أنثى مع وقف التنفيذ

June 16, 2018 | Author: Radwaa Rodyy | Category: Documents


Comments



Description

4

‫قصص‬

‫بقلم ‪ .‬رانيــــــــا حمــــدي‬ ‫تقديم د‪ .‬مدحت عيسى‬

‫حمدي ‪ ،‬رانيا ‪.‬‬ ‫أنثى مع وقف التنفيذ ‪ :‬قصص‪ /‬رانيا حمدي ‪ – .‬ط ‪ –2‬اإلسكندرية‪.‬‬ ‫نوفمبر ‪2102‬‬ ‫‪ 015‬صفحة ؛ ‪ 20‬سم‬ ‫رقم اإليداع‪1199/96131 :‬‬ ‫‪978-977-6337-59-6 : ISBN‬‬ ‫تقديم دكتور‪ :‬مدحت عيسى‬

‫تصميم الغالف الفنان‪ :‬كريم آدم‬ ‫إخراج فني‪ :‬أحمد علي حسن‬

‫ــــــــــــــ‬ ‫الطباعة‪Reda Press :‬‬

‫العنوان‪ 993 :‬شارع السيد محمد كريم ‪ -‬المنشية ‪ -‬اإلسكندرية‬ ‫التليفون‪ - 16/5316164 :‬فاكس‪16/5319383 :‬‬ ‫ــــــــــــــ‬

‫النشر محفُوظة للمؤلِـ ِ‬ ‫ـفة‬ ‫ـع ُحـق ـ ْ‬ ‫ـع و َّ ْ‬ ‫ـوق الطَ ْبـ ْ‬ ‫َجميـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الطبعة األولى‪ :‬أغسطس ‪2100‬‬ ‫الطبعة الثانية‪ :‬نوفمبر ‪2102‬‬

‫‪4‬‬

‫إهــــداء‬ ‫إلى من علمني كيف أكون ورباني على المباديء منذ الصغر‪..‬‬ ‫إلى من كان ومازال نعم المثال األعلى ‪..‬‬ ‫إلى من أصبو لتحقيق النجاح حتى أرى بعينيه نظرة فخر ‪..‬‬ ‫مازلت ال تعلم كم أحبك ومازلت أجتهد ‪..‬‬

‫إهداء إلى أبـــي‬ ‫إلى من آزرتني ودعمتني وآمنت بي ولم تتخل عني قط ‪..‬‬ ‫إلى سيدة النساء جميعا وأعظم وأجمل نساء الدنيا بعيني ‪..‬‬ ‫إلى من بثتني الحنان والدفء منذ الصغر ‪..‬‬ ‫كلمات الدنيا جميعا ال تفيكِ حقك حبيبتي وصديقتي ‪..‬‬

‫إهداء إلى أمـــي‬ ‫ابنتكم‬ ‫رانيا حمدي‬ ‫‪5‬‬

‫صرخة البوح‬ ‫بقلم الدكتور‪ :‬مدحت عيسى‬ ‫ـت أنث ــى الفص ــو األربع ــة‪ ..‬ف ــي طي ــاتي تج ــد الش ــي‬ ‫دوم ــا كن ـ ُ‬ ‫" ً‬ ‫والنقــي ‪ .‬أنثــى الحــد األقص ـى فــي ك ـ الســمات‪ ..‬فــي تلــم المجموعــة‬ ‫حبر وورق‪ ..‬مح‬

‫كنت مح‬ ‫ُ‬ ‫هـي تـرف‬

‫أدب وانسكاب‪( "..‬المؤلفة)‬

‫دومــا الـنمط الجـاها والقالــب التقليـدي‪ ،‬وترغـب فــي‬ ‫ً‬ ‫أن يك ــون تشـ ــكيليا تلقاييـ ــا وطبيعيـ ــا دون ت ــدخ ‪ ،‬سـ ــاديةُ القلـ ــم تجـ ــا أي‬ ‫محاولــة لقنقــاص مــن قــدرها‪ ..‬كانــت هــذ هــي صــفات األنثــى المتفــرد‬

‫ص َمتَيا األنثوية الفطرية‪.‬‬ ‫التي أكدت المؤلفةُ َب ْ‬ ‫وعلــى صــغر ســن المؤلفــة‪ ،‬فقــد تمثلــت ك ـ م ارح ـ األنثــى وك ـ‬

‫حاالتيا‪ ،‬في ضعفيا وقوتيا‪ ،‬في عنفوانيا ويأسيا‪ ،‬في حبيا وكراهيتيا‪..‬‬

‫هــي األنثــى الكاملــة‪ :‬األم‪ ،‬واألخــت‪ ،‬والاوجــة‪ ،‬والحبيبــة‪ ،‬والرفيقــة‪ .‬وهــي‬

‫ًا‬ ‫الربع‪.‬‬ ‫أيضا أنثى المدينة و َّ‬ ‫وكثير ما كانت تعر المؤلفة ألنثاها متفرد ً‬ ‫ً‬ ‫وحيد ً تناجي نفسيا‪ .‬وقد امتألت المجموعة القصصية بصـرخات أنثويـة‬ ‫خالص ــة ترن ــو إل ــى الخ ــروج م ــن شـ ـرنقة الجم ــود والتخل ــف‪ ،‬ولنقـ ـ أر ق ــو‬

‫المؤلفة على سبي المثا ‪:‬‬

‫"أنثى هي مع وقف التنفيذ‪ ..‬فأنوثتيا قيد الحصار ما بين ذكور‬

‫غبية ومتاريس الحيا "‪( .‬خواطر أنثى)‬

‫‪6‬‬

‫"ولك ــن هيي ــات هيي ــات‪ ،‬ل ــم تخل ــق أنث ــاي لتثنيي ــا ع ــن أحالمي ــا‬ ‫الحيا ‪ ..‬فيي توقن أن التجـارب خلقـت لتصـق العظميـات مـن الفتيـات"‪.‬‬ ‫(حالة)‬

‫"أعتقد أننا سنستمر‪ ..‬كبريا ً سنستمر"‪( .‬عبق الكبريا )‬ ‫فقيقت ضاحكةً‪ ،‬فأنا ام أر ما عادت تعرف السؤا وال العوي "‪.‬‬ ‫"‬ ‫ُ‬

‫(سادية قلم)‬

‫ومع ك هذ الصرخات األنثوية التي تطلقيا المؤلفة على لسان‬

‫شخوصــيا القصص ــية‪ ،‬إال أن األنث ــى الفطري ــة تطف ــر عل ــى الس ــط م ــن‬ ‫ٍ‬ ‫وقت إلى آخر‪ ،‬تلـم األنثـى الناعمـة المحبـة التـي تـذوب عشـقًا بـين يـدي‬

‫أحيانا بسـبب اختياراتيـا‬ ‫رج معطا ‪ ،‬وهي األنثى نفسيا التي قد تخطئ‬ ‫ً‬ ‫فتُعاني وتتألم‪.‬‬ ‫ولقــد ســيطر الحلــم بكـ عناصــر علــى فكــر المؤلفــة فــي قصــص‬

‫كثير ‪ ،‬وال يمكن فص الحلم عن طبيعـة المـ أر ‪ ،‬فـالحلم جـا مـن تكوينيـا‬ ‫ـر مــا نجــد الم ـ أر أكثــر استشـ ـ ارفًا للمســتقب ‪ ،‬وأكثــر رغب ـةً فــي كس ــر‬ ‫فكثيـ ًا‬ ‫حاجا المعتاد‪ .‬تقو رانيا حمدي‪:‬‬

‫جلست‬ ‫"على الشاطئ الصخري المجاور للقلعة بمنطقة بحري‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫أمـ ــام البحـ ــر مباش ـ ــر ‪ ..‬تسـ ــتمع ليم ـ ــس البحـ ــر وحكاي ـ ــات الي ـ ـوا الح ـ ــر‬

‫الطليــق‪ ..‬كانــت طيــور النــورس تحلــق فوقيــا ت ـاين ســما لوحتيــا ب ــذام‬ ‫الفض ــا الفس ــي ‪ ..‬متأمل ــة الم ــد‪ ،‬البعي ــد‪ ،‬تت ــردد عل ــى مس ــامعيا أغني ــة‬ ‫فيروا "كيفم إنت" تحمليا الكلمات إلى أو دقة قلب‪..‬‬

‫أو‬

‫‪7‬‬

‫رجفــة جســد‪ ..‬أو لمســة يــد‪ ،‬حملتيــا إلــى نفــس المكــان منــذ امــن بعيــد"‪.‬‬ ‫(حلم يداعب عتم اللي )‬

‫وقــد أخــذت المؤلفــة قارييــا معيــا فــي رحلــة خياليــة مــن رحــالت‬ ‫ألــف ليلــة وليلــة‪ ،‬ونجحــت مــن خــال حكاي ـة عبــر ثــالٍ ليــا ٍ ‪ ،‬فــي أن‬ ‫طــا شـرقييا‬ ‫تــداعب الحلــم الكــامن فــي نفــوس الرجــا والنســا ‪ ،‬مســتدعيةً نم ً‬

‫أصيالً وهو نمط الحكي‪.‬‬

‫أمــا الرمايــة فقــد اتضــحت فــي هــذ المجموعــة فــي (أقصوصــات‬

‫عشــقية)‪ ،‬إذ نــر‪ ،‬المؤلفــة تبتعــد عــن الســرد المعتــاد فــي بقيــة القصــص‬ ‫لتبيرنا برسم أجوا خيالية باستخدام ٍ‬ ‫لغة رماية‪ .‬ولنق أر قو المؤلفة مثالً‪:‬‬ ‫"ع َّم ـت الظلمــة إال مــن بــؤرٍ تشــعلني‪ ..‬أغمضــت عينــي لوهلـ ٍـة‪ ..‬تعالــت‬

‫أصـوات الكمـان‪ ..‬تصـفيق حـاد‪ ..‬أسـدلت األسـتار‪ ..‬أردانـي الخــذالن‪."..‬‬ ‫(رفع الستار)‬

‫"ها هي تخـرج منـي‪ ..‬تنفضـني عنـي‪ ..‬كانـت تُْب َعـٍ مـن داخلـي‬ ‫آالم تشبه المخا ‪ ..‬بصيص من الضو يتسـرب إلـى المكـان‪ ..‬تنسـاق‬ ‫إلى الضو ككاين نوراني انبعٍ من شراسة الموت"‪( .‬ح النسيان)‬

‫أما فيما يتعلـق بالتقنيـات األسـلوبية‪ ،‬فقـد لـوحظ اسـتخدام المؤلفـة‬

‫تقنيـة السـؤا فـي كثيـر مـن القصـص‪ ،‬وهـو مـا يؤكـد الحيـر الســيكولوجية‬

‫التي تعيشيا الم أر عامةً‪ ،‬والعربية خاصةً‪ .‬تقو ‪:‬‬

‫"إلى متى؟‪ ..‬أيامي سرقتني ونسيت أم تناسيت أن أحياها؟!‬ ‫متى بدأت وأين وصلت؟‪..‬‬

‫‪8‬‬

‫متى ستكون لحكايتي نيايتيا؟!"‪( .‬شتا طوي )‬ ‫"أتس ــخط عل ــى م ــا م ــرت ب ــه‪ ..‬عل ــى ا الم والجـ ـ ار الت ــي ف ــرت‬

‫ميجتيا؟!‬

‫أم تحمــد اع عليــه‪ ،‬فل ـوال ا الم والج ـ ار مــا كــان شخصــيا ومــا‬

‫كانت روعتيا؟!‬

‫أم ترضي وتحمد فيي لن تعيش مغيبة كمثيالتيا؟!‬

‫ثمنـا مـن آالم وجـ ار للحيـا ؟!"‪.‬‬ ‫ه ما تعلمته استحق ما دفعتـه ً‬ ‫(شتا طوي )‬ ‫واذا ما انتقلنـا إلـى لغـة الكتابـة نجـد كثـر اسـتخدام المؤلعفـة للفعـ‬ ‫المضـ ــارع فـ ــي بع ـ ـ‬

‫القصـ ــص الستحضـ ــار الصـ ــور وتجسـ ــيدها أمـ ــام‬

‫القــارو‪ ،‬وكــأن األحــداٍ التــي تصــفيا مشــاهد ســينمايية متحركــة‪ .‬ولنق ـ أر‬

‫قو المؤلفة مثالً‪:‬‬

‫"بعــد يــوم عمـ طويـ يحتــاج جســدها المرهــق إلــى حمــام ســاخن‬

‫يريحي ــا وينعش ــيا‪ ..‬تخل ــع عني ــا ثيابي ــا‪ ..‬وت ــدخ تح ــت المي ــا ‪ ..‬تغمره ــا‬ ‫القطرات الساخنة من رأسيا وحتى أخمص قدمييا‪ ،‬تراها متجيـة بوجييـا‬

‫ألعلــى‪ ..‬نحــو قط ـرات الميــا المتســاقطة‪ ..‬تلــتمس لحظــة اســتجمام بــين‬ ‫سرعة القطرات‪ ..‬قوتيا وح اررتيا‪..‬‬

‫تل ــبس قميص ــيا الاه ــري الرقي ــق‪ ..‬تجل ــب م ــا تبق ــى م ــن أعمالي ــا‬

‫قدر من الطعام مع القيو فقد كانت ليا أعا رفيق‪.‬‬ ‫لتنييه وهي تتناو ًا‬ ‫‪9‬‬

‫وهكذا يكون يوم عمليا قد انتيى ومع دقات منتصف الليـ تبـدأ‬ ‫األنثى المكبوحة بداخليا تفيق‪( ."..‬شتا طوي )‬ ‫استخدام المؤلفـ ِة الجمـ َ بـدون حـروف عطـف فتتحـو‬ ‫كما يكثر‬ ‫ُ‬ ‫الجمـ النثريــة إلــى مجموعــة دفقــات شــعورية متتاليــة تحــبس معيــا أنفــاس‬

‫الق ار ‪ ،‬وهذا أثر من آثار شعرية الكاتبة‪ .‬ومن ذلم قوليا‪:‬‬

‫"وتنسى احتياجاتيا خال تلم الساعات‪ ..‬تنيـي عمليـا‪ ..‬تحمـ‬

‫حقيبتيا‪ ..‬تنـا متيادية على درجات السلم متجية إلـى سـيارتيا‪ ..‬تركـب‬

‫الســيار ‪ ..‬ت ـري ظيرهــا علــى مقعــدها‪ ..‬تغم ـ‬

‫عينييــا ألق ـ مــن دقيقــة‬

‫وكأنيــا تحــاو اســتعاد حيــا فــي اخــم العم ـ قــد فقــدتيا‪ ..‬تتنيــد تنييــد‬

‫حاين ــة‪ ..‬ت ــدير مف ــاتي الس ــيار وتنطل ــق قاص ــد بيتي ــا يعتريي ــا التع ــب‪..‬‬ ‫منيكــة تنظــر حوليــا‪ ..‬تحــاو أن تخطــف لحظــات مشمســة تــر‪ ،‬عينييــا‬

‫من خالليا الحيا "‪( .‬شتا طوي )‬

‫وم ــن أكث ــر م ــا يالح ــظ عل ــى المجموع ــة القصص ــية أني ــا ُحبل ــى‬

‫بالرساي المباشر المراد توصـيليا إلـى القـارو‪ ،‬وان عابيـا صـدورها علـى‬ ‫لسان الراوي وليس على لسان إحد‪ ،‬شخصيات القصـة؛ إذ إن صـدورها‬

‫من غير الراوي يجع الرسالة أق مباشرً وأكثر فنيةً‪.‬‬ ‫نوعا مـن الحواريـة بـين الماضـي‬ ‫وقد نجحت المؤلفة في أن تقيم ً‬ ‫والحاض ــر‪ ،‬فالمؤلعف ــة مـ ــن هـ ـؤال ال ُكتَّ ــاب الـ ــذين يكس ــرون أام ــان السـ ــرد‬ ‫ســردية ودالليــة‪ .‬أمــا المكــان‪ ،‬فتتعــدد اختيــارات‬

‫فينتقلــون بينيــا ألغ ـ ار‬ ‫شاطيا‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫المؤلعفة له‪ ،‬فقد يكون مكان العم أو منـاالً أو طريقًا أو‬ ‫ً‬ ‫‪10‬‬

‫ـر مي يمـا مــن‬ ‫وفـي هـذ المجموعــة القصصـية يمثـ العنـوان عنص ًا‬

‫نوع ــت الكاتب ــة ف ــي اس ــتخدام‬ ‫عناص ــر تش ــكي الدالل ــة ف ــي القص ــة‪ ،‬وق ــد َّ‬

‫العنـ ــاوين‪ ،‬مـ ــن حيـ ــٍ وظيفتيـ ــا فـ ــي القصـــة‪ ،‬فثمـ ــة عنـ ــاوين تشـ ــير إلـ ــى‬

‫مض ــمون القص ــة‪ ،‬أو تُ ْس ــتَنبط م ــن مغ ااه ــا‪ ،‬وق ــد تك ــون للعن ــاوين طبيع ــة‬ ‫إيحايية‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فإن المؤلعفة وان كان يعواها الغوص في عالم القصة‬ ‫ُ‬ ‫أنموذجا‬ ‫القصير العميق‪ ،‬فإنيا قدمت لنا – على صغر سعنيا –‬ ‫ً‬

‫متميا فيما يتعلق بالرسالة األدبية الكامنة و ار هذ المجموعة‬ ‫ًا‬ ‫قصصييا‬ ‫ٍ‬ ‫جسر للتواص بينيا وبين المتلقي بما‬ ‫القصصية‪ ،‬ونجحت في إيجاد‬ ‫أحدثته من جد ٍ وردود أفعا ٍ تجا األحداٍ والشخوص‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫أنثى مع وقف التنفيذ‬

‫الفصل األول‬ ‫خواطـر أنثـى‬

‫استيقظت كعادتيا نشطة مستعد ليوم عم حاف جديد ‪ ..‬يوم‬ ‫يتكرر ك يوم مع اختالف جدو أعماليا ‪ ،‬ففي ك يوم هنام في‬

‫عمليا تجديد ‪ ..‬بخالف العم لم يكن بحياتيا شي يذكر ‪..‬‬

‫بدأت يوميا بالوضو استعداداً ذان الفجر ‪ ..‬أخذت تتوضأ‬

‫وتتمتم بذكر اع ورسوله ‪ ..‬كانت تغس وجييا بالما وكأنيا تتطير‬

‫مما لحق بيا من عذابات الحيا ‪ ،‬رمقت نفسيا في المرآ رمقة خاطفة‬

‫جعلتيا تعيد النظر مر أخر‪ ،‬ولكن هذ المر نظرت لنفسيا نظر مطولة‬

‫‪ ..‬أخذت تتفحص نفسيا ‪ ..‬تنظر وتدقق والتساؤالت تعتصر قلبيا‬ ‫من أصبحت ؟‪..‬‬

‫والى أين ذهبت بي الحيا ؟‪..‬‬

‫كيف تغيرت مالمحي هكذا ؟‪ ..‬وكم مر علي هكذا من سنوات ؟‪..‬‬ ‫وكما نقو مر أمام عينييا شريط حياتيا مرو اًر خاطفاً سريعاً‬

‫‪ ..‬استفاقت منه على صوت أذان الفجر وقد تنبيت أنه هنام صال‬ ‫تنتظرها ومالقا صباحية لوجه اع ‪..‬‬

‫تبدأ يوميا بأهم اجتماع عم قط ‪ ..‬اجتماع عم من نوع‬

‫خاص ‪ ..‬اجتماع مع وجه اع عا وج ‪ ..‬ولحظات ييدأ بيا قلبيا من‬ ‫هموم الحيا ‪..‬‬

‫‪16‬‬

‫في خشوع شديد أقامت صالتيا بين يدي اع ‪ ..‬ارتسمت على‬ ‫مالمحيا الماليكية بسمة رضا تعينيا على مصاعب الحيا ‪ ..‬انتيت من‬

‫صالتيا وها هو قد جا موعد قيوتيا الصباحية‪..‬‬

‫عاشقة مجنونة للقيو هي ‪ ..‬تسلب َّلبيا رايحة الحبيان الذايب‬

‫بقيوتيا ‪..‬‬

‫جلست ترشفيا باستمتاع شديد على ذلم الكرسي القابع بجوار‬

‫شرفتيا‪ ..‬تستمع ألغنيات فيروا وتدندن معيا بصوتيا الحالم الحاين‪..‬‬ ‫تنتظر شروق الشمس بعيني طف بري ينتظر الفجر منذ امن بعيد‪.‬‬

‫تنيي قيوتيا ‪ ..‬تخلع عنيا حلتيا لتلبس حلة الواقع وتعود مر‬

‫أخر‪ ،‬لتسابق الحيا ‪..‬‬

‫تقف أمام المرآ تضع على وجييا اللمسات الجمالية‬

‫األخير‬

‫‪ ..‬تنظر بثقة لنفسيا ‪ ..‬تمسم حقيبتيا وتخرج من مناليا وعلى وجييا‬ ‫نظر تتحد‪ ،‬بيا مصاعب الحيا ‪..‬‬

‫أنثى هي مع وقف التنفيذ ‪ ..‬فأنوثتيا قيد الحصار مابين ذكور‬

‫غبية ومتاريس الحيا ‪..‬‬ ‫تكاف‬

‫من أج‬

‫عمليا ‪ ..‬وألنه أصب‬

‫الشي الوحيد الذي‬

‫يعينيا على وحدتيا ‪ ..‬الشي الوحيد الذي يكسر ولو لبع‬

‫الوقت‬

‫وطأ رغبتيا ‪ ..‬فقد ابتلع عمليا واقعيا‪ ..‬أصبحت األمنيات واألحالم‬

‫رفاهية غير متاحة لمثيالتيا في الحيا ‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫فقدت حقيا في أن تعيش كام أر ‪ ..‬فقدت حقيا في أن تحب‬

‫وأن تصب اوجة لرج يغير بعينييا مفيوميا عن الحيا ‪ ..‬فقدت حقيا‬

‫في لمسة طف يمسم بأنامليا ‪ ..‬يتيجأ اسميا ‪ ..‬يحتضنيا بين ذراعيه‬

‫الصغيرين وينادييا أما ‪..‬‬ ‫كانت نظرات الناس تقتليا ‪ ..‬فلم يكفييم الكالم ب وجيوا ليا‬ ‫أصابع اللوم واالتيام‪..‬‬

‫ألنم تعملين لم تتاوجي‪...‬‬

‫ألنم تفكرين لم تحبي‪..‬‬

‫لو أنم قبلتي بأي رج جا م ما كنت ا ن بال حيا ‪..‬‬ ‫أخذوا يعيبون علييا حتى رغبتيا في قبو أو رضا وحين نطقت‬

‫بكلمة التفاهم ‪ ..‬نظروا إلييا وكأنيا ارتكبت خطيية ‪ ..‬أنكروا علييا‬ ‫أبسط حقوقيا في ايجة لمد‪ ،‬الحيا ‪ ..‬حاكموها وأصدروا األحكام بأنيا‬

‫صاحبة الذنب ‪ ..‬فأعلنت على مجتمعيا العصيان‪..‬‬

‫"نعم أنا ام أر ولكني لست اليوم بمدان ‪ ..‬ولتعلموا أني أنثى رغم أنف‬ ‫األامان" ‪..‬‬

‫‪18‬‬

‫***‬

‫الفصـــل الثـــانـــي‬ ‫شتاء طويل‬

‫هي خليط ساحر ويتجلى هذا في عمليا ‪ ..‬فيي محط إعجاب‬ ‫الجميع ‪ ..‬منيم من ير‪ ،‬بيا أنوثتيا ومنيم من تسحر ببسمتيا وآخرون‬

‫يحبون أسلوبيا وطابعيا وجرأتيا ‪ ..‬وان اختلفوا جميعاً على ما يجذبيم‬

‫إلييا ولكنيم لن يختلفوا على أنيا متميا بين مثيالتيا‪.‬‬ ‫مر يوم العم‬

‫بين اجتماعات ومقابالت ‪ ،‬أوراق وضغوط‬

‫وكثير من المكالمات ‪ ،‬حتى أنيا تنسى نفسيا وتنسى احتياجاتيا خال‬

‫تلم الساعات ‪ ..‬تنيي عمليا ‪ ..‬تحم حقيبتيا ‪ ..‬تنا متيادية على‬

‫درجات السلم متجية إلى سيارتيا ‪ ..‬تركب السيار ‪ ..‬تري ظيرها على‬ ‫مقعدها ‪ ..‬تغم‬

‫عينييا ألق من دقيقة وكأنيا تحاو استعاد حيا‬

‫في اخم العم قد فقدتيا‪..‬‬

‫تتنيد تنييد حاينة ‪ ..‬تدير مفاتي السيار وتنطلق قاصد بيتيا‬

‫يعترييا التعب ‪ ..‬منيكة تنظر حوليا ‪ ..‬تحاو أن تخطف لحظات‬

‫مشمسة تر‪ ،‬عينييا من خالليا الحيا ‪..‬‬

‫تص إلى وجيتيا ‪ ..‬تركن السيار ‪ ..‬تحم الحقيبة متجية إلى‬

‫باب مناليا ‪ ..‬تلقي التحية بحنو وتواضع على اوجة الحارس ‪..‬‬

‫تدل بناته تخرج لين الحلو‪ ،‬من حقيبتيا ‪ ..‬دوماً كانت حريصة على‬

‫أن تشتري الحلو‪ ،‬رفقاً بك طف يقابليا في أي وجية تقصدها‪..‬‬

‫تلقي التحية وتستأذن قاصد باب شقتيا ‪ ..‬تفت الباب وتلقي‬

‫السالم والرحمة على مخلوقات اع التي ال نراها وال نسمعيا ‪ ..‬تفرغ‬ ‫‪20‬‬

‫حقيبتيا ‪ ..‬تصنف ما ينتظرها من أعما ‪ ..‬تتجه للحظة ميمة تحلم‬ ‫بيا وتنتظرها‪..‬‬

‫بعد يوم عم طوي يحتاج جسدها المرهق إلى حمام ساخن‬

‫يريحيا وينعشيا ‪ ..‬تخلع عنيا ثيابيا ‪ ..‬وتدخ تحت الميا ‪ ..‬تغمرها‬ ‫القطرات الساخنة من رأسيا وحتى أخمص قدمييا‪ ،‬تراها متجية بوجييا‬ ‫ألعلى نحو قطرات الميا المتساقطة ‪ ..‬تلتمس لحظة استجمام بين‬

‫سرعة القطرات ‪ ..‬قوتيا وح اررتيا‪..‬‬

‫تلبس قميصيا الاهري الرقيق ‪ ..‬تجلب ما تبقى من أعماليا‬

‫لتنييه وهي تتناو قدر من الطعام مع القيو فقد كانت ليا أعا رفيق ‪.‬‬

‫وهكذا يكون يوم عمليا قد انتيى ومع دقات منتصف اللي تبدأ األنثى‬

‫المكبوحة بداخليا تفيق‪..‬‬

‫وفي الساعات األولى من يوم جديد تقف تلم األمير العذبة‬

‫المالم في شرفتيا صامتة تتأم الفضا البعيد ‪ ..‬يعلو وجييا خليط‬ ‫من المشاعر في ماهيته غريب‪ ..‬فال يسعم أن تعلم ه هي حاينة أم‬

