يتوقعها احد او يتصورها‪ ،‬وهي عالقات باتت تربط بني االدوات السمعية والبصرية‬ ‫واالتصاالت بعيدة املدى واملعلوماتية والتداخل املتزايد بني اجهزة االعالم اليت اطلق عليها (نور‬ ‫اومينك) تسمية (التليماتيك) اليت تعين التزاوج بني االتصاالت بعيدة املدى واملعلوماتية(‪.)8‬‬ ‫وقد حقق هذا التزاوج والتفاعل نتائج مهمة على الصعيد االعالمي‪ ،‬وابرز هذه‬ ‫ ‬ ‫النتائج التوسع يف التغطية االخبارية وافادة اجملتمع الواضحة من وسائل االتصال واملعلومات‬ ‫وعلى وفق ذلك يظهر العامل منقسماً اىل ثالثة اقسام(‪.)9‬‬ ‫‪ 1-15٪‬من سكان العامل حيصلون تقربياً على كل االبتكارات التكنولوجية احلديثة‪.‬‬ ‫‪495‬‬

‫‪ 2-50٪‬من سكان العامل قادرون على استيعاب هذه التكنولوجيا استالكاً وانتاجاً‪.‬‬ ‫‪3‬بقية سكان العامل ‪ 35٪‬يعيشون يف حالة انقطاع وعزلة عن هذه التكنولوجيا‪.‬‬‫ويبدو ان الدول الصناعية وهي تدخل ميدان التنافس واالبداع‪ ،‬اخذت تتحسس اجتاهات التطور‬ ‫القادم‪ ،‬ولذلك فقد شرعت بوضع اخلطط لتوفري املستلزمات الضرورية لعمليات التحول اليت‬ ‫حتدث على حنو متصاعد من ناحية_ ولكنها من ناحية اخرى_ حترص على ان تتبوأ مكانة‬ ‫مرقوقة يف اجملتمع الدولي حبيث تستطيع ان تؤثر_ اىل حد كبري_ يف سياسات الدول االخرى‬ ‫يف خمتلف القطاعات السياسية او االقتصادية او العسكرية‪ ،‬وباملقابل فان البلدان االقل تطوراً‬ ‫من الناحية العلمية سوف تشعر_ على حنو او اخر_ بانها منجذبة اليها حبكم حاجتها اىل‬ ‫العون اخلارجي(‪.)10‬‬ ‫ولقد استعمل االنسان التقانة‪ ،‬عرب التاريخ كوسيلة لتساعده يف التغلب على البيئة وقهرها‪،‬‬ ‫فاالنسان اذا يطور التقانة ويستعملها بناء على احتياجه اليها‪ ،‬ومن الواضح ان تقانة االتصال‬ ‫االلكرتونية جبيليها االخريين مل تنتج وتستعمل يف الوطن العربي بناء على حاجة اليها‬ ‫حقيقية‪ ،‬فهي غريبة عنا‪ ،‬وعن عقولنا اليت اعتادت عرب القرون املاضية على املادة املكتوبة‬ ‫واملطبوعة (كالكتاب والصحيفة) او املادة املروية (كالشعر او احلكاية)‪ ،‬ال عجب بعد هذا‬ ‫ان كانت الصحافة اليت استعملها العرب يف القرن املاضي قد اعطت آثاراً اجيابية اكثر من‬ ‫غريها اال قنوات االتصال االخرى اليت استعملت يف املرحلتني الالحقتني‪ ،‬النها كانت االقرب‬ ‫اىل ثقافتنا وتقاليدنا وطباعنا التارخيية وال عجب بعد هذا ان جند من يصف االتصال واالعالم‬ ‫العربي احلديث يف املرحلتني االخريتني بانه اعالم “عاجز وتربيري وضحل وسطحي”(‪.)11‬‬ ‫وقد اتضح جليا ان على البلدان النامية والوطن العربي خباصة مواجهة التحديات اليت‬ ‫تفرضها عليها التطورات التكنولوجية واالعالمية‪ ،‬هذه التطورات وضعت بلدان العامل النامي‬ ‫امام حتديات حقيقية للخوض يف جتربة البث املباشر‪ ،‬فقد اصبح التطور اهلائل يف صناعة‬ ‫االتصاالت واستعماهلا معيارا حضاريا مييز بني دولة واخرى يف عاملنا املعاصر متاما‪ ،‬كما‬ ‫اصبحت معياراً مييز العصر احلالي من العصور السابقة‪ ،‬وادى ذلك التطور اىل توسع هائل يف‬ ‫حجم مرافق وسائل االتصال ونشاطها والذي حصل بفضل ثالث تطورات هي‪:‬‬ ‫‪1 .1‬منو نطاق البنى االساسية لوسائل االتصال واتساعه والكفاءة املتزايدة يف تنظيمها وادارتها‪.‬‬ ‫‪2 .2‬استعمال اشكال جديدة من الطاقة واالجهزة النتاج الرسائل واستقباهلا‪.‬‬ ‫‪3 .3‬التغيري الذي طرأ على االساليب واالشارات املستعملة يف وسائل االتصاالت أي (االشارات‬ ‫الرقمية) (‪ )Digital Signal‬مبا يف ذلك التطور يف استعمال االقمار الصناعية الغراض‬ ‫‪496‬‬

‫االتصاالت االعالمية عموماً‪.‬‬ ‫ان التطورات الراهنة يف تكنولوجيا االتصال افرزت منطاً اتصاليا يتميز بسمات ختتلف عن‬ ‫االمنط االتصالية التقليدية السابقة اليت تشمل االتصال الذاتي واالتصال الشخصي واالتصال‬ ‫اجلمعي ثم االتصال اجلماهريي‪ ،‬وهذا النمط االتصالي او كما يطلق عليه اسم االتصال‬ ‫الوسيطي جيمع كال من مسات االتصال الشخصي املواجهي واالتصال اجلماهريي وله وسائله‬ ‫االتصالية اخلاصة به اليت تضم يف داخلها كل اشكال االتصاالت عن بعد وهي االتصاالت‬ ‫السلكية والالسلكية والتلغراف واهلاتف واالذاعة واتصاالت احلاسب االلكرتوني(الربيد‬ ‫االلكرتوني) كما يتضمن هذا النمط االتصالي داخله االتصاالت االستطالعية كاالذاعة‬ ‫وعمليات مراقبة البيئة والعاب الفيديو واحلاسب االلكرتوني ويطلق على هذه الوسائل‪ ،‬وسائل‬ ‫االتصال الوسيطة(‪.)12‬‬ ‫ويف ظل انتشار االقمار الصناعية بدأت معامل صياغة جمتمع دولي كبري يتعرف كل شخص‬ ‫على ايديولوجيات اخرى وثقافات اخرى واجناس اخرى‪ ،‬وقد اتسع نطاق اخلدمة االخبارية عن‬ ‫طريق االعالم املرئي‪ ،‬اذ اصبح يف استطاعة شبكات االعالم الدولية بث احلدث حلظة وقوعه‬ ‫ويف موقعه سواء داخل الدولة ام خارجها وميكن االستشهاد بالعديد من االمثلة منها شبكة‬ ‫الـ(‪ )CNN‬اليت تغطي ارسلها اكثر من (‪ )150‬دولة‪ ،‬وقناة (‪ )FOX‬االمريكيتني‪ ،‬وشبكة‬ ‫اليورنيوز االوربية اليت تبث بست لغات وتشارك فيها (‪ )11‬قناة دولية اوربية وحمطة سكاينيوز‬ ‫الربيطانية اليت اتسع نطاق تغطيتها االعالمية ليشمل اوروبا بأسرها وميتلكها روبرت مردوخ‪،‬‬ ‫وشبكة الـ(‪ )BBC‬اليت طورت خدماتها العاملية‪ ،‬ويصل إرساهلا اىل مجيع القارات ما عدا اسرتاليا‬ ‫وامريكا اجلنوبية(‪.)13‬‬ ‫وهذا االتساع االعالمي واالخباري على حنو خاص جاء نتيجة التطور التكنولوجي السريع‬ ‫والذي مشل وسائل االتصال وادوات االتصال والتلقي‪ ،‬فالتكنولوجيا بشكل عام‪ ،‬وتكنولوجيا‬ ‫االتصال واالعالم بشكل خاص ال تؤدي دوراً حيويا يف السيطرة الثقافية فحسب‪ ،‬ولكنها بالفعل‬ ‫جزء من هذه السيطرة(‪ .)14‬وهناك جمموعة من العوامل اليت ادت اىل ضرورة استعمال التطور‬ ‫العلمي والتكنولوجي يف صناعة الصحف وانتاجها منها على سبيل املثال ال احلصر مواكبة‬ ‫عصر ثورة املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وتطوير العملية االنتاجية للصحف‪ ،‬ومواجهة املنافسة‬ ‫بني الصحافة والوسائل السمعية والبصرية االخرى‪ ،‬كذلك مواجهة االحتياجات احلالية‬ ‫واملستقبلية يف جمال االعالم(‪.)15‬‬ ‫وعلى الرغم من هذه التطورات اال ان العامل النامي ظل اسري ازمات ومشكالت خمتلفة بشأن‬ ‫‪497‬‬

‫التكنولوجيا وتطورها وكيفية تلقيها من قبل بلدان العامل النامي‪ ،‬اذ تواجه دولة العديد من‬ ‫املشكالت يف كيفية اختيار املعدات االتصالية او انتاجها‪ ،‬والتحدي احلقيقي هلذه الدول يكمن‬ ‫يف كيفية االستعانة بالتكنولوجيا احلديثة يف جمال االتصال من دون الوقوع يف شرك التبعية‬ ‫التكنولوجية للدول املتقدمة‪ ،‬ويف هذا اجملال ميكن مالحظة الظواهر االتية(‪:)16‬‬ ‫‪1 .1‬ان التكنولوجيا تعبري عن الواقع االجتماعي والثقايف الذي تنشأ فيه‪ ،‬وبالتالي فان النماذج‬ ‫التكنولوجية اليت تطورت استجابة حلاجات ما‪ ،‬قد ال تصلح‪ -‬يف اغلب االحيان‪ -‬جملتمع آخر له‬ ‫ظروف مغايرة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬ان عملية نقل تكنولوجيا االتصال ليست مقصودة لذاتها‪ ،‬وامنا هي اداة لتحقيق اغراض‬ ‫التنمية الوطنية للبلدان النامية يف جمال االتصال‪ ،‬فالتكنولوجيا املالئمة هلذه الدول هي‬ ‫اليت تتناسب مع االمكانيات الذاتية لتلك اجملتمعات واليت حتقق االستعمال االمثل ملصادر‬ ‫التكنولوجيا املتاحة يف اجملتمع‪ ،‬اليت تعمل على تنمية مصادر التكنولوجيا الوطنية وتطويرها‪.‬‬ ‫‪3 .3‬والبد ان ناخذ يف احلسبان تاثري االختيار التكنولوجي عالقة التبعية للدول املتقدمة‪ ،‬ذلك‬ ‫ان االختيار التكنولوجي يف جمال االتصال‪ ،‬ليس قضية فنية فحسب‪ ،‬وامنا اختيار سياسي يف‬ ‫املقام االول‪.‬‬ ‫ويطال فريق من املفكرين والباحثني العرب مبالحقة الدول املتقدمة تقانيا وصناعياً اما‬ ‫لتعويض الفجوة احلضارية بني الغرب والعرب‪ ،‬او استجابة للواقع االقتصادي واالجتماعي‬ ‫والسكاني يف الوطن العربي‪ ،‬واطالق طاقات االنسان العربي‪ ،‬ويذهب بعض انصار هذا االجتاه‬ ‫اىل حد االنبهار بالتقدم التقاني الذي احرز يف جماالت االتصال واالعالم والتبشري بانها حتمل‬ ‫اخلالص للعرب وبقية الدول النامية من اوضاع التخلف‪ ،‬وعلى النقيض‪ :‬يرى فريق من‬ ‫املفكرين والباحثني العرب‪ ،‬وهم االغلبية‪ ،‬ان اتباع الغرب واالقتداء به يف جماالت التقانة سوف‬ ‫يزيد من تبعية العرب للدول الغربية يف شتى اجملاالت‪ ،‬مبا قد يدمر البنى الداخلية للمجتمعات‬ ‫العربية‪ .‬وال يتوقف االمر عند حد التبعية‪ ،‬اذ تؤدي التقانة اىل تعميق فجوة عدم الثقة بني‬ ‫العامل النامي والدول املتقدمة بينها‪ ،‬عالوة على انها تستعمل للوقيعة بني البلدان النامية(‪.)17‬‬ ‫والواقع ان املرء اذا امكنه تصور مساواة عظيمة جدا يف وصول املعلومات اىل عمق اجملتمع الذي‬ ‫ينبثق االن‪ ،‬فان ذلك ليس بفعل الشفقة او النقاء السياسي من جانب النخبة الثرية‪ ،‬بل بسبب ما‬ ‫ميكن تسميته بقانون احلضور الكلي‪ ،‬هذا القانون يبني ان دوافع جتارية قوية وكذلك سياسة‬ ‫تظهر لكي جتعل البنية التحتية االلكرتونية اجلديدة شاملة‪ ،‬اكثر مما هي حصرية(‪.)18‬‬ ‫‪498‬‬

‫وتظهر ازمة اجملتمعات النامية من عدم مالءمة الكثري من تكنولوجيا االتصال احلديثة‬ ‫الحتياجات ظروف اجملتمعات النامية(‪ .)19‬وكلما حدث تطور (مثري) تقنياً يف تكنولوجيا‬ ‫االتصال‪ ،‬وتارخيياً‪ ،‬فان كل اكتشاف يف االتصاالت حيدث هزة ثقافية خاصة‪ ،‬فاكتشاف‬ ‫الكتابة اوجد لغة الرموز‪ ،‬واكتشاف الطباعة نقل الثقافة من احلالة الشفوية اىل املكتوب‪،‬‬ ‫واكتشاف االذاعة والتلفاز ادخل ثقافة مسعية بصرية‪ ،‬واخريا ادى اكتشاف احلاسوب والشبكات‬ ‫املعلوماتية‪ ،‬كاالنرتنت اىل بروز الثقافة التفاعلية(‪ .)20‬ومصطلح (الثقافة التفاعلية) جاء من‬ ‫االستجابة املشرتكة بني االطراف املختلفة وال سيما عن طريق االنرتنت الذي سهل الطرائق‬ ‫التفاعلية بني مجيع الناس ومن مستويات خمتلفة ومتفاوتة يف الثقافة والوعي واالهتمامات‪،‬‬ ‫اذ اصبح املستفيدون من تكنولوجيا املعلومات هم مشاركني يف الوقت نفسه وبذلك مل يعد‬ ‫هناك مرسل دائم وال مستقبل دائم للمعلومات‪ ،‬أي ان هناك تغيريا واضحا يف خارطة العملية‬ ‫فرمبا يصبح املرسل مستقبال ورمبا خالفه صحيح وهذا ما مسي (بدميقراطية املعلومات) أي‬ ‫اتاحتها للتداول لكل القادرين على ذلك‪.‬‬ ‫ان دفق التغيريات التقانية راسخ ومستمر وانفاق حنو اربعمائة مليار دوالر سنويا‬ ‫ ‬ ‫(‪)21‬‬ ‫على البحث والتطوير جيعل هذا التدفق غري قابل للتوقف ‪ .‬انظر اجلدول التالي الذي يبني‬ ‫شركات العامل االكثر انفاقا على البحث والتطوير عام ‪ .)22(1996‬بل يف ازدياد مستمر‪ ،‬بينما‬ ‫ان ايا من البلدان العربية ال يولي اهمية اولوية ملشروعات البحوث والتطوير يف هذا اجملال(‪.)23‬‬ ‫علما ان البلدان العربية ويف سعي حنو التطور يف البحث والدراسة قد خصصت ‪ 750‬مليون‬ ‫دوالر امريكي او حنو ‪ 0.2٪‬من امجالي ناجتها الوطين للبحث والتطوير‪ ،‬اما البلدان املصنعة‬ ‫اجلديدة فانها ختصص من ‪ 1-3٪‬من امجالي ناجتها الوطين للبحث والتطوير(‪ .)24‬كما ان‬ ‫التقديرات تشري اىل ان ‪ 97٪‬من حبوث التطوير يف املعلومات جتري يف البلدان الصناعية(‪.)25‬‬ ‫وعلى الرغم من ان العرب ظلوا يف ميدان البحث العلمي على اهلامش اال انهم يشاركون العامل‬ ‫يف وصف العصر احلاضر بانه عصر العلم(‪.)26‬‬

‫‪499‬‬

‫جدول يبني شركات العامل االكثر انفاقا على البحث والتطوير ‪1996‬‬

‫الشركة‬

‫البلد‬

‫جنرال موتورز الواليات املتحدة‬ ‫سيارات فورد الواليات املتحدة‬ ‫املانيا‬ ‫سيمنس‬ ‫اليابان‬ ‫هيتاشي‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫أي بي ام‬ ‫املانيا‬ ‫ديلمر بنز‬ ‫اليابان‬ ‫ماتوشيتا‬ ‫اليابان‬ ‫فوجيتسو‬ ‫تيبون للتغراف‬ ‫اليابان‬ ‫والتلفون‬ ‫سويسرا‬ ‫توقارتيس‬

‫القطاع‬

‫االنفاق على‬ ‫االنفاق على‬ ‫البحث والتطوير‬ ‫البحث والتطوير‬ ‫كنسبة مئوية‬ ‫مليون دوالر‬ ‫من املبيعات‬

‫السيارات‬ ‫السيارات‬ ‫االلكرتونيات‬ ‫االلكرتونيات‬ ‫االلكرتونيات‬ ‫السيارات‬ ‫االلكرتونيات‬ ‫اهلندسة‬

‫‪8.9‬‬ ‫‪6.8‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪3.4‬‬

‫‪8.6‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪7.7‬‬ ‫‪6.1‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪5.9‬‬ ‫‪9.2‬‬

‫االتصاالت‬

‫‪2.7‬‬

‫‪4.0‬‬

‫الكيمياويات‬

‫‪2.7‬‬

‫‪10.1‬‬

‫وبالرغم من أن عامل “اجلنوب” يضم ‪ 80٪‬من سكان العامل فال يزيد نصيبه على ‪ 4٪‬اإلنفاق‬ ‫العاملي على البحث والتطوير‪ ،‬وال يوجد فيه إال ‪ 5٪‬من احلواسيب املستعملة يف العامل(‪.)27‬‬ ‫وال تعد التقنيات احلديثة يف جماالت االتصال واإلعالم ميزة يف كل األحوال بالنسبة اىل‬ ‫البلدان العربية اليت مل تتطور بناها االقتصادية واالجتماعية على حنو يتالءم مع إمكانية‬ ‫التقنيات احلديثة اليت تتسم آثارها يف بعض األحيان بالغموض‪ ،‬واليت قد جتعل نظم االتصال‬ ‫القائمة أقل مرونة أو تضخيم عيوبها على حنو يعقد عملية تكييف التقانة اجلديدة مع هذه‬ ‫البنى‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتظهر خطورة هذه النقطة يف أن الوحدات التقانية قد بدأت يف‬ ‫الوطن العربي تأخذ مكانها كوحدات مرتاصة‪ ،‬وليس كنظام مرتابط ومتداخل يف اجلسم‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ويف معظم بلدان الوطن العربي ما تزال التكنولوجيا أو املمارسات التكنولوجية غري‬ ‫متولدة يف البيئة وما تزال حتمل طابع االغرتاب(‪.)28‬‬ ‫وحركة االتصال اجلديدة يف العامل إذا كان من قبل ذات حتديات عامة للبلدان النامية فهي‬ ‫‪500‬‬

‫_ اليوم _ حتمل حتديات أعمق وادق‪ ،‬ففي عصر األقمار الصناعية ال متتلك الدول النامية‬ ‫وبينها الدول العربية سوى عدد حمدود من األقمار‪ ،‬بينما متتلك الدول الكربى عددا كبريا من‬ ‫األقمار املدنية وهذا يعين أن العرب هم اليوم يف هذا اجملال خارج العصر إذ هم ال يتحكمون إال‬ ‫يف (‪ )0.5٪‬من حجم التدفقات اإلعالمية على هذا املستوى ناهيك عن املستويات األخرى(‪.)29‬‬ ‫وهذه النسبة _ كما نالحظ _ تعد سليبة يف اطار التفاعل الثقايف واالعالمي‪ .‬وقد اسفر‬ ‫التزاوج بني كل من تكنولوجيا االتصال واملعلومات يف التسعينيات عن ظهور ما يعرف‬ ‫باالتصال املتعدد الوسائط (‪ )MULTI-MEDIA‬الذي يركز اىل تطور اجهزة احلاسوب يف‬ ‫جليها اخلامس‪ ،‬وتستند الثورة التكنولوجية االتصالية الراهنة اىل عدة ركائز رئيسية تشمل‬ ‫االتصاالت السلكية والالسلكية اليت تضم التلغراف واهلاتف والتلكس والطباعة عن بعد والراديو‬ ‫والتلفاز واجهزة االستشعار عن بعد واملايكرويف واألقمار الصناعية واحلاسبات اإللكرتونية‬ ‫واأللياف البصرية أشعة الليزر ‪ :‬وقد أسفر ذلك التداخل عن ظهور الطريق السريع لالتصال‬ ‫واملعلومات من اهلاتف والتلفاز واحلاسوب واألقمار الصناعية واألطباق الالقطة والكابالت‬ ‫واملوجات املايكرويف يف منظومة واحدة‪ ،‬أي أمكانية مجع الصوت والصورة والنص يف وعاء‬ ‫واحد وهو (‪ )CD‬و (‪ )DVD‬بعد أن اكتشفت أشعة الليزر احلمراء‪ ،‬كذلك وجود براجميات‬ ‫متقدمة جعلت من اسرتجاع املعلومات أمراً ممكناً وكذلك يف استعمال نظم الفحص البصري‬ ‫(‪ )OCR‬الذي يعد ثورة يف عملية حتويل الصور من منطها التناظري(‪ )Anologe‬إىل النمط‬ ‫الرقمي (‪ ) Digitail‬وبالعكس‪ ،‬تكرس خلدمة األفراد واجملتمعات(‪ ،)30‬وقد حصرت جلنة‬ ‫ماكربايد اآلثار الضارة املرتتبة على نقل التكنولوجيا اىل الدول النامية يف ما ياتي(‪:)31‬‬ ‫‪1 .1‬إن تصدير التكنولوجيا الغربية اليت تعكس الظروف واملمارسات االقتصادية واالجتماعية‬ ‫جلزء واحد من أجزاء العامل‪ ،‬يوحي بتجاهل واقع شعوب البلدان النامية واحتياجاتها‪ ،‬تلك‬ ‫الشعوب اليت تستورد هذه التكنولوجيا وتعتمد عليها وتعتمد على كثافة رأس املال أكثرمن‬ ‫اعتمادها على كثافة العمل واإلنتاج ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬التبعية لرأس املال األجنيب وملصادر اإلنتاج األجنبية ولالوراق والتوقعات األجنبية‪.‬‬ ‫‪3 .3‬االشراف على تصدير التكنولوجيا‪ ،‬توزيعها من الشركات متعددة اجلنسية اليت تواصل‬ ‫سيطرتها على الدول النامية عن طريق هذه التكنولوجيا‪.‬‬ ‫‪4 .4‬ال يفيد من التكنولوجيا الغربية سوى مجاعات النخبة وال سيما يف الصحف والتلفاز‬ ‫واإلذاعة أكثر مما تفيد القطاعات الشعبية العريضة‪.‬‬ ‫‪5 .5‬عدم أسهام نقل التكنولوجيا يف االكتفاء الذاتي أو يف تدعيم التعاون بني الدول النامية ‪.‬‬ ‫‪501‬‬

‫‪6 .6‬مساعدة التكنولوجيا الغربية على هجرة السكان من الريف إىل املدن يف دول البلدان‬ ‫النامية‪.‬‬ ‫وهناك ثالثة اجتاهات معتدلة تقوم على االفادة من التقانة املتاحة مع مراعاة احملافظ األجيال‬ ‫والقيم الوطنية(‪:)32‬‬ ‫ إذ يرى االجتاه األول أن البلدان النامية ومنها الدول العربية ليسوا متخلفني حضارياً‪ ،‬وأن‬‫كانوا متخلفني تقانيا‪ ،‬استناداً إىل التفرقة بني احلضارة والتمدن‪ ،‬وأن الواجب إقامة عالقة‬ ‫متوازنة بني احلضارة اليت ميلكها العرب والتقانة الوافدة من اخلارج ‪.‬‬ ‫ ويرى االجتاه الثاني ضرورة أن يبتكر هؤالء الوسائل العلمية والتكنولوجية اجلديدة باالفادة‬‫من خربات الدول املتقدمة لتعجيل التطوير يف خمتلف مراحله ومستوياته ‪.‬‬ ‫ ويرى االجتاه الثالث أن اإلعجاب بالتكنولوجيا الغربية يتغلغل يف مجيع زوايا اجملتمع‪ ،‬كما‬‫يتغلغل يف زوايا اجملتمع الياباني القديم‪ ،‬ومع أن اجملتمع أعطى شرعية كافية هلذا اإلعجاب‪،‬‬ ‫مما أدى إىل استرياد التقانة الغربية على نطاق واسع وإىل حماولة استعمال هذه الوسائل‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬إال أن اجملتمع حجب الشرعية عن أألخذ بالقيم الغربية املصاحبة للتكنولوجيا‪.‬‬ ‫إن صورة املستقبل تبشر بآفاق ال حدود هلا لتطور تكنولوجيا االتصال واملعلومات يف‬ ‫ ‬ ‫الدول الصناعية املتقدمة‪ ،‬ولكن الوجه اآلخر من الصورة والذي يتعلق بالدول النامية‪ ،‬كئيب‬ ‫وحيمل أبعاداً هلا من الشرور‪ ،‬وبرغم ذلك يظل األمل قائماً يف أن تتوصل البشرية إىل تعميم‬ ‫فوائد هذا التطور‪ ،‬حبيث ال يظل حكراً على الدول القادرة‪ ،‬يف حني حترم منه الدول األقل‬ ‫قدرة‪ ،‬فمن املهم للسالم واألمن الدوليني أن يستغلها التقدم التكنولوجي يف جمال االتصال‬ ‫واملعلومات لتحسني التفاهم بني الشعوب‪ ،‬وتعزيز الدميقراطية داخل كل بلد‪ ،‬وفيما بني‬ ‫الدول وبعضها‪ ،‬بد ً‬ ‫ال من أن يستعمل يف دعم املصاحل اخلاصة على املستوى الوطين أو تكريس‪.‬‬ ‫سيطرة عدد حمدود من الدول على املستوى الدولي(‪ .)33‬وبامكاننا ان نؤشر اخطارا يف االستعمال‬ ‫التكنولوجي يف امليدان اإلعالمي وال ينحصر خطر استعمل التكنولوجيا يف ميدان اإلعالم على‬ ‫سيطرة الدول املتقدمة على الدول النامية فحسب‪ ،‬بل هناك أخطاراً تنطلق من داخل الدولة‬ ‫النامية ذاتها وتسعى إىل تطوير قطاعها اإلعالمي وحتديثه‪ ،‬دون االلتفات إىل أثر هذا التحديث‪،‬‬ ‫وارتباطه بالقطاعات أو امليادين األخرى يف اجملتمع‪ ،‬مبعنى عدم اعتماد دراسة علمية شاملة‬ ‫(‪.)34‬‬ ‫لنتائج عملية التحديث واستعمال التكنولوجيا‬ ‫وال يعد التقدم التقاني ظاهرة عامة يف البلدان العربية كلها‪ ،‬فما زالت تقانة األنتاج فبعض‬ ‫البلدان العربية دون املستوى املطلوب‪ ،‬كما ال تعد ظاهرة عامة داخل البلد العربي الواحد‪ ،‬فثمة‬ ‫‪502‬‬

‫بلدان عربية أدخلت تقانيات حديثة على بعض مرافقها االتصالية دون بعضها اآلخر‪ ،‬ففي‬ ‫بعض احلاالت ال يصاحب التطور التقين امتداد نطاق البث ليغطي كل اإلقليم اجلغرايف‪ ،‬أو‬ ‫ال يصاحب إدخال تقنيات الطباعة احلديثة توسيع نطاق التوزيع أو تطوير صناعة النشر‪ ،‬أو ال‬ ‫يصاحب تقوية البث التلفازي مد اخلدمة الكهربية إىل املناطق النائية(‪.)35‬‬ ‫كما متثل قضية نقل التكنولوجيا املستعملة يف وسائل االتصال اجلماهريي أيضا‬ ‫ ‬ ‫واحدة من املشكالت اهلامة يف الوضع االتصالي العربي‪ ،‬إذ من احلقائق املؤسفة أن البلدان‬ ‫العربية ال متتلك أية صناعة تنتج أدوات وأجهزة االتصال أو تنتج مواد حتتاجها العملية‬ ‫االتصالية‪ ،‬ولذلك فأن الدول العربية تستورد‪ ،‬وبدون و عي كبري مجيع األجهزة واألدوات‬ ‫واملواد املستعملة يف حتقيق العملية االتصالية وتنفيذها يف خمتلف وسائل اإلعالم اجلماهريي‪.‬‬ ‫ومن املؤكد إن التكنولوجيا ليست جمرد آالت ومعدات‪ ،‬بل هي يف جوهرها _ حتمل قيم حياة‬ ‫وسلوك اجملتمعات ومنطها وطرازها ومتثلها اليت أنتجتها‪ ،‬ومن املتعذر فصل أو عزل هذه‬ ‫القيم عن األجهزة املادية(‪.)36‬‬ ‫ويسيطر عدد قليل من الشركات متعددة اجلنسيات على النشاط االبتكاري يف العامل‪ ،‬مما‬ ‫يوضح أن معظم التكنولوجيا اليت تتطلبها عملية التنمية فى البلدان النامية خاضعة لرباءات‬ ‫اخرتاع متلكها هذه الشركات(‪ .)37‬ولعل تفجر الثورة التكنولوحية والعلمية وتالزمهما من‬ ‫أوضح مسات النصف الثاني من القرن العشرين واصدقها متثيال ألوضاعه‪ ،‬إذ أحرزت العلوم‬ ‫والتكنولوجيا تقدماً مل حترزه لسنوات السابقة ‪ .‬وهذا التقدم التكنولوجي ادى إىل تطور اجلانب‬ ‫اإلعالمي عرب وسائله وأدواته اليت أصبحت متيسرة‪ .‬إذ إن أهمية الشركات متعددة اجلنسية‬ ‫قد أرتفع منذ أواسط اخلمسينيات‪ ،‬وحققت حنو عشرة اآلف مؤسسة مركزها يف البالد‬ ‫العالية التقنية وغري الشيوعية‪ ،‬إندماجا خارج بلدانها األم‪ ،‬واندجمت أكثر من الفي شركة‬ ‫يف ستة أو أكثر من البالد املضيفة ومن بني ( ‪ )982‬شركة صناعية كربى‪ ،‬تبلغ مبيعات‬ ‫كل منها بليون دوالر‪ ،‬هناك (‪ )242‬شركة هلا حصة (‪ )25٪‬أو أكثر من السعة األجنبية‬ ‫(‪ )Foreign Content‬للمبيعات واملوجودات والصادرات والدخول والعمالة(‪ )38‬لكنه أحدث‬ ‫اختال ً‬ ‫ال أخباريا كبرياً‪ .‬وقد تقوم الشركة غري القومية بأحباثها يف بلد‪ ،‬وتصنع املواد يف أخر‬ ‫وجتمعها يف بلد ثالث‪ ،‬وتبع السلع املصنعة يف رابع‪ ،‬وتودع فائض أرباحها خامس‪ ،‬إذ إنها قد‬ ‫تؤدى العمليات االندماجية يف عشرات البلدان (‪.)39‬‬ ‫فالتكنولوجيا اجلديدة تذهب إىل حيث تتواجد اإلمكانات املالية أي إىل املدن الكربى‪ ،‬فمدن مثل‬ ‫نيويورك ولوس أجنلوس ‪ ،‬وداالس وشيكاغو وغريها من املدن‪ ،‬حتوز قصب السبق يف اللحاق‬ ‫بركب طريق املعلومات فائق السرعة(‪ .)40‬والذي كان للشركات متعددة اجلنسية دور مهم‬ ‫‪503‬‬

‫يف تعزيزه وتقدمه وبالتالي تطوره اعتماداً على مبدأ التنافس ويكون لنا هنا أن نصف العصر‬ ‫بأنه عصر الشركات متعددة اجلنسيات لكونها العامل األهم يف رأس املال العاملي حبسب وصف‬ ‫ثومبسون(‪ .)Thompson( )41‬وكما نعلم فأن رأس املال والتمويل هو عنصر مهم يف تطور‬ ‫التقنيات اجلديدة ومن مجلة األسباب اليت دعت إىل استعمال التقنية اجلديدة‪ ،‬قدرتها غري‬ ‫املنازعة على تغطية االقليم احلديث االستقالل يف تغطية اعالمية شاملة‪ ،‬وموصلة بذلك نفوذ‬ ‫احلكومة املركزية اىل االطراف‪ ،‬مهما كانت نائية(‪.)42‬‬ ‫ان املقاييس او املعايري اليت حتدد التوازن بني مصاحل الدول الكربى والصغرى ال يقاس بشكل‬ ‫عادل او منصف طاملا ان السيطرة واهليمنة العامتني لقمة اهلرم يتحكم فيها االعالم الغربي‪،‬‬ ‫وهو االداة املوصلة بني القنوات الرئيسية اليت تعد من اهم املصادر يف تغطيته لالخبار العاملية‬ ‫واحمللية للدول االقل تقدما يف (التكنولوجيا) مما جعل لتلك الدول حق التحكم يف توجيه‬ ‫املعلومات على وفق الرغبات اليت تتفق مع مصاحلها اخلاصة والعامة(‪ .)43‬انطالقا من مبدأ‬ ‫سيطرة املوجه الذي يقدم ما يريده وما يشرتطه على االخرين من معلومات او خدمات اعالمية‬ ‫خمتلفة اعتمادا على امكانياتها اليت تفوق بكثري امكانيات الدول النامية وبرغم ذلك فان‬ ‫التقنيات املستعملة لدى بعض البلدان العربية هي من احدث ما هو متوفر يف اسواق الدول‬ ‫الصناعية‪ ،‬والعرب من اكثر املستهلكني هلا يف العامل حتى غدت بعض احملطات االذاعية‬ ‫والتلفازية معارض الحدث ما هو متوفر يف العامل وأضخمه‪ .‬ومع هذا فانها تبقى مستهلكه‬ ‫النها تتلقى وال تستطيع ان تصدر او ان تكون طرفا مكافئا للطرف املتقدم‪ ،‬وكلما تزايد تطور‬ ‫الوسائل التقنية‪ ،‬زادت الفروقات بني العاملني‪ ،‬انطالقا من مبدأ قوة التاثري االتية من الدول ذات‬ ‫القدرات التقنية املتقدمة وبقاء الدول النامية يف قاعها البعيد عن التطور‪.‬‬ ‫ان التقنية احلديثة املتمثلة باستعمال سواتل الفضاء يف البث التلفازي قد وفرت حلرية‬ ‫االتصال الدولي جماالت اوسع وقوة اكرب‪ ،‬ووضع اجملتمع العربي قبالة حركة االتصال‬ ‫الغربي املستمرة(‪ .)44‬ونتيجة لالرتباط اجلدلي بني العلم والتقنية اليت امثرت عن ثورة‬ ‫علمية تقنية فقد اصبح عنوان العصر اجلديد يعرف بعصر املعلوماتية الذي ولد زيادة االنتاج‬ ‫الصناعي والتقين يف كل من اوربا وامريكا وخلق يف العامل النامي اسواقاً استهالكية هلذه‬ ‫املنتجات ودفع الناس للهيمنة على هذه االسواق اىل املزيد من االخرتاع والتقنيات وخصوصا‬ ‫(‪.)45‬‬ ‫االتصال واملعلومات حتى اضحى العامل قرية صغرية بني يدي املنتجني‬ ‫ويعد التقدم التقين عامال مهما يف تكوين احلضارة وتطور وسائل التكنيك يعرب عن مستوى‬ ‫تطور اجملتمع االنساني بدءا من استعمال الربونز ثم احلديد‪ ،‬واملاكنة‪ ،‬والطاقة البخارية‪،‬‬ ‫والطاقة الكهربائية‪ ،‬حتى الطاقة النووية يف الوقت احلاضر(‪.)46‬‬ ‫‪504‬‬

‫وما زال يتطور وحيقق اجنازات علمية مهمة تقدم للعامل املزيد من اخلدمات املدهشة اليت‬ ‫ال يستطيع الفرد مالحقتها ومتابعة مفرداتها املتجددة دائما‪ .‬ويبدو صحيحاـ اىل حد كبريـ‬ ‫القول بان التقنية تصنع التاريخ بتاثريها يف طبيعة النظام االجتماعي واالقتصادي الذي تعمل‬ ‫فيه‪ ،‬سواء شهد النظام تتابعا معينا ام ال(‪ ،)47‬وسواء كانت هذه اآلثار يف نطاق التحكم البشري‬ ‫ام ال‪ .‬وصناعة التاريخ هنا تعين تاشري االحداث واملكتشفات باسلوب اكثر دقة وحفظا يف االت‬ ‫ووسائل متقدمة‪ ،‬ولكن مكاسب التقدم التكنولوجي ليست مقسمة بالتساوي بني كل اعضاء‬ ‫اجملتمع الدولي‪ .‬وهذا التقسيم هيمن طويال على العامل وسيظل مهيمنا طاملا كانت عجلة‬ ‫التقدم مستمرة وطاملا ظل العامل النامي ناميا‪.‬‬ ‫وان التكنولوجيا االعالمية تسهم بدور معني يف االختالل االخباري‪ ،‬اذ اسهم يف منو التكنولوجيا‬ ‫عامالن اساسيان هلما يف الوقت نفسه دورهما يف منو العملية االعالمية ذاتها‪ ،‬احدهما‪ :‬اهمية‬ ‫البحوث واآلخر‪ :‬تراكم راس املال‪ ،‬فضال عن عامل ال يقل اهمية لكنه عامل خارجي يتمثل‬ ‫باالسواق الواسعة(‪.)48‬‬ ‫ان الدول العربية مل تؤسس اية منظومة للعلم والتقنية ومن ثم مل حتقق سوى فائدة قليلة‬ ‫من رامسالي ثابت بلغ (‪ )2000‬مليار دوالر خالل (‪ )15‬سنة امجالي (‪.)49 ()1985-2000‬‬ ‫وقد كان جمموع التدفقات املالية العاملية ال يزيد على (‪ )200-250‬مليون دوالر يوميا‪،‬‬ ‫ولكنها وصلت حنو (تريليون) و ‪200‬مليون دوالر يوميا‪ ،‬وتتزايد على حنو كبري‪ ،‬والسبب بال‬ ‫شك‪ ،‬يعود اىل التطور اهلائل يف تكنولوجيا االتصاالت واحلاسوب(‪ ،)50‬اذ ان التقنية الرقمية اليت‬ ‫تعين حتويل مجيع انواع البث الصوتي والصوري اىل الرقمني (‪ )0-1‬هي مفتاح الثورة املتسارعة‬ ‫يف املعلومات واالتصال(‪.)51‬‬ ‫ويرتبط استرياد التقانة احلديثة باسترياد خربة وعمالة اجنبية الدارتها وتشغيلها‪ ،‬او يرتبط يف‬ ‫حاالت اخرى بعدم القدرة على تشغيل النظم التقانية تشغيال اقتصاديا‪ ،‬ومل يتضح يف حاالت‬ ‫اخرى توافر القدرة على االفادة الكاملة من امكانات النظام التقاني(‪.)52‬‬ ‫كما ان حيازة هذه التقنيات لن تضيق الفجوة االخذة يف االتساع بسبب التطور السريع هلا(‪،)53‬‬ ‫هي تزيد يف هذه الفجوة بسبب السرعة اليت يتحلى بها مالكو هذه التقنيات ومنتجوها والبطء‬ ‫الذي يهيمن على الدول النامية‪ ،‬وساعد القوى املهيمنة على تيسري تدفق اعالمها التطورات‬ ‫التكنولوجية يف جمالي‪ :‬االتصاالت الفضائية واحلاسوب‪ ،‬اذ مل يعد باستطاعة دولة ما راغبة‬ ‫يف وقف هذا التدفق الوقوف يف وجهه‪ .‬ان التطور السريع للتكنولوجيا اثر تاثري كبريا يف عمل‬ ‫املؤسسات املعلوماتية‪ ،‬فهو ذو ضخامة كبرية كونه ال يعد ثورة واحدة او ثورتني امنا ثورات‬ ‫‪505‬‬

‫متزامنة تغذي كل واحدة منها االخرى وعندما تتحد هذه الثورات فانها تكون كاسحة ومؤملة‬ ‫مثلما كان حال الثورة الصناعية يف القرن التاسع عشر(‪.)55‬‬ ‫لقد توضحت معامل اهتمام الواليات املتحدة من االدارة االمريكية العليا بقيادة املشاريع‬ ‫االسرتاتيجية يف جمال االتصال الكوني ومنه مشروع الطرق السيارة (السريعة) لالتصال‬ ‫عرب االنرتنت الذي كان قد تكلف به آل غور نائب الرئيس االمريكي السابق بيل كلنتون عام‬ ‫‪ 1992‬ولتاكيد اهمية هذا املشروع يقول آل غور يف محلته االنتخابية‪ :‬ان شبكة االتصاالت‬ ‫العاملية حبكم كونها شبكة االتصال ستغري اىل االبد طرق عيش سكان الكوكب وطرق‬ ‫تعلمهم وعملهم وتواصلهم‪ ،‬هذه الشبكة العاملية متكن اطباء قارة معينة من فحص مرضى‬ ‫القارات االخرى ومتكن خمتلف اعضاء العائالت من البقاء على اتصال دائم من قطب الكرة‬ ‫الشمالي اىل قطبها اجلنوبي ويلهم خمتلف سكان العامل االحساس العميق مبسؤولياتهم‬ ‫اجلماعية كحامني وحمافظني على كوكبنا الصغري(‪.)56‬‬ ‫وهذا التطور السحري اذا صح التعبري‪ ،‬يعرب بدقة عن املسار التطوري للتقانة والعلوم اليت ادت‬ ‫اىل جعل العامل الة من املمكن االطالع على تفاصيلها بازرار وشاشات ورموز تؤدي اىل فتح‬ ‫االبواب والنوافذ واالطاللة الواسعة على كل ما حيتاجه الفرد يف أي مكان‪.‬‬

‫تكنولوجيا الراهن المعلومات في سمات الوقت‪:‬‬

‫متيزت تكنولوجيا املعلومات يف الوقت احلاضر بعدد من السمات اليت افرزتها‬ ‫ ‬ ‫تكنولوجيا االتصاالت بامناطها املختلفة اليت ألقت بظالهلا وفرضت تاثرياتها على االتصال‬ ‫(‪.)57‬‬ ‫االنساني بوسائله احلديثة‪ ،‬ومن ابرزها‬ ‫‪1 .1‬التفاعلية‪ :‬من ابرز صفاتها هي تبادل االدوار بني املرسل واملستقبل أي ان هناك ادورا‬ ‫مشرتكة بينهما يف العملية االتصالية (‪ )Interactive Communication‬ويطلق على‬ ‫القائمني باالتصال لفظ مشاركني بدال من مصادر ومن ذلك جند استعمال مصطلحات‬ ‫جديدة يف عملية االتصال مثل املمارسة الثنائية‪ ،‬التبادل‪ ،‬التحكم‪،‬وافضل مثال على ذلك‬ ‫استعمال نظام (‪ )Video Text‬الذي يتيح تفاعال واضحا بني املرسل واملستقبل‪ .‬وهذا النظام‬ ‫يعد واحدا من انظمة النصوص املتلفزة‪.‬‬ ‫‪2 .2‬حتديد املستفيد‪ :‬وتعين هذه السمة ان املعلومات اليت تتبادل سوف تكون حمددة الغرض أي‬ ‫ان هناك درجة من التحكم يف معرفة املستفيد احلقيقي من معلومات معينة دون غريها‪ ،‬وهذه‬ ‫السمة افرزتها تكنولوجيا االتصاالت املتمثلة باحدى انظمة الربيد االلكرتوني اال وهي (الرزم‬ ‫الربيدية اخلادمة) اليت تتيح للمشرتك بها جماال واسعا للتحكم بكمية املعلومات املرغوبة‬ ‫‪506‬‬

‫ونوعيتها‪ ،‬ومن الطبيعي ان يقوم بهذه اخلدمة شخص يدعى (املنسق) الذي يقوم برتتيب‬ ‫هذه العملية عن طريق معرفة رغبات املستفيدين وحاجاتهم من املعلومات وجتهيزهم بها عن‬ ‫طريق (صناديق الربيد االلكرتوني) اخلاص بكل مشرتك لقاء اشرتاك شهري او سنوي يدفع‬ ‫لقاء تقديم هذه اخلدمات‪.‬‬ ‫‪3 .3‬الالتزامنية‪ :‬وتربز اهمية هذه السمة كونها تسمح بامكانية تراسل املعلومات بني اطراف‬ ‫العملية االتصالية من دون شرط تواجدها يف وقت إرساهلا وهذا يعين ان هناك امكانية خلزن‬ ‫املعلومات املرسلة عند استقباهلا يف اجلهاز واستعماهلا وقت احلاجة‪ ،‬فمثال يف انظمة الربيد‬ ‫االلكرتوني ترسل املعلومات من منتجها اىل املستفيد منها يف أي وقت‪.‬‬ ‫‪4 .4‬قابلية التحرك او احلركية‪ :‬وتسمح هذه السمة يف بث املعلومات واستقباهلا من أي مكان‬ ‫اىل اخر اثناء حركة منتج ومستقبل املعلومات وذلك باستعمال عدد من االجهزة مثل التلفون‬ ‫النقال وهاتف السيارة والتلفاز املدمج يف ساعة اليد‪ ،‬وجهاز الفاكس الذي ميكن استعماله يف‬ ‫السيارة وكذلك احلاسب االلكرتوني النقال واملزود بطابعة‪.‬‬ ‫‪5 .5‬قابلية التحويل‪ :‬وهي امكانية نقل املعلومات من وعاء آلخر باستعمال تقنيات تسمح بتحويل‬ ‫االوعية الورقية اىل مصغرات فلمية وبالعكس‪ ،‬كذلك امكانية حتويل املعلومات املسجلة على‬ ‫املصغرات الفلمية (‪ )Microform‬اىل االوعية املمغنطة او الليزرية وكذلك امكانية حتويل‬ ‫النصوص من لغة اىل اخرى او ما يسمى بنظام الرتمجة االلية‪.‬‬ ‫‪6 .6‬قابلية التوصيل‪ :‬هذه السمة تتمثل بامكانية استعمال االجهزة املصنعة من قبل الشركات‬ ‫املختلفة اليت حتكمها معايري معينة يف توحيد صناعة االجزاء املختلفة هلذه االجهزة مما‬ ‫يتيح امكانية تناقل املعلومات بني املستفيدين وبغض النظر عن الشركات املصنعة لالجهزة‬ ‫املختلفة‪.‬‬ ‫‪7 .7‬الشيوع واالنتشار‪ :‬ويتمثل املنهجي لوسائل لالتصال حول العامل ويف الطبقات املختلفة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬اذ كلما تظهر وسيلة لتناقل املعلومات تعد يف البداية ترفا ولكنها يف النهاية تصبح‬ ‫بعد حني تقليدية ميكن استعماهلا من فئات وطبقات خمتلفة يف اجملتمع مثل استعمل التلفون‬ ‫او اجهزة الفاكس بل وغريها من التقنيات‪.‬‬ ‫‪8 .8‬العاملية او الكونية‪ :‬ونعين امكانية تناقل املعلومات بني املستفيدين على مستوى العامل‬ ‫وذلك لتوافر كميات ونوعيات من التقنيات اليت تسمح بذلك وهذه السمة من السعة يف تناقل‬ ‫‪507‬‬