‫سعيد ؟! ه تبكي أم تضحم؟! ه تكترٍ أم احتليا شعور الالمباال‬

‫الرهيب؟‪!..‬‬

‫تقف في رداييا الاهري سادلة شعرها البني على كتفييا ينبعٍ‬

‫من عينييا العسليتين شي غريب‪ ..‬شي مجيو يجعلم تنجذب‬

‫إلييا‪ ..‬ونسمات اللي الساهر تداعب خصالت شعرها ‪ ،‬تتيافت ‪..‬‬ ‫‪21‬‬

‫تتسابق حاير أييما تلمس شفتاها أم وجنتاها‪ ..‬تقف ناظر للكون الساكن‬ ‫‪ ..‬للشارع اليادو وبداخليا مشاعر مآلها تعتصرها ‪..‬تستعيد ذكريات‬ ‫حياتيا ‪ ..‬تتسا‬

‫وتتسا‬

‫وال تص كالعاد إلجابة ترضي سريرتيا‪..‬‬

‫تحدٍ نفسيا بأحداٍ مضت ومواقف وأناس فييم من ْأرَدتْيُم‬ ‫وفييم من ْأرداها ‪ ..‬مواقف صنعتيا ومواقف كادت تيدم بنيانيا ‪..‬‬ ‫ظلت تفكر وتفكر حتى توقفت أمام سؤا ظ يتردد على ذهنيا ‪..‬‬ ‫يشغ باليا ‪ ..‬يحيرها بتعدد أشكاله وأساليبه وظيور بعينييا‪..‬‬

‫إلى متى؟‪ ..‬أيامي سرقتني ونسيت أم تناسيت أن أحياها ؟!‬ ‫متى بدأت وأين وصلت ؟‪..‬‬

‫متى ستكون لحكايتي نيايتيا ؟!‬

‫وفجأ ساد الصمت والتركيا بذهنيا الحاير‪ ..‬والحت أمام‬

‫عينييا نقطة البداية أم أقو البدايات ؟!!‬

‫وجدت أن حياتيا تحتوي على عد بدايات ‪ ..‬بدايات ال يمكن‬

‫إ غفا أو إهما إحداها فكليا ساهمت في وجود تلم الحيا ‪ ..‬ساهمت‬ ‫في وجود أناس وفراق أناس وآخرون ما اا موقفيم مجيو من دنياها‪..‬‬ ‫أتسخط على ما مرت به ‪ ..‬على ا الم والج ار التي فرت ميجتيا؟!‬

‫أم تحمد اع عليه ‪ ،‬فلوال ا الم والج ار فما كان شخصيا وما كانت‬

‫روعتيا ؟!‬ ‫‪22‬‬

‫ه تسخط على لحظة علمت بيا مكنون الحيا وماهيتيا ؟!‬ ‫أم ترضى وتحمد فيي لن تعيش مغيبة كمثيالتيا ؟!‬

‫ه ما تعلمته استحق ما دفعته ثمن من آالم وج ار للحيا ؟!‬

‫تصمت قليالً وكأنيا تكب تساؤالتيا ‪ ..‬تشد علييا األغال ‪ ..‬تقيدها‬

‫داخليا ‪ ..‬تتنيد تنييد طويلة ‪ ..‬تنظر عيناها للسما ‪ ..‬تقطر من‬ ‫عينييا دمعة حاينة وتيمس شفتاها الحمد ع ‪ ..‬الحمد ع‪..‬‬ ‫آخر ما تستقر صورته بعينييا هو وجه القمر وضو‬

‫صفحات ليليا القاسي الطوي ‪..‬‬

‫الفضي على‬

‫تلملم أشال ها وقد تيالم عقليا من األسيلة ‪ ..‬تدخ لتستقر في سريرها‬ ‫تتمتم بأذكارها ‪ ..‬تغم‬

‫للعق فلجسدها‪..‬‬

‫جفنييا ‪ ..‬تلتمس راحة إن لم تكن للقلب أو‬

‫"تمر على حيا األنثى فصو السنة األربع وكان هذا الفص شتا‬ ‫أنثاي الطوي "‪..‬‬

‫***‬

‫‪23‬‬

‫الفصـــل الثـــالـــث‬ ‫حلم يداعب عتم الليل‬

‫جلست‬ ‫على الشاطئ الصخري المجاور للقلعة بمنطقة بحري ‪َ ..‬‬

‫أمام البحر مباشر ‪ ..‬تستمع ليمس البحر وحكايات اليوا الحر الطليق‬

‫‪ ..‬كانت طيور النورس تحلق فوقيا تاين سما لوحتيا بذام الفضا‬

‫الفسي ‪ ..‬متأملةً المد‪ ،‬البعيد‪ ،‬تتردد على مسامعيا أغنية فيروا “كيفم‬ ‫أنت” تحمليا الكلمات إلى أو دقة قلب ‪ ..‬أو رجفة جسد ‪ ..‬أو‬

‫لمسة يد‪ ،‬حملتيا إلى نفس المكان منذ امن بعيد ‪..‬‬

‫كانت تجلس نفس الجلسة وبجوارها حبيبيا الوحيد‪ ..‬رجليا‬

‫األو واألخير‪ ..‬تذكرت تسارع دقات قلبيا ‪ ..‬ارتعاشة أنفاسيا مع أو‬

‫لمسة يد من يد الحبيب‪ ..‬تذكرت التقا نظراتيما وذام الشوق الرهيب ‪..‬‬ ‫كلماته الرقيقة واهر حم ار يداعب بيا مالمحيا بفي‬ ‫ألعتى القلوب يذيب‪..‬‬ ‫مع هذا الفي‬

‫من الحنان‬

‫الحاني ‪ ..‬مع الذكريات أغمضت جفنييا‬

‫للحظة مبحر مع حبيبيا إلى سما خيالي بعيد ‪..‬أمسم يدها ‪ ..‬جذبيا‬ ‫بر ٍ‬ ‫قة إلى صدر ‪ ..‬أ ار رأسيا على كتفه ‪ ..‬احتواها داخله وبحنو شديد‬ ‫راقصيا‪ ..‬رقصا ‪ ..‬تداعبا ‪ ..‬ضحكا ‪ ..‬وتضاربا ‪ ،‬تبادال نظ ارت تمألها‬ ‫أشواق دفينة من امن بعيد ‪ ..‬سمعت صوته يردد على مسامعيا أحلى‬

‫كلمة ‪ ..‬كلمة هجرتيا منذ أمد بعيد ‪ ..‬سمعته ييمس بأذنييا “أحبم” ‪..‬‬ ‫وشعرت بشفتيه تلمس في رقة وحرار وجنتيا ‪ ..‬شعرت قشعرير‬

‫‪26‬‬

‫تياجميا ‪ ..‬تالا حصونيا ‪ ..‬تمتلكيا ‪ ..‬شعرت بذ ارعيه تجتذباها بقو‬ ‫إلى صدر ‪..‬‬

‫وفجأ انتبيت على صوت بايع الشاي والقيو يسأليا بماذا‬

‫يستطيع أن يخدميا ‪ ..‬فتبسمت وطلبت فنجان من القيو اعتادت عليه‬ ‫في وحدتيا يؤنسيا ‪..‬‬

‫تنيدت تنييد قوية ‪ ..‬تنييد عاشقة أذابتيا الذكريات ‪..‬‬

‫ونظرت للبحر بعينييا مبتسمة وكأنيا تسأله يا تر‪ ،‬كيف هي الذكريات‬ ‫مع حبيبي ؟‪..‬‬

‫صمتت في سكينة واالبتسامة تعلو وجييا ‪ ..‬تأملت صفحة‬

‫البحر الصافية وأمواجه اليادية ‪ ..‬شعرت بيا تنب‬ ‫مااالت هنام فرص للحيا ‪.‬‬

‫وكأنيا تخبرها بأنه‬

‫وتأكيداً على رو المر للكون المحيط والتي أصر أحد طيور‬

‫النورس أن يثبتيا بحرار ففع فعلته على قميصيا والتف هارباً في‬ ‫الفضا البعيد ‪ ..‬مما أثار ضحكيا فقيقيت وكأنيا قامت من ثبات‬

‫عميق‪..‬‬

‫شربت قيوتيا ‪ ..‬وهمت قاصد ً مناليا ‪ ..‬ركبت سيارتيا ‪ ..‬مدت‬

‫يدها لتشغ الراديو فإذا بصوت فيروا يشدو بآخر مقطع من أغنيتيا‬

‫"ترجع ع راسي رغم العيا والناس ‪ ..‬أنت األساسي وبحبم في األساس‬ ‫‪ ..‬بحبم أنت" ارتسمت على شفتييا بسمة تمألها السعاد ‪..‬‬

‫‪27‬‬

‫أدارت مفاتي سيارتيا ‪ ..‬راضية عن يوميا تمأل السعاد قلبيا متجية‬ ‫إلى مناليا ‪..‬انطلقت بالسيار ‪ ..‬داهمتيا احمة المواصالت والسير فقد‬ ‫كانت هذ ليلة الجمعة ‪ ..‬توقفت بإحد‪ ،‬اإلشارات ‪..‬‬

‫لم تبا بك هذا المل وال بتلم الاحمة الخانقة‪..‬‬

‫وفجأ جذب مسامعيا صوت لم تحلم حتى صدفة أن تقابله ‪..‬‬

‫نظرت إلى مصدر الصوت ‪ ..‬السيار المجاور لسيارتيا لتجد أميرها‬ ‫رب أسر تجلس بجانبه اوجته ويحيطه أطفاله وصوته يعلو غاضباً‬

‫ثاي اًر على احمة المرور أو على اخم الحيا ‪..‬‬

‫تحملق فيه وهي مذهولة مما رأت ومن صدفة انتظرتيا مطوالً‬

‫وتمنتيا على مدار الليالت‪ ،‬من حلم ظ يداعب عتم ليليا في تلم‬

‫الحيا ‪..‬‬

‫فتحت اإلشار وانطلق هو بسيارته مختفياً بين جموع السيارات‬

‫‪..‬ما كان منيا إال أن ركنت جانباً محاولةً استرجاع ما خار من قواها ‪..‬‬ ‫سكنت للحظات ‪ ..‬تيقنت أنيا اليوم تعلمت درساً جديداً ‪..‬‬

‫تعلمت “أن الحيا ال تقف عند شخص ميما كانت أهمية ما لعبه من‬

‫دور في حياتنا وأن العمر ال ينتيي إال بالممات"‪..‬‬ ‫***‬

‫‪28‬‬

‫الفصـــل الرابــــع‬ ‫أمس انتهينا‬

‫حبيبي‪ ..‬أحببتم كثي اًر ‪ ..‬وتناالت ألجلم وألج‬

‫رغباتم‬

‫ورضام كثي اًر ‪ ..‬ولكنم لحبي ما قدرت‪ ..‬توسمت بم الخير فلم أجد ‪..‬‬ ‫ولكنني لم أفقد يوماً األم في أن يستنفر حبي من داخلم الخير‪..‬‬

‫كنت تقتلني مع ك لحظة ‪ ..‬إما بتجاه أو بخيانة وكنت أحملم‬ ‫بصدري اهر تلتمس الحيا ‪ ..‬تنتظر قطر ند‪ ،‬ما جا ت قط‪ ..‬أعلم‬

‫أنم ال تلقي لي باالً وأنم قد ال تتذكرني ‪ ،‬وكثي اًر ما تسا لت ماذا كنت‬ ‫بحياتم ؟! وه يوماً ولو عرضاً على أفكارم وردت؟‪ !..‬ك ما أعلمه‬ ‫هو أني ما تمنيت سوام وأنم بك أنثى سواي افتتنت‪ ،‬وختام كلماتي‪:‬‬

‫"أنم من عمري أكثر من وقتم أخذت"‬

‫كان هذا نص خطاب كتبته أنثاي لحبيبيا بعد أن عادت إلى‬

‫مناليا بعد يوم حالم ومضني في نفس الوقت‪ ..‬أنيت خطابيا ‪..‬‬ ‫وضعته في ظرف وردي معطر بشذا عطرها ‪َّ ..‬قبلت الظرف بشفتييا‬

‫قبلة وداع حانية ‪ ..‬انطبع أثر أحمر شفتييا على الظرف مؤكداً قبلة‬

‫وداعيا‪ ..‬تركت الظرف على مكتبيا ‪ ..‬قامت لتغتس وكأنيا تود أن‬ ‫تاي آثار الماضي عنيا ‪ ..‬تود أن تتخلص من أحماليا ‪ ..‬أنيت‬

‫حماميا الساخن ‪ ..‬جلست قرب شرفتيا ممسكةً بيدها فنجان قيو‬

‫لطالما في أشجانيا رافقيا ‪ ..‬تتأم السما وتأللؤ نجماتيا ‪ ..‬تستمع‬

‫إلى صوت كاظم الساهر يشدو بكلمات ساحرته‪:‬‬

‫‪30‬‬

‫الليلة إحساسي غــريب ‪ ..‬عاشق وأنا مــالي حبيب‬

‫حبيت كل الناس المونـي ‪ ..‬حبيت كل أحبابي فاتوني‬ ‫قولت أحب الحب أحسـن ‪ ..‬قولت أحب الحب أضمن‬ ‫ال أحن وال أذوب وال بعد اليوم أحزن‬

‫ط َرب للكلمات ‪..‬‬ ‫ياله من صوت وياليا من كلمات ساحر ‪ ..‬تَ ْ‬ ‫تشعر بأنيا أخي اًر تحررت من أهم وأقو‪ ،‬قيود ماضييا وأنيا في تلم‬

‫اللحظة عاشقة للحيا ‪ ..‬عاشقة لنفسيا ‪ ..‬حتى أنيا قد تكون بالفع‬

‫عاشقة ولكن بال عاشق يشاركيا كونيا‪..‬‬ ‫جلست ُم َمِد َد ً قدمييا على كرسي مقاب ليا ‪ ..‬تضع يدييا‬ ‫خلف رأسيا متكأ بظيرها على ظير مقعدها ‪ ..‬تتالعب النسمات‬

‫بخصالت شعرها ‪ ..‬ينعكس على وجييا ضو القمر الساحر ‪..‬‬

‫جلست كلوحة ايتية آية في الجما وكأنيا تتحد‪ ،‬الكون بروعة‬

‫أنوثتيا‪ ..‬أنيت قيوتيا وشرعت بوضع اللمسات األخير على تلم اللوحة‬ ‫الفايقة الجما بنظر للكون الساكن بيدو ورضا وصبر جمي يتجلى‬

‫بعينييا‪ ..‬أغلقت شرفتيا ‪ ..‬دخلت غرفتيا ‪ ..‬استقرت على سريرها ‪..‬‬

‫تلت أذكارها ‪ ..‬أغمضت عينييا ‪ ..‬ارتسمت على مالمحيا ابتسامة‬ ‫تحير العقو في ماهيتيا‪ ..‬قضت ليلة هادية ‪ ..‬وراحت في ثبات عميق‬

‫ألو مر منذ امن بعيد ‪..‬‬

‫‪31‬‬

‫استيقظت باك اًر لصال الفجر كعادتيا ‪ ..‬مستقبلةً يوم جديد‬

‫بطيرها وب ار تيا ‪ ..‬ارتدت أحلى ما عندها ‪ ..‬تاينت كما لم تتاين في‬

‫حياتيا‪ ..‬كانت كالبدر تشع جماالً وأنوثة ‪ ..‬تتألق الحيا في نظراتيا‬

‫‪..‬أخذت الخطاب الملقى على سط مكتبيا ‪ ..‬نالت مسرعة من مناليا‬ ‫متجية لمؤنس حياتيا األوحد “عمليا‪"..‬‬

‫في طريقيا للعم توقفت للحظات عند شاطئ البحر ‪ ..‬ألقت‬

‫الخطاب توقفت لثو ٍ‬ ‫ان تراقب األمواج تتخطفه ‪ ..‬تتقاذفه حتى اختفى‬ ‫كلياً ومعه حكاية انتيت في عر‬

‫البحر ‪..‬‬

‫خال تلم اللحظات مرت بعينييا أحداٍ قصتيا كاملة أمام‬

‫عينييا وكان آخر مشيد منيا يحم‬

‫صور لحبيبيا يترم يدييا‪..‬‬

‫تبسمت برضا ‪ ..‬إْلتَفت عايد إلى سيارتيا ‪ ..‬أدارت مفتاحيا ‪“ ..‬أخ‬ ‫فعلتيا اوبة !! “‪ ..‬يا إليي لماذا تصر اوبة أن تثبت صالبة رأس في‬ ‫أوقات حرجة وميمة فقط عندما أحتاجيا‪ ..‬ياليا من سيار عنيد صلبة‬ ‫الرأس كصاحبتيا ‪ ..‬ترجلت من السيار ونظرت ليا نظر اختلط فييا‬

‫الغيظ بالضحم‪ ..‬ضحكت ضحكة ساخر مجلجلة ‪ ..‬ضحكة لم تعرف‬

‫منذ امن طريقيا ليذا القلب‪ ..‬سخرت من الموقف ونظرت لسيارتيا‬

‫وقالت‪“ :‬كد برد يا اوبة ‪ ..‬ماشي يا ستي ‪ ..‬كد برد هنت عليكي‬

‫‪ ..‬عموماً أنا كمان هسيبم وأرو شغلي واستنيني بقا يا هانم لما ارجع‬ ‫أخدم" ‪..‬‬ ‫‪32‬‬

‫وقفت تحاو أن توقف تاكسي ‪ ..‬إال أن ك التاكسيات أبت أن‬ ‫تقف وكأنيم تآمروا مع تلم العنيد اوبة‪..‬‬

‫وفجأ توقفت سيار ‪ ..‬انبعٍ من داخليا صوت ذكوري أجش‬

‫راين يقو ليا “اركبي يا آنسة” ‪ ..‬نظرت لتر‪ ،‬من تج أر ووجه ليا تلم‬ ‫الدعو بالصعود لسيارته ‪ ..‬يوووو كما !! ‪ ..‬ميندس كما اميليا‬

‫بالعم ‪ ..‬شكرته وأبت بحجة أنيا ستوقف تاكسي وكأنه أمر سي ‪..‬‬ ‫فأصر بشد وبما أن الوقت كان قد أاف وكانت على شفا حفر من‬

‫التأخر عن العم فقد قبلت دعوته ولكن على مضد ‪ ..‬وأخذت تختلط‬ ‫بداخليا مشاعر االمتنان والسخط مغلفة بالخج ‪ ..‬ولكنيا مضطر ال‬

‫محالة وك ذلم بسبب اوبة هانم وأفعاليا‪ ..‬والحقيقة أن ما كان يحيم‬ ‫بصدرها تجا كما كان شعور متباد أي كما يقو المث ‪“ :‬من القلب‬

‫للقلب رسو ” رغم أن كالهما لم تجمعه با خر صدفة أو حتى محادثة‬ ‫عابر من قب ‪..‬‬

‫جلس ك منيما يحاو دفع نفسه لتنطق بكلمة شكر أو ترحيب‬

‫أو موضوع عم يغير األجوا ويكسر جدار الصمت الرهيب ‪ ..‬حتى‬

‫تشجع كما‬

‫مباد اًر بالقو ‪“ :‬منذ فتر لم أرم في الشركة حتى أني‬

‫اعتقدت أنم ال تأتين أو أنم لشركة أخر‪ ،‬انتقلت” ‪ ..‬فأجابته بحد‬

‫واعت ار‬

‫‪“ :‬نعم!!” ‪ ،‬فارتبم كما وساد مر أخر‪ ،‬الصمت ‪ ،‬أحست‬

‫أن رد فعليا جا ت حاد مبالغ فييا وأنه فقط حاو أن يتكلم ليكسر‬ ‫‪33‬‬

‫البرود والخج‬

‫في مالم‬

‫وجييا ‪ ..‬فابتسمت ابتسامة حلو عابة‬

‫وكانت قد تذكرت أنيا سمعت باألمس امي‬

‫كما‬

‫في العم‬

‫يبلغ‬

‫اإلدار بأن كما إجاا عن ذام اليوم ‪ ..‬فأسعفيا ذكا ها ‪ ..‬وقالت له‬

‫‪“ :‬نعم قد أكون أنا من ال تأتي ولكن لتذكرني هكذا أين كنت أنت‬ ‫باألمس؟؟” ‪..‬فابتسم ابتسامة خج ونظر أمامه ‪ ..‬ساد الصمت مر‬

‫أخر‪ .. ،‬أخذت نفس ك منيما تراود أن ينطق وفي نفس الوقت اتخذ‬ ‫كالهما القرار متكلماً ‪ ..‬التقت عيناهما ‪ ..‬تخاطبا معاً بالعين مخلفين‬

‫جواً غريباً وكأن الامن توقف للحيظات وال يوجد بالكون سواهما ‪ ..‬لم‬ ‫ٍ‬ ‫يفيقا إال على إنذار سيار تستعج مسيرهما ‪ ..‬فنظ ار في خج ٍ‬ ‫شديد‬ ‫لبعضيما ‪ ..‬ثم انفج ار من الضحم تاركين ما كان باألمس لألمس ‪..‬‬

‫مقبلين على يوم جديد ‪ ..‬موقنين “أنه دايماً وأبداً سيظ هنام أمس‬

‫يسبق اليوم وغد جديد يحي اليوم لألمس"‬ ‫***‬

‫‪34‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫إعتقــال حلم‬

‫طوا ثالثة أسابيع وك ما يجمعنا هو نظرات خفية وابتسامات‬ ‫سرية ‪ ،‬ثالثة أسابيع شعرت فيين أني عدت مراهقة تعتريني مشاعر‬

‫اهقَة العتية ‪ ،‬أخذت أنتظر خطوته األولى وأتسا‬ ‫المر َ‬ ‫ت منسية؟!‬ ‫أص َب َح ْ‬ ‫حلم أم حقيقة ؟! ه انتيت أيام الوحد و ْ‬

‫ه ما أحيا‬

‫كم هو جمي أن تستشعر لذ الحب بعد سنين الوحد‬

‫القوية‬

‫‪ ..‬سعاد ال توصف تعتريني ‪..‬تغطي مالمحي ‪ ..‬تكاد تفضحني‬ ‫عيناي‪ .‬صبا جديد يبدأ بإطاللة فيرواية ‪ ..‬ورايحة الحبيان تفو من‬

‫قيوتي الصباحية ‪ ..‬أخرجت حلتي الاهرية من الخاانة ‪ ..‬شعرت‬ ‫داخليا أني اهر عادت َنِديَّة ‪ ..‬وضعت اللمسات األخير من عطر‬ ‫ساحر وأحمر شفا متأللي ‪ ..‬تجملت وتألقت حتى أني من اهوي‬ ‫شعرت أني نجمة هوليودية ‪..‬‬

‫اليوم لن أركب المصعد هبوطاً فقد قررت أن أتياد‪ ،‬على‬

‫درجات سلمي وكأني أمير عربية ‪ ،‬ومع أو إطاللة لي خارج باب‬ ‫البناية تقابلني النسمات بحفاو للحيا مغرية‪.‬‬

‫انطلقت بسيارتي متجية إلى مقر عملي ‪ ..‬ركنت السيار‬

‫وتياديت حتى باب المصعد وقفت انتظر ناوله وقد أخجلتني نظرات‬ ‫من حولي من الامال وهمسيم وال أخفي عليكم لكم أسعدني ذلم فمنذ‬

‫امن طوي هجرت تلم الحيا ‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫ما أن وص المصعد حتى باغتتني يد تفت بابه وصوت أجش‬ ‫أعشقه ييمس في سحر “تفضلي” ‪ ..‬أشحت بنظري إلى مصدر‬

‫الصوت فإذا به “كما ” في أبيى حلته كأمير أسطوري تط من عينيه‬ ‫تلم النظر ا ثر السحرية‪ .‬صعدنا سوياً ونا ك من رافقنا في دور‬

‫وعلى غير العاد لم يتبق سوانا صاعداً إلى الدور الذي أعم به ‪..‬‬ ‫كنت أنظر لألسف في صمت وخج شديدين ‪ ،‬فبادرني بقوله حذا‬

‫جديد ها؟‪ ..‬وابتسم ابتسامة المداعب فتبسمت في خج‬ ‫أحمرت وجنتاي فسألني أن أسم‬

‫شديد وقد‬

‫له بأن يياتفني اليوم بعد انتيا‬

‫ساعات العم فتسمرت صامتة أمام سؤاله فانفجر ضاحكاً فقد كنت‬

‫أشبه حينيا فتا لم تبلغ العشرين من عمرها ‪ ..‬أعاد علي سؤاله مر‬

‫أخر‪ ،‬فأومأت برأسي في خج شديد موافَقَةً وعدت لصمتي مر أخر‪،‬‬ ‫حتى أنني من خجلي لم انتبه إلى أنه ينتظر أن أعطيه رقم هاتفي ‪..‬‬

‫ٍ‬ ‫مباشر قايالً‪" :‬إذا ه لي برقم هاتفم" وتبسم تلم‬ ‫فإذا به يطلبه بشك‬ ‫االبتسامة المداعبة مر أخر‪ .. ،‬نا كالنا من المصعد وتوجيت إلى‬

‫مكتبي وقد انتابني شعور شديد بالنشو والبالهة في آن واحد ‪ ..‬وقد‬ ‫أخذت أعاتب نفسي ‪ ..‬ماذا عساي فعلت؟! ‪ ..‬ولماذا تسمرت أمامه‬

‫هكذا؟! ‪ ..‬كم أنا بليا كيف له أن يتص بي دون أن أعطيه رقم‬ ‫هاتفي ‪ ..‬يالي من فتا غبية!!‬

‫‪37‬‬

‫مر اليوم وأنا أتحرق شوقاً النتيا ساعات العم من أج تلم‬ ‫َّ‬

‫المكالمة ‪ ..‬حتى أنني غرقت في أحالم يقظتي ومن فرط السعاد‬ ‫شعرت أني أطفو فوق األر‬

‫ال أسير علييا ‪ ..‬أتودون الحق كنت‬

‫كشخص كاد يموت عطشاً في صح ار قف ار ثم وجد نبع أو ت ار ‪ ،‬له‬

‫ذلم فانساق و ار هالوسه وأوهامه‪..‬‬

‫انطلقت الصافر معلنةً عن انتيا يوم عم طوي ‪ ..‬ركبت‬

‫سيارتي مسرعةً إلى مكان لطالما قصدته في وحدتي ‪ ،‬مكان ساحر في‬ ‫المنتا على شاطي البحر مباشر ‪ ..‬ركنت سيارتي ونالت ألجلس‬ ‫على السور المط على البحر ونظرت حولي ألجد ك ما عيدته قد‬ ‫تغير فقد أضفى بصري عليه من الحيا لباس ناب‬

‫جديد ‪.‬‬

‫رن هاتفي ‪ ..‬سمعت صوته ألو مر ‪ ..‬أصاب الجنون دقات قلبي‬ ‫ياله من صوت ساحر ‪ ..‬تحادثنا طويالً ‪ ..‬شعرت وكأنني أعرفه منذ‬

‫امن طوي ‪ ..‬تكلمنا في ك شي ‪ ..‬كانت مكالمة ساحر بحق‪.‬‬ ‫توالت المكالمات وفي إحداهن طلب مقابلتي وقد كان‬

‫‪ ..‬وياليا من مقابلة‪..‬‬

‫أتذكر أني أخذت أتحضر لتلم المقابلة طوا‬

‫بالفع‬

‫أربع ساعات‬

‫متتالية ‪ ..‬تأنقت في ثوبي األحمر ووضعت عطري الباريسي الساحر‬

‫‪ ..‬طليت أظافري بذام اللون األحمر الدموي الفاقع ‪ ..‬كنت أنثى بك‬

‫ما تعنيه الكلمة من معنى ‪ ..‬وكان هذا ما قرأته من بريق عينيه عندما‬ ‫‪38‬‬

‫رآني ‪ ..‬فقد وقف متسم اًر في مكانه مأخوذاً بسحري ‪ ..‬أجلسني وجلس‬

‫أمامي يتأملني في انبيار شديد ‪ ..‬حتى أنني شعرت بنبضاته تتسارع‬

‫وكأن قلبه يضخ دمي‪ ..‬تكلمنا لساعات تالقت أعيننا في أحلى‬

‫اللحظات ودون أن ننتبه جا موعد الرحي ‪ ..‬هممت للرحي فاستوقفني‬ ‫راجياً أن أعد بموعد آخر ‪ ..‬وقد كان له ما طلبه فلم يكن ذام الموعد‬ ‫األخير ‪ ..‬توالت المواعيد وهمنا سوياً في بحور العشق والخيا ‪..‬‬

‫تغيرت حياتي تماماً ‪ ..‬انقلبت رأساً على عقب ‪ ..‬لم تعد هنام‬

‫وحد ولم أعد أقضي ليلي في آالم مرهقة‪..‬‬

‫أتذكر أن أو ما جذبني لكما هو مظير الساحر ونظرته‬

‫الماليكية ولكن هييات بين الحقيقة والواقع فقد بدأ ك شي في التغير‬

‫لألسوأ بعد لحيظات ‪ ..‬بدأ "كما " يعاملني بخشونة وقسو ال متناهية‬ ‫وكأنه كان ينتظر امتالم قلبي حتى يأخذ في َجْلِد ِ وتعذيبه ‪ ..‬تغير‬ ‫"كما " تغي اًر شديداً حيٍ بدأ ُي َععي ُرنِي بنجاحي وتمياي في عملي وكأنه‬ ‫وصمة عار وعيب في حقي ‪ ..‬شعرت بأني ال أعرفه وكأنه أصب‬

‫شخصاً آخر وكنت أجي أي سبب لك ما يفعله‪.‬‬

‫أخذ جمالي يناوي ‪ ..‬تبدلت إطاللتي من السعاد إلى الحان‬

‫والوهن ‪ ..‬شحب لون وجيي وأسود أسف عيني من كثر السير أو‬

‫بكلمات أدق من كثر البكا واأللم ‪ ..‬وتسا لت ه يمكن أن يحدٍ‬

‫‪39‬‬

‫هذا؟!‪ ..‬ولماذا؟! ماذا ارتكبت ليقسو علي هكذا؟! ‪ ..‬ك ما فعلته هو‬ ‫أني أحببته ‪ ..‬وحلمت معه بطف يختلط في عروقه دمينا‪.‬‬

‫اشتد سو المعاملة من كما وكلما اشتد إيالمه لي كلما ااد‬

‫تضرعي ع أن يعيد إلي وأن يسعدني وايا ‪ ..‬لطالما سيرت اتضرع‬ ‫لربي ‪ ..‬لطالما رفعت يدي للسما في الليالي الممطر داعيةً جبار‬ ‫الخواطر أن يجبر ضعفي‪..‬‬

‫أسا كما معاملتي فشعرت بأني أمير وقعت في أسر ملم‬

‫مغولي على القير قدير ‪ ..‬تحولت من أمير إلى سبية على يد كما‬

‫ولألسف فعلى قدر ما كنت عطشى للحب وعلى قدر ما نيلت منه ‪..‬‬

‫على قدر ما تحو حبه كالسم يسري في دمي‪.‬‬ ‫لم أعرف ماذا أفع‬

‫‪ ..‬سلب مني إرادتي ‪ ..‬أصب‬

‫دايي‬

‫ودوايي ‪ ..‬كنت أفع أي شي لينظر إلي نظر رضا ‪ ..‬حتى أني‬ ‫فكرت في التناا عن ك ما هو ناج في حياتي ‪ ..‬فكرت في التناا‬

‫عن ك ما مياني عن مثيالتي ‪..‬‬

‫تالعب بي كما يحلو له ‪ ..‬فكان ييادن وقتما يحتاج حناني أو‬

‫يشعر أني بالبعد اتخذت قراري ‪ ..‬ويكشر عن أنيابه وقتما يشبع‬ ‫ويضمن بقايي‪.‬‬

‫ظلت عالقتنا هكذا في شد وجذب حتى فا‬

‫الكي وجا يوم‬

‫صارحته فيه بك شي ‪ ..‬خيرته بين أن يرتبط بي ويعاملني كما تملي‬ ‫‪40‬‬

‫منالتي أو يتركني‬

‫خر يقَّدرني ‪ ..‬ولكن تيقنه من أنه ملكني جعله‬

‫يباشر في لعبة الميادنة وبسذاجتي وطيري أخذت أسب‬

‫في عيود‬

‫الكاذبة وأحالمي بالقرب منه حتى تكلمنا ليلة وعندما كنا نتحادٍ سألته‬ ‫في ب ار‬

‫حالمة ه سيأتي اليوم الذي أحم فيه اسمم وأنعم بقربم‬

‫وأحم داخ أحشايي طف من دمم ولحمم ؟! ‪ ..‬وما لبثت أن أنيي‬

‫كلماتي حتى كشر عن أنيابه وانقلب ك شي رأساً على عقب وقا لي‬

‫لماذا ك ما يشغ بالم هو الاواج ؟!‬

‫حقيقة ذهلت من رد فعله ‪ ..‬وهالني قوله فسيطر علي‬

‫الصمت طويالً ‪ ..‬أخذ ينيرني ويرميني بتيم كثير ال أص ليا كقوله‬ ‫أني أنانية وأني ال أراعي ظروفه وأني ال أحف بوضعه وكلمات غريبة‬ ‫ال أعلم ليا أصالً ‪ ،‬حينيا سألته في ضعف لماذا تود أن تحرمني حقي‬ ‫في أن أكون اوجة لم؟! لماذا تحرمني حقي في حلم تتوق إليه ك فتا‬

‫على وجه األر ؟! ‪ ..‬حينيا نيرني مر أخر‪ ،‬قايالً أي حلم ذام أال‬

‫تسمعين كالمي ه‬

‫أنت صما‬

‫‪ ..‬أنت أنانية إلى حد أنم ال‬

‫تستطيعين سماع شي سو‪ ،‬صوت نفسم‪ ،‬حينيا وحينيا فقط باغته‬

‫قايلةً في حام وقسو شديدين من فضلم ال أود أن أكون حبيبتم ‪..‬‬

‫فأجابني في تراجع شديد أنا لم أقصد ذلم ‪ ..‬أنت من اضطرني للكالم‬

‫هكذا ‪ ..‬فأجبته أرجوم أغلق وال تتص بي مر أخر‪ ،‬فمن أحببته مات‬

‫منذ اللحظة ‪ ..‬أغلقت الياتف في هدو دون انتظار الرد‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫أتذكر أنني لم أعش ليلة أحلم من تلم الليلة ‪ ..‬فقد شعرت‬ ‫حينيا أني انكسرت وأن كرامتي أهينت وانتيكت بشد ‪ ..‬شعرت بأن‬

‫بكايي ال يريحني ب يايد من نار تأك أحشايي ‪ ..‬تتخطفني‪ ،‬شعرت‬

‫وكأن ك أحالمي قد تم اعتقاليا ونفيت في أبعد منفى على وجه‬ ‫األر ‪ ..‬كانت ليلة عصيبة قُتِْلت فييا ألف مر ‪..‬‬

‫فجأ صمت الكون من حولي وال صوت يعلو على صوت‬

‫عقلي ‪ ..‬حينيا رأيت نفسي أجلس في ااوية معتمة من حجر حالكة‬

‫الظلمة ‪ ..‬أشعر أني وحيد بشد ‪ ..‬وفي ذلم الوقت فقط أيقنت “أن‬ ‫العالقات القوية ال تبنى على عطش للحب أو توق لسراب ‪ ..‬ب تبنى‬

‫على تكافؤ في الشخصيات وعلى أسس عقالنية سليمة حيٍ ال‬ ‫يتعار ذلم مع راحة النفس والحب” ‪ .‬وتعلمت أيضاً “أن الرج ال‬ ‫يقيم بمظير أو بكلمة مليحة تخرج من فمه ‪ ..‬الرج هو من يتحم‬

‫مسيولية ك حرف يتكلمه” ‪.‬‬ ‫أما عن “كما ” فيقيني أنه سيتعلم َّ‬ ‫أن من يجر شخصاً فإنه‬ ‫بالضرور يخلف في نفسه هو ا خر تشوهاً ال يشفى أبداً فيذا يتعار‬

‫مع طبيعتنا البشرية ‪ ،‬فقد خلقنا بش اًر ال وحوش ضارية تنيش عبثاً‪" .‬‬ ‫***‬

‫‪42‬‬

‫الفصل السادس واألخير‬ ‫وتبسمت األقدار‬

‫لم يعد الوضع كما كان وما عادت الوحد تقو‪ ،‬على دور‬

‫ت أيامي السواد‬ ‫الكبت ‪ ..‬ك شي انيار وكأنني يوماً ما كنت ‪ ..‬اتَّ َش َح ْ‬ ‫وألشير جافاني النوم ‪ ..‬كنت أقضي اللي جالسة أحتضن ساقاي داخ‬ ‫صدري من شد البرد ‪ ..‬كانت أوصالي ترتعش من الوحد ‪ ..‬من‬

‫انكسار النفس ‪ ..‬من قير القلب ‪ ،‬كنت أقضي ساعات وساعات في‬ ‫جوف اللي‬

‫أنظر للسما وأرتعد من شد الخوف‪ ..‬لم يفارق الدمع‬

‫عيني ألشير طويلة ‪ ..‬حتى انطفأ بعيني هذا الوهج واختفت تلم اللمعة‬ ‫َّ‬ ‫‪ ..‬انمحت أي ابتسامة رافقت ثغري وعانت مالم وجيي من ظال‬ ‫الحان وكنت كرفا بشر‪ ..‬مرت أيامي متشابية ال جديد وال تغيير ‪..‬‬

‫آالم مستمر متجدد ونظرات حاد ممن حولي ‪ ..‬وكلما َو َه ْنت كلما‬ ‫احتدت في أعين من حولي التساؤالت‪.‬‬ ‫علي أيام وأيام وكنت كلما جلست وحدي يشرد ذهني‬ ‫مرت‬ ‫َّ‬ ‫بعيداً ‪ ،‬كنت أعم بجد ولكن ظاهري كاألحيا األموات ‪ ..‬لم يعد ألي‬

‫شي معنى ‪ ..‬ماعدت أصبو لاواج وما عادت تعنيني ضمة طف ومع‬ ‫الوقت فقدت حتى القدر على البكا ‪..‬هجرت ك متع الحيا وكنت‬

‫كلما تألمت بذلت في العم أضعاف الجيد‪.‬‬

‫اادهرت حياتي العملية كثي اًر وفي وعملي تألقت ‪ ..‬كنت أشبه‬

‫بنجمة يتطلع إلييا من حوليا يتيافتون علييا يتوقون للمسيا وال يملكون‬

‫‪44‬‬

‫في ذلم حوالً وال قو ولكنيم لم يعلموا أن تلم النجمة تجلس في ظالميا‬ ‫المعتم وحدها وأنيا رغم إشعاعيا جسد معتم ال يعلم طريق للضو ‪.‬‬

‫فقدت ميارات التواص إال فيما يخص العم وأصب تواصلي‬

‫مع الحيا كتواص طف أصم أبكم ‪ ..‬ثم جا ذام اليوم وكان في أوله‬ ‫ال يختلف كثي اًر عما سبقه أو هذا ما تخيلته ‪..‬‬

‫كنت جالسة بمكتبي أتابع عملي على جياا الكمبيوتر الخاص‬

‫بي واذا بشرودي داهمني ‪ ..‬وجدت نفسي أجلس وحدي في غرفة‬ ‫حالكة الظلمة ‪ ..‬شعرت بقير وذ وهوان ما عيدتيم من قب ‪ ..‬أخذت‬ ‫أحادٍ نفسي ‪ ..‬ه هذ هي النياية ؟! ‪ ..‬ه هكذا سينتيي األمر؟!‬

‫‪ ..‬نعم الوحد قدري ‪ ..‬تقبلي قدرم ‪ ..‬أال تفيمين أن اع من عليكي‬ ‫بك شي ‪ ..‬ك شي إال الحب ‪ ..‬ك شي إال طف يسر القلب ‪..‬‬

‫ك شي ‪ ..‬ماعدا ك شي ‪ ..‬احتدت نفسي علي وترقرقت من عيني‬

‫ت ك صوت بالكون‪..‬‬ ‫ص َم َ‬ ‫ص َمت و َ‬ ‫دمعة و َ‬ ‫أحنيت رأسي في استسالم لقضا اع ‪ ..‬حمدت واستغفرت ‪..‬‬

‫لم أتم حمدي حتى باغتني جرس الياتف ‪ ..‬صوت يعرفني ولكني ال‬

‫أتذكر ‪ ..‬سألته من المتكلم ‪ ..‬أجابني باسمه ورغم أنه أخبرني اسمه‬ ‫ثناييا إال أني أخطأته ‪ ..‬ولكني بعد أن أخطأته تذكرته ‪ ..‬يااااا شخص‬

‫مر بحياتي مرور الكرام ‪ ..‬شخص أقرب إلى مالم يمشي على األر‬

‫‪45‬‬

‫‪ ..‬شخص رغم أني من دون قصد جرحته إال أنه ما َخلَّفَني جرحاً قط‬ ‫‪ ..‬هالني الموقف وصدمتني الدهشة‪..‬‬ ‫ألقى علي السالم في شوق وحنو شديدين ولم أكن أعلم حينيا‬

‫أنه مع سالمه ألقى إلي بطوق نجا من بحر هايج في لي‬

‫قاتم‬

‫طوي ‪ ..‬وما أن أنتيى من سالمه حتى ألقى علي سؤا صادم لم أكن‬ ‫أتوقعه أو حتى أتخيله ‪ ..‬فقد طلب يدي للاواج!!!‬

‫اندهشت ومن دهشتي داهمني الصمت ‪ ..‬أعاد عرضه وكنت‬

‫ال أفكر حينيا سو‪ ،‬فيما كنت أحادٍ نفسي به منذ لحظات وكيف‬

‫استطاع سماعي ‪ ..‬كنت أصرخ فيعود صوتي خايب الشطآن ‪ ..‬كنت‬

‫استنجد وال مجيب كايناً من كان ‪ ..‬كيف رأ‪ ،‬دموعي وهو ال يراني‬ ‫ومن حولي عني في غياب ‪ ..‬أخذ يحكي لي كيف أنه لسنة كاملة كان‬

‫يفكر بي ويشعر بحالي ‪ ..‬أخذ يبثني شوقه ولوعته ويخبرني حاله‬

‫وأحالمه ‪ ..‬كيف أنه قضى الليالي متضرعاً إلى اع تعالى أن يقربه‬

‫مني ويقربني إليه ‪ ..‬كيف أخذ يحلم بلقايي وبقربي منه ‪.‬‬

‫متارعة بعملي وبمن حولي‬ ‫وفجأ وبصعوبة تملصت من سؤاله َّ‬

‫وأغلقت الياتف وجلست مذهولة مما حدٍ ‪ ..‬ال أصدق أذني‪..‬‬

‫ه هكذا هي الدنيا نحب شخص ونموت ألجله وال نر‪ ،‬سوا وهنام‬

‫آخر قد ال نعلم بوجود حتى ‪ ..‬يحيا على أم بأن نعود إليه ‪ ..‬يا‬

‫إليي كم هي رفيقة أقدار اع فيو يبتلي العبد ويد رحمته سباقة إليه‪..‬‬ ‫‪46‬‬

‫وهكذا وأخي اًر تبسمت ألنثاي الحيا ‪ ..‬لن أخبركم عن باقي‬

‫حكايتيا فيي تحتاج لكتب وروايات ‪ ..‬ك ما أستطيع أن أخبركم إيا‬

‫أنيا باتت أوفر النسا حظاً وأعالهن شأناً في كنف قلب تربعت على‬ ‫عرشه ومنذ ذام الوقت لم تحم هماً للحيا ‪..‬‬ ‫***‬

‫‪47‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫أنثــــى بـــال وطــــن‬

‫إلى شرفتي ‪ ،‬أجاهد كي أتنفس الصعدا ‪ ..‬أحاو‬

‫أرك‬

‫وأحاو ‪ ..‬ال سبي لليوا ‪ ..‬أستمر في جيادي ‪ ..‬يؤلمني صدري ‪..‬‬ ‫وأخي اًر يتسل‬

‫إلى جوفي بع‬

‫من قلة ليحيي ذلم الخوا ‪ ..‬أرتمي‬

‫بجسدي الخاير على المقعد المجاور لشرفتي ‪ ،‬أحاو أن أستعيد بع‬

‫من قوتي ‪ ..‬أغم‬

‫جفني قليالً ‪ ،‬فإذا بيديه في حنو تتلمس وجيي ‪..‬‬

‫تسري بجسدي قشعرير قوية تالاله ‪ ..‬تماق ميجتي ‪ ..‬تستبيحني ‪ ..‬آ‬ ‫يا نفسي المتيالكة‪ ..‬لكم افتقد ‪ ..‬افتقد لمسته ‪ ..‬افتقد ليو وابتسامته‪..‬‬

‫وكم توحشت تقطب وجيه ‪ ..‬ووقع الجد في عنفوان غضبه‪ ..‬من دونه‬

‫جسدي ٍ‬ ‫عار ‪ ..‬ترتعد أوصالي من وطأ الخوف ‪ ..‬من شد البرد ‪..‬‬

‫تايية ‪ ..‬حاير ‪ ..‬مماقة ‪ ..‬آ وألف آ من الشوق لوص ما عاد‬

‫باإلمكان‪..‬‬

‫أحاو أن أستشعر أنامله تداعب مالم‬

‫وجيي ‪ ..‬تتحسس‬

‫شعري ‪ ..‬تعيد رسم خارطتي بعد أن استباحيا وحش الفراق ولبدت‬ ‫سما ها غيوم القير والحرمان‪..‬‬

‫جثا على ركبتيه ‪ ..‬مكٍ بين يدي واضعاً رأسه على صدري‪،‬‬

‫مطوقاً خصري بذراعيه ‪ ،‬حاولت أن أطوقه ‪ ..‬أتلمس رايحة جسد ‪..‬‬

‫حاولت أن أتنفسه ‪ ..‬فتحت عيني فلم أجد ‪ ..‬شعرت بأني ا ن‬ ‫سقطت ألف مر من أعالي السماوات إلى أراضي اع ‪ ..‬فتحت عيني‬

‫‪50‬‬

‫فلم أجد سو‪ ،‬سراب حلم وطيف ما غاالني سوا ‪ ..‬فتحت عيني ألر‪،‬‬ ‫أنه قد تالشى من حياتي ذام السحر وجدت نفسي أحيا بال حيا ‪..‬‬

‫حبيبي كالنسيم استشعر ولكني ال أ ار ‪ ،‬هو قصة عمري ‪..‬‬

‫حبي األو واألخير ‪ ..‬هو حكاية قدر نيايتيا اإلله ‪..‬‬

‫اوجي وحبيبي ورفيق دربي ‪ ..‬شروق شمسي وغروبيا ‪ ..‬أشعر‬

‫بصدري يضيق ‪ ..‬لماذا رحلت وتركتني مطمع للطغا ‪ ..‬تركتني للقير‬ ‫يغتصبني في عيونيم ك يوم ‪ ..‬هذا يشتييني وذام يناديني وهؤال‬

‫تجاهلوا أن ع في أقدار من قب ومن بعد األمر‪..‬‬

‫استيقظت من سكرتي هذ على بكا رضيعي ‪ ..‬ركضت تجا‬

‫غرفتي كي أتفقد ‪ ،‬حملته بين ذراعي ‪ ..‬هدهدته بتيويد من صوتي‬ ‫حتى غفا ‪ ،‬أخذت أملعس على رأسه ‪ ..‬أتحسس خصالت شعر البنية‬ ‫بأناملي ‪َّ ..‬قبلته بين‬

‫الخفيفة ناوالً إلى مالم وجيه في رقة ونعومة‬ ‫عينيه وأخذت أتأمله ‪ ..‬أحتضنه بعيني فكم تحم مالمحه من رو أبيه‬

‫‪..‬تذكرت كم حلمنا به معاً ‪ ..‬تذكرت رقة أبيه وحنو علي أثنا فتر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بشوش يخفف‬ ‫بوجه‬ ‫الحم ‪ ..‬وكيف كان يقب بطني ك صبا باسماً‬

‫آالمي ويرد روحي إلي ‪ ..‬تذكرت احتوا عندما كنت أحتد معانا ً من‬ ‫آالم وضغوط الحم ‪ ..‬لم أستطع تمالم نفسي واختنقت روحي بالبكا‬

‫ب لحبيبي أن ير‪ ،‬حلمه يتجسد أمام عينيه‪ ..‬أخذت أتأم‬ ‫‪ ..‬لم ُي ْكتَ ْ‬ ‫صغيري طويالً في صمت ‪ ..‬ثم بدأت أتذكر كيف عاملني الناس بعد‬ ‫وفا اوجي وكيف كانت نظراتيم إلي ‪ ..‬تذكرت كيف انتيا المجتمع‬ ‫‪51‬‬

‫ك فرصة وك موقف ليضعني في كادر كلمة “عاهر ” ‪ ..‬ساقطة‬

‫تنتظر أي فرصة لترتمي بين أحضان رج غريب ‪ ..‬أي فرصة لتتلذذ‬

‫بلعب دور الفاكية المحرمة‪ ،‬وماذا كان خطيي أو ذنبي في ك ذلم؟!‬

‫‪ ..‬ال شي سو‪ ،‬أني أحم لقب أرملة ‪..‬‬

‫عرضني لمواقف‬ ‫أرملة ‪ ..‬كم نيش هذا اللقب في نفسي ‪ ،‬كم َّ‬

‫اجتثت من روحي مع ك يوم خالطت فيه الحيا ‪ ..‬بداية من أقربايي‬

‫وجيراني وصوالً إلى رؤسايي واماليي في العم ك نظر وتفحص‬ ‫تركت في نفسه وك نفس على قدر عفونتيا‬ ‫تركت ما‬ ‫بعينيه ‪ ..‬ك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حدثت عن مكنونيا‪.‬‬

‫تجاهلوا ُخلُِقي ‪ ..‬تجاهلوا أصلي ومنالة أسرتي ‪ ..‬تجاهلوا‬ ‫شرف اوجي ‪ ..‬تجاهلوا أمومتي وكرامة طفلي وحقه في أن يحيا بشرف‬ ‫بين أقرانه ‪ ..‬أرادوا وصمه بالعار فقط من أج‬ ‫وأم ار‬

‫أهواييم وأطماعيم‬

‫نفوسيم ‪ ..‬فقط ألن أمه أصبحت أرملة ‪ ،‬شعرت بأن المجتمع‬

‫يدفعني دفعاً للذل ولكني أعلم في داخلي أن لفظ أرملة ليس نياية‬ ‫المطاف وأنه لقب شريف ومعاناتي ومثيالتي تكلله‪ ..‬معاناتي ومثيالتي‬

‫ال تكمن فقط في فقد الحبيب وانكسار القلب‪ ..‬و لكن أيضاً في أطماع‬ ‫الغافلين وجحود الناس بالدين‪..‬‬ ‫***‬

‫‪52‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫أحـــالم عاقـــر‬

‫كثي اًر ما حلمت بطف ٍ منه يسكن أحشايي ‪ ..‬حلمت بنور عينيه‬

‫‪ ..‬بأنامله الرقيقة ‪ ..‬بضمة من جسد الصغير ‪ ..‬بمالمسة يديه‬ ‫حلمت ‪ ..‬ب حلمنا معاً بليلة افافنا ‪ ..‬تسابقت خيولنا في عوالم األخيا‬

‫‪ ..‬حلمنا بأطفالنا ‪ ..‬تخيلناهم ‪ ..‬حتى أننا من شد ما تخيلناهم رأيناهم‬ ‫ومن فرط الرجا أسميناهم ‪ ..‬رأينا مالمحيم ‪ ،‬شخصياتيم علمنا ما‬ ‫يمياهم ‪ ..‬وتبارم الخالق ما أحالهم‪..‬‬

‫مريم ‪ ..‬تيمناً بالسيد البتو (رضي اع عنيا وأرضاها) ‪..‬‬

‫ذكية حيية ‪ ..‬حيوية قوية الشخصية ‪ ،‬محمد ‪ ..‬على هدي الحبيب وكم‬ ‫على ُخلُِقه و َخْل ِقه وجدنا ‪ ..‬شخصية متميا عبقرية ‪ ،‬أما عمر فعلى‬

‫خطا الفاروق ما أقوا ‪ ..‬قوي البنية ‪ ..‬حاد المالم صارم في الحق ‪..‬‬ ‫شخصية آسر مغرية ‪ ..‬يا إليي كم عشقنا أخيالنا وكم برجا من اع‬

‫إياهم سألنا ‪..‬‬

‫كم هو جمي أن تحب وأن يبادلم شخص ذلم الحب ‪ ..‬كم‬

‫جمي أن نطلق ألخيالنا العنان في العشق ‪ ..‬وكم هو آثر أن نجد من‬ ‫يشاطرنا أروع حلم ‪ ..‬من نتقاسم معه أفراحنا وأحااننا‪.‬‬

‫واليوم وبعد مرور السنين أقو لكم أنه وان لم يتحقق الحلم‬

‫كفاني أنه عاش حياته يعشقني ‪ ..‬يكفيني أن أنفاسه أفناها في‬

‫معانقتي ‪ ..‬يكفيني أنه بحنو أحياني وبحبه أغدقني‪..‬‬

‫‪54‬‬

‫أتَ َذ َّك ُر ذلم اليوم جيداً ‪ ..‬كم كان يوماً قاسياً ‪ ..‬نا علي الخبر‬ ‫عاقر ‪..‬‬ ‫كالصاعقة ‪ ..‬تلطف الطبيب بي ولكن مفاد الحديٍ أنني‬ ‫ام أر كاألر‬

‫البور القفر ‪ ..‬أخذت دموعي تنيمر ‪ ..‬هاهي أحالمنا‬

‫تتحطم على صخر الواقع ‪ ..‬أخذت أبكي وكأنه ليس للبكا آخر ‪..‬‬

‫حوطني ‪..‬‬ ‫حينيا شعرت بيد تحتضن كتفي ‪ ..‬ضمني في حنو بأمانه َّ‬

‫كان ذلم اليوم وتلم اللحظة بالذات بداية رحلة مؤلمة لي ومضنية له‪..‬‬

‫كنت كلما نظرت إلى عينيه ‪ ..‬تأملت نظراته لطف ليس له‬

‫شعرت كم بعقري خذلته ‪ ..‬ال أخفي عليكم فكرت كثي اًر في تركه عله‬

‫يجد من تقر عينه بطف ولكنه كان لي الحيا كما كنت له‪..‬‬

‫كم كان رفيقاً بي ‪ ..‬كان يعاملني كابنته ال فقط حبيبته ‪ ..‬كان كلما‬

‫لم دموع تتوار‪ ،‬بعيني أغدقني بعطفه ومرو ته ‪ ..‬حرص أن يضمني‬ ‫كلما هاجمني الحان بسطوته ‪ ..‬داعبني ‪ ..‬الطفني ‪ ..‬حو بور رحمي‬ ‫إلى جنان بمالحته‪.‬‬