‫املعلومات بني البشر تضفي الكثري من املميزات على التواصل العلمي والتقين ويف تناقل اخلربات‬ ‫بينهم وبالتالي يكون التواصل عاملياً‪.‬‬

‫المصادر‬

‫‪1 .1‬د‪ .‬حسن رضا النجار‪ ،‬تكنولوجيا االتصاالت واهميتها يف تناقل املعلومات‬ ‫منشور)‪.‬‬ ‫‪Mody, First world communication technology in the third wold2 .2‬‬ ‫‪.contexts, p135‬‬ ‫‪3 .3‬د‪ .‬حسن عماد مكاوي‪ ،‬تكنولوجيا االتصال احلديثة يف عصر املعلومات‪( ،‬القاهرة‪ ،‬الدار‬ ‫املصرية اللبنانية‪ ،)1993 ،‬ص‪.96‬‬ ‫‪4 .4‬اسامة اخلولي‪ ،‬القرارات التكنولوجية واثرها يف وسائل األعالم‪( ،‬االسكندرية‪ ،‬دار النهضة‬ ‫العربية‪ ،)2000 ،‬ص‪.41‬‬ ‫‪5 .5‬د‪ .‬شريف درويس اللبان‪ ،‬تكنولوجيا االتصال‪ ،‬املخاطر والتحديات والتأثريات االجتماعية‪،‬‬ ‫(القاهرة‪ ،‬املكتبة االعالمية‪ ،)2000 ،‬ص‪.102-103‬‬ ‫‪6 .6‬عصام سليمان املوسى‪ ،‬ثورة وسائل االتصال وانعكاساتها على مراحل تطور االعالم‪( ،‬اجمللة‬ ‫املصرية لبحوث االعالم‪ ،‬العدد‪ ،)2000 ،27‬ص‪.128‬‬ ‫‪7 .7‬أي‪ ،‬ار‪ ،‬بوكتان‪ ،‬اآللة قوة وسلطة التكنولوجيا واالنسان منذ القرن السابع عشر حتى الوقت‬ ‫احلاضر‪ ،‬ترمجة شوقي جالل‪( ،‬الكويت‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،)2000 ،‬ص‪69-‬ص‪.72‬‬ ‫‪8 .8‬د‪ .‬محيدة مسيسم‪ ،‬نظرية الرأي العام‪( ،‬بغداد‪ ،‬دار الشؤون الثقافية‪ ،)1992 ،‬ص‪.271‬‬ ‫‪9 .9‬الفني توفلر‪ ،‬حضارة املوجة الثالثة‪ ،‬ترمجة عصام الشيخ قاسم‪( ،‬بنغازي‪ ،‬الدار اجلماهريية‬ ‫للنشر والتوزيع واالعالن‪ ،)1990 ،‬ص‪.37‬‬ ‫‪1010‬رينيه ماهو‪ ،‬حضارة االنسان‪ ،‬ترمجة انطوان محصي ومهاة شرشر‪( ،‬دمشق‪،)1986 ،‬‬ ‫ص‪.261‬‬ ‫‪1111‬عصام سليمان موسى‪ ،‬ثورة وسائل االتصال وانعكاساتها على مراحل تطور االعالم العربي‬ ‫القومي‪( ،‬جملة املستقبل العربي‪ ،‬العدد‪ ،)1996 ،205‬ص‪.126‬‬ ‫‪1212‬عواطف عبد الرمحن‪ ،‬االعالم العربي يف مواجهة االخرتاق القايف والتبعية االعالمية‪،‬‬ ‫(جملة قضايا معاصرة‪ ،)1996 ،‬ص‪.39‬‬ ‫‪ 1313‬للمزيد انظر‪ ،‬صالح الدين حافظ‪ ،‬قضايا اعالمية معاصرة يف الوطن العربي‪( ،‬القاهرة‪ ،‬دار‬ ‫الفكر العربي‪ ،)1994 ،‬ص‪ .54‬وكذلك حممود علم الدين‪ ،‬ثورة املعلومات ووسائل االتصال‬ ‫التأثريات السياسية لتكنولوجيا االتصال‪( ،‬جملة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪،)1996 ،124‬‬ ‫ص‪.130‬‬ ‫‪1414‬د‪ .‬عواطف عبد الرمحن‪ ،‬قضايا التبعية االعالمية والثقافية‪( ،‬سلسلة عامل املعرفة‪،‬‬ ‫‪508‬‬

‫(حبث غري‬

‫العدد‪ ،)78‬ص‪84-‬ص‪.52‬‬ ‫‪1515‬د‪ .‬عبد اجلواد سعيد حممد ربيع‪ ،‬ادارة املؤسسات الصحفية‪ ،‬دراسة يف الوقائع واملستحدثات‪،‬‬ ‫(القاهرة‪ ،‬دار الفخر للنشر والتوزيع‪ ،)2004 ،‬ص‪.58‬‬ ‫‪Fany, lrviag, E, Television news, (N.Y, Hastiog House publishers,1616‬‬ ‫‪.)1989‬‬ ‫‪ 1717‬راسم حممد اجلمال‪ ،‬االتصال واالعالم يف الوطن العربي ‪ ،‬ط‪( ،2‬بريوت‪ ،‬مركز دراسات‬ ‫الوحدة العربية‪ ،)2001 ،‬ص‪.256‬‬ ‫‪1818‬الفني توفلر‪ ،‬حتول السلطة‪ ،‬ترمجة حافظ اجلمالي‪ ،‬اسعد صقر‪( ،‬دمشق‪ ،‬منشورات احتاد‬ ‫العرب‪ ،)1991 ،‬ص‪.659‬‬ ‫‪1919‬فاروق ابو زيد‪ ،‬انهيار انهري النظام االعالمي اجلديد‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مطابع االخبار‪،)1991 ،‬‬ ‫ص‪.174‬‬ ‫‪2020‬د‪ .‬عبد الرمحن عزي‪ ،‬دراسات يف نظرية االتصال‪( ،‬بريوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬ ‫‪( ،)2003‬سلسلة كتاب املستقبل العربي)‪ ،‬ص‪.101‬‬ ‫‪2121‬حممد مرياتي‪ ،‬العرب وحتديات العلم والتقانة‪ ،‬تقدم من دون تغري‪( ،‬جملة املستقبل‬ ‫العربي‪ ،‬العدد‪ ،)2000 ،564‬ص‪.140‬‬ ‫‪ 2222‬عبد سعيد امساعيل‪ ،‬العوملة والعامل االسالمي‪( ،‬جدة‪ ،‬دار االندلس‪ ،)2001 ،‬ص‪.111‬‬ ‫‪2323‬جمموعة من الباحثني‪ ،‬العرب واالعالم الفضائي‪( ،‬بريوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬ ‫‪ ،)2004‬ص‪.53‬‬ ‫‪ 2424‬انطوان زحالن‪ ،‬العوملة والتطور الثقايف‪.‬‬ ‫‪2525‬عبد سعيد امساعيل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.106‬‬ ‫‪2626‬د‪ .‬هادي نعمان اهلييت‪ ،‬اشكالية املستقبل يف الوعي العربي‪( ،‬بريوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬ ‫العربية‪ ،)2003 ،‬ص‪.43‬‬ ‫‪2727‬د‪ .‬برهان غليون‪ ،‬الوطن العربي امام القرن الواحد والعشرين‪ ،‬حتديات وهم صغري‪( ،‬جملة‬ ‫املستقبل العربي‪ ،‬العدد‪ ،)1998 ،232‬ص‪.12‬‬ ‫‪2828‬د‪ .‬راسم حممد اجلمال‪ ،‬االتصال والعالم يف الوطن العربي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.261‬‬ ‫‪ 2929‬د‪ .‬هادي نعمان اهلييت‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.223‬‬ ‫‪3030‬حممود عامل الدين‪ ،‬تكنولوجيا االتصال يف الوطن العربي‪( ،‬جملة عامل الفكر‪ ،‬العدد‪،23‬‬ ‫‪ ،)1994‬ص‪.118‬‬ ‫‪3131‬د‪ .‬عواطف عبد الرمحن‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.67-68‬‬ ‫‪ 3232‬د‪ .‬راسم حممد اجلمال‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.257-258‬‬ ‫‪ 3333‬د‪ .‬فاروق ابو زيد‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪3434‬رضوان مولوي‪ ،‬االعالم والتحديات التكنولوجيا‪( ،‬االحتاد العام للصحفيني العرب‪ ،)1981 ،‬ص‪.14‬‬

‫‪509‬‬

‫‪3535‬د‪ .‬راسم حممد اجلمال‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.260‬‬ ‫‪3636‬اديب خضور‪ ،‬االعالم العربي على ابواب القرن الواحد والعشرين‪ ،‬ط‪( ،2‬القاهرة‪ ،‬املركز‬ ‫العربي للدراسات االسرتاتيجية‪ ،)1997 ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪3737‬عبد سعيد عبد امساعيل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.112‬‬ ‫‪ 3838‬الفني توفلر‪ ،‬حضارة املوجه الثالثة‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪3939‬املصدر السابق نفسه‪ ،‬ص‪.352‬‬ ‫‪ 4040‬فرانك كيلش‪ ،‬ثورة االنفو ميديا‪ ،‬الوسائط املعلوماتية وكيف تغري‪ ،‬ط‪( ،2‬القاهرة‪،‬‬ ‫املركز العربي للدراسات ‪ ،‬الكويت‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة ‪ ،)2000 ،253‬ص‪.494‬‬ ‫‪4141‬عبد سعيد عبد امساعيل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.113‬‬ ‫‪4242‬عصام سليمان موسى‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.124‬‬ ‫‪4343‬د‪ .‬غازي زين عوض اهلل‪ ،‬ضيغة اخلطاب االعالمي العربي االسالمي املوحد املوجه لالخرين‪،‬‬ ‫(جملة االذاعات العربية‪ ،‬العدد‪ ،)2002 ،2‬ص‪.99‬‬ ‫‪ 4444‬د‪ .‬هادي نعمان اهلييت‪ ،‬خالد حبيب الراوي‪ ،‬نظرة يف االتصال الثقايف الدولي والعوامل امليسرة‬ ‫لسريانه من الغرب اىل العرب‪( ،‬بريوت‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،)1997 ،‬ص‪.267‬‬ ‫‪4545‬د‪ .‬عبد الرزاق الدليمي‪ ،‬االعالم والعوملة‪( ،‬عمان‪ ،‬دار املكتبة الرائد العلمية‪،)2004 ،‬‬ ‫ص‪.25‬‬ ‫‪4646‬رنييه ماهو‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.260‬‬ ‫‪4747‬مي العبد اهلل سنو‪ ،‬العرب يف مواجهة تكنولوجيا االعالم واالتصال‪( ،‬جملة املستقبل العربي‪،‬‬ ‫العدد‪ ،)1998 ،230‬ص‪.34‬‬ ‫‪4848‬د‪.‬عبد الرزاق الدليمي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.102‬‬ ‫‪ 4949‬انطوان زحالن‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.296‬‬ ‫‪ 5050‬عبد سعيد عبد امساعيل‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.83‬‬ ‫‪5151‬حممد عارف‪ ،‬تاثري تكنولوجيا الفضاء والكمبيوتر على اجهزة االعالم العربية‪( ،‬االمارات‪،‬‬ ‫سلسلة حماضرات‪ ،)1993 ،‬ص‪.19‬‬ ‫‪5252‬د‪ .‬راسم حممد اجلمال‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.260‬‬ ‫‪5353‬مي العبد اهلل سنو‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.34‬‬ ‫‪5454‬د‪ .‬فارس اشيت‪ ،‬االعالم العاملي‪ ،‬مؤسساته‪ ،‬طريقة عمله وقضاياه‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار االمواج‬ ‫للطباعة‪ ،)1996 ،‬ص‪.124‬‬ ‫‪5555‬د‪ .‬حسن رضا النجار‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪ 5656‬د‪.‬عبد الرزاق الدليمي‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص‪.18‬‬ ‫‪ 5757‬د‪ .‬حسن رضا النجار‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪.‬‬ ‫‪510‬‬

‫استخدامات الشباب الجامعي‬ ‫لموقع يوتيوب على شبكة اإلنترنت‬

-----------------------------------------

‫رضا عبد الواجد أمني‬.‫د‬ ‫جامعة اململكة‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract Recently, (New Media) appeared to refer to new types of Communication using the Internet. Its enormous potential in the exchange of information. The New Media contains multiple forms, including the form in which u ers produce by themselves to refer to the entry of a new era of media in which exchange of roles between the sender and the recipient. This study is trying to identify a new form of media web templates, which is based on the production of film and video, and to attach it to the Internet to be exchanged by millions across the world. The study focuses on the use of young people for The most famous web sites at the internet that provide this type of media, a site (YouTube), in which classifications Alexa indicates that the ranking third globally after Y hoo and Google. The American magazine(Time) chosen you tube to be the Personality of the Year in 2006 . This refer to importance of the site and severe impact on I ternational public opinion . The study found a number of important results .

Keywords New media, YouTube, The popular media, communication society.

511

‫مقدمة‬ ‫يشري مفهوم اإلعالم اجلديد حبسب قاموس ليسرت إىل أنه جمموعة تكنولوجيات االتصال‬ ‫اليت تولدت من التزاوج بني الكمبيوتر والوسائل التقليدية لإلعالم ‪ ،‬الطباعة والتصوير‬ ‫الفوتوغرايف والصوت والفيديو ‪.‬‬ ‫وبالرغم من صعوبة االتفاق على حتديد مفهوم واضح املعامل لإلعالم اجلديد بسبب حالته‬ ‫الديناميكية املتغرية واملتطورة بشكل مستمر إال أن احلقيقة املؤكدة أن كثريا من األشكال‬ ‫اإلعالمية واألمناط االتصالية اجلديدة بدأت تفرض نفسها يف الواقع اإلعالمي ‪ ،‬وتستقطب‬ ‫أعدادا متزايدة من مستخدمي الوسيط االتصالي اجلديد ( اإلنرتنت ) اليت قامت بدمج الوسائل‬ ‫االتصالية املختلفة القدمية واملستحدثة يف مكان واحد ‪ ،‬وغريت كثريا من املفاهيم اإلعالمية‬ ‫اليت استقرت لسنوات طويلة عند الباحثني واألكادمييني ‪ ،‬كما أدت إىل تغري األدوار اليت تقوم‬ ‫بها عناصر العملية االتصالية ‪ ،‬كالقائم باالتصال واملتلقي والرسالة والوسيلة ورجع الصدى‬ ‫‪.‬‬ ‫ومل تكتفي الوسيلة اإلعالمية اجلديدة بالسماح لكل من املرسل واملستقبل بتبادل أدوار‬ ‫العملية االتصالية ‪ ،‬ولكنها أحدثت ثورة نوعية يف احملتوى االتصالي املتنوع ‪ ،‬من نصوص إىل‬ ‫صور ‪ ،‬وملفات صوتية ‪ ،‬ولقطات فيديو مصورة ‪ ،‬وانتشرت األخرية خالل العامني املاضيني‬ ‫بشكل يستوجب الوقوف أمام املوقف االتصالي لتدبر أبعاده ودراسة تأثرياته ‪ ،‬فقد انتشرت‬ ‫املواقع اليت تتيح للمستخدمني حتميل ملفات فيديو شخصية أو عامة بضوابط معينة لرياها‬ ‫اجلميع يف أحناء املعمورة ‪ ،‬حيث حتول املستخدم إىل منتج إعالمي بفضل التقنيات االتصالية‬ ‫اجلديدة مثل كامريات اهلاتف النقال وغريها ينتج ويبث ما يريد على اإلنرتنت ‪ ،‬وقد الحظ‬ ‫الباحث إقبال الشباب على هذه النوعية من األشكال االتصالية املستحدثة بصورة كبرية ‪.‬‬ ‫ومع تنوع احملتوى الفيديوي على الشبكة ‪ ،‬وجنوحه أحيانا إىل ما هو خارج دائرة الثقافة‬ ‫والبيئة العربية كانت أهمية هذه الدراسة اليت حتاول الكشف عن استخدامات الشباب‬ ‫اجلامعي هلذه النوعية من املواقع االتصالية عرب اإلنرتنت للوصول إىل قاعدة معلوماتية ميكن‬ ‫البناء عليها تدعيما للجوانب اإلجيابية وإطالق صيحات التحذير من املعطيات السلبية لتلك‬ ‫املواقع ‪.‬‬

‫‪512‬‬

‫الدراسات السابقة ‪:‬‬

‫توصلت دراسة عباس مصطفى صادق عن املداخل النظرية واخلصائص العامة لإلعالم‬ ‫اجلديد أن هناك جمموعة من الرؤى النظرية لفهم طبيعة اإلعالم اجلديد ‪ ،‬يلتزم بعضها‬ ‫باجلوانب املتعلقة بالتطورات يف تكنولوجيا االتصال ‪ ،‬وبعضها يعتمد على املداخل االجتماعية‬ ‫أو السياسة لدراسة ظاهرة اإلعالم اجلديد ‪ ،‬كما أشارت الدراسة إىل أن اإلعالم اجلديد ليس‬ ‫بثا أحاديا وتلقيا إجباريا مثل ما كانت تتسم به نظم اإلعالم القديم ‪ ،‬ولكنه تفاعل خيتار‬ ‫الناس فيه احتياجاتهم ‪ ،‬ويشاركون فيه يف الوقت ذاته ليس بالرأي فقط ولكن بإعالم شخصي‬ ‫خاص بكل فرد على حدة ‪.‬‬ ‫وركز عبد الرمحن الشامي (‪ )2005‬على أن اإلعالم اجلديد أدى إىل ظهور ما ميكن تسميته‬ ‫ب ( التشتيت ) و( الفردية ) اليت اتسم بها اجلمهور املتعرض له ‪ ،‬وأدى إىل غياب الوسيلة اليت‬ ‫ميكن أن يلتف حوهلا اجلمهور باملاليني لتبث عليهم مضمونا موحدا ‪ ،‬حيث توفر اإلنرتنت بدائل‬ ‫كثرية ‪ ،‬وتقدم عددا ال متناه من املعلومات يبحر فيها اإلنسان ما شاء ‪ ،‬وأشار إىل أن كثريا من‬ ‫املداخل النظرية لفهم طبيعة اإلعالم اجلديد البد وأن تتواءم مع خصائصه اليت ختتلف كليا‬ ‫عن اإلعالم التقليدي ‪.‬‬

‫وانتهت دراسة رضا عبد الواجد أمني (‪ )2006‬عن املدونات وخصائص اخلطاب الديين بها‬ ‫إىل أن املدونات شكل من أشكال اإلعالم اجلديد الذي يقوم به أفراد اجملتمع على شبكة اإلنرتنت‬ ‫‪ ،‬وأنها قامت وتقوم بدور فاعل يف اجملتمع ‪ ،‬وتؤدي وظيفة إعالمية هامة ‪ ،‬حتى كانت مصدرا‬ ‫للصحفيني ‪ ،‬يكملون منها موضوعاتهم ‪ ،‬ويستقون منها أفكارهم ومعلوماتهم كالدور الذي‬ ‫تقوم به مدونة ( منال وعالء ) يف توثيق سجل حقوق اإلنسان يف مصر ‪ ،‬ومثل املدونة اليت‬ ‫نشرت وبالصور وقائع التحرش اجلنسي اليت حدثت بالقاهرة ‪ ،‬بعدما جتمع حشد كبري من‬ ‫اجلماهري لرؤية إحدى الراقصات ‪ ،‬ونشرت الصحف احلادثة نقال عنها ‪ ،‬وصارت قضية رأي‬ ‫عام ‪ ،‬كما انتهت الدراسة إىل أن املدونات اإللكرتونية – بشكل عام – متثل جمتمعا تفاعليا ‪،‬‬ ‫وحوارا من طرفني أو أكثر ‪ ،‬حيث تتيح للقراء إمكانية التعليق على الرسائل والتواصل مع‬ ‫املدون عرب أكثر من وسيلة ملناقشة آرائه وأطروحاته ‪ ،‬وأن مستوى احلرية املتاحة يف املدونات‬ ‫بشكل عام ‪ ،‬واملدونات اإلسالمية بشكل خاص يفوق ماعداها من القنوات االتصالية األخرى ‪،‬‬ ‫حيث يتم تناول كثري من املوضوعات اليت ال تطرح ‪ -‬إال شذرا – يف وسائل االتصال األخرى ‪.‬‬ ‫وبينت دراسة أخرى للباحث (‪ )2007‬أن الصحفيني املصريني يرون أن اإلعالم املتوفر‬ ‫على شبكة اإلنرتنت الذي يقوم به أفراد اجملتمع أو اهلواة أو حتى الصحفيون واإلعالميون‬ ‫احملرتفون كسر حدة االحتكار احلكومي والرمسي لوسائل اإلعالم ‪ ،‬وأدخل اإلعالم العربي‬ ‫‪513‬‬

‫مرحلة جديدة من مراحل حرية الرأي والتعبري ‪ ،‬مثل املدونات ‪ ،‬أو اجملموعات االفرتاضية اليت‬ ‫تتكون على الشبكة العنكبوتية ‪ ،‬ومتارس دورا كبريا يف خلق إعالم شعيب بديل لإلعالم الذي‬ ‫تسيطر عليه األنظمة ‪.‬‬ ‫ويرى مجال غيطاس (‪ )2004‬أن شبكة اإلنرتنت فتحت عصرا جديدا فيما يتعلق حبرية‬ ‫التعبري ‪ ،‬وقدمت نافذة ملمارسة عمل صحفي ال حتده قيود أو رقابة ‪ ،‬وأن الشبكة تضعنا أمام‬ ‫واقع جديد ميكن أن يقدم الرأي اآلخر مبنتهى اليسر ‪ ،‬ويقفز فوق حواجز تكميم األفواه ‪،‬‬ ‫وإخفاء احلقائق ‪.‬‬ ‫ويف اإلطار نفسه يرى ‪ )Albert O. Hirschman(2000‬أن اإلنرتنت مبا تتيحه من أشكال‬ ‫جديدة لإلعالم جعلت من املمكن للمواطنني التعبري عن وجهة نظرهم بشأن أي قضية سواء‬ ‫بالتأييد أو املعارضة من خالل وسيلة غري مكلفة سريعة ومباشرة ‪ ،‬فضال عن إمكانية تنوير‬ ‫الرأي العام وترشيد قراراته من خالل كم ونوع املعلومات اليت تتدفق من جانب احلكومة إىل‬ ‫اجلمهور يوميا ‪.‬‬ ‫ومع تنامي األدوار والوظائف اليت يقوم بها اإلعالم الشعيب جاءت دراسة عبد الرمحن الشامي‬ ‫(‪ )2004‬اليت اعتمدت على حتليل مضمون ‪ 70‬ساعة من احلوارات الصوتية اليت متت عرب‬ ‫موقع ( البال توك ) ‪ ، Paltalk‬الذي يوفر آالف الغرف احلوارية يف شتى اجملاالت ‪ ،‬لتبحث يف‬ ‫استخدامات شبكة اإلنرتنت يف جمال اهلوية العربية والفرص اليت تتيحها يف جمال تدعيم‬ ‫هذه اهلوية أو إضعافها ‪ ،‬والتحديات اليت تواجه توظيف هذا النوع من اإلعالم يف هذا اجملال ‪،‬‬ ‫وانتهت الدراسة إىل أن اهلوية الدينية وخاصة اإلسالمية ‪ ،‬قد استأثرت جبل اهتمام املتحاورين‬ ‫‪ ،‬تليها اهلويات املتعلقة ببلد املستخدم ‪ ،‬ثم اهلوية القومية ‪ ،‬وأكدت الدراسة على إمكانية‬ ‫االستفادة من هذه الغرف احلوارية ‪ ،‬وأهمية تضافر اجلهود اإلسالمية للدخول يف نقاشات‬ ‫واعية لدرء الشبهات املطروحة حول اهلوية اإلسالمية ‪ ،‬وإمداد الغرف املخصصة للرد على‬ ‫الشبهات املثارة بالعلماء املتخصصني ‪ ،‬كما نبهت الدراسة إىل أهمية العمل على اإلفادة مما‬ ‫تتيحه اإلنرتنت يف جمال احلوار بني الثقافات وطرح القضايا العربية العادلة ‪ ،‬وتعليم اللغة‬ ‫العربية لغري الناطقني بها ‪ ،‬وربط اجلاليات العربية املهاجرة بأوطانها ‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق باالستخدامات املتعددة لإلعالم اجلديد أثبتت دراسة سندار (‪ )2000‬أن‬ ‫للملفات الصوتية والصور اليت توفرها املواقع اإللكرتونية آثارا نفسية قوية ‪ ،‬وأن تطبيقات‬ ‫الوسائط املتعددة ‪ Multimedia‬تساعد على تذكر اإلعالنات املقدمة يف تلك املواقع بشكل‬ ‫أفضل ‪ ،‬كما أشارت الدراسة اليت طبقت على عدد من املستخدمني ملقارنة االنطباعات اليت‬ ‫‪514‬‬

‫يرتكها املوقع اإللكرتوني اإلخباري الذي حيتوى على نصوص فقط ‪ ،‬مقابل النصوص‬ ‫والصور والصوت والفيديو إىل أن التقييم السليب للمواقع اليت حتتوى على الوسائط املتعددة‬ ‫سببه خربات املستخدمني السابقة اليت تقارن مقاطع الصوت ولقطات الفيديو يف املواقع‬ ‫اإللكرتونية جبودة الصوت والفيديو املقدمة يف التليفزيون الكابلي وحمطات راديو ال ‪FM‬‬ ‫‪ ،‬ورمبا تعود الفرتة الزمنية للدراسة للوصول لتلك النتائج ‪ ،‬حيث أتاحت تطبيقات اإلنرتنت‬ ‫واألجيال املتقدمة لشبكة الويب إمكانية عرض هذه امللفات الصوتية واملرئية بإمكانيات عالية‬ ‫تضاهي مثيالتها يف الوسائل املذكورة ‪.‬‬

‫نوع الدراسة ‪:‬‬

‫تنتمي هذه الدراسة إىل البحوث الوصفية اليت تستهدف تصوير وحتليل وتقويم خصائص‬ ‫جمموعة معينة أو موقف معني يغلب عليه صفة التحديد ‪ ،‬حيث تهدف هذه الدراسة إىل‬ ‫معرفة خصائص مستخدمي موقع يوتيوب على اإلنرتنت من الشباب اجلامعي ‪ ،‬ومعرفة‬ ‫أمناط االستخدام وأسسه ومدى انتشاره بني هذه الفئة العمرية اهلامة ‪ ،‬وإسهامهم يف إنتاج‬ ‫الرسائل اإلعالمية اليت تبث من خالل املوقع ‪.‬‬

‫منهج الدراسة والعينة المستخدمة ‪:‬‬

‫تستخدم هذه الدراسة منهج املسح اإلعالمي الذي يعد جهدا علميا منظما للحصول على بيانات‬ ‫أو معلومات وأوصاف عن الظاهرة أو جمموعة الظاهرات موضوع البحث ‪ ،‬وذلك بهدف تكوين‬ ‫القاعدة األساسية من البيانات واملعلومات املطلوبة يف جمال ختصص معني ‪.‬‬ ‫ويتفق الباحثون على أن الدراسات اليت تستخدم املنهج املسحي تكمن أهميتها يف مجع‬ ‫املعلومات اليت تشكل يف جمملها املالمح العامة للظاهرة خاصة يف املراحل األوىل لظهورها‬ ‫وقد استخدم الباحث منهج املسح بنظام العينة على الشباب اجلامعي يف مملكة البحرين‬ ‫‪ ،‬وقد بلغت العينة مائة واثنتان وعشرون مفردة من الطالب والطالبات الدارسات جبامعات‬ ‫مملكة البحرين العامة واخلاصة موزعة على جامعات ( البحرين ‪ ،‬اململكة ‪ ،‬األهلية ‪،‬دملون ) ‪،‬‬ ‫على النحو املشار إليه يف خصائص عينة الدراسة ‪.‬‬

‫أدوات جمع المعلومات ‪:‬‬

‫استخدم الباحث استمارة االستبيان كأداة رئيسة من أدوات مجع البيانات واملعلومات بعد‬ ‫تقسيمها إىل عدة حماور لتلبية املطالب البحثية املتمثلة يف اإلجابة على تساؤالت الدراسة بعد‬ ‫أن مت حتكيمها علميا ‪ ،‬كما مت تطبيق االستبانة على عينة صغرية على الشباب اجلامعي ‪،‬‬ ‫لضبط وإضافة وتعديل بعض حمتويات االستبانة ‪.‬‬ ‫‪515‬‬

‫تساؤالت الدراسة ‪:‬‬

‫حتاول الدراسة اإلجابة على التساؤالت العلمية التالية ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬ما هو موقع يوتيوب على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وما طبيعة ومنط اإلعالم الذي يقدم من خالله‬ ‫كأحد أمناط اإلعالم اإللكرتوني الشبكي ؟‬ ‫ثانيا ‪ :‬ما مدى استخدام الشباب اجلامعي هلذا املوقع ومعرفتهم له ؟‬ ‫وما طبيعة استخدام الشباب اجلامعي إلعالم اليوتيوب ‪ ،‬من حيث منط االستخدام وموقعه ؟‬ ‫ثالثا ‪ :‬ما دوافع استخدام الشباب اجلامعي ليوتيوب ؟‬ ‫رابعا ‪ :‬ما مستوى النشاط يف تعرض الشباب اجلامعي ملوقع ملفات الفيديو يوتيوب ؟‬ ‫خامسا ‪ :‬ما اإلشباعات املتحققة للشباب اجلامعي من استخدامهم ملواقع لقطات الفيديو ‪،‬‬ ‫وخاصة ( يوتيوب)‬ ‫سادسا ‪ :‬ما مستوى الثقة يف هذا النوع من اإلعالم اجلديد الذي ميكن إدراجه حتت مسمى‬ ‫اإلعالم الشعيب ؟‬ ‫سابعا ‪ :‬ما درجة مناسبة املضمون املقدم يف هذا النوع من اإلعالم مع الثقافة العربية واإلسالمية ؟‬

‫اإلطار النظري للدراسة ‪:‬‬ ‫مفهوم اإلعالم اجلديد ‪. New media‬‬

‫ظهر مصطلح اإلعالم اجلديد ‪ New media‬ليشري إىل احملتوى اإلعالمي الذي يبث أو‬ ‫ينشر عرب الوسائل اإلعالمية اليت يصعب إدراجها حتت أي من الوسائل التقليدية كالصحافة‬ ‫والراديو والتليفزيون ‪ ،‬وذلك بفعل التطور التكنولوجي الكبري يف إنتاج وتوزيع املضامني‬ ‫اإلعالمية ‪.‬‬ ‫ومن املهم اإلشارة إىل أن ( اجلدة ) اليت يتسم بها هذا النمط من اإلعالم هي جدة نسبية ‪،‬‬ ‫مبعنى أنه رمبا يكون جديدا اليوم وال يكون جديدا يف الغد ‪ ،‬أو أن ما نراه غري جديد اليوم كان‬ ‫جديدا باألمس ‪.‬‬ ‫ومن هنا ندرك أن بعض منظري مفهوم اإلعالم اجلديد مثل جينتلمان وبنجري قد أصال‬ ‫لظهور اإلعالم اجلديد ابتداء من ظهور التلغراف عام ‪1740‬م ‪ ،‬وبنيا فكرتهما على مبدأ احلالة‬ ‫االنتقالية لإلعالم ‪.‬‬ ‫فاملفهوم بالرغم من دقة وصفه باجلدة إال أن هناك خالفا لفظيا ولغويا على مدلوالته ‪،‬‬ ‫وهذا ال ينفي أن هناك واقعا جديدا لإلعالم ظهرت فيه أشكال متعددة من الرسائل االتصالية‬ ‫‪516‬‬

‫والوسائل اإلعالمية اليت ختتلف متاما عن مرحلة ما قبل االنتشار اجلماهريي لشبكة املعلومات‬ ‫الدولية ( اإلنرتنت ) ‪.‬‬

‫بعض المفاهيم والمصطلحات التي ظهرت في الواقع اإلعالمي الجديد ‪:‬‬ ‫اإلعالم الشبكي ‪:‬‬

‫قدم بعض الباحثني أشكال اإلعالم املتوفرة على اإلنرتنت باعتباره إعالما شبكيا ‪Network‬‬ ‫‪ Communication‬أو صحافة شبكية‪ ، Online Journalism‬وذلك نسبة إىل الوسيط‬ ‫الذي حيمل املضمون اإلعالمي قياسا على اإلعالم اإلذاعي والتليفزيوني وغريهما‬ ‫واإلعالم الشبكي يف تعريف قدمه حممد عبد احلميد هو “ العمليات الصحفية اليت تتم على‬ ‫مواقع حمددة التعريف على الشبكات ‪ ،‬إلتاحة احملتوى يف روابط متعددة ‪ ،‬بعدد من الوسائل ‪،‬‬ ‫وفق آليات وأدوات معينة تساعد القارئ يف الوصول إىل هذا احملتوى ‪ ،‬وتوفر له حرية التجول‬ ‫واالختيار والتفاعل مع عناصر هذه العمليات ‪ ،‬مبا يتفق مع حاجات هذا القارئ واهتماماته‬ ‫وتفضيله ‪ ،‬وحيقق أهداف النشر والتوزيع على هذه املواقع “‬ ‫ويالحظ أن هذا املفهوم ال يزال يستخدم مفردات إعالمية ذات صلة وثيقة بالصحافة الورقية‬ ‫مثل ( القارئ ) الذي يرمز إليه يف اإلعالم اجلديد باملستخدم ‪ ، user‬وذلك ألن املستخدم لشبكة‬ ‫اإلنرتنت رمبا يكون قارئا لنصوص أو مستمعا مللفات صوتية أو مشاهدا للقطات فيديو ومواد‬ ‫فيلمية ‪.‬‬

‫اإلعالم اإللكرتوني ‪:‬‬

‫يأتي مفهوم اإلعالم اإللكرتوني ‪ Electronic Communication‬ليعرب عن مرحلة من‬ ‫مراحل التطور التكنولوجي يف وسائل االتصال اليت تعتمد على الوسائط اإللكرتونية يف تزويد‬ ‫اجلماهري باألخبار واملعلومات ‪ ،‬ويعرب عن اجملتمع الذي يصدر منه ويتوجه إليه فهو يشرتك مع‬ ‫اإلعالم بشكل عام يف األهداف واملبادئ العامة ‪ ،‬بيد أنه يتميز باعتماده على وسائل تكنولوجية‬ ‫جديدة ‪ ،‬املتمثلة يف استخدام احلواسب اآللية أو األجيال املتطورة من اهلواتف النقالة وتصفح‬ ‫شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وهو يركز على الوسائل املستخدمة يف هذا النوع من اإلعالم ‪.‬‬

‫اإلعالم الرقمي ‪:‬‬

‫ويشري مفهوم اإلعالم الرقمي ‪ Digital Communication‬إىل اإلعالم املعتمد على‬ ‫التكنولوجيا الرقمية ‪ ،‬مثل مواقع الويب ‪ ، Websites‬الفيديو والصوت والنصوص وغريها ‪،‬‬ ‫وبالتالي فهو العملية االجتماعية اليت يتم فيها االتصال عن بعد ‪ ،‬بني أطراف يتبادلون األدوار‬ ‫يف بث الرسائل االتصالية املتنوعة واستقباهلا ‪ ،‬من خالل النظم الرقمية ووسائلها لتحقيق‬ ‫‪517‬‬

‫أهداف معينة ‪ ،‬وهو بهذا يشمل كل وسائل اإلعالم اليت تعمل وفق النظم الرقمية مبا فيها‬ ‫التليفزيون التفاعلي ‪ ،‬أو التليفزيون غري التفاعلي الذي يستخدم النظم الرقمية يف إنتاج وبث‬ ‫املضامني اإلعالمية ‪.‬‬

‫إعالم اجملتمع ‪ ،‬أو اإلعالم الشعيب ‪:‬‬

‫ويشري مفهوم إعالم اجملتمع‪ Society media‬الذي بدأ ينتشر على نطاق واسع ليشري‬ ‫إىل ذلك احملتوى اإلعالمي الذي يقوم أفراد اجملتمع أو اجلمهور بإنتاجه وبثه عرب الوسائل‬ ‫االتصالية الشبكية ‪ ،‬وساعد يف انتشار هذا النوع من اإلعالم انتشار أدوات إنتاج هذا النوع من‬ ‫اإلعالم مثل كامريات الفيديو والكامريات الرقمية ‪ ،‬وأجهزة اهلواتف النقالة يف حالة أعقد‬ ‫أنواع اإلنتاج اإلعالمي وهو اإلعالم املسموع املرئي ‪ ،‬وهو ذلك النوع الذي ينتمي إليه ما ميكن‬ ‫أن نطلق عليه ( صحافة الفيديو ) بعد انتشار املواقع اإللكرتونية اليت تسمح بإرفاق وبث هذه‬ ‫املقاطع على اإلنرتنت ‪ ،‬وأشهر هذه املواقع هي ( يوتيوب ) ‪.‬‬ ‫ويثري إعالم اجملتمع الكثري من التساؤالت حول العالقة بني وسائل اإلعالم واجلمهور ‪،‬‬ ‫فاألمر املؤكد أن العالقة بني وسائل اإلعالم التقليدية واجلمهور متر مبرحلة تغري متجهة‬ ‫حنو ما يدعوه حمرتفو اإلعالم ( وسائل إعالم النحن ) ‪ ،‬حيث تتيح هذه العملية الصحفية‬ ‫اآلخذة يف الربوز إىل الوجود للشبكة االجتماعية املستخدمة لإلنرتنت إنتاج األخبار واملعلومات‬ ‫وحتليلها وتوزيعها على مجاهري مرتابطة تكنولوجيا وال حتدها حدود جغرافية ‪.‬‬ ‫ويرى دايل بسكني وآندرو ناتشسن املدير املشارك ومدير مركز وسائل اإلعالم يف فرجينيا‬ ‫بالواليات املتحدة أن االبتكارات يف تكنولوجيا املعلومات قد دفعت باجملتمع اإلنساني إىل‬ ‫حقبة من وسائل اإلعالم الدميقراطية ميكن فيها لكل فرد تقريبا أن حيصل فورا على األنباء‬ ‫واملعلومات ‪ ،‬وأن يصبح من مؤسسي املشروع الصحفي واملساهمني فيه ‪ ،‬ونتيجة لذلك أمست‬ ‫األخبار تنتقل اليوم بطرق غري معتادة وتفرز نتائج ال ميكن التنبؤ بها ‪.‬‬ ‫وتتسم ( وسائل إعالم النحن ) بسمة مميزة ‪ ،‬فهي عملية ناشئة منطلقة من القاعدة إىل‬ ‫القمة ‪ ،‬ميلى فيها قدر ضئيل جدا من اإلشراف التحريري ‪ ،‬أو باألحرى غيابه متاما ‪ ،‬وهو ما‬ ‫يعين عمليا انتهاء ما كان يعرف حبارس البوابة اإلعالمية ‪ Gate keeper‬الذي كان يقوم‬ ‫بانتقاء األخبار وتقييم أهميتها يف الوسيلة اإلعالمية ‪.‬‬ ‫ومن اإلعالم الشعيب أو إعالم اجملتمع ( املدونات ) اليت تلعب دورا هاما يف تدفق األخبار واآلراء‬ ‫واملعلومات على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وتعرف املدونات بأنها ‪ :‬هو تطبيق من تطبيقات اإلنرتنت‪ ،‬يعمل‬ ‫‪518‬‬

‫من خالل نظام إلدارة احملتوى‪ ،‬و هو يف أبسط صوره عبارة عن صفحة وب تظهر عليها تدوينات‬ ‫(مدخالت) مؤرخة و مرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا‪ ،‬تصاحبها آلية ألرشفة املدخالت القدمية‪،‬‬ ‫و يكون لكل مدخل منها عنوان دائم ال يتغري منذ حلظة نشره ميكن القارئ من الرجوع إىل‬ ‫مدونة معينة يف وقت الحق عندما ال تعود متاحة يف الصفحة األوىل للمدونة‪.‬‬ ‫من وجهة نظر علم اجتماع اإلنرتنت‪ ،‬ينظر إىل التدوين باعتباره وسيلة النشر للعامة اليت أدت‬ ‫إىل زيادة دور الوب باعتبارها وسيلة للتعبري و التواصل أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل كونه وسيلة للنشر و الدعاية و الرتويج للمشروعات و احلمالت املختلفة‪ .‬و ميكن اعتبار‬ ‫التدوين كذلك إىل جانب الربيد اإللكرتوني أهم خدمتني ظهرتا على إنرتنت على وجه‬ ‫اإلطالق ‪.‬‬ ‫ويف العامل العربي واإلسالمي شهدت وتشهد ظاهرة املدونات الشخصية انتشارا ملحوظا‬ ‫يف السنوات القليلة املاضية حتى أصبحت تعد باآلالف‪ .‬وهي يف هذه املنطقة بالذات حيث‬ ‫تتقلص فيها حرية اإلعالم والتعبري عن الرأي على درجة عالية من األهمية كونها تشكل‬ ‫بديال لوسائل اإلعالم اخلاضعة للرقابة ومتنفسا ملمارسة النقد أمام أولئك الذين يرغبون‬ ‫يف التعبري عن مشاكلهم الشخصية ومشاعرهم املكبوتة‪ .‬كما إنها أصبحت طريقة سهلة‬ ‫ومضمونة للتحايل على الرقيب‪ ،‬سواء كان الرقيب السياسي أو األمين أو االجتماعي ووسيلة‬ ‫أفضل للتعارف وتكوين الصداقات وجتاوز احلدود أيا كانت ‪.‬‬

‫املداخل النظرية املستخدمة يف الدراسة‬

‫يرى البعض أن كثريا من النماذج والنظريات اليت استخدمت يف عالقة اجلمهور بوسائل‬ ‫اإلعالم بشكل عام قد ال تصلح لدراسات عالقة اجلمهور بوسائل اإلعالم اجلديد ‪ ،‬إال أن البعض‬ ‫اآلخر يرى أن على الباحثني أن يعيدوا التفكري يف هذه النظريات والنماذج وأقلمتها للواقع‬ ‫اجلديد لوسائل اإلعالم وأشكاله عرب اإلنرتنت بدال من هجرها والتخلي عنها متاما ‪.‬‬ ‫واطالقا من ذلك فإن الباحث مزج بني عدد من النماذج يف دراسة استخدامات الشباب اجلامعي‬ ‫ملوقع إرفاق وتبادل ملفات الفيديو عرب اإلنرتنت ‪ ،‬مثل منوذج التفاعلية الذي يفسر سلوك‬ ‫املستخدم يف عالقته بوسائل اإلعالم اجلديد ‪.‬‬ ‫ويف مثل ذلك النوع من اإلعالم اإللكرتوني فإن احلديث عن التفاعلية من مستوى التفاعلية‬ ‫التامة الذي يتم فيه تبادل األدوار بني كل من املرسل واملستقبل طبقا لنموذج رفائيللي الذي‬ ‫قسم التفاعلية يف وسائل اإلعالم الشبكية إىل ثالثة مستويات ‪:‬‬ ‫ املستوى األول ‪ :‬ال تفاعلية أو إعالم أحادي االجتاه‬‫‪519‬‬

‫ املستوى الثاني شبه تفاعلية‬‫ املستوى الثالث ‪ :‬تفاعلية تامة‬‫كما تعتمد الدراسة على مدخل االستخدامات واإلشباعات ‪ ،‬الذي من أهم حمدداته األساسية‬ ‫اجلمهور النشط ‪ ،‬الذي تتلخص أبعاده يف ‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫االنتقائية ‪.‬‬ ‫حتقيق املنفعة ‪.‬‬ ‫العمدية يف االستخدام ‪.‬‬ ‫مقاومة التأثريات غري املرغوبة ‪.‬‬ ‫املشاركة ‪.‬‬

‫وتظهر املشاركة يف أجلى صورها يف أن مستخدمي موقع تبادل لقطات الفيديو يف أنهم صانعو‬ ‫ومنتجو احملتوى اإلعالمي املقدم من خالل املوقع إرفاقا وتعليقا على املواد اليت أ{فقها غريهم‬ ‫من مستخدمني آخرين ‪.‬‬ ‫ويتمثل تطوير منوذج االستخدامات واإلشباعات يف دراسات اإلعالم اجلديد يف عدة أمور‬ ‫‪ ،‬منها حتديد دوافع وإشباعات خاصة باإلعالم اجلديد ‪ ،‬مثل استكشاف كل ما هو جديد يف‬ ‫العامل اخلارجي ‪ ،‬والتفاعل ‪ ،‬واحلضور االفرتاضي ‪.‬‬

‫التعريف مبوقع يوتيوب ‪:‬‬

‫هو أحد أشهر املواقع اإللكرتونية على شبكة اإلنرتنت ‪،‬وعنوانه ‪:‬‬ ‫‪www.youtube.com‬‬ ‫وتقوم فكرة املوقع على إمكانية إرفاق أي ملفات تتكون من مقاطع الفيديو على شبكة اإلنرتنت‬ ‫دون أي تكلفة مالية ‪ ،‬فبمجرد أن يقوم املستخدم بالتسجيل يف املوقع يتمكن من إرفاق أي عدد‬ ‫من هذه امللفات لرياها ماليني األشخاص حول العامل ‪ ،‬كما يتمكن املشاهدون من إدارة حوار‬ ‫مجاعي حول مقطع الفيديو من خالل إضافة التعليقات املصاحبة ‪ ،‬فضال عن تقييم ملف‬ ‫الفيديو من خالل إعطائه قيمة نسبية مكونة من مخس درجات لتعرب عن مدى أهمية ملف‬ ‫الفيديو من وجهة نظر مستخدمي املوقع ‪.‬‬ ‫وطبقا لتصنيف أليكسا العاملي فإن موقع يوتيوب يأتي يف املركز الثالث من حيث أكثر املواقع‬ ‫العاملية مشاهدة ‪ ،‬بعد كل من ‪ :‬ياهو ‪ ،‬وجوجل ‪.‬‬ ‫‪520‬‬

‫مؤسسو املوقع ‪:‬‬

‫بدأ موقع يوتيوب يف الظهور على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وهو أشهر املواقع اإللكرتونية اليت تقدم‬ ‫املواد املصورة املنتجة بواسطة املستخدمني ‪ ،‬يف ‪15‬فرباير عام ‪ 2005‬بواسطة ثالث موظفني من‬ ‫شركة باي بال ‪ Paypal‬هم ‪:‬‬ ‫تشاد هريلي‪ Chad Hurley‬وهو شاب جامعي من مواليد ‪ ، 1977‬كان يعمل يف شركة‬ ‫‪ ، Paypal‬وهو الذي قام بتصميم شعارها ‪.‬‬ ‫وستيف تشني ‪ Steve Chen‬الشاب اجلامعي أيضا املولود يف تايوان عام ‪1978‬م ‪.‬‬ ‫وجاود كريم ‪ Jawed Karim‬املولود يف أملانيا عام ‪1979‬م ‪ ،‬وصاحب مجعية شبابية أقامها‬ ‫لدعم الطالب اجلامعيني لالنطالق يف مشاريعهم املميزة ‪ ،‬وصاحب أول فيديو مت رفعه على‬ ‫اليوتيوب ‪ ،‬وقد صوره لنفسه وهو يف حديقة احليوانات ‪.‬‬ ‫وقد نشأت فكرة إنشاء موقع يوتيوب يف مدينة سان برونو‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬عندما كان األصدقاء الثالثة يف حفلة ألحد األصدقاء ‪ ،‬والتقطوا مقاطع فيديو ‪،‬‬ ‫وأرادوا أن ينشروها بني زمالئهم ‪ ،‬ومل يستطيعوا إرساهلا عرب اإلمييل ألنه مل يكن يقبل امللفات‬ ‫الكبرية ‪ ،‬ومن هنا بدأت تتبلور فكرة موقع إلرفاق أفالم الفيديو على شبكة اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫مت تسجيل الدومني يف ‪ 15‬فرباير ‪ ، 2005‬وخالل صيف ‪2006‬م كان املوقع حيصل على ‪100‬‬ ‫مليون مشاهدة يوميا ‪ ،‬ويضاف إليه ‪ 65‬ألف مقطع فيديو كل ‪ 24‬ساعة ‪.‬‬ ‫و يف شهر يناير ‪ 2008‬فقط‪،‬شاهد ‪ 79‬مليون مستخدم أكثر من ‪ 3‬مليارات فيلم ‪ ،‬و يف‬ ‫أغسطس ‪ ،2006‬ذكرت صحيفة الوول سرتيت جورنال‪ Wall Street Journal‬األمريكية‬ ‫بأن املوقع يستضيف ‪ 6.1‬مليون فيلم‪ ،‬بسعة ‪ 600‬تريابايت‪ .‬يف ‪ ،2007‬استهلك املوقع قدراً من‬ ‫حجم تدفق البيانات مماثل الستهالك العامل جلميع مواقع اإلنرتنت يف عام ‪2000‬م ‪ ،‬و يتم‬ ‫رفع ‪ 13‬ساعة تقريباً من األفالم يف كل دقيقة ‪.‬‬ ‫و يف مارس ‪ ،2008‬قدرت كلفة املوقع حبوالي مليون دوالر أمريكي يومياً‪.‬‬ ‫ويستخدم املوقع تقنية األدوبي فالش لعرض املقاطع املتحركة ‪ ،‬ويتنوع حمتوى املوقع‬ ‫بني مقاطع األفالم‪ ،‬والتلفزيون‪ ،‬ومقاطع املوسيقى‪ ،‬الفيديو املنتج من قبل اهلواة‪ ،‬وغريها‪ .‬وهو‬ ‫حالياً مزود بـ ‪ 67‬موظف‪.‬‬ ‫يف أكتوبر ‪ 2006‬أعلنت شركة ‪ Google‬الوصول التفاقية لشراء املوقع مقابل ‪ 1.65‬مليار‬ ‫دوالر أمريكي‪ ,‬أي ما يعادل ‪ 1.31‬مليار يورو‪ .‬وهو يعترب من مواقع ويب ‪.2.0‬‬ ‫وعن أرباح املوقع فإن مؤسسيه يقولون إن أرباحه من اإلعالنات قبل شراء جوجل له كانت‬ ‫‪ 15‬مليون دوالر شهريا ‪ ،‬أما اآلن فإن اإلعالنات فيه قليلة ‪ ،‬وأرباحه غري معلنة ‪ ،‬ولكن كثري‬ ‫من شركات اإلنتاج متعاقدة مع يوتيوب لبث أجزاء من األغاني واملواد الفنية األخرى دون أن‬ ‫تأخذ هذه املواد شكل اإلعالن ‪ ،‬كما أن كثريا من الشركات املتعددة اجلنسيات تبث إعالناتها‬ ‫‪521‬‬

‫عليها كمقاطع فيلمية مرفقة ‪ ،‬مبا يطرح تساؤال عن طبيعة اإلعالنات عرب املوقع ‪.‬‬ ‫وبشكل عام فإن عدد مستخدمي املوقع خيوله بأن يدر عائدا إعالنيا ضخما ‪ ،‬فاملعادلة يف هذا‬ ‫السياق هي كلما زاد عدد مستخدمي الوسيلة اإلعالمية كلما زاد إقبال املعلنني عليها ‪.‬‬ ‫وقد اختارت جملة تايم ‪ Time‬األمريكية يف نهاية عام ‪ 2006‬م موقع يوتيوب ليفوز بلقب‬ ‫( شخصية العام ) على خالف املعتاد ‪ ،‬واحتل غالف هذا العدد الذي صدر يف نهاية شهر ديسمرب‬ ‫صورة جهاز كمبيوتر مع ورقة قصدير عاكسة على شاشة الكمبيوتر جتعل الناظر إليها‬ ‫يرى انعكاس صورته عليها ‪ ،‬وأرفقت اجمللة تلك الصورة بعنوان فرعي يقول ( نعم أنت ‪ ..‬أنت‬ ‫تتحكم يف عصر املعلومات ‪ ،‬فمرحبا بك يف عاملك ) ‪ ،‬لتعرب عن منو أعداد مستخدمي الشبكة‬ ‫العاملية وتأثريهم املتعاظم يف تشكيل الرأي العام يف عصر املعلومات ‪.‬‬

‫مشكالت تتعلق باملضمون املقدم على يوتيوب ‪:‬‬

‫ال توجد رقابة على ما يبث أو يرفق على اليوتيوب ‪ ،‬وبالتالي فإنه حيتوى على مقاطع قد‬ ‫ال تتفق والثقافات والقيم اخلاصة بكل الشعوب ‪ ،‬فاملوقع حيتوى على الغث والسمني ‪ ،‬وميكن‬ ‫التمييز بني أكثر من نوع من املضمون اليت قد تتحفظ عليها بعض الثقافات على يوتيوب ‪:‬‬

‫‪1 .1‬األفالم اليت حتتوى على اجلنس ‪ ،‬حيث تشكل هذه النوعية من األفالم حجما كبريا على‬ ‫املوقع ‪ ،‬سواء تلك اليت يقوم أفراد بإعدادها عن أنفسهم أو أصدقائهم ‪ ،‬أو املقاطع الدعائية ملواقع‬ ‫وشركات البورنو ‪ ،‬وتعد هذه النوعية من األفالم التحدي األكرب أمام متصفحي املوقع ‪،‬‬ ‫خاصة وأنها ال تتفق مع القيم اإلسالمية والعربية ‪ ،‬وحملاولة التغلب على هذا األمر يقوم‬ ‫املوقع حبجب بعض املواد للذين يبلغون املوقع بأن أعمارهم تقل عن ثالثة عشر عاما ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬األفالم اليت تقوم بنشر مواد سياسية حمظورة ‪ ،‬كتلك اليت تصور رؤساء الدول أو احلكومات‬ ‫أو شخصيات سياسية بارزة يف مواقف غري حمببة هلذه الشخصيات ولألنظمة احلاكمة ‪،‬‬ ‫وهذا النوع بالطبع ال ترغب كثري من احلكومات بنشره ‪ ،‬وتسبب يف حجب املوقع يف بعض‬ ‫البلدان ‪ ،‬ولعل املثال األشهر هلذا النوع الفيلم الذي يصور الصحفي العراقي منتظر الزيدي‬ ‫وهو يضرب الرئيس األمريكي السابق جورج بوش باحلذاء يف مؤمتر صحفي ببغداد تعبريا عن‬ ‫استيائه مما فعلته إدارته بالعراق ‪ ،‬ومنه أيضا ملف فيديو تقليد أحد املواطنني للرئيس املصري‬ ‫حسين مبارك ‪ ،‬وهو يتحدث عن القضية الفلسطينية ‪ ،‬وفى تايالند عرض شخص جمهول‬ ‫على املوقع تسجيال ساخراً مدته ‪ 44‬ثانية يضم صوراً مللك البالد بوميبون ادولياديج وعلى‬ ‫وجهه رسومات غري مهذبة‪ ،‬وكانت أكثر الصور اساءة للتايالنديني صورة للملك وعلى وجهه‬ ‫قدمي امرأة‪ ،‬مما ترتب عليه قيام احلكومة بغلق املوقع إىل أن يتم رفع مثل هذه الصور ‪.‬ورغم‬ ‫‪522‬‬

‫أن املوقع قام برفع هذه الصور إال أن وزير االتصاالت التايالندي سيتيشاي بوكايودوم أكد أن‬ ‫احلكومة ستواصل غلق موقع يوتيوب الستمراره يف بث صورتني تنطويان على إساءة للملك ‪،‬‬ ‫ومن بني الدول اليت حجبت املوقع يف بدايته ألسباب سياسية ‪ :‬الربازيل ‪ ،‬إيران ‪ ،‬املغرب ‪ ،‬تايالند‬ ‫‪ ،‬تركيا ‪ ،‬اإلمارات ‪ ،‬السعودية ‪ ،‬وبعض الدول رفعت احلجب الكامل عن املوقع ‪ ،‬وصارت حتجب‬ ‫مقاطع معينة ‪.‬‬ ‫‪3 .3‬املشكالت املتعلقة حبقوق امللكية الفكرية ‪ ،‬حيث أقامت عدة شركات دعاوى قضائية ضد‬ ‫املوقع لنشره مواد فيلمية متتلك حق ملكيتها الفكرية ‪ ،‬وقام املسئولون عن املوقع بإزالتها ‪،‬‬ ‫وحياول املوقع جتنب حتميل األفالم الكاملة والربامج التلفزيونية عن طريق منع أي مادة‬ ‫تزيد مدتها على ‪ 10‬دقائق ‪ ،‬أما املشكلة اليت تظهر مع هذه احملاولة فهي أن العديدين حيملون‬ ‫األفالم الشهرية والربامج التلفزيونية يف أجزاء قصرية‪ ،‬ثم جيمعوا تلك األجزاء مع بعضها‬ ‫البعض ‪ ،‬ولعدم قدرة الشركة على معاجلة املشكلة بفاعلية‪ ،‬ظهر عدد من الشكاوى املتعلقة‬ ‫حبق امللكية الفكرية ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬املشكالت املتعلقة ببث أفالم حتتوى على العنف ‪ ،‬ملا هلذه األفالم من تأثريات سلبية على‬ ‫سلوكيات املستخدمني ‪ ،‬فقد عرض مشاهد لرجل يتعرض للركل باألقدام حتى فقد وعيه‬ ‫شاهدها كثريون على موقع يوتيوب يف خريف العام ‪،2006‬وبعدها بدأ العديد ينظرون إليه‬ ‫على أنه يشجع أعمال العنف العشوائي ‪ ،‬كما أن بعض الدول كالواليات املتحدة األمريكية‬ ‫وجهت انتقادات حادة للموقع لنشره أفالم معادية للواليات املتحدة ‪.‬‬ ‫وعن جهود املوقع يف تالشي مثل تلك املواد املثرية للجدل ‪ ،‬فقد أقام مركزا للمساعدة على‬ ‫اإلنرتنت يوجه املستخدمني إىل قائمة “باملسموح واحملظور”‪ ،‬وتتضمن منع حتميل وإرسال‬ ‫مواد إباحية‪ ،‬أو مشاهد أعمال خطرية أو غري قانونية مبا فيها سوء معاملة احليوانات‪ ،‬أو صناعة‬ ‫القنابل وأشكال العنف األخرى ‪ ،‬كما حيظر على املستخدمني استعمال اللغة البذيئة بصورها‬ ‫املختلفة ‪.‬‬

‫نتائج الدراسة الميدانية‬ ‫أوال ‪ :‬خصائص عينة الدراسة ‪:‬‬

‫مت توزيع استمارة استقصاء على ‪ 125‬مفردة من الشباب اجلامعي يف مملكة البحرين ‪ ،‬مت‬ ‫استبعاد ‪ 3‬استمارات ألخطاء بها ‪ ،‬ومت حتليل البيانات املستقاة من ‪ 122‬مبحوثا من الشباب‬ ‫اجلامعي ‪ ،‬بعد أن مت توزيعها عليهم ‪ ،‬كما مت إرساهلا إىل عدد من الشباب اجلامعي بواسطة‬ ‫‪523‬‬

‫الربيد اإللكرتوني ‪.‬‬ ‫وعن متغري اجلنس يف العينة اخلاضعة للدراسة فقد بلغت نسبة الذكور ‪ 58.1%‬بواقع ‪71‬‬ ‫مفردة ‪ ،‬ونسبة اإلناث ‪ 41.8%‬بواقع ‪ 51‬مفردة من إمجالي عينة الدراسة‬ ‫وعن متغري الدولة اليت ينتمي إليها املبحوث فإن غالبية املبحوثني ينتمون إىل البحرين‬ ‫بنسبة (‪ ، )78.7%‬بينما ينتمي بقية عينة الدراسة ( ‪ )21.3%‬إىل جنسيات عربية أخرى هي‬ ‫‪ :‬اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬فلسطني ‪ ،‬اليمن ‪.‬‬ ‫وعن متغري نوع اجلامعة اليت ينتمي إليها املبحوثون ‪ ،‬فإن نسبة الذين ينتمون إىل جامعة‬ ‫البحرين وهي اجلامعة احلكومية الوحيدة يف مملكة البحرين بلغت ‪ 28.7%‬بواقع ‪ 35‬مفردة‬ ‫‪ ،‬بينما بلغت نسبة ‪ 71.3%‬من املبحوثني ينتمون إىل اجلامعات اخلاصة يف مملكة البحرين‬ ‫موزعني على جامعات ( اململكة ‪ ،‬األهلية ‪ ،‬دملون ) ‪.‬‬ ‫وعن متغري امتالك املبحوثني حلاسب آلي ( البتوب ) بينت النتائج ‪ 54.9%‬من املبحوثني‬ ‫ميتلكون حواسب شخصية ‪ ،‬كما بينت النتائج أن ‪ 80.3%‬من املبحوثني ميتلكون هواتف‬ ‫نقالة مزودة بكامريا قادرة على تسجيل وإنتاج مقاطع فيلمية ميكن إرفاقها يف مواقع عرض‬ ‫هذه املقاطع مثل يوتيوب ‪ ،‬وأن ‪ 90.9%‬من املبحوثني ذكروا بأن لديهم اشرتاك منزلي يف‬ ‫خدمات اإلنرتنت ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مدى استخدام الشباب اجلامعي يف البحرين ملوقع يوتيوب ‪:‬‬

‫أشارت نتائج الدراسة امليدانية أن الشباب اجلامعي يف البحرين الذي ينتمي غالبيته إىل‬ ‫البحرين بنسبة ‪ ،‬يستخدمون اإلنرتنت بشكل كثيف ‪ ،‬حيث أفاد ‪ 76%‬من الشباب اجلامعي‬ ‫أنهم يتعرضون لإلنرتنت بشكل يومي ‪ ،‬وإن تفاوتت عينة الدراسة يف املدة الزمنية اليت‬ ‫يقضيها هؤالء الشباب مع اإلنرتنت ‪ ،‬حيث ذكر أكثر من ثلث العينة ( ‪ )39.3%‬أنهم‬ ‫يستخدمون انرتنت أقل من ساعة يف اليوم ‪ ،‬بينما أفاد (‪ )22.2%‬أنهم يتعرضون لإلنرتنت‬ ‫لفرتة زمنية ترتاوح من ساعة إىل ساعتني يوميا ‪ ،‬يف حني ذكر ( ‪ )14.8%‬أنهم يقضون أكثر‬ ‫من ساعتني يف اليوم وهم يتصفحون مواقع اإلنرتنت ‪ ،‬بينما ذكر (‪ )23.7%‬أنهم ال يتعرضون‬ ‫لإلنرتنت كل يوم ‪.‬‬ ‫وتأتي هذه النتيجة لتؤكد على األهمية املتنامية لشبكة اإلنرتنت ‪ ،‬خاصة لدى الفئة العمرية‬ ‫اليت ينتمي إليها عينة الدراسة ‪ ،‬اليت أشارت العديد من الدراسات أنها أكثر الفئات العمرية‬ ‫استخداما لإلنرتنت ‪.‬‬ ‫‪524‬‬

‫وعن معرفة الشباب اجلامعي يف البحرين بهذه النوعية من مواقع الويب اليت تسمح‬ ‫ملتصفحيها مبشاهدة وإرفاق ملفات الفيديو أجاب (‪ )100%‬أن لديهم سابق معرفة بها ‪ ،‬دون‬ ‫أن يكون لديهم تكييف دقيق هلذا النوع من اإلعالم على اإلنرتنت ‪ ،‬فمن خالل مناقشة مجاعية‬ ‫قام بها الباحث مع جمموعة صغرية من عينة الدراسة ذكر البعض أنه إعالم تليفزيوني ‪ ،‬يف‬ ‫حني ذكر آخرون أنه إعالم إلكرتوني ‪ ،‬أو صحافة إلكرتونية ‪ ،‬ومن املهم اإلشارة إىل أن املسمي‬ ‫الدقيق هلذا النمط من اإلعالم مل يستقر عليه خرباء وأساتذة اإلعالم أنفسهم ذوي االهتمام‬ ‫بتنامي ظاهرة اإلعالم اجلديد ‪.‬‬ ‫وبينت نتائج الدراسة امليدانية أن ( ‪ )70.5%‬من عينة الدراسة ال يعرفون مواقع أخرى‬ ‫متخصصة يف عرض وإرفاق ملفات الفيديو على شبكة اإلنرتنت سوى موقع يوتيوب ‪ ،‬يف‬ ‫حني ذكر ( ‪ )%%.29‬من املبحوثني أنهم على دراية مبواقع أخرى تتيح ملتصفحيها مشاهدة‬ ‫وإضافة ملفات الفيديو ‪ ،‬وكانت أكثر إجاباتهم األخرى على التوالي ‪ :‬يوتيوب اإلسالمي ‪،‬‬ ‫ياهو ‪ ،‬جوجل قسم الفيديو ‪ ،‬مصراوي ) ‪ ،‬ورمبا يعود ذلك إىل شهرة يوتيوب رغم حداثته نسبيا‬ ‫‪ ،‬وختصصه يف هذا النوع فقط من امللفات على الويب ‪ ،‬يف مقابل عدم شهرة املواقع األخرى ‪ ،‬أو‬ ‫لكون إرفاق ملفات الفيديو جانبا واحدا من اخلدمات اإلعالمية املتعددة اليت توفرها تلك املواقع‬ ‫على شبكة اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫وتوصلت نتائج الدراسة امليدانية إىل أن غالبية املبحوثني بنسبة بلغت (‪ )87.7%‬من الشباب‬ ‫اجلامعي يف مملكة البحرين يستخدمون موقع يوتيوب ‪،‬وبواقع ‪ 107‬مفردة من إمجالي ‪122‬‬ ‫مفردة هم إمجالي عينة الدراسة ‪ ،‬ورمبا يكون يف ذلك إشارة إىل ما ينطوي عليه اإلعالم‬ ‫اجلديد من جاذبية شديدة لقطاعات وشرائح متعددة يف اجملتمعات ‪ ،‬خاصة قطاع الشباب ‪،‬‬ ‫حيث تشري اإلحصائيات يف عام ‪ 2006‬م أن يوتيوب حيظي ب ‪ 100‬مليون مشاهدة يوميا ‪ ،‬وهو‬ ‫رقم ال تستطيعه وسيلة إعالمية أخرى ‪ ،‬وميكن بذلك اعتباره إعالما مليونيا ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مصادر معرفة الشباب اجلامعي ليوتيوب ‪:‬‬

‫حيدد هذا التساؤل الوسيلة اليت تعرف بها الشباب اجلامعي على يوتيوب ‪ ،‬وقد أشارت‬ ‫نتائج الدراسة أن املواقع اإللكرتونية املتعددة على شبكة اإلنرتنت كانت املصدر األول ملعرفة‬ ‫الشباب اجلامعي بهذا املوقع ‪ ،‬حيث أفاد (‪ )45%‬من عينة الدراسة أن املعلومات املستقاة من‬ ‫الشبكة العنكبوتية مصدر معرفتهم باليوتيوب ‪ ،‬وجاء األصدقاء يف املركز الثاني بنسبة بلغت‬ ‫( ‪ )30.3%‬ثم الصحف الورقية بنسبة ( ‪ )9%‬تلتها غرف احملادثات والدردشة ‪Chat rooms‬‬ ‫بنسبة ( ‪ )6.5%‬ثم القنوات التليفزيونية بنسبة بلغت ( ‪. )5.7%‬‬ ‫‪525‬‬

‫وتشري هذه النتيجة إىل أن اإلنرتنت متثل املصدر األهم يف احلصول على املعلومات واألخبار‬ ‫‪ ،‬خاصة بالنسبة للشباب ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬خربة املبحوثني الزمنية يف التعرض ملواقع ملفات الفيديو وأشهرها (يوتيوب )‬ ‫على اإلنرتنت ‪:‬‬

‫أشارت نتائج الدراسة إىل أن (‪ )36.9%‬من الشباب اجلامعي يتعرضون ملوقع يوتيوب منذ فرتة‬ ‫زمنية ترتاوح بني ستة شهور إىل سنة ‪ ،‬ويربر ذلك أن عام ‪ 2008‬م كان أكثر األعوام انتشارا‬ ‫وشهرة بني الشباب وأدى أدوارا كثرية يف األحداث السياسية واالجتماعية والثقافية يف الوطن‬ ‫العربي ‪ ،‬كما بينت الدراسة أن (‪ )29.5%‬من الشباب اجلامعي يف البحرين يستخدمون موقع‬ ‫يوتيوب يف فرتة زمنية ترتاوح بني سنة إىل سنتني ‪ ،‬يف حني ذكر (‪ )22,9%‬من عينة الدراسة‬ ‫أنهم يتعرضون هلذا املوقع منذ فرتة قصرية نسبيا حددت بأقل من ستة أشهر‬ ‫أما الشباب اجلامعي الذي سجل خربة زمنية طويلة يف التعرض هلذا املوقع فقد بلغ (‪)10,7%‬‬ ‫من عينة الدراسة ‪ ،‬حيث ذكر (‪ )6,6%‬منهم أنهم يستخدمون يوتيوب يف فرتة زمنية ترتاوح‬ ‫بني السنتني والثالث سنوات ‪ ،‬وقال (‪ )4.1%‬من الشباب اجلامعي أنهم يعرفون املوقع وسبق‬ ‫هلم تصفحه منذ ما يزيد على الثالث سنوات ‪ ،‬ومن املهم اإلشارة إىل أن بداية ظهور املوقع على‬ ‫اإلنرتنت كانت يف فرباير ‪2005‬م ‪ ،‬ولكنه مل يأخذ شهرته العاملية إال بعد عدة أشهر ‪ ،‬وكان‬ ‫عام ‪ 2006‬بداية االنتشار املليوني له ‪ ،‬ويف نهاية العام ‪ 2006‬اختري من جملة تايم األمريكية‬ ‫ليكون شخصية العام األكثر تأثريا حول العامل ‪ ،‬مبا ميثل من االعرتاف بتعاظم وتنامي دور‬ ‫اإلعالم اإللكرتوني بشكل عام ‪ ،‬واإلعالم الشعيب أو اجملتمعي ‪،‬وهذا النمط منه الذي يقوم على‬ ‫نشر ملفات الفيديو على وجه اخلصوص من اإلعالم التقليدي ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬مربرات عزوف بعض الشباب عن التعرض ملواقع إرفاق الفيديو ‪ ،‬ومنها (يوتيوب ) ‪:‬‬ ‫بينت نتائج الدراسة أن (‪ )12,3%‬من عينة الدراسة ال يستخدمون موقع يوتيوب ‪،‬ومتثلت‬ ‫أهم املربرات يف أنهم مل يسمعوا باملوقع من قبل بنسبة ( ‪ )33,3%‬من إمجالي الذين ال يتعرضون‬ ‫للموقع ‪ ،‬أو أنه ليس لديهم الوقت الكايف لتصفحه بنسبة ( ‪ ، )26,7%‬أو ألنهم ال يستطيعون‬ ‫تصفح املوقع يف املنزل ألسباب تقنية أو أسباب أخرى ‪ ،‬أو ألن املوقع حيتوى على مقاطع فيديو‬ ‫غري الئقة أخالقيا ‪ ،‬بنسبة ( ‪ )13,3%‬لكل منهما ‪ ،‬أو ألنهم ال يعرفون موقعه بنسبة ضئيلة‬ ‫بلغت (‪ )6.7%‬من إمجالي الذين ال يتعرضون ملوقع يوتيوب ‪.‬‬ ‫وبطبيعة احلال فإن النسبة الكبرية إلقبال الشباب على استخدام مواقع إرفاق الفيديو‬ ‫ويوتيوب بشكل خاص ‪ ،‬له ما يربره من النواحي اإلعالمية ‪ ،‬ومن النواحي التقنية ‪.‬‬ ‫‪526‬‬

‫فمن النواحي اإلعالمية كل رهانات جذب اجلماهري تصوب لصاحل الرسالة املسموعة املرئية‬ ‫يف آن معا ‪ ،‬ذلك أن تأثري الصوت والصورة املصحوبتان باحلركة يفوق مرات تأثري الصوت‬ ‫فقط ‪ ،‬أو الصورة فقط ‪ ،‬أو الكلمة املطبوعة وحدها ‪ ،‬وهو ما يفسر تفوق القنوات التليفزيونية‬ ‫يف اعتماد اجلماهري عليها إخباريا وإعالميا عن كل من الصحافة املطبوعة وحمطات الراديو‬ ‫‪ ،‬بيد أن ( صحافة الفيديو ) – إن صح هذا التعبري – الذي يشري إىل ملفات الفيديو املتوفرة يف‬ ‫يوتيوب وغريه من املواقع املشابهة تنفرد مبيزة أخرى عن اإلعالم التليفزيوني وهي خاصية‬ ‫الالتزامنية ‪ ،‬حيث بوسع املستخدم أن يتعرض ملقطع الفيديو الذي يريده بعد البحث عنه يف‬ ‫أي وقت يشاء ويف أي مكان يشاء ‪.‬‬ ‫وأما من الناحية التقنية فإن التطوير املتسارع للوسائل والتكنولوجيات اجلديدة مل يتوقف ‪،‬‬ ‫فالتوصيل الفيديوي من خالل اهلاتف النقال هو أحدث قفزة يف تكنولوجيا املعلومات ‪ ،‬وينطوي‬ ‫على إمكانية تغيري اجملتمع بطرق ال ميكن التنبؤ بها على حد قول جيف جرالنيك أستاذ‬ ‫اإلعالم اجلديد يف كلية الصحافة جبامعة كولومبيا ‪ ،‬فاهلواتف اخللوية النقالة من اجليل‬ ‫الثالث ‪ 3Gs‬بدأت تنتشر بسرعة هائلة يف ساحة االتصاالت العاملية ‪ ،‬ويؤدي ذلك إىل القدرة‬ ‫على احلصول على األخبار واملعلومات والربامج واملواد الرتفيهية يف عامل السلكي ‪ ،‬إن ما فعله‬ ‫راديو الرتانزستور يف اجملال السمعي عام ‪1945‬م يفعله اهلاتف اخللوي اآلن يف جمال الفيديو‬ ‫البصري سواء فيما يتعلق باستقبال البث أو إنتاج املواد الفيديوية باستخدام الكامريات عالية‬ ‫اجلودة ‪ ،‬ومن ثم إرساهلا إىل آخرين عرب اهلواتف النقالة أو عرب أجهزة الكمبيوتر على مواقع‬ ‫متعددة ‪ ،‬أهمها تلك املواقع املتخصصة يف عرض أفالم اهلواة ‪ ،‬أو األفالم املنقولة من قنوات‬ ‫تليفزيونية أو األفالم السينمائية إىل آخره ‪ ،‬وأشهرها بالطبع موقع ( يوتيوب ) ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬دوافع استخدام الشباب اجلامعي ملوقع ملفات الفيديو ( يوتيوب ) ‪:‬‬

‫بينت نتائج الدراسة امليدانية أن (‪ )31.7%‬من عينة الدراسة يشاهدون ملفات الفيديو‬ ‫على يوتيوب لرغبتهم يف إمدادهم باألخبار اهلامة املصورة واللقطات اإلخبارية النادرة ‪ ،‬فعلى‬ ‫سبيل املثال بعد واقعة ضرب الرئيس األمريكي السابق جورج بوش باحلذاء حني أراد الصحفي‬ ‫العراقي منتظر الزيدي وداعه يف ديسمرب ‪ 2008‬م بدقائق قليلة كان الفيديو الذي يسجل‬ ‫هذه اللقطة يتصدر املوقع ‪ ،‬وسجل نسبة مشاهدة كثيفة جدا خالل ساعات قصرية ‪ ،‬ويف‬ ‫العدوان الغاشم الذي شنته قوات االحتالل اإلسرائيلية على غزة كانت تصرحيات قادة حركة‬ ‫املقاومة الفلسطينية محاس ‪ ،‬وقادة فصائل املقاومة متوفرة على املوقع ‪ ،‬وقادة دولة االحتالل‬ ‫أيضا متوفرة ملن فاته مشاهدة واالستماع هلذه التصرحيات ‪ ،‬وحتليالت حسنني هيكل وغريه‬ ‫من املواد املتعلقة بالعدوان على الشعب الفلسطيين يف غزة متوفرة أيضا على املوقع ‪ ،‬بل إن‬ ‫جيش االحتالل اإلسرائيلي قد استغل املوقع يف التعبئة اإلعالمية واحلرب النفسية املصاحبة‬ ‫‪527‬‬

‫للعدوان من خالل نشر لقطات من داخل الطائرات اإلسرائيلية وهي حتدد اهلدف ‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تقوم بقصفه ‪ ،‬وهي الدولة اليت قامت بالسابق حبجب بعض املواد الفيلمية اليت قام بعض جنود‬ ‫جيش االحتالل بإرفاقها على يوتيوب من داخل بعض املواقع العسكرية ‪.‬‬ ‫كما بينت الدراسة أن دافع التسلية والرتفيه جاء يف املرتبة الثانية بنسبة مئوية بلغت‬ ‫( ‪ )29.9%‬من إمجالي عينة الدراسة ‪ ،‬حيث حيفل املوقع بآالف اللقطات الكوميدية مثل‬ ‫املسرحيات واألفالم والربامج التليفزيونية الكوميدية ‪ ،‬ثم الرغبة يف مشاهدة أجزاء من برامج‬ ‫تليفزيونية مل يتم التمكن من مشاهدتها بنسبة ( ‪ )26,1%‬حيث ميكن القول إن موقع يوتيوب‬ ‫ميثل أرشيفا ضخما لألعمال التليفزيونية اهلامة ‪ ،‬ليتخطى عائق التزامنية اليت يتسم بها‬ ‫اإلعالم التليفزيوني ‪ ،‬وهو تطور هام يف عالقة اجلمهور بوسائل اإلعالم التقليدية ‪ ،‬وخاصة‬ ‫التليفزيون ‪ ،‬فحينما ألقى الشاعر فاروق جويدة قصيدة يف وداع بوش ومناصرة غزة يف برنامج‬ ‫( العاشرة مساء ) يف قناة دريم املصرية ‪ ،‬فإن من مل يشاهد الربنامج بإمكانه مشاهدته يف يوتيوب‬ ‫‪ ،‬وحينما بث التليفزيون البحريين حلقة من برنامج ( يف امليزان ) ومت توجيه انتقادات سياسية‬ ‫واقتصادية الذعة فيه ‪ ،‬وكان سببا يف إقالة وزير اإلعالم ‪ ،‬متكن الذين مل يشاهدوا احللقة‬ ‫تليفزيونيا من مشاهدتها على يوتيوب ‪ ،‬خاصة وأن نسبة مشاهدة التليفزيون البحريين ليست‬ ‫عالية ‪ ،‬وهناك العديد من األمثلة املشابهة ‪.‬‬ ‫وأظهرت الدراسة أن (‪ )20,5%‬من املبحوثني الذين يتعرضون للموقع ذكروا بأن دافع‬ ‫استخدامهم ملوقع مشاهدة وإرفاق مقاطع الفيديو ( يوتيوب ) هو الفضول للتعرض لنمط‬ ‫إعالمي جديد وخمتلف عن ما سواه ‪ ،‬ومن املهم اإلشارة إىل أن بعض املبحوثني اختاروا أكثر‬ ‫من متغري رأوا أنها متثل دوافعا الستخدامهم املوقع ‪.‬‬ ‫وبالرغم من تفوق الدوافع النفعية الستخدام الشباب اجلامعي ليوتيوب ‪ ،‬إال أن دوافع‬ ‫التسلية والرتفيه جاءت يف املرتبة الثانية ‪ ،‬وبفارق يسري ‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬عادات استخدام الشباب اجلامعي ملوقع لقطات الفيديو ( يوتيوب ) ‪:‬‬

‫يركز هذا احملور على معرفة املكان الذي يتصفح فيه الشباب اجلامعي ملوقع يوتيوب ‪،‬‬ ‫ويعطي تفصيالت معينة عن عادات استخدامهم وتصفحهم له ‪ ،‬وقد بينت نتائج الدراسة أن‬ ‫(‪ )41.1%‬ممن يستخدمون يوتيوب يتصفحونه من خالل منازهلم ‪ ،‬بينما يدخل ( ‪)27,1%‬‬ ‫منهم على املوقع من خالل املقهى ‪ ،‬يف حني ذكر ( ‪ )19.6%‬أنهم يتصفحون املوقع من خالل‬ ‫العمل ‪ ،‬حيث جيمع عدد ليس بالقليل من الطالب يف جامعات البحرين بني العمل والدراسة‬ ‫‪ ،‬كما أشارت الدراسة إىل أماكن أخرى يستخدم الشباب اجلامعي موقع يوتيوب من خالهلا‬ ‫‪528‬‬

‫مثل قاعات اإلنرتنت يف اجلامعة بنسبة ( ‪ ، )15%‬وعند األصدقاء بنسبة (‪ ، )7.4%‬أخرى‬ ‫بنسبة ( ‪. )3.7%‬‬ ‫ورمبا تشري هذه النتائج إىل خصوصية املوقع ‪ ،‬فهو غالبا حيتاج إىل سرعات عالية نسبيا ‪،‬‬ ‫ألن حتميل املواد الفيلمية حيتاج وقتا أطول مع السرعات األبطأ ‪ ،‬وهو ما يسبب عمليات تعويق‬ ‫االتصال ‪ ،‬أو التشويش كما يف االتصال التقليدي ‪ ،‬حيث املعادلة املستقرة عند علماء اإلعالم‬ ‫واالتصال ‪ ،‬كلما زاد اجلهد يف احلصول على الوسيلة اإلعالمية كلما قلت نسبة التعرض هلا ‪.‬‬

‫ثامنا ‪ :‬املشاركة النشطة للشباب اجلامعي يف موقع تبادل لقطات الفيديو ( يوتيوب ) ‪:‬‬

‫تعد املشاركة النشطة من أهم احملددات األساسية يف منوذج االستخدامات واإلشباعات ‪،‬‬ ‫وإذا كان أبعاد مفهوم اجلمهور النشط تتحدد يف االنتقائية ‪ ،‬وحتقيق املنفعة ‪ ،‬والعمدية يف‬ ‫االستخدام ‪ ،‬ومقاومة التأثريات غري املرغوبة ‪ ،‬واملشاركة ‪ ،‬فإن االتصال عرب اإلنرتنت بشكل‬ ‫عام تتحقق فيه درجة متقدمة من نشاط اجلمهور ‪ ،‬الذي – أحيانا – خيرجهم من كونهم‬ ‫مجهورا ‪ ،‬وحيوهلم إىل منتجي رسائل إعالنية ‪ ،‬كما هو متحقق بشكل جلي فيمن يقوم بإرفاق‬ ‫ملفات فيديو على موقع يوتيوب ‪.‬‬

‫وقد بينت نتائج الدراسة أن ما يقرب من ثلث العينة قاموا بالتسجيل على موقع يوتيوب‬ ‫‪ ،‬وهلم ( بروفايل ‪ ) profile‬عليه ‪ ،‬بنسبة (‪ )32.7%‬من املبحوثني الذين يتصفحون املوقع ‪،‬‬ ‫وهم فقط الذين ميكنهم إرفاق ‪ upload‬ملفات الفيديو على املوقع ‪ ،‬منهم نسبة ( ‪)11.2%‬‬ ‫ال يقومون بإرفاق امللفات بالرغم من إعداد الربوفايل ‪ ،‬أي أنه غري مفعل ‪ ،‬وأشارت النتائج إىل‬ ‫أن (‪ )100%‬ممن هلم بروفايل على املوقع أنهم أعدوه باسم مستعار ‪ ،‬وليس بامسهم احلقيقي‬ ‫‪ ،‬وهي الوسيلة اليت يلجأ إليها أغلب املتعاملني مع اجملتمعات االفرتاضية على شبكة اإلنرتنت‬ ‫حلماية خصوصياتهم من جهة ‪ ،‬وإلعطاء نفسه مزيدا من احلرية لكتابة أو وضع ملفات فيديو‬ ‫قد ال يريد أن يعرف عنه اآلخرون أنه صاحبها ‪ ،‬ألنها قد تسبب له حرجا أمام أصدقائه أو‬ ‫أقاربه‬ ‫وفيما يتعلق مبستوى املشاركة يف موقع عرض لقطات الفيديو ( يوتيوب ) بينت نتائج‬ ‫الدراسة أن (‪ )8.4%‬فقط هم الذين حيرصون على إرفاق ملفات الفيديو على املوقع بانتظام ‪،‬‬ ‫وأن (‪ )12.1%‬الذين يقومون أحيانا بإرفاق املقاطع على املوقع ‪ ،‬وقد عد الباحث من يقوم إرفاق‬ ‫ملف فيديو واحد يف األسبوع على األقل منتظما يف النشاط املتعلق بإرفاق امللفات على يوتيوب ‪،‬‬ ‫ومن يرفق يف مدة زمنية أكثر من ذلك يستحق متغري ( أحيانا ) ‪.‬‬ ‫‪529‬‬

‫كما بينت النتائج امليدانية أن (‪ )14.9%‬يقومون بالتعليق على ملفات الفيديو بشكل‬ ‫منتظم ‪ ،‬وأن ( ‪ )18.7%‬يعلقون أحيانا على هذه األفالم القصرية ‪ ،‬وبهذا يكون إمجالي الشباب‬ ‫اجلامعي الذي يتعرض بنشاط وحيقق مستوى معني من التفاعلية مع املوقع (‪ )54.1%‬ما‬ ‫بني معلق ومرفق ‪ ،‬وما بني منتظم يف نشاطه ومتقطع ‪ ،‬وهو ما يعين أن أكثر من نصف‬ ‫العينة تقريبا تتعامل مع املوقع مبستويات متعددة من النشاط ‪ ،‬يف حني توصلت الدراسة إىل‬ ‫أن (‪ )22.4%‬من املبحوثني ينتظمون يف مشاهدة املادة الفيلمية على يوتيوب فقط ‪ ،‬وأن (‬ ‫‪ )23.4%‬منهم يشاهدون أفالم الفيديو على يوتيوب بشكل غري منتظم ‪.‬‬ ‫ويرى الباحث أن التفاعلية كنموذج مهم يف دراسة كافة أشكال اإلعالم اإللكرتوني على‬ ‫شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬تتحقق يف هذا النمط من اإلعالم الشبكي يف أعلى مستوياتها ‪ ،‬فاملستخدم هنا‬ ‫ال يكتفي بالتواصل مع اجلمهور للتحاور حول الرسالة بل يقوم بإنتاج الرسالة االتصالية ‪،‬‬ ‫وبثها عرب املوقع ‪ ،‬وليس ضروريا أن يكون مصورا حمرتفا أو منتجا كبريا ‪ ،‬بل كل ما يلزمه‬ ‫كامريا هاتف نقال على األقل ‪ ،‬واتصال على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وهذا النمط من اإلعالم الشبكي‬ ‫ليس فقط ميكن املستخدم من االستجابة الفورية واملباشرة ملصادر املعلومات ‪ ،‬بل متكنه من أن‬ ‫يكون مصدرا مهما من مصادر املعلومات ‪.‬‬

‫تاسعا ‪ :‬تفضيالت الشباب اجلامعي لنوعية ملفات الفيديو على موقع يوتيوب ‪:‬‬

‫تتعدد نوعيات ملفات الفيديو على موقع ( يوتيوب ) ‪ ،‬وتتعدد تفضيالت الشباب اجلامعي هلا‬ ‫‪ ،‬وقد خلصت الدراسة إىل أن املقاطع املأخوذة من الربامج التليفزيونية هي األكثر تفضيال‬ ‫لدى الشباب عينة الدراسة بنسبة مئوية بلغت (‪ )57.9%‬تليها املقاطع السياسية اإلخبارية‬ ‫اهلامة والنادرة بنسبة (‪ )53.3%‬واملقاطع الفنية املأخوذة من املسرحيات واألفالم واألغاني‬ ‫بنسبة (‪ ، )52.3%‬ثم املوضوعات الرياضية بنسبة بلغت (‪ ، )41.1%‬تلتها املوضوعات الدينية‬ ‫بنسبة ( ‪ ، )27.1%‬وحصلت امللفات اليت حتتوى على مقاطع جنسية على نسبة تفضيل بلغت‬ ‫( ‪ ، )21.4%‬ثم الفيديوهات الشخصية ‪ ،‬وهي تلك امللفات اليت يعدها أشخاص غري معروفني‬ ‫ألنفسهم أو ألبنائهم أو أصدقائهم ‪ ،‬وحتتوى على مواقف كوميدية أو غريبة بنسبة تكرار‬ ‫بلغت ( ‪ )7.4%‬من عينة الدراسة ‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار أن املبحوثني كان بإمكانهم اختيار‬ ‫أكثر من بديل ‪.‬‬ ‫وتشري هذه النتائج بشكل عام أن املواد السياسية واإلخبارية هي األكثر تفضيال لدى الشباب‬ ‫اجلامعي يف مملكة البحرين ‪ ،‬تليها بفارق بسيط املوضوعات الفنية ‪ ،‬ثم الرياضية والدينية‬

‫‪530‬‬

‫‪ ،‬ويف قائمة املوضوعات األقل تفضيال تأتي الفيديوهات اليت حتتوى على مقاطع جنسية أو‬ ‫الفيديوهات الشخصية ‪ ،‬ورمبا يرجع ذلك إىل الطابع املميز للثقافة العربية واإلسالمية‬ ‫‪ ،‬وللتقاليد األسرية احملافظة يف اجملتمعات العربية ‪ ،‬األمر الذي جيعل الشباب العربي ال‬ ‫يتعرض هلذه النوعية من املواد الفيلمية ‪ ،‬أو ال يفصح عن تفضيله هلا ‪.‬‬

‫عاشرا‪:‬اإلشباعاتاملتحققةمناستخدامالشباباجلامعيملوقعبثاملوادالفيلمية(يوتيوب)‪:‬‬

‫تعد زيادة املعرفة واالطالع على أحدث التطورات العاملية يف مقدمة اإلشباعات اليت حيققها‬ ‫املبحوثون من استخدامهم ملوقع الفيديوهات املصورة ( يوتيوب ) ‪ ،‬بنسبة (‪ )70.1%‬من عينة‬ ‫الدراسة ‪ ،‬تليه الوصول للمواد التليفزيونية غري املتاحة ومشاهدتها يف املرتبة الثانية بنسبة‬ ‫مئوية بلغت ( ‪ )61.7%‬من املبحوثني ‪ ،‬ثم اإلشباع املتعلق بالتسلية وشغل وقت الفراغ بنسبة‬ ‫مئوية بلغت (‪. )55,1%‬‬ ‫و تتفق هذه النتائج مع دراسة أخرى أجريت عن استخدام الشباب اجلامعي لشبكة اإلنرتنت‬ ‫بشكل عام ‪ ،‬وأشارت إىل أن استخدام الشباب لشبكة اإلنرتنت يؤدي إلشباع احلاجات املعرفية‬ ‫متمثلة يف زيادة الثقافة الشخصية ‪ ،‬كما أن ارتفاع نسبة إشباع حاجات الرتفيه والتسلية يتفق‬ ‫مع ما ذهب إليه كريستوفر ‪ Christopher‬وهينرت ‪ Hunter‬الذين أشاروا يف دراستهم‬ ‫اليت أجروها على عينة من مستخدمي اإلنرتنت بشكل عام أيضا إىل أن طلب التسلية واحلاجة‬ ‫لالستمتاع من اإلشباعات املهمة اليت تتحقق من استخدام اإلنرتنت ‪ ،‬ويرون أن املستخدم عندما‬ ‫يقوم بالتجوال التلقائي بني املواقع املختلفة فهو بذلك ميارس خربة اإلحساس باإلثارة مع‬ ‫استكشاف جماالت جديدة ‪ ،‬ومساحات جديدة من املعلومات بشكل عفوي ‪ ،‬وهو ما يرضي إحدى‬ ‫حاجاته العاطفية ‪ ،‬وهي احلاجة إىل التسلية واالنشغال ‪ ،‬ويف رحالته بني املعلومات قد يصادف‬ ‫املستخدم معلومات ومواد إعالمية تتفق واهتماماته ‪ ،‬وهو ما يشبع بالتبعية حاجاته املعرفية‬ ‫يف نفس الوقت ‪.‬‬