‫ذات يوم جلس بين يدي ‪ ..‬كنا نستمع للراديو لامر من‬

‫األغاني القديمة وكنت أملس على رأسه بأناملي حين سألته أن يتاوج‬

‫طلباً لقر عينيه ‪ ..‬حينيا تبسم بماليكيته المشعة بالرضا وضمني ضمة‬ ‫شديد ‪ ..‬نظر بعيني قايالً ‪ :‬وه يكون لي قر عين من سواكي ‪..‬‬ ‫أنت قر عيني وان كنت حلمت بطف فما حملني للحلم سو‪ ،‬هواكي ‪..‬‬

‫أنسيتي أننا حلمنا به معاً ‪ ..‬حلمنا أن يجمع دمينا ‪ ..‬حينيا دمعت‬ ‫‪55‬‬

‫عيوننا فداهمني كعادته بخفة دمه قايالً “ثم أنا دمي مبيولفش غير‬ ‫عليم يا أبي‬

‫يا طعم أنت” فتبسمت واحمرت وجنتاي في خج شديد‬

‫وانفجرنا ضاحكين وكانت ليلة ليس ليا مثي ‪..‬‬

‫أخذت أيامنا تمر مابين هادية ومؤلمة ولكنيا لم تخلو أبداً من‬

‫الحب الشديد ‪ ..‬كان هذا حالنا حتى هاجم المر‬

‫حصوني وأهلم‬

‫دفاعاتي ‪ ..‬بدأ جسدي يبلى ‪ ..‬كسا الشحوب مالمحي ‪ ..‬كان يقضي‬ ‫اللي إلى جانبي ساه اًر ‪ ..‬كان يقضي ليله ونيار ع متضرعاً‪ ،‬يحاكيني‬

‫في نومي حكياً دافياً ‪ ..‬يبثني األم متمتماً “ال تخافي ‪ ..‬حبيبتي ال‬ ‫تخافي” ويطبع قبلة دافية على يدي توقظ بي الحيا ‪..‬‬

‫أتعلمون استيقظت يوماً وقد بللت دموعه يدي بعد أن أجيش‬

‫في البكا تضرعاً ع أن يبقي على حياتي‪ ..‬يا إليي كم هو رقيق وكم‬ ‫كنت محظوظة بأن أنار بدفيه حياتي ‪ ..‬واليوم وبعد أن خط الامن‬

‫عالماته بوجيينا ال أملم سو‪ ،‬أن أعترف بأنه لوال ما كان لي‬

‫ذكر‬

‫‪..‬اليوم أجلس تحت قدميه وألتمس من أنفاسه لقلبي اليرم س اًر للحيا ‪.‬‬

‫أخبركم أم اًر ‪ ..‬كلما صليت كنت أطي في سجدتي األخير‬

‫تضرعاً ع أن يبارم لي في عمر وأن يسعد قلبه على قدر ما أسعد‬

‫قلبي وأن يجع آخر أنفاسي في نفس لحظته فأنا منذ تاوجنا لم أفارقه‬ ‫ولم يكسر لي يوماً قلب فقد علمته أباً وأخاً واوجاً وحبيباً وصديقاً فرغم‬ ‫أني أضحيت مسنة إال أني ماالت طفلته ‪ ،‬قد يثير مشاعركم دعايي‬ ‫‪56‬‬

‫ولكن إن سمعتم تضرعه ع من أجلي بعد تلم الرحلة المليية بالمعانا‬ ‫واأللم والحرمان وأيضا المفعمة بالحب والدف والمود والرحمة سوف‬ ‫تعلمون أن عمري هو أق ما بإمكاني تقديمه إليه‪.‬‬ ‫‪*** .‬‬

‫‪57‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫حـالــــــة‬

‫اتخذت ق ار اًر ‪ ..‬انتيت الضجة وعم الصمت المكان ‪ ..‬ك‬

‫شي ال يبدو على طبيعته ولكنيا تعلم أنيا أفض ا ن ‪ ..‬كانت تجربة‬

‫‪ ..‬ال هي سعيد وال هي مرير ولكنيا كانت مجرد تجربة ‪ ..‬تجربة‬ ‫مرت مرور الكرام ‪ ..‬كانت تشعر بأن ك شي في غير مكانه وأن‬ ‫الفوضى تعم المكان‪ ،‬شعرت وكأنيا ألو مر تجي ماهية الخطو‬ ‫التالية في حياتيا وكأن مستقبليا أصب ضبابي فجأ ‪ ..‬أصب لك‬

‫شي احتما وك اإلحتماالت ضمن اإلمكان‪ ..‬لم تكن متيمة‬

‫به ‪..‬‬

‫لم تكن حتى تحبه ‪ ..‬ولكن الوقت كفي ليخلق نوع من األلفة قد تؤرق‬

‫النسيان‪..‬‬

‫لم يظلليما تفاهم ‪ ..‬لم يجمعيما فكر ‪ ..‬ولكن معارم الحيا‬

‫كفيلة بأن تشو ولو للحظة فكر اإلنسان ‪ ..‬ومن الغريب والمثير‬ ‫للسخرية أيضاً في نفس الوقت أن الحيا حينما تلعب دور الدافع‬ ‫المحفا للفع فيي أيضاً تلعب دور الصفعة التي على أثرها ننيي هذا‬

‫الفع وتبعاته وكأنه لم يكن يوماً ولم يكن له ذكر‪..‬‬

‫عندما يقوم عقد على شرط اايف يكون مصير الحتمي هو‬

‫البطالن ‪ ..‬ولكن الامن يجع للعقود شرعية تتعد‪ ،‬أحياناً واقعيا ‪ ..‬فقد‬ ‫ال نحب شخصاً ولكننا نتأذ‪ ،‬لرحيله ‪ ..‬فقط ألننا اعتدنا وجود على‬

‫مر األيام ‪ ..‬وهذا من فع الامان‪..‬‬

‫‪60‬‬

‫ولكن ما قد يثلج صدر البع‬

‫َّ‬ ‫منا أن تكون له القدر على‬

‫اتخاذ القرار ‪ ..‬أن ينطق بالحكم وينيي القضية دون إعاد نظر بالحكم‬ ‫أو معارضة أو استشكا ‪ ..‬البع‬

‫َّ‬ ‫منا فقط تتوافر له القدر على اتخاذ‬

‫الق اررات الصحيحة وفية أق من هذا البع‬ ‫تنفيذ قرار واخراجه من دور المداولة والعر‬ ‫كان هذا ك‬

‫تتوافر لديه القدر على‬

‫إلى دور النفاذ والسريان‪.‬‬

‫ما يخالج صدرها ‪ ..‬كانت كمن يسكن غابة‬

‫فسيحة تحدها الحرية من ك مكان ‪ ..‬وفجأ أصب للغابة حدود جديد‬

‫كالقضبان ‪ ..‬ولكن مع الوقت تألف النفس القضبان ‪ ..‬تألف السجن‬

‫كيفما كان ‪ ..‬ورغم أنه سجن إال أننا نتأذ‪ ،‬عندما نكسر قيود ونحطم‬ ‫أغالله ‪ ..‬فقد ألفنا هذا السجن رغم ماهيتنا ورغم ما نحن عليه‪..‬‬ ‫وهكذا تصب‬

‫األمور غير مفيومة والحيا ضبابية والحس‬

‫يخضع للتجربة كأنم طف يحبو أو أنم بعثت من عالم النسيان ‪..‬‬ ‫تشعر كأنم تختبر األمور للمر األولى ‪ ..‬تبحٍ عن أكثر من كنت‬

‫تشعر بيم وتقصدهم كي تتأكد بأنم ماالت تتمتع بقدرتم على الحس‬ ‫وأنم ماالت إنساناً‪..‬‬ ‫أنا حر ‪..‬‬

‫أو ما يخطر ببالم بعدما تثبت أنم تفكر إذا أنت موجود ‪..‬‬

‫أنت تشعر إذا أنت قادر على أن تعيد التجريب ولكن مع تمحيص‬

‫األمر وحينيا فقط تكون قد أثبت أن األمر ما هو إال تجربة وهذا هو‬ ‫‪61‬‬

‫ك ما كان ‪ ..‬كان هذا ك ما شعرت به وك ما قد يشعر به أي‬ ‫شخص ولكنيا لم تكن أي شخص ب كانت من الفية المنتقا ألنيا‬ ‫ملكت من أمرها القدر على اتخاذ القرار‪ ..‬كان هذا هو الوضع وهذا ما‬ ‫كان من حاليا بعد أن تركته للمر األولى !!‬

‫للمر األولى!!!‬

‫نعم للمر األولى ‪ ..‬فقد تدخ في األمر ما لم تضعه يوماً في الحسبان‬

‫‪ ..‬تدخ في األمر مخرب شرس ‪ ..‬عملة ذات وجيان ‪ ..‬أحدهما‬ ‫الوحد وا خر الفراغ العاطفي وكالهما كاينان موحشان بغيضان ‪..‬‬

‫آخر ما كان له‬ ‫يحمالن من المشاعر السلبية ما قد ييدم صرحاً أو يقيم اً‬

‫يوماً أن يقام‪..‬‬

‫بعد تجربة مماثلة غالباً ما يكون ك‬

‫شي جديد وهذا ما‬

‫خدعيا فقد ظنت أنيا عايد لوحد ألفتيا ولكن هييات فللوحد ثمن وفي‬

‫حالتيا كانت الوحد نعمة من نعم اإلله علييا ‪ ..‬نسيت أنه من خال‬ ‫تجربتيا لم تعد وحيد ونسيت من كانت تألفيا وتتودد إلييا ‪..‬‬

‫بدأت الوحد تمارس عذاباتيا ‪ ..‬بدأت تضني من عادت مر‬

‫أخر‪ ،‬إلييا وكأنيا بقسو تعاقبيا على تخلييا عنيا ‪ ..‬بدأت تستشعر‬ ‫الفراغ ‪ ..‬بدأت تفتقد من يسأ علييا ‪ ..‬من ييتم بيا ‪ ..‬من يحبيا ال‬ ‫من يعشق بريقيا وطمعاً فقط يتودد إلييا ‪ ..‬أخذت في السقوط نحو‬ ‫هاوية لم تعد العد ليا ‪..‬‬ ‫‪62‬‬

‫لقد أغفلت الجا األهم من األحجية ‪ ..‬هي لم تعد كسابق‬ ‫عيدها ‪ ..‬هي شخص جديد ولد من رحم تجربة مضنية ‪ ..‬أنثى تختبر‬

‫ك شي من جديد وك جديد له وقع غريب علييا!!‬

‫بدأ التفكير يطيش ‪ ..‬خلقت عالماً افتراضياً من احتياجيا ‪..‬‬

‫والطامة الكبر‪ ،‬أنيا جعلت منه بطالً في عالميا ومع لمسة بسيطة من‬ ‫إصرار على أن يعيدها إلى أصفاد اكتملت الخلطة السحرية ‪..‬‬

‫من هو ؟! ‪ ..‬هو صياد أراد أن يصطاد كاين خيالي لياين به‬

‫غرفته‬

‫‪ ..‬أراد أن يصيد ويعيد تشكي هييته وبنيته وأن يصبغه لون شاذ دون‬ ‫لونه الذي فطر ربه عليه ‪ ..‬وك ما كان هذا الكاين يفكر فيه هو جم‬

‫طايشه سمم بيا من حوله ك ما كان من العق لديه ‪ ..‬جم م “ليس‬

‫من اليام أن تكون الم أر أكثر ذكا اً من الرج " ‪" ،‬ال ييم الفارق في‬

‫العقليات" ‪" ،‬التفكير في فرق الطبقات كبر وعنصرية"‪" ،‬يكفي أن يكون‬ ‫لم طف منه ليذيب ك الحساسيات والفروقات" ‪" ،‬يجب أن تتناا‬

‫الم أر عن طموحيا ومواهبيا ومميااتيا لترضي من سيتعطف ليصب‬

‫اوجيا" ‪ ،‬ال تندهشوا كثي اًر فأحياناً أرج الناس عقالً هو أسيليم وقوعاً‬ ‫في شرم الوحد ولألسف قد يكون مع الفراغ األق حظاً‪..‬‬

‫عادت مر أخر‪ ،‬لعالمه ‪ ..‬ومع اللحظات األولى لعودتيا‬

‫استشعرت هو ما اقدمت عليه ‪ ..‬حدثت نفسيا يا إليي ماذا فعلت !!‬

‫وعلى أي فع يا نفسي أقدمت!!‬

‫‪63‬‬

‫ولكنيا كانت أمام طريق وحيد ‪ ..‬يجب أن تعتاد سجنيا الجديد ‪..‬‬ ‫وعادت إلى آذانيا اتيامات من حوليا ‪..‬‬ ‫ألنم تعملين لم تتاوجي‪...‬‬

‫ألنم تفكرين لم تحبي‪..‬‬

‫لو أنم قبلتي بأي رج جا م ما كنت ا ن بال حيا ‪..‬‬ ‫لماذا لستي كمثيالتم من البنات؟ !‬

‫لو كنت كمثيالتم لكان لكي حيا وأطفا ولكنم بالطبع ال تقبلين‬

‫باإلمكان‪..‬‬

‫تذكرت كيف عابوا علييا حتى رغبتيا في قبو أو رضا أو‬

‫تفاهم ‪ ..‬نظروا إلييا وكأنيا ارتكبت خطيية ‪ ..‬أنكروا علييا أبسط‬ ‫حقوقيا في ايجة لمد‪ ،‬الحيا ‪ ..‬حاكموها وأصدروا األحكام علييا وباتت‬

‫مذنبة لمد‪ ،‬الحيا ‪..‬‬

‫لم تستطع أن تجابه هذا كله مر أخر‪ ،‬فتلم المر هي من‬

‫قررت العود وهي من تخلت عن موقفيا ‪ ..‬ورغم انتقادها الدايم لمواقف‬ ‫الفتيات الآلتي كن في مواقف مماثلة ليا ورغم رفضيا التام لفكر الاواج‬

‫لمجرد الخوف من كالم الناس أو موقف المجتمع من الفتا إال أنيا‬

‫ألو مر تفكر بالفع كسواها من الفتيات ‪ ..‬وكانت تلم أو سقطة فقد‬ ‫أفل في أن يحيليا من نجمة صعبة المنا إلى حجر عادية سقطت‬

‫‪64‬‬

‫من السما إلى األر‬

‫لتصب مجرد حجر تتشابه مع أحجار األر‬

‫جميعاً ‪..‬‬

‫ولكنيا لم تتنبه حينيا واتخذت ق ار اًر هاماً خطي اًر ‪ ..‬سوف تحيا‬

‫كمن أفاضوا عنين الكالم ‪ ..‬ستتخلى عن ماهيتيا وتصب كما يودون‬ ‫وكما يود أن يراها فارسيا اليمام‪..‬‬

‫تخلت عن مواهبيا ‪ ..‬عن رغباتيا ‪ ..‬عن ك‬

‫ما يمياها‬

‫وقررت أن تجع من الاواج أكبر األحالم‪ ..‬ال أعيب هذا الحلم فيو‬

‫حلم سام مقدس في حيا اإلناٍ جميعاً ولكني أعيب أن يكون الاواج‬ ‫هو نياية ما يميا األشخاص وأن يكون مقبر لقنسان ‪ ..‬مجثات تجتٍ‬

‫أحلى ما فيه من األساس ‪..‬‬

‫لونت أياميا بلونه ‪ ..‬وصبغت طموحاتيا بصبغته ‪ ..‬باتت ك‬

‫األشيا تحم طابعه الرتيب وما عاد للحيا لون سو‪ ،‬البيات الشديد‬

‫‪ ..‬أخذت تغوص في مياهه الضحلة حتى اقتنعت أنيا لم تخلق لسوا‬

‫‪ ..‬حتى أنيما كانا يتحدثان عنيا في هيية شخصين ‪..‬‬

‫أحداهما هي‬

‫حبيبته واألخر‪ ،‬هي المتمرد داخليا والتي وجب علييا كبحيا ألنيا ناغ‬ ‫من الشيطان‪..‬‬

‫من حين إلى آخر شعرت باالختناق ‪ ..‬فمن كانت الحرية دا‬

‫تعذر عليه سواها دوا ‪ ..‬ومن كانت النباهة طبعه استحا‬

‫عليه‬

‫‪65‬‬

‫استبداليا بالغبا ‪ ..‬ك‬

‫شي تحو‬

‫للَّون الرمادي ولكنيا كانت قد‬

‫اتخذت خيارها وستنفذ ميما كانت التبعات ‪..‬‬

‫استمرت الحيا هكذا ‪ ..‬بالتأكيد كانت له لمسات لطيفه ولكن في‬

‫ضو ما رسمه ليا من حيا ‪ ..‬كانت تستشعر السعاد بشك وقتي‬ ‫ولكنيا في أغلب األحيان كانت تفتقد لج معان الحيا ‪ ..‬حتى جا‬

‫اليوم الذي سقط فيه القناع عن وجه القسو ‪ ..‬عن قسمات االستبداد ‪..‬‬

‫كان كغير يصبو لغر‬

‫أكان إخضاع أم طمع في ما أو جما ‪ ..‬لم‬

‫يعد هذا ييم الميم أنيا شعرت بأنيا تخلت عن ك شي بال مقاب ‪..‬‬

‫ورغم ذلم أصرت على إستكما الطريق والصمود على قرارها بأن تبذ‬

‫أقصى ما في وسعيا لتنج هذ المر أو حتى تستحي بينيما الحيا ‪..‬‬

‫تناقشا ‪َّ ..‬‬ ‫احتدا ‪ ..‬ولظنه أنه أخضعيا اادت قسوته ب أنه َّ‬ ‫وجه إلييا‬ ‫اإلهانات ‪َّ ..‬‬ ‫ظن أنه نج في إخضاعيا وأنه ما عاد ليا من دونه حيا‬

‫وكم كانت تكر أنصاف الحلو والمتجبرون على من قا فيين رسولنا‬

‫الكريم "رفقاً بالقوارير" ‪..‬‬

‫لحظتيا فقط وحين نطق هو وبثقة بكلمة الفراق شعرت بأنه‬ ‫أطلق سراحيا من قيد كاد يقت ما تبقى فييا من حيا ‪ ..‬نطقيا ثقةً في‬ ‫قدراته ‪ ..‬فصفعته هي رفضاً لظلم طا قبليا الكثير من الفتيات ‪ ..‬لن‬ ‫تملكني ‪ ..‬لن تسبيني ‪ ..‬لن أكون دميتم البليد ال في تلم الحيا وال‬ ‫في أي من الحيوات ‪..‬‬

‫‪66‬‬

‫مرت بأمور عد ‪ ..‬ورأت منه وجو عد ولكن أفض ما كان‬ ‫َّ‬ ‫هو أنيا استعادت نفسيا أو ألصدقكم القو ولد ليا جنين مكتم الخلق‬ ‫فاتن جمي ‪ ..‬لم تعد كما كانت ولكنيا باتت أنثى جديد ‪ ..‬تعلم أنه‬ ‫الخلُ ِ‬ ‫ق‬ ‫دوماً ستمر بمصاعب ولكنيا أيضا تعلم بأن اع كرميا بحسن ُ‬ ‫الخْل ِ‬ ‫ق ‪ ..‬باتت موقنة بأن التكافو سوا كان فكرياً أو طبقياً أمر واجب‬ ‫و َ‬ ‫شرعه اع ج في عال ‪..‬‬ ‫أنيا بذلم قررت هجر الحب أو أنيا تخلت‬ ‫قد يظن البع‬ ‫عن حلميا األسمى كأنثى في اوج وطف ولكن هييات هييات لم تخلق‬ ‫أنثاي لتثنييا عن أحالميا الحيا ‪ ..‬فيي توقن أن التجارب خلقت لتثق‬ ‫العظميات من الفتيات ‪ ..‬وأنه لو علمتم الغيب الخترتم الواقع وأن القدر‬ ‫مكتوب منذ قديم األا ولن يغير ما فات أو ما هو آت من التجربات‪،‬‬ ‫ولكن أعظم ما أيقنت من هذ التجربة أن مكانيا في السما كنجمة‬ ‫تيدي األخريات ‪..‬‬ ‫بدأت تجربة بطلتي بخدي اللي يحبم يا بت متخديش اللي‬ ‫تحبيه وانتيت برضينا باليم واليم مش راضي بينا ‪ ..‬من ا خر خدي‬ ‫اللي يحبم وتحبيه ويكون حبكما قايماً على ركيا ميمة من التفاهم‬ ‫والتكافؤ وللعلم ك الفتيات خلقن ليكن أميات بالفطر ولكن قلة من‬ ‫خلقن ليصنعن أجياالً من الممياين والممياات وهن العظميات‪..‬‬ ‫***‬

‫‪67‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫لحظـــات حرجــــة‬

‫بعد أشير قليلة من الاواج ‪ ..‬ك شي انيار في لحظة ‪ ..‬لم‬ ‫يكن ما بيننا ده اًر ولكنم كنت أو من اختبرت الحيا معه ‪ ..‬كنت أو‬ ‫احتكام لي ببني جنسم ‪ ..‬ال أعلم لماذا بالضبط انتيى ك‬

‫شي ‪..‬‬

‫ولكن ك ما أعلمه هو أن ك شي انتيى بالفع ‪ ..‬كنت أجلس في‬

‫غرفتنا وحيد ‪ ..‬كانت أشعة الشمس تتسل من خلف الستار في خفوت‬

‫شديد ‪ ..‬أخذت أتأم الجدران حولي وكأني كنت أسأليا عما حدٍ‬ ‫علَّيا تعلم أكثر مما أعلم أنا ‪ ..‬أخذت أنظر لصورتنا المعلقة على‬

‫الجدار واتسا‬

‫ه َّ‬ ‫كنا نعلم بأن األمور سوف تؤو إلى هذا المآ ‪..‬‬

‫ما اا من حولي ينادونني بالعروسة ‪ ..‬لم يلبٍ اللقب أن يبلى بعد ‪..‬‬

‫أخذت أنظر لحاجياتي ‪ ..‬أحدق لمالبسي التي لم أكن بعد ارتديتيا ‪..‬‬

‫نظرت لحقايبي ‪ ..‬ألمتعتي ‪ ..‬شعرت بأن ك ماكان من خطبة دامت‬

‫ألكثر من سنة وأشير من الاواج ‪ ..‬صدمة وبكا وفراق ك يجثم في‬ ‫تلم الحقايب ‪ ..‬أخذت أراقب ك من أمي وأختي يحامون أشيايي ‪..‬‬

‫كنت أراهم يتيامسون بالحديٍ خوفاً على شعوري ‪ ..‬كانوا يتألمون فما‬ ‫لبثوا أن وضعوها للعروس حتى يحاموها‪..‬‬

‫طرق حارس البناية الباب ‪ ..‬حم الحقايب ‪ ..‬أخذت أشاهد‬

‫وهو ينا الحقايب وما حامنا من الصناديق وكنت أحدٍ نفسي بأن‬

‫ج حياتي في تلم الصناديق ‪ ..‬ركبنا السيار ‪ ..‬بدأت المسافات تاداد‬

‫‪ ..‬شاهدت البناية وهي تبتعد حتى تالشت شيياً فشيياً داخ سراديب‬ ‫‪70‬‬

‫الظالم ‪ ..‬طوا الطريق كنت أتذكر أيام خطبتنا ‪ ..‬همساتنا ضحكاتنا‬ ‫‪ ..‬ثم تلطمني لحظة أرداني صفعاً بيمين الطالق ‪ ..‬صراع مرير دام‬ ‫ألشير ‪ ..‬من سو معاملة وضرب وسباب إلى مرافقة العاهرات من‬

‫النسا ‪ ..‬شخصان مختلفان تماماً أو هكذا أَ ْو َه َم َنا ‪ ..‬أحدهما خط بيدي‬ ‫اليمنى طريق السعاد وا خر نقش بيدي اليسر‪ ،‬طريق شايم باألحاان‬

‫‪ ..‬أخذت أنظر للظالم من حولي واسأله ‪ ..‬لماذا ؟! ه كان يجب أن‬ ‫يحدٍ ك هذا ؟! ماذا فعلت في حياتي ألستحق ذام ؟! أخذت دموعي‬ ‫تنيمر على خدي ‪ ..‬كان أبي يشاهدني في مرآ السيار ‪ ..‬كنت أر‪،‬‬

‫دموعه تتوار‪ .. ،‬كنت أر‪ ،‬مقلتيه من ألمي تصرخان ‪ ..‬كنت أعلم أنه‬ ‫يتألم فقد كان ألبي قلب لم يعرف الحب أو الخوف على سوانا في‬

‫الحيا ‪..‬‬

‫وصلت إلى منالي القديم (منا أسرتي) ‪ ..‬ورغم أني أمضيت‬

‫عمري فيه ورغم أني لم أط في بعد البقا إال أني شعرت بأن كلينا‬ ‫غريب عن ا خر ‪ ..‬كنت وكأني أر‪ ،‬غرفتي للمر‬

‫األولى ‪ ..‬كانت‬

‫وكأنيا غرفة سواي رغم أنيا منذ رحيلي لم تعرف معنى للحيا ‪..‬‬

‫شير كام وأنا أر‪ ،‬من حولي عني يتيامسون ‪ ..‬منيم من‬

‫يتيامس بشفقة ومنيم من يتيامس وفي نفسه مني غصة ‪ ..‬كنت أر‪،‬‬

‫أمي تبكي وهي تصلي في قلب اللي على حالي ‪ ..‬وكان أبي وكأنه‬

‫‪71‬‬

‫فارقته الحيا ‪ ..‬خيم الحان على منالنا ‪ ..‬أصبحت ا ن مطلقة ‪ ..‬كان‬ ‫إخوتي يتوارون من الجيران حتى ال يجيبون عن سبب الطالق‪..‬‬

‫تار كان من حولي يرأف بحالي وتار كانوا يحملونني ما على األر‬ ‫من آثام فقط ألن كاين وحشي اتخذ عني قرار الطالق‪..‬‬

‫مرت أشير من األلم ‪ ..‬أشير من الضياع والتيه ‪ ..‬لحظات‬

‫ولحظات ولحظات راودتني فكر الرحي‬

‫عن الحيا ‪ ..‬اتخذت قرار‬

‫إنيا حياتي آالف المرات‪ ..‬كنت كلما استبد بي الحان وضاقت بي‬ ‫األر‬

‫بما رحبت لجأت إلى اع ‪ ..‬كنت أبكي في اليوم ألف مر ‪..‬‬

‫كانت أيامي تمضي وكأنيا فيلم يتكرر عن ك ما فات ‪ ..‬يا إليي فارق‬ ‫كبير بين من فارقت هذا البيت فتا ومن عادت إليه كسيد مطلقة ال‬

‫أم ليا في الحيا ‪ ..‬ثم جا يوم ‪ ..‬كان ظاهر كك‬

‫األيام ‪..‬‬

‫صحوت باك اًر كعادتي ألجد أمي توضب المنا وتطبخ في الصبا‬

‫الباكر ما لذ وطاب من األصناف ‪ ..‬استغربت كثي اًر وسألتيا لماذا‬ ‫تقومين بك هذا فأجابتني بأننا اليوم سنستقب صديقة أختي "حيا " ‪ ..‬يا‬

‫إليي لم أرها منذ امن طوي ‪ ..‬كم كنت أحبيا ‪ ..‬كنت أعشق حديثيا‬

‫‪ ..‬كان ليا من الحكمة ما يطرب ا ذان ‪..‬‬

‫ألو مر منذ أشير اهتم بملبسي ‪ ..‬لبست لون كانت دوماً‬

‫تثني علي فيه ما أن ت ار ‪ ..‬وقفت أمام المرآ ‪ ..‬أخذت قلم الكح وقب‬

‫‪72‬‬

‫أن يلمس عيني شعرت بأنه لو أني اخفيت ما بعيني من حان عن أه‬ ‫األر‬

‫جميعاً سوف تنفذ إلى مكنون صدري "حيا ” ‪..‬‬

‫لبست فستاني الاهري وتكحلت ثم خرجت ألساعد أمي ‪ ..‬مر‬

‫الوقت ألو مر شبه طبيعي ‪ ..‬دق جرس الباب ‪ ..‬ركضت في سعاد‬

‫ألفت الباب واذا بيا الشمس تجلت في هيية "حيا " ‪ ..‬جميلة بيية كما‬

‫هي ‪ ..‬أضا ت ابتسامتيا بيتنا كما كانت تفع في ك مر تاورنا فييا‬ ‫‪ ..‬رحبت وأمي بيا ‪ ..‬استقبلناها في غرفة الصالون ‪ ..‬جلست بجانبيا‬ ‫ولمحت بعينيا نظر تقو أنه كما أعلم أنيا سوف تنفذ إلى قلبي فأنا‬

‫أيضا نفذ إلي أنيا جا ت في ميمة محدد ‪ ..‬جا ت "حيا " لتعيد إلي‬ ‫الحيا ‪..‬‬

‫تجاذبنا أطراف الحديٍ ونحن نتناو الغدا ‪ ..‬وألو مر منذ‬

‫أشير عد تعرف الضحكات طريقاً لشفاهي ‪ ..‬انيينا غذا نا ‪ ..‬قمت‬

‫ألغس الصحون لكن أمي أبت وأوكلت إلي ميمة إعداد الشاي ‪..‬‬

‫أعددت الشاي وجلست و"حيا " في شرفتنا المطلة على شارع‬ ‫تتجلى فيه ك معاني النشاط ‪ ..‬جلسنا نتحدٍ لساعات ‪ ..‬رويت ليا‬ ‫ك ما كان من حكايتي ‪ ..‬حدثتيا عن عذاباتي ألشير من الاواج ‪..‬‬ ‫حتى وصلنا بالحديٍ إلى ما آ إليه حالي بعد أشير من الطالق‪..‬‬ ‫نظرت إلي بعين دهشة يخالطيا استنكار ‪ ..‬شعرت بعينييا تسألني ه‬ ‫أنت من يقو هذا الكالم؟! ‪ ..‬ه تلم هي الفتا التي عرف الجميع‬

‫‪73‬‬

‫عنيا أنيا عاشقة للحيا ‪ ..‬صمتت قليالً ثم باغتتني بسؤا واحد ‪ ..‬ه‬ ‫ِ‬ ‫داخلم الحيا ؟!‬ ‫بعد ما فعله يستحق أن تيبيه‬ ‫كانت إجابة السؤا سيلة وبسيطة جدا ‪ ..‬كانت كلمة من‬ ‫حرفين "ال " ‪ ..‬عندها صمتت كلتانا ‪ ..‬ثم شاغبتني بخفة دميا‬ ‫المعيود قايلةً "يا بت من حبنا حبينا وصار متاعنا متاعه ومين نسينا‬ ‫نسينا ويحرم علينا اجتماعه" مش كد يا ريا يا أختي ‪ ..‬فوجدت نفسي‬ ‫أجيبيا أيو يا سكينة يا أختي ‪ ..‬قطيعة محدش بياكليا بالساه ‪..‬‬ ‫وانفجرنا ضحكاً‪..‬‬ ‫اسيبنا في الحديٍ عن مستقبلي ومختطاتي وكيف سأعيد بنا‬ ‫ذاتي ‪ ..‬تحدثنا كثي اًر عن رحمة اع وكيف أنه يرس مع المصايب‬ ‫الرحمات ‪ ..‬حتى أننا تحدثنا عن الشبه الكبير بينيا وبين الحيا ‪..‬‬ ‫وعندما سألتيا عن حكمتيا من أين جا ت؟ ‪ ..‬فأجابتني"علمتني الحيا "‬ ‫قالت لي أتعلمين تعلمت أنه قب أن أبكي األقدار يجب أن‬ ‫مر‬ ‫أبحٍ عما تود أن تعلمني إيا ‪ ..‬الحكمة تكمن في الدرس ‪َّ ..‬‬ ‫الوقت ونحن نتحدٍ تار ونضحم تار حتى ارتمينا على السرير وقد‬ ‫قتلنا الضحم قتالً ‪..‬‬ ‫صحوت على نسايم الربيع العليلة ‪ ..‬وقد أط َّ الصبا على‬ ‫نافذتي ‪ ..‬وألو مر منذ وقت طوي أسمع اقاقات العصافير ‪ ..‬أاحت‬ ‫تبسمت فأنا اليوم بسبب "حيا "‬ ‫تلم الستار البيضا الرقيقة عن نافذتي و َّ‬ ‫ألقى الصبا على الحيا ‪..‬‬ ‫***‬ ‫‪74‬‬

‫(‪)6‬‬ ‫هذيـــــان‬

‫رغم أنه يوم إجااتي فقد استيقظت باك اًر كعادتي وكأنه يوم‬

‫عم كعموم أيامي ‪ ،‬سارعت بالفرار خارج سطو مخدعي خوفاً من‬

‫تخطف ذكرياتي ‪..‬‬

‫كالعاد قررت تحضير قيوتي الصباحية ‪ ..‬وحينما كنت أصبيا‬

‫ارتسم طيفم بأبخرتيا هذياً بفع خياالتي‪ ..‬حملت فنجان قيوتي قاصد ً‬ ‫مقعدي المتأرج المجاور لشرفتي وفي تآمر غريب بين تَ َسل ْ خيوط‬ ‫الصبا األولى وصوت (جاهد وهبه) تشدو برايعة (أحالم مستغنمي)‬

‫“أنجبني" تَ َج َّس َد جالدي ومليمي ‪..‬‬ ‫سيدي ‪ ..‬أييا المسافر الغايب الحاضر ‪ ..‬ه ماالت تذكرني‬ ‫أم انسام إياي الترحا ‪ ..‬ه ما الت تذكر حماقاتي العشقية ‪ ..‬ه‬

‫ياورم طيفي في لياليم الصيفية ‪ ..‬ه تشتاق إلى عيني ‪ ..‬سيدي في‬

‫إلي ‪..‬ه يوماً لَثَ َم َم النسيم لثمةً‬ ‫غياهب أسفارم ه حملم عطري َّ‬ ‫َّ‬ ‫ذك َرتْم بشفتي ‪ ..‬أعلم أنم لن تجيب أسيلتي الحمقا ِ ‪ ..‬وأني ما عدت‬ ‫انتمي في قصرم لجنا النسا ‪ ..‬رفقاً أعذرني فأنا أسير الوفا ‪..‬‬

‫سيدي لي عتب أبثه إليم ‪ ..‬إن كنت تعلم أن مملكتي اايلة ال‬

‫محالة فلماذا حينما رسمت بأناملم خارطتي لم تخط لي معيا سبيالً‬

‫للنسيان‪ ..‬سيدي بريشة خياالتي أبدعتم ‪ ..‬فحيناً وصلتم وحيناً تدللت‬ ‫وحيناً اتقدتم ‪..‬‬

‫‪76‬‬

‫تضحم سخريةً من تدليي وعنفواني فانظر إذا ماذا فع تييي‬ ‫ِ‬ ‫اليذيان ‪ ..‬ماالت اشتري عطرم ‪ ..‬انثر على وسادتي وأطلب‬ ‫بم و‬

‫وصلم ‪ ..‬مااالت وسادتي تحم ك ليلة رأسم ‪ ..‬ماالت اثم ليالً من‬

‫ثغرم ‪ ..‬ماالت ‪ ..‬ماالت‪..‬‬

‫فجأ فقدت قدرتي على الكالم وانخرس عنفواني وعم الصمت‬

‫المكان ‪ ..‬شعرت بأني اسقط في هو سودا ‪ ..‬في انياام استقر في‬ ‫القاع ‪ ..‬ظلمة تحوطني من ك مكان‪ ..‬و في صحو من صحوات‬ ‫كبريايي سألني كم من الوقت هذيت وكم سيستمر‬

‫اليذيان ؟ ‪..‬‬

‫ترقرقت دمعة قير من عيني ‪ ..‬ليس من شفا في اإلمكان ‪..‬‬

‫ليس من شفا في اإلمكان‪ ..‬أغم‬

‫عيني على صورتم فأرام‬

‫تبتعد‬

‫‪ ..‬ولكنم ما ابتعدت إال إلى أقرب مكان ‪ ..‬فرفقاً شعرت بيدم تجذبني‬ ‫خارج هوتي ‪ ..‬خارج ظلمتم ‪ ..‬خارج حماقات الذكر‪ ،‬والنسيان‪..‬‬

‫سيدي حدثني كيف غادرتم؟! ‪ ..‬ب حدثني أي طريق للنسيان‬

‫التمست؟! ‪ ..‬ه بنسا أخريات؟! ‪ ..‬فما كان لي ولن يكون من رجا‬ ‫الفلَ ِم والرياضيات ‪ ..‬هذياً قصدت‬ ‫سوام ‪ ..‬سيدي قصدت علما َ‬

‫َّ‬ ‫السحارين والساحرات ‪ ..‬قرأت الفناجين سألت النجمات ‪ ..‬فتحت أوراق‬ ‫اللعب خضت في سبيلم ك المياتر ِ‬ ‫ات ‪ ..‬ه من سبي لفم معضلة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫لليالم‪..‬‬ ‫لخالص أو‬ ‫عشقم ه من سبي‬

‫‪77‬‬

‫سيدي أتعلم ملكت علي صباحي والمسا ‪ ..‬ك صبا أنظر‬ ‫للشمس فتكسر عيني أشعة ابتسامتم البيضا ‪ ..‬ومسا اً أطارد وجيم‬

‫في ضو القمر ‪ ..‬أشدو بتيه عشقي للنجمات ‪..‬‬

‫يا من ولدتم من رحم عشقي ‪ ..‬يا من تعشق الخلود على‬

‫جدران معابد تييي وأضرحة العنفوان ‪..‬‬ ‫وكيف أنسام أجبني وك‬

‫ما حولي يحملني إليم ‪ ..‬كيف‬

‫أنسام ومااالوا يلمحونم في مقلتي‪ ..‬كيف أنسام أييا المياجر وك‬

‫سر إلى راحتيم ‪ ..‬أتعلم ‪ ..‬مؤخ اًر أصب من حولي يظنون‬ ‫مابي يحن اً‬

‫خطأً أن عشقم سلبني إيماني ومواقيت صالتي ‪..‬‬

‫ذات يوم سمعت أنه ال راد للقدر سو‪ ،‬الدعا ‪ ..‬فَقََّررت أن‬ ‫أنتيا ك فرص من اع لقصغا ‪ ..‬بت أصوم األيام طمعاً في دعو‬ ‫ِ‬ ‫اإلفطار ‪ ..‬بت أتضرع ‪ ..‬أبكي ‪ ..‬أناجي مع ك قطر شتا ِ ‪ ..‬بت‬

‫أقيم في جوف اللي صلواتي ‪ ..‬تضرعاتي ‪ ..‬ألتمس من اع عود‬ ‫الحيا ِ ‪..‬‬

‫أتَ ْعلَم سيدي‪ ..‬مرت علي فصو كنت على يقين أني بحياتم‬ ‫كما أنت بحياتي ‪ ..‬ولكن فصولي ذابت سيدي في ف ار ِ‬ ‫ق العشاق ‪..‬‬ ‫ذبت وذاب من حولي في أساطيري وخياالتي ‪ ..‬ذبت وذبت حتى‬

‫انمحت قسماتي ولم يبق لوجيي سو‪ ،‬خارطة هالكي ‪ ..‬بت ال اذكر‬

‫لي عم اًر من قبلم فنصف عمري أفنيته في راحتيم والنصف ا خر‬ ‫‪78‬‬

‫َأرْقتُه في أسفاري إليم ‪ ..‬سمعت بأن هنام رجا ال نحص علييم سو‪،‬‬ ‫بالنسيان ‪ ..‬إذا فيو النسيان سبيلي إليم ‪..‬‬ ‫أتعلم ‪ ..‬بت أر‪ ،‬ومضات ال أعلم إن كانت حقيقة أم أضغاٍ‬

‫أحالم‪ ..‬وأنا التي أعتقدت أنه من قبلم لم يكن لي ذكر وال أامان‪..‬‬

‫أعتقد أني فقدت تحت قدميم ذاكرتي ‪ ..‬أذكر يوماً أنني كنت أنثى‬

‫تعشق األلوان ‪ ..‬تعشق الحرية ‪ ..‬وماالت غير أن حريتي باتت في‬ ‫بالط السجان‪..‬‬

‫ٍ‬ ‫ومضات ولكني ما بت أعشق في ملكوت‬ ‫ومضات تتقاذف‬

‫سوام الحيا ‪ ..‬ما بات الرقص لدونم يغريني ما عدت أنتشي إليقاع‬ ‫سوام ‪ ..‬بسمة تباغت شفتاي ‪ ..‬يااا سمعت قيقيتم ياله من‬

‫صبا ‪..‬‬

‫رج أنت بك الرجا ‪..‬‬

‫رج أضحم وأبكى سيد النسا ‪..‬‬

‫وكيف أنسى من وضع تعريفاً للرجا ‪ ..‬هذيان!‬ ‫***‬

‫‪79‬‬

‫(‪)7‬‬ ‫أميرة من ألف ليلة وليلة‬

‫الليلة األولى‬ ‫أميرة مملكة الخيال‬ ‫كان يا مكان في سالف العصر واألوان عندما كان هنام‬ ‫شيريار وكنت أنا له شيرااد يحكى أنه في إحد‪ ،‬ليالي الشتا ‪ ..‬في‬

‫ليلة عاصفة رعدا ‪ ..‬سمع رج بكا اً خافتاً حايناً آتياً من الخال ‪..‬‬

‫أخذت عينيه تجوب الفضا حوله ‪ ..‬أخذ ييتف من يبكي ؟ من هنام ؟‬ ‫ٍ‬ ‫بر ٍ‬ ‫بصوت يشبه اليمس أجابته أنا هنا ‪ ..‬أنظر فوقم ‪ ..‬صوب‬ ‫قة ‪..‬‬

‫السما ‪..‬‬

‫ينظر فوقه قليالً ‪ ..‬يجوب الفضا بعينيه بعيداً بعيداً ‪ ..‬يعيد ندا‬ ‫أنت ؟ أين ِ‬ ‫الرنان ‪ ..‬من ِ‬ ‫أنت يا صاحبة البكا ؟‬

‫أنت ‪ ..‬أنظر جيداً إلى السما ‪ ..‬أنا تلم النجمة‬ ‫يجيبه الصوت‪ :‬يا َ‬ ‫المتأللية البعيد ‪ ..‬أنا تلم المتوهجة الوحيد ‪ ..‬أنا من ضللت طريقي‬ ‫هذا المسا ‪..‬‬

‫عذ اًر سيدتي فأنا رج لم يسبق له الحديٍ مع أه السما ‪ ..‬سامحيني‬

‫ولكن كيف تتحدثين كما النسا ؟! ‪ ..‬ولماذا تبكين يا سيد المسا ؟! ‪..‬‬ ‫واع إن حديثم وبكا م لعجب العجاب‪..‬‬

‫أما عن حديثي ‪ ..‬فقد كنت باألمس أمير ممكلة الخيا ‪..‬‬

‫لصوت ضحكي تخر العقو وبجمالي يجن الرجا ‪ ..‬كان لي حظ‬

‫وافر من الدها حتى أني تفوقت على مثيالتي من النسا ‪ ..‬كنت‬ ‫‪82‬‬

‫ومملكتي حديٍ الممالم والواليات ‪ ..‬كان الرجا يتبارون أييم يحظى‬ ‫مني برضا الفؤاد ‪..‬كان ك من حولي يتقربون إلي وكان قلبي مملكة‬

‫عذ ار ‪ ..‬لم يطأ بشر ولم يغعبر اليو‪ ،‬لحيظات ‪ ..‬كان أبي الملم"‬ ‫ثاير” ملم مملكة الخيا يرغب في أن ياوجني ولكن أمر اواجي كان‬ ‫كدرب من المحا‬

‫‪ ..‬فمملكتي والممالم المجاور خلت أمامي من‬

‫الرجا ‪ ..‬توافد علي ملوم وأم ار كليم أمام دهايي صاروا أغبيا ‪..‬‬

‫ظ األمر هكذا لسنوات وسنوات حتى أتى للمملكة ااير ‪..‬‬

‫مجيو مغبر مكفير حاير ‪ ..‬عاش الغريب بين أه المملكة ‪ ..‬ما‬ ‫يرضييم يرضيه وما يرهقيم يرهقه ‪ ..‬لم يعلموا حقيقته أو من هو ‪ ..‬ك‬ ‫ما علمو هو أنه غريب ال أه له وال وطن ‪ ..‬رحالة حاير ‪ ..‬اشتغ‬

‫ما‬

‫شي ‪ ..‬ك‬

‫يب في ك‬ ‫اج َر الغر ُ‬ ‫بالتجار واشتير بالشطار ‪ ..‬تَ َ‬ ‫تشتييه نفس باإلمار ‪ ..‬ذاع سيطه واشتير وفي يوم من عموم أيام‬

‫الدهر ‪ ..‬صادف األمير في إحد‪ ،‬اياراتيا للعامة‪ ..‬لم موكبيا العظيم‬ ‫قادماً ‪ ..‬وحينما اقتربت أمعن النظر ‪ ..‬فلكا الحارس ااج اًر (أخف‬ ‫القامة يا هذا واكسر النظر(‪.‬‬

‫لحسن حظ التاجر توقف الموكب أمامه ‪ ..‬أااحت األمير‬

‫أستار هودجيا في رفق ‪ ..‬أنالت إحد‪ ،‬قدمييا إستعداداً للناو ‪ ..‬فرأ‪،‬‬ ‫التاجر قدماً مخضباً بالحنا ذات كعب أنثوي ناحر تاينه الخالخي‬

‫‪83‬‬

‫والجواهر ‪ ..‬فاسترق النظر ‪ ..‬فإذا به يتجلى وجييا الملي الساحر كما‬ ‫في تمامه البدر‪..‬‬

‫نالت عن هودجيا ‪ ..‬تبسمت في رقة ‪ ..‬رك‬

‫بع‬

‫األطفا‬

‫إلييا ‪ ..‬أحتضنتيم في حنو وعطف شديدين ‪ ..‬لوحت مودعةً استعداداً‬ ‫للرحي معلنةً نياية ايارتيا ‪ ..‬كاد قلبه ينخطف معيا ‪ ..‬خفق قلبه‬ ‫بشد ‪ ..‬ااغت عينا ‪..‬‬

‫صراخ مفاجي !!! هرج ومرج !!! يا إليي !! ما هذا ؟‪!..‬‬ ‫تلقى الغريب عن األمير سيم في الصدر‪..‬‬

‫صرخت األمير ‪ ..‬يا حراس أدركو ‪ ..‬هلموا أغيثو ‪..‬‬ ‫حمله الحراس إلى القصر ‪ ..‬رافقتيم األمير مرتعبة متوجسة ‪ ..‬صرخت‬

‫آمر ‪" :‬هلموا ضعو بمخدعي ‪ ..‬أحضرو الطبيب حاالً في أي حا‬ ‫وأياً كان ملبسه “‪..‬‬

‫وقفت تتأم في قلق مالمحه ‪ ..‬تعترييا الدهشة من موقفه‪..‬‬

‫حضر الطبيب ‪ ..‬أخرج السيم من صدر ‪ ..‬طيَّر الجر وضمد ‪..‬‬

‫وقب أن يغادر أخبرها أنه فع ما عليه واع أعلم بما لديه ‪..‬‬

‫ما‬

‫عليكم سو‪ ،‬أن تدعوا له ‪ ..‬ومحتم أن تنتابه حمى فأعينو علييا‬

‫بكمادات بارد ‪..‬‬

‫غادر الطبيب ‪ ..‬أمرت األمير وصيفاتيا أن يجلبوا الميا‬

‫البارد ‪ ..‬جلست برفق إلى جانبه ‪ ..‬سيرت طوا اللي بنفسيا تطببه‬ ‫‪84‬‬

‫‪ ..‬نامت العيون إالعينييا ‪ ..‬ظلت في حنو تتأمله ‪ ..‬وألو مر يحدثيا‬ ‫قلبيا برج "ما أوسمه ‪ ..‬يشبه الفرسان في طلته‪" ..‬‬

‫ظلت على هذا الحا أيام وليا ‪ ..‬لم تذق عيناها النوم ولو‬

‫لدقايق ‪ ..‬لم تفارقه سو‪ ،‬لمواقيت الصال ‪ ..‬كانت تفترش األر‬ ‫بجانبه لتصلي ‪ ..‬تتضرع ع أن ُيتِ َّم شفا وأن ُيري النور من جديد‬ ‫لعينيه‪ ..‬حتى جا الفجر في يوم بالخير بين يديه ‪ ..‬أذن المؤذن‬ ‫جوَدت ‪ ..‬وفي الدعا بعذوبة‬ ‫للصال ‪َّ ..‬‬ ‫همت وتوضأت وفي الصال َّ‬ ‫صوتيا ومالحة َكلِ َميا أسيبت ‪ ..‬فاستيقظ التاجر على صوتيا الساحر‬ ‫وتمتم في ضعف الحمد ع الذي هداني أن أدركم‪ ..‬فيرولت إليه‬

‫مسرعةً ‪ ..‬حمداً ع على سالمتم ‪ ..‬ماذا أفع ألكافيم فك الشكر ال‬ ‫ينصفم ؟‪..‬‬

‫يا حراس ‪ ..‬أرسلوا في طلب الطبيب ‪ ..‬لقد استفاق التاجر الغريب‪..‬‬ ‫حضر الطبيب ‪ ..‬كشف على المري‬

‫‪ ..‬وان أراد أمكنه اليوم الرحي ‪..‬‬

‫‪ ..‬شفي المقدام يا أميرتي تماماً‬

‫بعدما أشرق وجه األمير لخبر شفا الغريب ‪ ..‬تلبد بيموم‬

‫الفراق األكيد ‪ ..‬ولكنيا سرعان ما تمالكت نفسيا ورسمت ابتسامة رقيقة‬ ‫على ثغرها وتمتمت إذا هو الوداع أييا النبي ‪ ..‬ولكن قب الرحي كن‬

‫ضيف أبي الملم "ثاير" ‪ ..‬يا ُخ َّدام ع‬ ‫حضروا المآدب سيص الملم من‬ ‫سفر بعد قلي ‪..‬‬ ‫‪85‬‬

‫وص الملم في موكب عظيم مييب ‪ ..‬ارتمت األمير بين‬

‫أحضانه‬

‫‪ ..‬لمعت بعينييا دمعة لم يلحظيا سوا ‪ ..‬فانخلع قلبه علييا وانتف‬ ‫‪ ..‬ماذا بم صغيرتي ؟؟‬

‫نظرت إليه وكأنيا تشتكي ما أوشم من فراقيا إليه ولكنه لم يدرم بعد‬ ‫أي موقف لديه ‪ ..‬أخبرته بالحكاية كاملة ولكنيا أغفلت جا افتتانيا‬ ‫عن عمد في حكييا إليه‪..‬‬

‫أمر الملم بأن يأتي الغريب إليه‪..‬‬

‫دخ الغريب على الملم في وقار وأدب ‪َّ ..‬‬ ‫حيا وجلس بين يديه‪..‬‬

‫في عظمة وقو قا الملم أحكي يا غريب حكايتم‪..‬‬

‫تردد الغريب وبعد سكوت دام برهة ‪ ..‬قا اعفيني أييا الملم العظيم‬ ‫فأنا ال أعلم لي حكاية ومنذ امن وأنا شارد غريب ‪ ..‬ال أعلم لي أه‬

‫وال وطن ‪ ..‬وا َّن ما لدي ألحكيه يا موالي ليو قلي القلي ‪ ..‬أما عن‬

‫اسمي ‪ ..‬فك من مررت بيم لقبوني بالغريب‪..‬‬

‫تفر َس في وجه الغريب بحثاً عن صدق أو‬ ‫م للحيظات ‪َّ ..‬‬ ‫صمت المل ُ‬ ‫َ‬ ‫كذب ‪ ..‬كان الملم قد أيقن ما كان من حا ابنته وأنه أمام غريب رغم‬ ‫ظاهر الماليكي مريب‪..‬‬

‫بماذا شعر الملم ؟ وه صدق في شعور بالغريب ؟ وما هي حقيقته‬ ‫وما كان من سر لديه هذا ما سوف نعرفه في ليلة قادمة‪..‬‬

‫‪86‬‬

‫موالي ح الصبا‬ ‫الصيا ‪ ..‬موالي‬

‫وسكتت شيرااد عن الكالم المبا‬

‫عذ اًر أدركني‬

‫***‬

‫‪87‬‬

‫الليلة الثانية‬ ‫القرار‬ ‫بلغني أييا الملم السعيد ذو العق‬

‫الرشيد أنه عندما طلب‬

‫الملم من الغريب أن يحكي حكايته فتردد وارتبم مما أثار القلق في‬

‫نفس الملم فأخذ يحادثه بحثاً عن صدق أو كذب ‪َّ ..‬‬ ‫مر الوقت سريعاً‬

‫في الحديٍ ‪ ..‬أمر الملم بأن ُيعطى الغريب وانه ذهباً مكافأ ً إلنقاذ‬ ‫األمير من ذام السيم الغادر ‪ ..‬فأبى الغريب أن يأخذ المكافأ ألن‬ ‫بك كنوا األر‬

‫رو األمير ال تكا‬

‫‪..‬رح الغريب عن القصر‪..‬‬

‫وقفت األمير في شرفتيا تتأمله يبتعد ‪ ..‬نظر الغريب لألعلى‬

‫صوب وجييا ‪ ..‬فلوحت له مودعةً بمنديليا ‪ ..‬ثم تركت المندي للريا‬

‫تحمله هدية ليد ‪..‬‬

‫التقط المندي‬

‫الغريب بين أه‬

‫واختفى الغريب في الفضا‬

‫المملكة معاملة األبطا‬

‫البعيد ‪..‬عوم‬

‫‪ ..‬راجت تجارته وربحت‬

‫ار‪..‬‬ ‫بضاعته وأصب الغريب بين أه المملكة فارساً مغو اً‬

‫تردد الغريب كثي اًر قب أن يحاو رؤية األمير ‪ ..‬صار يختلق‬ ‫نيار ‪..‬‬ ‫في ايار القصر األعذار ‪ ..‬بات يحوم تحت شرفتيا لي‬ ‫أخبرت الوصيفات األمير ‪ ..‬باتت تنتظر ك يوم ‪ ..‬ثم جا يوم َّ‬ ‫حدثَت‬ ‫نفسيا لماذا ال تقابله؟! ‪ ..‬بات حلميا وما تتمنا ‪ ..‬لماذا ال تقابله ؟‪! ..‬‬