‫حادي عشر ‪ :‬تقييم الشباب اجلامعي ملوقع عرض ملفات الفيديو ( يوتيوب ) ‪:‬‬

‫بينت النتائج العامة للدراسة أن (‪ )71.9%‬من املبحوثني يرون أن مواقع عرض وحتمي‬ ‫وإرفاق مقاطع الفيديو على اإلنرتنت ‪ ،‬وخاصة موقع ( يوتيوب ) تعد تطورا كبريا يف وسائل‬ ‫اإلعالم اإللكرتونية ‪ ،‬فبعد ظهور الصحافة اإللكرتونية والفورية اليت تستخدم املزيد من‬ ‫األشكال والعناصر التفاعلية ‪ ،‬وتوظف الوسائط املتعددة ( امللتيميديا ‪ ) Multimedia‬يف‬ ‫عرض القصص اإلخبارية واملواد اإلعالمية املختلفة ‪ ،‬جاءت هذه املواقع لتعتمد اعتمادا كليا‬ ‫على امللتيميديا باألساس ‪ ،‬مع إمكانية إضافة التعليقات على األفالم وإجراء حوار مجاعي على‬ ‫الفيلم بني مشاهديه على شبكة اإلنرتنت ‪.‬‬ ‫‪531‬‬

‫وتوصلت الدراسة أيضا إىل أن غالبية الشباب اجلامعي يعطي املوقع قيما إجيابية ‪ ،‬فباإلضافة‬ ‫إىل ما سبق ‪ ،‬رأى (‪ )53.2%‬من املبحوثني أن يوتيوب يقدم خدمات إعالمية ال تستطيع وسيلة‬ ‫أخرى تقدميها ‪ ،‬يأتي ذلك من وجهني ‪ :‬أحدها أنها تكتسب خصائص التليفزيون كوسيلة‬ ‫إعالمية تعتمد على الصوت والصورة لنقل املعلومات إىل املشاهدين ‪ ،‬وثانيها أنها تكتسب مسة‬ ‫الالتزامنية اليت تتسم بها كل من الصحف اإللكرتونية ‪ ،‬والتليفزيون التفاعلي الذي يسمح‬ ‫للجمهور بالتحكم يف البيئة اإلعالمية اليت متثل اإلطار الزماني واملكاني للتعرض لوسيلة‬ ‫اإلعالمية ‪.‬‬ ‫وبينت الدراسة أن نسبة الشباب اجلامعي الذي أبدى بعض التحفظ على مواقع عرض‬ ‫مقاطع األفالم ‪ ،‬وخاصة يوتيوب بلغت ( ‪ )38.3%‬حيث ذكروا بأن املوقع جيد ‪ ،‬ولكن ينبغي أن‬ ‫يكون هناك رقابة على احملتوى املقدم من خالله حتى ال يكون عامال من عوامل التأثري السليب‬ ‫على األخالقيات العامة والثقافة السائدة ‪ ،‬نظرا الحتوائه على ملفات جنسية حتتل واجهة‬ ‫املوقع وصفحته الرئيسية بالرغم من حرص القائمني على املوقع على عدم عرض اجلنس‬ ‫الصريح ‪ ،‬أو حجب بعض امللفات أمام من يذكرون أن أعمارهم تقل عن ثالثة عشر عاما ‪.‬‬ ‫كما أوضحت الدراسة أن ربع العينة تقريبا أعطوا املوقع قيما سلبية ‪ ،‬حيث ذكر ( ‪)27.1%‬‬ ‫من املبحوثني أن املوقع سيء ‪ ،‬ويضر بالقيم واألخالقيات السائدة ‪ ،‬للتربيرات السابقة ‪.‬‬ ‫وبينت نتائج الدراسة أن (‪ )46.7%‬من املبحوثني مع أن تقوم احلكومات العربية بفلرتة‬ ‫موقع عرض مقاطع الفيديو ( يوتيوب ) حتى يتوفر للمستخدم العربي تصفح آمن للموقع ‪،‬‬ ‫حيث ذكر بعض املبحوثني أنه يتجنب تصفح املوقع يف نطاق األسرة أو يف املنزل ‪ ،‬نظرا الحتواء‬ ‫واجهة املوقع على مقاطع جنسية ‪.‬‬ ‫ولقياس مدى مناسبة املوقع للثقافة العربية واإلسالمية وضع الباحث مقياسا يتكون مع‬ ‫عشر نقاط ‪ ،‬حيث يبدأ الرقم ‪ 1‬ليعرب عن أعلى دراجات املوافقة على أنه متناسب مع البيئة‬ ‫الثقافية العربية ‪ ،‬و‪ 2‬لتقل هذه املوافقة ‪ ،‬حتى تصل للرقم ‪ 10‬الذي يعرب عن أعلى درجات‬ ‫االعرتاض على مناسبة مثل تلك املواقع للبيئية الثقافية واالتصالية العربية وسجلت الدراسة‬ ‫أعلى نسبة موافقة عند الرقم ‪ ، 6‬لتشري إىل أن أكثر من نصف املبحوثني يعتقدون بأنها غري‬ ‫متطابقة مع العادات والتقاليد السائدة ‪ ،‬لكنهم يف الوقت ذاته مل يعطوها قيما سلبية كثرية‬ ‫‪ ،‬ويعنى ذلك أنهم ال يرون يف مواقع إرفاق مقاطع الفيديو ‪ ،‬وخاصة ( يوتيوب ) خطرا على‬ ‫هذه القيم واملعتقدات ألنها تنطوي على كثري من اجلوانب اإلجيابية ‪ ،‬وتقوم على تلبية‬ ‫االحتياجات اإلعالمية السابق اإلشارة إليها يف اإلشباعات املتحققة منة التعرض ملواقع األفالم‬ ‫املرفقة ‪ ،‬وخاصة ( يوتيوب ) ‪.‬‬ ‫‪532‬‬

‫النتائج العامة للدراسة‬

‫استهدفت هذه الدراسة التعرف على استخدامات الشباب اجلامعي يف مملكة البحرين ألشهر‬ ‫مواقع إرفاق مقاطع الفيديو حول العامل ( يوتيوب ) الذي يعد ثالث أكثر املواقع اإللكرتونية‬ ‫تصفحا طبقا لتصنيف إليكسا العاملي ‪ ،‬وقد أجريت الدراسة على عينة من الشباب اجلامعي‬ ‫يف جامعة البحرين ( اجلامعة احلكومية الوحيدة باململكة ) وثالث جامعات خاصة ‪ ،‬وتوصلت‬ ‫الدراسة إىل عدد من النتائج أهمها ‪:‬‬ ‫‪1 .1‬أن موقع يوتيوب يقدم منطا جديدا من إعالم النحن أو اإلعالم الشعيب الذي يقوم‬ ‫املستخدمون بإنتاجه وحتريره ‪ ،‬حيث يقوم املوقع على إمكانية إرفاق أي ملفات فيديو على‬ ‫املوقع ليشاهده ماليني املستخدمني حول العامل وبدون أي تكلفة مالية ‪ ،‬وأن املوقع أنشئ‬ ‫يف فرباير ‪ ، 2005‬وأن صاحب فكرته ثالثة من الشباب هم ‪ :‬تشاد هريلي‪Chad Hurley‬‬ ‫وستيف تشني ‪ Steve Chen‬وجاود كريم ‪ ، Jawed Karim‬أرادوا أن يتبادلوا فيلما‬ ‫حلفلة حضروها فجاءتهم فكرة إنشاء املوقع ‪.‬‬ ‫‪2 .2‬توصلت الدراسة إىل أن الشباب اجلامعي يف مملكة البحرين يستخدمون اإلنرتنت بشكل‬ ‫كثيف ‪ ،‬حيث يتصفح ‪ 76%‬من جمموع عينة الدراسة لإلنرتنت بشكل يومي ‪ ،‬وإن تفاوتت‬ ‫املدة الزمنية اليت يقضونها يف شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬وذلك تأكيدا على أهمية اإلنرتنت كمصدر‬ ‫للمعلومات هلذه الفئة العمرية يف اجملتمعات العربية‬ ‫‪3 .3‬توصلت الدراسة إىل أن كل الشباب اجلامعي يف البحرين يعرفون تلك املواقع اليت تسمح‬ ‫ملستخدميها مبشاهدة وإرفاق مقاطع الفيديو وتبادل مشاهدتها على اإلنرتنت ‪ ،‬واليت تأتي يف‬ ‫مقدمتها موقع ( يوتيوب ) املوقع الذي يأتي يف املركز الثالث من حيث املشاهدة عامليا بعد ياهو‬ ‫وجوجل طبقا لتصنيف إليكسا العاملي لتصنيف املواقع ‪ ،‬كما بينت الدراسة أن ‪ 70%‬من الشباب‬ ‫اجلامعي يف البحرين ال يعرفون مواقع أخرى تقدم هذا النمط اجلديد من اإلعالم الشبكي ‪.‬‬ ‫‪4 .4‬أن غالبية الشباب اجلامعي يستخدمون موقع إرفاق لقطات الفيديو ( يوتيوب ) بنسبة‬ ‫‪ 87.7%‬من إمجالي عينة الدراسة ‪ ،‬وهو ما يشري إىل جاذبية اإلعالم اجلديد واألمناط‬ ‫االتصالية اجلديدة لقطاعات متعددة من اجملتمع ‪ ،‬ويف مقدمتها الشباب اجلامعي ‪.‬‬ ‫‪5 .5‬بينت الدراسة أن الوسيلة اليت عرف بها الشباب اجلامعي ملوقع يوتيوب كانت املواقع‬ ‫اإللكرتونية األخرى ‪ ،‬ثم األصدقاء ‪ ،‬الصحف الورقية ‪ ،‬وأخريا التليفزيون ‪ ،‬وهو ما يشري إىل‬ ‫أهمية اإلنرتنت كمصدر رئيس يف احلصول على املعلومات ‪ ،‬وخباصة لدى الشباب ‪.‬‬ ‫‪533‬‬

‫‪6 .6‬كشفت الدراسة أن الشباب اجلامعي مل يسجلوا خربة زمنية طويلة يف التعامل مع موقع‬ ‫يوتيوب ‪ ،‬حيث أن ثلث العينة تقريبا ذكرت بأنها تستخدم املوقع يف فرتة زمنيةمن ‪ 6‬شهور‬ ‫إىل سنة ‪ ،‬وثلث آخر ذكروا بأنهم يستخدمون املوقع يف فرتة زمنية تراوحت من سنة إىل‬ ‫سنتني ‪ ،‬وهو ما يتواكب زمنيا مع انتشار املوقع حول العامل ‪.‬‬ ‫‪7 .7‬متثلت دوافع استخدام الشباب اجلامعي ملوقع يوتيوب يف الرغبة يف إمدادهم باألخبار اهلامة‬ ‫املصورة واللقطات اإلخبارية النادرة ‪ ،‬ثم التسلية والرتفيه ‪ ،‬والرغبة يف مشاهدة أجزاء من‬ ‫برامج تليفزيونية مل يتم التمكن من مشاهدتها ‪ ،‬والفضول للتعرض لنمط إعالمي جديد‪.‬‬ ‫‪8 .8‬بينت الدراسة أن هذا النمط من اإلعالم اجلديد حول املستخدمني إىل منتجي رسائل‬ ‫إعالمية ‪ ،‬وحقق هلم مفهوم اجلمهور النشط بكافة أبعاده ‪ ،‬وختطى بهم من مرحلة اجلمهور‬ ‫النشط إىل املرسل النشط للمضامني اإلعالمية يف مواقع تبادل ملفات الفيديو ‪ ( ،‬يوتيوب ) ‪،‬‬ ‫حيث أشارت الدراسة إىل أن ‪ 21%‬تقريبا من يستخدمون يوتيوب من الشباب اجلامعي لديهم‬ ‫( بروفايل ) على املوقع ‪ ،‬ويقومون بإرقاق املواد الفيلمية ‪ ،‬وإن اختلفت درجة انتظامهم يف ذلك‬ ‫‪ ،‬وأن ‪ 33%‬منهم يقومون بالتعليق على املواد الفيلمية على املوقع ‪.‬‬ ‫‪9 .9‬توصلت الدراسة أن املواد الفيلمية املأخوذة من القنوات التليفزيونية هي األكثر تفضيال‬ ‫لدى الشباب اجلامعي ‪ ،‬ثم املقاطع السياسية اهلامة والنادرة ‪ ،‬ثم املواد الفنية املتمثلة يف األفالم‬ ‫واملسرحيات واألغاني ‪ ،‬وأخريا امللفات الشخصية ‪.‬‬ ‫‪1010‬جاءت اإلشباعات املعرفية يف مقدمة اإلشباعات اليت حتققت لعينة الدراسة ‪ ،‬حيث جاءت‬ ‫زيادة املعرفة واالطالع على أحدث التطورات العاملية يف مقدمة هذه اإلشباعات ‪ ،‬كما سجلت‬ ‫الدراسة نسبة عالية لتحقيق إشباعات التسلية وشغل أوقات الفراغ أيضا ‪.‬‬ ‫‪1111‬توصلت الدراسة إىل أن غالبية الشباب اجلامعي أعطوا موقع عرض مقاطع األفالم (‬ ‫يوتيوب) قيما إجيابية ‪ ،‬ويرون أن هذا النمط اجلديد من اإلعالم تطورا كبريا يف وسائط‬ ‫اإلعالم اإللكرتوني ‪ ،‬وأنها تقدم خدمة إعالمية ال تستطيع وسيلة أخرى تقدميها جلمعها‬ ‫الكتسابها خلصائص أكثر من وسيلة إعالمية كالتزامنية والالتزامنية ‪ ،‬كما أشارت‬ ‫الدراسة إىل أن ‪ 38%‬من املبحوثني يعتقدون بضرورة وجود رقابة على احملتوى املقدم من‬ ‫خالل املوقع ‪ ،‬وأيدوا قيام احلكومات بعمل فلرتة للموقع للحفاظ على القيم واألخالقيات‬ ‫واملعتقدات السائدة ‪.‬‬ ‫‪534‬‬

‫هوامش الدراسة‬

‫د‪ .‬عباس مصطفى صادق ‪ ،‬اإلعالم اجلديد ‪ ،‬دراسة يف مداخله النظرية وخصائصه العامة ‪،‬‬ ‫دراسة منشورة يف موقع البوابة العربية لعلوم اإلعالم واالتصال ‪:‬‬ ‫&‪http://www.arabmediastudies.net/index.php?option=com_content‬‬ ‫‪ ،task=view&id=135&Itemid=101‬آخر زيارة يف ‪2009 1-1‬‬ ‫د‪ .‬عبد الرمحن الشامي(‪ ، )2005‬اإلعالم اجلديد بني التشتيت والتجميع ‪ ،‬جملة جلوبال‬ ‫ميديا جورنال ‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬اجلامعة األمريكية ‪ ،‬العدد‪ 1‬ربيع ‪2005‬م)‬ ‫د‪ .‬رضا عبد الواجد أمني (‪ ،)2006‬اخلطاب اإلسالمي يف املدونات على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬جملة‬ ‫البحوث اإلعالمية ‪ ،‬جامعة األزهر ‪ ،‬كلية اللغة العربية بالقاهرة ‪ ،‬قسم الصحافة واإلعالم ‪.‬‬ ‫د‪ .‬رضا عبد الواجد أمني(‪ ، )2007‬اجتاهات الصحفيني حنو عالقة اإلنرتنت مبمارسة‬ ‫حرية الرأي والتعبري يف الصحافة العربية ‪ ،‬حبث منشور ضمن وقائع مؤمتر حبث مقدم إىل‬ ‫املؤمتر العلمي الرابع ألكادميية أخبار اليوم ‪”،‬الصحافة العربية يف ظل التحوالت السياسية‬ ‫واالقتصادية والتكنولوجية “( القاهرة ‪ 23-25‬أكتوبر ‪2007‬م)‬ ‫مجال غيطاس(‪ ، )2004‬مدخل إىل الصحافة اإللكرتونية ‪ ،‬حبث مقدم إىل املؤمتر الرابع‬ ‫للصحفيني املصريني ‪ ،‬حنو إصالح أوضاع الصحافة والصحفيني ( القاهرة ‪ 23-25 :‬فرباير‬ ‫‪. )2004‬‬ ‫‪6Albert O. Hirschman ,(2000),cited in Enegl C, TheInternet and the‬‬ ‫‪nation states ,in Kenneth , E and Keller , H (eds) Gevernance of global‬‬ ‫‪networks in the light of differing local values : Low and economic of‬‬ ‫‪international telecommunication , Woods Hole Massachusetts, from‬‬ ‫‪the World Wide Web: http:/ www.mpp.rdg.mpgde/woodsh.htm ,in‬‬ ‫‪12-7-2008‬‬ ‫عبد الرمحن حممد الشامي(‪ ، )2004‬اإلنرتنت واهلوية العربية الفرص واملخاطر ‪ ،‬دراسة‬ ‫حتليلية ‪ ،‬حبث مقدم يف املؤمتر العلمي السنوي العاشر لكلية اإلعالم ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬ج ‪، 2‬‬ ‫( مايو ‪، )2004‬‬ ‫‪S. Shyam Sunder, Multimedia Effects on Processing and Perception‬‬ ‫‪of Online News : Astudy of Picture , Audio , and Video Downloads‬‬ ‫‪J&MCQ, 77(3) 2000, Pp: 480-499‬‬ ‫مسري حسني(‪ ، )2006‬حبوث اإلعالم ‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬عامل الكتب ) ص ‪131‬‬ ‫املصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪147‬‬ ‫مت عرض االستمارة على كل من ‪:‬‬ ‫أ د ‪ .‬حممد شومان أستاذ اإلعالم جبامعة عني مشس‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬شعيب عبد املنعم الغباشي أستاذ اإلعالم املشارك جبامعة اململكة بالبحرين‬ ‫د‪ .‬هاني البطل األستاذ املساعد بقسم اإلعالم جامعة اململكة بالبحرين‬ ‫‪535‬‬

‫عباس مصطفى صادق ‪ ،‬مصدر سابق ‪،‬متاح على اإلنرتنت يف ‪:‬‬ ‫&‪http://www.arabmediastudies.net/index.php?option=com_content‬‬ ‫‪ ، task=view&id=135&Itemid=101‬آخر زيارة ‪1-‬يناير ‪2009‬‬ ‫د‪ .‬حممد عبد احلميد (‪ ، )2007‬االتصال واإلعالم على شبكة اإلنرتنت ‪ ( ،‬القاهرة ‪ :‬عامل الكتب‬ ‫)ص ‪141‬‬ ‫د‪ .‬رضا عبد الواجد أمني (‪ ،)2007‬الصحافة اإللكرتونية ( القاهرة ‪ :‬دار الفجر للنشر والتوزيع‬ ‫)ص‪94‬‬ ‫د‪ .‬حممد عبد احلميد (‪ ، )2007‬االتصال واإلعالم على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‬ ‫‪26‬‬ ‫دايل بسكني وآندرو ناتشسن‪ ، )2006( ،‬وسائل اإلعالم الناشئة تعيد تشكيل اجملتمع العاملي ‪،‬‬ ‫جملة إلكرتونيك جورنال ‪ ،‬قضايا عاملية ‪ ،‬وزارة اخلارجية األمريكية ‪ ،‬مكتب برامج اإلعالم‬ ‫اخلارجي ‪،‬اجمللد ‪ ، 11‬العدد ‪ ، 2‬آذار ‪ ،‬مارس ‪ ، 2006‬ص ‪9‬‬ ‫‪ ، www.wikibedia.org‬آخر زيارة يف ‪25‬ديسمرب ‪2008‬‬ ‫رضا عبد الواجد أمني (‪ ،)2006‬اخلطاب اإلسالمي يف املدونات على شبكة اإلنرتنت ‪ ،‬جملة‬ ‫البحوث اإلعالمية ‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬مصدر سابق ‪.‬‬ ‫‪Rafaeli,S.,&Sudweeks,F(1997)Networked Interactivity. Journal of‬‬ ‫‪Computer-Mediated Communication) on line at : http://jcmc.huji.‬‬ ‫‪ac.il/vol2/issue4/rafaeli.suedweek.html‬‬ ‫يف ‪15-‬يناير ‪http://www.alexa.com/ -2009‬‬ ‫‪http://techland.blogs.fortune.cnn.com/2008/03/25/youtube-looks‬‬‫‪for-the-money-clip/‬‬ ‫فيصل عباس ‪ ، )2008( ،‬تكريم الشخصيات األكثر تأثريا على طريقة اإلعالم اجلديد ‪،‬‬ ‫جريدة الشرق األوسط ‪ ،‬العدد ‪ ، 10950‬بتاريخ ‪ 20‬نوفمرب ‪2008‬‬ ‫‪http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=13733, in 12Jan , 2009‬‬ ‫جيف جرالنيك(‪ ، )2006‬الشئ اجلديد التالي أصبح متوفرا اآلن‪ ،‬جملة إلكرتونيك جورنال ‪،‬‬ ‫قضايا عاملية ‪ ،‬وزارة اخلارجية األمريكية ‪ ،‬مكتب برامج اإلعالم اخلارجي ‪،‬اجمللد ‪ ، 11‬العدد ‪2‬‬ ‫‪ ،‬آذار ‪ ،‬مارس ‪ ، 2006‬ص ‪65‬‬ ‫املرجع السابق نفسه ‪ ،‬ص ‪67‬‬ ‫د‪ .‬جنوى عبد السالم فهمي(‪ ، )2001‬أمناط ودوافع استخدام الشباب املصري لشبكة اإلنرتنت‬ ‫‪ ،‬حبث منشور يف جملة حبوث الرأى العام ‪ ،‬جامعة القاهرة ( ديسمرب ‪)2001‬‬ ‫‪Hunter, Christopher, (1996) The Uses and Gratification of The World‬‬ ‫‪Wide Web .( available on line at ( www. Be.edu/be-org/avp/cas/‬‬ ‫‪comm./last visit in 13-11-2006‬‬ ‫‪536‬‬

:‫المدوّنات والوسائط اإلعالمية‬ ‫بحث في حدود الوصل والفصل‬

-----------------------------------------

‫ الصادق رابح‬.‫د‬ ‫جامعة الشارقة‬ .‫اإلمارات العربية املتحدة‬

Abstract Based on media perspective, blogs can be considered as a new category of news. Despite the fact that most blogs do not claim to be journalistic in the sense shared by traditional media, when bloggers invest in the media arena, some of their achievements can constitute a challenge to the co ventional professional standards, i.e. interaction with the blogospphere, prevalence of transparency in the reporting process, and participatory news production and dissemination. By stimulating to reconsider the traditional understanding of what Media is, blogs have empowered the marginalized voices that have been expecting a paradigm shift in Media in the Internet era. With the purpose of contributing to the debates on the implications of blogs on media and render it more productive and systematic, we propose a categorization of journalistic blogs, ranging from the least to the most institutionalized in terms of their relationship to the established media. On one the hand, we find blogs created and supervised by the public outside media institutions, and at the other end, there are those that form a part of media contents and produced by professional journalists. We argue that, given the actual overwhelming global changes, blogs are to be considered as the most prominent symbol of the ongoing reshape of the relationship between citizens, media and journalists; a change that questions the basic pretentiousness of the conventional functions of institutional media.

Keywords: blogging, bloggers, citizen media, traditional media, profe sional journalists, active audience.

537

‫ميكن النظر اىل املدوّنات‪ ،‬من منظور إعالمي‪ ،‬كفئة جديدة من فئات األخبار واألحداث‬ ‫اجلارية‪ .‬ورغم أن غالبية املدوّنني ال تدّعي ممارسة العمل اإلعالمي باملعنى املتعارف عليه يف‬ ‫وسائط اإلعالم ال ّتقليدية‪ ،‬إال أن الكثري من املبادئ اليت تقوم عليها التدوين يف مقاربته للفضاء‬ ‫اإلعالمي ميكن أن تش ّكل مساءلة و»حتدّيا» للمعايري املهنية ال ّتقليدية‪ .‬فال ّتفاعل مع اجلمهور‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والشفافية يف سريورة معاجلة وبث األخبار‪ ،‬ومجاعية (ال ّتشارك) إنتاج األخبار‪ ،‬اخل‪ ،‬متثل أبرز‬ ‫املظاهر املتقامسة يف الفضاء ال ّتدويين‪ .‬إن ال ّتدوين وهو يسائل الفهم التقليدي ملاهية اإلعالم‪،‬‬ ‫قد أعطى دفعا قويا وبعث حياة جديدة يف الرؤى اليت طاملا تطّلعت اىل حت ّول يف منوذج املمارسة‬ ‫اإلعالمية يف عصر االنرتنت‪.‬‬ ‫لقد عرفت املطارحات حول طبيعة املدوّنات والدور الذي ميكن أن تلعبه من منظور‬ ‫ ‬ ‫إعالمي حتوال كبريا‪ ،‬حيث مل يعد التساؤل متمركزا حول أهمية املدوّنات بالنسبة لإلعالم‪،‬‬ ‫بل أصبح متمحورا حول املكانة اليت تتنزل فيها هذه األخرية حاليا (‪ .)Lowrey, 2006‬فقد‬ ‫تسربت املدوّنات اىل الكثري من الفضاءات اإلعالمية‪ ،‬وعمد بعضها اىل إدراجها ضمن مضامينها‬ ‫اإللكرتونية‪ ،‬وأنشأ الكثري من اإلعالميني مدوّناتهم اخلاصة‪ ،‬إضافة اىل طيف واسع من «اهلواة»‬ ‫الذي إنشأوا الكثري من املدوّنات اليت تشبه‪ ،‬اىل حد بعيد‪ ،‬ما تنشره وسائط اإلعالم التقليدية‪.‬‬ ‫سعيا اىل املساهمة يف النقاش الدائر حول تأثريات ال ّتدوين على املمارسة اإلعالمية يف عصر‬ ‫االتصال الشبكي‪ ،‬وجعله أكثر عمقا وانتظاما‪ ،‬تبحث هذه الورقة حدود الوصل والفصل‬ ‫القائمة بني ال ّتدوين واإلعالم وجتليات ذلك يف الفضاءين‪ ،‬كما تقرتح حماولة تصنيفية‬ ‫للمدوّنات اإلعالمية‪ ،‬تشمل تلك اليت تقيم حدودا دنيا مع املمارسة اإلعالمية‪ ،‬وتلك اليت‬ ‫ترتبط ارتباطا مؤسساتيا بوسائل اإلعالم القائمة‪ ،‬حيث جند‪ ،‬من ناحية‪ ،‬املدوّنات اليت ينتجها‬ ‫األفراد يف استقاللية تامة عن الوسائط اإلعالمية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فئة املدوّنات اليت تش ّكل‬ ‫جز ًء من الوسيلة اإلعالمية واليت يقوم عليها أحد إعالميي املؤسسة‪ .‬أخريا‪ ،‬تسعى هذه الورقة‬ ‫اىل ال ّتدليل على أن املدوّنات مت ّثل جتّليا حموريا من جتّليات ال ّتحوالت املتالحقة يف العالقات‬ ‫القائمة بني املواطن والوسائط اإلعالمية واإلعالميني ؛ وهي حت ّوالت تعيد النظر يف االفرتاضات‬ ‫اليت غالبا ما تأسست عليها األدوار التقليدية لوسائل اإلعالم‪.‬‬

‫«النبوءات الثورية» حول االنترنت واإلعالم التقليدي‬

‫غالبا ما ارتبط ال ّتدوين يف الكثري من اخلطابات بدميقراطية النشر‪ .‬فمنذ منتصف التسعينات‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬بدا أن شبكة االنرتنت قد ث ّورت احمليط االتصالي‪ ،‬وأخرجت اجلماهري‬ ‫من دورها السليب اىل دور أكثر فعالية‪ .‬وقد مت االحتفاء بالواب باعتباره ميثل فجر االتصال‬ ‫املتعدد باملعين الكاستيلي (نسبة اىل كاستلس)‪ ،‬حيث يتم استبدال التدفق باجتاه واحد بتدفق‬ ‫ذو طبيعة شبكية قائم على «التساوي» بيم جمموع النقاط االتصالية واليت ميكن أن تكون‬ ‫‪538‬‬

‫مرسال ومتلقيا يف نفس الوقت (‪ .)Castells, 1996; Heinonen, 1999‬وقد نظر الكثريون‬ ‫اىل هذا التصور األفقي على أنه ميثل تهديدا لإلعالم التقليدي‪ .‬فالتكنولوجيا الرقمية تتطور‬ ‫باستمرار‪ ،‬وهو ما يدفع اىل ظهور وسيط جديد سيدفع الوسائل اإلعالمية السابقة اىل إعادة‬ ‫النظر يف هويتها‪ ،‬مثلما حصل للراديو عندما ظهر التليفزيون‪ .‬وتزعم الرؤية اليت نبتت يف هذا‬ ‫السياقات أن الوسائط التقليدية ستتالشى مفسحة اجملال أمام ثقافة اتصالية مساواتية تستند‬ ‫اىل وتستثمر آليات النشر الشبكي بتعدد فاعليه‪.‬‬ ‫مع ذلك ميكن القول أنه بعد هذه السنوات من «محى الواب» األوىل‪ ،‬فإن األمور مل تتغري كثريا‪.‬‬ ‫فاالنرتنت غدت بالفعل جزء ال يتجزأ من البنية االتصالية العاملية واملصدر األول لألخبار يف‬ ‫بعض البيئات (‪ ، )Pew Research Center, 2008‬كما أن هناك الكثري من املنشورات‬ ‫اإللكرتونية اليت تشرف عليها مؤسسات غري إعالمية‪ .‬وقد شكلت بعض هذه املؤسسات‪ ،‬يف حاالت‬ ‫كثرية‪ ،‬قنوات اتصالية حمورية ال ميكن القفز عليها‪ ،‬مثل مركز اإلعالم املستقل باعتباره‬ ‫ملتقى وأداة املناهضني للعوملة ‪ ،)Independent Media Centre (Hyde, 2002‬وجتارب‬ ‫بعض املنشورات اإللكرتونية احمللية ضمن ما يطلق عليه «إعالم املواطن» (; ‪Schaffer, 2007‬‬ ‫الصادق رابح‪ ،)2007 ،‬وجناح بعض املواقع األخرى يف استهداف مجاهري مل تكن تصل إليها‪.‬‬ ‫ورغبة منها يف تفعيل حضورها على االنرتنت‪ ،‬سارعت الكثري من املؤسسات اإلعالمية‪ ،‬ومنذ‬ ‫البدايات األوىل‪ ،‬اىل وضع اسرتاتيجيات طموحة‪ ،‬بينما اقتصر البعض اآلخر على إعادة إنتاج‬ ‫آليات وقيم النشر الورقي‪ ،‬ووضع مضامني ورقية تقليدية بصيغ إلكرتونية (;‪Paul. 2005‬‬ ‫‪ .) Domingo, 2006‬ومل يتعد األمر‪ ،‬يف ما يتعلق باسرتاتيجياتهم يف التعامل مع اجلمهور‬ ‫‪ ،‬األخذ بنموذج حراسة البوابة الذي طبقوه على املضامني اليت ينتجها املستخدمون (‪UGC:‬‬ ‫‪ ،)user generated content‬أي غربلتها وعزهلا عن األخبار اليت ينتجها اإلعالميون‬ ‫العاملون بها‪ .‬واحلاصل أن االنرتنت مل يكن هلا هذا األثر ا ّلتثويري يف املمارسة اإلعالمية والذي‬ ‫ختوف منه البعض واحتفى به البعض اآلخر‪.‬‬ ‫ومع بروز املدوّنات‪ ،‬والفرص اليت تتيحها تكنولوجيا النشر اجلديدة عموما‪ ،‬عادت اىل الظهور‬ ‫إشكالية إمكانية ال ّتحول يف النموذج اإلعالمي احلالي‪ .‬ففي الواليات املتحدة خاصة‪ ،‬ظهرت‬ ‫الكثري من األصوات املطالبة بإعادة النظر يف أداء وسائل اإلعالم التقليدية (‪،)Deuze, 2005‬‬ ‫مشرية اىل أن هذه الوسائل قد انفصلت عن اهتمامات اجملتمع املدني‪ .‬فعوض أن يلتزم‬ ‫اإلعالميون بقضايا مجهورهم‪ ،‬أصبحوا ال يعريون اهتماما للمسائل اليت تشغل هذا اجلمهور‪.‬‬ ‫وقد نتج عن ذلك أن هذه الوسائط حتولت‪ ،‬يف رأي اجلمهور‪ ،‬اىل مؤسسات ال يربطها به أي‬ ‫رابط (‪.)novövision, 2008; Heinonen, 1999‬‬ ‫‪539‬‬

‫ميكن القول دون أن جنايف احلقيقة أن النضوج االجتماعي لالنرتنت قد ش ّكل أرضية مالئمة‬ ‫لنمو وازدهار املدوّنات كنوع جديد من االتصال الشبكي‪ .‬فاملواقع اإللكرتونية األوىل اتسمت‬ ‫بتعقد بنائها (النسخ اإللكرتونية للصحف مثال) وببساطتها حبيث مل تكن جذابة أبدا (املواقع‬ ‫الشخصية اجلامدة مثال)‪ .‬كما أن الكثري من املضامني اإللكرتونية كانت وال زالت تستوحي‬ ‫مناذجها من وسائط اإلعالم التقليدية؛ ذلك أن الوسائط اجلديدة غالبا ما متيل اىل تقليد من‬ ‫سبقها قبل أن ُتؤسس هويتها اخلاصة (‪ .)Stepp, 1997‬وهلذا يبدو أن املدوّنات متثل صنفا‬ ‫جديدا خرج من رحم الواب‪ ،‬وتتسم بتمايزها عن ما كان سائدا من قبل من أشكال النشر‬ ‫اإللكرتوني؛ فهي «أشكال إعالمية جديدة ونابضة باحلياة ولدت مع البواب‪ ،‬وهي اىل ذلك‬ ‫تضيف شيئا جديدا اىل ما هو موجود‪ ...‬شيئا مل يكن موجودا قبل ظهور الواب‪Lasica, 2003,( ».‬‬ ‫‪ .)p. 72‬فاملدوّنات تتيح شكال من أشكال الكتابة اليت ينفرد بها الواب‪ ،‬واملنبثقة أساسا من إحدى‬ ‫خصائصه‪ ،‬وهي النص الفائق (‪.)Matheson, 2004a‬‬

‫خصائص تكنولوجيا التّدوين‬

‫يتسم ال ّتدوين مبجموعة من اخلصائص اليت حتكم سريورة إنتاجه واليت جتعله خمتلفا عن‬ ‫أشكال النشر اإللكرتوني‪ .‬من بني هذه السمات احملورية‪ ،‬البساطة‪ .‬فاالدراجات (ال ّتدوينات)‬ ‫مرتبة بطريقة كرونوجلية معكوسة‪ ،‬من األحدث زمنيا‪ ،‬ثم الذي يليه وهكذا (الصادق‪،‬‬ ‫‪ .)2008‬وال تتبنى املدوّنات املعايري املتبعة يف الفضاء اإلعالمي يف ما يتعلق بتصنيف اإلدراحات‪،‬‬ ‫حيث يتم عرضها كما كتبها صاحبها‪ .‬كما أن أهمية إدراج ما ال تنبع من املدوّنة يف حد ذاتها‪،‬‬ ‫بقدر ما تتحدد بالتعليقات واجلاذبية اليت متارسها على املرتددين على فضاء ال ّتدوين‪.‬‬ ‫ومتيل النصوص اليت تتضمنها املدوّنات اىل كونها تتميز باالختصار واملباشرة وتوظيف سجل‬ ‫لغوي عادي‪ ،‬وعامي يف أحيان كثرية‪ .‬ومبا أن االنرتنت متثل حميطا تبادليا تغلب عليه التخمة‬ ‫املعلوماتية‪ ،‬فإن املرتددين على املدوّنات يثمنون املدوّنني الذي يعربون عن أفكارهم ورؤاهم‬ ‫بأقل عدد ممكن من العبارات والكلمات‪ .‬ويقوم على املدوّنة‪ ،‬يف أغالب األحيان‪ ،‬شخص واحد‬ ‫يتخذها كفضاء للتعبري عن انشغاالته‪ ،‬واليت تتنوع لتشمل محيميات شخصية‪ ،‬أو مسائل‬ ‫حياتية خمتلفة‪ ،‬أو موضوعات اجتماعية وثقافية وسياسية وغريها‪ .‬وهلذا فإن األسلوب‬ ‫الذاتي وامليل اىل التعبري عن الرأي يغلبان على الكتابات ال ّتدوينية‪ .‬وإذا كانت غالبية املدوّنات‬ ‫تنتمي اىل الفئة النصية‪ ،‬فإن السنوات األخرية شهدت ظهور صنف آخر بقوم على الصورة‪،‬‬ ‫والنص‪ ،‬والفيديو‪ ،‬حيث ظهرت مدوّنات صورية (‪ ،)photoblogs‬وصوتية (‪،)audioblogs‬‬ ‫وفيديوية (‪ ،)vlogs‬إضافة اىل مدوّنات اهلاتف املتحرك (‪.)moblogs‬‬ ‫من بني اخلصائص احملورية األخرى اليت تتسم بها املدوّنات‪ ،‬متكني زوارها من نشر تعليقاتهم‬ ‫مباشرة حتت اإلدراج (مع اإلشارة اىل أن هذه امليزة ال تتوفر يف كل املدوّنات)؛ وهو ما حي ّوهلا اىل‬ ‫‪540‬‬

‫فضاءات للتبادل والتحاور والتفاعل‪ ،‬حيث يقوم أصحابها بتضمني إدراجاتهم معلومة أو رأيا‬ ‫حول مسألة ما تثري اهتمامات املتابعني الذين يثرونها من خالل جمموع التعليقات اليت ترتبط‬ ‫بها‪ .‬واحلاصل أن هذا التبادل ميكن أن يتوسع ويأخذ شكل تفاعل بني املدوّنني أنفسهم‪ ،‬حيث‬ ‫يعلقون على إدارجات بعضهم البعض‪ ،‬موظفني آلية الروابط ال ّتعقبية (‪ )trackbacks‬إلعالم‬ ‫بعضهم البعض عن التعليقات اليت كتبوها يف إدراجاتهم األصلية‪ ،‬وذلك من خالل وضع رابط‬ ‫حييل اىل مدوّناتهم‪ .‬وبهذه الطريقة‪ ،‬فإن املدوّنني غالبا ما ينجحون يف تشكيل مجاعات تساهم‬ ‫بتعليقاتها يف إثراء مدوّناتهم‪ ،‬وبناء عالقات تفاعلية مع مدوّنني آخرين‪ .‬إن هذه الطبيعية‬ ‫التبادلية اليت جتعل من املدوّنات أدوات مالئمة خللق أمناط جديدة من «اإلعالم التشاركي»‪،‬‬ ‫وتطوير صيغ جديدة من اإلعالم اجلماهريي الذي أسست له الوسائط اإلعالمية التقليدية‪.‬‬ ‫إضافة اىل ما تقدم‪ ،‬فإن الروابط جبميع أشكاهلا متثل إحدى امليزات اليت تأخذ بها املدوّنات‪،‬‬ ‫حيث غالبا ما حييل القائمون عليها اىل مواقع ووثائق إلكرتونية استفادوا منها يف حترير‬ ‫إدراجاتهم‪ .‬ويرجع السبب يف تبين هذه اآللية (وهو ليس السبب الوحيد بالتأكيد) اىل أن الكثري‬ ‫من املدوّنني يريدون أن يثروا مضامني مدوّناتهم بتطعيمها بتعليقات أو وأفكار يعثرون عليها‬ ‫أثناء سياحتهم يف االنرتنت‪ ،‬ويرون أنها تساهم يف خلق تفاعلية أكرب بينهم وبني املرتديني‬ ‫عليهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن اإلحالة اىل هذه الروابط وإثراء مدوّناتهم بها يشري اىل رؤية حياتية‬ ‫منفتحة على اآلخر‪ ،‬وغري مكتفية بذاتها‪ ،‬وتستبطن التفاعل كآلية خللق املعرفة‪ .‬وترى إحدى‬ ‫الرائدات يف ال ّتدوين أن هذا التوجه قد غدا من أجبديات ال ّتدوين «اجلاد»‪ ،‬حيث أنه يعترب عالمة‬ ‫على جدية ومصداقية اإلدراجات‪ ،‬وبالتالي املدوّنة ككل‪ .‬كما أنها مؤشر على مدى اإلحساس‬ ‫باملسؤولية اليت تفتقد إليها الكثري من الوسائط اإلعالمية التقليدية (‪.)Blood, 2003‬‬ ‫تستثمر معظم املدوّنات تطبيقات تكنولوجية متشابهة يف إدارة وحترير وأرشفة اإلدراجات‬ ‫والوثائق‪ ،‬إذ أنها تستخدم واجهات ومناذج بسيطة يف بنائها التقين ال تتطلب من املدوّن سوى‬ ‫إدخال احملتويات اليت يريد إدماجها يف اإلدراج (ال ّتدوينة)‪ .‬وباختصار‪ ،‬فإن بناء مدوّنة على‬ ‫إحدى املنصات اخلدمية ال يتطلب إال القليل من املهارات التقنية‪ .‬بل إن الكثري من منصات‬ ‫ال ّتدوين أصبحت تتيح ملستخدميها إرسال إدراجاتهم عن طريق الرسائل النصية القصرية‬ ‫(‪ ،)SMS‬واخلدمات اهلاتفية متعددة الوسائط (‪ ،)MMS‬ونظام االشرتاك يف اخلالصات‬ ‫(‪ ،)RSS: Real Simple Syndication‬وهو ما جيعل عملية النشر أكثر سهولة وسرعة‪.‬‬ ‫باإلضافة اىل متايز املدوّنات يف ما يتعلق بأشكال إدارة احملتويات واألدوات الربجمية املستخدمة‪،‬‬ ‫فإنها ت ّتسم ببعض اخلصائص الثقافية والسلوكية اليت تضفي عليها صبغة خاصة كنوع من‬ ‫أنواع النشر اإللكرتوني‪ .‬فالطابع الشخصي واحلميمية‪ ،‬والتفاعل‪ ،‬وفرادة األسلوب‪ ،‬كلها أبعاد‬ ‫‪541‬‬

‫حمورية يف ال ّتدوين‪ .‬فاملدوّنات‪ ،‬إذا‪ ،‬ليست فقط عبارة عن تطبيقات تقنية حبتة‪ ،‬لكنها حتيل‬ ‫أيضا اىل نوع من املمارسات االجتماعية جلماعة بعينها داخل الفضاء االجتماعي‪ .‬فاملدوّنون‬ ‫يعتربون أنفسهم كجزء من مجاعة تتقاسم يف ما بينها جمموعة من القيم والطقوس والرموز‬ ‫اللغوية‪)Lowrey, 2006( .‬‬

‫تصنيف المدوّنات اإلعالمية‬

‫تذهب نسبة كبرية من املدوّنني اىل االعتقاد أن ما تقوم به ليس له عالقة مباشرة‬ ‫ ‬ ‫بالعمل اإلعالمي أو األحداث اجلارية‪ ،‬وذلك على أقل تقدير حسب املنظور اإلعالمي التقليدي‪.‬‬ ‫فاملدوّنات ذات طبيعة شخصية‪ ،‬وتدور موضوعاتها حول مشاعر وجتارب ورؤى أصحابها‪ .‬ففي‬ ‫دراسة قام بها مركز بيو انرتنت (‪ ،)Pew Intrenet‬أشار ‪ 34%‬فقط من املدوّنني األمريكيني‬ ‫اىل أن ما يقومون به ميثل شكال من أشكال اإلعالم (‪ .)Lenhart and Fox, 2006‬مع ذلك‪،‬‬ ‫فإن ليسيكا ‪ Lasica‬يعترب أن املدوّن «يقرتف الفعل اإلعالمي» عندما يقوم بوصف أو حتليل‬ ‫حدث ما يكون قد عاشه (‪ .)Lasica, 2002a‬إضافة اىل ذلك‪ ،‬فإن كلمة تدوين أصبحت من‬ ‫الكلمات الشائعة يف األوساط اإلعالمية‪ ،‬خاصة بعد تبين الكثري من اإلعالميني هلذا النمط‬ ‫اجلديد من النشر الذي ميكنهم من التواصل والتفاعل مع مجهورهم‪ .‬وقد عمدت الكثري من‬ ‫املؤسسات اإلعالمية‪ ،‬الحقا‪ ،‬اىل البحث عن كيفية استثمار اإلمكانيات اليت يتيحها ال ّتدوين‬ ‫كشكل جديد من أشكال العمل اإلعالمي‪ ،‬باعتباره ميثل مساحة تفاعلية متنح مستخدمي‬ ‫الواب إمكانية املشاركة وإبداء الرأي يف املضامني اليت تنشرها هذه املؤسسات‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫أن الكثري من املدوّنني قد ال يشعرون باالرتياح عند مقارنة ما ينشرونه مبا تقوم به وسائل‬ ‫اإلعالم التقليدية (‪ ،)Matheson, 2004b‬فإنه ميكن القول أن هذه اجملموعات غري املتجانسة‬ ‫من املدوّنات‪ ،‬واليت تتوزع بني تلك اليت يقوم بتحريرها أفراد عاديون‪ ،‬أو إعالميون متمرسون‪،‬‬ ‫ربر ومسها بـ «املدوّنات اإلعالمية»‪ .‬وحتى إذا سلمنا‬ ‫أو وسائل إعالمية‪ ،‬جيمعها رابط مشرتك ي ّ‬ ‫بأن هذه املدوّنات ال تلتزم «حرفيا» بقواعد وآليات العمل اإلعالمي التقليدي‪ ،‬فإنها تظهر ميال‬ ‫اىل العمل الشبكي اجلماعي من خالل مجع األخبار وحتليلها والتعليق عليها وتوصيلها اىل‬ ‫عدد كبري من األفراد‪ ،‬وهو ما جيعلها تؤدي «نفس» الوظائف االجتماعية اليت غالبا ما ارتبطت‬ ‫بالوسائط اإلعالمية التقليدية (‪.)Raphaël, 2008‬‬ ‫سنقوم يف الفقرات التالية بفحص دقيق للمدوّنات اإلعالمية‪ ،‬حماولني تصنفيها اىل‬ ‫ ‬ ‫فئات تتضمن جمموع ممارسي هذا النوع من ال ّتدوين‪ .‬جند يف بداية السلسلة املدوّنات اليت يقوم‬ ‫على حتريرها مواطنون ال تربطهم بوسائل اإلعالمية أي روابط‪ ،‬وهي مدوّنات املواطنني‪ ،‬ويف‬ ‫نهايتها املدوّنات اليت تشكل جز ًء من املضامني اإلعالمية اليت يقوم عليها إعالميون متمرسون‬ ‫يف العمل اإلعالمي‪ ،‬وبينهما يتموقع صنفان آخران‪ ،‬يتمثل األول يف تلك اليت يكتبها أفراد‬ ‫‪542‬‬