‫‪88‬‬

‫أرسلت له إحد‪ ،‬وصيفاتيا محملة برسالة مفادها ‪ ..‬سيدتي‬ ‫تبلغم” انتظرني في طرف الغابة عند الجدو تحت شجر الياسمين‬

‫هم يسابق الريا‬ ‫القديمة الفرعا " ‪َّ ..‬‬

‫ينتظر الوصيفة لتخبر بموعد اللقا ‪..‬‬

‫للقا األحباب ‪ ..‬من فرحته لم‬

‫مضت ساعات وساعات غلب النعاس الغريب حتى ح‬

‫المسا ‪ ..‬فاستفاق في ذهو مما حدٍ واستغرب أن األمير لم تظير‬ ‫بعد ‪ ..‬ثم تذكر أن الوصيفة لم تذكر الميعاد ‪ ..‬ف ار يلعن الشيطان فقد‬

‫أَ ْن َستْهُ الفرحة أن يسأليا عن الميعاد‪ ..‬هرو للقصر مر أخر‪ .. ،‬فوجد‬ ‫عند سياج الحديقة مندي وردي مربوط بشجر الورد البيضا كتب عليه‬

‫‪":‬رب حلم أرق األحباب يأتي له الغد ميعاد‪ ..‬بين لهفة واشتياق يشهد‬ ‫المساء لقاء بعد غياب"‬

‫بستر المسا ‪ ..‬و َّ‬ ‫وأتى ِ‬ ‫تبد‪ ،‬بسحر اللقا ‪ ..‬ليجتمعا ألو مر‬

‫العاشقان منذ ألف عام بعمر األشواق ‪ ..‬طيف فرس أبي‬ ‫األشجار ‪ ..‬تعتلي الفرس جميلة في عبا‬

‫يشق‬

‫حم ار ‪ ..‬يتوقف الفرس أمام‬

‫الغريب ‪ ..‬يمسم فارسيا بلجام فرسيا ٍ‬ ‫بيد ويد األخر‪ ،‬تمسم بإحد‪،‬‬ ‫يدييا لتنا في عشق عن سرجيا ‪ ..‬تقف في ذام الغمو‬

‫الملتحف‬

‫بالسحر أمام عينيه ملثمة بخمارها ال يظير منه سو‪ ،‬عينييا بكحلييما‬

‫‪ ..‬يمد يد ليكشف عن وجييا ‪ ..‬يا اع ‪ ..‬تبارم الخالق في صنعه ‪..‬‬ ‫من بنات األنس سيدتي أم من حوريات الجان‪..‬‬ ‫‪89‬‬

‫تحمر وجنتا األمير ‪ ..‬يلقي القمر بضويه على وجييا فيتجلى‬ ‫جما‬

‫األر‬

‫العينين ‪ ..‬يتأمليا فارسيا وينطق بكلمات تذهب عق‬ ‫والسما ‪..‬‬

‫أه‬

‫" ومن العيون ما يقتل دون إنذار ومنها ما يحيي كما األقدار ومنها‬ ‫ما تعجز أمامه فال تعلم هل صعدت لنجمة أم ضربك إعصار"‬

‫نشب بين األمير والغريب حب لم ُي ْشيَ ْد له مثي ‪ ..‬كانت‬ ‫األمير تتخفى في عبا تيا الحم ار فال يبرا منيا سو‪ ،‬العينين لتلتقيه‬ ‫في أطراف الغاب وعلى هذا دام الحا فلم ُيْل ِق َيا للكون با ‪..‬‬ ‫راقبيما الملم من بعيد دون علميما ‪ ..‬حتى جا يوم‬

‫واستدعاها الملم لحضرته بعد أن تركت الغريب لوحدته ‪ ..‬صرف‬ ‫الحراس وغلَّق األبواب وفي حام الملوم أمرها بالجلوس بين يديه ‪..‬‬

‫بادرها قايالً ‪ :‬علمت بسطو الملوم وحكمة الحكما ِ‬ ‫أنم على عالقة‬ ‫بذام التاجر المريب من أسمو الغريب ‪ ..‬وأنكم تلتقون ك يوم دون‬

‫علمنا بأطراف الغاب وكنا نراقبكم من بعيد ‪ ..‬ه هذا ما أمال عليكم‬

‫ضميركم ووضعنا ؟!‬

‫ارتبكت األمير ولمعت بعينييا دمعةُ َم ْن َعلِ َم ما انتظر من‬ ‫ٍ‬ ‫مصير ‪ ..‬فصمتت قليالً ثم تمتمت في وج ٍ‬ ‫شديد "يا سيدي ه أحدثم‬

‫كملم أم كوالدي ؟‪" ..‬‬

‫‪90‬‬

‫فشعر بضعفيا ورفق بحاليا األب الملم ‪ ..‬وبصوت بين الحام‬ ‫والحنو أبا ليا الحديٍ قايالً هاتي ما عندم يا ابنتي‪..‬‬

‫يا سيدي إنم أحسنت على الدين نشأتي ‪ ..‬من العلوم والفنون‬

‫أتخمت جعبتي ‪ ..‬فصار العق حاكماً‪ ..‬و القلب جامحاً ‪ ..‬وصا ار في‬

‫الكون ال يرضييما رج ‪ ..‬تصمت قليالً ‪ ..‬ثم تواص ‪ ..‬يا سيدي ظن‬ ‫العامة قب الخاصة أني سيد بال قلب ‪ ..‬وأظنم يا سيدي منيم في‬

‫ع‬ ‫تقترن ‪ ..‬يا سيدي ما حدثتم قط عن حلم َّأرق الميد ‪ ..‬وألم‬ ‫الظن‬ ‫ُ‬ ‫تصمت قليالً ‪ ..‬من عينييا تترقرق دمعة‬ ‫استبا منذ امن الوجد ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ينخلع ليا القلب ‪ ..‬تواص ‪ ..‬ه يوماً أثقلتم بآهة قط ؟‪! ..‬‬

‫ينظر ليا الملم في ذهو ‪ ..‬في صمت ‪ ..‬ألو مر منذ كانت‬

‫صغير يراها تبكي ‪ ..‬يحادٍ نفسه ماذا فع بيا هذا الشاب ؟ ! يعتد‬ ‫الملم في جلسته ‪ ..‬يمس في غمو‬

‫لحيته ‪ ..‬يتفرس في وجييا ‪..‬‬

‫من نظرته تعلم أنه اتخذ ق ار اًر صعباً يرتعد له القلب ‪ ..‬ماذا كان قرار‬

‫الملم ؟ وماذا كان موقف العاشقين ؟ هذا هو ما سوف نعرفه في ليلة‬ ‫قادمة من ليا ألف ليلة وليلة‪..‬‬ ‫موالي ح الصبا‬

‫الصيا ‪ ..‬موالي‬

‫وسكتت شيرااد عن الكالم المبا‬

‫عذ اًر أدركني‬

‫***‬

‫‪91‬‬

‫الليلة الثالثة‬ ‫شجرة الياسمين‬ ‫بلغني أييا الملم السعيد ذو العق‬

‫الملم في جلسته ‪ ..‬ماسحاً في غمو‬

‫الرشيد أنه حينما اعتد‬

‫لحيته ‪ ..‬متفرساً في وجه ابنته‬

‫‪ ..‬كانت األمير العاشقة تنتظر ق ار اًر إما بالحيا أو بالموت ‪..‬‬ ‫صمت الملم قليالً ‪ ..‬نظر إلييا نظر حاد قوية ‪ ..‬شعرت أن قرار‬

‫أمر بالموت فترقرقت من عينييا دمعة حان ‪ ..‬لحاليا تبسم‬ ‫سيكون اً‬ ‫الملم بسمة حلم قايالً‪“ :‬حسناً ِ‬ ‫لم ما شيت يا ابنتي ‪ ،‬اذهبي للغريب ‪..‬‬ ‫أخبريه أن يأتي إلي غداً بعد صال العصر" ‪ ..‬ركضت األمير في فر‬

‫إلى ُميرها ‪ ..‬امتطته وانطلقا معاً يسابقان الريا في ليفة إلى الغريب‬ ‫بميرها الغابة ‪ ..‬كانت‬ ‫الذي أصب بأمر اع حبيب قريب ‪ ..‬عبرت ُ‬ ‫ٍ‬ ‫كسحر تنثر على ك ما حوليا ‪ ..‬وصلت إلى شجر الياسمين‬ ‫سعادتيا‬

‫الفرعا ‪ ..‬التقاها الحبيب تحت الشجر باسطاً يديه إلييا ‪ ..‬ارتمت في‬ ‫أحضانه في سعاد ال مثي ليا ‪ ..‬كان مشيداً ساح اًر وأفرع الشجر‬

‫المحملة بالياسمين تتدلى وكأنيا تخفييما والنسيم يداعب الفروع وشذا‬

‫الياسمين في عشق يلفيما ‪ ..‬فجأ اشتدت الريا وبدأت أفرع األشجار‬

‫تتحرم بقو ‪ ..‬نظر الغريب حوله باحثاً عن مكان ليستت ار به واذا‬ ‫بالسما تمطر علييما ‪ ..‬في خضم بحثه وقعت عينيه على األمير وقد‬

‫أغمضت عينييا واتجه وجييا إلى السما وفتحت ذراعييا للريا وكأنيا‬ ‫‪92‬‬

‫تحتضنيا ‪ ..‬وقطرات المطر تتساقط كالنجمات على جسدها ‪ ..‬تغمرها‬ ‫‪ ..‬كانت تشع جماالً وسح اًر ‪ ..‬وقف في ذهو وعشق يتأمليا متمتماً‬ ‫تبارم اع في خلقه ما أجمليا من شبييا بالقمر ظلميا وه يرتقي‬

‫القمر لمرتبة جماليا‪ ..‬أخذ الحبيب يلف حوليا في بط شديد للحيظات‬ ‫وكأنه يود أن يحفظ في ذاكرته سحرها من ك الجيات ثم توقف أماميا‬ ‫ناظ اًر بتدله إلييا‪ ..‬ضميا إلى صدر بقو و َّقب جبينيا ‪ ..‬سبحان من‬ ‫جمع بين قلبييما ‪..‬‬

‫أخذا يركضا و ار بعضيما البع‬

‫حتى سقط على األر‬

‫تحت شجرتيما جاذباً إياها لتسقط بين ذراعيه ‪ ..‬جلسا هكذا طوا اللي‬ ‫ٍ‬ ‫سحر ‪..‬‬ ‫وقد ألقى القمر بضويه الفضي علييما فاادهما سح اًر على‬ ‫وعند ساعات الصبا األولى همت األمير عايد ً إلى قصرها وقد‬ ‫أخبرت الحبيب أن والدها ينتظر بعد صال العصر ‪.‬‬ ‫أقب الغريب على الملم في أبيى حلته كأنه أمير منحدر من‬

‫ساللة ملوم ‪ ..‬جلس بين يدي الملم في هدو وأدب ‪ ..‬جمعتيما‬ ‫لحظة صمت طويلة ال يعلم كالهما من يبدأ الحديٍ ‪ ..‬نظر الملم إلى‬

‫هم قايالً موالي‬ ‫الغريب ‪ ..‬تبسم الغريب ابتسامة سعاد يلفيا حرج ‪َّ ..‬‬ ‫لقد جيتم طالباً ‪ ، ....‬استوقفه الملم قايالً يا حراس أعلنوا خطبة‬

‫ساهر‬ ‫اً‬ ‫األمير على الغريب التاجر ‪ ..‬وغداً بإذن اع نقيم لخطبتيما حفالً‬

‫‪93‬‬

‫‪ ..‬ثم نظر إلى الغريب وقا له أرام غداً في تمام بيايم يا نسيب‬ ‫الملم ‪..‬‬

‫ُعلِ َن‬ ‫خرج الغريب وسعادته تملؤ يكاد يطير فرحاً مما علم ‪ ..‬أ ْ‬ ‫الخبر في جميع أرجا المملكة ‪ ..‬حان الموعد ‪ ..‬ذهب التاجر إلى‬ ‫القصر في موكب كمواكب الملوم‪ ..‬انتظر عروسه لتتنا ألجله ‪..‬‬ ‫ها هي تتجلى كما القمر بيد أبييا‪ ..‬أخذت تتياد‪ ،‬على درجات سلميا‬ ‫في سحر ‪ ..‬تتنا كيبة إليية ألجله وحد اليوم ‪ ..‬أخذ بيدها و َّقب َ‬ ‫جبينييما ‪ ..‬انطلقا‬ ‫كتفي الملم ويد اليمنى ‪ ..‬باركيما الملم و َّقب َ‬ ‫في موكبيما بسعاد بين أه المملكة ‪ ..‬أخذ الك يرقص في سعاد‬ ‫وفر ال مثي ليما ‪ ..‬في خضم انشغا الجميع جذبت األمير حبيبيا‬ ‫من يد امتطيا فرسه راكضين إلى الغابة حيٍ شجر عشقيما ‪ ..‬ناال‬ ‫وله ور ٍ‬ ‫من على صيو جواد ‪ ..‬جلست تحت قدميه همست في ٍ‬ ‫قة ‪:‬‬ ‫أميرة خيروني بين عرشي وقلبك ‪ ..‬فاخترت أن أعيش جارية تحت قدميك‬

‫ليس ذال أو هوانا ‪ ،‬وال قه ار أو استكانة ‪ ..‬إنما هي رغبة تشعر القلب باألمان‬ ‫عندما‬

‫معك‬

‫أكون‬

‫كالفراشة‬

‫أطير‬

‫كاألطفال‬

‫وأصبح‬

‫‪..‬‬

‫كلمة ترضيني ووعد يكفيني ولمسة تنقلني من حال إلى حال ‪..‬‬

‫أحببتك حتى الموت وسكنت في الوجد وتنفستك كعبير الورد ‪..‬‬ ‫أهديتك‬

‫قلبي‬

‫وتنازلت‬

‫عما‬

‫‪،‬‬

‫أنا‬

‫وتوجتك‬

‫فيه‬

‫‪..‬‬

‫ملكا‬

‫عل‬

‫على‬

‫ضعفي‬

‫عرش‬

‫يرقق‬

‫انحنى الحبيب ليأخذ بيد مليكته جاذباً إياها لتني‬

‫وجدي‬

‫قلبك‬

‫لقلبي‬

‫‪..‬‬ ‫‪..‬‬

‫بين يديه ‪..‬‬

‫نظر إلى عينييا في حب وامتنان شديدين ‪ ..‬من هو ما تلفظت به‬ ‫‪94‬‬

‫وعظمته لم يعلم ماذا يقو ‪ ..‬جذبيا إلى صدر ‪ ..‬ضميا بقو‬

‫شديد‬

‫‪ ..‬همس بأذنيا ‪ ”:‬آ لو تعلمين يا مليكتي كم أعشقم” ‪ ..‬قب جبينيا‬ ‫ويدييا ‪ ..‬وانحنى ليأتي باهر حم ار جاورتيما على األر‬

‫‪ ..‬ما أن‬

‫قطفيا وهم ليقف ‪ ..‬حتى داهمه سيم غادر بصدر ‪ ..‬سقط بين يدييا‬ ‫‪ ..‬أخذت األمير تصرخ في هو وصدمة ولكن لم يسمعيا أحد ‪..‬‬

‫أخذت تستنجد ‪ ..‬أدركوني ‪ ..‬أغيثوني ‪ ..‬وفي موجة من البكا أخذت‬ ‫ترك‬

‫يميناً ويسا اًر ال تعلم ماذا تفع أو إلى أين تذهب ال تجد من‬

‫يدركيا ‪ ..‬سقطت على األر‬

‫بجانبه تنظر إليه تار وتار أخر‪ ،‬إلى‬

‫يدييا المخضبة بدمايه في ذهو وكأنيا انفصلت عن ك ما حوليا‬

‫ودموعيا تنيمر بشد ‪ ..‬ثم وقفت فجأ وأخذت تحاو جذبه تجا جواد‬

‫‪ ..‬عانت كثي اًر حتى استطاعت رفعه على صيو جواد وجلست خلفه‬ ‫وانطلقت به إلى القصر مسابقةً الريا ‪ ..‬ما أن وصلت القصر حتى‬

‫صرخت ‪ ..‬يا حراس أدركوني ‪ ..‬أغيثوني ‪ ..‬خرج جميع من بالقصر‬

‫إلييا ‪ ..‬هم الملم إلى ابنته يحتضنيا ‪ ..‬لمحت بعينيه نظر لم تعيدها‬ ‫قط ‪ ..‬نظر غدر ‪ ..‬أخذت تبتعد عنه ‪ ..‬حاو الملم أن يقترب منيا‬ ‫وأن يأخذ بيدها ولكنيا أبت وامتطت جواد حبيبيا وأخذت ترك‬

‫بكالهما ال تعلم إلى أين تذهب حتى اخترقت الغابة فوجدت كوخ‬

‫بأطراف الغابة أنالت حبيبيا من على صيو جواد ووضعته داخ‬ ‫اش با ٍ ٍ‬ ‫الكوخ على فر ٍ‬ ‫قديم ينم عن كوخ تم هجر من سنين ‪ ..‬وضعته‬ ‫‪95‬‬

‫وخرجت ترك‬

‫لتبحٍ عن شي يطببه وميا لتنظف بيا جرحه واثنا‬

‫بحثيا تذكرت كلمات إحد‪ ،‬وصيفاتيا عن ساحر شرير بيتيا بأطراف‬

‫الغابة قد تستطيع إنقاذ حبيبيا ولكن مقاب شي هي فقط من تحدد ‪..‬‬

‫اعتلت الجواد وأخذت ترك‬

‫إلى بيت الساحر ‪ ..‬ما أن وصلت حتى‬

‫هاج الجواد وماج ‪ ..‬ياله من مكان موحش مخيف ‪ ..‬نالت عن صيو‬

‫الجواد واقتربت في حذر من بيت الساحر تتمتم باسم اع الحفيظ ‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت‬ ‫وقفت بالباب تطرقه ‪ ..‬انفت الباب محدثاً صري اًر مخيفاً ‪ ..‬واذا‬ ‫موحش ر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هيب يردد أهالً باألمير ابنة ملكنا الرعديد ‪ ..‬أهالً بابنة من‬ ‫ِ‬ ‫عسام‬ ‫نفاني إلى الغاب البعيد ‪ ..‬األمير تريد حيا الحبيب ‪ ..‬ماذا‬

‫مقاب حياته تدفعين ؟؟ اقتربت األمير تجا الصوت واذا بيا عجوا‬ ‫قالت األمير بسم اع الحفيظ ‪ ..‬يا سيدتي‬

‫قبيحة ‪ ..‬بصوت خفي‬ ‫أدفع ِ‬ ‫لم أي شي تريدين ‪ ..‬فضحكت الساحر ضحكة شرير واقتربت‬ ‫من وجه األمير وتلمسته بيدييا الدميمة قايلةً‬

‫؟!‪ ..‬فأجابتيا األمير “نعم ‪ ..‬أي شي تطلبينه” ‪..‬‬

‫"أي شي "‬

‫فأصرت الساحر "حتى وان كان هذا الشي هو وجيم الساحر‬ ‫َّ‬

‫وجمالم الفتان ‪ ..‬وصوتم الجمي ؟‪ ”..‬أجابت األمير في قو وحسم‬

‫"أي شي ميما كان" ‪ ..‬فأجابتيا الساحر بضحكة شرير مجلجلة‬ ‫ِ‬ ‫شيت ‪ِ ..‬‬ ‫ِ‬ ‫وأردفت في خبٍ شديد “إذا ِ‬ ‫شيت” وغطى‬ ‫لم ما‬ ‫لم ما‬ ‫ضحكيا الكون واختفى ك‬ ‫‪96‬‬

‫شي فجأ ووجدت األمير نفسيا تقف‬

‫وحيد في العدم يلفيا الظالم والضباب من ك صوب وحدب حتى‬ ‫ظيرت الساحر الشرير في هيية األمير من وسط الضباب همت األمير‬

‫تكلميا فلم يخرج ليا صوت ‪ ..‬يا إليي جردتيا حتى من صوتيا ‪ ..‬لم‬ ‫تترم ليا سو‪ ،‬العينين ‪ ..‬أعطتيا الدوا واقتربت منيا قايلةً “تركت ِ‬ ‫لم‬

‫عينيم فإن كان أحبم حقاً سوف يتعرف عليم وحينيا فقط إن قبلم كما‬ ‫أنت فلم ما أخذت ِ‬ ‫منم ‪ ..‬آ من قلبي يالي من ساحر رحيمة القلب‬ ‫وانطلقت بضحكة سخرية مجلجلة ‪ ..‬ثم اقتربت من وجه األمير في‬

‫خبٍ وشر وهمست أما إذا رفضم ستكونين دفعتي ثمناً غالياً لحيا‬ ‫ِ‬ ‫عنم ‪ ..‬خطفت األمير قنينة الدوا‬ ‫من ألج المظاهر سوف يتخلى‬

‫تردد صوت‬

‫من يد الساحر وركضت عايد ً وحينما كانت ترك‬ ‫الساحر قايالً "ال تنسي ثالٍ نقاط فقط ك يوم" ركضت إلى الكوخ‬ ‫الميجور حيٍ هو ممدد حبيبيا ‪ ..‬جلست بجوار ‪ ..‬رفعت رأسه إلييا‬

‫‪ ..‬وضعت ثالثة نقاط من الدوا على شفتيه ‪ ..‬ابتلعيا بصعوبة وهو‬ ‫هايم في غيبوبته ‪ ..‬جلست بجانبه تيتم به وتطببه ‪ ..‬ظلت تعطيه‬

‫الثالٍ نقاط يومياً ‪ ..‬كان جسد محموماً وكانت دوماً تدعو بالشفا له‬

‫‪ ..‬كانت تراقبه وهو ينطق باسميا في غيبوبته وتنتظر أن يفت عينيه‬ ‫ويميا عينييا فتعود بكام جماليا وصوتيا إليه ‪ ..‬كانت تخرج من‬ ‫أج جلب الطعام فقط ‪ ..‬سمعت الكثير والكثير عن تغير حا األمير‬

‫وكيف أصبحت طباعيا شرير ‪..‬‬

‫‪97‬‬

‫حتى جا يوم كانت تصلي وتدعو اع أن يكتب الشفا لحبيبيا‬ ‫وما أن سلَّ َمت واتَ َّمت صالتيا حتى سمعت صوت حبيبيا ينادي علييا‬ ‫فَيَ َّمت إليه فَ ِر َحة فإذا به يفاع منيا ‪ ..‬فاع قايالً يا إليي كم أنت قبيحة‬ ‫ابتعدي عني ‪ ..‬حاولت أن تخبر ما حدٍ ليا ولكن لم يسعفيا صوتيا‬ ‫ٍ‬ ‫شفقة وجاٍع‬ ‫‪ ..‬صمتت وترقرقت من عينييا دمعة ألم ‪ ..‬نظر إلييا في‬

‫شديدين ‪ ..‬أراد أن يحدثيا بشي ولكنه لم يستطع ‪ ..‬فلملمت أشيا ها‬ ‫وهمت ذاهبة فاستوقفيا قايالً "يا سيدتي البيت في أصله ِ‬ ‫لم أنا من‬

‫سيذهب إلى ديار فينام أميرتي تنتظرني ‪ ..‬بالتأكيد هي ال تعلم أين أنا‬ ‫أو ماذا ح َّ بي واال لما تركتني” ‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫ودعيا وتركيا لحانيا وألميا ووحدتيا وذهب إلى أميرته في قصرها‪..‬‬

‫ما أن وص حتى فوجي به الحراس وصدم برؤيته الملم ‪..‬‬

‫ما أن رأينه الوصيفات حتى أسرعوا إلى أميرتين ليخبرنيا عن حبيبيا‬

‫‪ ..‬علمت الساحر الشرير المتخفية في شك األمير أي اختيار كان من‬

‫الحبيب وأنه أغف العيون الحقيقية ألميرته فتمتمت وها هو حبيبم أيضاً‬ ‫بات لي أيتيا األمير المسكينة وقريباً سوف يكون لي أيضاً عرش الملم‬

‫وجلجلت في أرجا القصر ضحكتيا الشرير ‪..‬‬

‫نالت إليه وما أن قابلته حتى ارتمت بين ذراعيه ونظرت‬

‫لوالدها نظر آمر قايلةً أقيموا األف ار وأعلنوا اواجنا ‪..‬‬

‫‪98‬‬

‫في رضوخ غريب أعطى الملم أوامر بإقامة األف ار والليالي‬

‫المال ‪ ..‬و َّ‬ ‫ها الخبر أصدا المملكة ‪ ..‬ووص األمير المسكينة خبر‬ ‫اواج حبيبيا من الساحر الشرير ‪ ..‬جلست تبكي تحت شجر الياسمينة‬

‫‪ ..‬واذا بالشجرِ تحدثيا ‪ ..‬فاعت األمير من حديٍ الشجر وتمتمت‬ ‫بسم اع ‪ ..‬فقالت ليا الشجر "ال تخافي يا أميرتي فأنا ساحر الغابة‬ ‫الطيبة ‪ ..‬علمت بحالم وما جر‪ِ ،‬‬ ‫لم ‪ ..‬لو أنم فقط أتيتي إلي ‪..‬‬ ‫اتركينا مما فات وا ن اذهبي إلى حبيبم وانظري إليه وبمشيية اع‬

‫سوف يتعرف عليكي قلبه ولن يخذلم ‪ ..‬ركضت األمير إلى عرس‬

‫حبيبيا على الساحر الشرير ‪ ..‬قابلته على باب القصر ‪ ..‬وقف يتأمليا‬

‫ووقفت تتأمله ‪ ..‬كانت عيناها تنطق له بما تحمله من شوق إليه ‪..‬‬

‫ت على كتفيا وأمر الحراس بأن يكرموها رداً لمعروفيا ‪ ..‬يا إليي مر‬ ‫رَّب َ‬ ‫أخر‪ ،‬خذليا ‪ ..‬جا موعد العرس ورأته يمسم بيد ام أر على هيأتيا‬ ‫ولكن ليست هي ‪ ..‬وقفت في حان تتأمليما ‪ ..‬وتبكي بكا اً حارقاً ‪..‬‬

‫حتى لمحت شخصاً ما بين الحضور يتأهب ليرمي الملم بسيم مسموم‬

‫‪ ..‬انتفضت مرتعبة وركضت تجا الملم فإذا بالسيم بدالً من أن‬ ‫يصيب الملم يخترق قلبيا ‪ ..‬وقعت على األر‬

‫والحبيب والساحر الشرير ‪ ..‬اا‬

‫أمام ك من الملم‬

‫السحر وعادت كالً من األمير‬

‫والساحر إلى هييتيما القديمة ‪ ..‬وقع كالً من الملم والحبيب على‬ ‫األر‬

‫بجانب أميرتيما مصدومين ‪ ..‬جلسا بجانبيا ينتحبان ‪..‬‬

‫‪99‬‬

‫الحبيب‪ :‬يا إليي ماذا فعلت؟! ‪ ..‬كيف لم أعرفم حبيبتي؟! ‪..‬‬ ‫الملم ‪ :‬رحمام ربي ‪ ..‬كيف لم أميا ابنتي ‪..‬‬

‫وضعت أنامليا على شفا حبيبيا ‪ ..‬أمسكت بيد ملكيا ووالدها‬

‫‪ ..‬همست في ضعف “حمداً ع على سالمتكما ‪ ..‬وما نفع حياتي إن‬ ‫لم تكن فدا اً ألحب من لدي” ضميا الحبيب بحنو إلى صدر باكياً ‪..‬‬ ‫أعاد النظر إلى عينييا متمتماً كيف لم أعرفم يا حبيبتي؟! كيف ؟! ‪..‬‬

‫أغمضت األمير عينييا ‪ ..‬سقطت يدها من يد والدها ‪ ..‬رحلت في‬

‫هدو عن الكون ‪..‬‬

‫دوت صرخة كالً من الحبيب والملم في جميع أنحا المملكة‬ ‫َّ‬

‫معلنةً حداداً ال نياية له ‪ ..‬فجأ تظير فراشات ماركشة بأاهى األلوان‬

‫‪ ..‬تتجمعن ليشكلن الساحر الطيبة ‪ ..‬تمد الساحر يدها لألمير ‪..‬‬ ‫ترتفع بروحيا الذكية إلى السما متوهجة ‪ ..‬توعدعُ األمير والدها وحبيبيا‬ ‫بابتسامة آثر بآثار حانيا ملتحفة حاير ‪ ..‬رغم ك األلم ساحر ‪..‬‬ ‫تخبرهما الساحر بأن األمير سوف تصب نجمة في السما ‪ ..‬وأنيم لم‬

‫يروها سو‪ ،‬في الليالي الحالكة المظلمة ‪..‬‬

‫النجمة‪ :‬وهذا ما كان من حكايتي أييا الغريب عابر السبي ‪ ..‬بعيد أنا‬

‫يباي ‪ ..‬وحيد في تلم السما الشاسعة ‪ ..‬أشع نو اًر لعابري‬ ‫عن َحبِ ْ‬ ‫السبي ‪ ..‬وأعتصر ألماً فأنا دلي من ال دلي له وال أملم على وجيتي‬

‫دلي ‪..‬‬ ‫‪100‬‬

‫عابر السبي ‪ :‬يا إليي ‪ ..‬كم هي محانة قصتم سيدتي ‪..‬ويا ليذا‬ ‫الكون كم يحتوي على قلوب حاير وعشاق مكلومين ‪..‬‬

‫النجمة تشع رضا قايلةً‪ :‬ال يغرنم حاني أييا الغريب ‪ ..‬فأنا رغم األلم‬ ‫نجمة تيدي الماليين ‪..‬‬

‫وهذا ما كان من حا األمير المسكينة وعاشقيا الوليان وما كان من‬

‫قدرهما وأحاان أعظم ملوم الامان ‪..‬‬ ‫موالي ح الصبا‬

‫الصيا ‪ ..‬موالي‬

‫وسكتت شيرااد عن الكالم المبا‬

‫عذ اًر أدركني‬

‫***‬

‫‪101‬‬

‫(‪)8‬‬ ‫ساديـــة قلـــم‬

‫كنت قد احترفت األلم والقلم معاً في ٍ‬ ‫سن صغيرٍ ‪ ..‬أو بتعبير‬ ‫ٍ‬ ‫أدق في مرحلة من األنوثة مبكرٍ‬ ‫وثير ‪ ..‬كنت اعتمد في كتاباتي على‬

‫الذكريات ‪ ..‬ذكريات لرفا عشاق ‪ ..‬ذكريات الم ‪ ..‬لدموع ‪..‬‬

‫ذكريات توقد دوماً نيران الشوق وتمجد مواقع األشواق ولكن دوماً كان‬ ‫هنام معضلة تقابلني وهي شراسة الذكريات فيي وحش كاسر يستحي‬ ‫ترويضه أو هذا ما كان من تفكيري حينيا ‪ ..‬قضيت عم اًر في تروي‬

‫آالمي ‪ ..‬حتى بت أعلم كيف أطوع الذكر‪ ،‬وأسطر بقلمي ا هات ‪..‬‬

‫أذكر أنني توقفت عن المطالبة بحق النسيان منذ امن طوي مما أثار‬

‫في نفس أعا صديقاتي ‪ -‬وقد كانت من الكاتبات هي األخر‪- ،‬‬ ‫الذهو في وقت ما ‪ ..‬كانت تمر بلحظات حرجة في قصة عشقيا ‪..‬‬

‫ت‬ ‫كنا نتحدٍ عن الحب والحيا ‪ ..‬عن الذكريات ‪ ..‬وأثنا حديثنا تَفَ َو َه ْ‬ ‫بكلمات عن النسيان وتضرعات ع كي تنسى من تحب ‪ ..‬ابتياالت‬ ‫كي يتوقف األلم ‪ ..‬كان في حديثيا من الجنون والسفه ما أثار حنقي‬

‫علييا ‪ ..‬أي ام أر تتفو بتلم الترهات ‪ ..‬وكاتبة؟! ‪ ..‬نسيان الذكريات‬ ‫يعني موت الحب ‪ ..‬موت الحب يعني اندثار ا الم مما يحتم بالضرور‬

‫اندثار الحس وقد كانت هذ مشكلتي مع الحيا فال كتابه من دون حس‬ ‫وال حس من دون ألم وال آالم من دون ذكريات ‪ ..‬كانت هذ بمثابة‬

‫مسلمات بالنسبة لي في عالم الكتابة ‪ ..‬كانت كلماتيا بالنسبة إلي‬

‫ترهات وكان تعقيبي بالنسبة ليا بمثابة جنون وابتداعات ‪ ..‬فعندما‬ ‫‪104‬‬

‫واجيتيا بما أثار حنقي صمتت قليالً في ذهو ثم عقبت بدهشة‬

‫يخالطيا انبيار ‪" :‬لم َأر بحياتي ام أر تحترف السادية ألج الكتابة"‬ ‫جملة صادمة أدهشتني ولكنيا في ذات الحين أعجبتني ‪ ..‬فقد‬ ‫شعرت بعظمة خالطتيا نشو انتصار ‪ ..‬كانت جملة صديقتي بمثابة‬ ‫نيشان يسد على آالمي الستار ‪..‬‬

‫ظللت أفكر كثي اًر في حديثنا ‪ ..‬في جملتيا ‪ ..‬أخذت ابحٍ في‬

‫ذاكرتي عن أو مر مارست فييا سادية القلم تجا الذكريات ‪ ..‬بحثت‬

‫وبحثت حتى الحت صورتم من داخ صندوق ذكرياتي ‪ ..‬حينيا فقد‬

‫تذكرت كنت أنت أو من أليمني السادية ‪ ..‬في ذلم اليوم بالذات ‪..‬‬

‫صمت ‪ ..‬أرحت رأسي للو ار قليالً ‪ ..‬أغمضت عيني ‪..‬‬

‫بدأ األمر بيوم مشرق ذكرني بابتسامتم ‪ ..‬بقصتي معم ‪..‬‬

‫تبسمت ‪ ..‬فمن بيا‬ ‫حينيا أمسكت القلم وكتبت‪" :‬اليوم أعتقد أنم َّ‬

‫السن أشرق الكون" ‪.‬‬

‫يا إليي ماالت أتذكر تلم االبتسامة الماليكية ‪ ..‬شفا دبقة ‪..‬‬

‫أسنان منمقة ‪ ..‬عيون بسحرها ضاحكة ‪..‬‬

‫أتذكر سيدي؟ ‪ ..‬في مث هذا اليوم منذ عامين قابلتم ‪ ..‬في مث هذا‬

‫اليوم اندفعت من الاه ار إلى المريخ قاصد قلبم‪..‬‬ ‫كان إ ْفتِتَاننا أم اًر خارقاً للعاد ‪ ..‬لم تكن فتر صداقتنا طويلة ولم‬

‫تكن وثيقة ولكن أعترف بأنه كان ليا مذاقيا الخاص ‪ ..‬كنت دوماً‬ ‫‪105‬‬

‫اترقب تعليقاتم على كتاباتي ‪ ..‬كم كنت أعشق أسلوبم في التعليق‬ ‫على نصوصي الساخر ‪ ..‬كنت كلما علقت على نص ساخر لي أرفقت‬

‫ضحكة مكتوبة ‪ ..‬من فرط سعادتي شعرتيا باهوم بي صارخة ‪..‬‬

‫أذكر أنه في أو حديٍ فعلي لنا ‪ ..‬أخبرتني بأنم كنت‬

‫تتسا‬

‫أي ام أر جامحة تستطيع العاف على أوتار الورق هكذا ‪..‬‬

‫وأنم كك فرسان الشرق بسبب أحد نصوصي الشعرية عن "آدم" قد‬ ‫تسا لت ‪ ..‬أي ام أر تستطيع التفتيش في خبايا عق آدم كتلم وأي‬

‫ذكا أنثوي يخفيه عقليا‪..‬‬

‫أتعلم ‪ ..‬كنت قبلم وحيد ‪ ..‬وهكذا كان من حولي يرونني ‪..‬‬ ‫يوم كنت وأمي في لحظة صفا وثرثر فسألتيا عن ما إذا كانت تعتقد‬ ‫أنه يمكن لي أن أحب فأجابتني بشك صادم وقاطع "ال ‪" ..‬‬ ‫لم تقصد القسو ب‬

‫كانت تصف واقعي القاسي حينيا فلم يكن لي‬

‫أصدقا على كثر معارفي ‪ ..‬لم تكن لي حيا اجتماعية سو‪ ،‬بين‬

‫قصايدي وسطور حكاياتي ‪ ..‬ورغم ذلم لم تكن حياتي مارية ‪ ..‬على‬

‫العكس فقد كانت حيا مفعمة بالتقدم والنجا إال في الجانب العاطفي‬

‫طبعاً ففي هذا الجانب كانت كلمة "مارية" لتكون نقطة في بحر ضمن‬

‫كون فسي ‪..‬‬

‫بدأنا نتحادٍ ‪ ..‬بدأ ك‬

‫منا يشغ‬

‫حيا كبير من فكر‬

‫ا خر ‪ ..‬ثم تحو االنجذاب إلى إعجاب مفرط‬ ‫‪106‬‬

‫بمجرد أن بدأت‬

‫المكالمات الياتفية ثم جا قرار اللقا ‪ ..‬أيا كان ما جذبنا وقتيا فلم‬ ‫يكن بقو إنجذابنا حين التقينا رغم ك ماكان من اعتبارات تعيق ق اررنا‪.‬‬

‫جا يوم اللقا ‪ ..‬كان التوتر يمأل اليوا ‪ ..‬كنت أود أن أبدو‬

‫كحورية ‪ ..‬حتى أنني كدت استعين بك ما أوتيت من أنوثة وجاذبية‬ ‫عليم ‪..‬‬

‫ارتديت تنورتي البيضا تعتلييا بلوا حم ار‬

‫بربرية ‪ ..‬كحلت‬

‫عيوني بسحر النسا ‪ ..‬أضرجت شفتي بدما العشاق ‪ ..‬تعطرت بأريج‬

‫األاهار البرية ‪..‬‬

‫أذكر أنم هاتفتني لتسألني أي األلوان سوف أرتدي وحينما‬

‫ت‬ ‫أجبتم باللون األحمر أعربت لي عن كرهم ليذا اللون وحينيا َعقَّْب ُ‬ ‫على كلماتم بثقة المتيقن أنني أعدم بتغيير نظرتم ليذا اللون وأنه عما‬ ‫قريب سيصب المفض لديم‪..‬‬

‫كان ميعادنا في الخامسة والنصف عص اًر ‪ ..‬ال أخفيم س اًر فقد‬

‫رفرفت كفراشة عندما سمعت أنم قب ميعادنا بنصف ساعة قد وصلت‬ ‫‪ ..‬كان هذا دليالً جلياً على شوقم ‪..‬‬

‫بفع الاحام الصيفي تأخرت عليم قليالً ‪ ..‬دخلت المقيى وقد‬

‫كانت عيناي تبحثان عنم في شوق وليفة ‪ ..‬تميلت قليالً ‪ ..‬أشحت‬

‫بنظري لألعلى ‪ ..‬عندها وجدتم جالساً تنتظرني في هدو ساحر ‪..‬‬ ‫كنت قد سحرتني بعينيم السارحتين قب أن تتالقي عينانا ‪ ..‬وياله من‬ ‫‪107‬‬

‫تال ٍ‬ ‫ق للعيون ‪ ..‬شعرت حينيا وكأن الكون اشعَّ بيجةً وبياضاً وأن ك‬ ‫من حولنا قد تالشوا ‪ ..‬توقف الوقت للحيظات عند هذ االلتقا‬

‫‪..‬‬

‫أذكر أنم انتفضت واقفاً حينيا وتَ َس َّمرت ناظ اًر إلي وكأن إعصا اًر ضرب‬ ‫كيانم وأطا بم ‪..‬‬ ‫بعد ثوان عاد الكون إلى حركته ‪ ..‬تياديت أنا صعوداً لدرجات‬

‫السلم المؤدي إليم ‪ ..‬وحينما وصلت وجدتم تمد يديم إلي كأمير‬ ‫ساحر أمسكت يدي لتجلسني على المقعد المقاب لم ‪ ..‬جلست في‬

‫صمت لوهلة تتأملني ‪ ..‬أحمرت وجنتاي خجالً من نظراتم الملتيبة‬

‫الثابتة ‪..‬‬

‫أخذنا نتحادٍ كثي اًر حتى مر الوقت مسرعاً ‪ ..‬حان موعد‬

‫الرحي ‪ ..‬كانت نظراتم تفض سرم ‪ ..‬وكنت أنا سعيد بذلم ‪ ..‬كدنا‬ ‫نفترق عند باب المقيى إال أنم أبيت في جنون إال أن توصلني حتى‬

‫أركب سيارتي ‪ ..‬كان ذلم درب من الجنون ومغامر طايشة من كلينا‬ ‫إال أننا لم نأبه سو‪ ،‬لما أحسسنا ‪..‬‬

‫وصلنا لباب السيار ‪ ..‬طبعت قبلة رقيقة على يدي ‪ ..‬ودعنا‬

‫بعضنا بنظرات أليبيا العشق أتعسيا الفراق ‪ ..‬كان لقا اً ساح اًر بك ما‬

‫تعنيه الكلمة من معنى ‪..‬‬

‫توالت لقا اتنا ‪ ..‬توثقت عالقتنا بشد ‪ ..‬كنا نتحادٍ لي‬

‫نيار‬

‫‪ ..‬كانت الدنيا وكأنه كساها الربيع وبعد شتا قارس طوي قد أاهرت ‪.‬‬ ‫‪108‬‬

‫أتعلم حينيا شعرت أني امتلكت الدنيا وما فييا ‪ ..‬تالشت ك‬ ‫أمنياتي وتبدلن بم ‪ ..‬بت أنت أماني وأحالمي ‪ ..‬بات كوني كله يدور‬ ‫حولم ‪ ..‬أذكر أنني على يدم تعلمت اليجا في العشق ‪ ..‬أتقنت‬

‫أبجدية العشاق ‪ ..‬شوق اليمسات ‪ ..‬حرار األشواق ‪ ..‬معا اقترفنا أروع‬

‫الحماقات ‪ ..‬تالشى الكون معم وبم ‪ ..‬وبت أنا السلطانة جارية تحت‬ ‫قدميم ‪ ..‬موالي كم عشقت في بالطم الرق‪..‬‬

‫أذكر أنني في يوم جلست على مقعد كنا قد جلسنا به على شاطي‬

‫البحر ‪ ..‬نظرت إلى السما وأخذت أحادٍ اع ‪ ..‬كنت أناجيه ‪ ..‬كنت‬ ‫أشكر ‪ ،‬كنت أرجو ‪ ..‬كنت أسأله ‪ ..‬ربي لكم أتمنا ‪ ..‬ربي إن أخذت‬

‫مني ك شي فال تحرمني إيا ‪ ..‬ربي هبني إيا اوجاً أحبه وأرعا ‪..‬‬ ‫يوميا كنت على استعداد للتضحية بأي شي مقاب أن أقضي ما تبقى‬

‫من عمري معم ‪ ..‬أن أحم داخلي طف من دمم ‪..‬‬

‫أتعلم مر شخص بحياتي أخبرني أن المشكلة ليست في إنجاب‬

‫األطفا ب فيمن ننجبيم منيم ‪ ..‬اقتصرت أحالمي على انجاب طف‬

‫منم ‪ ..‬أن أحم على كفي طف يحم دمينا ‪ ..‬طف نتشاطر به‬

‫مالمحنا ‪ ..‬وكي أصدقم القو كم تمنيت أن يحم مالمحم وقسماتم‬ ‫‪ ..‬عيونم وبسماتم ‪ ..‬تمنيت فقط أن يحم مني قلبي ليحبم مث أمه‬ ‫اسمم ‪.‬‬

‫يا إليي كم كان األمر ليكون رايعاً أن أحم داخلي من يحم‬

‫‪109‬‬

‫أحالم وأحالم وأحالم كليا تحطمت على صخر الفراق ‪ ..‬اليوم تعلمت‬ ‫مفاد أنه ليس ك ما يتمنا المر يناله ‪..‬‬

‫ال أنكر كنت من السفه أن حاولت نسيانم ‪ ..‬ولكن سرعان ما‬

‫كانت تجثم فوقي ذكرياتي ‪ ..‬كنت أحم الذكر‪ ،‬على ظيري أينما‬ ‫ذهبت ‪ ..‬كنت أبتعد عنم ثم في وهلة أعود إليم ‪ ..‬وال يخفى س اًر عنم‬

‫أنم في َجْلدي وتعذيبي أبدعت ‪..‬‬ ‫بدأ حبي لم بتناا تلته تنااالت ولم تكن أنت ممن يقدرون‬ ‫تنااالت العشاق ‪ ..‬وعندما تيون التنااالت يتحو العشق إلى امتيا ‪..‬‬

‫بدأ الحب يتحو إلدمان مرضي على سماع صوتم ‪ ..‬على امتيانم‬

‫‪ ..‬كنت تشبه في دمي السرطان‪..‬‬

‫أتعلم أعتقد أنه إن استعملت مصطل‬

‫حياتي حينيا سيكون هذا أفض‬

‫العصور المظلمة في‬

‫وصف لحبم ‪ ..‬تألمت كثي اًر وااد‬

‫االمتيان آالمي فأنا سيد ما اعتادت الذ والحرمان ‪ ..‬كبوت بشد‬

‫ولكن الامن يداوي ا الم ‪..‬‬

‫لو سألتني حينيا ه قصدتي النسيان كنت سأجيبم نعم من‬

‫ك قلبي وبك جوارحي ولكن مع الوقت تعلمت أن روعة الشخص في‬ ‫آالمه ‪ .‬فقد اادتني مسحة الحان بعيني بيا اً ‪ ..‬وأضفى علي ألمي‬ ‫غموضا واثار أسرت من حولي ‪ ..‬حينيا وحينيا فقط أيقنت أن أفض‬

‫انتقام منم هو أن أجع ذكرام سبية لقلمي ‪ ..‬بت أصليا وقتما ابتغيت‬

‫وأهجرها وقتما ابتغيت‪..‬‬ ‫‪110‬‬

‫بت أنسام وقتما أحب وأتذكرم وقتما أحب ‪ ..‬بت استحضرم‬

‫وقتما شيت واتجاهلم وقتما شيت ‪ ..‬عدت أنا السلطانة وأنت وذكرام‬

‫لكتاباتي عبد‪..‬‬

‫ارتسمت على شفتي بسمة رضا واهو ‪ ..‬عدت إلى عالم الواقع‬

‫‪ ..‬اعتدلت في جلستي ‪ ..‬تناولت فنجان قيوتي ‪ ..‬فتحت الراديو واذا‬ ‫بيا "نجا الصغير " تشدو برايعتيا "اسألم الرحي " ‪ ..‬فقيقيت ضاحكة‬ ‫فأنا ام أر ما عادت تعرف السؤا وال العوي ‪..‬‬ ‫***‬

‫‪111‬‬

‫(‪)9‬‬ ‫العيطموس‬

‫كم يسحرني تأللؤ النجمات في تلم السما الحالكة الفسيحة ‪..‬‬ ‫يأثرني ب ار‬

‫الكون وسحر صح ارينا األم ‪ ..‬تلم الشاسعة المترامية‬

‫البعيد ‪ ..‬كما تذهلني قدر رجالنا على جع أكواننا بضآلة الانااين‬ ‫الضيقة الصغير ‪..‬‬ ‫كك‬

‫نسا‬

‫القبيلة حلمت بفارس األحالم ‪ ،‬كنا نستقي‬

‫الرومانسية والحب من أبطا األفالم ومن تعلمن مَّنا كن يستقينيا أيضاً‬ ‫من أشعار ناار وكتب الروايات الميربة المتخمة بالحب والشوق‬

‫وأساطير العشاق القديمة ‪..‬‬

‫كنت من هؤال القليالت الالتي تعلمن وكنت واحد‪ ،‬صديقاتي‬

‫الوحيدتين اللتين عملتا بعد تعليمين ‪..‬‬

‫لم يكن أبي بذام الرج المتفاهم ولكن لحسن حظي أنه لم‬ ‫ينجب سواي ‪ ..‬فقد َع َّو َ عن عدم إنجابه لولد بأن علَّ َمني على‬ ‫خالف قريناتي من الفتيات ‪..‬‬ ‫يستغرب الكثيرون من موقف أبي حيٍ أنه لم يتاوج مر أخر‪،‬‬

‫إلنجاب الولد الذي يتمنا ‪ ..‬فقد اكتفى على عكس ك رجا القبيلة‬

‫ٍ‬ ‫مبرر لمن حوله فقد كان تعدد‬ ‫بأمي اوجةً له ‪ ..‬كان موقفه غير‬ ‫الاوجات أمر عادي ب عاد راسخة من عادات الرجا في أعرافنا ‪..‬‬

‫انتقد أهله وراجعته في قرار أكثر من مر قبيلته ولكنه ظ على رأيه‬ ‫ثابتاً إال أن حياته كأغلب رجا القبيلة لم تخلو من اليفوات والناوات ‪..‬‬ ‫‪114‬‬

‫ال أذكر أن رأيت أبي يوماً يحدٍ أمي بكلمة حب واحد حتى‬

‫أني ال أذكر أنه داعبيا في وقت بكلمة طيبة ‪ ..‬لم يحدٍ قط أن رأينا‬

‫منه سو‪ ،‬القسو المقفر ‪ ..‬إال أنه رغم ك ذلم ال تفسير لتشبثه بأمي‬

‫وعدم اواجه من أخر‪ ،‬سو‪ ،‬أنه أحبيا وأحبني على غرارها فخالف‬ ‫األعراف مر أخر‪ ،‬في تعليمي ومن بعدها عندما سم لي بالعم في‬

‫مجلس المدينة ‪..‬‬

‫تستغرب أمي كثي اًر عندما أحدثيا عن حب أبي ال عسري ليا ‪..‬‬

‫كما تعجب عندما أحدثيا عن نظراته النادر بحب إلي ‪ ..‬حتى أنيا‬

‫بدر أبييا ‪ ..‬أتَ َذ َكر أنه في مر كنت أعد له القيو‬ ‫سخريةً تناديني َّ‬ ‫ورأيته ينظر إلي بحنو شديد يخالطه شرود وكأنه يحدٍ نفسه بأمور‬

‫تخصني وعندما أفاق من شرود وفطن لتنبيي ماكان منه إال أن صرخ‬ ‫بي “ايش تريدي ‪..‬ع عدي من هنا ‪ ..‬واع مخبلة مت أمم” ‪ ..‬عندما‬

‫رويت ألمي ما حدٍ لم تصدق ‪ ..‬على األق لم تصدق حديثي يوماً‬

‫عن حبه ليا إال أن حديثي دوماً ترم أث اًر بشك ما في نفسيا ‪ ..‬كانت‬

‫كلما تحدثنا ولمحت بعينييا مسحة حان بادرتني بجملتيا الشيير “آ‬ ‫منم أنت ‪ ..‬بنت أبوم” وضحكنا معاً ‪ ..‬بدف قلبينا مدثرتين ‪..‬‬

‫على تلم الشاكلة مرت أيامنا ‪ ...‬تار في حان ‪ ..‬تار في فر ‪ ..‬دوماً‬

‫متقاربتان ‪..‬‬

‫‪115‬‬

‫مرت أيامنا متشابية حتى أتى ذام الصبا ‪ ..‬صبا‬

‫مشرق‬

‫‪ ..‬يدب في البيت نشاط مثير ‪ ..‬لليوم وقع غير ك األيام ‪..‬‬

‫اليوم أتممت الثالثة والعشرين من عمري ‪ ..‬وتقدم لخطبتي سعد‬

‫ابن عمي كما هو متفق عليه منذ وضعتني أمي وتم العيد عليه بين‬ ‫أبي وعمي ‪ ،‬لم َأر سعد منذ ست سنوات تقريباً فقد سافر إلتمام تعليمه‬ ‫في كلية التجار باإلسكندرية وبالطبع تلكأ في الدراسة قليالً وها هو ا ن‬ ‫مسيو عن تجار القبيلة ‪..‬‬

‫ال أذكر عن سعد الكثير سو‪ ،‬أيام طفولتنا ‪ ..‬كان معتداً بنفسه‬

‫‪ ..‬دايم التباهي بقوته ‪ ،‬كما أذكر نظراته إلي المتسمة بالمكر الوفير ‪..‬‬ ‫عاد سعد ‪ ..‬تقدم لخطبتي ‪ ..‬وافق أبي وحددوا موعد‬

‫الاواج‬

‫‪ ..‬نظ اًر لخلفيتي الثقافية طلبت من أمي أن يأذن لي أبي برؤيته‬ ‫والجلوس معه فما كان منيا إال أن ُب ِيتَت ونيرتني قايلة “مكلوبة أنت ‪..‬‬ ‫ما تدري ايش تطلبين ‪ ..‬واع التعليم جنم ‪ ..‬لو بتصري بدم تسأليه‬

‫لحالم” ‪..‬‬

‫وعلى جموحي وجرأتي لم أمتلم من الجسار ما يمكنني من‬

‫الوقوف أمام أبي ‪ ..‬لم أتمكن من سؤاله أو اإلفصا عن رغبتي ‪..‬‬

‫مضت األيام سريعاً ‪ ..‬كنت أجتيد في إييام قلبي بحبه ‪ ..‬كنت أنسج‬ ‫خياالتي من فتات ذاكرتي عنه‪ ..‬كنت أثم‬ ‫أفرطت على نفسي حتى غاب واقعي ولم أبا ِ ‪..‬‬ ‫‪116‬‬

‫من هاج أحالمي ‪..‬‬

‫اليوم حنتي ‪ ..‬وما أدراكم ما الحنة في دياري ‪ ..‬دفوف وغنا‬ ‫‪ ..‬رقص ورسوم وألوان ‪ ..‬تتجم العروس وتتعطر لتعجب الرجَّا ْ ‪..‬‬ ‫ثوب أحمر ماركش صارخ النقوش واأللوان ‪ ..‬برقع يغطي وجيي إال‬ ‫من عينين بكحلييما يذبحان ‪ ..‬رسومات بسود الحنا‬