‫يستثمرون املنصات اليت تتيحها هلم وسائل اإلعالم‪ ،‬ويتشكل الثاني من تلك اليت يقوم على‬ ‫إنتاجها إعالميون خارج إطار املؤسسات اليت يعملون بها‪ .‬سنسعى‪ ،‬إذا‪ ،‬يف ما يلي من فقرات‬ ‫اىل قراءة أكثر عمقا تتناول مدوّنات املواطنني‪ ،‬وتلك اليت تنشرها الوسائط اإلعالمية أو‬ ‫اإلعالميني العاملني بها؛ ذلك أن املنحى التطوري الذي أخذته هذه األشكال من النشر حيمل‬ ‫دالالت كثرية ضمن أفق التحوالت اليت تعرفها املمارسة اإلعالمية‪ .‬فالكثري من الباحثني‬ ‫يرون أن مدوّنات املواطنني تشكل حتديا كبريا لإلعالم التقليدي من خارجه‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫كونها تنفلت من اإلكراهات اليت عادة ما حتكم العمل اإلعالمي التقليدي‪ .‬كما أن املدوّنات‬ ‫اليت ُتنتج داخل الفضاء اإلعالمي نفسه (أي من الداخل) حتدث تغيريات كبرية ترتبط مبدى‬ ‫قدرة القائمني على هذه املؤسسات على تمَ ُّثل «وتقعيد» هذا النمط اجلديد من النشر‪ ،‬وإدماجه‬ ‫يف سريورة العمل اإلعالمي (‪.)Singer, 2005‬‬ ‫وإذا كان لكل صنف من هذه األصناف خصائصه‪ ،‬فإنه من الضروري التأكيد على‬ ‫ ‬ ‫بعد مهم‪ ،‬وهو أن املدوّنات اليت تنضوي حتت العباءة اإلعالمية ال تتمتع بالضرورة مبصداقية‬ ‫ودقة وتأثري أكرب مقارنة باألشكال األخرى‪ .‬فهناك متغريات كثرية تساهم يف جناح مدوّنة‬ ‫إعالمية ما كمصدر إخباري موثوق به من طرف املستخدمني‪ ،‬بغض النظر عن القائمني‬ ‫على حتريرها وإنتاجها‪ .‬ومن هذه املتغريات‪ ،‬ميكن أن نشري اىل‪ :‬مصداقية األخبار‪ ،‬وشفافية‬ ‫املعلومات‪ ،‬ودرجة التحيني‪ ،‬وأهمية املوضوعات (تتنوع هذه األخرية حسب املوضوع الذي تتناوله‬ ‫املدوّنة)‪ .‬واحلاصل أن لكل فئة من فئات ال ّتدوين اإلعالمي نقاط قوة ومكامن ضعف‪ ،‬وذلك‬ ‫بالنظر اىل املعايري التقليدية يف املمارسة اإلعالمية‪ .‬كما أن هناك متايزا يف الشكل واحملتوى‬ ‫ضمن الفئة الواحدة‪ ،‬فليست كل اإلدراجات متساوية يف أهميتها‪ .‬مع ذلك فإن التصنيف الذي‬ ‫نأخذ به هنا مي ّكننا من تقييم داللة املدوّنات بالنسبة للممارسة اإلعالمية املهنية‪.‬‬

‫‪1 .1‬مد ّونات املواطنني‪ :‬املد ّونات اليت ينتجها مستخدمو االنرتنت‬

‫عندما «يقرتف» املدوّنون الفعل اإلعالمي‪ ،‬بعبارة ليسيكا السابقة‪ ،‬فإنهم يتب ّنون أدوارا‬ ‫ ‬ ‫ّ‬ ‫املتخصصون‪ ،‬ومعدي‬ ‫خمتلفة‪ ،‬تتنوع بني املعلقني والناقدين ملضامني وسائل اإلعالم‪ ،‬والكتاب‬ ‫ّ‬ ‫التقارير اهلواة‪ .‬فالتعليق والنقد يعتربان من أكثر األنشطة ممارسة وحضورا يف الفضاء‬ ‫ال ّتدويين اإلعالمي‪ .‬وتقوم هذه املدوّنات‪ ،‬اليت يطلق عليها البعض العني الناقد ة ‪hwatc‬‬ ‫‪ ،blogs‬مبتابعة ومراقبة مضامني وسائل اإلعالم الورقية واإللكرتونية للتنبيه اىل املوضوعات‬ ‫اليت نالت حظا قليال من التغطية‪ ،‬أو تلك اليت مت تهميشها‪ ،‬والكشف عن األخطاء وال ّتحيزات‬ ‫اليت تضمنتها املواد اإلعالمية‪ ،‬ونقد احلجج الضعيفة اليت تقوم عليها الكثري من االفتتاحيات‬ ‫واألعمدة اليت يكتبها اإلعالميون‪.‬‬ ‫‪543‬‬

‫فاالنتخابات الرئاسية األمريكية لسنة ‪ ،2004‬شهدت بروز ظاهرة سرعان ما تعاظم‬ ‫ ‬ ‫مداها‪ ،‬متثلت يف إقدام الكثري من املدوّنني اجلمهوريني والدميقراطيني على لبس «عباءة صحفية»‬ ‫ملراقبة احلملة االنتخابية عن قرب (‪ .)Glaser, 2004‬فقد مت إنشاء الكثري من املدوّنات اليت‬ ‫تركز على صنف معني من املوضوعات ملتابعة ونقد األعمدة السياسية اليت تنشرها الصحف‪.‬‬ ‫لكن احلادث الذي أثار أكثر املناقشات حيوية‪ ،‬واليت يعود فيها الفضل للمدوّنني‪ ،‬فتمثل يف‬ ‫برنامج «ستون دقيقة» (‪ )minutes 60‬الذي تبثه سي‪.‬بي‪.‬آس وذلك عندما تعرض للماضي‬ ‫للعسكري للرئيس األمريكي جورج بوش االبن‪ .‬فقد أكد املدوّنون اجلمهوريون أن الوثائق اليت‬ ‫تضمنها التقرير كانت مفربكة‪ ،‬لينتهي األمر‪ ،‬بعد تصاعد حدة االنتقادات املوجهة للقناة‪،‬‬ ‫يف الفضاء املدوّناتي‪ ،‬اىل اعتذار القائم على الربنامج دان راذر‪ ،‬واعرتافه بعدم مت ّكن القناة من‬ ‫التأكد من صحة هذه الوثائق (‪ .)Kramer, 2004‬وقد حصل الشيئ نفسه يف أعقاب أحداث‬ ‫مدريد سنة ‪ ،2004‬حيث كان املدوّنون أول من ن ّبه اىل أن االسرتاتيجية االتصالية للحكومة‬ ‫اتسمت «بالتخبط»‪ ،‬كما ب ّينوا أن الوسائط اإلعالمية التقليدية اعتمدت اعتمادا كبريا على‬ ‫املصادر الرمسية‪ .‬وهو ما جعل الفضاء املدوّناتي يتحول اىل ساحة تعبريية تك ّثفت وجتلت فيها‬ ‫أسئلة وخماوف املواطنني‪ .‬أما وسائل اإلعالم فقد أعادت قراءة احلدث بعيون «جديدة» متأثرة‬ ‫يف ذلك مبا كان حيدث على االنرتنت‪ ،‬وإن اختلف األمر من وسيلة اىل أخرى‪ ،‬وذلك بناء على‬ ‫خلفياتها اإليديولوجية (‪ .)López, 2004‬وليس بعيدا عنا ما حصل وحيصل يف العامل العربي‬ ‫من أحداث كان املدوّنون فيها هم األرفع صوتا واألكثر إفصاحا يف كشف مالبساتها بالصوت‬ ‫والصورة‪ ،‬كما جتلى يف إضراب احمللة‪ ،‬واالنتخابات الرئاسية‪ ،‬وطرق التعذيب يف السجون‬ ‫املصرية‪ ،‬وإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسني‪ ،‬والرشاوى املقدمة لرجال الدرك يف‬ ‫املغرب‪ ،‬وغريها (لينش‪2007 ،‬؛ اجلزيرة‪.)2008 ،‬‬ ‫ويقوم الكثري من ناشري مدوّنات املواطنني بدور احملقق اإلعالمي‪ ،‬حتى وإن مل‬ ‫ ‬ ‫يدعوا‪ ،‬بطريقة مباشرة‪ ،‬أنهم يقومون مقام اإلعالمي‪ .‬ففي حاالت كثرية‪ ،‬تتحول املدوّنة‬ ‫الشخصية اىل مصدر إخباري حول حدث معني‪ ،‬وذلك عندما جيد صاحبها نفسه حاضرا وقت‬ ‫وقوع احلدث ولو بطريقة عرضية‪ .‬ففي تفجريات السابع عشر من يوليو سنة ‪ ،2005‬نقل‬ ‫الكثري من املدوّنني ما شاهدوه وما عرفوه اىل العامل‪ .‬فقد عرضت الكثري من املدوّنات صور املوتى‬ ‫واجلرحى اليت حتاشت وسائل اإلعالم التقليدية نشرها بسبب أخالقيات العمل اإلعالمي اليت‬ ‫حتتكم إليها( (‪ .)Vara, 2005‬وخالل غزو العراق‪ ،‬عرفت إحدى املدوّنات اليت محلت ( ‪aS‬‬ ‫‪ )laam Pax‬شهرة كبرية؛ وذلك أنها كانت نافذة العامل «الوحيدة» ملعرفة ما جيري هناك‪،‬‬ ‫خاصة القصف الصاروخي العنيف اليت تعرضت له بغداد‪ .‬كما جند الكثري من املدوّنني‬ ‫الذي يبذلون جهودا كبرية تتسم باالستمرارية‪ ،‬خاصة يف جمالني رئيسيني‪ .‬فمن جهة‪ ،‬هناك‬ ‫املتخصصون يف موضوعات بعينها والذين يتقامسون رؤاهم وأفكارهم مع غريهم؛ ومن جهة‬ ‫‪544‬‬

‫أخرى‪ ،‬جند هواة «التقارير» اجلوارية‪ ،‬الذين يكتبون حول األحداث احمللية اليت شهدوها أو‬ ‫مسعوها من الغري‪ .‬وغالبا ما تتضمن هذه الكتابات «تقارير» وتعليقات ونقاشات حول احلياة‬ ‫اليومية احمللية وأحداثها‪ِّ ،‬‬ ‫مشكلة بذلك ما يطلق عليها البعض فضاء عاما حمليا‪ .‬واحلق أن‬ ‫هذه املدوّنات اجلوارية تتناول قضايا َتهم اجلمهور احمللي‪ ،‬اليت غالبا ما ال جتد طريقها اىل‬ ‫الوسائط اإلعالمية التقليدية (‪.)Lowrey, 2006‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬فمن الواضح أن املدوّنات اإلعالمية للمواطنني ال تتوفر على االمكانيات‬ ‫ ‬ ‫املتاحة لإلعالم املهين‪ ،‬وال حتكمها نفس املعايري اليت يأخذ بها‪ .‬وعليه يستحسن عند تقييم‬ ‫هذه املدوّنات النظر اىل متغري ّ‬ ‫«الشفافية» بدل معياري الدقة واملصداقية (;‪Blood, 2003‬‬ ‫‪ .) Bradshaw, 2008‬بالتوازي مع ذلك‪ ،‬جند أن ثقافة ال ّتدوين تتضمن شيئا يشبه أخالقيات‬ ‫اإلعالم‪ ،‬ويتمثل يف ميل ال ّتدوين اىل األلفة واحلس املزحي واألمانة الفكرية (االعرتاف باخلطأ‬ ‫وتصحيحه) واالنفتاح على خمتلف وجهات النظر (‪ .)Mooney, 2003‬فقد أشارت إحدى‬ ‫الدراسات‪ ،‬اىل أن ‪ 35%‬من مدوّني الواليات املتحدة غالبا ما يضمنون مدوّناتهم روابط اىل‬ ‫مواقع املصادر األصلية‪ ،‬كما أنهم يقومون بالتأكد من املعطيات اليت يدجمونها يف إدراجاتهم‬ ‫(‪ .)Lenhart and Fox, 2006‬رغم ذلك‪ ،‬فإنهم ال يعتربون ممارسني مهنيني لإلعالم‪ ،‬بل‬ ‫يكمل‪ ،‬يف أحسن األحوال‪ ،‬ما تقوم به الوسائط اإلعالمية بطريقة إجيابية‪ ،‬ولذلك‬ ‫إن عملهم ّ‬ ‫فإنهم أبعد من أن حيلوا حمل هذه الوسائط‪ .‬وإذا كان البعض يؤكد أن معظم املدوّنات‬ ‫ذات املضمون اإلخباري تعتمد يف تعليقاتها على ما تنشره وسائل اإلعالم‪ ،‬واصفني أصحابها‬ ‫«بالطفيليني»‪ ،‬فإن البعض اآلخر يرى أن اإلعالميني واملدوّنني تربطهم عالقات تكاملية‪ ،‬تصب‪،‬‬ ‫يف نهاية املطاف‪ ،‬يف غربلة املعلومة ودقتها وصدقيتها‪ .‬واحلاصل أن الكثري من املهنيني قد بدأوا‬ ‫يف تثمني ما يقوم به املدوّنون اإلعالميون‪ .‬إذ أن هناك ميال متزايدا من طرف اإلعالميني اىل‬ ‫استثمار مدوّنات شهود العيان كمصدر إخباري مثني‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬ميكن اعتبار الفضاء‬ ‫املدوّناتي «كنظام رصد متقدم» بالنسبة لإلعالمي‪ ،‬مي ّكنه من احلصول على مادة خام يستطيع‬ ‫حتويلها‪ ،‬الحقا‪ ،‬اىل قصص إخبارية بعد غربلتها اعتمادا على املعايري املهنية (‪Shachtman,‬‬ ‫‪.)2002‬‬

‫‪2 .2‬مد ّونات اجلمهور‪ :‬املد ّونات اإلعالمية امللحقة باملواقع اإللكرتونية للوسائط‬ ‫اإلعالمية‬

‫يذهب الكثري من الدارسني لإلعالم اإللكرتوني اىل أن املؤسسات اإلعالمية جيب أن‬ ‫ ‬ ‫تدمج مدوّنات اجلمهور يف مواقعها‪ ،‬كآلية إلشراك املستخدمني والتسويق لعالقة تفاعلية‬ ‫بينها وبني املرتدّدين عليها (‪ .)Bowman and Willis, 2003‬فالفضاء الذي ختصصه هذه‬ ‫الوسائل للجمهور ميكن أن خيلق عنده شعور مجاعي باالنتماء‪ ،‬ويساعد على توسيع دائرة‬

‫‪545‬‬

‫التفاعل بني اإلعالميني واملستخدمني‪ ،‬وبالتالي حتسني الوالء «للماركة» اإلعالمية والثقة يف‬ ‫مضامينها‪ .‬لقد دفعت شعبية املدوّنات الكثري من املؤسسات اإلعالمية اىل احتضان الكثري منها‬ ‫ضمن منصاتها اإللكرتونية‪ .‬حيث أن بعضها‪ ،‬وهو قليل‪ ،‬يرتبط بقاعة التحرير ارتباطا وثيقا‪،‬‬ ‫بينما متيل غالبيتها اىل كونها مدوّنات شخصية ال تش ّكل األحداث واملناقشات العامة مركز‬ ‫اهتمامها‪ ،‬وهو ما يبقيها بعيدة عن إمكانية املساهمة يف إعادة تعريف املنتج اإلعالمي للموقع‬ ‫الذي يستضيفها‪ .‬وحيتاج هذا الصنف من املدوّنات اإلعالمية اىل قراءة أعمق لل ّتعرف على‬ ‫إمكاناته بهدف تقييم نقاط قوته ومكامن ضفعه وعالقة ذلك بطبيعة العالقات بني الوسائط‬ ‫اإلعالمية ومجهورها‪.‬‬ ‫فقد خرجت من حتت عباءة اجلزيرة‪ ،‬بتاري خ ‪ 14‬سبتمرب ‪ ،2006‬واجلزيرة توك ( ‪la‬‬ ‫‪ ،)jazeeraTalk‬حتديدا‪ ،‬رابطة «مدوّنون بال حدود» اليت تهدف اىل «رفع مستوى ال ّتدوين‬ ‫العربي على حنو يف ِعل دور املدوّنني ويشجع سي ً‬ ‫ال من املرتددين على شبكة االنرتنت اخلوض‬ ‫يف هذه التجربة» (اجلزيرة توك‪ .)2006 ،‬إضافة اىل خدمة «شارك» اليت أطلقتها القناة يف‬ ‫نوفمرب‪ ،2008‬حيث نقرأ يف الصفحة املدخلية «أنت مواطن صحفي‪ .‬هل شهدت حدثا إخباريا‬ ‫هاما‪ ،‬أو التقطت فيديو حلدث هام؟ إنه دورك لصناعة األخبار ونقل صوتك للعامل!!» ‪ .‬وقد‬ ‫بادرت قناة العربية قبل ذلك بفرتة اىل خلق»منتدى الفيديو» لتمكني مستخدم موقعها من أن‬ ‫«يصبح مراسال تلفزيونيا يف موقع احلدث الذي يتصادف وجوده فيه‪ ».‬كما أن صحيفة إيالف‬ ‫اإللكرتونية فتحت موقعها مؤخرا (‪ )2008‬الستضافة مدوّنات اجلمهور‪ ،‬حتت باب أطلقت‬ ‫عليه «املدوّنات» ‪ ،‬وقامت بتقسيمها اىل فئات على طريقة التبويب الصحفي أمستها «أقسام‬ ‫املدوّنات»‪ .‬وقد تب ّنت صحيفة لوموند ‪ Le Monde‬الفرنسية نفس النموذج‪ ،‬ففتحت موقعها‬ ‫اإللكرتوني للجمهور‪ ،‬وذلك ضمن الباب املخصص ألعمدة الرأي اليت يكتبها الصحفيون‪ .‬وقد‬ ‫حصل األمر نفسه مع صحيفة الباييس ‪ El País‬اإلسبانية ‪ ،‬والغاردين ‪guardian.co.uk‬‬ ‫الربيطانية مثال‪ ،‬اللتني اعتمدتا على بعض املعايري يف متكني بعض املدوّنات من احلضور على‬ ‫منصتيهما اإللكرتونيتني‪ ،‬منها االلتزام ببعض قواعد النشر األساسية‪ ،‬وإثبات القدرة على أنها‬ ‫تستحق ذلك (عرب آلية املسابقات الستقطاب «أفضل» املدوّنات)‪.‬‬

‫‪3 .3‬مد ّونات اإلعالميني‪ :‬املد ّونات اليت حيررها إعالميون خارج إطار املؤسسات‬ ‫اإلعالمية‬

‫اجنذب الكثري من ممارسي اإلعالم بسرعة اىل املدوّنات‪ ،‬حيث تتيح هلم هذه الوسائط مساحات‬ ‫تعبريية حرة لنشر أفكارهم ورؤاهم حول قضايا من الصعب متريرها عرب املؤسسات اليت‬ ‫يعملون بها‪ .‬فقد منحتهم املدوّنات هامشا تعبرييا كبريا‪ ،‬ومكنتهم من صياغة آرائهم ومواقفهم‬ ‫بطريقة أكثر صراحة‪ ،‬والتحرر من اإلكراهات واملعايري اليت حتكم عملهم يف املؤسسات‬ ‫‪546‬‬

‫اإلعالمية التقليدية‪ .‬وهو ما جعل الكثري من هذه املؤسسات غري راضية عن هذا ال ّتوجه‪.‬‬ ‫فقد طلبت كل من السي‪.‬آن‪.‬آن والتايم (اللتني ميلكهما تايم وورنر) من مراسليهما اللذين‬ ‫غطيا احلرب على العراق التخلي عن مدوّنتيهما الشخصية‪« .‬فسي‪.‬آن‪.‬آن تفضل‪ ،‬حسب أحد‬ ‫الناطقني بامسها‪ ،‬األخذ مبقاربة مؤسساتية يف تقدميها لألخبار‪ ...‬أننا ال ندوّن» (‪Bowman‬‬ ‫‪ .)and Willis, 2003, p. 48‬ومبا أن املؤسسات اإلعالمية هي اليت تقوم بدفع فواتري إقامة‬ ‫الصحفيني هناك‪ ،‬فقد ُطلب منهم الرتكيز على التقارير اإلخبارية ضمن املعايري اليت تتبناها‬ ‫هذه املؤسسات‪ .‬وابرز مثال على ذلك الصحفي كيفن سايتس ‪ Kevin Sites‬الذي طلبت منه‬ ‫السي‪.‬آن‪.‬آن وضع حد لتجربته ال ّتدوينية واليت تزامنت مع األيام األوىل للحرب على العراق‪.‬‬ ‫وقد فضل سايتس مغادرة احملطة‪ ،‬ليعمل الحقا كمراسل حر للـ آن‪.‬بي‪.‬سي‪ ،‬وليواصل‪ ،‬بعد‬ ‫عدة أشهر‪ ،‬مشواره ال ّتدويين‪.‬‬ ‫واىل جانب احلاالت اخلالفية‪ ،‬جند أن الكثري من اإلعالميني ميارسون ال ّتدوين‬ ‫ ‬ ‫كنشاط موازي لعملهم يف املؤسسات اإلعالمية دون أن يكون هناك أي اعرتاض من طرف‬ ‫القائمني عليها‪ .‬واألمثلة على ذلك كثرية‪ ،‬نذكر منها املدونة الفيديوية «العني الثالثة»‪،‬‬ ‫للصحفي املغربي مصطفى البقالي ‪ ،‬جتربة الصحفي جهاد اخلازن‪ ،‬حيث يتناول يف مدوّنته‬ ‫(يكتبها باللغة اإلجنليزية؟) الكثري من القضايا اليت تعترب صدى ملا يكتبه يف عموده اليومي‬ ‫بصحيفة احلياة السعودية‪ .‬إضافة اىل جتربة ال ّتدوين اجلماعي جملموعة من الصحفيني‬ ‫الفرنسيني (‪ ، )mediachroniques‬ومدوّنة ماثيو باكالند ‪،Matthew Buckland‬‬ ‫أحد حمرري النسخة اإللكرتونية للميل والغاردين ‪.Mail & Guardian‬‬ ‫وقد وجد بعض املدوّنني الذين ال ينتمون اىل الوسط اإلعالمي طريقهم اىل عامل‬ ‫ ‬ ‫اإلعالم وذلك عرب ممارستهم النشطة واملتواصلة للكتابة اإلعالمية‪ .‬فاملدوّن السابق غاريت‬ ‫غراف ‪ ،Garrett Graff‬صاحب مدوّنة ‪ FishbowlDC‬والسكرتري الصحفي السابق ألحد‬ ‫مرشحي احلزب الدميقراطي يف انتخابات ‪ ،2004‬استطاع‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬أن يكون أول مدوّن‬ ‫حيصل على اعتماد من البيت األبيض لتغطية أنشطته اإلعالمية (املؤمترات الصحفية وغريها)‬ ‫؛ وهو ما ميثل خطوة رمزية كبرية باجتاه تدعيم املدوّنات اإلعالمية (‪.)Seelye, 2005‬‬

‫‪4 .4‬مد ّونات اإلعالميني امللحقة باملؤسسات اإلعالمية‬

‫من اخليارات األكثر معقولية بالنسبة للمؤسسات اإلعالمية اليت تطمح اىل استثمار آلية‬ ‫ال ّتدوين‪ ،‬متكني إعالمييها من إنتاج مدوّناتهم اخلاصة ضمن مواقعها اإللكرتونية‪ .‬ورغم أن‬ ‫اإلشراف التحريري ومراقبة االلتزام باملعايري األسلوبية يف هذه املدوّنات ميكن أن ال يكون‬ ‫‪547‬‬

‫بنفس الدرجة عندما يتعلق األمر باألخبار‪ ،‬إال أن رؤساء التحرير غالبا ما يقومون «بإجازة»‬ ‫هذه ال ّتدوينات قبل أن تعرف طريقها اىل النشر‪ .‬وقد تكاثر عدد هذا الصنف من املدوّنات‬ ‫بعد ‪ .2005‬وإذا كانت املؤسسات اإلعالمية العربية بكل أطيافها‪ ،‬مل جترؤ على خوض هذه‬ ‫«املغامرة» ألسباب ليس هناك جمال التفصيل فيها‪ ،‬فإن الكثري من الوسائط اإلعالمية يف بلدان‬ ‫أخرى قد احتفت بهذه التجربة وح ّفزت إعالمييها على ممارستها‪ .‬فقد ارتفع عدد مدوّنات‬ ‫اإلعالميني اليت حتتضنها الصحف الربيطانية اإللكرتونية من ‪ 7‬اىل ‪ 118‬مدوّنة وذلك‬ ‫بني سنيت ‪ 2005‬و ‪ .) Hermida and Thurman, 2007( .2006‬مع ذلك فإن الكثري‬ ‫من املؤسسات ما زال تبحث عن أفضل السبل املمكنة لتوظيف هذه املدوّنات اىل حد اآلن‪ ،‬ومل‬ ‫تستثمر كل اخلصائص وامليزات اليت يتيحها ال ّتدوين عموما‪ .‬فالتعليقات‪ ،‬مثال‪ ،‬غري متاحة‬ ‫يف بعض هذه املدوّنات‪ ،‬كما أن مضامني البعض اآلخر ختضع للغربلة قبل نشرها‪ ،‬وهو ما‬ ‫حييل اىل مقاربة تقليدية حمافظة هلذه الظاهرة عند بعض األوساط اإلعالمية‪ .‬ذلك أنه‬ ‫رغم اجنذاب هذه املؤسسات ملفهوم ال ّتدوين وتبنيها له‪ ،‬إال أنها تقوم «بتدجني»‪ ،‬وأحيانا استبعاد‪،‬‬ ‫بعض خصائصه اليت ميكن أن تشكل حتدّيا للممارسة اإلعالمية التقليدية‪ .‬إذ يعتقد بعض‬ ‫الباحثني أن هذه املؤسسات متيل اىل احتواء وتوجيه ظاهرة ال ّتدوين أكثر من اهتمامها بتدعيم‬ ‫املشاركة الدميقراطية (‪ .)Lowrey, 2006‬ففي حتليلها ملضمون عينة من املدوّنات اإلعالمية‪،‬‬ ‫خلصت سوزان روبنسن اىل أنه رغم اعتبار املدوّنات كأدوات يستثمرها اإلعالميون للتعبري عن‬ ‫أفكارهم إلكرتونيا‪ ،‬والتصدي للتحديات اليت تش ّكلها املدوّنات «املستقلة»‪ ،‬إال أن بعض هؤالء‬ ‫اإلعالميني يتخلى عن املعايري املهنية اليت حتكم عمله‪ ،‬مثل التأكد من املعلومات‪ ،‬ومييل اىل‬ ‫األخذ بالشائعات وتغليب األسلوب الذاتي يف الكتابة (‪.)Robinson, 2007‬‬ ‫وإذا أمعنا النظر يف هذا الصنف من املدوّنات‪ ،‬وجدنا أن هناك ثالث مقاربات عند احلديث عن‬ ‫توظيفها ضمن فضاء املؤسسة اإلعالمية‪:‬‬

‫أ‪ -‬تغطية األحداث البارزة‬

‫ميكن القول أن ميالد وموت املدوّنات يرتبط اىل درجة كبرية بالقيمة اإلخبارية‬ ‫ ‬ ‫والفائدة اجملتمعية لألحداث واملوضوعات اليت تتناوهلا‪ .‬فاحلمالت االنتخابية‪ ،‬واألحداث‬ ‫السياسية‪ ،‬والرياضية‪ ،‬وغريها‪ ،‬واألثر الذي حتدثه األخبار العاجلة متثل ثيمات هلذه املدوّنات‪.‬‬ ‫وقد التحقت وسائل اإلعالم اإللكرتونية حبلبة املنافسة‪ ،‬وغدت أكثر حضورا‪ ،‬بل إن بعضها‬ ‫ذهب اىل أبعد من ذلك‪ ،‬من خالل إطالق مدوّنات حول األحداث «غري املتو ّقعة»‪ ،‬مثل االنتخابات‬ ‫والعنف‪ .‬ومن األمثلة الدالة على ذلك ما قامت به الغاردين الربيطانية حول موضوع االنتخابات‬ ‫يف بريطانيا‪ ،)Kiss, 2005( ،‬واملوندو ‪ El Mundo‬االسبانية حول تفجريات لندن ‪ .2005‬وقد‬

‫‪548‬‬

‫استثمرت الصحيفتني خاصية اآلنية اليت متيز ال ّتدوين‪ ،‬وسرعة وسهولة بث األخبار‪ ،‬إال أنهما‬ ‫ضحتا بالتحليل واستحضار السياقات العامة لألحداث‪ ،‬كما يرى املعارضون لألخذ باملدونات‬ ‫كمصادر إخبارية‪ .‬وقد تكرر األمر نفسه يف هجمات بومباي سنة ‪ ،2008‬مع احلضور البارز‬ ‫للتويرت ‪ Twitter‬كمصدر أساسي للمعلومات (‪.)Malik, 2008‬‬

‫ب‪ -‬أعمدة الرأي‬

‫بالنظر اىل أن االنرتنت ال حتكمها إكراهات املساحة والوقت‪ ،‬واليت غالبا ما شكلت‬ ‫ ‬ ‫عائقا أمام الوسائط اإلعالمية لنشر وبث الكثري من املضامني‪ ،‬فقد استطاعت الوسائل اإلعالمية‬ ‫استقطاب عدد كبري من الكتاب والباحثني البارزين‪ ،‬وبالتالي رفد حمتوياتها برؤى وأفكار لن‬ ‫جتد طريقها اىل النسخ التقليدية لألسباب اليت أشرنا إليها سابقا‪ .‬وميكن أن نشري اىل جتربيت‬ ‫املوقعني اإللكرتونيني للصحفية اإليطالية الروبوبليكا ‪ ،La Reppublica‬وقناة آم‪.‬آس‪.‬آن‪.‬بي‪.‬‬ ‫سي‪.‬كوم ‪ MSNBC.com‬األمريكية‪ ،‬حيث قامتا باستقطاب أبرز كتاب األعمدة واملدوّنني‬ ‫الذي ميلكون حضورا كبريا يف الفضاء املدوناتي للتعبري عن رؤاهم حول الكثري من القضايا‪.‬‬ ‫وقد حبثنا يف الفضاء اإلعالمي العربي بكل وسائطه ومل نعثر على مقابل هلذه التجارب‪ .‬وحتى‬ ‫التجربة اإللكرتونية إليالف‪ ،‬على مت ّيزيها‪ ،‬اقتصرت على األمساء احلاضرة يف النشر الورقي‪.‬‬ ‫وكأن مسألة األمساء الواحدة متجذرة يف الثقافة العربية بكل فضاءاتها‪ .‬واحلاصل أن الكثري‬ ‫من هذه املدونات اإلعالمية اليت تتمحور مضامينها حول موقف كاتب أو مدوّن بارز من‬ ‫قضية ما‪ ،‬غالبا ما تتحول اىل منتديات حوارية للتفاعل‪ ،‬خاصة عندما تتيح املستخدمني نشر‬ ‫تعليقاتهم ومساهماتهم‪.‬‬

‫ج‪ -‬التعليق على األخبار‬

‫يف هذا الصنف من املدوّنات‪ ،‬يقوم الصحفيون أو املراسلون املتخصصون بالتعمق‬ ‫ ‬ ‫أكثر يف املوضوعات اليت يكتبونها لوسائلهم اإلعالمية‪ ،‬ويضمونها أفكارهم ورؤاهم اليت ال جتد‬ ‫طريقها اىل الصحيفة أو التليفزيون أو اإلذاعة ألسباب أشرنا اىل بعضها سابقا‪ .‬وقد تلجأ بعض‬ ‫املؤسسات اإلعالمية‪ ،‬أحيانا‪ ،‬اىل االستعانة ببعض كتاب املدوّنات املتميزين للكتابة للموقع‬ ‫اإللكرتوني حصريا‪ .‬ففي سنة ‪ ،2005‬قامت صحيفة ‪ Helsingin Sanomat‬الفلندية ‪،‬‬ ‫مثال‪ ،‬بإطالق جمموعة من املدوّنات اإلعالمية متحورت موضوعاتها حول تربية الكالب واحلياة‬ ‫السياسة األوروبية‪ .‬ويف نفس السياق‪ ،‬أطلق املوقع اإللكرتوني للقناة التليفزيونية االسبانية‬ ‫تيليسنكو ‪ Telecinco‬جمموعة من املدوّنات املتخصصة مشلت السينما‪ ،‬والسياسة‪ ،‬وسباق‬ ‫الفورميال ‪ ،1‬والصحافة‪.‬‬

‫‪549‬‬

‫وهناك الكثري من غرف األخبار واإلعالميني الذين يستثمرون هذا النمط من‬ ‫ ‬ ‫ال ّتدوين كمساحات إخبارية جتريبية‪ ،‬حيث يتبادلون مع مجهورهم الكثري من وجهات النظر‬ ‫واملصادر والتفاصيل قبل أن يستقروا على الصيغة النهائية للقصة اخلربية أو للموضوع‬ ‫الذي يريدون أن يتناولوه‪ .‬ويذهب دان غيلمر‪ ،Dan Gillmor‬أحد الصحفيني املخضرمني‬ ‫واملدافعني حبماس عن ال ّتدوين‪ ،‬اىل القول بأن عمله يقوم على فكرة أن قراءه غالبا ما يعرفون‬ ‫أكثر مما يعرف‪ ،‬وبالتالي فإن املدوّنة هي وسيلة مهمة لتمكينهم من مساعدته (‪Lasica,‬‬ ‫‪ .)2002b‬أما حمررو صحيفة دالس مورنينغ نيوز ‪ ، Dallas Morning News‬فيعتقدون‬ ‫أن مدوّنتهم اليت جيدون فيها فضا ًء للتعليق على االختيارات التحريرية لصحيفتهم‪ ،‬متثل أداة‬ ‫يف إضفاء شفافية أكرب على سريورة إنتاج األخبار‪ .‬وهو ما يعترب تسويقا السرتاتيجية تتأسس‬ ‫على ضرورة بناء حوار فاعل مع املرتددين على املوقع‪.‬‬ ‫إمجاال ميكن القول أن املدوّنات قد ساهمت يف ظهور نوع جديد من الكتابة يف الوسائل‬ ‫ ‬ ‫اإلعالمية التقليدية‪ .‬فالصحفي أو الكاتب أصبح أكثر حضورا يف ما يكتب‪ ،‬كما أن األسلوب‬ ‫قد غدا أكثر ميال اىل الذاتية‪ ،‬وهو ما يتعارض عموما مع املعايري املعتمدة يف العمل اإلعالمي‬ ‫التقليدي‪ .‬ولتجاوز مسألة غربلة املادة اإلعالمية اليت عادة ما يقوم بها رئيس القسم أو رئيس‬ ‫التحرير‪ ،‬مييل اإلعالميون‪ ،‬يف هذه السياقات‪ ،‬اىل تصحيح أخطائهم بأنفسهم بشفافية وسرعة‪،‬‬ ‫وذلك بناء على ما يصلهم من تعليقات القراء (‪ .)Viers, 2008‬ويشعر الكثري من هؤالء‬ ‫اإلعالميني املدوّنني وكأنهم يقومون بتقديم برامج إذاعية على اهلواء مباشرة‪ ،‬حيث تسود‬ ‫التحليالت اآلنية‪ ،‬ووجهات النظر االنطباعية حول جمريات األحداث (‪.)Heyboer, 2004‬‬ ‫وتوحي جتاربهم بأن ال ّتدوين رمبا ال يكون األسلوب األنسب يف كتابة مقاالت حتليلية معمقة‪،‬‬ ‫لكنه األكثر مالئمة للتعليقات‪ ،‬والكتابات «اخلفيفة»‪ ،‬ومتابعة تطور األحداث‪.‬‬ ‫دالالت التدوين بالنسبة لإلعالم‬ ‫ميكن اعتبار املدوّنات كعالمة أو رمز لتوجه ثقايف عام يشري اىل تحَ ُّول اجلمهور من أفراد‬ ‫سلبيني يف عالقتهم مبا تبثه وسائل اإلعالم اىل أفراد فاعلني يف إنتاج مجيع أصناف املضامني‬ ‫(‪ .)Deuze, 2006‬وضمن هذا السياق‪ ،‬فإن الكثري من املدوّنات تفتقر اىل دقة املعايري املهنية من‬ ‫منظور ممارسي وسائل اإلعالم‪ .‬إن األفراد واجملموعات ال يلجؤون اىل التعبري عن ذواتهم عرب‬ ‫الوسيط الورقي أو الوسائط اإلعالمية األخرى‪ ،‬أو املدوّنات فقط‪ ،‬بل يأخذون بأساليب وأشكال‬ ‫السجل اإلعالمي‪ .‬مع ذلك‪ ،‬وبالنظر اىل التصنيفات اليت أوردناها سابقا‬ ‫تعبريية ال تنتمي اىل ّ‬ ‫خبصوص املدوّنات ذات احملتوى اإلعالمي‪ ،‬ميكن القول أن املدوّنات كظاهرة قد تس ّربت اىل‬ ‫«الفضاء اإلعالمي» عرب مسارات متنوعة‪ ،‬مؤثرة بذلك على مستقبل مهنة اإلعالم‪.‬‬ ‫‪550‬‬

‫أوال‪ ،‬تش ّكل الكثري من املدوّنات حتدّيا كبريا للمؤسسات اإلعالمية وجمموع املهنيني العاملني يف‬ ‫مكملة ملا‬ ‫قطاع اإلعالم‪ ،‬ويتجلى ذلك عرب منافسة هؤالء يف تقديم مضامني إخبارية مستقلة أو ّ‬ ‫يقومون به‪ .‬إذ يستغل املدوّنون بعض مكامن الضعف القانونية يف وسائل اإلعالم «لالستيالء»‬ ‫على بعض األصناف من املعلومات‪ ،‬كالتصرحيات احلزبية‪ ،‬و»األخبار القدمية»‪ ،‬واألخبار اليت‬ ‫ال تكون النخب السياسية أو غريها مصدرا هلا‪ ،‬واملضامني دقيقة التخصص‪ ،‬واليت غالبا ما متيل‬ ‫الوسائط اإلعالمية التقليدية اىل جتاهلها بسبب اإلكراهات التنظيمية أو أساليب العمل‬ ‫النمطية والعتيقة (‪ .)Lowrey, 2006‬وإذا كان هناك العديد من أصحاب املدوّنات الذين‬ ‫يعتربون مواقعهم فضاءات للنقد اآلني واجلاد للوسائط اإلعالمية الورقية واملرئية‪ ،‬فإن هناك‬ ‫صنفا ثان يتباهي بسرعة مدوّنته يف متابعة األحداث ونقلها‪ ،‬بينما حيتفي صنف ثالث بالعمق‬ ‫والشمولية اللذان يظهران عند متابعة بعض شبكات املدوّنني حلدث ما‪ .‬وهذه الرؤية‪ ،‬كما‬ ‫يشري بعض الباحثني‪ ،‬تثمن ال ّتدوين وترفع من شأنه‪ ،‬وذلك من خالل اجلمع بني فكرة اإلعالم‬ ‫النوعي املتج ّذرة يف خطابات اإلعالميني والقائمة أساسا على ال ّتحقق من دقة املعلومات وآنيتها‬ ‫وعمقها‪ ،‬والتوجه املضاد للثقافة السائدة (اإلعالمية وغريها) الذي يطبع املضامني االنرتنتية‬ ‫عموما (‪ .)Matheson, 2004a‬وهذا األمر يطرحا حتدّيا آخر على وسائط اإلعالم التقليدية‬ ‫خيتلف عن ذلك الذي عرفته واستوعبته خالل النصف الثاني من تسعينات القرن العشرين‪،‬‬ ‫حيث متثل يف «خوف هذه الوسائط من اجتذاب االنرتنت إلعداد كبرية من القراء»‪ ،‬وبالتالي‬ ‫خسارتها للكثري من عائداتها اإلعالنية‪ .‬واحلق أن هذا اخلوف مبالغ فيه؛ ذلك أن «املدونات متيل‬ ‫اىل تأكيد شيئ آخر‪ ،‬إنها ببساطة تربهن هلذه الوسائط على أنها مل تعد بعد اليوم الوحيدة‬ ‫اليت تقرر ماهية األخبار‪ ،‬وتصنع أجندات العامل» (‪ .)Regan, 2003, p. 69‬وبعبارة أخرى‪،‬‬ ‫فإن ميزة وضع األوليات اليت «حتتكرها» هذه الوسائط قد أصبحت تواجه الكثري من التحدّيات‪،‬‬ ‫خاصة بعد أن جنح الفضاء املدوناتي يف بناء أوليات بديلة (‪ )Delwiche, 2005‬قائمة على‬ ‫الفعل اجلماعي للمدوّنني واستثمار التطبيقات االجتماعية اإللكرتونية يف البحث عن املضامني‬ ‫اإلخبارية وغريها واليت يزخر بها الواب‪ ،‬وتصنيفها اعتمادا على آلية التصويت اجلماعي (مثل‬ ‫فليكر‪ ،‬يوتيوب‪ ،‬تكنوراتي‪ ،‬ديغ‪ ،‬وغريها)‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬لقد أدى ظهور املدوّنات اىل «الكشف عن إحدى نقاط الضعف احملورية يف العمل اإلعالمي‪،‬‬ ‫واملتم ّثل يف افتقاده اىل التفاعل مع مجهوره» (‪ .)Regan, 2003:69‬فعلى خالف املؤسسات‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬تقوم املدوّنات على العمل اجلماعي ال ّتشاركي‪ ،‬حيث أن األخبار اليت تنشرها‬ ‫غالبا ما يكون وراءها أصحابها أنفسهم الذين كانوا شهودا على األحداث؛ وهو ما يناقض الفهم‬ ‫السائد يف الفضاء اإلعالمي‪ ،‬والقائم على أن املضامني اإلخبارية جيب أن ينتجها «مالحظون‬ ‫خرباء» (‪ .)Singer, 2005‬كما يتجلى الطابع اجلماعي للمدوّنات يف دعوة مستخدميها اىل‬ ‫ال ّتحاور وتبادل األفكار حول املوضوعات (اإلخبارية وغريها) اليت تتناوهلا‪ .‬واحلق أن املدوّنات‪،‬‬ ‫‪551‬‬

‫بهذا املعنى‪ ،‬تستوحي ذاك البعد املثالي لالنرتنت باعتبارها فضا ًء دميقراطيا يتيح جلميع‬ ‫الفاعلني االجتماعيني التعبري عن أنفسهم وإمساع صوتهم‪ ،‬و»حي ّرر» اجلمهور من أبوية وسائل‬ ‫اإلعالم التقليدية‪ ،‬وجيعل منه فاعال يف صناعة األحداث (‪ .)Matheson, 2004a‬وعليه‪ ،‬إذا‬ ‫أرادت الوسائط التقليدية‪ ،‬وخاصة يف الدول النامية ومنها بلدان العامل العربي‪ ،‬جتاوز أزمتها‬ ‫والتأسيس لعالقة إجيابية مع مستخدميها‪ ،‬فإنه جيب عليها أن تستفيد من النموذج الذي‬ ‫تقدمه املدوّنات والقائم على ال ّتحاور والتفاعل (‪ ،)Gillmor, 2004‬والتخلي عن أسلوبها‬ ‫َ‬ ‫اخلطابي غري املنتج يف تعاملها مع مجهورها‪.‬‬ ‫تقودنا الطبيعة «الثورية» واملزايا اجلماعية ال ّتشاركية للمدوّنات اىل البعد الثالث‪ ،‬والذي يلتقي‬ ‫عنده اإلعالم واملدوّنات‪ ،‬ونعين به حدود الوصل بينهما‪ .‬فاملدوّنات تسائل‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬شرعية‬ ‫«تمَ ُّلك» الوسائط اإلعالم للعامل واالستئثار بتأويله‪ ،‬أي ما جيعلها تعترب نفسها الكوة الوحيدة‬ ‫لإلطاللة على العامل‪ .‬فهذه الوسائط قد ارتبطت‪ ،‬تارخييا‪ ،‬بشكل معني من أشكال التنظيم‪،‬‬ ‫حيث يقتصر اإلعالم أو اإلخبار على ما تنشره هي دون غريها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنها الوحيدة اليت‬ ‫متلك «اعتمادا» اجتماعيا غري مكتوب خي ّوهلا ال ّتوسط يف نقل ما جيري يف العامل‪ .‬ويتجّلى هذا‬ ‫ال ّتصور يف مفهوم «حارس البوابة» الذي يرجع إليه القول الفصل يف تقرير ما حيتاج اجلمهور‬ ‫اىل معرفته‪ ،‬ومتى‪ ،‬وكيف يكون ذلك (‪ .)Singer, 2005‬وقد عمل اإلعالم ال ّتقليدي على‬ ‫تثبيت هذا املبدأ كجزء من منظومته احلمائية‪ ،‬حبجة أنه يشكل آلية فاعلة يف مراقبة جودة‬ ‫أداء هذا اإلعالم‪ .‬لكن املالحظ أن هذا «احلق» احلصري‪ ،‬مقرونا حبق ممارسة ال ّتوسط‪ ،‬مل يعد‬ ‫حكرا على اإلعالم املهين‪ ،‬بعد أن تس ّرب املدوّنون‪ ،‬وباستحقاق‪ ،‬اىل فضاء النشر وال ّتوسط عموما‪.‬‬ ‫إنهم‪ ،‬كما كتب السيكا « يلعبون دورا فاعال يف عملية مجع‪ ،‬وحترير‪ ،‬وتنظيم‪ ،‬وحتليل‪ ،‬ونشر‬ ‫املعلومات واألخبار» (‪ .)Lasica, 2003:71‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن هؤالء الفاعلني اجلدد يقومون‬ ‫بنفس املهام اليت يقوم بها مهنيو اإلعالم‪ .‬وإذا ما استحضرنا طبيعة املهنة اإلعالمية القائمة‬ ‫حتديدا على املمارسة‪ ،‬فإن املدونات ال تشكل حتدّيا فقط للمؤسسات اإلعالمية‪ ،‬بل إن األمر‬ ‫يتعدّى ذلك اىل املهنيني أنفسهم‪ .‬وبينما يذهب أحد الباحثني اىل القول بأن اآلليات املؤسساتية‬ ‫اليت حتكم العمل اإلعالمي تضمن للوسائط اإلعالمية التقليدية نوعا من ال ّتحكم يف التهديد‬ ‫الذي ميثله املدوّنون (‪ ،)Lowrey, 2006‬فإن باحثا آخر يرى بأن تبين تعريفات معيارية‬ ‫جديدة ملهنة اإلعالم قائمة على مبادئ فلسفية وأخالقية خمتلفة‪ ،‬هي الوحيدة اليت ميكن أن‬ ‫تنتشل هذه الوسائط من أزمتها احلالية وتعطي لوجودها معنى يف العصر الرقمي‪Singer,( .‬‬ ‫‪.)2006‬‬ ‫ختاما‪ ،‬أشرنا يف الفقرات السابقة اىل أن املدوّنات أصبحت جز ًء من املمارسة اإلعالمية عند‬ ‫الكثري من الوسائط املهنية‪ .‬فقد أدجمت بعض هذه الوسائل فئات عديدة من املدوّنات يف فضائها‬ ‫‪552‬‬