‫تاين كفي‬

‫وجسدي وقدماي ‪ ..‬باطن يدين وقدمين بحمر الحنا‬

‫مضرجتان‬

‫وكأنيما بدما العشاق يدميان ‪ ..‬كرادين تاين رقبتي ‪ ..‬أساور تلف‬ ‫يدي ‪ ..‬خالخي تعلن عن قدوم فرسة سجا ‪ ..‬عطر وطيب ييلم‬

‫ممالم ويقيم سلطنات من خيا‬

‫‪ ..‬كنت في خيمة النسا استمع‬

‫ألغانيين ‪ ..‬يص لمسامعنا هتاف وأغان الرجا وكنت أتخيله على‬

‫صيو جواد فارس َّ‬ ‫خيا ‪..‬‬

‫انقضى العرس ‪ ..‬جلست على السرير أضم ساقي إلى صدري‬

‫في انتظار ‪ ..‬تلف سريري أستار حريرية شفافة حم ار ‪..‬‬

‫أسمع وقع قدميه ‪ ..‬تتسارع دقات قلبي ‪ ..‬تلتيب أنفاسي ‪ ..‬يعتصرني‬

‫الخوف ويقتلني شوقي إليه ‪ ..‬ياي األستار حولي ‪ ..‬أتبد‪ ،‬قمر لعينيه‬ ‫‪ ..‬يقف أمام سحري مصعوقاً ‪ ..‬ينخلع قلبي من اشتيا‬

‫عينيه ‪..‬‬

‫يجلس جواري ‪ ..‬يمد يد لياي عني حجابي ‪ ..‬ما أن يتكشف وجيي‬ ‫حتى ييم باجتذابي بقو من دبت الفور في عروقه إلى ذراعيه ‪ ..‬أحاو‬

‫التملص منه ‪ ..‬ييتاج غضباً ‪ ..‬أحاو أن أشر له خجلي وخوفي ‪..‬‬

‫أطلب منه التمي لدقيقة بعد ‪ ..‬أحاو وأحاو ‪ ..‬ال يستمع ‪ ..‬ال‬ ‫‪117‬‬

‫يتمي ‪ ..‬يلطمني ‪ ..‬أصمت من هو الصدمة ‪ ..‬يدفعني بقو وينكب‬ ‫عل ْي ‪ ..‬لم أشعر بشي ‪ ..‬انفصلت عن العالم ‪ ..‬بت كالدمية بين يديه‬ ‫‪ ..‬كان يخترقني ينيشني وال حو لي وال قو إال من دموع بللت وجنتي‬ ‫‪ ..‬وفجأ وبشك تام غبت عن الوعي ‪..‬‬

‫صحوت ألجدني عارية تماماً إال من حسر استباحتني ‪ ..‬يلف خصري‬

‫ذراعه ‪ ..‬يجثم على صدري كفه ‪ ..‬لم تكن ليلة عرس ‪ ..‬كانت تأبين‬ ‫نفس ‪..‬‬

‫مرت أيامي فاتر ‪ ..‬استبدت بي شيواته ‪ ..‬انمحت‬

‫‪ ..‬ضلَّت روحي ما بين غانية وخادمة ‪..‬‬

‫قسماتي‬

‫مر على اواجي شير ‪ ..‬مر علي كأنه دهر ‪ ..‬اليوم أبلغني‬ ‫َّ‬

‫سعد بأننا سوف نشد الترحا إلى اإلسكندرية حيٍ تجارتنا وحالنا ‪..‬‬ ‫ألو مر تخالط نفسي السعاد منذ ذام اليوم ‪..‬‬ ‫أعلم أن سعادتي هي مح‬

‫خياالت وأوهام ساذجة فليا سعد‬

‫باإلسكندرية لن تختلف عن تلم الليا الموحشة البارد ‪ ..‬وخصا سعد‬ ‫لن تغدو بعد التوحش حميمية دافية ‪..‬‬

‫وها هي اإلسكندرية ‪ ..‬عروس صبية كما تناقلتيا األغنيات‬

‫واستفاضت في وصفيا الحكايات ‪ ..‬آ يا عروس البحر ‪ ..‬كم حلمت‬ ‫أن آتيم بأشواق الصح ار الحمَّية وأصب ِ‬ ‫بم فور األنوثة البدوية ‪..‬‬ ‫تصمت نفسي قليالً وكأنيا تصحو من حلم ‪ ..‬أنظر لسعد فأجد نفسي‬ ‫‪118‬‬

‫تستأنف قوليا ساخر "و ها أنا آتيم بشر البلية ‪ ..‬عذ اًر أيتيا‬

‫اإلسكندرية"‪ ..‬حقاً شر البلية ما يضحم !!‬

‫مكثنا باإلسكندرية ‪ ..‬راقنا اع بطف بات من الدنيا ك ما لدي‬

‫‪ ..‬لم تختلف ليا اإلسكندرية مع سعد عنيا في دياري إال أنيا اادادت‬ ‫وحشة وتجاه ‪..‬‬

‫يخرج للعم باك اًر ‪ ..‬يعود للبيت متأخ اًر ‪ ..‬يمارس على جسدي‬

‫الضعيف فحولته الكاذبة ‪ ..‬يتركني بأق مما لدي ‪ ..‬إال أنه رغم ك‬

‫ذلم أبى سعد أن يترم لي حتى فتات أحالمي به ‪ ..‬لم يبتدع بدعة‬

‫جديد فقط تاوج علي راقصة ‪..‬‬

‫الغي‬ ‫ما أحط نفوسكم أييا الرجا على وفر النفيس تشتيي‬ ‫َّ‬ ‫طالما النسو على أشكاليا متوفر ‪ ..‬استبدت بي غيرتي وحمية البداو‬ ‫القاتلة ‪ ..‬ذهبت ألر‪ ،‬ما بد‪ ،‬منيا واانيا عني ‪..‬‬

‫دققت علييا مسكنيا ‪ ..‬فتحت الباب واذا بيا مجرد ام أر ‪ ..‬ما‬

‫ااد علييا سو‪ ،‬أنيا ساقطة ‪..‬‬

‫عدت إلى بيتي ‪ ..‬أغلقت علي بابي ‪ ..‬ضممت طفلي إلي ‪..‬‬

‫باتت ليالي سعد بيني وبينيا مماقة ميت أر بالية ‪..‬‬ ‫في ك‬

‫ليلة أتجم‬

‫له بخياالتي ‪ ..‬أتعطر بأوهامي فأغدو‬

‫ساحر ‪ ..‬في ك ليلة اتبار‪ ،‬في فتنته عله يترم تلم العاهر ‪ ..‬وفي‬

‫ك ليلة يخترق سعد حصوني ويتركيا لليأس مخربة خاوية بارد ‪ ..‬ال‬ ‫‪119‬‬

‫أعلم ه تحيا نفسي على ما تبقى من فتات أحالميا أم هي سذاجة‬ ‫النسو في بالدنا ‪..‬‬

‫في دياري تفنى حيوات النسا تحت أقدام الرجا ‪ ..‬ما أغلبين‬

‫النسا في أعرافنا وما أغبى الرجا‬

‫جملة وتفصيالً في‬

‫ديارنا ‪..‬‬

‫يتركون القساو للاوجات ويقصرون الدلع والمداعبات على الغانيات‬

‫والراقصات ‪ ..‬عسى اع يرأف بأحوالنا ‪..‬‬ ‫***‬

‫‪120‬‬

‫(‪)11‬‬ ‫أقصوصات عشقية‬

‫األقصوصة األولى‬ ‫رفع الستار‬ ‫رفع الستار ‪ ..‬أضوا تغمرني ‪ ..‬جميور يمأل المكان ‪ ..‬اتألأل‬ ‫‪ ..‬اتألق ‪ ..‬بوجيي تشع األلوان‪ ..‬قلب يخفق بصوت الرعد ‪ ..‬أنفاس‬

‫يقتليا البرد ‪ ..‬دموع تتوار‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ..‬أتراقص ‪ ..‬أتياو‪ .. ،‬عيون‬ ‫تتقاذفني بين األركان‪..‬‬

‫صاعقة تيبط ‪ ..‬تشق السما ‪ ..‬وجو تتوقف عن اإليما ‪..‬‬

‫لوهلة يسود الموت المكان‪..‬‬

‫أسقط ‪ ..‬تخفت األضوا ‪ ..‬تتعالى الشيقات‪..‬‬

‫صمت يسمعم صوت األنفاس ‪ ..‬ذهو يتوج اإلصغا ‪..‬‬

‫قرع مفاجي ‪ ..‬ضربة رعد ‪ ..‬أرك‬

‫نحو الساللم ‪ ..‬أهوي من أعالي‬

‫الكون‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫أياد ترتفع كي تدركني ويدام لم تظير بعد‪..‬‬ ‫عيوني تمس األجوا ‪ ..‬قتلت العيون بحثاً ‪ ..‬تأرجحت ألماً ‪..‬‬

‫نظر َّ‬ ‫أبية إلى السما ‪ ..‬شمسي لم تشرق بعد ‪..‬‬

‫عود إلى عيون البشر ‪ ..‬آذاني تمقت اإلط ار ‪ ..‬عيوني تبغ‬

‫نظرات األهوا ‪..‬‬

‫هبوط آخر يكسر القلب ‪ ..‬لم يحن بعد موعد الطيران‪..‬‬

‫نظر يكسرها اليجران ‪ ..‬ظلمة تمأل المكان إال من بؤر ضو ‪..‬‬ ‫‪122‬‬

‫عمت الظلمة إال من بؤر تشعلني ‪..‬‬ ‫َّ‬

‫أغمضت عيني لوهلة ‪ ..‬تعالت أصوات الكمان‪..‬‬

‫تصفيق حاد ‪ ..‬أسدلت األستار ‪ ..‬أرداني الخذالن‪..‬‬ ‫***‬

‫‪123‬‬

‫األقصوصة الثانية‬ ‫حل النســـيان‬ ‫ٍ ضجيجاً حاداً‪ ..‬ظلمة مفاجأ‬ ‫تسقط سماعة الياتف ‪ ..‬تُ ْحِد ُ‬ ‫تعريني‪..‬‬ ‫تعم المكان ‪ ..‬انكب سقوطاً على األر ‪ ..‬بؤر ضو ع‬

‫إجياش في البكا ‪ ..‬بكا يليم بكا ‪ ..‬بكا العالم بات ال يكفي‬

‫القلب‪..‬‬

‫أستشعر غصة في حلقي ‪ ..‬يد الغدر تعتصر قلبي‪ ..‬آالم‬

‫الكون تتكالب علي ‪ ..‬بكا يليم بكا وك يذهب هبا ‪..‬‬

‫صمت قات ‪ ..‬نبوع الدمع تجف ‪ ..‬عيناي مسمر إلى مساحة‬

‫من األر‬

‫ال تميا بيا شيياً قط‪..‬‬

‫تسمر طوي ‪ ..‬كجمود مفاجي من الليٍ والرك‬

‫‪..‬‬

‫عطب يضرب األركان ‪ ..‬برد يلف المكان ‪ ..‬ومضات من برق ورعد‪..‬‬ ‫ومضات تضي الذاكر ‪ ..‬ومضات تعري النفس تَ ِ‬ ‫صق ُ ا الم‪..‬‬

‫مر الوقت ‪ ..‬عيناي بدأتا تعتادان ظلمة المكان ‪ ..‬نسيت‬ ‫َّ‬

‫الدموع في عيون َّ‬ ‫تحجرت بكا ً في أامان أثقليا الحرمان ‪ ..‬هاهي تخرج‬ ‫مني ‪ ..‬تنفضني عني‪..‬‬ ‫كانت تبعٍ من داخلي ‪ ..‬آالم تشبه المخا‬ ‫بصيص من الضو يتسرب إلى المكان‪..‬‬

‫‪..‬‬

‫تنساق إلى الضو ككاين نوراني انبعٍ من شراسة الموت‪..‬‬ ‫‪124‬‬

‫باب ينفت من الغيب ‪ ..‬حضورها أضا الغابة‪..‬‬ ‫تجمعت تشيد مولدها الكاينات‪..‬‬

‫آلية يونانية ‪ ..‬أسطور عربية ‪ ..‬تضادات عنفوانية انبعثت من رماد‬ ‫في‪..‬‬ ‫خلَّ ْفتَهُ َّ‬ ‫رقصاً أعلن العصيان على إقامتم الجبرية ‪ ..‬أتماي كبريا ً‪..‬‬ ‫أرقص على جمر الحرايق بقلبم تالعباً باألذهان‪..‬‬

‫عبرت الفصو تمرداً على قيرم ‪ ..‬عصفت بالخريف ‪ ..‬أليبت الشتا‬ ‫حولت الربيع نيراناً ‪ ..‬أحلت الصيف بركاناً‪..‬‬ ‫‪َّ ..‬‬

‫نضج الفراق ‪ ..‬ب نضجنا سوياً‪..‬‬ ‫ح َّ النسيان ‪ ..‬ح َّ النسيان ‪ ..‬ح َّ النسيان‪..‬‬ ‫***‬

‫‪125‬‬

‫األقصوصة الثالثة‬ ‫عبق الكبريــــاء‬ ‫لم أستطع النوم تلم الليلة ‪ ..‬غادر مدينتي آخر األشبا ‪..‬‬

‫ترم داخلي خوا ً أم كان هو خوايي ‪ ..‬ترم حباً أم جرحاً‪..‬‬ ‫ه كان مالذي أم كان هو سودا كادت تبتلع العمر ‪..‬‬

‫كتبت كثي اًر عن أو شعاع للشمس ولكن عذ اًر لم أشيد قط ‪..‬‬

‫في تلم الليلة سيرت كثي اًر ‪ ..‬وجدت نفسي ألو مر أنتظر ألشاهد‬

‫الصبا ولكن تلم المر من دون قصص أو شعر ‪..‬‬

‫تسللت أشعة الصبا األولى إلي ‪ ..‬أنارت مالمحي شيياً فشيياً ‪ ..‬رمت‬

‫بوشاحيا على قسماتي ‪ ..‬عرضاً أضا ت قلبي ‪..‬‬ ‫وجدت نفسي اتسا‬

‫لمن تحملين يا عيني ك هذا الحب؟ ‪ ..‬ه يوماً‬

‫ستجدينه أم ما عاد ممكناً قط ‪..‬‬

‫لمن تيدي يا قلبي دقاتم ‪ ..‬لمن تسافر س اًر وجي اًر ‪..‬‬

‫من سييديني يوماً أاها اًر تحادثني‪..‬‬ ‫اهر حم ار‬

‫تشاكسني‪..‬‬

‫تشعلني ‪ ..‬بيضا‬

‫تيادنني ‪ ..‬صف ار‬

‫تغار علي‬

‫لمن ترام تيمس يا وجدي ‪ ..‬من تناجي مع ذام الفجر ‪ ..‬من ت ار‬

‫فارسي أم ت ار غادر للتو ‪..‬‬

‫‪126‬‬

‫َّ‬ ‫سيسكنا يوماً بشر ‪ ..‬ه سيطأ أعتابنا أناس ‪ ..‬أم فقط سنظ مدن‬ ‫ه‬ ‫تسكنيا أشبا ‪ ..‬وبيواً يودي إلى بيو ‪..‬‬

‫عم الصمت ‪ ..‬نسمات تتيافت إلي ‪ ..‬أغمضت للحظة عيني ‪..‬‬

‫سؤا يتبادر إلى ذهني ‪ ..‬ه نناض ؟ ‪ ..‬ه نستمر؟ ‪..‬‬

‫سؤا أهم ‪ ..‬ه يمنعني كبريايي أم حلمي من الموت؟ ‪..‬‬ ‫كثير من األحالم تموت ‪..‬‬

‫قلة من المدن يؤسسيا عبق الكبريا ‪ ..‬يمنعيا من االناوا رغم‬

‫القير‪..‬‬

‫ترميني الشمس بشعاع يكسر عيني وكأنيا تداعب كبريايي ‪..‬‬

‫أعتقد أننا سنستمر ‪ ..‬كبريا ً سنستمر ‪..‬‬ ‫***‬

‫‪127‬‬

‫األقصوصة الرابعة‬ ‫وجه القمــر‬ ‫من دونم عيوني فارغة ال يمألها إنسان ‪ ..‬من دونم أحيا ما‬

‫بين عالمين أحدهما حلمي معم وا خر من نسج األحاان ‪.‬‬ ‫تتسا‬

‫كيف أعشقم؟! ‪ ..‬كيف يستمر حلمي ليالً نيا اًر بم؟!‬

‫كيف بقلبي دوماً أحفظم؟! ‪ ..‬كيف وأنا حتى ال أعرفم؟!‪..‬‬

‫ه ما أ ار على وجيم نظر عجب؟! ‪ ..‬يجيبم وجيي ببسمة مابين‬

‫اإلقرار والعتب‪..‬‬

‫في انتظارم أنا منذ نعومة أظافري ‪ ..‬منذ كنت صغير يراودني‬

‫أسطر طفولية عنم‬ ‫حلمي بم ‪ ..‬في سن مبكر أمسكت بقلمي وكتبت‬ ‫اً‬

‫اسميتيا "فارس أحالمي‪" ..‬‬

‫أسطر خطتيا طفولة علمت أنيا يوماً ستتكشف أنوثة بين يديم‬

‫‪ ..‬ثالثة عقود إال ثالثة أعوام وماالت أحترف ألجلم‬

‫األحالم ‪..‬‬

‫سبعة وعشرون عاماً وأنا أتعلم ألجلم كيف أتقن الصمت وكيف يكون‬ ‫مع الساد الكالم ‪..‬‬

‫عيوني تلتمسم س اًر في وجه القمر ‪ ..‬تطلبم جي اًر يا شمساً ال‬

‫تعرف لألفو قدر ‪..‬‬

‫رويداً يا أنفاسي احترقي شيياً فشيياً ‪ ..‬ويا دقاتي احترفي‬

‫الطبو حتى يحين الوقت ‪..‬‬ ‫‪128‬‬

‫على دقات قلبي أخطو صباحاً إلى البحر ‪ ..‬يرونني دوماً‬

‫وحيد ‪ ..‬ال يعلمون أنني فرغت من الك حتى امتألت بم ‪ ..‬أجلس‬

‫عيني مسافرً إليم ‪ ..‬تالطفني‬ ‫فارغة إال من أشواقي لم ‪ ..‬أغم‬ ‫النسمات ‪ ..‬تحم صوتم إلي أنغام تيب قلبي الحيا ‪..‬‬ ‫أنصت يا قلبي هاهي األمواج تروي عن فارسي الحكايات ‪..‬‬

‫َّ‬ ‫تمشى ليالً على البحر ‪ ..‬بحسنه أشادت الرما ‪ ..‬شمر عن‬

‫كاحليه‬

‫‪ ..‬أخبرتني األمواج أنيا ألجلي قبلت قدميه ‪ ..‬تبسمت بمسحة حان‬ ‫عرفت طريقيا دوماً إلي ‪ ..‬من عيوني دمعة شوق ترقرقت ‪ ..‬داعبني‬ ‫البحر بموجة رمت بقطراتيا إلي قايالً ال تقلقي بثثت أشواقم إليه ‪ ..‬يا‬ ‫بنيتي ترفقي لم يحن الموعد بعد ‪ ..‬لم يحن الموعد بعد‪..‬‬

‫حان ‪ ..‬في ٍ‬ ‫عود مر أخر‪ ،‬إلى الواقع ‪ ..‬في ٍ‬ ‫حلم ‪ ..‬حتى‬

‫يحين الوقت‪..‬‬ ‫***‬

‫‪129‬‬

‫األقصوصة الخامسة‬ ‫ذاكرة قيد الغرق‬ ‫كنت أقف على شاطي البحر ‪ ..‬على تلم المساحة المبللة‬

‫من الرما ‪ ..‬أخذت أمعن النظر في تلم القدر الخارقة لألمواج على‬ ‫التغيير ‪ ..‬كلما تيافتت األمواج تالمس قدمي ‪ ..‬كلما انسحبت معلنةً‬ ‫بقو وضراو عن منطقيا في تغيير ذاكر الرما ‪ ..‬منطقيا في تسيير‬ ‫تلم الحبيبات الذهبية ما بين الفوضى واالنتظام ‪ ..‬مابين القب والجما‬

‫‪..‬‬

‫أمر ‪ ..‬كيف لم ألتفت لتلم القدر الخارقة‬ ‫فجأ يخطر ببالي اً‬

‫لألمواج من قب ؟! ‪ ..‬ه هو خاضع في الواقع للتجريب ؟‪..‬‬

‫في سبي اإلثبات ‪ ..‬المحاولة هي الح الوحيد ‪..‬‬

‫اللحظات‬

‫هرولت عايد ً إلى المنا ‪ ..‬لملمت من اليو‪ ،‬تلم‬ ‫‪ ..‬أقساها وأرفقيا ‪ ..‬أبسطيا وأعمقيا ‪ ..‬تلم اللحظات الباسمات‬ ‫والدامعات ‪..‬‬

‫جمعت ابتساماتي ‪ ..‬أعتاها وأكثرها عي اًر واألكثر ب ار ً وطي اًر‬ ‫‪ ..‬أصدقيا وأكذبيا ‪..‬‬ ‫حامت دمعاتي ‪ ..‬أحكمت قيد آهاتي وسكراتي ‪ ..‬نبشت قبور‬

‫قلبي الجماعية ‪ ..‬أخرجت جثٍ موتاي وحاجياتي ‪ ..‬رفا واريتيا على‬ ‫مدار السنين ‪ ..‬وضعتين جميعاً في ذاكر ماعادت باإلمكان ‪..‬‬ ‫‪130‬‬

‫سارعت إلى الشاطي مستنجد ً بالقدر السحرية لألمواج على تغيير‬ ‫األحوا ‪..‬‬ ‫ألقيت بين جميعاً ‪ ..‬تلقفتين األمواج كما تتقات على الفريسة‬

‫األسود ‪ ..‬ذاكر بأكمليا قيد الغرق ‪..‬‬

‫وقفت أشاهد مالمحي تختفي ‪ ..‬أيقنت حينيا أنه يمكن أحياناً لكتاب‬

‫حياتنا كامالً أن ينمحي ‪..‬‬

‫المؤلم في األمر ‪ ..‬أن التجريب ال يخضع للقوانين كما هو‬

‫الحا في الفيايا أو الكيميا ‪ ..‬إذن في التجريب ليس هنام ضوابط‬

‫أو مسلمات‪..‬‬

‫قدر عا ٍ من المخاطر و ٍ‬ ‫في الحيا يحتوي التجريب على ٍ‬ ‫قدر‬

‫أعلى من احتما تحو نجا تجربتم إلى أعتى الخيبات ‪..‬‬

‫حينيا انتابني شعور مؤقت وأخي اًر باالرتيا من ذاكر األشيا‬

‫‪ ..‬ولكن كان للتجربة نتيجة أوقع ‪ ..‬مفرد جديد “الخوا ” ‪..‬‬

‫من المثير للسخرية أننا أحياناً نتخلص من أشياينا َّ‬ ‫بغية إفسا‬

‫المجا ألنفسنا قليالً لتنفس الصعدا واذ بنا نفس‬

‫المجا لحضور‬

‫أقو‪ .. ،‬مقبر أكبر ‪ ..‬غربة أصدق ‪ ..‬فاجعة أعمق بالخوا ‪..‬‬

‫وتعاي اًا لقيقيات السخرية فإن أقو‪ ،‬البكا هو ذام الذي يأتي‬

‫من فرط الضحم حيٍ نعود لنفس نقطة اإلنطالق ‪ ..‬فجايعنا ‪..‬‬

‫َّ‬ ‫أماكنا ‪ ..‬ج حصيلة تجاربنا‬ ‫خسايرنا ‪ ..‬خردوات قلوبنا ‪ ..‬ذكرياتنا ‪..‬‬ ‫‪131‬‬

‫ال مبرر ليا سو‪ ،‬أنيا أقدار اع ‪ ..‬ومر أخر‪ ،‬تعلمنا الحيا درساً ال‬

‫ينسى با‬

‫م ‪ ..‬أنه ليس باإلمكان أفض مما كان ‪ ..‬وأن ك شي‬

‫يحدٍ بقدر ولحكمة ال يعلميا إال وكنتيجة حتمية ال يمكن أن يحيا‬

‫اإلنسان دون ما ٍ أو أحالم ‪..‬‬

‫***‬

‫‪132‬‬

"‫ ال تضنوا علي بها‬.. ‫"آرائكم تهمني‬ ‫للتواصل مع الكاتبة‬

[email protected]

http://facebook.com/rania.hamdy1

https://twitter.com/RaniaHG

http://www.raniahamdy.blogspot.com/

133

‫الفهرس‬ ‫صرخة البو بقلم الدكتور‪ :‬مدحت عيسى ‪6 ...........................‬‬

‫(‪ )9‬أنثى مع وقف التنفيذ ‪13 ....................................................‬‬ ‫الفص األو ‪ :‬خواطر أنثى‪15 ..............................................‬‬

‫الفص الثاني‪ :‬شتا طوي ‪19 ..............................................‬‬

‫الفص الثالٍ ‪ :‬حلم يداعب عتم اللي ‪25 ................................‬‬ ‫الفص الرابع‪ :‬أمس انتيينا ‪29 ..............................................‬‬

‫الفص الخامس‪ :‬إعتقا حلم‪35 ............................................‬‬ ‫الفص السادس واألخير‪ :‬وتبسمت األقدار ‪43 ...........................‬‬

‫(‪ )1‬أنثى بال وطن ‪49 ............................................................‬‬ ‫(‪ )6‬أحالم عاقـر ‪53 ..............................................................‬‬ ‫(‪ )5‬حالـ ــة ‪59 ......................................................................‬‬ ‫(‪ )4‬لحظات حرجة‪69 ............................................................‬‬ ‫(‪ )3‬هذي ــان ‪75 .....................................................................‬‬ ‫(‪ )8‬أمير من ألف ليلة وليلة ‪81 ................................................‬‬ ‫الليلة األولى‪ :‬أمير مملكة الخيا ‪82 ...................................‬‬

‫الليلة الثانية‪ :‬القرار‪88 ....................................................‬‬

‫الليلة الثالثة‪ :‬شجر الياسمين ‪92 ........................................‬‬ ‫‪134‬‬

‫(‪ )3‬سادية قلم ‪103 ...............................................................‬‬ ‫(‪ )1‬العيطموس ‪113 ..............................................................‬‬ ‫(‪ )91‬أقصوصات عشقية ‪121 ..................................................‬‬ ‫األقصوصة األولى‪ :‬رفع الستار ‪122 ..................................‬‬ ‫األقصوصة الثانية‪ :‬ح َّ النسيان ‪124 ..................................‬‬

‫األقصوصة الثالثة‪ :‬عبق الكبريا ‪126 ................................‬‬ ‫األقصوصة الرابعة‪ :‬وجه القمر ‪128 ...................................‬‬

‫األقصوصة الخامسة‪ :‬ذاكر قيد الغرق ‪130 ..........................‬‬

‫‪135‬‬

136

Copyright © 2024 DOKUMEN.SITE Inc.