‫اإللكرتوني‪ ،‬بل إن بعضها مل ير مانعا من منح صحفييها مساحة لل ّتدوين تأخذ شكل «عمود»‬ ‫يتم حتيينه باستمرار‪ ،‬ويتضمن أفكارا ذات منحى ذاتي‪ .‬ويف حاالت أخرى‪ ،‬يتم إنشاء مدوّنات‬ ‫إعالمية كمساحات تعبريية إلكرتونية مت ّكن اإلعالميني من ال ّتفاعل مع جمموع قرائهم‬ ‫حول الكثري من القضايا احلياتية‪ .‬وبهذا املعنى‪ ،‬فإن ال ّتدوين الذي تسرب اىل الداخل اإلعالمي‪،‬‬ ‫ميارس تأثريا كبريا يف إعادة تشكيل بنية اإلعالم اإللكرتوني‪ ،‬متيحا هلذا اإلعالم ال ّتعرف على‬ ‫أمناط جديدة من الكتابة اإلعالمية‪.‬‬ ‫من هذا املنظور‪ ،‬فإن ال ّتدوين واإلعالم اإللكرتوني قد أصبحا مرتابطني‪ ،‬لكنه ترابط ما زال‬ ‫حيتاج اىل بعض الوقت لكي تتجّلى مالحمه الكلية‪ .‬إن التصنيفات اليت عرضناها يف هذا‬ ‫الدراسة ميكن أن تكون مفيدة للباحثني املهتمني بال ّتعرف على مدى تأثري ال ّتحديات اليت‬ ‫تطرحها املدوّنات على الوسائط اإلعالمية التقليدية يف إعادة تعريف مهنة اإلعالم‪ ،‬ودور‬ ‫السياقات املؤسساتية هلذه الوسائط يف تبين ال ّتدوين كنوع صحفي‪ ،‬إضافة اىل العالقة‬ ‫اإلشكالية بني معايري الكتابة املهنية التقليدية من ناحية‪ ،‬وامليل اىل الذاتية الذي يطغى على‬ ‫املدوّنات اإلعالمية‪ ،‬من ناحية ثانية‪.‬‬ ‫ ‬

‫المراجع‬

‫• •الصادق‪ ،‬رابح‪( .‬نوفمرب ‪ .)2008‬الفضاء املدوّناتي‪ :‬انبعاث حامل اتصالي جديد أم ّ‬ ‫توهمات‬ ‫مجاعية جديدة؟ جملة دراسات‪/‬العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.579-600 ،)3(35 ،‬‬ ‫• •الصادق‪ ،‬رابح‪( .‬أكتوبر‪« .)2007‬إعالم املواطن»‪ :‬بني اخلطابات االحتفائية والرؤى‬ ‫املعارضة‪ .‬ورقة حبثية مقدمة اىل للمؤمتر الدولي الثاني عشر للجمعية العربية األمريكية‬ ‫ألساتذة االتصال‪ ،‬دبي‪ ،‬اإلمارات العربية‪.‬‬ ‫• •اجلزيرة توك‪ 28( .‬سبتمرب ‪ .)2006‬تدشني رابطة «مدوّنون بال حدود « لدعم ال ّتدوين‬ ‫العربي‪ُ .‬مسرتجع بتاري خ ‪ 27‬نوفمرب ‪ 2008‬من ‪ohttp://www.aljazeeratalk.net/f‬‬ ‫‪rum/showthread.php?t=5740‬‬ ‫قناة اجلزيرة‪ 1( .‬ابريل ‪ .)2008‬حتت اجملهر ‪ -‬املدوّنون‪ ..‬الصحفيون اجلدد‪ُ .‬مسرتجع بتاريخ‬ ‫‪ 25‬نوفمرب ‪ 2008‬من ‪http://www.youtube.com/watch?v=dfEgQyOGT7A‬‬ ‫‪&feature=PlayList&p=BCB83690E965C616&index=14‬‬ ‫• •لينش‪ ،‬مارك‪( .‬فرباير ‪ .)2007‬تدوين الشعب العربي اجلديد‪ .‬اإلعالم العربي‬ ‫واجملتمع‪ُ .‬مسرتجع بتاريخ ‪ 19‬سبتمرب ‪ 2008‬من ‪www.muslimbrotherhood.‬‬ ‫‪co.uk/images/Blogging%20the%20New%20Arab%20Public.doc‬‬ ‫(النسخة اإلجنليزية على الرابط‪www.arabmediasociety.com/articles/ :‬‬ ‫‪)downloads/20070312155027_AMS1_Marc_Lynch.pdf‬‬ ‫‪553‬‬

•• Blood, R. (2003, September 22). Weblogs and Journalism: do they Connect? Nieman Reports, 57(3), 61-63. Retrieved September 26, 2008, from http://www.nieman.harvard.edu/reports/03-3NRfall/ V57N3.pdf •• Bowman, S. & Willis, C. (2003, September 21). We Media. How audiences are shaping the future of news and information. Retrieved May 14, 2005, from http://www.hypergene.net/wemedia/weblog. php •• Bradshaw, P. (2008, December 17). Who trusts blogs?” It’s the wrong question. Retrieved December 18, 2008, from http://onlin journalismblog.com/2008/12/17/who-trusts-blogs-its-the-wrongquestion/ •• Castells, M. (1996). The Rise of the Network Society. Malden, Mass.: Blackwell Publishers. •• Delwiche, A. (2005, December 5). Agenda–setting, opinion lea ership, and the world of Web logs. First Monday, 10(12). Retrieved October 16, 2008, from http://firstmonday.org/issues/issue10_12/ delwiche/index.html •• Deuze, M. (2006). Participation, Remediation, Bricolage: Consi ering Principal Components of a Digital Culture. The Information Society, 22, 63-75. Retrieved September 19, 2008, from http://people. uncw.edu/reillyc/314/participationremediationbricolage.pdf •• Domingo, D. (2006, May). Inventing Online Journalism: Deve opment of the Internet as a News Medium in Four Catalan Online Newsrooms. Thesis. Retrieved November 6, 2008, from http://www. tesisenxarxa.net/TDX-1219106-153347/index.html •• Gillmor, D. (2004, July). We the Media. Grassroots Journalism by the People, for the People. Retrieved April 12, 2006, from http:// www.oreilly.com/catalog/wemedia/book/index.csp •• Glaser, M. (2004, February 11). Put the Political Press Under the Microscope. OJR (Online Journalism Review). Retrieved September 26, 2008, from http://ojr.org/ojr/glaser/1076465317.php 554

•• Heinonen, A. (1999). Journalism in the Age of the Net: Changing Society, Changing Profession. Retrieved September 20, 2008, from http://acta.uta.fi/pdf/951-44-5349-2.pdf •• Hermida, A. and Thurman, N. (2007, March). Comments Please: How the British News Media are Struggling with User-generated Content. Retrieved October 23, from 2008, http://journalism.utexas. edu/onlinejournalism/2007/papers/Hermida.pdf •• Heyboer, K. (2004, December/January). Bloggin’ in the New room. American Journalism Review. Retrieved October 28, from http://www.ajr.org/Article.asp?id=3473 •• Hyde, G. (2002, April 1). Independent Media Centers: CyberSubversion and the Alternative Press. First Monday, 7(4). Retrieved October 16, 2008, from http://firstmonday.org/htbin/cgiwrap/bin/ ojs/index.php/fm/article/view/944/866 •• Kiss, J. (2005, April 5). Election blog gives Guardian readers a voice. Retrieved September 24, 2008, from http://www.journalism. co.uk/2/articles/51330.php •• Kramer, S. D. (2004, October 4). CBS Scandal Highlights Te sion Between Bloggers and News Media. OJR (Online Journalism Review). Retrieved September 26, 2008, from http://ojr.org/ojr/ workplace/1096589178.php •• Lasica, J.D. (2002a, September 25). hen Bloggers Commit Journa ism. OJR (Online Journalism Review). Retrieved October 22, 2008, from http://www.ojr.org/ojr/lasica/1032910520.php •• Lasica, J.D. (2002b, April 18). Weblogs: A New Source of News. OJR (Online Journalism Review). Retrieved October 22, 2008, from http://www.ojr.org/ojr/workplace/1017958782.php •• Lasica, J.D. (2003, September 22). Blogs and Journalism Need Each Other. Nieman Reports, 57(3). 70-74. Retrieved September 26, 2008, from http://www.nieman.harvard.edu/reports/03-3NRfall/V57N3. pdf 555

•• Lenhart, A. and Fox, S. (2006, July 19). Bloggers: A Portrait of the Internet’s New Storytellers. Pew Research Center for the People & the Press. Retrieved September 22, 2008, from http://www.pewinte net.org/pdfs/PIP Bloggers Report July 19 2006.pdf •• López, G. (2004). The Madrid Bombing and the Process of Public Opinion Formation in Crisis Situations. Proceedings of the II Online Congress for the Observatory of the Cybersociety. Retrieved October 6, 2008, from http://www.cibersociedad.net/congres2004/grups/fi xacom_publica2.php?id=227 •• Lowrey, W. (2006, November). Mapping the Journalism– blogging Relationship. Journalism, 7(4), 477-500. Retrieved September 12, 2008, from http://web.ebscohost.com/ehost/ detail?vid=4&hid=15&sid=b30651b9-f1fc-4817-abab-d77ea6932c5c% 40SRCSM2&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2ZQ%3d%3d#db=ufh &AN=23341893 •• Malik, O. (2008, November 28). With Twitter, a Desperate Need for Context. Retrieved December 9, 2008, from http://gigaom. com/2008/11/28/with-twitter-a-desperate-need-for-context/ •• Matheson, D. (2004a, August). Weblogs and the Epistemology of the News: Some Trends in Online Journalism. New Media & Society, 6(4), 443-468. Retrieved October 19, 2008, from http://web.ebscohost. com/ehost/detail?vid=4&hid=13&sid=b30651b9-f1fc-4817-abab-d77 ea6932c5c%40SRCSM2&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2ZQ%3d %3d#db=ufh&AN=14238143 •• Matheson, D. (2004b, Winter). Negotiating Claims to Journalism: Webloggers’ Orientation to News Genres. Convergence 10(4), 33-54. Retrieved October 19, 2008, from http://web.ebscohost.com/ehost/ detail?vid=4&hid=7&sid=cea4e5a1-f4a7-4480-951e-668787db3c28%4 0sessionmgr8&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2ZQ%3d%3d#db=uf h&AN=16053313 •• Mooney, Ch. (2003, February 2). How Blogging Changed Journalism – Almost. Post-Gazette.com. Retrieved September 15, 2008, from http:// 556

www.post-gazette.com/forum/comm/20030202edmoon02p1.asp •• Novövision. (2008, December 17). Mort des médias et mutation de la démocratie. Retrieved December 23, 2008, from http://novov sion.fr/?Mort-des-medias-et-mutation-de-la •• Paul, N. (2005, March 24). New News’ Retrospective: Is Online News Reaching its Potential? OJR (Online Journalism Review). Retrieved October 8, 2008, from http://www.ojr.org/ojr/stories/050324paul •• Pew Research Center for the People & the Press. (2008, 23 D cember). Internet Overtakes Newspapers as News Source. Retrieved December 8, 2008, from http://pewresearch.org/pubs/1066/inte net-overtakes-newspapers-as-news-source •• Raphaël, B. (2008, November 29). Mumbai-Bombay, congrès du PS, Twitter...: le live, l>arme fatale du participatif. Demain tous journalistes? (blog). Retrieved December 3, 2008, from http://benoitraphael.blogspot.com/2008/11/mumbai-bombay-congrs-du-pstwitter-le.html •• Regan, T. (2003, September 22). Weblogs Threaten and Inform Traditional Journalism. Nieman Reports 57(3), 68-69. Retrieved Se tember 26, 2008, from http://www.nieman.harvard.edu/reports/033NRfall/V57N3.pdf •• Robinson, S. (2006, February). The Mission of the j-blog: Reca turing journalistic authority online. Journalism, 7(1), 65-83. R trieved November 26, 2008, from http://web.ebscohost.com/ehost/ detail?vid=6&hid=13&sid=f2d43e44-e84b-4ba7-8605-29986b9819a9 %40sessionmgr2&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2ZQ%3d%3d#d b=ufh&AN=20301375 •• Seelye, K.Q. (2005 March 7). White House Approves Pass for Blo ger. New York Times. Retrieved November 12, 2008, from http:// www.nytimes.com/2005/03/07/technology/07press.html?_r=1 •• Schaffer, J. (2007). Citizen Media: Fad or the Future of News? The rise and prospects of hyperlocal journalism. The Knight Cit 557

zen News Network. Retrieved September 18, 2008, from http://www. kcnn.org/research/citizen_media_report/ •• Shachtman, N. (2002, December 23). Blogs make the headlines. Wired. Retrieved October 19, 2008, from http://www.wired.com/ news/culture/0,1284,56978,00.html •• Singer, J.B. (2006). The Socially Responsible Existentialist: A No mative Emphasis for Journalists in a New Media Environment. Jou nalism Studies 7(1), 2-18. Retrieved September 24, 2008, http://web. ebscohost.com/ehost/results?vid=4&hid=109&sid=6fe90c99-73214123-8537-bf69df4bd134%40sessionmgr104&bquery=(The+Sociall y+Responsible+Existentialist)&bdata=JmRiPXVmaCZ0eXBlPTA c2l0ZT1laG9zdC1saXZl •• Singer, J.B. (2005, May). The Political j-blogger. Normalizing’ a New Media Form to Fit Old Norms and Practices. Journalism 6(2), 173-198. Retrieved September 24, 2008, from http://web.ebscohost. com/ehost/detail?vid=4&hid=117&sid=c9ea2b24-b373-463c-8074-3 6c6f60eadcd%40sessionmgr104&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2 ZQ%3d%3d#db=ufh&AN=17118073 •• Stepp, C. S. (1997, May). Mediamorphosis: Understanding New M dia. American Journalism Review. Retrieved October 28, 2008, from http://findarticles.com/p/articles/mi_hb3138/is_/ai_n28686114 •• Vara, V. (2005, July 7). Bloggers and Photogr phers Chronicle Chaos in London. The Wall Street Jou nal Online. Retrieved September 22, 2008, from http:// online.wsj.com/public/article/SB112074780386479568-Fnj6Lqv_ Hf1RxCwVSpb8eG0T4pg_20050806.html?mod=blogs •• Viers, A. (2008, December 12). Influence de la télé ou des blogs? le pouvoir correctif du web. Retrieved December 27, 2008, from http:// apreslatele.blogspot.com/2008/12/influence-des-mdias-ou-desblogs-le.html

558

‫التفاعلية فى الصحف العربية على اإلنترنت‬

-----------------------------------------

‫ سعيد حممد الغريب النجار‬.‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract The ritual model of communication provides a theoretical fram work for studing interactivity in online newspapers. Using content analysis, this paper analyzes 71 Arabic online newspapers, proposes an operational definition for interactivity and groups the different features of interactivity found in Arabic online newspapers into six different dimensions. In doing so, the paper developed 18 measures to analyze the interactivity in the newspapers subject to the study. The tested hypothesis revolved around the effect of the type of online newspaper on the level of interactivity. The paper addresses six major questions relating to the extent and the actual realization of the six identified interactivity dimensions proposed by the researcher.

Keywords Ritual model of communication – Internet - Interactivity – Online Journalism – Arabic Online Newspapers.

559

‫مقدمة‪:‬‬ ‫يشهد العامل اليوم ثورة فى جمال وسائل اإلتصال جعلت من العامل قرية كونية‪ ،‬فمع تطور‬ ‫احلاسبات وشبكات اهلاتف وشبكات املعلومات واستخدام تكنولوجيا البث الفضائي‪ ،‬ظهرت تقنية‬ ‫اإلتصال التفاعلي بتطبيقاتها املختلفة‪ ،‬ويف إطارها ظهرت وسائل إعالمية جديدة ومتميزة‬ ‫مبا متتلكه هذه الوسائل من تقنيات تفتقدها وسائل اإلعالم التقليدية‪ .‬ولعل أهم اخلصائص‬ ‫اليت متيز وسائل اإلعالم اجلديد هي امتالكها ألدوات التفاعل بني املرسل واملستقبل‪ ،‬وقدرتها‬ ‫علي النقل احلي السريع للمعلومات‪ ،‬واستخدامها للوسائط املتعددة كالصوت والصورة‬ ‫الثابتة واملتحركة‪ ،‬وتبادل الرسائل بني أطراف العملية اإلتصالية‪ ،‬واجلمع بني خصائص‬ ‫وسائل االتصال الشخصي ووسائل اإلتصال اجلماهريي والكونية والتزامنية فى آن واحد‪.‬‬ ‫(هاشم‪.)2007 ،‬‬ ‫وجاءت الصحافة على اإلنرتنت كنتاج لشبكة اإلنرتنت العاملية التى تقف رمزا واضحا لثورة‬ ‫املعلومات التى يشهدها العامل فى الوقت الراهن‪ ،‬وقد جاءت ثورة املعلومات هذه كثمرة للمزج‬ ‫بني ثورة تكنولوجيا اإلتصاالت من جهة‪ ،‬وثورة تكنولوجيا احلاسبات من جهة أخرى (الغريب‪،‬‬ ‫‪ .)2001:177‬ويمُ كن تعريف الصحف على اإلنرتنت “‪ ”Online Newspapers‬بأنها‬ ‫الصحف التى يتم إصدارها ونشرها على شبكة اإلنرتنت‪ ،‬سواء كانت هذه الصحف مبثابة‬ ‫نسخ أو إصدارات على اإلنرتنت لصحف ورقية مطبوعة “‪ ”Electronic Edtions‬أو مبثابة‬ ‫صحف خالصة على اإلنرتنت “‪ ”Purely Web-based newspapers‬ليست هلا نسخ‬ ‫ورقية مطبوعة‪.‬‬ ‫وقد ظهرت الصحف على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية مع ظهور أنظمة الفيديوتيكس‬ ‫األمريكية التى وعدت بأن األخبار واملعلومات ستكون أكثر حالية وأكثر مشوال وأكثر ذاتية‬ ‫من نظريتها فى الصحف املطبوعة‪ .) )Roger Fidler,1997: 151‬لكن تلك الوعود جاءت‬ ‫جوفاء‪ ،‬حيث عانت الغالبية العظمى من املشرتكني فى هذه األنظمة بطء وصعوبة احلصول‬ ‫على املعلومات بواسطة هذه األنظمة بشكل اليقل عن املصادر األخرى‪.‬‬ ‫إضافة إىل مشكلة أخرى متثلت فى سرعة نقل املعلومات‪ ،‬فعلى الرغم من اجلهود التى بذلت‬ ‫أجل التخلص من تلك املشكلة‪ ،‬إال أن احلصول على املعلومات كان بطيئا بشكل مؤمل يف‬ ‫من ِ‬ ‫أغلب األحيان وخباصة بالنسبة للعناصر املصورة‪ .‬حتى بات واضحا أن هذه النظم ال تستطيع‬ ‫أن تتنافس مع الصور املؤثرة واملتحركة للتلفزيون أو مع سهولة قراءة الصحف املطبوعة‪،‬‬ ‫فانصرف عنها معظم املشرتكني ‪)Ashe, 1991(.‬‬ ‫‪560‬‬

‫وسرعان ما انتشرت الصحف على اإلنرتنت ففى سبتمرب ‪ ,1998‬كان هناك ‪ 4,925‬صحيفة‬ ‫على اإلنرتنت حول العامل‪ ،‬كان من بينها ‪ 1,563‬صحيفة من خارج الواليات املتحدة‬ ‫(‪ .)Meyer,1999‬وبالرغم من أن السوق على اإلنرتنت كانت تبدو مزدهرة‪ ،‬إال أن األرباح‬ ‫والتفاعلية كانت منخفضة أَو غري موجودة على اإلطالق فى كثري من مواقع الصحف على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬إذ جند بعض الناشرين يضعون مقاالتهم وأخبارهم فى الصحف املطبوعة كما هى‬ ‫أفضل حاال‪ ،‬تقوم‬ ‫مواقع أخرى‬ ‫متاما على املواقع اإللكرتونية (‪ .)Johnson,1997‬يف حني جند‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بدمج القصص اإلخبارية بالوصالت الفائقة “‪ ،”Hyperlinks‬وحمركات البحث ومظاهر‬ ‫الوسائط املتعددة‪ ،‬لكن رغم ذلك تبقى حقيقة أن تدفق املعلومات فى تلك املواقع يسري فى إجتاه‬ ‫واحد من املرسل اىل املستقبل أى أحادي االجتاه‪ .‬إىل جانب ذلك ظهر عدد قليل جدا من املواقع‬ ‫يتضمن بعض األخبار مت إنتاجها خصيصا لإلنرتنت بإعتبارها إحدى وسائل اإلعالم اجلديد‬ ‫(‪.)Pavlik,1997‬‬ ‫ويرى بعض اخلرباء أن السبب فى ذلك يعود إىل أن الشركات الصحفية هى مبثابة مؤسسات‬ ‫جتارية أوال‪ ،‬وثقافية وذات طبيعة مؤسسية ثانيا‪ ،‬كما أنها غري قادرة على تفهم طبيعة‬ ‫اإلتصال عرب اإلنرتنت الذى يتسم بالالمركزية‪ ،‬واالستقاللية وأنه إتصال ثنائى االجتاه‬ ‫(‪ ،)Marten and Hansen, 1998: 46‬كما يُقاوم بعض املراسلني فكرة الرد على رسائل‬ ‫الربيد اإللكرتوني من القرا ِء‪ ،‬حبجة أنهم مشغولون فى أعماهلم األساسية فضال عن صعوبة‬ ‫القصص اإلخبارية القدمية (‪،)Riley ، Wolff 1994 1997‬‬ ‫وجود إجابات على األسئلة حول‬ ‫ِ‬ ‫مثل هؤالء املراسلني فقط ال يفهمون طبيعة اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫إذ تتيح وسائل اإلعالم اجلديد أشكاال عديدة للتفاعلية “‪ ”Interactivity‬ميكن حتقيقها فى‬ ‫مواقع الصحف على اإلنرتنت‪ ،‬وقد حدد “‪ ”Outing‬عدة إمكانات ميكن للصحف على اإلنرتنت‬ ‫إستغالهلا لتحقيق التفاعلية على مواقعها اإللكرتونية‪ ،‬أهمها‪ :‬قياس رأى املستخدمني إزاء‬ ‫بعض القضايا املهمة من خالل استطالعات الرأى وتوفري ساحات للمناقشة “‪Discussions‬‬ ‫‪ ”forums‬مبا يسمح للمستخدمني ‪ -‬ليس فقط بالتعرف على األخبار‪ -‬بل بإبداء آرائهم‬ ‫وإقرتاحاتهم إزاء األحداث اجلارية‪ ،‬وإستخدام ما يعرف بغرف الدردشة “‪”Chat rooms‬‬ ‫وهى إحدى الوسائل املهمة التى تساعد الصحف على اإلنرتنت على تكوين جمتمعات منسجمة‬ ‫ومشرتكة فى االهتمامات حول بعض القضايا‪ ،‬إضافة إىل توفري عنوان بريد إلكرتونى أو‬ ‫أكثر على الصفحة الرئيسية للموقع مبا يسمح للمستخدمني مبراسلة الصحيفة ومسئوليها‬ ‫إلبداء أرائهم فى الصحيفة وما يٌنشر بها‪ ،‬وهو أحد األساليب للتعرف على رجع الصدى‪ ،‬يضاف‬ ‫إىل ذلك إمكانية إضافة رأى املستخدمني إىل صفحات النقد الفنى واألدبى‪ ،‬مع استخدام أراء‬ ‫املستخدمني وتعليقاتهم مبثابة جزء اليتجزأ من مادة التحقيقات الصحفية التى تنشرها‬ ‫‪561‬‬

‫الصحيفة عرب موقعها اإللكرتونى (‪.)Outing, 1998‬‬ ‫ويحُ دد“ “‪ ”Harper‬ثالث خصائص أساسية متيز الصحف على اإلنرتنت وهى احلالية “ ‪mI‬‬ ‫‪ ”mediacy‬واحلميمية “‪ ”Intimacy‬إىل جانب التفاعلية‪ ،‬فالصحيفة على اإلنرتنت جيب‬ ‫أن تتيح للمستخدم املعلومات اآلنية وتتيح للمستخدم أن يتفاعل مع املرسل‪ ،‬وأن يتفاعل أيضا‬ ‫مع غريه من املستخدمني للصحيفة ذاتها على اإلنرتنت (‪.)Harper, 1998‬‬ ‫ويقول “‪ - ”McAdams‬الذي ساعد على إنشاء خدمة الواشنطن بوست على اإلنرتنت ‪ -‬أن أي‬ ‫القصص اإلخبارية‬ ‫صحفي ذو جتربة قليلة باإلنرتنت مييل إىل الثقة مبفاهيم مثل تقديم‬ ‫ِ‬ ‫واخلدمة املعلوماتية للقراء‪ ،‬لكن الصحفى ذو التجربة الكبرية باإلنرتنت مييل إىل الثقة‬ ‫مبفاهيم مثل اإلتصال واملنظمة واحلركة ضمن وبني جمموعات املعلومات واالتصال بني‬ ‫الناس املختلفني (‪ .),841995McAdams :‬واليوم على الصحفيني أَن خيتاروا إما أن يكونوا‬ ‫مبثابة حارس بوابة ميكنهم حتويل الكثري من املعلومات اىل املستقبل‪ ،‬أَو أن يتيحوا الفرصة‬ ‫للمستخدمني كى يعربوا عن أرائهم إزاء األحداث والقضايا اإلخبارية املثارة‪ ،‬ومبعنى آخر‬ ‫التفاعل بني كل من املرسل واملستقبل (‪.) ,1994Singer‬‬

‫اإلطار النظرى للدراسة‪:‬‬ ‫تعتمد هذه الدراسة على مناذج اإلتصال لتوضيح ملاذا جيب أن تكون الصحف على اإلنرتنت‬ ‫خمتلفة عن النسخ املطبوعة اخلاصة بها كى تضمن البقاء واالزدهار‪ .‬إذ تسعى الدراسة ملعرفة‬ ‫ما إذا كان هناك تأثري ملتغري نوع الصحيفة على اإلنرتنت كمتغري مستقل فى مستويات‬ ‫التفاعلية يف الصحف العربية على اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ويُقدم منوذج الطقوسى لإلتصال (‪ )Ritual model of communication‬اإلطار‬ ‫النظرى لدراسة التفاعلية فى الصحف على اإلنرتنت‪ ،‬فلكى تصنع اإلنرتنت األخبار‪ ،‬جيب‬ ‫أن يستغل الصحفيون اإلمكانيات وامليزات األساسية هلذا الوسيط “اإلنرتنت” بالكامل‬ ‫(‪ .)Fredin,1997‬ولعل أهم امليزت اليت متيز مواقع اإلنرتنت بصفة عامة عن وسائل اإلعالم‬ ‫التقليدية األخرى هى‪ :‬الصوت والصورة املتحركة “املالتيميديا”‪ ،‬وسرعة حتديث املعلومات‪،‬‬ ‫والتوزيع األفقي للمعلومات‪ ،‬والالمركزية‪ ،‬والقدرة على الوصول للمعلومات‪ ،‬والالرقابة‬ ‫والتفاعلية (‪ .)Lasica,1996‬وتعد التفاعلية هى اخلاصية األساسية للتقنيات اجلديدة وهي‬ ‫التى فرضت إعادة تقييم كبرية من قبل حبوث اإلتصال (‪Heeter,1989 1997, Rafaeli‬‬ ‫‪.),& Sudweeks‬‬ ‫‪562‬‬

‫إذ تعد عملية اإلتصال فى إطار منوذج اإلتصال اجلماهريي مبثابة عملية إرسال أو نقل أحادي‬ ‫اإلجتاه للرسالة من املصدر إىل املستقبل‪ .‬ويعرض “‪ ”Heeter‬مراجعة خمتصرة للمفهوم‬ ‫التقليدي لإلتصال اجلماهريي‪ ،‬بدءا من منوذج “‪ ”Shannon‬ومنوذج “‪ ”Weaver‬لإلتصال‪،‬‬ ‫إىل نظرية “الرصاصة السحرية” “‪ ،Magic Bullet‬إىل منوذج التأثريات اإلعالمية “التدفق‬ ‫على خطوتني” “‪ ،”Two-step-flow‬إىل نظرية اإلنتباه والفهم اإلنتقائي “‪Selective‬‬ ‫‪ ،”attention and perception‬وأخرياً منوذج “‪ ”Westley‬ومنوذج “‪،”MacLean‬‬ ‫مبفاهيم كل منهما عن حارس البواية ورجع الصدى‪ .‬كل هذه املداخل والنظريات تنظر اىل‬ ‫وسائل اإلعالم اجلماهريي من زاوية التدفق أحادي اإلجتاه للمعلومات (‪.)Heeter, 1989‬‬ ‫وقد بدأ االهتمام بدراسة العملية اإلتصالية مبثابة عملية ديناميكية بني املرسل واملستقبل‪،‬‬ ‫عندما أضاف“ “‪ ”Wiener‬عام ‪ 1948‬رجع الصدى إىل منوذج “ ‪vShannon and Wea‬‬ ‫‪ ”er‬لإلتصال أحادى االجتاه‪ ،‬وإمكانية قياس رجع الصدى بواسطة بريد القراء أو اإلتصال‬ ‫التليفونى‪ .‬وكانت أول دراسة تهتم بهذا املوضوع تلك التى قدمها “‪ ”Durlak‬عام ‪( 1987‬عبد‬ ‫لإلتصال ثنائى‬ ‫السالم‪ .)2001 ،‬فى حني جند على اجلانب اآلخر‪ ،‬أن التفاعلية تتطلب منوذجا‬ ‫ِ‬ ‫اإلجتاه (أَو متعدّد اإلجتاهات)‪ .‬فمع امليزات التفاعلية لوسائل اإلعالم اجلديد‪ ،‬يكون املستقبل‬ ‫مشاركا نشطا فى العملية اإلتصالية‪ ،‬فاملستقبل يبحث وخيتار املعلومات أكثر مما يستقبل‬ ‫املعلومات التى أرسلت من قبل الصحفيني (‪.)Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬‬ ‫اإلتصال أن يبحثوا فى‬ ‫ولفهم كيف وملاذا يتعرض املستقبل إىل املعلومات؟ جيب على علماء‬ ‫ِ‬ ‫مواقع‬ ‫التعرض اإلنتقائي بدال من البحث فى تأثريات وسائل اإلعالم‪ .‬فقراء اإلنرتنت ‪ -‬يف بعض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الويب‪ -‬ميكنهم أن ميارسوا عملية االنتقاء املعلوماتى كما ميكنهم أن يضيفوا معلومات بدرجة‬ ‫كبرية إىل املوقع‪ .‬وبالتاىل فإن التمييز بني املرسل واملستقبل يتالشى إىل حد كبري مع اإلعالم‬ ‫اجلديد ( ‪.)Steuer, 1992: 77‬‬ ‫ومع وجود رجع الصدى السريع بني الشركاء املتكافئني للعملية االتصالية‪ ،‬يُصبح مفهوم‬ ‫اجلمهور اجلماعى مفهوما قدميا‪ ،‬فالصحفيون فى اإلعالم اجلديد ال يستطيعون إستهداف‬ ‫واجملهولني واملوزعني على‬ ‫املتباينني‬ ‫الناس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫“مجهور مجاعي‪ ،‬والذى يٌعرف مبجموع كبري من ِ‬ ‫نطاق واسع وليس تفاعلي (‪ .)McQuail, 1994: 35‬فمع اإلعالم اجلديد يرتبط القراء‬ ‫بعضهم ببعض مباشرة‪ ،‬كما أن اإلعالم اجلديد خيلق جمموعات مجاهريية أصغر كما‬ ‫وأكثر إنسجاما وتوافقا يف كثري من األشياء‪ .‬وبعبارة أخرى ميكن وصف مجهور اإلعالم‬ ‫اجلديد باجلاليات “‪ ”Communities‬بدال من مجهور مجاعي “‪ ،”Mass audience‬ومن‬ ‫الشخصي أَو فى اإلطار الداخلى لتلك اجملموعات الصغرية واملنسجمة‬ ‫ثم فإن البحث يف املستوى‬ ‫ِ‬ ‫قد يكون أكثر مالئمة (‪.)Newhagen, 1997‬‬ ‫‪563‬‬

‫النموذج الطقوسي لإلتصال “‪:”Ritual model of communication‬‬ ‫يركز النموذج الطقوسي لإلتصال – الذى وضعه “‪ ”James Carey‬عام ‪ 1989-‬على‬ ‫مفاهيم مثل اإلشرتاك واملشاركة واإلميان واالعتقادات املشرتكة بني جمتمع من املستخدمني‬ ‫(‪ .)Carey,1989‬وملا كانت الصحف على اإلنرتنت متتاز عن الصحف املطبوعة بالتفاعلية‬ ‫مبا يساعد على التدفق املزدوج للمعلومات (أَو متعدد االجتاه) بني جمتمعات صغرية متجانسة‬ ‫بدرجة ما‪ ،‬فإن النموذج الطقوسي لإلتصال يبدو أكثر مالئمة من منوذج اإلتصال التقليدي‪.‬‬ ‫والنموذج الطقوسي لإلتصال مل يركز على نشر الرسائل اإلعالمية يف الفضاء‪ ،‬لكنه يركز‬ ‫على احملافظة واالبقاء على هذا اجملتمع مبرور الوقت‪ ،‬فهو اليركز على منح املعلومات بقدر‬ ‫ما يركز على عرض اإلعتقادات املشرتكة بني أفراد ذلك اجملتمع‪ .‬ويؤكد على الرضاء الكامل‬ ‫للمرسل واملستقبل أكثر من حتقيق بعض األهداف املؤسسية‪ ،‬كما هو احلال مع شركات‬ ‫الفيديوتيكس التى بدأت معها الصحف املطبوعة وضع طبعات هلا على اإلنرتنت كإسرتاتيجية‬ ‫دفاعية للتسويق فى األساس ‪.))Carey,1989‬‬ ‫أما وسائل اإلعالم التفاعلية احلقيقية فهى التسعى فقط إىل جذب إنتباه اجلمهور واحملافظة‬ ‫عليه (‪ .)McAdams,1995 Paterno,1998‬بل تسعى الوسائل التفاعلية أيضا اىل العمل‬ ‫َ‬ ‫الناس سويا يف‬ ‫على إستثارة والتحفيز على املناقشات العامة واجتذاب اآلالف أو املاليني من ِ‬ ‫جمتمع إفرتاضى على اإلنرتنت (‪ .)Tucher,1997‬وحياول الصحفيون على اإلنرتنت زيادة‬ ‫رضا ِء القراء‪ ،‬مبا يرتتب عليه مزيدا من التعرض ملواقعهم على اإلنرتنت‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫اإلستماع إىل القراء وإشراكهم يف عملية مجع األخبار‪.‬‬ ‫كما أن منوذج الدعاية واإلعالن“ “‪ ”Publicity model of communication‬لـ “ ‪cM‬‬ ‫‪ ”Quail‬يفيد أيضا فى دراسة الصحف على اإلنرتنت‪ ،‬فبقدر جناح الصحف على اإلنرتنت فى‬ ‫جذب انتباه عدد أكرب من اجلمهور بقدر حتصيلها على أجور إشرتاك أكثر‪ ،‬مبا حيقق مزيدا‬ ‫من الربح لتلك الصحف بشكل مباشر‪ ،‬وفى نفس الوقت وبشكل غري مباشر فإن هذه الصحف‬ ‫تبيع أيضا اإلقبال اجلماهريى الكبري إىل املعلنني‪ ،‬مبا يسهم فى زيادة سعر اإلعالن على املوقع‬ ‫(‪.)McQuail,1994:50‬‬

‫‪564‬‬

‫تعريف التفاعلية فى الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫قدمت الدراسات السابقة تعريفات عديدة للتفاعلية‪ ،‬ومقاييس مماثلة لقياس مستويات‬ ‫التفاعلية فى املواقع اإللكرتونية سواء املواقع الصحفية أو التجارية أو غريها من املواقع على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬ويرى كل من ‪ & McMillan” “Downes‬أن التفاعلية فى املواقع اإللكرتونية‬ ‫تتعاظم إذا ما كانت العملية اإلتصالية تهدف إىل تبادل املعلومات أكثر مما تهدف إىل إقناع‬ ‫املشاركني فيها كى يكونوا أكثر سيطرة على البيئة اإلتصالية‪ ،‬وإذا ما كان كل املشاركني‬ ‫فى العملية اإلتصالية يؤدون دورا نشطا‪ ،‬ويؤدون دور الفعل ورد الفعل للرسالة اإلتصالية عن‬ ‫طريق اإلتصال ثنائى اإلجتاه ‪ .)& McMillan,1998) Downes‬أيضا تتعاظم التفاعلية‬ ‫كلما كان توقيت العملية اإلتصالية يتسم باملرونة والتجاوب مع طلبات املشاركني‪ ،‬وكانت‬ ‫بيئة العملية اإلتصالية ختلق إحساسا لدى املشاركني باملكا ن ‪rFredin,1997) .(Hende‬‬ ‫‪son & Femback, 1998‬‬ ‫ولكى تتعاظم التفاعلية أيضا جيب أن يقدم ُمصممو وسائل اإلعالم التفاعلية إختيارات‬ ‫عديدة للمستخدمني (‪ .)Pearce, 1997, Meadow,1998:200‬ويف نفس الوقت جيب‬ ‫على املستخدمني أن يكونوا مؤثرين فى التجربة بطريقة ما (‪ ،)Steuer,1992:84‬فكلما‬ ‫زاد تأثري املستخدمني فى التجربة كلما أصبحوا أكثر إنغماسا فيها ‪.))Pavlik, 1997‬‬ ‫فما يفعله املستخدمون باملضمون يُعد أكثر أهمية من مدى تأثري املضمون فى املستخدمني‬ ‫(‪.)Pearce,1997:486‬‬ ‫وفى دراسة (‪ )Rafaeli, 1988‬حول التفاعلية فى وسائل اإلعالم اجلديد‪ ،‬عرف التفاعلية‬ ‫بأنها التعبري الذى يظهره املستخدم عقب إستقباله للرسالة اإلتصالية‪ ،‬على أن يكون هذا‬ ‫التعبري مرتبط بالرسالة ويصل اىل املرسل عرب وسيلة اإلتصال ذاتها‪ .‬بينما ع ًرف “‪”Jensen‬‬ ‫التفاعلية بأنها مبثابة املقياس ملدى ما تتيحه الوسيلة اإلتصالية للمستخدم من إمكانات‬ ‫ممارسة التأثري فى الرسالة اإلعالمية سواء من حيث الشكل أو املضمون (‪.)Lee, 2000‬‬ ‫أما دراسة (‪ )Ha and James, 1998‬التى ركزت على مظاهر التفاعلية فى املواقع اإللكرتونية‬ ‫لألعمال التجارية‪ ،‬فقد اقرتحت مخسة أبعاد ملفهوم التفاعلية الكاملة هى‪ :‬الرتويح والتسلية‪،‬‬ ‫واإلتصال‬ ‫واإلختيارات املتعددة‪ ,‬والرتابط عن طريق وصالت النص الفائق‪ ،‬ومجع املعلومات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املتبادل بني املرسل واملستقبل‪ .‬بينما أوضحت دراسة (‪ )Steuer, 1992‬أن التفاعلية ُتعد مبثابة‬ ‫ِ‬ ‫مؤشر ملدى قدرة املستخدم على التدخل بالتعديل فى مضمون الرسالة اإلتصالية وطريقة‬ ‫عرضها‪ ،‬وحددت الدراسة أربعة أبعاد للتفاعلية هى‪ :‬السرعة فى نقل إستجابة املستخدم إىل‬ ‫‪565‬‬

‫املرسل‪ ،‬وتعدد اإلختيارات املتاحة أمام املستخدم‪ ،‬وقدرة الوسيلة التنظيمية‪ ،‬وقدرة املستخدم‬ ‫على السيطرة على عملية اإلتصال‪.‬‬ ‫أما “‪ ”Heeter‬فقد حدد للتفاعلية ستة أبعاد هى‪ :‬إتاحة اإلختيارات املتعددة‪ ،‬واجلهد‬ ‫املبذول من قبل املستخدم باعتباره مستقبل إجيابى ونشط‪ ,‬واإلستجابة لرغبات املستخدمني‪،‬‬ ‫ومراقبة موقع الصحيفة على اإلنرتنت‪ ،‬وإمكانية إضافة املعلومات إىل موقع الصحيفة من‬ ‫قبل املستخدمني‪ ،‬وأخريا إمكانية اإلتصال الشخصي بني مجهور الوسيلة اإلتصالية الواحدة‬ ‫(‪.)Carrie Heeter, 1989‬‬

‫التعريف اإلجرائى للتفاعلية‪:‬‬ ‫وهو التعريف الذى وضعته دراستنا للتفاعلية وتعتمده فى حتليل الصحف العربية على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬فكما إتضح من الدراسات السابقة‪ ،‬تتعدد تعريفات التفاعلية وأبعادها لدى الباحثني‪،‬‬ ‫فقد حاول العديد من العلماء تعريف “التفاعلية”‪ ،‬كما أن مراجعة الرتاث العلمى تكشف‬ ‫أبعادا متعددة هلذا املفهوم املعقد‪ ،‬فقد ظلت التفاعلية لفرتات طويلة مبثابة مفهوم أساسى‬ ‫حاولت مناذج اإلتصال املختلفة إضافته إىل عناصر العملية اإلتصالية وتوضيح أبعاده‪ ،‬غري أنه‬ ‫وحتى اآلن مل يتم اإلتفاق بني الباحثني على تعريف حمدد وواضح للتفاعلية ميكن تطبيقه‬ ‫فى اجملاالت والتخصصات املختلفة التى يتوافر فيها نوع ما من التفاعلية‪ ،‬ولذلك يظل مفهوم‬ ‫التفاعلية مفهوما متعدد االستخدامات واألبعاد‪ ،‬وخيتلف فى معناه وأبعاده حسب التخصص‬ ‫(‪.)Lee, 2000‬‬ ‫ولذا وضعت هذه الدراسة تعريفا للتفاعلية يقرتب بدرجة كبرية من تعريف “‪،”Heeter‬‬ ‫ويشتمل تعريفنا للتفاعلية على ستة أبعاد تتناسب والوضع فى الصحف العربية على اإلنرتنت‬ ‫وإمكاناتها التفاعلية‪ ،‬وقد مت حتديد األبعاد الستة هلذا التعريف بناء على دراسة إستطالعية‬ ‫قمنا بها على عينة مصغرة من الصحف العربية على اإلنرتنت قبل البدء فى عملية التحليل‪،‬‬ ‫ونعرض لتلك األبعاد بشىء من التفصيل فى السطور التالية‪:‬‬

‫‪1 .1‬تعدد اإلختيارات املتاحة أمام املستخدمني‪:‬‬

‫يدرك ُمصممو الصحف على اإلنرتنت بأن كلما زادت الوصالت الفائقة على املوقع‪ ،‬كلما‬ ‫زادت إختيارات املستخدمني لإلحبار خالل موقع الصحيفة‪ ،‬ولذا فإن هذه اإلختيارات املتعددة‬ ‫مهمة إلحداث التفاعلية‪ ،‬كما أن ُمصممو املواقع اإللكرتونية يدركون جيدا بأن املستخدمني‬ ‫‪566‬‬

‫يفضلون اإلختيار ما بني تصفح النصوص والصور الثابتة واملتحركة‪ ،‬أَو إستقبال املعلومات‬ ‫باللغة التى يريدونها‪ .‬هذا باإلضافة إىل اخليارات اليت تتعلق بقنوات اإلتصال مثل النص الفائق‬ ‫والفيديو واحلركة وغريها‪.‬‬

‫‪2 .2‬إمكانية اإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪:‬‬

‫ويساعد على ذلك توافر عناوين الربيد اإللكرتوني التى ميكن أن ُتسهل عملية اإلتصال بني‬ ‫املستخدمني من جهة‪ ،‬واملسئولني يف الصحف على اإلنرتنت من جهة أخرى‪ ،‬وكذلك إمكانية‬ ‫إتصال املستخدمني مبحررى القصص اإلخبارية على موقع الصحيفة على اإلنرتنت‪.‬‬

‫‪3 .3‬إمكانية اإلتصال الشخصى‪:‬‬

‫ويقصد به على وجه اخلصوص إمكانية اإلتصال بني املستخدمني للوسيلة اإلتصالية الواحدة‬ ‫بعضهم البعض‪ ،‬ويساعد على ذلك توافر منتديات أو غرف الدردشة وجمموعات النقاش التى‬ ‫تساعد على جذب القراء إىل موقع الصحيفة لفرتة أطول‪ ،‬إضافة إىل وجود استطالعات رأى‬ ‫القراء جتاه أهم القضايا واألحداث اجلارية‪.‬‬

‫‪4 .4‬املراقبة املستمرة للموقع‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ويعنى توافر أداة أو أكثر ملراقبة موقع الصحيفة حبيث يمُ كن للموقع أن يسجل كل من‬ ‫زار املوقع وأَي جزء من املوقع قام بزيارته‪ ،‬وأكثر املوضوعات قراءة وحتميال وتعليقا من قبل‬ ‫املستخدمني‪ ،‬و ُتعد إتاحة املراقبة املستمرة للموقع من الوسائل التى جتعل املوقع أكثر قدرة‬ ‫على تلبية إحتياجات املستخدمني‪ ،‬كما أنها ُتعد وسيلة فعالة لتقييم املوقع (‪Kenney,‬‬ ‫‪.)Gorelik and Mwangi, 2000‬‬ ‫‪5 .5‬إمكانية البحث عن املعلومات‪:‬‬

‫ويساعد على ذلك توافر وسائل أو حمركات البحث أمام املستخدمني‪ ،‬سواء البحث عرب موقع‬ ‫الصحيفة أو البحث عرب اإلنرتنت‪ ،‬إضافة إىل وجود أرشيف للصحيفة‪ ،‬مبا يسمح باالطالع‬ ‫والبحث فى األعداد السابقة من الصحيفة على اإلنرتنت‪.‬‬

‫‪6 .6‬إمكانية إضافة املعلومات‪:‬‬

‫حبيث يصبح املستخدم مبثابة مراسال حملرر املوقع‪ ،‬إذ جيب على مواقع الصحف على اإلنرتنت‬ ‫تسهيل عملية إضافة املعلومات على املوقع من قبل املستخدمني‪ .‬وبعض الصحف على اإلنرتنت‬ ‫تسمح للمستخدمني بإضافة األنواع التالية للمعلومات‪ :‬صفحات الويب وصفحات اهلوايات‬ ‫واإلهتمامات اخلاصة‪ ،‬واإلعالنات عن املواليد والزجيات والوفيات وعرض األفالم واملسرحيات‬ ‫‪567‬‬

‫واألحداث الثقافية والرتفيهية األخرى (‪.)Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬‬ ‫إضافة إىل إمكانية إضافة التعليقات على املوضوعات املنشورة على املوقع‪ ،‬األمرالذى يساعد‬ ‫الصحيفة أيضا على قياس رجع الصدى لدى املستخدمني‪.‬‬ ‫ويتضح من األبعاد الستة السابقة أن هذا التعريف للتفاعلية ينظر اىل التفاعلية من خالل‬ ‫اجلانبني أَو اكثر من اجتاه‪ .‬إذ جند أن أربعة من األبعاد الستة‬ ‫تدفق املعلومات من كال‬ ‫ِ‬ ‫تؤكد على دور املستخدم بشكل واضح و ُتعظم من دوره فى العملية اإلتصالية‪ ،‬وال ُبعد اخلاص‬ ‫باإلتصال الشخصي يعاجل كل أطراف العملية اإلتصالية على حد سواء‪ .‬فى حني يعظم ال ُبعد‬ ‫اخلاص بإستعمال نظام مراقبة املوقع من دور مرسل الرسائل فى الصحف على اإلنرتنت‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬ ‫وتتلخص فى تساؤل جوهرى مفاده مامدى حت ٌقق التفاعلية بأبعادها الستة فى الصحف‬ ‫لإلتصال متعدد اإلجتاه‪،‬‬ ‫العربية على اإلنرتنت؟ وهل تعمل هذه الصحف بالنموذج الطقوسي‬ ‫ِ‬ ‫أم التزال تعمل بدرجة ما فى ظل النموذج التقليدى لإلتصال أحادى اإلجتاه‪ ،‬وهل مثة فروق‬ ‫جوهرية بني الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة من جهة‪ ،‬والصحف‬ ‫العربية اخلالصة على اإلنرتنت من جهة أخرى أى التى ليس هلا نسخ ورقية‪ ،‬من حيث مستوى‬ ‫التفاعلية يف كل من النوعني من الصحف العربية على اإلنرتنت؟‪.‬‬

‫نوع الدراسة ومنهجيتها‪:‬‬ ‫تقع هذه الدراسة فى إطار الدراسات الوصفية الكمية التى تهدف إىل الكشف عن املعلومات‬ ‫والبيانات التى تعتمد على األساليب الرياضية واإلحصائية (‪ ،)Arthur, 1994: 85‬إذ تسعى‬ ‫هذه الدراسة إىل الكشف عن مستويات التفاعلية بأبعادها فى الصجف العربية على اإلنرتنت‪،‬‬ ‫ولذا تعتمد الدراسة منهج املسح مبستوييه الوصفى والتحليلى من أجل اإلجابة على تساؤالت‬ ‫الدراسة وإختبار فرضيتها األساسية‪.‬‬

‫أدوات جمع البيانات‪:‬‬ ‫فى إطار منهج املسح مت إستخدام أداة حتليل املضمون “‪ ”Content analysis‬التى تعترب‬ ‫من األدوات البحثية التى أثبتت كفاءة عالية فى حتليل مضمون مواقع الويب على اإلنرتنت‪،‬‬ ‫كما تساعد فى احلصول على نتائج كمية وكيفية تفيد فى املقارنة بني املواقع املتعددة على‬ ‫‪568‬‬

‫اإلنرتنت(‪ . )Sally McMillan, 1998‬وفى هذا اإلطار مت تصميم إستمارة لتحليل مواقع‬ ‫الصحف العربية على اإلنرتنت‪ ،‬تتضمن األبعاد الستة للتفاعلية ووسائل حتقيق كل بُعد‬ ‫منها‪ ،‬األمر الذى سنوضحه فيما بعد عند احلديث عن أساليب قياس التفاعلية‪.‬‬

‫فرضية الدراسة وتساؤالتها‪:‬‬ ‫ختترب الدراسة فرضية أساسية تقول‪ :‬أن الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت حتقق‬ ‫مستويات من التفاعلية أكثر من الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة‪.‬‬ ‫واملتغري املستقل هو “نوع الصحيفة على اإلنرتنت” فالصحف على اإلنرتنت“ “ ‪sOnline new‬‬ ‫‪ ”papers‬بدأت بقيام الصحف الورقية املطبوعة بنشر نسخ هلا على اإلنرتنت “‪Electronic‬‬ ‫‪ ،”edtions‬أما الصحف اخلالصة على اإلنرتنت “‪”Purely Web-based newspapers‬‬ ‫فهى الصحف على اإلنرتنت التى ليست هلا نسخ ورقية مطبوعة‪ ،‬وقد نشأت هذه النوعية من‬ ‫الصحف على اإلنرتنت من أجل جذب إنتباه اجلمهور وبناء جمتمعات إفرتاضية‪ ،‬لذا فإن‬ ‫النموذج الطقوسي لإلتصال ينطبق عليها بدرجة كبرية‪.‬‬ ‫كما أن مجهور هذه النوعية من الصحف اخلالصة على اإلنرتنت هو فى األساس من‬ ‫املستخدمني الدائمني لإلنرتنت‪ ،‬ولذا فمن املفرتض أن هذه الصحف سيكون عندها وعيا‬ ‫أعظم بطبيعة اإلنرتنت ومن ثم بالتفاعلية وأساليب حتقيقها‪ ،‬كما أن حمرري هذه الصحف‬ ‫سيكون لديهم تدريبا أفضل على تطوير ميزات تفاعلية أكثر على املوقع (‪Carrie Heeter,‬‬ ‫‪.)1989‬‬ ‫كما تسعى الدراسة لإلجابة على ستة تساؤالت‪ ،‬يتعلق كل تساؤل منها ب ُبعد واحد من‬ ‫األبعاد الستة للتفاعلية‪ ،‬تسأل عن مدى حتقيق الصحف العربية على اإلنرتنت بنوعيها ألبعاد‬ ‫التفاعلية الستة والوسائل التى أتاحتها لتحقيق تلك األبعاد‪.‬‬

‫التحليل‪ :‬‬ ‫وحدة‬ ‫ِ‬ ‫تتفاوت مواقع الويب جوهريا يف احلجم من صفحة واحدة إىل ‪ 50,000‬صفحة (‪Kenney,‬‬ ‫‪ ،)Gorelik and Mwangi, 2000‬ولذا فإن حتليل صفحات املوقع بأكملها يستهلك وقتا‬ ‫وجهدا كبريين خيرج عن طاقة الباحث الفرد‪ ،‬وعليه فإن الواقع العملى يفرض أن تكون وحدة‬ ‫َ‬ ‫الرئيسية ملوقع الصحيفة “‪ .”Home Page‬وقد يقول قائل أن بعض‬ ‫التحليل هى الصفحة‬ ‫الصحف على اإلنرتنت قد ال تضع بعض أدواتها التفاعلية على صفحتها الرئيسية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ُ‬ ‫‪569‬‬

‫فإننا سوف نفتقد هذه األدوات أثناء حتليلنا ملوقع الصحيفة‪ ،‬فإن ذلك مردود عليه بأن زوار‬ ‫هذه املواقع أيضا قد تفتقد هذه األدوات التفاعلية على أساس أن الغالبية العظمى من الزوار‬ ‫اليوجد لديهم الصرب لإلحبار خالل العديد من صفحات املوقع للوصول اىل املعلومات التى‬ ‫يريدونها (‪ ،)Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬ولذلك فإننا فى هذه الدراسة‬ ‫حنلل الصفحة الرئيسية ملواقع الصحف العربية على اإلنرتنت عينة الدراسة‪.‬‬ ‫وبذلك فإن هذه الدراسة حتلل كل عناصر القصص اإلخبارية املوجودة على الصفحة‬ ‫الرئيسية ملوقع الصحيفة على اإلنرتنت‪ ،‬متضمنا القصص اإلخبارية بوصالتها الفائقة‪،‬‬ ‫والصور‪ ،‬والفيديو‪ ،‬والوسائل السمعية األخرى املزودة للموقع من قبل الصحفيني‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل أي نص أَو وسائل مسعية أخرى مزودة من قبل املستخدمني‪ .‬كما تفحص هذه الدراسة‬ ‫اإلعالن أيضا أَو أية خدمات أخرى ذات عالقة‪ ،‬إذ المتيز الدراسة بني املادة اإلخبارية واملادة‬ ‫اإلعالنية ألن كليهما يُعد عنصرا مهما لدراسة التفاعلية يف الصحف على اإلنرتنت‪.‬‬

‫أساليب قياس التفاعلية‪:‬‬ ‫ومن أجل قياس التفاعلية فى الصحف العربية على اإلنرتنت بنوعيها‪ ،‬مت تصميم إستمارة‬ ‫حتليل مضمون تتضمن عدة فئات رئيسية وفرعية متثل ‪ 18‬مقياسا للتفاعلية بأبعادها‬ ‫الستة التى حددتها الدراسة‪ ،‬ستة مقاييس منها تفصيلية لقياس كل بُعد‪ ،‬حبيث يتضمن‬ ‫كل مقياس منها وسائل حتقيق كل بُعد من أبعاد التفاعلية وإعطاء درجات لكل وسيلة منها‪،‬‬ ‫ثم جند ستة مقاييس جتميعية أخرى للدرجات العديدة للمقاييس الستة األوىل‪.‬‬ ‫وأخريا مت دمج املقاييس املختلفة السابقة بالنسبة لكل بُعد للتفاعلية لنحصل فى النهاية على‬ ‫معدل أو درجة ترتاوح من (‪ 0‬اىل ‪ )3‬لكل بُعد من األبعاد الستة للتفاعلية‪ .‬ثم مت دمج درجات‬ ‫األبعاد الستة للتفاعلية معا لنحصل على درجة تفاعلية كل صحيفة على حدة‪ ،‬والذى يمُ كن‬ ‫َ‬ ‫تفاعلية على اإلطالق إىل ‪ 18-‬التفاعلية مكتملة)‪.‬‬ ‫فى ظل هذا املقياس أن ترتاوح من (‪ - 0‬ال‬ ‫أيضا بدمج درجات كل بُعد فى الصحف جمتمعة حنصل على درجة تفاعلية الصحف فيما‬ ‫يتعلق بكل بُعد على حدة من األبعاد الستة للتفاعلية‪.‬‬ ‫وقد مت إستخدام مقياس لتوافر اإلختيارات على موقع الصحيفة من مخس درجات لقياس‬ ‫اإلختيارات التالية‪ :‬اللغة‪ ،‬معلومات خدمية للقراء‪ ،‬النص الفائق‪ ،‬الوسائط الفائقة‪ ،‬وتعدد‬ ‫القصص اإلخبارية‪ ،‬وبالنسبة للقصص اإلخبارية تأخذ الصحيفة درجة واحدة فى حالة توافر‬ ‫أربع قصص إخبارية أو أكثر على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫ولقياس توافر إمكانات اإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪ ،‬مت إستخدام‬ ‫‪570‬‬

‫مقياس من أربع درجات وذلك لقياس الوسائل التالية‪ :‬توافر عنوان بريد إلكرتونى واحد‪ ،‬توافر‬ ‫أكثر من عنوان بريد إلكرتونى على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪ ،‬وإمكانية اإلتصال‬ ‫مبحررى القصص اإلخبارية على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫ولقياس توافر إمكانات اإلتصال الشخصى‪ ،‬مت إستخدام مقياس من ثالث درجات وذلك لقياس‬ ‫الوسائل التالية‪ :‬وجود غرف دردشة‪ ،‬وجود جمموعات نقاش‪ ،‬ووجود إستطالعات للرأى على‬ ‫الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫كما مت إستخدام مقياس من ثالث درجات لقياس توافر ثالث آليات للمراقبة على الشاشة ملوقع‬ ‫الصحيفة وهى‪ :‬تسجيل زائر املوقع‪ ،‬وعدادات الزائرين اليت تعرض عدد زوّار املوقع‪ ،‬وملفات‬ ‫“الكوكي” “‪ .”Cookie files‬و”الكوكيز ‪ ”,Cookies‬هى عبارة عن حزم البيانات التى‬ ‫رسل من قبل خادم الويب إىل القرص الصلب حلاسوب املستخدم‪ ،‬وهى ختزن َ‬ ‫هوية املستخدم‬ ‫ُت َ‬ ‫َ‬ ‫“‪ ”User ID‬أو عنوان اإلنرتنت عندما يدخل املستخدم إىل خادم الويب (‪.)Pearce,1997‬‬ ‫ولقياس توافر إمكانات البحث عن املعلومات‪ ،‬مت إستخدام مقياس من ثالث درجات وذلك‬ ‫لقياس الوسائل التالية‪ :‬وجود حمرك حبث فى حمتويات املوقع‪ ،‬وجود حمرك حبث عرب الويب‪،‬‬ ‫ووجود أرشيف للصحيفة على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫ولقياس توافر إمكانيات إضافة املعلومات إىل موقع الصحيفة‪ ،‬مت إستخدام مقياس من ست‬ ‫درجات وذلك لقياس الوسائل املُتاحة على موقع الصحيفة‪ ،‬ما إذا كانت وسيلة واحدة أو‬ ‫وسيلتني أو عدة وسائل‪ ،‬مبا يسمح للمستخدمني بإضافة األخبار أو املعلومات أو التعليقات‬ ‫بأشكاهلا املختلفة إىل موقع الصحيفة على اإلنرتنت‪.‬‬

‫إجراءات إختيار عينة الصحف‪:‬‬ ‫من أجل سحب عينة الصحف العربية على اإلنرتنت‪ ،‬دخلنا على موقع دليل نسناس الشامل‬ ‫لإلعالم والصحافة العربية والعاملية‪ ،‬وعنوانه على اإلنرتنت هو‪http://www.nesnas.“ :‬‬ ‫‪ ”/com/ac/news‬ونظرا لقة عدد الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت التى ليس هلا‬ ‫نسخ ورقية‪ ،‬فقد مت إختيار كل هذه النوعية من الصحف املوجودة على املوقع‪ ،‬والتى أمكن‬ ‫لنا الدخول إليها على اإلنرتنت‪ ،‬وعليه بلغ عددها (‪ )18‬صحيفة‪ ،‬أما الصحف العربية على‬ ‫اإلنرتنت ذات النسخ املطبوعة‪ ،‬فقد مت إختيار الصحيفة األوىل من بني كل صحيفتني على‬ ‫املوقع بالنسبة لكل قطر من األقطار العربية‪ ،‬وذلك من بني الصحف اليومية واألسبوعية والتى‬ ‫تتيح اللغة العربية على موقعها‪ ،‬وعليه بلغ عددها (‪ )53‬صحيفة‪ ،‬وبذلك وصل العدد اإلمجاىل‬ ‫‪571‬‬

‫لعينة الصحف العربية على اإلنرتنت بنوعيها (‪ )71‬صحيفة‪.‬‬ ‫ومن أجل حتديد نوع الصحيفة العربية على اإلنرتنت ما إذا كانت صحيفة خالصة على‬ ‫اإلنرتنت أم صحيفة على اإلنرتنت هلا نسخة ورقية مطبوعة‪ ،‬درسنا موقع الصحيفة لتمييز‬ ‫َ‬ ‫رسالة بريد‬ ‫يف ذلك بالغرض أرسلنا‬ ‫الشركة املالكة للصحيفة على اإلنرتنت‪ ،‬وإذا مل ٍ‬ ‫إلكرتوني إىل مسئوىل موقع الصحيفة وسألناهم بشكل مباشر عن نوع الصحيفة‪.‬‬

‫الصدق والثبات‪:‬‬ ‫مت استخدام أسلوب “‪ ”Pre-test and Post-test‬على عينة عشوائية تضمنت (‪ )10%‬من‬ ‫الصحف العربية على اإلنرتنت عينة الدراسة‪ ،‬للتأكد من سالمة إستمارة التحليل‪ ،‬وعليه‬ ‫مت التخلص من بعض املشاكل األولية فى التحليل وإجراء بعض التعديالت على متغريات‬ ‫االستمارة وفئاتها‪ ،‬ومت إعادة التحليل للعينة نفسها بعد مرور أسبوع‪ ،‬وبلغت نسبة الثبات‬ ‫‪ 98.5%‬مما يشري إىل ثبات املقياس ودقته‪.‬‬

‫نتائج الدراسة‪:‬‬ ‫مت حتليل (‪ )71‬صحيفة من الصحف العربية على اإلنرتنت‪ 25.4% ،‬منها كانت صحف‬ ‫إلكرتونية خالصة ليست هلا نسخ ورقية مطبوعة‪ ،‬و‪ 74.6%‬من الصحف العربية على‬ ‫اإلنرتنت كانت هلا نسخ ورقية مطبوعة‪ .‬ومت حتليل التفاعلية بالصحف العربية مجيعا من‬ ‫حيث أبعادها الستة احملددة فى التعريف التى أوضحناه سابقا‪.‬‬ ‫وقد حقق البعد اخلامس للتفاعلية اخلاص بإمكانية البحث عن املعلومات أعلى الدرجات‬ ‫وبلغت (‪ 118‬درجة من إمجاىل ‪ 213‬درجة فى الصحف جمتمعة)‪ ،‬وفى الرتتيب الثانى جاء‬ ‫البعد األول اخلاص بتعدد االختيارات املتاحة بدرجة بلغت (‪ 89‬درجة)‪ ،‬وفى الرتتيب الثالث‬ ‫جاء البعد الثانى اخلاص بإمكانية االتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪،‬‬ ‫بدرجة بلغت (‪ 87‬درجة)‪ ،‬وفى الرتتيب الرابع جاء البعدان الثالث والرابع املتعلقان بتسهيل‬ ‫اإلتصال الشخصى ونظام مراقبة املوقع بدرجة متساوية بلغت (‪ 54‬درجة)‪ ،‬وفى الرتتيب‬ ‫األخري جاء البعد السادس اخلاص بإمكانية إضافة املعلومات‪ ،‬بدرجة بلغت (‪ 49‬درجة)‪.‬‬ ‫مع العلم بأن احلد األدنى للتفاعلية لكل بُعد من األبعاد الستة للتفاعلية فى الـ (‪ )71‬صحيفة‬ ‫عينة الدراسة هو (صفر) واحلد األقصى هو (‪ 213 =71×3‬درجة)‪ ،‬طبقا للمقياس التى وضعته‬ ‫الدراسة لقياس التفاعلية فى الصحف العربية على اإلنرتنت‪ ،‬الذى يُعطى كل بُعد درجة‬ ‫‪572‬‬

‫ترتاوح ما بني (‪ 0‬إىل ‪ 3‬درجات )‪.‬‬ ‫وكانت النتائج التفصيلية لكل بُعد من األبعاد الستة للتفاعلية فى الصحف العربية على‬ ‫اإلنرتنت بنوعيها كالتاىل‪:‬‬

‫ال ُبعد األول‪ :‬تعدد اإلختيارات املتاحة أمام املستخدمني‪:‬‬

‫قدمت الصحف العربية على اإلنرتنت اإلختيارات التالية إىل املستخدمني‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫‪.‬‬

‫•‪ 12.7%‬تضع إختيار اللغة على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 46.5%‬تقدم بعض املعلومات اخلدمية على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة مثل ‬ ‫أخبار الطقس وأسعار العمالت والذهب ومواقيت الصالة والتوقيت وغريها‪.‬‬ ‫•‪ 36.6%‬تستخدم مع بعض املوضوعات وصالت النص الفائق “‪. ”Hypertext‬‬ ‫•‪ 43.7%‬تستخدم مع بعض املوضوعات وصالت الوسائط الفائقة “‪. ”Hypermedia‬‬ ‫•‪ 83.1%‬تعرض أربع قصص إخبارية أو أكثر على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‬

‫فى حني تشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات اخلمسة بدرجاتها‬ ‫العديدة يف الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‪ 26.8%‬توفر للمستخدمني هذه اإلختيارات مبستوى منخفض جدا‪.‬‬ ‫•‪ 31%‬توفر للمستخدمني هذه اإلختيارات مبستوى منخفض‪.‬‬ ‫•‪ 32.4%‬توفر للمستخدمني هذه اإلختيارات مبستوى معتدل‪.‬‬ ‫عال‪.‬‬ ‫•‪ 9.8%‬توفر للمستخدمني هذه اإلختيارات مبستوى ٍ‬

‫ال ُبعد الثانى‪ :‬إمكانية اإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪:‬‬

‫تقدم الصحف العربية على اإلنرتنت عدة وسائل تفاعلية‪ ،‬مبا يسمح للمستخدمني بإمكانية‬ ‫اإلتصال مبسئوىل الصحيفة وحمررى القصص اإلخبارية‪ ،‬وكانت النتائج كالتاىل‪:‬‬

‫• •‪ 70.4%‬تضع عنوان بريد إلكرتونى واحد على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫ ‬ ‫• •‪ 18.3%‬تضع أكثر من عنوان بريد إلكرتونى على الصفحة الرئيسية ملوقع‬ ‫ الصحيفة‪.‬‬ ‫• •‪ 11.3%‬تتيح إمكانية االتصال مبحررى القصص اإلخبارية ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫وتشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات الثالثة بدرجاتها ‬ ‫‪573‬‬

‫العديدة يف الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫• • ‪ 15.5%‬مل توفر أية فرص لإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪ .‬‬ ‫ فى مقابل ‪ 84.5%‬حقتت فرص متفاوتة لإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة ‬ ‫ وحمرريها‪ ،‬ومتثلت نتائجها فى التاىل‪:‬‬ ‫• •‪ 57.7%‬توفر فرص قليلة لإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪.‬‬ ‫• •‪ 14.1%‬توفر فرص معتدلة لإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪.‬‬ ‫• •‪ 12.7%‬توفر فرص كثرية لإلتصال بني املستخدمني ومسئوىل الصحيفة وحمرريها‪.‬‬

‫البعد الثالث‪ :‬إمكانية اإلتصال الشخصى‪:‬‬

‫تقدم الصحف العربية على اإلنرتنت عدة ميزات تفاعلية‪ ،‬مبا يسمح بإمكانية اإلتصال‬ ‫الشخصى‪ ،‬وكانت النتائج كالتاىل‪:‬‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫ ‬

‫•‪ 16.9%‬تتيح غرف الدردشة “‪.”Chat Rooms‬‬ ‫•‪ 5.6%‬تقدم جمموعات النقاش “‪.”Discussion Groups‬‬ ‫•‪ 49.3%‬تقدم إستطالعات للرأى حول قضايا معينة ‪ -‬واحد على األقل ‪ -‬على الصفحة ‬ ‫الرئيسية ملوقع الصحيفة‪.‬‬

‫وتشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات الثالثة بدرجاتها العديدة يف‬ ‫الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‪ 42.2%‬مل توفر أية فرص لإلتصال الشخصى على موقع الصحيفة‪ .‬فى مقابل‬ ‫‪ 57.8%‬حقتت فرص متفاوتة لإلتصال الشخصى‪ ،‬ومتثلت نتائجها فى التاىل‪:‬‬ ‫•‪ 45.1%‬تتيح فرص قليلة لإلتصال الشخصى على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 11.3%‬تتيح فرص معتدلة لإلتصال الشخصى على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 1.4%‬تتيح فرص كثرية لإلتصال الشخصى على موقع الصحيفة‪.‬‬

‫ال ُبعد الرابع‪ :‬وجود نظام ملراقبة موقع الصحيفة‪:‬‬

‫تقدم الصحف العربية على اإلنرتنت عدة إجراءت ملراقبة املوقع‪ ،‬وكانت النتائج كالتاىل‪:‬‬

‫• •‪ 18.3%‬تستخدم عدادات الزوار‪.‬‬ ‫• •‪ 33.8%‬تستخدم ملفات “الكوكيز” “‪.”Cookies files‬‬ ‫‪574‬‬

‫ ‬

‫•‬

‫•‬

‫ ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‪ 18.3%‬تستخدم خاصية التسجيل مطلوب‪.‬‬ ‫وتشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات الثالثة بدرجاتها ‬ ‫العديدة يف الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫ ‬ ‫•‪ 53.5%‬مل توفر أى نوع من املراقبة ملوقع الصحيفة‪ .‬فى مقابل ‪ 46.5%‬حقتت‬ ‫مستويات متفاوتة ملراقبة املوقع‪ ،‬ومتثلت نتائجها فى التاىل‪:‬‬ ‫•‪ 25.4%‬توفر مراقبة قليلة ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 19.7%‬توفر مراقبة معتدلة ملوقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 1.4%‬توفر مراقبة عالية ملوقع الصحيفة‪.‬‬

‫ال ُبعد اخلامس‪ :‬إمكانية البحث عن املعلومات‪:‬‬

‫تقدم الصحف العربية على اإلنرتنت عدة وسائل تفاعلية مبا يسمح للمستخدمني بإمكانية‬ ‫التوصل إىل املعلومات التى حيتاجونها على املوقع بسهولة ويسر‪ ،‬وكانت النتائج كالتاىل‪:‬‬

‫• •‪ 84.5%‬توفر حمرك حبث فى املعلومات املتاحة على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫• •‪ 9.9%‬توفر حمرك حبث فى املعلومات املتاحة على شبكة الويب‪.‬‬ ‫• •‪ 81.7%‬توفر أرشيف لألعداد السابقة من الصحيفة‪.‬‬ ‫وتشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات الثالثة بدرجاتها العديدة يف‬ ‫الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫ ‬

‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‪ 5.6%‬مل توفر أية فرص للبحث على موقع الصحيفة‪ .‬فى مقابل ‪ 94.4%‬حقتت‬ ‫فرص متفاوتة للبحث عن املعلومات‪ ،‬ومتثلت نتائجها فى التاىل‪:‬‬ ‫•‪ 19.7%‬توفر فرص قليلة للبحث على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 67.6%‬توفر فرص معتدلة للبحث على موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ % 7.1‬توفر فرص كثرية للبحث على موقع الصحيفة‪.‬‬

‫ ‬

‫ال ُبعد السادس‪ :‬إمكانية إضافة املعلومات‪:‬‬

‫تقدم الصحف العربية على اإلنرتنت عدة وسائل تفاعلية مبا يسمح للمستخدمني بإضافة‬ ‫املعلومات واألخبار والتعليقات إىل املوقع‪ ،‬وكانت النتائج كالتاىل‪:‬‬

‫• •‪ 45.1%‬توفر وسيلة واحدة إلضافة املعلومات‪.‬‬ ‫• •‪ 8.5%‬توفر وسيلتني إلضافة املعلومات‪.‬‬ ‫‪575‬‬

‫• •‪ 2.8%‬توفر عدة وسائل ‪ -‬ثالثة على األقل‪ -‬إلضافة املعلومات‪.‬‬ ‫وتشري نتائج املقياس التجميعي الذى يدمج هذه اإلجراءات الثالثة بدرجاتها العديدة يف‬ ‫الصحف العربية على اإلنرتنت إىل التاىل‪:‬‬ ‫•‬ ‫ ‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•‪ 40.8%‬مل توفر أية فرص إلضافة املعلومات على موقع الصحيفة‪ .‬فى مقابل ‪ 59.2%‬‬ ‫حقتت فرص متفاوتة إلضافة املعلومات‪ ،‬ومتثلت نتائجها فى التاىل‪:‬‬ ‫•‪ 47.9%‬توفر فرص قليلة إلضافة املعلومات إىل موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 7.1%‬توفر فرص معتدلة إلضافة املعلومات إىل موقع الصحيفة‪.‬‬ ‫•‪ 4.2%‬توفر فرص كثرية إلضافة املعلومات إىل موقع الصحيفة‪.‬‬

‫نتائج إختبار فرضية الدراسة‪:‬‬

‫الفرضية تقول أن الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت حتقق مستويات من التفاعلية أكثر‬ ‫من الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة‪ .‬أشارت النتائج إىل صحة هذه‬ ‫الفرضية‪ ،‬وأن نوع الصحيفة على اإلنرتنت يؤثر فى مستوى التفاعلية للصحيفة العربية على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬وأن الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت أكثر حتقيقا للتفاعلية من الصحف‬ ‫العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة‪ ،‬وبتطبيق إختبار “‪ ”chi square‬أظهرت‬ ‫النتائج وجود عالقة دالة إحصائيا بني نوع الصحيفة على اإلنرتنت كمتغري مستقل‪ ،‬ومستوى‬ ‫تفاعلية الصحيفة كمتغري تابع‪ ،‬ومبستوى معنوية (‪ )0.004‬وإن أشارت نتائج التحليل‬ ‫اإلحصائى أن العالقة بني املتغريين عالقة ضعيفة‪ ،‬إذ بلغت قيمة معامل التوافق (‪.)0.219‬‬ ‫ومما يدلل على صحة الفرضية أيضا أن درجات التفاعلية يف الصحف العربية اخلالصة على‬ ‫اإلنرتنت تراوحت من (‪ 3‬إىل ‪ 13‬درجة)‪ ،‬يف حني تراوحت درجات التفاعلية يف الصحف العربية‬ ‫على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية من (درجة واحدة إىل ‪ 11‬درجة)‪ ،‬كما بلغ متوسط درجات‬ ‫التفاعلية للصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت (‪ )7.3‬فى مقابل (‪ )6.2‬للصحف العربية‬ ‫على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة‪.‬‬ ‫كما أن نسبة (‪ )83%‬من الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت حققت مستوى تفاعلية‬ ‫تراوح من (‪ 6‬إىل ‪ 13‬درجة)‪ ،‬فى مقابل نسبة (‪ )57%‬من الصحف العربية على اإلنرتنت ذات‬ ‫النسخ الورقية املطبوعة حققت مستوى تفاعلية تراوح من (‪ 6‬إىل ‪ 11‬درجة)‪ ،‬بينما حققت نسبة‬ ‫(‪ )17%‬من الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت مستوى تفاعلية أقل من (‪ 6‬درجات)‪ ،‬فى‬ ‫مقابل نسبة (‪ )43%‬من الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة حققت‬ ‫مستوى تفاعلية أقل من (‪ 6‬درجات)‪.‬‬ ‫‪576‬‬

‫مناقشة النتائج فى ضوء نتائج الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫تبنت الدراسة مفهوم التفاعلية بإعتبارها اخلاصية األساسية لوسائل اإلعالم اجلديد‪ ،‬كما‬ ‫أن التفاعلية تتضمن إجتاه ثنائى أو متعدد اإلجتاهات لتدفق املعلومات‪ .‬ويكون هذا التدفق‬ ‫للمعلومات بني أعضاء جالية أَو بني األفراد املتجانسني‪ ،‬بدال من التدفق اىل مجهور عام غري‬ ‫متجانس كما هو احلال فى النموذج التقليدي لإلتصال‪ ،‬بإرساله أحادي اإلجتاه للرسالة من‬ ‫املصدر إىل املستقبل‪ ،‬وهو منوذج ال يُالئم األنظمة التفاعلية‪ .‬ولذا اعتمدت الدراسة على النموذج‬ ‫الطقوسي لإلتصال الذى يؤكد على أن وسائل اإلعالم اجلديد تقوم على معنى التزاوج بني‬ ‫اإلتصال الشخصي واإلتصال اجلماهريي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقد إتفقت نتائج الدراسة مع نتائج الدراسات السابقة والرتاث العلمى املتخصص فى موضوع‬ ‫الدراسة‪ ،‬فى أن الصحف على اإلنرتنت سواء العربية أو األجنبية حتقق مستويات منخفضة‬ ‫من التفاعلية‪.‬‬ ‫حيث يشري الواقع اىل أن الصحف العربية على اإلنرتنت تعترب نفسها صحف تفاعلية مبجرد‬ ‫توفريها لبعض الوصالت الفائقة وعناوين الربيد اإللكرتوني وحمركات البحث على موقعها‬ ‫اإللكرتونى‪ .‬يف حني أنها تعانى تدنى مستويات التفاعلية على مواقعها اإللكرتونية‪ .‬وما يؤكد‬ ‫ذلك أن مخسة من األبعاد الستة للتفاعلية فى الصحف العربية عينة الدراسة حققت نسبة‬ ‫قليلة مل تتجاوز ‪ 41%‬طبقا للمقياس الذى طورته هذه الدراسة‪ .‬إذ حقق البعد اخلاص‬ ‫بإمكانية البحث عن املعلومات أعلى الدرجات وبلغت (‪ 118‬درجة من إمجاىل ‪ 213‬درجة فى‬ ‫الصحف جمتمعة ومل تتجاوز نسبتة ‪ ،)55%‬فى حني حقق البعد اخلاص بتعدد اإلختيارات‬ ‫املتاحة (‪ 89‬درجة ونسبة ‪ .)41%‬بينما حقق البعد اخلاص بإمكانية اإلتصال بني املستخدمني‬ ‫ومسئوىل الصحيفة وحمرريها (‪ 87‬درجة بنسبة ‪ .)40.8%‬أما البعدان املتعلقان بتسهيل‬ ‫اإلتصال الشخصى ووسائل مراقبة املوقع فقد حققا (‪ 54‬درجة لكل منهما بنسبة ‪،)25.3%‬‬ ‫وأخريا جاء البعد اخلاص بإمكانية إضافة املعلومات الذى حقق أدنى الدرجات (‪ 49‬درجة بنسبة‬ ‫‪.)23%‬‬ ‫وقد متيزت الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت قليال عن الصحف العربية على اإلنرتنت‬ ‫ذات النسخ املطبوعة‪ ،‬فقد حققت األوىل معدالت أعلى من التفاعلية على مواقعها اإللكرتونية‪،‬‬ ‫لإلتصال ينطبق عليها بدرجة أكرب من الصحف اإللكرتونية ذات‬ ‫لذا فإن النموذج الطقوسي‬ ‫ِ‬ ‫النسخ املطبوعة التى التزال تعمل بدرجة كبرية فى ظل النموذج التقليدى لإلتصال أحادى‬ ‫اإلجتاه‪ ،‬البعيد كل البعد عن طبيعة وسائل اإلعالم اجلديد التى نشأت فى األساس كى تكون‬ ‫‪577‬‬

‫وسائل تفاعلية تعظم من دور املستخدم إىل حد السماح للمستخدمني باملساهمة فى مجع‬ ‫األخبار ونشرها على موقع الصحيفة على اإلنرتنت شأنهم فى ذلك شأن احملررين العاملني‬ ‫باملوقع‪.‬‬ ‫وكشفت دراسة (‪ )Tankard and Ban 1998‬حول إستخدام الصحف األمريكية على‬ ‫اإلنرتنت إلمكانات اإلنرتنت‪ ،‬الندرة الشديدة ملظاهر التفاعلية‪ ،‬إذ أظهرت أن ‪ 6%‬من القصص‬ ‫اإلخبارية تتضمن وصالت النص الفائق (مقابل ‪ 36.6%‬فى دراستنا)‪ .‬وأن ‪ 74%‬من‬ ‫الصحف تنشر عنوان بريد إلكرتونى واحد على الصفحة الرئيسية ملوقع الصحيفة (مقابل‬ ‫‪ 70.4%‬فى دراستنا)‪ .‬وتوافرت حمركات البحث فى ‪ 64%‬من الصحف على اإلنرتنت (مقابل‬ ‫‪ 84.5%‬فى دراستنا وفرت حمرك حبث يف املواد املنشورة على موقع الصحيفة‪ ،‬و‪ 9.9%‬وفرت‬ ‫حمرك حبث عرب الويب)‪.‬‬ ‫املواقع اإللكرتونية‬ ‫كما كشفت دراسة (‪ )Ha and James, 1998‬حول مظاهر التفاعلية فى‬ ‫ِ‬ ‫لألعمال التجارية‪ ،‬إستخداما منخفضا أيضا ملظاهر التفاعلية‪ .‬وأن ‪ 9%‬فقط عرضت إختيار‬ ‫اللغة (مقابل ‪ 12.7%‬فى دراستنا)‪ .‬و‪ 19%‬وفرت وسائل ملراقبة املوقع (مقابل ‪ 46.5%‬فى‬ ‫دراستنا)‪ .‬و‪ 62%‬وفرت وسائل لإلتصال الشخصي (مقابل ‪ 57.8%‬فى دراستنا)‪.‬‬ ‫وكشفت دراسة ‪ ))Sally McMillan, 1998‬صحة فرضية أن مواقع اإلنرتنت الرحبية‬ ‫املواقع اليت تعتمد فى أغلبية متويلها على جهود‬ ‫حتقق مستويات أدنى من التفاعلية من‬ ‫ِ‬ ‫املتطوعني ومواقع املنظمات الالرحبية كاملواقع احلكومية والتعليمية‪ .‬وأوضحت الدراسة‬ ‫أن ‪ 7%‬من املواقع تضمنت جمموعات نقاش (مقابل ‪ 5.6%‬فى دراستنا)‪ .‬و‪ 19%‬تضمنت‬ ‫حمركات حبث‪ .‬كما كشفت دراسة (‪ )Band, 1999‬حول إجتاهات الصحف األمريكية‬ ‫فى إستخدام اإلنرتنت‪ ،‬أن ‪ 66%‬من الصحف توفر حمرك حبث يف املادة املنشورة على‬ ‫موقع الصحيفة (مقابل ‪ 84.5%‬فى دراستنا)‪ ..‬و‪ 33%‬من الصحف توفر فرص لإلتصال‬ ‫الشخصي‪.‬‬ ‫بينما كشفت دراسة (‪ )Schultz, 1999‬عن التفاعلية فى (‪ )100‬صحيفة أمريكية على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬أن ‪ 33%‬من الصحف توفر جمموعات النقاش‪ ،‬و‪ 8%‬توفر غرف الدردشة (مقابل‬ ‫‪ 16.9%‬فى دراستنا)‪ ،‬و‪ 24%‬نشرت إستطالعات للرأى على موقع الصحيفة (مقابل ‪49.3%‬‬ ‫فى دراستنا)‪ ،‬و‪ 16%‬إستخدمت وصالت الوسائط الفائقة (مقابل ‪ 43.7%‬فى دراستنا)‪.‬‬ ‫فى حني كشفت دراسة (عبد السالم‪ )2001 ,‬حول التفاعلية فى ‪ 45‬موقع إخبارى عربى‬ ‫على اإلنرتنت‪ ،‬ضعف مستوى التفاعلية بصفة عامة على املواقع عينة الدراسة‪ ،‬وأن ‪15.5%‬‬ ‫‪578‬‬

‫من املواقع توفر ساحات للمناقشة‪ ،‬و‪ 6.7%‬توفر غرف الدردشة‪ ،‬و‪ 4.5%‬من املواقع تستخدم‬ ‫إستطالعات الرأى‪ ،‬و‪ 46.6%‬من املواقع تضع أرشيف فقط (مقابل ‪ 81.7%‬فى دراستنا‬ ‫تستخدم تقنية األرشيف على موقع الصحيفة)‪ ،‬و‪ 31.2%‬من املواقع تستخدم أرشيف وآلية‬ ‫حبث فى الوقت نفسه‪ ،‬و‪ 17.7%‬من املواقع بها آلية حبث فقط‪ ،‬و‪ 80%‬من املواقع تضع عنوان‬ ‫بريد إلكرتونى واحد على الصفحة الرئيسية للموقع (مقابل ‪ 70.4%‬فى دراستنا)‪ ،‬و‪17.7%‬‬ ‫من املواقع تضع أكثر من عنوان بريد إلكرتونى (مقابل ‪ 18.3%‬فى دراستنا)‪.‬‬ ‫أما دراسة (‪ )Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬حول (‪ )100‬صحيفة على اإلنرتنت‬ ‫من الواليات املتحدة والبلدان األخرى‪ ،‬فقد أثبتت عدم صحة فرضية أن الصحف الرحبية على‬ ‫اإلنرتنت حتقق مستوى تفاعلية أكثر من الصحف الالرحبية‪ .‬وصحة فرضية أن الصحف‬ ‫األمريكية على اإلنرتنت أكثر تفاعلية من الصحف على اإلنرتنت فى البلدان األخرى‪ .‬كما‬ ‫أثبتت الدراسة صحة فرضية أن الصحف اخلالصة على اإلنرتنت حتقق مستوى تفاعلية‬ ‫أكثر من الصحف على اإلنرتنت التى هلا نسخ ورقية مطبوعة (األمر الذى يتفق مع دراستنا‬ ‫التى أثبتت صحة الفرضية ذاتها بالنسبة للصحف العربية على اإلنرتنت بنوعيها)‪.‬‬ ‫كما أوضحت دراسة (‪ )Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬أن الصحف اخلالصة‬ ‫على اإلنرتنت حققت درجات تفاعلية تراوحت من (‪ 5‬إىل ‪ 8‬درجات)‪ ،‬بينما أكثر من نصف‬ ‫الصحف على اإلنرتنت التى هلا نسخ مطبوعة حققت درجة تفاعلية من ‪ 5‬درجات أو أقل‪ .‬وفى‬ ‫دراستنا تراوحت درجات التفاعلية يف الصحف العربية اخلالصة على اإلنرتنت من (‪ 3‬إىل‬ ‫‪ 13‬درجة)‪ ،‬يف حني تراوحت درجات التفاعلية يف الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ‬ ‫الورقية من (درجة واحدة إىل ‪ 11‬درجة)‪ .‬كما أن نسبة (‪ )83%‬من الصحف العربية اخلالصة‬ ‫على اإلنرتنت حققت مستوى تفاعلية تراوح من (‪ 6‬إىل ‪ 13‬درجة)‪ ،‬فى مقابل نسبة (‪)57%‬‬ ‫من الصحف العربية على اإلنرتنت ذات النسخ الورقية املطبوعة حققت مستوى تفاعلية تراوح‬ ‫من (‪ 6‬إىل ‪ 11‬درجة)‪.‬‬ ‫ومن بني نتائج دراسة (‪ ،)Kenney, Gorelik and Mwangi, 2000‬أن ‪ 2%‬عرضت إختيار‬ ‫اللغة‪ ،‬و‪ 23%‬وفرت حمركات للبحث‪ ،‬و‪ 33%‬إستخدمت وصالت النص الفائق‪ ،‬و‪52%‬‬ ‫إستخدمت وصالت الوسائط الفائقة‪ ،‬و‪ 12%‬وفرت غرف الدردشة‪ ،‬و‪ 17%‬وفرت جمموعات‬ ‫نقاش‪ ،‬و‪ 51%‬وفرت عنوان بريد إلكرتوني واحد على األقل على الصفحة الرئيسية‪ ،‬وعن‬ ‫وسائل مراقبة املوقع كشفت الدراسة أن ‪ 37%‬إستخدمت ملفات الكوكيز (مقابل ‪33.8%‬‬ ‫فى دراستنا)‪ ،‬و‪ 12%‬إستخدمت عدادات الزوار (مقابل ‪ 18.3%‬فى دراستنا)‪ ،‬و‪ 5%‬إستخدمت‬ ‫خاصية التسجيل مطلوب (مقابل ‪ 18.3%‬فى دراستنا)‪.‬‬ ‫‪579‬‬

References A. Berger, 1994. “Media Research techniques”, London: Sage Publ cation, pp 85-119. R. Ashe, 1991. “The Human element: Electronic networks succeed with relationships, not information,” Quill (September), pp. 13-14. J. Carey, 1989. A Cultural Approach To Communication, Essays on Media and Society, New York: Routledge, pp. 15-18. At: http://www. uwmc.uwc.edu/communication_arts/barry/Quotes/Carey_comm_ culture.htm (12/12/2008) R. Fidler, (1997), Mediamorphosis: Understanding new media. Tho sand Oaks, Calif.: Pine Forge Press. E. Fredin, (1997), Rethinking the news story for the Internet: Hype story prototypes and a model of the user, Journalism Monographs, volume 163, September, pp. 1-47. L. Ha and E. L. James, (1998), Interactivity reexamined: A Baseline analysis of early business Web sites, Journal of Broadcasting & Ele tronic Media, volume 42, number 4, pp. 457-474. C. Harper, (1998), And that’s the way it will be: news and inform tion in a digital world. New York: New York University Press, p43. C. Heeter, (1989), Implications of new interactive technologies for conceptualizing communication, In: J. L. Salvaggio and J. Bryant, editors. Media use in the information age. Hillsdale, N.J. : Lawrence Erlbaum, pp. 217-235. B. Henderson and J. Femback, (1998), “The Campus press: A Practical approach to online newspapers, In: D. L. Borden and K. Harvey, ed tors. The Electronic grapevine: Rumor, reputation, and reporting in the new on-line environment. Mahwah, N.J.: Lawrence Erlbaum. S. Johnson, (1997), Interface culture: How new Technology transforms the way we create and communicat,. San Francisco: HtrperEdge. K. Kenney, A. Gorelik, and S. Mwangi, (2000), Interactive Features of Online Newspapers, At: http://firstmonday.org/issues/issue5_1/ 580

kenney/index.html, (25/9/2008)J. D. Lasica, (1996), Net gain: Jou nalism's challenges in an interactive age, American Journalism R view, volume 20, number 2, p. 52. J. S. Lee, (2000), Interactivity: A new approach paper presented at the communication tecgnology & policy division, at the AEJMC annual conference in Phoenix August 9-12. S. E. Martin and K. A. Hansen, (1998), Newspapers of record in a digital age: From hot type to hot link, Westport, Conn.: Praeger. M. McAdams, (1995), Inventing an online newspaper, Interpersonal Computing and Technology: An Electronic Journal for the 21st Century, volume 3, number 3, July, pp. 64-90, At: http://www.sentex. net/~mmcadams/invent.html, (9/11/2008) S. J. McMillan, & E.J. Downes, (1998), Interactivity: A qualitative e ploration of definations and models, Apaper presented at the 1998 Convention of the Association for Education in Journalism Mass Media Communication (AEJMC), Baltimore, Maryland, August 5-8. S. J. McMillan, (1998), Who pays for content? Funding in interactive media, Journal of Computer-Mediated Communication, volume 4, number 1, September, At: http://www.ascusc.org/jcmc/vol4/issue1/ mcmillan.html, (11/10/2008). D. McQuail, (1994), Mass communication theory. 3d edition, Tho sand Oaks, Calif.: Sage. C. T. Meadow, (1998), Ink into bits: A Web of converging media, La ham, Md.: Scarecrow Press. E. K. Meyer, (1999), An Unexpectedly wider web for the world's new papers, At: http://ajr.newslink.org/emcol10.html, (23/10/2008). J. E. Newhagen, (1997), The Role of feedback in the assessment of news, Information Processing & Management, volume 33, number 5, pp. 583-594. S. Outing, (1998), What exactly is interactivity? Online news indu try news & analysis, At: http://www.mediainfo.com/ephome/news/ newshtm/stop/st120498.htm, (22/10/2008). 581

S. Paterno, (1998), Is anybody there?, At: http://ajr.newslink.org/laj paterno3.html, (11/10/2008). J. V. Pavlik, (1997), The Future of online journalism: Bonanza or black hole?, Columbia Journalism Review, August, pp. 30-36. C. Pearce, (1997), The Interactive book: A Guide to the interactive revolution, Indianapolis, Ind.: Macmillan Technical Publishing. T. X. Peng, (1999), Trends in online newspapers: A look at the U.S. web, Newspaper Research Journal. 20, 2. S. Rafaeli and F. Sudweeks, (1997), Networked interactivity, Jou nal of Computer-Mediated Communication, volume 2, number 4, March, At: http://jcmc.huji.ac.il/vol2/issue4/rafaeli.sudweeks.html, (7/11/2008). P. Riley, C. M. Keough, T. Christiansen, O. Meilich and J. Pierson, (1998), Community or colony: The Case of online newspapers and the Web, Journal of Computer-Mediated Communication, volume 4, number 1, September, At: http://jcmc.huji.ac.il/vol4/issue1/keough. html, (19/11/2008). T. Schultz, (1999), Interactive option in online journalism: A content analysis of 100 U.S. newspaper, Journal of Computer-MediatedCommunication, 5,1. J. B. Singer, (1994), Play theory and the news content of interactive media, paper presented to AEJMC, Communication Theory and Methodology Division. J. Steuer, (1992), Defining virtual reality: Dimensions determining telepresence, Journal of Communication, volume 42, number 3, pp: 73-93. J. W. Tankard, Jr. and H. Ban, (1998), Online newspapers: Living up to their potential? paper presented to AEJMC, Baltimore, August. A. Tucher, (1997), Why Web warriors might worry, Columbia Jou nalism Review, July/August, At: http://www.cjr.org/year/97/4/wa riors.asp, (29/9/2008). J. Wolff, (1994), Opening up, online, Columbia Journalism Review, 582

‫‪November/December, At: http:I/www.cjr.org/year/94/6/online.asp,‬‬ ‫‪(24/9/2008).‬‬ ‫الغريب‪ ،‬سعيد‪ ،‬الصحيفة اإللكرتونية والورقية دراسة مقارنة فى املفهوم والسمات األساسية‬ ‫بالتطبيق على الصحف اإللكرتونية املصرية‪( ،‬القاهرة‪ :‬اجمللة املصرية لبحوث اإلعالم‪ ،‬كلية‬ ‫اإلعالم‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬العدد الثالث عشر‪ ,‬أكتوبر – ديسمرب‪ .)2001 ,‬ص‪.177-224‬‬ ‫هاشم‪ ،‬عبد الباسط‪ ،‬التفاعلية يف وسائل االتصال احلديثة مدخل لدراسة االتصال التفاعلي‪،‬‬ ‫‪http://www2.gsu.edu/~wwwaus/research/2007/arabic/1.doc‬‬ ‫على‪:‬‬ ‫‪.)(5/12/2008‬‬ ‫عبد السالم‪ ،‬جنوى‪ ,‬التفاعلية فى املواقع اإلخبارية العربية على شبكة اإلنرتنت‪( ,‬القاهرة‪:‬‬ ‫اجمللة املصرية لبحوث الرأى العام‪ ،‬كلية اإلعالم‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬اجمللد الثانى‪ ,‬العدد الرابع‪,‬‬ ‫أكتوبر – ديسمرب‪ .)2001 ,‬ص‪.221-269‬‬

‫‪583‬‬

584

‫التحكم الصوتي غير اللغوي بأجهزة الوسائط المتعددة‬

-----------------------------------------

‫ مساء علوي اهلامشي‬. ‫د‬ ‫جامعة البحرين‬ ‫مملكة البحرين‬

Abstract Much interactive media development, especially commercial deve opment, implies the dominance of the visual modality, with sound as a limited supporting channel. The development of multimedia technologies such as augmented reality and virtual reality has fu ther revealed a distinct partiality to visual media. Sound, however, and particularly voice, have many aspects which have yet to be e fectively investigated. Exploration of these aspects may show that sound can, in some respects, be superior to graphics in creating i mersive and expressive interactive experiences. With this in mind, this paper investigates the use of paralinguistic (non-speech) voice characteristics as a complementary input mechanism in controlling multimedia systems. It presents a number of projects that employ the paralinguistic elements of voice as input to interactive media i cluding both screen-based and physical systems.

Keywords

‫ ذوو اإلحتياجات‬,‫ تقنيات اإلدخال‬,‫ التفاعل‬,‫ خصائص الصوت‬,‫ التحكم الصوتي‬,‫الوسط الصوتي‬ ‫اخلاصة‬ voice medium, voice characteristics, interaction, input mechanisms , disabled, paralinguistic

585

‫أوحى الكثري من مشاريع الوسائط املتعددة التفاعلية ‪ ،‬وخاصة التجارية منها‪ ،‬بهيمنة الوسط‬ ‫املرئي (‪ )visual medium‬و بأن الوسط الصوتي هو جمرد قناة داعمة لذلك الوسط‪ .‬و قد‬ ‫(‪ )virtual reality‬و الواقع املعزز‬ ‫كشف تطوير تقنيات مرئية كالواقع االفرتاضي‬ ‫(‪ )augmented reality‬عن التحيز للتقنيات املرئية‪ .‬ولكن البحث يف جمال الصوت‪ ،‬وخاصة‬ ‫خصائصه غري اللغوية‪ ،‬كشف الستار عن العديد من اجلوانب اليت مل يتم التحقيق فيها على‬ ‫حنو كاف‪ .‬إن استكشاف هذه اجلوانب قد يبني أن األصوات ميكن ‪ ،‬يف بعض النواحي ‪ ،‬أن تتفوق‬ ‫على املرئيات يف تكوين جتارب تفاعلية معربة (‪ )expressive‬و غامرة ‪.))immersive‬‬ ‫لذلك فإن هدف هذا البحث هو التحقق من امكانية استخدام خصائص الصوت غري اللغوية‬ ‫كتقنية مكملة لتقنيات اإلدخال (‪ )input mechanisms‬املستخدمة حالياً للتحكم يف‬ ‫تطبيقات الوسائط املتعددة و اليت تشمل لوحة املفاتيحو الفأرة و التمييز الصوتي اللغوي‬ ‫(‪ )speech recognition‬وأنظمة تتبع احلركة (‪ )motion - tracking‬و أنظمة تت ُبع‬ ‫العني (‪ )eye-tracking‬و غريها من آليات التحكم بوسائل اإلعالم اجلديد‪.‬‬ ‫يعرض هذا البحث عدداً من املشاريع اليت تتيح لذوي اإلحتياجات اخلاصة و أيضاً للمستخدمني‬ ‫العاديني استخدام خصائص الصوت كآلية حتكم يف بعض األنظمة التفاعلية مبا يف ذلك‬ ‫أنظمة معتمدة على شاشة الكمبيوتر و أنظمة خارجة عن نطاق الشاشة‪.‬‬ ‫يناقش البحث يف مقدمته األسباب اليت استدعت دراسة هذا املوضوع و األهداف املرجوة من‬ ‫خالل هذه الدراسة‪ ,‬ثم يستعرض أهم املشاريع املعدودة اليت مت تطويرها يف هذا النطاق و‬ ‫بالتالي يصف املشاريع الصوتية – املرئية (‪ )voice-visual‬اليت قمت بتطويرها و جتريبها‬ ‫و تقييمها و اليت من بينها عدد من األلعاب اليت يتم التفاعل معها باستخدام الصوت‪ ,‬و جهاز‬ ‫يسمح لذوي اإلحتياجات اخلاصة باستخدام خصائص الصوت للرسم و الكتابة‪ .‬تتضمن هذه‬ ‫املشاريع استخدامات مبتكرة جلهاز املايكروفون ختتلف عن استخداماته التقليدية كمكرب‬ ‫للصوت‪ .‬باإلضافة إىل ذلك تؤكد هذه املشاريع على أن خمرجات (‪ )outputs‬تطبيقات و‬ ‫برامج الكمبيوتر (أي األشياء املرئية اليت يتفاعل معها املستخدم) ال جيب بالضرورة أن تكون‬ ‫مرئيات إفرتاضية مقتصرة على الشاشة أو حمصورة ضمنها و إمنا ميكن أن تكون عناصر‬ ‫ً‬ ‫النهاية يناقش البحث ما مت‬ ‫حقيقية تتفاعل مع املستخدم خارج نطاق شاشة الكمبيوتر‪ .‬يف‬ ‫التوصل إليه من نتائج تشمل إجيابيات استخدام خصائص الصوت كآلية حتكم باإلضافة إىل‬ ‫الصعوبات اليت تعيق استخدام هذه اآللية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يهدف البحث إىل تعزيز فهم إمكانية استخدام الصوت لوحده وأيضا إمكانية استخدامه‬ ‫باالقرتان مع غريه من آليات التحكم بتطبيقات الوسائط املتعددة‪ .‬وهو ميثل خطوة إىل األمام‬ ‫‪586‬‬

‫يف حماولة دمج خصائص الصوت غري اللغوية مع اخلصائص اللغوية بغاية إنشاء عالقة‬ ‫تكاملية قد تسمح ملواطن القوة بأن تتغلب على نقاط الضعف يف كل من هذه الوسائط ‪.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬ ‫نظراً النشغال الكثري من الباحثني و مطوري الربامج املتفاعلة جبوانب الصوت اللغوية‪ ,‬ما زالت‬ ‫هناك بعض من العناصر الصوتية اليت مل يتم توظيفها بعد يف جمال الوسائط املتعددة‪ .‬هذه‬ ‫العناصر‪ -‬لو أُحسن استغالهلا ‪ -‬قد تعزز من جتربة املستخدم التفاعلية مع الوسائط املتعددة‬ ‫ً‬ ‫خاصة لو استخدمت كوسيلة مكملة آلليات اإلدخال اللغوي ‪Speech‬‬ ‫و تقدم منافع كثرية‬ ‫‪ ))Recognition‬و غريها من آليات اإلدخال املتوفرة حاليا‪ً.‬‬ ‫على الرغم من انشغال الباحثني بأنظمة التمييز الصوتي اللغوي و على الرغم من التقدم‬ ‫امللحوظ الذي حققته البحوث يف هذا اجملال‪ ,‬فإن هذه األنظمة ال تزال غري دقيقة ألنها تتأثر‬ ‫بالضجيج و بلكنة املتحدث‪ .‬عالوة على ذلك‪ ,‬فإن انتشار البحوث حول أنظمة التمييز الصوتي‬ ‫اللغوي قد أدى إىل االفرتاض العام بأن اجلانب اللغوي فقط للصوت هو الذي ميكن استخدامه‬ ‫كآلية إدخال و كوسيلة تفاعل مع الكمبيوتر‪ .‬وقد أدى ذلك بدوره إىل احلد من إدراك‬ ‫املطورين إلمكانية استخدام اجلانب غري اللغوي ((‪ Paralinguistic‬للصوت كآلية إدخال‪.‬‬ ‫باملقارنة مع العملية الصعبة املتمثلة يف التقاط املؤشرات اللغوية أثناء التمييز الصوتي اللغوي‪,‬‬ ‫و اليت غالباً ما تتطلب تدريباً مسبقاً للربنامج من قبل املستخدم‪ ,‬فإن املؤشرات الصوتية غري‬ ‫اللغوية ميكن إلتقاطها بشكل شبه فوري من خالل التحليل الطيفي ((( ‪cvoice signal spe‬‬ ‫‪( tral analysis‬على سبيل املثال ‪ .)] Quast ، 2002[ ،‬باإلضافة إىل ذلك فقد تعاني نظم‬ ‫التمييز الصوتي اللغوي من قدر كبري من التأخر (‪ )Latency‬وجيب على املستخدم االنتظار‬ ‫ملعرفة نتائج التمييز بعد أن ينطق بكلمة [[‪ .Igarashi and Hughes, 2001: 155‬أما‬ ‫على اجلانب اآلخر ‪ ،‬فإن استخدام التحكم الصوتي غري اللغوي ((‪Paralinguistic Vocal‬‬ ‫‪ Control‬يف السيطرة على الوسائط املتعددة ميكن أن يُظهر على الفور عالقة سببية بني‬ ‫املدخالت الصوتية واملخرجات املرئية‪ ،‬وبالتالي قد يسهل االستمرارية والتفاعل املباشر‪ .‬هذا‬ ‫ما أكد عليه أيضاً الباحثان إيغاراشي و هيوز اللذان يعتقدان أن املستخدم عندما يصدر صوتاً‬ ‫مستمرأً ‪ ،‬يستطيع أن يرى و يراقب الناتج الفوري أثناء التفاعل [[‪Igarashi and Hughes,‬‬ ‫‪.2001: 155‬‬ ‫‪587‬‬

‫يشمل الصوت غري اللغوي (‪ )Paralanguage‬خصائص الصوت ( اإلرتفاع ‪,Loudness‬‬ ‫احلدة ‪ ,Pitch‬الطابع ‪ ,Timbre‬إخل‪ ).‬و األصوات اإلنفعالية (الضحك‪ ,‬البكاء‪ ,‬الصراخ‪ ,‬إخل‪ ).‬و‬ ‫األصوات الفاصلة بني العبارات ( أممم ‪ ,‬أووووه ‪ ,‬األصوات الدالة على اإلستعجاب أو التفكري أو‬ ‫التوقف عن الكالم)‪.‬‬ ‫يهدف هذا البحث إىل دراسة إمكانية استخدام الصوت غري اللغوي للتحكم يف الوسائط املتعددة‬ ‫املتفاعلة‪ .‬لذلك فهو يعرض يف البداية املشاريع القليلة املعتمدة على التفاعل الصوتي غري‬ ‫اللغوي اليت مت تطويرها يف بعض الدول الغربية و من ثم يصف املشاريع اليت طورتها شخصياً‬ ‫يف هذا اجملال بهدف استكشاف اجلوانب الصوتية اليت مل يتم توظيفها بعد يف جمال الوسائط‬ ‫املتعددة و بهدف التعرف على إجيابيات و سلبيات التحكم الصوتي غري اللغوي كآلية حتكم‬ ‫حبد ذاتها أو حتى كآلية مكملة آلليات التحكم املستخدمة حالياً للتفاعل مع الكمبيوتر‪.‬‬

‫تطبيقات التحكم الصوتي غير اللغوي‬ ‫أ‪.‬التحكم الصوتي املرئي (‪)Voice-Visual Control‬‬ ‫أصبحت حماوالت إبتكار آليات اإلدخال (‪ )input mechanisms‬واسعة النطاق يف جمال‬ ‫التفاعل بني اإلنسان و احلاسوب‪ .‬جيري مؤخراً تطوير العديد من آليات اإلدخال البديلة يف‬ ‫سبيل إثراء جتربة املستخدم التفاعلية و تنويع أساليبها من خالل زيادة التعبري( ( ‪sexpre‬‬ ‫‪ )sivity‬و اإلندماج (‪ )engagement‬و العفوية (‪ .)naturalness‬هذه اآلليات تشمل أجهزة‬ ‫التمييز الصوتي (‪ ,)speech recognition‬أجهزة تتبع العني (‪ ,)eye trackers‬أجهزة تتبع‬ ‫احلركة (‪ ,)motion trackers‬أجهزة تتبع اإلمياءات (‪ ,)gesture trackers‬أجهزة‬ ‫اإلدخال اليدوي (‪ ,)haptic input devices‬أجهزة اإلدخال القدمي (‪foot-operated‬‬ ‫‪ ,)devices‬و غريها‪.‬‬ ‫و يستعرض هذا اجلزء من البحث املناهج اليت استخدمها بعض املطورين ‪ -‬مبن فيهم كاتب‬ ‫هذه الورقة‪ -‬لتوظيف استخدام التحكم الصوتي غري اللغوي بعناصر مرئية على شاشة‬ ‫الكمبيوتر (‪ )voice-visual control‬و الستكشاف اخلصائص الصوتية املالئمة للتحكم‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك يتضمن هذا اجلزء اقرتاحاً عملياً جمرباً باستخدام خصائص الصوت غري‬ ‫اللغوية للتحكم الفيزيائي مبجسمات حقيقية موجودة خارج نطاق شاشة الكمبيوتر(‪voice-‬‬ ‫‪.)physical control‬‬ ‫‪588‬‬

‫عندما قام نيوتن بتحليل خصائص ضوء الشمس اللونية يف القرن السابع عشر‪ ,‬أعرب عن‬ ‫اعتقاده بأن هناك عالقة طبيعية بني األلوان و املوسيقى [‪ .]Allchin, 2002‬و قد أدى به‬ ‫ذلك إىل ربط كل لون من ألوان الطيف بكل من الدرجات السبع املوجودة يف السلم املوسيقي‬ ‫[‪ ]Collopy, 2000: 357‬مما ُعرف بعد ذلك بعجلة األلوان املوسيقية‪ .‬ومنذ ذلك احلني ‪،‬‬ ‫كانت هناك حماوالت كثرية إلقامة صلة بني الوسط الصوتي و الوسط البصري‪ .‬إال أن‬ ‫أغلب تلك احملاوالت كانت تركز على اجلانب املوسيقي من الوسط الصوتي و ليس على‬ ‫اجلانب اللفظي و لذلك مسيت أنظمة مسعية‪-‬بصرية (‪ )audio-visual‬خبالف األنظمة‬ ‫الصوتية‪-‬البصرية (‪ )voice-visual‬اليت تعتمد على اجلانب اللفظي و اليت حنن يف صددها‬ ‫يف بقية البحث‪ .‬إعتمدت تلك احملاوالت السمعية البصرية على الربط بني خصائص الصوت‬ ‫املوسيقي (كاحلدة و اإلرتفاع و النربة) و خصائص العناصر اجلرافيكية (كاللون و اإلرتفاع‬ ‫و القياس و الشكل)‪ .‬و أحد األمثلة األساسية للتطبيقات السمعية البصرية هو برنامج ‪Apple‬‬ ‫‪ iTunes‬الذي يعرض عناصر مرئية ختتلف ألوانها و قياسها و أشكاهلا و سرعة حركتها‬ ‫مع اختالف خصائص املوسيقى املشغلة من قبل املستخدم‪ .‬وتشمل التطبيقات األخرى املماثلة‬ ‫‪.Windows Media Player, Sonique, WinAmp‬‬ ‫كان إيغاراشي و هيوز [‪ ]Igarashi and Hughes, 2001:156‬من أوائل الذين حاولوا‬ ‫استخدام الصوت اللغوي و غري اللغوي أيضاً للتفاعل مع العناصر املرئية على الشاشة‪ .‬و كانت‬ ‫أول حماوالتهم من خالل تطوير تقنية متكن املستخدم من التمرير (‪ )scrolling‬باستخدام‬ ‫حدة الصوت‪ .‬فكلما زادت حدة الصوت‪ ,‬زادت سرعة التمرير‪ .‬و قد مت تطوير هذه التقنية بعد‬ ‫ذلك حبيث أصبح من املمكن استخدام حدة الصوت للتكبري و التصغري (‪zoom in and‬‬ ‫‪ .)zoom out‬باإلضافة إىل ذلك فقد طور إيغاراشي و هيوز جهازاً ميكن مشاهد التلفزيون‬ ‫من التحكم ببعض اعدادات التلفزيون باستخدام الصوت اللغوي مع الصوت غري اللغوي‪ .‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ,‬إذا قال املشاهد “ علو الصوت” يتم انتقاء اإلعداد املتحكم بعلو الصوت و من ثم إذا‬ ‫أصدر املشاهد صوت “ااااااااااااااه” بشكل متواصل يزداد علو صوت التلفزيون‪.‬‬ ‫و يف عام ‪ 2003‬قام جوالن ليفن و زاكاري ليربمان [‪]Levin and Lieberman, 2003‬‬ ‫أيضاً بتطوير تقنية مبتكرة جتعل صوت املتحدث يبدو بشكل مرئي و كأنه يظهر من فم‬ ‫املتحدث على شاشة عرض كبرية‪ .‬و قد كان املشروع مبثابة أداء مسرحي غنائي حيث وقف‬ ‫املغنون أمام شاشة العرض و أصدروا أصواتاً كانت تتحول بشكل مباشر إىل فقاعات (صورة ‪)1‬‬ ‫و أشكال متنوعة و جذابة على الشاشة‪ .‬و قد مت استخدام تقنية تتبع احلركة مما أتاح للمغين‬ ‫أن يتفاعل مع األشكال الظاهرة على الشاشة أثناء حتريك يده أو جسده فيدفعها و حيركها‬ ‫بيده و كأنها حقيقية‪.‬‬ ‫‪589‬‬

‫صورة ‪ : 1‬ميسا دي فوتشي ‪ :‬عرض فين طوره جوالن ليفن و زاكاري ليربمان بالتعاون مع جون ال‬ ‫باربارا و جاب بلونك (‪)2003‬‬

‫يف عام ‪ 2006‬قام سوسومو هاراده و زمالؤه يف جامعة واشنطن بتطوير تقنية متكن املستخدم‬ ‫من استخدام خصائص صوته للتحكم مبؤشر الفأرة [‪ . ]Harada et al., 2006‬و قد وظفوا‬ ‫هذه التقنية يف لعبة الكرتونية و يف برنامج للرسم و أيضاً يف متصفح اإلنرتنت‪.‬‬ ‫مل تقتصر تقنية التحكم الصوتي غري اللغوي على الربامج العملية و إمنا تعدتها لتشمل األلعاب‬ ‫اإللكرتونية‪ .‬يف فنلندا‪ ,‬قام بريتو هيماالينن و زمالؤه بتطوير لعبة كمبيوتر تساعد الالعب‬ ‫على التحكم يف حدة صوته من خالل تشجيعه على ضبط حدة الصوت لكي ال خيرج بطل‬ ‫اللعبة عن مساره [‪.]Hämäläinen et al., 2004‬‬ ‫شركة فورد للسيارات أيضاً وضعت لعبة سباق سيارات الكرتونية يف موقعها (صورة ‪ )2‬و تتيح‬ ‫هذه اللعبة للالعب اجملال الستخدام صوته للتحكم بسرعة السيارة[ [ ‪mFord Motor Co‬‬ ‫‪.]pany, 2006‬‬

‫‪590‬‬

‫صورة ‪ : 2‬فيستا كونيكشون‪ :‬لعبة سباق سيارات طورتها شركة فورد للسيارات (‪)2006‬‬

‫يف عام ‪ 2003‬قمت و زمالئي يف جامعة ميدلسكس يف لندن بربجمة لعبة متكن املستخدم‬ ‫من استخدام صوته لتحريك بعض األشكال على شاشة الكمبيوتر‪ .‬و تستهدف هذه اللعبة‬ ‫الصم حيث أنها تساعدهم على تقدير إرتفاع و حدة أصواتهم تقديراً مرئياً يعتمد على تفاعل‬ ‫األشكال مع الصوت على حسب حدته و ارتفاعه‪ .‬فكلما عال الصوت مث ً‬ ‫ال اجتهت بعض األشكال‬ ‫املرئية إىل أعلى الشاشة و كلما اخنفض الصوت اجتهت األشكال إىل أسفل الشاشة و كلما‬ ‫زادت حدة الصوت حتركت األشكال إىل اجلانب األمين من الشاشة وكلما قلت حدة الصوت‬ ‫حتركت األشكال إىل اجلانب األيسر من الشاشة‪ .‬و قد قمت بتجريب هذه اللعبة مع سبعة‬ ‫أطفال صم يف مركزاألمري سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لتنمية السمع والنطق يف مملكة‬ ‫البحرين (صورة ‪ .)3‬وكانت التجربة تهدف إىل دراسة إمكانية اللعبة يف مساعدة األصم على‬ ‫التعرف على خصائص صوته و بالتالي التحكم فيها من خالل جتسيد الصوت بشكل مرئي‪.‬‬ ‫أما اهلدف اآلخر فهو تزويد املدرسني يف مراكز تنمية السمع و النطق باسرتاتيجيات أفضل و‬ ‫أسهل و أكثر ترفيهاً لشرح خصائص الصوت للصم‪.‬‬ ‫هناك العديد من األسباب اليت ميكن أن جتعل من ألعاب التحكم الصوتي مفيدة للصم‪ .‬فوفقاً‬ ‫للورين و جوبريس فإن معظم األطفال ‪ ،‬بغض النظر عن استخدامهم للقوقعة املزروعة أو‬ ‫عال جداً[‪ .]Goberis and Loraine, 2006‬نتيجة لذلك‬ ‫عدمه‪ ،‬مييلون إىل التحدث بصوت ٍ‬ ‫‪591‬‬

‫‪ ،‬فقد ُص ِم َمت العديد من اخلرائط البيانية الصوتية ( (‪loudness charts‬ملساعدة الصم‬ ‫يف معرفة االختالفات بني األصوات املنخفضة و املرتفعة‪ .‬عادة ما حتتوي هذه اخلرائط على‬ ‫عنصر صغري ميثل الصوت املنخفض و عنصر متوسط احلجم ميثل الصوت املتوسط اإلرتفاع‬ ‫و عنصر أكرب حجماً ليمثل الصوت املرتفع‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فمن الصعوبة إجياد خرائط صوتية‬ ‫بيانية تساعد على فهم حدة الصوت(‪ )pitch‬أو مدته (‪ .)duration‬عالوة على ذلك ‪ ،‬فمن‬ ‫غري املرجح أن تكون هذه اخلرائط والرسوم البيانية شادة لإلنتباه و مسلية و سهلة التذكر‬ ‫بقدر ما هو احلال بالنسبة للتجربة التفاعلية الكامنة يف األلعاب اإللكرتونية‪.‬‬ ‫هلذا السبب‪ ,‬يف عا م ‪ 2004‬صممت مع زميليت سوميثا ناغالينغام ( ‪nSumetha Nagali‬‬ ‫‪ )gam‬لعبة أخرى إمسها سينغ بونغ و هي نسخة صوتية من لعبة البينغ بونغ املشهورة تعتمد‬ ‫على تقنية التمييز الصوتي و يتسابق فيها العبان على استخدام أصواتهما للتحكم باملضارب‬ ‫ولدفع كرة مرئية معروضة باستخدام جهاز العرض على احلائط‪ .‬وكلما عال صوت الالعب‬ ‫طال مضربه عموديا (صورة ‪ .)4‬أما بالنسبة لتحريك املضرب أفقياً فذلك يتم عن طريق‬ ‫استخدام تقنية التتبع بالفيديو اليت متكن من حتريك املضرب إىل اخللف أو األمام مع حركة‬ ‫الالعب‪ .‬و قد عرضت هذه اللعبة يف أحد معارض لندن يف عام ‪ 2004‬حيث استهدفت الكبار و‬ ‫الصغار بشكل عام و الذين يعانون من مشاكل صوتية و نطقية و اجتماعية‪ .‬الحظت حينئذ‬ ‫أن اللعبة مشلت بعدأً اجتماعياً و رياضياً باإلضافة إىل بعدها الرتفيهي فقد ساهمت أو ً‬ ‫ال يف‬ ‫تكوين العالقات اإلجتماعية بني الالعبني و املشاهدين وجعلت أولئك املشاهدين الذين ال يعرف‬ ‫بعضهم بعضاً يضحكون و ميزحون مع الالعبني ‪ .‬و قد ساهمت أيضاً يف تشجيع األطفال على‬ ‫الركض و احلركة وكان ذلك بدوره معاكساً لأللعاب اليت جيلس فيها األطفال أمام‬ ‫الكمبيوتر فتؤدي إىل عزلتهم اإلجتماعية أو إىل زيادة وزنهم‪.‬‬

‫صورة ‪ : 3‬أطفال صم يلعبون أول لعبة صوتية برجمتها (‪)2006‬‬

‫‪592‬‬

‫صورة ‪ : 4‬لعبة سينغ بونغ‬

‫ب‪.‬التحكم الصوتي الفيزيائي (‪)Voice-Physical Control‬‬ ‫يف نفس الفرتة و أثناء تطوير لعبة سينغ بونغ كان ُّ‬ ‫يشد انتباهي اهتزاز الطاولة عندما أشغل‬ ‫علمت بعدها أن األجسام ميكن أن تهتز عندما تهتز املوجات الصوتية‬ ‫فوقها مكرب الصوت‪.‬‬ ‫اليت بقربها بنفس درجة ترددها ‪ .‬و لطاملا فكرت بأنه البد من أن تكون هناك طريقة الستخدام‬ ‫الصوت لتحريك األشياء أو للتحكم الفيزيائي باألشياء اجلامدة‪ .‬و تأكدت بأن ذلك ممكن‬ ‫عندما حبثت يف املوضوع و قرأت أنه يف عام ‪ ، 1878‬بنى توماس أديسون احملرك الصوتي‬ ‫((‪ phonomotor‬وهو عبارة عن جهاز حيول االهتزازات النامجة عن الصوت إىل حركة‬ ‫تؤدي إىل دفع جهاز آخر‪ .‬حينئذ أعرب أديسون عن اعتقاده بأنه ميكن للمرء أن حيدث فتحة‬ ‫يف أي لوح بصوته ‪ ]Edison quoted in Dyer, 1929[.‬أثناء جتاربه اليت أدت إىل اخرتاع‬ ‫اهلاتف ‪ ،‬طور أديسون لعبة ورقية هي عبارة عن رجل ينشر اخلشب‪ .‬عند الغناء بصوت عال‪،‬‬ ‫تتحرك عجلة مرتبطة باحلجاب احلاجز الذي يهتز مع اهتزاز املوجات الصوتية‪ .‬و من شأن‬ ‫ذلك أن حيرك بكرة مرتبطة باللعبة الورقية حببل فيجعلها تدور فيبدأ الرجل الورقي بنشر‬ ‫اخلشب‪.‬‬ ‫شجعين ذلك على برجمة جهاز مي ّكن املستخدم من استخدام صوته لتحريك األشياء احلقيقية‬ ‫‪ .‬كان اجلهاز عبارة عن لعبة لشخصني أمسيتها “ سسسسنيك “ تتكون من طاولة و أربعة‬ ‫‪593‬‬

‫ميكروفونات و جهاز عرض و طابعة مسطحة و مغناطيس و قطعة نقود‪ .‬حتتوي اللعبة على‬ ‫ثعبان افرتاضي غري حقيقي معروض بواسطة جهاز العرض على سطح الطاولة باإلضافة إىل‬ ‫قطعة نقود حقيقية‪ .‬و يتحكم أحد الالعبني بتحريك الثعبان عن طريق نطق حرف السني‬ ‫بشكل متواصل أما الالعب اآلخر فيتحكم بتحريك القطعة النقدية عن طريق نطق حرف‬ ‫األلف بشكل متواصل‪ .‬و عند اصدار الصوت يتحرك مقبض الطابعة املخفية حتت الطاولة‬ ‫حمركاً معه املغناطيس املخفي حتت الطاولة أيضاً و الذي بدوره حيرك القطعة النقدية‬ ‫فوق الطاولة‪ .‬و يتحتم على املتحكم بالقطعة النقدية أن يتفادى اصطياد الثعبان له‪ .‬و يعتمد‬ ‫اجتاه كل من الثعبان أو القطعة النقدية على جانب الطاولة الذي يقف عنده املستخدم‪.‬‬ ‫عندما عرضت هذه اللعبة يف معرض يف لندن كانت مبثابة أداء مسرحي مكون من الالعبني‬ ‫كمؤديني و من املشاهدين كجماهري وكان هناك من بني زوار املعرض فتاة تتلعثم أثناء نطق‬ ‫حرف السني فتنطق حرف الثاء بد ً‬ ‫ال من السني‪ .‬و ساعدتها اللعبة يف نطق حرف السني حيث أن‬ ‫الثعبان ال يتحرك و ال يتفاعل مع الالعب إال إذا نطق حرف السني بشكل صحيح (صورة ‪.)5‬‬ ‫صورة ‪ : 5‬أطفال يلعبون سسسسنيك يف معرض يف لندن (‪)2005‬‬

‫بعد ذلك طورت شجرة ميالد تمُ ّكن املستخدم من الغناء عرب ميكروفون السلكي للتحكم بإضاءة‬ ‫املصابيح على الشجرة ) صورة (‪ 6‬و قمت بعرضها يف لندن أثناء اإلحتفاالت بعيد امليالد‪.‬‬

‫‪594‬‬

‫تضي مصابيح شجرة امليالد بصوتها (‪)2007‬‬ ‫صورة ‪ : 6‬فتاة ْ‬

‫ثم قررت أن انتقل من برجمة األجهزة الرتفيهية إىل برجمة األجهزة العملية‪ .‬فقد تأثرت ذات‬ ‫يوم أثناء مشاهدتي للتلفزيون حني رأيت طف ً‬ ‫ال معاقاً فقد ذراعيه يف حرب العراق فأصبح يرسم‬ ‫و يل َون باستخدام رجليه‪ .‬شجعين ذلك على التفكري بتطوير جهاز يُتيح للمستخدم الرسم أو‬ ‫الكتابة إصدار عرب الصوت أو حتى النفخ و مسيت اجلهاز ‪ . Blowtter‬و قمت بتطوير هذا‬ ‫اجلهاز وأيضاً تطوير طريقة جديدة الستخدام امليكروفون‪ .‬استخدمت طابعة قدمية مسطحة‬ ‫و برجمتها حبيث يتحرك القلم على الورقة املوضوعة على سطحها عندما ينفخ املستخدم أو‬ ‫يصدر صوتاً متواص ً‬ ‫ال عرب لوح امليكروفونات‪ .‬و هذا اللوح الذي طورته هو عبارة عن لوح مربع‬ ‫صغري مثبت على حامل و يتكون من أربع مايكروفونات حبيث ُثبت املايكروفون يف أحدى زوايا‬ ‫اللوح (صورة (‪ 7‬و يعتمد اجتاه القلم املتحرك على الزاوية اليت ينفخ املستخدم منها‪ .‬هذا‬ ‫باإلضافة إىل قدرة املستخدم على نطق لون أو رقم القلم الذي يرغب يف استخدامه ليختاره‬ ‫من بني أنواع خمتلفة من األقالم املرفقة بالطابعة‪ .‬و قد قمت بتجربة تشمل مخسة أطفال‬ ‫معاقني يف مركز الشامل لرعاية و تأهيل ذوي االحتياجات اخلاصة يف البحرين‪ .‬مشلت‬ ‫عاهاتهم الشلل الدماغي ‪ ،‬وإعاقات يف النمو و احلركة و كان بعضهم يعاني من متالزمة داون‪.‬‬ ‫ونظرا هلذه املعوقات عانى أولئك األطفال من صعوبة ذات درجات متفاوتة يف استخدام أيديهم‬ ‫للرسم‪ .‬ساعدتين هذه التجربة يف استكشاف سلبيات و إجيابيات التحكم الصوتي غري اللغوي‬ ‫املذكورة يف اجلزء التالي من هذا البحث‪.‬‬ ‫‪595‬‬

‫صورة ‪ : 7‬طفل معاق حياول الرسم بصوته (‪)2007‬‬

‫إيجابيات و سلبيات التحكم الصوتي غير اللغوي‬ ‫بدأت هذا البحث بطرح نظرييت بأن هناك جوانب من الصوت مل تستغل بعد يف جمال الوسائط‬ ‫املتعددة واليت إن مت استغالهلا بشكل مناسب فسوف تعزز جتربة مستخدمي الوسائط املتعددة ‪،‬‬ ‫وتقدم بعض املنافع خاصة لو استخدمت كوسيلة تفاعل مكملة آلليات اإلدخال املتوفرة حالياً‪.‬‬ ‫خالل هذا البحث وجدت من األدلة ما يدعم هذه النظرية ‪ ،‬ولكنين أيضا اكتشفت التعقيدات‬ ‫واملشاكل املتعلقة بالتحكم الصوتي غري اللغوي‪.‬‬ ‫أحد املنافع الرئيسية من استخدام تقنية اإلدخال الصوتي غري اللغوي هي إمكانية حتقيق‬ ‫استجابة مباشرة من قبل الكمبيوتر و بالتالي حتقيق تفاعل مستمر دون احلاجة لتدريب‬ ‫اجلهاز مسبقاً كما هو احلال بالنسبة لتقنية اإلدخال الصوتي اللغوي‪ .‬إال أن أحد أوجه‬ ‫القصور الرئيسية يف هذا النوع من املدخالت هو أنه متعب‪ .‬باإلضافة إىل ذلك فرمبا يكون‬ ‫إصدار األصوات حمرجاً بالنسبة للمستخدم أو مزعجاً بالنسبة ملن حوله‪ ,‬مما حيتم ضرورة‬ ‫مواصلة استكشاف أساليب إدخال أخرى ميكن إستخدامها كآليات مكملة آللية اإلدخال غري‬ ‫‪596‬‬

‫اللغوي‪ ،‬وذلك من شأنه أن يعوض عن قصور تلك اآللية‪ .‬وقيامي بتطوير ‪ Blowtter‬و جتربة‬ ‫استخدامه مع عدد من املعاقني كشف عن بعض مزايا استخدام تقنية اإلدخال الصوتي غري‬ ‫اللغوي مع اإلدخال الصوتي اللغوي‪ .‬بالنسبة للتحكم اللغوي فإن التقنية ال تزال حمدوده‬ ‫‪ ،‬وخاصة يف التقاط االصوات املستمرة‪ .‬أما بالنسبة للتحكم غري اللغوي فالتقنية متفوقة‬ ‫يف االستجابة لألصوات املستمرة ولكن قدرة املستخدمني على إصدار الصوت باستمرار هي‬ ‫احملدودة‪ .‬لذلك فإن استخدام التقنيتني معاً هو يف حد ذاته موضوع بالغ األهمية و يستحق‬ ‫املزيد من البحث‪.‬‬ ‫ومثة فائدة أخرى الستخدام الصوت غري اللغوي وهي أن األصوات غري اللغوية ليست مقصورة‬ ‫على لغة أو دولة معينة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد ختتلف القدرة على إصدار بعض األصوات من دولة‬ ‫إىل أخرى‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك فإن تقنية اإلدخال الصوتي غري اللغوي قد تكون مفيدة يف عالج الربو و‬ ‫اضطرابات الصوت والقلق االجتماعي واخلجل و غريها من اإلضطرابات املماثلة‪ .‬وميكن أيضا‬ ‫أن تستخدم كأداة لألشخاص الذين يعانون من اإلعاقات احلركية( ( ‪rmotor impai‬‬ ‫‪ .)ments‬فاإلعاقات احلركية غالباً ما تقرتن باإلعاقات النطقية اللغوية ‪ ،‬مما جيعل من‬ ‫تقنية التمييز الصوتي اللغوي خياراً غري واقعي بالنسبة ملن يعانون من تلك احلاالت ‪ ،‬وبالتالي‬ ‫يكون استخدامهم لتقنية التمييز الصوتي غري اللغوي خياراً أنسب‪.‬‬ ‫لقد أتاحت لي عملية تطوير مشاريع توظف خصائص الصوت غري اللغوية الفرصة الستكشاف‬ ‫عدد من النتائج غري املتوقعة‪ .‬باإلضافة إىل استكشاف مزايا و عيوب التحكم الصوتي غري اللغوي‬ ‫اليت عرضتها يف اجلزء السابق فإن أهم النتائج اليت توصلت إليها هي أن التحكم الصوتي غري‬ ‫اللغوي بالوسائط التفاعلية ميكن أن يتأثر بعدد من العوامل من بينها نوع اجلنس واخلجل و‬ ‫التعب واحمليط االجتماعي والبيئي واخللفية الثقافية و طبيعة اإلعاقة إن وجدت و نوع أو‬ ‫خاصية الصوت املعتمدة كآلية إدخال‪ ،‬ورمبا نوع العناصر املرئية اليت تتفاعل مع الصوت على‬ ‫الشاشة أو خارج نطاقها‪.‬‬ ‫أما أكثر النتائج إثار ًة للدهشة و استدعا ًء للمزيد من البحث هي اإلمياءات و احلركات‬ ‫اجلسدية اليت الحظت أنها ترافق إصدار بعض األصوات‪ .‬فعدد من الناس الذين مشلتهم‬ ‫جتاربي كانوا يضعون أيديهم يف جيوبهم أثناء الصفري‪ .‬و عدد منهم أيضاً كانو حيركون‬ ‫أجسادهم إىل األمام و إىل اخللف بشكل متناغم أثناء إصدار األصوات‪ .‬و كانت تلك بعض‬ ‫أمناط التفاعل اليت مل أتوقعها قبل الشروع يف هذا البحث و اليت رمبا تكون مبثابة نقطة انطالق‬ ‫للدراسات حول العالقة بني إصدار األصوات و اإلمياءات احلركية اليت ترافق بعضها أحياناً ‪.‬‬ ‫‪597‬‬

‫‪ .4‬الخاتمة‪:‬‬ ‫لقد أشرت يف هذا البحث إىل أن التمييز الصوتي اللغوي هيمن على البحث العلمي يف جمال‬ ‫استخدام الصوت كآلية حتكم بالنظم التفاعلية‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬هناك اهتمام متزايد باجلانب غري‬ ‫اللغوي ‪ ،‬كما يتضح من املشاريع و الدراسات احلديثة املنشورة يف هذا اجملال البحثي و اليت‬ ‫ذكرت بعضها يف هذه الورقة البحثية‪ .‬من ضمن تلك املشاريع وصفت املشاريع اليت طورتها‬ ‫و اليت قمت بإجراء بعض التجارب عليها مما أدى إىل بعض اإلكتشافات و اإلستنتاجات اليت‬ ‫قد تفيد الباحثني و املهتمني بهذا اجملال‪ .‬وحيدوني األمل يف أن تساعد استنتاجاتي املطورين يف‬ ‫املستقبل على توقع إجيابيات و سلبيات هذا الشكل اجلديد من أشكال التفاعل‪ .‬و أمتنى أيضاً‬ ‫أن يشجع هذا البحث الباحثني على إجياد تطبيقات جديدة لتقنية اإلدخال الصوتي جبميع‬ ‫أنواعه املذكورة يف هذا البحث‪ .‬ويف هذا النطاق اقرتح توظيف تقنية التحكم الصوتي باألجهزة‬ ‫االلكرتونية يف تطوير روبوت مربمج لتمييز الكلمات و حتريك يديه لعرض ما يوازي هذه‬ ‫الكلمات بلغة االشارة‪ .‬و ميكن أن يكون هذا الروبوت حممو ً‬ ‫ال من قبل املشاهد األصم أو ميكن‬ ‫وصله بالتلفاز أو وضعه جبانب التلفاز حبيث يرتجم ما يلتقطه من كلمات تلفظ على التلفاز‬ ‫إىل لغة اإلشارة‪.‬‬ ‫لقد بدأت مؤخراً يف تطوير جهاز حممول يف اجليب يتكون من مايكروفون و مساعة أذن و‬ ‫يساعد املتحدث على تذكر الكلمات اليت ينساها و لكنها تكون على طرف لسانه و هي حالة‬ ‫يشار إليها باللغة اإلجنليزية حبالة طرف اللسان (‪ )Tip of the Tongue‬و عادة يتمكن‬ ‫اإلنسان أثناءها تذكر من بعض األحرف اليت تتألف منها الكلمة‬ ‫‪.‬املنسية و يستمع اجلهاز للمستخدم أثناء حتدثه و عندما يلتقط أصواتاً فاصلة بني الكلمات‬ ‫تدل على تردد املتحدث أو نسيانه للكلمة كقول “أأأأأأ” أو “مممم “ يفرتض اجلهاز أن املتحدث‬ ‫نسي كلمة معينة فيبدأ باإلستماع إىل الكلمات املشابهة اليت ينطقها املتحدث أثناء حماولته‬ ‫التذكر و يقوم اجلهاز بتشغيل صوتي عرب السماعات لقائمة من الكلمات املقاربة و اليت من‬ ‫املرجح أن تكون من بينها الكلمة اليت نسيها املتحدث‪ .‬هذا اجلهاز ممكن أن يستخدمه املتحدث‬ ‫أثناء تقديم العروض أو احملاضرات أو ميكن أن يستخدمه املدرس أثناء التعليم أو املذيع أثناء‬ ‫ً‬ ‫الطالقة‪.‬‬ ‫إجراء املقابالت أو تقديم الربامج أو غريها من اجملاالت اليت تتطلب‬

‫‪598‬‬

:‫المراجع‬ Allchin, D. (2002) ‘Newton's Colors’, http://www1.umn.edu/ships/updates/ newton1.htm (January, 2004). Collopy, F. (2000) Color, form, and motion: Dimensions of a musical art of light. Leonardo, Vol. 33, No. 5, pp. 355-360. Dyer, F. L. (1929) ‘Edison, His Life and Inventions’, http://www.worldwid school.org/library/books/hst/biography/Edison/chap10.html (February, 2005). Ford Motor Company (2006) ‘Fiesta Connexxion’, http://www.fordgame. be/ (October, 2006). Goberis, D. and Loraine, S. (2006) ‘A Child with a Cochlear Implant is Joi ing my Classroom – What in the World do I do?’, http://www.medel.com/ Shared/pdf/en/HEARSAY_vol2.pdf. (January, 2007). Hämäläinen, P., Maki-Patola, T., Pulkki, V. and Airas, M. (2004) Musical Computer Games Played by Singing. In Proceedings of the 7th Intern tional Conference on Digital Audio Effects (DAFx'04), Naples, Italy, pp. 367-371. Harada, S., Landay, J., Malkin, J., Li, X. and Bilmes, J. (2006) The Vocal Jo stick: Evaluation of Voice-based Cursor Control Techniques. In Procee ings of the 8th International ACM SIGACCESS Conference on Computers and Accessibility. Portland, Oregon. Igarashi, T. and Hughes, F. (2001) Voice as Sound: Using Non-verbal Voice Input for Interactive Control. In Proceedings of the 14th Annual Symp sium on User Interface Software and Technology, ACM UIST'01, Orlando, Florida, pp.155-156. Levin, G. and Lieberman, Z. (2003) ‘Messa Di Voce’, http://tmema.org/ messa/messa.html (May, 2004). Quast, H. (2002) Automatic Recognition of Non-verbal Speech; An A proach to Model the Perception of Para- and Extralinguistic Vocal Co munication with Neural Networks. Machine Perception Lab Tech R ports.

599

‫اللجنة العلمية‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫•األستاذ الدكتور راسم اجلمال ‪ -‬رئيس اللجنة (جامعة القاهرة‪/‬مصر)‬ ‫•األستاذ الدكتور يوسف بن رمضان (جامعة منوبة‪/‬تونس)‬ ‫•األستاذ الدكتور وحيد قدورة (جامعة منوبة‪/‬تونس)‬ ‫•الدكتور مجال عبد العظيم (جامعة البحرين‪/‬مملكة البحرين)‬ ‫•الدكتور عبد اهلل احليدري (جامعة البحرين ‪/‬مملكة البحرين)‬ ‫•الدكتور حممد عثمان السيد (جامعة البحرين‪/‬مملكة البحرين)‬ ‫•الدكتور حامت الصريدي (جامعة البحرين‪ /‬مملكة البحرين)‬ ‫•الدكتور الصادق احلمامي (جامعة الشارقة‪ /‬اإلمارات العربية املتحدة)‬ ‫•الدكتور خريت عيـاد (جامعة الشارقة‪/‬اإلمارات العربية املتحدة)‬

‫اللجنة التنظيمية‬

‫• •الدكتور حامت الصريدي ‪ -‬رئيس اللجنة‬ ‫• •الدكتور كمال الغربي ‪ -‬املنسق العام‬

‫التنسيق و املتابعة‬ ‫• •الدكتور طارق الورفلي‬ ‫• •الدكتور حابس السماوي‬ ‫• •الدكتورة مساء اهلامشي‬ ‫• •الدكتور عوض هاشم‬ ‫• •أ‪ .‬حممود حبلوس‬

‫اإلخراج الفني والتصميم‬

‫• •السيدة إميان عون‬ ‫• •السيد بدر مجعة‬ ‫• •السيدة روال عبد الرمحن اجلمل‬

‫سكرتيرة المؤتمر‬

‫• •السيدة مساح اجلزاف‬

Copyright © 2024 DOKUMEN.SITE Inc.